صون الحياة لألفراد بني االضطراب والثبات أ.د. محم د كمال شرف الد ين امللخص: ينطلق البحث من مالحظة أن حماية احلياة اخلاصة ترتكز على موروث إنساني عميق أسهمت فيه الشريعة اإلسالمية بشكل ملحوظ ووفرت لها القوانني الوضعية ضمانات جوهرية. وال جدال في أن احلق في حماية احلياة اخلاصة هو من الضمانات املتصلة بقيمة سامية وهي حماية كرامة الفرد كذات بشرية من كل انتهاك. وكر ست الصكوك الدولية والدساتير والقوانني هذا احلق بشكل صريح. ولم مينع التبن ي القانوني الصريح لهذا احلق من تفاقم أوجه التعدي عليه بسبب مفارقة أبانت عن إشكالية جدي ة: لقد بدت حرية اللرأي والفكر والتعبير واإلعللالم والنشر كمتطلبات لإلنسان املعاصر تناولتها بدورها الصكوك الدولية والدساتير بالعناية والدعوة حلمايتها. إن ضمان احلق في احلياة اخلاصة يشمل عد ة حقوق متفر عة عنه تتعلق بحرمة املسكن وسرية املراسالت واالتصاالت واملعطيات الشخصية باعتبارها من مكو نات شخصية الفرد. وفي اآلن ذاته تتفاقم الضغوطات املترتبة عن العمل اإلعالمي الذي ي طالب بحرية أوسع وبدور»استقصائي«كاشف للتجاوزات دون أن حتول من تطل عاته حرمة احلياة اخلاصة فهو بالتالي ال ينجو من نزعة التدخل غير املشروع والرغبة في اإلثارة وكشف املستور وحتى النيل من األعراض بغاية أو بأخرى. إن هذه التغي رات تفرض تصو ر موازنة جديدة بينها وبني ضرورة منع التعدي على احلياة اخلاصة وضبط حدود دقيقة حلرية اإلعالم والتعبير. فالدستور التونسي اجلديد حاول التوفيق بني تكريس صريح للحق في حماية احلياة اخلاصة واإلعلالن بأن الدولة هي التي»حتميه«من جهة )الفصل 24( وحرية الرأي والفكر والتعبير واإلعالم والنشر من أخرى )الفصل 31(. وميكن أن تقوم املوازنة اجلديدة على معيار أساس احلق أو احلر ية ومدى ات صاله بكرامة الفرد. وأمللام ظهور مقاربة أوللى انتشرت باخلصوص في أوروبللا جتعل من حماية احلياة اخلاصة مجر د استثناء حلرية التعبير والنشر تقترح الدراسة مقاربة أخلرى ت رجع أستاذ القانون اخلاص كل ي ة احلقوق والعلوم الس ياسي ة جامعة تونس املنار. ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 361
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات لصون احلياة اخلاصة مكانته احلقيقية كمبدإ قد يتحمل بعض االستثناءات ولكنه ال ينحدر إلى رتبة االستثناء. وتبدو اآلليات الدستورية والتشريعية والقضائية أجنع وسيلة لتدعيم ضمان حماية احلياة اخلاصة. وتفرض هذه اآلليات أن تتمتع النصوص التشريعية بدقة أكثر في ضبط املعالم اجلديدة لضمان حماية احلياة اخلاصة وأن تسهر الهيئات الدستورية والقضائية على مراقبة طبيعة ومشروعية القيود التي قد تلحق باحلقوق األساسية ألهداف متعددة وذللك ضمانا حلماية أجنع حلرمة احلياة اخلاصة في جل أوجهها املعاصرة )حماية الهوية حماية املراسالت - حماية الصورة حماية املعطيات الشخصية حماية املعتقدات...(. وتفرض طبيعة اإلشكالية تبني منهجية مقارنة في التحليل باعتبار تشابه التحد يات التي يعيشها احلق في احلياة اخلاصة في كل املجتمعات احلديثة بسبب تطور وسائل اإلعالم واالتصال مبا يدعو لالستئناس بالتجارب املقارنة. 362 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين املقدمة: إن صون احلياة اخلاصة مبدأ ثابت وقدمي يقوم على أساس قيمة أخالقي ة سامية دعا إليها القرآن الكرمي في قوله تعالى: }ي و ي و ي ۇ ي ۇ ي ۆ ي ۆ ي ۈ ي ۈ ي ې ي ې ي ې ي ى ي ى یي ى ی ی ی ي ج ي ح ي م ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ ٿ ٿ ٿٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڃڄ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ{ ))). كما نهى القرآن الكرمي عن اللمز والنميمة والتنابز باأللقاب وهتك األعراض في قوله تعالى: }ى ى ي ا ي ا ي ە ي ە ي و ي و ي ۇ ي ۇ ي ۆ ي ۆ ي ۈ ي ۈ ي ې ي ې ي ې ي ى ي ى ي ى ی یی ی ي ج ي ح ي م ي ى بجي ي بح بخ بم بى تجبي تح تخ تم تى تي ثج ثم{ ))) كما قال تعالى: }ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ{ ))). وفي القرآن الكرمي نهي عن التجس س والتطف ل على حياة اآلخرين }ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿٿ{ ))). وجلي من هذه اآليات أن الد عوة إلى صون احلياة اخلاص ة تتأس س على واجب احترام كرامة اإلنسان وشخصي ته وحرمته التي ال يجوز أن ت ستباح ))). وانسجاما مع ما ورد بالفصل 12 من اإلعلالن العاملي حلقوق اإلنسان امللؤر خ في 10 ديسمبر 1948 الذي أكد على أن ه:»ال يجوز تعريض أحد لتدخ ل تعس في في حياته اخلاص ة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسالته وال حلمالت متس شرفه وسمعته. ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخ ل أو تلك احلمالت«نص الدستور التونسي اجلديد الواقع ختمه في 27 جانفي/يناير 2014 في الفقرة األولى من الفصل 24 منه على ما يلي:»حتمي الدولة احلياة اخلاصة وحرمة املسكن وسر ية املراسالت واالتصاالت واملعطيات الشخصي ة«. وفي جانب آخر نص الفصل 31 من الدستور في جانب آخر على ضمان»حر ية الرأي والفكر والتعبير واإلعالم والنشر«. ))) سورة النور )اآليات 27 و 28 و 29 (. ))) سورة احلجرات اآلية 11. ))) سورة الهمزة اآلية 1. ))) سورة احلجرات )اآلية 12( وانظر حول هذه اجلوانب أحمد فر اج حسني حرمة احلياة في اإلسالم الدار اجلامعي ة القاهرة 1988. ))) من الناحية االصطالحي ة فإن الكرامة ليست مصطلحا مرادف ا للحق في حماية احلياة اخلاص ة بل هي أساس له. وإن كان احلق قابال للتنازل عنه بإرادة صاحبه فإن الكرامة قيمة تأصيلي ة إنساني ة ال تقبل االستثناء. ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 363
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات ولئن لم يتضم ن التشريع املدني التونسي في شأن مبدأ حماية احلياة اخلاصة حكما عام ا مشابها ملا ورد بالفصل التاسع من املجلة املدنية الفرنسية املنق ح سنة 1970 والذي ي علن في فقرته األولى على حق كل انسان في احترام حياته اخلاصة au( chacun a droit )respect de sa vie privée فإن الشر اح ))) يت فقون على إمكانية تطبيق األحكام العامة ))) حول حماية احلياة اخلاص ة في الفقه التونسي: Nabila MEZGHANI, La protection civile de la vie privée, thèse pour le doctorat d Etat, Paris II, 1976 ; وباللغة العربية يراجع باخلصوص عبد الله األحمدي حقوق اإلنسان واحللر يلات العامة في القانون التونسي أوربيس تونس 1993 ص 153 وما بعدها كمال دب ش حماية احلياة اخلاصة في القانون التونسي م.ق.ت. عدد أكتوبر 1998 ص. 123 محمد كمال شرف الد ين تطو ر حماية احلياة اخلاصة في التشريع التونسي املجلة القانونية التونسية 1997 ص 27 وما بعدها. وفي الفقه الفرنسي املقارن انظر باخلصوص: P. GRIDEL, Liberté de la presse et protection civile des droits modernes de la personnalité en droit positif français, D. 2005, chron. 391; P. GULPHE, Les tribunaux français gardiens de l intimité de la vie privée, Rev.jur. et pol.ind.coop. 1982, 554 ; P. KAYSER, Le droit dit à l image, in Mélanges P. Roubier, t.2, Dalloz et Sirey, 1961, 73; Le secret de la vie privée et la jurisprudence civile, in Mélanges R. Savatier, Dalloz 1965, 405 ; Les droits de la personnalité, Aspects théoriques et pratiques, Rev.trim.dr.civ. 1971, 445 ; Diffamation et atteinte au droit au respect de la vie privée, in Etudes A. Jauffret, Presses Universitaires d Aix-Marseille, 1974, 403 ; Aspects de la protection de la vie privée dans les sociétés industrielles, in Etudes G. Marty, 1978, 725 ; La protection de la vie privée, t.1, Protection du secret de la vie privée, préface H. Mazeaud, Economica, Presses Universitaires d Aix- Marseille, 1 ère éd. 1984 ; LINDON, La vie privée et la presse, J.C.P. 65, éd. G.1, 1887 ; Vie privée, un triple dérapage, J.C.P. 70, éd. G.I. 2336 ; Les dispositions de la loi du 17 juillet 1970 relatives à la protection de la vie privée, J.C.P. 70, éd. G.I., 2357 ; G. LOISEAU, La crise existentielle du droit patrimonial à l image : D. 2010, chron. 450 ; L.MARTIN, Le secret de la vie privée, Rev.trim.dr.civ. 1959, 222 ; J.C. SAINT- PAU, Introduction au droit au respect de la vie privée in Mélanges Jean Hauser, Lexis Nexis-Dalloz 2012, 639 ; la décision du 12 janvier 1977 relative à la fouille des véhicules, in Etudes offertes à P. Kayser, t.2, Presses universitaires d Aix-Marseille, 1979, 411 ; P. GULPHE, Les tribunaux français gardiens de l intimité aux U.S.A., Rev.int.dr.comp. 1968, 365 ; J.M. BRUGUIERE, «Droits patrimoniaux» de la personnalité. Plaidoyer en faveur de leur intégration dans une catégorie des droits de la notoriété : RTD civ. 2016, 1 ; D. CQUARONE, L ambiguïté du droit à l image, D.S. 1985, Chr. 129 ; P.ANCEL, La protection des données personnelles, aspects de droit privé français, Rev.int.dr.comp. 1987, 609 ; M. CONTAMINE RAYNAUD, Le secret de la vie privée, in l information en droit privé, Bibl.dr.priv., L.G.D.J. 1978, 401 ; B. EDELMAN, Esquisse d une théorie du sujet, l homme et son image, D.S. 1970, chr. 119 ; L. FAVOREU, Le conseil constitutionnel et la protection de = la liberté individuelle et de la vie privée : à propos de la décision du 12 janvier 364 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين للمسؤولية املدنية لفرض حماية حرمة احلياة اخلاصة لألشخاص وكذلك ملنع أي تعد على شرف اإلنسان أو على صورته أو على أي مكو ن آخر من مكو نات شخصي ته. مفهوم»احلياة اخلاصة«: اختلف الفقهاء في تعريف احلياة اخلاص ة وحتديد دائرتها. فهل يقتصر املفهوم على محيط املسكن أم ميتد إلى كل اجلوانب واملكو نات املبرزة خلصوصي ة الفرد مهما كان موضوعها: هوية عمل عائلة صح ة هوايات معطيات شخصية وهل يجب التفريق بني املفهوم بحسب الشخص لتمييز»الشخصيات العلنية«عن»األشخاص العاديني«ال يوجد إجماع فقهي ))) في حتديد مدلول املفهوم رغم أن جل الفقه مييل إلى القول بأن صون وحماية احلياة اخلاصة للفرد يعني احترام دائرة حياته احلميمي ة وعدم التعد ي على مكو نات شخصي ته دون إذن منه: كالهوي ة واألصول العرقية والوضعي ة الصح ية والطباع واألخالق ))). ومن املكونات أيضا: الصورة والص وت واحلالة املدني ة والعالقات الشخصي ة واملعتقدات وامليوالت وعناصر الثروة والعنوان الشخصي واملراسالت. ويصعب بالتالي حصر أوجه املكو نات احملمية كما يصعب حصر أوجه التعد ي عليها خاصة مع تطو ر وسائل االتصال احلديثة. إن التطو ر التكنولوجي والعلمي أفرز أوجها جديدة متطو رة ومتنو عة تنال أحيانا من حرمة احلياة اخلاص ة وترهقها كما تهد د حماية املعطيات الشخصي ة ))). 1977 relative à la fouille des véhicules, in Etudes offertes à P. Kayser, t.2, Presses = universitaires d Aix-Marseille, 1979, 411 ; R.NERSON, La protection de la vie privée en droit positif français, Rev.int.dr.comp., 1971, 737 ; F. LYN, Le conflit entre la liberté d expression et la protection de la réputation ou des droits d autrui, la recherche d un «juste équilibre» par le juge européen, D. 2006, chron. 2953. ))) حول مفهوم»احلياة اخلاصة«: يراجع باخلصوص مؤل ف وليد سليم النمر حماية اخلصوصي ة في اإلنترنت دار الفكر اجلامعي الطبعة األولى اإلسكندرية 2017 محم د كمال شرف الد ين تطو ر حماية احلياة اخلاص ة في التشريع التونسي مرجع سابق ص 27 وما بعدها. وفي الفقه الفرنسي يراجع باخلصوص: Jacques RAVANA, Jouissance des droits civils, jurisclasseur droit civil, fascicule 10 «vie privée, Paris, 2002 ; Bernard TEYSSIÉ, Droit civil, les personnes, 18ème édition, Lexis Nexis, Paris, 2015, p. 73 et suiv. ; Roger NERSON, Protection de la personnalité, Rev. trim.dr.civ. 1975, p.529 ; Jacques FIALAIRE, Droits fondamentaux et libertés publiques, édit. Ellipses, Paris, 2005, p. 415 et suiv. ))) هذا ما أورده مثال الفقيهان: François TERRE, Dominique FENOUILLET, Droit civil, Les personnes, Dalloz, 6ème édition, Paris, 1996, p. 91 n 106. ))) يراجع في شأن هذا التطو ر باخلصوص وليد سليم النمر حماية اخلصوصي ة في اإلنترنت املرجع = ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 365
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات وسعيا حلماية املعطيات الشخصية لألفراد بلادر املشرع بتنظيم هلذه املسألة بشكل مستفيض مبوجب القانون األساسي الصادر في 27 جويلية/يوليو )1)) 2004 لي علن عن مبدأ عام بالفصل األول منه الذي تضم ن ما يلي:»لكل شخص احلق في حماية املعطيات الشخصية املتعلقة بحياته اخلاصة باعتبارها من احلقوق األساسية املضمونة بالدستور. وال ميكن أن تقع معاجلتها إال في إطار الشفافية واألمانة واحترام كرامة اإلنسان ووفقا ملقتضيات هذا القانون«)1)). وذك ر الفصل 9 من القانون على أنه:»تتم معاجلة املعطيات الشخصية في إطار احترام الذات البشرية واحلياة اخلاصة واحلريات العامة«. ومن جانب آخر سعت الدولة سنة 2011 لتنظيم حرية الصحافة واإلعالم وذلك بإصدار = املذكور آنفا محم د حسن قاسم احلماية القانوني ة حلياة العامل اخلاص ة في مواجهة بعض مظاهر التكنولوجيا احلديثة دار اجلامعة اجلديدة اإلسكندرية 2016 سالم ر وضان امل وسوي جرائم القذف والسب عبر القنوات الفضائي ة دراسة مقارنة معز زة بتطبيقات قضائي ة منشورات احللبي احلقوقي ة بيروت 2012 إميان نصراوي وسائل االتصال احلديثة وحقوق اإلنسان مذك رة لنيل شهادة املاجستير كلية احلقوق والعلوم السياسي ة بتونس 2013-2012 وبالل غة الفرنسية: Guillaume DESGENS-PASANAU, La protection des données personnelles, 2ème édition, Lexis Nexis, Paris 2016; Jacques FIALAIRE et Eric MONDIELLI, Droits fondamentaux et libertés publiques, édit. Ellipses, Paris, 2005; Sous la direction de Jean-Yves DUPEUX et Alain LACABARATS, Liberté de la presse et droits de la personne, édit. Dalloz, Paris, 1997 (ouvrage collectif); Sous la direction de David DECHENAUD, Le droit à l oubli numérique, données nominatives approche comparée, Larcier, Bruxelles, 2015, (ouvrage collectif) ; Ouvrage collectif, Droit et réseaux sociaux, édit. LEJEP, Paris, 2015 ; )1)) القانون األسلاسلي علدد 63 لسنة 2004 املتعلق بحماية املعطيات الشخصية اللرائلد الرسمي للجمهورية التونسية الصادر في 30 يوليو 2004 عدد 61. )1)) انضمت تونس منذ غرة نوفمبر 2017 إلى االتفاقية عدد 108 للمجلس األوروبي املتعلقة بحماية األشخاص إزاء املعاجلة اآللية للمعطيات الشخصية وهي بذلك الدولة العضو عدده 51. وتضمن القانون بابا أول مخصصا لألحكام العامة. وبابا ثانيا لشروط معاجلة املعطيات الشخصية. وبابا ثالثا في جمع املعطيات الشخصية وحفظها والتشطيب عليها وإعدامها. وبابا رابعا في إحالة املعطيات الشخصية ونقلها. وبابا خامسا في أصناف خاصة من املعاجلة. وبابا سادسا للهيئة الوطنية حلماية املعطيات الشخصية. وبابا سابعا في العقوبات ويتضمن القانون األساسي 105 فصال. وحول الهيئة الوطنية حلماية املعطيات الشخصية انظر األمر عدد 3003 لسنة 2007 املؤرخ في 27 نوفمبر 2007 املتعلق بضبط طرق سير الهيئة الوطنية حلماية املعطيات الشخصي ة الرائد الرسمي للجمهورية التونسي ة عدد 96 الصادر في 30 نوفمبر 2007 ص 4214 وانظر كذلك األمر عدد 3004 لسنة 2007 املؤرخ في 27 نوفمبر 2007 الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 96 الصادر في 30 نوفمبر 2007 ص 4215. 366 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين املرسوم عدد 115 لسنة 2011«)1)). ومتي ز املرسوم بتكريسه للحق في حر ية التعبير الذي»يشمل حر ية تداول ونشر وتلقي األخبار واآلراء واألفكار مهما كان نوعها«)1)) كما متي ز في اآلن ذاته بكثافة األحكام الزجرية التي تضمنها والتي متي زت بالتشع ب خاصة في عالقتها مع األحكام الواردة باملجلة اجلزائية )1)). وفي ظل هذا املرسوم اجلديد وبعد ما شهدته تونس من حتلو الت سياسي ة بعد سنة 2011 منت بشكل ملحوظ كل أوجه حري ة التعبير والن شر. كما تعد دت بالتالي أوجه التعد ي على احلياة اخلاص ة لبعض األفراد )1)). وات ضحت بوجه بني إشكالية العالقة بني احلق في حماية احلياة اخلاص ة وممارسة حر ية اإلعالم والنشر عبر تعد د»التنافس«بينهما. فلمن األفضلية أو األولوي ة وإلى أي اتج اه تسير حماية احلياة اخلاص ة إن اإلشكال املطروح يت صل في الواقع باملضمون الفعلي للحق في حماية احلياة اخلاصة. فلئن كان هذا احلق يتمت ع بالصبغة األساسية الدستورية فإن تطو ره في الفترة األخيرة ال يسير في خط سوي بل إن ه يشهد املفارقة اآلتية: من اليسير معاينة دائرة اضطراب رئيسي ة هي التي جتمع حق حماية اخلاصة بحر ية التعبير والنشر )املبحث األو ل( وتقابل هذه الدائرة دوائر ثبات يبدو فيها احلق مستقر ا مدعوما بآليات دستوري ة وتشريعي ة وقضائي ة )املبحث الثاني(. )1)) هو املرسوم عدد 115 لسنة 2015 املؤر خ في 2 نوفمبر 2011 املتعلق بحر ية الصحافة والطباعة والنشر الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 84 الصادر في 4 نوفمبر 2011 صفحة 2559. وقد ألغى املرسوم»مجلة الصحافة«الص ادرة سنة 1975 وتضمن 80 فصال تتناول باخلصوص املبادئ )الفصول 1 و 2 و 3 ( واملؤلفات الفكرية واألدبية والفنية )الفصول من 4 إلى 14(. والدوريات )الفصول 15 إلى 32( و«التعددية«)الفصول 33 إلى 38( والتصحيح وحق الرد )الفصول 39 إلى 46( واجلرائم املرتكبة بواسطة الصحافة أو بأي وسيلة من وسائل الن شر والتتب عات )الفصول 50 إلى 77(. )1)) الفصل األو ل من املرسوم عدد 115 لسنة 2011. )1)) يراجع في هذا املجال املؤلف اجلماعي اآلتي: البشير املنوبي الفرشيشي علي قيقة ومحم د املنوبي الفرشيشي التنظيم اجلزائي حلري ة الصحافة والطباعة والنشر مجمع األطرش الطبعة األولى تونس 2017. )1)) رغم جترمي املشر ع لالعتداءات بوسائل االت صال في أحكام الفصل 86 من مجلة االتصاالت ورغم شد ة العقوبات املنصوص عليها باملرسوم 115 لسنة 2011 جلرائم الث لب والشتم فإن بعض النواب بادروا في 22 مارس 2018 بتقدمي مشروع قانون لتجرمي»القذف االلكتروني«مم ا أثار حتف ظات نو اب آخرين دفاعا عن حر ية التعبير )جريدة»الصباح«الصادرة في 10 أفريل 2018(. ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 367
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات املبحث األول دائرة االضطراب مكانة احلق في حماية احلياة اخلاصة هل أن احلق في حماية احلياة وصونها مبدأ أساسي قائم الذ ات أو أن ه استثناء حلر ية التعبير والن شر لم يترد د فقه القضاء املقارن في أوروبا وفرنسا في تغليب احلر ية املذكورة على احلق في حماية احلياة اخلاص ة فجعال من األولى املبدأ ومن الثاني االستثناء مبا يعني أن احلق لم يصمد إزاء املناداة بدعم حر ية التعبير والنشر باعتبارها عماد الدميقراطية ورمزا لها )املطلب األو ل(. وهذه املقاربة األولى ال متنح احلق في حماية احلياة اخلاص ة املكانة املناسبة له. فهو حق دستوري يتأس س على قيمة une valeur إنساني ة سامية هي كرامة الفرد وحرمته )1)). ومن هذا املنطلق يصعب القبول بتغليب حر ية أساسي ة عليه كحر ية النشر والتعبير ألن ها حر ية تفتقد لهذه الصلة التأصيلي ة مع القيمة السامية املذكورة. ومن هذه الزاوية فاألصل أن يكون التفضيل إن اقتضت الضرورة للحق األساسي املستند للقيمة السامية أي لكرامة اإلنسان وحلرمته. فصون احلياة اخلاصة صون لهذه الكرامة ولهذه احلرمة. ومن ثم ة تبرز مالمح املقاربة الثانية احملمودة )املطلب الثاني(. املطلب األول مقاربة أولى حماية احلياة اخلاصة حد حلر ية التعبير والنشر كان املنطلق حتقيق املوازنة بني احلق في حماية احلياة اخلاص ة من جهة وحر ية النشر )1)) حول حرمة الفرد وكرامته تراجع كذلك الفصول 4 و 22 و 24 و 30 و 38 و 47 و 49 من الدستور. ويراجع فقها: Rachida JELASSI, Le corps humain en droit civil, thèse C.P.U., Tunis, 2013 ; Benoît JORION, La dignité humaine ou la difficile insertion d une règle morale dans le droit positif, R.D.P., 1999, p. 197 et suiv. ; Marie-Luce PAVIA, La dignité de la personne humaine, in Libertés et droits fondamentaux, ouvrage collectif, Dalloz, 5 ème édit., Paris, 1999, p. 105 et suiv. ; Virgine SAINT-JAMES, Réflexions sur la dignité de l être humain en tant que concept juridique du droit français, D. 1997, ch. P. 61 ; Bernard EDELMAN, La dignité de la personne humaine, un concept nouveau, D. 1997, ch. P. 185 ; Philippe PEDROT, (sous la direction de), Ethique, droit et dignité de la personne, in mélanges Christian BOLZE, Economica, Paris, 1999 (25 contributions) ; Gilles LEBRETON, Les ambiguïtés du droit français à l égard de la dignité de la personne humaine, in mélanges Patrice GELARD, Montchrestien, Paris, 1999, p. 53 ; Paul MARTENS, Encore la dignité humaine : réflexions d un juge sur la promotion par les juges d une norme suspecte, in mélanges Pierre LAMBERT, Edit. Bruylant, Bruxelles, 2000, p. 561. 368 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين والتعبير من جهة أخرى ثم حتو لت القراءة. ولعل ه من املفيد النظر فيما يصدر عن احملكمة األوروبية حلقوق اإلنسان من اجتهادات تساهم في ضبط معايير هذه املوازنة. تضم نت امللادة الثامنة من االتفاقي ة األوروبية حلقوق اإلنسان ضمان حماية احلق في احترام احلياة اخلاصة )1)) وأم ا حر ية النشر والتعبير فهي مكر سة مبقتضيات املادة العاشرة من ذات االتفاقي ة )1)). وواضح من مضمون املاد تني أن كال من احلق واحلري ة يتضمنان مبدأ إقرارهما مع اإلشلارة الصريحة إلى إمكاني ة احلد من كل منهما في صور مدق قة وبشروط معلومة. تقد م الد عاوى للمحكمة األوروبي ة من قبل األفراد ضد الد ولة التي ينتمون إليها استنادا إلى أن قضاء الدولة لم يوف ر للمد عي الضمانات الكافية حلر ية النشر والتعبير مبا مك ن من النيل من حق ه في حماية احلياة اخلاص ة. وي بيح النظر من احملكمة األوروبي ة حلقوق اإلنسان في هذه الن زاعات بيان موقفها من املوازنة الدقيقة والص عبة بني احلق في صون احلياة اخلاص ة وحر ية الت عبير والن شر. وانطالقا من فقه قضاء غزير للمحكمة األوروبي ة برزت املبادئ اآلتية: - إن الر قابة التي متارسها احملكمة على الد ول تشمل القوانني الد اخلية وأحكام احملاكم عند تطبيقها لها )1)). )1)) املاد ة الثامنة من تلك االتفاقية:»احلق في احترام احلياة اخلاص ة والعائلي ة: 1 -لكل شخص احلق في احترام حياته اخلاص ة والعائلية وحرمة منزله ومراسالته. 2 -ال يجوز حصول تدخ ل من السلطة العام ة في ممارسة هذا احلق إال بالقدر الذي ينص فيه القانون على هذا التدخ ل والذي يشك ل فيه هذا األخير تدبيرا ضروريا في مجتمع دميقراطي لألمن الوطني أو السالمة العام ة أو رفاهي ة البلد االقتصادي ة أو الد فاع عن النظام أو منع اجلرائم اجلزائية أو حماية الصح ة أو األخالق أو حماية حقوق الغير وحر ياته«. )1)) املاد ة العاشرة من االتفاقية:»حر ية التعبير: 1 -لكل شخص احلق في حر ية التعبير ويشمل هذا احلق حر ية الر أي وحري ة تلق ي أو نقل املعلومات أو األفكار من دون أن يحصل تدخ ل من السلطات العام ة ودومنا اعتبار حلدود ال حتول هذه املاد ة دون إخضاع الد ول شركات البث اإلذاعي أو التلفزة لنظام التراخيص. 2 -يجوز إخضاع ممارسة هذه احلر يات وما تشمله من واجبات ومسؤوليات لبعض املعامالت أو الشروط أو القيود أو العقوبات املنصوص عليها في القانون والتي تشك ل تدابير ضروري ة في املجتمع الدميقراطي لألمن الوطني أو سالمة األراضي أو السالمة العام ة أو حماية النظام ومنع اجلرمية أو حلماية الصح ة أو األخالق أو حلماية سمعة الغير أو حقوقه أو ملنع الكشف عن معلومات سر ية أو لضمان سلطة القضاء ونزاهته«. )1)) صر حت احملكمة عديد املر ات أن كال من احلق في حماية احلياة اخلاص ة وحر ية التعبير يستحق = االحترام بدون تفضيل )من ذلك قراريها في الن زاع اآلتي: ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 369
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات ليس للمحكمة األوروبللي للة أن حتللل ملحلل الهيئات القضائي ة اللداخلللي لة وللكلن احملكمة تتمت ع بسلطة رقابة كيفي ة تطبيق تلك الهيئات ألحكام امللاد تلني 8 و 10 من االتفاقي ة األوروبية ((2(. إن مشروعي ة تفضيل حري ة التعبير والنشر مرتبطة أو ال بثبوت مساهمة الن شر )صور أو معلومات(»في نقاش وتفاعالت لها صلة باملصلحة العام ة«)2)) ذلك أن احملكمة األوروبية حلقوق اإلنسان تعتبر حرية التعبير من األسس التي يقوم عليها املجتمع الدميقراطي وما يقتضيه من انفتاح وتعد دية وتسامح مبا يبر ر احلد من حري ة احلياة اخلاص ة إذا تعل ق األمر مبوضوع له ات صال باملصلحة العام ة وهو ما يتيح التمييز بني حياة األشخاص العاديني وحياة األشخاص املتدخ لني في املجال العام كرجال السياسة. فبالنسبة لألولني يصعب تبرير مساهمة النشر في تفاعالت ذات مصلحة عام ة )2)) وهو ما يبيح تفسيرا Timciuc c.roumanie (déc.), n 2899912,144,03/ octobre 2010 ; Mosley = c.royaume-uni, n 4800910,111,08/ mai 2011. )2)) تشمل الر قابة مدى تقي د الد ول األوروبي ة بنص املعاهدة وباملعايير التي تضبطها احملكمة األوروبي ة حلقوق اإلنسان )من ذلك قراراتها اآلتية: Petrenco c.moldova, n 2092830,54,05/ mars 2010; Polanco Torres et Movilla Polanco c.espagne, n 3414721,41,06/ septembre 2010 ; et Petrov c.bulgarie (déc.), n 271032,04/ novembre 2010). )2)) هي العبارة املتداولة باستمرار في قرارات احملكمة:»البحث في مدى مساهمة النشر في نقاش أو تفاعل ذي مصلحة عام ة«: «La contribution que la parution de photos ou d articles dans la presse apporte à un débat d intérêt général». يراجع باخلصوص القرارات اآلتية: Arrêt n 4066008/ du 7 février 2012, Recueil Dalloz 2012, p. 1040. )نشر صور ألميرة موناكو Stéphanie مبجال ت أملانية مع ممثل )سنة 1993( ومع زوجها )سنة 1997( ورفعت األميرة دعواها ضد الدولة األملاني ة لعدم متك نها بعد نزاع طويل من منع نشر الص ور بواسطة قضاء الدولة ومنه احملكمة الدستوري ة. وتراجع القرارات اآلتية التي أقر ت كذلك املساهمة في النقاش املت صل باملصلحة العام ة : Egeland et Hanseid c.norvège, n 3443804/, 58, 16 avril 2009 ; Nikowitz et Verlagsgruppe News GmbH c.autriche, n 526603/, 25, 22 février 2007 ; Colaço Mestre et SIC Sociedade Independente de Comunicação, S.A. c.portugal, n 1118203/ et 1131903/, 28, 26 avril 2007 ; Sapan c.turquie, n 4410204/, 34, 8 juin 2010). وحول مفهوم النقاش املت صل باملصلحة العام ة يراجع كذلك: J. HAUSER, Le débat d intérêt général et la protection de la vie privée, Rev.trim. dr.civ. 2015, p. 583. )2)) في اجت اه اعتماد هذه التفرقة يراجع باخلصوص القرار اآلتي: Minelli c.suisse (déc.), n 1499114,02/ juin 2005. 370 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين أوسع حلماية احلياة اخلاص ة. إن مشروعي ة تفضيل حر ية التعبير والنشر مرتبطة ثانيا باملالبسات الظرفي ة وسلوك الش خص املعني )2)) وهي مسائل تقديري ة. وصفوة القول إن احملكمة األوروبية حلقوق اإلنسان متيل بتواتر ملحوظ إلى تغليب حر ية التعبير والنشر باعتبارها من ركائز النظم الدميقراطية على احلق في صون احلياة اخلاص ة التي أضحت مجر د استثناء لتلك احلر ية. ثم إن املعيار املعتمد للقبول بالتضحية باحلياة اخلاصة )العالقة مع نقاش أو تفاعالت مت صل باملصلحة العامة( هو معيار غير دقيق املالمح واملضمون فضال عن كونه يسمح بالتوس ع في التفسير. يرتد صدى فقه قضاء احملكمة األوروبي ة حلقوق اإلنسان على اجتهاد احملاكم الفرنسي ة وباخلصوص موقف محكمة التعقيب التي أصبحت تتبن ى منذ سنة )2)) 2004 فكرة مشروعي ة ممارسة حر ية التعبير»كل ما ساهمت هذه املمارسة في تفاعل ونقاش ذي مصلحة عام ة«من ذلك ما صر حت به في قرارها الصادر بتاريخ 9 أفريل/أبريل 2015 من أن ه ال مؤاخذة على محكمة األصل مل ا قضت بأن الكشف عن الن زعة املثلية لشخص ال يتعارض مع مقتضيات الفصل 8 من االتفاقي ة األوروبلي لة وال مع موجبات الفصل 9 من املجل ة املدني ة ألن احملكمة عاينت أن ذللك النشر مت في مؤل ف يتناول موضوعا مت صال باملصلحة العام ة وهو مناقشة تطو ر موقف حزب سياسي معني وانفتاحه على املثليني مبناسبة صدور القانون املبيح للز واج بينهم مبا مك ن محكمة األصل من تقدير الت ناسب بني الهدف من الن شر وحماية احلياة اخلاص ة للشخص الذي هو األمني العام لذلك احلزب. ويعني ذلك أن محكمة التعقيب أقر ت وجود عالقة بني النشر والتفاعالت والنقاش االجتماعي ذي الصلة باملصلحة العام ة )2)) أي أقر ت بثبوت معيار مشروعي ة )2)) كسبق تعامل الش خص مع اإلعالم وقبوله لنشر مماثل أو كالنظر في كيفي ة وقوع النشر أو الت عليق يراجع في هذا الش أن القراران اإلثنان: (Wirtschafts-Trend Zeitschriften-Verlagsgesellschaft m.b.h. c.autriche (n 3), n 6629801/ et 1565302/, 47, 13 décembre 2005 ; Jokitaipale et autres c. Finlande, n 4334905/, 68, 6 avril 2010). )2)) القرار التعقيبي الفرنسي الصادر عن الغرفة املدني ة الثانية بتاريخ 4 نوفمبر 2004 واملنشور باملرجع اآلتي: Jurisclasseur Périodique (J.C.P.), édit. Générale (G.), n 10186, obs. D. BAKOUCHE. )2)) القرار التعقيبي املدني )الغرفة املدنية 1( عدد 14-14.146 الصادر في 9 أبريل 2015 نشرية = محكمة التعقيب الفرنسية ج I: ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 371
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات جتاوز احلق في حماية احلياة اخلاص ة وتغليب حر ية النشر. وأخذت محكمة التعقيب الفرنسية في قرار حديث صادر في 21 مارس )2)) 2018 محكمة «Justifie légalement sa décision au regard de l article 8 de la Convention de = sauvegarde des droits de l homme et des libertés fondamentales et de l article 9 du code civil, la cour d appel qui, après avoir constaté la révélation de l orientation sexuelle d une personne, secrétaire général d un parti politique, et l atteinte portée à sa vie privée, retient que l évocation de cette orientation figure dans un ouvrage portant sur un sujet d intérêt général, en ce qu il se rapporte à l évolution d un parti qui a montré des signes d ouverture à l égard des homosexuels à l occasion de l adoption d une loi autorisant le mariage des personnes de même sexe, et apprécie ainsi le rapport raisonnable de proportionnalité existant entre le but légitime poursuivi par l auteur, libre de s exprimer et de faire état de l information critiquée, et la protection de la vie privée de l intéressé». وحول هذا القرار يراجع: -A.LEPAGE, «La vie privée des personnalités politiques : peau de chagrin?», Communication Commerce électronique n 7, juillet 2015, comm. 60 ; G. LOISEAU, «La tyrannie de la transparence», Recueil Dalloz 2015, p. 153 ; R. MÉSA, «Divulgation de l orientation sexuelle d un homme politique et droit à l information du public», Dalloz actualité 22 avril 2015 ; Ph. PIOT, «Le débat d intérêt général et la justification de la révélation de l homosexualité d un responsable politique» in «Chronique de jurisprudence de droit de la presse», Gazette du Palais, 18 juin 2015 n 169, p. 16 ; J.-P. SUDRE, «Liberté d expression et droit au respect de la vie privée d un homme politique», Gazette du Palais, 23 avril 2015, n 113, p. 5. )2)) القرار التعقيبي الغرفة املدني ة األولى عدد 16-28.741 الصادر في 21 مارس in Gazette 2018 30. p. du Palais (Gaz.Pal.) du 10 avril 2018, وخل صت فيه احملكمة العليا الفرنسي ة بكل وضوح نظري ة احملكمة األوروبية حلقوق اإلنسان مبعاييرها )تعل ق األمر بالتظل م من نشر صور شخصي ة حلفل زفاف على النمط الديني للزوجني religieux) (mariage وحلفل ديني البنهما القاصر :(baptème) «Il résulte de la jurisprudence de la Cour européenne des droits de l homme que, pour procéder à la mise en balance des droits en présence, il y a lieu de prendre en considération la contribution de la publication incriminée à un débat d intérêt général, la notoriété de la personne visée, l objet du reportage, le comportement antérieur de la personne concernée, le contenu, la forme et les répercussions de ladite publication, ainsi que, le cas échéant, les circonstances de la prise des photographies (CEDH 10 nov. 2015, Couderc et Hachette Filipacchi associés c/ France, n 4045493,07/). La définition de ce qui est susceptible de relever de l intérêt général dépend des circonstances de chaque affaire d où il suit qu en se prononçant comme elle l a fait, sans procéder, de façon concrète, à l examen de chacun de ces critères, et, notamment, sans rechercher, comme il le lui était demandé, si le public avait un intérêt légitime à être informé du mariage religieux d un membre d une monarchie héréditaire et du baptême de son fils, la cour d appel ne donne pas de base légale à sa décision au regard des articles 8 et 10 de la Conv. EDH, et 9 du Code civil». 372 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين األصل على أن ها لم تسع لتجلي مدى حتق ق شروط املوازنة بني احلق في احلياة اخلاص ة وحر ية التعبير طبق املعايير التي حد دتها احملكمة األوروبي ة حلقوق اإلنسان وأشارت محكمة التعقيب الفرنسي ة صراحة إلى قرار تلك احملكمة املبدئي الصادر في 10 نوفمبر. ((2( 2015 ثم إن محكمة التعقيب الفرنسي ة حاولت في ذات الس ياق تدقيق عبارة»املسألة أو النقاش املت صل باملصلحة العام ة«فقضت بقرارها الصادر بتاريخ 1 ملارس )2)) 2017 بأن ه يجب الن ظر في كامل ما ينشر والبحث في كون املعلومات التي نشر في جملتها وبالنظر للمالبسات التي يندرج فيها النشر تتعل ق مبسألة ذات مصلحة عام ة لتضيف»تت صل باملصلحة العامة املسائل التي متلس اجلمهور إللى حلد معني ميكنه بوجه مشروع االهتمام بها وتثير لديه االنتباه أو تشغله بصفة جلي ة خاص ة لكونها تتصل براحة املواطنني أو بحياة املجموعة«)2)). ولم يكن الفقه والقضاء الفرنسي مت سما مبثل هذه املرونة قبل تدخ ل احملكمة األوروبية حلقوق اإلنلسلان منذ سنة 2004 وانتصارها حلر ية النشر اإلعللالم وللفصل 10 من االتفاقي ة لتجعل من احلق في صون احلياة اخلاص ة مجر د حد مشروط ال يوس ع في تفسيره. فقد تعد دت سابقا األحكام والقرارات التي ت علي ذلك احلق بجميع تفر عاته )2)) هو القرار األوروبي املذكور في احليثي ة أعاله والذي مت نشره باملرجع اآلتي: Dalloz 2016.116 note J.-F. RENUCCI. )2)) القرار الصادر عن الغرفة املدني ة األولى حتت عدد 15-22946 في 1 مارس 2017 du Gazette 39. p..(m.jean-pierre X. c. Daniel Y. et autre) Palais du 14 mars 2017, وتعل ق الن زاع بدعوى ضد نشر مقال مبجل ة» Point «Le حول كتاب يتعر ض خللفيات عمليات مالية بني شركات جتارية دافعها عالقات شخصي ة... )2)) هي ترجمة شخصي ة جلزء من احليثي ة الواردة بالقرار الفرنسي: «Mais attendu, d abord, qu il résulte de la jurisprudence de la Cour européenne des droits de l homme (CEDH, arrêt du 10 novembre 2015, Couderc et Hachette Filipacchi Associés c.france [GC], n 40454102,07/ et 103) que, pour vérifier qu une publication portant sur la vie privée d autrui ne tend pas uniquement à satisfaire la curiosité d un certain lectorat, mais constitue également une information d importance générale, il faut apprécier la totalité de la publication et rechercher si celle-ci, prise dans son ensemble et au regard du contexte dans lequel elle s inscrit, se rapporte à une question d intérêt général ; qu ont trait à l intérêt général les questions qui touchent le public dans une mesure telle qu il peut légitimement s y intéresser, qui éveillent son attention ou le préoccupent sensiblement, notamment par qu elles concernent le bien-être des citoyens ou la vie de la collectivité». ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 373
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات وخاص ة احلق في الصورة سواء تعل ق األمر بأفراد عاديني أو بشخصيات معروفة في مجال الفن أو الثقافة أو الرياضة أو اإلعالم أو السياسة )3)). ولقد منع القضاء الفرنسي ماضيا نشر صورة للرئيس جورج بومبيدو في حلظة استراحة بعيدا عن مقر عمله )3)). كما أي لدت محكمة التعقيب مع نشر صلورة الوالي ERIGNAC Claude بعد اغتياله مبدينة Ajaccio ال على أساس أحكام الفصل 9 من املجل ة املدني ة الفرنسي ة فحسب بل وكذلك اعتمادا على مبدإ صون كرامة اإلنسان الذي تكر سه صراحة الصياغة اجلديدة للفصل 16 من نفس املجل ة )3)). وتقي دت محكمة باريس بنفس الصرامة ملنع نشر صورة الرئيس فرانسوا ميتران على فراش املوت )3)). وعلى الن حو املذكور وحتت تأثير واضح لفقه القضاء األوروبي تغي رت املقاربة القضائي ة الفرنسي ة في حسم التوازن بني احلق في حماية احلياة اخلاص ة من جهة وحر ية النشر واإلعالم لتجعل من احلر ية املبدأ ومن احلق االستثناء. وفي ذلك ابتعاد عن عبارة وروح )3)) اكتض ت العقود املاضية بهذه النزاعات التي تعل قت باخلصوص بأهل الفن من ذلك القرار الصادر عن محكمة التعقيب الفرنسي ة )الغرفة اجلنائي ة( بتاريخ 9 يوليو 1980 )نشر صورة املمث ل Jean Gabin على فراش املوت ومثله الصادر بنفس التاريخ 9 يوليو 1980 )نشر مقال حول صح ة الفنان Jacques Brel املتوف ى ورد فعله إزاء املرض وكان املقال مصحوبا بصور( وأقر ت احملكمة احلكم بالتغرمي ولو أن الصور أخذت في مكان عمومي. مت نشر القرارين باملرجع اآلتي: Dalloz Sirey 1981, p. 72 note Raymond LINDON. )3)) محكمة باريس الدائرة االستعجالية حكم بتاريخ 4 أفريل/أبريل 1970 منشور باملرجع اآلتي: Jurisclasseur périodique (J.C.P.) 1970, II. N 16328. فقد استعد ت مجل ة L Express للنشر في عددها ليوم 6 أفريل/أبريل 1970 صورة لرئيس اجلمهورية الفرنسي ة وهو يقود زورقا بحريا مجهزا مبحر ك من نوع Mercury وقد اقترن النشر بتعليق إشلهلاري. وقلد قضت محكمة باريس استعجاليا لصالح دعلوى الرئيس في منع بيع تلك املجل ة املتضمن للصورة على أساس أن»لكل فرد احلق االستئثاري على صورته وعلى استعمالها«. «toute personne ayant sur son image et sur l utilisation qui en est faite un droit exclusif». )3)) القرار التعقيبي الصادر عن الغرفة املدنية عدد 98.13875 بتاريخ 20 ديسمبر 2000 منشور باملرجع اآلتي: Dalloz 2001, n 11, p. 885 وحول هذه القضية تراجع كذلك الدراسة اآلتية: Jean-Pierre GRIDEL, Retour sur l image du préfet assassiné : dignité de la personne humaine et liberté de l information d actualité, D. 2001, p. 872. )3)) محكمة باريس الدائرة اجلناحي ة حكم بتاريخ 13 جانفي/يناير 1997 منشور باملرجع اآلتي: Dalloz 1995, p. 255, note Bernard BEIGNIER. 374 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين املادتني 8 و 10 من االتفاقي ة األوروبي ة حلقوق اإلنسان وتغيير ملكانة احلق في صون احلياة اخلاصة. وهكذا توارى فقه قضاء محكمة التعقيب الذي يعتمد أساس احلق في احلماية اخلاصة ويصله بحرمة الفرد وكرامته وهي املقاربة األسلم. املطلب الثاني مقاربة بديلة حماية احلياة اخلاص ة مبدأ متصل بأساسها وهي حرمة الفرد وكرامته إن احللق في حماية احلياة اخلاص ة يتأس س على قيمة إنساني ة وهلي كرامة اإلنسان وحرمته. وهو في ذلك يختلف مع األساس الذي تقوم عليه حر ية التعبير والنشر وهو الشفافية ومبادئ احلكم الرشيد. وميكن لهذا االختالف في األساس أن ي كو ن معيارا موضوعيا حلسم التنافس بني احلق واحلرية املذكورين. لئن لم يتضم ن التشريع املدني في شأن مبدأ حماية احلياة اخلاصة حكما عام ا مشابها ملا ورد بالفصل التاسع من املجلة املدنية الفرنسية املنق ح سنة )3)) 1970 فإن الشر اح يت فقون على إمكانية تطبيق األحكام العامة للقانون املدني كمقتضيات الفصول 82 و 83 )نظرية اخلطأ التقصيري( و 87 من مجلة االلتزامات والعقود )3)) لفرض حماية حرمة )3)) مت تنقيح الفصل 9 من املجلة املدنية مبوجب القانون عدد 643 لسنة 1970 املؤرخ في 17 جويلية/ يوليو 1970 لتضمينه فقرتني األولى تكر س احلق لكل فرد في احترام حياته اخلاصة «chacun a droit au respect de sa vie privée» أما الفقرة الثانية فتمنح القضاة إمكانية اتخاذ كل الوسائل كاحلجز أو العقلة أو غيرها التي من شأنها منع أو وضع حد لالعتداء على حميمية احلياة اخلاصة وذلك بقطع النظر عن التعويض عن الضرر احلاصل وميكن أن تتخذ هذه اإلجراءات بأذون استعجالية عند التأكد. «Les juges peuvent, sans préjudice de la réparation du dommage subi, prescrire toutes les mesures, telles que séquestre, saisie et autres, propres à empêcher ou faire cesser une atteinte à l intimité de la vie privée; ces mesures peuvent, s il ya urgence, être ordonnées en référé». )3)) ينص الفصل 82 من مجلة االلتزامات والعقود على أنله:»من تسبب في ضرر غيره عمدا منه واختيارا بال وجه قانوني سواء كان الضرر حسيا أو معنويا فعليه جبر الضرر الناشئ عن فعله إذا ثبت أن ذلك الفعل هو املوجب للضرر مباشرة وال عمل بكل شرط يخالف ذلك«. كما ينص الفصل 83 من نفس املجلة على أنه:»من تسبب في مضرة غيره خطأ سواء كانت املضرة حسية أو معنوية فهو مسؤول بخطئه إذا ثبت أنه هو السبب املوجب للمضرة مباشرة. وكل شرط يخالف ذلك ال عمل عليه. واخلطأ هو ترك ما وجب فعله أو فعل ما وجب تركه بغير قصد الضرر«وينص أخيرا الفصل 87 من نفس املجلة على ما يلي:»من أذاع على طريق صحف األخبار أو على طريق آخر أو أكد ما هو مخالف للحقيقة ومن شأنه أن يخل باعتبار من أذيع عليه ذلك أو بشرفه أو مبصاحله سواء كان شخصا أو جماعة فعليه ضمان ما ينشأ عن فعله من الضرر إذا علم أو كان من شأنه أن يعلم أن ما = ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 375
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات احلياة اخلاصة لألشخاص وكذلك ملنع أي تعد على شرف اإلنسان أو على صورته أو على أي مكو ن آخر من مكو نات شخصي ته. وال مينع الل جوء لألحكام العامة للمسؤولية التقصيري ة من تطبيق أحكام املسؤولية العقدي ة إن كان التعد ي على احلياة اخلاص ة واقعا في نطاق تنفيذ العقد )3)). وتبقى هذه الثغرة التشريعية من النقائص التي يجب تداركها بسن حكم عام يحمي ويصون احلق في احلياة اخلاصة كما يكر س اإلجراءات العملية الكفيلة بتحقيق جناعة لهذه احلماية خاصة إزاء تعدد وتشعب أوجه التعدي على ذلك احلق. ومن أبرز هذه اإلجراءات حق اللجوء إلى القضاء االستعجالي ملنع النشر أو اإلشهار أو البث أو اإلذاعة في كل صور التأكد )3)). وملن أول التطبيقات القضائية حلماية احللق في الصورة )3)) ذللك النزاع اللذي نظرت = نسبه لغيره ليس بصحيح كل ذلك مع ما تقتضيه األحكام اجلزائية. وهذا احلكم يجري على من قذف غيره بقول أو فعل أو كتاب إذا اعتبر قذفه جنحة على مقتضى األحكام اجلزائية. ويجري هذا احلكم على من طبع ما فيه افتراء على الغير أو فضيحته أو قذفه وذلك باخليار بني من كتب ومن طبع. والقيام بهذه الدعوى يسقط مبضي خمسة أشهر كاملة من يوم وقوع الفعل أو من تاريخ آخر أعمال املطالبة فإن وقع الطعن املذكور بال نشر وال إشهار سقط حق القيام به بعد مضي خمسة أشهر من يوم وصول العلم به ملن حلقه الضرر.«وطب ق فقه القضاء أحيانا أحكام الفصل 87 حلماية احلق في احلياة اخلاصة. يراجع القرار التعقيبي املدني عدد 20932-20842 صادر في 22 جانفي/يناير 2008 غير منشور )نشر صور إلمرأة بعد وقبل حصول عملية جراحية عليها في مجلة علمية(. )3)) في املجال التعاقدي ينص الفصل 118 من املجلة املذكورة )الصادرة سنة 1906( على ما يلي:»كل شرط من شأنه أن مينع أو يقيد على إنسان تعاطي ما له من احلقوق البشرية كحق التزوج ومباشرة حقوقه املدنية فإنه باطل وبه يبطل العقد وال يجري هذا احلكم فيما إذا تعهد إنسان بعدم تعاطي جتارة أو صناعة معلومة في جهة أو مدة معينة«. واملالحظ في مجال القانون بوجه عام أن قانون األموال يتضمن إشارات ظرفية تهدف حلماية احلياة اخلاصة كمنع الكشف على ملك اجلار )ي راجع أحكام الفصول من 172 إلى 175 من مجلة احلقوق العينية( أو التصدي للتعسف في استعمال احلق )الفصل 103 من مجلة االلتزامات والعقود( أو القيام بدعوى كف شغب )الفصل 307 من مجلة احلقوق العينية(. كما مي كن ذكر العديد من األحكام املتصلة بقانون األشخاص التي تهدف حلماية حياتهم اخلاصة )مثال سرية بعض التنصيصات بدفاتر احلالة املدنية(. )3)) ميكن االكتفاء في هذا الصدد باللجوء الصريح إلى األحكام العامة اخلاصة بالقضاء االستعجالي )الفصل 201 من مجلة املرافعات املدنية والتجارية وما بعده(. )3)) حول احلق في الصورة كوجه حلماية احلياة اخلاصة يراجع مؤلف محمد كمال شرف الدين قانون مدني الطبعة الثانية مجمع األطلرش تونس 2017 ص 290 وما بعدها )ومنه استمد ت بعض التحاليل الواردة في هذه الفقرة(. انظر كذلك وبخصوص حتليل فقه القضاء التونسي غير املنشور: Sonia EL EUCH MALLEK, La protection du droit à l image, in Cinquantenaire de jurisprudence civile, C.P.U., Tunis, 2010, p. 55 et suiv. وكذلك إميان نصراوي وسائل االتصال احلديثة وحقوق اإلنسان مذكرة ماجستير كلية احلقوق = 376 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين فيه محكمة االستئناف بتونس )3)) والذي تظل م فيه ورثة شخص نشرت صورته لغاية إشهارية دون موافقته وهو بصدد بيع ياسمني في منطقة سياحية. ورغم أن التقاط الصورة مت في مكان عام فإن احملكمة اعتبرت أن اخلطأ ثابت على معنى الفصل 83 من مجلة االلتزامات والعقود وقضت بالتعويض للورثة على ضوء التعليل اآلتي: ليس من الصفة الشرعي ة أن يتدخ ل املؤل ف في احلياة اخلاصة للن اس بنشر أحوالهم أو عاداتهم أو صورهم دون ترخيص إذ في ذلك نيل من احلرمة الشخصية لهم. واإلشارة إلى سند احلق واضحة وهي»احلرمة الشخصية«وتدع م هذا االجتاه القضائي بصدور القانون عدد 63 لسنة )4)) 2004 املتعلق بحماية املعطيات الشخصية إذ رأت احملكمة االبتدائية بصفاقس في حكمها الصادر في 20 نوفمبر 2006 أن ه:»يخلص من التعريف القانوني للمعطيات الشخصي ة وأن لله تعريف وظيفي يرمي امللشلر ع من وراء خلقه إللى حماية أركلان سر ية احلياة اخلاص ة من زحف املعرفة والتواصل اإلعالمي احلديث ويشمل كل البيانات املرئية أو املسموعة أو املكتوبة«لتضيف»ال شك أن الصور الفوتوغرافية احلاملة لكل أوصاف الشخص الذاتية مبا فيها من مالمح وقسمات وأبعاد جسدية تعتبر من أهم أشكال البيانات املرئية التي من شأنها أن جتعل الشخص الواقع تصويره معروفا بصفة مباشرة مبجر د رؤيته واالطالع على تلك الصور«)4)). وتو جت محكمة التعقيب هذا االجتلاه بقرارها الصادر في 25 جوان/يونيو 2005 واللذي ورد فيه:»إن الفصل = والعلوم السياسية بتونس 2013-2012 وبامللحق عدد 5 أضيفت نسخ من عديد األحكام والقرارات غير املنشورة املتصلة باملوضوع ومثلها مذك رة منال بلوزة حر ية الصحافة واحلياة اخلاصة مرحلة ثالثة قانون خاص وعلوم جنائي ة كلية احلقوق والعلوم السياسية بتونس 2013-2012 )املالحق(. )3)) القرار املدني عدد 67367 الصادر بتاريخ 03 ديسمبر 1986 غير منشور. )4)) وذكلر الفصل 9 من القانون على أن له:»تتم معاجلة املعطيات الشخصي ة في إطلار احترام الذ ات البشري ة واحلياة اخلاص ة واحلر يات العام ة«وحول الهيئة الوطنية حلماية املعطيات الشخصية أنظر األملر عدد 3003 لسنة 2007 امللؤرخ في 27 نوفمبر 2007 املتعلق بضبط طرق سير الهيئة الوطنية حلماية املعطيات الشخصي ة الرائد الرسمي للجمهورية التونسي ة عدد 96 الصادر في 30 نوفمبر 2007 ص 4214 وانظر كذلك األمر عدد 3004 لسنة 2007 املؤرخ في 27 نوفمبر 2007 الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 96 الصادر في 30 نوفمبر 2007 ص 4215 وانظر كذلك أحكام 24 من القانون األساسي عدد 22 لسنة 2016 املؤرخ في 24 مارس 2016 املتعلق باحلق في الن فاذ إلى املعلومة الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 26 الصادر في 29 مارس 2016 ص.1029 )4)) حكم عدد 44032 مؤرخ في 20 نوفمبر 2006 غير منشور وارد حتليله بدراسة األستاذة سنية العش مال ك السابق ذكرها ص 66. ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 377
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات اخلامس من الدستور يضمن حرمة الفرد... إن في هذا النص حماية جلميع احلقوق املرتبطة بشخص الفرد مبا يجعله منطبقا في قضية احلال لتعل قها بإحدى حقوق املعقب ضد ه الذاتية وهي احلق في الصورة«)4)). ومتث لت وقائع الن زاع الذي آل إلى صدور القرار التعقيبي في نشر صحيفة يومية لصورة شخص في حملة دعائي ة دون إذن منه وفي سياق رأى فيه صاحب الصورة إضرار ا به مترتب ا عن عنوان غير موف ق للمقال الواردة به الصورة واملتعلق باألم هات العازبات. وتأسس قيام املد عي على أحكام الفصل 83 من مجلة االلتزامات والعقود. وهو ذات االجتلاه الذي سلكته احملكمة اإلداريللة في حكمها الصادر في 7 جويلية/يوليو 2010 والذي ورد فيه ما يلي:»ال جدال في أن لكل شخص حقا استئثاريا على صورته وعلى كيفي ة وموضع استعمالها يخو ل له االعتراض على نشرها وعرضها للعموم دون موافقته إذا كان من شأن ذلك أن ميس من حرمته وينال من كرامته أو كان بهدف اإلساءة إليه على أن يستثنى من ذلك ما أجازته القوانني من نشر صور األشخاص سواء في نطاق احلق في اإلعالم مع مراعاة ضوابط قانون الصحافة أو في نطاق البحث عن ذوي الشبهة. إن عدم حصول اإلدارة مسبقا على موافقة صريحة من العارضة بوصفها صاحبة الصور الواقع عرضها للعموم في إطار احلملة التحسيسي ة املنظمة مبختلف املؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة العمومي ة يعد تعد يا منها على احلق املقر ر لفائدتها بهذا العنوان خاص ة أن تلك الصور عرضت املد عية وهي على فراش املرض أثناء احلمل أو بعد اللوالدة وفي أوضاع تخدش احلياء وتعرض حميميتها إلى فضول العامة مما يجعل الضرر املشتكى منه ثابتا في حقها وتنعقد مبوجبه مسؤولية اإلدارة«((4(. إن املقاربة القضائية التي تذك ر بأن أساس احلق في احترام احلياة اخلاصة هو صون كرامة الفرد وحرمته جتعل من احلق مبدأ وليس مجر د استثناء حلرية التعبير. وفي ذلك فهي مقاربة محمودة من شأنها أن تنير سبل تطو ر حماية ذلك احلق. )4)) القرار التعقيبي املدني عدد 19320-2006 الصادر في 25 جوان/يونيو 2008 غير منشور وورد حتليله بدراسة األستاذة سنة مال ك العش املذكورة ص 70 كما ورد كامال في ملحق مذكرة منال بلوزة حر ية الصحافة واحلياة اخلاصة مرحلة ثالثة قانون خاص وعلوم جنائي ة كلية احلقوق والعلوم السياسية بتونس 2013-2012 )ملحق عدد 5(. )4)) حكم إداري ابتدائي عدد 14213 مؤرخ في 7 جويلية/يوليو 2010 فقه قضاء احملكمة اإلدارية لسنة 2010 نشر املطبعة الرسمية للجمهورية التونسية تونس 2013 ص 699. 378 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين.)2( املبحث الثاني دوائر الثبات نحو دعم آليات ضمان احلماية إن الص بغة الدستوري ة للحق في حماية احلياة اخلاصة توف ر له ضمانة ناجعة إذ أن الرقابة املسل طة على السلطة التشريعي ة ستحول دون النيل من احلق األساسي املذكور بأي قانون يخالفه )املطلب األول(. كما أن األحكام التشريعي ة املنظ مة للحقوق املتنو عة من احلق األساسي املذكور تفرض وجود رقابة قضائي ة على االستثناءات املت صلة بها )املطلب الثاني(. املطلب األول الضمانة األساسية دعم الرقابة الدستورية للقيود حتق قت هذه الرقابة في ظل دستور )1( 1959 وتأك دت في مقتضيات دستور 2014-1 في دستور :1959 نص الفصل 5 من دستور 1959 على ما يلي:»تضمن اجلمهورية التونسية احلريات األسلاسليلة وحللقللوق اإلنللسللان فللي كونيتها وشموليتها وتكاملها وتلرابلطلهلا. تقوم اجلمهورية التونسية على مبادئ دولة القانون والتعددية وتعمل من أجل كرامة اإلنسان وتنمية شخصيته. تعمل الدولة واملجتمع على ترسيخ قيم التضامن والتآزر والتسامح بني األفراد والفئات واألجيال. اجلمهورية التونسية تضمن حرمة الفرد وحرية املعتقد وحتمي حرية القيام بالشعائر الدينية ما لم تخل باألمن العام«. كما نص الفصل 9 من ذات الدستور على أن :»حرمة املسكن وسرية املراسلة وحماية املعطيات الشخصية مضمونة إال في احللاالت االستثنائية التي يضبطها القانون«. ولتدقيق هذه»احلاالت االستثنائي ة«بني الفصل 7 ما يلي:»يتمتع املواطن بحقوقه كاملة بالطرق والشروط املبينة بالقانون وال يحد من هذه احلقوق إال بقانون يتخذ الحترام حقوق الغير ولصالح األمن العام والدفاع الوطني والزدهار االقتصاد وللنهوض االجتماعي«وهو ما يعني أن احلق األساسي ال ميكن احلد منه إال لتحقيق هدف دستوري من بني تلك األهداف الوارد ذكرها حصرا بالفصل 7 املذكور. وفي غياب ذلك يكون احلد غير دستوري. وتدخل املجلس الدستوري )السابق( لتطبيق هذه األصول الدستورية في عد ة مناسبات. ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 379
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات > فرض مبدإ التوازي في الشكلية فال يتم وضع قيود على احلق إال مبوجب قانون أساسي وليس قانون عادي: أقر املجلس الدستوري في الر أي عدد 35 لسنة 2006 ما يلي:»حيث أن البنك املركزي التونسي هو مؤسسة عامة وطنية أوكلل له القانون املتعل ق بإنشائه وتنظيمه خاصة مهمة الس هر على السياسة النقدية ومراقبة التداول النقدي وحسن سير أنظمة الدفع والرقابة على مؤسسات القرض واحلفاظ على استقرار اجلهاز املالي وسالمته وحيث إنه بالنظر إلى طبيعة البنك املركزي باعتباره سلطة عمومي ة نقدية من ناحية ونظرا إلى أن مسكه لسجل خاص للشيكات يعد من الوسائل الضرورية لتنفيذ املهام املوكولة له مبقتضى القانون من ناحية أخرى فإن ه معفى واحلالة تلك من موجبات الفصلني 7 و 27 ومن حتجير الفصل 13 من القانون األساسي املذكور. وحيث إن مسك سجل الشيكات من البنك يندرج من صميم تنفيذ املهام التي يقوم بها وحيث تكون األحكام الواردة بالفصل 411 سادسا )جديد( واملذكورة آنفا متالئمة مع الفصل 9 من الدستور الذي ينص خاصة على أن حماية املعطيات الشخصي ة مضمونة إال في احلاالت االستثنائية التي يضبطها القانون الذي يعتبر وفقا للفصل 28 قانونا أساسيا طاملا أن تلك األحكام تتوافق مع ما جاء بالقانون األساسي عدد 63 لسنة 2004 املؤرخ في 27 جويلية/يوليو 2007«)4)). وأضاف املجلس:»وحيث ولئن حج ر الفصل 47 من القانون األساسي عدد 63 لسنة 2004 املوافقة الصريحة للمعني باألمر بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا فإن ه أعفى من ذلك السلطة العمومي ة إن كانت تلك اإلحالة ضرورية لتنفيذ املهام التي تقوم بها طبقا للقوانني والتراتيب اجلاري بها العمل وحيث إن اإلحالة املنصوص عليها بالفصل 411 سادسا )جديد( والتي يقوم بها البنك املركزي التونسي كسلطة عمومي ة نقدية تشكل إحدى الوسائل الضروري ة لتنفيذ املهام املوكولة له مبقتضى القانون في احلفاظ على استقرار اجلهاز املالي وسالمته وحيث تندرج تلك اإلحالة في إطار االستثناء للتحجير موضوع الفصل 47 من القانون األساسي املذكور وحيث أن اإلحالة واحلالة تلك تكون متالئمة مع الفصل 9 من الدستور الذي ينص خاصة على أن»حماية املعطيات الشخصي ة مضمونة إال في احلاالت االستثنائية التي يضبطها القانون«والذي يعتبر وفقا للفصل 28 منه قانونا أساسيا طاملا أن إحالة تلك املعطيات تتوافق مع ما جاء بالقانون األساسي عدد 63 لسنة 2004 املؤرخ في 27 جويلية/يوليو»2004 ((4(. )4)) الرأي عدد 2006-35 الصادر بتاريخ 13 جويلية/يوليو 2006 بخصوص مشروع قانون يتعلق بتنقيح وإمتام بعض أحكام املجلة التجارية: الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 45 الصادر بتاريخ 05 جوان/يونيو 2007 الصفحتني 1942 و 143. )4)) الرأي عدد 2006-35 الصادر بتاريخ 13 جويلية/يوليو 2006 بخصوص مشروع قانون يتعلق = 380 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018
أ.د. محم د كمال شرف الد ين > مراقبة مشروعي ة االستثناء: بني املجلس الدستوري في رأيه عدد 35 لسنة )4)) 2006 ما يلي:»حيث يوجب الفصل 35 من مشروع املجلة املعروض على كل شخص معني بعمليات التوريد أن يوف ر ملصالح الديوانة )اجلمارك( كل الوثائق واملعلومات الالزمة لتحديد القيمة لدى الديوانة على أن تلتزم هذه املصالح بالسرية التامة على املعلومات السرية أو التي قد مت لها حتت طابع السرية ألغراض التقييم الديواني )اجلمركي( وأن ال تفشيها دون ترخيص من األطراف التي قدمتها إال إذا اضطر ت إلى ذلك في نطاق اإلجلراءات القضائي ة وحيث إن الوثائق واملعلومات الالزمة لتحديد القيمة لدى الديوانة قد تتضم ن معطيات لها عالقة بحرمة الفرد وحيث إن حرمة الفرد مضمونة مبقتضى الفصل 5 من الدستور وحيث نص الفصل 7 من الدستور على أن يتمت ع املواطن بحقوقه كاملة بالطرق والشروط املبينة بالقانون وال يحد من هذه احلقوق إال بقانون يت خذ الحترام الغير ولصالح األمن العام والد فاع الوطني والزدهار االقتصاد والنهوض االجتماعي وحيث إن التقييم الديواني يشكل مرجعا لضبط األداءات واملعاليم املستوجبة على عمليات التوريد وبالتالي فإن هذا اإلجراء له تأثير على موارد اخلزينة وعلى املنظومة االقتصادي ة عموما وبالتالي على ازدهار االقتصاد وحيث إن حتديد األغراض من تقدمي الوثائق واملعلومات الالزمة ملصالح الديوانة وحصرها مبقتضى القانون في حتديد القيمة لدى الديوانة من ناحية وإلزام هذه املصالح من ناحية أخرى بعدم كشف املعلومات التي قد مت لها في الغرض حتت طابق )طابع( السرية دون ترخيص صريح من املعنيني باألمر وفي غير اإلجراءات القضائي ة يجعالن األحكام املقر رة بالفصل 35 املذكور مراعية للضمانات املتعل قة بحرمة الفرد مثلما أقر ه الفصل 5 من الدستور ومتنزلة في إطار ما يجيزه الفصل 7 منه«. > مراقبة إخضاع كل استثناء حلرمة املسكن إلشراف القضاء: ورد بالر أي عدد 2 لسنة )4)) 2007 ما يلي:»حيث إن االكتفاء بالرجوع إلى الشروط = بتنقيح وإمتام بعض أحكام املجلة التجارية: الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 45 الصادر بتاريخ 05 جوان/يونيو 2007 الصفحتني 1942 و 144. )4)) الرأي عدد 2007-2 الصادر عن املجلس الدستوري بتاريخ 24 جانفي/يناير 2007 خصوص مشروع قانون يتعلق بإصدار مجلة الديوانة: الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 47 الصادر بتاريخ 10 جوان/يونيو 2008 صفحة 2153. )4)) الرأي عدد 2007-2 الصادر عن املجلس الدستوري بتاريخ 24 جانفي/يناير 2007 خصوص مشروع قانون يتعلق بإصدار مجلة الديوانة )اجلمارك(: الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 47 الصادر بتاريخ 10 جوان/يونيو 2008 صفحة 2153. ملحق خاص - العدد )3( - الجزء األول - مايو 2018 م شعبان 1439 ه 381
صون الحياة لألفراد بين االضطراب والثبات املقررة باملجلة املذكورة ال يستوعب ضمانة أساسية تتمث ل في إشراف القاضي أو مراقبته لعملية الدخول إلى محالت السكنى وحيث ولئن يسوغ تخويل موظفي اإلدارة وأعوانها ملباشرة التفتيش مبحالت السكنى بنص خاص فإن هذا النص ينبغي أال يكتفي مبجرد تعيينهم وحتديد صفتهم على أسلاس الفصل 94 )ثالثا( من املجلة املذكورة واإلحالة إلى الشروط الواردة بهذه املجلة بل يجب أن يقر صراحة وبالتوازي مع ذلك الضمانة األساسية املتمثلة في إشراف القاضي أو مراقبته لعملية الدخول إلى محالت السكنى من خالل تقديره للحالة املعروضة عليه وحيث إن غياب الرقابة القضائية في هذه الصورة قد تؤد ي إلى عدم مراعاة ما يستوجبه الضمان املتعلق بحرمة املسكن الذي ميثل احليز اجلغرافي حلرمة الفرد املضمونة بالفصل 5 من الدستور فضال عن مساس ذلك بحق الد فاع املنصوص عليه بالفصل 12 من الدستور ضرورة أن التفتيش يدخل في صميم اإلجلراءات املت صلة باحملاكمة. وحيث إن التفتيش يدخل في صميم اإلجلراءات املتصلة باحملاكمة. وحيث تكون أحكام الفقرة األولى من الفصل 65 من مشروع مجل ة الديوانة )اجلمارك( بخصوص دخول محالت السكنى فيما عدا منها ما تعلق بصورة مالحقة البضائع كما وردت بالفصل 314 من نفس املجلة والتي تندرج في حاالت التلب س غير متالئمة مع الفصول 6 و 9 و 12 من الدستور«. > وتواترت اآلراء املكر سة لنفس املقاربة:»حيث أقر الفصل التاسع من الدستور ضمان حرمة املسكن إال في احلاالت االستثنائي ة التي يضبطها القانون والذي يجب أن يعتبر قانونا أساسيا وفقا ملا نص عليه الفصل 28 من الدستور وحيث إن القانون األساسي هو الذي يضبط احلاالت االستثنائية لغرض حتقيق أهداف ذات قيمة دستورية«)4)).»حيث إن حرمة املسكن تتعل ق باحملل اللذي يوف ر ملالذا للشخص فيما يتعل ق بحياته اخلاصة وهو احليز الذي يحصن حميمته ويوف ر له الطمأنينة والسكينة والذي ال يجوز للغير النفاذ إليه إال بإذن من املعني باألمر«)4)). )4)) الرأي عدد 2008-15 الصادر بتاريخ 24 جانفي/يناير 2007 بخصوص مشروع قانون يتعل ق بإصدار مجلة السالمة والوقاية من أخطار احلريق واالنفجار والفزع بالبنايات: الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 19 الصادر بتاريخ 6 مارس 2009 صفحة 1093. )4)) الرأي عدد 2008-15 الصادر بتاريخ 24 جانفي/يناير 2007 بخصوص مشروع قانون يتعل ق بإصدار مجلة السالمة والوقاية من أخطار احلريق واالنفجار والفزع بالبنايات : الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 19 الصادر بتاريخ 6 مارس 2009 صفحة 1093. 382 مجلة كلية القانون الكويتية العالمية - أبحاث المؤتمر السنوي الدولي الخامس - 9 10 مايو 2018