Ostour - Issue 4

النسخ

1 ((( منري فخر الدين al-din Munir Fakhr األرض وحقوق امللكية واإلرجاء الستعامري: ((( بني وعد بلفور والنكبة Land, Property Rights, and Colonial Procrastination: Between the Balfour Declaration and the Nakba مقدمة "] [ فال يميض زمن طويل حتى تصري ]فلسطني[ كلها لليهود. وال عبة يف من يتوىل شؤونها السياسية وال فرق أن تكون يومئذ يف سلطة العثمانيني أو العرب أو الفرنسيني أو اإلنكليز. فإن العبة يف من يملك األرض ويستويل عىل غل تها وليس صاحب السيادة السياسية إال وسيلة لحفظ األمن وتأييد ذلك امللك لصاحبه" )جرجي زيدان 1913( ))). مقدمة يف عام 1913 كتب جرجي زيدان واصف ا الحال يف فلسطني عىل نحو يؤكد قوة امللكية الخاصة مقابل السيادة. كان حديثه يدور حول تمل ك اليهود األرض يف فلسطني عىل نحو بدا له عملية كاسحة ستسيطر عىل البلد بأرسه وذلك عىل الرغم من أن هذه العملية لم تكن تمث ل سوى ظاهرة محدودة يف ذلك الوقت. لعل زيدان عكس صدى القلق يف فلسطني واملرشق العريب عموم ا من هذه الظاهرة ))). لكن امل ثري لالنتباه فيما كتبه يتعل ق بقوة امللكية مقابل السيادة كما يظهر يف االقتباس املذكور. إذاكانيف امللكية أومنطق السوق املحض وشعيتها تلك القوة القاطعة فما دور االنتداب ووعدبلفور إذ ايفتاريخفلسطني ويفتاريخملكية األرض بالتحديد علم ا أن امل لكيات اليهودية االستيطانية آنذاك لم تكن نسبتها ت ذك ر وهذه امل لكيات عىل اتساعها وأهميتها خالل االنتداب لم تتجاوز ما نسبته 6 يف املئة من أرض فلسطني )شاملة االمتيازات الحكومية( وهذا ما يدل عىل قوة سوق األرض ومحدوديتها عىل السواء. ليس هناك جواب بسيط عن هذا السؤال إذ يكمن الجواب يف رأينا يف التعمق يف العالقة بني امل لكية والسيادة من جوانب اجتماعية وسياسية وح كمانية Governmental فتصور زيدان وكثري من الك ت اب الالحقني والراهنني لهذه املسألة أي قوة امللكية 1 أستاذ مساعد يف الفلسفة والدراسات الثقافية مدير برنامج املاجستري يف الدراسات اإلرسائيلية يف جامعة بريزيت فلسطني زميل باحث يف مؤسسة الدراسات الفلسطينية. Assistant Professor of Philosophy and Cultural Studies, Director of the Master s Program in Israeli Studies at Bir Zeit University, Palestine, and Research Associate at the Institute of Palestine Studies. 2 هذه املقالة هي يف األصل ورقة ق د مت إىل ندوة "مئة سنة عىل وعد بلفور: املقدمات والنتائج" التي عقدها املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات يف الفرتة أيار/ مايو 2018 يف الدوحة. 3 مقتب س يف: بيان نويهض الحوت فلسطني: القضية والشعب والحضارة: التاريخ السيايس من عهد الكنعانيني حتى القرن العرشين )بريوت: دار االستقالل للدراسات والنرش 1991( ص )التشديد يف االقتباس مضاف(. 4 ثمة كتابات كثرية يف هذا الصدد. ويمكن مراجعة عرض مهم يف كتاب رشيد خالدي حول تشك ل الهوية الفلسطينية خصوص ا يف الفصل الخامس منه. راجع: Rashid Khalidi, Palestinian Identity: The Construction of Modern National Consciousness (New York: Columbia University Press, 1997). 193

2 ددعلاا متوز ي / زومتزومت والسوق وعالقتهما التلقائية بالسيادة يحوي كثري ا من التبسيط واالختزال إذ ال يقد م تصوير ا وافي ا للمفهوم االستعماري االستيطاين للملكية واألرض وهو غري قادر عىل فهم االنتداب ودور الحكومة عموم ا حتى يف ظل أيديولوجيا السوق التي ارتكز عليها االنتداب وغري قادر عىل فهم املناظري الفلسطينية أيض ا. عىل العموم يرك ز كثري من األدبيات التاريخية الفلسطينية واملناهضة لالستعمار عىل االنحياز البيطاين إىل الصهيونية ومدى تطويع سياسات الحكومة االنتدابية لخدمة املرشوع الصهيوين. ولكن هذه الرسدية بدأت تتعد ل يف العقدين األخريين أو العقود الثالثة األخرية ضمن أجندات رسدية جديدة فنجد مثال فيما يخص موضوعة األرض اهتمام ا بحثي ا جديد ا ينطلق من املقارنة بني النظامني االنتدايب واإلرسائييل يف تعاملهما مع امل لكيات العربية. ومن هذا املنظور يتبني ورثوا نظام تسوية األرايض البيطاين فإنهم قلبوا منطقه عىل نحو شبه كامل. فارق كبري بني النظامني فعىل الرغم من أن اإلرسائيليني يمكن اختصار هذا االنقالب عىل النحو اآليت: إب ان االنتداب كان هدف عملية "تسوية األرايض" التي أدخلها البيطانيون تعميم نظام امللكية ومنح سندات "طابو" ألصحاب األرض الفعليني باالعتماد بقدر كبري عىل النظام القروي العريب القائم الستغالل األرض. أم ا النظام اإلرسائييل فقد خلق بيئة تكنوقراطية وقضائية جديدة من أهدافها التقليص الجذري للم لكيات العربية وإفساح املجال لالستيطان الصهيوين. وبينما اعتمد إثبات الحقوق )أو تسوية األرض( يف الحقبة االنتدابية عىل "املعرفة املحلية" ال عىل سندات الطابو العثماين بالرضورة باتت سياسة التسوية اإلرسائيلية معادية للمعرفة املحلية وهادفة إىل استئصالها. ويف حاالت كثرية ح جبت أو ع رقلت حتى إمكانية تسجيل الحقوق التي تدعهما وثائق أو أدلة مادية )كما حصل يف النقب ويف األرايض املحتلة عام 1967 عموم ا(. هذا بطبيعة الحال إضافة إىل السلب الكبري ألرايض الالجئني الفلسطينيني بعد عام ))) لكن هذه األجندة الرسدية الجديدة املهتمة بالبحث التاريخي من منظور الحارض غري قادرة عىل طرح األسئلة التاريخية املهمة عن االنتداب والسياسة االستعمارية عموم ا عىل نحو يلقي الضوء عىل إشكالية االستمرارية/ االنقطاع يف صريورة القضية الفلسطينية. يف هذه الورقة سنحاول طرح إشكالية الحقوق املدنية يف السياق االستعماري االنتدايب وأثرها يف التاريخ االجتماعي والسيايس الفلسطيني متناولني مسألة األرض يف غور بيسان مثاال. كما هو معروف يف صياغة وثيقة "وعد بلفور" يف 2 ترشين الثاين/ نوفمب 1917 ثمة ذكر للحقوق املدنية )فضال عن الدينية( ألهايل فلسطني "غري اليهود". لقد ف همت هذه العبارة يف سياق النص )وتحديد ا يف سياق ذكر "الوطن القومي اليهودي" و"الحقوق السياسية" لليهود يف العالم( بوصفها نفي ا للحقوق السياسية للفلسطينيني. وهذا بكل تأكيد فهم صحيح لكنه ال يكفي ألنه يفرتض أن موضوعة الحقوق املدنية أمر مفروغ منه وبسيط. ولكنها بعيدة عن أن تكون كذلك حق ا ويعود ذلك إىل سببني سنستعرضهما يف التحليل يف هذه الورقة: أوال كون الحقوق املدنية والحقوق السياسية كما تدلنا القراءات النظرية الدقيقة مرتبطة جوهري ا ولكن أشكال االرتباط بني هذين النوعني من الحقوق تكون دوم ا متعددة املستويات ومفتوحة للتأويل والرصاع. وثاني ا كون موضوعة الحقوق املدنية تحتوي عىل عملية محو وإعادة تأطري للحقوق واألعراف والعالقات االجتماعية ولذا فهي غري متجانسة املعاين واألبعاد بالنسبة إىل جميع الفاعلني. 5 ثمة دراسات فلسطينية طليعية عدة ملحامني وباحثني فلسطينيني بي نت هذا الفارق بني االنتداب واالحتالل اإلرسائييل أشهرها: رجا شحادة قانون املحتل: إرسائيل والضفة الغربية )بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية 1988( وهي التي صدرت باللغة اإلنكليزية عن املؤسسة نفسها عام وحديث ا نجد أجندة بحثية مشابهة يف أعمال سلمان أبو ستة وأحمد أمارة ولدى كثري من الباحثني اإلرسائيليني ما بعد االستعماريني مثل أورن يفتاحئيل وساندي كيدار وجريمي فورمان. راجع عىل سبيل املثال: أورن يفتاحئيل وساندي كيدار وأحمد أمارة "إعادة التفكري بنظرية 'النقب امليت': حقوق امللكية يف الحيز البدوي" ]بالعبية[ مجلة مشباط وممشال مج 14 العددان )2012( ص

3 منهجي ا ما نقرتحه يف هذه الورقة هو إعادة تفسري النصوص السياسية - ونقصد هنا نص بلفور - بوصفها مفاتيح لفهم إطار الحكم االستعماري لكن هذا اإلطار ال ي فهم فقط من خالل هذه املفاتيح بل يتعني النظر يف التطبيقات أيض ا أي يف وقائع التجربة التاريخية الفعلية التي أث رت فيه وتأثرت به عىل النحو الذي يكشف عن الفعل السيايس للفلسطينيني. وسأستفيد من بحث أرشيفي موس ع يف سجالت االنتداب والحكومة البيطانية أجريته ألجل إعداد رسالة الدكتوراه يف جامعة نيويورك يف الواليات املتحدة األمريكية يف مطلع العقد املايض )وأ نج زت يف عام 2008( عن تسوية أرايض غور بيسان )أو أرايض الجفتلك - املدورة التي كان يملكها السلطان عبد الحميد الثاين(. ويجدر أيض ا التنويه إىل أنني أقوم حالي ا بتوسيع البحث املذكور إلصدار كتاب باللغة العربية حول املوضوع بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية. أول : إشكالية الحقوق املدنية يف خطاب النتداب: تحليل النصوص إن افرتاضنا األسايس هنا هو أن عبارة "الحقوق املدنية" حتى يف سياق استعماري كسياق االنتداب ال يمكن أن تنطوي عىل نفي تام للحقوق السياسية بغض النظر عما يفصح عنه النص االستعماري أو يخفيه من رصيح العبارة. ولذا نجد مثال حاييم وايزمن يكتب عن شعوره حني وصله خب إقرار وعد بلفور يف اجتماع وزارة الحرب الذي كان ينتظره خارج مبنى الوزارة قائال : "يف 2 نوفمب ]1917[ وبعد إجراء مباحثات نهائية يف وزارة الحرب أصدر بلفور كتابه الشهري املعروف بترصيح بلفور. وبينما كانت الوزارة مجتمعة لتصادق عىل النص النهايئ كنت أنتظر خارج مكاتبها وكنت يف هذه املرة مدعو ا فأحرض يل سايكس الوثيقة هاتف ا: إنه غالم يا دكتور وايزمن. حسن ا - إين لم أحب هذا الغالم يف بادئ األمر فلم يكن الغالم الذي انتظرته إال أين كنت عىل علم بأن األمر كان حدث ا عظيم ا" ))). لقد عب وايزمن يف سياق روايته لهذه القصة عن امتعاضه من معارضة يهود بريطانيني بارزين للمرشوع الصهيوين واتهمهم باملعرقلني الذي تسببوا يف تخفيف صيغة الوعد ليشمل "الحقوق املدنية والدينية للطوائف غري اليهودية املوجودة حالي ا" التي رأى بها أمور ا "باإلمكان تفسريها بأنها تعني تقييد عملنا أو تعطيله باملرة" ))). ما يهمنا يف هذا السياق ليس القلق االستعماري ذاته وإنما هو البحث يف التناقضات االستعمارية كما اختبها الفلسطينيون. إن مكمن هذا القلق كما أقرتح هو استحالة انفكاك الحقوق املدنية انفكاك ا قاطع ا عن أفقها السيايس يف السياق التاريخي الذي نحن بصدده. ويصبح غموض النص أو صمته عن تلك الحقوق تعليق ا وإرجاء ال نفي ا تام ا لها. ويصبح السؤال: متى ستعود لتظهر وبأي شكل هذا هو يف رأينا ما أقلق أصحاب املرشوع االستعماري االستيطاين الصهيوين وما أدركه الفاعلون السياسيون من صناع السياسة االستعمارية البيطانية والفلسطينيني كل من وجهة نظره. وهذا ما نريد أن نستدل عليه تباع ا يف السياسة االنتدابية ويف املمارسة السياسية الفلسطينية. يف وثيقة ترششل املوسومة ب "الكتاب األبيض لعام 1922" نجد تأطري ا عملي ا أكرث تفصيال لإلرجاء االستعماري لحقوق األهايل السيادية. يمي ز النص ضمني ا بني "الحقوق السياسية" اليهودية وسلطة االنتداب العليا فيشري إىل إقامة "بيت قومي لليهود" يف فلسطني ليكون "مركز ا يكون فيه للشعب اليهودي برم ته اهتمام وفخر من الوجهتني الدينية والقومية" Race( يف النص اإلنكليزي( 6 مقتبس يف: أمني موىس عقل )تحرير وإعداد( الوثائق الرئيسية يف قضية فلسطني: من أرشيف األمانة العامة للجامعة العربية املجموعة األوىل تقديم وليد الخالدي )بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية 2016( ص املرجع نفسه ص

4 ددعلاا متوز ي / زومتزومت وإىل حق هم يف الهجرة إليه والتوطن فيه باعتبار ذلك حق ا مرشوع ا ال منة ))) ولكنه يحد ذلك الحق باعتبارات حكمانية تضعها سلطة االنتداب أي إن حقوق جماعة املستوطنني السياسية مهما كان مصدرها سابق ا للسلطة االنتدابية تظل تحت سقف السيادة االنتدابية. وقد حدد النص الهجرة بموجب معيار حكماين بامتياز وهو "القدرة االستيعابية االقتصادية" للبلد. وق ص د بهذا ضبط الهجرة بموجب احتياجات سوق العمل عىل نحو ال يرتك العنان للمهاجرة التي قد تسبب زيادة البطالة وما ينشأ عنها من مشكالت اجتماعية وسياسية. ونجد أمر ا مشاب ها أيض ا يف مسألة األرض وإن ضمن معايري مختلفة فقد ض م نت موضوعة األرض يف صك االنتداب الذي أشار يف بنده السادس إىل أنه: "عىل إدارة فلسطني مع ضمان عدم إلحاق الرضر بحقوق ووضع فئات األهايل األخرى أن تسه ل هجرة اليهود يف أحوال مالئمة وأن تشجع بالتعاون مع الوكالة اليهودية ] [ حشد ]توطني[ اليهود يف األرايض األمريية ]أرايض الدولة[ واألرايض املوات غري املطلوبة للمقاصد العمومية" ))). تدل هذه الصياغة عىل امتياز سيايس مهم حصل عليه املرشوع الصهيوين لكن دوم ا ضمن الحفاظ عىل "حقوق األهايل" التي تعني يف هذا السياق حقوق ملكية األرض. تعكس الصياغة افرتاض ا بأن ثمة يف فلسطني مساحات فارغة أو قدرة استيعابية كافية يف أرايض الدولة أو أرايض "املوات" غري املستغ لة. لكن السياسة الفعلية يف مسألة األرض ذهبت إىل خلق مساحة أوسع للفعل الحكومي ولذا رسمت معالم السياسة البيطانية الفعلية عىل نحو يمك ن من زيادة "القدرة االستيعابية" لألرض عب إنشاء آليات السوق الحرة. ويمكن أن نخترص اإلشكال كما رآه البيطانيون يف أربع نقاط أو عوائق بنيوية لنشأة سوق حرة يف األرض تتيح فائض ا من األرض للمستوطنني: نظام الطابو العثماين غري الحديث وغري املكتمل الذي ال يعتمد عىل الخرائط الدقيقة وال ي نتج "وثائق ملكية قوية" Strong Title Deeds بحيث تشك ل ضمان ا عملي ا وسهال للرشاء أو الرهن. وكان هذا من أهم مبرات مرشوع تحديث نظام الطابو وإرفاقه بعملية مسح ق طرية وبإجراءات بريوقراطية قانونية للحسم يف امل لكيات )أو "تسوية األرض" كما أشنا( )1)). وجود نظام حقوق عرفية للقبائل البدوية التي تقطن عىل محيط فلسطني وتتمتع بحقوق رعي عرفية يف السهول الفلسطينية عىل نحو يتعارض بالكامل مع منطق حقوق امللكية الحرصية ولذا كان من أهم معالم السياسة البيطانية اقتالع هذا املشهد ما قبل الرأسمايل تمام ا )1)). االنتشار الواسع لنظام املشاع الذي يجعل هيئة القرية أو القبيلة مالكة جمعية لألرض ومن ثم فإن مسألة تمل ك األجانب خصوص ا أولئك الذين يبتغون األرض لالستيطان الحرصي تبقى أمر ا شبه مستحيل. وهنا نجد أيض ا أن السياسة البيطانية دفعت بقوة لتفكيك هذا النظام )1)). 8 املرجع نفسه ص املرجع نفسه ص راجع يف هذا الخصوص: Dov Gavish, The Survey of Palestine under the British Mandate, (London and New York: RoutledgeCurzon/ Routledge, 2005). 11 للمزيد حول استهداف حقوق البدو يف الرعي منذ بدايات االنتداب انظر: Munir Fakher Eldin, British Framing of the Frontier in Palestine, : Revisiting Colonial Sources on Tribal Insurrection, Land Tenure, and the Arab Intelligentsia, Jerusalem Quarterly, no. 60 (2014), pp Amos Nadan, "Colonial Misunderstanding of an Efficient Peasant Institution: Land Settlement and Musha' Tenure in Mandate Palestine, ," Journal of the Economic and Social History of the Orient, vol. 46, no. 3 (2003), pp

5 كون النظام الرضيبي العثماين نظام ا ع رشي ا. لقد أشار البيطانيون كثري ا إىل اإلشكاليات يف طريقة الجباية العثمانية - من تعس ف وافتقار إىل الدقة وتأخري يف تسويق املحاصيل - التي اشتىك منها األهايل كثري ا إال أنهم عرفوا أن مشاعر الناس وتوقعاتهم من الحكومة ومفهوم العدل عندهم ارتبطت بهذا النظام. ولم تقترص حجتهم يف إلغائه عىل إشكالية الجباية املكلفة وغري الدقيقة ولكنها شملت اعتبارات مبدئية إذ رأوا أنه حرم الدولة من إمكانية استخدام الرضيبة أداة اقتصادية فرضيبة األرض ت مك ن الدولة من محارصة أنماط الحيازة "الضعيفة" وتشجيع الزراعة اإلنتاجية املكثفة وهذا ما يعني خدمة مصالح االستيطان اليهودي بطريقة بنيوية ال عب املصادرة املباشة )1)). من دون الخوض يف تفاصيل هذه السياسة يمكننا القول إن خطاب االنتداب خالل عرشينيات القرن العرشين ذهب بجموح يف هذا االتجاه: أي تأطري اإلشكال حول تأمني انتشار منطق امللكية الخاصة وآليات السوق وتعميمهما لضمان أكب قدر ممكن من "فائض األرض" وذلك ضمن خطاب إصالحي تطويري عام يتحدث عن فلسطني إجماال أي عن فائدة مفرت ضة لنظام الطابو الجديد والنظام الرضيبي الجديد عىل الفالحني عموم ا. وإذا لم تتطرق النصوص الرسمية املعلنة إىل هذا املوضوع فإن أرشيف الحكومة االنتدابية املتعلق بسياسات األرض يفصح عن ذلك بكثافة وبطريقة مباشة. لكن هذا التأطري طرأ عليه تحو ل مهم مع نهاية عقد العرشينيات واحتدام الرصاع القومي الفلسطيني - الصهيوين واندالع انتفاضة الباق عام 1929 التي صدر يف أعقابها عدد من التقارير املل كية املعروفة التي تناولت مسألة األرض تناوال مباش ا. مع هذه التقارير ظهر خطاب جديد حول محدودية القدرة االستيعابية لألرض يف ظل أنماط اإلنتاج العربية القائمة آنذاك وحول رضورة ضبط قوى السوق من خالل سياسات تطوير للزراعة ومن خالل سياسة حماية لرشائح من املجتمع الزراعي )مثل تحديد "املستأجر القانوين" يف ترشيعات محد ثة جديدة( )1)). لم تحد هذه اإلجراءات من الرصاع واستطاعت الحركة الصهيونية أن ت خف ف من صياغاتها وتبعياتها إىل حد بعيد لكنها تبقى ذات دالالت مهمة عىل عقلية الحكم االنتدابية والحقل السيايس الذي شكلته. بطبيعة الحال جاءت الثورة الفلسطينية الكبى عىل االنتداب واالستيطان تعبري ا عن املظلومية الكبرية التي شعر بها الفلسطينيون وانسداد األفق السيايس للتحرر منها. ولكن ديناميكية إطار االنتداب لم تتعطل تمام ا واستمر منطقه يف الظهور. مع نهاية عقد الثالثينيات وض من محاولة استعادة االستقرار يف إثر الثورة أصدر البيطانيون وثيقة جديدة ع رفت باسم "الكتاب األبيض لعام 1939" وضعت معيار ا ديموغرافي ا - سياسي ا أدق ملستقبل فلسطني بحيث يضمن أغلبية عربية طفيفة وأقلية يهودية ذات وزن )وبنسبة دقيقة: 60 يف املئة إىل 40 يف املئة( وذلك ضمن مخطط لتأسيس حكومة عربية - يهودية مشرتكة. شملت هذه السياسة موضوعة األرض وتمخ ضت عن قانون جديد لتنظيم انتقال األرايض من العرب إىل اليهود ضمن توزيع مناطقي محد د )1)). ولكن تطبيق هذا القانون عز ز ضمني ا مبدأ الفصل القومي - الجغرايف ورسم خطوة عملية أوىل نحو فكرة التقسيم )التي ط رحت أول مرة من خالل لجنة بيل عام 1937 ولم يتم تبن يها( بدال من أن يفلح يف الدمج. 13 ثمة وثائق أرشيفية انتدابية كثرية تتناول هذا املوضوع الشائك. راجع مثال امللف التايل يف مكتب الوثائق العامة البيطاين: Great Britain, Colonial Office, Public Record Office, Land Settlement: Abolition of Tithe, PRO CO 733/135/1. 14 أشهر هذه التقارير: Great Britain, Colonial Office, Palestine: Report on Immigration, Land Settlement and Development [and Appendix containing maps] by Sir John Hope Simpson, C.I.E Presented by the Secretary of State for the Colonies to Parliament by Command of His Majesty. October, 1930 (London: H.M. Stationery Office, 1930); Lewis French, First Report on Agricultural Development and Land Settlement in Palestine, 23/9/1931. PRO CO 733/214/5. 15 Government of Palestine, A Survey of Palestine, Prepared in December 1945 and January 1946 for the information of the Anglo-American Committee of Inquiry, vol. 1 (Washington, D.C.: Institute of Palestine Studies, 1991 [Jerusalem: Government Printer, 1946]), p

6 ددعلاا متوز ي / زومتزومت تدل هذه التطورات يف االنتداب إجماال عىل أن ثمة إطار ا عام ا موح د ا وجديل الطابع ظل قائم ا فعلي ا طوال فرتة االنتداب وظهر منطقه مباشة يف وثيقة عام 1939 )التي لم يلغها سوى قرار التقسيم عام 1947(. وهذا املنطق كالتايل: أوال ثمة تمييز بني "الوطن القومي اليهودي" والدولة أو السيادة اليهودية ثاني ا ال يعني هذا التمييز اعرتاف االنتداب بالسيادة العربية ثالث ا وهنا الحل الجديل للمعضلة بني األول والثاين أن السيادة املرجأة ليست لسكان فلسطني كما وجدهم االنتداب ولكنها لتكوين سكاين ثنايئ العرق جديد يتشكل عب الهجرة ويقوم عىل الدمج والتمايز يف آن مع ا لي حدث وحدة سيادية جديدة تتجاوز املرشوعني القوميني املتناقضني. لم ينجح هذا الحل بطبيعة الحال وحل محله التقسيم القومي الذي لم يتحقق بدوره. لكن هذا ال يعني أن إطار االنتداب لم يعمل بموجب ذلك املنطق الجديل عىل مدار ثالثة عقود. وكما رأينا من دون هذا املنطق ال يمكننا أن نفهم سياسات األرض والهجرة أو الحقل السيايس االستعماري غري املتكافئ الذي حكم الفعل السيايس واملجتمعي الفلسطيني إجماال. بمعنى آخر نحتاج إىل التصور االستعماري العميل للسيادة يف فلسطني لنفهم تشكالت حقل امل لكية أو الحقوق املدنية وال يمكن أن نعتب هذين الحقلني منفصلني ببساطة. ثاني ا: تسوية أرايض بيسان: مرشوع النتداب يف الختبار يمكن أن تكشف لنا قصة غور بيسان عىل نحو استثنايئ هذا الجدل االستعماري بني الخاص والعام والخلفيات العثمانية واملحلية التي قام عليها االنتداب. لقد اعتقد صناع القرار االستعماري البيطاين أن أهم املساحات العامة التي يمكن تخصيصها لالستيطان هي ما ي عرف باألرايض امل دو رة التي كان السلطان العثماين عبد الحميد الثاين قد سيطر عليها لتوسيع أمالكه السلطانية الخاصة )1)). ولكن هذه األرايض لم تكن صفحة بيضاء بل إنها ظلت تحمل إرثها االجتماعي والسيايس العثماين ولذا من الرضوري أن نستعرض ولو رسيع ا هذه الخلفية. لقد عمل السلطان عىل توسيع املمتلكات السلطانية كثري ا فقد وصلت هذه األمالك إىل ماليني الدونمات يف إجمايل أرايض السلطنة وتشك لت لها لجنة إدارية خاصة ظهرت يف سجالت الكتاب السنوي العثماين بوصفها جزء ا من جهاز الدولة وهذا ما يعكس اعتبار عبد الحميد الثاين أن هذه األمالك رمز حكومي وليست أمالك ا خاصة. ولم يرد فقط تأمني ميزانية خاصة ولكن تأكيد سلطته السيادية أيض ا إزاء السلطة البريوقراطية وتنظيم الدولة الحديث اللذين باتا يهددان مكانة السلطان بوصفه عاهال ومرش ع ا أعىل وتحقيق مرشوعه التحديثي القائم عىل مفهوم "ترقية" الفالحني والبدو وإصالح الدين )1)). وقد شملت هذه األمالك مئات آالف الدونمات يف فلسطني وترك ز معظمها يف منطقة غور بيسان )عىل ضفتي نهر األردن( وسمخ وغور الفارعة )عىل الضفة الرشقية من الغور( وبذلك أصبحت عرشات القرى وتجمعات العشائر البدوية تقع مباشة تحت ملكية السلطان ويخضع أهاليها لعالقة مباشة بإدارة أمالكه. مع عزل السلطان عبد الحميد عام 1909 أ لغ يت املكانة الخاصة ألمالكه وأعيدت إىل نظام املريي بغية إعطاء الرعية حقوق ترص ف يف األرض بموجب قانون الحيازة واإلجراءات البريوقراطية االعتيادية. لكن هذه املحاولة أثارت رصاع ا شديد ا حول التفاصيل واإلجراءات 16 انظر الفصل األول يف: Munir Fakher Eldin, Communities of Owners: Land Law, Governance, and Politics in Palestine, , PhD. Dissertation, New York University, New York, قارن ب: W.P.N. Tyler, The Beisan Lands in Mandatory Palestine, Middle Eastern Studies, vol. 25, no. 2 (1989), pp حول مرشوع عبد الحميد التحديثي راجع: Selim Deringil, The Well-Protected Domains: Ideology and the Legitimation of Power in the Ottoman Empire, (London: I.B. Tauris Publishers, 1998). حول إنشاء الجفتلك السلطاين يف فلسطني وتوسيعه قارن ب: Roy S. Fischel & Ruth Kark, Sultan Abdülhamid II and Palestine: Private Lands and Imperial Policy, New Perspectives on Turkey, no. 39 (2008), pp

7 املتصلة بمنح حقوق الترصف وحول من يحق له االستفادة منها. وقد س ج لت يف ذلك السياق تصورات متعارضة حول مفهوم امللكية واملريي ومكانة الفالح ودور البجوازية الوطنية فحني ارتأت الحكومة جري ا عىل عادة العهد األول من قانون األرض لعام 1858 )أي يف بدايات تطبيقه يف عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن التاسع عرش عىل األقل( بيع حقوق الترصف يف هذه األمالك الضخمة ملستثمرين أفراد كبار لضمان عائدات مالية عالية ورسيعة للخزينة اعرتض األهايل والنخب الوطنية يف فلسطني ويف عموم السلطنة. وكان التخو ف يف فلسطني من تمل ك الحركة الصهيونية هذه العقارات من خالل واجهة رجل أعمال بريويت. لكن أصوات النخب املدينية أيض ا تباينت وبينما رأى بعضها أن املهمة تكمن يف اعتبار األهايل املزارعني أصحاب األولوية لتطويب األرض رأى بعض آخر أن من املفرتض قيام شكة وطنية تسعى إىل تطوير هذه األرايض ألن الفالح ضعيف وغري قادر وهذا ما يجعله أداة بيد املرابني الذين سوف يسيطرون عىل أرضه ضد املجهود الوطني ورأى آخرون رضورة استمرار الدولة يف سياسة لتوطني املزارعني وحمايتهم جري ا عىل نموذج عبد الحميد الثاين. ويف ثنايا هذا السجال الذي وث قته صحف ومنشورات يف تلك الحقبة نجد شذرات من أصوات زعماء الفالحني والقبائل الذين انطلقوا من مفاهيمهم األهلية األصيلة حول األرض وملكيتها بوصفها إرث األجداد وبوصف الدولة مقيمة للعدل حافظة لإلرث ال مالكة له )1)). يف نهاية املطاف تراجعت الحكومة العثمانية عن مخط طها ودخلت يف مباحثات مع املزارعني واألهايل إلعادة األرض إىل حيازتهم عىل أساس نظام املريي االعتيادي. لكن هذه املباحثات انقطعت مع اندالع الحرب العاملية األوىل وبذلك استمر الوضع القائم كما كان يف حقبة عبد الحميد الثاين حتى االحتالل البيطاين. ومع انعقاد مؤتمر الصلح يف باريس ووصول أخبار حول املباحثات التي كانت تدور بني الصهاينة والبيطانيني حول استغالل األرض املدو رة لتنفيذ وعد بلفور بدأ الشعور الشعبي والوطني يتيق ظ من جديد وقد تضافرت يف ذلك قوى ناشطي الحركة الوطنية واألهايل وزعمائهم من املزارعني والقبائل البدوية يف الغور. ح س م مصري الغور عام 1921 لصالح األهايل مرة أخرى حني أقر ت اإلدارة البيطانية يف ترشين الثاين/ نوفمب من ذلك العام إرجاع األرايض إىل املزارعني باعتبارهم أصحابها األصليني نظر ا إىل أن الحكومة العثمانية كانت هي املسؤولة عن خسارتهم لألرض ألنها أهملت شؤون األمن فتسببت يف انقطاع الزراعة يف الغور )إذ كان القانون العثماين يرشط عموم ا استمرار الحيازة القانونية والتسجيل يف الطابو باالستغالل الفعيل املتواصل لألرض(. وكانت لهذا القرار البيطاين دالالت عميقة ففي التطبيق العميل لالنتداب اتسع املعنى الفعيل للحقوق املدنية ليشمل تصحيح أوضاع انت ه كت فيها هذه الحقوق أو أ خل بها قبل ثالثة عقود أو أربعة عىل يد العاهل العثماين الذي بات مرضب املثل يف الفساد الحكومي. وبطبيعة الحال لم يتعارض هذا التوسيع ملعنى الحقوق املدنية مع منطق االنتداب تعارض ا مطلق ا ولكنه أعاد تأكيده فلقد ظهر االنتداب م صل ح ا وم حق ق ا ألسس العدل والحكم الصالح عب ضمان امللكية وضبط دور الحكومة يف الحفاظ عليها. لكن تطور تسوية األرض وتطور الحكم االنتدايب سيثبتان أكرث فأكرث أن حدود الحي زين الخاص والعام هي مسألة سياسية مفتوحة دوم ا وأن هذه الحدود هي مساحة حركة ت مك ن السلطة الحكومية من أن تؤدي وظائف متعددة وأن تنف ذ اإلطار العام - السيايس الديموغرايف لالنتداب فقد أنتجت التسوية حقبة انتقالية واشرتطت إتمام انتقال ملكية األرض كاملة للمزارعني بدفعهم رسوم ا عالية وقس طتها مدة خمسة عرش عام ا. لكن هذه العملية ظلت مفتوحة وحدثت فيها تحوالت عم قت دور الحكومة يف إدارة جغرافيا امللكية يف الغور. قبل أن نتوس ع يف هذا املوضوع يجدر ذكر بعض األحداث السابقة التي تساعدنا يف فهم القرار البيطاين بالرتاجع عن فكرة تخصيص األرض املدورة للحركة الصهيونية. يف العام التايل ملؤتمر الصلح يف باريس أي عام 1920 ويف ضوء قلق القبائل 18 لتفصيل موس ع لهذه املواقف انظر الفصل األول يف: Owners" Fakher Eldin, "Communities of وراجع أيض ا: محمد الحزماوي ملكية األرض يف فلسطني )عكا: األسوار.)

8 ددعلاا متوز ي / زومتزومت القاطنة يف منطقة الغور وشقي نهر األردن من االستيطان اليهودي شنت مجموعة من الفرسان هجوم ا عىل مستوطنات يهودية يف منطقة طبيا واشتبكت مع القوات البيطانية يف بيسان. استطاعت القوة العسكرية البيطانية مدعومة بالطريان الحريب القضاء عىل هذه الحركة لكنها وال شك تركت انطباع ا قوي ا لدى املحتلني بأن أي إدارة مدنية مستقرة ستحتاج إىل سياسة احتواء ملختلف الفئات االجتماعية. وال شك يف أن هذا األمر كان يف الحسبان حني قرر البيطانيون إجراء تسوية أرايض بيسان لصالح األهايل )1)). جرى يف العام نفسه حدث ثان وهو نجاح الحركة الوطنية واألهايل يف الغور يف تنظيم مقاطعة شعبية تامة ملأموري األعشار. لقد أراد البيطانيون تمرير مسألة ملكية الدولة لألرض وتثبيت مكانة األهايل بوصفهم مستأجرين بال حقوق حيازة عب توقيع إيصاالت رضيبة األعشار التي احتوت خصيص ا لهذا الغرض عبارة "أجرة األرض". ويف أعقاب هذا التصعيد الشعبي قام املندوب السامي هربرت صموئيل بزيارة رسمية إىل مدينة بيسان يف العام التايل. وهذا هو الحدث الثالث املهم فقد كان صموئيل من مخططي هذه السياسة األساسيني منذ مؤتمر الصلح. وصل صموئيل مع رسالة مفادها أن استيطان اليهود يف فلسطني عموم ا ويف قسم من أرض بيسان خصوص ا سيجلب معه املنافع العمومية للجميع عرب ا ويهود ا وأن موارد املستوطنني ومعارفهم العملية الحديثة سوف "تعيد" العمران واالزدهار املفرتض لهذه األرض منذ عرص الرومان والعهد القديم. التقى صموئيل بحشد من األهايل وألقى أمامهم رسالة امللك إىل أهايل فلسطني ومن ثم انتقل إىل اجتماع مغلق يف مبنى البلدية بأعيان البلدة والغور. يف كلتا الحالتني سمع صموئيل رفض ا قاطع ا لسياسة الهجرة والتوطني الصهيوين يف فلسطني وكذلك اعرتاضات مفص لة عىل روايته حول ملكية الدولة لألرض وعدم وجود حقوق لألهايل فيها فيما عدا كونهم مستأجرين يدفعون أجرة األرض لقاء حق استغاللها. يف النهاية وبعد انقضاء بضعة أشهر أقر ت إدارة صموئيل عملي ا رواية األهايل بوصفهم األصحاب األصليني الذين ظ ل موا وسلب منهم النظام العثماين حقوق الحيازة )2)). ت ضاف إىل هذه الحوادث املباشة التي جرت يف بيسان االحتجاجات الشعبية والصدامات التي حصلت يف القدس ويافا وحر كت عموم فلسطني يف تلك الفرتة املبكرة من االحتالل البيطاين. ساهم جميع هذه العوامل يف فرض حساب جديد ملا اعتبه اإلطار االستعماري ولو يف تصوره األويل العام "حقوق ا مدنية" وملا أراد أن ي خرجه من دائرة هذا املفهوم. لكن الرصاع لم يقترص عىل الصدامات واالنتفاض بل اتخذ أشكاال مختلفة يف التاريخ اليومي آلليات الحكم. ثالث ا: امللكية والسيادة: املناظري الفلسطينية يف عام 1936 نرش رجل دين إيطايل من البطريركية الالتينية اسمه األب فيليب تلفاكس )فيليبو تلفاكيا )Fillippo Talvacchia كتاب ا صغري ا وأعادت نرشه قبل بضع سنوات جمعية حقوقية فلسطينية يجادل فيه بأن االنتداب البيطاين بات باطال قانوني ا ألنه أخل بمبدأ حفظ امللكيات والوضع القائم العثماين. وقد أكد الناش املعارص أن الكتاب فيه ما يكشف رس عمل مرشوع االستعمار يف فلسطني )2)). وكان تلفاكس قد حدد جوهر القضية فيما رآه ترجمة تحريفية خاطئة قام بها االنتداب البيطاين ملفهوم األرض املريي 19 Fakher Eldin, "British Framing." 20 راجع الفصل الثاين من: Owners".Fakher Eldin, "Communities of 21 فيليب تلفاكس ]تلفاكيا[ املريي واألمريي املالك واململوك: مالحظات قانونية يف تمييز أرايض األفراد من األرايض األمريية يف فلسطني ترجمة إبراهيم إلياس عياد )القدس: مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق اإلنسان 2010 ] 1936 [( حول الكاتب ودوره يف البطريركية الالتينية يف فلسطني يف تلك اآلونة راجع: "Filippo Talvacchia," Latin Patriarchate of Jerusalem, accessed on 14 / 8 / 2018, at: 200

9 فاعتبها أرض دولة بينما هي أرض األفراد وكان دليله عىل ذلك أن حكومة االنتداب أدخلت قوانني لحماية املستأجرين وهذا يعني أنها اعتبت نفسها صاحبة األرض إذ إن مثل هذه الصالحية تكون منوطة باملالك حرص ا. ثم يذهب الكاتب ليقول إن ثمة تمييز ا عثماني ا بني األرض األمريية التي تعود إىل السلطان أو الدولة )كما يف بيسان( واألرض املريي. فاملريي صفة تدل عىل أن األرض تقع ضمن استحقاقات الرضيبة وليست فئة ملك تعني ملكية الدولة وأن الطابو العثماين ثب ت موضوع ملكية األفراد الصحيحة يف األرض املوسومة بصفة "املريي". ثمة خطأ تاريخي مهم يف هذه املجادلة حول السياق العثماين يقوم عىل تجاهل موضوعة التمييز العثماين الدقيق بني رقبة األرض املريي التي هي بيد الدولة وحقوق الترصف التي باتت تشبه حقوق امل لك التي تخص األفراد. وهذا مرتبط بخطأ نظري وقع فيه الكاتب يتمثل باالعتقاد أن امللكية والسيادة حي زان منفصالن تمام ا وقطعي ا )2)). حقيقة األمر أن العالقة بني امللكية والسيادة أشد تعقيد ا ومما ي قر بنا من كشف جوهر الرصاع يف رأينا القول إن النضال الفلسطيني لم يكن حول امللكية فقط ولكنه كان حول السيادة أيض ا فما كان ينتجه الفلسطينيون يف حركتهم الوطنية لم يكن خطاب ا يدافع عن حقوق امللكية املحضة فحسب ولكن رواية تاريخية معلنة أو ضمنية تؤسس سيادتهم وتقوم عىل تفسري للملكية عىل نحو ينقل رقبة األرض من السلطان إىل الشعب أو األمة الحديثة. يف العمق كما جادل يف مقالة شهرية يف الفرتة نفسها تقريب ا مفكر قانوين أمرييك ي سم ى موريس كوهني امللكية حق وامتياز تمنحهما الدولة للفرد ليتحكم ليس يف األشياء فقط ولكن يف احتياجات اآلخرين ومن ثم فهي تحوي ضمن ا سلطة عىل حياة اآلخرين أي فيها من السيادة ما ي قو ض الفكرة التقليدية منذ عرص األنوار بوجوب التمييز بني القانون الخاص )امللكية( والقانون العام )السيادة( )2)). امل لكية من هذا املنطلق وباستخدام مصطلحاتنا الخاصة تفرتض عاهال أو جسد ا سياسي ا هو مصدر امل لكية. ثم يقع الرصاع يف حالة االستعمار واالستعمار االستيطاين حول ماهية هذا العاهل: أيكون دولة االنتداب أم الشعب املنتدب عليه يف هذا السياق يدخل ما ذكرناه من موضوع اإلرجاء وإعادة التكوين يف املرشوع االنتدايب ملاهية الجسد السيايس الفلسطيني ولكن يمكننا أيض ا أن نمي ز بني تصورات فلسطينية مختلفة لطبيعة مصدر امللكية فهناك بطبيعة الحال الخطاب الحديث حول األمة الذي نجده يف كتابات رجاالت النهضة ويقوم عىل مخيال اجتماعي إصالحي يهدف إىل تغيري البنى التقليدية وخلق وعي جديد باالنتماء الفردي إىل الجماعة السياسية الوطنية. ونجد هذا الهم حارض ا يف كتابات رجاالت الحركة الوطنية يف بيسان. ومثالنا لذلك جبان كزما ابن أحد رجاالت الرتبية النهضويني األوائل يف املدارس الروسية يف النارصة وأنحاء أخرى من بالد الشام. وكما يكشف املؤرخ هاين باوردي كان كزما قد درس الزراعة يف فرنسا وانضم إىل نشاطات القوميني السوريني املعارضني للحكم العثماين هناك )2)). وعىل ما يبدو عاد كزما إىل فلسطني بعد دراسته وحصل عىل مزرعة يف بيسان من إدارة األرايض املدو رة. وبعد عام 1919 انخرط مع بعض من املستثمرين املشابهني له يف العمل الوطني النهضوي وكان كزما األبرز بينهم إذ التحق بالجمعيات املسيحية - اإلسالمية وباملؤتمر الوطني الفلسطيني وكان عضو ا يف اللجنة التنفيذية. مارس كزما من موقعه هذا دور ا حيوي ا يف مسألة األرض يف الغور وكتب رسائل عديدة عىل مدار أكرث من سنتني ونصف السنة )ذلك أنه تويف يف سن مبكرة عام 1924( إىل جمال الحسيني سكرتري اللجنة التنفيذية عن العمل الوطني إجماال يف الغور وعن جمع 22 للمزيد راجع: منري فخر الدين "مراجعة كتاب املريي واألمريي املالك واململوك: مالحظات قانونية يف تمييز أرايض األفراد من األرايض األمريية يف فلسطني" مجلة الدراسات الفلسطينية العدد 89 )شتاء 2012( ص Morris Cohen, "Property and Sovereignty," Cornell Law Quarterly, vol. 13, no. 1 (1927), pp راجع الفصل الثاين يف: Hani Bawardi, The Making of Arab Americans: From Syrian Nationalism to American Citizenship (Austin: University of Texas Press, 2014). 201

10 ددعلاا متوز ي / زومتزومت التبعات للحركة الوطنية من األهايل )2)). وتناول عىل وجه الخصوص قضية األرض والعصيان الذي ن ظ م ضد جباة الرضيبة الذي كان هو أحد أبرز محركيه. وقد انت خ ب هو وشخص آخر من أبناء الغور عضو ا ممثال لألهايل يف لجنة التطويب الحكومية التي أ وك لت إليها مهمة تطبيق االتفاق مع الحكومة. وكما تدل رسائله كان له من هذا املوقع تأثري ملحوظ يف مجريات عملية التسوية وخصوص ا صد محاوالت مبكرة للحركة الصهيونية لرشاء أراض يف الغور ومحاوالت حكومة االنتداب الرتاجع عن بعض بنود االتفاقية التي منعت البيع حتى يتم دفع أقساط األرض خالل خمسة عرش عام ا ويحصل املزارعون تلو ذلك عىل شهادات ملكية من سجالت الطابو فقد استمرت الحركة الصهيونية يف الضغط عىل االنتداب يف محاولة إللغاء االتفاقية والحصول عىل امتياز يف األرض أو عىل األقل رفع القيد عىل شاء األرض قبل انتهاء فرتة األعوام الخمسة عرش. وقد نجحت جهود الحركة الوطنية طوال بضع سنوات يف الحفاظ عىل بنود االتفاقية لكن ليس عىل طول الطريق فقد أتاحت حكومة االنتداب إمكانية الرشاء يف الغور منذ عام لقد كان نشوء السوق يف الغور أمر ا محتوم ا يف ظل االنتداب وبموجب منطق امللكية. لكن ما حصل فعلي ا من تعجيل لهذا األمر وتجاوز لبنود االتفاق تعود جذوره إىل االختالفات العميقة بني فهم األهايل لروح االتفاقية والغاية منها وبني االعتبارات التي رسمتها حكومة االنتداب. لقد عد األهايل بنود االتفاقية مجحفة عىل اعتبار أن األرض ملكهم وأنه ليس منصف ا إجبارهم عىل شائها مجدد ا من الحكومة وكذلك نظر ا إىل أن االلتزامات املالية التي ف ر ضت عليهم كانت كبرية ووضعتهم تحت وطأة الديون ورحمة املرابني فامتنعوا باكر ا وعىل نحو جماعي من تسديد األقساط وحاولوا فرض أمر واقع عىل الحكومة. وكما تدل وثائق األرشيف االنتدايب أعاد االنتداب النظر يف املسألة يف منتصف الثالثينيات ونوقشت حلول مختلفة منها استعادة نظام شبيه بنظام السلطان عبد الحميد حيث تعود األرض إىل ملكية الدولة ويبقى فيها املزارعون بصفتهم مزارعني محميني ومنها إلغاء األقساط وإعطاء املزارعني حقوق ملكية كاملة مباشة. لكن الحل األول لم يكن لينسجم ومنطق االنتداب. أما الحل الثاين فقد تخو ف منه املسؤولون بحجة أنه يفتح باب سوق األرض عىل نحو يؤدي إىل تقويض االستقرار الديموغرايف وخروج املوازنة الديموغرافية - السياسية التي يقوم عليها االنتداب من سيطرته. لكن هذا االدعاء تجب إعادة النظر فيه وذلك علم ا أن حكومة االنتداب كانت قد أفسحت املجال أمام عمليات شاء مبكرة من خالل استثناءات خاصة حصلت عام 1926 والحق ا عب تعميم مثل هذه االستثناءات عىل نطاق أوسع بعد عام ويف النهاية قررت الحكومة تمديد فرتة دفع األقساط مقابل رهن األرض للحكومة بصورة قانونية وذلك لنقل موضوع التسوية من املستوى السيايس )أو "القانون العام"( إىل املستوى القانوين )"القانون الخاص" أي امل لكية(. لكن األهايل استغل وا خطأ بريوقراطي ا يف التنفيذ ووق عوا مستندات تمديد االتفاقية يف عام 1936 من دون أن يوقعوا مستندات الرهن. عب األهايل يف معروضاتهم عن ارتيابهم يف االنتداب ومستقبل الحكومة وعن توجسهم من نيات االنتداب تجاههم واعتبوا أنه يسعى لتسهيل انتقال أراضيهم إىل املستوطنني اليهود وقارنوا أوضاعهم بعهد عبد الحميد الثاين الذي أثنوا عىل قيامه بالعدل املتمثل بمبدأ حماية املزارعني. لم تكن ملكية السلطان لألرض تعني من منظورهم فساد ا يف الحكم وخلط ا للعام بالخاص ولكنها كانت تعني تويل السلطان أو الدولة شأن الوصاية عىل املزارعني بوصفهم أصحاب الحق يف األرض ويف البقاء والعيش فيها بوصفها أرض أجدادهم. وهذا ما توخ وه أو طلبوه من االنتداب أيض ا. ومن هذا املنظور فإن االنتداب ليس إرجاء للسيادة الوطنية وإنما هو تقويض وهدم ملفهوم أهيل م هم ش للمريي أو لرقبة األرض وللسيادة بوصفها تعود يف نهاية املطاف ويف األصل إىل األجداد والسلف الذين يورثونها إىل أبنائهم وما السلطان أو الدولة سوى حام أو ويص عليها وليس مالك ا مطلق ا لها. ولكن األهايل ظلوا متمسكني بهذا املفهوم أساس ا أخالقي ا لل حمتهم األهلية ولتعاضدهم أمام آليات الحكم التي كانت تضغط نحو تفتيتهم إىل أفراد ومحض فئات حكم بريوقراطية )2)). 25 راجع: منري فخر الدين "هواجس النهضة يف رسائل جبان كزما إىل جمال الحسيني " حوليات القدس العدد 12 )شتاء 2011( ص See: Fakher Eldin, "Communities of Owners," Chapter

11 نصل هنا إىل سؤال مهم حول االختالف والتباين بني خطاب النخبة الوطني واملفهوم الشعبي للم لكية: هل مث ل هذا األمر فجوة وص م م ا شامال يف العالقات بني القوى الوطنية ونخبها البجوازية الثقافة وبني املزارعني ومفاهيمهم الشعبية التي ال تبدو منسجمة مع لغة العرص والتمدن قد يكون هذا التمييز سهال عىل صعيد الخطاب وأحيان ا عىل صعيد التحليل البنيوي للمصالح الطبقية الخالصة أم ا يف مجال العمل السيايس والتحالفات السياسية فتبدو التقاطعات أشد تعقيد ا. ولعل حالة جبان كزما خري مثال عىل ذلك. كان كزما عىل دراية بأن االنتصار الذي تحقق يف عام 1921 كان جزئي ا فقط وأن التحديات االقتصادية املاثلة أمام املزارعني كانت ضخمة جد ا وأنه ال مجال الستمرار الحماية املرجوة لألرض العربية من دون دعم مايل وطني حثيث للمزارعني. فكيف تعاملت الحركة الوطنية مع هذا التناقض عىل صعيد النرث والخطابة الم كزما البنية التقليدية للزعامة ولكنه الم طبيعة املشاعر أو العواطف الشعبية أيض ا فعىل الرغم من أن هذه املشاعر والعواطف عكست يف رأيه أصالة وصدق ا هما أساس األمة فإنها كانت قابلة لالنقالب فجأة إىل سلوك "قطيعي" عاطفي بال عقل ضابط وهذا ما يجعل قيادة األهايل أمر ا محبط ا. لم يربط كزما عىل صعيد مفاهيمه الخطابية امل فص ح عنها بني منطق امللكية الجديد وأوضاع الفالحني ولم يتحدث عن أهمية البنى االجتماعية التقليدية بالنسبة إليهم ولكنه عزل "الروح" األصيلة النقية لدى األهايل وأراد تطويعها يف بنى وقوالب اجتماعية جديدة. وقد عب عن ذلك ببالغة جميلة يف مقالة قصرية بعنوان "التعاضد الوطني" نرشتها جريدة الكرمل بتاريخ 12 آذار/ مارس 1921 تحد ث فيها عن رضورة بناء جمعيات تضامن اجتماعي حديثة تقوم عىل روح التكافل والتعاون )الفزعة( التقليدية التي نجدها يف الثقافة الشعبية. أم ا ما ال تفصح عنه كتابات كزما فيكشف عنه الواقع العميل للتسوية التي انخرط يف تنفيذها عىل األرض فعىل الرغم من التبيرات الرسمية لعملية "إصالح نظام األرض" التي دارت حول فضائل امللكية الخاصة وعىل الرغم من الخطاب الحدايث الوطني فرض الواقع االجتماعي لحيازة األرض نفسه عىل التسوية. وهذا صحيح أيض ا منذ الحقبة العثمانية إذ ظلت البنى االجتماعية وترتيبات حيازة األرض عىل حالها تقريب ا. ونستطيع أن نستدل عىل ذلك من بعض الوثائق العثمانية ومن النظر يف نتائج تسوية األرض التي عكست وجود نظام حيازة مشاعي تقليدي من حيث تقسيم األرض إىل قطع صغرية قليلة العرض وتعد د أمكنة الق طع التي يملكها الفرد أو يشرتك يف ملكيتها باألسهم مع شكائه يف املرياث. لقد ساهم هذا األمر يف استمرارية البنى االجتماعية يف الغور وأشكال التضامن التقليدية. ونخم ن هنا أن كزما لم يكن فقط عىل علم بهذه الديناميكيات ولكن ال بد أنه أسهم يف دعم رؤية األهايل وتوظيفها للحفاظ عىل نمطهم املحيل يف الحيازة من خالل موقعه املباش بوصفه مسؤوال يف لجنة التطويب. وعىل العموم إذا أردنا أن نكتب تاريخ املواجهة االستعمارية والتاريخ االجتماعي - السيايس فيما يتعلق باألرض فال بد من أن ننظر ملي ا يف هذا الواقع االجتماعي للحيازة وآلياته الداخلية. رابع ا: النسيج الجتامعي للم لكية وجغرافيا الستعامر الستيطاين: محدودية السوق والعنف كتب توفيق كنعان يف ثالثينيات القرن املايض وهو طبيب وباحث فولكلور فلسطيني معروف عن عرب الصقر يف غور بيسان واصف ا تدهور أوضاعهم من عشرية قوية تملك مئات الفرسان والخيول وتأمر يف املنطقة إىل مجموعة من املضارب املتفرقة الفقرية جد ا )2)). كان كنعان عىل اطالع عىل األوضاع هناك كونه أحد رجاالت النخبة الوطنية الذين اشرتوا مزارع يف الغور من عرب الصقر بهدف مزدوج: استغالل فرصة االستثمار التي باتت متاحة أكرث من ذي قبل هناك بتأثري التسوية وتلبية نداءات الحركة الوطنية إلنقاذ 27 Tawfiq Canaan, "The Saqr Bedouin of Bisan," The Journal of the Palestine Oriental Society, no. 16 (1936), pp

12 ددعلاا متوز ي / زومتزومت األرض العربية من الترس ب إىل املستوطنني اليهود. ولكن الصورة التي رسمها عىل الرغم مما فيها من درجة عالية من الحقيقة ومما تكشفه من االنقالب الكبري يف املصائر تحتمل مزيد ا من التوضيح. لقد وقع الغور يف ذلك الجزء من فلسطني الذي ترك ز فيه ضغط الحركة الصهيونية فقد كان يمث ل زاوية يف املخطط االستيطاين الشهري الذي ع رف باسم المخطط "N" وهو الذي عملت من خالله الحركة وهدفت إىل السيطرة عىل السهول الفلسطينية الخصبة التي امتدت عىل طول الساحل غرب ا من غزة جنوب ا إىل حيفا شماال ومن ثم عىل امتداد سهول مرج ابن عامر عىل محور جنويب شقي من حيفا إىل منطقة بيسان يف األغوار ومن ثم شماال إىل سهول منطقة بحرية طبيا والحولة. ولكن املواجهة التي حصلت يف بيسان كان لها طابعها الخاص فيما لو قورنت بسهل مرج ابن عامر والحولة ففي تلك السهول جرت بيوع أراض من جانب مالك غائبني )بريوتيني( بمساحات كبرية يف غضون سنوات قليلة واستطاع االستعمار االستيطاين تهجري الفالحني منها تهجري ا كامال تقريب ا. كان األمر يف بيسان مختلف ا إذ اصطدمت آليات السوق بعدد كبري من أبناء مجتمعات قروية وبدوية وشك لت جغرافيا ملكية تشبه حيز ا مديني ا مكون ا من قطع صغرية مع عدد كبري جد ا من املالكني الذين تشاركوا يف معظم الحاالت يف أسهم غري مفرزة يف قطع كثرية جد ا ومبعرثة )انظر خريطة قرية الساخنة(. يف مثل هذا الواقع الذي يشبه عملية سيطرة رأسمالية تدريجية عىل حيز مديني يف حي فقري Gentrification ال يمكن حتى مع تفاوت هائل يف الرثوات والقوة أن تحصل عملية اقتالع وتمل ك شامل يف الحي ز من دون إحداث انقالب جذري يف موازين القوى. ال شك يف أن من املنطقي طرح السؤال حول دور سياسات االنتداب يف هذه العملية بدء ا من الثالثينيات والحق ا يف عقد األربعينيات: هل ساهمت يف تسهيل آليات السوق أم هل ساهمت يف تحجيمها واستفادة االستيطان الصهيوين منها علم ا أنه كان هناك مستفيدون منافسون - ومنافسون بشدة أحيان ا - من آليات السوق واضح أن االنتداب طب ق سياستني متعاكستني يف االتجاه: إحداهما إتاحة سوق األرض واألخرى ضبط هذه السوق. وليك نفحص تفاعل هاتني السياستني واملعنى الفعيل للتوازن بينهما ال بد من أن نرشك عوامل أخرى يف التحليل كالقوة الرشائية للحركة الصهيونية وقوة الصمود الفلسطيني. وتحتاج اإلجابة الوافية عن هذا السؤال أيض ا إىل الخوض يف تفاصيل كثري من الحاالت الفردية وهو أمر متعذر يف سياق هذه الورقة. نكتفي بالنظر يف قصة عشرية الصقر. ونرك ز عىل قصة إحدى قراها وهي قرية الساخنة التي مث لت بداية ترسب األرض من األهايل إىل مالكني من الخارج وتداخلت فيها معظم العوامل املذكورة. لقد تكونت العشرية بحسب معطيات أرشيف االنتداب من ثمانية تجمعات سكنية وبلغت مساحة أراضيها اإلجمالية التي و ز عت نحو 39 ألف دونم وبلغت أرايض الساخنة نحو 6500 دونم. ولم تكن بداية دخول مالك خارجيني إليها من قبل اليهود فقد سمحت الحكومة يف عام 1926 بالتملك ملستثمر ي ن مقر بني من سلطة االنتداب أحدهما لبناين كان قد خدم اإلدارة البيطانية يف مرص وانتقل إىل فلسطني وهو سليمان بك ناصيف والثاين إنكليزي يسم ى الكابنت روس. واستطاع الرشيكان التوصل إىل اتفاق مع كثري من أهايل القرية عىل بيعهما حصصهم الكثرية إلقامة مزرعة وتشغيلهم فيها. وبهذا اعتقد األهايل فيما يبدو أنهم سيتخلصون من مطالب الحكومة املالية عب العودة كما كتبوا الحق ا يف إحدى معروضاتهم للحكومة إىل وضع مزارعني محميني يشبه حالهم يف زمن السلطان عبد الحميد الثاين )2)). وكما تدل دراسة فايرستون عن مزارع آل عبد الهادي يف عر ابة جنني يف فرتة االنتداب فإن مثل هذه العالقات شبه اإلقطاعية التي يلتزم فيها صاحب األرض عالقات أخالقية بمزارعيه كانت باقية آنذاك يف الثقافة وحتى يف عرف صاحب األرض اإلقطاعي وتصوره لدوره ومنصبه االجتماعي وإن بدأت تتصدع يف ثالثينيات القرن العرشين )2)). ومن هذا 28 لتفاصيل هذه القضية راجع الفصل الثالث يف: Owners".Fakher Eldin, "Communities of 29 Ya'akov Firestone, "Crop-Sharing Economics in Mandatory Palestine: Part I," Middle Eastern Studies, vol. 11, no. 1 (January 1975), pp. 3-23; Ya'akov Firestone, "Crop-Sharing Economics in Mandatory Palestine: Part II," Middle Eastern Studies, vol. 11, no. 2 (May 1975), pp

13 املنظور فليس من املستغرب أن يتحدث أهايل الساخنة عن اتفاق كهذا لكن تداعيات األمور ستكشف االنقالب الحاصل يف ثقافة الحيازة والعالقات الزراعية واملفارقة امل ر ة التي عاشها أبناء القرية إثر اشتغال منطق السوق واالستعمار - االستيطان. عىل ما يبدو فإن أبناء القرية لم يكونوا جميعهم عىل رأي واحد يف موضوع ناصيف وروس فقد رفض عدد منهم بيع حصصه ومن ثم منعوا توحيد حصص الرشيكني الجديدين. وخالل فرتة وجيزة بعد االتفاق يف عام 1936 تبي ن أن الرشيكني عىل خصام وأنهما فضا شاكتهما وقس ما حصصهما. وهكذا نشأت جغرافيا م لكية مكو نة من الكثري من القطع املتداخلة واملبعرثة منها ما هو بيد ناصيف ومنها ما هو بيد روس ومنها نحو 900 دونم من أصل 6000 دونم تقريب ا ظلت إما كاملة أو مشرتكة باألسهم بأيدي األهايل )انظر الخريطة(. ثم تبني أيض ا ورسيع ا أن روس قد باع حصصه للصندوق القومي اليهودي. ويف عام 1928 باع ناصيف أيض ا حصصه للجهة نفسها بحجة أن االستثمار لم ينجح بسبب تعذ ر توحيد القطع وهو ما أدى إىل فشل الرشاكة مع روس. ولكنه تعهد قانوني ا يف عقد البيع بأن ي خرج األهايل ويسل م األرض إىل الصندوق خالية من املزارعني. وهنا بدأت مقاومة األهايل فرفضوا إخالء األرض ورفضوا املوافقة عىل توحيد القطع وات هموا املالكني الجديدين بالخداع وطالبوا الحكومة بإدراجهم يف السياسات الجديدة التي أ قر ت لحماية املزارعني وإعادة املخر جني من أرضهم. وعىل الرغم من أن التعريف الدقيق لهذه السياسات لم يشمل من باع أرضه بنفسه مثلهم وإنما فقط املستأجرين الدائمني الذين خرسوا أرضهم بفعل البيع من أصحاب األرض فقد استطاع األهايل أن يضغطوا عىل الحكومة ليك تتفاوض معهم حول املوضوع. وقد استقطب األهايل اهتمام ناشطي الحركة الوطنية يف بيسان والقيادات الوطنية يف القدس فعز ز هذا األمر موقفهم. لم ت فض املفاوضات إىل حل مقبول من جانب األهايل الذين طالبوا بأرض بديلة لجميع أبناء القرية الذين بقوا يف املكان ولم يرحلوا ومنهم حتى أولئك الذين باعوا األرض لناصيف وروس يف األصل لكنها أعطتهم وقت ا إضافي ا عىل مدار عقد من الزمن لالستمرار يف حيازة األرض وعدم إخالئها عملي ا حتى انتهاء الثورة الكبى ) (. وحني نشوب الثورة عام 1936 كانت الساخنة إحدى نقاط الت ماس األوىل إذ أحرق األهايل كوخ ا للحراثني املستوطنني الذين أرسلتهم الحركة االستيطانية الصهيونية للسيطرة عىل املكان والحق ا سيطروا عىل كل األرض واقتلعوا جميع األوتاد التي سبق أن و ض عت ضمن عملية رسم الخرائط والتطويب. ويف املقابل زرع املستوطنون يف عام 1937 يف أرايض الساخنة نواة أوىل مستوطنات ما عرف ب "السور والبج" ذات الطابع العسكري التي تحتفي بها الرواية الصهيونية بصفتها رمز ا لروح الدفاع الهجومي الذي أم ن قيام دولة إرسائيل. ويف أعقاب الثورة واختالل موازين السيطرة اإلسرتاتيجية عىل الحيز لصالح االستيطان تم إخراج أهل الساخنة من جميع القطع املبيعة لكن القطع التي رفض أصحابها البيع أو توحيد امللكيات ظلت قائمة من غري تغيري ولم تفلح السيطرة األمنية يف اقتالعها حتى عام )3)) ال شك يف أن هذا املشهد يدل عىل اضمحالل قوة عرب الصقر وانقالب املصائر عليهم كما ذكر كنعان. فما حصل مع الساخنة حصل أيض ا مع مناطق أخرى من الغور كانت تابعة لعرب الصقر وغريهم وقد وصلت نسبة األمالك التي بيعت ملستثمرين أفراد )عرب ويهود( وللصندوق القومي اليهودي وللمستوطنني األملان الهيكليني ما يقارب ثلث مساحة األرايض األصلية )سيطر الصندوق القومي اليهودي عىل معظم هذه األرايض املبيعة فقط يف فرتة الحرب العاملية الثانية وبتكاليف عالية(. ومع ذلك يمكننا أن نفرتض هنا أمر ا أساسي ا: أنه إذا لم تكن القدرة الرشائية قد وصلت إىل نهايتها بالرضورة فإن وتريتها وتكلفتها العالية وتشظ يها كل ذلك جعلها أقل قدرة عىل إشباع احتياجات املرشوع الصهيوين الطامع يف السيطرة القومية عىل الجغرافيا. ولذا لم يكن بد من العنف العاري واالقتالع لتحقيق السيادة. ومعنى هذا أن امللكية وحدها أو سوق األرض وحدها عىل عكس ما ظن زيدان عام 1913 لم تكن يف نهاية املطاف كافية إذ سيطرت الحركة الصهيونية عىل باقي أرايض غور بيسان كما يف حال معظم أرايض فلسطني بالقوة العسكرية والتطهري العرقي يف حرب عام Fakher Eldin, Communities of Owners, Chapters 3 and ملزيد من التفاصيل راجع: 205

14 ددعلاا متوز ي / زومتزومت خريطة تقسيم أرايض قرية الساخنة التابعة لعرب الصقر يف غور بيسان عام 1928 الحقول غري امللونة تدل عىل ملكية عربية كاملة واملخططة بالبتقايل تدل عىل ملكية مشرتكة أما امللونة باألزرق فتدل عىل أمالك الصندوق القومي اليهودي املبيعة من كابنت روس واألرجوانية تدل عىل أمالك ناصيف. املصدر: أرشيف الدولة اإلرسائييل.ISA M 305/11 خامس ا: بعض الخلصات حول قوة امللكية وحدودها ال تكتفي الرسدية الصهيونية بالتوراة لتؤسس ادعاء حق سيادي يهودي يف فلسطني ولكنها تعتمد عىل "شعية" امللكية أيض ا إذ ت قد م االنتقال من مرحلة االستيطان ما قبل عام 1948 إىل مرحلة الدولة عىل أنه التتمة الطبيعية لرشاء األرض بالنقود شاء صحيح ا. ويحتفي الخطاب الصهيوين عىل الصعيدين األكاديمي والدعايئ الشعبي ضمني ا أحيان ا ورصاحة أحيان ا أخرى بعمليات شاء األرض بوصفها اكتساب ا أو "اسرتجاع ا" شعي ا لحق السيادة القومية اليهودية. ونسمع أصداء معكوسة لهذا الخطاب الذي يوح د ببساطة وتلقائية بني امللكية والسيادة يف أقوال كثري من الفلسطينيني والعرب عموم ا. وهذا ما حدا إلياس شوفاين إىل أن يحذ ر من هذه املغالطة كون السبب يف قيام إرسائيل هو دعم القوى اإلمبيالية وليس مشرتي األرض بذاته )3)). 31 إلياس شوفاين "مقدمة" يف: يوسيف نحماين يوسيف نحماين: مذكرات سمسار أراض صهيوين إعداد وتحرير يوسيف فايتس ترجمة وتقديم وإعداد إلياس شوفاين )دمشق: دار الحصاد 2010( ص

15 وال شك يف أن ما ينبه شوفاين له هو أمر مهم لكنه يحتاج إىل مزيد من التوضيح إذ ال بد من أن ن رج ع الدعم اإلمبيايل للصهيونية إىل عام 1917 وربما إىل وقت أسبق خالل القرن التاسع عرش. لقد سعت الحركة االستيطانية االستعمارية الصهيونية إىل التملك بصفة شبه قومية وخصوص ا منذ الهجرة الثانية القومية الطابع بعد عام فكيف نفهم هذا املرشوع "شبه القومي" يف ظل السيادة العثمانية وكيف نفهم الفارق الذي أحدثه االنتداب البيطاين ثم النظام اإلرسائييل لإلجابة عن هذه األسئلة يجب أن نحل ل العالقة بني امللكية والسيادة يف ديناميكيتها ومعطياتها املتغرية يف كل سياق ال أن نفرتض عالقة معيارية ثابتة لها. خالل الحقبة العثمانية كانت القوة التي يمنحها حق امللكية لصاحب األرض )اإلقطاعي أو املستوطن( كبرية جد ا بحيث تتيح حرية تحك م يف ظروف العمل عىل أرضه )إذ لم يعرف القانون العثماين سوى حق الترص ف ال حق املستأجر أو العامل( وهذا ما أتاح للصهيونية أن تنشئ سياسة غزو شبه قومي تحت شعار "غزو العمل" الشهري بقوة امللكية. لكن ذلك لم يعن تقويض ا للسيادة العثمانية يف حد ذاته وال أفق ا مفتوح ا وحر ا لالستيطان والسيطرة عىل البلد كما ظن جرجي زيدان. وما يؤكد استنتاجنا هذا أمران: أوال أن نظام امللكية لم يكن منترش ا عىل هذا النحو سوى يف جزء محدود من فلسطني إذ إن معظم فلسطني كانت تحت أنظمة الحيازة القروية والرعوية بال هيمنة وال نفاذ عميق وجذري ملنطق رأس املال. وثاني ا أن املجتمعات األهلية ومنها املجتمع املدين الفلسطيني الناشئ عىل الرغم من ضعفه لم تكن معدومة القدرة عىل املقاومة االقتصادية والسياسية بالتمام بل كما رأينا استطاعت فئات مستضع فة أن تقاوم قانون امللكية وقوى السوق وأن تصمد عىل األرض. لقد ذهبت السياسة البيطانية إىل توسيع قوة امللكية ومنطق السوق وأعطت امللكية اليهودية أفق ا وأبعاد ا سياسية لم تحلم بها يف السياق العثماين. لكن هذه األبعاد السياسية ظلت محكومة بإطار االنتداب الحكماين وتصو ره للسيادة املرجأة بوصفها ال عربية محضة وال يهودية محضة ولكن تركيب ا من االثنتني )ولو تراتبي ا( وهذا ما أدى إىل دور حكومي مط رد يف الهندسة واملوازنة الديموغرافيتني وإعادة رسم حدود حقوق امللكية وتأطري الحريات املنبثقة منها. كان يف إمكان هذا التدخل الحكومي االنتدايب أن يشتد ليقو ض وعد بلفور تمام ا وبالفعل اقرتب االنتداب من ذلك يف بداية الثالثينيات لكن نفوذ الحركة الصهيونية وقوتها منعا هذا التحول ودفعاه إىل الرتاجع رسيع ا ويف نهاية املطاف دفعا نحو حل التقسيم القومي. كل هذا لم ينف سياقات جزئية محلي ة الطابع وق طرية أيض ا استطاع فيها الفلسطينيون املقاومة والنضال لقلب سياسات االنتداب. وبعد النكبة ونشوء إرسائيل انقلب مفهوم التدخل الحكومي انقالب ا حاسم ا لصالح قوة الدولة لكن ضمن مفهوم سيادة يهودية رصف. لقد و ظ ف التدخل الحكومي ليس فقط لتضييق املساحة الفعلية للملكيات العربية )بفعل مصادرات هائلة ألمالك الالجئني وبفعل كثري من القوانني واإلجراءات واملفاهيم التكنوقراطية والقضائية واملخططات الهيكلية التي ما برحت تتفاقم إىل يومنا هذا( ولكن يف العمق لنفي املساحة السياسية للم لكية العربية أي كونها امتداد ا لسيادة معتقلة. إن النظر إىل املوضوع من هذا املنظور أي التعد د والتبدل يف إمكانيات العالقات بني امل لكية والسيادة وأشكالها يفتح أمامنا املجال للبحث يف تقلبات موازين الرصاع وأطر الحكم التي صنعت الرشط االستعماري االستيطاين يف فلسطني منذ أواخر العهد العثماين وكذلك للبحث يف تصورات الفلسطينيني أنفسهم وإسرتاتيجياتهم التي لم تنقطع عىل الرغم من النكبة املستمرة وتقويم هذه التصورات واإلسرتاتيجيات. 207

16 ددعلاا متوز ي / زومتزومت املراجع العربية تلفاكس ]تلفاكيا[ فيليب. املريي واألمريي املالك واململوك: مالحظات قانونية يف تمييز أرايض األفراد من األرايض األمريية يف فلسطني. ترجمة إبراهيم إلياس عياد. القدس: مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق اإلنسان ]1936[ الحزماوي محمد. ملكية األرض يف فلسطني عكا: األسوار الحوت بيان نويهض. فلسطني: القضية والشعب والحضارة - التاريخ السيايس من عهد الكنعانيني حتى القرن العرشين. بريوت: دار االستقالل للدراسات والنرش شحادة رجا. قانون املحتل: إرسائيل والضفة الغربية. بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية عقل أمني موىس )تحرير وإعداد(. الوثائق الرئيسية يف قضية فلسطني: من أرشيف األمانة العامة للجامعة العربية املجموعة األوىل تقديم وليد الخالدي. بريوت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية فخر الدين منري. "هواجس النهضة يف رسائل جبان كزما إىل جمال الحسيني ". حوليات القدس. العدد 12 )شتاء.)2011. "مراجعة كتاب املريي واألمريي املالك واململوك: مالحظات قانونية يف تمييز أرايض األفراد من األرايض األمريية يف فلسطني". مجلة الدراسات الفلسطينية. العدد 89 )شتاء 2012(. نحماين يوسيف. يوسيف نحماين: مذكرات سمسار أراض صهيوين. إعداد وتحرير يوسيف فايتس. ترجمة وتقديم وإعداد إلياس شوفاين. دمشق: دار الحصاد األجنبية أرشيف الدولة اإلرسائييل.ISA M 305/11 يفتاحئيل أورن وساندي كيدار وأحمد أمارة. "إعادة التفكري بنظرية 'النقب امليت': حقوق امللكية يف الحيز البدوي" ]بالعبية[. مجلة مشباط وممشال. مج.14 العددان )2012( Bawardi, Hani. The Making of Arab Americans: From Syrian Nationalism to American Citizenship. Austin: University of Texas Press, Canaan, Tawfiq. "The Saqr Bedouin of Bisan." The Journal of the Palestine Oriental Society. vol. 16 (1936). Cohen, Morris. "Property and Sovereignty." Cornell Law Quarterly. vol. 13. no. 1 (1927). Deringil, Selim. The Well-Protected Domains: Ideology and the Legitimation of Power in the Ottoman Empire, London: I.B. Tauris Publishers, Fakher Eldin, Munir. "Communities of Owners: Land Law, Governance, and Politics in Palestine, " PhD. Dissertation, New York University. New York,