وقفات تربوية مع سورة الكهف

النسخ

1 مدرسة دار التوح د لتحف ظ القرآن بجدة 9 وقفات تربىية مع سىرة الكهف جمع وإعداد: نجالء السب ل برنامج التدبر الملزمة السابعة

2 ػ اضطػدطظ ػ الحمد هلل رب العالم ن... الحمد هلل المنعم المتفضل الذي أسبػ عل نا نعمه ظاهرة وباطنة... الحمد هلل الذي علمنا وأخذ بنواص نا وفتح قلوبنا وأجلسنا لمدارسة كتابه وهو القابل جل جالله ( وم تجد كل نفس ماعملت من خ ر محضرا ( س أت وم ت قل ب ف ه صفحات كتابك فترى ف ه ماقاله لسانك وما كتبته داك, وما مشت إل ه قدماك وستنظر إلى أي األماكن ذهبت وف أي المجالس جلست وإلى أي الكالم استمعت عندها ستقل ب وتقل ب ف هذه الصفحات ووجهك مشرق, فماهو إال إلتفاؾ حول مابدة القرآن تعرضا لكرم صاحب المأد بة. فالقرآن مأد بته ونحن ض وفه وحق على المض ؾ أن كرم ض فه, وهو الكر م سبحانه وبحمده ولن ردنا من هذه المأد بة صفرا. اللهم اجعلنا ممن أحسن بك الظن فأعط ته ووف ته وأكرمته وزدته من فضلك اكر م. اللهم زدنا والت نقصنا وأعطنا والتحرمنا وأكرمنا وال تهنا وأ دم عل نا مدارسة القرآن ومجالس القرآن الت قال عنها رسولنا صلى هللا عل ه وسلم )ما اجتمع قوم ف ب ت من ب وت هللا تلون كتاب هللا و تدارسونه ب نهم إال نزلت عل هم السك نة وؼش تهم الرحمة وحفتهم المالبكة وذكرهم هللا ف من عنده ومن أبطأ به عمله لم سرع به نسبه( رواه مسلم. واعلم امن التففت حول هذه المابدة أن ( التوفيق على قدر القربى( فبقدر ما ت حب تقترب وبقدر ما تقترب ت وهب وبقدر ما تتشبع تتشوق أكثر للعلم ) ( ألن اللذة هنا لذة حق ق ة 2... فالقرآن هو المعراج الرب س الذي رتق بك إلى السماء هاهو رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم بشر أصحابه قابال : )أبشروا أبشروا أل س تشهدون أن ال إله إال هللا وأن رسول هللا قالوا بلى, قال : فإن هذا القرآن سبب, طرفه ب د هللا وطرفه بأ د كم, ) ( فتمسكوا به, فإنكم لن تضلوا, ولن تهلكوا بعده أبدا ( ) ( من كلمات الدكتور مصطفى البح اوي حفظه هللا, وهو أحد علماء المؽرب. ) ( رواه ابن حبان ف صح حه والب هق ف شعبه والطبران ف الكب ر وصححه األلبان ف السلسلة الصح حة) 0 (

3 المحور األول: مقصود السورة, فضلها والسر ف إخت ارها بدا ة قد رد على ذهن القارئ أن سأل مالسر ف إخت ار هذه السورة دونا عن غ رها من سور القرآن الكر م لتطرق وأسماعنا ف كل أسبوع ونكررها ف كل جمعة قلوبنا السر وهللا أعلم هو مقصودها, ومقصود السورة نعن به الهدؾ األساس والموضوع الرب س ف ها الذي جمع كل موضوعات السورة وتدور حوله. ومقصود سورة الكهف هو : هو العصمة من الفتن النب صلى هللا عل ه وسلم حذرنا ) ( من الفتن وأخبرنا )إن السع د لمن جن ب الفتن( وقال عل ه الصالة والسالم )ستكون فتن القاعد ف ها خ ر من القابم, والقابم ف ها خ ر من الماش, والماش ف ها خ ر من الساع, من تشرؾ لها تستشرفه فمن وجد منها ) ( ملجأ أو معاذا فل عذ به ) والفتن كث رة ومتنوعة, ومتالطمة ومتالحقة كموج البحر تحاصر اإلنسان من كل جهة تجعل الحل م ح رانا بل وتكاد أن تذهب بعقول كث ر من الناس!!! فتأت هذه السورة لتعط ك خط النجاة تعط ك ك ؾ كون المخرج من هذه الفتن وك ؾ كون الخالص منها ونحن جم عا بال استثناء بحاجة حق ق ة لنعرؾ ك ؾ كون المخرج والخالص والعصمة من الفتن ) ( صح ح سنن أب داود لأللبان حد ث رقم 5. ) ( فتح الباري كتاب الفتن حد ث رقم

4 مناسبة اسم السورة مع مقصودها وفضلها:. )أ( الكهف إما أن كون كهفا حس ا أو معنو ا الكهف الحس : هو تلك المؽارة الت تكون بداخل الجبل أوي إل ه اإلنسان و حتم بداخله, من مطر أو ر ح أو ش ء من التقلبات واآلفات. أما الكهف المعنوي: وهو المعنى الذي نر ده أن بقى حاضرا ف ذهنك وأنت تقرأ هذه السورة. بأن سورة الكهؾ كلها من أولها إلى أخرها ه كه ؾ لك أ ها القارئ من الفتن كما أن الكهؾ ملجأ ومأوى لإلنسان دخل ف ه و حتم بداخله فكذلك هذه السورة الكر مة ه عصمة وملجأ ونجاة لقاربها, إذا أوى إل ها وقرأها وتدبرها وعمل بها فإن هللا حوطه بحفظه وعنا ته و نشر عل ه رحمته و عصمه من الفتن. الس ما أنها جمعت لنا أصول الفتن ( فتنة الد ن فتنة الدن ا والمال وفتنة العلم- وفتنة إبل س وفتنة الم لك والسلطة( بل وجعلها الرسول صلى هللا عل ه وسلم إحدى أسباب العصمة من أكبر وأخطر وأعظم فتنة ستمر على البشر ة حذر منها األنب اء أجمع من زمن نوح عل ه السالم إلى ) ( زمن نب نا عل ه الصالة والسالم أال وه فتنة المس ح الدجال كما جاء ف حد ث النواس بن سمعان رض هللا عنه قال : ذكر لنا رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم الدجال فقال : )إن خرج وأنا ف كم فأنا حج جه دونكم, وإن خرج ولست ف كم فامرؤ حج ج نفسه وهللا خل فت على كل مسلم فمن أدركه منكم فل قرأ ) ( فواتح سورة الكهؾ فإنها جواركم من فتنتة ) وقال صلى هللا عل ه وسلم )من حفظ عشر آ ات من أول سورة الكهؾ عصم من ) ( الدجال ) وف مسند اإلمام أحمد)من قرأ عشر آ ات من سورة الكهؾ ع صم من فتنة المس ح ) ( الدجال( وعلى هذا فالوعد بالعصمة من فتنة المس ح الدجال تتحقق لمن قرأ العشر األول أو العشر األواخر من سورة الكهؾ. ) (تم الكالم عن المس ح الدجال وفتنته وصفاته بالتفص ل ف ملزمة )وقفات تربو ة لسورة مر م( ) ( رواه مسلم كتاب الفتن وأشراط الساعة. ) ( رواه مسلم بباب فضل سورة الكهؾ. ) ( مسند اإلمام أحمد /. 4

5 )ب( نور وض اء لقارئها: عن أب سع د الخدري رض هللا عنه أن النب صلى هللا عل ه وسلم قال)من قرأ ) ( سورة الكهؾ أضاء له من النور ماب ن الجمعت ن( وحتى تتصور هذا الحد ث و صل معناه إلى قلبك, تخ ل إذا كنت ف ظلمة ل ل أل ل وظالم حالك, وسواد منتشر, ثم أتاك ش ء من النور ورأ ته من ب عد ماذا تشعر مباشرة ستشعر بش ء من األمان بدأ تسرب إل ك, وأن هذا الشعور باألمان بدأ كبر و كبر و كبر بداخلك كلما اقتربت أكثر وأكثر من مصدر الضوء. لذلك موسى عل ه السالم لما رأى نورا ماذا قال )إن آنست نارا ( أن س لما رأى هذه النار, استانس وأطمأن ألن الظلمة والل ل والسواد وج د ف اإلنسان ش ء من الخوؾ ومن الوحشة فلما رأى هذا النور اطمأن فقد وجد ملجأ والنور ملجأ ف الظلمة. وسورة الكهؾ أ ضا ه نور وض اء لقاربها تبدد ظلمات الفتن رزق بها بص رة وفرقانا م ز به و خرج به من كل فتنة وجهل وظلمة. واضطبدػإذاػأ رطؽػظورا ػسؽػشضبػػسإنػشضبػػدوفػغحغا ػ ( أ م ه ك ان م ي ت ا ف أ ح ي ي ى اي ج ع ل ى ا ل و ر ا ي م ش ي ب ف ي الى اس ك م ه م ث ل ف ي الظ ل م ات ل ي س ب ار م ى ا...(األنعام ) ( واضطبدػإذاػأ رطؽػظورا ػسؽػشضبػػسإنػشضبػػدغ بصر ػ )64( )فإو ا التعمى األبصار لكه تعمى القل ب التي في الص د ر( ا حج ( ( مما يدل على وفاسة ذي الس رة أيضا مكاوت ا ق ل ابه مسع د رضي هللا عى : )ت إسشائ ١ ا ى ف ش ٠ ط األ ث ١ اء ا ع تاق األ ي تالد () 2 ( )1( س ا ا ث ١ م ف ا س ا ىثش, ا حاو ف ا ستذسن ع ا صح ١ ح ١, حس األ ثا. )2( فتح ا ثاس - وتاب تفس ١ ش س سج اإلسشاء. )ا عتاق( ج ع عت ١ ك ات غ ا غا ٠ ح ف ا ش عح ا حس ا ج دج. ( تالد ) احفظت لذ ٠ ا. 5

6 لاي ا ث ١ م ( ا عتاق : ج ع عت ١ ك ا عشب تجع و ش ء ت غ ا غا ٠ ح ف ا ج دج عت ١ ما ٠ ش ٠ ذ تفض ١ ز ا س س ا تتض روش ا مصص أخثاس األ ث ١ اء ع ١ ا صالج ا سال ا تالد اوا لذ ٠ ا ا اي, ٠ ش ٠ ذ أ ا أ ائ ا س س ا ض ح ف أ ي )1( اإلسال أ ا أ ي الشأ حفظ ا مشآ هللا أع ( إرا... ح أ ا س سج عظ ١ ح ا مشآ و عظ ١ شج تتذاسس ا ا تأ ف ١ ا أ ى ٠ مش ب ا مشآ خ ك, ٠ حثة ا مشآ خ ك زا أعظ ا ششف أعظ ا شصق س ضع ت ١ أع ١١ ا أ ش ٠ : األ ل : أ أحة هللا تصذق اشتغ تذال ح ا عثاد ع ١, ف ا أ ت ت ت ه ا ذاسسح ٠ تفشل ج س ران إال لذ اصداد ا حثا شت ل شتا تعظ ١ ا تف ٠ ضا ت وال ع ١. الثاوي: ا ٠ م أ ا ع تأ تال ج تذتش ا وا فضال ٠ تشتة ع ١ األجش ا ث اب ا ال ٠ تشتة ع غ ١ ش. زا مصذ ماصذ تذاسس ا ز ا س سج ف ح ط ع ف ض ٠ ذ األجش ا ث اب أ ٠ عط ١ ا هللا ف ق ا شج أوثش ا ؤ. آم ن. ) 1 (شعة اإل ٠ ا ث ١ م /674 2 مال ع ا تفس ١ ش ا ض ع / 6

7 المحور الثان : سبب نزولها: ذكره ابن اسحاق ف الس رة النبو ة البن هشام, والطبري ف جامع الب ان, والب هق ف دالبل النبوة وابن كث ر ف تفس ره. وسنذكره باختصار : أرسلت قر ش إلى أحبار ال هود ف المد نة تسألهم عن هذا النب الذي خرج ب ن أظهرهم, باعتبار أن ال هود أهل كتاب وعندهم علم, وهم كانوا فخرون بهذا على العرب و قولون أطل عل نا زمان نب وأوصافه ذ كرت ف كتابنا وس خرج ونكون أتباعه ومعه, لهذا أرسلت قر ش تسألهم وقالوا جبناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا فقالت أحبار ال هود : سلوه عن الروح ماه وعن فت ة ذهبوا ف الدهر األول ماكان من أمرهم فإنه قد كان لهم حد ث عجب وسلوه عن رجل طواؾ قد بلػ المشارق والمؽارب ما كان نبؤه فإن أخبركم فهو نب, وإن لم خبركم فهو رجل متقول فاصنعوا به مابدا لكم, جاء القرش ون,وسألوا رسول هللا صلى هللا فقال لهم: ؼدا أخبركم ولم ستث ن أي: لم قل إن شاء هللا, فمكث رسول صلى هللا عل ه وسلم خمسة عشرة ل لة ال حدث هللا إل ه ف ذلك وح ا وال أت ه جبر ل شق ذلك عل ه وحزن عل ه الصالة والسالم وف المقابل أرجؾ المشركون وفرحوا ثم جاءه جبر ل عل ه السالم ) ( بسورة الكهؾ هذه القصة تب ن الجو العام الذي نزلت ف ه هذه السورة وأنها نزلت ف العهد المك بل ف بدا ة الدعوة وهذه الفترة كانت فترة حرجة القى ف ها النب صلى هللا عل ه وسلم كث را من المحن واالبتالءات والمكاره والحصار والتعذ ب واإل ذاء فكانت سور القرآن تنزل السورة تلو السورة لتثبت قلبه عل ه الصالة والسالم وتسل ه وتعز ه وتب ن له أن ماتجد من قومك ل س ؼر با فقد وجده األنب اء قبلك فنزلت هذه السورة تثبت قلب النب صلى هللا عل ه وسلم وت سل ه هو وصحابته رضوان هللا عل هم أجمع ن. ) (باختصار وتصرؾ نقال من كتاب التفس ر الموضوع. 7

8 المحور الثالث : مقدمة السورة ابتدأ هللا عز وجل هذه السورة الكر مة بالحمد لذاته العل ة )ال ح م د ل ل ه الهذ ي أ ن ز ل ع ل ى ع ب د ه ال ك ت اب و ل م ج ع ل ل ه ع و ج ا, ق م ا ل ن ذ ر ب أ س ا ش د د ا م ن ل د ن ه و ب ش ر ال م ؤ م ن ن الهذ ن ع م ل ون ال هصال ح ات أ هن ل ه م أ ج ر ا ح س ن ا( ربط هللا ماب ن حمده وما ب ن إنزاله للقرآن فالرب العظ م المتفضل الذي أنزل هذا الكتاب العظ م هو وحده المستحق للحمد والثناء جل جالله الذي هو خ ر الكتب وأ سر الطرق إلى النجاة والعصمة. ثم وصؾ هذا الكتاب بوصف ن: ( )ولم جعل له عوجا ( نفى عنه العوج, بمعنى أن هذا الكتاب الخلل ف ه وال نقص والتعارض وال تناقض وال اختالؾ المن جهة ألفاظه والمن جهة معان ه بل إنه سل م من كل عوج. ( )ق ما..( تقوم به مصالح العباد الد ن ة والدن و ة وبه تقوم الح اة و نتظم صالح المعاش والمعاد, فهو منهج قو م وصراط مستق م ف ه بشارة لمن أخذ به ونذارة لمن تركه وأعرض عنه. ثم عاتب هللا عز وجل رسوله صلى هللا عل ه وسلم عتابا لط فا على أسفه وحزنه الشد د على أهل مكة بأنهم أعرضوا ولم ؤمنوا )فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم ؤمنوا بهذا الحد ث أسفا (التذهب نفسك عل هم حسرات, وتأسؾ عل هم حتى تكاد تهلك ترفق بنفسك وما عل ك إال البالغ أن تبلػ رسالة ربك أما الهدا ة فل ست ب دك وال ب د أي مخلوق ( إ ه الت ذ أحثثت ى هللا ٠ ذ ٠ شاء أع تا تذ ٠ ) وهللا أعلم بخلقه بمن ستحق الهدا ة وبمن ال ستحقها. ثم ب ن هللا سبحانه وتعالى سبب رب س ا من أسباب صدود الناس وإعراضهم وهو تعلقهم بالدن ا, وب ن حق قة الدن ا وأنها ماه إال ز نة زابلة لن تبقى ولن تدوم جعلها هللا دار اختبار وامتحان ألهلها ثم مص رها إلى خراب وإلى دمار)صع دا جرزا ( كاألرض الجرداء القاحلة الت النبات ف ها والبناء قد استؤصل كل ماعل ها واجتثت من أصوله وجذوره, هذه ه حق قة الدن ا. 8

9 المحور الرابع: قصة أصحاب الكهف وقبل أن أبدأ بسرد أحداثها أعط ك هذه الفابدة : قول هللا عز وجل ( فأقصص القصص لعلهم تفكرون( و قول سبحانه )إن ف قصصهم لعبرة( من استطاع أن ع ش مع قصص القرآن ع شا تدبر ا فإنه س فتح له من أبواب البص رة والمعرفة والترب ة الش ء الكث ر, فعند ذاك ذوق مالم عهد له مذاقا وال طعما, و حس مالم كن له به سابق معرفة وإحساس ولو لم كن إال فهمه للسنن الربان ة من خالل هذه القصص لكانت هذه تكف... فأ قظ قلبك! وألق سمعك وأقرأ وتدبر! ثم أبصر!.. تلك كلمات البدء فإذا كنت جاهزا فلنبدأ معا أحداث القصة... بدأت قصتهم بأسلوب استفهام تعجب )أم حسبت أن أصحاب الكهف والرق م كانوا من آ اتنا عجبا ( هل حسبت أن أصحاب الكهؾ كانوا عجبا من آ اتنا فقط, وكأنه دار ذلك ف خلد النب صلى هللا عل ه وسلم بأن معجزتهم أعظم معجزة, وخبرهم أعظم وأعجب خبر فال تحسبن ذلك فهناك ماهو أعجب, خلق السموات واألرض واختالؾ الل ل والنهار وآ ات األنفس واآلفاق وعالم النبات وعالم البحار فضال عن عالم الؽ ب وماف ه من ) ( حكم وأسرار ودقابق وأخبار كلها آ ات عج بة تستوجب التأمل ف ها واالعتبار بها( ثم بدأت اآل ات تفص ل قصت هم وأمرهم ومجمل هذه القصة : أنهم فت ة عاشوا ف زمان ملك كافر ظالم, أهل قر تهم أ ضا كانوا مشرك ن عبدون اآللهة والطواؼ ت شرح هللا صدور أولبك الفت ة لإل مان وت لفت قلوبهم وأرواحهم واجتمعت كلمتهم على رفض ماعل ه قومهم من ضالل. وبدأوا باإلنكار عل هم ودعوتهم للحق والتوح د. ) ( التفس ر الموضوع - بتصرؾ- 9

10 ر فع أمرهم إلى الملك الظالم فتوعدهم وهددهم بالقتل والتعذ ب والرجم إن هم لم تركوا هذا الد ن الجد د و رجعوا إلى د نه ود ن أتباعه. أمام هذا التهد د والترو ع والتسلط أصبح هؤالء الفت ة واجهون فتنة ف د نهم وأصبحوا أمام خ ار ن الثالث لهم إما أن ثبتوا على د نهم و تمسكوا به عندها س نالهم ما نالهم من هذا الطاؼ ة!! وإما أن تنازلوا و تراجعوا و تركوا هذا الد ن وعندها س سلمون من هذا الملك ومن تهد ده وتعذ به واستبداده. ثبت هؤالء الفت ة بالرؼم من قلة عددهم وصؽر سنهم- إال أنهم ثبتوا. واضدؤالػاضذيػغطرحػظغدػػاآلنػطاضذيػأراظؼمػرضؼػاضثبات ػأوبصغعظػأخرىػصغفػ ػ ثبتواػ ػ قال تعالى:)وربطنا على قلوبهم( شددنا على قلوبهم قو ناها وثبتناها ل واجهوا ر اح الفتن وأعاص ر المحن. ومن ربط هللا على قلبه ثب ته وسك نه وط مأنه. وكأن القلب هو ش ء قابل للتمزق والتوزع والتبعثر فإذا ش د وربط وأ د ر عل ه حبل اإل مان فإنه س ثبت و ستقر و هدأ وتزول اضطراباته ومخاوفه. هذا الربط هو التثب ت وهو من أكبر نعم هللا على والمفزعات. العبد, وم أن ربط على قلبه ف الشدابد والفواجع والمل مات تأمل ك ؾ ثبت هللا مجتمع الصحابة رضوان هللا عل هم بثبات أب بكر الصد ق لما مات رسول هللا صلى عل ه وسلم نزل الخبر عل هم كالصاعقة جثى الناس على الركب وكادت عقولهم أن تط ش!! عمر وهو عمر الملهم المحدث القوي الذي فرالش طان منه ح ن سمع الخبر أخذ س فه وقال: من سمعته قول أن رسول هللا قد مات قطعت رأسه!! ف أت أبو بكر بخطواته الثابتة بعد أن ق بل جب ن رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم وقال له : )بأب أنت وأم ارسول هللا طبت ح ا وم تا ( صعد على المنبر و قول )أ ها الناس من كان عبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان عبد هللا فإن هللا ح ال موت, ثم قرأعل هم ( وما محمد إال رسول قد خلت من قبله الرسل أفأ ن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم...( فنزلت اآل ة بردا وسالما على قلوبهم وكأنهم لم سمعوها إال ف تلك اللحظة فقط وبثباته ثبت هللا أمة بأكملها!! 01

11 ثم تأمل ك ؾ ربط هللا على قلب اإلمام أحمد ف محنته المشهورة )فتنة خلق القرآن ) س جن اإلمام وج لد وكان جلد وهو صابم ف ؽمى عل ه, كان دق قا نح ل الجسم والجال د كان جس ما ضخما ومع ذلك كان الخل فة المعتصم قول للجال د وهو ضرب ف اإلمام ش د عل ه قطع هللا دك!! ثم هو بنفسه أخذ السوط و جلده لعله أن تزعزع أو ضعؾ أمام كل هذه الس اط وهذا الجلد لكنه ثبت رحمه هللا ف هذه المحنة العظ مة وبثباته ثبت مال ن البشر فثبات العال م سبب من أسباب ثبات الناس. وصور الثبات كث رة ومنها الثبات أمام الشهوات المحرقة ( وهذا النوع من الثبات عز ز( وم أن تتوفر كل دواع المعص ة وتت سر أسبابها و صبح العبد قر با منها وف قلبه حب وحن ن وشوق لها وللذتها- والمعاص لها لذة هذه اللحظة هو ب ن أمر ن حبه لربه وشوقه لمعص ته, شته لكنه خاؾ, ضاؼط التقوى بداخله والنفس اللوامة ضؽط عل ه وشهوته الت بدأ نارها صطل تضؽط عل ه, هل س قدم ربه أم قدم شهوته الت أحاطت به وأس رته عندها ع ش ف لحظات اصطبار ومصابرة وألم ومجاهدة تحمل ف ها من أجل ربه ماال تتحمله الجبال الراس ات فإذا أراد هللا به خ را أت ه لطؾ من هللا ف تلك اللحظة ف ثبته و نج ه منها... إل ك صورة أخرى من صور الثبات وسأختم بها... قال صلى هللا عل ه وسلم: ) ( ) أت زمان على الناس الصابر ف ه على د نه كالقابض على الجمر( هذه جمرة مشتعلة وأنت تقبض عل ها اترى مالذي ستفعله هذه الجمرة ب دك ستحرق الجلد وتحرق العصب حتى تصل إلى اللحم ومع ذلك أنت قابض عل ها لم تلق بها من دك!! هذا هو الثبات ف حق قته. أن تواصل س رك إلى هللا.. أن تداوم على استقامتك.. أن التتذبذب والتروغ والتزوغ وتتقلب وتتلون كل وم أنت بحال, ال وم مط ع وؼدا مقص ر. ال وم تقرأ القرآن وؼدا ثقل عل ك وتتهرب منه!!! ال وم تقوم وؼدا تنام ال وم تس ر إلى هللا خطوات وؼدا تنتكس وترجع إلى ) ( رواه الترمذي. الوراء 00

12 هذا االنقطاع والتذبذب والتقل ب ضعؾ إ مانك جعل إ مانك تقهقرو تراجع و نقص وكما قال األوزاع رحمه هللا )إن اإل مان ز د حتى بلػ أمثال الجبال و نقص حتى ) ( ال بقى منه ش ا( لذلك ل ست الفض لة الكاملة فقط ف قول ربنا هللا وإنما الفض لة الكاملة ف االستقامة عل ها )إن الذ ن قالوا ربنا هللا ثم استقاموا تتنزل عل هم المالئكة أال تخافوا والتحزنوا وأبشروا بالجنة الت كنتم توعدون..( الرجل الذي جاء الرسول صلى هللا عل ه وسلم وقال ارسول هللا, قل ل قوال ف ) ( اإلسالم ال أسبل عنه أحدا ؼ رك, ماذا قال له قال : )قل آمنت باهلل ثم استقم( حذ فة بن ال مان رض هللا عنه بماذا أوصى العلماء والعباد بهذه االستقامة وبهذا الثبات فقال : ) امعشر القراء استق موا فقد سبقتم سبقا بع دا فإن أخذتم م نا أو شماال لقد ضللتم ضالال بع دا () ( عبد هللا بن مسعود رض هللا عنه كان دعوا بالثبات) اللهم إن أسألك إ مانا ال رتد ونع ما ال نفد...() ( بل رسولنا صلى هللا عل ه وسلم كان سأل ربه الثبات فكان من دعابه )اللهم إن أسألك الثبات ف األمر والعز مة على الرشد( ومن هذا الثبات ( المداومة على العمل( ولوكان قل ال. ح ن سبل رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم : أي العمل أحب إلى هللا قال : )أدومه وإن قل() ( وكان عمله د مة صلى هللا عل ه وسلم كما أخبرت بذلك عابشة رض هللا عنها وكان آل محمد إذا عملوا عمال أثبتوه() ( أي داوموا عل ه والزموه. ) ( ) (تأمالت ف مماثلة المؤمن للنخلة للدكتور عبد الرزاق البدر.) (صح ح مسلم كتاب اإل مان. ) ( فتح الباري كتاب االعتصام حد ث رقم 0 5. ) ( مسند اإلمام أحمد / نقال عن كتاب أخالقنا د. محمود محمد الخزندار ) - ( صح ح مسلم كتاب صالة المسافر ن- رقم الحد ث 5. 02

13 قال النووي ( وإنما كان القل ل الدابم خ را من الكث ر المنقطع ألن بدوام القل ل تدوم الطاعة, والذكر, المراقبة, والن ة, واإلخالص, واإلقبال على الخالق سبحانه وتعالى و ثمر القل ل الدابم بح ث ز د على الكث ر المنقطع أضعافا كث رة() ( فالقض ة قض ة إ مان رفع إ مان ز د بن ان إ مان قوى و تم و بلػ الكمال ولن حصل هذا كله إال بالثبات... باالستقامة...بالمداومة. أما القفزات المندفعة الت س ر ف ها المرء إلى هللا و تقدم بقوة وباندفاع وبشدة ثم فتر و نقطع و تراخى هذه لن تؤثر كث را,, نعم أجره هللا عل ها فاهلل ال ض ع أجر من أحسن عمال, ومن عمل مثقال ذرة خ را ره, لكن القض ة ل ست قض ة أجور فقط!! وإنما هو كما قلت لك إ مانا رتفع وبن ان قوى و كتمل وهذا لن كون إال إذا كنت على حال واحدة بن ة واحدة وعزم واحد ووج ه ومن دام ثباته قطؾ ثماره... واحد سرمد ي نعم فتر اإلنسان, والفتور وارد ؼفلته وانقطاعه لكن المؤمن رقدته خف فة ال طول فتوره وال تطول فهن با لمن استدرك نفسه وحمل على نفسه وش طانه حملة قو ة عازمة وكان رجوعه سر عا... ) ( شرح النووي / 03

14 قلنا ربط هللا على قلوب هؤالء الفت ة فثبتوا على د نهم واستقر رأ هم أن عتزلوا قومهم و فروا بد نهم. وهذا هو المشروع ف وقت الفتن الفرار منها, وعدم التصدر لها فإن من تشر ؾ لها ستستشرفه : إي تقلبه وتصرعه. فالفتن خطافة واإلنسان ضع ؾ والقلوب تتقلب لذلك حثنا رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم أن ( من و ج د ف ها ملجأ فل عذ به() ( أي من وجد مكانا عتزل ف ه و عتصم منها فل عتزل, فإن من فر من الفتنة سلمه هللا منها وكفاه إ اها. استؽل هؤالء الفت ة انشؽال قومهم ف ع د من أع ادهم ففروا هارب ن, لم عتمدوا على أنفسهم وال على شبابهم وال قوتهم وإنما اعتمدوا على ربهم, وسألوا ربهم الرحمة واإل واء)ػربظاػآتظاػطنػضدظكػرحطظػوعغئػضظاػطنػأطرظاػرذدا ( دعاء صادق, وتضر ع واستعطاؾ ف ه أدب مع هللا وتودد إل ه أي: امن خلقتنا ورزقتنا وهد تنا ل س لنا ملجأ إال أنت, نرجو رحمتك ونلتمس رشدك. هم لجأوا إلى هللا ومن ل جأ إلى هللا آواه... هم بذلك دخلوا منزلة ( الجوار( وه منزلة عال ة رف عة من منازل األ مان, المقصود بها أن طلب العبد جوار ربه, طلب أن دخله هللا ف ضمانه وأمانه وعصمته وحفظه. ومن كان ف جوار هللا فهو عز ز, بل عز ز جدا... تأمل ف الدعاء الذي عل منا إ اه رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم ف من خاؾ من ظلم سلطان أو مكر ماكر أو ك د كابد )هللا أكبر, هللا أعز من خلقه جم عا, هللا أعز مما أخاؾ وأحذر, أعوذ باهلل الذي ال إله إال هو, الممسك السموات السبع أن قعن على األرض إال بإذنه, م ن شر عبدك فالن وجنود ه وأتباعه وأش اع ه من الجن واإلنس, اللهم كن ل جارا من شرهم جل ثناؤك وعز جارك وتبارك اسمك وال إله ؼ رك ) )ثالث مرات() ( ) ( صح ح مسلم- كتاب الفتن رقم الحد ث 0 0, ) (البخاري ف األدب المفرد برقم 0 5 وصححه األلبان ف صح ح األدب المفرد أنظر حصن المسلم صفحة 5. 04

15 )عز جارك( من كان ف جوارك ارب فهو العز ز, ال ؤذ ه أحد, ال صل إل ه أحد ال تسلط عل ه أحد, فهو ف حفظك وأمانك وعنا تك وضمانك فاهلل ج ر من استجار به من عباده الصالح ن, ال سلمهم وال خذلهم, وال ض عهم حاشاه جل جالله ال مكن أن ض ع عبدا أعتصم به, وانطرح عند بابه وكان صادقا ف طلب الجوار وقال: ارب أنا ف جوارك ارب ل س ل إال أنت ارب انصرن وال تنصر عل وامكر ل وال تمكر عل أن ى لهذا العبد أن ض ع لم ض ع هللا هؤالء الفت ة بل آواهم أعظم إ واء, وحفظهم أعظم حفظ, وأمنهم من أعدابهم ووكلهم إل ه ولم كلهم إلى أنفسهم وسنرى كل هذا واضحا جل ا ف أحداث القصة بإذن هللا. ولكن قبل أن ندخل ف صور حفظ هللا لهم أر د أن أقؾ أ ضا مع منزلة ( الهجرة( والهجرة معنى كب ر, وكب ر جدا ومنزلة عظ مة, آ ات كث رة ف القرآن تكلمت عنها الهجرة هجرتان: هجرة أبدان )الهجرة الحس ة( هجرة قلوب ( الهجرة معنو ة( هجرة األبدان : ه الهجرة من أرض إلى أرض, أن فارق اإلنسان أرضه وأهله ود اره و نزل ف أرض ال عرفها و ساكن أناس لم ألفهم. إبراه م عل ه السالم هو أول من هاجر ف سب ل هللا ح ن تبرأ من قومه واعتزلهم وترك أرض العراق وخرج مهاجرا وقال)إن مهاجر إلى رب إنه هو العز ز الحك م(. هاجر رسولنا صلى هللا عل ه وسلم من مكة ووقؾ نظر إلى أرضه وبلده ف نظرة وداع أخ رة وهو قول ( ما أط بك من بلد, وما أحبك إل, ولوال أن قومك أخرجون ما سكنت ؼ رك() ( ) ( رواه الترمذي وابن حبان والطبران والحاكم وصححه. 05

16 وها هو المهاجر الذي أخبرنا هللا عنه ف سورة النساء )ومن هاجر ف سب ل هللا جد ف األرض مراؼما كث رة وسعة ومن خرج من ب ته مهاجرا إلى هللا ورسوله ثم دركه الموت فقد وقع أجره على هللا...(اآل ة. رجل كب ر ف السن, من المستضعف ن الذ ن بقوا ف مكة ولم هاجروا مع رسول هللا رأى نفسه ع ش ب ن كفار مكة, تذكر رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم وتذكر إخوته الذ ن هاجروا, تحرك قلبه للهجرة واللحاق بهم فخرج مهاجرا من مكة إلى المد نة, لم فكر ف كبر سنه وال ف ش خوخته وضعفه, وأنه س س ر ف هذا الطر ق لوحده, و قطع هذه الصحراء لوحده لؽى كل هذا من تفك ره!! ولم بقى أمام ع ن ه إال أنه ر د الهجرة إلى هللا ورسوله, هانت عل ه نفسه, بذلها هلل وخرج مهاجرا ( ومن عرؾ ما طلب هان عل ه ما بذل(ف الطر ق أدركه الموت,فضرب إحدى كف ه باألخرى وقال : اللهم هذه ب عت لك وهذه ب عت لنب ك ثم مات!! هذه الهجرة وهذا الخروج وهذه الخطوات الت مشاها والكؾ الت ضرب بها األخرى وهو ف الصحراء ال علم به أحد هل ض عها هللا له لم ض عها سبحانه وبحمده بل حفظها وأنزل ف ها قرانا تلى)ومن خرج من ب ته مهاجرا إلى هللا ورسوله ثم دركه الموت فقد وقع أجره على هللا( أبهم هللا الجزاء ولم فص له ولم حدده وهذا دل على التعظ م أي عظ م الثواب واآلجر فال قدر قدره إال هللا ( فقد وقع أجره على هللا(. وبالعموم كل مهاجر إلى هللا فهو موعود بالتعو ض والسعة والثواب وأن هللا س خلؾ عل ه, جد ف األرض مراؼما قال ابن عباس : المراؼم التحول من أرض إلى أرض ) ( وقال مجاهد: عن متزحزحا عما كره) ( أي أنه س جد مكانا ومتحوال أفضل من المكان الذي كان ف ه, وس جد سعة ف األرض, وسعة ف الرزق, وسعة ف الصدر, وسعة ف كل ش ء, وهذا وعد من هللا وهللا ال خلؾ وعده. هجرة القلوب : الهجرة المعنو ة ه الهجرة الت التنقطع, مستمرة إلى ومنا هذا, وه الت قال عنها رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم ( المهاجر من هجر مانهى هللا عنه() ( كل من خرج من معص ة إلى طاعة فله حظ من هذه الهجرة وكل من خرج من بدعة إلى سنة له حظ من هذه الهجرة ), ( المصباح المن ر, سورة النساء ) (البخاري )كتاب اإل مان( 06

17 وكل من ا بتل بالجلوس مع أناس فارؼ ن ومجالس فارؼة ولم كن ب ده ح لة أن قوم من ذاك المجلس, فأرتحل بقلبه إلى هللا وإن خالطهم بجسده فله حظ من تلك الهجرة. ) ( واستمع لكالم ابن الق م رحمه هللا وهو قول)واعلم أن الحسرة كل الحسرة االشتؽال بمن ال جر عل ك االشتؽال به إال فوت نص بك وحظك من هللا عز وجل, وانقطاعك عنه, وض اع وقتك عل ك وشتات قلبك, وضعؾ عز متك, وتفر ق هم ك, فإذا ب ل ت بهذا- والبد منه-فعامل هللا تعالى ف ه واجتهد أن تأخذه معك وتس ر به, فتحمله وال حملك, فإن أبى ولم كن س ره مطمع فال تقؾ معه بل اركب الدرب, ودعه والتلتفت إل ه, فإنه قاطع طر ق ولوكان من كان,فانج بقلبك( فكل مهاجر موعود بالتعو ض سواء كانت هجرة أبدان أو هجرة قلوب و ش با هلل عوضه هللا خ را منه... من ترك هؤالء الفت ة اعتزلوا قومهم وهاجروا إلى ربهم فتولى هللا حفظهم وهللا إذا تولى حفظ ش ء سخر له من األسباب ما ال خطر على بال أحد وتعال مع أ ها القارئ الكرل م لنشاهد صور حفظ هللا ألصحاب الكهؾ: ( أول هذا الحفظ : أن هللا آواهم إلى كهؾ, هذا الكهؾ ل س بع دا عن مد نتهم الت خرجوا منها, وعادة الناس تعرؾ أرضها وبالدها حجرا حجرا, ومع ذلك عم ى هللا أبصارهم ثالثمابة سنة لم صلوا إلى هذا الكهؾ. ) كما عمى هللا أبصار قر ش عن رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم وأب بكر وهم ف ؼار ثور, قول أبو بكر: ارسول هللا لو أن أحدهم نظر إلى قدم ه لرآنا, ف قول له رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم : ا أبا بكر ماظنك باثن ن هللا ثالثهما الصورة الثان ة من هذا الحفظ: ضرب هللا على آذانهم ول س على أع نهم )وضربظاػ رضؼػآذاظؼمػسؽػاضصؼفػدظغنػرددا ( أراد هللا أن ناموا نوما طو ال ثق ال وهذا لن كون إال إذا تعطلت جارحة السمع,النوم بحد ذاته ف وضع مثل وضعهم كونهم ف رعب وفزع وقلق هارب ن من قومهم ومن ملك جبار طاؼ ة عتبر حفظ لهم,إذ أن الخابؾ عادة ال نام, والمفزوع والقلق والمضطرب ال نام فعندما ن مهم هللا ف موطن فزع فهذا من الحفظ لهم والرحمة بهم. 07 ) ( الوابل الص ب البن الق م.

18 الس دة عابشة رض هللا عنها: ف حادثة اإلفك ح ن ذهب الج ش وتركها لوحدها ف الصحراء, فتاة صؽ رة إن قلبت بصرها م نا أو شماال لن ترا إال رماال وجباال ولن تسمع إال أصوات الر ح والهواء أو أصوات الذباب والوحوش والسباع فكم وكم من الخوؾ والفزع س س طر عل ها كم من األفكار والواردات الت سترد عل ها ولكن هللا امتن عل ها فأنزل عل ها النوم حفظا لقلبها من كل هذا الفزع والقلق فنامت تحت تلك الشجرة الت جلست تحتها تنتظر من عود إل ها. كما امتن هللا على المؤمن ن ف ل لة بدر)وإذ ؽش كم النعاس أمنة منه() ( فأنامهم وهم ف خوؾ وترقب وحذر ف الصباح ستدار معركة, حرب وك ر وفر, والفارق هابل ب ن الفر ق ن من ح ث العدد والعدة, والنوم بع د جد بع د فأنزل هللا عل هم النوم وهم ف موطن فزع, وكل هذا صورة من صور حفظ هللا. ( الصورة الثالثة ف الحفظ:)وتحدبؼمػأغػاظا ػوعمػرشود( ) مع هذا النوم الثق ل الطو ل كانت عنا ة هللا تحوط بهم فناموا وأع نهم مفتوحة, فمن رآهم ظنهم أ قاظ وق ل أن الحكمة ف ذلك)حفظ أبصارهم أن تتجمد وتلتصق األجفان بطول المدة وهذا من لطؾ هللا بأهل الكهؾ() ( الصورة الرابعة ألقى هللا عل هم اله بة والرعب فال جرؤ أحد على الدن و منهم)ضوػ اطضطتػرضغؼمػضوضغتػطظؼمػسرارا ػوضطضئتػطظؼمػررب ا(لو أشرفت عل هم وهم ن ام ف الكهؾ لول ت منهم فرارا من الوحشة والرهبة الت حفظهم هللا بها ول ملبت منهم رعبا وتأمل بناء الفعل)ولم لبت ) ف ه تصو ر لتمك ن الرعب داخل النفس وشموله أجزاء الجسد فكأنما م لا من هامه إلى إبهامه وماكان هذا المعنى ل تحقق لوق ل, المتأل صدرك بالرعب) (. الرعب : سالح ربان, جندي من جنود هللا, نزله هللا على متى أراد ل حفظ به من ر د من عباده و نصر به من ر د. قذفه هللا ف قلوب هود بن النض ر )ف أ تاهم هللا من ح ث لم حتسبوا, وقذؾ ف قلوبهم الرعب خربون ب وتهم بأ د هم وأ دي المؤمن ن..( الحشر) (. ) ( األنفال. ) (التفس ر الموضوع /, ) ( التصو ر الب ان ف آ ات األمن والخوؾ, د. ز نب كردي 08

19 وقذفه ف قلوب بن قر ظة فنزلوا من حصونهم)وأنزل الذ ن ظاهروهم من أهل الكتاب من ص اص هم وقذؾ ف قلوبهم الرعب...( األحزاب) (. والقذؾ هو اإللقاء بقوة من عل و, ل بلػ سو داء القلب ف هتز و ضطرب. أولبك ال هود المحتم ن بحصونهم الواثق ن من صمودها ضد أي هجوم كان, فجؤهم القوي المت ن بسالح معجز, ؼفلوا عنه, ولم حسبوا له حسابا, أصاب قلوبهم, أصاب قلوبهم فأرتكز ف ها و ضعضع نفوسهم من دواخلها فما أؼنت عنهم حصونهم وأسلحتهم من هللا ش با.) ( (الصورة الخامسة )وظػضبؼمػذاتػاضغطغنػوذاتػاضذطال( أسند هللا فعل التقل ب إل ه جل جالله وهذا ف ه تشر ؾ لهم وب ان لعظ م لطؾ هللا بهم حتى التت كل أجسادهم. (الصورة السادسة )وترىػاضذطسػإذاػطضطتػتزاورػرنػصؼغؼمػذاتػاضغطغنػ ػ ػػػوإذاػزربتػتػرضؼمػذاتػاضذطالػوعمػسؽػسجوة ػطظػ( جعل هللا الشمس التنالهم بأذى, بالرؼم أنهم ف مكان واسع منفتح معرض للشمس لكن هللا صرفها عنهم فال تؤذ هم بحرارتها!! تأمل ك ؾ نشر هللا ألطافه على أول ابه, الشمس تكبر األرض بمل ون وثالثمابة ألؾ مرة قال هللا عنها )الشمس والقمربحسبان( س ران ف نظام دق ق منضبط ؼا ة االنضباط ال الشمس نبؽ لها أن تدرك القمر وال الل ل سابق النهار. و بالرؼم من هذا االنضباط أمر هللا هذه الشمس أن تز ور عنهم وتم ل عنهم والتؤذ هم ثالثمابة سنة والشمس مأمورة أن تم ل عنهم!!! فسبحانه وبحمده الملك ملكه واألمر أمره وكل ش ء له كن ف كون. ب ده, ال عجزه ش ء, أمره نافد إذا أراد ش با إنما قول ) ( التصو ر الب ان ف آ ات األمن والخوؾ, د.ز نب كردي. 09

20 تأمل أ ها القارئ ف هذا الحفظ العظ م ثالثمابة سنة...وفت ة نابمون أجساد تقل ب... أع ن مفتوحة...مهابة أ لق ت عل هم شمس مسخرة لهم...كهؾ ثالثمابة سنة...لم تؽ ر ف هم ش ء لم ؤذ هم ش ء عم عن أبصار الناس لم تجرأ أحد وال كابن من الكابنات أن ؤذ هم أو قترب منهم كل هذا ألنهم كانوا ف حفظ هللا, ومن كان ف حفظ هللا فهو المحفوظ على الحق قة )فاهلل خ را حافظا وهو أرحم الراحم ن( ونحن كمتدبر ن لكتاب هللا سنقف وقفة مع اسم هللا )الحف ظ( التعر ؾ إلى هللا هو رأس العلم, وزبدة المعرفة, وهو الحالوة الت ه واللذة الت فوق كل لذة. ال تدان ها حالوة ( إذا عرفته جل جالله تفتحت لك أبواب العلم, وف تح لك كل مؽلق, وأبصر ت السب ل وأضاء لك الطر ق, وازددت نورا على نور. (إذا عرفته سبحانه وبحمده تعلق قلبك به, وال تعلق القلب إال إذا أحب وال حب إال من شهد الجمال وأنت ترى جمال هللا عز وجل ف ق وم ته, وحسن إجابته, وكرم رعا ته, وعظ م لطفه, وجل ل ستره وحلمه وقرب رحمته ( وإذا سألك عبادي عن فإن قر ب أج ب دعوة الداع إذا دعان فل ستج بوا ل ول ؤمنوا ب لعلهم رشدون() ( ( لذلك أنت أمام علم من أج ل وألطؾ العلوم كلما اؼترفت منه ازددت نورا ف التعامل مع الخلق وازددت تزك ة ف نفسك وإتماما لمكارمك وأخالقك فاللهم عر فنا بك وعل منا عنك وافتح لنا بفضلك وكرمك فتحا مب نا. ) ( كتاب بالغ الرسالة القرآن ة للدكتور فر د األنصاري بتصرؾ-صفحة

21 الحف ظ : جاء االسم على وزن )فع ل( ص ؽة مبالؽة تدل أنه: شد د الحفظ, عظ م الحفظ, وأن حفظه مح ط بكل ش ء. والحفظ نوعان حفظ عام حفظ خاص الحفظ العام دخل ف ه كل مخلوق المؤمن والكافر, البر والفاجر, السماء واألرض والبحر والبر والدواب وكل ش ء. ودل له ( حف ظ()سبأ) ( إن رب على كل ش ء حف ظ()هود) 0 (, وقوله )وربك على كل ش ء هللا سبحانه وبحمده حفظ السموات واألرض وماف ها وقد النشعر نحن بهذا الحفظ فه أمامنا ثابتة مستقرة متى نشعر إذا حصلت الزالزل- والف ضانات- واألعاص ر والبراك ن ورأ ت الناس خرجون للطرقات, واألشجار ت قلع والب وت تهتز- واألرض تنصدع, عندها ستستشعر هذا الحفظ وتستشعر قوله تعالى)وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم آ اتها معرضون()األنب اء() (. وقوله )و مسك السماء أن تقع على األرض إال بإذنه(الحج) ( فال تتحرك والتم ل وال تسقط وكل هذا من الحفظ وهللا حفظ ذلك بال مشقة وال كلفة, ودون أدنى تعب أو نصب كما قال سبحانه)وسع كرس ه السموات واألرض وال ؤد ه حفظهما وهو العل العظ م(البقرة) ( وتأمل سعة هذا الحفظ ف قوله تعالى)إن كل نفس لما عل ها حافظ(فكل نفس موك ل حافظ حفظها بأمر هللا, حفظة كراما من المالبكة, حفظونه ف قظته ومنامه بها وف س ره وجلوسه وف دخوله وخروجه وف سفره وإقامته من المهالك والمعاطب ومصارع السوء )له معقبات من ب ن د ه ومن خلفه حفظونه من أمر هللا(الرعد) ( و حفظ على الخلق أعمالهم و حص عل هم أقوالهم وأفعالهم وال تؽ ب عنه ؼاببة والتخفى عل ه خاف ة) وإن عل كم لحافظ ن, كراما كاتب ن, علمون ماتفعلون(االنفطار) - ( و واف هم بها وم الحساب إن خ را فخ ر, وإن شرا فشر. 20

22 الحفظ الخاص وهو خاص بعباده المؤمن ن. قاعدة هذا الحفظ لمن أراده وأراد أن دخل ف ه هو قول رسول صلى هللا عل ه وسلم )احفظ هللا حفظك() ( فاهلل حفظ من حفظونه, وعلى قدر حفظك لربك فإنه حفظك إذا حفظته حفظا بالؽا فإنه س حفظك حفظا بالؽا وإذا حفظته حفظا قل ال فإنه س نقص حفظه لك والجزاء من جنس العمل. السؤال الذي طرح نفسه اآلن : ك ف حفظ العبد ربه فص ل أهل العلم ف هذه المسألة ولكننا سنجمل الكالم ف ثالث نقاط أن تحفظ حدود هللا أن تحفظ جوارحك وأن تحفظ قلبك هذه أمور ثالث إذا حفظتها تأهلت أن حفظك هللا حفظا خاصا. حدود هللا قال تعالى ( والحافظون لحدود هللا وبشر المؤمن ن( التوبة) ( حدود هللا ه أوامره ونواه ه وهذا شمل الد ن كله ولكن من أهم ما جب على المرء أن حفظه من هذه األمور والواجبات ه ( الصالة( ه الم زان الذي تزن ف ه حفظك ألوامر هللا كلها. قول هللا تعالى)حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى وقوموا هلل قانت ن (البقرة) 5 (. و قول سبحانه ( والذ ن هم على صالتهم حافظون(المعارج.) ( و قول صلى هللا عل ه وسلم ( من حافظ على الصلوات الخمس ركوعه ن وسجوده ن ومواق هتن وع ل م أنهن حق من عند هللا دخل الجنة(, أو قال: )وجبت له الجنة( أوقال : ح رم على النار) ( ) ( رواه أحمد والترمذي وأبو على وابن السن والب هق ف شعب اإل مان, راجع رسالة نور اإلقتباس البن رجب. ) (رواه أحمد بإسناد ج د-حسنه األلبان ف صح ح الترؼ ب / 0. 22

23 وف حد ث ( من حافظ عل هن كن له نورا وبرهانا ونجاة وم الق امة() ( الصالة ه رأس مالك.. ه رأس العبادات كلها ه خط الدفاع األول عنك فالم ت إذا وضع ف قبره تأت الصالة عن رأسه لتدافع عنه وتقول)ماقبل مدخل() ( ه العبادة الت رزق بها العبد النظر إلى وجه هللا تعالى :)فإن استطعتم أن التؽلبوا على صالة قبل طلوع الشمس و صالة قبل ؼروبها فافعلوا() ( وأهل الجنة إذا كشؾ هللا لهم عن وجهه ورأو ه جل جالله نسوا حتى نع م الجنة من عظ م لذة النظر إلى وجهه الكر م سبحانه وبحمده,فهذا هو النع م الذي ل س بعده نع م نسأل هللا من فضله, ولن تحصل عل ه إال بالصالة. ه الت تؽسل الذنوب عنك)مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار ؼم ر على باب أحدكم ؽتسل منه كل وم خمس مرات() ( هذه ه الصالة... إذا أفلحت ف ها أفلحت ف سابر عملك. وإذا ض عتها وأنقصتها ونقرتها وسرقتها وما انته ت منها إال وه تقول ض عك هللا كما ض عتن!! ثق أنك ستكون لما بعدها من أوامر هللا وحقوقه أض ع. لذلك أع د عل ك أ ها القارئ الكر م العبارة السابقة ( الصالة ه الم زان الذي تزن ف ه حفظك ألوامر هللا كلها( وكأن الصالة ه األصل فإذا ضبطت األصل ستضبط الفروع والبد. ( ضبط الصالة والمحافظة عل ها بدأ من الوضوء, إسباغ الوضوء وإتمامه واستشعار أن الوضوء عبادة, وأن خطا اك تتناثر وتتساقط بهذا الوضوء إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره و د ه ورجل ه فإن ق ع د قع د مؽفورا له() ( ) (أخرجه أحمد بإسناد البأس به. ) (رواه الطبران ف األوسط وابن حبان ف صح حه وحسنه األلبان صح ح الترؼ ب / ) ( متفق عل ه واللفظ للبخاري. ) ( رواه مسلم. ) (صح ح الترؼ ب والتره ب 9 23

24 ( من حفظك للصالة أ ضا أن تعرؾ أن الصالة محل امتحان, متحن هللا ف ه الناس وأن من حس ن وقوفه ف صالته حسن وقوفه ب ن دي ربه فإذا دخلت ف صالتك البد من المجاهدة, حتى ال ؽلبك الش طان عل ها فإن له كر ات وؼارات, الس ما وقد عرفت أنه واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر هللا خنس وإن نس التقم قلبه. فكن قظا حارسا لصالتك مشؽوال بها, حابسا قلبك عن الوساوس والخطرات, جامعا لشتاته حتى تخرج منها وقد كتبت لك كاملة. عن عمار ب ن اسر رض هللا عنه قال : سمعت رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم قول )إن الرجل ل نصر ؾ وماك ت بت له إال ع ش ر صالته, ت سعها,ث منها, س بعها, دسها,خ مسها ر بعها, ث لثها,نصفها() (. (ومن حفظك لصالتك أن تكثر وتلح على هللا بالدعاء بأن جعل قرة ع نك ف الصالة وأن رزقك الخشوع ف ها, فالخشوع هو لب الصالة وروحها ولذتها. )قد أفلح المؤمنون,الذ ن هم ف صالتهم خاشعون(المؤمنون) (,وقال صلى هللا عل ه وسلم)مامن مسلم توضأ ف سبػ الوضوء, ثم قوم ف صالته, ف علم ما قول, إال انف ت ل وهو ك وم ولدته أمه() ( وقال صلى هللا عل ه وسلم ( أول ش ء رفع من هذه األمة الخشوع حتى الترى ف ها خاشعا () ( ) (صح ح الترؼ ب والتره ب / ) (رواه الحاكم وقال, صح ح اإلسناد-صح ح الترؼ ب /. ) (صح ح الترؼ ب والتره ب /. 24

25 فإن كانت الصالة تشؽلك, وتهمك, وه قض تك وتر د أن تترقى ف ها وأن ت حسن ف ها وأن تكون ممن إذا دخل صالته استشعر أن هللا نظر إل ه, و ستمع لقراءته, فقلبه حاضر وجوارحه حاضرة بل وتترقى أكثر وأكثر فتكون ممن إذا دخل صالته وكأنه شاهد هللا ب ن ع ن ه, مستؽرق قلبه مع هللا... مهما أطال... ومهما قرأ...ومهما صؾ قدم ه... فهو متلذذ بصالته تمنى أن التنته!!! فأكثر من الدعاء فإن دعاؤك كشؾ الهم الذي تحمله ف صدرك ول س ش ء أكرم على هللا من الدعاء. حفظ الجوارح كما قلنا ف النقطة السابقة أن أهم وعلى رأس ما جب أن تحفظه من حدود هللا وأوامره الصالة فإذا حفظتها كنت لما بعدها أحفظ, وإذا حفظتها س حفظك هللا ف بق ة أوامره. فهنا نقول أن أهم ما جب أن تحفظه من جوارحك اللسان احفظ هذا اللسان وس حفظك هللا ف بق ة جوارحك )إذا أصبح ابن آدم فإن األعضاء ك لها تكف ر اللسان فتقول:) اتق هللا ف نا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا, وإن اعوججت اعوججنا() ( تكف ر اللسان : تتواضع وتتذلل وتناشده, اللسان باب مخوؾ, باب وعر, قل من نجو منه و سلم منه, هو موطن البالء, وهو أخوؾ ما خافه الصالحون... بكلمة قد رتفع االنسان, وبكلمة قد سقط أبعد مما ب ن المشرق والمؽرب. )لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته() ( اعتل بع ر ألم المؤمن ن صف ة بنت ح, وعند ز نب فضل ظهر, فقال النب صلى هللا عل ه وسلم لز نب ( أعط ها بع را ( فقالت : أنا أعط تلك ال هود ة فؽضب رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم فهجرها ذي الحجة والمحرم, وبعض صفر ) (, وعن جابر رض هللا عنهما قال : كنا مع النب صلى هللا عل ه وسلم فارتفعت ر ح منتنة, فقال رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم)أتدرون ماهذه الر ح هذه ر ح الذ ن ؽتابون المؤمن ن() ( ما استزلنا الش طان إال من ألسنتنا.!! ولو فتحنا قوابم األلسن, وقوابم الكلمات الت ننطق بها ل ال ونهارا لوجدنا أنفسنا أمام آفات كالف ضانات تنهمر انهمارا وتؽمرنا ؼمرا وما ف نا كلنا منهم!! وكلنا تكلم!! وكلنا خوض بلسانه و لطخ!! أحد ستثنى..!! وال مجال لإلسقاط.. )1( رواه الترمذي وابن اب الدن ا, وحسنه االلبان صح ح الترغ ب والتره ب) 33/3 (,)2( رواه أبو داود والترمذي والبهق وقال الترمذي حسن صح ح)صح ح الترغ ب 77/3 ( ) 3 (رواه أبو داود- صح ح الترغ ب 77/3 (, )4( رواه أحمد وابن اب الدن ا ( صح ح الترغ ب 73( 3/ 25

26 وتأمل كالم ابن مسعود رض هللا عنه)والذي الإله ؼ ره ماعلى ظهر األرض ش ء أحوج إلى طول سجن من لسان() ( أبو بكر الصد ق جبذ لسانه و قول ( هذا الذي أوردن الموارد() ( هللا سبحانه قول)و ل لكل همزة لمزة( كم أخذ الهمز واللمز من واقع الزمن ثوان لحظات مجرد حركة لسان إشارة بالع ن أو بالفم ونحوها وبالمقابل ماهو العقاب و ل ( وادي ف جهنم تس ل ف ه دماء أهل النار وصد دهم( أكثر ما نسود به صحابفنا زالت ألسنتنا وسقطاتها لذلك قال صلى هللا عل ه وسلم)ل س ش ء من الجسد إال شكو ذ ر ب اللسان على حد ته() ( ذرب اللسان : شره وفحشه. لذلك كانت وص ة النب صلى هللا عل ه وسلم ( من حفظ ماب ن لح ه وما ب ن ر ج ل ه دخل الجنة() ( وبالعموم حفظ الجوارح هوأن تكفها عن الحرام وأن تستعملها ف طاعة هللا فمن أراد أن تمتع بجوارحه و ستشعر المعنى الذي نردده ف دعابنا )متعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا واجعلها الوارث منا( فسخرها ف طاعة هللا متعه هللا بها. أبو الط ب الطبري جاوز المابة وهو مم تع بعقله وقوته وثب وما من سف نة إلى األرض وثبة شد دة فعوتب على ذلك فقال: ( هذه جوارح حفظناها عن المعاص ف الصؽر فحفظها هللا عل نا ف الكبر() ( ) ( صح ح الترؼ ب) /5 ( ) - ( المصدر السابق ) ( أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهب أنظر صح ح الترؼ ب) / 5 ( ونور االقتباس) ( ) ( نور االقتباس البن رجب صفحة) ( 26

27 حفظ القلب : قلبك هو ود عة هللا عندك فإ اك أن تفرط أو تخون أو ت همل هذا القلب هو محل نظر هللا عز وجل, وهو أنفس وأشرؾ وأؼلى مضؽة متلكها اإلنسان وهو طر قك إلى هللا فالسفر إلى هللا ل س سفرا باألقدام والنجابب والركابب وإنما هو س ر القلوب إلى هللا) وم ال نفع ماال والبنون إال من أتى هللا بقلب سل م( وقد كنت استمع إلى إحدى حلقات برنامج )نور على الدرب( الذي بث ف إذاعة القرآن الكر م فقالت إحدى المتصالت على البرنامج: أنها تعان ف الشتاء من الكسل والفتور ف العبادة خاصة ف الوتر وق ام الل ل بسبب البرد الشد د... فرد عل ها الش خ بعبارة ه الشاهد الذي أر ده وه عبارة موفقة مسددة تب ن لك أ ها القارئ مكانة القلب!! قال لها: ( إذا كان القلب ح تحرك البدن سواء ف الص ؾ أو ف الشتاء( وهذا صح ح... إذا ضخ القلب ضخت الجوارح... وتحرك البدن ونشط ف العبادة وإذا ضعؾ القلب ضعفت الجوارح وفتر البدن وكسل عن العبادة. ومالم نعتن بقلوبنا ستظل جوارحنا معط لة وكما قال الحسن رحمه هللا: )داو قلبك فإن مراد هللا من العباد صالح قلوبهم(جامع العلوم والحكم. ك ف نحفظ قلوبنا احفظ قلبك من الشهوات والشبهات, حتى ال سقط قلبك و ض ع منك. احفظ قلبك بتخل ته وتصف ته وتنق ته من الدؼل والخبث والسرابر الفاسدة ومعاص القلوب فه مفسدة للقلب ومتلفة له. احفظ قلبك بأن تتعلم عن ربك اسمابه وصفاته فمن كان حب أن علم منزلته عند هللا فل نظر منزلة هللا عنده فإن هللا نزل العبد منه ح ث أنزله من نفسه. احفظ قلبك بكثرة ماتسق ه وترو ه من كالم هللا, حتى ال نشؾ و بس و قسو هذا القلب و صبح كاألرض الجرداء القاحلة الت النبات ف ها وال ماء. 27 )فو ل للقاس ة قلوبهم من ذكر هللا(

28 احفظ قلبك بكثرة األعمال القلب ة )من حب وخوؾ ورجاء, وذل وخضوع وإنابة وإخبات وتوكل ومراقبة واقبال وتسل م وتفو ض وتعظ م... وؼ رها من أعمال القلوب( درب نفسك عل ها, فه تضمن لك سالمة قلبك وزكاته ورقته ول نه, قال صلى هللا عل ه وسلم )إن هلل آن ة من أهل األرض وآن ة ربك قلوب عباده الصالح ن وأحبها إل ه أل نها وأرقها() ( سبقت البشرى ألصحاب هذه القلوب من هللا رب العالم ن فقال:)وبشر المخبت ن( بشر كل من الن قلبه, وارتجؾ فؤاده, وذرفت دموعه...بشر كل من خاؾ ووجل وأخبت وأناب. بشر كل من وجد دموعه حارة وحاضرة وقر بة ووجد بنفسه منجذبا إلى ربه ف ل له ونهاره وصبحه ومساءه انجذابا ال نقطع عنه... ومن ذاك احساس المحب لقلبه بضرب وتحر ك إلى هللا دابما ( وبشر المخبت ن( وف الحد ث ( دخل الجنة أقوام أفبدتهم مثل أفبدة الط ر() ( قلوبهم مثل قلوب الط رف رقتها وخوفها وفزعها وضعفها آواه ن من ب ن رج اع ن إذا آذنب أحدهم أقل ذنب وأبسطه انتفض كما نتفض العصفور وعاد وأناب إلى ربه... احفظ قلبك فقلبك ود عة عندك وعلى قدر عنا تك بقلبك سوؾ تؤجر, وما سعى اإلنسان ف إصالح ش ء أعظم من إصالح قلبه. هذه ثالث محاور للحفظ احفظ حدود هللا حفظك هللا. واحفظ جوارحك واحفظ قلبك إن حفظتها ) ( السلسلة الصح حة 9, ) ( رواه مسلم ف صح حه

29 ( وإذا حفظك الحف ظ فأنت ف خ ر وإلى خ ر وقد حزت الخ ر كله وإذا حفظك فلن ستط ع أحد أن ضرك أو ؤذ ك أو تسلط عل ك. ( إذا حفظك زاد دفاعه عنك ونصرته لك وستره لمعا بك حتى ال راها الناس منك. ونت جة الحفظ وثمرته واضحة ف قوله صلى هللا عل ه وسلم) احفظ هللا تجده تجاهك( أي أنك تجد هللا معك ف كل أحوالك, حوطك, و نصرك, و سددك و قودك إل ه حفظ عل ك إ مانك وقلبك وأهلك ومالك وذر تك. قال قتادة: من تق هللا كن هللا معه ومن كن هللا معه فمعه الفبة الت الت ؽلب والحارس الذي ال نام, والهادي الذي ال ضل, إقرأ القرآن وأنت سترى اآل ات تلو اآل ات تلو اآل ات تصور لك حفظ هللا ألنب ابه, وحفظه للصالح ن من عباده, حفظه لصحابة رسوله صلى هللا عل ه وسلم لقلوبهم إل مانهم وهذا كث ر وخاصة ف السور الت تتكلم عن الؽزوات... ولكن مافابدة اآل ات بدون إبصار )قد ج ءكم بصابر من ربكم فمن ابصر فلنفس ه ومن عم فعل ها وما أنا عل كم بحف ظ() ( ( إذا حفظك حال ب نك وب ن معص ته, ذكر ابن رجب خبر ذلك الرجل الذي هم بمعص ة فخرج إل ها فمر بطر قة برجل حدث ف حلقة فسمعه قول: أ ها الهام بالمعص ة أما علمت أن خالق الهمة مطلع على همتك فوقع مؽش ا عل ه وما أفاق إال عن توبة) ( وكم وكم من الكلمات الت أسمعك هللا إ اها )وأنت ف زعزعة وضعؾ وح رة وف ك ماف ك(. سمعك هللا إ اها من فم خط ب أو ش خ أو من إذاعة ونحوها, ل حفظ عل ك د نك وإ مانك فتثبتك وتوقظك وتنتشلك من ح رة كنت ف ها أو تردك من خطوات لمعص ة مش تها!! أسمعك هللا إ اها سماع قلب فحفظك بها وحال ب نك وب ن معص ته وهذا من صور حفظه جل جالله. ) (األنعام ) (. ) ( نور االقتباس البن رجب بتصرؾ- وأنصح القارئ بقرءة هذه الرسالة المف دة. 29

30 ( إذا حفظك حال ب نك وب ن سبب من أسباب الدن ا كان قد ؤذ ك أو تتضرر ف ه قول ابن مسعود رض هللا عنه ( إن العبد ل هم باألمر بالتجارة واألمارة ف نظر هللا للمالبكة ف قول اصرفوه عنه فإن إن سرته له أدخلته النار ف صرفه عنه() (. نتابع أحداث قصة أصحاب الكهؾ... بعد هذا الحفظ العظ م الذي حفظهم هللا به, وبعد أن تمت المدة الت كتبها هللا عز وجل لهم أن ناموها ف كهفهم ( وضبثواػسؽػصؼغؼمػثالثػط ا ئظ ػدظغنػوازدادواػتدطا ( بعد هذه المدة...بعثهم هللا وأ قظهم, أخذوا تساءلون ب نهم كم لبثنا قال بعضهم وما, والبعض اآلخر قال: بعض وم, ثم ردوا أمرهم إلى هللا )ربصمػأرضمػبطاػضبثتم( شعروا بالجوع أرسلوا واحدا منهم وأوصوه أن بالػ ف أخذ الح طة والحذر والتخف ولكن هللا إذا أراد أمرا ه أ أسبابه, لما أراد هللا أن ت عرؾ قصتهم و كشؾ أمرهم ومكانهم ل صبحوا آ ة من آ اته ه أ األسباب.. ك ؾ ذلك الرجل الذي خرج ل شتري لهم الطعام لما دخل المد نة ب هت وأصابه الذهول والدهشة فقد تؽ رت البالد ومن عل ها, كل ش ء منها تؽ ر, فجعل ال رى ش با من معالم البلد وال عرؾ أحدا من أهلها فجعل قول ف نفسه لعل ب جنونا أو مس ا أو أنا أحلم واصل س ره حتى اشترى طعاما فأخرج النقود الت كانت معه أنكرها البابع, بدأ سأله من أنت من أ ن لك هذه النقود ماهو شأنك وماه قصتك رفع أمره إلى ملك البالد, فسأله عن شأنه وخبره فأعلمهم وأخبرهم فقاموا معه إلى الكهؾ- ملك البالد وأهلها- وق ل أن الملك دخل عل هم ف كهفهم وسلم عل هم ففرحوا به وآنسوه بالكالم ثم ودعوه وسلموا عل ه وعادوا إلى مضاجعهم وتوفاهم هللا عز وجل() ( اشتهر أمرهم ب ن الناس وارتفع قدرهم حتى قال البعض منهم ( لنتخذن عل هم مسجدا (تعظ ما لشأنهم وتخل د لذكراهم. وتأمل بعد الخوؾ الشد د الذي كان ف ه هؤالء الفت ة والتهد د بالقتل والرجم والهروب والفرار أصبحوا اآلن قال عنهم لنتخذ ن عل هم مسجدا,وهذا عط ك درسا بإنه ل ست العبرة بنقص البدا ة وإنما العبرة بكمال النها ة,, ) ( نور االقتباس البن رجب- بتصرؾ- ) ( المصباح المن ر. 31

31 وكما قال ابن السعدي رحمه هللا وختم القصة بهذه العبارة )من تحمل الذل ف سب ل هللا كان عاقبة أمره العز العظ م من ح ث ال حتسب وما عند هللا خ ر لألبرار- بق لنا أن تعرف ماهو المخرج من فتنة الد ن لن نتجاوز فتنة الد ن إال بالثبات. والثبات له مصدران: ) القرآن ( طضتحدا (الكهؾ.) 0( ( الصحبة الصالحة واتل ػطاػأوحؽػإضغكػطنػصتابػربكػالطبدلػضصضطاتػػوضنػتجدػطنػدوظػػػػػ )واصبرػظغدكػطعػاضذغنػغدرونػربؼمػباضعداةػواضطذؽػغرغدونػػػ وجؼػػوالػتطد ػرغظاكػرظؼمػترغد ػزغظظػاضحغاةػاضدظغا...(الكهؾ) 5 (. الطر ق األول للثبات أن كون لقلبك نص ب وم من كتاب هللا, هللا عز وجل قول لنب ه صلى هللا عل ه وسلم ( وكذلك لنثبت به فؤادك ) فكلما اقتربت من القرآن, وسق ت قلبك وشرا نك وأوردتك منه فإنك ستثبت بإذن هللا وكلما ابتعدت وجعلت ب نك وب ن القرآن مسافات ومسافات وأؼالق وأقفال فلن تستط ع الثبات القرآن أمره عج ب...كتاب مبارك بكل ماتعن ه كلمة البركة, وبركته التعد وال تحصى ومن هذه البركة )التثب ت الذي حصل لصاحبه إذا واجهته فتنة. الطر ق الثان ف الثبات الصحبة الصالحة هم معونة لك بعد هللا على الثبات, اإلنسان لوحده قد ثبت مرة واثنتان وثالث ولكنه مع كثرة الفتن واإلؼراءات وتسل ط النفس األمارة بالسوء وتز ن الش طان فإنه قد سقط, و ضعؾ و تراجع, لذلك هو حتاج لرفقة صالحة تقو ه تثبته, تشد عزمه فاإل مان دوم مع الجماعة, واإل مان ز د مع الجماعة. 30

32 وكما أن العقول تل قح العقول فكذلك القلوب تتلقح بالقلوب... لذلك جاء األمر الربان )واصبرػظغدكػطعػاضذغنػغدرونػربؼمػباضعداةػواضطذؽ...( فبة التخسر والتنهزم... قوي بعضهم بعضا, ثبت بعضهم بعضا, تواصون بالحق و تواصون بالصبر. وف المقابل احذر من صحبة أهل الهوى الؽافل ن) واتبعػعواهػوصانػأطرهػسرطا ( والتطعػطنػأزغضظاػشضبػػرنػذصرظاػ مثل هؤالء التصحبهم,, فكل من استحكم ف ه هواه انفرط عل ه أمره حبات المسبحة وتتناثر وتتساقط الحبة تلو الحبة.,, كما نتفرط أصحاب الهوى, أصحاب الشهوات, الؽافل ن الفارؼ ن هؤالء محقوا البركة عن أنفسهم, ومحقوا البركة عمن جلس معهم وصحبهم, هم ف أمر مر ج هم ف ض اع أمورهم مختلطة, أمورهم متشابكة, قد عرت قلوبهم من البص رة. والبص رة ه الفرقان الذي قال هللا عنه ) أ ها الذ ن آمنوا إن تتقوا هللا جعل لكم فرقانا..( إن شبت سم ه فراسة, فهما, حسن إخت ار, نورا قذفه هللا ف القلب م ز به ب ن الحق والباطل, حسن عقله وتحسن تصرفاته, و سدد ف إخت اره. هذا الفهم وهذا العقل وتلك البص رة التعطى لصاحب هوى ؽرؾ من الشهوات والمتع والملذات ؼرفا!! وإنما تعطى لإلنسان بعد وع وج ل د وترب ة ومجاهدة وعكوؾ على النفس, أطرها على الحق أطرا, ف قذؾ هللا البص رة ف قلبه, و جري الحكمة على لسانه, ف نفع نفسه و نفع من صاحبه فتنالك بركة هذه الصحبة. فإن وجدت هذه الصحبة كن معهم وال تبتعد عنهم. فهم القوم الذ ن ال شقى بهم جل س. 32

33 قصة صاحب اجلنتني 33

34 صاحب الجنت ن هذه القصة محورها قابم على رجل ن ب نهما صحبه, أحدهما ؼن واآلخر فق ر جعل هللا للؽن جنت ن وصفها هللا عز وجل خمسة أوصاؾ بقوله)واضربػضؼمػطثال ػ رجضغن جطضظاػألحدعطاػجظتغنػطنػأرظاب ػوحغغظاعطاػبظخل ػوجطضظاػبغظؼطاػ زررا,صضتااضجظتغنػآتتػأ صضؼاػوضمػتظضمػطظػػذغئا ػوسجرظاػخالضؼطاػظؼرا ( (جظتغنػطنػأرظاب جنت ن مل بت ن بأشجار العنب بأشجار وعناق د العنب وعروش العنب وكلنا عرؾ ماتضف ه أشجار العنب من جمال ورونق وبهاء ونضرة. (وحغغظاعطاػبظخل ) هات ن الجنت ن مسورت ن بأشجار النخ ل الشامخة الباسقة المتراصة بجانب بعضها ذات الثمر النض د المصفوؾ بعضه فوق بعض بطر قة عجب لها من نظر ف ها و تأمل. )وجطضظاػبغظؼطاػزررا ( خضراء واسعة ممتدة وب ن النخ ل وب ن العنب مسطحات ومساحات زراع ة لتكتمل تلك البهجة وذلك الجمال. ()صضتاػاضجظتغنػآتتػأ ص ضؼاػوضمػتظضمػطظػػذغئا ػ( هات ن الجنت ن إذا طرحت ثمارها طرحتها كاملة ال نقص منها ش ء, وهذا على ؼ ر المعهود ف سابر الحقول والبسات ن الت مهما أهتم بها صاحبها وإال و نقص ش ء من محصولها بسبب اآلفات والحشرات وتقلبات الجو ونحو ذلك. ولكن هات ن الجنت ن مباركت ن, والبركة إذا حلت ف ش ء التسل عن سعته وبسطه ونمابه وكثرته ونفعه, فه الخ رالكث ر المستمر المتواصل الذي ال نته وقد كان رسولنا صلى هللا عل ه وسلم سأل ربه البركة ف قول)اللهم ابسط عل نا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك ) ( )وسجرظاػخالضؼطاػظؼرا ( فجرهللا ب ن هات ن الجنت ن نهرا جري بماب ه الرقراق وجداو ل ه الت تسري ب ن بسات ن العنب وصفوؾ النخ ل. هذا هو وصؾ الجنت ن فماهو وصؾ صاحب الجنت ن 34

35 قال تعالى)وصانػضػػثطر( أي كان له تجارة صرفها و نم ها, و رب ها, ودواب عل فها و رب ها, فضال عن الجنت ن.) ( وأموال ستؽلها بمعنى أن هللا قد بسط لهذا الرجل ف الرزق فهو تقلب ف نعم هللا وعنده ماعنده من ز نة الدن ا وأموالها ومساكنها ومراكبها وتجارتها. ماذا قال هذا الغن لصاحبه )شالػضصاحبػػوعوػغحاورهػأظاػأصثرػطظكػطاال ػوأرزػظغرا (. بهذه العبارة دخل هذا الرجل الؽن ف إطار الفتنة.)فتنة المال- فتنة الدن ا( اؼتر بدن اه, اؼتر بهذه األموال وبهذه الن عم وبدأ تباهى و تبطر و فخر على صاحبه وهذه ه بدا ة المرض!!!! أي مرض إنه الع جب. وهو من أسوأ الصفات الت بتلى بها اإلنسان, خصلة ذم مة, صفة مق تة, آفة ش طان ة ت ورث القلب بقع سوداء صع ب إزالتها, عط ل س ر اإلنسان إلى ربه, فهو من المهلكات, قال صلى هللا عل ه وسلم :) ثالث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب كل ذي رأي برأ ه() (. بل التقل خطورته عن الر اء- وهذا ش ء مخ ؾ جدا البد أن ستوقؾ اإلنسان- قال ش خ اإلسالم ابن ت م ة رحمه هللا) الع جب قر ن الر اء لكن الر اء من باب اإلشراك بالخلق والع جب من باب اإلشراك بالنفس() (. الر اء أنت تعمل من أجل الناس ومدح الناس, ونظر الناس فالشرك أت من ناح ة الناس. ب نما الع جب : أنت تستعظم نفسك, تفخر بنفسك, ت ضخ م نفسك,ترفع نفسك فوق ماتستحق فالشرك أت من جهة النفس. وأول السقوط وم أن ترى نفسك عظ ما, كب را, وترى أنك أفهم الناس, وأعقل الناس, وأحكم الناس, وأعلم الناس!! عندك مال س عند اآلخر ن, وتع ش ف حالة كمال زابفة صورة أنت رسمتها لنفسك وعشت وتبلورت ف داخلها حتى تعاظمت عل ك نفسك وخس رت دن اك وآخرتك وهللا قول)فالتزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى( ) ( لتفس ر الموضوع )سورة الكهؾ( ) (رواه الطبران. ) (الفتاوى /00. 35

36 والنب صلى هللا عل ه وسلم قول)من تعظ م ف نفسه أو اختال ف مش ته لق هللا تبارك وتعالى وهوعل ه ؼضبان () ( وقال أ ضا عل ه الصالة والسالم)ب نما رجل مش ف حل ة تعجبه نفسه م رجل رأسه ختال ف م ش ته خسؾ هللا به فهو تجلجل ف األرض إلى وم الق امة() ( قول النووي: )اعلم أن اإلخالص قد عرض له آفة العجب فمن أعجب بعمله حبط عمله وكذلك من استكبر حبط عمله(فإن قلت لماذا حبط عمله كان الجواب ألن هللا عز وجل ال قبل من العمل إال ما كان خالصا لوجهه,واست ع ن به سبحانه على آدابه, والمعجب ستع ن بنفسه أكثر مما ستع ن باهلل.) ( أذا نحن أمام مرض عضال ودا ء دو ي ودس س ة قلب ة خط رة حري باإلنسان أن دفعها عن نفسه دفعا, وإ اك أن تتصور أن هذا الكالم ال عن ك وأنه ال مكن لهذالمرض أن تسرب إلى قلبك أو حوم حولك بزعمك أنك من أهل الخ ر والصالح والعلم والقرآن, فتركن لنفسك وتطمبن لها!! احذرواستبصر إنها شهوة خف ة شد دة الخفاءه أخفى من دب ب النمل, قد عجز اإلنسان أن تحسسها ف قلبه أو أن سمع دب بها, فتفقد قلبك لذلك كان صحابة رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم وهم من هم ف صالحهم وتقواهم وورعهم كانوا تفقدون قلوبهم و تعاهدونها و دفعون أي شاببة ت عرض على قلوبهم ولو كانت بس طة, هاهو عبد هللا بن سالم - رض هللا عنه - مر بالسوق وعل ه حزمة من حطب, فق ل له: ما حم ل ك على هذا وقد أؼناك هللا فقال: أردت أن أدفع الك ب ر, سمعت رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم قول )ال دخل الجنة من ف قلبه مثقال خردلة من كبر() (!!! وهاهو عمر رض هللا عنه بعد أن أصبح أم را للمؤمن ن نادي ف الناس الصالة جامعة, فلما اجتمع الناس, صعد على المنبر فحمد هللا وأثنى عل ه بماهو أهله, ثم قال: أ ها الناس لقد رأ تن أرعى على خاالت ل من بن مخزوم ف قبضن ل قبضة من التمر أو الزب ب, فأظل وم وأي وم.ثم نزل, فقال له عبد الرحمن بن عوؾ: اأم ر المؤمن ن مازدت على أن قم أت نفسك-ع بت -فقال و حك ا ابن عوؾ!! إن خلوت فحدثتن نفس أنت أم ر المؤمن ن, فمن ذا أفضل منك! فأردت أن أعرفها نفسها,, وف روا ة : إن وجدت ف نفس ش با فأردت أن أطأطأ منها.) ( أراد أن ؤدب نفسه و زدر ها ف جنب هللا طردا لهذه الشاببة ) ( رواه الطبران صح ح الترؼ ب. ) ( متفق عل ه - تجلجل: ؽوص و نزل ف ها. ) (نقال عن كتاب حطم صنمك. ) (الحاكم ف المستدرك-نقال عن موسوعة نضرة النع م) / 9 ( ) (صفات متألقة من التار خ اإلسالم لعبد هللا الصلوي. 36

37 قول ابن الق م:ومقت النفس ف ذات هللا من صفات الصد ق ن و دنو العبد به من هللا سبحانه وتعالى ف لحظة واحدة أضعاؾ ما دنو به من العمل() ( بعض المؤشرات والعالمات الت تدل على أن هذا المرض بدأ تسرب إلى القلب ( أن ظل اإلنسان دور مع نفسه ح ث دارت, تثور ثابرته من أجل نفسه, ؽضب من أجلها, رض من أجلها, قاطع الناس من أجلها, قؾ عند كل ش ء دقق ف كل ش ء كثر معاتبة الناس, كب ر من حجم خطأ من أخطأ عل ه أو تعدى عل ه, ؽضب إذا ر د كالمه, تراه جادل و جادل ف أي نقاش أو رأي طرح ل كون كالمه ف نها ة األمر هو الصواب!!! هذه كلها مؤشرات أن هناك ثمة تعل ق بالنفس وتضخ م واستعظام لشأنها ومن كان ف نفسه ش ء فهو عند هللا الش ء. وقد س بلت الس دة عابشة رض هللا عنها متى كون الرجل م س با قالت: إذا ظن أنه محسن() ( وقد قال وسؾ بن الحس ن للجن د)الأذاقك هللا طعم نفسك فإن ذقتها التفلح() ( ( الحب الشد د للمدح والثناء واإلطراء, بحث عنه, تشوق له حب أن سمعه, و حب أن صدقه حتى لو كان مبالؽا ف ه. قال الماوردي:ولإلعجاب أسباب فمن أقوى أسبابه كثرة مد ح المتقرب ن وإطراء المتملق ن, المدح من أخطر األبواب على النفس, فإذا ما ف تح أمامها تجد المجال..لك تنتفخ وتتعاظم..فهذا الشراب الحلو اللذ ذ الذي سكرها و جعلها لتع ش ف أجواء النشوة والسرور والطرب. مع أن رسول هللا صلى هللا عل ه وسلم كان دفعه عن نفسه وهو رسول هللا!! ف قول ( التطرون كما أطرت النصارى ابن مر م فإنما أنا عبد فقولوا عبد هللا ورسوله() (,وكان قول عن نفسه عل ه الصالة والسالم )آكل كما أكل العبد وأجلس كما جلس العبد() ( صحابته أ ضا كانوا دفعون المدح عن أنفسهم, فهذا ابن عمر رض هللا عنهما ق ل له: اخ ر الناس وابن خ ر الناس! فؽضب ورد عل هم قابال : ما أنا بخ ر الناس وال ابن خ ر الناس ولكن عبد من عباد هللا أرجو هللا وأخافه. ثم قال: وهللا لن تزالوا بالرجل حتى ت هلكوه() ( ) - ( من كتاب حطم صنمك- لمجدي هالل. ) ( البخاري مع الفتح ( / ) ) ( السلسلة الصح حة ) (. ) ( 37

38 فل ست العبرة بمدح المادح ن وثناء المثن ن وإنما العبرة بالخوات م,, فدفع المدح والهروب منه, وعدم البحث عنه, والخوؾ من سماعه كل هذه لطرد هذه الدس سة وهذه اآلفة من القلب. ( أ ضا من العالمات حب االعتراؾ بالفضل, والشكر على العمل بأن كون هذا أصل ثابت عنده, ال قبل المساومة عل ه أو التنازل عنه البد أن عترؾ بمجهود وعمله وأن ال همش وال قدم وال قدم عل ه أحد وال ذكر اس م قبل اسمه وكل هذه أ ضا مؤشرات تدل على تضخ م) األنا (وتضخ م النفس واستعالبها. لذلك البد للمؤمن أن تعاهد قلبه و تفقده خاصة وأن هذه القلوب عوالم مؽلق ة ال علم ماف ها إال مالكها وهو رب العالم ن جل جالله, وكما قلنا سابقا لن صل إلى هللا إال صاحب القلب السل م. الذي سل م من كل آفة ودس سة وعوف من كل دخن ومرض... فاللهم إنا نسألك قلبا سل ما أواها مخبتا من با... 38