تقنيات الترجمة التحريرية بقلم األستاذ محمد داود معهد الترجمة جامعة أحمد بن بلة وهران. 1
البرنامج الترجمة التحريرية: التعريف اللغوي و االصطالحي. أهمية الترجمة و تاريخها. أنواع الترجمة: من حيث المنهج و من حيث المنهج. عدة المترجم. األمانة في الترجمة. أنواع النصوص. تقنيات الترجمة.
I الترجمة التحريرية: التعريف اللغوي و االصطالحي: الترجمة هي نقل نص ما شفويا كان أو مكتوبا إلى لغة أخرى )مثال نقل قصة أدبية من اللغة العربية إلى اللغة االنجليزية أو خطاب رجل سياسي ألماني من إلى اللغة العربية( أي من اللغة )أ( أو اللغة المصدر (Languesource) إلى اللغة )ب( أو اللغة الهدف.(Languecible) و الهدف من الترجمة هو نقل الكلمات و العبارات إلى اللغة الهدف بطريقة صحيحة تجعل المتلقي يدرك المعاني التي يتضمنها النص األصلي. و بما أن اللغات تختلف من حيث البناء اللغوي والتركيبي و من حيث المضامين الثقافية فإنها تطرح على الترجمة عدة مشاكل و ذلك على مستوى نقل األلفاظ و العبارات و الجمل و أيضا على مستوى نقل التصورات الثقافية التي تحملها كل لغة مما يطرح مسألة في غاية األهمية ويتمثل ذلك في األمانة fidélité) (La في نقل النصوص إلى من لغة ما لغة أخرى. II أهمية الترجمة و تاريخها: تعتبر الترجمة من أهم الوسائل التي ابتكرها اإلنسان لنقل الثقافات و المعارف العلمية و التبادل التجاري و العمل الدبلوماسي و غيرها من النشاطات البشرية. فال يمكن تصور العالقات اإلنسانية بين سكان المعمورة دون ترجمة و ال يمكن أن تستمر التبادالت المختلفة دون وجود هذه الوسيلة. فحياة األمم و الشعوب مبنية على التبادل و التفاهم و الحوار و التنافس مما يعني أن الترجمة تقوم على تسهيل هذه الممارسات سواء في فترة الحرب أو في فترة السلم أي تجاوز الحدود و العقبات اللغوية للتواصل الحضاري و الثقافي. نشأت الترجمة حسب عديد الروايات التاريخية عند البابليين لما تفرقت األلسنة بعد بناء برج بابل في مدينة بابل في بالد ما بين النهرين )دجلة و الفرات( العراق حاليا. و تعود قصة بناء البرج إلى العهود القديمة أي بعد الطوفان حيث قامت ساللة سيدنا نوح )عليه السالم( ببناء هذا البرج ذي العلو الشاهق بغية الوصول إلى السماء فغضب لا منهم و جعل ألسنتهم تتبلبل )أي تضطرب و تتشو وتتفرق( بعد أن كان لسانهم واحدا يتكلمون و يتواصلون به. فظهرت الحاجة إليجاد وسيلة تواصل بين هذه األقوام مختلفة اللغات فكان نشوء الترجمة و قد ذ كرت هذه القصة في الكتب المقدسة و في كتب التاريخ. تم ذكرها في التوراة لقد جاء في سفر التكوين )الفصل 11 من 1 9( و أشار إليها القرآن الكريم في اآلية 26 من سورة النحل : "ق د م ك ر ال ذ ين م ن ق ب ل ه م ف أ ت ى الل ب ن ي ان ه م م ن ال ق و اع د ف خ ر ع ل ي ه م الس ق ف م ن ف و ق ه م و أ ت اه م ال ع ذ اب م ن ح ي ث ال
ي ش ع ر ون ". وقد تم تفسير تلك اآلية بأنها تشير إلى )نمرود( الذي تجبر في األرض و تحدى سيدنا إبراهيم )عليه السالم( حول مسألة الخلق. و ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت (Hérodote) البرج في كتابه و قد عا هيرودوت في القرن الخامس قبل الميالد وهو يذكر أن ه زار بابل ومناطق أخرى من بالد ما بين الن هرين بين ما زار من بالد و وصف برج بابل بدقة. و قد كانت أقدم ترجمة في التاريخ: ترجمة ملحمة جلجام وهي قصيدة ملحمية من آداب بالد الرافدين القديمة و قد ت رجمت من السوريانية إلى الحيتية والهورية. وبعد ذلك بمدة كبيرة ت رجم قانون الملك حامورابي من اللغة األكادية إلى اللغة الهورية عام 1700 ق.م تقريب ا. كما تم إنشاء مدرسة الترجمة باإلسكندرية في عهد الحضارية المصرية الفرعونية القديمة و حيث تمت ترجمة عديد المؤلفات من اللغة اليونانية إلى اللغة الهيروغليفية و استمرت تلك المدرسة إلى القرن الثاني قبل الميالد. و لم تعرف الحضارة اليونانية الترجمة بل تعالت عنها لكن الرومان هم من قام بترجمة اآلثار اليونانية )األدبية و الفكرية( إلى اللغة الالتينية و قد برز في هذا المجال األديب شيشرون Cicéron و لعل أشهر مترجمي الالتينية القديس جيروم Jérôme) Saint )الذي ترجم اإلنجيل سنة 384.م. أما فيما يخص العرب فيقال: إن أول من ترجم هم السوريون عن اليونانية في النصف األول من القرن الثاني الميالدي وكانت معظم ترجماتهم آنذاك حرفية ولما ظهر الدين اإلسالمي و انتشر بفضل الفتوحات كانت الحاجة إلى الترجمة ملحة و ضرورية. ومن أشهر المترجمين آنذاك زيد بن ثابت الذي لعب دورا مهما في ترجمة رسائل النبي إلى الملوك والسالطين األجانب وكذلك رسائلهم إلى النبي. واستمرت الترجمة مقتصرة على تفسير القرآن الكريم والقضايا الشرعية حتى العصر العباسي وتحديدا الخليفة المنصور الذي بنى بغداد حيث بدأت الترجمة تشهد ازدهارا متناميا حتى عصر المأمون الذي أسس مكتبة: بيت الحكمة واحدة من أعظم دور الترجمة حتى يومنا هذا كما توصف.وكان إسحاق بن حنين من كبار المترجمين فيها وكانت تترجم الفلسفة اليونانية والعلوم الهندية واألدب الفارسي و قد ازدهرت الترجمة في هذه البلدان إلى حدود سقوط مدينة على يد المغول والتتار و دخول الحضارة العربية و اإلسالمية في عصر االنحطاط ثم فيما بعد عهد االستعمار مما جعل حركة الترجمة تتراجع شيئا فشيئا إلى أن خابت سعيها و لم تستعد نشاطها إال مع عصر النهضة العربية في أواخر القرن التاسع عشر الميالدي و مع االستقالل الوطني للبلدان العربية.
الترجمة: أنواع III تتعدد أنواع الترجمة بتعدد طبيعة النصوص و مضامينها و نوعية المصطلحات التي تستعملها التي تتم ترجمتها و هي: الترجمة العلمية و التقنية: أي ترجمة النصوص العلمية من لغة إلى أخرى مثل الكتب والمراجع واألبحاث العلمية من كتب و مراجع استجابة للتطور الهائل الذي يشهده العالم كما تشير الترجمة التقنية إلى مهمتين منفصلتين: األولى تتمثل في ترجمة الوثائق الخاصة بطرق االستعمال d emploi) Mode )لبعض السلع أو األجهزة أو األدوية و غيرها من المواد التي يحتاجها اإلنسان في حياته اليومية و قد تمت صناعتها في بلد ال يعرف لغته. و الثانية تتعلق بترجمة نصوص لها عالقة مباشرة بمجاالت الصناعة و اإللكترونيك و اإلعالم اآللي. الترجمة القانونية: يشمل مجال الترجمة القانونية ترجمة القوانين التشريعية و عقود البيع و الشراء و القوانين التنظيمية والمعاهدات الدولية و الوثائق و المستندات القانونية و غيرها من النصوص ذات الطابع القانوني. الترجمة األدبية: و يتعلق األمر في هذا الصدد بترجمة النصوص األدبية من قصة و رواية ومسرحيات و قصائد شعرية و هي الترجمة األكثر صعوبة لكونها تنقل التصورات الثقافية و المجازات اللغوية و المشاعر و األحاسيس التي يعبر عنها األديب في طيات نصه. الترجمة الصحفية أو اإلعالمية: أي ترجمة األخبار المختلفة بجميع اللغات إلعالم المتلقي المتابع لألحداث و في كل مكان من الكوكب األرضي. و رافق هذا النوع من الترجمة التطور السريع الذي تعرفه وسائل اإلعالم و االتصال التقليدية و الحديثة و انتشارها الكبير في جميع البلدان و تحولها والى سالح استراتيجي في التسيير السياسي و االجتماعي والثقافي داخل المجتمعات. الترجمة االقتصادية )المالية(: و يستغل رجال األعمال و المؤسسات المالية و التجارية الوطنية و الدولية هذا النوع من الترجمة لتسهيل عمليات التبادل التجاري و المالي في سوق العمل و في المعامالت التجارية المختلفة.
IV عدة المترجم: 1 التحكم الجيد في اللغات: ال بد للمترجم من تحكم كبير في اللغات المصدر أي اللغات التي يترجم منها لكن هذا ال يعني القدرة على الترجمة بل على المترجم أن يكون ملما بأسرار اللغة و معرفة كل التفاصيل الدقيقة الخاصة بهذه اللغة والقدرة على اكتشاف التورية أو السخرية أو حتى لمسات الدعابة الواردة في النصوص. 2 اطالع كبير حول األنظمة الثقافية: يقتضي التحكم في التفاصيل الدقيقة الخاصة باللغات المصدر معرفة بالثقافات المرتبطة بها مما يسمح بفهم دقيق للخلفية التي تنطلق منها كاتب النص وبخاصة عندما يتعلق األمر بالنصوص األدبية التي تتضمن حمولة ثقافية كبيرة. و للوصول إلى هذا المستوى من الكفاءة و القدرة على التواصل مع متلقي النص الم ترج م ال بد للم ترج م من معرفة كبيرة بثقافة سكان البلد الذي يترجم لهم و ال يتأتى ذلك إال بالمطالعة الواسعة و األسفار و مخالطة السكان إلدراك ما يمكن أن يحدث لهم من صدمات ثقافية و بالتالي تجنبها. 3 التحكم التام في اللغة األم: على المترجم أن يكون ملما باللغة األم )أي لغته األصلية( إلماما تاما و شامال وعليه امتالك كفاءة تحريرية ممتازة مهما كان موضوع و أسلوب و طبيعة النص و عليه امتالك معرفة دقيقة بقواعد النحو و الصرف و كل التفاصيل اللغوية الدقيقة الخاصة بلغة األم بغية االبتعاد عن األخطاء اللغوية و سوء فهم المعاني. 4 االستعانة بالمختصين: في حال التعرض لعلوم دقيقة و مختصة في مجال من المجاالت التي ال يملك فيها المترجم شيئا من المعارف يمكنه طلب المساعدة من المختص في هذه العلوم ليوضح له المفاهيم المرتبطة بها )مثال ذلك الطب اإلعالم اآللي األنثروبولوجية و غيرها من العلوم التقنية و اإلنسانية الرائجة حاليا(. 5 االعتماد على األدوات المساعدة على الترجمة: يلجأ المترجم عادة إلى األدوات المساعدة على الترجمة مثل البرمجيات (Logiciels) و المعاجم الخاصة بالمصطلحات العلمي) lexiques ( و المعاجم الخاصة بالكلمات الصعبة) glossaires (في لغة ما. مثل هذه الوسائل تجعل النشاط الترجمي سريعا و تمكن المترجم من ربح الوقت و الجهد.
V تقنيات الترجمة: يلجأ المترجم إلى مجموعة من التقنيات في ترجمة النصوص و قد أحصى كل من ج.ب فيناي) )J.P. Vinay و ج. داربلنيت Darbelnet( ).J سبع تقنية هي كالتالي: 1 االقتراض) L emprunt (: و يتضمن االقتراض أخذ كلمة أو عبارة من النص المصدر و استعمالها في اللغة الهدف أي إعادة إنتاج الكلمة أو العبارة كما هي في اللغة المصدر مثال كلمة بستان الذي أخذها العرب عن الفارسية و end( Week (التي أخذها الفرنسيون عن االنجليزية 2 النسخ calque( :) Le و تتمثل ذلك في اللجوء إلى أساليب في التعبير غير أصلية وإنما هي مستقاة من لغات أخرى أي إنشاء كلمة جديدة مع الحفاظ على البنية اللغوية للغة المصدر من قبيل: mort( )Danger de باللغة الفرنسية ت ترجم ب"خطر الموت". وعلى سبيل المثال: الكلمة اإلنجليزية "كرة اليد" تترجم إلى اإلسبانية ك " balonmano" وبالعربية "كرة اليد". أو المصطلح االنجليزي "ناطحة سحاب" هو " " grattecielباللغة الفرنسية أو " rascacielos " باللغة اإلسبانية وبالعربية "ناطحة السحاب." 3 الترجمة الحرفية littérale( :)la traduction و هي عبارة عن ترجمة كلمة بكلمة و بشكل حرفي من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف ودون تغيير و تكون هذه الترجمة في غالب األحيان غير صحيحة لكن قد ينجح المترجم في ذلك شريطة أن تكون كل من اللغة المصدر و اللغة الهدف تملكان قرابة ثقافية كبيرة )كما في اللغتين االنجليزية والفرنسية أحيانا( و على أن يحافظ النص المترجم على التركيبة النحوية نفسها و على المعنى نفسه و أسلوب النص االصلي. مثال" estil Quelle heure?:ما هو الوقت " وباالنجليزيةit?What time is 4 النقل) :)La transposition وهي تقنية تحويل الفئات النحوية في النص دون تغيير أو فقدان للمعنى وتحتاج إلى احترافية وخبرة. ما يعني تغييرا في البنية النحوية للنص. مثال ذلك: "الرئيس يعتقد أن" باالنجليزية that The President thinks وبالفرنسية Selon le Président
5 التعديل) modulation :) La و يتمثل ذلك في تغيير شكل النص من خالل إدخال تعديل داللي على النص أو إحداث تغيير في المنظور مثال بدل أن نقول: "عقدين من الزمن" نقول "عشرين سنة". مثال: "ربما كنت على حق" باالنجليزية right Maybe you re وبالفرنسيةtort Tu n as peutêtre pas 6 التكافؤ) L équivalence (: و هو استبدال موقف في اللغة المصدر بموقف مماثل اتصاليا في اللغة المستهدفة ويهدف المترجم في ذلك إلى إحداث األثر نفسه في قارئ النص المترجم كما كان األثر في اللغة المصدر قدر اإلمكان. و تستعمل هذه التقنية في ترجمة أسماء المؤسسات و العبارات الجاهزة و األمثال. مثال: Chat échaudé craint l eauبالفرنسية froide وتعني بالعربية " القط المتقشر تخشى الماء البارد" وباالنجليزيةshy Once burned, twice 7 التكييف) L adaptation (: و يعني ذلك تعويض عنصر ثقافي في النص األصلي بعنصر ثقافي آخر مالئم في اللغة الهدف مما يسمح بجعل النص أكثر ألفة و أكثر قربا و بالتالي يكون مفهوما بشكل دقيق. مثال: البيسبول كرة القدم المراجع: 1 Michel Ballard Histoire de la traduction en.univbatna2.dz sites default files ang files 2 حسيب شحادة برج بابل وبلبلة اللغات الحوار المتمدنshow.art.asp www.ahewar.org 3 بالد ما بين الن هرين في تاريخ هيرودوت...sabahalnassery.wordpress.com 4La Stylistique comparée du français et de l'anglais Meta www.erudit.org revues meta 2003v48n3meta615 5 Vinay, JeanPaul Érudit. www.erudit.org journals meta 1900v1n1 meta302.