43 هلجا طويل الصوري * االحتالل الرقمي اإلسرائيلي لغز ة ** مع فك االرتباط عن قطاع غزة سنة 2005 مل تنه إرسائيل احتالهلا للقطاع لكنها جعلته احتالال تقني

النسخ

1 43 هلجا طويل الصوري * االحتالل الرقمي اإلسرائيلي لغز ة ** مع فك االرتباط عن قطاع غزة سنة 2005 مل تنه إرسائيل احتالهلا للقطاع لكنها جعلته احتالال تقني ا يزعم أنه»من دون احتكاك«من خالل آليات تكنولوجيا متطورة. وقامت السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو ومتشي ا مع سياسات نيوليبالية بتحويل قطاع االتصاالت لرشكة قطاع خاص تدعى رشكة االتصاالت الفلسطينية. وعنى ذلك أن السيطرة عىل الفضاء الرقمي بقيت يف أيدي القطاع اخلاص وتعتمد عىل التنسيق مع دولة إرسائيل. تضاف هذه السيطرة إىل القيود اإلرسائيلية عىل االتصاالت اهلاتفية األرضية واهلواتف اخللوية والبنية التحتية لإلنرتنت لتنتج»االحتالل الرقمي«لغزة الذي يتمي ز بزيادة اخلصخصة وزيادة املراقبة والتحكم. وبينام يقوم االحتالل الرقمي بتعميق االعتامد االقتصادي الفلسطيني عىل إرسائيل وحتويل رشكات التكنولوجيا املتطورة الفلسطينية إىل وكالء معتمدين يعزز أيض ا االحتواء اإلرسائييل ألرايض قطاع غزة. سيساهم الرحيل من قطاع غز ة... يف تقليل االحتكاك مع السك ان الفلسطيني ني... وستخدم عملية فض االشتباك يف إزالة االد عاءات بشأن مسؤولية إرسائيل عن الفلسطيني ني يف قطاع غزة... وبالنتيجة لن يكون ثم ة أساس لالد عاء بأن قطاع غزة أرض حمتل ة ))). ثم ة حاجة إىل إنشاء حاجز ضد التسل ل الفلسطيني بحيث يتضم ن ج ر د ا أسمنتي ة وسلسلة طرق وأجهزة حس اسة ومناطق لدوريات احلراسة بحيث تؤم ن مجيعها لإلرسائيلي ني العمق التكتيكي الذي حيتاجون إليه ))). يطاول االحتالل اإلرسائييل... األرض والسامء عرب احتالل الرتد دات الفلسطينية والسيطرة عليها وضع العقبات أمام تطوير القطاع ]التقني ] وتنميته وحرمان شعبنا من االتصال املبارش بتقني ات التواصل عن ب عد وتكنولوجيا املعلومات ))). * أستاذة مشاركة يف دائرة اإلعالم والثقافة واالتصاالت يف جامعة نيويورك. ** ترمجة يزن احلاج. وهذا املقال مطو ر عن نسخة ظهرت يف:.(2012 Journal of Palestine Studies, vol.,41 no. 2 (Winter وقامت الكاتبة بتحديثه. 1 Israel, Ministry of Foreign Affairs, The Disengagement Plan-General Outline, (18 April 2004), pp. 1-2, emphasis added, on the Web: < 2 Dore Gold, Defensible Borders for Israel, (2003), emphasis added, on the Web: < god07.html> (Accessed 8 April 2010). 3 Mahmoud Abbas, in: World Summit on the Information Society, Tunis, 7 November 2005, Author s Translation.

2 العدد 2 / 7 شتاء احتالل بأي اسم آخر مل يعن االنسحاب اإلرسائييل من قطاع غزة يف آب/أغسطس 2005 هناية االحتالل اإلرسائييل. ال شك أنه استلزم إزالة املستوط نات واملستوطنني. وهو يعني من وجهة نظر الدولة اإلرسائيلية تقليل التواصل املبارش مع املدني ني الفلسطيني ني والتقليل من السلطة العسكرية املوجودة عىل األرض ))). ويعود بعض الفضل يف إمكان قيام هذه»السيطرة من دون احتكاك«كام دعتها وزارة اخلارجية اإلرسائيلية إىل تسييج غزة تسييجا قاسيا وحتويل القطاع الضي ق إىل»معزل حمتل من اجلو» ))) وإىل سجن مفتوح وحقل جتارب ألحدث التقني ات العسكرية ))). لطاملا قارب املسؤولون اإلرسائيلي ون غزة وتعاملوا معها عىل أهنا طفييل : نوع من اخلطر واملجازفة ويشء ينبغي إغالقه ومن ثم اجتثاثه )كام يتمن ون (. وغز ة كام قال رئيس األركان اإلرسائييل موشيه يعالون سنة 2002 هي»رسطان ]...[ يشك ل هتديد ا وجودي ا... ]وهو ما[ يستلزم تطبيق ]...[ العالج الكيمياوي«. ويعالون ليس أول وال آخر من يشري إىل غزة عىل هذا النحو فاملسؤولون العسكريون والسياسيون واملواطنون اإلرسائيليون يتحدثون عن غزة بوصفها هتديد ا وجودي ا وهتديدا إرهابيا وهتديد ا مسلام وهتديدا إسالمي ا وهتديد ا صاروخي ا وفتيل انفجار وما إىل ذلك. غزة تعني التهديد نقطة عىل السطر. ولذلك فإن غزة هي مكان ينبغي تطويقه وعزله رسطان جيب أن يبقى م هم ش ا وعىل جنب وخارج حدود إرسائيل ما دام موجود ا ))). وبالنتيجة فإن عزل هذا الطفييل والسيطرة عليه يتطل بان من اجلهاز العسكري اإلرسائييل الدخول إىل أمكنة ليست له والتحرك ضمنها وهتديد البنى املوجودة وإقامة بنى جديدة واستغالل املوارد الغزاوي ة وأحيان ا قتل الغزاوي ني. واحلقيقة إن»هتديد غزة«مركزي يف اخلطاب واملامرسة اللذين يرب ران توسيع نظام املراقبة اإلرسائييل الذي يعتمد بحد ذاته عىل اعتبار غزة حقل جتارب عسكري ا يف الباحة اخللفي ة إلرسائيل. وكام ترى نعومي كالين فإن األرايض الفلسطينية اآلن هي»خمتربات جت ر ب فيها ميداني ا األدوات الراعبة التي تستخدمها دولنا األمني ة. وما عاد الفلسطينيون ]...[ جمر د أهداف بل باتوا خنازير غينيا«))). لقد بات ممكنا تبني التوت رات النامجة عن االحتالل املديد والسيطرة من دون احتكاك والعزل من خالل حتليل االحتالل التقني املتزايد لغزة. عالوة عىل ذلك فإن تقني ات السيطرة واملراقبة هذه جتعل احلدود املكانية واملناطقية بني غزة وإرسائيل إشكالية وت لقي الضوء عىل التسييس القائم يف قلب العمليات التقنية. 4 Israel, Ministry of Foreign Affairs, The Disengagement Plan-General Outline, p Sari Hanafi, Spacio-cide: Colonial Politics, Invisibility and Rezoning in Palestinian Territory, Contemporary Arab Affairs, vol. 2, no. 1 (January March 2009), p مت ت حمارصة القطاع بوسائل عديدة ومتزايدة منذ اخلمسيني ات. عىل سبيل املثال أ نشئ الس ياج حول القطاع واإلغالق ونظام العبور خالل االنتفاضة األوىل أول مر ة. وبعد أوسلو عمدت إرسائيل إىل تكثيف السيطرة املكانية من خالل احلواجز وسياسات أكثر رصامة عىل احلركة داخل غزة وخارجها. وعىل املرء أن يضع بعني االعتبار كذلك أدوار اآلخرين مثل إغالق نظام مبارك معرب رفح وبنائه جدار ا غائر ا مسافة حتت األرض وانقياد احلكومات الغربية للسامح بشكل أكرب إلرسائيل بفعل ما تريد يف غزة عدا عن الت هميش السيايس الذي تفرضه السلطة الفلسطينية عىل محاس وغزة. ٧ لتفسري مماثل انظر: Sover- Glenn Bowman, Israel s Wall and the Logic of Encystation: Sovereign Exception or Wild eignty?, in: Bruce Kapferer and Bjørn Enge Bertelsen, eds., Crisis of the State: War and Social Upheaval (New York: Berghahn Books, 2012), pp أتفق مع مصطلحات باومان يف أهنا حتف ز احلصار السيايس احليوي للفلسطيني ني لكنني أستخدم مصطلح»التسييج«بسبب داللته االقتصادية عدا عن استخدامه األحدث يف األبحاث التي تتعامل مع»التسييج الرقمي» )انظر اهلوامش أرقام و 36 من هذه املقالة(. 8 Naomi Klein, Laboratory for a Fortressed World, Nation, 2/7/2007, on the Web: < laboratory-fortressed-world#>.

3 45 )2( العربي الوطن في المراقبة أنظمة ممارسة المحور: ة لغز الرقمي إسرائيل احتالل قلب من انطالق ا ومتداخلة: عة متنو جغرافية بدرجات غزة اإلرسائيلية والسيطرة املراقبة تقني ات ق تطو أم القدس يف املت خذة الكنيست قرارات من أم أبيب تل يف املتمركزة القيادة مراكز من أكان إرسائيل مثل غزة حول الفضاءات من وانطالقا ))) 232 الطريق عىل واملطل ة مدني ني من لة املشك املراقبة تالل من اهلدنة خط خارج غزة حميط كامل من وانطالقا العازلة املناطق طول وعىل البحري واملجال اجلوي املجال االرتباط. فك من الرغم عىل غزة داخل من انطالقا وكذلك وداخله )1949( ضمن ومن داخلها. ويف العازلةاملنطقة أو املحيط طول عىل والسيطرة للمراقبة عديدة تقنيات م ت ستخد واجلو والبحر األرض من وفوقها غزة حول واملراقبة للسيطرة متزايد بشكل م ت ستخد هنائية غري تبدو قائمة بأشعة تعمل رصد وآالت صويت وتصوير مغلقة تلفزيونية بدارة وكامريات طي ار دون من طائرات ثمة وروبوتات منظورة غري إشعاعات أو سوداء وأضواء ب عد عن فيها م التحك يتم وقوارب وبلدوزرات غاما 360 تبلغ تغطية بقدرة مراقبة ومناطيد الليلية للرؤية إلكرتونية رؤية وأنظمة بة ر ه مك وأسوار آلية صغرية عسكرية رشكة أكرب من فرع 2009 سنة يف أنشأه الذي ر ور ص - د شاه نظام إن. )1)) ارجتاج اسات وحس درجة مراكز يف لني املشغ ن يمك مة املتقد الدفاع ألنظمة رافائيل رشكة هي إرسائيل يف اجلوي املجال يف وجتارية الغزاوي ني ملراقبة ب عد عن التحكم بتقني ة تعمل وأسلحة كامريات استخدام من أبيب بتل ضاحية يف القيادة. )1)) عليهم النار وإطالق القطاع حميط داخل االتساع الدائمة العازلة املنطقة إىل الدخول يف خياطرون الذين اإلرسائييل االحتالل آليات ل حتو سياق يف وضعه عرب هي االرتباطفك معنى لفهم الطرق إحدى إن ا إذ»عملي ة يف والرشوع األوىل االنتفاضة مع بدأت عمليات وهي التكنولوجيا«عىل»املعتمدة السيطرة باجتاه. كامال ) 1 )) عزال غزة عزل باجتاه حتول عىل عالمة ذاهتام بحد كانا اللذين السالم«إن إذ السيايس إرسائيل اقتصاد من أ يتجز ال ا جزء االنتقال هذا اعتبار نفسها بالدرجة املهم ومن الكربى الت بالتحو البالد وتأث ر اإلرسائيلية الرفيعة التكنولوجيا صناعة ذروة شهدت التسعينيات احلادي القرن وبداية التسعينيات أواخر يف )1)) dot com ال اهنيار إن القول يمكن. )1)) االقتصادية للعوملة عىل العاملية 9/11 حرب بعد ما مرحلة لكن االقتصادية الناحية من إرسائيل عىل كارثي ا كان والعرشين إىل الصناعة هذه تركيز معظم نقل عرب اإلرسائيلية الرفيعة التكنولوجيا لصناعة ا ازدهار لت شك اإلرهاب 9 Peter Lagerquist, Shooting Gaza: Photographers, Photographs, and the Unbearable Lightness of War, Journal of Palestine Studies, vol. 38, no. 3 (Spring 2009), pp The Israeli Arsenal Deployed against Gaza during Op- انظر: عليها والسيطرة املستوى الرفيعة التكنولوجيا مراقبة آلي ات عن 1٠ eration Cast Lead, Journal of Palestine Studies, vol. 38, no. 3 (Spring 2009), pp ; Yaakov Katz, IDF Unveils Upgrades to Gaza Fence, Jerusalem Post, 3/3/2010, on the Web: and Israel, Ministry of Foreign Affairs, Agreed Documents on Movement and Access from and to Gaza, (15 November.>2005), on the Web: < IDF Deploys Sentry Tech on Gaza Border, Jane s Defence Weekly (6 June 2007). : مثال انظر 11 Neve Gordon, Israel s Occupation (Berkeley: University of California Press, 2008), and Adi Ophir, Michal انظر: 12 Givoni and Sari Hanafi, eds., The Power of Inclusive Exclusion: Anatomy of Israeli Rule in the Occupied Palestinian Territories (New York: Zone Books, 2009). اهلواتف كمراقبة ا أيض إرسائيل داخل والسيطرة املراقبة بآليات مرتبطة التكنولوجية رات التطو أن ندرك أن ذاهتا بالدرجة املهم من وعن إلخ.... الرقمي ة البيانات وقواعد البيولوجية اهلوي ة حتديد وبرامج ت والتنص املواطنني اتصال معلومات واستعادة واإلنرتنت Andrew Stevens, Surveillance Policies, Practices and Technologies in Israel and the Occupied انظر: األخرية القضايا هذه Palestinian Territories: Assessing the Security State, (Working Paper; iv, New Transparency, November 2011), on the Web: < 13 Jonathan Nitzan and Shimshon Bichler, The Global Political Economy of Israel (London; Sterling, Va.: Pluto Press, 2002). خسارهتا أو اإلنرتنت عىل األعامل رشكات مئات فشل مع األسهم أسعار فجأة فيها انخفضت التي الفرتة هي The dot com crash 14 أسهمها. قيمة معظم

4 العدد 2 / 7 شتاء تقني ات األمن واملراقبة والدفاع العسكري. ورسعان ما أصبحت إرسائيل خبري ا بارز ا ومصد ر ا ملنتجات األمن واملراقبة وخدماهتام التي كانت مجيعها قد اخت ربت»ميداني ا«)أي عىل الفلسطيني ني( وبذلك تم تسويقها كوسيلة فع الة يف حماربة اإلرهاب وتأمني احلدود واالنخراط يف حرب املدن عالوة عىل أمن اإلنرتنت )1)). ومع الربوز املتنامي خلطاب»تأمني احلدود«وممارسة هذا التأمني يف السياق السيايس ملرحلة ما بعد 9/11 أصبحت مجيع أشكال»السيطرة من دون احتكاك«مفيدة إلرسائيل مالي ا. ويف حني يشري نمو صناعة املراقبة العسكرية اإلرسائيلية إىل تطو رات تكنولوجية فإن األمر األكثر أمهية هو إشارته إىل وجود تقنيات جديدة يف أنظمة املراقبة وأنواع جديدة من القوانني االجتامعية وإنتاج أنامط جديدة من احلدود وفضاءات السيطرة. كانت عملية الرصاص املسكوب بني كانون األول/ ديسمرب 2008 وكانون الثاين/ يناير 2009 عرض ا مرو ع ا للقوة احلركية واجلوية اإلرسائيلية التي جتىل من خالهلا االحتالل حول غزة وداخلها. ويف الثواين ال 220 األوىل من اليوم األول فحسب قامت أربع وستون طائرة بتدمري أكثر من مخسني»هدف ا«داخل قطاع غزة. وخالل األيام االثنني والعرشين من العملية التي كانت قد بدأت يف منتصف يوم 27 كانون األول/ ديسمرب 2008 د م رت مساحات من قطاع غزة وق تل ما يقرب من 1400 غز اوي ورش د مئات اآلالف. وكان أثر الدمار يف البنية التحتية هائال إذ ق صفت طرق وجسور ومساجد ومدارس ومنازل ومصادر الكهرباء واالتصاالت وس و يت باألرض. كان جل احلرب عىل غزة مستند ا إىل اجلو والتكنولوجيا الرفيعة مع اعتامد القوات اإلرسائيلية عىل شبكة من الطائرات من دون طيار ومقاتالت ف - 16 وطائرات هليكوبرت وأسلحة موج هة بالليزر. وتبد ت القوة اجلوية اإلرسائيلية يف إلقاء ماليني املنشورات وتشويش اإلشارات اخلليوية واعرتاض إشارات البث التلفزيوين واإلذاعي كي تذيع عليها دعايتها هي وإرسال»حتذيرات«عرب اهلواتف والرسائل النصي ة )1)). وكان دمج العنارص اجلوية والرقمية )بخاصة طائرات املراقبة وكامرياهتا واملشو شات الصوتي ة وبرجمي ات التشفري و»املنشورات اإللكرتونية«وتشويش البث واستخدام شبكات االت صال إلرسال الرسائل النصي ة والربيد الصويت( متثيال لشكل»جديد«من احلرب أصبحت فيها مناطق الرصاع رهن السيطرة عىل االتصاالت الرقمية. كام مث ل ذلك كل ه رضب ا من حمو احلدود بني الفعل العسكري فوق األرض املحارصة وحوهلا وداخلها حينام تعمد مجيعها إىل»اجتياح«قطاع غزة افرتاضي ا و/أو مادي ا. لقد أرسلت القوات اإلرسائيلية أكثر من عرشة آالف جندي يف بداية محلة بر ية عنيفة يوم 3 كانون الثاين/ يناير 2009 وذلك للسيطرة عىل»املناطق املفتوحة«وتطويق البلدات وخميامت الالجئني. وع م ل القصف اجلوي الذي سبق الغزو الربي غطاء ناري ا أزال األهداف املنتقاة بشكل مسبق. وترافق حتر ك القوات الربية كذلك بجدار ناري من القصف الذي»فتح«طريق اجلنود عالوة عىل حس اسات 15 Gordon, Israel s Occupation. 16 تم إلقاء املنشورات األوىل يف 27 كانون األول/ ديسمرب 2009 فوق قطاع غزة بأكمله طالبة من املواطنني إبالغ اجليش اإلرسائييل عن أماكن منصات إطالق الصواريخ وأعضاء محاس. ويف اليوم ذاته قام اجليش باعرتاض بث قناة األقىص التلفزيونية التابعة حلامس وبث صورة هاتف يرن دونام إجابة متبوعة برسالة بأن قادة محاس خمتبئون. ويف 28 كانون األول/ديسمرب أ لقي 30 ألف منشور آخر فوق القطاع. ومع اعرتاض آخر إلشارات البث التلفزيوين الفلسطينية قام اجليش ببث مقطع أنيميشن لسبعة قادة من محاس برصاصة يف رأس كل منهم متكو مني بعضهم فوق بعضهم مع حتذير بأن»الوقت ينفد«. وتم إرسال رسائل مماثلة إىل إذاعة األقىص. ويف 29 كانون األول/ديسمرب ازداد عدد حاالت اعرتاض البث اإلذاعي من قبل القوات اإلرسائيلية إىل كل ساعة. وقد استمرت هذه املامرسات خالل احلرب. وبدأت االتصاالت والرسائل النصي ة التي هتدد الغزاوي ني بعمليات قصف يف 2 كانون الثاين/ يناير 2009.

5 47 المحور: ممارسة أنظمة المراقبة في الوطن العربي )2( احتالل إسرائيل الرقمي لغز ة حركة وروبوتات صغرية جمه زة بقدرات مراقبة وتصوير. وقامت إرسائيل بالتشويش عىل االتصاالت الفلسطيني ة: شل قدرة املقاتلني واملدني ني عىل نقل معلومات بشأن حركة القوات اإلرسائيلية ومنع الفلسطيني ني من التواصل مع العامل اخلارجي حتت ذريعة اعرتاض إشارات اإلرسال التابعة حلامس التي تشغ ل أجهزة التفجري املرجت لة. باختصار ت ظهر هذه األمثلة مع ا ما لدى إرسائيل من جمموعة متكاملة من اإلجراءات»األمني ة«املصم مة و/ أو املستخد مة بشكل ممنه ج لغايات حمد دة: منع التسل ل أو النفاذ التعق ب واملراقبة االعرتاض والقتل وما إىل ذلك. ومع ذلك فإن ابتكار إرسائيل تقني ات املراقبة والتحكم وتوظيفها ليسا مقترص ي ن عىل العمليات العسكرية أو»احلدود الذكي ة«حول غزة. أوال»إن تقني ات اجليش والرشطة التي طو رهتا إرسائيل ووظ فتها تنطوي عىل منطق االستعامر والفصل العنرصي واالحتالل الذي يوج ه تطو رها«)1)). وعىل مدى عقود كانت املراقبة املكانية مع آلي ات السيطرة عىل السك ان بام فيها تلك التي ي فرت ض أهنا محيدة مثل اإلحصاءات الرسمية والتعدادات الوطنية جوانب أساسية من ممارسة املراقبة اإلرسائيلية يف مواجهة الفلسطيني ني. ويرى إيليا زريق أن البناء االجتامعي للفضاءات الفلسطينية وتصنيف الفلسطيني ني متواصالن )1)). وهذا يشري إىل تاريخ مديد ال يقترص عىل اإلرسائيلي ني فحسب من ح كم السكان اخلاضعني بأنواع خمتلفة من األنظمة التي يغدو من خالهلا تفاعل املسيط ر/املستعم ر واملسيط ر عليه/املستعم ر متوس ط ا وجمر د ا ويبتعد معظم العنف )عنف الدولة( عن إنزال األذى اجلسدي املبارش ليتجه صوب نوع من القوة اخلفي ة و/أو»املكبوحة«- أي»من دون احتكاك«)1)). ثاني ا إن جمموعة تقني ات السيطرة واملراقبة )والعنف احلركي يف أغلب األحيان( التي تعمل داخل قطاع غزة أنظمة التحقق من اهلوية البطاقات الشخصية البيولوجية قواعد البيانات الرقمية االغتياالت السياسية األنظمة اخلاصة بالعمالء واملتعاونني وغريها من التقنيات املنخفضة التقني ة أو رفيعتها إنام تضفي طابع ا إشكالي ا عىل الصعوبة والنفاق اللذين يكتنفان حتديد بداية أو هناية غزة/إرسائيل. كام تشري بوضوح إىل أن آليات السيطرة واملراقبة ال تكون موجودة خالل حلظات العنف فحسب بل كذلك يف أعامل تعطيل احلياة اليومية. االحتالل الرقمي عبر االتصاالت إن نظام االتصاالت داخل قطاع غزة هو من تقنيات السيطرة التي تشك ل حتديد الفضاءات واحلدود اإلرسائيلية/الغز اوية هذا التحديد الذي هو جزء من احلياة اليومي ة يف غزة كام يعمل نظام االتصاالت هذا كآلي ة مراقبة وسيطرة وغري ذلك. وأنظمة االتصاالت )اخلطوط األرضية اهلواتف اخلليوية واإلنرتنت( هي من جهة أوىل أنظمة بنية حتتي ة واتصال تعمل داخل قطاع غزة وتسمح للغزاوي ني بالتواصل بعضهم مع بعض ومع العامل خارج 17 Jimmy Johnson, Fragments of the Pacification Industry: Exporting the tools of inequality management from Israel/ Palestine, (Alternative Information Center, Jerusalem, February 2011). 18 Elia Zureik, Constructing Palestine through Surveillance Practices, British Journal of Middle Eastern Studies, vol. 28, no. 2 (2001), pp وهبذا فإن ثمة إشكاال يف القول إن أي تكنولوجيا محيدة يف اجلوهر إذ إن االستخدامات املطروحة هي التي تتحدث عن سياستها فعىل سبيل املثال حتى بطاقات املعطيات البيولوجية املثرية للجدل يف مجيع أنحاء العامل تأخذ مظهر ا أكثر لؤم ا يف احتالل إرسائيل للفلسطيني ني إذ إن هذه البطاقات حتمل مالمح الوجه رسم الكف التصنيف الديني واإلثني عدا عن املعلومات الشخصية واألمنية املتعلقة بالشخص.

6 العدد 2 / 7 شتاء أسوارهم وهي مظهر مهم من مظاهر التطو ر واالزدهار االقتصادي الفلسطيني. وهي من جهة أخرى إحدى وسائل استمرار االحتالل اإلرسائييل بأشكال دينامي ة ومتغري ة بوصفه فضاء سيطرة ومراقبة وبوصفه فضاء يطو ق قطاع غزة. وتبني أنظمة االتصاالت السبل التي ال تكون فيها قوة التكنولوجيا الرفيعة اإلرسائيلية جمر د وسائل لتطوير تقني ات أسلحة احلرب بل وجهات وتقني ات وأجهزة وأنظمة قوة متغري ة تتزايد تقني تها باطراد وتعمل عىل تشكيل الفلسطيني ني كرعايا حمارص ين. ومن خالل الرتكيز عىل أنظمة االتصاالت سأ بني كيف جتس د االحتالل اإلرسائييل يف حلظة ما بعد االنتفاضة وتقو ى وصار»ت ق ن يا «كام سأ بني بشكل معاكس السبل التي جتىل فيها تسييس التكنولوجيا. تعتمد عملي ة التسييج عىل التوازن بني رضوب اإلتاحة ورضوب التقييد التي حتددها وتلغي حتديدها مصالح»األمن«اإلرسائيلية )2)). وعىل سبيل املثال فإن هناك شبكة اتصال هاتفي لكن مجيع االتصاالت األرضية بني مدينة غزة وخان يونس مثال متر عرب إرسائيل. والدخول إىل اإلنرتنت مسموح به لكن حركة البيانات مجيعها متر بمفاتيح حتك م متوض عة خارج قطاع غزة. واالتصال اخلليوي مسموح به وينبغي أيض ا أن يمر بخط الشبكة اإلرسائييل الرئيس لكن تطو رات التقني ات اخلليوية ليس مسموح ا هبا مثل اتصاالت اجليل الثالث 3G والدخول إىل التقنيات الرقمية للبنوك مثل PayPal وخدمات حتديد املوقع GPS ورسم اخلرائط. وكام هي احلال بالنسبة إىل كثري من األمور يف قطاع غزة فإن البنية التحتية لالتصاالت مقي دة بالسياسات اإلرسائيلية التي تعمد إىل املراقبة والسيطرة والت قييد واالحتواء )وكذلك الربح من( السبل التي تفعل فعلها»من دون احتكاك«. إن الغز اوي ني يعيشون يف ظل نظام من االحتالل الرقمي. تلقي عبارة»االحتالل الرقمي«الضوء عىل عملية ديناميكية فهي تشري أوال إىل أن السيطرة اإلرسائيلية عىل أرض غزة متواصلة لكنها تشتمل أيض ا وباطراد عىل جمال التكنولوجيا الرفيعة. وي فصح االحتالل الرقمي ثاني ا عن السبل التي تتضافر هبا جهود الرشكات الفلسطينية واملتعد دة اجلنسيات والسلطة الفلسطينية واملنظامت غري احلكومية الدولية والشبكات الرأساملية الدولية كي تدفع تطو ر قطاع االتصاالت وفق ا ألجندة اقتصادية نيوليربالية. أم ا ثالث ا فإن الغز اوي ني أنفسهم»حيتل ون«فضاءات رقمية وإن كان ذلك ضمن تقييدات أو بشكل غري قانوين أحيان ا: فهم يتواصلون مع األصدقاء والعائلة يبلغون عن االنتهاكات ويكرسون احلصار املادي بوسائل افرتاضية. وهذا رضب من الديالكتيك اجلاري. وسوف أكتفي يف ما يأيت بالرتكيز عىل بنية االحتالل الرقمي وكيف يول د شكال من التسييج املكاين والتكنولوجي. تسييج غزة تساهم شبكات االتصال يف تواصل الناس لكنها كذلك متتلك أشكاهلا اخلاصة من السيطرة 20 يف بعض احلاالت ت عطى تفسريات تقع خارج نطاق»األمن«. فعىل سبيل املثال يقول املتحدث باسم وزارة االتصاالت اإلرسائيلية حييئيل شايب إن الرتددات»مل تتحدد لالستخدام بعد من طرف اجلانب الفلسطيني بسبب عدم توافر ترددات جيل ثالث 3G حالي ا«. غري أن مثل هذه العبارة غري معقولة باملعنى التقني ألن نطاق شبكة اجليل الثالث يمكن أن يدعم املزو دين الفلسطيني ني بشكل كاف دع عنك حقيقة أن املزو دين اإلرسائيلي ني كوفئوا برتددات من هذا النوع حتى بعد أن تم إخبار الفلسطيني ني بعدم توافر ترددات. انظر: Christa Case Bryant, What s the Frequency?: For Palestinians, not 3G, Christian Science Monitor, 25/7/2013, on the Web: < (Accessed 24 September 2013).

7 49 المحور: ممارسة أنظمة المراقبة في الوطن العربي )2( احتالل إسرائيل الرقمي لغز ة و»احلواجز«والعق د التي تعمل عىل تقييد مثل هذه التدف قات وكبحها )2)). وغزة حمارص ة ب»ج د ر«أسمنتية وفائقة التكنولوجيا عرب جمموعة معق دة من رضوب اإلدناء واإلقصاء التي تعمل عرب تشكيلة من املامرسات التي جتعل من غزة معزال مادي ا ورقمي ا. وثمة سبيل نافع ملقاربة غزة وتقييم نتائج احتالهلا الرقمي من خالل مفهوم»التسييج«(enclosure) املشتق من فروع االقتصاد والتاريخ واجلغرافيا ودراسات اإلعالم الرقمي.»التسييج«عملية حمد دة تارخيي ا وجغرافي ا واقتصادي ا تطو رت كجزء من الثورة الصناعية يف بريطانيا العظمى يف القرن الثامن عرش حني ساهم بشكل فع ال يف حتو ل االقتصاد االجتامعي لفضاء منطقة معي نة وديموغرافيتها وثقافتها. لقد فرضت مجاعات مهيمنة سيطرهتا عىل تلك املنطقة عرب القانون والعامرة يف آن إذ أعاد العنرص القانوين تعريف حقوق املل كية وف ر ض عرب إعادة تأسيس أنظمة املل كية واالستخدام والتوزيع بنى للسيادة واهليمنة خمتلفة. أم ا العنرص املعامري فأعاد صوغ معامل األرض من خالل بناء األسيجة واجل د ر واألسوار والبوابات. ونتجت من هذا التضافر بني التعبري القانوين والتعبري املعامري فضاءات جديدة»مسي جة«فرضت نظام ا خمتلف ا من التوزيع والتدف ق والعبور. وحتو لت أجزاء من احلياة االجتامعية واالقتصادية التي كانت مشاعي ة غري خاضعة للتسليع وخارج نطاق السيطرة واملراقبة بشكل كبري إىل مل كيات خاصة وخاضعة للمراقبة يف ظل نظام مل كية جديدة يقي د التنق ل احلر )أي املستقل وغري املدفوع لقاءه(. ويمكن مالحظة هذا النموذج يف غزة حيث يمث ل اتفاق أوسلو العنرص القانوين يف حني تشك ل اآللي ات املكاني ة التي حتارص غزة )ج د ر حواجز أبراج مراقبة الرتاخيص وبطاقات اهلوي ة والطائرات من دون طيار... إلخ( وهي أمثلة صارخة لتسييج األرض )2)) العنرص املعامري. إضافة إىل هذا أظهرت حتليالت جغرافي ني مثل هنري لوفيفر وديفيد هاريف ومنظ رين ثقافي ني من مدرسة فرانكفورت كيف أن انتشار الرأساملية النيوليربالية وما ارتبط به من نزع احليازة هو دينامية موجودة يف كل مكان من دوائر رأس املال ت نتج تطو ر ا مكاني ا واقتصادي ا غري متكافئ. وينبغي فهم تسييج غزة أيض ا عىل أنه نتاج نوع خاص من الفضاء االقتصادي ذلك أن املشهد االقتصادي يف غزة ليس متطو ر ا بشكل غري متكافئ فحسب بل متخل ف كلي ا: غارق يف الفقر وحمارص من ق بل إرسائيل ومعتمد بشكل كامل تقريب ا عىل املساعدة اخلارجية )يف ما عدا اقتصاد األنفاق( )2)). وعملي ة التسييج رشهة يف اندفاعها نحو الشمول الكيل : إذ ينقش منطقها رضوب الفضاءات مجيع ا ويتمل كها ضمنه. وقد وس ع عدد من الباحثني مفهوم التسييج إىل حتليالت جيوسياسية واقتصادية بعيد ا عن بريطانيا الثورة الصناعية بام فيها حتليالت شبكات املعلومات. عىل سبيل املثال يرى دان شيلر أن 21 انظر: Press, Alexander R. Galloway, Protocol: How Control Exists after Decentralization (Cambridge, Mass.: MIT 2004), and Ronald J. Deibert, The Geopolitics of Internet Control: Censorship, Sovereignty and Cyberspace, in: Andrew Chadwick and Philip N. Howard, eds., Routledge Handbook of Internet Politics (London; New York: Routledge, 2009), pp يف هذه احلالة إن اخليوط بني مصالح الدولة واملصالح الشخصي ة يف األرايض التي اغتصبها الصهيونيون -املتجذ رة يف بنية معقدة من القوانني العسكرة واالستيطان كانت وال تزال متداخلة بقوة عىل الرغم من أن العملية تقودها أجهزة الدولة. إن التسييج عملية»لو- تك«)منخفضة التقنية( كذلك. انظر: Mirror, Gary Fields, Landscaping Palestine: Reflections of Enclosure in a Historical International Journal of Middle East Studies, no. 42 (2010), pp , and Helga Tawil-Souri, Colored Identity: The Politics and Materiality of ID Cards in Palestine/Israel, Social Text, no. 107 (Summer 2011), pp إن حديث سارة روي عن ختل ف غزة مالئم لوضع اليوم كام كان كذلك منذ عرشين عام ا انظر: Strip: Sara Roy: The Gaza A Case of Economic De-Development, Journal of Palestine Studies, vol. 17, no. 1 (Autumn 1987), pp ; and De-development Revisited: Palestinian Economy and Society since Oslo, Journal of Palestine Studies, vol. 28, no. 3 (Spring 1999), pp

8 العدد 2 / 7 شتاء ما بدأ كشبكات اتصال قابلة ألن تصبح»مشرتكة«وعمومية أصبحت بدال من ذلك حوايف بارزة يف الرأساملية العابرة للقوميات )2)). لقد غدا اهلاتف وشبكة اإلنرتنت يف معظم بقاع العامل مل كية خاصة و»فضاءين«جتاريني بشكل كبري وذلك بفضل القرارات القانونية والسياسية واالقتصادية واالجتامعية التي صري هتا عىل هذا النحو. وتقتفي عملية»التسييج الرقمي» أثر العالقة بني عملية مادية مكانية بناء بيئات مشب كة تفاعلية من جهة واملصادرة اخلاصة ملعلومات مل تكن خاضعة للمل كية يف السابق )2)). وقد كانت نتيجة هذا األمر إنشاء نظام قانوين تقييدي بشكل متزايد يعزز حقوق املل كية ويوس عها باجتاه نطاق متنام من املعلومات واملامرسات. وبذلك يكون التسييج الرقمي عملية مزدوجة: إذ خت صخص الشبكة و/أو الوصول إىل الشبكة وتغدو املعطيات املنت جة عىل الشبكات العالية التقني ة مل كية ملشغ يل الشبكة وأصحاهبا. االحتالل الرقمي هو تلك العملية املتعددة الوجوه التي جتمع دينامي ات األرض اإلقليمية واالقتصادية إىل رضوب التسييج الرقمية )فضال عن تقييدات أخرى(. وما نشهده يف غزة هو خصخصة الشبكات وتدف ق املعلومات: ثمة رشكة كربى هي»بالت ل«(Paltel) تدير البنية التحتية لالتصاالت وبناها هي نفسها يف حني أن رشوط الوصول إىل الشبكة حمكومة بالضوابط القانونية واالقتصادية التي فرضتها السلطة الفلسطينية وتابعتها محاس )2)). أم ا عرض النطاق ومكان موج هات )راوترات( اإلنرتنت أو مقاسم اهلاتف وعددها وقو هتا ونطاق اإلشارات اخلليوية واملعدات املستخد مة والقرارات التي حتدد التقنيات اجلديدة املسموح هبا وغري املسموح هبا فجميعها مقي دة بقيود إرسائيلية. تبني إرسائيل فعلي ا كال من فضاءات التدف قات )العالية التقني ة( وفضاءات السيطرة هبدف حصار الغزاوي ني ووضع حدود هلم ومراقبتهم بطرق»من دون احتكاك«. واالحتالل الرقمي هو بالرضورة ممارسة شاملة تنتج أحياز اإلدناء واإلقصاء التي تفعل فعلها عرب منطق إعادة البناء النيوليربالية واألطر القانونية والعنف العسكري وأساليب االحتيال واالستغالل بدرجاهتا املختلفة. التبعي ة المعزولة يتجىل االحتالل الرقمي عىل ص ع د متعددة. وسوف أحل ل يف ما سيأيت القرارات االقتصادية والقانونية التي اختذهتا السلطة الفلسطينية ومن ثم القرارات القانونية واملعامرية التي اختذهتا إرسائيل )2)). لطاملا كانت العالقة التكنولوجية اإلرسائيلي ة - الفلسطيني ة كعالقتهام السياسية واالقتصادية عالقة سيطرة وقيود إرسائيلية وتبعي ة فلسطينية. منذ البداية حتك مت إرسائيل يف أنظمة االتصاالت يف املناطق املحتل ة واحتفظت هبا وفرضت عليها قيودا قانونية وعسكرية. ولقد ساهم العمل املحدود الذي أ جري عىل قطاع االتصاالت يف املناطق الفلسطينية يف ج ع ل الشبكة خاضعة للبنية التحتية اإلرسائيلية. عىل 24 Dan Schiller, Digital Capitalism: Networking the Global Market System (Cambridge, Mass.: MIT Press, 1999). 2( انظر: Con- James Boyle: The Second Enclosure Movement and the Construction of the Public Domain, Law and temporary Problems, vol. 66, no. 33 (Winter- spring 2003), and Fencing Off Ideas: Enclosure and the Disappearance of the Public Domain, Daedalus, vol. 131, no. 2 (Spring 2002), pp منذ سنة 2007 أسست محاس وزارة إعالم واتصاالت خاصة هبا يف غزة. ولكن محاس ورثت البنية التحتية لقطاع االتصاالت بالقيود نفسها املفروضة أصال عىل تطويرها أيام السلطة الفلسطينية ومل تغري مل كيتها أو سياساهتا االقتصادية أو القانونية. 27 يف املجال القانوين أعني السياسات التي تفرض قيودا عىل أنواع املعدات املسموح هبا وعىل نوع البنية التحتية بحسب اتفاق أوسلو غالب ا. وأعني بمفردة»معامري» املعدات املادي ة بحد ذاهتا إذ إن كل الشبكات متتلك عامرة برجمية وعتادية وقرارات مكاني ة كتلك التي حتدد أين سيتم السامح برتكيب املعدات.

9 51 المحور: ممارسة أنظمة المراقبة في الوطن العربي )2( احتالل إسرائيل الرقمي لغز ة سبيل املثال أ نشئت ع قد التحويل nodes( )switching اهلاتفية كلها خارج املناطق التي يمكن أن تؤول يف النهاية إىل سيطرة السلطة الفلسطينية وبذلك فإن املكاملات من دير البلح إىل رفح أو حتى داخل مدينة غزة متر عرب عسقالن. واحلكومة اإلرسائيلية )ثم مزو دة االتصاالت احلكومية»بتسيك«Bezeq بعد حترير االقتصاد سنة 1985( هي املسؤولة عن قطاع االتصاالت يف فلسطني- إرسائيل. وعىل الرغم من دفع الفلسطيني ني رضيبة الدخل والقيمة املضافة ورضائب أخرى للحكومة اإلرسائيلية فإن»بتسيك«)عرب وسائطها( ليست رسيعة وال فع الة يف تلبية املستخدمني الفلسطيني ني. وقبل أوسلو مل تتجاوز نسبة األرس الفلسطينية التي لدهيا خطوط هاتف ثابتة 2 يف املئة مقارنة بام يقارب 30 يف املئة من األرس اإلرسائيلية )2)). وعىل الصعيد اهلاتفي كان الفلسطيني ون حمارص ين ومقطوعني بشكل كبري عن الشبكة ويعيشون يف ظل نظام يقي د حتر كهم وص لتهم بالعامل اخلارجي. عكس اتفاق أوسلو 2 املوق ع يف أيلول/ سبتمرب 1995 كثري ا من هذه القيود. كان الفلسطينيون قد تلق وا وعد ا بخدمة اتصال مبارش حملي ا وعاملي ا يف اهلاتف واإلنرتنت. جاء يف نص أوسلو 2:»تعرتف إرسائيل بأن اجلانب الفلسطيني يملك احلق يف بناء وتشغيل أنظمة اتصاالت منفصلة ومستقلة وبنية حتتية بام يف ذلك شبكات االتصاالت وشبكة التلفزيون وشبكة اإلذاعة«)2)). وتابعت من ثم لوضع اشرتاطات يكون فيها نظام االتصاالت الفلسطيني»املستقل«مقي د ا ومطو ق ا عىل الشكل اآليت: سوف ي سمح للجانب الفلسطيني باسترياد واستخدام أي من أنواع اهلواتف وأجهزة الفاكس وأجهزة الرد ووسائل نقل املعلومات... وتقر إرسائيل وتدرك أنه هبدف بناء شبكة منفصلة فإن اجلانب الفلسطيني يملك احلق يف تبن ي معايريه اخلاصة واسترياد األجهزة التي تلب ي هذه املعايري... وسوف تستخدم األجهزة فقط عند تشغيل الشبكة الفلسطينية املستقلة )3)). النقطة املتعلقة بأن الشبكة لن تصبح مستقلة إال بعد أن يصبح النظام جاهز ا للتشغيل هي نقطة حاسمة ألن الشبكة الفلسطينية إىل اليوم ليست جاهزة للتشغيل بشكل مستقل بل هي مستمرة باالعتامد عىل الشبكة اإلرسائيلية. مل يكن هذا خطأ الفلسطيني ني فكام هي احلال بشأن البنى التحتية األخرى )اإلذاعة الرصف الصحي سجالت السك ان املياه املواصالت... إلخ( فإن الفلسطيني ني خاضعون للقيود اإلرسائيلية التي تعرتض»حقهم«يف إنشاء أنظمة منفصلة ومستقلة. وبام خيص قطاع االتصاالت تستمر إرسائيل يف حتديد حص ة الرتددات وأماكن إنشاء البنية التحتية ومعدات الرتكيب وسوى ذلك الكثري مم ا حيدد شكل هذا احلقل. تلك هي معضلة أوسلو: ثمة وعد بسيادة مستقبلية لكن التفصيالت املسهبة جتعل حتقيقها مستحيال. تابعت السلطة الفلسطينية عملها مع افرتاض أن القيود املفروضة يف أوسلو سوف ت رفع الحق ا. وبعد قيام إرسائيل بتسليم املسؤولي ة عن البنية التحتية سنة 1995 أقامت ما يشبه نظام اتصاالت»مستقال «. ولو تأملنا األجندة النيوليربالية للسلطة الفلسطينية ومانحيها األجانب لوجدنا أن اخليارات الوحيدة 28 Paltel, Annual Report, 2001, on the Web: < Israel, Central Bureau of Statistics, Israel in Statistics, , Statistilite; 93 (Jerusalem: The Central, 2009), on the Web: < www1.cbs.gov.il/reader>, and Israel, Ministry of Communications, Telecommunications in Israel 2008, on the Web: < 29 Israeli-Palestinian Interim Agreement on the West Bank and the Gaza Strip, Washington, D.C., September 28, 1995 (Jerusalem: Ministry of Foreign Affairs, Israel Information Center, [1995]), Annex III, Article Israeli-Palestinian Interim Agreement, Annex III, Article 36, D. 2, emphasis added.

10 العدد 2 / 7 شتاء املطروحة لقيام»دولة«ناجحة هي نمو القطاع اخلاص حترير االقتصاد واخلصخصة )3)) ولذلك عهدت السلطة الفلسطينية بمسؤولية االتصاالت إىل القطاع اخلاص. وكوفئت»بالت ل«)رشكة االتصاالت الفلسطينية( برخصة حرصي ة لعرش سنوات لتشغيل أنظمة اهلاتف الثابت وبعقد مدته عرشون سنة لتشغيل خدمات اهلاتف اجلو ال. ويف مقابل هذا االحتكار فإن عىل»بالت ل«أن تعطي السلطة الفلسطينية 7 يف املئة من عائدات أرباحها ملدة غري حمد دة. وقد أجازت الرخصة ل»بالتل«أن ت نشئ وتشغ ل ومتتلك خطوط ا أرضي ة وشبكة خليوي ة GSM )اتصاالت اهلاتف اجلو ال وفق النظام العاملي( ونقل البيانات باالتصال وخدمات تصف ح وهواتف للعموم. واملستثمرون الكبار يف»بالت ل«هم أشخاص ذوو نفوذ اقتصادي يف فلسطني. وكام هو عليه األمر يف معظم أنحاء العامل كان االستثامر يف مشاريع البنية التحتية الضخمة يف فلسطني وحتقيق األرباح منها مصدر انتفاع ألولئك املتمتعني أصال بقدرة اقتصادية كبرية )3)). وبحلول سنة 2010 بلغت القيمة السوقية ل»بالت ل«أكثر من نصف القيمة املتداولة يف سوق البورصة الفلسطينية وسامهت بأكثر من ثلث رضيبة دخل السلطة الفلسطينية ومث لت عائداهتا ما يقارب 10 يف املئة من الناتج املحيل اإلمجايل الفلسطيني. تدل خصخصة السلطة الفلسطينية لقطاع االتصاالت عىل تفو ق منطق السوق )3)). وقد كانت البنية التحتية لقطاع االتصاالت الفلسطيني ة»مسي جة«منذ البداية إذ كانت الشبكة مملوكة مل كية خاصة وكان عىل املستخدمني أن يتقب لوا كل أشكال النفاذ والرسوم واملراقبة التي تفرضها»بالت ل«. والسلطة الفلسطينية يف استمرارها بمنهجها يف بناء الدولة بشكل عام مل تتعامل مع البنية التحتية لقطاع االتصاالت عىل أهنا خري عام ومل تأخذ باحلسبان منافع النفاذ العاملي. وقد احت في ب»بالت ل«بوصفها إحدى أوىل املؤسسات الوطنية الفاعلة لكنها مل تكن»وطنية«إال رمزي ا إذ إن خدماهتا مل تكن متاحة إال ألولئك القادرين عىل دفع تكاليفها. وبذلك فإن عملية التسييج مل تكن مفروضة من إرسائيل فحسب بل كانت مفروضة أيض ا من دولتني ما دام جهاز الدولة التابع للسلطة الفلسطينية يامرس السياسات النيوليربالية يف تطوير البنية التحتية. مل تتحد هذه السياسات سيطرة إرسائيل املطلقة عىل االتصاالت. وعىل سبيل املثال فقد تواصل يف ظل»بالت ل«االعتامد عىل»بتسيك«يف معظم االتصاالت املحلية ويف كل االتصاالت الدولية. وكام الحظ الناطق باسم»بتسيك«روين ماندلباوم سنة 1996 فإن الفلسطيني ني»ال يتمت عون بأي عالئم السيادة... وعليهم االعتامد عىل البنية التحتية التي نوف رها هلم«)3)). ومل تتغري هذه احلال إىل اآلن. و»السيادة«الوحيدة التي حتص لت منذ أوسلو نتجت من حترير السوق اإلرسائيلية وهو ما أتاح ل»بالت ل«حري ة االنتقاء بني مزو دين إرسائيلي ني خمتلفني. ويف أواخر سنة 2009 وبعد صعوبات سياسية كبرية بدأ مزو د ثان خلدمة اهلاتف 31 جيد القارئ انتقادات للسياسات النيوليربالية التي تتبعها السلطة الفلسطينية يف: Samour, Raja.J Khalidi and Sobhi Neoliberalism as Liberation: The Statehood Program and the Remaking of the Palestinian National Movement, Journal of Palestine Studies, vol. 40, no. 2 (Winter 2011), pp. 6 25, and Adel Samara Globalization, the Palestinian Economy, and the Peace Process, Journal of Palestine Studies, vol. 29, no. 2 (Winter 2000). 32 انظر: 41, vol. Helga Tawil-Souri, Digital Occupation: Gaza s High-Tech Enclosure, Journal of Palestine Studies, no. 2 (Winter 2012). 33 منذ حلظة تسليمه كانت خصخصة قطاع االتصاالت الفلسطيني ة أمر ا م نج ز ا. كانت البنية التحتي ة قد س ل مت رسمي ا إىل»بالت ل«يف 1 كانون الثاين/يناير وبني أيلول/سبتمرب 1995 وكانون الثاين/يناير 1997 تعاقدت السلطة الفلسطيني ة مع الرشكة الكندي ة»نورتل«)Nortel( إلنشاء وصيانة شبكة االتصاالت. 34 مقتبس عن: Monitor, Ilene R. Prusher, Palestinians Sprint To Break Israeli Grip on Phone Lines, Christian Science 20/8/1996.

11 53 المحور: ممارسة أنظمة المراقبة في الوطن العربي )2( احتالل إسرائيل الرقمي لغز ة اخلليوي بالعمل هو وطني ة لكنه مل ينل حتى اليوم موافقة إرسائيل عىل إدخال اخلدمة إىل قطاع غزة. ويف فلسطني شأهنا شأن بقية العامل النامي خدمة اهلاتف اخلليوي أكثر انتشار ا من خدمة اهلاتف األريض ألهن ا أرخص وأسهل تركيب ا نوع ا ما. يف صيف سنة 1999 أ جري أول اتصال يف غزة عىل شبكة اخلليوي التابعة ل»بالت لجو ال«)3)). واستمر املزو دون اإلرسائيليون األربعة آنذاك يف بيع اخلدمة للفلسطيني ني )بشكل غري قانوين بحسب اتفاقات أوسلو وقوانني السلطة الفلسطينية( من دون أي مسؤولية اقتصادية أو اجتامعية أو سياسية للسلطة الفلسطينية. ومنذ سنة 1999 امتلكت»جو ال«أسهام أكرب يف السوق لكن ال تزال هناك نسبة من مستخدمي اخلليوي الفلسطيني ني يستخدمون خدمة اخلليوي اإلرسائيلية األرخص. واإلشارات اإلرسائيلية متوافرة عموما يف أرجاء األرايض املحتل ة ألن املزو دين اإلرسائيلي ني مل يكتفوا بإنشاء البنية التحتي ة وتركيبها يف إرسائيل وحدها بل يف الضفة الغربي ة كذلك وعادة يف الطرق الفرعية وعىل قمم التالل ويف املستوطنات واملراكز احلدودية واملنشآت العسكرية. وبينام ال توجد بنية حتتية متلكها إرسائيل داخل غزة بعد انسحاب سنة 2005 فإن اإلشارات اخلليوية من األبراج اإلرسائيلية املمتدة عىل طول احلدود تصل بشكل جيد إىل القطاع الذي هو عبارة عن رشحية ضي قة. كام تدعم الشبكات اإلرسائيلية أحدث التطو رات مثل اجليل الثالث 3G واجليل الرابع 4G وخدمات اخلرائط اجلغرافية ومجيع تقني ات اهلاتف اجلو ال وهي أسباب إضافية جلعل هؤالء املزو دين مصدر جذب للفلسطيني ني. عالوة عىل ذلك وبام أن املجال اخلليوي يف مجيع أرجاء فلسطني- إرسائيل خاضع إلدارة وزارة االتصاالت اإلرسائيلية فإن املزو دين اإلرسائيلي ني األربعة للخدمة اخلليوية يبث ون جمتمعني إشارات أقوى بألفي ضعف من إشارات»جو ال«. وتتواصل أفعال ملزو دين اإلرسائيلي ني واملشرتكني الفلسطيني ني غري القانونية. ويد عي املزو دون اإلرسائيليون أهنم عاجزون عن التحك م يف مستخدمي اخلدمة املسبقة الدفع يف املناطق الفلسطينية بينام تعمد السلطة الفلسطينية إىل حظر استخدام الفلسطيني للبطاقات اهلاتفية واهلواتف اجلو الة اإلرسائيلية وفرض العقوبات عىل ذلك )3)). وكام هي حال اهلواتف األرضية فإن معظم اخلدمة اخلليوية يف شبكة»جو ال«)وشبكة»الوطنية«يف الضفة الغربية( تعتمد عىل خط الشبكة اإلرسائييل الرئيس. إن كال من خدمت ي اهلاتف األريض واخلليوي نتاج ملرحلة أوسلو وقد ن قلت مسؤولية البنية التحتية املتواضعة املوجودة قبل سنة 1995 إىل السلطة الفلسطينية. وينبغي أال ي فه م من هذا أن سياستي هاتني التقني ت ني خمتلفتان وإن كانت اخلطوط األرضية مدجمة يف النظام اإلرسائييل فيام اهلواتف اخلليوية غري مدجمة إذ إن كال منهام مرغمة عىل االنعزال عن الشبكات اإلرسائيلية مع بقائها معتمدة عليها يف الوقت ذاته. ويف حني تتطل ب التقني ات اهلاتفية األرضية واخلليوية آلي ات تشغيل خمتلفة فإن البنية األساسية لالتصاالت الفلسطيني ة بأكملها خاضعة للحصار. يصح عىل البنية التحتية املطلوبة التصال اإلنرتنت ما يصح عىل تلك اخلاصة باالتصال اهلاتفي ولذلك فإن إمكان قيام اتصال إنرتنت»مستقل«وحدود ذلك االتصال يوازي ذلك اخلاص باخلطوط األرضية. وحتى سنة 2005 كانت خدمة اإلنرتنت يف املناطق الفلسطيني ة املحتلة»تنافسي ة«إذ كان ثمة ما يقارب دزينة من مزو دي خدمة اإلنرتنت )ISP( يف الضفة الغربية وبضعة مزو دين يف قطاع غزة. وكانوا مجيع ا 35 أصبحت خدمة»جو ال«متاحة يف الضفة الغربي ة يف ترشين األول/أكتوبر مقابلة شخصية»جو ال«متوز/يوليو للمزيد عن خدمة اهلواتف اخلليوي ة انظر: Note: Carlo Maria Rossotto, West Bank and Gaza Telecommunications Sector Introducing Competition in the Palestinian Telecommunications Sector, (Working Paper, World Bank, Washington, DC, 2008), and Arab Advisors Group, Palestine Telecommunications Market Indicators and Projections, (Amman, 2008).

12 العدد 2 / 7 شتاء يعيدون بيع النطاق اإلرسائييل بسبب منع البوابات العاملية داخل املناطق الفلسطيني ة. ويف كانون الثاين/ يناير 2005 بدأت»بالت ل«برشاء مجيع رشكات تزويد خدمة اإلنرتنت الفلسطينية عرب فرعها املختص بخدمة اإلنرتنت»حضارة«ومل يأت صيف تلك السنة حتى كانت قد احتكرت السوق. وبينام انتهى هذا االحتكار يف الضفة الغربية مع إنشاء وطني ة يف سنة 2009 استمر االحتكار يف قطاع غزة داال جمد د ا عىل خصخصة اخلدمة وتسييج التكنولوجيا الرفيعة )3)). الحدود المفروضة على االتصاالت كل فت السلطات اإلرسائيلية»حضارة«بتزويد نطاق حمدود الستخدام شبكة اإلنرتنت يف فلسطني وهو ما أدى إىل جعل تصف ح اإلنرتنت يف املنطقة املحتل ة أبطأ من مثيله يف إرسائيل. وكان املزو دون اإلرسائيليون يبيعون النطاق لرشكة»حضارة«بأسعار عالي ة مقارنة برشكات التزويد اإلرسائيلية وهو ما جعل تصف ح اإلنرتنت أغىل ثمن ا بالنسبة إىل املستخدمني الفلسطيني ني. عالوة عىل ذلك كانت احلكومة اإلرسائيلية قد فرضت قيود ا صارمة عىل أنواع املعدات املسموح هبا. وبخصوص الوضع يف قطاع غزة فإن كل الراوترات املشغ لة لشبكة اإلنرتنت موجودة يف إرسائيل. وقد أد ى اجتامع التكاليف العالية والرسعات البطيئة والتقني ات املحدودة إىل تقييد النطاق بمعنى أن تدف قات اإلنرتنت الغزاوية باتت حمدودة وهو ما أدى إىل تقييد تفاعل الغزاوي ني مع الشبكة كذلك. وكام تقول امرأة فلسطيني ة:»أن تكون مفصوال عن الشبكة يعني أن تكون نصف ميت«)3)) وليس يف هذا أي مبالغة. يقول دبليو. ج. ت. ميتشل: إن مل يكن يف استطاعتك احلصول عىل بايتات بشكل متقطع بكمية مالئمة فلن يكون بمقدورك االستفادة من اإلنرتنت مبارشة... إن الوصول املبارش إىل نطاق أساس ملعطيات ليشبه وجودك يف شارع رئيس أم ا االتصال البطيء بالشبكة فيرتكك بعيدا يف الريف أو يف الغاب حيث يتضاءل تدف ق املعلومات إىل أدنى درجاته وتعجز عن إجراء اتصاالت كثرية وتصبح التفاعالت أقل كثافة )3)). إن مستخدمي شبكة اإلنرتنت يف قطاع غزة جمربون عىل تصف ح اإلنرتنت بتكلفة عالية ورسعة بطيئة وهو ما يؤد ي إىل تقييد اتصاالهتم وتفاعالهتم االفرتاضية بشكل كبري. إضافة إىل ذلك وكام هي عليه احلال يف قطاع االتصاالت فإن القيود التي تفرضها الدولة اإلرسائيلية جترب حركة البيانات يف شبكة اإلنرتنت عىل املرور عرب إرسائيل. إن اإلنرتنت حمارص بسبب خصخصة الشبكة والتكاليف العالية والقيود املفروضة عىل نطاق الشبكة وهو حمارص مكاني ا أيض ا. لقد ن صبت احلواجز يف شت ى طبقات البنية التحتية لالتصاالت. وعىل سبيل املثال جاء يف نص املادة 37 ملقارنة مثرية لالهتامم يمكن للمرء دراسة»املعازل الرقمي ة«الطوعي ة املؤس سة عىل اإلنرتنت وعرب»هواتف كورش اخلليوية«من قبل املجتمع احلسيدي يف إرسائيل انظر: Heidi A. Campbell and Oren Golan, Creating Digital Enclaves: Negotiation of the Internet among Bounded Religious Communities, Media Culture Society, vol. 33, no. 5 (July 2011), pp , and Heidi A. Campbell, What Hath God Wrought? Considering How Religious Communities Culture (or Kosher) the Cell Phone, Continuum: Journal of Media and Cultural Studies, vol. 21, no. 2 (June 2007), pp وباإلشارة إىل تاريخ التسييج الربي والرقمي سواء بسواء أستخدم مفردة»تسييج«لإلشارة إىل عملية مفروضة. انظر اهلامش رقم 7 أعاله. 38 مقتبس عن: John Davison, 3G Void Limits West Bank s Smartphone Revolution, AFP, 24/7/2013, on the Web: < f512c651d049414c24a2eab35be6f99f.611> (Accessed 24 September 2013). 39 William J. Mitchell, City of Bits: Space, Place, and the Infobahn (Cambridge, Mass.: MIT Press, 1995), p. 17.

13 55 المحور: ممارسة أنظمة المراقبة في الوطن العربي )2( احتالل إسرائيل الرقمي لغز ة 36 من اتفاق أوسلو 2:»تعرتف إرسائيل بحق اجلانب الفلسطيني يف إقامة روابط اتصاالت )باملوجات القصرية وبشكل طبيعي( لربط الضفة الغربية وقطاع غزة عرب إرسائيل«)4)). وجرى إنشاء رابط باملوجات القصرية سنة 1995 لربط الضفة الغربية وقطاع غزة لكن رسعان ما تم إشباعه مغناطيسي ا )بسبب رفض وزارة االتصاالت اإلرسائيلية توفري نطاق أعرض( فبات عىل معظم حركة البيانات أن تعاود مرورها بشبكة»بتسيك«. وكان حيظ ر عىل»بالت ل«استرياد املعدات البد االت اهلاتفية أبراج البث إلخ التي تتيح هلا إنشاء شبكة مستقلة فعلي ا يمكن هلا ربط االتصاالت عرب مجيع أرجاء املناطق الفلسطينية. تضافرت هذه الرضوب من القيود»اإلقليمية«مع إجراءات»قانونية«وعسكرية لتزيد من احتواء البنية التحتية لالتصاالت الغزاوية. عالوة عىل ذلك جيب فهم هذه القيود عىل أهنا اقتصادية جزئي ا وسياسية جزئي ا وجغرافية جزئي ا ورمزية جزئي ا بمعنى آخر إن حمصلة القيود تفوق جمموع عنارصها. وتتضم ن هذه القيود مصادرة وحظر استرياد املعدات ومنافسة املزو دين اإلرسائيلي ني غري القانونية والنطاق املحدود وقيود ا عىل أنواع املعدات التي سيتم نصبها وأماكنها وحظر التقني ات اجلديدة واملحد ثة مثل تقنية حتديد املوقع GPS وتأخري املوافقات والتدمري املنهجي لآلالت والبنية التحتية. وإليكم هذه األمثلة الوفرية: إن املدى املحدود لشبكة»جو ال«يعني أن مشرتكيها الذين يفوق عددهم املليونني يدفعون يف مقابل خدمة سيئة ذلك أن الشبكة كانت قد ص م مت لدعم مشرتكيها املئة وعرشين ألف ا األوائل. وال تزال»حضارة«بانتظار الرتخيص بإطالق مشغ ل إنرتنت يتيح حلركة البيانات يف اإلنرتنت التملص من إرسائيل. ويتم إغالق شبكات االتصاالت يف غزة بشكل مستمر ألسباب متعددة وال سيام/ بام فيها إخفاق»بالت ل«أو تأخرها يف الدفع ملزو دهيا اإلرسائيلي ني وبسبب قضايا»أمني ة«حتددها إرسائيل. كام جيري اعرتاض اإلشارات اهلاتفية وإشارات البث وقرصنتها من ق بل القوات اإلرسائيلية. وخالل حرب مثال عمد اجليش اإلرسائييل إىل إرسال رسائل نصي ة وبريد صويت إىل مستخدمي اخلطوط األرضية واخلليوية يف قطاع غزة. ويرى إيال وايزمان أن هذه»تقني ات حتذير«ت تيح للجيش اإلرسائييل القدرة عىل حتذير الغزاوي ني من عمليات قصف وشيكة وبذلك حتو ل مستقبليها»بشكل قانوين«إىل»أهداف رشعية«)4)). أم ا من وجهة نظر املستخدم الفلسطيني فإن تقني ات التحذير هذه هي أيض ا تقني ات تسييج واحتالل. واحلقيقة أن شبكة االتصاالت الفلسطينية بأكملها قضية عسكرية إرسائيلية: عىل سبيل املثال يتوج ب عىل»بالت ل«وأي رشكة إرسائيلية تتعامل معها أن تنس قا عملياهتام مع اجليش اإلرسائييل ومديرية التنسيق واالرتباط والتعاون اإلرسائيلية املسؤولة عن قطاع غزة. خذوا ترصيح مسؤول إرسائييل عن مد الكابالت إىل غزة يف صيف 2012:»لقد أ نجز األمر برم ته يف ظل تدابري عسكرية صارمة«مضيف ا:»لقد متت إدارة العملية والتعامل معها عىل أهنا عملية عسكرية«)4)). ومت ار س آليات االحتالل الرقمي عرب تعكري احلياة اليومية وليس خالل حلظات العنف االستثنائية فحسب ففي كل يوم»عادي«يمر االتصال اهلاتفي للشخص الغزاوي عرب إرسائيل ويتم اعرتاض إشاراته كلام حو مت طائرة من دون طيار يف السامء فوقه )أحيان ا 40 Israeli-Palestinian Interim Agreement, Annex III, Article 36, D.3d 41 Eyal Weizman, Lawfare in Gaza: Legislative Attack, OpenDemocracy, 25/2/2009, on the Web: < opendemocracy.net/article/legislative-attack>. 42 Anna Sheinman, Peace at Israel/Gaza Fence as Internet Cables Laid, Jewish Chronicle, 5/10/2012, emphasis added, on the Web: < (Accessed 15 November 2012).

14 العدد 2 / 7 شتاء بمعدل مرة كل مخس عرشة دقيقة( وقد يتم فصل هاتفه أو التشويش عليه وتراقب اتصاالته عرب اإلنرتنت. ويتوج ب عىل هذا املستخدم الغزاوي أن يدفع بسبب وجود هذه االعرتاضات والتدخالت ضعفي ما يدفعه نظريه اإلرسائييل. ليس املستخدم وحده خاضع ا ملنطق االحتالل بل البنى التحتية لالتصاالت كذلك. وعىل الرغم من أن خطة االنسحاب من غزة التي أقر ها رئيس الوزراء اإلرسائييل األسبق أريئيل شارون نص ت عىل أن إرسائيل ستسل م البنية التحتية للخطوط األرضية يف األرايض الفلسطينية املشمولة باخلطة سليمة فإن اجليش اإلرسائييل عمد إىل استهداف االتصال الشاميل- اجلنويب األساس يف القطاع بل جتاوز ذلك إىل دفن أجزاء من اخلط حتت أنقاض مستوطنة كفار داروم )4)). ويف بعض احلاالت كان الدمار واسع ا ومنه ك ا وال سيام خالل العدوان عىل غزة يف حينام ق د رت أرضار شبكة»بالت ل«يف غزة بام يزيد عىل 10 ماليني دوالر )4)). إن كال من التدمري املنهجي للمعدات ومنع استريادها وتركيبها يتسب ب يف تقييد تطو ر البنية التحتية للتكنولوجيا الرفيعة. وكام هي حال مجيع القيود املفروضة عىل البنى التحتية يف غزة من الكهرباء إىل الرصف الصحي فإن إعاقة إنشاء بنية حتتي ة»طبيعي ة«حيدث بمعدل يومي ال خالل العمليات العسكرية فحسب. ففي آب/أغسطس 2011 مثال تم فصل اخلطوط األرضية الدولية واهلاتف اجلو ال واتصاالت اإلنرتنت يف غزة حينام تسب بت جر افة عسكرية إرسائيلية بقطع خطوط االتصال قرب معرب ناحل عوز واضطر ت»بالت ل«إىل طلب اإلذن اإلرسائييل إلصالح اخلط )4)). تسعى»بالت ل«والرشكات التابعة هلا إىل حتقيق»انفصال«تام عن إرسائيل بام يف ذلك إهناء اعتامدها عىل مزو دين ومعدات إرسائيلية ولكن ال يزال هذا األمر غري قابل للتحقق عىل أرض الواقع إذ إن إرسائيل تسه ل جلب معدات رشكات»بالت ل«و»جو ال«و»حضارة«من مزو دين إرسائيلي ني ال من مزو دين أجانب. يف هذا الصدد يقول أحد إداريي»بالت ل«يف سنة 2005:»إهنا ]السلطات اإلرسائيلية[ ترغمنا عىل تفضيل التعامل مع مزو دين من إرسائيل. ولطاملا كانت عوائق مفروضة عىل التكنولوجيا اخلاصة بنا«)4)). ويف كل األحوال مل ي سم ح إال ملعدات قليلة حمدودة أكانت إرسائيلية أم ال بالدخول إىل غزة منذ فرض احلصار سواء إلصالح ما تم تدمريه أو للحفاظ عىل ما هو موجود أو لتحديثه. ويعرب إداري آخر يف»بالت ل«عن قلق إضايف منترش بني الفلسطيني ني:»كيف لنا أن نعلم بأن املعدات القادمة من إرسائيل مل جير التالعب هبا... لعلهم جيعلوهنا أضعف وربام يضعون فيها آليات مراقبة«)4)). وبينام نفتقد وجود دليل حاسم منشور يفص ل حمتوى أي مراقبة جتاه املستخدمني والشبكات الفلسطينية بشكل خاص فإن مئات آالف الفلسطيني ني مقتنعون بأهنم خاضعون للمراقبة خاصة أولئك الذين يستخدمون الشبكات اخلليوية اإلرسائيلية )4)). عىل سبيل املثال انتهى األمر بامرأة فلسطينية أرسلت كمبيوترها إىل 43 Personal Interview, MTIT Minister, 12 January Interview: Saad Al-Barrak of Zain, (Global Telecoms Business, 1 March 2009). 45 Internet, Phone Service Restored in Gaza, (Ma an News Agency, 11 August 2011), on the Web: < maannews.net/eng/viewdetails.aspx?id=412107>. 46 مقابلة شخصية بالت ل 5 متوز/يوليو مقابلة شخصية بالتل 7 متوز/يوليو هناك من يذهب بعيد ا يف عدم استخدام أي تكنولوجيا اتصاالت عىل اإلطالق فمثال يرشح أحد الباحثني:»معظم املستجيبني عرب وا عن قلقهم وخوفهم من مثل هذه املراقبة واد عوا أهنم وضعوا هذا بعني االعتبار عند تصف ح اإلنرتنت. ثالثة من املستجيبني أخربوا أعضاء املجموعة بأهنم أصبحوا مصابني برهاب تكنولوجي وكانوا مستعدين للعيش من دون تكنولوجيا بام فيها كمبيوتراهتم وهواتفهم اخلليوية لكي يشعروا باألمان فحسب«. انظر: Nadera Shalhoub-Kevorkian and Tamar Berenblum, Panoptical

15 57 المحور: ممارسة أنظمة المراقبة في الوطن العربي )2( احتالل إسرائيل الرقمي لغز ة فني فلسطيني باالضطرار إىل التوجه إىل الرشطة اإلرسائيلية الستعادة صورها وملفاهتا الشخصية يف ما أ رغم آخرون عىل التعاون بعد»اكتشاف«اتصاالهتم الشخصية من ق بل قوات األمن اإلرسائيلية. ويف إحدى احلاالت األكثر شهرة ق تل خبري القنابل حييى عي اش يف غزة بعدما انفجر هاتف خليوي يف أذنه وكان خم رب تابع للشني بيت )جهاز األمن العام اإلرسائييل( قد أعطاه إياه فيام استهدفت غارة جوية القائد السيايس حلامس عبد العزيز الرنتييس وي عتق د بأهنم قاموا برصده من خالل برنامج حتديد املواقع GPS يف هاتف خليوي )4)). وكان ثمة شائعات منترشة كذلك بأن هواتف عامة تابعة ل»بالت ل«انفجرت يف قطاع غزة. ويف سنة 2007 كشفت حتقيقات إعالمية يف إرسائيل أن الرتاخيص التي يتسل مها حاملو اهلواتف اخلليوية اإلرسائيلية حتتوي عىل ملحق رسي توز عه الشني بيت يتم بموجبها مراقبة معلومات عن املحادثات والرسائل املتبادلة عىل اهلواتف اخلليوية. ولقد ثار جدال يف الكنيست بخصوص مرشوع قانون يسمح للرشطة بإنشاء قاعدة بيانات ضخمة وحمرك بحث يتضم ن أرقام ا هاتفية وأسامء املشرتكني يف خدمة اهلواتف اخلليوية واألرقام التسلسلية للهواتف اخلليوية وخرائط ملواقع اهلوائي ات. وعىل الرغم من أن املرشوع مل يمر فإن ملحق ا أمني ا أجاز للمؤسسات األمنية استعادة معلومات عن االتصاالت من دون حاجة إىل مراجعة قضائية ومن دون علم املستخدمني )5)). وإلرسائيل تاريخ يف التنص ت والرقابة واملراقبة أكان ذلك عىل مواطنيها أم عىل الفلسطيني ني يف املناطق املحتلة أم عىل مواطنني أجانب من خارج املنطقة حتت رعاية املوساد. وكام ختتم امرأة فلسطيني ة بالقول:»يساورين هاجس أنني سأ سج ن ((5( بسبب استخدام اإلنرتنت... كيف يمكن للمرء العيش وكل يشء حتت السيطرة «تعزز إجراءات السيطرة»من دون احتكاك«املذكورة آنف ا قيام حواجز مكاني ة تعرتض تدف قات التكنولوجيا الرفيعة وتكبح تطو ر البنية التحتية الفلسطينية وتديم التبعية والتخل ف االقتصادي الغزاوي )وبالتايل العالقة االقتصادية غري املتكافئة(. وليس أمام»بالت ل«وفروعها خيار سوى رشاء معدات االتصاالت من السوق اإلرسائيلية. ويعني دفع البنية التحتية الغزاوية إىل االعتامد عىل خط الشبكة اإلرسائييل الرئيس واملزودين اإلرسائيلي ني انتفاع الرشكات اإلرسائيلية مالي ا من مستخدمي قطاع االتصاالت الفلسطيني. وإمجاال تقوم الرشكات اإلرسائيلية بمراكمة العائدات الفلسطيني ة املنشأ يف عدد من النقاط. فالرشكات اإلرسائيلية تزيد التكلفة عىل املكاملات بني هواتف رشكة»جو ال«واألرقام اإلرسائيلية األرضية واخلليوية. وبام أن مجيع املكاملات الدولية واملكاملات إىل الضفة الغربية واملكاملات الداخلية يف غزة متر عرب إرسائيل فإن املشغ الت اإلرسائيلية جتبي كذلك»رسوم إهناء«. وكام قال أحد إداريي»بالت ل«متذمر ا سنة 2006:»بالت ل هي أحد أكرب زبائن بتسيك«)5)). وهذه الدينامية متجذ رة يف قطاع تكنولوجيا املعلومات بأكمله ففي سنة 2011 مثال استورد الفلسطيني ون من إرسائيل ما تزيد قيمته قليال عىل 22 مليون دوالر يف خدمات تكنولوجيا املعلومات )من صناعة يبلغ نتاجها الكيل بام فيه»بالت ل«حواىل 5 مليارات دوالر(. وبعيد ا عن Web: Internet and Victimization of Women, International Review of Victimology, vol. 17, no. 1 (January 2010), p. 87, and Elia Zureik, David Lyon and Yasmeen Abu-Laban, eds., Surveillance and Control in Israel/Palestine: Population, Territory and Power, Routledge Studies in Middle Eastern Politics; 33 (London: New York, NY; Routledge, 2011), and Stevens, Surveillance Policies. 49 Samuel M. Katz, The Hunt for the Engineer: How Israeli Agents Tracked the Hamas Master Bomber (Guilford, Conn.: Lyons Press, 2002). 50 Yuval Yoaz, Secret Clause lets Shin Bet get Data from Cell Phone Firms, Haaretz, 24/9/2007, on the Web: < (accessed 12 January 2010). 51 Shalhoub-Kevorkian and Berenblum, p اتصال هاتفي»بالت ل«6 أيار/مايو 2010.

16 العدد 2 / 7 شتاء »بالت ل«هناك 250 رشكة فلسطينية يف قطاع تكنولوجيا املعلومات من بينها عرشات تقوم بإنجاز أعامل لرشكات يف إرسائيل )5)). وإن اد عاءات املستثمرين والسياسي ني والصحافي ني بأن هذا ي ظهر»منطقة نادرة من التعاون بني اجلانبني«وبأن املشاريع التكنولوجية تول د»سالم ا من خالل األرباح«أو أن»وادي السيليكون الفلسطيني الناشئ يتالىف قضايا احلدود«هي ادعاءات مضل لة ومتغطرسة يف أفضل األحوال )5)). إن االتصاالت مثال ل»اإلدارة الذاتية«حتت االحتالل. وهي ليست إدارة ذاتية إال إىل حد ما إذا ما أخذنا بعني االعتبار اعتامدها املحوري عىل البنية التحتية اإلرسائيلية. وت ظهر االتصاالت أيض ا أدوار السلطة الفلسطينية و»بالت ل«كفاعل ني تابع ني للسيطرة اإلرسائيلية التي تبقى قادرة مع ذلك عىل االنتفاع من هذا الوضع اقتصادي ا. وحني ي ضيف املرء إىل هذا املزيج»تأمني«إرسائيل جلميع أشكال احلدود فإن جمال التكنولوجيا الرفيعة يصبح نموذج ا مصغ ر ا لتفاوتات القوة الفلسطينية/اإلرسائيلية. ثمة جمال للمراوغة والتحديث وثمة بالطبع جمال أمام املصالح املهيمنة كي تراكم رأس املال لكن ذلك ال يتم إال إذا سمحت به القيود املفروضة من جانب إرسائيل. صحيح أن لدى الغزاوي ني بنية حتتية يف جمال االتصاالت ويمكنهم تركيب اخلطوط األرضية وإرسال رسائل نصي ة عىل اهلواتف اخلليوي ة وتصف ح اإلنرتنت ولكن يتم ذلك كله بطريقة حمدودة بشكل كبري. وال شك أن هذا ال يقترص عىل احليلولة دون التطو ر الكامل واملستقل للبنية التحتية لالتصاالت بل خيدم كذلك كآلية من آليات التكنولوجيا الرفيعة متنع االرتباطات املكانية والتواصلي ة والرمزي ة أو حتارصها. )ال( حدود االحتالل الرقمي مل ينته احتالل إرسائيل لغزة بعد بل قام بالتكي ف الستيعاب املجال الرقمي. وينبغي فهم هذ األمر بطريقتني حمد دتني ومتداخلتني. أوال حققت إرسائيل اسرتاتيجية تسييج واحتواء ت رمجت إىل إنشاء سياج بري وجوي وبحري منيع حول غزة رسعان ما أصبح تكنولوجي ا. ثاني ا يتم وضع حدود عىل الغزاوي ني من خالل حدود اعتيادية»صلبة«ولو التحمت أيضا مع املجال»الناعم«واألثريي للبنية التحتية الرقمية وترك زت فيه. وبشكل مشابه لعملية التسييج الربي فإن عملية جمالي ة فع الة ت نتج أشكاال جديدة من حقوق امللكي ة وأنظمة خمتلفة من التوزيع والعبور واإلقصاء. إن غزة بكل النيات واملقاصد»سجن«مكاين فعيل ) 5 )) لكنه سجن رقمي أيض ا. بات»فضاء السلطة«اإلرسائييل مت سام ب عدم التحديد: هناك جدار هناك طائرات من دون طي ار حتو م يف األرجاء هناك بنية حتتية حمدودة يف قطاع االتصاالت وتدف ق إنرتنت جيب أن يعرب من خالل خط 53 Daniela Berretta, Palestinians Seeking Statehood Look to High-Tech, (AP (Website), 17/4/2013), on the Web: < (Accessed 24 September 2013). 54 بالرتتيب هذه الترصحيات من: املصدر نفسه Richard Behar, Peace Through Profits? Inside The Secret Tech Ventures That Are Reshaping The Israeli-Arab-Palestinian World, (Forbes (Website), 12 August 2013), on the Web: < (Accessed 25 August 2013), and Isabel Kershner, West Bank s Emerging Silicon Valley Evades Issues of Borders, New York Times, 29/7/2012, on the Web: < palestinians-building-tech-hub-in-west-bank.html?_r=0> (Accessed 2 August 2012). انظر عىل سبيل املثال يف هذا االقتباس:»هذا قطاع ال حدود له ]...[ كل ما حتتاج إليه هو كهرباء وخط هاتفي» )م قتبس يف كريشنر( الذي خي فق يف رؤية أن كال من الكهرباء واخلطوط اهلاتفية الرضورية للقطاع بحد ذاهتا تعمل كحدود. 55 وهو اصطالح لطاملا استخدمته األجهزة اإلرسائيلية لوصف غزة انظر: Israel, Ministry of Foreign Affairs, Agreed Documents on Movement.