TÜRKİYE İLAHİYAT ARAŞTIRMALARI DERGİSİ Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 Sayfa: Received/Geliş: Accepted/Kabul: [ ] [ ] ب

النسخ

1 TÜRKİYE İLAHİYAT ARAŞTIRMALARI DERGİSİ Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 Sayfa: Received/Geliş: Accepted/Kabul: [ ] [ ] بالغة أسلوب اخلرب يف سورة إبراهيم Sahl DERSHAWI Dr. Öğr. Üy., Karabük Üniversitesi, İlahiyat Fakültesi Dr., Karabuk University, Theology Faculty Orcid ID: Sahlder@hotmail.com ملخص البحث ملا كانت معجزة القرآن الكرمي يف بالغة نظمه وأساليبه فإن إثبات ذلك طريقه دراسة خصائصه اللغوية ومنهجه يف عرض املعاين واألفكار. ويف هذا السياق يسعى البحث إىل عرض أسلوب القرآن الكرمي يف إلقاء األخبار على ضوء من القواعد البالغية املتفق عليها عند أهل اللغة متخذا سورة إبراهيم حقال للدراسة وقد استوى البحث يف ثالثة مباحث : تناول يف األول خروج اخلرب يف السورة إىل معان بالغية متنوعة ومتعددة والحظ تلون الغرض البالغي وفق مضمون اخلرب والغاية اليت سيق ألجلها مث برهن يف املبحث الثاين على دقة البيان اإلهلي يف توكيد اخلرب مراعيا يف ذلك حال املخاطب وظهر للباحث أن أكثر ما ورد اخلرب يف السورة موشحا بثوبه اإلنكاري ملناسبته جو السورة وموضوعاهتا املتعلقة ابلعقيدة حمل اخلالف بني الرسل والكافرين من أقوامهم. أما املبحث الثالث فكان لعرض الدواعي البالغية اليت جعلت البيان اإلهلي İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati Öz خيرج على القاعدة العامة يف توكيد اخلرب فينزل املنكر منزلة املقر واملقر منزلة املنكر. الكلمات املفتاحية: القران الكرمي بالغة أسلوب اخلرب سورة إبراهيم Kur'an-ı Kerimin mucizesi belagatındadır. Bu mucizenin ispatlanmasının yolu, onun dilsel özelliklerini ve anlatım yöntemlerini ortaya koymaktır. Bu bağlamda çalışmamız, İbrahim Suresi örneğinde, dilcilerin üzerinde ittifak ettikleri belagat kuralları ışığında, Kur'an'ı Kerim'in haberleri aktarmada kullandığı üslubu araştırmaya hedeflemektedir. Çalışmamız üç bölümden oluşmaktadır. Birinci bölümde, suredeki haberlerde bulunan farklı belagatların amaçları ele alınmıştır. Böylece haberin içeriği ve konumuna göre belağattaki amacının da değiştiği fark edildiği ortaya çıkmıştır. Sonra ikinci kısımda, ilahi beyanın, muhatapların durumunu dikkate alarak haberi vurgulamadaki açıklığı ele alınmıştır. Böylece surenin ele aldığı konulara uygun olduğu için surede geçen inkârî haber türünden olduğu ortaya çıkmıştır. Üçüncü bölümde ise haberin te'kidinde Kur'an'ı Kerim'in genel kuralların dışına çıkmasının belagat açısından nedenleri incelenmiştir. Anahtar Kelimeler: Kur an-ı Kerim, Belagat, Üslup, Haber, İbrahim Suresi The Rhetoric of al-khabar in Surat al-ibrahim Abstract The miracle of the Qur'an is in it rhetoric (Balagha). The way to prove this is to reveal its linguistic properties and methods of expression. This research aimed to study the style that Holy Qur'an used to convey the (Al- Khabar) in the light of the rhetorical principles which are taken by the scholars. therefore, Surat Ibrahim was chosen to be researched. The research consists of three parts. in the first part stated that Holy Quran took out the (Al-Khabar) to many rhetorical meanings and noted the rhetorical purpose were varied according to the content of the (Al-Khabar) and the goal for which it was given. Thus, it became clear that the purpose of the (Al-Khabar) was changed according to the content and position of the (Al-Khabar) in the second part, the researcher proved the precision of Holy Quran statements with regards to assuring (Al-Khabar) to be Commensurate with the state of the recipients. It was also observed that most of the (Al-Khabar) in the Surah was (Inkaree) type, this is due to the theology issue in the Surah, where Allah's messengers and faithless people were arguing about the truth. The third part presented the rhetorical purposes which made Holy Quran violate the general rule in terms of assuring the (Al-Khabar). Keywords: The Holy Quran, Rhetoric, Wording, al-khabar, Surat al-ibrahim.

2 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim املقدمة احلمد هلل الذي اختار ألحكامه ومعانيه غرة كالم العرب وفخر تراكيبهم وعايل أساليبهم وجعل معجزته يف مجال نظمه وسحر بيانه وروعة أسلوبه وأفضل الصالة وأمت التسليم على سيدان حممد املبعوث رمحة للعاملني والناطق ابحلق األمني بلسان عريب مبني وبعد: فإن كتاب هللا تعاىل مل يزل قبلة الباحثني ومعني العلماء وطالب العلم على مر العصور واألايم كل ينهل منه ما يروى به ظمأه ويثري به جمال ختصصه. وملا كانت معجزة القرآن الكرمي يف بيانه وبالغته فقد شكل الدرس اللغوي حمور اهتمام الدارسني له وأاثر اهتمام العلماء الراغبني ابالستدالل به على إهلية مصدره وقدسية تعاليمه. فهو الكتاب السماوي الذي ما برح يرفع لواء التحدي لإلنس واجلن ويدعوهم للمنازلة يف حلبة الفصاحة والبالغة ورغم كر السنني وتبدل األقوام واألمم واألحوال مل يزده قدمه إال جدة وأصالة. وإذا كانت جوانب إعجازه اللغوي وبالغة نظمه وبيانه جلية عند الرعيل األول من العرب املعاصرين لنزوله تسعفهم يف هذه املعرفة سليقتهم السليمة وحساسيتهم العالية يف تذوق طعوم الكالم ومتييزه فإن هذه امللكة قد عالها الغبار واعرتاها ما اعرتاها مع الزمن من فساد وحتور وحلن بسبب خمالطة العجمة لسان العرب فاحتيج احلق الناصع إىل صقل والبائن الظاهر إىل كشف وإيضاح مما دعا أهل العلم إىل التشمري عن ساعد اجلد فانربوا لكشف هذا الوجه العظيم الذي امتاز به كالم هللا لكونه السالح الذي اخرس به هللا تعاىل املشركني من العرب وأقام به عليهم احلجة فوجب أن يظل ابرزا تتناقله األجيال برهاان صادقا على نسبة هذا البيان للعليم القدير. واحلديث عن بالغة القرآن الكرمي يعين االحتكام إىل فنون البالغة الثالثة املعاين والبيان والبديع بغية االستدالل على تفوق البيان اإلهلي على سائر كالم البشر يف نظمه وأسلوبه وطريقة عرضه للمعاين ألن البالغة مبعناها العام هي جميء الكالم مطابقا للمقام الذي ألقي فيه ومناسبا حلال املخاطب ومستواه إذ لكل مقام مقال يالئمه فالكالم - نظما كان أو نثرا - يرتقي يف سلم البالغة مبقدار مالءمته للموقف وانسجامه معه ومبقدار ما يتم التطابق الدقيق بني املعىن القائم يف الذهن واللفظ الدال عليه واملصور له يوصف الكالم ابلبالغة والبيان ألن الغرض منه نقل املعاين واملشاعر من خبااي الذهن وغياهب الشعور إىل ساحة الواقع املدرك من مسموع أو مقروء أو قل إن شئت هو عرض األفكار والتصورات ابلطريقة األوضح واألنسب ليدركها املخاطب. والعرب أمة ع ر ف ت بعنايتها بفنون القول وصناعة الكالم وروائع األدب وهلم يف هذا امليدان صوالت وجوالت فلم يصعب عليهم استنباط معايري جودة الكالم وضوابط سالمته وعالمات حسنه ومجاله فاعتمدوا عليها يف نقد الشعر والنثر وساروا على ضوئها يف دراسة النظم القرآين فكان لعلماء البالغة جهود مباركة يف جتلية املراد إبعجاز القرآن الكرمي البالغي ابتداء من اجلاحظ 255 ه يفكتابه "نظم القرآن" ومن بعده الواسطي 306 ه [Tiad] ISSN: [60]

3 Sahl DERSHAWI يفكتابه "إعجاز القرآن" مث الرماين 384 ه واخلطايب والباقالين 403 ه واجلرجاين 471 ه.. هذا يف اجلانب التقعيدي والنظري أما على الصعيد التطبيقي فكان للزخمشري 538 ه صاحب تفسري الكشاف قصب السبق يف تتبع النكت البالغية يف القرآن الكرمي حىت عد العلماء تفسريه تطبيقا عمليا ملا ورد عند اجلرجاين وغريه من علماء البالغة وبرهاان عمليا على ما ذكروه من قواعد بالغية ملا تضمنه الكتاب من تدليل دقيق وإشارات لطيفة أبرزت مواطن اجلمال البالغي وروعة البيان اليت اختص هبا كتاب هللا. وقد شكل هذا الكتاب مع غريه من التفاسري اليت اعتنت ابجلانب البالغي من القرآن الكرمي حقال خصبا للباحثني وطالب العلم ومصدرا ثرا للشواهد البالغية اليت راحوا جيمعوهنا ويهذبوهنا ويرتبوهنا وفق أبواب وأحباث علوم البالغة الثالثة ويقيسون عليها يف استنباط غريها ومن مث ظهرت الدراسات البالغية اخلاصة بكل سورة من سور القرآن الكرمي وكان للجامعات دور مهم يف تشجيع طلبة الدراسات العليا على دخول هذا املضمار يقينا منها أبنه الوسيلة األجنع واملران األفضل للتمرس والتضلع يف علم البالغة واكتساب امللكة السليمة يف تذوق عال الكالم والنسج على منواله. وقد دفعين ذلك إىل املسامهة بشيء يف هذا االجتاه فعقدت العزم - مستعينا ابهلل - على خدمةكتابه العزيز بسرب أغواره والغوص على آللئه وفتح أصدافه بغية الكشف عن مكنوانته وأسراره البالغية فألقيت بشباكي راجيا منه أن ال خييب جهدي ويرزقين منه فضال وأجرا. من املعلوم أن القرآن معجز كله يشبه بعضه بعضا يف جودة الكالم )ا ه لل ن هزل أ ح س ن احل د يث ك ت ااب م ت ش اهب ا همث اين ت ق ش ع ر م ن ه ج ل ود الهذ ين خي ش و ن ر ههب م مث ه ت ل ني ج ل ود ه م و ق ل وهب م إ ىل ذ ك ر ا ه لل ( ال تفاوت وال تفاضل بني سوره يف فصاحة املفردات وبالغة النظم ومن هنا وقع اختياري على سورة إبراهيم حقال للدراسة وملا كان استقصاء مجيع ما ورد يف السورة من لطائف بيانية وأغراض بالغية أوسع مما يستطيعه ابحث يف حبث صغري كهذا وكانت السورة مشتملة على ما تتصف به السور املكية من غزارة يف املادة البالغية وقد صيغ أكثر ما ورد فيها من املعاين أبسلوب اخلرب رأيت من املناسب تتبع الشواهد البالغية لألسلوب اخلربي بتناول أغراضه وأضرابه ودواعي خروجه على الظاهر وما انطوى عليه من الدقة يف التعبري واإلحكام يف الصنعة اللغوية. فالسورة قد ذكرت طرفا من قصة سيدان إبراهيم ومناجاته ربه حني أمر برتك زوجه وذريته يف الواد القفر وساقت لنا احلوار الذي دار بني رسل هللا تعاىل واملكذبني من أقوامهم وصورت احلال اليت سيكون عليها املعذبون يف النار ونقلت خطبة إبليس يف أتباعه يف النار وتبادهلم اللوم وتقاذفهم التهم. إىل جانب األمثال اليت ضربت للكلمة الطيبة واخلبيثة وكل ذلك أبسلوب خربي رصني متنوع األغراض ومتعدد األضراب. أمهية البحث.1 ال منازع يف أن البحث يف القرآن الكرمي من أمسى الغاايت وخدمته من أجل القرابت فهو الكتاب الذي يرفع هللا به أقواما ويضع به آخرين وملا كان اجلانب البالغي أهم مظاهر إعجازه كان يف الكشف عنه [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [61]

4 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim.2 ترسيخ إلمياننا بسماويته وبرهان ساطع وسيف مشهر يف وجه املنكرين واجلاحدين له وكان االشتغال مبثل هذه البحوث سعيا طيبا وعمال مباركا يف سبيل حفظ مصدر اإلسالم األول ودستوره اخلالد. األسلوب اخلربي أحد شطري أي كالم مفهوم فالكالم املفيد إما أن يكون خرباي أو إنشائيا وإجراء املعاين أبسلوب اخلرب يتعدى غرضيه األساسيني فائدة اخلرب والزمها إىل أغراض ومعاين أخرى تفهم من سياقات الكالم ومقاماته وهذا األمر ينطبق على األخبار الواردة يف القرآن الكرمي فليس الغرض من كل خرب ورد فيه إفادة املخاطبني ما تضمنه اخلرب ولذا فإن الوقوف على األغراض البالغية اليت خيرج إليها اخلرب يسهل على املفسر فهم املراد من النص القرآين وذلك حيتاج منا معرفة اتمة أبحوال األسلوب اخلربي وأضرابه وما يتعلق به. هدف البحث الغاية من هذا البحث التدليل على أن القرآن الكرمي يرتبع يف ذروة البالغة العربية رغم سريه على سنن كالم العرب واستخدامه مفرداهتم وتراكيبهم من خالل دراسة أسلوب القرآن الكرمي يف إلقاء األخبار وتوظيفها يف طرح األفكار واملعاين وذلك ابالحتكام إىل القواعد البالغية املتفق عليها عند أهل الصناعة البالغية للوصل إىل نتيجة مفادها أن كالم هللا تعاىل يسمو يف علياء البالغة ال يطاله شيء من كالم البشر. منهج البحث مبا أن البحث دراسة يف البالغة فإنين ألتزم القواعد اليت اعتمدها أهل البيان يف تقييم الكالم وأقدم للقاعدة البالغية مبا يزيل عجمتها من خالل تعريف مبسط وتوضيح ملعناها معتمدا على مصادر علم البالغة مث اجتهد يف البحث عن شواهدها من سورة إبراهيم حقل الدراسة مستفيدا من اإلشارات والشذرات املذكورة يف التفاسري إضافة إىل ما هداين إليه نظري وأتملي وملكيت البالغية. متهيد: بني يدي سورة إبراهيم سورة إبراهيم هي السورة الرابعة عشرة حسب ترتيب املصحف الشريف تقع بعد سورة الرعد وتسبق سورة احلجر وأتيت بعد سورة نوح وقبل األنبياء يف ترتيب نزول السور القرآنية )1( وع هدت آاي هت ا أ ربع ا و مخسني عن د املد ن يني ومخسا و مخس ني ع ند أ هل ال هشام و إ حدى و مخسني ع ند أ هل البصرة و اثنتني و مخس ني ع ند أ هل الكوف ة وهذا األخري هو ما جنده يف مصاحفنا. )1( 56/19 ينظر: الرازي عبد هللا حممد بن عمر بن احلسن بن احلسني مفاتيح الغيب للرازي دار إحياء الرتاث العريب بريوت الطبعة الثالثة ه [Tiad] ISSN: [62]

5 Sahl DERSHAWI وروى القرطيب عن احلسن وعكرمة وجابر قوهلم إهنا مكية )2( كلها وهو مذهب اجلمهور )3( فيما روي عن ابن عباس وقتادة أهنا مكية إال آيتني منها مدنيتان مها: )أ مل ت ر إ ىل الهذ ين ب هدل وا ن ع م ة ا ه لل ك ف ر ا و أ ح ل وا ق و م ه م د ار ال ب و ا ر نزلتا يف شأن قتلى املشركني الذين حاربوا هللا ورسوله يف غزوة بدر وهناك )28( ج ه نهم ي ص ل و هن ا و ب ئ س ال ق ر ار ( )4( من أضاف إىل اآلتني السابقتني يف االستثناء اآلية اليت تليهما قوله تعاىل: ( و ج ع ل وا لل ه أ ن د اد ا ل ي ض ل وا ع ن س ب يل ه ق ل مت تهع وا ف إ هن م ص ري ك م إ ىل النهار ( )5()6( ال ختتلف سورة إبراهيمكثريا عن السور املكية عموما يف إطارها العام وأهدافها وال يف موضوعاهتا كذلك إذ هتدف إىل ترسيخ أسس العقيدة اإلسالمية واالستدالل على أصول الدين من اإلميان ابهلل واإلميان ابلرسل واألنبياء واإلميان ابلبعث والنشور واحلساب واجلزاء. وتبني أن من فضل هللا تعاىل على البشر أن مشلهمكلهم بنعمه مل يفرق بني مؤمن به وكافر ولكن تؤكد يف الوقت نفسه على أن خامتة الشاكر للنعم ختتلف عن مآل اجلاحد وأن الناكرين لنعم هللا والظاملني سيناهلم يف اآلخرة عقاب من هللا عظيم. وحتقيقا هلذا الغرض وإجنازا هلذا اهلدف ج ع ل حمور السورة األساس الرسالة والرسل وحدهتا ووظيفت هم ووحدة دعوهتم فاألنبياء مجيعا بعثوا لتعريف الناس خبالقهم اإلله احلق الذي تعنو له الوجوه وختضع له الرقاب. ابإلضافة إىل تذكري الناس بنعم هللا تعاىل الكثرية عليهم وواجبهم يف شكرها مث تذكر السورة قصة سيدان إبراهيمكنموذج للعبد الشاكر لربه الذي استجاب دعاءه مث ختتم بتصوير عاقبة اجملرمني وهم مقرنني يف أصفادهم سرابيلهم من قطران تغشى وجوهم النار. أعاذان هللا من تلك العاقبة ورزقنا رضوانه. ولكن إذا أمعنا النظر يف جزئيات السورة وأمتعنا الفكر يف سري آايهتا ظهرت لنا حقيقتان تظالن جو السورة تسعى من خالهلما إىل حتقيق ما هتدف إىل حتقيقه حبيث تتفرع عنهما مواضيعها اجلزئية تفرتق مث تعود لتتجمع وتنضوي حتت هاتني احلقيقتني: )7( )2( القرطيب عبد هللا حممد بن فرح األنصاري اخلزرجي اجلامع ألحكام القرآن حتقيق: أمحد الربدوين وإبراهيم أطفيش دار الكتب املصرية القاهرة الطبعة الثانية: 388/9 )3( ينظر: ابن عاشور حممد الطاهر بن حممد التحرير والتنوير الدار التونسية للنشر تونس 1984 ه 177/13 وابنكثري إمساعيل بن عمر تفسري القرآن العظيم دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية 1420 ه م 476/4 )4( سورة إبراهيم: اآليتان )5( )6( سورة إبراهيم: اآلية 30 ينظر: الشوكاين حممد بن علي بن حممد بن عبد هللا فتح القدير دار ابنكثري دار الكلم الطيب - دمشق بريوت الطبعة األوىل ه 111/3 وأبو السعود حممد بن حممد بن مصطفى إرشاد العقل السليم إىل مزااي الكتاب الكرمي دار إحياء الرتاث العريب أحكام القرآن: 338/9 بريوت 30/5 والقرطيب )7( ينظر: سيد قطب إبراهيم حسني الشاريب يف ظالل القرآن دار الشروق - بريوت- القاهرة الطبعة السابعة عشر ه 2082/4 [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [63]

6 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim احلقيقة األوىل: حقيقة الرسالة والرسول ووحدة الرسالة والرسل ووحدة دعوهتم ووقوفهم أمة واحدة يف مواجهة اجلاهلية املكذبة بدين هللا تعاىل على اختالف األزمنة واألمكنة. احلقيقة الثانية: وتتحدث عن نعم هللا تعاىل على البشر وزايدهتا ابلشكر وتتناول الذين كفروا هبذه النعمة وبطروا والذين آمنوا هبا وشكروا ومنوذجهم األول هو إبراهيم وتصور مصري الظاملني الكافرين بنعمة هللا يف سلسلة من أعنف مشاهد القيامة وأحفلها ابحلركة واحلياة.. املراد ابخلرب يف مصطلح البالغيني استقر رأي علماء البالغة على تقسيم الكالم إىل خرب وإنشاء. ودليلهم على ذلك احنصار الكالم املفيد فيهما ألن الكالم: إما أن يقال فيه: إنه مطابق للواقع أو غري مطابق للواقع وهذا الصنف من الكالم هو اخلرب أو أنه ال حيتمل أن يقال فيه - ابعتبار منطوقه ال ابعتبار دالالته اللزومية - ما سبق فيكون إنشاء. فاجلملة املفيدة تنقسم إذا على قسمني: القسم األول: اجلملة اخلربية وهي اليت تتضمن اإلخبار عن شيء إما سلبا أو إجيااب بقصد "اإلعالم أبن احلكم )8( الذي اشتملت عليه له واقع خارج العبارة الكالمية مطابق له" القسم الثاين: اجلملة اإلنشائية وهي اليت ليس ملدلوهلا خارج حيتمل أن يطابقه أو خيالفه وإمنا ينشأ مدلوهلا مع التلفظ هبا وال يقال لقائلها إنه صادق فيما يقول أوكاذب أي ال حتتمل الصدق أو الكذب ويراد هبا مجلة األمر )9( والنهي واالستفهام والتمين والنداء. وعليه فاخلرب هو ما احتمل الصدق أو الكذب لذاته ابعتبار كونه جمرد كالم )10( دون نظر إىل قائله )11( حنو قولنا: اجلو ابرد الطريق طويلة.. )8( ينظر: التفتازاين املطول شرح تلخيص املفتاح: 172 وح ب نهك ة عبد الرمحن بن حسن امليداين البالغة العربية دار القلم دمشق الدار الشامية بريوت الطبعة: األوىل: 166/1 )9( ينظر: السكاكي يوسف بن أيب بكر بن حممد بن علي مفتاح العلوم دار الكتب العلمية بريوت لبنان الطبعة: الثانية 1407 ه م 166 والسبكي عروس األفراح شرح تلخيص املفتاح )ضمن شروح تلخيص املفتاح( نشر 104/1 )10( أدب احلوزة تصوير: دار الكتب العلمية لبنان -بريوت ينظر: املغريب ابن يعقوب مواهب الفتاح يف شرح تلخيص املفتاح )ضمن شروح تلخيص املفتاح( نشر أدب احلوزة تصوير: دار الكتب العلمية لبنان -بريوت 165 )11( إيراد هذا القيد يف التعريف لتدخل يف التعريف األخبار الواجبة الصدق كاألخبار الواردة يف القرآن الكرمي والسنة النبوية وأخبار الرسل والبديهيات املألوفة حنو قولنا: حنن على األرض وليدخل يف التعريف كذلك األخبار اليت ال شك يف كذهبا حنو ادعاء املتنبئني النبوة. وقيل: إن النبأ أخص من اخلرب ويراد به اخلرب الذي تعرى عن الكذبكخرب هللا تعاىل وخرب نبيه صلى هللا عليه وسلم والتواتر ولذا مسى هللا تعاىل القرآن وما ورد فيه نبأ فقال جل ذكره: [Tiad] ISSN: [64]

7 Sahl DERSHAWI ويعين أن حصول معىن اخلرب ال يتوقف وهناك من عرفه أبنه: "ما يتحق ق مدلوله يف اخلارج بدون النطق به" )12( على التلفظ به حنو قولنا: احلديقة مجيلة فإن نسبة اجلمال إىل احلديقة حاصلة سواء أنطقنا هبذا اخلرب أم مل ننطق )13( خبالف اإلنشاء الذي يتولد مع التلفظ ويكون عدما قبله. على أن مناط احلكم على اخلرب هو مطابقته للواقع اخلارجي أو عدم املطابقة فيكون ومجهور أهل العلم )14( صادقا إن وافق الواقع وكاذاب إن خالفه. املبحث األول: الغرض من إلقاء اخلرب جعل أهل البالغة األصل يف إلقاء اخلرب أن يكون ألحد غرضني )15( : األول: إفادة السامع احلكم الذي اشتملت عليه اجلملة ويكون عند جهل املخاطب له ويسميه أهل البالغة فائدة اخلرب. الغرض الثاين: إعالم املخاطب أن املتكلم على علم ابحلكم الذي تتضمنه اجلملة ويكون املخاطب يف هذه احلالة عاملا ابخلرب. ويسمى هذا الغرض الزم الفائدة. ولكن املالحظ منكالم العرب أن املخرب يتحلل من هذين الغرضني يفكثري من األحيان وخيرج عليهما فيسوق خربه قاصدا من ورائه أغراضا أخرى تظهر من خالل سياق الكالم وتكشف عنها القرائن وهي تتجدد وتتنوع تبعا ملا جتود به قرائح البلغاء واستعماالت األدابء وقد اعتدان من أهل الصناعة البالغية أن يستشهدوا بطرف منها على سبيل املثال عن احلديث عن اخلرب )16(. )12( )ع هم ي ت س اء ل ون. ع ن النهب إ ال ع ظ يم ( )ق ل ه و ن ب أ ع ظ يم ( ومنه النبوة والنيب إلنبائه عن هللا صدقا ما تسكن إليه العقول. ينظر: الراغب األصفهاين احلسني األوىل بن حممد املفردات يف غريب القرآن دار القلم الدار الشامية دمشق بريوت الطبعة ه 789 ودراز صبهاح عبيد األساليب اإلنشائية وأسرارها البالغية يف القرآن الكرمي مطبعة األمانة الطبعة األوىل: 1406 ه 1986 م 7 اهلامشي أمحد بن إبراهيم بن مصطفى جواهر البالغة يف املعاين والبيان والبديع ضبط وتدقيق وتوثيق: د. يوسف الصميلي املكتبة العصرية بريوت 55 وينظر: السبكي عروس االفراح: 105/1 )13( ينظر: عيسى العاكوب املفصل يف البالغة العربية: 69 )14( ينظر: السكاكي مفتاح العلوم: 166 والتفتازاين املطول: 173 والصعيدي عبد املتعال بغية اإليضاح لتلخيص املفتاح يف علوم البالغة 36/1 والصيادي أمحد مطلوب أمحد الناصري الرفاعي أساليب بالغية الفصاحة - البالغة املعاين وكالة املطبوعات الكويت الطبعة: األوىل 89 وفضل حسن عباس البالغة فنوهنا وأفناهنا: 104 )15( ينظر: السكاكي مفتاح العلوم: 166 )16( منها: - االسرتحام واالستعطاف حنو قوله تعاىل: )إ ين ل م ا أ نز ل ت إ يل ه م ن خ ري ف ق ري ( )سورة القصص: اآلية 24( - ر ب أ ك ن ب د ع ائ ك ر ب ش ق ي ا( )سورة مرمي: إظهار الضعفكما يف قوله تعاىل: )ق ال إ ين و ه ن ال ع ظ م م ين و اش ت ع ل الهرأ س ش ي ب ا و مل - اآلية 4( جاء اخلرب هنا معربا عن ضعف العبد يف حضرة خالقه. التوبيخ حنو قولك ملسلم اترك للصالة: "الصالة عماد الدين" فأنت ال تقصد من هذا اخلرب إعالمه مبضمون هذا اخلرب وهو فرضية الصالة وكوهنا أساس الدين ألنه يعرف ذلك بل تقصد توبيخه على ترك ما هو خليق أبن يتمسك به. [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [65]

8 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim األغراض البالغية للخرب يف سورة إبراهيم وإذا تتبعنا ورود اخلرب يف سورة إبراهيم نقع على أمثلة كثرية خرج اخلرب فيها عن إطار الفائدة والزمها ألغراض بالغية متنوعة يكشف عنها سياق اآلايت نذكر منها: االمتنان يف قوله تعاىل: )الر ك ت اب أ نز ل ن اه إ ل ي ك ل ت خ ر ج النهاس م ن الظ ل م ات إ ىل الن ور إب ذ ن ر هب م إ ىل ص ر اط ال ع ز ي ز احل م يد ( )17( حيث تضمن نعمة كبرية من هللا تعاىل متثلت ابلكتاب املنزل هلداية الناس ونقلهم من ظلمات الضالل إىل نور اإلميان على سبيل االمتنان. ن وورود اخلرب لغرض االمتنان والتهف ض ل جاءكذلك يف قوله تعاىل: )ا ه لل الهذ ي خ ل ق ال هسم او ات و األ ر ض و أ نز ل م ال هسم اء م اء ف أ خ ر ج ب ه م ن الثهم ر ات ر ز ق ا لهك م و س هخر ل ك م ال ف ل ك ل ت ج ر ي يف ال ب ح ر أب م ر ه و س هخر ل ك م األ هن ا ر م ا س أ ل ت م وه ()18( )32( و س هخر ل ك م ال هشم س و ال ق م ر د ائ ب ني و س هخر ل ك م اللهي ل و النهه ار )33 ) و آات ك م م ن ك ل حيث ذكرت اآلايت أخبارا متعددة تضمنت إنعام هللا تعاىل على اإلنسان وآالئه خبلق السموات واألرض وإنزال الغيث وتسخري الشمس والقمر والبحار واألهنار لإلنسان وهذه اإلخبار أتيت إلظهار فضل هللا ومنهت ه على عباده قال ابن عطية معقبا : " اآلي ة ت ذ ك ري ب الء هللا وت ن ب يه ع لى ق د ر ت ه الهيت ف يها إح سان إىل الب ش ر" )19(. ك ل م ا س أ ل ت م وه ( وقوله )آاتكم( جلنس البشر على سبيل التعديد وختتم اآلايت ذكر النعم بقوله: )و آات ك م م ن للنعمة أي إن اإلنسان قد أ ويت جبملتهكل ما من شأنه أن ي سأل وينتفع به وال يعىن اطراد ذلك يفكل واحد من الناس )20(. - )17( الفرح مبقبل حنو ما جاء يف قوله تعاىل: )ج اء احل ق و ز ه ق ال ب اط ل إ هن ال ب اط ل ك ان ز ه وق ا( التحفيز وحتريك اهلمة إىل أمر جيب حتصيله مثل قوله تعاىل: )ل لهذ ين أ ح س ن وا احل س ىن و ز اي د ة ( - إظهار التحسر على شيء يراد كما يف قوله تعاىل حكاية عن امرأة عمران: )ف ل هما و ض ع ت ه ا ق ال ت ر ب إ ين و ض ع ت ه ا أ نث ى ) فأم - مرمي ال تريد اإلعالم مبضمون اخلرب وال بالزمه ألهنا ختاطب هللا تعاىل العامل حباهلا وإمنا تريد التعبري عن حتسرها خليبة رجائها يف والدة ولد ذكر هتبه لبيت املقدس. ومنها الوعد والوعيد واملدح والذم والتحذير واألمر والنهي واإلنكار والتبكيت والتعظيم والتحقري وغريها من األغراض اليت ال حصر هلا وتتفتق عنها قرائح البلغاء والفصحاء من املتكلمني وتظهر من خالل سياق الكالم. ينظر: عروس األفراح )ضمن شروح التلخيص(: 193 وحامد عوين املنهاج الواضح للبالغة املكتبة األزهرية للرتاث 9/2 واهلامشي جواهر البالغة: 56 وعبد الرمحن حبنكة البالغة العربية: 174/1 وعيسى يعقوب املفصل يف البالغة العربية: 79 سورة إبراهيم: اآلية 1 )18( سورة إبراهيم: اآلايت )19( 339/3 ابن عطية عبد احلق بن غالب بن عبد الرمحن احملرر الوجيز يف تفسري الكتاب العزيز دار الكتب العلمية بريوت الطبعة األوىل )20( ينظر: املرجع السابق املوضع نفسه. [Tiad] ISSN: [66]

9 Sahl DERSHAWI ك ل م ا س أ ل ت م وه ( فتكون )ما( إما مصدرية ويكون األوىل املشهورة )م ن ويف قوله )كل ما سألتموه( قراءاتن )21( الضمري يف )سألتموه( عائدا على هللا تبارك وتعاىل أو تكون )ما( موصولة مبعىن )الذي( ويكون الضمري يف )سألتموه( عائدا على )الذي( واملفعول الثاين ل آاتكم حمذوف تقديره )شيئا ( )22(. ) فتكون )ما( مفعوال ما سألتموه( بتنوين )كل والقراءة الثانية للضحاك واحلسن وقتادة ورويت عن انفع )من ك ل كل شيئا ما سألتموه اثنيا ل )آاتكم( وذهب بعضهم إىل اعتبار )ما( انفية على هذه القراءة أي: أعطاكم من فيكون املفعول الثاين )شيئا ( )23( التنبيه والتحذير حنو ما ورد يف قوله تعاىل: )الهذ ين ي س ت ح ب ون احل ي اة الد ن ي ا ع ل ى اآل خ ر ة و ي ص د ون ع ن س ب يل ا ه لل و ي ب غ وهن ا ع و ج ا على القول أبهنا مجلة مستأنفة جبعل الذين مبتدأ وأولئك خربه إذ تضمن اخلرب حتذيرا أ ول ئ ك يف ض ال ل ب ع يد ( )24( هلذا الفريق من الناس مما هم فيه ببيان عاقبته فمن سلك هذا الطريقكان يف )ضالل بعيد(كل البعد عن احلق واخلري. ب وكذلك يف قوله تعاىل: )و أ نذ ر النهاس ي و م ي ت يه م ال ع ذ اب ف ي ق ول الهذ ين ظ ل م وا ر بهن ا أ خ ر ان إ ىل أ ج ل ق ر يب جن إذ جند اخلرب يف: )فيقول الذين د ع و ت ك و ن تهب ع الر س ل أ و مل ت ك ون وا أ ق س م ت م م ن ق ب ل م ا ل ك م م ن ز و ال )44(( )25( ظلموا...( جاء لغرض اإلنذار والتنبيه ومحل املخاطبني على أخذ العربة مما سيحل ابلظاملني من الذل واهلوان حني يرتجون ويتوسلون هللا تعاىل أن ميهلهم فرصة كي يؤمنوا به وبرسله واملراد ب )أجل قريب( الرجوع إىل دار الدنيا لتدارك ما فرطوا من إجابة الدعوة وقيل )26( : إهنم أرادوا بذلك رفع العذاب عنهم وإعادهتم إىل حال التكليف مدة يسرية ليعملوا ما يرضيه سبحانه )27(. )23( )21( ينظر: ابن م ه ران أمحد بن احلسني النيسابوري املبسوط يف القراءات العشر حتقيق: سبيع محزة حاكيمي جممع اللغة العربية دمشق 257 )22( ينظر: اخلراط أمحد بن حممد اجملتىب من مشكل إعراب القرآن جممع امللك فهد لطباعة املصحف الشريف املدينة املنورة 547/2 ينظر: ابن عطية احملرر الوجيز: 340/3 وابن اجلوزي عبد الرمحن بن علي بن حممد زاد املسري يف علم التفسري احملقق: عبد الرزاق املهدي دار الكتاب العريب بريوت الطبعة: األوىل الرمحن املرعشلي دار إحياء الرتاث العريب احملقق: صدقي حممد مجيل دار الفكر بريوت 440/6 )24( )25( سورة إبراهيم: اآلية 3 سورة إبراهيم: اآلية 44 )26( ينظر: االلوسي روح املعاين: 233/7 514/2 والبيضاوي انصر الدين عبد هللا بن عمر الشريازي أنوار التنزيل واسرار التأويل حتقيق: حممد عبد بريوت الطبعة األوىل 200/3 وأبو حيان حممد بن يوسف بن علي بن يوسف البحر احمليط يف التفسري )27( ينظر: الرازي مفاتيح الغيب: 109/19 وأبو حيان البحر احمليط: 452/6 واأللوسي روح املعاين: 233/7 [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [67]

10 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim التهديد والوعيد مثاله قوله تعاىل يصف حال الكافرين ومصريهم يف النار قائال : )م ن و ر ائ ه ج ه نهم و ي س ق ى م ن م اء ص د يد )16( فاخلرب هنا قد م ك ان و م ا ه و مب ي ت و م ن و ر ائ ه ع ذ اب غ ل يظ ( )28( ي ت ج هرع ه و ال ي ك اد ي س يغ ه و ي ت يه ال م و ت م ن ك ل خرج متضمنا مع فائدته معىن الوعيد الشديد ألولئك املكذبني ابلرسل وجاء بعد قوله: )و اس ت ف ت ح وا و خ اب ك ل )29( ج بهار ع ن يد ( الذي بني فضل هللا تعاىل على رسله حني فتح عليهم واستجاب دعاءهم يف النصر وأظهرهم على عدوهم فسيق اخلرب لغرض إظهار فضل هللا وإحسانه على رسل مث أورد تعاىل مجلة من األخبار )من ورائه جهنم()ويسقى من...( )و يتيه املوت..()وما هو مبيت( )ومن ورائه...( جعلها صفة ل )جبار عنيد ) متوعدا أولئك الكافرين مبزيد من العذاب واإلذالل يلقونه عند ورودهم جهنم من ماء صديد وعذاب مطبق عليهم من كل جهة كأنه املوت غري أنه مستمر يف حني أن املوت تنتهي سكراته خبروج الروح وال خيفى ما هلذه األخبار من أثر يف ختويف السامع وتفزيعه ملا حتمله من التهديد والوعيد. ولغرض الوعيد بزوال كل ما عمله الكافرون وأنتجوه جاء اخلرب املتضمن تشبيه أعمال الكافرين يوم القيامة ابلرماد الذي هبت عليه ريح قوية فنثرته يف كل جهة )م ث ل الهذ ين ك ف ر وا ب ر هب م أ ع م اهل م ك ر م اد اش ت هدت ب ه الر يح يف ي و م )30( ع اص ف ) حيث يبني اخلرب الوارد يف اآلية إفالسهم وعدم انتفاعهم بشيء منها ألهنم يومئذ )ال ي ق د ر ون مم ها ك س ب وا ع ل ى ش ي ء ( فيا هلا من خيبة واي له من خسران حني يقف الكافر ينتظر ثواب أعمال صنعها يف الدنيا وأتمل هبا خريا فيفاجأ هبا تبعثر أمام عينيه إشارة إىل عدم قيمتها مصداق قال تعاىل )و ق د م ن ا إ ىل م ا ع م ل وا م ن مث ييت تذييل اآلية خربا آخر غرضه التقرير والتأكيد يقي م املشهد وحيكم عليه ع م ل ف ج ع ل ن اه ه ب اء همنث ور ا( )31( بقوله: )ذ ل ك ه و ال هضال ل ال ب ع يد (. التحفيز وحتريك اهلمة نلحظ ورود اخلرب يف السورة لغرض بعث اهلمم لنيل رضاء هللا تعاىل والفوز بثوابه من خالل الرتغيب الذي نلمسه يف قوله تعاىل: )و أ د خ ل الهذ ين آ م ن وا و ع م ل وا ال ه صاحل ات ج نهات جت ر ي م ن حت ت ه ا األ هن ار خ ال د ين ف يه ا إب ذ ن ر هب م )32( حت يهت ه م ف يه ا س ال م ( فاآلية الكرمية بدأت اخلرب ابلفعل املاضي للداللة على أمر مستقبل لتفيد القطع حبصوله واليقني بوعد هللا وجاء هذا الوعد من هللا بعد أن ذكر طرفا من اجلدال واخلصومة اجلارية بني أهل النار وهم )28( سورة إبراهيم: اآليتان )29( )30( سورة إبراهيم: اآلية 15 سورة إبراهيم: اآلية 18 )31( سورة الفرقان: اآلية 23 )32( سورة إبراهيم: اآلية 23 [Tiad] ISSN: [68]

11 Sahl DERSHAWI يتقاذفون التهم ويتبادلون الل وم والتأنيب فحس ن االنتقال بعد ذلك إىل وصف حال املؤمنني على سبيل الرتغيب والبشارة هلم ابختالف مصريهم عما سبق فهم يدخلون جنات جتري من حتتها األهنار سارحة فيها حيث ساروا يف سالمة ود ع ة )33( منزهني عن اخلوض يف املهاترات واملنازعات. الذ م ومما جاء فيه اخلرب مقصودا به الذم قوله تعاىل: )و م ث ل ك ل م ة خ ب يث ة ك ش جر ة خ ب يث ة اج ت ثهت م ن ف و ق األ ر ض م ا هل ا بعد ذكر الكلمة الطيبة وتشبيهها ابلشجرة الطيبة يف قوله: )أ مل ت ر ك ي ف ض ر ب ا ه لل م ث ال ك ل م ة ط ي ب ة م ن ق ر ار ( )34(...( )35( والكلمة اخلبيثة هي الكفر والشرك وقيل:كل قبيح من الكالم والشجرة اخلبيثة: احلنظل عند مجهور العلماء )36(. واآلية خرب اشتمل على تشبيه سيق لذم الكفر وتقبيحه فهو كشجرة احلنظل طعمها مر ال أصل هلا اثبت يف األرض وال فرع صاعد يف السماء استؤصلت وق لعت جثتها من األرض ما هلا ثبات وكذلك الكافر مبا يف قلبه من الشرك ال خري له يف األرض وال عمل يصعد له إىل السماء. )37( ومن شواهد اخلرب الوارد لغرض الذم أيضا قوله تعاىل: )وج ع ل وا لل ه أ ن د اد ا ل ي ض ل وا ع ن س ب يل ه ( عطفا على قوله: حيث تضمن اخلرب ذما ألولئك الزعماء )أمل ت ر إىل الهذ ين ب هدل وا ن ع م ت هللا ك ف ر ا وأح ل وا ق و م هم دار الب وار ( )38( حي م ل هم مسؤولية دمار اجلمعكله واملقصود هبمكفار قريش مجلة )39( هذا حبسب ما اشتهر من حاهلم وروي عن علي بن أيب طالب قوله )40( : "ه م األ ف ج ر ان م ن ق ر ي ش ب ن و أ م يهة و ب ن و ال م غ ري ة ف أ هما ب ن و ال م غ ري ة ف ق د ق ط ع ا ه لل د اب ر ه م ي و م ب د ر و أ هما ب ن و أ م يهة ف م ت ع وا إ ىل ح ني " )41( االستعطاف وإظهار الضعف يظهر لنا هذا الغرض يف األخبار اليت وردت على لسان سيدان إبراهيم عليه السالم خماطبا رب ه: )ر بهن ا إ ين أ س ك ن ت م ن ذ ر يهيت ب و اد غ ري ذ ي ز ر ع ع ن د ب ي ت ك ال م ح هرم ر بهن ا ل ي ق يم وا ال هصال ة ف اج ع ل أ ف ئ د ة م ن النهاس هت و ي إ ل ي ه م و ار ز ق ه م )34( )35( )33( ينظر: ابنكثري تفسري القرآن العظيم: 491/4 الطاهر بن عاشور التحرير والتنوير: 222/13 سورة إبراهيم: اآلية 26 سورة إبراهيم: اآلية 24 )36( ينظر: البغوي معامل التنزيل: 37/3 ابن جزي التسهيل لعلوم التنزيل شركة دار األرقم بن أيب األرقم بريوت الطبعة: األوىل ه 411/1 اإلجيي حممد بن عبد الرمحن بن حممد جامع البيان يف تفسري القرآن دار الكتب العلمية بريوت الطبعة: األوىل 1424 ه م 295/2 )37( سورة إبراهيم: اآلية 30 )38( سورة إبراهيم: اآلية 28 )39( ينظر: أبو حيان البحر احمليط: 444/6 )41( )40( ينظر: املاوردي علي بن حممد بن حممد بن حبيب البصري النكت والعيون احملقق: السيد ابن عبد املقصود بن عبد الرحيم دار الكتب العلمية - بريوت / لبنان 136/3 وابن عطية احملرر الوجيز: 337/3 القرطيب اجلامع ألحكام القرآن: 364/9 األثر رواه احلاكم يف مسنده يفكتاب التفسري ابب تفسري سورة إبراهيم برقم: 3343 وقال عنه:»ه ذ ا ح د يث ص ح يح اإل س ن اد و مل خي ر ج اه. [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [69]

12 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim م ن الثهم ر ات ل ع لهه م ي ش ك ر ون ( )42( فالغرض من اخلرب يف قوله: )إين أسكنت من ذرييت...( االستعطاف منه لربه وال ميكن محله على فائدة اخلرب ألن هللا تعاىل أعلم مبا صنع ولكنه أراد من هذا اخلرب مناشدة هللا تعاىل والتضرع إليه إبظهار حاجته له والتمهيد ملا سيطلبه يف قوله: )ف اج ع ل أ ف ئ د ة م ن النهاس هت و ي إ ل ي ه م...( فهو قد ترك زوجته وولده معرضني للهالك يف صحراء قاحلة ال يراتدها أحد ليقيموا دين هللا ويعبدوه ومها ابنتظار رمحة هللا ولطفه. وكذلك جاء اخلرب لغرض االستعطاف وإظهار العجز إضافة إىل غرض الثناء والتعظيم يف قوله تعاىل حكاية عن ومعىن سيدان إبراهيم: )إ نهك ت ع ل م م ا ن ف ي و م ا ن ع ل ن و م ا خي ف ى ع ل ى ا ه لل م ن ش ي ء يف األ ر ض و ال يف ال هسم اء ( )43( قول اخلليل: ربنا إنك أعلم منا أبحوالنا ومصاحلنا ومفاسدان وقيل: إن إبراهيم قصد ب )ما نعلن( احلوار الذي دار بينه وبني السيدة هاجر عندما ودعها قافال ) 44 ( وب )ما نفي( الوجد املتمكن من قلبه بسبب فراقه هلاجر وابنه إمساعيل. ومبا أن هللا تعاىل عامل بكل شيء فال حاجة لتسمية املطالب اجلزئية وهو ما جعل اخلليل يكتفى بتقدمي شعائر العبودية بني يدي هللا إبظهار ضعفه وعجزه واالفتقار لرمحة هللا تعاىل واحلاجة لفضله ولطفه يف تيسري أمره وتفريج كربته. مث جاء اخلرب الثاين الذي قصد منه إبراهيم عليه السالم الثناء على هللا تعاىل أبنه عال م ال ختفى عليه خافية. الغيوب )45( الفرح وإظهار السرور حينما انتهى إبراهيم عليه السالم من الثناء على هللا تعاىل انتقل إىل شكره على هباته فجاء خربه بغرض إظهار الفرح والسرور وتعبريا عن الشكر )احل م د لل ه الهذ ي و ه ب يل ع ل ى ال ك رب إ مس اع يل و إ س ح اق إ هن ر يب ل س م ي ع وقدكان فرح سيدان إبراهيم كبريا وال شك ومتناسبا مع عظم اهلبة والعطية إذ إن هللا تعاىل قد رزقه الد ع اء ( )46( إمساعيل وإسحاق بعد طول انتظار وبعد انقطاع الرجاء ابإلجناب كما دهل عليه قوله: )على الكرب(. )42( )43( سورة إبراهيم: اآلية 37 سورة إبراهيم: اآلية 38 )44( حني قالت له هاجر عند الوداع: إىل من تكلنا فقال: إىل هللا أكلكم قالت: آهلل أمرك هبذا قال: نعم قالت: إذن ال نشى. ينظر: الطربي حممد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب جامع البيان عن أتويل آي القرآن حتقيق: الدكتور عبد هللا بن عبد احملسن الرتكي دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع واإلعالن الطبعة: األوىل 19/17 )45( ينظر: ابن عطية احملرر الوجيز: 343/3 )46( سورة إبراهيم: اآلية 39 [Tiad] ISSN: [70]

13 Sahl DERSHAWI العنيف والتوبيخ حنو ما جاء يف قوله: )و س ك نت م يف م س اك ن الهذ ين ظ ل م وا أ نف س ه م و ت ب هني ل ك م ك ي ف ف ع ل ن ا هب م و ض ر ب ن ا ل ك م األ م ث ال ) حيث ورد للمفسرين يف املقصود من قوله: )سكنتم( قوالن )47( األول: من السكون أي االطمئنان فيكون املعىن أنكم اطمأننتم إىل الظلم والفساد وصاحبتم الظاملني ألنفسهم وسرمت سريهتم ابلرغم من أنه تبني لكم ورأيتم يف دايرهم آاثر العقاب واهلالك الذي نزل هبم )48(. والثاين: من السكىن مبعىن احللول واملكث وقد عدي حبرف الظرفية خالفا ألصل فعله املتعدي بنفسه واملعىن: أنكم أثناء مسريكم يف جتاراتكم حللتم يف داير الظاملني لوقت يكفي لالتعاظ وأخذ العربة مما وقع هبم يف إشارة إىل واقعكفار قريش يف رحالهتم التجارية إذكانوا ميرون بداير قوم مثود يف طريقهم إىل الشام حيطون رحاهلم هناك كماكانوا ميرون على داير قوم عاد يف رحلتهم إىل اليمن )49(. ومن التوبيخ أيضا ما ورد يف قوله تعاىل: )و قال م وسى إن ت ك ف ر وا أن ت م وم ن يف األر ض مج يع ا ف إ هن هللا ل غ ين مح يد ( فقوله: )لغين محيد( يتضمن تعظيم هللا تعاىل وحتقري الكافرين يف الوقت نفسه وقوله: )محيد( توبيخ هلم حيث إن هللا تعاىل يتصف مبا يوجب له دائما احملامدكلها مل يزل وال يزال فكفركم أيها املغفلون إبله هذه صفاته غاية يف التخلف واخلذالن وفيه كذلك تقريع هلم مفاده أن هللا تعاىل ذو نعم وآالء عليهمكانت تستوجب منهم احلمد لكنهم كفروا )50( فكان ذلك منهم ضالال ما بعده ضالل. التحقري وإظهار العجز ومن أغراض اخلرب اليت ظهرت يف آايت سورة إبراهيم حتقري مكر الكفار وإظهار عجزهم يف قوله تعاىل: )و ق د م ك ر وا م ك ر ه م و ع ند ا ه لل م ك ر ه م و إ ن ك ان م ك ر ه م ل ت ز ول م ن ه اجل ب ال ) )51( حيث بني هللا تعاىل تشابه أحوال مشركي قريش مع أحوال من سبقهم من األمم حني مكروا مكرهم وبذلواكل جهدهم وأفرغوا وسعهم يف إبطال احلق وتقرير الباطل و )و ع ند ا ه لل م ك ر ه م ( أي مكتوب عند هللا فعلهم فهو جمازيهم عليه ويف قوله:)و إ ن ك ان م ك ر ه م ل ت ز ول م ن ه اجل ب ال ) قال املفسرون: اخلرب حيتمل وجهني: )47( ينظر: السمرقندي أبو الليث نصر بن حممد بن أمحد بن إبراهيم حبر العلوم حتقيق: حممد علي العوض عادل عبد املوجود زكراي النويت دار الكتب العلمية لبنان )48( بريوت 247/2 والزخمشري الكشاف: 565/2 أبو السعود العمادي إرشاد العقل السليم: 57/5 ينظر: الزحيلي وهبة بن مصطفى التفسري املنري يف العقيدة والشريعة واملنهج دار الفكر املعاصر دمشق الطبعة: الثانية 1418 ه 274/13 )49( ينظر: طنطاوي حممد سيد التفسري الوسيط للقرآن الكرمي دار هنضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع الفجالة القاهرة الطبعة: األوىل 575/7 )50( ينظر: ابن عطية احملرر الوجيز: 326/3 )51( سورة إبراهيم: اآلية 46 [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [71]

14 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim وتبييتهم للشر وتدبريه حىت إنه من القوة والصالبة حبيث يؤثر يف اجلبال مضرب املثل األول: تعظيم ملكرهم )52( يف الثقل والثبات )53( وأبعد شيء عن تصور الزوال والتزعزع واملعىن أنه مع ذلك ليس خباف على هللا وال جمهول بل هو يف نطاق علم هللا وطوق قدرة هللا تعاىل )وعند هللا مكرهم(. ألهنا من الثبات والتمكن مبنزلة اجلبال الراسيات والثاين وهو األقرب: أنه تعاىل أراد ابجلبال آايته وشرائعه )54( ال يضرها كيدهم شيئا وإمنا يعود عليهم وابل ما حاكوه من شر وسوء وهذا على تقدير )إن( انفية والالم يف )لتزول( مؤكدة هلا )55( فيكون املعىن: )وما كان مكرهم لتزول منه اجلبال( أي ليس من شأن مكرهم أن يؤثر يف شرائع هللا الراسخة رسوخ اجلبال وعليه يكون الغرض من إلقاء هذا اخلرب التحقري من شأن مكرهم وتصغريه وهتوينه وفضحهم إبظهار عجزهم وفشل تدابريهم. أغراض اخلرب يف خطبة إبليس يف أتباعه يالحظ الباحث تنوع األغراض من األخبار اليت وردت على لسان إبليس يف جهنم حني وقف خطيبا يف أتباعه فبدأ كلمته ابعرتاف صريح حب ق يهة وعد هللا تعاىل قائال : إن هللا الذي له صفات الكمال قد وعدكم وعدا حقا ودعاكم لدينه القومي وأرسل إليكم رسال وأنزل معهم البينات والرباهني وبشر من أجاب وحذر من أىب وها هو قد صدقكم فوه ف ما وعد وأما أان فأقر بنكوب صراطي وزيغ دعويت وإخالف وعدي فقالكما حكاه القرآن الكرمي: )و ق ال ال هشي ط ان ل هما ق ض ي األ م ر إ هن ا ه لل و ع د ك م و ع د احل ق و و ع د ت ك م ف أ خ ل ف ت ك م ( )56( فكان الغرض من اخلرب اإلقرار واالعرتاف ابلضالل واإلضالل مث انتقل من االعرتاف إىل التندمي والتوبيخ من خالل التربؤ من أتباعه وهو الغرض الثاين الذي ظهر يف كالمه حني قال: )و م ا ك ان يل ع ل ي ك م م ن س ل ط ان إ هال أ ن د ع و ت ك م ف اس ت ج ب ت م يل ف ال ت ل وم وين و ل وم وا أ ن ف س ك م ( فهو يلقي ابلالئمة عليهم فيما حل هبم من العذاب حماوال التنصل من املسؤولية وحيتج على ذلك أبنه مل يكن له عليهم أي تسلط أو حجة تدل على صدقه إال ما كان من وسوسة وتزيني للمعصية وتسويل عليها. )52( ينظر: البيضاوي أنوار التنزيل: 203/3 )53( ينظر: ابن عطية احملرر الوجيز: 346/3 وسيد قطب يف ظالل القرآن: 2112/4 )54( ينظر: الثعليب أمحد بن حممد بن إبراهيم الكشف والبيان عن تفسري القرآن دار إحياء الرتاث العريب بريوت لبنان الطبعة األوىل 326/5 وابن عطية احملرر الوجيز: 346/3 وأبو طالب مكي مح وش بن حممد بن خمتار القيسي القريواين اهلداية إىل بلوغ النهاية يف علم معاين القرآن وتفسريه وأحكامه ومجل من فنون علومه جمموعة حبوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية - جامعة الشارقة الطبعة: األوىل 3843/5 الزحيلي التفسري املنري: 275/13 )55( ينظر: الزخمشري الكشاف: 565/2 )56( سورة إبراهيم: اآلية 22 [Tiad] ISSN: [72]

15 Sahl DERSHAWI مث ينتقل إىل غرض آخر وهو التيئيس وإظهار اخليبة فيقول: )م ا أ ان مب ص ر خ ك م و م ا أ ن ت م مب ص ر خ ه ي إ ين ك ف ر ت مب ا أ ش ر ك ت م ون م ن ق ب ل ( واجلملة بيان جلملة النهي عن اللوم " أل هن ل و م ه ف يه ت ع ر يض أب ههنم ي ت ط لهب ون م نه ح يل ة ل ن جاهت م ف ن فى ذ ل ك ع ن ن ف س ه ب ع د أن هن اهم ع ن أن ي ل وم وه " )57( واإلصراخ: اإلغاثة اشتق من الصراخ ألن املستغيث وخملصكم مما أنتم فيه من العذاب وال أنتم مبغيث ه ي مما أان فيه يصرخ أبعلى صوته )58( واملعىن: ما أان مبغيثكم )59( من العذاب ويف ذلك إرشاد من الشيطان ألتباعه أبن يكفوا عن انتظار اإلغاثة والتخليص منه لكونه هو نفسه مبتلى مبا ابتلوا فيه هم من العذاب ومنكان هذا شأنه ال يتوقع منه فعل شيء. نظري ما ورد يف قول أمية بن أيب الصلت )60( : ف ال جت ز ع وا إين ل كم غ ري م ص ر خ )61( ن ف ر ول ي س ل كم ع ن د ي غ ناء وال وختتتم اآلية خبرب مفاده: )إ هن الظهال م ني هل م ع ذ اب أ ل يم ( قيل )62( : هو من كالم هللا تعاىل وقيل )63( : بل هو من متام خطبة الشيطان فعلى األول يكون الغرض منه التهديد والوعيد وعلى الثاين يظهر أن هللا تعاىل إمنا حكى ما سيقوله إبليس يف تلك اللحظة ليكون ذلك املشهد عربة ولطفا ابلسامعني وإيقاظا هلم للنظر إىل عاقبتهم واالستعداد ملا ال بهد هلم من الوصول إليه )64( وحثا هلم على تصور ذلك املقام الذي يعرتف فيه الشيطان ويديل بشهادته فيكون ذلك أدعى هلم للخوف والعمل على اتقاء ذلك املوقف وختليص أنفسهم منه. وكان للرازي مذهب آخر فهو وإن رجح كون التذييل من كالم هللا تعاىل عاد ليقول: "وال ي ب ع د أي ض ا أن ي ك و ن ذ ل ك م ن ب ق يهة ك الم إب ل يس ق ط ع ا أل ط ماع أ ول ئ ك الك ف ار ع ن اإلعان ة واإلغاث ة. وا ه لل أع ل م " )65( )57( الطاهر بن عاشور: التحرير والتنوير: 220/13 )58( املصدر السابق. )59( ينظر: النيسابوري حممود بن أىب احلسن بن احلسني إجياز البيان عن معاين القرآن دار الغرب اإلسالمي بريوت الطبعة: األوىل ه 461 وبيان احلق حممود بن أيب احلسن ابهر الربهان يف معاين مشكالت القرآن جامعة أم القرى - مكة املكرمة حرسها هللا تعاىل 1419 ه م 763/2 )60( ينظر: الشوكاين فتح القدير: 124/3 )61( ذكره نشوان احلمريي يف " مشس العلوم ودواءكالم العرب من الكلوم " دار الفكر املعاصر )بريوت - لبنان( دار الفكر )دمشق - سورية( الطبعة: األوىل 1420 ه م مادة )اإلصراخ( )62( ينظر: النسفي عبد هللا بن أمحد مدارك التنزيل وحقائق التأويل حققه وخرج أحاديثه: يوسف علي بديوي دار الكلم الطيب بريوت الطبعة األوىل 171/2 )63( ينظر: البيضاوي أنوار التنزيل: 198/3 )64( الزخمشري الكشاف: 552/2 )65( الفخر الرازي مفاتيح الغيب: 89/19 [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [73]

16 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim املبحث الثاين: أضراب اخلرب عرضنا فيما مضى األغراض اليت يلقي ألجلها املتكلم خربه وعرفنا أن اخلرب خيرج أحياان عن أغراضه األصلية ألغراض جمازية تفهم من سياق الكالم وأوردان لذلك من سورة إبراهيم طائفة من األمثلة. ومن املعلوم أن وظيفة علم املعاين بيان مطابقة الكالم ملقتضى احلال فهو يرشدان كيف نراعي املقام الذي نتحدث فيه ليكون الكالم مناسبا له ألن للكالم مقامات وأحواال تقتضي قوالب معينة وصياغات حمددة فمقام املنكر حلكم اخلرب يستدعي صياغة اخلرب بشكل خمتلف عنه يف مقام الشاك املرتدد وهو بدوره خيتلف يف حال كان املخاطب خايل الذهن لذا وجب على املتكلم أن ي ز ن كالمه فيلقي به من غري زايدة وال نقصان. وقد تنبه العرب إىل ذلك وتقيدوا به يف أخبارهم يشهد له قول عبد القاهر اجلرجاين: "واعلم أ ن ممها أ غمض الطريق إ ىل معرف ة ما حنن بصدده أ هن ههنا فروقا خفيهة جت هل ها العاهمة وكثري من اخلاصة ليس أ ههنم جي هلوهن ا يف مث مثهل لذلك مبا وقع موضع وي ع رفوهنا يف آخر بل ال ي د رون أ هنا هي وال ي ع لموهنا يف مجلة وال تف صيل" )66( الذي سأله قائال : إين ألجد يفكالم العرب حشوا فقال له املربد: يف أي موضع وجدت للمربد مع الكندي )67( قال: أجد العرب تقول: عبد هللا قائم وإن عبد هللا قائم وإن عبد هللا لقائم فاملعىن واحد رغم األلفاظ املتكررة فرد عليه املربد: بل املعاين خمتلفة الختالف األلفاظ فقوهلم عبد هللا قائم إخبار عن قيامه وقوهلم: إن عبد هللا قائم جواب عن سؤال سائل وقوهلم: إن عبد هللا لقائم جواب عن إنكار منكر قيامه فقد تكررت األلفاظ لتكرر املعاين )68(. وبناء على كالم املربد قسم أهل البالغة اخلرب من حيث أتكيده وعدم أتكيده إىل ثالثة أقسام أطلقوا عليها )أضراب اخلرب( وهي: )66( اجلرجاين عبد القاهر بن عبد الرمحن دالئل اإلعجاز يف علم املعاين احملقق: حممود حممد شاكر مطبعة املدين ابلقاهرة - دار املدين جبدة الطبعة: الثالثة 315 )67( هو يعقوب بن إسحاق بن الصباح كان رأسا يف املنطق اليوانين واهليئة والتنجيم والطب كان يقال له: فيلسوف العرب قال عنه الذهيب: " كان متهما يف دينه خبيال ساقط املروءة. ههم أبن يعمل شيئا مثل القرآن فبعد أايم أذعن ابلعجز". سري أعالم النبالء: 337/12 وينظر: العسقالين أبو الفضل أمحد بن علي بن حممد بن أمحد بن حجر لسان امليزان احملقق: دائرة املعرف النظامية اهلند مؤسسة األعلمي للمطبوعات بريوت - لبنان الطبعة: الثانية 305/6 )68( ينظر: عبد القاهر اجلرجاين دالئل اإلعجاز: 315 [Tiad] ISSN: [74]

17 Sahl DERSHAWI اخلرب االبتدائي )69( ويراد به إلقاء اخلرب خاليا من أدوات التوكيد ويلجأ إليه عندما يكون املخاطب خايل الذهن من مدلول اخلرب ليستقر يف ذهن املخاطب ويتمكن من نفسه حتقيقا لقول الشاعر: أاتين هواها قبل أن أعرف اهلوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا )70( فاخلرب ألقي ومن أمثلة هذا الضرب قوله تعاىل حكاية عن قول سيدان إبراهيم: )قال ب ل ف ع ل ه ك ب ري ه م هذا( )71( من سيدان إبراهيم عليه السالم لقومه دون مؤكدات نظرا منه حلاهلم يف عدم الرتدد واإلنكار يف بداية األمر ألن متحيص ذلك اخلرب واختباره استدعى منهم الرجوع إىل نفوسهم واالحتكام إىل عقوهلمكما قال تعاىل: )ف ر ج ع وا فأذهاهنم إ ىل أ نف س ه م ف ق ال وا إ نهك م أ نت م الظهال م ون )64( مث ه ن ك س وا ع ل ى ر ء وس ه م ل ق د ع ل م ت م ا ه ؤ ال ء ي نط ق ون ( )72( كانت شاغرة عما جاء به اخلرب أول األمر لذا مل يصادف لديهم اعرتاضا ومل حيتج إىل أتكيد. ومن الضرب االبتدائي أيضا اخلرب الوارد يف قوله تعاىل: )الر ك ت اب أ نز ل ن اه إ ل ي ك ل ت خ ر ج النهاس م ن الظ ل م ات إ ىل الن ور إب ذ ن ر هب م إ ىل ص ر اط ال ع ز يز احل م يد ( فاآلية خطاب للنيب صلى هللا عليه وسلم تضمنت حكما يبني احلكمة من إنزال القرآن الكرمي ويوضح وظيفة النيب صلى هللا عليه وسلم وهو -النيب صلى هللا عليه وسلم - ال شك خايل الذهن منه غري مرتدد فيه وال منكر لذا جاء اخلرب ابتدائيا مستغنيا عن املؤكدات. اخلرب الطليب )73( ويكون حينما يدخل الشك نفس املخاطب ويرتدد يف قبول احلكم الذي يتضمنه اخلرب حالهكحال طالب يسأل صحة اخلرب مما يستدعي أتكيد اخلرب وتقويته فيحسن عندها أن يؤتى ابجلملة اخلربية مقرتنة مبا يؤكد صحة اخلرب ويكون مقدار التأكيد مناسبا حلجم التشكيك فكلما زادت نسبة التشكيك حسن زايدة عدد املؤكدات املزيلة هلا. )و ي ت يه ال م و ك ل م ك ان و م ا ه و ب م ي ت و م ن و ر ائ ه ع ذ ا ب ومثال هذا النوع يف سورة إبراهيم قوله تعاىل: ت م ن فاخلرب يف قوله: )و م ا ه و ب م ي ت ) ييت يف سياق تصوير مشهد العذاب الذي ينتظر اجلبار العنيد غ ل يظ ( )74( )69( ينظر: السكاكي مفتاح العلوم: 170 التفتازاين: املطول شرح تلخيص املفتاح: 184 واجلارم علي وأمني مصطفى البالغة الواضحة مكتبة البشرى كراتشي- ابكستان 144 وعتيق عبد العزيز علم املعاين دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع بريوت لبنان الطبعة: األوىل 1430 ه م 52 )70( البيت بال نسبة يف مفتاح العلوم: 170 وهو لقيس بن امللوح جمنون ليلى يف روح املعاين: 42/1 )71( سورة األنبياء: اآلية 63 )72( سورة األنبياء: اآلية 65 )73( ينظر: السبكي عروس األفراح: 120/1 عبد املتعال الصعيدي بغية اإليضاح: 43/1 حامد عوين املنهاج الواضح للبالغة: 13/2 )74( سورة إبراهيم: اآلية 17 [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [75]

18 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim ك ل م ك ان (: تتألب عليه أسباب املوت وأصناف العذابكلها وحتيط به ومعىن قوله تعاىل: )و ي ت يه ال م و ت م ن منكل جانب وتدخل عليه منكل عضو من أعضائه "حىت من أصول شعره وإهبام رجله" )75(. وملاكان من شأن هذه الغلظة من العذاب أن تزهق نفس اإلنسان وتقضي عليه وفق سنن احلياة الدنيا ونواميسها وأعقبه خرب آخر )وما هو مبيت( نب ه به الباري عز وجل على أنه ال يقضى على الكافر رغم شدة العذاب وال ميوت فيسرتيح أاثر هذا اخلرب األخري حرية يف نفس السامع وترددا يف قبوله فاقتضى األمر أتكيد اجلملة إبحدى أدوات التأكيد وهي هنا الباء الزائدة اليت دخلت على اخلرب يف قوله )مبيت( لغرض متكني اخلرب يف ذهن املخاطب وإزالة الشكوك عنه. ومن اخلرب الطليبكذلك ما ورد يف قوله تعاىل: )أ مل ت ر أ هن ا ه لل خ ل ق ال هسم و ات و األ ر ض اب حل ق إ ن ي ش أ ي ذ ه ب ك م )76( و ي ت خب ل ق ج د يد )19( و م ا ذ ل ك ع ل ى ا ه لل ب ع ز يز ( إذ يربهن هللا تعاىل على قدرته على إجياد املعدوم وإعدام املوجود أبن من خلق السموات على ارتفاعها واتساعها وعظمتها وما فيها منكواكب وأجرام واألرض مبا فيها من مهاد وأواتد وبراري وقفار هو قادر على إفنائكم أيها املعاندون واالستبدال بكم )77( فلما ذكر )إ ن ي ش أ ي ذ ه ب ك م و ي ت خب ل ق ج د يد ( تطلب اخلرب أتكيدا يزيل الرتدد احلاصل عند املخاطب يف قبول هذا اخلرب ويستجيب لتشوفه إىل تقريره فجاء بقوله: )و م ا ذ ل ك ع ل ى ا ه لل ب ع ز يز ( الذي تضمن خربا مؤكدا ابلباء الزائدة يف )بعزيز( لرتسيخ احلكم وتقويته. ومن اخلرب الذي ورد طلبيا يف السورة الكرمية قوله تعاىل: )ف ال حت س ب ه ا ه لل خم ل ف و ع د ه ر س ل ه إ ن ا ه لل ع ز يز ذ و انت ق ام ( )78( وقوله تعاىل: )ل ي ج ز ي ا ه لل ك هل ن ف س م ا ك س ب ت إ ن ا ه لل س ر يع احل س اب ) )79( وكذلك التوكيد يف قوله تعاىل حكاية عن أهل النار: )إ نك ن ا ل كم ت ب ع ا ف ه ل أن ت م م غ ن ون ع ن ا م ن ع ذاب ا ه لل م ن ش ي ء ( )80( )75( البيضاوي أنوار التنزيل: 196/3 وينظر: اخلطيب الشربيين السراج املنري 175/2 )76( سورة إبراهيم: اآليتان )78( )79( )80( )77( ينظر: الزخمشري الكشاف: 547/2 ابنكثري تفسري القرآن العظيم: 487/4 سورة إبراهيم: اآلية 47 سورة إبراهيم: اآلية 51 سورة إبراهيم: اآلية 21 [Tiad] ISSN: [76]

19 Sahl DERSHAWI اخلرب اإلنكاري )81( ويلقيه املتكلم حينما يكون املخاطب منكرا للحكم الذي يتضمنه اخلرب معتقدا خالفه وعندها جيب أتكيد اخلرب مبؤكدين أو أكثر على حسب إنكار املخاطب قوة وضعفا وجدير ابلذكر ان التأكيدكما يكون يف اإلثبات يكون يف النفي أيضا. )82( ل ك ل ص بهار ش ك ور ( فقد جاء اخلرب ومن أمثلة هذا النوع يف سورة إبراهيم قوله تعاىل: )إ هن يف ذ ل ك آل اي ت مؤكدا بعدة مؤكدات هي: إن والالم املزحلقة الداخلة على اسم )إن( وصيغتا املبالغة يف فعهال )صبار( وفعول )شكور( وال شك أن ما تضمنه اخلرب من حكم هو موضع إنكار عند مجيع املشركني سيما وأن اخلرب يشري )83( إىل اآلية السابقة عليه اليت يمر فيها هللا تبارك وتعاىل نبيه موسى أن يذكر قومه ب )أايم هللا( املتضمنة آالءه يف إجنائهم من بطش فرعون وزابنيته وفلق البحر هلم وتظليلهم ابلغمام وإنزال املن والسلوى عليهم ونقمه اليت ص بهار ش ك ور ( أحلها ابألمم الكافرة قبلهم على سبيل الرتغيب والرتهيب فكان قوله: )إ هن يف ذ ل ك آل اي ت ل ك ل تذييال يعين: إن يف ذلك التنبيه والتذكري أو يف أايم هللا دالئل ملن اتصف ابلصرب والشكر ألن " احلال إم ا أ ن كان ش ك ور ا" )84(. ي ك ون حال حم ن ة وب ل يهة أو حال م نح ة وع ط يهة ف إن كان األهول كان امل ؤ م ن ص ب ار ا وإن كان الث اين ولكن لقائل أن يقول: إن ما ذكر يصلح أن يكون آايت لكل مؤمن فلما خص الصبار الشكور جييبنا الفخر الرازي على ذلك بوجهني )85( : األول: ملاكان الصبار الشكور أكثر املنتفعني هبذه الدالئل صارت اآلايتكأهنا ليست إال هلذا النوع نظري ما )87( يف قوله تعاىل: )ذ ل ك ال ك ت اب ال ر ي ب ف يه ه د ى ل ل م تهق ني ( )86( وقوله: )إمنا أنت منذر من خيشاها( الثاين: إن االنتفاع هبذا التذكري ال حيصل إال ملن اتصف هباتني الصفتني أما الذي ال يكونكذلك فهو حمروم على عينه عشاوة عن هذه اآلايت. ومن الضرب اإلنكاري كذلك اخلرب يف قوله تعاىل: )و إ ن ت ع د وا ن ع م ت ا ه لل ال حت ص وه ا إ هن اإل نس ان ل ظ ل وم ك هفار ( )88( )84( )81( ينظر: السكاكي مفتاح العلوم: 171 شرف الدين الطييب لطائف التبيان يف علمي املعاين والبيان: 59 عبد الرمحن حبنكة البالغة العربية: 179/1 )82( سورة إبراهيم: اآلية 5 ل ك ل ص بهار ش ك ور ( )إبراهيم: )83( يف قوله تعاىل: )و ل ق د أ ر س ل ن ا م وس ى ب اي ت ن ا أ ن أ خ ر ج ق و م ك م ن الظ ل م ات إ ىل الن ور و ذ ك ر ه م أب هايم ا ه لل إ هن يف ذ ل ك آل اي ت )5 الفخر الرازي مفاتيح الغيب: 65/19 )85( ينظر: الفخر الرازي مفاتيح الغيب: 65/19 )86( سورة البقرة: اآلية 2 )87( سورة النازعات: 45 )88( سورة إبراهيم: اآلية 34 [Tiad: ] Cilt / Vol: 2, Sayı/Issue: 1, 2018 [77]

20 / İbrahim Suresinde Haber Üslubunun Belagati/ The Rhetoric of al-khabar in بالغة أسلوب الخبر في سورة إبراهيم Surat al-ibrahim وقد قيل يف تفسري ظلوم أنه يظلم النعمة برتك شكرها أو يضعها يف غري موضعها أو أنه ظامل لنفسه بتعريضها للحرمان وقيل: إنه ظلوم حني يظن أن شكره يقابل نعم هللا تعاىل )89( و)كفار( ساتر لتلك النعم جاحد هلا ومنكر وقد أورد هللا تعاىل اخلرب مؤكدا أبربع مؤكدات )90( : إن والالم املزحلقة يف )لظلوم( إضافة لصيغيت املبالغة فعول وفعهال. وجاء إنكاراي ملخالفته اعتقاد املخاطبني من املشركني املتصفني مبا تضمنه اخلرب من صفيت الظلم والكفران. خمتتمة بقوله ويالحظ أن اآلية ختمت هنا بقوله: )إ هن اإل نس ان ل ظ ل وم ك هفار ( فيما جاءت يف سورة النحل )91( تعاىل: )إ هن ا ه لل ل غ ف ور ر ح يم ( فما الفرق بني اخلامتتني وملاذا اختلفتا رغم اهنما تذييل للكالم نفسه وهو قوله تعاىل: )و إ ن ت ع د وا ن ع م ت ا ه لل ال حت ص وه ا( جييبنا عن ذلك سياق اآليتني فلما كان احلديث هنا عن قبائح اإلنسان من كفران للنعمة وجحود هلا وظلم لنفسه بدأ بقوله تعاىل: )أ مل ت ر إ ىل الهذ ين ب هدل وا ن ع م ت ا ه لل ك ف ر ا( مث قوله: )و ج ع ل وا لل ه أ ن د اد ا( وغريها من القبائح انسبها التذييل بقوله: )إ هن اإل نس ان ل ظ ل وم ك هفار ( أما سياق آية النحل فكان عن تعداد فضائل هللا تعاىل على اإلنسان )92( وبعد أن أطنب يف ذكرها حسن التذييل بوصف هللا تعاىل ابملغفرة والرمحة حضا للناس وحتريضا هلم على الرجوع إليه تعاىل )93(. ومن أمثلة اخلرب اإلنكاري أيضا ما ورد يف قوله تعاىل: )و إ ذ أت ذهن ر ب ك م ل ئ ن ش ك ر مت أل ز يد نهك م و ل ئ نك ف ر مت إ هن ع ذ ايب ل ش د يد ( )94( حيث جاء اخلرب يف قوله: )إ هن ع ذ ايب ل ش د يد ( مؤكدا ب )إ هن( والم املزحلقة الداخلة على خربها إضافة إىل امسية اجلملة )95(. )89( ينظر: األلوسي روح املعاين: 219/7 )90( ينظر: قاسم-محيدان دعاس إعراب القرآن الكرمي: 133/2 ودرويش حميي الدين بن أمحد مصطفى إعراب القرآن وبيانه دار اإلرشاد للشئون اجلامعية - محص سورية الطبعة: الرابعة 1415 ه 196/5 )91( سورة النحل: اآلية 16 )92( يل سياق اآلية هو قوله تعاىل: )ه و الهذ ي أ نز ل م ن ال هسم اء م اء له ك م م ن ه ش ر اب و م ن ه ش ج ر ف يه ت س يم ون )10 ) ي نب ت ل ك م ب ه الهزر ع و الهزي ت ون و النهخ ك ل الثهم ر ات إ هن يف ذ ل ك آل ي ة ل ق و م ي ت ف هكر ون ( و ال ق م ر و الن ج وم م س هخر ات أب م ر ه إ هن يف ذ ل ك آل اي ت 11( و س هخر ل ك م اللهي ل و النهه ار و ال هشم س و األ ع ن اب و م ن ل ق و م ي ع ق ل ون )12( و م ا ذ ر أ ل ك م يف األ ر ض خم ت ل ف ا أ ل و ان ه إ هن يف ذ ل ك آل ي ة ل ق و م ي هذهكر ون )13( و ه و الهذ ي س هخر ال ب ح ر ل ت أ ك ل وا م ن ه حل م ا ط ر اي و ت س ت خ ر ج وا م ن ه ح ل ي ة ت ل ب س وهن ا و ت ر ى ال ف ل ك م و اخ ر ف يه و ل ت ب ت غ وا م ن ف ض ل ه و ل ع لهك م ت ش ك ر ون )14( و أ ل ق ى يف األ ر ض ر و اس ي أ ن مت يد ب ك م و أ هن ار ا و س ب ال لهع لهك م هت ت د ون )15( و ع ال م ات و اب لنهج م ه م ي ه ت د ون )16( أ ف م ن خي ل ق ك م ن هال خي ل ق أ ف ال ت ذ هكر ون )17( و إ ن ت ع د وا ن ع م ة ا ه لل ال حت ص وه ا إ هن ا ه لل ل غ ف ور هرح يم )18(( )93( ينظر: أبو حيان البحر احمليط: 441/6 )94( سورة إبراهيم: اآلية 7 )95( ينظر: الصايف حممود بن عبد الرحيم اجلدول يف إعراب القرآن الكرمي دار الرشيد دمشق - مؤسسة اإلميان بريوت الطبعة: الرابعة 1418 ه 159/13 [Tiad] ISSN: [78]