اإلنسان هومقياس كل شيء ليبيا - تصدر عن هيئة دعم وتشجيع الصحافة ثقافية فكرية شهرية قضايا في صحافة األطفال فريدة المصري. د ظالل عبد الكبير الخطيبي مراد الخطيبي سؤال المعنى في التشكيل المغربي محمد اشويكة تداولية النص األدبي حسن الطويل ثنائية الشعر والحياة حمزة قناوي سياقات البالغة العربية حبيب مونسي. د. أ ليبيا - تصدر عن هيئة دعم وتشجيع الصحافة ثقافية فكرية شهرية 2015 أبريل - مارس - ا لعدد الخامس عشر ﻣﻭﻗﻊ ﺍﻷﺩﻳﺏ ﻋﻠﻲ ﺃﺣﻣﺩ ﺑﺎﻛﺛﻳﺭ 2015 أبريل - مارس - ا لعدد الخامس عشر Aeneas and Achates Hunting Stags on the Coast of Libya, c. 1735-40 Filippo Falciatore Italian (Naples), 1728-1768 Aeneas and Achates Hunting Stags on the Coast of Libya along with its pendant, Royal Hunt of Dido and Aeneas, represent two episodes from the story of Aeneas from Virgil s Aeneid. The Aeneid relates the adventures of Aeneas, a Trojan prince who flees the city to become the father of Roman civilization in Italy. Juno, the queen of the gods, who favors the Greeks during the Trojan war, releases the winds to shipwreck the Trojan fleet. However, seven ships find safety on an island ruled by Dido, Queen of Carthage. Once on the island, Aeneas and his most trusted captain, Achates, hunt for food. They kill seven weighty carcasses in number equal to the surviving Trojan ships. Later, the shipwrecked crew feast upon the meat.
رئيس التحرير نور الدين الماقن ي المحتويات واقعية التشخيصية افتتاحية إعداد نور الدين الماقني تالزمات الدين والمعرفة والسياسة الحرب و انتصار المقاومة مفهوم التسامح ومبدأ االختالف نماذج بشرية في مناخات الخوف والحرب ظالل عبد الكبير الخطيبي تداولية النص األدبي األفعال التوجيهية في األمثال اليمنية سياقات البالغة العربية قضايا في صحافة األطفال ثنائية الشعر والحياة البشير البقالي : والصورة السياقية اإلبداعية التجديد في الشعر العربي علي أحمد باكثير مالفيسنت : القصة الخرافية بتقديم مبهر الط ف لة واقف ة ت نوين على شرفة الفرات أمور صغيرة ال تهم العالم في شيء! فاكهة العتمة قصص قصيرة أدينوسين تراي فوسفات المدخل البالغي وقوانين الكتابة سؤال المعنى في التشكيل المغربي لوحة الغالف للفنان والت كرول د. علي المحمداوي زهير اليعكوبي خالد السحاتي د. بلكبير بومدين مراد الخطيبي حسن الطويل د. تغريد عبد الحكيم سيف أ.د.حبيب مونسي د.فريدة األمين المصري حمزة قناوي د. جميل حمداوي حسن المغربي د. فريد أمعضشو سليمان الحقيوي ترجمة : عاطف محمد ربيعة جلطي رشا السيد أحمد محمد بن جلول محمد أنوار محمد الحسن بنمونة أحمد الزلوعي مصطفى القلعي محمد اشويكة 4 8 18 24 36 40 48 50 60 66 72 78 86 96 102 106 108 109 110 112 114 116 122 128 مدير التحرير حسن المغربي سكرتير التحرير صالح قادربوه الهيئة االستشارية د. نجيب الحصادي د. محمد مليطان د. أم العز الفارسي د. علي بوزعكوك د. إبراهيم غنيوة أ. عبدالعظيم البشتي التصميم نور الدين الماقني إخراج فتحي الفيتوري العنوان: طريق الجامعة مقابل دار الفلكس سابقا بجوار قصر الضيافة مبنى فرع هيئة تشجيع ودعم الصحافة بنغازي ليبيا بريد إلكتروني: Rua_mag@yahoo.com المواد المنشورة تعب ر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة عن رأي المجلة. المواد المستلمة ال ترد إلى أصحابها. 3 ا لعدد الخامس عشر - مارس - أبريل 2015
علي أحمد باكثير عالمة بارزة في المسرح الشعري العربي د. فريد أمعضشو * يعد علي أحمد باكثير )1910 1969 م( واحدا من أعمدة األدب العربي الحديث وإن قلت ش هرته قياسا إلى بعض معاصريه ألنه كان ي ؤث ر االبتعاد عن األضواء ويتحاشى الحديث "األناني" عن نفسه دون أن ن غفل أثر تلك الحمالت المسعورة التي ش نت ضده في أواخر حياته. ولكن الثابت حقا أن أبرز حقل أدبي برع فيه باكثير وع رف بوفرة إنتاجه فيه هو المسرح عموما والمسرح الشعري خصوصا والمسرح الشعري اإلسالمي بصفة أخص. فقد خلف الرجل أزيد من خمس وثالثين مسرحية نثرية متنوعة مضمونيا وشكليا تترج ح ما بين المنشورة والمخطوطة منها: الفرعون الموعود )1945( عمر المختار )1948( دار ابن لقمان )1960( هكذا لقي هللا عمر )1964( حرب الب س وس )صدرت عام 1990(. وترك عشرات من المسرحيات الشعرية على اختالف أحجامها ومضامينها واتجاهاتها. وكان يغلب عليها الطابع اإلسالمي مثلما غلب على كثير من أعماله األخرى غير الدرامية األمر الذي جعله رائدا في المسرح اإلسالمي عامة كما أكد المرحوم نجيب الكيالني حين ذهب إلى "أن باكثير مدرسة متميزة في معظم إنتاجه المسرحي تحمل الطابع اإلسالمي وهي )1( مدرسة لم تأخذ حقها بعد من التحليل وال دراس ة"! كتب باكثير المسرحية الشعرية في الحجاز بعد اطالعه على مسرح أحمد شوقي الشعري وتأثره به علما بأنه يعد رائد هذا النوع من )2( األدب المسرحي ف ي أدب ن ا وبعد اهتدائه إل ى أهمية الجمع بين الدراما والشعر في التعبير على نح و ما فعل رواد المسرح منذ أقدم العصور. فبين المسرح والشعر عالقة متالزمة عضوية عبر ال ت اري خ ذل ك ب أن "أول ى الحوارات في المسرح كانت شعرا وأول ى القصائد التي خ ط ت على الصفائح أو اللوترغيات كانت دراما شعرية أو لنقل كانت شعرا برؤيا درامية تراجيدية. وبالرغم من أن المسرح نشأ في المعبد الديني واألس ط ورة إال أن الشعر كان ركيزته التراجيدية" )3( كما لدى األغارقة وقدماء المصريين. وقد استمر المسرح ي قد م بتلك الطريقة التعبيرية إلى حدود القرن الثامن عشر حيث بدأنا نرى مسرحيات ت كتب ن ث را ف ي أورب ا والسيما الكوميديات ولعل مسرحية "تاجر لندن" للمسرحي اإلنجليزي جورج ليلو المؤلفة ع ام 1731 أن ت ك ون أول مسرحية نثرية في األدب األورب ي كله. وق د واصل هذا الصنف الدرامي انتشاره في أورب ا وأخذ حضور ه يتقو ى مع توالي األيام فظهر مسرحيون ك ثر مك نوا لهذا الصنف من الوقوف على قدمي ه وف ر ض ذات ه ضمن خارطة األدب األورب ي الحديث منهم األدي ب النر ويجي هنريك إبسن الذي ابتدأ حياته المسرحية بكتابة الدراما الشعرية ثم س ر عان ما تحو ل إل ى المسرح النثري عام 1871 حين ألف مسرحيته التاريخية "اإلمبراطور الجليلي" "انسجاما منه مع العصر الذي يعيش فيه وكان عليه أن يتفاع ل معه كأي فن ان أصيل له رسالت ه ت جاه الفن والمجتمع. والمالحظة الجديرة بالذكر هنا أن إبسن وإن كان قد تحو ل عن المسرحية الشعرية إلى النثرية فقد ظلت شاعريته وقصائده المعروفة تؤثر بشكل واض ح على مجم ل المسرحيات المتأخرة التي كتبها فيما بعد." )4( إن المسرح الشعري ل م يختف في أوربا خالل الفترات التي تلت القرن الثامن عشر على الرغم من االكتساح الالفت للنظر الذي حققه المسرح النثري بوصفه الشكل الدرامي األكثر انسجاما مع التيار الواقعي ال ذي س اد األدب األوربي وقتئذ. بل إنه ظل حاضرا جنبا إلى جنب مع الدراما النثرية وس جلت عودته القوية إلى الظهور م ع أح د ف رس ان األدب األورب ي الحديث وهو اإلنجليزي إليوت في القرن العشرين ال ذي كتب جملة من النصوص المسرحية الشعرية حققت نجاحا ملحوظا بدءا بمسرحيته "جريمة قتل في الكات د رائية" إلى مسرحيتي ه "حفل الكوكتيل" و"الكاتب المؤتمن". يقول الباحث العراقي عبد الستار ج واد ع ن دور إل ي وت ف ي هذا اإلط ار: "إذا ما ذكرت المسرحية الشعرية اليوم فإنما يجب أن ي ذكر معها إليوت حامل راية عودتها وال ذي أس دى إليها فض ال مازال يطو ق عنقها مزهو ة به. واهتمام إليوت بالدراما الشعرية نابع من االتجاه التطبيقي عنده ذلك أنه لم يكتف بأن يكون شاعرا غ نائيا من الطراز األول وإنما أراد أن يوظف هذه الطاقة الشعرية المبدعة لصالح المسرح." )5( وال مناص من أن نذكر مع إليوت في هذا المساق اسم مسرحي آخر كان له إسهامه الوافر في المسرح الشعري حديثا هو كرستوفر فراي. إن العودة القوية للدراما الشعرية إل ى الظهور ف ي مضمار األدب ال ح دي ث ج ع ل ت أح د أدب ائ ن ا المعاصرين المعروفين وهو صالح عبد الصبور يتنب أ بأن المسرح في أغلب الظن سيعود شعريا كما بدأ لدى قدماء اليونانيين. )6( ولكن شيئا من ذلك لم يتحقق إلى يوم الناس هذا! إذ ما زال النثر هو قالب التعبير األثير لدى كتاب الدراما. ولإلشارة فلصالح عبد الصبور أربع تجارب في المسرح الشعري استهل ها بمسرحيته "م أس اة الحالج" التي ألفها عام 1964 متأثرا بمسرحية إليوت الشهيرة "جريمة قتل في الكاتدرائية". وقد كانت الب يئة الثقافية العربية إحدى البيئات التي تلقفت تجربة المسرح الشعري في وقت متأخر 97 96 ا لعدد الخامس عشر - مارس - أبريل 2015 ا لعدد الخامس عشر - مارس - أبريل 2015
محاو لة تقديم نماذج درامية في هذا االتجاه تستوحي التاريخ باألساس قبل أن تتحول إلى طر ق مواضيع أخ رى اجتماعية وغيرها. ولم يكن ص الح عبد الصبور مدش ن ه ذه ال ت ج رب ة ف ي ت رب ة األدب العربي الحديث بل سبقه إلى ذلك آخرون بل تقد مهم جميعا وحاز قصب السب ق إلى تأليف المسرحية العربية الشعرية أمير الشعراء أح م د ش وق ي )ت 1932 ( ال ذي كتب سبع مسرحيات شعرية هي: مصرع كليوباترا قم بيز علي بك الكبير عنترة مجنون ليلى البخيلة الست هدى. و"ليس ثمة أدنى شك في أن شوقي شاعر غنائي كبير أراد أن يوظف طاقته الشعرية في عدد من المسرحيات التي استقى مواضيع ها من حوادث التاريخ شأنه في ذلك شأن بقية المؤلفين الدراميين اب ت داء من المسرح اليوناني وانتهاء بتجارب إليوت وم ن جاء بعده من ك تاب المسرح." )7( وإلى جانب األديبي ن ال م ذك وري ن ك ت ب المسرحية الشعرية في أدبنا الحديث والمعاصر آخ رون منهم علي أحمد باكثير وعبد الرحمن الشرقاوي ومعين بسيسو ومحمد الفيتوري وعزيز أباظة وغ ازي مختار طليمات وأحمد أبو ش اور. ومن المالح ظ أن كثيرين منهم قد تأثروا بمسرح إليوت مضمونا وشكال. وسنركز كالمنا فيما يأتي على مسرح باكثير الشعري بالتحديد. اقترن اسم باكثير لدى دار س ي أدبه بهذا اللون الدرامي أكثر من اقترانه بغيره من ميادين األدب التي خاض غمار ها. وفي ريبرتواره العشرات من المسرحيات الشعرية التاريخية والغنائية والسياسية واالجتماعية ونح وها وإن كان أغلبها ق ص ي را. فمن نصوصه الدرامية التي نالت شهرة واضحة مسرحيته "إخناتون ونفرتيتي" ال ت ي كتبها أواخ ر ثالثينيات القرن الماضي بالشعر المرسل المنطلق في وقت كان أبناء مصر منقسمين فيما يخص عالقتهم بتراثهم وب ال ع روب ة واإلس ل الم إلى فريقين متعارضين أحدهما ك ان ي رى أن المصريين سليلو الفراعنة لذا ينبغي لهم االهتمام بتراثهم الفرعوني وإحيائه وقط ع أي صلة لهم بالعرب والمسلمين! على حين ذهب الثاني إلى أن أبناء أرض الكنانة وإن كان الفراعنة أجدادهم األقدمين قد أعز هم هللا باإلسالم وتعر بوا منذ أن رح بوا بالفاتحين وقب لوا الدين الجديد لذا عليهم ن ص رة اإلسالم والعروبة وقط ع عالقتهم بالفراعنة! وقد ألفى باكثير رأي ي الفريقين متطر في ن معا فوقف في مسرحيته هذه موقفا وس طا من الدعوتين بأن دع ا المصريين إل ى الجم ع بين األمرين على نحو مقبول وعدم إقصاء أي منهما مؤكدا أن التاريخ الفرعوني ينطوي على جوانب إيجابية ي م كنهم األخ ذ بها دون التفريط في العروبة واإلسالم في اآلن نفس ه. )8( والعارفون بتاريخ مصر الفرعوني يدركون بال شك أن إخناتون زوج نفرتيتي التي كانت آي ة في الج مال كما يذكر ال م ؤر خ ون ك ان نقطة م ضيئة في ذلك التاريخ إذ إنه الفرعون الوحيد الذي وقف موقف الرفض من مسألة تعدد اآللهة ودع ا بالمقابل إلى توحيد الم عبود. وقد حصل باكثير بمسرحيته هذه الواقعة في خمسة مناظر عناوين ها هي: المؤامرة البعث اإليمان في مدينة األفق االحتضار على جائزة المباراة األدبية القومية بمصر ع ام 1940. وتجري أحداثها في مدينتي طيبة وأخيتانون المصريتي ن العريقتي ن وفي القرن 14 ق.م. وقد خلف باكثير أكثر من عش ر مسرحيات تاريخية طويلة ع الوة على ملحمة عمر )ض( وعشرات من المسرحيات التاريخية القصيرة ذات الفصل الواحد التي كان ينشرها في الدوريات والصح ف المصرية وغيرها مثل جريدة "اإلخ وان المسلمون" اليومية التي استمرت عامين فقط بسبب الم ضايقات والعراقيل التي كانت توض ع في طريقها والضغوط التي تعرض إليها مؤسس ها الشيخ حسن البن ا الذي اغتيل في فبراير 1949 وقد أصدر من هذه المسرحيات في حياته مجموعتين ضم ت كل منهما سبعة نصوص هما "من فوق سبع سماوات" و"هكذا لقي هللا عمر". وإن تركيز باكثير في مسرحه الشعري التاريخي على مصر وماضيها ليس معناه أنه لم يستوح تاريخ بلدان أخرى ربطته بها صالت بل وجد ناه في بعض مسرحياته يستلهم أحداث تاريخ مسقط رأسه ووطنه األم وغيرهما ك م ا ف ي م س رح ي ت ه "ع ودة الفردوس" التي صو ر فيها نضال الشعب األندونيسي ضد االستعمار الهولندي والياباني وترجم في ختامها النشيد القومي األندونيسي الذي ألفه شاعر أندونيسيا الكبير سوبراتمان إلى اللغة العربية تحت ع ن وان "نشيد أندونيسيا الكبرى". وخص باكثير القضية الف لس طينية بق س ط وافر من مسرحياته سواء الشعرية أو النثرية الطويلة أو القصيرة قبل وقوع النكبة أو بعدها ألنها كانت تجري منه "مجرى الدماء في عروقه حتى إنه كان ينشر عنها مسرحية قصيرة في كل أسبوع حتى بلغت 50 مسرحية قصيرة وخمس مسرحيات مطو لة" )9( وقد ع د أحمد السعدني باكثير أول أديب يعالج قضية فلسطين )10( دراميا في المسرح العربي وذلك بمسرحيته الطويلة "شيلوك الجديد" التي قس مها إلى قسمين: "المشكلة" و"الحل " وبصنيعه ه ذا ع د ك ذل ك أول م ن قس م المسرحية ق س مة ثنائية. وهي مؤلفة سنة 1944 وتنب أ فيها بهزيمة العرب أمام اإلسرائيليين وقيام دولة الصهاينة على أرض فلسطين واضطرار أهاليها إلى تر ك وطنهم للعيش الجئين في غير وطنهم. وكتب باكثير مسرحيته المطولة الثانية عن تلك القضية ع ام 1956 بعنوان "شعب هللا المختار" وهي كوميديا من أربعة فصول تكشف للقارئ حقيقة ذلك الشعب اللقيط الذي كان يعيش في الشتات إلى أن د ع ي من قبل الحركة الص ه يونية المدعومة من ق وى االستكبار الد ولي إلى إع مار قطعة من فلسطين بعدما ط رد منها أهلها بشتى الطرق. وبعد ثالث سنوات أل ف باكثير مسرحيته الطويلة الثالثة عن فلسطين وقضيتها وهي "إله إسرائيل" التي استمد وقائع ها من مصادر دينية وتاريخية لليهود ولغيرهم من القدماء والم ح دثين وتوخى تقديم تشخيص للمشكلة ال ي ه ودي ة منذ أن ط رح ت أول مرة. والمسرحية الطويلة الرابعة لباكثير في هذا اإلطار هي "لباس العفة" )1963( ألفها عقب دع وة الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة إلى عقد الصلح مع إسرائيل بعد سنوات من النكبة وتخي ل عبر مشاهدها في كوميديا هزلية رحلة قام بها هذا الرئيس إلى الك يان اإلسرائيلي الم ستو ط ن في فلسطين. وفي الواقع فإن هذا الزعيم العربي لم يز ر ذلك الكيان بل توال ها رئيس عربي آخر بعد نحو عقدين من الزمن وهو محمد أنور 99 98 ا لعدد الخامس عشر - مارس - أبريل 2015 ا لعدد الخامس عشر - مارس - أبريل 2015
السادات. وآخ ر مسرحية طويلة كتبها باكثير عن القضية الفلسطينية هي "ال ت وراة الضائعة" وذلك في أعقاب النكسة عام 1968 وظهور المقاومة الفلسطينية التي حملت على كاهلها مهمة تحرير األرض المغتص بة والوقوف في وجه االحتالل اليهودي الذي أخذ يزحف عليها يوما بعد يوم. )11( ومن مسرحياته القصيرة الخمسين ع ن القضية نفس ها ن ذك ر: يوم المزاد الدولي جلسة مع الشيطان الهدية المسمومة ماخور األمم المتحدة راشيل والثالثة الكبار السكرتير األمين شهيد القسطل ليلة 15 مايو معجزة إسرائيل الخطة ال م زدوج ة الجولة الثانية نصير السالم في بالد العم سام أخيرا نطق. وغير بعيد ع ن مسرحياته عن القضية الفسطينية ن ج د في ريبرتوار باكثير الدرامي عددا من المسرحيات السياسية القصيرة التي شرع في كتابتها انطالقا من 1946 وظل ينشرها أسبوعيا في ع دد من المنابر الص حافية إل ى ح دود 1954. وتتسم هذه المسرحيات بالسخرية والم فار قة على اخ ت الف أل وان ه ا كما في مسرحيته اله ز لية "سأبقى في البيت األبيض" التي س خ ر فيها م ن ال رئ ي س األم ري ك ي ه اري ترومان لدوره األساس في مأساة الشعب الفلسطيني وكما في نصه الكوميدي الساخر "إمبراطورية في المزاد" )1947( في إش ارة إلى "اإلمبراطورية التي ال تغيب عنها الشمس" أي بريطانيا العظمى ونلم س المفارقة في هذه المسرحية السياسية منذ أولى عتباتها النصية أي العنوان. وباختياره هذا األسلوب في كتابة المسرحية السياسية ع د باكثير "أول كاتب مسرحي عربي ي ستخد م الملهاة )الكوميديا( في المسرح السياسي ول م يسبق ه أحد في هذ المجال. والطريف أن باكثير لم يكتشف قدرته على كتابة الملهاة إال عندما بدأ عام 1946 في كتابة سلسلة مسرحيات قصيرة ذات فصل واحد وأخذ ينشرها في الصحف السائدة آنذاك." )12( ول م يقتصر مسرح باكثير على ت ن اول قضايا المشرق العربي واإلسالمي فقط بل حظيت قضايا المغرب العربي كذلك بقسط من اهتمام الرجل كما في مسرحياته "عمر الم ختار" و"رئيس وزراء أم سائق سيارة" و"إل ى اللقاء في الدار البيضاء". وقد صدرت مؤخرا دراسة قي مة للطيب علي الشريف في هذا اإلطار بعنوان "مسرح باكثير وقضايا المغرب العربي إب ان االستعمار األوروبي" ع ن دار ح ض رم وت ل ل دراس ات والنشر. إن المسرحيات الباكثيرية أي ا كانت طبيعتها تنطوي على كثير من مظاهر الف راد ة والصدق واألصالة مما أه لها ألن تنال ع دة جوائز مرموقة وألن يكون مؤلف ها رائدا في جوانب عدة ذات صلة بالكتابة المسرحية من ذلك أن باكثير يعد أول م ن كتب األوبريت باللغة العربية الفصحى )مسرحية "الشيماء شادية اإلس الم"/ 1969( وأول من كتب األوبرا في اللغة العربية )م س رح ي ة "ق ص ر ال ه ودج"/ 1944(. )13( ويظهر من تصفح مسرحيات الرجل أو تصفح أكثرها على األقل أن صاحبها كان يكتبها عن وعي عميق وكان متمكنا من آليات الصنعة الدرامية وقواعدها. كما ال يخفى على أحد حضور الب عد اإلسالمي فيها بصورة جلية حينا وبصورة خفية حينا آخر مما يجعل باكثير واح دا من رواد المسرح الشعري اإلسالمي في األدب العربي الحديث. ويكفي القارئ االطالع على نصوص درامية لباكثير من مثل "لبي ك اللهم لبيك" و"قصر في الجنة" و"كسوة العيد" ليقف على هذا الطابع في مسرحياته. ومن أقوى المؤشرات على ذلك تصدير ه بعض نصوصه المسرحية بآي من القرآن الكريم مثلما فعل مع مسرحيتي ه "إخناتون ونفرتيتي" و"أبو دالمة" على سبيل المثال ال الحصر. إن المسرح اإلسالمي عموما نهر من أنهار األدب اإلسالمي الذي ي عر ف بأنه "التعبير الفني الهادف عن الحياة والكون واإلنسان و فق التصور اإلس الم ي." )14( ومن هذا المنطل ق نستطيع تحديد ذلك المسرح بأنه نوع مخصوص من الدراما يتقاطع مع سائر أنواعها في انبنائه على مقو مات الخطاب المسرحي المعروفة م ن حدث وحبكة وشخصيات وفضاء وحوار وص راع وإرش ادات مسرحية وأسلوب ويستهدف إيصال رسالة إلى المتلقين في ح لة تعبيرية فنية ترقى به عن مستوى الكالم العادي إال أنه يكون منطل قا من حيث المرجعية من الرؤية اإلسالمية للوجود كله وال يخالف فح واه في شيء ما جاءت به شريعت نا السمحة وال ي خ دش األخ ل الق السامية وتضبطه جملة من الشروط حتى ال يزيغ عن سكته الصحيحة. والواقع أن المسرح اإلسالمي ما زال يتلم س طريقه في د نيا األدب اإلس الم ي المعاصر باحثا عن موطئ ق دم ثابت له في تربة هذا األدب حتى ي م كن ه الوقوف على أرض ي ة صلبة تتيح ل ه إمكانات النضج والتبلو ر والنمو ليحقق على الهوامش * باحث من المغرب. 1- نجيب الكيالني: حول المسرح اإلسالمي مؤسسة الرسالة ط. 2 1987 ص.47 2- من تقديم أحمد زكي لمسرحية أحمد شوقي "ال س ت ه دى" دار الكتاب العربي بيروت د.ت ص 3. 3- فاضل سوداني: الشعر والمسرح مجلة "طنجة األدب ي ة" المغرب ع. 36 يوليوز/ غشت 2011 ص.11 4- عبد الستار ج واد: في المسرح ال ش ع ري سلسلة "ال م وس وع ة الصغيرة" وزارة الثقافة واإلعالم العراقية ع. 49 1979 ص 34 بتصرف. 5- نفسه ص 43. 6- ن ق ال ع ن ك ت اب "ق ص ائ د في الذاكرة: قراءات است عادية لنصوص شعرية" لحاتم الصگر من منشورات مجلة "دبي الثقافية" كتاب 52 دار الصدى للصحافة والنشر والتوزيع د ب ي ط. 1 أغسطس 2011 ص األق ل ما حققه الشعر اإلسالمي أو ال رواي ة اإلسالمية أو النقد اإلسالمي بعد سنوات من الم خاض والجهد المتواصل لفر ض الذات في سوق التداف ع األدبي اليوم. إن المسرح اإلسالمي كما يظهر من ع دد من نصوصه المتوفرة بين أيدينا مسرح ملتزم في أكثر األحيان يلتصق بالواقع الم عيش وينخرط فيه مصو را مكامن الخلل فيه في أفق البحث عن عالجات لها ويعب ر عن آالم الناس وآمالهم ويزرع في النفوس بريق التفاؤل ط اردا عنها اإلح س اس بالقنط والتذمر والتضايق. وليس بصحيح ما ذهب إليه أحد هم حين أكد أن المسرح اإلسالمي في الواقع "ال يهتم إال باألعمال المسرحية ذات الطابع التاريخي عموما كالحديث عن عد ل عمر بن الخطاب رضي هللا عنه وعمر بن عبد العزيز وإثارة مواضيع مستهل ك ة كالتآم ر.151 7- عبد الستار ج واد: في المسرح الشعري ص 86. 8- عبد الحكيم الزبيدي: علي أحمد باكثير من منشورات مجلة "الرافد" إمارة الشارقة ع. 6 يونيو 2010 ص ص -119 120. 9- م ن كلمة عبد ال ق د وس أبي صالح رئيس رابطة األدب اإلسالمي العالمية في مؤتمر "علي أحمد باكثير ومكانته األدبية" الذي ع قد بالقاهرة بمشاركة عدد من الباحثين العرب في يونيو 2010. )مجلة "األدب اإلسالمي" ع. 67 مج. 17 صيف 2010 ص ص 5-6( 10- نقال عن مقال "ريادات باكثير" لعبد الحكيم الزبيدي منشور في موقع "http:// HYPERLINK www.bakatheer.com".www.bakatheer.com 11- محمد أبو بكر حميد: علي أحمد باكثير رائد قضية فلسطين في المسرح اليهودي وإسقاط الخالفة وقضية ف لسطين وأفغانستان"! )15( ونحن ال ن نكر اهتمام المسرح اإلسالمي بشقي ه النثري والشعري بالتاريخ من حيث هو أحداث أو شخصيات واستلهامها والتناص معها ولكن ذلك ال يعني بأي حال اقتصاره ع ل ي ه ف ق ط إل ى ج ان ب بعض الموضوعات المبتذ ل ة في نظر الباحث بل إن ذلك المسرح قد أو لى الواقع الم عيش عناية كبيرة وحتى حين يستوحي مادته أو شخصياته من التاريخ فإنه يستثمرها أحيانا كثيرة في تناول واقعه وتشخيص أدوائه والتعبير عن الحياة عموما. وقد لمس نا ذلك في جملة وافرة من أعمال باكثير الدرامية. بل إن أديبنا نفس ه أكد في حوار أج راه معه في بيروت إبراهيم عبده الخوري أنه يلجأ إلى التاريخ واألسطورة ليعالج من خاللهما مشاكل عصره )16( وواقعه الحاضر. العربي مجلة "األدب اإلسالمي" ال ري اض ع. 64 م ج. 16 خريف 2009 ص.25-28 12- عبد الحكيم الزبيدي: علي أحمد باكثير م.س ص ص 145-146. 13- ا نظر مقال الزبيدي "ري ادات باكثير" الذي أح ل نا عليه سابقا. 14- هذا نص التعريف الذي تقدمه راب ط ة األدب اإلس الم ي العالمية لمفهوم "األدب اإلسالمي". )مجلة "األدب اإلسالمي" ع. 22 مج. 6 1420 ه ص 26...( 15- حفناوي بلعلي: تجربة المسرح اإلسالمي في األدب الجزائري مجلة "األدب اإلسالمي" ع. 45 مج. 12 شتاء 2005 ص 39. 16- ن شر ن ص ال ح وار ف ي مجلة "الجمهور" بتاريخ 25/7/1968. وأع اد عبد الحكيم الزبيدي نش ر ه في الموقع اإللكتروني ال ذي أنشأه للتعريف بباكثير وأدبه. 101 100 ا لعدد الخامس عشر - مارس - أبريل 2015 ا لعدد الخامس عشر - مارس - أبريل 2015