جامعة االنبار كلية العلوم اإلسالمية قسم التفسير وعلوم القرآن اسم المحاضر : امد ماجد محمد خليفه المرحلة : الثانية ( الفصل الثاني ) شعبة: أ اسم المادة : علوم القرءان Science of Quran اسم المحاضرة : المطلق و المقيد Finite and infinite المصادر : االتقان في علوم القرءان للسيوطي والبرهان للزركشي وعلوم القرءان محمد باقر الحكيم ومناهل العرفان للزرقاني للعام الد ارسي 2019-2020 - 1 -
المطلق والمقيد: جاءت بعض األحكام الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية مطلقة غير مقيدة بشرط أو وصف أو غير ذلك وجاء بعضها مقيد ا بوصف أو شرط أو غيرهما واألصل في المطلق أن يبقى على إطالقه إال إذا صح الدليل على تقييده ألن اإلطالق لحكمة كما أن التقييد لحكمة وفي كل منها رعاية لمصلحة العباد في الدنيا واآلخرة والدليل على تقييد المطلق أحيان ا يكون بالنص وهذا ظاهر ال خالف فيه وأحيان ا ال يصرح بالقيد وانما تدل عليه األحوال والق ارئن من نصوص أخرى جاءت مقيدة ومن العلماء من يحمل المطلق منها على المقيد ومنهم من ال يحمله وعلى هذا قول الشافعي رحمه اهلل تعالى: "اللفظ بي ن في مقصوده ويحتمل في غير مقصوده " وهو ما يدرسه العلماء في باب المطلق والمقيد في كتب األصول وعلوم القرآن والحديث تعريف المطلق: المطلق في اللغة : هو المنفك من كل قيد حسي ا كان أو معنوي ا تقول: أطلقت الدابة إذا فككت قيدها وسرحتها وهذا إطالق حسي ويقال: طلق الرجل زوجته إذا فك قيدها من االرتباط به وهذا إطالق معنوي المطلق في االصطالح: ذكر العلماء تعريفات كثيرة منها: المطلق: هو ما دل على الماهية بال قيد من حيث هي هي وقال ابن قدامة هو: المتناول لواحد ال بعينه باعتبار حقيقة شاملة لجنسه وقال ابن فارس: أما اإلطالق: فأن يذكر الشيء باسمه ال يقرن به صفة وال شرط وال شيء يشبه ذلك" وعند اآلمدي: المطلق هو "النكرة في سياق اإلثبات" قال الق ارفي: "كل شيء يقول األصوليون: إنه مطلق يقول النحاة: إنه نكرة وكل شيء يقول النحاة: إنه نكرة يقول األصوليون: إنه مطلق فكل نكرة في سياق اإلثبات مطلق عند األصوليون فما أعلم موضع ا وال لفظ ا من ألفاظ النك ارت يختلف فيها النحاة واألصوليون بل أسماء األجناس كلها في سياق الثبوت هي نك ارت عند النحاة ومطلقات عند األصوليين" - 2 -
ومن المعلوم أن النكرة عند النحاة هي: كل اسم شائع في جنسه ال يختص به واحد دون آخر مثل رجل كتاب فرس ولهذا قال اآلمدي بعد ذلك: وان شئت قلت: هو اللفظ الدال على مدلول شائع في جنسه وعرف ابن الحاجب وغيره من األصوليين المطلق بأنه: "ما دل على شائع في جنسه" وبهذا يتبين أنه ال فرق بين المطلق والنكرة غير المستغرقة في سياق اإلثبات بل هما بمعنى واحد في عرف النحاة واألصوليين ومثال المطلق الرقبة في قوله تعالى: }و ال ذ ين ي ظ اه ر ون م ن ن س ائ ه م ث م ي ع ود ون ل م ا ق ال وا ف ت ح ر ير ر ق ب ة م ن ق ب ل أ ن ي ت م اس ا{ المقيد لغة: هو ما بقابل المطلق في اللغة فالقيد هو الربط حسي ا كان أو معنوي ا تقول قيدت الدابة إذا ربطتها بحبل ونحوه وهذا قيد حسي وفي الحديث: "اإليمان قيد الفتك ال يفتك مؤمن" قال ابن منظور: "معناه أن اإليمان يمنع عن الفتك بالمؤمن" ومنه قول عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه: "قيدوا العلم بالكتاب" "قلت" وهذا وذاك قيد معنوي والمقيد اصطالح ا: ذكر العلماء له تعريفات كثيرة وهو ما يقابل المطلق على اختالف التعريفات: فقيل: هو ما دل على الماهية بقيد وقيل: هو المتناول لمعين أو لغير معين موصوف بأمر ازئد على الحقيقة الشاملة لجنسه ومثال المقيد الرقبة في قوله تعالى: }و م ا ك ان ل م ؤ م ن أ ن ي ق ت ل م ؤ م ن ا إ ال خ طأ و م ن ق ت ل م ؤ م ن ا خ طأ ف ت ح ر ير ر ق ب ة م ؤ م ن ة { فاشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة وهذا قيد لها ولو لم يشترط لكانت الرقبة مطلقة حمل المطلق على المقيد: إذا ورد الخطاب مطلق ا ال مقيد له وجب حمله على إطالقه واذا ورد الخطاب مقيد ا ال مطلق له وجب حمله على تقييده واذا ورد الخطاب مطلق ا في موضع ومقيد ا في آخر فله أربع صور: الصورة األولى: أن يتحد السبب والحكم: - 3 -
فقد ورد تحريم "الدم" مطلق ا في قوله تعالى: }ح ر م ت ع ل ي ك م ال م ي ت ة و الد م و ل ح م ال خ ن ز ي ر و م ا أ ه ل ل غ ي ر الل ه ب ه { وورد تحريمه مقيد ا بكونه مسفوح ا في قوله تعالى: }ق ل ال أ ج د م أ و ل ح ف ي م ا أ وح ي إ ل ي م ح ر م ا ع ل ى ط اع م ي ط ع م ه إ ال أ ن ي ك ون م ي ت ة أ و د م ا م س ف وح ا خ ن ز ير } والحكم في اآليتين واحد وهو "التحريم" والسبب واحد فاتحد الحكم والسبب فيحتمل المطلق على المقيد باتفاق ألن العمل بالمقيد عمل باآليتين والعمل بالمطلق عمل بإحدى اآليتين دون األخرى والعمل بهما أولى من العمل بإحداهما وبالعمل باآليتين يخرج بالمكلف من العهدة بيقين الد ك م ل لذ ك ر م ث ل ح ظ األ ن ث ي ي ن } فإنه مطلق وورد وكقوله تعالى: }ي وص يك م الل ه ف ي أ و القيد في قوله تعالى: }ف إ ن ل م ي ك ن ل ه و ل د و و ر ث ه أ ب و اه ف ل م ه الث ل ث ف إ ن ك ان ل ه إ خ و ة أ و د ي ن } فنصيبه هنا مقيد بأن يكون بعد و ص ي ة ي وص ي ب ه ا ف ل م ه الس د س م ن ب ع د الوصية والدين فيحمل المطلق على المقيد في جميع المواريث فال يوزع شيء من التركة على الورثة إال بعد الوصية والدين الصورة الثانية: أن يختلف السبب والحكم فإذا اختلف السبب والحكم فال يحمل المطلق على المقيد باتفاق فقوله تعالى: }و الس ار ق و الس ار ق ة ف اق ط ع وا أ ي د ي ه م ا{ مطلق في األيدي من غير تقييد ألي اليدين أو إلى أي حد يكون القطع أما غسل األيدي في قوله تعالى: }ي ا أ ي ه ا ال ذ ين آم ن وا إ ذ ا وج وه ك م و أ ي د ي ك م إ ل ى ال م ر اف ق { فمقيد إلى الم ارفق وال يصح ق م ت م إ ل ى الص الة ف اغ س ل وا هنا حمل المطلق على المقيد الختالف السبب "سرقة في المطلق" و "وضوء في المقيد" والختالف الحكم "قطع في المطلق" و "غسل في المقيد" فال يحمل المطلق على المقيد باتفاق كما قال برهان واآلمدي وغيرهم الصورة الثالثة: أن يتحد السبب ويختلف الحكم الشوكاني وحكاه الباقالني والجويني والكيا اله ارس وابن فغسل األيدي في الوضوء مقيد إلى الم ارفق في قوله تعالى: }ي ا أ ي ه ا ال ذ ين آم ن وا إ ذ ا ق م ت م إ ل ى الص الة ف اغ س ل وا و ج وه ك م و أ ي د ي ك م إ ل ى ال م ر اف ق { ومسح األيدي في التيمم مطلق في قوله تعالى: }ف ت ي م م وا ص ع يد ا ط ي ب ا ف ام س ح وا ب و ج وه ك م و أ ي د يك م م ن ه { - 4 -
ولو نظرنا في اآليتين لوجدنا سبب الوضوء والتيمم واحد وهو "الحدث" ولكن الحكم مختلف ففي اآلية األولى الحكم "الغسل" وفي الثانية "المسح" وفي هذه الصورة ال يحمل المطلق على المقيد قال الشوكاني رحمه اهلل تعالى: "ال خالف في أنه ال يحمل أحدهما على اآلخر بوجه من الوجوه سواء كانا مثبتين أو منفيين أو مختلفين اتحد سببهما أو اختلف وقد حكى اإلجماع جماعة من المحققين آخرهم ابن الحاجب" الصورة ال اربعة: أن يختلف السبب ويتحد الحكم : واذا كان العلماء في الصور الثالث السابقة اتفقوا أو كادوا على حكم كل صورة في هذه الصورة قد اختلفوا األولى: أن يكون القيد واحدا : ولهذا الصورة حالتان: فإنهم فالرقبة "مطلقة" في كفارة الظهار في قوله تعالى: }و ال ذ ين ي ظ اه ر ون م ن ن س ائ ه م ث م ي ع ود ون ل م ا ق ال وا ف ت ح ر ير ر ق ب ة م ن ق ب ل أ ن ي ت م اس ا{ ومطلقة في كفارة اليمين في قوله تعالى: }ال ي ؤ اخ ذ ك م الل ه ب الل غ و ف ي أ ي م ان ك م و ل ك ن ي ؤ اخ ذ ك م ب م ا ع ق د ت م األ ي م ان ف ك ف ار ت ه إ ط ع ام ع ش ر ة م س اك ين م ن أ و س ط م ا ت ط ع م و ن أ ه ل يك م أ و ك س و ت ه م أ و ت ح ر ير ر ق ب ة { ومقيدة باإليمان في كفارة القتل الخطأ في قوله تعالى: }و م ا ك ان ل م ؤ م ن أ ن ي ق ت ل م ؤ م ن ا إ ال خ ط أ و م ن ق ت ل م ؤ م ن ا خ ط أ ف ت ح ر ير ر ق ب ة م ؤ م ن ة { واذا نظرنا إلى أسباب الكفارة في اآليات الثالث وجدناها مختلفة فالسبب في اآلية األولى "الظهار" وفي الثانية "الحنث باليمين" وفي الثالثة "قتل المؤمن خطأ" واذا نظرنا إلى الحكم وجدناه واحد ا وهو عتق الرقبة لكنه في الظهار واليمين مطلق وفي القتل مقيد فهل يحمل المطلق في هذه الصورة على المقيد فنوجب في كفارة الظهار واليمين أن تكون الرقبة مؤمنة أيض ا هذا ما وقع الخالف فيه بين العلماء فذهب األحناف وأكثر المالكية وروي عن اإلمام أحمد إلى أنه ال يحمل المطلق على المقيد فيجوز في كفارة الظهار واليمين عتق الرقبة الكافرة وال يجوز في كفارة القتل إال الرقبة المؤمنة وذهب أكثر الشافعية والحنابلة إلى حمل المطلق على المقيد فيجب أن تكون الرقبة مؤمنة في جميع الكفا ارت الثانية: أن يكون القيد }ف م ن ل م ي ج د ف ص ي ام ث الث ة متعددا : فالصوم "مطلق" في كفارة اليمين في قوله تعالى: أ و ع ل ى أ ي ام{ وفي قضاء رمضان: }ف م ن ك ان م ن ك م م ر يض ا - 5 -
س ف ر ف ع د ة م ن أ ي ام أ خ ر } ومقيد بالتتابع في كفارة القتل في قوله تعالى: }ف م ن ل م ي ج د ب ة م ن الل ه { وكذلك في كفارة الظهار في قوله تعالى: ف ص ي ام ش ه ر ي ن م ت ت اب ع ي ن ت و }ف م ن ل م ي ج د ف ص ي ام ش ه ر ي ن م ت ت اب ع ي ن م ن ق ب ل أ ن ي ت م اس ا{ ومقيد بالتفريق في صوم المتمتع بالحج في قوله تعالى: }طف م ن ر ج ع ت م { ل م ي ج د ف ص ي ام ث الث ة أ ي ام ف ي ال ح ج و س ب ع ة إ ذ ا واتفق العلماء على أنه ال يحمل المطلق على المقيد الختالف القيد وعدم وجود مرجح ألحد القيود وحمله على أحدهما دون اآلخر بال دليل تحكم فليس أحدهما بأولى من اآلخر - 6 -