تقرير التنمية اإلنسانية العربية ورقة بحثية حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط ن

النسخ

1 تقرير التنمية اإلنسانية العربية ورقة بحثية حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية i

2 حقوق النشر 2019 برنامج األمم المتحدة اإلنمائي المكتب اإلقليمي للدول العربية 1 UN Plaza, New York, New York, 10017, USA يرجى زيارة الموقع أو حقوق النشر لبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي جميع الحقوق محفوظة. تصميم وإعداد.Phoenix Design Aid A/S الخط على الغالف: ريما رفاعي ii حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

3 تقرير التنمية اإلنسانية العربية ورقة بحثية حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية عادل عبد اللطيف باوال باغلياني إلين هسو ن شر لبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي المكتب اإلقليمي للدول العربية iii حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

4 شكر و تقدير أع د ت هذه الورقة البحثية لتوفير اإلطار المفاهيمي لتقرير التنمية اإلنسانية العربية المقبل وقام بتحريرها عادل عبد اللطيف وباوال باغلياني وإلين هسو. تستند هذه الورقة إلى البحث الذي ك ل ف بإعداده معهد التنمية الخارجية والذي أجرته دينا منصور- إيل وألينا روشا مينوكال وأبيجيل هانت حول "ربط المواط نة بأهداف التنمية المستدامة") Sustainable Linking Citizenship to the )Development Goals مع مساهمة قي مة لكل من سلوى اسماعيل وغاي جوبينز. ال تمث ل النتائج والتفسيرات واإلستنتاجات الواردة في هذه الورقة بالضرورة وجهات نظر برنامج األمم المتحدة اإلنمائي أو الدول األعضاء في األمم المتحدة. iv حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

5 متهيد اعتمد قادة العالم خطة التنمية المستدامة لعام 2030 في عام 2015 كخريطة طريق إلرشاد التنمية العالمية من أجل بناء مستقبل أكثر سلم ا وازدهار ا واستدامة وشموال للجميع. ويتمث ل المبدأ األساسي للخطة هذه ب"عدم تخل ف أي أحد خلف الركب" ما يربط تحقيق التنمية البشرية ببناء مجتمعات أكثر شمولية. لذا على الشمولية أن تكون في صميم العالقات بين الدولة والمجتمع. تعرض هذه الورقة كيف حق قت البلدان العربية خطوات كبيرة في ما يتعلق بالتنمية البشرية منذ استقاللها أو منذ إقامة الدولة الحديثة. ولكن تم عرقلة هذا التقد م بشكل كبير نتيجة اآلثار المدمرة للنزاعات في المنطقة في السنوات األخيرة. في مواجهتها للتحديات المتعد دة الجوانب لهذه األزمات اتخذت الكثير من البلدان خطوات مهمة وحتى إيجابية للمضي قدم ا. إال أن هذه الورقة تظهر أنه في الكثير من الدول العربية يبقى إرث اإلقصاء متجذ ر ا بعمق من خالل االستناد إلى نتائج وبيانات من داخل المنطقة. منذ انتفاضات عام 2011 حاولت الدول العربية بجهد إبرام عقد اجتماعي جديد من شأنه أن يحصن مواطنيها بوجه قوى اإلقصاء أي القوى التي تتراوح من الفقر وعدم المساواة والبطالة إلى ندرة المياه والفساد والتمييز بين الجنسين. وفي بعض الحاالت أد ت اإلصالحات والسياسات التي تهدف إلى التحديث إلى زيادة التفاوتات بدال عن زيادة الشمولية كنتيجة غير مقصودة. أما في حاالت أخرى فقد أد ى اإلقصاء إلى تغذية التوترات االجتماعية وعدم االستقرار والعنف في نهاية المطاف ما يعر ض األشخاص لخطر التهميش بشكل أكبر. مع تزايد الزخم نحو إبرام عقود اجتماعية جديدة في البلدان العربية تعرض هذه الورقة السياق السياسي والتاريخي لديناميات المجتمع اليوم فتوفر إطار ا لفهم كيفية تحديد معايير المواط نة عبر المنطقة. وتقي م الورقة كيف يتخل ف المواطنون العرب عن الركب بسبب قوى اإلقصاء المختلفة الكامنة واألسباب وراء ذلك مع تسليط الضوء أيض ا على األوضاع غير المستقرة ألولئك الذين يعيشون في البلدان التي تمر بأزمات وأولئك الذين يفر ون منها. وأخير ا تحد د هذه الورقة االتجاهات الناشئة الواعدة من صوت الشباب المتنامي إلى االهتمام المتزايد بالتنمية المستدامة. ونأمل أنه من خالل دراسة خطوط الصدع في التنمية البشرية في المنطقة وفهمها فهم ا أفضل من خالل عدسة المواط نة بكافة أبعادها يمكن لصانعي السياسات وأصحاب المصلحة البدء في صياغة عقود اجتماعية جديدة تساعد الدول على تحقيق كافة أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر الواردة في خطة التنمية المستدامة لعام.2030 أخيم شتاينر مدير برنامج األمم المتحدة اإلنمائي حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية v

6 vi حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

7 احملتويات v تمهيد viii قائمة األطر viii قائمة الجداول viii قائمة األشكال ix المختصرات 1. المقد مة 2 2. العالقات بين الدولة والمجتمع يف البلدان العربية المواط نة وتكوين الدولة نموذج التنمية العربية و عقدها اإلجتماعي تأثير الديناميات اإلقليمية عىل المواط نة والع قد اإلجتماعي قوى عدم المساواة واإلقصاء التمييز الجغرافيا الح كم الوضع اإلقتصادي واإلجتماعي والهشاشة الصدمات أشكال اإلقصاء المتداخلة يف حاالت النزاع 4. سبل المضي قدم ا 30 التعليقات الختامية 33 المراجع 35 vii حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

8 قامئة األطر اإلطار 1: عدم تخلف أحد عن الركب 2 اإلطار 2: المواط نة 3 اإلطار 3: أثر التقش ف عىل الع قد اإلجتماعي 12 اإلطار 4: البلدان العربية محرومة من البيانات 15 اإلطار 5: دارفور أزمة أشعلتها التفاوتات بين األقاليم 20 قامئة اجلداول الجدول 1: إجمايل اإلنفاق الحكومي 8 الجدول 2: إقبال الناخبين. 20 قامئة األشاكل 3 الشكل 1: الصورة الديموغرافية 6 الشكل 2: التوظيف يف القطاع العام 7 الشكل 3: األجور يف القطاع العام 9 الشكل 4: اإلعانات 9 الشكل 5: وفيات األطفال دون سن الخامسة ومتوسط العمر المتوق ع 10 الشكل 6: إتجاهات مؤشر التنمية البشرية 10 الشكل 7: مكتسبات )أو خسائر( مؤشر التنمية البشرية لكل عقد 11 الشكل 8: إيرادات النفط 13 الشكل 9: الهجرة من البلدان العربية األخرى إىل بلدان الخليج 14 الشكل 10: قوى اإلقصاء 16 الشكل 11: عدم المساواة بين الجنسين 17 الشكل 12: المقاعد التي تشغلها النساء يف البرلمانات الوطنية. 19 الشكل 13: التحو ل الحضري واألحياء الفقيرة 19 الشكل 14: تركيز النشاط اإلقتصادي 21 الشكل 15: الح كم غير الخاضع للمساءلة 22 الشكل 16: إنتشار اإلنترنت 23 الشكل 17: اإلقصاء اإلجتماعي واإلقتصادي 23 الشكل 18: األسباب الرئيسية التي أدت إىل الربيع العربي 24 الشكل 19: الصدمات والهشاشة 25 الشكل 20: الحصول عىل مياه الشرب اآلمنة 26 الشكل 21: األشخاص الذين يشهدون حاالت الصراع 27 الشكل 22: معدل العمالة الفقيرة 28 الشكل 23: الالجئون والتشريد القسري حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية viii

9 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية ix

10 املقد مة 1. إلتزم قادة العالم من خالل اعتمادهم خط ة التنمية المستدامة للعام 2030 بإجراء عالمي مت سق وشامل لتحقيق التنمية المستدامة. تحد د الخط ة أهداف التنمية المستدامة )SDGs( التي تلتزم بموجبها البلدان الموق عة بالمساءلة أمام مواطنيها بشأن تحقيقها بما في ذلك التعه د الطوعي بعدم تخلف أي أحد عن الركب )اإلطار 1(.1 اليوم عدد كبير من األشخاص حياة ينعدم فيها األمن ويعيش عدد أكبر من األشخاص تحت ضغوط متواصلة تمنعهم من تحقيق إمكاناتهم كبشر باإلضافة إلى الخسائر الكبيرة في األرواح التي تتسب ب بها النزاعات المسل حة المرو عة. إذا لم تتم تسوية النزاعات المستمرة وإذا تحق قت التوقعات الديموغرافية للنمو السكاني المتسارع في البلدان التي تمر بأزمات سيعيش 40 في الماي ة من األشخاص في البلدان العربية وسط األزمات و النزاعات بحلول عام 2030 وهو الموعد المحد د لتحقيق أهداف التنمية المستدامة )الشكل 1(. لذلك يتطل ب تحقيق أهداف التنمية المستدامة في البلدان العربية معالجة مشاكل التنمية األكثر إضرارا المرتبطة بالمواط نة في منطقة تبقى فيها العالقات بين الدولة والمجتمع مشحونة ومتناز ع عليها بشد ة في ظل هشاشة سياسية واجتماعية واقتصادية. 2 وبالنظر إلى أهمية فهم مظاهر اإلقصاء وعدم المساواة وربما شرحها الحق ا ال بد من التوس ع في استقصاء الرابط بين المواط نة والتنمية البشرية. اإلطار 1 عدم ختلف أحد عن الركب ونحن إذ نقبل على هذه الرحلة الجماعية العظيمة نتعهد بأال يخلف الركب أحدا وراءه. وانطالقا من تسليمنا بأن كرامة اإلنسان أمر أساسي نأمل أن نشهد األهداف والغايات وقد تحققت لجميع األمم والشعوب ولجميع شرائح المجتمع. وسوف نسعى جاهدين إلى الوصول أوال إلى من هم أشد تخلفا عن الركب. )خطة التنمية المستدامة لعام 2030(. ي عتبر المواطنون عناصر هامة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ويترت ب على الدول التزامات تجاههم. إال أن الطريقة التي ت ت رجم فيها أدوار المواطنين ومؤسسات الدولة في الممارسة العملية تترك آثار ا على مختلف األشخاص والجماعات المعر ضين لخطر اإلقصاء من قبل الدولة في تحقيقها ألهداف التنمية المستدامة. وقد يؤد ي فشل الدولة في الوفاء بالتزاماتها إلى عدم المساواة والتهميش واإلقصاء.لطالما كانت عملية بناء المجتمعات الشاملة للجميع بمثابة تحد في البلدان العربية وازدادت حد ة القيود في اإلدماج منذ عام 2011 حيث تدهورت العالقة بين المواطنين والدولة وبين مختلف الفئات اإلجتماعية في بعض البلدان. وعلى الرغم من اختالف هياكل الحكم في البلدان العربية إال أنها كل ها ت ظهر خطوط صدع خطيرة في المفاهيم الحديثة للمواط نة )اإلطار 2(. تستند نقطة ااإلنطالق لهذه الورقة على اعتبار أن خطوط الصدع في التنمية البشرية في المنطقة العربية أصبحت أكثر تعقيد ا منذ عام 2011 وتعم قت في الكثير من البلدان. ويعيش 2 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

11 اإلطار 2 املواط نة عادة ما ت عر ف المواط نة على أساس توفير الحقوق )المدنية والسياسية واإلجتماعية واإلقتصادية والثقافية والجماعية والبيئية في اآلونة األخيرة( المترابطة مع اضطالع المواطنين بواجباتهم )على سبيل المثال دفع الضرائب واإلمتثال للقانون وفي بعض الحاالت 1 الخدمة العسكرية(. المواط نة هي عملية تاريخية متناز ع عليها تتكو ن من العالقات اإلجتماعية الرسمية وغير الرسمية منها على حد سواء في البيئات المعقد ة. يحد د القانون والمؤسسات السياسية واإلقتصاد والتكنولوجيا البيئة لكن المواط نة هي أيض ا ن تاج التفاعالت اإلجتماعية وعالقات السلطة والصراعات على السلطة. واستناد ا إلى تجارب اإلقصاء والتهميش قد ال ت عتبر المساواة في المركز المنصوص عليها في القانون أمر ا مسل م ا به في المجتمع. إن المشاركة الناشطة للمجموعات المهم شة والسياسات التي تلب ي اإلحتياجات المتنو عة هي شروط مسب قة للمواط نة الشاملة. وينطبق ذلك أيض ا على اإلعتراف بأن لألشخاص هويات والتزامات متعد دة سواء داخل حدود الدولة أو خارجها. وبالتالي يجب أن 2 تشتمل المواط نة الشاملة على التعد دية والتنو ع..Marshall Pfister الشكل 1 إذا مل يمت حل الزناعات املسمترة ومل خترج التوق عات الدميغرافية عن اإلجتاهات احلالية سيعيش 40 يف املائة من األخشاص يف البلدان العربية يف ظروف تت سم باألزمات والزناعات حبلول عام تفترض التوقعات أن تستمر األزمات الراهنة. يتوقع أن يصل معدل النمو في البلدان التي تمر بأزمات % 2.3 مقارنة بمتوسط معدل نمو يبلغ %1.6 في المنطقة مليون الجئ إجمالي عدد السكان في المنطقة إجمالي عدد السكان الذين يعيشون في البلدان التي تمر بأزمات شخص واحد يمثل 10 مليون شخص مالحظة: البلدان التي تمر بأزمات يه العراق ودولة فلسطين والصومال والسودان وليبيا والجمهورية العربية السورية منذ عام 2011 واليمن منذ عام المصدر: شعبة السكان يف إدارة األمم المتحدة للشؤون اإلقتصادية واإلجتماعية التوقعات السكانية يف العالم حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 3

12 العالقات بني الدولة واملجمتع يف البلدان العربية 2. ال بد من دراسة قضيتين رئيسيتين كنقطتي انطالق للتوص ل إلى فهم العوامل المحر كة لإلدماج واإلقصاء. األولى هي عملية تكوين الدولة ودورها في زرع بذور اإلقصاء. أما القضية الثانية فهي نموذج التنمية والع قد اإلجتماعي الذي ينبثق منه ألن الع قد اإلجتماعي يشك ل تصو رات المواطنين لدور الدولة. 2.1 المواط نة و تكوين الدولة نشأ مفهوم "المواط نة القومية" في بعض البلدان العربية عن نزاع )كما حدث في الجزائر( أو عن مفاوضات حول السيادة مع قوى اإلستعمار )كما حدث في مصر(. لكن بالنسبة لدول المشرق التي تأس ست بعد سقوط الدولة العثمانية 3 تحو لت هذه الفكرة إلى عملية متناز ع عليها مع دولتي اإلنتداب بريطانيا و فرنسا. وكان قانون الجنسية العثماني الصادر في عام 1869 أك د على المواط نة الممنوحة على أساس حق الدم sanguinis( )jus وحق اإلقليم/مسقط الرأس soli( )jus على حد سواء. وعلى سبيل المثال صاغ المسؤولون البريطانيون مفهوم المواط نة بحيث جرى فصلها عن الجنسية من منظار تقسيم األراضي بحسب الجماعات إستناد ا إلى تشريعات استعمارية سبق تطبيقها في أماكن أخرى. في المقابل إعتمد العرب على تجربتهم السابقة للحرب كمواطنين في الدولة العثمانية للتفاوض على تعريفات ومعاني المواط نة الخاصة باإلنتداب. أما فلسطين فتختلف عن باقي البلدان حيث لم يكن من وجود للمواطن الفلسطيني إال بين عامي 1925 و ففي أوقات أخرى كان الفلسطينيون ي مي زون كفلسطينيين من الضفة الغربية وفلسطينيين من قطاع غزة وفلسطينيين يعيشون في إسرائيل والجئين فلسطينيين وفلسطينيين في الشتات. بعد الحرب العربية اإلسرائيلية عام 1948 سادت التعد دية القانونية في النظام الفلسطيني. 5 والالجئون الفلسطينيون بحسب تعريف وكالة األمم المتحدة إلغاثة وتشغيل الالجئين الفلسطينيين في الشرق األدنى "هم أولئك األشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خالل الفترة ما بين 1 حزيران 1946 و 15 أيار 1948 والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة نزاع عام 1948". وقد اتخذوا ملجأ في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية األخرى وما من وسيلة أمامهم للحصول على جنسية. تقد م دراسة نزيه األيوبي الرائدة تحليال دقيق ا للدولة العربية بعد اإلستقالل فيصف فيها تكوين الدولة في كل منطقة عربية دون اإلقليمية شمال أفريقيا والشرق األوسط وشبه الجزيرة العربية. 6 بالرغم من اختالف العملية في كافة أنحاء المناطق دون اإلقليمية برز عنصر مشترك واضح في ما يتعل ق بكيفية تعامل البلدان مع التنوع داخل حدودها. لم تلحظ الدولة العربية بصورة واعية الروابط المتنو عة سواء كانت ثقافية أم عرقية أم دينية بين المجموعات البشرية التي شك لت الوحدات اإلدارية في البلدان التي أصبحت دوال في وقت الحق. وبدال من ذلك أ نش ئت الدولة العربية كوحدة سيطرة لحجب تنو ع السكان وإلخضاع عدم التجانس الثقافي واللغوي والديني في إطار هياكل القيادة. إال أن الدرجة التي ب ن ت فيها الدولة الشرعية والثقة وبالتالي خلقت قاسم ا مشترك ا بين مختلف المجموعات في المجتمع هي التي تحد د مدى شمولية المجتمعات لكل مواطنيها. وقد واجهت الدولة والشعب على حد سواء التحديات في كافة أنحاء المنطقة لبناء الوالء على نطاق أوسع أو شعور مشترك باإلنتماء يسمو فوق الهويات الضيقة أو شبكات المحسوبية التي تربط ما بين الدولة والمجتمع. 7 يميل األشخاص إلى الثقة بمصادر أخرى للسلطة لمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم وطلباتهم األساسية والتوفيق بين المصالح المتضاربة وحل النزاعات. وتشمل األمثلة الروابط العائلية والعشائرية والجهات الفاعلة من غير الدول والمؤسسات الدينية و الشبكات العربية الشاملة. 8 يمكن بالتالي القول إن البلدان العربية بعيدة عن إتقان عملية اإلنتقال إلى مجتمع يشمل جميع المواطنين. في الواقع لقد تكو نت المجتمعات العربية المعاصرة وفق ا لنموذج الدولة الذي ال يؤدي إلى بناء التماسك اإلجتماعي. تؤك د دساتير الدول العربية على المساواة أمام القانون. إال أن السياسات المختلفة والسياسة والديناميات اإلجتماعية تحد د خارج 4 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

13 أطار المعايير القانونية كيفية تطبيق المواط نة واختبارها عملي ا األمر الذي يختلف في جميع أنحاء المنطقة. وي نتج هذا األمر مواط نة "متباينة" أو درجات مختلفة من المواط نة بحسب الحقوق واإلمتيازات التي يتمتع بها المواطن مم ا ينتج بدوره مواطنين من "الدرجة األولى" أو "الدرجة الثانية" أو "الدرجة الثالثة" أو "ال مواطنين". تنتشر المواط نة "المتباينة" المبني ة على الهويات التي يحد دها الدين والنوع اإلجتماعي والعرق والطبقة عمودي ا وأفقي ا على حد سواء حيث ي مارس اإلقصاء والمعاملة غير المتساوية في العالقات بين الدولة والمواطن وبين المواطن والمواطن. وي عتبر النوع اإلجتماعي من أعمق م واطن عدم المساواة والتمييز على المستوى الهيكلي في جميع أنحاء المنطقة. فالمواط نة بالنسبة للمرأة ليست متباينة فحسب بل تتم عن طريق الوساطة حيث أن العالقة بين الدولة والمرأة ليست مباشرة بل تكون في الكثير من الحاالت من خالل أحد األنسباء الذكور )األب أو األخ أو الزوج(. 9 يتفاعل عدد من العوامل الثقافية والتاريخية اإلضافية مع هذه المواط نة المتصد عة. ويؤثر الدين على إحساس الناس بهويتهم وتوجهاتهم األيديولوجية والفكرية. ويؤثر أيضا على قيمهم ويشك ل مواقفهم تجاه المجتمع واألسرة. وكما جاء في تقرير التنمية اإلنسانية العربية للعام 2005 "إن أي قوة سياسية ال تستطيع أن تتناسى أن الدين خاصة اإلسالم عنصر محوري في النسيج الثقافي والروحي للشعب العربي". 10 ومع إنشاء الدولة القومية الحديثة أصبح الدين أداة وفي بعض الحاالت سالح ا. وقد تم دمجه في كيفية تصو ر الدولة للح كم وضمانها الستمرار شرعيتها. وفي المجال العام ي عتبر مصدرا رئيسيا لرأس المال اإلجتماعي وحافزا قويا لتقديم المساعدات اإلجتماعية إلى الفئات المحرومة. يمكن لعباءة الدين أن تجذب السياسيين وتنتشر في المنطقة األحزاب السياسية التي تستخدم التفسير الديني لدعم برامجها وأجنداتها السياسية. وتتبنى هذه األحزاب سلسلة من اإليديولوجات تتراوح بين المعتدلة والمتطرفة وبين المتسامحة والعقائدية حيث أن درجة التدي ن وطريقة استخدام النصوص الدينية ونوع اإليديولوجية تشك ل جميعها عالقة الحزب بالدولة والفئات اإلجتماعية واإلثنية األخرى. ويتعارض الكثير منها إلى حد ما مع النظام السياسي )العلماني(. 11 لذلك أصبح الدين قضية خالفية تهيمن على السياسة وأحد المؤشرات الرئيسية للمواط نة. ي نظ ر إلى الدساتير والقوانين والن ظم التعليمية والحقوق وحتى الفنون ويتم تحديدها إلى حد كبير من منظور ديني. وفي صميم هذا المنظور تقع القواعد الدينية واألعراف والرموز الثقافية القائمة على أساس ديني والتي تم تكوينها وتسييسها يتقي د بها ويصونها كل من الدولة والمجتمع بوجه عام. ولذلك ث بت أن الدين وسيلة قوية للسيطرة السياسية واإلجتماعية والثقافية من جانب الدولة والجهات الفاعلة من غير الدول مم ا يؤث ر بقدر كبير على تعريف مفهوم المواط نة. ويؤثر محتوى النظام التعليمي أيض ا على مفهوم المواط نة في البلدان العربية. إن المناهج الوطنية مسي سة إلى حد كبير من أجل فرض فهم للمواط نة والهوية الوطنية مم ا يسمح للتعليم بأن يشك ل "ساحة قتال للسيطرة على المعرفة واكتساب الهيمنة األيديولوجية من خالل الوسائل الخطابية والمؤسسية". 12 تدر س معظم الدول مفاهيم التربية المدنية التي تسعى إلى ترسيخ سردية قومية بالرغم من أنها تت خذ أولويات متنو عة تتراوح بين مفهوم المواطنين المتدي نين ومفهوم القوميين الوطنيين. ت غفل هذه األطر التربوية مسائل الهوية واإلنتماء وت خفق في النظر إلى كيفية تأثيرها على قدرة الفرد على اإلندماج بالكامل في المجتمع وفي الوقت عينه تؤث ر على القدرة والرغبة في المشاركة الديمقراطية الفع الة. 13 ويحاول عدد قليل من البلدان تأهيل الشباب كي يتفهموا حمل هوي تين أو أكثر عرقية ودينية ووطنية وإقليمية ودولية. 14 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 5

14 2.2 نموذج التنمية العربية و عقدها اإلجتماعي وفق ا لبعض المراقبين والمحل لين طالب المواطنون في المنطقة العربية بعقد اجتماعي جديد أو م جد د يرتكز على مفاهيم جديدة للمواط نة تكون أكثر شموال وإنصاف ا. 15 في صميم هذه الدعوة يقع الصراع المستمر حول مفاهيم متباينة للمواط نة والهوية واإلنتماء وهي تظل غير محددة المعالم إلى حد بعيد. إن الع قد اإلجتماعي الذي نشأ من التنازع والمساومة وال يزال يتطو ر نتيجة لذلك إنما ينبع من بناء الدولة وتكوينها بعد حصول الدول العربية على استقاللها في خمسينيات وستينيات القرن العشرين. 16 إرتبط قيام دول مستقلة بشعور قومي قوي وفكرة أن الدولة يجب أن تكون الموف ر والمحر ك للتنمية اإلجتماعية واإلقتصادية. على الرغم من التفاوتات الكبيرة بين البلدان الناتجة عن مدى امتالكها للموارد الطبيعية إت سم النموذج السائد للتنمية من الخمسينيات فصاعد ا بالمشاركة السياسية المحدودة والحريات المدنية والسياسية المقي دة في مقابل توفير منافع مادية مثل الخدمات واإلعانات والتوظيف. واستند النموذج إلى دول مركزية قوية تشرف على األولويات اإلقتصادية واإلجتماعية وتحر كها فيما تنف ذ سياسات واسعة النطاق إلعادة التوزيع واإلنصاف. 17 إستند هذا النموذج إلى أربع ركائز رئيسية: 18 إنشاء بيروقراطية واسعة لتوفير الخدمات وتقديمها. توسيع نطاق األجهزة األمنية والجيش. إنشاء قطاع عام كبير من المصانع والشركات. دعم تكاليف المواد الغذائية األساسية ومنتجات الطاقة. توظ ف الحكومة في كل من الجزائر والعراق وتونس )من بين بلدان أخرى( أكثر من خ مس القوى العاملة مع ميزانية كبيرةلألجور تتماشى مع حجم هذا العدد )الشكالن 2 و 3 (. ويمكن قياس حجم جهاز الدولة من خالل اإلنفاق الحكومي )الجدول 1(: تميل البلدان الغنية بالموارد إلى اإلنفاق مثل اإلقتصادات المتقد مة أي بنسبة حوالي 40 في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي. في البلدان المتوسطة الدخل تكون النسب أقرب إلى األسواق الناشئة أي حوالي 30 في المائة من الناتج المحلي اإلجمالي. وتميل البلدان األقل نمو ا باستثناء جيبوتي إلى اتباع سلوك مماثل لسلوك البلدان األفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى. وقد حاولت البلدان المنخرطة في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بما في ذلك مصر واألردن والمغرب خفض اإلنفاق العام )راجع الجدول 1 اإلطار 3 الحق ا في هذا القسم(. الشكل 2 توظ ف احلكومات يف عدد من البلدان العربية أكرث من خ س القوى العاملة... العمالة في القطاع العام )% من مجموع العمالة( المغرب )2012( البحرين )2012( قطر )2017( اإلمارات العربية المتحدة )2017( موريتانيا )2012( منظمة التعاون والتنمية في الميدان االقتصادي )2015( الكويت )2016( عمان )2016( مصر )2017( تونس )2013( فلسطين )2017( الجزائر )2017( العراق )2012( المملكة العربية السعودية )2015( المصدر: تقرير الحكومة يف لمحة لعام 2017 الصادر عن منظمة التعاون والتنمية يف الميدان اإلقتصادي والمتعلق بدراسة أجرتها منظمة التعاون والتنمية يف الميدان اإلقتصادي حول العمالة يف القطاع العام قاعدة بيانات منظمة العمل الدولية إحصاءات منظمة العمل الدولية حول التوظيف يف القطاع العام يف الدول غير األعضاء يف منظمة التعاون والتنمية يف الميدان اإلقتصادي. 6 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

15 الشكل 3... مع مزيانية كبرية لألجور تمتاىش مع جحم هذا العدد األجور العامة )% النفقات الميزانية( الجزائر األردن عمان البحرين لبنان الجمهورية العربية السورية مصر المغرب تونس المصدر: قاعدة بيانات اإلحصاءات المالية لصندوق النقد الدويل. لكن طبيعة اإلنفاق العام أكثر أهمية من حجمه في فهم فعاليته وتأثيره على الع قد اإلجتماعي. لقد استخدمت بلدان المنطقة اإلعانات على مدى عقود وال سيما تلك المخص صة لدعم الطاقة لتحفيز النمو اإلقتصادي ومساعدة السكان األقل دخال على الحصول على الطاقة. لكن هذه اإلعانات مكلفة من الناحية اإلقتصادية والبيئية وهي ذات أثر إجتماعي تنازلي ألن األسر المعيشية الحضرية األكثر غنى تستحوذ على الجزء األكبر من الفوائد. 19 على الرغم من الجهود المبذولة للحد من اإلعانات في السنوات الخمس الماضية تبقى هذه اإلعانات كبيرة الحجم )الشكل 4(. إن البلدان الوفيرة الموارد مثل الكويت وليبيا والمملكة العربية السعودية هي أكبر البلدان الداعمة للوقود األحفوري ولكن حتى البلدان األقل حظ ا مثل مصر ولبنان تدعم منتجات الطاقة بمعد ل أعلى بكثير من بقية بلدان العالم. لطالما كانت المنطقة العربية تاريخي ا تتمتع بمستويات مرتفعة للمساواة بالمقارنة مع المناطق األخرى. وس ع نموذج التنمية الذي تقوده الدولة من نطاق الوصول إلى اإلستحقاقات الرئيسية سواء في التوظيف العام أو في الحصول على التعليم وبذلك رفع مستوى التنمية البشرية. وتمك نت المجتمعات جزئي ا بفضل اإلستحقاقات من خفض معد الت الفقر والتفاوت في الدخل لتحمي بذلك الفئات المحرومة من بعض الضغوط اإلقتصادية األسوأ. حق قت معظم البلدان العربية مكتسبات كبيرة في المؤشرات اإلجتماعية على مدى نصف القرن الماضي مثل زيادة معدالت اإللتحاق بالمدارس وخفض معد الت وفيات األطفال )الشكل 5(. إال أن المكتسبات تراجعت في بعض البلدان نتيجة للحروب والنزاعات والهشاشة )الشكل 6(.20 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 7

16 الجدول 1 إمجايل اإلنفاق احلكويم العام )% من الناجت احمليل اإلمجايل( الجمهورية العربية السورية ليبيا الكويت عمان الجزائر العراق المملكة العربية السعودية جيبوتي لبنان البحرين األردن جزر القمر تونس مصر قطر المغرب اإلمارات العربية المتحدة موريتانيا اليمن السودان اإلقتصادات المتقد مة األسواق الناشئة واإلقتصادات النامية البلدان األفريقية الواقعة 24 جنوب الصحراء الكبرى غير متوفر. المصدر: قاعدة بيانات التوقعات اإلقتصادية العالمية صندوق النقد الدويل تشرين األول / أكتوبر حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

17 الشكل 4 إن البلدان الوفرية املوارد يه أكرب البلدان الدامعة للوقود األحفوري ولكن حىت البلدان ذات الرثوات األقل تدمع منتجات الطاقة مبعد ل أعىل بكثري من بقية بلدان العامل إعانات الطاقة )% من الناتج المحلي اإلجمالي( العالم مصر لیب ا المملكة العر ة السعود ة اإلعانات )% من اإلنفاق العام( لجزائر األردن عمان البحرين لبنان تونس مصر المغرب الج ازي ر ال حر ن الكو ت لبنان الا ما ارت العر ة المتحدة عمان ال من الا ردن قطر تونس السودان مور تان ا الع ارق جیبوتي المغرب المصدر: قاعدة بيانات اإلحصاءات المالية الحكومة صندوق النقد الدويل إعانات الطاقة يف تسعة بلدان وفق ا إلحصاءات وكالة الطاقة الدولية لعام الشكل 5 حق قت معظم البلدان العربية مكتسبات كبرية يف املؤرشات اإلجمتاعية عىل مدى نصف القرن املايض معدالت وفيات األطفال دون سن الخامسة )لكل 1000 مولود حي( متوسط العمر المتوقع عند الوالدة )عدد السنوات( العالم المغرب تونس الجزائر عمان مصر المملكة العربية السعودية المصدر: البنك الدويل مؤشرات التنمية العالمية. حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 9

18 الشكل 6 تراجع مكتسبات التمنية البرشية يف بعض البلدان نتيجة للحروب والزناعات واهلشاشة التغيرات بين عامي 2010 و العمر المتوقع - 17% - 3% + 1% 0.75 ليبيا التعليم 0.70 الدخل 0.65 العالم البلدان العربية سورية العمر المتوقع في سورية - 23% - 23% - 2% 0.50 يعيش الرجال أقل ب 2.7 سنة تعيش النساء أكثر ب 0.6 سنة % + 7% + 4% اليمن المصدر: مكتب تقرير التنمية البشرية. الشكل 7 منذ عام 2010 هشدت اكفة البلدان العربية إبطاء املتوس ط السنوي للتقد م يف جمال التمنية البرشية البرشية أو عكس مساره المتوس ط السنوي لمكتسبات )أو خسائر( مؤشر التنمية البشرية لكل عقد 2 1 الا مارات العربية المتحدة قطر البحرين عمان الكويت لبنان الجزاي ر الا ردن تونس ليبيا مصر فلسطين العراق المغرب سوريا موريتانيا جزر القمر السودان جيبوتي اليمن 0 المملكة العربية السعودية المصدر: مكتب تقرير التنمية البشرية. 10 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

19 و تبدو إنجازات التنمية البشرية في البلدان العربية المنخفضة والمتوسطة الدخل معر ضة للخطر بسبب المشاكل الهيكلية المتعل قة بالركود اإلقتصادي والتوترات اإلجتماعية والنزاعات في البلدان المجاورة. منذ عام 2010 شهدت كافة البلدان العربية تقريب ا إبطاء المتوس ط السنوي للتقد م في مجال لتنمية البشرية أو عكس مساره )الشكل 7(. واإلستثناءان هما العراق الذي يتعافى ببطء من عقود من األزمة المتمادية والبحرين وهو اإلستثناء الحقيقي في المنطقة. دق ت الثورات العربية في عام 2011 ناقوس الخطر بشأن عدم اإلستدامة اإلجتماعية للسياسات المعتمدة في العقود السابقة. ولكن كيف ينسجم الدليل القاطع على التقد م منذ اإلستقالل مع اإلنتشار غير المسبوق للسخط على مستوى المنطقة هل يمكن تفسير الوتيرة المتباطئة في تحقيق إنجازات التنمية البشرية التي شهدها الكثير من البلدان في المنطقة منذ بداية القرن الحادي والعشرين على أنها عالمة على استنفاد المرونة في المجتمع إحدى اإلجابات هي أن التقد م اعتمد بشكل كبير على ريوع الموارد الطبيعية )الشكل 8( وغيرها من إستغالل التموضع االستراتيجي وكالهما مو ل برامج إعادة توزيع الرعاية اإلجتماعية وخدماتها. مع مرور الوقت أظهرت التجربة أن هذا النهج من السياسات غير مستدام مالي ا وبخاصة مع النمو السكاني السريع )الشكل 1(. باإلضافة إلى ذلك نادر ا ما ت رجمت مكتسبات التنمية البشرية إلى مكتسبات في اإلنتاجية والنمو فقد كان رأس المال البشري عالق ا في وظائف القطاع العام غير المنتجة. وانحصرت الفائدة اإلقتصادية بالشركات واألفراد المرتبطين بالدولة ون خ بها الحاكمة. وتم الحفاظ على النظام اإلجتماعي من خالل توزيع الريوع غير المنت جة الم حق قة بوساطة سياسية. 21 ثم ة تفسير آخر هو أن التنمية بحد ذاتها تشك ل اضطراب ا حيث أن توس ع اآلفاق الفكرية والمادي ة لألشخاص بفضل التنمية البشرية قد يؤد ي إلى شعور هؤالء بالتمكين للمشاركة في الحياة السياسية. وقد يصل بهم األمر إلى اإلحساس بأن ثمن القبول باإلضطهاد يزيد على ثمن مواجهته. وقد يكون الجمهور األكثر ثقافة أقل استعداد ا لتحم ل مثل هذا اإلضطهاد وقد يؤد ي وعيه المتزايد بالظلم واإلقصاء السياسي إلى التمر د المفتوح. ال تقتصر رفاهية بلد ما على الدخل وحسب بل لها عالقة بوجود فرص تتيح عيش حياة مثمرة تت سم بالكرامة واإلنصاف والمشاركة السياسية. 22 إذا لم تكن السياسات والمؤسسات مرنة الستيعاب الظروف المتغي رة واإلستجابة لها يبقى توزيع الموارد غير متكافىء وقد تؤدي زيادة الشكل 8 إعمتد التقد م يف التمنية البرشية يف البلدان العربية بشلك كبري عىل ريوع املوارد الطبيعية )مثال ريوع النفط( لمتويل براجم إعادة توزيع الرعاية اإلجمتاعية وخدماهتا ريوع النفط )% من الناتج المحلي اإلجمالي( المصدر: البنك الدويل مؤشرات التنمية العالمية. البلدان العربية العالم حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 11

20 الناتج المحلي اإلجمالي إلى توسيع اإلنقسامات الطبقية. لم يكن الع قد اإلجتماعي الذي فرضته الحكومات العربية مصم م ا للعمل في سياق دينامي وبالتالي أضحت السياسات العامة أقل قدرة على اإلستجابة بما يتماشى مع تفضيالت الناس وتوقعاتهم. وحدث اإلضعاف األخير في الع قد اإلجتماعي في سياق مشهد سياسي واقتصادي واجتماعي سريع التغي ر وهو مشهد عرضة أيض ا للديناميات اإلقليمية والعالمية بما في ذلك التفاعل مع األطراف الخارجية مثل المؤسسات المالية الدولية )اإلطار 3(. اإلطار 3 أثر التقش ف عىل الع قد اإلجمتايع بحلول ثمانينيات القرن العشرين توجهت معظم البلدان العربية وبخاصة الدول الفقيرة الموارد إلى برامج اإلقراض الخاصة بصندوق النقد الدولي وتنفيذ إصالحات اإلقتصاد الكل ي المرتبطة بها والتي ترك ز على انضباط المالية العامة. قامت كل من مصر واألردن والمغرب بتقليص اإلنفاق العام وتجميد أجور القطاع العام والرواتب والتوظيف وتخفيض اإلعانات ورفع الضرائب. وترافق اإلنخفاض األولي في الرفاه اإلجتماعي مع زيادة في الفقر لكنه ول د استقرار ا مالي ا وفترات نمو أد ت إلى الحد من الفقر. ومع ذلك لم يكن التحر ر اإلقتصادي ناجح ا وهدفت سياسات الخصخصة إلى زيادة الثروة 1 اإلقتصادية القائمة على اإلنتاجية المرك زة ولم يكن النمو مستدام ا. أد ى المزيج من النمو اإلقتصادي البطيء واإلصالحات الهيكلية إلى تقويض أساس الع قد اإلجتماعي بشكل كبير حيث كافحت المؤسسات السياسية واإلقتصادية لتلبية مطالب السكان الشباب المتزايدين عدد ا وهم في سن أصغر فأصغر. 2 مع مرور الوقت أد ت البطالة وبخاصة في صفوف الشباب مقترنة بالتصو رات حول الفساد المستشري وقل ة المساءلة واآلليات غير الفعا لة لتوجيه مصالح المواطنين واحتياجاتهم وتوقعاتهم واإلستجابة لها )راجع الشكل 15 في القسم التالي( إلى تجريد الع قد اإلجتماعي من الوسائل لتحقيق العدالة اإلجتماعية وعدالة إعادة التوزيع. مع اندالع الثورات وما رافقها من اضطرابات في عام 2011 أدرك صندوق النقد الدولي خطر إغفال شرائح كبيرة من السكان إلى جانب التركيز في نفس الوقت على أداء اإلقتصاد الكل ي بشكل حصري. ويوصي نهج جديد يولي المزيد من اإلهتمام الحتياجات الفقراء بإعادة توجيه الحماية اإلجتماعية من اإلعانات العامة إلى التحويالت التي تستهدف الفقراء أو زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة تدريجي ا 3 لتمويل تطوير البنى التحتية فضال عن الصحة والتعليم. غير أن اإلتفاقات المعقودة بين صندوق النقد الدولي وكل من مصر واألردن وتونس منذ عام 2011 تدل على استمرارية النهج القديم وليس على اعتماد نهج جديد حيث يوصى بالتقش ف المالي وخفض اإلعانات بدال من تعزيز اإليرادات. ويبدو أن الخصخصة وتحرير التجارة ال يأخذان بعين اإلعتبار القدرات التنافسية الشحيحة للصناعات المحلية أو غياب الضمانات ضد العواقب اإلجتماعية السلبية. وت من ح األفضلية للترويج لنمو الصادرات بدال عن اإلستثمارات 4 الكثيفة العمالة..El-Said and Harrigan Cammack وآخرون صندوق النقد الدولي Mossallam تأثير الديناميات اإلقليمية عىل المواط نة والع قد اإلجتماعي ت عتبر الجغرافيا السياسية التي تحر كها وتحف زها المنافسات اإلقليمية إحدى األبعاد المهمة في تفسير العالقات بين الدولة والمجتمع وهي آخذة في التصاعد منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين. ظهرت بعض المنافسات للعيان بسبب التفاوت في التنمية اإلقتصادية في منطقة تشك ل موطن ا لبعض أغنى وأفقر دول العالم التي تعتمد على النفط وتقوم على الريع بشكل كبير. 23 وقامت الصراعات على القيادة اإلقليمية بتعريف عالمات تحد د المواط نة واإلنتماء إلى الدولة القومية خارج نطاق القانون. و تؤثر األجندات الطائفية والسياسية اإلقليمية على السياسات والسياسة المحلية وترسم حدود أولئك الذين ينتمون إلى مناف س إقليمي أو مجموعة "أخرى". أما التفاوت في الدخل بين البلدان فهو صارخ حيث أن البلدان لديها مستويات متباينة من التنمية اإلقتصادية وهياكل إقتصادية مختلفة. 24 فعلى سبيل المثال شك لت التفاوتات بين بلدان الخليج الغنية والبلدان العربية المتوسطة الدخل والبلدان العربية األقل نمو ا التعاون اإلقتصادي األقليمي في أبعاد كثيرة بما في ذلك من خالل اإلستثمار األجنبي المباشر والهجرة )الشكل 9( مم ا أسهم في التحويالت المالية إلى بلدان مثل 12 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

21 اليمن ومصر واألردن السودان )الشكل 9(. 25 لقد كانت الهجرة إلى دول الخليج العربي خيار إغاثة للشباب العاطلين عن العمل في الكثير من البلدان. يبرز مثال آخر على األوجه المتعد دة للبعد اإلقليمي المؤثرة على الديناميات القطرية في المساعدات اإلنمائية الرسمية. كانت الكويت وليبيا إلى حد ما قبل عام 2011 وقطر والمملكة العربية السعودية واإلمارات العربية المتحدة أكبر مانحي المعونات في المنطقة. وقد تم توجيه معظم المعونات بشكل ثنائي وليس من خالل وكاالت متعد دة األطراف أو المصارف اإلنمائية المتعد دة األطراف. وقد است خد مت المعونة في بعض األحيان للحفاظ على اإلعانات أو برامج الحماية اإلجتماعية األخرى التي كان من الممكن أن تكون خالف ا لذلك غير مستدامة مالي ا. وبالتالي زادت المعونة من نفوذ الجهات المانحة اإلقليمية سواء أسياسي ا أو إقتصادي ا في التأثير على السياسات والسياسة الوطنية وبذلك أعادت تحديد الع قد اإلجتماعي. 26 الشكل 9 شك ت التفاوتات بني بلدان اخلليج الغنية والبلدان العربية املتوسطة الدخل والبلدان العربية األقل منو ا التعاون اإلقتصادي األقليمي يف أبعاد كثرية مبا يف ذلك اهلجرة إجمالي أعداد المهاجرين من بلدان عربية أخرى إلى دول الخليج التحويالت المالية الشخصية المتلقاة من دول الخليج في عام 2017 )% من مجموع التحويالت المالية المتلقاة( اليمن الا ردن مصر السودان الجمهورية العربية السورية لبنان فلسطني لبنان مصر األردن فلسطين السودان الجمهورية العربية السورية اليمن المصدر: شعبة السكان التابعة إلدارة األمم المتحدة للشؤون اإلقتصادية واإلجتماعية أعداد المهاجرين الدوليين: مراجعة عام 2017 والبنك الدويل بيانات الهجرة والتحويالت. حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 13

22 قوى عدم املساواة و اإلقصاء 3. تعاني البلدان العربية من الالمساواة األفقية والعمودية داخل المجتمعات وعبر العالقات بين الدولة والمجتمع. 27 أطلقت الممارسات التي تحد د تكوين الدولة والع قد اإلجتماعي العنان لقوى اإلقصاء والتي ت رجمت في عدم قدرة الناس على ممارسة حقوقهم كمواطنين. غالب ا ما حد دت الدولة والجهات الفاعلة من غير الدول التي تتمتع بالنفوذ م ن يتمت ع بحقوق المواط نة في الممارسة العملية وعلى أي أساس ت ستبع د فئات معينة أو أشخاص معينون أو يتعرضون "للتمييز" في سياق التمتع بالحقوق. في ضوء اإللتزام الذي تفرضه خطة التنمية المستدامة للعام 2030 في مكافحة عدم المساواة الحتواء انعدام األمن والظلم والعنف يحل ل هذا القسم م ن يتخلف عن الركب في البلدان العربية )راجع اإلطار 4 بشأن محدودية البيانات( ويدرس المجاالت الخمسة الرئيسية التي تتواجد فيها قوى اإلقصاء )الشكل 10(:28 التمييز. ما هي أوجه التحي ز أو اإلقصاء أو سوء المعاملة التي يواجهها األشخاص على أساس جانب أو أكثر من الهوية المنسوبة إليهم أو المفتر ضة بما في ذلك الجنس والعرق والعمر والطبقة واإلعاقة والدين والجنسية والميول الجنسية ووضع الشعوب األصلية والهجرة الجغرافيا. م ن يعاني من العزلة والضعف والنقص في الخدمات العامة أو تدن ي مستواها والثغرات في وسائل النقل و الشكل 10 يتط لب هنج عدم ختلف أحد عن الركب يف البلدان العربية معاجلة مسألة قوى اإلقصاء يف خسة جماالت رئيسية التمييز %50 من السكان معرضين لخطر التخل ف عن الركب ألنهم من النساء 155 مليون شخص يعيش في بلدان متأثرة بالنزاع ويعانون من أشكال حرمان كثيرة بما في ذلك 14 مليون شخص معرض لخطر المجاعة في اليمن اقتران ا بارتفاع العنف والتشر د الصدمات والهشاشة يتأثر %84 من السكان أو معرض لخطر ندرة المياه. إن انكماش مساحة األراضي الصالحة للزراعة واالعتماد على واردات األغذية يعرض السكان لمخاطر انعدام األمن الغذائي اإلقصاء الجغرافي من المتوقع أن يعيش أكثر من %60 من السكان في البلدان العربية في منطقة حضرية بحلول عام 2030 ولكن في بلدان مختلفة ما بين %8 و %90 من السكان في خطر العيش في األحياء الفقيرة الحوكمة غير الخاضعة للمساءلة مع مشاركة حوالي %50 من المقترعين المسجلين في االنتخابات شهدت السنين ما بعد الثورات العربية انخفاض ا في الثقة بالمؤسسات وإدراك بالفساد مرتفع اإلقصاء االقتصادي واالجتماعي يصل فقر الدخل أحيان ا إلى %49 في اليمن في فترة ما قبل األزمة. وترتفع البطالة )%10( وبطالة الشباب )%25(. ويعرض التعليم ذات الجودة المتدنية إنجازات االلتحاق للخطر المصادر: راجع األشكال 11 و 13 و 15 و 16 و 18 و 20 و حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

23 اإلنترنت أو غيرها من البنى التحتية بسبب مكان إقامتهم الح كم. م ن يواجه الحرمان بسبب المؤسسات والقوانين والسياسات والعمليات والميزانيات غير العادلة وغير الفع الة وغير المسؤولة وغير المتجاوبة م ن هو األقل قدرة أو غير قادر على اكتساب النفوذ أو المشاركة بشكل م جد في القرارات التي تؤثر عليه الوضع اإلجتماعي واإلقتصادي. م ن الذي يتمت ع بفرص أقل للحفاظ على صح ة جيدة والحصول على التغذية واكتساب الثروة والتمت ع بفوائد التعليم الجي د والمنافسة في سوق العمل واإلستفادة من الحماية اإلجتماعية والخدمات المالية الصدمات والهشاشة. م ن هو األكثر عرضة أو قابلية للتأث ر بالنكسات بسبب تغي ر المناخ والمخاطر الطبيعية والحاالت الصحية الطارئة وحاالت اإلنكماش اإلقتصادي أو األسعار أو غيرها من الصدمات تكون قوى اإلقصاء هذه أقوى في حاالت النزاع حيث يعاني األشخاص المتضر رون من الحرمان عادة في الفئات الخمسة جميعها باإلضافة إلى تعر ضهم للعنف. كما يمكن لهذه القوى أن ت شعل التوترات وتطيل أمد األزمات ذلك ألن التصو رات السائدة لإلقصاء والظلم باإلقتران مع عدم فعالية المؤسسات وانعدام األمن تحد من فرص بناء توافق في اآلراء حول ع قد اجتماعي مستدام. اإلطار 4 البلدان العربية حمرومة من البيانات بعد اعتماد خطة التنمية المستدامة للعام 2030 بفترة وجيزة أصبح جلي ا أن رصد أهداف التنمية المستدامة بمؤشراتها الكثيرة والمعقد ة سيشك ل تحدي ا ال سيما بالنسبة للبلدان النامية ذات القدرات اإلحصائية المحدودة. في المنطقة العربية 43 في المائة فقط من مؤشرات المستوى األول ال 97 على الصعيد القطري تلك المؤشرات الواضحة من الناحية النظرية ذات منهجية قائمة بالفعل دولي ا متوف رة ومحد ثة في كافة البلدان )أو كل ها تقريب ا( لم ي حد ث 9 في المائة من مؤشرات المستوى األول منذ عام 2013 بالنسبة لبلدان كثيرة ولم ي حس ب 16 في المائة منها منذ عام 2000 بالنسبة للكثير من البلدان. كما أن المعرفة بالجوانب المتعد دة األوجه لعدم المساواة واإلستقطاب والمساواة في الحصول على الفرص غير موجودة تقريب ا في البلدان العربية. 1 تستند معظم مقاييس عدم المساواة إلى مسوحات لألسر المعيشية قام بها 17 بلد ا من أصل 22 بلد منذ عام 2011 ولكن مع عدم اتساق الجودة والمنهجيات مم ا يحول دون إجراء مقارنات إقليمية منتظمة. باإلضافة إلى ذلك ال يزال الوصول إلى البيانات الموجودة محدود ا أو أن البيانات ليست منظ مة في نسق يسمح باستقاء نظرة ثاقبة متبص رة حول عدم المساواة والحرمان. على سبيل المثال إن معظم البيانات غير مصن فة إال بحسب الجنس. وتبي ن المقاييس التقليدية المتاحة للرفاهية اإلقتصادية إنجازات إنمائية جيدة مع انخفاض لمعدالت الفقر في معظم البلدان وتفاوت إقتصادي أقل مم ا هو عليه في أجزاء أخرى من العالم بحيث بلغ معامل جيني في البلدان العربية. لكن هذا التوزيع المتكافىء لفوائد التنمية يتناقض مع اإلستياء الذي عب ر عنه الناس في الثورات العربية ومع تصو رات األداء المؤسسي والمساءلة )راجع الشكل 14 أدناه في هذا القسم(. وتبدو المقاييس التقليدية لعدم المساواة والبيانات التي تستند إليها غير موثوقة. تكشف محاوالت الجمع بين الدراسات اإلستقصائية لألسر المعيشية وبيانات ضريبة الدخل عن مستويات أعلى بكثير من عدم المساواة في الدخل. لكن هذا النوع من التحاليل لم يتجاوز مراحله األولية والبيانات الضرورية 2 غير متوفرة في عدد كاف من البلدان للسماح بإجراء تحليل إقليمي. وعلى الرغم من الحاجة إلى فهم أثر التفاوتات المتداخلة على أشكال اإلقصاء اإلجتماعي وغيره من أشكال اإلقصاء تفتقر المنطقة إلى حد كبير إلى الدراسات العملية على المستوى اإلقتصاد الجزئي إللقاء الضوء على أوجه الترابط هذه. يجب أن ت تاح عمليات التشخيص ألهداف التنمية المستدامة مثل التشخيص 3 الذي يقد مه البنك الدولي لمصر لمزيد من البلدان. يتطل ب فهم التقد م )أو التراجع( في تحقيق المساواة وقياسه اإلنتاج المستمر للبيانات القوية والوافية التفصيل األمر الذي ال يزال مستعصي ا بالنسبة لقدرات العديد من الحكومات مم ا يعوق استجابات السياسات. وتصبح أولويات المجموعات المهم شة وتفضيالتها واحتياجاتها غير مرئية. كما يتم وضع االستراتيجيات والخطط التنموية في الخفاء وال تستنير عمليات صنع السياسات بالبيانات القوية التي بإمكانها تسليط الضوء على افتراضات قد ال تصح دائم ا. ليس من قبيل الصدفة أن تتضم ن خطة التنمية المستدامة للعام 2030 نداءات مزدوجة لعدم إغفال أحد وإنتاج ثورة بيانات. على صانعي السياسات أن يفهموا أنه يستحيل تحقيق األمر األول من دون الثاني..Bibi and Nabli Alvaredo, Assouad and Piketty Amin-Salem and others حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 15

24 3.1 التمييز أشخاص أو يحدث التمييز عندما ي حرم مجموعات من الناس من حقوقهم بسبب هويتهم. وهذا قد يعني انتهاكات الحقوق المدنية وكذلك الحقوق الثقافية مثل ممارسة تقاليد خاصة باألشخاص أو المجموعات والتح دث بلغتهم. أشكال مختلفة من التمييز القائم على توجد أساس المجموعة أو الهوية الخاصة في المنطقة العربية ويرتبط بعضها بعملية تكوين الدولة الموصوفة سابقا. ويبقى مفهوم حقوق األقليات غير مقبو ل على نطاق واسع بالرغم من أن ه لدى معظم الدول العربية مجموعات عرقية ودينية ولغوية متنوعة ت م دمجها كأقليات في حقبة ما بعد اإلستعمار. بالرغم من أ ن القوانين والسياسات والمؤسسات العامة ال تقصد التمييز ضد األقليات أو اضطهادها لكنها تفتقر في كثي ر من األحيان إلى األحكام الالزمة للسعي إلشراكها والتوزيع العادل للثروات واحترام التن وع الثقافي. ال توجد بيانات إحصائية تت بع عدم المساواة بين مجموعات األقليات واألغلبية من السكان. لكن األدل ة غير المؤكدة تشير إلى أ ن األقليات تعاني من التمييز ال سيما في ما يتعلق بالحصول على الوظائف في القطاع العام. ويؤثر هذا التمييز في الغالب على أكثر الناس فق را داخل مجموعات األقليات من السكان م ما يجعلهم ضحايا ألشكال متع ددة من اإلقصاء. وقد تص دت بعض المجموعات القائمة على أساس الهوية الخاصة للتمييز الحقيقي أو ال متص ور من خالل رفض شرعية الدولة م ما أسهم في التوترات اإلجتماعية والنزاعات. لكن بعض األفراد من مجموعات األقليات شغلوا مناصب سياسية عالية مؤسسات وأنشأت بعض مجموعات األقليات تعليمية لحماية تراثها الثقافي وتعزيزه. على كل من الجزائر والمغرب سبيل المثال يوف ر التعليم المدرسي باللغة األمازيغية وكذلك التدريب للمد رسين. يختلف عدم المساواة بين الجنسين بحسب السياق والتقاطع مع أشكال أخرى من عدم الشكل 11 ماكن آخر أي تتخلف النساء يف البلدان العربية أكرث من إنجازات التنمية البشرية للنساء كـ % من معدالت الرجال معدل خصوبة المراهقات عاما عدد الوالدات لكل 1000 امرأة في سن العالم 47 البلدان العربية 51 مصر 57 فلسطين الحسابات المصرفية بالرغم من أن الحسابات المصرفية أقل انتشار ا في البلدان العربية منها في باقي العالم تقل فرص المرأة العربية بـ %50 عن فرص الرجل في ما يتعلق بالحصول على حساب مصرفي عالميا مقارنة بـ %10 62 اليمن 67 جزر القمر الحسابات في المؤسسات المالية 67 السودان التعليم تبقى النساء في العالم في المدرسة أقل بـ 1.1 سنة من الرجال لكن النسبة ترتفع إلى 1.5 سنة في عالميا أن توقع البلدان العربية وي تبقى الفتيات في المدرسة أكثر بـ 0.1 سنة من الصبيان لكن هذه النسبة أقل بـ 0.6 سنة في البلدان العربية الفارق بين عدد سنوات التعليم المدرسي للذكور واإلناث المتوسط المتوقع 80 العراق 81 موريتاني 94.1% العالم 85.5% 102 الصومال البلدان العربية العالم البلدان العربية الذكور ( % العمر )+15 البلدان العربية اإلناث ( % العمر )+15 العالم المتوسط في المنطقة من %21 من مشاركة النساء في القوى العاملة النسبة تدنيا في العالم األكثر 0-20% الجنسية يحق للنساء أن تمنح جنسيتها إلى وفي 11 بلد ال أوالدها أو زوجها في 7 بلدان يمكن للنساء أن تمنح الجنسية ألوالدها وليس لزوجها 20-40% 40-60% 60-80% % توفر 3 بلدان عربية المساواة بين الجنسين في ما يتعلق بمنح الجنسية إلى األوالد والزوج المصدر : مكتب تقرير التنمية البشرية إلنجازات التنمية البشرية والتعليم البنك الدويل مؤشرات التنمية العالمية لمعدل خصوبة المراهقين وحسابات المصارف قاعدة بيانات منظمة العمل الدولية إحصاءات منظمة العمل الدولية حول مشاركة القوى العاملة مفوضية األمم المتحدة السامية لشؤون الالجئين 2017 وبرنامج األمم المتحدة اإلنمائي 2018b حول الجنسية. المواطنة الشاملة في البلدان العربية 16 حتى ال يتخلف أحد عن الركب : نحو

25 المساواة لكن ه موجود في كافة البلدان العربية. تشك ل نادية مراد التي حازت على جائزة نوبل للسالم لعام 2018 مثاال على كيفية تأثير أشكال اإلقصاء المتداخلة على النساء في المنطقة: كامرأة تنتمي إلى أقلية دينية في العراق الذي مزقته الحرب كانت مراد ضحية للعنف الجنسي الذي ارتكبته الدولة اإلسالمية بحقها بسبب هويتها. يبدأ التمييز بين الجنسين بتحديد م ن يحق له التمتع بحقوق المواط نة: بإمكان المرأة أن تمنح جنسيتها إلى زوجها وأوالدها في ثالثة بلدان عربية فقط وفي سبعة بلدان بإمكانها أن تمنحها ألوالدها وليس لزوجها وفي البلدان اإلحدى عشر الباقية ال يحق لها أن تمنح جنسيتها إلى أي منهم. ال تحق ق المرأة في البلدان العربية سوى 85.5 في المائة من مكتسبات التنمية البشرية التي يحق قها الرجال بحسب قياسات مؤشر التنمية الجنسانية أي أقل ب 10 نقاط مئوية تقريب ا من المعد ل العالمي غير المتكافىء في األصل والبالغ 94.1 في المائة )الشكل 11(. إن اإلنجازات غير متساوية في كافة أبعاد التنمية البشرية ولكن على مستويات مختلفة. إن متوسط العمر المتوق ع في المنطقة هو أقل ب 0.3 سنة من المتوسط العالمي للرجال ولكنه أقل بسنة كاملة للنساء. يزيد متوسط سنوات التعليم للرجال 1.1 سنة عن متوسط النساء في كافة أنحاء العالم ولكنه يزيد 1.5 سنة في البلدان العربية. ووفق ا للمتوسطات العالمية تلحق الفتيات الفتيان في ما يتعلق بالتعليم ومن المتوقع أن يبق ين في المدارس لفترة أطول بقليل من الفتيان إال أن هن ال يزلن متأخرات في البلدان العربية. إن أكبر التفاوتات القابلة للقياس هي إقتصادية: يمث ل دخل المرأة عالمي ا 57 في المائة من دخل الرجال لكن دخل المرأة العربية ال يمث ل سوى 21 في المائة من دخل الرجال العرب. ي عتبر التقسيم الجنساني غير المتكافئ للعمل في مجال الرعاية والعمل المنزلي غير المدفوع األجر وكذلك في سوق العمل من الس مات الرئيسية لعدم المساواة اإلقتصادية بين الجنسين في كافة أنحاء المنطقة العربية. ال تزال مشاركة المرأة في سوق العمل الرسمي من بين أدنى المستويات عالمي ا بسبب المعايير الثقافية والمحف زات الضعيفة )راجع الشكل 11(. على الرغم من القيود المفروضة في الكثير من البلدان )مثل منع النساء من العمل في النوبات الليلية( فإن القوانين في البلدان العربية تسمح عموم ا للنساء بالعمل. ومع ذلك فإن األدوار التقليدية للجنسين إلى جانب ارتفاع معدالت الخصوبة لدى المراهقين وأسواق العمل الراكدة تحول دون دخول معظم النساء سوق العمل. وتحد المشاركة الضعيفة في صنع القرارات الشكل 12 عىل الرمغ من أن المتثيل املتساوي يف الربملانات الوطنية يشلك حتدي ا يف لك ماكن إال أن الوضع يف البلدان العربية غري مرض بشلك خاص 35 نسبة المقاعد التي تشغلها النساء في البرلمانات الوطنية في العام )%( 2018 العالم ال من عمان الكو ت لبنان جزر القمر ال حر ن قطر جیبوتي الجمهور ة العر ة السور ة مصر الا ردن لیب ا المملكة العر ة السعود ة المغرب الا ما ارت العر ة المتحدة الصومال مور تان ا الع ارق الج ازي ر السودان تونس 0 المصدر: اإلتحاد البرلماني الدويل قاعدة البيانات الخاصة بالنساء يف البرلمانات الوطنية. حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 17

26 السياسية والمدنية واألسرية من فرص المرأة في التعبير عن شواغلها ومعالجة التفاوتات الجنسانية. 31 على الرغم من أن التمثيل المتساوي في البرلمانات الوطنية يشك ل تحدي ا في كل مكان إال أن الوضع في البلدان العربية غير مرض بشكل خاص )الشكل 12(. وترتكز مظاهر عدم المساواة بين الجنسين هذه على أعراف ومعتقدات اجتماعية توص ف بأنها ممارسات تقليدية ولكنها تتعارض مع نهج حقوق اإلنسان إزاء التنمية. يتطل ب التقد م في مجال حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في كافة أنحاء المنطقة عقد ا إجتماعي ا ت عاد صياغته والمزيد من حقوق المواط نة الفردية والجماعية. يمكن العثور على عناصر هذه العملية في األحكام الدستورية التي أعيد تحديدها بعد ثورات 32 عام يواجه األشخاص ذوو اإلعاقة في البلدان العربية الحرمان بشكل خاص في فرص التعليم والعمل ويعانون من المعاملة الجائرة على المستوى المجتمعي واألسري. 33 وغالب ا ما يتعر ضون للتمييز غير المقصود عن طريق سياسات تغفل حاجاتهم بسبب النقص في البيانات. وكثير ا ما يتم التغاضي عن التكاليف التي يواجهونها على سبيل المثال في وسائل النقل الخاصة مم ا يقل ل من تقدير مستوى خطر الفقر الذي يواجهونه. تفتقر البيانات المتاحة عن األشخاص ذوي اإلعاقات في البلدان العربية إلى التعريفات المت سقة والمقارنات مع األشخاص الذين ال يعانون من اإلعاقات وتصنيفها في مختلف مجاالت معيارية إجتماعية واقتصادية. حق قت بعض البلدان تقد م ا في المسوحات الوطنية لألسر المعيشية وجمع بيانات التعداد السكاني وفق ا للمعايير الدولية. وت ظهر هذه البيانات معد ل انتشار لإلعاقة يبلغ نحو 2.9 في المائة وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع باطراد بسبب النزاعات المسل حة المستمرة وشيوخة السكان الجغرافيا يمكن أن يؤث ر الموقع الريفي أو الحضري أو العيش في مستوطنات عشوائية أو أحياء فقيرة وكذلك التوزيع غير المتكافئ لمكتسبات التنمية في بلد ما على نوعية البنى التحتية والحصول على الخدمات والفرص اإلقتصادية. في مصر حيث يبدو التحض ر عموم ا راكد ا ن م ت أكبر المدن مثل القاهرة بشكل كبير في السنوات العشرين الماضية )الشكل 13(. وتوف ر نسبة انتشار الفقر الذي عادة ما يكون أعلى في المناطق الريفية منه في المناطق الحضرية تفسير ا لذلك. إذا حدثت الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية دون توف ر فرص عمل جيدة يمكن أن ت ترجم إلى سخط في المناطق الحضرية واختالالت في البنى التحتية والبيئة وتغيرات في العالقات السياسية واإلجتماعية. 35 يعيش أكثر من نصف سكان المدن في األحياء الفقيرة في سبعة بلدان على األقل تتوفر فيها البيانات. في السودان يعاني 91.6 بالمائة من سكان المدن من سوء خدمات إدارة النفايات والصرف الصحي بسبب التحض ر السريع والعشوائي. في دارفور ال تزال أغلبية المليوني مشر د تعيش في المخيمات التي تضاعف حجمها في بعض الحاالت خالل العقد الماضي )اإلطار 5(. وفي هذه المناطق ترتبط المعالجة غير المناسبة لمياه المجاري وحرق النفايات بارتفاع معدل اإلصابة باألمراض المنقولة بالمياه وهو ما يمث ل 80 في المائة من األمراض المبل غ عنها في البالد. 36 تشعر دول المنطقة بالقلق إزاء الفجوة التنموية بين المناطق الرائدة والمتأخرة. يمكن النظر إلى التنمية المتباينة بحسب المكان على أنها فشل في العدالة اإلقتصادية أو خيانة للعقد اإلجتماعي. فلننظر في التقارير الوطنية المقد مة إلى مجلس حقوق اإلنسان كجزء من اإلستعراض الدوري الشامل. يتحد ث المغرب عن انعدام اإلستقرار في "المناطق الريفية والجبلية". وتلحظ تونس عدم إمكانية الوصول إلى عيادات مراقبة الحمل في مناطق الوسط الغربي والشمال الغربي والجنوب. ويحذ ر السودان من انخفاض معدالت الحضور المدرسي في األقاليم الشرقية. وينظر كل من الجزائر وموريتانيا في التفاوتات اإلقليمية. ويتجلى بوضوح تركيز النشاط اإلقتصادي في بعض المناطق في الكثير من هذه البلدان وغيرها )الشكل 14(. أخير ا يمكن أن يرتبط مكان اإلقامة بأوجه عدم المساواة في الصحة البيئية: إنتشار تلو ث الهواء والماء والنفايات الصلبة )مثل البالستيك(. ربما يكمن جزء من المشكلة في الجغرافيا األساسية )األشخاص الذين لديهم موارد مائية شحيحة هم أكثر عرضة لشرب مياه ملوثة بالمبيدات الزراعية(. وينتج جزء آخر بشكل مباشرة عن الخيارات السياسة العامة على سبيل المثال عدم إخضاع الشركات الصناعية الملو ثة في القطاع العام للمساءلة. تساهم هذه القضايا في مشاكل الصحة العامة ويقع عبء فشل أنظمة الصحة العامة بشكل غير متناسب على الفقراء الذين هم أكثر عرضة للتلوث وأقل قدرة على تحم ل تكاليف الرعاية الصحية في القطاع الخاص حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية

27 الشكل 13 وترية التحض يف املنطقة العربية متنوعة سكان الريف والحضر الذين يعيشون في الفقر السكان الحضر الذين يعيشون في األحياء الفقيرة التوس ع الحضري في القاهرة % 14.8% 30.6% العراق % 13.9% 16.8% األردن اتجاهات التحض ر % من السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرية % 15.3% 32.3% مصر % 4.8% 14.4% المغرب % 26.5% 57.6% السودان % 20.7% 40.1% اليمن الريف الحضر األحياء الفقيرة المصدر: شعبة السكان يف إدارة األمم المتحدة للشؤون اإلقتصادية واإلجتماعية التوقعات السكانية يف العالم 2017 إتجاهات التحض ر البنك الدويل مؤشرات التنمية العالمية لمعدالت الفقر يف المناطق الريفية والحضرية والسكان الذين يعيشون يف األحياء الفقيرة غوغل إيرث للتوس ع الحضري يف القاهرة. الشكل 14 يتجىل بوضوح تركزي النشاط اإلقتصادي يف بعض املناطق يف الكثري من البلدان اجلزائر مرص العراق ليبيا املغرب اململكة العربية السعودية السودان قبل استقالل جنوب السودان سورية )قبل األزمة( المين )قبل األزمة( مالحظة: الناتج المحيل اإلجمايل لكل درجة من خطوط الطول مقابل درجة من خاليا خطوط العرض. المصدر: مشروع G-Econ جامعة ييل أيلول / سبتمبر حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية 19

28 اإلطار 5 دارفور أزمة أشعلهتا التفاوتات بني األقالمي تاريخي ا كانت دارفور تتمتع بالرفاه اإلقتصادي ووفرة الموارد الطبيعية والحيوانية فيما كانت تتمي ز ثقافي ا بتعدد التقاليد العرقية والدينية والقبلية المتداخلة على مدى قرون. غير أن الحكومات اإلستعمارية التي احتل ت السودان ركزت على استغالل الموارد بفعالية من حيث التكلفة مع استثمار ضئيل في إقامة البنى التحتية وتطوير الوسط حيث المياه والتربة الخصبة وفيرة والوصول إلى البحر يسير. أما المناطق الطرفية التي كانت نائية ومكلفة من حيث اإلنماء فقد أ حيلت إلى الح كم غير المباشر من قبل اإلدارات األهلية التي تول ت مسؤولية جمع الضرائب والحفاظ على األمن المحلي. بعد إعالن اإلستقالل في عام 1956 واجهت الحكومة الوطنية الجديدة تباينات كبيرة في التنمية بين الوسط والمناطق الطرفية وحافظت على مسار السلطات االستعمارية. واجه تركيز المشاريع التنموية في المنطقة الوسطى بالتزامن مع إهمال باقي أنحاء البالد مقاومة وما أعقبها من نزاعات عنيفة في المناطق الطرفية مثل دارفور التي تعر ضت لإلهمال وكانت عاجزة عن اإلنتقال من 1 مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث واقتصاد السوق. وهكذا يمكن أن ي عزى نمط الحروب األهلية المتكر رة في السودان إلى سوء الحكم وإلى الفشل المؤسسي الذي حف ز التفاوتات بين الوسط والمناطق الطرفية. على الرغم من التحسينات األخيرة في مجال األمن ال تزال حقوق اإلنسان لسكان دارفور بحاجة إلى معالجة. ما زالت وثيقة الدوحة للسالم في دارفور التي اعت مدت في عام 2011 تنف ذ بشكل غير متساو وغير مستدام وهي غير كافية لمعالجة األسباب الجذرية للنزاع بما في ذلك تعزيز مؤسسات اإلدارة المركزية 2 والمحلية وإدارة األراضي والمياه والموارد األخرى..Sulliman بيان من رئيس مجلس األمن التابع لألمم المتحدة في 31 كانون الثاني / يناير.4/2018/S/PRST 2018 الجدول الح كم إقبال الناخبني البلد عام اإلنتخاب إقبال الناخبين )%( الجزائر البحرين جيبوتي مصر العراق األردن الكويت لبنان ليبيا موريتانيا المغرب عمان السودان الجمهورية العربية السورية تونس غالب ا ما تدفع المؤسسات العامة التي ال تخضع للمساءلة وغير المستجيبة فضال عن الفساد المنتشر على نطاق واسع إلى اإلقصاء والحرمان من حق التصويت بالنسبة لشريحة كبيرة من السكان. وباإلضافة إلى صياغة المساحة التي تتكش ف فيها المواط نة وتحديد استحقاقات المواطنين وواجباتهم تكون مؤسسات الح كم مسؤولة أيض ا عن تأسيس الع قد اإلجتماعي بين الدولة والمواطنين وتجديده عندما ال يعود الع قد صالح ا. وال بد أن تنمو مشاعر اإلقصاء والتنافس اإلجتماعي حيث ال ي عام ل المواطنون والفئات اإلجتماعية على قدم المساواة أمام القانون أو حيث يكون إنفاذ القانون ضعيف ا. لقد تناول القسم السابق بإسهاب تطو ر الع قد اإلجتماعي في البلدان العربية واإلشارة القوية التي بعثتها ثورات عام 2011 بأن الع قد لم يعد صالح ا لقطاعات كبيرة من الشعب. وشملت أوجه القصور الرئيسية في الفترة المفضية إلى الثورات قبول المواطنين للدولة وامتثال الدول للمواثيق الدولية لحقوق اإلنسان وسبل استخدام وسائل القوة واإلكراه ومنع إساءة استعمال السلطة. 38 تنطوي إعادة تعريف الع قد اإلجتماعي على التفاعل بين الدولة والمواطنين حيث يقع على المؤسسات العامة واجب إنشاء آليات المصدر: المعهد الدويل للديمقراطية والمساعدة اإلنتخابية IDEA قاعدة بيانات إقبال الناخبين. 20 حتى ال يتخلف أحد عن الركب: نحو المواط نة الشاملة في البلدان العربية