101 صبيحة كيم Kime * Sabiha ((9( الهجرة غير الشرعية للمرأة الجزائرية بوصفها نموذج ا للمقاومة النسوية: دراسة سوسيولوجية لظاهرة»الح ر اقات«Illegal Migra

النسخ

1 0 صبيحة كيم Kime * Sabiha ((9( الهجرة غير الشرعية للمرأة الجزائرية بوصفها نموذج ا للمقاومة النسوية: دراسة سوسيولوجية لظاهرة»الح ر اقات«Illegal Migration of Algerian Women as an Act of Resistance: A Sociological Study of the Phenomenon of the Harragat ملخص: شهد وضع المرأة الجزائرية في السنوات األخيرة تحوالت سوسيوثقافية مهمة وهو ما مك نها من االضطاع بأدوار جديدة سمحت لها بالمشاركة في العملية التنموية. لكن ذلك لم يؤد إلى تحريرها من هيمنة ثقافة النظام البطريركي/ األبوي الذي ظلت تقاومه بوسائل مختلفة. وفي هذا اإلطار ت عتبر هذه الدراسة الهجرة السر ية أو»الح ر قة«التي بدأت بعض النساء الجزائريات في ممارستها بمخيال التحرر االجتماعي مثاال لحراك نسوي من نوع جديد وإن أخذ طابع ا فردي ا أو أسري ا فحسب يندرج ضمن هذه المقاومة. تعددت دوافع ذهاب»الح ر اقات«بين العامل االقتصادي والثقافي واالجتماعي لكنهن اشتركن في اعتبار»الح رقة«مشروع ا يهدف إلى البحث عن حياة أفضل في مجتمع تحرري آخر. كلمات مفتاحية: الجندر المقاومة الهجرة غير الشرعية الح ر قة المرأة الجزائرية. Abstract: In recent years Algerian women have witnessed major socio cultural transformations, which have enabled them to undertake new roles and take part in their country s development. This has not, however, led to their liberation from the hegemony of the patriarchal social system which they continue to resist in a number of ways. In this context, this study views illegal migration (al harga), which some Algerian women began to undertake as an act of resistance, as a novel form of feminist expression even in cases where it took on individualistic or family based characters. The motivations for the departure of these female illegal migrants are many, ranging among economic, cultural, and social factors. They have participated however on the basis that illegal migration aims for a better life in another, more liberated society. Keywords: Gender, Resistance, Illegal Migration, al Harga, Algerian Women. * أستاذة محاضرة في علم االجتماع بكلية العلوم االجتماعية واإلنسانية بجامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم الجزائر. Professor of Sociology at Abdel Hamid Ibn Badis University, Mostaganem, Algeria.

2 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer مقدمة نشهد اليوم اقتحام فاعلين جدد في الهجرة غير الشرعية وهن النساء أو ما يصطلح عليه في الوسط الشعبي الجزائري ب»الح رقة«))) والتي كان ي عتقد أن الرجال هم العنصر األساسي فيها ألنها بحسب المخيال الشعبي تتطلب من الم قبلين عليها قدرة بدنية وطاقة كبيرة لتحم ل المصاعب وقد أظهرت»الح ر اقات«جانب ا كبير ا من الشجاعة في مجازفتهن هذه وتخطيهن الحواجز للوصول إلى أوروبا بحث ا عن ظروف أحسن لم يجدنها في بلدهن األصلي. في هذا الصدد أعلنت المنظمة الجزائرية للدفاع عن حقوق اإلنسان LADDH عن وجود»الح ر اقات«بالقوارب عندما قبضت شرطة السواحل على الم قبلين على الهجرة غير الشرعية وقد رت عددهم بنحو 309 أشخاص من بينهم 30»حر اقة«في عام ))) 207. ومع أنه قد تم إيقاف حاالت عديدة منهن إضافة إلى تتب عهن في عرض البحر ال زالت ظاهرة»الح ر اقات«غير مرئية في المجتمع الجزائري لعدم تقديم أي أرقام خاصة بهن في التقارير السنوية لشرطة الحدود. ومع ذلك لم ي عتبرن فاعات في هذا الحراك بل ن ظر إلى فعلهن هذا على أنه ال أخاقي ويمس المجتمع. لمعالجة هذه الظاهرة ارتأينا مقاربة سوسيولوجية تنطلق من التساؤل التالي: هل يمكن النظر إلى ظاهرة الهجرة غير الشرعية على أنها شكل من أشكال مقاومة قسم من النساء الجزائريات للوضعية االجتماعية التي يعشنها ورفض لمكانتهن الدونية في بلدهن األصلي يفترض هذا البحث أن ممارسة عدد من النساء الجزائريات الهجرة غير الشرعية تمثل إستراتيجية يقاومن بها التهميش واإلحساس بعدم القبول. وتختلف درجة اإلحساس من حالة إلى أخرى بحسب مكانة الم عني ة ووضعها االجتماعي وهي بذلك يمكن اعتبارها شكل من أشكال تحدي عاقات القوة القائمة على الهيمنة الذكورية. فدخول المرأة سوق العمل وتعيينها في الوظائف اإلدارية والسياسية العالية ال ينفيان أنها تواجه صعوبات القيود السوسيوثقافية الممتدة للنظام األبوي وقضية المرأة في المجتمع الجزائري ال تزال تمث ل رهان ا اجتماعي ا تحرري ا رغم الخطاب التحديثي السائد. أوال : منهجية الدراسة تستند هذه الدراسة إلى جهد إثنوغرافي بذلته الباحثة في سبيل فهم ظاهرة الهجرة غير الشرعية بين النساء الجزائريات والظروف والعوامل التي تدفعهن إلى الهجرة. كما تعتمد على مجموعة من المقابات الم عم قة شبه المنظمة التي ساعدت على فهم الوضعية االجتماعية للفاعات وتحديد سلوكهن وممارستهن. عموم ا تتب ع هذا البحث مسار حاالت تجريبية من أجل فهم مدى تأثير الوضعية االجتماعية للمرأة ووسطها االجتماعي بصفتها فرد ا من المجتمع في إقدامها على الهجرة )))»الح رقة«في معناها هي ح رق الوثائق الرسمية عند إقبال الشباب والشابات على الهجرة غير الشرعية عبر القوارب وأيض ا خرق قوانين السفر والحدود التي تمنعهم من محاولة الوصول إلى أوروبا. (2) Yazid Alilat, «El harga haram, mais à toujours ses adepts,» Le Quotidien d Oran, 30/0/208.

3 03 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«غير الشرعية وهذا يتفق مع ما شد د عليه عبد المالك صياد من أن الحراك في الهجرة ذو وجهين غير منفصلين للواقع نفسه ))) وال نستطيع تفسير األول وهو الهجرة في بلد األصل من دون الثاني وهو الهجرة إلى بلد االستقبال. ورغم صعوبة االتصال ب»الح ر اقات«أجرينا مقابات معهن واستطعنا بفضل المرشدين والوسطاء التقرب من حاالت الدراسة وأيض ا استخدام تقنية الكرة الثلجية عينة قصدية ))). واستخدمنا الطريقة غير الرسمية لجمع المعلومات لعدم تجاوب الكثير من الحاالت وتخوفهن من الصورة التي توضع فيها مكانة»الح ر اقة«. أ جريت المقابات في أماكن عمومية )مقاهي حدائق( أو مكان العمل وأثناء سفرنا من مرسيليا إلى الجزائر. إن رفض الكثير من الفاعات إجراء المقابلة أو التحدث عن خوضهن لتجربة»الح رقة«عر ضنا لإلحساس بالعجز أمام هذا الموقف وأرغمنا في العديد من المرات على التفكير في التخل ي عن دراستنا لهذه»الظاهرة المعقدة«فات بعنا الوضعية غير الرسمية إلجراء العمل الميداني. وارتأينا اتخاذ الساسة والتلقائية في التعامل مع المستجيبات للتقرب منهن مثل الحرص على اختيار الكلمات المائمة في إجراء المقابلة التي ال توحي بحكم مسبق على المكانة التي يصنفن فيها وهو ما اضطرنا في بعض األحيان إلى االعتماد على المنهج اإلثنوغرافي. يذهب جون كلود كوفمان إلى أنه يجب أن يفهم المستجيب سلوك الباحث على أنه يهتم به باعتباره شخص ا استطاع الدخول في مجال فضائه وأيض ا يعي نظام تفكيره إلى درجة رغبته في إكمال هذا المسار معه ))) والتركيز على ماحظة كيفية اإلجابة عن األسئلة من خال حركات الوجه واليدين والصمت المطو ل. كنا أيض ا نحاول قدر اإلمكان اإليحاء باهتمامنا الكبير بما تدلي به المستجيبات حتى إن بعضهن باح بأشياء خاصة كالعاقة الحميمية مع صديق أو ممارسة الدعارة. وفي حاالت عدة وجدت المستجيبة نفسها مستعدة لإلجابة عن األسئلة بفعل رضاها عن العاقة التواصلية التي نشأت مع الباحثة ))). تستند هذه الدراسة إلى نتائج مقابات شبه منظمة مع عشر»ح ر اقات«))) من خلفيات اجتماعية واقتصادية متباينة. وانطاق ا من المادة الم جمعة قد منا وصف ا لكل حالة بحسب وضعيتها )االجتماعية االقتصادية( إلبراز مدى االختاف. وفي الجدول أدناه عرض تيبولوجي لحاالت»الح ر اقات«المستجيبات. (3) Abdelmalek Sayad, La double absence: Des illusions de l émigré aux souffrances de l immigré (Paris: éditions du ))) تقودنا أحد إحدى حاالت الدراسة إلى حاالت أخرى لكي نتعر ف إليها مثل معرفة وهيبة وأمينة إحداهما لألخرى. Seuil, 999), p. 5. (5) Jean Claude Kaufmann, L entretien compréhensif (Paris: Nathan, 996), p. 5. (6) Madeleine Grawitz, Méthodes des sciences sociales, 2 nde ed. (Paris: Dalloz, 974), p ))) توقفنا عند هذا العدد لتكرار بعض الحاالت ففضلنا اختيار األهم منهن بسبب حصولنا على المعلومات نفسها من بعض الحاالت.

4 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer حاالت»الح ر اقات«المستجيبات: عرض تيبولوجي الرقم الحراقات السن املستوى الدرايس الحالة املدنية عدد األطفال املهنة السكن أو الحي اإلقامة بالبلد األصيل اإلقامة ببلد الهجرة عدد محاوالت الح رق ة زهرة 22 جامعية عزباء با عمل مجمع سكني بلدية غزوات تلمسان مرسيليا فرنسا أمينة 24 ثانوي عزباء با عمل حي شعبي مدينة وهران أليكانت إسبانيا 2 آمال 28 جامعية متزوجة با عمل مجمع سكني العاصمة أليكانت إسبانيا 3 كاتيا 28 ثانوي عزباء با عمل مجمع سكني مدينة وهران 4 فتيحة 29 جامعية عزباء با عمل حي شعبي مدينة وهران إكس بروفانس فرنسا 5 سامية 30 متوسط مطلقة با عمل حي شعبي بلدية تارقة عني متوشنت أليكانت إسبانيا وهيبة 32 جامعية مطلقة موظفة يف بنك فيا مدينة البليدة أليكانت إسبانيا 7 سمرية 34 ابتدايئ متزوجة خادمة باملنازل بناء عشوايئ بلدية بني صاف عني متوشنت أليكانت إسبانيا 8 هوارية 40 ثانوي عزباء حاقة مجمع سكني بلدية تارقة عني متوشنت أليكانت إسبانيا 9 2 فطيمة 42 ابتدايئ متزوجة منظفة حي شعبي بلدية مغنية تلمسان مرسيليا فرنسا 0 المصدر: من إعداد الباحثة.

5 05 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«ثاني ا: وه م تحرر المرأة الجزائرية: مقاربة جندرية تظهر المؤشرات من الوهلة األولى أن وضعية المرأة توحي بتحسن مباشر في المجتمع الجزائري على أنه»حراك تحرري«والذي اعتبره إريك نوفو حراك ا اجتماعي ا جديد ا يتشك ل من خال مقاومة الرقابة االجتماعية والمطالبة باالستقالية الذاتية والتقيد بطريقة عيش خاصة أو ه وية مميزة مثل تلك التي ظهرت في المجتمعات ما بعد الصناعية ))) تحت عنوان»المقاومة النسوية«. فالمرأة الجزائرية استطاعت أن تغي ر من مكانتها السوسيوثقافية والمهنية والسياسية تغيير ا كبير ا وظهر ذلك خاصة عبر تمدرسها وارتقائها إلى جميع مستويات التعليم )االبتدائي والمتوسط والجامعي( ))). ولقد ساعدت هذه الظاهرة على نحو كبير على تغيير مكانتها في المجتمع. فبحسب تقديرات الديموغرافي كاتب كمال تتخرج كل ((( عام أكثر من 60 ألف طالبة حاملة للشهادة ))) وهذا ما يسمح لهن بااللتحاق بمناصب مهنية مختلفة ((( في القطاعين العام والخاص. ويفضل بعض النساء االنخراط في مجال مهني ذكوري محض كالشرطة والجيش الوطني ))) والمقاوالتية ))). ومن ناحية أخرى ساعدت»الكوتا«)2008( على ولوج المرأة في المجال السياسي بنسبة أكبر م ساه مة بذلك في بروز دورها السياسي ))) )الحزبي واالنتخابي( ومشاركتها الرجل في تفعيل الديمقراطية والتنمية الوطنية. وحتى على المستوى األسري فقد أظهرت مؤشرات رسمية شيوع ثقافة تحديد النسل أو تنظيمه بين النساء الجزائريات ))) لتعيد النظر في بنية العاقة بالرجل. وقد كشفت دراسة قام بها عادل فوزي حول تحوالت الرابطة الزوجية في المجتمع الجزائري عن مؤشرات التغير الذي طرأ على المستوى القيمي الذي ينظم عاقة الرجل بالمرأة ومنها اعتبار مشاعر الحب شرط ا في بناء العاقة الزوجية واشتراط حرية اختيار المرأة لشريك حياتها بغية إثبات الذات ))). (8) Erik Neveu, Sociologie des mouvements sociaux, 4 ème ed. (Paris: La découverte, 2005), p. 62. ))) بحسب المركز الوطني لإلحصائيات ONS فإن نسبة اإلناث في التعليم االبتدائي ق د رت ب في المئة وفي التعليم المتوسط ب في المئة وفي التعليم الثانوي ب في المئة في عام 204. (0) Kamel Kateb, «Scolarisation féminine massive, système matrimonial et rapports de genre au Maghreb,» Genre, sexualité & société, no. 6 (Automne 20), p. 6. ))) قد رت نسبة تشغيل المرأة في القطاع العمومي ب 7.6 في المئة في عام 203 بحسب الديوان الوطني لإلحصائيات. ))) تعداد النساء في األمن الوطني يقد ر ب 6565 امرأة )في مختلف المناصب( ما يعادل 8.68 في المئة من العدد اإلجمالي. ))) وجود المرأة برتبة لواء في الجيش الوطني يقد ر ب 3.5 في المئة من إجمالي المنخرطات. ويقد ر عدد الفتيات المنخرطات في المدرسة العليا للشبل ب 8 في المئة عام 203 انظر: مجلة الجيش العدد )203(. 60 ))) قد ر المركز الوطني للسجل التجاري CNRC وجود المرأة المقاولة ب 23 في المئة من إجمالي المسجلين لعام 207. ))) حددت نسبة انخراط المرأة في المجال السياسي بوصفها عضوة منتخبة في مجلس األمة والمجلس الشعبي ب 30 في المئة. ))) بحسب تقرير الديوان الوطني لإلحصائيات لعام 205 ق د ر معدل اإلنجاب في الجزائر ب 3 أطفال مقارنة ب 8 أطفال في عام 970 و 6 أطفال في عام 992 انظر: Office National des Statistiques, «Demographie Algerienne 205,» Rapport no. 740 (Avril 206), accessed on 2/7/208, at: (7) Faouzi Adel, «Formation du lien conjugal et nouveau lien familiaux en Algérie,» Thése de doctorat, Anthropologie Social et Ethnologie, Université de Paris V, Paris, 990, p. 45.

6 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer لقد ازداد أيض ا ظهور المرأة في المجال العام الثقافي والترفيهي )الحدائق العامة والمطاعم والمقاهي والمسرح والسينما... إلخ( وكذلك انخراطها في الجمعيات النسائية ))) وهو ما ترافق أيض ا مع الحراك الدولي للنساء الجزائريات بفضل قانون التجمع العائلي ))) الذي ظل يتطور حتى وصل إلى ض عف ي ما كان عليه قبل عام )2)) 990. فرغم غياب إحصائيات حديثة عن الهجرة النسوية الجزائرية فإن بعض اإلحصائيات لدول الميدا )2)) MEDA في عام 2009 يثبت وجود هذا النوع من الهجرة بنسبة 44.2 في المئة نحو تسع دول أوروبية )ألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا واليونان وإيطاليا وإنكلترا والنمسا وهولندا( )2)). فالهجرة النسوية في االتجاه الدولي أصبحت اليوم من الظواهر المرئية إذ بلغت نسبة اإلناث 44.9 في المئة من مجموع المهاجرين من بلدان المغرب العربي في عام 203 وق د رت نسبة الم هاجرات الجزائريات ب 48.7 في المئة في العام نفسه بحسب تقرير الهجرة الدولية لعام )2)) 205. وقد بي نت دراسة عبد الاوي حسين الذي يشير إلى أن الهجرة النسوية الجزائرية تتم في إطار اندماجها المتطور في الحراك الدولي أن الظاهرة أخذت عدة أشكال )2)) : مثل انخراط الطالبات في الحراك العلمي كهجرة األدمغة وانخراط المهاجرات في الجمعيات والمنظمات األورومتوسطية وانخراط المهاجرات في الحراك التجاري الدولي المسم ى»تجارة الشنطة«. ولم تقتصر الهجرة النسوية الجزائرية على دول البحر األبيض المتوسط )فرنسا وإسبانيا وإيطاليا( بل إنها تتجه اليوم نحو بلدان جديدة كتركيا وهولندا والمملكة المتحدة وكندا واإلمارات العربية المتحدة والصين وإندونيسيا )2)). كل ذلك يدل على أن هناك تحوالت بنيوية تجري على المستويات االجتماعية والسياسية والثقافية واالقتصادية تستهدف اإلطار التقليدي المحافظ والسلطة الذكورية للمجتمع. فالمرأة هي التي رافقت تلك التحوالت بفضل مقاومتها الدائمة الفردية والجماعية من أجل حياة أفضل ومن أجل مساواة حقيقية مع الرجل. فأفرزت هذه التحوالت حراك ا نسوي ا جرت م واجهته بشعارات تحتج باهتمام الدولة ))) صرحت وزارة الداخلية والجماعات المحلية بوجود 40 جمعية نسوية في كل واليات الجزائر. ))) بعد توقيف الهجرة العمالية الجزائرية بقرار من السلطات الفرنسية في تموز/ يوليو 974 بدأ توافد أعضاء أسر المهاجرين الجزائريين المقيمين في فرنسا )الزوجة واألطفال( ما دعا إلى وضع قانون للتجمع العائلي في 29 نيسان/ أبريل 976 رسمي ا وهو ي عد»لم شمل«األسر في إطار الهجرة. (20) Jacques Simon, L immigration algérienne en France de 962 à nos jours (Paris: L Harmattan, 2002), p. 43. )2)) هو برنامج تشك ل في إطار التعاون بين االتحاد األوروبي والدول المتوسطية وهو يعد شراكة أورومتوسطية. ودول الميدا هي: الجزائر وقبرص ومصر وإسرائيل واألردن ولبنان ومالطا والمغرب وفلسطين وسورية وتونس وتركيا. (22) Jean Louis Ville, «Etude migration féminine entre les pays MEDA et l UE: Projet regional,» EUROMED MIGRATION II ( ), Dirigé par GIZ, ICMPD & FIIAPP, Université of Sussex, UK, 207, accessed on 2/7/208, at: )2)) المنظمة العالمية للهجرة لجنة األمم المتحدة االقتصادية واالجتماعية لغرب آسيا»اإلسكوا«تقرير الهجرة الدولية لعام 205: الهجرة والنزوح والتنمية في منطقة عربية متغيرة )بيروت/ جنيف: 205( ص 52. (24) Hocine Labdelaoui, «Genre et migration en Algérie,» Consortium for Applied Research on International Migration «CARIM,» Notes d analyse et de synthèse, no. 2 (20), p. 7, accessed on 2/7/208, at: (25) Abdelkader Lakjaa, «Femmes algériennes dans le commerce transnational informel (trabendo): Les acteurs, les réseaux, les espaces,» Revue Kalim, l Université Alger 2, no. 3 (204), p. 2.

7 07 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«بقضايا المرأة مثل:»ب ا د النس ا«)دولة النساء( و»ب وت ف ل يق ة ع ط ا ك ل ش ي ل ل م ر ا«)الرئيس منح المرأة كل شيء( و»ل م ر ا و ل ت ت ح ك م «)أصبحت المرأة هي الحاكمة(. حتى إن نائبات المجلس الشعبي الوطني ي لقبن ب»الح ف اف ات» )إسقاط ا لعمل الح اقة( أي إن المرأة أصبحت هي اآلمر والناهي وقراراتها نافذة في مجاالت بارزة منها االجتماعية والمهنية والسياسية. وت ظهر هذه الشعارات درجة معارضة الرجال ورفضهم لهذه التغييرات التي يرونها تهدد رجولتهم وتزعزع مكانتهم االجتماعية والتشديد على حصر دور المرأة التربوي في البيت. وقد أثار الحراك النسوي الجزائري تذم ر العديد من القوى المحافظة التي تنتمي إلى بعض التيارات الدينية المتطرفة في بداية التسعينيات. فعلى المستوى األكاديمي تناول السوسيولوجي ناصر جابي في مقال بعنوان»الن س اء ك ا و ن ا ]أكلونا[ في الجزائر«)2)) شعار ا ال تزال القوى المحافظة تردده وتوظفه ضد المرأة فموقف ذكور المجتمع وقواه المحافظة وجد حجته في خاصية سوق العمل النسوي في الجزائر المتمركز في قطاعات متعددة والتأهيل العالي مقارنة بسوق عمل الرجال ما أعطى انطباع ا أن المرأة تسيطر على كل شيء في الجزائر وحصلت على الكثير من الحقوق. تدفع عوامل عديدة )مثل أيديولوجيا الدولة الحداثية والتزامها االتفاقيات الدولية( الدولة الجزائرية إلى تبن ي قضية المرأة ومع ذلك تتسم هذه الجهود بالضعف والتهميش. ترى تمزالي )2)) أن هذه االمتيازات ما هي إال إعادة تدوير للنظام األبوي الذي يعيد بدوره إدماج المرأة بمنطق رمزية السلطة الذكورية. كما يوحي قانون األسرة المعدل لعام 2005 بمنح حقوق جديدة للمرأة في ظل المحافظة على عدم المساواة في الطاق وفرض الولي الذي يقلص إمكانية المرأة في اتخاذ قرار يتعلق بحياتها فأطلقت عليه فريال الالمي»اإلصاح الوهمي«)2)) ألنها تعتبر قانون األسرة معو ق ا للتحول االجتماعي للنساء وال يأخذ في االعتبار تحوالت األسرة الجزائرية التي تغيرت فيها مكانة المرأة. وهو ما يمكن إدراجه ضمن ما سم اه هشام شرابي»األبوة الم ستحد ثة«فهو يرى أن الحداثة لم تستطع إلغاء النظام األبوي إذ تفاعلت األنظمة األبوية مع المد الحداثوي وأنتجت نظام ا هجين ا ناجم ا عن تزاوج تعسفي بين مرجعية تقليدية ومظهر حديث )2)) لهذا نعتبر أن خروج المرأة للتعليم والعمل لمقتضيات الحياة فقط بل لم تتغير وضعية المرأة االجتماعية فهي مقيدة بفعل عادات المجتمع وتقاليده. على الرغم من تطور وضعية المرأة الجزائرية فإن النساء الجزائريات ال يزلن يكافحن على مستويات عديدة كه وية المرأة L identité féminine واالعتراف بها إنسانة حرة ومواطنة. فالحراك النسوي الجزائري ال يزال يصطدم بالمقومات القيمية والمعيارية للثقافة الذكورية وبروز خطاب نسوي ال يعني تفكيك النظام االجتماعي القائم. وكما قال آالن توران:»إن على الحراك االجتماعي حمل مشروع لتغيير اجتماعي بمعنى نماذج للممارسات التي من خالها تنتج سلوكيات في المجتمع. وأيض ا )2)) ناصر جابي الجزائر: سنوات بوتفليقة مقاالت في السياسة واالجتماع )الجزائر: دار األمة 203( ص 40. (27) Wassyla Tamzali, Une femme en colère: Lettre d Alger aux Européens désabusés (Paris: Gallimard, 2009), p. 40. (28) Feriel Lalami, «Une réforme en trompe l œil,» Confluences Méditerranée, vol. 4, no. 59 (2006), p. 29. )2)) هشام شرابي النظام األبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي )بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية 993( ص 40.

8 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer تحديد المنافس االجتماعي وإعطاء الحراك ه وية في مشروع حامل لتنظيم اجتماعي جديد وليس التنديد بمطالب محددة فحسب«)3)). ثالث ا: ال مرئية الهجرة غير الشرعية النسوية يفترض هذا البحث أن الهجرة الجزائرية غير الشرعية تظهر بوصفها شكل جديد ا للحراك االجتماعي الحديث في مواجهة الصعوبات التي يلقاها المهاجرون غير الشرعيين للمرور عبر البحر األبيض المتوسط وخاصة الفكرة الشعبية الرائجة والمشك كة في قدرة تحم ل المرأة لهذا النوع من الهجرة. ظهرت بوادر الحراك النسوي للهجرة غير الشرعية في نهاية سنوات التسعينيات بالمنطقة األفريقية من جر اء سياسة تشديد الدخول إلى دول االتحاد األوروبي بعدم منح تأشيرة السفر»الفيزا«.Visa فالم قب ات على الذهاب م رغمات على البحث عن الوسطاء من أجل تجاوز الحواجز للدخول إلى فضاء»شنغن«Schengen وقد استعن بشبكات الهجرة للوصول إلى الضفة األخرى )3)). إجرائي ا يقتصر قبول الدخول القانوني إلى أوروبا على وضعيات محددة كالتجمع العائلي والطلبة والموظفين ذوي الكفاءات العليا وبعض الفنانين. وقد بي نت سويح فريدة في مقالها عن سياسة الهجرة األوروبية المعرقلة لحراك األشخاص خاصة من القارة األفريقية أن أوروبا لم تترك لهؤالء خيار ا سوى الهجرة بالطريقة غير الشرعية )3)) مؤكدة أن غياب عمل رسمي أو ثابت في البلد األصلي يجعل الكثير من النساء غير مرغوب فيهن في نظام الهجرة المعتمد في جب رن على خوض»الح رقة«. تعد ظاهرة»الح رقة«ميداني ا غير مدروسة بصورة كافية هذا ما أشارت إليه عائشة التايب في دراستها لظاهرة هجرة الفتاة العربية غير المشروعة والتنمية في البلدان العربية إذ ترى أن تناول هذه الظاهرة يبقى محصور ا في عدد من المقاالت الصحفية أو بعض الملتقيات في دول المغرب العربي وأن التناول العلمي الجد ي يسج ل حضوره بقوة وبوضوح أكبر في عدد من المبادرات البحثية المنبثقة من مراكز بحث أوروبية )3)). وتؤكد الباحثة غياب اإلحصائيات واألرقام الراصدة للحضور النسائي العربي ضمن حركة الهجرة غير الشرعية نحو الدول األوروبية ومن ثم ال يمكن تقدير الظاهرة كمي ا. وإضافة إلى أنها ظاهرة»ذكورية«في األساس وفق ما يتداوله اإلعام فالسفر من خال طرق محفوفة بالمخاطر يعتبر أمر ا غير شائع بين النساء وال سيما أن أهاليهن وذويهن يسلطون عليهن ضغوط ا بعدم السفر من خال طرق غير مشروعة. فالنساء عموم ا يهاجرن بتأشيرة قانونية لدخول الباد األجنبية ثم يصبحن في وضع غير قانوني بعد انتهاء مدة اإلقامة مباشرة. هذا ما أوضحته بوخبزة نورية عن الخاصية (30) Neveu, p. 63. (3) Françoise Guillemaut, «Femmes africaines migration et travail du sexe,» Contributions Société, vol., no. 99 (2008), p. 00. (32) Farida Souiah, «Les politiques migratoires restrictives: une fabrique de harraga,» Hommes et migrations, vol. 4, no. 304 (203), p. 99. )3)) عائشة التايب»الفتاة العربية والهجرة إلى الجنات الموعودة محاولة في الفهم«عمران العدد )207( 2 ص 2.

9 09 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«الذكورية لظاهرة الهجرة غير الشرعية وكيف يستعمل المصطلح من أجل وصف المهاجرين فيقال»م هاجر سري«أو»ح ر اق«Clandestin وال يقال»م هاجرة سرية«أو»ح ر اقة«Clandestine كأن الرجال وحدهم م ن يجتازون الحدود من دون تصريح باإلقامة )3)). ويشير مهدي مبروك إلى وجود مزيج جنسي مسج ل خال السنوات األخيرة. ورغم هذا تبقى الهجرة غير الشرعية عموم ا ذكورية ف»الح رقة«تفرض على المرأة أن تكون مراف قة خال مغامرتها وسفرها والثقافة التقليدية قد أعاقت لفترة طويلة انخراطها في تيار الهجرة )3)). وتشير دراسة لجريدة الحرية في عام )3)) 2008 عن الهجرة السرية الجزائرية إلى وجود نساء في مغامرة»الح رقة«ولم تتوقف الصحف عن تداول»الح رقة«وعن وجود»الحراقات«بالقوارب عند قبض شرطة السواحل الجزائرية على ممارسيها. ورغم أن اإلحصائيات الموثوقة حول الظاهرة نادرة فإنه في إمكاننا عرض بعض الوقائع التي تبرز فيها المرأة فاعل في الظاهرة )3)) وتهم هذه الوقائع عام 207 ففي ليلة 5 تشرين األول/ أكتوبر تم إفشال محاوالت 66 مهاجر ا سري ا بالمنطقة الغربية من بينهم 3 نساء وفي 2 تشرين األول/ أكتوبر تم إحباط محاوالت هجرة سرية من شاطئ سبيعات عين تموشنت ل 6 شاب ا من بينهم امرأة حامل في شهرها السابع وسنها 34 عام ا وفي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر تم توقيف 54»حر اق ا«من بينهم 4 نساء بوالية مستغانم. لقد ص دم المجتمع الجزائري في بداية عام 208 بتصريح الصحف والقنوات التلفزية الخاصة عن موت»الح راقات«في مغامرات محاولة عبور غير قانونية نحو أوروبا إذ القت شابتان»ح ر اقتان«حتفهما غرق ا في البحر. تنحدر الشابة األولى من والية الشلف ويبلغ عمرها 7 عام ا وكانت ترافقها في المغامرة أختها البالغة من العمر 25 عام ا والثانية من والية مستغانم تبلغ من العمر 25 عام ا بينما استمر البحث عن سيدة حامل كانت على متن القارب. نتلمس هنا خطورة»الح رقة«واحتمال تعرض»الح راقات«للموت في البحر ف»الحراقة«بصفة عامة ال يهمهم المكان الذي يموتون فيه ذلك أن النتيجة هي نفسها. وقد عب روا عن ذلك بشعار»ي اك ل ن ي ح وت ل ب ح ر و م ا ي اك ل ن يش د ود ل ق ب ر و م اش ي ح ر قة ل ي ت ق ت ل ه ذ ا م ك ت وب ر ب ي«)يأكلني حوت البحر وال يأكلني دود القبر وليست الح ر قة هي سبب الموت بل قضاء الله وقدره(. على الرغم من بروز مؤشرات عديدة تدل على تزايد أعداد»الح راقات«وإيقاف الكثير منهن أثناء محاولتهن اجتياز البحر فإن الظاهرة ال تزال موصومة اجتماعي ا ومعت م ا عليها رسمي ا أو شبه رسمي. فعند قيامنا بالبحث الميداني اتصلنا بأحد موظفي مكتب الهجرة بإحدى واليات غرب الباد وطرحنا عليه أسئلة حول ظاهرة»الح رقة«فلم يتحدث عن المرأة ضمن هذه الظاهرة وعند إصرارنا على (34) Noria Boukhobza, «Les filles naissent après les garçons: Représentations sociales des populations d origine maghrébine en France,» Revue Européenne des Migrations Internationales, vol. 2. no. (2005), p (35) Mehdi Mabrouk, Voiles et sel, culture, foyers et organisation de la migration clandestine en Tunisie (Tunis: Sahar, 200), p. 36. (36) Djazia Safia, «Les femmes s y mettent aussi,» Le journal Liberté, 3/2/2008. )3)) تم جمع هذه اإلحصائيات استناد ا إلى مجموعة من المقاالت الصادرة في الجرائد الوطنية الخبر Liberté El watan.le Quotidien d Oran

10 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer وجودها بذكر بعض المقاالت الصحفية شد د على هامشيتها معتبر ا الهجرة غير الشرعية ظاهرة ذكورية وأن مشاركة المرأة هي من باب المصادفة ال غير إذ إن»الح رقة«في رأيه تنتقص من مكانة المرأة وأنوثتها»ل م را ل ي تح ر ق م اش ي إ م ر أ ة أ ص ا و الم ج ت م ع ل ي تح ر ق ف يه لم ر ا م ا ب ق ا و ال و ف يه ر ان ي ن س ت غ ر ب م ا ح ش م ت م ن ع اي ل ت ه ا و ال م ن و اح د و ر اك ي ع ار ف ا ه ذ و ن س ا ر اه وم ب اي ن ين «)المرأة التي تقوم بالح ر قة ليست امرأة أصل والمجتمع الذي توجد فيه هذه المرأة لم يبق فيه شيء أستغرب أنها لم تستح من عائلتها أو من أي شخص آخر أعتقد أنك تعرفين تلك النوعية من النساء(. لهذا تندرج ظاهرة الهجرة غير الشرعية النسوية ضمن الظواهر المعروفة في مجتمعنا بالتابوهات فهي تتعلق بالممارسات غير القانونية لألفراد الموصومين اجتماعي ا وتصنف في إطار الميدان الحساس Terrains Sensibles كما تصنفها المؤسسات الرسمية بالفئة الجانحة أو الخارجة عن المعايير )3)) Hors Normes. رابع ا: لماذا يذهبن انطلقنا من بعض األسئلة لفهم معنى الهجرة عند»الح راقات«: ماذا تمثل أوروبا في مخياتهن ما مدى قبولهن في وسط»الح راقة«وما مدى تحملهن المجازفة وركوب الخطر لنجاح»الح رقة«نبدأ بمقولة عبد المالك صياد الذي يرى أن الهجرة هي»ذهاب الم هاجر مع قصته«)3)) فالم هاجر يذهب مع كل ما يحمله بداخله من لغة وتقاليد ودين وفكر وعاطفة وتمثات فيجب التحدث عن حاالت الدراسة في إطار بلد االنطاق وبلد االستقبال L émigration l immigration ومن الضروري معرفة قصة تلك»الح راقة«التي وضعتها في ذلك المسار والتي نستطيع من خالها فهم ظروف قرارها في بناء مشروع وصولها إلى الضفة األخرى. تنقسم الدوافع التي من أجلها تمارس النساء حاالت الدراسة»الح رقة«إلى صنفين: أسباب اقتصادية وأسباب غير اقتصادية. فالدوافع االقتصادية ترتبط برغبة الفاعات في تحسين نوعية حياة عائاتهن ما يكسبهن مكانة اجتماعية مرموقة ويعزز موقعهن في المجتمع األصلي. ويحيل الدافع االقتصادي الذي صرحت به»الح راقات«على فكرة ضمان المستقبل المادي عند رجوعهن إلى الوطن بامتاك منزل وإنشاء مشروع خاص وهذه الوضعية المادية الميسورة ال يستطعن تحقيقها ببقائهن في البلد األصل طوال حياتهن. أما الدافع غير االقتصادي فيختلف من حالة إلى أخرى إذ إن التعرض ألزمة مفاجئة في حياة»الح راقة«كالطاق والح مل خارج إطار الزواج والعنف األسري يؤدي إلى الرغبة في تحقيق حلم الهجرة. يدل كل هذا على ثراء التنوع في دوافع الهجرة غير الشرعية بالنسبة إلى الفاعات ويوحي بتفرد حاالت الدراسة فا نجد تشابه ا فيما بينها لكن في المقابل نجد أنهن يتفقن في هدف واحد هو تحقيق حياة أفضل في مجتمع آخر. تؤكد بولين كرنييه أن الذهاب من خال الهجرة يتم تحت (38) Florence Bouillon, Marion Fresia & Virginie Tallio, «Les terrains sensibles à l aune de la réflexivité,» in: Florence Bouillon, Marion Fresia & Virginie Tallio (dir.), Terrains sensibles expériences actuelles de l anthropologie, centre d études africaines (Paris: École des Hautes Études en Sciences Sociales EHESS, 2006), p. 4. (39) Sayad, p. 8.

11 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«تأثير تجربة الفاعلة للظلم والتهميش أكثر من المطالبة بحرية الحراك الدولي بوصفه حق ا إنساني ا )4)). وال يمكن عزل الدوافع بعضها عن بعض وحصرها في دافع معين كجانب اقتصادي فقط أو اجتماعي أو ثقافي أو سياسي بل تستنتج كلير إسكوفيي أن دوافع الهجرة معقدة ومتعددة ومتداخلة وقرار الهجرة غير الشرعية ليس نتيجة دوافع فردية فحسب ولكنه محاولة للتملص من النظام االجتماعي وثقافته )4)).. الهروب من الوصم والرقابة االجتماعية بدأ مشروع الهجرة غير الشرعية عند وهيبة»الح راقة الم حترفة«بعد انفصالها عن زوجها إذ رفضت األسرة وضعيتها الجديدة باسم العيب وأقاويل الناس. بعد خوضها معركة إدارية بالمحكمة التجأت إلى الخلع كان هذا مطلب ا جديد ا للمجتمع ففك الرابطة الزوجية بيد الزوج وسلطته )الع ص م ة( وليس بيد الزوجة وتطليق الرجل غير معترف به اجتماعي ا»ر ان ي م ط ل ق ة ح ت ى و اح د م ا ي ب غ ي ب ن ت ه ت ك ون هجالة )4)) ه اك ر اه م ي س م ون ي«)إنني مطلقة ال أحد يحب أن تكون ابنته مطلقة إنهم يسمونني هكذا( فالمكانة االجتماعية التي أصبحت تحملها وهيبة نجم عنها ردة فعل عنيفة من األسرة ألنها استعملت الخلع بعد أن رفض زوجها منحها الطاق فحم لها الجميع مسؤولية تفكيك األسرة )هي التي أرادت الطاق(. فهي في نظر المحيط أصبحت كما قالت:»ر ان ي ن ت اع ك ل ر ج ال» )إنني م لك لكل الرجال( فريسة يريد كل أحد اصطيادها لتعرضها عدة مرات لمضايقات من زماء العمل. وفي هذا السياق تطرقت شادية عراب إلى النساء اللواتي يذهبن بمفردهن وغالب ا ما يكن في وضعية صعبة في بلدهن األصلي قبل الذهاب )4)) وهذا ما يميزهن من الرجال في الهجرة وألسباب مغايرة ومختلفة. فالهجرة غير الشرعية النسوية تعتبر هي الحل الوحيد لمشكاتهن ونستطيع أن نفكر في وجود فئة من النساء المهيآت لها واللواتي يكن مطلقات أو أرامل أو عازبات. أما هوارية»العانس«فتجربتها مختلفة إثر الوضعية الخاصة التي تعيشها وهي تأخر فرصة زواجها»الج ير ان ي ع ي ط ول ي ب اي ر ة )4)) و ك ل م رة ي س ق س ون ي الف ام يل ي ا و الن اس ع ا ش م ا ت ت ز و ج يش ك ر ه ت ك ل ي أ ن ا م اب اغ ي اش ن ت ز و ج» )الجيران يسمونني العانس واألقرباء يسألونني دوم ا لماذا لم أتزوج حتى اآلن سئمت كأنني أنا التي لم أرد أن أتزوج(. تمثل العنوسة دافع ا قوي ا إلى الهجرة بالنسبة إلى المرأة التي يكون سن ها عائق ا لها أمام الزواج والهروب من هذه المكانة يدفع الكثيرات إلى الموافقة على أشياء كثيرة من أجل الزواج كخوض مشروع الهجرة السرية لت تاح لهن فرصة اختيار زوج المستقبل بكل حرية في مجتمع جديد با قيود. وحتى الم طلقة تنتهز الفرصة من خال ذهابها لكي تبتعد عن عائلتها. (40) Pauline Carnet, «Passer et quitter la frontiere, les migrants africains clandestins à la frontiere sud espagnole,» Thése de Doctorat, D Anthropologie Sociale, l Université de Toulouse Le Mirail, Toulouse, 20, p. 66. (4) Claire Escoffier, «Communauté d iténérance et savoir circuler des transmigrant es au maghreb,» Doctorat de sociologie et sciences sociales, Université de Toulouse 2, Toulouse, 2006, p )4))»اله جالة«هو مصطلح باللهجة العامية والذي يشير إلى المرأة التي ط لقت من زوجها. (43) Chadia Arab, les Ait Ayad: La circulation migratoire des marocains entre la France, l Espagne et l Italie (Rennes: Presses Universitaires de Rennes, 2009), p. 99. )4))»ب اي ر ة«هو مصطلح باللهجة العامية يشار به إلى المرأة العانس.

12 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer فذهاب هوارية كان من أجل اختيار الزوج المائم من دون قيود وإن لم تستطع الزواج فستعيش بالطريقة التي تريدها ولها الحق في اختيار مسار حياتها:»ب غ يت ن ر وح و ن ب ن ي ح ي ات ي ك يم ا ن ب غ ي و ن خ ي ر ر اج ل ل ي ن ب غ ي ل ي ي ع ج ب ن ي م اش ي ل ي ع ج ب و ال د ي ا و ال ن اس و س ي ف وا ع ل ي ا و اح د م ط ل ق و ال م ر ت ه م ي ت ا ع ا خ اط ر ش ر ان ي ك ب ير ا و ب ر ت ر اه م ي ش وف ون ي ه اك» )أردت الذهاب لبناء حياة جديدة واختيار رجل بحسب رغبتي وليس بحسب اختيار والدي واآلخرين فبسبب سني سأ رغم على الزواج من مطلق أو أرمل ألني عانس هم ينظرون إلي هكذا(. بسبب كبر سنها فإن الفرص التي تتاح لها للزواج ستكون من الرجال المتقدمين في السن وهم أرامل أو مطلقون خاصة إنهم يجدون حظوظ ا أوفر لقبول العانسات لهم وهي الفرصة األخيرة لحصول العانس على لقب متزوجة ألن هؤالء الرجال يفضلون إعادة الزواج من النساء»أبكار ا«ومتقدمات في السن )ما بين أربعين وخمسين سنة( فهم ال يبحثون عن اإلنجاب بل يريدون من يعتني بهم في شيخوختهم ومواصلة ممارسة جنسانيتهم ممارسة طبيعية. ولكن في المقابل فإن هذا الواقع يحرمهن من حقهن في األمومة وأيض ا في الميراث لكن من خال الوضعية نفسها في بلد آخر قد يتزوجن من مسنين ويحصلن على اعتبارات أخرى. حالة أمينة»األم العازبة«هي فتاة ككل الفتيات الجزائريات نشأت في محيط يجعل الزواج هاجس المرأة األساسي. بفشلها الدراسي في المستوى الثانوي أصبح وقت فراغها كبير ا فهذه الظروف ساعدت على تكوين عاقة مع شاب ككل فتاة في سنها. انتهت عاقة حب أمينة بالعاقة الجنسية فكانت زوجته وكان زوجها بحسب تعبيرها إذ كان ينفق عليها ويشتري لها األلبسة وأشياء أخرى وكانا دوم ا على اتصال مباشر كل لحظة عن طريق الهاتف»ك ان ي ع ي ط ل ي م ر ت ي و أ ن ا ر اج ل ي ك ان ي ق ول ي ك ي ن ل ي م د ر اه م ن ت ز و ج وا ك ان ي ش ر يل ي م ت ه ل ي ف يا خ ير م ن د ار ن ا ك ان ت ت ب ال ي ن ور م ال ن ر وح م ع اه ع ل خ اط ر ش ي ب غ ين ي ب ص ح ك ي ح م ل ت ك ل ش ي ت ب د ل» )كان يناديني بزوجتي وأنا أناديه بزوجي كان يهتم بأموري أحسن من أسرتي فمن الطبيعي أن أذهب معه وأتعامل معه كأنه زوجي لكن بعد اكتشاف الحمل تغير كل شيء(. إن تخل ي الشريك عن أمينة وضعها في ورطة خاصة عند اكتشافه حملها الذي هو دليل ارتكابها»الغلطة«بفقدانها عذريتها وحملها خارج إطار الزواج. تعتبر أمينة الفضيحة مضرة جد ا باألسرة وال يمكن تحم لها في مجتمع يفتعل األقاويل الكثيرة والشتم والرفض وعند دخول العار إلى العائلة يصيب كل شخص ينتمي إليها صغير ا كان أم كبير ا با استثناء )4)). وعند وقوع أمينة في الحمل وجدت نفسها وحيدة أمام أسرتها والمجتمع الذي لم تحترم تقاليده وأعرافه ولم تحافظ على عذريتها وشرف العائلة فأصبحت الفتاة الملقبة ب»أ م الف ر خ أ م الم ل قط «)أم اللقيط( هذا اللقب الذي يوحي بالشتم والرذيلة ويصم هذه األم العازبة ويتفق مع رموز الثقافة الشعبية. فعند نعت امرأة غير مرغوب فيها يجري استعمال كلمات شتم لها عاقة بالجنس تشير إلى ممارستها الجنس خارج إطار الزواج الشرعي فالهدف هو نعتها بشيء رذيل لمعاقبتها. في سياق هذه الفكرة يعر ف بيترسون الوصم بالنسبة إلى المرأة بالقول إن العاهرة»عامة العار أو المرض المفروضة على المرأة الفاضحة«ويضيف أن صورة العاهرة تتعلق أكثر بتجاوزات المرأة لرموز (45) Badra Moutassem Mimouni, Naissances et abandons en Algérie (Paris: Editions Karthala, 200), p. 27.

13 3 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«التمييز الجندرية مقابل العمل في الجنس الفعلي فيتعلق األمر مثل بالسفر بمفردها باالستقالية االقتصادية بطريقة اللباس أو بالعمل السياسي )4)). فبالنسبة إلى بيترسون فإن تجاوز المرأة لألدوار االجتماعية التقليدية كان وما زال يجعلها تسمى»العاهرة«. وهذا ما صر حت به أمينة إذ إن ذهابها هو بسبب الوصم الذي سيلحقها طوال حياتها وطفلها أيض ا»ح ت ى و اح د م اغ اد ي ي ف ه م ن ي ب ل ي ك ن ت ن ح ب ه و ي ح ب ن ي ح اج ة ل و ال غ اد ي ي ق ول وه ا ب ل ي د ر ن ا ح ر ام و ع اي ل ت ه م ا ي ق ب ل ون يش و أ ن ا ب الك ر ش ن ر وح ل س ب ان ي ا ب اش ن ول د و ل د ي و ن ع يش ه ان ي ا ب ع يد ع ل ى الم ش اك ل» )ال أحد سيتفهمني أني كنت أحبه ويحبني سيصدرون مباشرة حكم ارتكابنا الزنا ولن تقبلني أسرته وأنا حامل سأذهب إلى إسبانيا أللد ابني وأعيش هانئة بعيد ا عن المشاكل(. حالة آمال تأخذ شكل آخر إذ كانت هجرتها غير الشرعية بعد إصدار حكم في حقها بصفتها»زوجة ناشز«لرفضها الرجوع إلى بيت زوجها. فنفوذ زوجها واستخدامه للحيل القانونية وعجزها عن إثبات تعرضها للعنف منه أدى إلى عكس وضعيتها من ضحية إلى متهمة»ك ي ر ب ح ر اج ل ي ف ل م ح ك م ا ك ن ت ح اب ا ن ه ب ل م اق د ر ت ش ن ر ج ع ل ع ن د وا ك ان ي س ب ن ي و ي ض ر ب ن ي و ل ن اس ي ق ول ل ه م ر ان ي ح اب ز و ج تي و م ان ط ل ق ه ش خ ف ت ي ز يد ي ح ق د ع ل ي ا ك ي ن و ل يل ه ب ص ح ه و ر ج ع ن ي ز و ج ة ع اص ي ا«)عندما ربح زوجي القضية ضدي ك دت أجن ال أستطيع الرجوع إليه كان يسب ني ويضربني وكان يقول للناس إنه يحبني ولن يطلقني خ فت أن يحقد علي حين أعود إليه وينتقم مني لكنه جعلني في نظر الجميع زوجة عاصية(. تتعرض الكثير من النساء للعنف األسري وهو سلوك ت ستخدم فيه القوة إللحاق األذى الجسدي ويكون العنف موجه ا نحو أحد أفراد األسرة كالذي يقع بين الزوجين )4)). إن ظاهرة الزوجات المعن فات التي تعكس الواقع المعيش للنساء في المجتمع الجزائري تؤكدها بعض اإلحصائيات التي صرحت بها الجهات الرسمية كمديرية الشرطة القضائية إذ إن 7586 امرأة كانت ضحية العنف )الجسدي والجنسي وسوء المعاملة( في عام 207. وتقد ر نسبة العنف المعلن عنه والواقع في الوسط األسري ب في المئة ويصنف الزوج في المرتبة الثانية مرتك ب ا للعنف. ال تشير أرقام السنوات األخيرة إلى أن الظاهرة في تراجع )4)) بل يبقى العدد داال على انتشار الظاهرة في المجتمع وأيض ا ال يعكس الوضعية الحقيقية للمرأة في بعض المناطق )الريفية والصحراوية( النتمائها إلى مجتمع تقليدي ترفض فيه تقديم شكوى ضد زوجها بسبب الضغوطات االجتماعية التي تتعرض لها وخوفها من أن تصبح مطلقة فت حرم من أطفالها فضل عن تبن ي المجتمع لثقافة تعطي السلوك العنيف مع المرأة قيمة اجتماعية بل تعتبره تهذيب ا للمرأة وليس عنف ا فتذعن المرأة بسبب عجزها عن الدفاع عن نفسها ونظرتها الدونية إلى نفسها. (46) Gail Pheterson, Le prisme de la prostitution (Paris: L Harmattan, 200), p. 95. )4)) حلمي جال إسماعيل العنف األسري )القاهرة: دار قباء 994( ص 8. )4)) تم تسجيل 9663 حالة عنف ضد المرأة في عام 205 و 844 حالة في عام 206.

14 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer تصف موضي الزهراني المرأة المضطهدة ب»المسلوبة والمأمورة في عاطفتها وإرادتها وجسدها التي تبحث عم ن تلتجئ إليه لكي تطالب بحقوقها وتدافع عنها لكنها تواجه تهاون النظام األمني والحقوقي تجاه مطلب النساء بالحماية والذي يتحول إلى دافع قوي الستمرار الرجال وتكرار عنفهم«)4)). لهذا صدم آمال صدور حكم في حقها بإجبارها بالرجوع إلى بيت الزوجية رغم تعرضها للعنف فترى أن القانون )5)) وأسرتها ال يستطيعان حمايتها من المعاناة النفسية والجسدية التي ستتعرض لها لو عادت إلى زوجها فكان قرار الهجرة غير الشرعية فرار ا من وضعية غير محتملة. وقد كشفت ميرجانة موروكفاسيك من خال دراستها الهجرة النسوية أن دافع الهجرة عند النساء ي برز الطبيعة التعسفية والتمييز الجنسي بين الرجل والمرأة في بلدان االنطاق )5)). كانت الهجرة بالنسبة إلى كاتيا»المتمردة«بمنزلة مواصلة لما بدأت تحقيقه في مجتمعها وهو رفضها االمتثال لما هو متفق عليه اجتماعي ا كأن تكون زوجة فتصبح ملك ا لرجل والخضوع لمعايير ثقافية تبقيها مقيدة. ولكن السبب المباشر لتمردها كان عاقة جنسية خارج إطار الزواج لتدرك بالعقاب الذي وقع عليها أنها أصبحت موصومة ومرفوضة من الوسط االجتماعي»ع ا ب ال ي و اش ر اه م ي ح ك و ع ل يا ب ل ي أ ن ا خ ام ج ا و ن ر وح م ع ر ج ال ب ص ح أ ن ا ر ان ي ب اغ ي ا ن ع يش ك يم ا ن ب غ ي ي ك ون ع ن د ي ر اج ل ب ص ح م ا ن ت ز و ج ب يه م اي د ر ن يش ف ل ح ب س ر ان ي ن ت اع ه «)أدري جيد ا ماذا يقولون عني بأنني أذهب مع الرجال أنا أريد أن أعيش كما أحب وال أريد أن أتزوج لكي ال يضعني رجل في بيته كالسجينة(. تبقى عذرية المرأة مراق بة فهي ليست ملك ا لها بل ت عد أمر ا خاص ا باألسرة والمجتمع وال يحق لها التصرف فيه وهي ليست خيار ا شخصي ا أو قناعة فردية بل تندرج ضمن القيود االجتماعية. في هذا السياق تصف إيزابيل شاربونتييه ممارسة بعض النساء )المتحضرات والحامات للشهادة والعامات( سرية الجنسانية النسوية )5)) La Clandestinité de la Sexualité.Féminine فاستمرار كاتيا في بناء مشروع»الح رقة«واستخدامها إستراتيجيات إلنجاح مغامرتها هو دليل على مواصلتها المسار نفسه مسار ممارستها جنسانياتها واتخاذها قرارات تتعلق بحياتها لإلفات من مكانة الزوجة التي ترفض أن تحشر فيها. نستنتج أن بداية التفكير في الهجرة بجد ية كان بسبب هذه الوضعية المتأزمة التي تتخبط فيها حاالت الدراسة وتعرضهن الدائم للضغوط االجتماعية فهن لم يجدن حل آخر سوى الهجرة غير الشرعية. وبالنسبة إليهن ال توجد فرصة لحياة الئقة بسبب دونية مكانتهن في المجتمع. وتعتبر شادية عراب أن )4)) موضي الزهراني نساء مضطهدات )بيروت: مؤسسة االنتشار العربي 20( ص. )5)) وضعت السلطات الجزائرية قوانين لحماية المرأة من العنف المنزلي كما يشار إليه في قانون األسرة لعام 2005 إذ تنص المادة )53( على حق المتزوجة في طلب الطاق في حالة الضرر. رغم هذا يعجز الكثير من النساء عن إثبات العنف الجسدي والمعنوي والجنسي بأدلة مادية كوثيقة الشهادة الطبية. (5) Mirjana Morokvasic, «Emigration des femmes suivre, fuir ou lutter,» Cahiers Genre et Développement, no. 5 (2005), p. 58. (52) Isabelle Charpentier, «Rituels de protection de la virginité féminine et nuits du sang dans la littérature (Franco Algérienne),» in: Lachheb Monia (dir.), Penser le corps au Maghreb (Paris: Editions Karthala, 202), p. 23.

15 5 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«هذا النوع من الهجرة ال يتوقف على العامل االقتصادي بل هي هجرة بسبب الضغط االجتماعي الذي تتعرض له النساء والذي يثير رغبتهن في الهروب من البنية االجتماعية ومناخها المعادي للمرأة )5)). 2. مشروع اقتصادي أسري إن األسرة التي تنتهج إستراتيجية البقاء تحاول أن ترشح أحد أفراد األسرة أو أكثر لانخراط في نظام هجرة األيدي العاملة آملة أن يظل المهاجر على اتصال وثيق بأفراد أسرته الذين تركهم وراءه وذلك من خال الزيارات والتحويات المالية بصفة خاصة. فالهجرة هي إستراتيجية أسرية تتوافق مع تنويع مصادر الدخل أكثر منها مع تحقيق أقصى دخل ممكن وذلك للتقليل من المخاطر مثل: البطالة والتقاعد المبكر والمرض... إلخ ما يزيد اإلحساس»بالحرمان«)5)). فكلما قلت العدالة في توزيع الدخل في مجتمع ما زادت الحوافز لحدوث مزيد من الهجرة. فتشرح ميريان مندوزا أن األسرة هي المحرك األساسي لقرار الهجرة وكأن هذا القرار تحدده األسرة ألجل حمايتها من مختلف المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها ومن اضطرابات سوق العمل )5)). ذلك أن إرسال أحد أفراد العائلة أو أكثر للعمل في سوق العمل األوروبية يعتبر طريقة لتفادي هذه األخطار والتصدي لها بتعدد مصادر الدخل. تكشف حالة فتيحة»البطالة«التي عند لقائنا بها وسردها لسبب هجرتها بدت مستاءة من وضعيتها قبل ذهابها فقد كانت محتاجة إلى العمل من أجل مساعدة عائلتها بعد إنهاء دراستها وحصولها على شهادة الليسانس لكن الواقع كان عكس ما كانت تطمح إليه.»د ر ت ل ي د م ون د ر ح ت ك ام ل اإل د ار ات ل ق يت بال يب ان م ب ل ع ين ف ي و ج ه ي ي ب غ و الر ش و ة و العر ف ح ت ى ت ش غ يل الش ب اب م اح ك م ت ل يش» )قدمت العديد من الملفات لطلب العمل لكن كل األبواب كانت مغلقة في وجهي كانت المحسوبية والرشوة من شروط التوظيف وحتى»تشغيل الشباب«لم أتحصل على فرصة فيه(. يظهر الدافع االقتصادي بوصفه محرك ا أساسي ا لقرار الذهاب والذي تدعمه األسرة فيصبح مشروع الهجرة اقتصادي ا أسري ا يستثمر فيه أحد أعضاء األسرة من أجل تحسين شروط الحياة. فالمرأة أصبحت هي األخرى تقوم بهذه المهمة بوصفها استثمار ا عائلي ا من خال الهجرة غير الشرعية لتلبية حاجات األسرة الباقية في البلد األصلي وهذا لمساعدتهم في بناء منزل وتدريس باقي أطفال العائلة أو المساهمة في إنشاء مشروع تجاري )محل للبيع(. في السابق كان الذكر هو من يقوم بهذه المهمة المحددة من خال انخراطه في تيار الهجرة نحو فرنسا وهذا ما أشار إليه عبد المالك صياد في العمر األول من الهجرة الجزائرية التي عرفها المجتمع في فترة االستعمار الفرنسي )5)). إن هذا النوع من (53) Chadia Arab, «Emergence de circulations migratoires féminines des marocaines vers de nouvelles destinations, l Espagne et les émirats arabes unis,» Revue d études et de critique sociale (Naqd), vol., no. 28 (Automne Hiver 200), p. 85. )5)) ترتبط هذه الفكرة بنظرية الحرمان النسبي لستارك وتايلور )989(. (55) Myrian Mendoza Carbajal, «Actrices de l ombre, La réappropriation identitaire des femmes latino américaines sans papiers,» Thèse de doctorat, Faculté des Lettres, Université de Fribourg, Suisse, 2004, p. 2. (56) Sayad, p. 66.

16 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer المشاريع»االقتصادي األسري«يخفي إلى حد كبير الطابع الفردي للهجرة النسوية فالم هاجرة تأخذ شكل الم ضح ية من أجل اآلخرين )الوالدان واألخوة( إلخراجهم من الوضعية االقتصادية المتأزمة والصعبة التي يعيشونها ولحمايتهم مادي ا وتوفير شروط حياة أفضل لهم. يمكن أن تكون الزوجة م شاركة في ظاهرة»الح رقة«ومساندة لقرار مشروع الهجرة لزوجها ومراف قة له وهنا يصبح مشروع الهجرة أسري ا محض ا. وهذا ما الحظناه في حالة فطيمة»المراف قة«التي شاركت زوجها في مغامرة»الح رقة«من أجل تحسين األوضاع االقتصادية لألسرة فكان القرار مشترك ا ومدعم ا من العائلة الكبيرة واألقارب»ر ح ت م ع ا ر اج ل ي م ك ن ت ش ب اغ ي ا ن ق ع د و ح د ي ح ت ى ف ام يل ت ه و ف ام ل تي ق ال ول ه ت ر وح م ع اك ب اش ت خ د م و ن د ير و»les papiers )ذهبت مع زوجي لم أكن أريد البقاء وحدي حتى أسرته وأسرتي أيدتا هجرتي لكي نعمل ونحصل على الوثائق الرسمية(. لقد كان خوف أسرة فطيمة من الوقوع في أزمة اقتصادية بسبب ضعف أجرهم وتقهقر قدرتهم الشرائية هو ما دفعهم إلى الذهاب»ب س يف ع ل ي ا ن ع او ن ر اج ل ي و ل ت نج ار ا م ات ع يش ف ل ب ا د خ ر ج ت ن خ د م ع ن د ]أفوكات[ Avocat ب ص ح ح ت ى ح اج ة م ات س ق م ت ك ل ش ي ر اه غ ال ي«)أنا مرغمة على مساعدة زوجي مادي ا فمهنة النجارة ال تطعم خبز ا في هذه الباد فخرجت للعمل منظ فة بمكتب محاماة لكن لم تتحسن وضعيتنا بسبب ارتفاع األسعار(. إن وجود الفرد في وضعية مهم شة لسنوات في عمله بمجال ح ر في ضعيف الدخل أو بالقطاع غير الرسمي يجعله ال يستطيع بناء ما يطمح إليه. لهذا ترك ز حاالت الدراسة اهتمامها على السعي للهجرة غير الشرعية تحت دعاية األزمة االقتصادية في الباد وإمكانية الحصول على عمل في بلد الهجرة )5)) وقناعتهم الشديدة بأن ما يحصلون عليه من أجر )5)) في بلد المهجر سيحقق لهم ما يصبون إليه ومن ذلك مساعدة العائلة في البلد األصلي. اعتبر برنار فورغي الم هاجرة غير الشرعية عبارة عن»فاعلة اقتصادية«فهي م دركة للربح الذي ستجده من عملها في بلد االستقبال وهكذا يوج ه العامل االقتصادي إستراتيجية الفاعلة أكثر من العوامل األخرى )5)). اكتشفنا مساندة األسرة ل فتيحة»حالة البطالة«في مشروعها هو حالة نادرة فتمويل هجرة األبناء عبارة عن استثمار مهم للكثير من األولياء وأيض ا ألعضاء آخرين من العائلة )إخوان وخاالت وأعمام... إلخ( يساهمون بمبالغ مهمة )6)). فالمهاجرات اللواتي يستفدن من هذا الدعم العائلي ألجل )5)) حاجة االقتصاد الباطني في البلدان األوروبية إلى اليد العاملة الرخيصة تتآلف مع تدفقات الهجرة الدولية بصفة غالبة من المهاجرين غير الشرعيين إذ تتيح الفرصة أمام تعبئة األيدي العاملة استجابة لطلبات أرباب العمل تفادي ا للتكاليف االجتماعية أو اإلجراءات لحماية المهاجرين. )5)) فارق الدخل عندما يكون أكثر من الضعف من هذا يكفي أن يضاعف تواصل التدفقات ما بين الدول المجاورة ومن البديهي أن ضخامة الفوارق الديموغرافية واالقتصادية بين الدول المتطورة ودول العالم الثالث والمشكات النقدية )العملة الصعبة( كلها عوامل تزيد الضغط نحو االنطاق وتنمي أكبر تدفق للهجرة غير الشرعية. (59) Bernard Forget, Los clandestinos: Mode d emploi (Paris: Edition ACADEMIA, 2004), p. 68. )6)) ق د رت تكلفة مشروع»الح رقة«ب 0 مايين دينار جزائري.

17 7 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«الذهاب واعيات بهذه المسؤولية وبالرهان الذي يقع على عاتقهن )6)). أما فطيمة»المرافقة«التي أعلنت عن مشروع»الح رقة«فكانت في حيز ضيق لم تعارضه العائلة وال األصدقاء وهذا لتفه مهم دوافعها وتقب لهم لها بما أنها ترافق الزوج )المحرم بالمفهوم الديني(. فهو الذي يمنحها الحماية االجتماعية وأيض ا يكون المسؤول األول عن قرار مشروع»الح رقة«وتنفيذه وهذا يدل على أن المجتمع الجزائري يرفض الهجرة النسوية غير الشرعية بصفة خاصة والهجرة النسوية الفردية بصفة عامة ما عدا في حالة الهجرة مع أحد أفراد األسرة أو االلتحاق بهم في بلد الهجرة. 3. األم الم عيلة عندما تصبح األم هي الداعمة المادية الرئيسة لألسرة والمزودة الوحيدة للدخل من أجل ضمان البقاء االقتصادي لألسرة يمث ل مفهوم»الم عيل«معيار ا لقياس السلطة وتحديد نوع العاقة التي تربط الزوج والزوجة وعلى نحو أوسع على نطاق المجتمع بأكمله. فالطبيعي أن يكون الداعم األسري في المجتمعات التقليدية هو الرجل»معيل األسرة«الذي يعمل لكسب المال لتوفير الحاجات األساسية للعائلة ورغم ذلك فالمرأة تشارك بعملها في األرض والحقول أو في الصناعة الحرفية بوصفها فاعلة اقتصادية. كما أن عبارة»رب األسرة«تعني أنه هو الذي يتخذ القرارات المهمة وهو الذي يمثل أسرته في مجتمعه فالرجال هم الذين يضطلعون بهذا الدور. أما في المجتمعات الحديثة فقد أخذ تقسيم العمل شكل جديد ا داخل األسرة إلى درجة أن الرجل والمرأة يشتركان في كل األدوار تقريب ا. لكن عندما تهاجر األم وتصبح المعيل الوحيد لألسرة تعيد تشكيل األدوار الجندرية فإعادة إنتاج دور رب األسرة للزوج ينتقل إلى األم بفعل هجرتها فيصبح األب يرعى أطفاله ويهتم بأمورهم في بلد األصل واألم المهاجرة ت رسل المال لسد حاجاتهم الحياتية. نجد أن سميرة»الم عيلة«كانت م رغمة على الهجرة غير الشرعية بسبب وقوع زوجها في البطالة. فخروجها للعمل لم يحس ن من وضعية عائلتها أمام الحاجة المستمرة لتلبية متطلبات طفلها والمنزل وحتى الزوج أصبح عبئ ا عليها. فلم تجد حل آخر للوضع االقتصادي الصعب سوى ذهابها لتحسين معيشة األسرة ودعم تمدرس طفلها فهي واعية بمدى أهمية تحقيق التوازن داخل المنزل من خال توفير دخل مادي ثابت يصعب من دونه ضمان مستقبل أفضل لطفلها وحياة كريمة لألسرة»ك ن ت م غ ب ون ة ر اج ل ب ل خ د م ا و الص غ ير خ اص ه الم ص ر وف و ل يت ب س يف نخ د م ف ي الد ي ار ب اش ن ع يش وا«)كنت أعاني كثير ا فالزوج با عمل والطفل صغير فأصبحت م رغمة على العمل خادمة في البيوت ألجل سد حاجات األسرة ومن أجل أن نعيش(. إن عمل خادمة في البيوت ال يكسب ماال للعيش في ظروف مائمة فرغم الجهد الكبير المبذول كان المقابل زهيد ا والمسؤولية كانت كبيرة أعباء المنزل والطفل والزوج فأصبحت هي المسؤول والراعي الوحيد لألسرة ومن ثم تحو لت رغم ا عنها إلى (6) Papa Sakho & Fatou Binetou Dial, «Migration clandestine féminine, étude de cas de Dakar et sa banlieue,» Consortium for Applied Research on International Migration «CARIM,» Notes d analyse et de synthèse, no. 56 )200(, p. 7, accessed on 2/7/208, at:

18 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer معيل لألسرة.»ل ق يت ر وح ي أ ن ا م س ؤ وال ع ل ى ك ل ش ي ف ي د ار ر اج ل غ ير ز ي اد ا م اي ع ر ف و ال و غ ير ي ح ك م و ي د اب ز و ي ع اي ر «)أصبحت المسؤولة الوحيدة عن أسرتي أما زوجي فيقوم بإصدار األوامر والعراك والشتم فقط(. رغم قيام المرأة بدور معيل األسرة واكتساب بعض السلطة في أخذ القرارات وارتقاء مكانتها داخل أسرتها والمجتمع فإن هذا ال يمنحها حق أن تكون ربة األسرة باتخاذها موضع سلطة الرجل )6)). هذا يؤكد مدى تعقيد العاقات الجندرية وبروز الهيمنة الذكورية داخل األسرة فعدم قيام زوج سميرة بدوره معيل لألسرة وخوفه من تعرض مكانته للدونية وتأثير ذلك في رجوليته )امرأة تعيل رجل ) يجعله يلجأ إلى العنف لتعويض إخفاقه. إن أثر الهيمنة الرمزية بحسب بيار بورديو )سواء أكانت إثنية أم نوع ا أم ثقافة أم لسان ا... إلخ(»تمارس من خال ترسيمات اإلدراك الحسي والتقييم والفعل الم شك لة للهابتوس والتي تؤسس إلى جانب قرارات الوعي ورقابات اإلرادة عاقة غامضة للغاية من المعرفة مع نفسها«)6)). لقد أصبح الرجل يتقمص دور الهيمنة ويلق ب بالرجولة من دون قيامه بدوره االجتماعي المنسوب إليه في المجتمع بل يفضل إحالة المسؤولية التامة على عاتق المرأة داخل المنزل وخارجه واستغال أجر زوجته. وهكذا يعيش الذكر»الرجولة المزيفة«التي يعترف بها النسق القيمي في المجتمع المبني على مساندة الرجل حتى في حالة إخفاقه ألنه بعيد عن مفهوم الرجولة )6)) فيبحث عن حلول تبقيه في المستوى التراتبي المعهود نفسه باستعمال العنف ضد زوجته. يرتبط قرار الهجرة غير الشرعية لسميرة بمفهوم»الهجرة القسرية للنساء«الذي تناولته سمية عبد اللطيف في دراستها إذ يمثل ذلك امتداد ا لكل ما هو»قسري«انطاق ا من االضطرار إلى مغادرة البلد األصلي. ومن نتائج دراستنا أن الهجرة النسوية ت حدث تغيير ا عميق ا في النظام االجتماعي على نحو يسمح بتعزيز موقع المرأة مقابل الرجل وتكشف التجارب المدروسة لهجرة النساء تنق لهن في مجال محفوف بالمخاطر وأنهن يقطعن مسالك الموت لحماية األسرة والحفاظ على وحدتها واستمرارها. فالنساء يأخذن على عاتقهن إعالة أسرهن مادي ا ويتحملن المسؤولية كاملة )6)). توص لنا أيض ا إلى أن دافع الهجرة عند سميرة لم يكن راجع ا إلى مسؤوليتها بصفتها عائل لألسرة التي على عاتقها فحسب بل يشترك مع الهروب من العاقة الزوجية المتأزمة والصراع اليومي الذي تعيشه داخل أسرتها وحياتها الزوجية التعيسة التي تريد التخلص منها وإعادة بناء حياة أسرية جديدة في بلد الهجرة. ينطبق نموذج األم ربة األسرة على األسرة األحادية الوالدين التي أصبحت تنتمي إليها سامية بفعل طاقها وتخل ي طليقها عن مسؤوليته تجاه ابنه فأصبح خروجها للعمل ضرورة لسد حاجاتها هي (62) Laura Oso & Christine Catarino, «Femmes chefs de famille et migration,» in: Jeanne Bisilliat (dir.), Femmes du Sud, chefs de famille (Paris: Editions Karthala, 996), p. 70. )6)) بيار بورديو الهيمنة الذكورية ترجمة سلمان قعفراني )بيروت: المنظمة العربية للترجمة 2009( ص 66. )6)) تمثل الرجولة خاف ا على القوة الجسدية وحماية األسرة وإنجاب الكثير من األطفال وضرورة إعالة الزوجة واألطفال وحتى اآلباء واألمهات الكبار في السن والتي تظهر في المثل الشعبي الجزائري»الر اج ل ع ي ب ه ج يب ه «إذ تبرز أهمية كسب الرجل قوته من عمله بوصفه من صفات الرجولة. )6)) سمية عبد اللطيف»الاجئات السوريات في تونس: تجربة الهجرة القسرية وصعوبة االستقرار«عمران العدد )208( 24 ص 66.

19 9 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«وطفلها وضمان مستقبله. لكن لكونها لم تحز مؤهل علمي ا مرتفع ا فإنها لم تجد عمل ذا أجر ثابت يكفي لحياة كريمة»ر ح ت ل س ب ان ي ا ب اش نخ د م ع ل ى و ل د ي خ اط ر ش ب ع د م اط ل ق ت ح و س ت ع ل ى خ د م ا و م ال ق يت ش ك ان ت ص ع يب ا ع ل يا نم د ي د ي ب اش ي ع ط ون ي د ر اه م ب ص ح ك ي و ص ل ت ل س ب ان ي ا ل ق يت خ د م ا ن ر ب ي و ال د ج ز اي ر ي ات خ د ام ات و ن ر ب ح غ اي ا و ن ر س ل ل و ل د ي د ر اه م «)ذهبت لعدم توافر عمل وصعوبة تقب لي طلب المساعدة من أسرتي لكن عند وصولي إلى إسبانيا أصبحت أعمل مربية في أسرة جزائرية وأوضاعي تحس نت إذ أرسل باستمرار النقود إلى أمي لتربية ابني(. هكذا وصفت سميرة الحالة المزرية التي عاشتها في بلدها األصلي حيث يمث ل التفكك األسري أحد عوامل انتشار ظاهرة»تأنيث الفقر«)6)). فبغياب التضامن االجتماعي والتخلي عن الواجبات التي يقوم بها الرجل إزاء المطلقات ووضع األرامل وأطفالهن تضطر األم إلى الخروج للعمل لضمان دخل شهري ألسرتها. إن حصول سامية على عمل عند وصولها مباشرة إلى أليكانت بإسبانيا يفسر نسبي ا تدفق الهجرة النسوية لألمهات )المعيات لألسرة( من الدول النامية إلى الدول الصناعية. ع رفت هجرة أمهات األسر La migration des mères de famille في القارة اآلسيوية مبكر ا وهو مثل حال الفلبينيات اللواتي يشاركن في»إعادة إنتاج العمل«Le Travail Reproductif عبر االنخراط في الساسل العالمية للمسار المهني Globales De Carrière Chaines وهي ظاهرة درسها التيار األميركي المشتغل بمفهوم التفاعلية الرمزية )6)). فتشارك حاالت الدراسة في استمرار تكو ن هذه الهجرة بتربيتها أطفال الجزائريات في بلد االستقبال وترك ابنها تحت رعاية أمها في بلدها األصلي. ومع ذلك فإن إصرار حالة الدراسة القيام بدورها أ م ا وارتباط ذلك بفكرة األم الم ضح ية والصالحة التي يقد سها المجتمع الجزائري هو مطلب للمهاجرة فالذهاب لكي تكون»األم الفاضلة«صورة إيجابية ألمومتها بالنسبة إلى المجتمع األصلي. إنها تظهر بصفتها مضح ية من أجل ضمان مستقبل طفلها رغم تقصيرها في رعايته بسبب غيابها المستمر»ب اغ ي ا و ل د ي ك ي ي ك ب ر ي ف ر ح ب ي ا و ي ق ول ب ل ي ع ن د ه أ م و ق ف ت م ع اه و ض ح ت ب اش ر ب ات ه و م اس م ح ت ش ف يه م اش ي ك ي ب وه «)أريد أن يفتخر ابني بي بأم ضح ت من أجل تربيته ولم تتخل عنه كما فعل والده(. 4. حلم الهجرة عند الشابات يجب أن نأخذ في االعتبار مخيال الهجرة وهو وه م محشو بتصورات يثير من دون مقاومة الرغبة في الهجرة. فالشباب في حقيقة األمر متأثرون بالحياة االستهاكية وطرق الحياة في العموم تتسم بالرفاهية واإلغراء اللذين يتحدث عنهما الناس عبر وسائل اإلعام كالقنوات الفضائية واإلنترنت فيما يتعلق برجوع الم هاجرين إلى بلدهم األصلي من فترة الى أخرى وبطريقة مكثفة بفضل تطور )6)) رحيمة حوالف»ظاهرة تأنيث الفقر وعاقتها بالتدهور الصحي للنساء واألطفال«مجلة دراسات وأبحاث جامعة الجلفة السنة 6 العدد )204( 5 ص.28 (67) Asunsion Fresnoza Flot, «Paradoxe de la migration des mères philippines et conséquences sur leur santé en France,» Migrations Santé, no (202), p. 3.

20 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer وسائل النقل. وغالب ا ما يمث ل ذلك فرصة للتباهي وعرض مختلف المشاهد على المسرح االجتماعي ما يؤدي إلى تشجيع الشباب على مغادرتهم بلدانهم. يرك ز مهدي مبروك على أهمية»ثقافة الهجرة«)6)) وتأثرها بالوسط االجتماعي إذ تؤدي الثقافة دور ا أساسي ا ذلك أن الهجرة تغي ر دوم ا في النظام القيمي لجماعة االنطاق وهذا من خال التطور الملحوظ لوسائل التكنولوجيا السمعية البصرية التي تكتسح المايين من الشباب عبر الصور األكثر سحر ا عن طريقة الحياة في أوروبا أو في الدول األخرى المتقدمة. فالشباب يهاجرون ذهني ا عبر تأماتهم قبل أن يهاجروا جسدي ا وهذا يؤكد أهمية العامل الثقافي الذي أشارت إليه كاترين ويدلو ويندان إذ تهيمن الرغبة الفردية التي لها مكانتها في أسباب ظاهرة الهجرة غير الشرعية )6)). وهكذا يأخذ مشروع الهجرة معنى أن يرغب الفرد في مغادرة بلده األصل من دون مساعدة األسرة أو حمايتها فهو يذهب من أجل نفسه. يراود زهرة حلم الهجرة منذ زمن طويل النبهارها بطريقة عيش األوروبيين وخاصة قصص أفراد الجالية الذين يتوافدون على البلد األصلي في المناسبات والعطل وقد تأثرت بخالتها المقيمة بفرنسا ما زاد رغبتها في وجودها هناك وتجربتها العيش في بلد أوروبي»م ن ص غ ر ي و أ ن ا د اي ر ا ك ي ن ك ب ر ن ر وح ن ع يش ف ب ا د و ح د خ ر ا م ه م ن ه اج ر و ن ج ر ب ن ع يش ك ي خ ال ت ي و ف ام ل ت ن ا ب ز اف ر اه م ع اي ش ين م اخ اص ه م و ال وا«)أفكر منذ طفولتي في الذهاب للعيش ببلد آخر حين أكبر لتأثري بطريقة عيش خالتي وأقاربي إنهم يعيشون حياة أفضل هناك(. يسمي برنار فورغي هذه الحالة بالهجرة التحررية ذلك أن الفاعل يبني مشروعه تدريجي ا وبطريقة مختلفة ترتبط أكثر بشخصية الفاعل وأهدافه المسط رة )7)). أما ما يتحقق في الواقع فهو البحث عن تغيير أسلوب الحياة والرغبة في اكتشاف العالم فالم هاجرون ي ص ر ون على انتقالهم إلى البلد الذي سيمنحهم السعادة على المستوى الشخصي. ولهذا تتعلق الهجرة التحررية بشخصية الفرد وقيمه وإنسانيته ومدى اكتشافه لذاته ولآلخر. فمن الصعب تحقيق هذا في المجتمع نفسه. لقد ساعدت الهجرة غير الشرعية زهرة على تغيير المكان أوال ثم البحث عن عمل في مجال جديد والتعر ف إلى أشخاص جدد وثقافة جديدة ما أشع رها بالراحة النفسية والتوازن العاطفي»ر ان ي ح اس ة ر وح ي ف ب ل ص ت ي ع اي ش ا ك يم ا نح ب نخ ر ج ن د خ ل ت ع ر ف ت ع ل ى ن اس ج د د ت ع ل م ت ح اج ات ج د د ر ان ي ح اس ا ر وح ي ن ت ق د م خ ير م ن ل ي ك ن ت ر ان ي ه ان ي ا ف ه اذ ي الب ا د «)إنني في المكان المائم أخرج وأدخل كما أريد تعر فت إلى أشخاص جدد تعل مت الكثير من األشياء حياتي ترتقي إلى األمام دائم ا أنا مرتاحة في هذا البلد(. خاتمة إن ذهاب حاالت الدراسة في رحلة الهجرة غير الشرعية كان من أجل الهروب والتحرر بسبب األوضاع والظروف ورفض اآلخرين والقطيعة العائلية والتهميش والعنف المادي والرمزي والخوف من (68) Mabrouk, p. 28. (69) Catherine Wihtol de Wenden, «Motivations et attentes de migrants,» Revue PROJET, dossier migration et frontières, vol. 4, no. 272 (2002), p. 48, accessed on 2/7/208, at: (70) Forget, p. 89.

21 2 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«المستقبل. فمن خال»الح ر ق ة«استطعن خلق مساحة تحررية بانتقالهن على نحو سري وبإمكانياتهن الخاصة )الجسدية والمادية والمعنوية( مبرهنات على قدرتهن على مواجهة المجتمع والظروف السائدة وتحطيم تلك القيود وانتمائهن إلى مجتمع آخر. التصريحات مختلفة وكذلك اآلمال واألحام لكن الرغبات تتداخل الرغبة في األمن والحاجة إلى العمل واألمل في تحقيق الذات واالستقالية في الحراك واتخاذ القرار في اختيار زوج المستقبل. ف»الح راقات«كلهن اشتركن في التصريح نفسه»أريد الذهاب من أجل البحث عن الحياة«. تمث ل»الح رقة«ضمن الممارسة الجنسانية للنساء بناء للعاقة االجتماعية التي تربط الذكر واألنثى بعيد ا عن المراقبة االجتماعية المفروضة على»الح راقات«والتقيد بالع رف والشرف )االحتفاظ بالعذرية حتى يوم الزفاف(. فهن ي ردن إثبات وجودهن بوصفهن إنسان ا يختر ن ويتخذن قرارات في أمور تتعلق بأجسادهن وحياتهن رغم رفض أسرهن والمقربين منهن والمحيط االجتماعي بأكمله. واصلن مقاومتهن على نحو جديد من خال ظاهرة»الح رقة«ومحاولة العيش في فضاء آخر وثقافة أخرى أينما يكون انتماء المرأة ومكانتها مقبولين في أشكالهما المختلفة وحيث تمثات المرأة مختلفة تمام ا عن البلد األصلي. إن عبور الحدود بحسب شادية عراب يسمح للمرأة بالتفوق فتصبح امرأة مستقلة مستقلة ذاتي ا وحرة وعند عودتها إلى بلدها األصلي تأتي أكثر غنى وبمكانة اجتماعية وعائلية ذات قيمة كبيرة معترف بها في المجتمع مقارنة بمكانتها قبل الهجرة ولهذا فإن عبور»الح ر اقات«للحدود من خال الهجرة غير الشرعية هو عبور لارتقاء االجتماعي واالقتصادي )7)). وإذا تعمقنا أكثر نجد أن هذه التغيرات االجتماعية تمث ل مؤشر ا للتحول الذي يشهده المجتمع الجزائري في إطار العاقات الثقافية والجندرية بعدما كانت المرأة في األمس مسجونة محاف ظ ا عليها Préservé من األسرة والمجتمع. واليوم انضمت المرأة إلى الحراك الدولي عن طريق»الح رقة«بسبب ألمها ومعاناتها ومقاومتها تحت شعار»أريد العيش«أو كما عب ر عنه آالن توران في كتابه عالم النساء مشير ا إلى المرأة المسلمة على أنها»تريد تغيير مصيرها«)7)) وتقرير المصير فعل مقاوم Acte de résistance تريد المرأة فرضه نظام ا على المجتمع. االمراجع References العربية إسماعيل حلمي جال. العنف األسري. القاهرة: دار قباء 994. بورديو بيار. الهيمنة الذكورية. ترجمة سلمان قعفراني. بيروت: المنظمة العربية للترجمة (7) Arab, «Emergence de circulations migratoires féminines des marocaines,» p. 93. (72) Alain Touraine, Le monde des femmes (Paris: Fayard, 2006), p. 79.

22 العدد Issue 7 / 25 صيف Summer التايب عائشة.»الفتاة العربية والهجرة إلى الجنات الموعودة محاولة في الفهم«. عمران. العدد 2.)207( جابي ناصر. الجزائر: سنوات بوتفليقة مقاالت في السياسة واالجتماع. الجزائر: دار األمة 203. حوالف رحيمة.»ظاهرة تأنيث الفقر وعاقتها بالتدهور الصحي للنساء واألطفال«. مجلة دراسات وأبحاث. جامعة الجلفة. السنة 6. العدد )204(. 5 الزهراني موضي. نساء مضطهدات. بيروت: مؤسسة االنتشار العربي 20. شرابي هشام. النظام األبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية 993. عبد اللطيف سمية.»الاجئات السوريات في تونس: تجربة الهجرة القسرية وصعوبة االستقرار«. عمران. العدد )208(. 24 المنظمة العالمية للهجرة لجنة األمم المتحدة االقتصادية واالجتماعية لغرب آسيا»اإلسكوا«. تقرير الهجرة الدولية لعام 205: الهجرة والنزوح والتنمية في منطقة عربية متغيرة. بيروت/ جنيف: 205. األجنبية Adel, Faouzi. «Formation du lien conjugal et nouveau lien familiaux en Algérie.» Thése de doctorat. Anthropologie Social et Ethnologie. Université de Paris V. Paris, 990. Arab, Chadia. Les Ait Ayad: la circulation migratoire des marocains entre la France, l Espagne et l Italie. Rennes: Presses Universitaires de Rennes, «Emergence de circulations migratoires féminines des marocaines vers de nouvelles destinations, l Espagne et les émirats arabes unis.» Revue d études et de critique sociale (Naqd). vol.. no. 28 (Automne Hiver 200). Bisilliat, Jeanne (dir.). Femmes du Sud, chefs de famille. Paris: Editions Karthala, 996. Bouillon, Florence, Marion Fresia & Virginie Tallio (dir.). Terrains sensibles expériences actuelles de l anthropologie, centre d études africaines. Paris: École des Hautes Études en Sciences Sociales EHESS, Boukhobza, Noria. «Les filles naissent après les garçons: Représentations sociales des populations d origine maghrébine en France.» Revue Européenne des Migrations Internationales. vol. 2. no. (2005). Carbajal, Myrian Mendoza. «Actrices de l ombre, La réappropriation identitaire des femmes latino américaines sans papiers.» Thèse de doctorat. Faculté des Lettres. Université de Fribourg. Suisse, 2004.

23 23 لاجرلا ندم يف يبرعلا يئاسنلا كارحلا «تاقا ر حلا» ةرهاظل ةيجولويسوس ةسارد : ةيوسنموذج ا للمقاومة الن اهفصوب ةيرئازجلا ةأرملل ةيعرة»الح ر اقات«Carnet, Pauline. «Passer et quitter la frontiere, les migrants africains clandestins à la frontiere sud espagnole.» Thése de Doctorat. D Anthropologie Sociale. l Université de Toulouse Le Mirail. Toulouse, 20. De Wenden, Catherine Wihtol. «Motivations et attentes de migrants.» Revue PROJET. Dossier migration et frontieres. vol. 4. no. 272 (2002). at: Escoffier, Claire. «Communauté d iténérance et savoir circuler des transmigrant es au maghreb.» Doctorat de sociologie et sciences sociales. Université de Toulouse 2. Toulouse, Forget, Bernard. Los clandestinos: Mode d emploi. Paris: Edition ACADEMIA, Fresnoza Flot, Asunsion. «Paradoxe de la migration des mères philippines et conséquences sur leur santé en France.» Migrations Santé. no (202). Grawitz, Madeleine. Méthodes des sciences sociales. 2 nde ed. Paris: Dalloz, 974. Guillemaut, Françoise. «Femmes africaines migration et travail du sexe.» Contributions Société. vol.. no. 99 (2008). Kateb, Kamel. «Scolarisation féminine massive, système matrimonial et rapports de genre au Maghreb.» Genre, sexualité & société. no. 6 (Automne 20). Kaufmann, Jean Claude. L entretien compréhensif. Paris: Nathan, 996. Labdelaoui, Hocine. «Genre et migration en Algérie.» Consortium for Applied Research on International Migration. Notes d analyse et de synthèse. no. 2 (20). Lakjaa, Abdelkader. «Femmes algériennes dans le commerce transnational informel (trabendo): Les acteurs, les réseaux, les espaces.» Revue Kalim. l Université Alger 2. no. 3 (204). Lalami, Feriel. «Une réforme en trompe l œil.» Confluences Méditerranée. vol. 4. no. 59 (2006). Mabrouk, Mehdi. Voiles et sel, culture, foyers et organisation de la migration clandestine en Tunisie. Tunis: Sahar, 200. Moutassem Mimouni, Badra. Naissances et abandons en Algérie. Paris: Editions Karthala, 200. Monia, Lachheb (dir.). Penser le corps au Maghreb. Paris: Editions Karthala, 202. Morokvasic, Mirjana. «Emigration des femmes suivre, fuir ou lutter.» Cahiers Genre et Développement. no. 5 (2005). Neveu, Erik. Sociologie des mouvements sociaux. 4 ème ed. Paris: La découverte, Office National des Statistiques. Demographie Algerienne 205. Rapport no. 740 (Avril 206).

24 Issue 7 / 25 العدد Summer 208 صيف Pheterson, Gail. Le prisme de la prostitution. Paris: L Harmattan, 200. Sakho, Papa & Fatou Binetou Dial. «Migration clandestine féminine, étude de cas de Dakar et sa banlieue.» Consortium for Applied Research on International Migration «CARIM.» Notes d analyse et de synthèse. no. 56 (200). Sayad, Abdelmalek. La double absence: Des illusions de l émigré aux souffrances de l immigré. Paris: éditions du Seuil, 999. Simon, Jacques. L immigration algérienne en France de 962 à nos jours. Paris: L Harmattan, Souiah, Farida. «Les politiques migratoires restrictives: une fabrique de harraga.» Hommes et migrations. vol. 4. no. 304 (203). Tamzali, Wassyla. Une femme en colère: Lettre d Alger aux Européens désabusés. Paris: Gallimard, Touraine, Alain. Le monde des femmes. Paris: Fayard, Ville, Jean Louis «Etude migration féminine entre les pays MEDA et l UE: Projet regional.» EUROMED MIGRATION II ( ). Dirigé par GIZ, ICMPD & FIIAPP. Université of Sussex. UK, 207. at: 24