تأويل النص القرآني في الفكر التفسيري الح وزي )الشيخ حسن المصطفوي إنموذج ا( الخالصة الدكتور حيدر شناوة الزيدي حظي النص القرآني الكريم بأهمي ة كبيرة وبا

النسخ

1 تأويل النص القرآني في الفكر التفسيري الح وزي )الشيخ حسن المصطفوي إنموذج ا( الخالصة الدكتور حيدر شناوة الزيدي حظي النص القرآني الكريم بأهمي ة كبيرة وبالغة في التراث اإلسالمي ألن ه النص الشرع ي الذي ت بتنى عليه الثقافة العربي ة اإلسالمي ة وانطالق ا من مقولة: إن النص ال يعيش إال في ظل التأويل فضال عن رد التهمة الموج هة لمذهب أهل البيت)ع( التي مفادها أن هم قد هجروا القرآن الكريم خصوصا في الحوزات العلمي ة. وما ال يخفى على أحد أن نتاج الحوزة العلمي ة في تفسير القرآن وعلومه وما يدور حوله من دراسات وبحوث نتاج غزير وعميق ألن ه ي عد الرافد األو ل من روافد االستنباط خصوص ا إذا ما علمنا أن الكوفة كانت مدرسة القرآن الكريم وأن النجف األشرف كان بيئة الدرس القرآني منذ أيام شيخ الطائفة الطوسي )ت 064 ه( وال يمكننا في هذا البحث أن نحيط بالنتاج الذي صدر عن حوزاتنا ولكن ما ضم ته الساحة الثقافي ة اإلسالمي ة شاهد ودليل على ذلك االهتمام لذا عقدنا العزم منتقين دراسة حوزي ة واحدة كأنموذج لرد التهمة هذه وفي الوقت نفسه لمعرفة آلياتها المت بعة في تأويل النص القرآن ي. Interpretation of the Qur'anic Text in the Interpretive Thought of Al- Hawza (Sheikh Hassan Al-Mostafawi As A Model) ABSTRACT The text of the Holy Quran is of great and highly importance in the Islamic heritage, because it is the legal text adopted by the Arab Islamic culture, and based on the saying: The text does not live except under the interpretation), As well as the response to the accusation addressed to the doctrine of Ahl al-bayt(family of prophet Mohammed (Pbuh) that they have left the Koran, especially in the scientific estates(al-hawzat) and it is no secret that the product of the scientific estates(al-hawzat) in the interpretation of the Koran and its sciences or what is going on around of the studies and research, It is a prolific and profound product, because it is the first stream of tributaries, especially if we know that Kufa was the holy Koran school, And that Najaf was the environment of the Koran lessons since the days of Sheikh al- Tusi, Sheikh of the Shiite community (460 Hijri). In this research, we cannot take into account the output of our estates. We cannot in this research to take gross issued by the Shiite religious schools, but what the Islamic cultural scene has included is proof evidence of that interest, so we resolved, that we chose a single Hawza study as a model for the response of this charge, and at the same time to know the mechanisms used in the interpretation of the text of the Quran. DOI: /JALHSS

2 المقدمة الحمد هلل رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين إي اك نعب د وإي اك ن ستعين والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين حبيب قلوب الصادقين أبي القاسم دمحم وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وصحب ه المنتجبين. أما بعد... فقد حظي الن ص القرآن ي الكريم بأهمي ة كبيرة وبالغة في التراث اإلسالمي ألن ه النص الشرع ي الذي ت بتنى عليه الثقافة العربي ة اإلسالمي ة وقد أخذ بيا ن مقاصد الن ص القرآن ي حي ز ا في فكر اللغويين والمفسرين المتقد مين منهم والمعاصرين فظهرت على مر الحقب قراءا ت تأويلية من قبل المذاهب والفرق و سمت باالختالف إلى درجة التعارض واالنقسام وذلك الختالف المنهج واألدوات المعتمدة في فهم النص وتأويله. ونظر ا ألهمية التأويل في الدراسات القرآني ة وانطالق ا من مقولة: إن النص ال يعيش إال في ظل التأويل فضال عن رد التهمة الموج هة لمذهب أهل البيت)عليهم السالم( التي مفادها أن هم قد هجروا القرآن الكريم خصوصا في الحوزات العلمي ة وأن ه لم تكن له مكانة مناسبة في دروسها لذا عقدنا العزم على بحث ذلك منتقين دراسة حوزي ة واحدة كأنموذج لرد التهمة هذه وفي الوقت نفسه لمعرفة آلياتها المت بعة في تأويل الن ص القرآن ي فوسمنا البحث ب )تأويل النص القرآني في الفكر التفسيري الحوزي الشيخ حسن المصطفوي أنموذج ا( مقس مين إي اه على أربعة مباحث سبق ها تمهيد وتالها ث ب ت النتائج. وقد خ ص ص التمهيد لتسليط الضوء فيه على مفردات العنوا ن واألنموذج تبعه المبحث األول لبيان التفسير القرآن ي في الفكر الحوزي في حين تكف ل المبحث الثاني بمفهوم المعنى المحوري وأهمي ته في القراءة التأويلي ة ولم ا فرغت منه أعقبته بمبحث ثالث وض حت فيه عالقات المعنى المحوري باألبحاث اللغوي ة والقرآني ة ليأتي المبحث الرابع تطبيق ا للقراءة التأويلية وبيان أثرها وذلك بانتخاب ماد تين لغويتين قرآني تين متنوعتين ظهر في األ ول منهما األثر في ظاهرة المجاز اللغوي وفي ثانيهما األثر الشرعي وبذا ختمت المباحث ألشرع بتدوين ما عن لي من نتائج أعقبت ها بهوامش البحث ثم مصادره. وأخير ا نسأل هللا عز وجل أن يهدينا سبيل ه الحق الذي أنعم على أنبيائه وأوليائه غير المغضوب عليهم وال الضالين وأن يعفو عن ا هفوات نا وزالت أقالم نا وكما قيل: على المرء أن ي سعى بمقدار ج هد ه وليس عليه أن يكون موفقا آمل أن يجعل هللا عز وجل هذا العمل خالص ا لوجهه الكريم وآخر دعوانا أن الحمد هلل رب العالمين. التمهيد نظرة في مفردات العنوان واإلنموذج أوال : مفردات العنوان: لعل من المناسب قبل الولوج في البحث أن نعر ف ونوض ح مفردات العنوان واألسباب التي دعت إلى اختيارها دون غيرها من المصطلحات وبيان ذلك في اآلتي: 1. بين التفسير والتأويل: كث رت التعريفا ت لهذين المصطلحين وقد حفلت دراسا ت المتقد مين والمعاصرين ببيان الفرق بينهما وكان لكل واحد منهما استدالالته وسنلجأ إلى اختصار تلك الدراسات واالستدالالت ونبين المصطلح الذي اخترناه وهو )التأويل( بدال من التفسير لوجود عالقة فيما بينه وبين ما ورد في طي ات البحث وهو ما سيت ضح الحق ا - فالتأويل في اللغة: مأخوذ من أ و ل واألول: الرجوع آل الشيء يؤول أوال ومآال : رجع )1( وأو ل الكالم وتأو له: د ب ره وق د ر والتفسير في اللغة: مأخوذ من الف س ر وهو البيان ف س ر الشيء ي فس ره بالكسرة )2( وي فس ره بالضم ف سر ا وفسره: أبانه وكل شيء يعرف به تفسير الشيء ومعناه فهو تفسرته. واصطالح ا فإن التفسير: هو بيان مراد القران الكريم وبيان السنن والحكم والمواعظ التي يمكن أن تستقى من اآلية المباركة والتأويل: هو بيان تلك السنن والقواعد وهي تتجلى في الحياة ضمن أمثلة واضحة. وعلى هذا الرأي يكون معنى التأويل هو التطبيقات العملي ة لآلية المباركة. بمعنى آخر أن التفسير يعني بيان الحكم والسنن والمعاني القرآني ة )3( في حين أن التأويل يعني بيان المصاديق الواضحة لآليات المباركة. 57

3 )4( 2. الفكر التفسيري الحوزي : الف ك ر : هو إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى معرفة مجهول وي قال: لي في األمر فكر : نظر ورؤية ) 5 ( وقد قي دنا )الفكر( في العنوان لالبتعاد عن عمومي ته بوصفنا أن ه )تفسيري ( وقي دنا )الفكر التفسيري ( بوصفنا أن ه )حوزي ( أي فكر الحوزة العلمي ة الذي تناول القرآن درس ا وتفسير ا. ثانيا : أنموذج الدراسة: ي عد الشيخ حسن المصطفوي أحد الباحثين والكت اب في المعارف القرآني ة الذي خلد اسمه في تاريخ العلم والمعرفة من خالل مؤلفاته العرفاني ة والتفسيري ة واللغوي ة وتحقيقاته المتنو عة ومنها كتابه )التحقيق في كلمات القرآن الكريم( الذي سنستعين به في دراستنا هذه وقبل تسليط الضوء على الكتاب ال بد لنا من التعريف بمؤل فه. )6( 1- المؤلف: حياته وثقافته : هو الشيخ حسن بن الشيخ عبد الرحيم ولد في 4330 ه في مدينة تبريز اإليرانيةة وقضى طفولته فيها برعاية والده الذي ي عد من علماء المدينة المعةروفين بالزهةد والتقةوأ. أكمةل دراسةت ه االبتدائي ةة والثانوي ة بطريقة مسر عة وذلك لقدرته الفائقة ونبوغ ه العلمي الذي أشاد به أساتيذ ه. رحةل إلةى مدينةة قةم المقد سةة لتلقي العلوم الديني ة ورحل بعدها إلى مدينة النجةف األشةرف إلكمةال دراسةته الحوزي ةة وعةاد منهةا إلةى مدينةة قةم ليشرع بتدريس علوم القرآن وتفسيره فضةال عةن العلةوم الديني ةة وتتلمةذ فةي أثنةاء دراسةته علةى يةد أسةاتيذ الحةوزة المشهورين من أمثال آية هللا حسين النائيني وآية هللا دمحم حسين األصفهاني وحصل على االجتهةاد بعةد أن أجةاز له السيد أبو الحسن األصفهاني. حصل على شهادة الدكتوراه فةي اإللهيةآت مةن جامعةة تبريةز وأتقةن أربعةة لغةا ت وبتمك ن وهي: )العربي ة والتركي ة والفرنسي ة والعبري ة(. له أكثةر مةن سةبعين مجل ةدا فةي مختلةف العلةوم اإللهيةة من بينها تفسيره باللغة الفارسية )تفسةير روشةن( أي: )التفسةير المنيةر( يقةع فةي سةتة عشةر جةزءا -لةم يتةرجم إلةى العربية- وقد بناه على وفق ما جاء بكتابه )التحقيق في كلمات القرآن الكةريم( الةذي ي عةد مةن بةين كتبةه التةي كتبةت باللغة العربية وما ي ذكر عن كتابه التحقيق أن ه أل ف ه في نسخته األولى من دون الحاجةة إلةى شةطب أو تعةديل وهةو ما أشار إليه في مقد مة الجزء الرابع عشر منه وهذا يدل على مقدرة عالية وتمك ن في اللغة وتوفيق إلهي السي ما إذا ما علمنا أن موضوع كتابه موضوع مهم ألن ه يتعل ق بالقرآن. توفي في 4026 ه في طهران ودفن في مدينة قم المقد سة عن ع مر ناهز الثانية والتسعين. 2. الكتاب: مادته ومنهجه: الكتاب هو معجم لكلمات القرآن الكريم تضم ن ألفا وسبعمائة وأربع ا وستين كلمة من كلمات القرآن الكريم مرتبة على وفق الترتيب الهجائي. أم ا فكرة الكتاب ومنهج ه فقد عمل المؤلةف علةى إرجةاع الكلمات إلى أصلها اللغوي الواحد )معنى محوري ( على غرار ما عمةل اللغةوي أحمةد بةن فةارس )ت 393 هة( فةي معجمه "مقاييس اللغة" إال أن "المصطفوي" طب ق فكرته على كلمات القرآن وليس اللغة كل ها. وكةةان منهجةةه فةةي الكتةةاب ومصةةادره االعتمةةاد فةةي النقةةل عةةن المعجمةةات العربي ةةة كالص ةةحا والمقةةاييس واالشةتقاق والمصةبا والتهةذيب والجمهةرة والعةين وأمثالهةا وأفةاد كةذلك مةن كتةب اللغةة واألدب والنحةو والتأريخ والتفاسير واألحاديث والمعجمات العبري ة والسرياني ة وغيرها. وكان غرضه فةي تةأليف هةذا الكتةاب هو التحقيق والكشف عن المعاني الحقيقية للكلمات ولم ا يتبي ن معنى كلمة يطبقه علةى مةوارد اسةتعمال تلةك الكلمةة في اآليات الكريمة وي رجع سائر المعاني المجازي ة والمستعملة إليه مع بيان وجه المناسبة بينها. المبحث األول التفسير القرآني في الفكر الحوزي لم يحظ كتاب باألهمية والبحث والدراسة مثلما حظي القرآن الكريم وما أ ل ف فيه من حيث الكثرة والتنو ع دليل ذلك ومن ذلك ما كان هدفه المفردة القرآني ة ككتب الغريب والمجاز والوجوه والنظائر والفروق اللغوي ة وما إلى ذلك. وكان نتاج الحوزة العلمي ة في تفسير القرآن وعلومه وما يدور حوله من دراسات وبحوث نتاج ا غزير ا عميق ا ألن ه ي عد الرافد األو ل من روافد االستنباط خصوص ا إذا ما علمنا أن الكوفة كانت مدرسة القرآن الكريم وأن النجف األشرف كان بيئة الدرس القرآني منذ أيام شيخ الطائفة الطوسي )ت 064 ه( وال يمكننا في هذا البحث أن نحيط بالنتاج الذي صدر عن حوزاتنا وما ضم ته الساحة الثقافي ة اإلسالمي ة شاهد ودليل على ذلك 58

4 االهتمام ولكن يمكننا أن نتناول جهد ا من تلك الجهود مم ا له شأن في بيان أهمي ة معنى الكلمة القرآني ة التي ت عد االنطالقة األولى ألي بحث وكيفية الوصول إلى ذلك المعنى وما يترتب عليه من تأويل للنص القرآني. انصب تركيز العلماء على الكلمة القرآني ة وضرورة معرفة معناها ألن ها تشكل جانب ا ومبنى أساسي ا في التمهيد للعملي ة التفسيري ة وإن النص القرآني وإن كان نص ا لغوي ا إال أن ه يمثل حالة خاص ة من النص اللغوي فيتجاوز ))مبناه ومعناه وأثره حدود اللغة إلى ما بعدها وما فوقها وما وراءها لما يتضم نه من معان سامية وما )7( يحمله من شحنة وجداني ة مكث فة(( ولم تكن أهمية فهم المعنى للكلمة القرآني ة مقتصرة على رفد العملي ة التفسيري ة فقط إن ما كان لها تأثير في المسائل العقدي ة والفقهي ة المستنبطة من الن ص القرآني أيضا ))فألفاظ القرآن )8( هي ل ب كالم العرب وزبدته وواسطته وكرائمه وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم((. إن الكثير من الموضوعات التي يستعرضها القرآن الكريم أو يشير إليها ال يمكن فهمها بسهولة بل قد تستعصي على الذهن البشري ويتيه في مجال التفكير فيها لدق تها وابتعادها من مجاالت الحس والحياة االعتيادي ة التي يعيش ها اإلنسان وذلك نظير ما يتعل ق باللو والقلم والعرش والسمع والبصر في هللا تعالى لذا كانت ))دراسة المعنى مسألة في غاية التعقيد فالمساحات الداللي ة التي يشغلها اللفظ في الذهن متقاربة ورب ما متداخلة فعندما ي طلق اللفظ أو األداء الصوتي ي ستحضر المعنى في الذهن أو صورة الشيء الذي تختزنه الذاكرة الصوري ة )9( ليدل على ماد ة الشيء في عالم الحس أو المعنى المدرك((. وكان من بين األفكار التي ظهةرت فةي السةاحة الحوزي ةة للوصةل إلةى المعنةى - كمةا عنةد الشةيخ المصةطفوي- فكرة )المعنى المحوري ( تلك الفكرة التي قةد جةاءت فةي نتةاج العلمةاء والبةاحثين القةدماء والمحةدثين علةى اخةتالف مشارب هم وميادين عمل هم فقد ))استند اللغويون والمعجميون العرب القدامى إلى نظري ة داللي ة مفاد هةا أن كةل جةذ ر )10( ثنائي ا كان أو ثالثي ا أو رباعي ا يحمل معنى أصلي ا عام ا وأحيان ا أكثر من معنى أصلي عام (( ولم يقتصةر األمةر في تطبيق الفكرة على الشيخ حسن المصطفوي فقط وإنما وجدناها في الفكر الحوزي عند غيره إال أن هةا م ضةمن ة فةةي ك تةةب علةةى هيئةةة إشةةارات وتطبيقةةات ال ترقةةى إلةةى مةةا جةةاء بةةه المصةةطفوي مةةن حيةةث الكثةةرة فةةي التطبيةةق واالستيعاب لكلمات القرآن جميعها فقد جاء عن الفيض الكاشاني أن ))لكل معنى من المعاني حقيقةة وروح ةا ولةه صورة وقالب وقد تتعد د الصور والقوالب لحقيقة واحدة وإن مةا وضةعت األلفةاظ للحقةائق واألروا ولوجودهمةا فةي القوالةب تسةتعمل األلفةاظ فيهمةا علةى الحقيقةة التحةاد مةا بينهمةا... فةالميزان مةثال فإن ةه مصةنوع لمعيةار يعةرف بةه المقادير وهذا معنى واحد حقيقته وروحه ولةه قوالةب مختلفةة وصةور شةت ى بعضةها جسةماني وبعضةها روحةاني... وبالجملة: ميزان كل شيء يكون من جنسه ولفظة الميزان حقيقة في كل منهةا باعتبةار حةد ه وحقيقتةه الموجةودة فيةه )11( وعلى هذا القياس كل لفظ ومعنى(( وفس ر السيد الطباطبائي كلمة م ح ك م ات من قوله تعالى: ه ةو ال ةذ ي أ نةز ل ع ل ي ك ال ك ت اب م ن ه آي ات م ح ك م ات ه ن أ م ال ك ت اب آل عمران: 7 بالعودة إلى ما اشتق ت منه وهي مةاد ة "حكةم" التةي ))تفيد معنى كون الشيء بحيث يمنع ورود ما يفسده أو يبعضه أو يخل أمره عليه ومنه اإلحكةام والتحكةيم والحكةم بمعنى القضاء والحكمة بمعنى المعرفة التام ة والعلم الجازم النافع... ففي الجميع شيء مةن معنةى المنةع واإلتقةان )12( ورب ما قيل: إن الماد ة تدل على معنى المنع مع إصال (( وعرض السيد دمحم تقةي المدرسةي فةي كتابةه "بحةوث في القرآن الكريم" جملة من المباحث الخاص ة بتدبر القرآن الكريم وفهمه وأشار إلةى فكةرة المعنةى المحةوري إذ ذكةر أن الكلمةات القرآني ةة اكتنفهةا الغمةوض ولةم نعةد نفةر ق بينهةا ألسةباب منهةا أن أذهاننةا تعل قةت ))بمعةان جامةدة ومحد دة أللفاظ عربية وفقدنا الشةعور بمحةور شةعاع الكلمةة نحةن حينمةا نسةتعمل كلمةة )جةن( يتبةادر إلةى أذهاننةا المخلةوق الغريةب مةن دون أن نفكةر وال لحظةة حةول ارتبةاط كلمةة )ج ن ن( مةع هةذا المخلةوق ونسةتعمل كلمةة )جنين( دون أن نعرف أن هناك عالقة تتناسب مع معنى الولد فةي بطةن أمةه " جنةين" ومعنةى المخلةوق الغريةب " )13( جن " وهي أن كليهما مستور عن أعين الناس(( وعلى وفق ما تقد م وبعد أن عرضنا فكرة المعنى المحوري عموم ا البد لنا من بيانها تفصيال في المبحث اآلتي. المبحث الثاني المعنى المحوري مفهومه وأهمي ته في القراءة التأويلي ة أوال : مفهوم المعنى المحوري: ي عرف المعنى المحوري بأن ه نوع من أنواع المعاني تقوم فكرته على ربط مشتق ات جذر أو قل ماد ة ما بأصل واحد )معنى عام( ترجع كل ها إليه. وقد ع ر ف بين العلماء والباحثين بتعريفات ومصطلحات متعد دة كان مغزاها وهدف ها واحدا فهناك من اصطلح عليه باألصل الواحد وعر فه بأن ه: 59

5 60 )14( هو المعنى الحقيقي والمفهوم األصيل المأخوذ في مبدأ االشتقاق الساري في تمام صيغ االشتقاق. وهناك من اصطلح عليه باالشتقاق المحوري : وهو ربط كل استعماالت التركيب بعضها ببعض بمعنى اشتقاقي واحد تدور )15( كل ها عليه. وورد عند آخر مصطلح الداللة المحوري ة: وهو المعنى الذي يتحق ق تحق قا علمي ا في ك ل )16( االستعماالت المصوغة من الجذر. فاألصل الواحد أو االشتقاق المحوري أو الداللة المحوري ة لماد ة )أفك( )17( هو: القلب والص رف عن وجهه. وبهذا االعتبار وهذا األصل يطلق على: - الك ذ ب: النصرافه عن الحق والواقع فيقال: أف ك الر جل : ك ذ ب. - الر يا : النصرافها عن م هاب ها فيقال لها: المؤتفكات. - الم دن: النقالبها عن جريانها الطبيعي ة فيقال: ائتفكت الب لدة بأهلها: انقل ب ت. - العقل: النحرافه عن كماله وصفائه فيقال: أفك الر جل : ض عف عقل ه ورأي ه. ففي جميع موارد استعمال هذه الماد ة ي لحظ مفهوم القلب والص رف عن وجهه. وكان ابن فارس من قبل قد اصطلح عليه ب )القياس( ووضعه عنوانا لمعجمه ))قاصدا به أوجه التشابه أو )18( الجوامع االشتقاقية " الدالالت المحوري ة " التي تنقاس عليها "تتشابه" استعماالت كل جذر من جذور اللغة((. وتدور فكرة صياغة المعنى المحوري على جمع مشتق ات الجذر تحةت تعريةف أو عنةوان واحةد وهةذا األمةر في غاية الصعوبة إذ ينبغي للمعنى المصوغ أن يكون م حكم ا ويعب ر تعبير ا صادق ا عن معاني استعماالت الجةذر )19( ويسمح بتفسيرها من دون تكل ف فضال عن كونه مختصر ا وواضح ا. لم تغب هذه الفكرة عن "المصطفوي" إذ اعتمد في كتابه التحقيق في كلمات القرآن الكريم على م ن سةبقه م ةن أصحاب المعجمات ألن ةه يعلةم أن ))السةبيل إلةى تحريةر المعنةى الةدقيق لكةل مفةردة مةن المفةردات القرآني ةة... هةو إيجاد ضابط أي معيار ي وزن به وي طمأن إلى سالمة تحديد معاني المفةردات القرآني ةة ومةن الب ةديهي أن يكةون ذلةك )20( المعيار م ستمد ا من لغة العرب((. وم ن ينظر في كتاب التحقيق في كلمات القرآن الكريم يجد مؤل ف ه كأن ةه لغةوي ي سيطر على حس ه اللغوي فنراه يعرض استعماالت الماد ة ومدلوالتها من الشواهد الفصةيحة ويعمةل علةى ربطهةا بشعاع واحد لذا وضع جميع مشتق ات ماد ة مةا مةن مةواد القةرآن تحةت أصةل واحةد وهةذا العمةل جمةع المشةتق ات تحت أصل واحد عمل ي سبق صياغ ه المعنى المحوري فعلى الم شتغل في ذلك أن ي درك ويعي العالقات بين هةذه المشتق ات وهذا ))في حد ذاته من المجاالت التي تتطلب جهدا ذهني ا حاد ا وإن كان يتفاوت درجة وعمق ةا فةإدرا ك العالقة بين استعمالين أيسر بكثير من إدراك العالقة بين استعماالت كثيرة قد تصل إلى عشرين أو أكثر في الةربط )21( المحوري ((. وتتمثل صعوبة صةياغة المعنةى المحةوري مةن طريةق أن ةه قةد يةدخل معنةى كلمةة فةي معنةى كلمةة أخرأ حين صوغها وهنا يتحت م بذل الجهد لتكون الصياغة صةالحة لتفسةير االسةتعماالت التطبيقي ةة ومحكمةة فةال )22( تزيد وال تنقص. فماد تا )فر ) و)هرب( كليهما تدل على الحركةة السةريعة لةذا حةين صةوغ المعنةى البةد مةن أ ن تكةون الصةةياغة محكمةة لكةةل واحةةد منهمةا حتةةى ال يةةدخل اسةتعمال مةاد ة فةي مةاد ة أخةرأ وعليةه يكةون المعنةى المحوري لماد ة )فر ( هةو: الحركةة السةريعة مةدبر ا للةتخلص عةن ابةتالء أو النكشةاف ابةتالء. فةي حةين أن المعنةى )23( المحوري لماد ة )هرب( هو: مطلق الحركة السريعة من مقصد أو إلى مقصد. وينمةاز المعنةى المحةوري ألي ةة ماد ة لغوي ة أنةه تجةر دي أي أن ةه ي سةتخلص مةن كةل اسةتعماالت الجةذر أو مةن أكثرهةا. وأن ةه مةن صةنع اللغةوي أو الباحث بمعنى أن ه بصورته المحوري ة قد ال يكون مصةر ح ا بةه فةي المعجمةات اللغوي ةة التةي تفس ةر المفةردات وقةد يتحق ق في بعض االستعماالت بصورة صريحة مباشرة وقد يتحق ةق فةي بعضةها اآلخةر بصةورة تحتةاج إلةى تأويةل بدرجات مختلفة والبد من أن تكون صياغت ه جامعة تصةلح أن ينضةوي تحتهةا معنةى كةل مةن مفةردات التركيةب ومحررة بأن تكون خاص ة بهذا التركيب ومفرداته وموجزة ) 24 (. ثاني ا: أهمية المعنى المحوري في القراءة التأويلية: للمعنى المحوري مكانة وأهمي ة في القراءة التأويلي ة ألن ه ي عنى بالكلمة المفردة وبيان معناها للتوصل إلى مرادات النص القرآني وتكمن تلك األهمي ة في تأصيل المعنى الذي ي عد مفيد ا في حسم الترد د الذي يقع فيه الدارس لتفسير القرآن الكريم أو الباحث في مفرداته حينما يواجه أقواال كثيرة في بيان معنى المفردة أو العبارة )25( القرآني ة. والمعنى المحوري للماد ة اللغوي ة يندرج تحت مصطلح المفهوم الكل ي المتواطئ وهو الذي له مصاديق متكث رة وينطبق على جميعها بالتساوي بمعنى أن ه ي عب ر عنها تعبير ا حقيقي ا ال تفاوت فيه. ولعلي في المقام هذا أفتقر إلى مقد مة أ بي ن فيها المقصود من المفهوم وكذا المصداق. فالمفهوم : نفس المعنى بما هو أي: نفس الصورة الذهني ة المنتزعة من حقائق األشياء أو ق ل الصورة الذهني ة للموجودات الخارجي ة )خارج الذهن(. )26( والمصداق : ما ينطبق عليه المفهوم أو حقيقة الشيء الذي ت نتزع منه الصورة الذهني ة )المفهوم( أي: هو تلك الموجودات الخارجي ة. وقد قس م علماء المنطق المفهوم على قسمين: كل ي وجزئي انسجام ا وتوح د ا مع مصداقه

6 61 أو مصاديقه فإن كان له مصداق واحد في الخارج فهو المفهوم الجزئي وإن كان له مصاديق كثيرة فهو الكل ي )27( ومن ثم قس موا الكل ي على قسمين: كل ي متواطئ وكل ي مشك ك. فالميزان مثال آلة ذات كفتين وض ع ت لمعرفة ث قل الشيء أو خ ف ته وهي معروفة باستعمالها اليومي في األسواق وغيرها. وإذا ذهبنا إلى إخراجها من تلك الدائرة الضي قة التي فرضها االستعمال عليها وحر رنا مصطلح ها بالعودة إلى أصله أو معناه المحوري وهو ماد ة )وزن( فقد أخذنا بمفهومه العام وهو: تقدير ثقل الشيء وخف ته )28( وتعيين مقداره مادي ا ومعنوي ا. وبذا يصح أن ينطبق على ))كل ما يوزن به الشيء أي شيء كان مادي ا أو معنوي ا فإن ه يشمل كل مقياس أو معيار كأن يقاس به أو يوزن به في جميع شؤون الحياة وال يختص بهذه اآللة )29( المادي ة فحسب(( فهناك موازين مادي ة كما في قوله تعالى: و إ ذ ا ك ال وه م أ و و ز ن وه م ي خ س ر ون المطففين: 33 وموازين معنوي ة فيما وراء عالم الماد ة كما في قوله تعالى: و ال و ز ن ي و م ئ ذ ال ح ق ف م ن ث ق ل ت م و از ين ه ف أ ول ئ ك ه م ال م ف ل ح ون و م ن خ ف ت م و از ين ه ف أ ول ئ ك ال ذ ين خ س ر وا أ ن ف س ه م ب م ا ك ان وا ب آي ات ن ا ي ظ ل م و ن األعراف: 9-3 فالميزان في هذين الموردين وغيرهما له مفهوم ينطبق على ما هو مادي وما هو معنوي بمعنى آخر أن المفهو م له مصاديق متعددة ينطبق عليها بال تفاوت وال تخل ف في إحداها وإن انطباق ه عليها انطباق ا حقيقي ا ألن كل شيء ي وزن بما ي ناسب ه. وي عد بحث المفهوم وانطباقه على المصداق من األبحاث المهمة في الدراسات القرآني ة فالمفاهي م القرآني ة من أمثال: العرش والكرسي والقلم والكتاب واللو أد ت إلى اختالفات في المدارس اإلسالمي ة ما زالت قائمة إلى وقتنا الحاضر. وغاب عن ا أن القرآن الكريم قد استعمل المفاهيم باختالف المصاديق المادي ة منها والمعنوي ة ولم تعد - والحالة هذه حاجة إلى القول إن هذه الكلمات قد استعملت في معناها المجازي وسندفع بذلك كثير من اإلشكاالت التي تظهر في االنطباق ال سيما في آيات التجسيم وسنحق ق بذلك الفهم الجديد للمفاهيم القرآني ة أيضا الحد من سلطة التفسير الذي تحو ل إلى ))سور منيع يفرض بحصاره على النص القرآني حتى غابت في أغلب األحيان إمكاني ة معاينة النص األصلي إال من خالل التفسير وعبر منظوره ومنهجياته )30( ومفاهيمه وتراكماته المذهلة وتقاطعاته العجيبة(( ونستطيع بعد ذلك أن نأتي بقراءة جديدة على وفق هذا الفهم الموس ع لدائرة االنطباق انطباق المفهوم على المصداق. وإن انتهاج هكذا عمل في البحث عن المعنى القرآني سيلقي بضالله على الباحث والمعنى أيضا من طريق: 4. تقي د الباحث بأن يكون كل معنى يأتي به لمشتق )كلمة( من مشتق ات الماد ة مشتمال على مفهوم الماد ة المشتق منها. 2. أن هذا التقييد في المفهوم سيمنع دخول مشتق ات مواد أخرأ تحته وذلك من طريق تتبعها ودراستها ومعرفة ماد ة اشتقاقها وإرجاعها إلى أصلها الذي اشتق ت منه بمعنى أن ه يمنع الخلط واالشتباه الذي يحدث في معاني بعض الكلمات. 3. توسعة المعنى وذلك بإيجاد مفهوم واحد للماد ة تتعد د فيه المصاديق واالنطباقات وهذا يحل الكثير من اإلشكاليات التي وقعت فيها المدارس اإلسالمية في تفسيرها للكلمات القرآني ة من أمثال: القلم واللو والكرسي ورؤية هللا وسمعه وبصره وما إلى ذلك. 0. إيجاد قراءة جديدة للنص القرآني فإن ))آراء المفسرين حول اآلية يجب أن ال تعيقنا عن التدبر من )31( جديد في معناها إذ رب ما كانوا جاهلين بمعناها أو ببعض معانيها وآفاقها(( قراءة تتناسب وكل عصر ما دامت المصاديق متعددة ويحكمها ضابط وهو وقوعها تحت المفهوم وعدم الخروج عنه بأي حال من األحوال. 3. إعطاء المتصد ي لبيان الكلمة القرآني ة مساحة واسعة في البحث ومسو غ ا لعدم الوقوف على ظواهر النصوص فقط والولوج في البحث عن خفايا المعاني المستورة عن األذهان وهو ما ينعت في علوم القرآن ببحث الظاهر والباطن. 6. يسهم المعنى المحوري في االبتعاد عن التأويالت البعيدة للنص القرآني التي تنتج بسبب تشعب اآلراء المعتمدة على المذاهب والملل والنحل. 7. إن الفسحة التي يوجدها المعنى المحوري قادرة على استيعاب تلك التطورات الحاصلة في مجاالت الحياة ما دام يعطي مفهوم ا ال يحد د بمصداق واحد. ومما ال شك فيه أن اتخاذ الفكرة منهج ا تطبيقي ا على القرآن الكريم صعب وال ي تا ألي كان فإن فهم الكالم واستيعاب ه ال يقتصر على المعلومات اللغوي ة فحسب بل يتوق ف فضال عن ذلك على استعداد فكري خاص وتوج ه خالص وذهن صاف ومران عقلي يتناسب ومستوأ الكالم ونوع المعاني التي سيق لبيانها حتى يهدي ه هللا )32( بفضله ورحمته ومن ه إلى ما هو الحق ويرشد ه إلى الحقائق واللطائف المكنونة. ولعل هذا هو السبب في اختالف أصحاب فكرة المعنى المحوري أنفسهم فنجدهم ي عطون لماد ة واحدة مفهوم ا يختلف من واحد إلى آخر ورب ما ي عطون أكثر من مفهوم للماد ة الواحدة كما فعل ابن فارس في معجمه مقاييس اللغة حين أعطى أكثر من

7 مفهوم لمواد كثيرة وهذا األمر من وجهة نظر الباحث طبيعي ألن ه ينتج من خلفيات العال م أو الدار س أو الباح ث تلك الخلفيات الفكري ة التي نشأ عليها ولما كانت مختلفة فمن الطبيعي أن يكون نتاج ها مختلف ا أيضا. المبحث الثالث عالقات المعنى المحوري باألبحاث اللغوي ة والقرآني ة أوال : عالقته باالشتقاق: االشتقاق علةم إلةى جانةب العلةوم األخةرأ التةي ت عنةى باللغةة العربيةة وبةه ت عةرف أصةول الكلمات ومشتق اتها وما بينها من عالقة وكيفية صياغة الكلمةات بعضةها مةن بعضةها اآلخةر. وهةو علةم يزيةد اللغةة العربية ثروة وغن ى ويجعلها قادرة على التجد د والتقد م ومواكبة التطور في الحياة وإن معرفةة أنةواع االشةتقاق مهةةم فةةي ))معرفةةة حقةةائق المعةةاني وال يةةتم الوصةةول إليهةةا إال بةةاالط الع الت ةةام والمعرفةةة الكاملةةة بخصائصةةها )33( وآثارها(( ففي ميدان القرآن الكريم ت عد معرفة أصل اشتقاق الكلمة مهمة ومفيدة في جمةع جملةة مةن الكلمةات القرآني ة المنتشرة في ساحته بتصريفات متعد دة وجعلها تحت مظل ة معنى عام. وألنواع االشتقاق وهي: الصغير والكبير واألكبر والكب ار عالقة بالمعنى المحةوري وسنقتصةر هنةا علةى بيةان العالقة باالشتقاق الصغير لتشابههما كثير ا وسنأخذ بتعريف ابن جني لهذا النوع مةن االشةتقاق لنعقةد مقارنةة بينةه وبين المعنى المحوري لنتعرف على عالقتهما ونقاط االلتقاء بينهما. قال ابن جني: ))فالصغير ما في أيدي الناس وكتبهم كةأن تأخةذ أصةال مةن األصةول فتتقةر اه فتجمةع بةين معانيةه وإن اختلفةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةت ص ةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةي غه ومبانيةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةه وذلةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةك كتركيةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةب ( س ل م( فإنك تأخذ منه معنةى الس ةالمة فةي تصةر فه نحةو: س ةل م وي س ةل م وس ةالم وس ةل مان وس ةل مى والس ةالمة )34( والس ليم: الل ديغ أطلق عليه تفاؤال بالس المة وعلى ذلك بقي ةة البةاب إذا تأو لت ةه... فهةذا هةو االشةتقاق الصةغير((. فما أشار إليه التعريف وتضم نه هو: 4. قوله: تأخذ أصال من األصول فتتقراه: أي أن تتبع كل استعمال من استعماالت ذلك األصل وهو مةا نجةده أيضا في المعنى المحوري الذي ي نب ني وي ستخلص من كل استعماالت األصل أو الجذر. 2. قوله: فتجمع بين معانيه: بمعنى أن تجد شعاع ا أو محةور ا رابط ةا بةين معةاني اسةتعماالت ذلةك األصةل وهةو عين ما يسعى إليه الباحث لتحقيقه في المعنى المحوري. 3. قوله أيضا : وإن اختلفت صيغ ه ومبانيه: أي أن الصيغ والمباني التي أ لبس فيها المعنةى األصةل تجتمةع معانيهةا كل ها تحت هذا األصل فتضيف تلك الصيغة معنى لذاك األصل بمعنى آخر سيكون لدينا معن ةى خلةيط مةن المعنةى األصل ومعنى الصيغة وهةذا مةا يجعةل المعنةى المحةوري منطبق ةا علةى مةوارد اسةتعمال األصةل بصةيغ وسةياقات مختلفة. 0. وأخيةرا قولةه: وعلىى ذلىك بقيىة البىاب إذ تأولتىه: بمعنةى أن مةا يشةت ق مةن األصةل رب مةا ال يظهةر معنةاه وعالقته باألصل الذي اشتق منه إال بالتأويل )التوضيح( الذي يكشةف عةن الةرابط بةين األصةل ومشةتق اته كمةا فةي المعنى المحوري الذي قد ال يتحق ق في بعض االستعماالت بصورة صريحة وإن ما يحتاج إلى توضيح. ي لحظ من تعريف ابن جني أن االشتقاق الصغير يلتقي مةع المعنةى المحةوري كثيةر ا ولسةنا نغةالي إذا قلنةا إن همةا ينطبقان تمام االنطباق فمتى ))كانت الصةيغة المشةتق ة مت فقةة مةع الصةيغة المشةتق منهةا فةي المةاد ة األصةلية وهيئةة التركيب... كةان لزام ةا فةي كةل كلمةة بهةا حةروف المةاد ة األصةلي ة علةى ترتيبهةا نفس ةه أن تفيةد المعنةى العةام الةذي وضعت له تلك الصيغة... فالرابطة المعنوي ة العام ة لماد ة "ع ر ف"- التي تفيد انكشاف الشةيء وظهةوره تتحق ةق في جميع الكلمةات اآلتيةة: ع ةر ف عةر ف تعةر ف تعةارف ع ةر ف أع ةراف ع ةر اف تعريةف ع ر فةان معرفةة )35( وهكذا دواليك((. ثانيا : عالقته باألبحىاث القرآنيىة: يةدخل المعنةى فةي مجةاالت البحةث المتعةد دة وال تقتصةر أهم ي تةه علةى علةم دون آخر ومن بين تلك العلوم علوم القرآن التي تظهر أهم ي ة المعنى فيها بصةورة جلي ةة فهنةاك مةن األبحةاث القرآني ةة ما تسم ى بقاعدة الجري واالنطباق والمحكم والمتشابه وعالقة ظاهر الكلمة بباطنها وسنقتصر في مساحتنا هةذه على فرشها ألن نا رأينا أن ها ذات عالقة بالمعنى المحوري لنتبين مقدار تلك العالقة ومكانة المعنى فيها: 4. المعنى المحوري وقاعدة الجري واالنطباق: جاء في كتاب هللا الكريم من اآليات الدال ة على أن ه خالد في األزمنة واألمكنة كافة قال تعالى: و و ض ع ال ك ت اب ف ت ر ى ال م ج ر م ين م ش ف ق ين م م ا ف يه و ي ق ول ون ي ا و ي ل ت ن ا م ا ل ه ذ ا ال ك ت اب ال ي غ اد ر ص غ ير ة و ال ك ب ير ة إ ال أ ح ص اه ا و و ج د وا م ا ع م ل وا ح اض ر ا و ال ي ظ ل م ر ب ك أ حد ا الكهف: 09 وقوله 62

8 63 تعالى: و ي و م ن ب ع ث ف ي ك ل أ م ة ش ه يد ا ع ل ي ه م م ن أ ن ف س ه م و ج ئ ن ا ب ك ش ه يد ا ع ل ى ه ؤ ال ء و ن ز ل ن ا ع ل ي ك ال ك ت اب ت ب ي ان ا ل ك ل ش ي ء و ه د ى و ر ح م ة و ب ش ر ى ل ل م س ل م ين النحل: 39 وهذا دليل على أن ه حي أبد الد هر وله رسالة في كل عصر. وجاء عن أئمة أهل البيت "عليهم السالم" روايات تشير إلى هذا المعنى منها ما روأ الك ليني عن أبي بصير أن ه قال: ))قلت ألبي عبد هللا "عليه السالم": إ ن م ا أ ن ت م ن ذ ر و ل ك ل ق و م ه ا د ]سورة الرعد: 7 [ فقال: رسول هللا "هللىلص" المنذر وعلي الهادي يا أبا دمحم هل من هاد اليوم قلت : بلى ج ع لت ف داك ما زال منكم هاد بعد ها د حتى د ف عت إليك فقال: ر ح م ك هللا يا أبا دمحم لو كانت إذا نزلت آية على رج ل ثم مات ذلك الرجل ماتت اآلية )36( مات الكتاب ولكن ه حي يجري فيمن ب ق ي كما ج ر أ فيمن مضى(( فنزول القرآن الكريم له أسباب تذكرها كتب األحاديث فضال عن التفاسير والكتب المستقلة التي أ ل فت في ذلك ولكن ال يعني هذا الجمود على ذلك السبب الذي نزلت فيه اآلية واالقتصار عليه في التفسير فإن ))األهداف السامية للقرآن المجيد التي هي باألساس معارف كونية وخالدة ال يحتاج اكتشاف ها من اآليات القرآني ة الكريمة لروايات أسباب النزول احتياج ا أساسي ا بل )37( رب ما أمكن االستغناء عنها تمام ا(( وهذا ال يعني التقليل من أهمية أسباب النزول والرجوع إليها حين التفسير فهناك من الموارد ما ال يمكن فهم ه وتفسير ه ومعرفة م راد القرآن الكريم منه ما لم ي عرف سبب النزول وفي الوقت نفسه ال يمكن القول إن اآلية نزلت في كذا سبب ونقف عليه ألن النزول ))ال يوجب قصر الحكم على )38( الواقعة لينقضي الحكم بانقضائها ويموت بموتها ألن البيان عام والتعليل مطلق ((. وما تقد م يقودنا إلى القول إن دائرة االنطباق غير م غل قة على مصداق معي ن ألن ))كل آية من آيات الكتاب الكريم تعد قاعدة عام ة ومنهج حياة وأسلوب سلوك قابل لالنطباق على جميع المستويات وعلى جميع المجتمعات بل )39( على جميع األجيال بل كل الخلق أجمعين(( فمثال جاء في بعض التفاسير أن اآلية الكريمة: م ن ك ف ر ب ا لل م ن ب ع د إ يم ان ه إ ال م ن أ ك ر ه و ق ل ب ه م ط م ئ ن ب اإل يم ان و ل ك ن م ن ش ر ح ب ال ك ف ر ص د ر ا ف ع ل ي ه م غ ض ب م ن ا لل و ل ه م ع ذ ا ب )40( ع ظ يم النحل: 446 أن ها نزلت في الصحابي الجليل عم ار بن ياسر "رضوان هللا تعالى عليه" ولكن بعد معرفة ما تدل عليه اآلية الكريمة وهو م ن أ كره على الشرك فأعطاهم بلسانه ما أحب وه وقلبه مطمئن باإليمان يمكن حينئذ تطبيقها في أي وقت على م ن يجري عليه الموقف نفسه الذي جرأ على عمار ويصنع مثلما صنع )41( ودليله اآلية الكريمة ألن السببي ة ليس بمعنى العل ي ة التي لوالها لما نزلت اآلية فالجري في القرآن الكريم يرمز أو يعني أن اآلية منه ال تختص بمورد نزولها بل تجري في كل مورد يت حد مع مورد نزولها وينطبق عليها ))فكما أن لنصوصه موارد صدرت فيها فإن لها مجاري تجري فيها عبر مسيرة اإلنسانية الطويلة وأبعادها )42( المختلفة دون أن تقتصر على مواردها(( فال تختص اآلية بشخص أو أشخاص معي نين ))بل تسري في ك ل )43( من يشترك مع أولئك في الصفات التي كانت مورد ا لتلك اآلية(( وهذا واضح جلي في األمثال القرآني ة فهي تصلح لالنطباق على كل من يت صف بصفات مضمونها. وعةن عالقةة المعنةى المحةوري بهةذه القاعةدة نقةول: إن المعنةى المحةوري معنةى شةامل ال يحةد د بمصةداق واحةد فمصاديقه متعد دة ويمكن أن تكون مادي ة ومعنوي ةة ويصةدق انطباقهةا فةي كةل زمةن وفةي كةل حادثةة ))فةإن الفاعةل والمةؤثر والزمةان والمكةان واآلالت وسةائر النسةب والخصوصةي ات واآلثةار الدقيقةة ال تؤخةذ فةي مفهةوم الحقيقةة )44( الموضوع عليها اللفظ(( فمتى ما كانت الكلمة القرآني ة واقعة تحت المعنى المحوري لماد تها فإن ها تكةون حينئة ذ صالحة االستعمال في أي معنى ولكن بحدود مفهوم تلك المةاد ة. فمةثال أن المغضةوب علةيهم والضةالين فةي سةورة الفاتحة ص ر اط ال ذ ين أ ن ع م ت ع ل ي ه م غ ي ر ال م غ ض وب ع ل ي ه م و ال الض ال ي ن الفاتحة: 7 ال تختص باليهود والنصةارأ فقةط فهمةا ليسةا المصةداقين الوحيةدين لآليةة بةل إن فةي األجيةال كافةة مةن ينطبةق علةيهم هةذا الوصةف فالغضةب )45( والضالل مفهومان يصح انطباقهما على مصاديق متعد دة وال يقي د بمصداق واحد. وت سهم قاعدة الجري واالنطباق والمعنةى المحةوري فةي توضةيح االختالفةات التةي قةد تظهةر فةي تفسةير اآليةات القرآني ة فبعةد الرجةوع إلةى المعنةى المحةوري الةذي يةأتي بمفهةوم الكلمةات المنطبةق علةى المصةاديق المتعةد دة فةي األزمنة كافة أو العمل بقاعدة الجري التي تشبه المعنى المحوري في االنطباق سنصل إلى أن تلك االختالفات ما هي إال مصاديق من ذلك المفهوم لذا قةالوا إن وجةدت اختالفةات تفسةيري ة آليةة مةا فةإن ذلةك يحةت م ))أن نت خةذ منهةا سبيال لفهم المعنةى العةام الةذي يحةل مشةكلة االخةتالف مةن جهةة ويعطةي اآليةة تطبيقةات أشةمل مةن جهةة ثانيةة )46(. )) 2.المعنى المحوري والمحكم والمتشابه: وردت كلمتي المحكم والمتشابه في كتاب هللا الكةريم بقولةه تعةالى: ه ىو ال ذ ي أ ن ز ل ع ل ي ك ال ك ت اب م ن ه آي ات م ح ك م ات ه ن أ م ال ك ت اب و أ خ ر م ت ش اب ه ات ف أ م ا ال ذ ين ف ي ق ل وب ه م ز ي ى ف ي ت ب ع ىو ن م ىا ت ش اب ه م ن ه اب ت غ اء ال ف ت ن ة و اب ت غ اء ت أ و يل ه و م ا ي ع ل م ت أ و يل ه إ ال ا لل و الر اس خ ون ف ي ال ع ل م ي ق ول ون آم ن ا ب ىه ك ىل م ىن ع ن ى د ر ب ن ا و م ا ي ذ ك ر إ ال أ ول و األ ل ب اب آل عمران: 7 واختلةف المفسةرون فةي المةراد مةن معنةى المحكةم والمتشةابه وقةد ع ةر ف المحكىم أن ةه: مةا يةدل علةى مفهةوم معةي ن ال نجةد صةعوبة أو تةرد د ا فةي تجسةيد صةورته أو تشخيصةه فةي

9 64 )47( مصداق معي ن. والمتشابه أن ه: ما يدل على مفهةوم معةي ن تخةتلط علينةا صةورت ه الواقعيةة ومصةداق ه الخةارجي. وبالعودة إلى اآلية الكريمة نجد أن ها نهت عن ات باع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وإذا بحثنةا عةن مةورد هةذا التشابه وعن كيفية حصوله في كتاب ال ي أ ت يه ال ب اط ل م ن ب ي ن ي د ي ه و ال م ن خ ل ف ه ت ن ز يل م ن ح ك ىيم ح م يىد فصةلت: 02 وجدنا أن ه متأت من الكلمات التي ينطبق مفهوم هةا علةى مصةاديق رأأ بعض ةهم أن هةا تنطبةق وبعضةهم اآلخةر أن ها ال تنطبق وباستقراء بسيط ألمثلة ذلك التشابه واالختالف في المصداق نلمس أن هةا تةدور فةي حلقةة المصةداق المةادي والمعنةوي فألفةاظ: العةرش واللةو والميةزان والسةمع والبصةر وكلمةات أخةرأ كثيةرة اشةتمل عليهةا القران الكريم كانت تشتبه مصاديق ها على المفسرين وغير هم في تطبيقها وليتهم وس عوا من دائرة المعنى كما فةي المعنى المحوري وع ل موا أن هناك من المصاديق ما هو مادي وما هو معنوي وضةم وا لةه مةا أشةار إليةه القةران الكريم من آيات محكمات الستطاعوا حينئذ الخروج من اإلشكاالت الكثيرة التي جر ها إلةيهم فهمهةم لمعنةى الكلمةة على وفق المصداق المادي فقط. ون خلص إلى أن التشابه الذي أشارت إليه اآلية الكريمة ف أ م ا ال ذ ين ف ي ق ل وب ه م ز ي ف ي ت ب ع ون م ا ت ش اب ه م ن ىه اب ت غ ىا ء ال ف ت ن ة و اب ت غ اء ت أ و يل ه هو التشابه المصداقي وليس المفهةومي. والبةد مةن اإلشةارة إلةى أن التفسةير باعتبةار الشةيء الم فس ر يكون على قسمين: القسم األول: تفسير اللفظ: وهو بيان معناه لغة. القسم الثاني: تفسير المعنى: وهو تحديد مصداقه الخارجي الذي ينطبق عليه ذلك المعنى. وأمثلةة ذلةك مةن القةران الكةريم كثيةرة فةنحن نلحةظ فيةه أن هللا سةبحانه وتعةالى يوصةف بالحيةاة والعلةم والقةدرة والسمع والبصر والكالم ونواجه بالنسبة إلى هذه الكلمات بحثين: أحدهما: البحث عةن مفةاهيم هةذه الكلمةات مةن الناحيةة اللغوي ةة. واآلخىر: البحةث عةن تعيةين مصةداق تلةك المفةاهيم بالنسةبة إلةى هللا تعةالى. واألول: يمثةل التفسةير )48( اللفظةي لآليةة أو تفسةير اللفةظ والثىاني: يمثةل التفسةير المعنةوي أو تفسةير المعنةى. وهةو مةا أشةرنا إليةه مةن أن المعنةى المحةوري يقةد م تفسةير ا لغوي ةا للكلمةة )مفهوم ةا( ويعطةي مسةاحة واسةعة لةدائرة انطبةاق ذلةك المفهةوم علةى المصاديق المادي ة والمعنوي ة بعدها يأتي أثر القسم الثاني المتعل ق بتفسةير المعنةى وهةو تحديةد ذلةك المصةداق مةن بين المصةاديق المتعةد دة ويتحةد د كمةا أسةلفنا علةى وفةق اآليةات المحكمةات التةي تةأبى أن نطب ةق مصةداق ا يتعةارض معهةةا كمةةا فةةي رد المتشةةابهات فةةي الةةذات والصةةفات إلةةى محكةةم لىىيس كمثلىه شىىيء وبهةةذا يت ضةةح أن المعنةةى المحوري ي عد األساس واألرضي ة الصالحة التي ي بتنى عليها التفسير. فافترض أن كلمة )سمع( ف س ةرت لغوي ةا أن هةا: تحس ةس أو إدراك الصةوت بةاأل ذن واقتصةرنا علةى تحق ةق السةمع بهةذا المصةداق المةادي المحسةوس فكيةف لنةا أن نفس ةر قولةه تعةالى: ق ىد س ىم ع ا لل ق ىو ل ال ت ىي ت ج اد ل ىك ف ىي ز و ج ه ىا و ت ش ت ك ي إ ل ى ا لل و ا لل ي س م ع ت ح او ر ك م ا إ ن ا لل س م يع ب ص ير المجادلة: 4 سنلجأ حينئذ وحتم ا إلى القول بالمجةاز أو التجسيم في حين أن ه ال حاجة لهذين القولين لو أن نا أخذنا بالمعنى المحوري وفيه أن مفهوم )سمع( هةو: إدراك األصةوات سةواء كةان بعضةو األ ذن الجسةماني أم بوسةيلة قةو ة روحاني ةة ونةور بةاطني أم بسةبب إحاطةة وجودي ةة )49( وقي ومي ة مطلقة. فيقال في اآلية: ال حاجة له تعالى في السماع إلى الشرائط والوسائل الالزمةة فةي عةالم الجسةم ألن إحاطته وجودي ة وقي ومي تة مطلقة وهو منز ه عن الحدود المادي ة والجسةماني ة فهةو ))السةميع ال بةأداة والبصةير )50( ال بتفريق آلة(( وبذا خرجنا من إشكالي ة فرضها علينا االستعمال وأ لفتنا بما حولنا من أشياء مادي ة محسوسة. 3. المعنىى المحىوري وعالقىة الظىاهر بباطنىه: الظةاهر والبةاطن مصةطلحان قرآنيةان ورد ذكر همةا فةي عةدد مةن )51( اآليات القرآني ة وجاء في األحاديث الشريفة عن أبي عبد هللا الصادق "عليةه السةالم" أن ةه قةال: قةال رسةول هللا "هللىلص": ))... فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شةافع م شةف ع ومةا ح ةل م صةد ق... ولةه )52( ظهر وبطن فظاهر ه حكم وباطن ه علم ظاهر ه أنيق وباطن ه عميق (( وذ كر في الظهر والبطن أوجه هي: 4. أن ك إذا بحثت عن باطنها وق سته على ظاهرها وقفت على معناها. 2. أن ما من آية إال عمل بها قوم ولها قوم سيعملون بها. 3. أن ظاهرها لفظها وباطنها تأويلها. 0. أن القصص التي قص ها هللا تعالى عن األمم الماضية وما عاقبهم به: ظاهرها اإلخبار بهالك األولين إن مةا هو حديث حد ث به عن قوم وباطنها وعظ اآلخرين وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم فيحل بهم مثل ما حل بهم. 3. أن ظاهرها ما ظهر من معانيها ألهل العلم بالظاهر وبطنها ما تضم نته من األسرار التي أط لةع هللا عليهةا )53( أرباب الحقائق ويفهم من األوجه المةذكورة آنف ةا أن هنةاك ظةاهر ا لآليةة بمعنةى هنةاك ظةاهر لكلماتهةا وهةو معناهةا البةادي لمةن ينظر فيها وباطن ا أو بطون ا للكلمةة نفسةها يكةون تحةت الظةاهر ))فةإن القةرآن الكةريم باإلضةافة إلةى بيانةه الظةاهر )54( يستبطن فةي أعماقةه صةدفات تحةوي د رر المعةاني. بيةد أن هةذه المعةاني ليسةت متاحةة إال لم ه ةرة الغو اصةين((

10 وحتم ا أن هنةاك عالقةة ورابطةة بينهمةا ألن مرحلةة الوصةول إلةى البةاطن ألبةد أن تكةون مةن طريةق الظةاهر فةال يجوز ))التهاون بحفظ التفسير الظاهر أوال وال مطمع في الوصةول إلةى البةاطن قبةل إحكةام الظةاهر ومةن اد عةى فهم أسرار القرآن ولم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن يد عي البلوغ إلى صدر البيت قبل مجاوزة البةاب أو يةد عي فهم مقاصد األتراك من كالمهم وهو ال يفهم لغة الترك فإن ظاهر التفسير يجري مجرأ تعليم اللغة التي البد منها )55( للفهم((. ولكن يجب االنتباه إلى أن هناك كلمات قرآنية ال يمكن بأي حال من األحوال حملها على الظةاهر ألن ذلك سيؤدي إلى مفاسد كالتشبيه والتجسيم ويقةود إلةى تنةاقض فةي أصةول ديني ةة وعقدي ةة فينبغةي أن ي سةلك طريةق آخر ابتعاد ا عن الظاهر وما يدل عليه. ولم ا قلنا إن هناك رابطة بين ظاهر الكلمة وباطنها أمكننةا القةول: إن هةا االشةتراك فةي المفهةوم المتةأتي مةن مةاد ة الكلمة فإذا افترضنا وجود مفهةوم لةه مصةاديق عديةدة وفس ةرنا الكلمةة القرآني ةة بمعنةى ظةاهر أي بمصةداق قريةب إلدراكنا وأتينا بتفسير آخر للكلمةة نفسةها لكن ةه ينطبةق علةى مصةداق ي ظةن أن ةه بعيةد عةن الظةاهر فمةا الضةير مةن قبولهما إذا كانا يقعةان تحةت مفهةوم واحةد ولةم يكةن هنةاك مةانع يمنةع مةن ذلةك فقولةه تعةالى: و ال ع اد ي ىات ض ىب ح ا ف ال م ور ي ات ق د ح ا العاديات: 4 2 ف س ر أن ه ق س م بخيل الغزاة التي تعدو وت خرج بحوافرها النةار )56( وفس ةر أيضةا على وفق المعنةى المحةوري : أن المةراد هةو النفةوس المشةتاقة إلةى الوصةول باللقةاء بسةير سةريع مةن عةالم المةاد ة وبالتوبةة عةن التعل قةات الجسةماني ة البدني ةة ثةم االشةتغال بالعبةادات والطاعةات وأن المنظةور فةي مرحلةة العبةادات والطاعات هو حصةول النوراني ةة والحةرارة بةإحراق أ صةول التعل قةات المادي ةة والتمةايالت والشةهوات فةي الةنفس. وهذه المراحل راجعة إلى نفوس السالكين السارعين إلى اللقاء وهم الذين يليق القسم بهم فإن هم فةي سةبيل هللا عةز )57( وجل. وهذه القراءة التأويلية للنص القرآني ))تنظر إلى ما هو خةاف بةين سةطور الظةاهر فتتصةي ده بةذكاء حةاد ونظرة عقلي ة ثاقبة وهي القراءة الخاص ة التي يتمت ع بهةا طبقةة قليلةة ممةن توج هةوا إلةى اآلخةرة واشةتغلوا بإصةال )58( ذواتهم حيث يحصل لديهم ومضات معرفي ةة عميقةة وإشةراقات محةدودة جةدا تمك ةنهم مةن ذلةك((. ونةتلم س أثةر المعنى المحوري في هذا المبحث من طريق إتاحته الفرصة لضم المصاديق المتعد دة تحت مفهوم واحد مصةاديق يمكن عد بعض منها ظاهر للكلمة وبعضها اآلخر باطن لها. ورب ما يظن بعض هم أن هناك اختالف ا في تفسير نص ما حينما يجده قد ف س ر بمعنى يبدو للوهلة األولى أن ه بعيد من تفسير النص نفسه بمعنى آخر والحق أن السبب في ذلك يعود إلى م ن ف س ر لهم فهم ))طوائف شت ى وعقول مختلفة فيجب أن ي كل م كل على قدر فهمه ومقامه ومع هذا فالكل صحيح غير م ختل ف من حيث الحقيقة وال مجاز )59( فيه أصال (( وهذا ما يت ضح في الروايات التفسيري ة لبعض النصوص القرآني ة التي تتحد ث عن حقائق بما يشبه المصداق المادي ولكن ه من باب المثال و ت ل ك األ م ث ال ن ض ر ب ه ا ل لن اس و م ا ي ع ق ل ه ا إ ال ال ع ال م ون العنكبوت: 03. وعود ا على بدء نقول: إن اآلخذين بأي وجه من وجوه فهم مصطلح الظاهر والبةاطن التةي مةر ذكرهةا يمكةن أن يكةون للمعنةى المحةوري أثةر ومكانةة فةي بحةثهم إن لةم نقةل هةو األسةاس ألن ةه يفةتح المعنةى بمفهةوم عةام صةالح لالنطباق على المصاديق الظاهرة والباطنة. المبحث الرابع نماذج تطبيقية األنموذج األول: المعنى المحوري لمادة )أكل( في القرآن الكريم: )60( وردت هذه الماد ة في القرآن مائة وتسع مر ات بصيغ مختلفة منها )تأكل( في قوله تعالى: و آت وا ال ي ت ام ى أ م و ال ه م و ال ت ت ب د ل وا ال خ ب يث ب الط ي ب و ال ت أ ك ل وا أ م و ال ه م إ ل ى أ م و ال ك م إ ن ه ك ان ح وب ا ك ب ير ا النساء. 2/0 أوال : استعماالت مادة )أكل( في المعجمات اللغوية: - أكل: األصل كلمة واحدة ومعناها التنق ص. قال الخليل: األكل معروف والمأكل ما يؤكل ويقال أكلت النا ر الحطب وال ت ؤك ل فالن ا ع رض ك أي ال تساب ه فتدعه يأكل عرضك وفالن ذو أكلة في الناس إذا كان يغتابهم وع ب ر باألكل عن إنفاق المال لم ا كان األكل أعظم ما يحتاج فيه إلى المال نحو: وقال: إ ن ال ذ ين ي أ ك ل ون أ م و ال )61( ال ي ت ام ى ظ ل م ا النساء/ 44 فأكل المال بالباطل صرفه إلى ما ينافيه الحق. - أكل: هو ط حن الحي الماد ة المطعومة م ضغ ا بفمه وبلعها وكل ما في القرآن من التركيب فهو بمعنى األكل الحقيقي عدا )البقرة: 27 النساء: 464 المائدة: يوسف: 30 الحجرات: 42 الفجر: 49 ( فالبارز فيها )62( األكل المجازي: إدخالها في الحوز واالنتفاع بها في أي مجال. 65

11 - أكل: طعم المائدة 3/3 ومجاز ا )تأكله النار( آل عمران 433/3. وهو أصل قديم مشترك إال في الحبشية. االكدية أ ك ا ل : أكل طع م خ بز األوجاريتية والفينيقية والعبرية واآلرامية والسريانية والمندائية أ ك ل: )63( أكل حقيقة ومجاز ا السبئية أ ك ل: دقيق طعام. والمعنى العام: األكل وما يحمل عليه. ثانيا : المعنى المحوري لمادة )أكل( : هو التناول المالزم إزالة الصورة والتشخ ص من الطرف المأكول. ففي أكل الطعام: يتناول اآلكل من الطعام بحيث يزيل صورته. وكذلك في أكل النار الحطب وفي أكل األموال بالباطل )64( وفي أكل المغتاب لحم أخيه حيث يزيل تشخ صه ووجهته. ثالثا : أقوال اللغويين والمفسرين في توجيه النص القرآني: إن اآلية تتعل ق بأموال األيتام إذ إن ها تأمر أوصياءهم أن يحافظوا عليها وأن ينفقوا عليهم في الصغر وتسليمهم تلك األموال بعد البلوغ. وخالصة ما ذهب إليه اللغويون والمفسرون في معنى قوله تعالى: و ال ت أ ك ل وا أ م و ال ه م إ ل ى أ م و ال ك م وجهان كما قال الرازي مرج ح ا الوجه األول منهما: فاألول: معناه وال تضم وا أموالهم إلى أموالكم في اإلنفاق حتى تفر قوا بين أموالكم وأموالهم في حال االنتفاع بها. والثاني: أن يكون" إلى" بمعنى "مع" قال تعالى م ن أ ن ص ار ي إ ل ى ا لل آل عمران: 32 أي مع )65( هللا. والمراد من كلمة تأكلوا في اآلية الكريمة هو ))التصرف ألن أكل مال اليتيم كما يحرم فكذا سائر التصرفات المهلكة لتلك األموال محر مة والدليل عليه أن في المال ما ال يصح أن يؤكل فثبت أن المراد منه التصر ف )66( وإن ما ذكر األكل ألن ه معظم ما يقع ألجله التصر ف(( أي أن األكل في اآلية استعارة حس ي ة فهناك ))كلمات ال تبدو فاعليتها للوهلة األولى... ومنه أكل أموال اليتامى إذ المعهود إن تحصيل هذه األموال والسيطرة عليها نفع حس ي ولكن رب ما ال تراه العين كسرقة مصنع بعيد عن األنظار س رق بتغيير اسم المالك في حين نجد لألكل طبع ا حس ي ا ظاهر ا فضال عن إشراك الحيوان في هذا السلوك الغريزي فكان التعبير باألكل اشد شناعة وتشنيع ا خصوص ا إذا تصو رنا الحال الغريبة مع هذا التركيب وانزيا الكلمة عن نطاقها المعجمي فنتصو ر إنسان ا يبتلع )67( دنانير ودراهم بدال من الطعام والشراب خالف ا لطبع الخلق((. رابعا : أثر المعنى المحوري في توجيه النص القرآني: قال "المصطفوي" في معنى قوله تعالى: و ال ت أ ك ل وا أ م و ال ه م إ ل ى أ م و ال ك م : أي المنع عن التناول والتصر ف فيها حتى تزول صورة المملوكي ة لصاحبها وتجعلونها )68( متعل قة ألنفسكم فالتوجيه هذا ال يبتعد كثير ا عم ا ذكره اللغويون والمفسرون في اآلية الكريمة سوأ القول إن األكل مجاز و)إلى( بمعنى )مع(. وعلى وفق المعنى المحوري الذي يتوس ع فيه معنى الكلمة ليس بنا حاجة إلى القول بالمجاز فالمعنى شامل للحس ي ات والمعنوي ات معا فاألكل تناول مالزم إلزالة الصورة والتشخ ص من الطرف المأكول سواء أكان المأكول حس ي ا أم معنوي ا. وتراث العرب حافل بذلك جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السالم" بعد تالوته قول هللا تعالى: أ ل ه اك م الت ك اث ر ح ت ى ز ر ت م ال م ق اب ر التكاثر: 2-4 قوله: )69( ))ف ك م أ ك ل ت األ ر ض م ن ع ز يز ج س د و أ ن يق ل و ن ك ان ف ي الد ن ي ا غ ذ ي ت ر ف و ر ب يب ش ر ف (( ففي ذلك ال ت نظر الكيفي ة أي كيفي ة األكل فاألرض تزيل صورة اإلنسان وتشخ صه المتمث ل بجسده داخل القبر بعد تحل له وهكذا. فمصاديق األكل متعد دة وكل ها تنضوي تحت مفهوم عام محوري. وذهب بعض اللغويين والمفسرين إلى تضمين تأكلوا معنى )تضم وا( فلذلك ع دي ب " إلى" كما هو في الوجه )71( )70( األول الذي رج حه الرازي وذهب آخرون إلى القول بتناوب الحروف كما في الوجه الثاني وهو أن )إلى( بمعنى )مع( جاء في "الخصائص": ))اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر وكان أحدهما يتعد أ بحرف واآلخر بآخر فإن العرب قد تت سع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانا بأن هذا الفعل في معنى ذلك اآلخر )72( فلذلك جيء معه بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه(( وتابع الدكتور فاضل السامرائي ابن جني في مورد اآلية م ن أ ن ص ار ي إ ل ى ا لل منكر ا أن تكون "مع" موضع "إلى" قائال : ))والتحقيق أن ها بمعنى االنتهاء أي من )73( يضيف نصرته إي اي إلى نصرة هللا((. ولسنا بصدد الخوض في جواز التضمين أو النيابة من عدمهما بل نقول ما قاله السامرائي بأن ))التعبير القرآني تعبير فني مقصود. كل لفظة بل كل حرف فيه وضع وضع ا فني ا )74( مقصود ا(( ولو أن نا رجعنا إلى المعنى المحوري وطب قناه على اآلية الكريمة لكفانا القول بالتضمين أو القول بالنيابة في الحروف واألولى اإلبقاء على معنى الحرف والتوص ل إلى سياقه في اآلية فهو يدل على ))انتهاء الغاية زمان ا أو مكان ا ظاهر ا أو معن ى موضوع ا أو حكم ا فاألصل فيها هو هذا المعنى... و ال ت أ ك ل وا أ م و ال ه م إ ل ى )76( )75( أ م و ال ك م فاالنتهاء قيد للموضوع ال الحكم أي وال تأكلوا أموالهم مرتبطة إلى أموالكم ((. وخالصة الكالم: أن المعنى المحوري كان قد أسهم في االبتعاد والنأي عن القول بالمجاز وتناوب الحروف لشموله المعاني الحس ي ة والمعنوي ة معا ألن ها مصاديق للمفهوم. 66

12 األنموذج الثاني: المعنى المحوري لمادة )زين( في القرآن الكريم: )77( وردت هذه الماد ة في القرآن ست ا وأربعين مر ة بصيغ مختلفة منها )زين( في قوله تعالى: و ق ل ل ل م ؤ م ن ات ي غ ض ض ن م ن أ ب ص ار ه ن و ي ح ف ظ ن ف ر وج ه ن و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا و ل ي ض ر ب ن ب خ م ر ه ن ع ل ى ج ي وب ه ن و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال ل ب ع ول ت ه ن أ و آب ائ ه ن أ و آب اء ب ع ول ت ه ن أ و أ ب ن ائ ه ن أ و أ ب ن اء ب ع ول ت ه ن أ و إ خ و ان ه ن أ و ب ن ي إ خ و ان ه ن أ و ب ن ي أ خ و ات ه ن أ و ن س ائ ه ن أ و م ا م ل ك ت أ ي م ان ه ن أ و الت اب ع ين غ ي ر أ ول ي اإل ر ب ة م ن الر ج ال أ و الط ف ل ال ذ ين ل م ي ظ ه ر وا ع ل ى ع و ر ات الن س اء و ال ي ض ر ب ن ب أ ر ج ل ه ن ل ي ع ل م م ا ي خ ف ين م ن ز ين ت ه ن و ت وب وا إ ل ى ا لل ج م يع ا أ ي ه ا ال م ؤ م ن ون ل ع ل ك م ت ف ل ح ون النور 34/20. أوال : استعماالت مادة )زين( في المعجمات اللغوية: - زين: الزاء والياء والنون أصل صحيح يدل على ح سن الشيء وتحسينه. فالز ي ن نقيض الش ين يقال زي نت الشيء تزيين ا وأز ينت األرض واز ي نت وازدانت إذا حس نها ع شب ها الزينة الحقيقي ة: ما ال يش ين اإلنسان في شيء من أحواله ال في الدنيا وال في اآلخرة والز ينة بالقول الم جم ل ثالث : زينة نفسي ة كالعلم واالعتقادات الح س نة وزينة بدني ة كالقو ة وطول القامة وزينة خارجي ة كالمال والجاه وقوله عز وجل: و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا معناه ال يبدين الزينة الباطنة كالم خ نقة والخ ل خال والد م ل ج والسوار والذي يظهر هو الثياب والوجه وامرأة ز ائ ن : )78( م ت ز ي نة. - زين: زيادة محب بة ت عل ق بظاهر الشيء )ناشئة( عم ا يزخر به باطنه. كع رف الديك ونبات األرض عليها وثمرة النخلة لها. ويتحق ق المعنى باكتساء ظاهر البدن بالشحم واللحم )تأث ر ا بامتالء الباطن( ومن ذلك األصل جاء المعنى الشائع للتزي ن وهو التحل ي بحلية مجتلبة تقليد ا لما هو ناشئ من البدن كالتجم ل باألصباغ ونحوها و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال ل ب ع ول ت ه ن ثم لما هو أعم كالد م ل ج والمخنقة. والذي في القرآن الكريم من مفردات التركيب كل ه )79( من الزينة: الحلية الظاهرة. - زين: ز ي ن : ج م ل حس ن األنعام 03/6 أز ي ن : ازدان تجم ل يونس 20/44 زينة: ج مال بهاء األعراف 34/7. العبرية ز ي ن: سل ح اآلرامية ز ي ن: بمعناه السريانية ز ي ن: بمعناه ز ي ن ا: س ال )80( المندائية ز ي ن ا: سال. والمعنى العام: التجم ل والسال. ثانيا : المعنى المحوري لمادة )زين(: هو ح سن في ظاهر سواء كان في أمر مادي محسوس أم معنوي أم أثر عالقة وتخي ل وسواء كانت الز ينة عرضي ة أم ما يتظاهر من الشيء نفسه وتكون من أجزائه. فالزينة في المادي كما في: و ز ي ن ا الس م اء الد ن ي ا ب م ص اب يح فصلت: 42 وفي المعنوي ات كما في: ز ي ن ل ل ذ ين ك ف ر وا م ك ر ه م الرعد: 33 وفي مقام التخي ل كما في: و ز ي ن ل ه م الش ي ط ان أ ع م ال ه م العنكبوت: 33 والزينة العرضي ة كما في: خ ذ وا ز ين ت ك م ع ن د ك ل م س ج د األعراف: 34 والز ينة العام ة كما في: و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن النور: 34 فتشمل الز ينة الع رضي ة والن فسي ة معا ) 81 (. جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السالم" في بيان أصناف الناس: نفس ه وانقطاع س ب ب ه ف ق ص ر ت ه الحال على ح اله فتحل ى باسم القناعة ))ومنهم من أبعده عن طلب الم لك ض ؤ لة ) 82 ( )83( وت ز ي ن بلباس أهل الز هاد ة...((. ثالثا : أقوال اللغويين والمفسرين في توجيه النص القرآني: لل غويين والمفسرين أراء في ما تخفيه المرأة من زينة وما تظهره في قوله تعالى: و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا نستعرضها على النحو اآلتي: 4. و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا : الزينة ما تزي نت به المرأة من حلي أو كحل أو خضاب فما كان )84( ظاهر ا منها كالخاتم والفتخة والكحل والخضاب فال بأس بإبدائه لألجانب وما خ ف ي منها كالس وار والخلخال والد ملج والقالدة واإلكليل والوشا والقرط فال تبديه وذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة في األمر بالتصو ن والتست ر ألن هذه الز ين ة واقعة على موضع من الجسد ال يحل النظر إليها وهي الذراع والعضد والعنق والرأس والصدر واأل ذن وهذه مواقع الزينة الخفي ة أم ا مواقع الزينة الظاهرة فهي: الوجه موقع )85( الكحل في عينيه والكف والقدم موقع الخاتم والفتخة والخضاب بالحناء. 2. و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا : الزينة اسم يقع على محاسن الخلق التي خلقها هللا تعالى وعلى سائر ما يتزي ن به اإلنسان من فضل لباس أو حلي وغير ذلك وأنكر بعضهم وقوع اسم الزينة على الخلقة ألن ه ال يكاد يقال في الخلقة إن ها من زينتها. وإن ما يقال ذلك فيما تكتسبه من كحل وخضاب وغيره واألقرب أن الخلقة داخلة في الزينة ويدل عليها وجهان: األول: أن كثير ا من النساء ينفردن بخلقتهن عن سائر ما يعد زينة فإذا حملناه على الخلقة وفي نا العموم حقه وال يمنع دخول ما عدا الخلقة فيه أيضا. والثاني: أن قوله: و ل ي ض ر ب ن ب خ م ر ه ن ع ل ى ج ي وب ه ن يدل على أن المراد بالزينة ما يعم الخلقة وغيرها فكأن ه تعالى منعهن من إظهار محاسن )86( خلقتهن بأن أوجب سترها بالخمار. 67

13 ويظهر مما تقد م أن هناك رأيين في المسألة أو ق ل فريقين ذهب األول منهما إلى القول: إن الزينة ال تشتمل على الخلقة والثاني: إن الزينة تعم الخلقة وغيرها. والقائلون باألول ذكروا للزينة ثالثة أمور: األول: الثياب. والثاني: الحلي كالسوار والخلخال والد ملج والقالدة واإلكليل والوشا والقرط. والثالث: األصباغ كالكحل والخضاب بالحناء. وهذه كل ها من الزينة العرضي ة. والقائلون بالرأي الثاني شملوا الز ينة الع رضي ة والذاتي ة )الخلقي ة( معا. رابعا : أثر المعنى المحوري في توجيه النص القرآني: مر بنا أن المعنى المحوري للماد ة: هو ح سن في ظاهر سواء أكان في أمر مادي محسوس أم معنوي وسواء أكانت الز ينة عرضي ة أم ذاتي ة من ثياب وأصباغ وح لي ووجه ويدين وكل ماي تراءأ ويتظاهر ويتجل ى من محاسن المرأة بمعنى أن الزينة تعم الخلقة وغيرها وأ ن الحلي مخصوص بالزينة العرضي ة وقد اشتبه معنى الزينة على أكثر المفسرين والفقهاء في و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن فقد فس روها بالحلية العرضي ة وحكموا بما حكموا وأفتوا على خالف ما أنزل هللا عز وجل وقال بعضهم فرار ا )87( عن المحذور إن المراد مواضع الزينة. وعلى وفق المعنى المحوري سيكون توجيه اآلية الكريمة: و ق ل ل ل م ؤ م ن ات ي غ ض ض ن م ن أ ب ص ار ه ن و ي ح ف ظ ن ف ر وج ه ن و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا و ل ي ض ر ب ن ب خ م ر ه ن ع ل ى ج ي وب ه ن و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال ل ب ع ول ت ه ن... و ال ي ض ر ب ن ب أ ر ج ل ه ن ل ي ع ل م م ا ي خ ف ين م ن ز ين ت ه ن و ت وب وا إ ل ى ا لل ج م يع ا أ ي ه ا ال م ؤ م ن ون ل ع ل ك م ت ف ل ح ون كما يرأ "المصطفوي" على النحو اآلتي: 4. إن الزينة أعم من الحلية والزبرج: فتشمل الزينة العارضة من خارج والزينة والمحاسن التي في البدن نفسه والمصداق األتم األعلى من هذا المفهوم هو الوجه المتجل ي فيه تمام الحسن والجمال وخصوصيات مفاهيم بها ينجذب المرء ويتمايل ويشتهي إليها ثم اليد المتجل ية فيها صفات المرأة. )88( 2. إ ال م ا ظ ه ر م ن ه ا : التعبير بالظهور دون البدو فإن الظهور في مقابل البطون ال الخفاء والمراد ما يظهر من الزينة قهر ا أو ضرورة ومن دون قصد بعد إخفائها كاللباس الظاهر والحذاء والجورب وما يظهر من الزينة قهر ا أو ضرورة من وراء حجاب أو من زوايا الحجاب أو غفلة عند العمل بما يجب. وهذا هو المراد )89( في ما في بعض الروايات الشريفة من تفسيره بالوجه والكف ين أي ما يظهر قهر ا أو ضرورة من الوجه واليد بعد إخفائها. ثم إن تفسير ما ظهر بالوجه والكف ين: يدل على شمول الزينة )المستثنى منه( حتى يستثنى منه ما ظهر فالزينة تشمل الوجه والكف ين على أي حال. 3. و ل ي ض ر ب ن ب خ م ر ه ن : تأكيد آخر بعد تكليف إخفاء الزينة فإن الضرب بالخمر على الجيوب تأكيد وتشديد إلخفاء الزينة وتأييد وتقوية له ليكون الظهور في محال الزينة وموارد الحسن والجمال أقل. 0. و ال ي ب د ين ز ين ت ه ن إ ال ل ب ع ول ت ه ن : تأكيد آخر وتكرير لإلخفاء بالزينة وإشارة إلى تحديد موارد االستثناء من هذه الجهة لتكون الحدود والخصوصي ات من جهة الناظر أيضا مشخ صة متعي نة إشارة إلى أهمية الحكم. 3. و ال ي ض ر ب ن ب أ ر ج ل ه ن : هذا اإلرشاد والحكم بعد حكم إخفاء الزينة تأكيد آخر في الموضوع فإن ضرب )90( الر جل قد ينتهي إلى ظهور الزينة وتحق ق جلب المرء الناظر األجنبي من غير مستقيم. وهذا التوجيه يطابق ما ذكرناه من آراء لبعض اللغويين والمفسرين في معنى الزينة التي تعم الخلقة وغيرها ويخالف في ما ظهر من الزينة فهو يرأ أن ما يظهر من الزينة قهر ا أو ضرورة ومن دون قصد بعد إخفائها كاللباس الظاهر والحذاء والجوراب وما يظهر من الزينة قهر ا أو ضرورة من وراء حجاب أو من زوايا الحجاب أو غفلة عند العمل بما يجب ))وال يصح االستدالل باآلية على جواز إبداء الوجه واليدين والكف ين واستثنائهما من الستر والحجاب... فاآلية الكريمة تدل صريحة على وجوب ستر الوجه والكف ين فإن هما من مصاديق الزينة في الدرجة األولى وليسا مما يكون ظاهر ا بالطبع وقهر ا وتداوم الحياة والتدبير والتربية الداخلي ة )91( للمرأة ال يتوق ف على كشف الوجه واليدين بوجه من الوجوه((. وهذا يدل فقهي ا على وجوب لبس البرقع أو القناع والكفوف لستر الوجه واليدين ويعضد ما يذهب إليه "المصطفوي" من ستر الوجه ما في سورة األحزاب من قوله تعالى: ي ا أ ي ه ا الن ب ي ق ل أل ز و اج ك و ب ن ات ك و ن س ا ء ال م ؤ م ن ين ي د ن ين ع ل ي ه ن م ن ج ال ب يب ه ن ذ ل ك أ د ن ى أ ن ي ع ر ف ن ف ال ي ؤ ذ ي ن و ك ان ا لل غ ف ور ا ر ح يم ا األحزاب: 39 فمعنى يدنين عليهن من جالبيبهن: أي جلباب يشمل الستر والحجاب لجميع أجزاء البدن بما فيه الرأس والوجه )92( ويؤيد هذا الشمول قوله سبحانه: ذ ل ك أ د ن ى أ ن ي ع ر ف ن ف ال ي ؤ ذ ي ن. وأخير ا ظهر أن الزينة ليست بالحلية العرضي ة وال مواضع الزينة فقط بل هي الز ينة الع رضي ة والنفسي ة معا وهو ما أرشد إليه المعنى المحوري من معنى. 68