AKADEMİK TARİH VE ARAŞTIRMALAR DERGİSİ ATAD JOURNAL OF ACADEMIC HISTORY AND STUDIES C İ L T 2 S A Y I 1 Y I L 2020 AKADEMİK TARİH VE ARAŞTIRMALAR DERG

النسخ

1 AKADEMİK TARİH VE ARAŞTIRMALAR DERGİSİ JOURNAL OF ACADEMIC HISTORY AND STUDIES C İ L T 2 S A Y I 1 Y I L 2020 AKADEMİK TARİH VE ARAŞTIRMALAR DERGİSİ JOURNAL OF ACADEMIC HISTORY AND STUDIES V O L U M E 2 I S S U E 1 Y E A R ORCID ORCID Atıf yapmak için:, ve Husam aldeen Mohammad Salman Dawood االقتصادي بين المسيحية واإلسالم بين األهداف والخصائص, الفكر Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020), s ECONOMIC THOUGHT BETWEEN CHRISTIANITY AND ISLAM, BETWEEN GOALS AND CHARACTERISTICS To cite this article: and Husam aldeen الفكر االقتصادي بين المسيحية واإلسالم بين األهداف Dawood, Mohammad Salman (2020), 1, Issue: Journal of Academic History And Studies, Volume: 2,, والخصائص pp Makale Geliş Tarihi: Yayına Kabul Tarihi: Çevrimiçi (online) erişim için

2 ** الملخص: تتناول هذه المقالة وجهة نظر الفكر المسيحي واإلسالمي إلى المال - باعتباره أساس النشاط االقتصادي - وكيف عد الفكر المسيحي المال ملكية مطلقة هلل تعالى ودور اإلنسان فيه هو مجرد خليفة ووكيل هللا تعالى في هذا المال وأن هذه الوكالة مرتبطة بأال يسمح له أن يجمدها بل تسييرها واستثمارها في وقت الحاجة بالعدل وتحقيق منفعة له ولغيره أما مجرد تصرفه - اإلنسان - في غير ذلك فإنه يعد خيانة للوكالة والخالفة في هذا المال. باعتباره هو الذي يحرر اإلنسان من السؤال أما الفكر اإلسالمي الذي يعترف بأهمية المال في العمل االقتصادي باعتباره هذا الفكر جزءا من نظام اإلسالم - فأكد على ك ارمة العمل بل ورفع من قدره وارتقى به إلى درجة العبادة عندما يقترن بالنية الصالحة ويلتزم باألحكام الشرعية معتب ار أن من ضمن خصائص هذا النشاط هو ارتباطه باألخالق والعبادة وله أهداف سامية يسعى إلى تحقيقها ال تخالف هذه األحكام الشرعية جاعال الرقابة على هذا العمل تنبع من داخل المسلم ذاته وليس فقط رقابة الدولة المعنية بهذا ذلك أن هذا العمل الهدف منه هو تحقيق حد الكفاية لهذا اإلنسان حتى ال يكون هناك تفاوت كبير في توزيع الثروة والدخل ومن هنا تحقيق القوة المادية والدفاعية بين أف ارد األمة اإلسالمية. الكلمات المفتاحية: االقتصاد اإلسالمي المنهج اإللهي المهيمن والفاعل في صالح وتنمية تعامالت اإلنسان اإلقتصادية والمالية ECONOMIC THOUGHT BETWEEN CHRISTIANITY AND ISLAM, BETWEEN GOALS AND CHARACTERISTICS Abstract: This article examines the point of view of Christian and Islamic thought regarding money - as the basis of economic activity -, and how Christian thought considers money as absolute property of God and the role of man in it is only a successor and a proxy of God in this money, and that this agency is linked to not being allowed to freeze it, but rather to direct it and invest it In a time of need for justice, and achieving benefit for him and others, as for just his behavior - the human being - otherwise, it is considered a betrayal of the agency and succession in this money. As for the Islamic thought that recognizes the importance of money in economic work as it is the one who frees the person from the question - as this thought is part of the Islamic system - he emphasized the dignity of the work, and even raised its value and raised it to the degree of worship, when it is combined with good intention and adheres to the legal provisions, considering That among the characteristics of this activity is its association with morality and worship and has lofty goals that it seeks to achieve that do not violate these legal provisions, making oversight of this work stems from within the Muslim himself, and not only the control of the country concerned with this; that this action is aimed at achieving sufficiency For this human not even The fact that there are significant disparities in wealth and income distribution, hence the achievement of physical strength and defense between the members of the Islamic nation. Key words: Islamic history, Christian and Islamic thought, Islamic economy, Islamic thought, Islamic system Asst. Prof. Dr., Alsalam University College, Faculty of Economics and Community Development, bakeralzaidi@gmail.com, ORCID ** Asst. Teacher, Alsalam University College, hm766985@gmail.com, ORCID 28

3 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) المقدمة الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات والصالة والسالم على عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين. ثم أما بعد : منذ وجود اإلنسان على هذه البسيطة وهو يكافح من أجل البقاء وتعمير األرض التي استخلف فيها مستعينا بذلك بكل ما حباه الخالق من موارد ومقومات لتأمين حاجته من الغذاء والكساء والمسكن واألمان ولتحسين وضعه المعيشي واالقتصادي فعمل على تطوير أساليب اإلنتاج والتبادل كما حسن من مستوى األداء اإلداري وتبنى السياسات االقتصادية واخترع النقود وأحدث ثورة في عالم االتصاالت والمعلومات. ولقد صاحب هذا التطور ظهور كثير من اآل ارء واألفكار االقتصادية لكثير من الفالسفة والكتاب إضافة إلى ما أتت به األديان السماوية من قواعد وأحكام وتشريعات اقتصادية إال أن هذه األفكار االقتصادية كانت متناثرة في كثير من الكتب وتمثل جزءا من آ ارء وقوانين أخرى تتصل بالسلوك اإلنساني وفلسفته في الحياة ولذا اخترنا هذه األفكار االقتصادية والتي أتت بها األديان السماوية في صورة قواعد وأحكام وتشريعات - مقتص ار على المسيحية واإلسالم - لتكون مدار مقالتنا الموسومة بعنوان : )الفكر االقتصادي بين المسيحية واإلسالم بين األهداف والخصائص(. المقالة : مشكلة ظهور الكثير من اآل ارء واألفكار االقتصادية لكثير من الفالسفة والكتاب باإلضافة إلى ما أتت به األديان السماوية من قواعد وأحكام وتشريعات اقتصادية متناثرة في كثير من الكتب تمثل جزءا من آ ارء وقوانين تتصل بسلوك اإلنسان لتأمين حاجته من الغذاء والكساء والمسكن واألمان ولتحسين وضعه المعيشي واالقتصادي. المقالة : أهمية - بيان أن االقتصاد اإلسالمي يتمي ز عن غيره من األنظمة المختلفة بعد ة خصائص فريدة ومتمي زة تجعله صالح ا لك ل زمان ومكان وهو الن ظام ال ذي يقوم على تطبيق أحكام الش ريعة اإلسالمي ة في كاف ة أنواع المعامالت داخل الن شاط االقتصادي فالن ظام االقتصادي في اإلسالم نظام مثالي ال يقف عند حدود الوصف لما هو كائن وان ما يهتم بما يجب أ ن أهداف يكون. المقالة : - بيان أن الفكر االقتصادي في اإلسالم فكر رب اني المصدر فكل األفكار األخرى من وضع البشر سواء استندت لديانات محر فة أم نظري ات وضعي ة من استنباط البشر ال ذي يصيب ويخطئ ويتأث ر بالفلسفات المعتنقة والبيئة المحيطة. كذلك هو فكر رب اني الهدف حيث يتمث ل مقصده في إشباع وتوفير الحاجيات األساسي ة لإلنسان وتوفير ح د الكفاية الال ئق به ليحيا حياة طي بة رغدة يتحق ق فيها اإلشباع الماد ي والروحي جنب ا إلى جنب فهو نظام وسط ي في حين أن النظم األخرى رك زت على الجانب الماد ي حت ى أصبح الهدف الوحيد للن شاط االقتصاد ي لإلنسان المعاصر دون م ارعاة أو التفات للقيم األخالقي ة والر وحي ة. 29

4 - بيان أن يخضع الن ظام االقتصادي في اإلسالم لرقابتين )بشري ة- ذاتي ة( في حين النظم األخرى قد انفصلت عن الد ين تمام ا وأبعدته عن القيام بدور إيجابي في نظامها االقتصادي ونتيجة لذلك فإ ن رقابة الن شاط االقتصادي في ظ ل هذه النظم م وك ل ة إلى السلطة العام ة تمارسها طبق ا للقانون األمر ال ذي يجعلها في الن هاية عاجزة عن تحقيق جميع أهدافها لعدم وجود رقابة أ خرى منهجية غيرها. المقالة : لقد اعتمدنا في أسلوب معالجتنا لموضوع الد ارسة على منهجين أساسيين هما: أ- المنهج التحليلي المقارن: ويأتي استخدام المنهج التحليلي المقارن بسبب طبيعة الموضوع وهو تحليل األفكار االقتصادية في التشريع المسيحي واإلسالمي. ب- المنهج المقارن : فقد تم استخدام هذا المنهج في مقارنة الخصائص واألهداف االقتصادية التي يسعى إلى تحقيقها كل من الفكر المسيحي واإلسالمي. الدراسات السابقة : - في الفكر االقتصادي اإلسالمي: د ارسة مقارنة مع المذاهب االقتصادية المعاصرة/ فاضل عباس الحسب ط 2 بيروت ( لبنان ) عالم المعرفة 1981 م. - االقتصاد المالي اإلسالمي: د ارسة مقارنة بالنظم الوضعية/ عبدالكريم صادق بركات عوف محمود الكف اروي االسكندرية ( مصر ) مؤسسة شباب الجامعة للطباعة 1961 م م. - االسالم والمذاهب االقتصادية المعاصرة إب ارهيم محمد إسماعيل القاهرة دار القاهرة - اإلسالم والمذاهب االقتصادية المعاصرة د. يوسف كمال الطبعة الثانية دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع المنصورة 1410 ه م. - اقتصادنا: د ارسة موضوعية تتناول بالنقد والبحث المذاهب االقتصادية للماركسية وال أرسمالية واإلسالم في أسسها الفكرية وتفاصيلها محمد باقر الصدر دار الكتاب اللبنانى فرضيات 1977 م. المقالة : 1- إن محدودية العقل البشري مصدر خلل رئيس في بناء النظم االقتصادية الوضعية تؤدي بها إلى األزمات وعدم االستق ارر االقتصادي وضياع العدالة االجتماعية. 2- ربانية المصدر في فقه االقتصاد اإلسالمي سبب لعدم تعارضه مع مصالح البشر الحقيقية وضمان لعدم وقوع االقتصاد في األزمات أو عدم االستق ارر وكذلك ضمان لتحقيق العدالة االجتماعية. 3- انح ارف النفوس و ارء أهوائها وشهواتها مصدر خلل رئيس آخر في بناء النظم االقتصادية الوضعية يؤدي إلى عدم االستق ارر في االقتصاد وضياع العدالة في المجتمع. 4- تميز االقتصاد اإلسالمي بالعدل واألخالقية ينأى به عن األزمات وعدم 5- االقتصاد اإلسالمي مالذ الشعوب في تحقيق سعادة الدارين. االستق ارر. 30

5 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) خطة المقالة : وقد قسمنا المقالة إلى : مقدمة وثالثة مباحث وخاتمة. وكان المبحث األول للمقالة بعنوان : خصائص الفكر االقتصادي في التشريع المسيحي: وقسمناه إلى مطلبين يتكون كل مطلب منهما من ثالثة فروع تناولنا فيها كيف اختلفت وجهات نظرة الكتاب والباحثين في تحديد نظرة المسيحية للمال وخالفة اإلنسان له. والمبحث الثاني بعنوان : أهداف الفكر االقتصادي في التشريع المسيحي: وتم الحديث في هذا المبحث بما جاء فيه من مطالب عن أهداف الفكر االقتصادي من هذا المال من خالل موقف النشاط االقتصادي من فكرة الحالل والح ارم في الفكر المسيحي. والمبحث الثالث بعنوان : خصائص الفكر االقتصادي في التشريع اإلسالمي وأهدافه: وقسمناه إلى مطلبين يتكون كل مطلب منهما من ثالثة فروع تناولنا فيها الخصائص التي تميز بها الفكر االقتصادي اإلسالمي عن غيره من األفكار االقتصادية األخرى بل واألهداف التي كان يسعى إلى والخاتمة فقد بينا فيها أهم النتائج والمقترحات التي توصلنا إليها في ضوء هذه المقالة. تحقيقها. الباحثان المبحث األول : خصائص الفكر االقتصادي في التشريع المسيحي لقد تعددت آ ارء الكتاب والباحثين في تحديد الفكر المسيحي للمال - بكونه مدار االقتصاد المسيحي - بل وخالفة اإلنسان لهذا المال في التشريع المسيحي حيث ذهب من يقول بأن المسيحية جاءت لتحارب المال وتعده عقبة بين اإلنسان ودخوله الجنة ومنهم من جعل من المال وسيلة من وسائل صالح الحياة واعتبر ذم المسيحيين للمال في بعض نصوصهم وتفسير اتهم ال يعني أن الغاية الكلية لهذا الدين هي محاربة المال حيث جاء في بعض كتبهم عن المال ما يدل على ذلك )1( : )) المال هو مشكلة ذات أهمية في الحياة المسيحية وقد تكلم عليه يسوع كغيره من الموضوعات بيد أن القلة من الدعاة يتجرؤون على حديث المال في كنائسهم مع رعاياهم وكالم المسيح عن المال يقصد به إصالحه ألنه حجر عثرة في إصالح الحياة وهذا اإلصالح قد يناط بمسؤوليات عن طريق كسب المال أو حفظه أو إنفاقه أو سلطته أو إس ارفه بل ويشكل المال والصحة مفتاح السعادة كما يقول البعض(( )2(. بل وهناك من يجعل المال ملكا مقدسا يحول الشخص ) أبحاث في الش ارئع ( اليهودية والنص ارنية واإلسالم ( د. فؤاد عبد المنعم نشر مؤسسة شباب الجامعة اإلسكندرية 1414 ه - ( م ص. 163 )2( المال والتشبث به مشيل دي فاليري مركز دافينش المصرية للنشر والتوزيع 2006 م ص 5. 31

6 من العمالة المشينة إلى السيادة المطلقة في المجتمع المسيحي والنصارى متعلقون به - وان لم يعترفوا بذلك ص ارحة- وهم مسلحون بسوء الفهم في سيرهم على منهج رب المال في مالهم )3(. وألهمية المال في الفكر المسيحي على هذا النحو ستكون د ارستنا لهذا المبحث من خالل مطلبين: األول: خصائص الفكر االقتصادي في التشريع المسيحي ود ارستنا لهذا المطلب ستكون موزعة على ثالثة فروع هي: الفرع األول: ملكية المال الحقيقية في الفكر المسيحي والفرع الثاني: خالفة اإلنسان المسيحي لمال هللا سبحانه وتعالى والفرع الثالث: موقف البابوات من خالفة اإلنسان لمال هللا تعالى. والثاني: أهداف الفكر االقتصادي في التشريع المسيحي من خالل فكرة الحالل والح ارم ود ارستنا لهذا المطلب ستكون موزعة على ثالثة فروع هي : الفرع األول: النشاط االقتصادي - المال- ال يخضع لفكرة الحالل والح ارم والفرع الثاني: النشاط االقتصادي - المال- يخضع لفكرة البعد الروحي األخالقي والفرع الثالث: النشاط االقتصادي- المال- يخضع لفكرة الحالل والح ارم. الفرع األول: ملكية المال الحقيقية في الفكر المسيحي : لقد اختلف الفكر المسيحي لملكية للمال كما سبق فمنهم من يقول بأن المسيحية جاءت لتحارب المال وتعده عقبة بين اإلنسان ودخوله الجنة فالكتاب المقدس وضح أن حب المال واالتكال على المال هو شر ب ك سب. ي أ خ ذ ن ف س م ق ت ن يه ( )4(. و) ال : وأصل كل الشرور ودليل ذلك في العهد القديم )هك ذ ا ط ر ق ك ل م ول ع ت ت ع ب ل ك ي ت ص ير غ ن ي ا. ك ف ع ن ف ط ن ت ك ( )5(. أ و ودليل ذلك في العهد الجديد: )ال ي ق د ر أ ح د أ ن ي خ د م س ي د ي ن أل ن ه إ م ا أ ن ي ب غ ض ال و اح د و ي ح ب اآلخ ر أ ص ل ل ك ل الش ر ور ال ذ ي إ ذ ي ال ز م ال و اح د و ي ح ت ق ر اآلخ ر. ال ت ق د ر ون أ ن ت خ د م وا هللا و ال م ال ) )6(. ف"م ح ب ة ال م ال ج اع ك ث ير ة )7(. اب ت غ اه ق و م ض ل وا ع ن اإل يم ان و ط ع ن وا أ ن ف س ه م ب أ و ومنهم من يرى- هو ال ارجح- أن المال هو ملك خالص هلل تعالى وليس لإلنسان عليه أي سلطة وهذا ال أري يقر به مؤمنو أهل الكتاب من المسيحيين ويكرره وعاظهم ويردده دعاتهم وخالصته على هذا النحو : اإليمان بأن هللا خالق كل شيء ومالكه وأن المخلوقات كلها ملك له يرزق من يشاء بغير حساب والمال ماله ويهبه من يريد ومن ال يريد وال يعطيه القوي لقوته وال يمنعه عن الضعيف لضعفه وكم من األقوياء - وهم فق ارء- وكم من الضعفاء - وهم رجال ذو ث ارء - وما األموال إال عطايا الخالق لمخلوقاته وهي في أيدي الناس بالوكالة وهم وكالء الرب الوكيل األمين وهو الذي يلتزم بشروط موكله وينفذها بكل إخالص وأمانة وال )3( المصدر نفسه ص. 7 )4( سفر األمثال اإلصحاح.19 :1 )5( سفر األمثال اإلصحاح.4 :23 )6( إنجيل متى اإلصحاح.24 :6 )7( رسالة بولس الرسول األولى إلى تيموثاوس اإلصحاح 10. 6: 32

7 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) يتعدى حدود المفوض وال يفرض هللا تعالى شروطا في كتابه اإلنجيل في طاعة أوامره واجتناب نواهيه ولكن يجب االعت ارف بجميع العطايا هو المتمثل بشروط المعطي المتوقف عند حدود المالك الفعلي للمال واالعت ارف بحق هللا تعالى في أموال الناس ال يكون إال كما أمر )8(. وهذا يعني كما يرى الباحثان أن هللا تعالى هو المالك الحقيقي لألرض وكل ثرواتها بما فيها األموال المتداولة بين أيدينا بل وكل ما نملكه يعود إلى ملكية هللا تعالى بالفعل ولقد استدل الكت اب المسيحيون على ذلك بنصوص من العهد القديم نذكر منها اآلتي: " ل ي ال ف ض ة و ل ي الذ ه ب ل ر ب 1- ه و ش ع ب ي ح ت ى " و لك ن م ن و م ن 2- )9( ال ج ن ود ". )10( أ ع ط ي ن اك ". ن س ت ط ي ع ك أ ن ن ن ت د ب هك ذ ا أل ن م ن ك ال ج م ي ع و م ن ي د ولم تقف هذه النظرية عند هذا الحد بل أخذت حي از كبي ار في الفقه االجتماعي للكنيسة حيث تناول هذا الفقه موضوع الملكية في جوانب مختلفة لها كالملكية في الكتابات المقدسة الملكية عند آباء الكنيسة الملكية عند السلطة الدينية ومسألة الحق الطبيعي لإلنسان والملكية وملكية المنافع االستهالكية الخاصة والملكية الخاصة بطريق اإلنتاج )11(. -1 ويتضح مما سبق للباحثين أن آباء الكنائس المسيحية الذين شاركوا في تصنيف الفقه االجتماعي أخذوا في تأصيل الفكر المسيحي حول الملكية من خالل الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد على هذا النحو: العهد القديم: يجد في الملكية أنها ليست عالقة اإلنسان بثروات هذا العالم بل تضاف إليه العدالة )12( االجتماعية وعدالة الخالق. ويتبين للباحثين ان األساس في ملكية المال في الفكر المسيحي - العهد القديم - هو أن هللا تعالى رب كل الكائنات ومالكها وانما عهد بهذا المال لإلنسان إلعمار األرض بل وسخر لهم ما فيها جميعا ليكون ذلك قوام حياته ودليل ذلك ما جاء من النصوص في العهد القديم منها: " كل حي متحرك طعاما لكم فتأكلون كل شيء كما تأكلون البقول الخض ارء التي أعطيتكم " )13(. بل واألرض نفسها ملك هلل تعالى بدليل ما نص في العهد القديم: " واألرض ال تباع بتة ألن لي األرض وأنتم غرباء ونزالء عندي " )14(. )8( فقه المعامالت المالية في األديان السماوية د. أبو عبد هللا بامبا عاجي دار عباد الرحمن الطبعة األولى القاهرة, مصر 1430 ه م ص. 149 )9( سفر حجي: اإلصحاح 8. 2/ في النسخة المعتمدة لدينا من التفسير التطبيقي للكتاب المقدس التعريب والجمع التصويري لجنة الترجمة : وليم وهبة وآخرون شركة ماستر ميديا بال- ت ص )10( سفر أخبار األيام األول اإلصحاح / )11( الفقه االجتماعي للكنيسة د. وليم فابريل ترجمة : عادل زعيتر منشو ارت الكنيسة الكاثوليكية في مصر 2009 م ص 138. )12( فقه المعامالت المالية في األديان السماوية د. بامبا عاجي ص 150. )13( سفر التكوين االصحاح 3/9. )14( سفر الالويين االصحاح 23/25. 33

8 وعندما فسر آباء الكنائس المسيحية هذه النصوص جاء تفسيرهم على هذا النحو: أنه ال ملكية مطلقة إال هلل تعالى وحده فكأن هللا تعالى يريد أن يجنب شعبه " المادية " فإذا كنت تعتقد أن هللا تعالى قد وكلك على بعض موارده واضعا إياها تحت تصرفك فالبد أن تجعل مالك متاحا بدرجة كبيرة لآلخرين ولكن من العسير أن تفعل ذلك أن كنت تعتقد أن ما عندك هو لك بل ويجب أن تعد نفسك وكيال على ما أعطاك هللا تعالى وليس مالكا له )15(. وذلك من خالل الت ازمك بواجب العشور )16(. -2 العهد الجديد: ويتفق العهد الجديد مع العهد القديم في أن الملكية - المال- ليست حقا محضا لإلنسان بل هي حقا هلل تعالى وهو المالك األول لكل شيء لذلك علينا مساعدة المحتاجين بممتلكاتنا ودليل ذلك ما نص عليه العهد الجديد: " ك ح ز ان ى و ن ح ن د ائ م ا ف ر ح ون ك ف ق ر اء و ن ح ن ن غ ن ي ك ث ير ين ك أ ن ال ش ي ء ل ن ا و ن ح ن ن م ل ك ك ل ش يء " )17(. وال يختلف موقف آباء الكنيسة عما ورد في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد من ملكية هللا تعالى لكل شيء بل تطورت آ ارء البابوات وق ار ارت المجامع الكنسية في القرون األخيرة واتجهت إلى د ارسة جميع أنواع الملكية وتحديد نظر الكنيسة لها )18( حيث ذهبوا إلى محاولة التصديق أن المال هو ثمرة جهود المسيحي وعمله وهو ملكه ولكن يجب عليه االعت ارف بأن الحياة والصحة والطاقة نعمة من نعم هللا تعالى عليه والحذر أال يستسلم بسهولة لمحاوالت االعتقاد أن المال الذي يملكه من نتاج عمله فقط والدليل ما جاء في العهد القديم: )15( التفسير التطبيقي للكتاب المقدس التعريب: وليم وهبة وآخرون ص 261. ونوح )16( العشور: التعشير هو تقديم جزء من عشرة أج ازء مما يرزق هللا تعالى اإلنسان. وفي هذا القانون يوصينا الرب بأن نرد إليه عشر مدخولنا. هذا المال يستعمل لعمل الرب. أول من تشير إليه الكتب المقدسة كشخص قام بدفع العشور هو النبي إب ارهيم عليه السالم الذي قام بدفع عشره إلى ملك شاليم والذي كان كاهنا هلل تعالى " وباركه وقال مبارك إب ارم من هللا العلي مالك السماوات واألرض ومبارك هللا العلي الذي أسلم أعداءك في يدك فأعطاه عش ار من شيء " )سفر التكوين 20-19:14(. ويذكر أن هذا القانون كان يمارس على أيام آدم عليهما السالم ثم أمر هللا تعالى بالعشور في الشريعة أيام موسى النبي عليه السالم فقال : " تعشي ار تعشر كل محصول زرعك الذي يخرج من الحقل سنة بسنة " )سفر التثنية 14:22 ( " وكل عشر األرض من كل حبوب األرض وأثمار الشجر فهو للرب قدس للرب.." )سفر الالويين 27:30 ( " عشر حنطتك وخمرك وزيتك" )سفر التثنية 12:17 (. ينظر : الصدقة تعريفها وفائدتها بقلم: الشماس نبيل حليم يعقوب موقع الكنيسة الكاثوليكية اإللكتروني على النت على ال اربط اآلتي : )17( رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورتثوس اإلصحاح 10/6. في النسخة المعتمدة لدينا من التفسير التطبيقي للكتاب المقدس التعريب والجمع التصويري وليم وهبة وآخرون ص )18( الفقه االجتماعي للكنيسة د. وليم فابريل ص

9 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) " ولئال تقول في قلبك قوتي وقدرة يدي اصطنعت لي هذه الثروة بل اذكر الرب الهك أنه هو الذي يعطيك قوة الصطناع الثروة لكي يفي بعهده الذي أقسم آلبائك كما في هذا اليوم " )19(. بل ليس هذا فحسب فالمسيحيون يثبتون ملكية هللا لكل ثروات العالم من خالل معج ازته التي يجريها على أيدي بعض األنبياء مثل مباركة ما لديهم حتى يقضوا ديونهم ويطعموا أتباعهم فكل ذلك يفيد أن هللا مالك كل شيء )20( الفرع الثاني: خالفة اإلنسان المسيحي لمال هللا سبحانه وتعالى إن مفهوم ملكية المال المطلقة هلل تعالى في الفكر المسيحي جعل لإلنسان سلطة على األشياء بكونه خليفة ووكيال له على األرض وتلك األشياء التي تشملها الوكالة هي الموارد األساسية للعيش التي ال تنحصر في أموال االستهالك وما وضعت لالستعمال الفوري بل االدخا ارت والمواد التي ال تتلف مباشرة عند االستعمال كالمالبس واألسلحة واألدوات واآلالت واألثاث والمباني واأل ارضي وتلك ممتلكات تحفظ وترعى وتحقق النشاط االقتصادي خدمة للحاجات اإلنسانية حيث يخضع االنسان بقوته وسلطته كل الموارد المادية ويصرفها في حوائجه إما أن يستخدمها ويستهلكها ويدخرها واما أن يحفظها ويرعاها ويقصد بكل ذلك سلطة اإلدارة والتنظيم وهو الم ارد بتملك اإلنسان ثروات األرض وخالفته لهذا المال )21(. فاألرض وجميع ما عليها هي ملك هلل تعالى وحده ثم خلق اإلنسان فوضعه خليفة ووكيال له على األرض وخلق كل األشياء وجعل اإلنسان مالكا لها وأسند إليه تسيير تلك الثروات ولكي يكون اإلنسان خليفة ووكيال هلل تعالى في األرض وجميع ما عليها فمهما بذل من جهد لكسب ماله فعليه أن يتذكر أن كل ما يملكه عطية من هللا تعالى وهللا تعالى ال يسمح له أن يجمدها بل تسييرها واستثمارها )22(.. )23( " وان دليل ذلك من الكتاب المقدس: " ولئال تقول في قلبك قوتي وقدرة يدي اصطنعت لي هذه الثروة بل اذكر الرب إلهك أنه هو الذي يعطيك قوة الصطناع الثروة لكي يفي بعهده الذي أقسم آلبائك كما في هذا اليوم ان الفكر المسيحي يرى أن كل ما نمتلكه من ممتلكات مادية ومعنوية هبة من هللا تعالى وقد أسند إلينا تسييره واستثماره وسيأتي يوم يحاسب فيه كل واحد منا عن تصريف ماله وكل ما وكل إليه من ممتلكات مادية ومعنوية ومن هنا فاستعمال المال في الفكر المسيحي - يكون في وقت الحاجة وتحقيق منفعة له ولغيره أما تصرفه - اإلنسان - في غير ذلك فإنه يعد خيانة للوكالة والخالفة التي استودعه إياها هللا تعالى وأنه سوف يحاسب فيما بعد حياته التي يعيش فيها ودليل ذلك: " فقال له سيده نعما أيها العبد الصالح واألمين كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك " )24( )19( سفر التثنية اإلصحاح 17 /8 )20( المال والتشبث به مشيل دي فاليري ص 20. )21( الفقه االجتماعي للكنيسة د. وليم فابريل ص 369. )22( ينظر : بتصرف فقه المعامالت المالية د. بامبا عاجي ص 152. )23( سفر التثنية اإلصحاح 18-17/8. )24( إنجيل متى اإلصحاح 25 /

10 الفرع الثالث: موقف البابوات من خالفة اإلنسان لمال هللا تعالى إن خالفة اإلنسان ألموال هللا تعالى وممتلكاته بل وتوكيله عليها يشترط فيها تسييرها واستثمارها لخدمة اآلخرين بعدالة فيما يتصرف فيه وليس تجميدها لمصلحته فقط فهو محاسب بعد ذلك من السيد المسيح نفسه ت م )25( "أ ل س أ و ش ر ا" عليه السالم ودليل ذلك: "هللا ي ح ض ر ك ل ع م ل إ ل ى الد ي ن ون ة ع ل ى ك ل خ ف ي إ ن ك ان خ ي ر ا ت ع ل م ون أ ن ال ق د يس ين س ي د ين ون ال ع ال م " )26(. ومع داللة النصوص المسيحية على مسؤولية اإلنسان عن كل ما جمعه وعدده من األموال فإن الكنيسة أردات أن تبين أن الناس كلها خلفاء في مال هللا تعالى بشروط الخالفة فحولت الملكية إلى نظام مشترك يجمع بين الملكية الفردية والملكية الجماعية بل وأكدت على مبدأ مهم تناول أمرين مهمين: أولهما: الغاية العامة لثروات األرض والثاني: ثروات األرض ملك للناس جميعا ) 27 (. وبدأ البابوات وآباء الكنيسة في شرح هذا النظام الكنسي الذي يتعلق بالملكية وأنواعها وتطورها حيث أصدر البابا يوحنا الثالث والعشرون )28( بعض التعليمات التي تمت د ارستها ومناقشتها في مجمع 1965 م وأصدرت ق ار ارت بصفة خاصة بالملكية ومن هذه الق ار ارت الكنسية :أن هللا أعطى األرض للناس جميعا بوجه ش اركة بينهم وهو حق ال ينكر الحق الفردي بتلك الممتلكات وأن للملكية وظيفة اجتماعية وواجبا اجتماعيا )29(. المبحث الثاني :أهداف الفكر االقتصادي في التشريع المسيحي : اختلفت اآل ارء في ما جاء به التشريع المسيحي من تشريعات سماوية تختص بتنظيم حياة المسيحي من حيث الحالل والح ارم حيث هناك من يرى أن الفكر المسيحي له هدف من م ازولة اإلنسان النشاط االقتصادي وهو أن يكون الكسب فيه حالل أي ال يؤدي إلى معصية وهناك من قال أن الفكر المسيحي لم يشترط لم ازولة النشاط االقتصادي توخي الكسب الحالل بل فكرة الحالل والح ارم غير واردة في التشريع )25( سفر الجامعة اإلصحاح.14 :12 )26( رسالة بولس الرسول األولى إلى أهل كورنثوس اإلصحاح 2. 6: )27( ينظر: بتصرف فقه المعامالت المالية د. بامبا عاجي ص 153. )28( البابا يوحنا الثالث والعشرون: ) ( ولد يوحنا في بيرجامو بإيطاليا وكان اسمه واسم عائلته إنجيلو جيوسيب رونكاللي. عين يوحنا كاهنا عام 1904 م ورقاه البابا بيوس الثاني عشر إلى مرتبة كاردينال عام 1953 ثم أصبح الباب عام 1958 م انتخب لمنصب البابا عام 1958 م خلفا لبيوس الثاني عشر اعتقد كثير من الناس أن عهده سيكون قصي ار وخاليا من األحداث نظ ار ألن عمره كان يقارب ال 77 عاما حصل على شهادة الماجسنر عام 1961 م. استكشف يوحنا ايضا إمكانية االتحاد مع الكنائس االرثوذكسية الشرقية ويطلق عليه اسم البابا يوحنا الطيب. مات يوحنا سنة ينظر : المنجد في اللغة واألعالم لويس معلوف وفردينان توتل ط 7 دار المشرق بيروت 1973 م ص 623. (29) ينظر : بتصرف موقف الكنيسة الكاثوليكية من اإلسالم بعد المجمع الفاتيكاني الثاني كريم اللحام سلسلة ورقات طابة مؤسسة طابة أبو ظبي اإلمارات العدد الثاني 2008 م ص

11 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) المسيحي على اإلطالق بل وهناك من حصر الهدف من النشاط االقتصادي في فكرة الهدف الروحي األخالقي )30( ولهذا سوف نقسم د ارسة هذا المبحث على النحو اآلتي : المطلب األول: النشاط االقتصادي -المال- ال يخضع لفكرة الحالل والح ارم يرى بعض الباحثين والمؤرخين في علم األديان إن الديانة النص ارنية دين بال تشريع معتمدين على قول بعض النصارى وهو )أن دعوة المسيح عليه السالم خالية من الم ارسم والطقوس كما خلت من تشريع المعامالت ألن موضوع المعامالت والحياة الدنيا برمتها لم تدخل في حسابه بشقيه من مال وقصاص( )31(. ويتبين للباحثين ان هذا االتجاه يحصر ممارسة النشاط االقتصادي بدون البحث عن حرمة هذا الكسب من عدمه. المطلب الثاني:النشاط االقتصادي -المال- يخضع لفكرة البعد الروحي األخالقي : إن اإل اردة أو المشيئة البشرية التي تحكم أي عمل اقتصادي )ز ارعي أو صناعي أو خدمي( مطلوب له النجاح ال بد أن تتفق مع اإل اردة أو المشيئة اإللهية "من أجل ذلك ال تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب" )32(. أن إ اردة اإلدارة في المنظمات ذات الملكية العامة أو الخاصة في االقتصاد االشت اركي والشيوعي أو ال أرسمالي البد أن تكون جزء ا ال يتج أز من اإل اردة الكلية للرب اإلله: "ألن هللا هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسي رة" )33(. أي الهدف من النشاط االقتصادي كما يرى الباحثان هو البعد الروحي واألخالقي المقصود به وجود إطار أخالقي يحكم أي عمل جماعي يدار بواسطة فرد أو مؤسسة كما نقصد به أيض ا وهذا ما نهتم به ونركز عليه ضرورة أن يكون لهذا العمل الجماعي مسئولية روحية أو اجتماعية تبدأ من الداخل ( يأ تجاه العاملين بنفس المنظمة( ثم تمتد إلى الخارج لتشمل كل األط ارف المحيطة بالمنظمة )من موزعين عمالء أف ارد المناطق المحيطة بالمنظمة وفروعها الحكومة أف ارد المجتمع ككل. هكذا وبدون تحديد الحالل والحرم بل يكتفي بأن العمل االقتصادي يجب أن يكون له هددف أخالقي روحي أي يكون الكسب من النشاط االقتصادي خاضع لفكرة الضمير وهذا االقت ارن بين االقتصاد واألخالق يولد في النفس البشرية شعو ار بالمسؤولية أمام هللا تعالى فيعمل على سالمة ونقاء المعامالت االقتصادية في المجتمع )34(. (30) ينظر : بتصرف قضايا إنسانية في الفكر الديني الفلسفي د. محمد سيد أحمد المسير مكتبة الصفا القاهرة 1420 ه م ص 109. )31( المصدر نفسه ص ) ) رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس : 5:. 17 (33) رسالة فيليبي: 13. 2: )34( ينظر: كتاب التعاليم المسيحية ومبادئ الفكر االقتصادي أ. ناجي جيد مكتبة الكتب القبطية األرثوذكسي على موقع األنبا تكال هيمانوت على النت 2011 م ص

12 المطلب الثالث: النشاط االقتصادي- المال- يخضع لفكرة الحالل والح ارم : وهذا ال أري - أغلب البابوات وآباء الكنيسة وغيرهم- يذهب إلى : )أن المسيح عليه السالم لم يترك أتباعه بدون أن يرشدهم الى شرع هللا تعالى أو مصادر تشريعاته بل أمرهم أن يأخذوا بهدي التو ارة وكتب أنبياء بني إس ارئيل باإلضافة إلى اإلنجيل( )35(. ويرى الباحثان هذا هو ال ارجح قبل التحريف حيث توجد شواهد كثيرة في القرآن الكريم تؤكد ذلك منها قوله تعالى: چ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں چ )36(. وقوله تعالى : چ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤڦ ڦ ڦ ڦڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ چ )37(. وهذا يعني إثبات فسق المسيحيين لكونهم لم يحكموا بما أ نزل هللا تعالى في اإلنجيل وكان مصدقا لما في التو ارة قال تعالى چ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ چ )38(. وهذه اآليات المباركة تدل على أن ما جاء به السيد المسيح - عليه السالم - هو شريعة تجمع ما بين شرعة اليهود وشرعة المسيح ولو يوجد نص ما يعارض هذا القول في اإلنجيل فيقول القرآن الكريم: چ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژژ ڑ ڑ ک ک کک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ںں ڻ ڻ ٹ ٹ ە ە ہ ہ ہ ہ ھھ ھ ھے ے ے ے ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ چ )39(. وهذا يدل على أ ن اليهود لهم شرعتهم ومنهاجهم و أ ن النصارى لهم شرعتهم ومنهاجهم وللمسلمين شرعتهم ومنهاجهم وهذا ما أ كده الشهرستاني )40( بقوله: )في أ حكام التو ارة أ حكام سياسة الظاهرة العامة وفي اإلنجيل السياسة الباطنة الخاصة وفي القرآن السياستان جميعا ( )41(. و ا ذا ثبت أن المسيحية تحتوي على شرعة ومنهاج وسياسة فأي شريعة أصلها األمر والنهي ب)افعل وال تفعل( األمور والنواهي الشرعية التي يستمد منها )افعل( وهذا هو الحالل و)ال تفعل( وهذا هو الح ارم )42(. ويتضح هذا في المسيحية في الكثير من )35( فقه المعامالت المالية د. بامبا عاجي 158. )36( سورة المائدة من اآلية. 68 )37( سورة المائدة اآلية 66. )38( سورة الصف من اآلية 6. )39( سورة المائدة من اآلية 48. الشهرستاني : هو أبو الفتح تاج الدين عبد الكريم بن أبي بكر أحمد المشهور بالشهرستاني والشهرستاني هذا منسوب إلى شهرستان (40) والبلدة المقصودة هنا تقع في أقليم خ ارسان وهي أحدى مدن والية جوزجان في أفغانستان ويعد أحد العلماء الذين كان لهم بعض المؤلفات المشهورة في الت ارث اإلسالمي أشهرهم الملل والنحل. ينظر : موسوعة أعالم الفكر اإلسالمي محمد عمارة القاهرة المجلس األعلى للشؤون اإلسالمية 2004 م ص )41( الملل والنحل أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني )المتوفى: 548 ه( مؤسسة الحلبي بال ت 1/. 214 )42( فقه المعامالت المالية د. بامبا عاجي ص

13 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) وصاياها وخاصة القسم األخير منها الذي يتعلق بالفقه الجنائي أو التشريع الجنائي وغيرها من التشريعات من إك ارم األبوين واألقارب وغيرها مما يدل على الحلية والحرمة التي نسوق بعضا منها على هذا النحو: 1-" فأخذ رؤساء الكهنة قطع الفضة وقالوا هذا المبلغ ثمن دم فال يحل لنا إلقاؤه في صندوق الهيكل " )43(. 2- " بل يرسل إ ليهم أن يمتنعوا عن نجاسات األصنام والزنا والمخنوق والدم " )44(. ويتضح للباحثين أن هذه مجموعة تكاليف تحتوي على الح ارم والحالل. ومن هنا يمكننا تحديد معنى الحالل والح ارم من خالل نصوص الكتاب المقدس فالحالل هو كل ما أذن به ولم ينه عنه الكتاب المقدس في العهد الجديد منه فالقيام به فعال وعمال قوال أو كتابة فك ار أو نية هو مباح حالل بل هو ما أحله التعليم الرسولي المتوارث وأباحه الحواريون )45( فيما قالوا به وعملوا به )46(. أما الح ارم فهو كل ما يخالف الحالل ويعاكسه ويضاده ويعاكس مجرياته خاصة في تلك التي وردت في وصايا هللا العشر ووصايا الكنيسة )47(. المبحث الثالث: خصائص الفكر االقتصادي في التشريع اإلسالمي وأهدافه بالنظر إلى الفكر االقتصادي اإلسالمي نجده يعترف بفضل المال حيث يقول هللا تعالى چ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻپ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ چ )48(. بل و يعترف بأهمية المال في العمل االقتصادي الذي يحرر اإلنسان من السؤال )49( حيث يقول هللا سبحانه وتعالى : چ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃڃ ڃ چ چ چ چڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک چ )50(. إن الفكر االقتصادي اإلسالمي هو جزء من نظام اإلسالم فإذا كانت األنظمة االقتصادية الوضعية قد انفصلت تماما عن الدين والقيم األخالقية اإلنسانية فهي أنظمة بشرية المصدر فإن أهم ما يميز نظام االقتصاد اإلسالمي هو ارتباطه التام بدين اإلسالم عقيدة وشريعة األمر الذي يجعل للنشاط االقتصادي في )43( إ نجيل متى: اإلصحاح -18/ )44( أعمال الرسل: اإلصحاح / )45( الحواريون: وهم أصحاب وتالميذ السيد المسيح عليه السالم الذين نشروا تعاليم دينه ورسالته وقد وصفهم البعض بأنهم فقهاء واختاروا أسهل الطرق لتعليم تالميذهم الذين يولون تكوينهم إذن فالحواريون كانوا فقهاء مجتهدين يصيبون ويخطئون ينظر : رسالة في الالهوت والسياسة باروخ سبينو از ترجمة وتقديم: د. حسن حنفي م ارجعة: د. فؤاد زكريا الطبعة الثالثة بيروت 1994 م ص. 367 (46) محاور االلتقاء ومحاور االفتراق بين المسيحية واإلسالم األستاذ غسان سليم سالم الطبعة األولى دار الطليعة بيروت 2004 م ص. 316 )47( المصدر نفسه ص 316. )48( سورة الكهف اآلية 46. )49( أبحاث في الش ارئع ( اليهودية والنص ارنية واإلسالم ( د. فؤاد عبد المنعم نشر مؤسسة شباب الجامعة اإلسكندرية 1414 ه م ص. 163 )50( سورة التوبة اآلية

14 اإلسالم على خالف النشاط االقتصادي في النظم الوضعية له خصائص وأهداف خاصة تميزه عن غيره من األفكار االقتصادية األخرى )51( ولهذا ستكون د ارستنا لهذا المبحث من خالل مطلبين: األول: خصائص الفكر االقتصادي في التشريع اإلسالمي ود ارستنا لهذا المطلب ستكون موزعة على ثالثة فروع هي: الفرع األول: ارتباط النشاط االقتصادي في اإلسالم باألخالق والفرع الثاني: النشاط االقتصادي في اإلسالم له طابع تعبدي وهدف سام )التوازن بين الجانبين المادي والروحي لإلنسان( والفرع الثالث: النشاط االقتصادي في اإلسالم له رقابة ذاتية. الثاني: أهداف الفكر االقتصادي في التشريع اإلسالمي ود ارستنا لهذا المطلب ستكون موزعة على ثالثة فروع هي: الفرع األول: تحقيق حد الكفاية المعيشية والفرع الثاني: تخفيف التفاوت الكبير في توزيع الثروة والدخل والفرع الثالث: تحقيق القوة المادية والدفاعية لألمة اإلسالمية. المطلب األول : خصائص الفكر االقتصادي في التشريع اإلسالمي إن الفكر االقتصادي اإلسالمي يتميز بعدة خصائص تميزه عن غيره من األفكار االقتصادية األخرى وهذه الخصائص نوجزها في ثالثة فروع هي كما يأتي : الفرع األول: ارتباط النشاط االقتصادي في اإلسالم باألخالق إذا كان ال ارجح في األفكار االقتصادية الوضعية هي استبعاد العنصر األخالقي فإن االفكر االقتصادي اإلسالمي ال يفصل أبدا بين االقتصاد واألخالق ودليل ذلك أن السنة النبوية رفعت درجة التاجر الذي يسعى لتعظيم مصلحته وأرباحه إلى درجة النبيين والصديقين إذا ما التزم بأخالق الصدق واألمانة حيث يقول النبي : ))التاجر الصدوق األمين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة(( )52 ) ألن هذا االقت ارن بين االقتصاد واألخالق يولد في النفس البشرية شعو ار بالمسؤولية أمام هللا تعالى فيعمل المسلم على سالمة ونقاء المعامالت االقتصادية في المجتمع المسلم )53(. الفرع الثاني: النشاط االقتصادي في اإلسالم له طابع تعبدي وهدف سام )التوازن بين الجانبين المادي والروحي لإلنسان( )51( النظام االقتصادي في اإلسالم مبادئه وأهدافه د. فتحي أحمد عبد الكريم ود. محمد العسال الطبعة الثامنة 1413 ه مكتبة وهبة القاهرة ص 20. رة بن موسى بن الضحاك الترمذي أبو عيسى )المتوفى: )52( رواه الترمذي وقال: حديث حسن سنن الترمذي محمد بن عيسى بن س و 279 ه( تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر )ج 2( 1 ومحمد فؤاد عبد الباقي )ج 3( واب ارهيم عطوة عوض )ج 5( 4 الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر الطبعة الثانية 1395 ه م باب جاء في صدق التاجر وأمانته والنهي عن الكذب والحلف والغش والبخس في الكيل والمي ازن 2/10. )53( األسس النظرية للنظام االقتصاد اإلسالمي د. خالد المقرن مكتبة المتنبي الرياض 2009 م ص

15 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) لقد أكد اإلسالم على ك ارمة العمل بل ورفع من قدره وارتقى به إلى درجة العبادة باقتر انه بالنية الصالحة والتز امه باألحكام الشرعية )54( ومما يدل على ذلك حديث كعب بن ع جرة حيث قال: مر رجل على النبي :)) إذا من جلده ونشاطه فقالوا: يا رسول هللا لو كان هذا في سبيل هللا فقال ف أرى أصحاب رسول هللا كان خرج يسعى على ولده صغا ار فهو في سبيل هللا وان كان خرج يسعى على أبويين شيخين كبيرين فهو في سبيل هللا وان كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل هللا وان كان خرج رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان(( )55(. وهذا الطابع التعبدي بحد ذاته حافز قوي على العمل واإلنتاج األمر الذي يسهم في زيادة عرض العمل في االقتصاد اإلسالمي ومن ثم زيادة اإلنتاج من السلع والخدمات دون التأثر وبشكل كبير بتقلبات األجور المالية ما دام المسلم يعمل ابتغاء ثواب الدنيا العائد المادي- وثواب اآلخرة وهذا يسهم في النهاية في القضاء على البطالة االختيارية وفي كبح جماح التضخم الذي يسود االقتصاديات المعاصرة )56(. بل إن تلك الصفة التعبدية تجعل العائد المادي أو الحافز االقتصادي ليس هو الباعث أو الهدف الوحيد للنشاط االقتصادي اإلسالمي كما هو في االقتصاديات الوضعية التي عد ت المعاش مقصد اإلنسان حق األساسي ولو كان عن طريق الربا والميسر واالحتكار واألنانية وبخس الفقير واألجير. وانما هناك هدف آخر يتمثل في كسب رضا هللا تعالى الذي يبتغيه المسلم من و ارء نشاطه االقتصادي الذي يتميز بالبعد الزمني في أهدافه التي لم تعد تقتصر على الجانب المادي أو الحياة الدنيا فحسب حيث لم يخلق فيها اإلنسان فيها عبثا لقوله سبحانه و تعالى : چ ے ے ے ے ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ چ )57( وانما يمتد إلى ما بعدها التي هي غايته في إطار الهدف األسمى والنهائي الذي من أجله خلق اإلنسان وهي عبادة هللا تعالى : چ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ چ )58(. ومن هنا يوف ق االقتصاد اإلسالمي بين العنصرين اللذين يتكون منهما اإلنسان وهما: المادة وهو الحياة الدنيا والمعاش فيها والروح وهو عبادة هللا حيث يعطي كال منهما ما يستحقه من الرعاية والعناية فهو يدعو اإلنسان إلى العمل والكسب في الدنيا كما يدعوه في الوقت نفسه إلى العمل لطلب اآلخرة يقول هللا سبحانه وتعالى: چ ى ى ي ا ي ا ي ە ي ەي و ي و ي ۇ ي ۇ ي ۆ ي ۆي ۈ ي ۈ ي ې ي ې ي ې ي ىي ى ي ى ی ی ی یي ج ي ح بح چ )59(. ويقول تعالى: چ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ چ )60(. ي م ي ى ي ي بج فهذه اآلية رغم ما فيها من أمر إلهي باالنتشار في األرض ليمارس المسلم نشاطه االقتصادي فإنها في الوقت نفسه استهدفت حفظ التوازن المطلوب بين الجانب المادي والجانب الروحي حينما مزجت العمل )54( دور القيم واألخالق في االقتصاد اإلسالمي د. يوسف القرضاوي مكتبة وهبة ط ه ص 142. )55( المعجم الكبير سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي أبو القاسم الطب ارني )المتوفى: 360 ه( تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي مكتبة ابن تيمية القاهرة الطبعة الثانية بال- ت 19. /282 )56( التضخم والبطالة في إطار التكييف الهيكلي من منظور إسالمي د. قاسم الحموري بحث منشور في كتاب التنمية من منظور إسالمي الناشر: البنك اإلسالمي للتنمية مؤسسة آل البيت 1991 م ص )57( سورة المؤمنون اآلية. 115 )58( سورة األنعام, اآلية. 162 )59( سورة القصص اآلية. 77 )60( سورة الجمعة اآلية

16 االقتصادي الدنيوي بذكر هللا كثي ار حتى ال يقع اإلنسان في ه ازل الرهبانية أو في سعير الشهوات المادية. بل وأنكرت السنة النبوية على من يترك العمل ويترهبن بنية التفرغ للعبادة كما في قصة الرجل العابد الذي قال فيه : )) أيكم كان يكفيه علف ناقته وصنع طعامه (( قالوا: كلنا يا رسول هللا قال: )) كلكم خير الرسول منه(( " )61(. ويرى الباحثان أن هذا الجانب التعبدي ال يدعو إلى ت ارخي اإلنسان في نشاطه االقتصادي بل إن التركيز على جانب من جوانب الحياة اإلنسانية واهمال الجوانب األخرى يتنافى مع ما جاءت به الشريعة اإلسالمية التي تنظم أمور المعاش كما تنظم أمور المعاد وتدعو لطلب الدنيا كما تدعو لطلب اآلخرة. الفرع الثالث: النشاط االقتصادي في اإلسالم له رقابة ذاتية إن أغلب األفكار االقتصادية الوضعية قد انفصلت عن الدين تماما وأبعدته عن القيام بدور إيجابي في نظمها االقتصادية ونتيجة لذلك فإن رقابة النشاط االقتصادي في ظل هذه النظم كانت موكولة إلى السلطة العامة تمارسها طبقا للقانون األمر الذي يجعلها في النهاية عاجزة عن تحقيق جميع أهدافها لعدم وجود رقابة أخرى غيرها ودليل ذلك ما هو مشاهد في ظل هذه النظم من تهرب الكثير من الت ازماتهم ومن القيود التي تفرض عليهم لمصلحة المجتمع كالض ارئب وذلك كلما غفلت الدولة أو عجزت أجهزتها عن مالحقتهم )62(. أما في ظل الفكر االقتصاد ي اإلسالمي فإنه يوجد إلى جوار الرقابة الرسمية التي تمارسها الدولة رقابة أخرى - أشد وأكثر فاعلية - هي رقابة الضمير المسلم القائمة على اإليمان باهلل تعالى وعلى الحساب في اليوم اآلخر حيث قال سبحانه وتعالى: چ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ چ )63( وقال تعالى : چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ چ )64( وحين يشعر اإلنسان بأنه إذا ما انفلت من الرقابة البشرية فإنه ال يستطيع اإلفالت من الرقابة اإللهية التي أعدت له عذابا أليما في حالة انح ارفه من ذلك قوله تعالى : چ ی ی ی ی ي ج ي م ي ح ي ى ي ي بج بح بخ بم بى بي چ )65(. وهذا في حد ذاته فيه أكبر ضمان لسالمة النشاط االقتصادي المتصف باإلنسانية والرحمة والعدل. المطلب الثاني : أهداف الفكر االقتصادي في التشريع اإلسالمي اآلتية : يسعى الفكر االقتصادي اإلسالمي إلى تحقيق عدة أهداف من النشاط االقتصادي يمكننا إب ارزها في الفروع )61( المصنف أبي بكر عبدالر ازق بن همام تحقيق: حبيب الرحمن األعظمي باب خدمة الرجل صاحبه المكتب اإلسالمي بيروت ط ه / )62( النظام االقتصادي في اإلسالم د. أحمد العسال د. فتحي عبدالكريم مكتبة وهبة 1977 ص 26. )63( سورة الحديد اآلية. 4 )64( سورة آل عم ارن اآلية. 5 )65( سورة الحاقة اآليات

17 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) الفرع األول: تحقيق حد الكفاية المعيشية يهدف اإلسالم من نشاطه االقتصادي إلى توفير مستوى مالئم من المعيشة لكل إنسان وهو ما يعرف في الفقه اإلسالمي "بتوفير حد الكفاية " وهو يختلف عن حد الكفاف المعروف في االقتصاد الوضعي والذي يتمثل في توفير ضرو ارت المعيشة للفرد وأسرته بالقدر الذي يسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة وهو ما يشكل مستوى متواضعا للرفاهة االقتصادية )66(. بل وتوفير حد الكفاية الذي يفترض على المجتمع اإلسالمي توفيره لكل فرد عجز عن تحقيقه هو العبرة : )) أيما أهل عرصة أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة هللا تعالى(( في العطاء وذلك لقوله )67(.ولهذا فقد فرض اإلسالم موارد معينة كالزكاة - تسهم في تحقيق الكفاية المعيشية للذين ال يقدرون على كفاية أنفسهم والتاريخ اإلسالمي مليء بالشواهد التي تثبت أن الدولة اإلسالمية كانت تنفق على الفق ارء والمحتاجين ولو كانوا غير مسلمين وقد كان عمر بن الخطاب- رضي هللا عنه- يقول لعماله على الزكاة: "إذا أعطيتم فأغنوا" )68(. ويرى الباحثان بأن الزكاة ليست األداة الوحيدة المسئولة عن ضمان حد الكفاية في االقتصاد اإلسالمي بل يعد التدخل في سوق العمل من قبل الدولة لتوفير فرص العمل والكسب للعاطلين عن العمل واق ارر األجر العادل الذي يحقق الكفاية المعيشية لألجير وتوجيه الموارد االقتصادية وفقا الحتياجات المجتمع الحقيقية من األدوات التي تسهم في تحقيق حد الكفاية في االقتصاد اإلسالمي. الفرع الثاني: تخفيف التفاوت الكبير في توزيع الثروة والدخل أنكر اإلسالم وبشدة - التفاوت الصارخ في توزيع الدخل والثروة الغير العادل الذي تستأثر فئة بالجزء األكبر منه مما يؤدي إلى تهميش األغلبية الساحقة التي ال تستطيع ضمان تغطية حاجاتها األساسية ولهذا ال يقر الغنى المطغي أو تسلط األقلية على مقد ارت الجماعة كما هو الحال في النظم االقتصادية الوضعية بل ال يقر الفقر المعدم أو حرمان أحد من وسائل المعيشة ويقاوم ذلك كله ويأباه وال يقبله )69(. فليس في التصور اإلسالمي أن يكون الظلم االجتماعي أو إهمال حق الفق ارء والضعفاء أو تكديس الثروة واكتنازها هو الغاية التي يسعى إليها عنصر المال أو التوزيع في اإلسالم )70( بل العكس هو الصحيح إذ إن تخفيف التفاوت وتقريب الفق ارء من األغنياء ومنع ت اركم الثروات المفرطة المولدة لالستبداد المضرة باألخالق هدف من أهداف اإلسالم في مجال االقتصاد من ذلك قوله تعالى : چ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ )66( تدخل الدولة في النشاط االقتصادي في إطار االقتصاد اإلسالمي د. محمد فتحي صقر مطابع المختار اإلسالمي 1985 م ص 71. )67( المسند لإلمام أحمد بن حنبل شرحه أحمد شاكر دار المعارف مصر 1396 ه برقم )68( األموال أبو عبيد تحقيق: محمد ه ارس دار الكتب العلمية 1986 م ص 502. اآلتي : ينظر : بتصرف خصائص النظام االقتصادي اإلسالمي وأهدافه مقال نشرته المدونة اإللكترونية )ستق أر( على النت على ال اربط (69) )70( اقتصاديات الغنى في اإلسالم د. عمر المرزوقي جامعة الملك سعود الرياض عمادة البحث العلمي 1423 ه ص

18 گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ںں ے چ )71( ڻ ڻ ٹ ٹ ە ە ہ ہہ ھ ے ے ھ ہ ھھ ولهذا فاإلسالم ينبذ اكتناز األموال واالحتكار والربا والقمار والرشوة والغش وكل أشكال االستغالل واألنانية التي يكون الفقير هو ضحيتها ويفرض الزكاة والنفقات الواجبة ويحث على الوصايا واألوقاف والصدقات التطوعية بشكل يحقق في النهاية توزيعا عادال للدخل والثروة في المجتمع ويرتقي بحال الفقير )72(. الفرع الثالث: تحقيق القوة المادية والدفاعية لألمة اإلسالمية ال تتوقف أهداف الفكر االقتصادي في اإلسالم على تحقيق حد الكفاية والتصدي للفقر والفاقة وانما تتجاوزه إلى هدف سام يتمثل في تحقيق القوة المادية والدفاعية لألمة اإلسالمية بما يكفل لها األمن والحماية ويد أر عنها العدو المتربص باستقاللها والمستنزف لطاقاتها االقتصادية )73( يقول هللا سبحانه وتعالى : چ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ي ا ي ا ي ە ي ە ي و ي و ي ۇ ي ۇ ي ۆ ي ۆ ي ۈ ي ۈ ي ې ي ې ي ې ي ى ي ى چ )74(. الخاتمة إن أهم النتائج التي توصلنا إليها في ضوء هذه المقالة هي إن عملية ارتباط األفكار االقتصادية في الفكر اإلسالمي تختلف كثي ار عما هي موجودة الفكر المسيحي واليهودي ففي المسيحية وبعد اتساع التجارة واألسواق انحسرت في الصوامع والكنائس وفي عقول الرهبان بسبب عجزها عن التماشي مع جزئيات الحياة فابتعدت كثي ار عن الدنيا عكس العقيدة اإلسالمية فإنها أضفت شموال إلى جميع مناحي الحياة ومنها االقتصادية وذلك ألن الفكر االقتصادي اإلسالمي منبثق من شريعة رب األرباب والعقيدة اإلسالمية هي إحدى دعائمه مع العدالة والقيم اإلنسانية فهو واضح وضوح العقيدة لكل إنسان والمغزى في بيان األصول والمبادئ لهذا النظام بلغة العصر وأسلوب ربطها بما يجري في هذه الحياة. -1 )71( سورة الحشر اآلية. 7 ينظر : بتصرف خصائص النظام االقتصادي اإلسالمي وأهدافه مقال نشرته المدونة اإللكترونية )ستق أر( على النت على ال اربط (72) اآلتي : ينظر : بتصرف المصدر السابق على ال اربط اآلتي : (73) )74( سورة األنفال اآلية

19 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) بالنظر إلى االقتصاد اإلسالمي فال يمكن معرفته بعيد ا عن شريعة اإلسالم وعقيدته في حين نجد أن الفكر االقتصادي األوروبي المعاصر تجرد عن الصبغة الدينية رغم انبثاقه عن الديانتين القديمتين المسيحية واليهودية. نظام متمي ز في ذاته وخصائصه نظام صالح لكل زمان ومكان إن الن ظام االقتصاد ي اإلسالم ي ينقصه فقط ثقة الحكومات في قدرته على ح ل المشاكل المختلفة والس عي بجد ي ة في تطبيقه في الوقت ال ذي أثبتت األنظمة األخرى فشلها الذ ريع وعدم قدرتها على إيجاد الحلول المناسبة للمشكالت االقتصادية. لقد أتى اإلسالم بمبادئ اقتصادية عامة لها أثرها في االقتصاد كقوله سبحانه وتعالى: چ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ۋ ۅ ۅ چ سورة اإلس ارء اآلية: ٢٩ وقوله: چ ۆ ۈۈ ۇٴ ۋ چ سورة األنعام من اآلية: ١٤١ إلى أمثال ذلك من اآليات التي تحث على التوسط واالعتدال كما هو شأن اإلسالم في تشريعاته. إن اإلسالم حقق هدف االقتصاد من العمل على رفاهية بني اإلنسان جميعا وحقق نظريته التي تتألف من اإلنتاج والتوزيع والنقود على نحو عادل ال اضط ارب فيه وال غبن على أحد. أما أهم المقترحات والتوصيات فهي كاآلتي : معرفة تطور التحوالت االقتصادية في األمة اإلسالمية واالستفادة منها في الواقع المعاصر من خالل مقارنة وقائعها المختلفة بهدف إب ارز خواصها المشتركة وعوامل اختالفها. استق ارء واستنباط القواعد التي تحكم الفعاليات المختلفة واستنباطها بهدف استش ارف وقوع حوادث مستقبال إذا توافرت الظروف المتقاربة. د ارسة نمو االقتصاد اإلسالمي عبر التاريخ والمبادئ التي يقوم عليها من خالل واقع القرآن الكريم والنصوص النبوية والتطبيق اإلسالمي األول. استع ارض أفكار االقتصاديين المسلمين وتبصر متغي ارت الواقع الذي عاشته وانبعثت منه بكون أن األفكار االقتصادية نتاج للواقع االقتصادي وانعكاس لفهمهم للشريعة اإلسالمية ولإليمان االعتقادي عند المسلمين. توثيق الصلة بالمصادر االقتصادية بهدف االطالع بها وبما كتبه االقتصاديون المسلمون. تلبية الحاجات إلى المتوافر في المصادر والم ارجع. د ارسات نظرية وتطبيقية في مجال االقتصاد اإلسالمي واإلفادة من تشجيع الباحثين للقيام بالد ارسات التطبيقية في إطار التوجه الحالي إلنشاء الكثير من المشاريع القائمة على أحكام الشريعة اإلسالمية. إلى الحاجة تبصر األبعاد االقتصادية وكيفية التعامل معها من وجهة نظر الشريعة اإلسالمية. ضرورة االهتمام بالعالقات االقتصادية بين الدول اإلسالمية لتحقيق التكامل االقتصادي بينها. المساهمة في بناء قاعدة بيانات ومعلومات اقتصادية عن المجتمعات اإلسالمية وال سيما في مجال تطبيق الشريعة اإلسالمية في النواحي االقتصادية

20 إلى الحاجة د ارسة التطبيقات االقتصادية الحالية )د ارسة حالة( للمشاريع في ضوء الشريعة اإلسالمية ومعالجة المشكالت التي تواجهها. العمل على بناء كوادر مؤهلة في مجال االقتصاد اإلسالمي قائمة المصادر والم ارجع أ- المصادر والمراجع: القرآن الكريم 1- أبحاث في الش ارئع ( اليهودية والنص ارنية واإلسالم ( د. فؤاد عبد المنعم نشر مؤسسة شباب الجامعة اإلسكندرية 1414 ه م. 2- األسس النظرية للنظام االقتصاد اإلسالمي د. خالد المقرن مكتبة المتنبي الرياض 2009 م. 3- اقتصاديات الغنى في اإلسالم د. عمر المرزوقي جامعة الملك سعود الرياض عمادة البحث العلمي 1423 ه. 4- األموال أبو عبيد تحقيق: محمد ه ارس بيروت دار الكتب العلمية تدخل الدولة في النشاط االقتصادي في إطار االقتصاد اإلسالمي د. محمد فتحي صقر مطابع المختار االسالمي 1985 م. 6- التضخم والبطالة في إطار التكييف الهيكلي من منظور إسالمي د. قاسم الحموري بحث منشور في كتاب التنمية من منظور إسالمي الناشر البنك اإلسالمي للتنمية مؤسسة آل البيت 1991 م. 7- التعاليم المسيحية ومبادئ الفكر االقتصادي أ. ناجي جيد مكتبة الكتب القبطية األرثوذكسية موقع األنبا تكال هيمانوت 2011 م. 8- التفسير التطبيقي للكتاب المقدس التعريب والجمع التصويري لجنة الترجمة وليم وهبة وآخرون شركة ماستر ميديا بال- ت 1882 م. 9- دور القيم واألخالق في االقتصاد اإلسالمي د. يوسف القرضاوي مكتبة وهبة ط ه. 10- رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورتثوس في النسخة المعتمدة لدينا من التفسير التطبيقي للكتاب المقدس التعريب والجمع التصويري وليم وهبة وآخرون. 11- رسالة في الالهوت والسياسة األستاذ باروخ سبينو از ترجمة وتقديم: د. حسن حنفي م ارجعة: د. فؤاد زكريا الطبعة الثالثة بيروت 1994 م. - 46

21 Akademik Tarih ve Araştırmalar Dergisi, Cilt: 2, Sayı: 1, (2020) ب- 12- سنن الترمذي محمد بن عيسى بن س و رة بن موسى بن الضحاك الترمذي أبو عيسى )المتوفى: 279 ه( تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي واب ارهيم عطوة عوض شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر الطبعة الثانية 1395 ه م. 13- الفقه االجتماعي للكنيسة د. وليم فابريل ترجمة : عادل زعيتر منشو ارت الكنيسة الكاثوليكية مصر 2009 م. 14- فقه المعامالت المالية في األديان السماوية د. أبو عبد هللا بامبا عاجي دار عباد الرحمن الطبعة األولى القاهرة مصر 1430 ه م. 15- قضايا إنسانية في الفكر الديني الفلسفي د. محمد سيد أحمد المسير مكتبة الصفا القاهرة 1420 ه م. 16- الكتاب المقدس, بطريك بابل على الكلدان : مار روفائيل بيداويد األول, إصدار دار الكتاب المقدس في الشرق األوسط بإذن الرؤساء, جمعية الكتاب المقدس, لبنان, ( م ). 17- المال والتشبث به مشيل دي فاليري مركز دافينش المصرية للنشر والتوزيع 2006 م. 18- محاور االلتقاء ومحاور االفت ارق بين المسيحية واإلسالم األستاذ غسان سليم سالم الطبعة األولى دار الطليعة بيروت 2004 م. 19- المسند لإلمام أحمد بن حنبل شرحه أحمد شاكر دار المعارف مصر 1396 ه. 20- المصنف أبي بكر عبد الر ازق بن همام تحقيق: حبيب الرحمن األعظمي المكتب اإلسالمي بيروت ط ه 21- المعجم الكبير سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي أبو القاسم الطب ارني )المتوفى: 360 ه( تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي مكتبة ابن تيمية القاهرة الطبعة الثانية بال ت. 22- الملل والنحل أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني )المتوفى: 548 ه( مؤسسة الحلبي بال - ت. 23- المنجد في اللغة واألعالم لويس معلوف وفردينانتوتل ط 7 دار المشرق بيروت 1973 م. 24- النظام االقتصادي في اإلسالم د. أحمد العسال د. فتحي عبدالكريم مكتبة وهبة مواقع النت : 1 -خصائص النظام االقتصادي اإلسالمي وأهدافه مقال نشرته المدونة اإللكترونية )ستق أر( على النت على ال اربط اآلتي : 47