1

النسخ

1

2

3 المختار من دراسات الدولية الحماية اإلنسان لحقوق األستاذ الدكتور محمد أمين الميداني دكتور دولة في الحقوق رئيس المركز العربي للتربية على القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان فرنسا أستاذ محاضر جامعة ستراسبورغ فرنسا منشورات المركز العربي للتربية على القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان المعهد اإلسكندنافي لحقوق اإلنسان ستراسبورغ 08

4 اآلراء الواردة في هذا الكتاب ال تعبر بالضرورة عن مواقف المركز العربي للتربية على القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان أو المعهد اإلسكندنافي لحقوق اإلنسان منشورات المركز العربي للتربية على القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان ستراسبورغ والمعهد اإلسكندنافي لحقوق اإلنسان جنيف حقوق الطبع محفوظة الطبعة األولى ستراسبورغ ISBN: المركز العربي للتربية على الق انون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان Arab Center for International Humanitarian Law and Human Rights Education Centre Arabe pour l Éducation au Droit International Humanitaire et aux Droits Humains 6, avenue Charles de Gaulle Bischheim - Strasbourg, France Tel. + (0) / Mobile. + (0) almidani@acihl.org / المعهد االسكندنافي لحقوق اإلنسان Scandinavian Institute for Human Rights Wagner - 0 Geneva - Switzerland Sihr.geneva@gmail.com / 4

5 المقدمة صدر لي كتاب في عام 04 يتضمن مجموعة من الدراسات حول الحماية الدولية لحقوق اإلنسان وذلك في إطار التعاون بين المركز العربي للتربية على القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان في ستراسبورغ والمعهد اإلسكندنافي لحقوق اإلنسان في جنيف ومن ضمن إصدارات المعهد اإلسكندنافي. وارتأيت إصدار كتاب جديد وبالتعاون مجددا مع المعهد االسكندنافي بعنوان: المختار من دراسات الحماية الدولية لحقوق اإلنسان. ويتضمن هذا الكتاب ما اشتملت عليه الطبعة األولى من كتاب دراسات في الحماية الدولية لحقوق اإلنسان باإلضافة لمجموعة جديدة من الدراسات الخاصة بمختلف جوانب هذه الحماية الدولية. وحرصت كالعادة على القيام بمراجعة كاملة لكل الدراسات المنشورة في هذه الطبعة اإللكترونية بعنوانها الجديد وإدخال آخر التطورات والتعديالت والوثائق التي تم اعتمدتها. وتمت كذلك اإلحالة إلى آخر اإلصدارات والمراجع المتعلقة بهذه الدراسات حتى ولو كانت تواريخ هذه اإلصدارات والمراجع الحقة على تواريخ نشر الدراسات بهد أن يطلع عليها القراء ويتابعون آخر المستجدات المتعلقة بها. ستصدر هذه الطبعة كواحدة من منشورات مشتركة بين المركز العربي للتربية على القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان والمعهد اإلسكندنافي لحقوق اإلنسان وانتهز الفرصة ألشكر العاملين في هذا المعهد وبخاصة رئيسه على تعاونهم إلصدار هذه الطبعة اإللكترونية والتي سيتم وضعها مجانا تحت تصر كل من يطلبها. وهللا ولي التوفيق ستراسبورغ في 7 رجب 49 ه الموافق نيسان/أبريل 08 م أ. د. محمد أمين الميداني انظر محمد أمين الميداني دراسات في الحماية الدولية لحقوق اإلنسان الطبعة األولى منشورات المعهد اإلسكندنافي لحقوق اإلنسان المؤسسة العربية األوروبية للنشر جنيف 04. انظر أيضا محمد أمين الميداني المختار من دراسات الحماية اإلقليمية لحقوق اإلنسان الطبعة األولى منشورات المركز العربي للتربية على القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان ستراسبورغ 07. 5

6 6

7 الفصل األول المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة )عرض عام لنظام المحكمة وظروف نشأتها( * مقدمة إن أحد المحاور التي يتناولها ملف هذا العدد من المجلة العربية لحقوق اإلنسان وعنوانه )العنف والتصفية العرقية( خاص بجرائم الحرب والتصفية العرقية. وال يمكننا الحديث عن هذه الجرائم التي عرفتها القارة األوروبية في النصف الثاني من القرن العشرين دون التطرق إلى االنتهاكات الصارخة والمخالفات الشنيعة للقانون الدولي اإلنساني ولحقوق اإلنسان وحرياته األساسية التي ارتكبت منذ عام 99 في إقليم ما كان يعر باسم )جمهورية يوغوسالفيا االشتراكية االتحادية(. وقد اخترنا أن نبحث في إطار هذا الملف في تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة والظرو التي دفعت بالمجتمع الدولي إلى إحداث هذه الهيئة القضائية الدولية )المبحث األول( وسنطلع بعدها على نظام هذه المحكمة الجنائية )المبحث الثاني(. إن تأسيس هذه المحكمة في عام 99 وبدأ عملها في عام 994 يعكس االهتمام المتزايد الذي أبداه المجتمع الدولي بمحاكمة مجرمي حرب يوغوسالفيا السابقة والمسئولين عن أعمال التطهير العرقي واإلبادة الجماعية بعد انقضاء أكثر من عامين على بداية الحرب في هذه الدولة األوروبية المتعددة األعراق والديانات والتي حفل تاريخها القديم والحديث بمختلف أنواع الحروب والمآسي والمذابح. سنبحث بداية في الظرو التي هيأت لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة )المبحث األول( ومن ثم في نظام هذه المحكمة الجنائية الدولية )المبحث الثاني(. المبحث األول الظروف التي هيأت لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة لقد كانت هناك عدة سوابق تاريخية لتأسيس هذه المحكمة الجنائية )المطلب األول( وكذلك محاوالت حديثة وبالتحديد بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لتأسيس هيئات قضائية * نشرت هذه الدراسة في )المجلة العربية لحقوق اإلنسان( منشورات المعهد العربي لحقوق اإلنسان تونس العدد أيلول/سبتمبر 996 ص

8 دولية لمحاكمة مجرمي الحرب )المطلب الثاني( لنصل أخيرا إلى األسباب المباشرة لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية )المطلب الثالث(. المطلب األول السوابق التاريخية إذا عدنا إلى الوراء وبالتحديد إلى بداية هذا القرن لوجدنا عدة سوابق تاريخية دولية كان الهد منها محاكمة هؤالء المجرمين ومعاقبتهم. فقد نصت المادة 77 من اتفاقية فرساي التي أبرمت عقب انتصار الحلفاء في نهاية الحرب العالمية األولى على محاكمة اإلمبراطور األلماني غليوم الثاني لكن رفض حكومة المملكة الهولندية آنذاك تسليم هذا اإلمبراطور الذي لجأ إلى أراضيها قد حال دون محاكمته. وقد تمت بالفعل محاكمة مجرمي الحرب األلمان واليابانيين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أمام محكمة نورمبرغ التي تم تأسيسها بمقتضى اتفاق لندن تاريخ 945/8/8 ومحكمة طوكيو التي تم تأسيسها في 948//9 ومعاقبتهم على الجرائم التي ارتكبوها أثناء هذه الحرب. ولكن ما يميز اليوم تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة عن محاكم نورمبورغ وطوكيو هو أن الحلفاء الذين انتصروا في الحرب العالمية الثانية هم الذين أسسوا هذه المحاكم وعدالتها كانت عدالة المنتصر بعد انتصاره وهزيمة عدوه في حين أن المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة هي المحكمة التي أسسها المجتمع الدولي ممثال بمجلس األمن كردة فعل عالمية لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب كان ضحاياها يتساقطون باآلال وتنتهك فيها المساكن والحرمات واألعراض وتدمر البيوت على أصحابها وتنتهب الممتلكات الفردية والجماعية من ثقافية ودينية ويمارس التعذيب واالعتقاالت التعسفية ويمارس "التطهير العرقي" ويهجر الشيوخ والنساء واألطفال. ولو أن اختصاصات هذه المحكمة تقتصر على جرائم الحرب وإبادة األجناس والجرائم المناهضة لإلنسانية ولم تشمل الجرائم ضد السالم العالمي وهذا ما اضعف من نفوذ هذه المحكمة وح د 4 من سلطانها. انظر: B. V. A. RÖLING, «Crimes against Peace», Encyclopaedia of International Law, Volume One, 99, p. 87. انظر: A. BRAUNSCHWEING, «Introduction», in Vers un Tribunal Pénal International, Droit et Démocratie, La Documentation Française, 99, p. 5. حسن نافعة األمم المتحدة في نصف قرن دراسة في تطور التنظيم الدولي منذ عام 945 عالم المعرفة العدد 0 الكويت 996 ص انظر: M. ZAOUI, «De Nuremberg à La Haye : une promesse non tenue», Le Monde, 4//995. 8

9 المطلب الثاني المحاوالت الحديثة لمحاكمة المتهمين بالجرائم الدولية تتمثل هذه المحاوالت في االتفاقيات الدولية التي نصت على تأسيس محاكم مختصة لمحاكمة المتهمين بانتهاكات نصوصها )أوال( وفي المحاوالت التي بذلتها منظمة األمم المتحدة لتأسيس محكمة جنائية دولية )ثانيا( وفي محاوالت المنظمات اإلقليمية )ثالثا( وأخيرا في بعض المحاوالت الفردية )رابعا(. أوال االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان من بين االتفاقيات الدولية التي تم تحضيرها واعتمادها في رحاب منظمة األمم المتحدة والتي تهد لمحاكمة المتهمين بالجرائم الدولية نجد: - اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها اعتمدت الجمعية العامة هذه االتفاقية في 948//9. وتنص المادة السادسة منها على ما يلي: "يحاكم األشخاص المتهمون بارتكاب اإلبادة الجماعية أو أي من األفعال األخرى المذكورة في المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتكب الفعل على أرضها أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من األطرا المتعاقدة قد اعتر بواليتها". - االتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها اعتمدت الجمعية العامة هذه االتفاقية في 97//0. وتنص مادتها الخامسة على ما يلي: "يجوز أن يحاكم المتهمون بارتكاب األفعال المعدودة في المادة الثانية من هذه االتفاقية من قبل محكمة مختصة من محاكم أية دولة طر في االتفاقية يمكن أن يكون لها الوالية على هؤالء المتهمين أو من قبل محكمة جزائية دولية تكون ذات والية قضائية فيما يتعلق بتلك الدول األعضاء التي قبلت واليتها". لكن حرص المجتمع الدولي على تأسيس محاكم مختصة باالعتماد على اتفاقيات دولية لمحاكمة المتهمين "بارتكاب اإلبادة الجماعية" أو "جريمة الفصل العنصري" لم يترجم عمليا بتأسيس هذه المحاكم وال بمحاكمة المتهمين عن تلك الجرائم. إن نصوص الصكوك الدولية التي جاء ذكرها في هذه الدراسة مستقاة صكوك دولية األمم المتحدة نيويورك 988. من: حقوق اإلنسان مجموعة 9

10 ثانيا محاوالت منظمة األمم المتحدة لتأسيس محكمة جنائية دولية كلفت الجمعية العامة لألمم المتحدة في عام 950 لجنة مؤلفة من 7 عضوا بصياغة مشروع "نظام محكمة جنائية دولية". وعادت الجمعية العامة لتكلف لجنة جديدة بهذه المهمة وما ذلك إال بسبب التحفظات التي قدمت على أعمال اللجنة األولى. ولم ينل مشروع اللجنة الثانية بدوره الرضى المطلوب مما دفع الجمعية العامة إلى اتخاذ قرار جديد وذلك في عام 957 ارتأت فيه تأجيل تشكيل هذه المحكمة حتى االتفاق على تعريف لالعتداء واعتماد مدونة للجرائم ضد السالم وأمن اإلنسانية. وكلفت الجمعية العامة في عام 98 لجنة القانون الدولي في األمم المتحدة بمتابعة أعمالها بشأن المدونة وذلك بعد أن تم إيجاد تعريف لالعتداء في عام. 974 ولكن لم تشر الجمعية العامة إلى موضوع محكمة جنائية دولية إال في عام 989 حين طلبت من لجنة القانون الدولي دراسة موضوع تأسيس محكمة عدل دولية جنائية. وأشارت إليه ثانية في عام 99 حين طلبت من هذه اللجنة مجددا دراسة تحضير مشروع محكمة جنائية دولية. ويبقى موضوع تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة منفصال عن جهود لجنة القانون الدولي ومساعيها لتأسيس محكمة جنائية دولية دائمة كما أشار إلى ذلك البروفسور 4 )بيليه- PELLET ( حيث تبقى محكمة يوغسالفيا السابقة محكمة مؤقتة hoc( )ad. ثالثا محاوالت المنظمات اإلقليمية لتأسيس محكمة جنائية دولية اهتمت كل من منظمة الدول األمريكية واالتحاد األوروبي بفكرة تأسيس محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب. انظر: La Résolution 87 (XII) du //955. انظر: La Commission du droit international et son œuvre, Nations Unies, New York (S.D.), pp انظر: J.-P. PUISSACHET, «Les difficultés», in Vers un Tribunal pénal international, Droit et Démocratie, La Documentation Française, 99, p انظر: A. PELLET, «Le tribunal criminel international pour l ex-yougoslavie. Poudre aux yeux ou avancée décisive?», Revue Général de Droit International Public (R.G.D.I.P.), tome 98/994/, p. 0. 0

11 فقد عقدت اللجنة القانونية التابعة لمنظمة الدول األمريكية اجتماعا في الشهر الثامن من عام 99 لدراسة تقرير أعد في هذا الخصوص. كما ناقش البرلمان األوروبي كهيئة من هيئات االتحاد األوروبي اقتراحا بشأن محكمة جنائية دولية. رابعا المحاوالت الخاصة يع د "مشروع نظام محكمة جنائية دولية" الذي تم تحضيره تحت إشرا الدكتور محمود شريف بسيوني محاولة خاصة وجادة تهد إلى تالفي تأخر المجتمع الدولي وتقاعسه عن إنشاء محكمة جنائية دولية. المطلب الثالث األسباب المباشرة لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة عر تاريخ دول البلقان عدة صراعات حربية وسياسية ودينية. ويمثل الصراع الحديث الذي تعيشه ما كان يعر باسم جمهورية يوغسالفيا االتحادية االشتراكية والذي بدأ في منتصف عام 99 حلقة جديدة من سلسلة حلقات مأساوية عاشتها شعوب هذه الدول )أوال( وكان للمجتمع الدولي موقفه الواضح من هذا الصراع )ثانيا(. أوال الصراع في يوغسالفيا وظهور دول جديدة على المسرح الدولي بدأ الصراع في يوغسالفيا حين أعلنت كل من كرواتيا وسلوفينيا استقاللهما في 99/6/5 لتندلع في نفس اليوم المعارك بين القوات االتحادية ليوغسالفيا السابقة والمقاتلين الكرواتيين والسلوفانيين. وأعلنت جمهورية مقدونيا استقاللها عبر استفتاء شعبي تم في 99/9/8 ليبدأ منذ ذلك التاريخ نزاع جديد على هامش الصراع في يوغسالفيا بين هذه الجمهورية وبين اليونان خاص بعلم الجمهورية وأسمها الذي تعده اليونان جزءا من تراثها التاريخي. انظر: C. BASSIOUNI, «Introduction», in Projet de Statut du Tribunal Pénal International, nouvelle études pénales, Association de Droit Pénal, Cérès, 99, p. 45. انظر: Ibid. p. 6. نذك ر بأن شرارة الحرب العالمية األولى قد اندلعت عقب اغتيال ولي عهد اإلمبراطورية الهنغارية - النمساوية )فرانسوا - فردينايد( وزوجته بتاريخ 94/6/8 في مدينة سراييفو على يد أحد الصربيين.

12 وصو ت سكان البوسنة والهرسك بدورهم في 99// عبر استفتاء شعبي وجماعي مطالبين باستقاللهم. وأعلن استقالل الجمهورية في 99//5 مما نتجت عنه اشتباكات مسلحة بين المليشيات الصربية واإلسالمية والكرواتية. وتم في 99/5/ قبول كل من جمهوريات البوسنة والهرسك وكرواتيا وسلوفينيا كأعضاء في منظمة األمم المتحدة. وأعلن )برلمان الشعب الصربي( من جهته في الصربية للبوسنة والهرسك(. 99/4/6 استقالل )الجمهورية كما أنهى برلمان بلغراد في 99/4/7 إجراءات حل جمهورية يوغسالفيا االتحادية االشتراكية معتمدا دستورا لما أصبح يعر باسم )الجمهورية الفيدرالية اليوغسالفية( التي تضم كال من صربيا والجبل األسود. ثانيا موقف المجتمع الدولي من هذا الصراع ومن انتهاكات القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان لم يقف المجتمع الدولي مكتو األيدي إزاء ما يجري من صراع في إقليم يوغسالفيا السابقة. فقد اتخذت هيئات منظمة األمم المتحدة وخاصة مجلس األمن عدة قرارات لوقف المعارك في هذا اإلقليم ولفك االشتباك بين المقاتلين وفرض حظر على بيع األسلحة والمعدات الحربية وتطبيق العقوبات االقتصادية كما أدان انتهاكات القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان. - قرارات مجلس األمن لن نستعرض كل القرارات التي اتخذها هذا المجلس والتي كانت لها عالقة مباشرة بالصراع في يوغسالفيا. وحسبنا أن نذكر بعضها وبخاصة تلك التي واكبت بداية هذا الصراع وكان لها تأثير مباشر على مجرى األحداث والتي تغطي الفترة ما بين عامي انظر: Conflit, fin de siècle, Manière de voir n 9, Le Monde Diplomatique, février, 996, p. 54. انظر: D. PETROVIC, L. CONDORELLI, «L O.N.U. et la crise Yougoslave», Annuaire Français de Droit International (A.F.D.I.), 99, pp. et s.

13 كان القرار )99( 7 بتاريخ 99/5/5 أول قرار اتخذه المجلس تطبيقا للفصل السابع من ميثاق منظمة األمم المتحدة وبعد ثالثة أشهر من اندالع المعارك وفرض حظرا عاما وكامال على بيع األسلحة والمعدات الحربية ونقلها أو شحنها إلى األراضي اليوغسالفية. وأمام استمرار المعارك اتخذ المجلس قراره )99( 74 بتاريخ 99//5 القاضي بإرسال مجموعة من القوات الدولية إلى هذه األراضي. وزاد عدد هذه القوات تنفيذا للقرار )99( 77 بتاريخ 99//8 وللقرار )99( 740 بتاريخ 99//7 لتصبح هذه القوات المجموعة األولى لقوة الحماية التابعة لألمم المتحدة والتي أصبحت تعر باسم )ONU-FORPR( والتي مد دت مهماتها وزاد عددها بفضل القرار 758 )99( بتاريخ 99/7/8 والقرار )99( 769 بتاريخ.99/8/7 كما أدان مجلس األمن في قراره )99( 757 بتاريخ 99/0/6 سلطات الجمهورية الفيدرالية اليوغسالفية )لصربيا والجبل األسود( وقرر اتخاذ عقوبات مشد دة ضدها. وزاد من تشديد هذه العقوبات تبعا لقراره )99( 787 بتاريخ 99//6. وكان المجلس قد اتخذ قراره )99( 780 بتاريخ 99/0/6 والذي ينص على تأليف لجنة محايدة مهمتها دراسة المعلومات المتعلقة بمخالفات القانون الدولي اإلنساني وتحليلها والتحقق من االنتهاكات الخطيرة والمخالفات الجسيمة لحقوق اإلنسان التي تجري في إقليم يوغسالفيا السابقة. وأخيرا فإن قرار مجلس األمن )99( 757 الذي يؤكد قراره )99( 75 بشأن العقوبات المفروضة على الجمهورية الفيدرالية اليوغسالفية وباالعتماد على الفصل السابع من ميثاق منظمة األمم المتحدة هو الذي سمح لهذا المجلس بالشروع في دراسة قانونية أسفرت في آخر المطا عن تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة وهو ما سنراه بالتفصيل الحقا. انظر: O. CORTEN, P. KLEIN, «Action humanitaire et chapitre VII : La redéfinition du mandat et des moyens d action des forces des Nations Unies», A.F.D.I., 99, pp. 09 et s. انظر: Ph. WECKEL, «La chapitre VII de la Charte et son application par le Conseil de sécurité», A.F.D.I., 99, pp. 65 et s. انظر: PELLET, op. cit., pp. -4.

14 - انتهاكات القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان تنبه الرأي العام العالمي ابتداء من صيف 99 إلى ما يجري حقيقة في إقليم يوغسالفيا السابقة من انتهاكات خطيرة لقواعد القانون الدولي اإلنساني ومخالفات جسيمة لحقوق اإلنسان وخصوصا في البوسنة والهرسك. وتوالت الشهادات والتحقيقات والمقاالت في الصحافة العالمية وبدأت المنظمات الحكومية منها وغير الحكومية برصد هذه االنتهاكات ومتابعة هذه المخالفات التي أعادت لألذهان ما سبق أن عرفته القارة األوروبية أثناء الحرب العالمية الثانية من قتل وتعذيب وتدمير وتشريد. ولفتت األنظار بشكل خاص الممارسات البشعة واألساليب الشنيعة من هتك مستمر لألعراض وإجبار متكرر على ممارسة الرذيلة والبغاء والتي كانت ضحاياها في معظم األحيان النساء والفتيات واألوالد أيضا والتي مارستها بعض القوات والفصائل في مختلف المدن والقرى اليوغسالفية كوسيلة من وسائل التخويف والطرد والتشريد والترحيل. واتخذت لجنة حقوق اإلنسان )والتي أصبحت تعر منذ عام 006 باسم مجلس حقوق اإلنسان( عدة قرارات تتعلق بالبوسنة والهرسك وبخاصة فيما يتعلق بممارسة "التطهير العرقي" ومحاوالت "تفريق المجموعات الوطنية والعرقية والدينية وإبادتها". فقد طلب رسميا سفير الواليات المتحدة األمريكية في األمم المتحدة بتاريخ 99/8/5 عقد اجتماع طارئ للجنة حقوق اإلنسان لمناقشة األوضاع في يوغسالفيا السابقة. ووافقت غالبية الدول األعضاء في اللجنة على هذا الطلب والتأم جمعها يومي و 99/8/4 في أول دورة خاصة في تاريخها. وقررت اللجنة تسمية مقرر خاص في شخص رئيس الوزراء البولندي السابق )مازوفيشكي(. وكانت مهمة هذا المقرر التحقيق مباشرة في أوضاع حقوق اإلنسان في يوغسالفيا السابقة وفي البوسنة والهرسك خاصة. وطلب أيضا القيام بزيارات إلى هذه المناطق برفقة مقررين آخرين وخبراء من لجنة حقوق اإلنسان وصياغة عدة تقارير دورية. انظر: C. BASSIOUNI & M. Mc. CORMICK, Sexuel Violence. An Invisible Weapon of War in the Former Yugoslavia. Occasional Paper n, International Human Rights Law Institute De Paul University, College of Law, 996. انظر: Le livre noire de la Yougoslavie. Purification ethnique et crimes de guerre. Documents rassemblés par le Nouvel Observateur et Reporters sans Frontières, Aréla, mars, 99. انظر: Moniteur droits de l homme, n 9, p. 7. 4

15 وقدم هذا المقر ر مع مقررين آخرين كنتيجة لزياراته ليوغسالفيا السابقة في الفترة الممتدة من 6 إلى 99/8/ أول تقرير في عام 99. وقدم الحقا وبعد زيارة ثانية قام بها برفقة مقررين وخبراء وأطباء في الفترة الممتدة من إلى 99/0/ تقريرا ثانيا بتاريخ. 99/0/7 وتم رفع التقريرين كليهما إلى مجلس األمن وأعضاء لجنة حقوق اإلنسان. وعكس ما جاء فيهما ما سبق أن ذكرناه من ممارسات بشعة وأساليب شنيعة وانتهاكات خطيرة ومخالفات جسيمة لقواعد القانون الدولي اإلنساني واتفاقيات جنيف وحقوق اإلنسان خصوصا ما يمارس في البوسنة والهرسك من قتل وتعذيب واغتصاب وتشريد وهدم للمنازل واختفاء لألشخاص وعمليات تطهير عرقي مقصودة في حد ذاتها ال نتيجة للمعارك التي تجري هناك. ووضع كل من هذين التقريرين مسؤولية كل ذلك على عاتق القوات الصربية في أغلب األحيان والقوات الكرواتية والبوسنية في أحيان أخرى. واتخذت لجنة حقوق اإلنسان في جلستها الطارئة التي عقدتها من /0 99// قرارا أكثر حد ة من قرارها األول. إلى حيث أعادت لألذهان ما جاء في هذا القرار ولكنها ركزت في قرارها الثاني على حالة المسلمين ورأت أنهم عرضة حسب تقديراتها لإلبادة نتيجة ما يجري في إقليم يوغسالفيا السابقة. هذه هي إذن الظرو واألوضاع التي دفعت بالمجتمع الدولي ممثال بمجلس األمن إلى تأسيس محكمة جنائية دولية مؤقتة لمحاكمة مجرمي الحرب اليوغسالفية. المبحث الثاني نظام المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة يع د نظام المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة تطبيقا فعليا لقواعد الحماية 4 الدولية لحقوق اإلنسان وذلك نظرا لما تضمنه من اختصاصات لمحاكمة المتهمين انظر: Ibid. p. 7. انظر: Le rapport de la mission d enquête de la Communauté européenne sur le traitement réservé aux femmes musulmanes dans l ex-yougoslavie (S/540), annexe. انظر: Moniteur droits de l homme, n 7. 4 انظر: Ph. WECKEL, «L Institution d un tribunal international pour la répression des crimes de droit humanitaire en Yougoslavie», A.F.D.I, 99, p

16 والمسؤولين عن انتهاكات اتفاقيات جنيف لعام 949 المناهضة لإلنسانية وإبادة األجناس. ولقوانين الحرب وأعرافها وللجرائم سنطلع بداية على تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة )المطلب األول( ومن ثم على تنظيم هذه المحكمة الجنائية )المطلب الثاني( وعلى اختصاصاتها )المطلب الثالث( وأخيرا على أصول المحاكمة أمامها )المطلب الرابع(. المطلب األول تأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة لقد ساهمت العواصم األوروبية منفردة حينا ومجتمعة أحيانا أخرى بتحضير عدة مشاريع لتأسيس هذه المحكمة الجنائية )أوال( وتكفلت منظمة األمم المتحدة في آخر المطا بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية معتمدة على بعض ما جاء في هذه المشاريع ولكنها اعتمدت على ميثاقها بالدرجة األولى )ثانيا(. أوال المشاريع األوروبية التي قدمت بهدف تأسيس محكمة جنائية دولية ليوغسالفيا السابقة سنع دد هذه المشاريع ولكن دون الدخول في تفاصيل محتواها: - مشروع مؤتمر األمن والتعاون في أوروبا وافق هذا المؤتمر في اجتماعه الذي عقده في 99//5 في العاصمة السويدية ستوكهولم على تحضير مشروع "اتفاقية تتعلق بتأسيس محكمة دولية خاصة ومكلفة بمحاكمة جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية التي ارتكبت في يوغسالفيا السابقة". واعتمد مجلس المؤتمر في 99//9 هذا المشروع الذي يتضمن اتفاقية من 66 مادة يضا إليها بروتوكول مالي. - مشروع الحكومة الفرنسية أنشأ وزير الخارجية الفرنسي السابق )روالن دوما( في 99//5 لجنة مؤلفة من ثمانية قانونيين فرنسيين ومن المتخصصين بالقانون الدولي والقانون الجنائي بشأن إعطاء الرأي حول ما يمكن أن ينتج عن تأسيس "محكمة جنائية دولية مختصة بمحاكمة جرائم الحرب والجرائم المناهضة لإلنسانية أو المخالفات الخطيرة لبعض االتفاقيات الدولية PELLET, op. cit., pp انظر: 6

17 التي ارتكبت في إقليم يوغسالفيا السابقة". وقدمت اللجنة بتاريخ ملحق لمشروع نظام للمحكمة. 99//8 تقريرها مع 7 - مشروع الحكومة اإليطالية وألفت الحكومة اإليطالية في 99//4 لجنة برئاسة وزير العدل اإليطالي )جوفاني كونسو( مؤلفة هي األخرى من عدد من القانونيين اإليطاليين ومكلفة بإعداد مشروع خاص بجرائم الحرب والجرائم المناهضة لإلنسانية التي ارتكبت في إقليم يوغسالفيا السابقة. ولقد أشار األمين العام لألمم المتحدة في التقرير الذي أعده بخصوص المحكمة الجنائية الدولية وكذلك مجلس األمن في قراره )99( 808 بتاريخ 99// إلى المشاريع الثالثة األخيرة. ويعتمد النظام األساسي لهذه المحكمة على المشروعين المقدمين من الحكومتين اإليطالية والفرنسية وذلك بالدرجة األولى وعلى مشروع مؤتمر األمن والتعاون في أوروبا ولكن بدرجة أقل. ثانيا ميثاق األمم المتحدة وتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة لم تنجح حتى اآلن وكما مر معنا المحاوالت التي بذلتها منظمة األمم المتحدة لتأسيس محكمة جنائية دولية دائمة. ويعود السبب في هذا اإلخفاق إلى عدة صعوبات تتمثل عادة: في طول المناقشات والمداوالت القانونية والدبلوماسية التي تسبق التوصل إلى اتفاق توقعه الدول وتصادق عليه الحقا. ويشكل التصديق على أي اتفاق دولي عائقا بحد ذاته بما يتطلبه من ضرورة تصديق كل الدول األعضاء في األمم المتحدة عليه أو تصديق عدد محد د من هذه الدول. وتأتي هنا مشكلة تحديد هذا العدد ومعرفة ما إذا كان كافيا لدخول هذا االتفاق حيز النفاذ ناهيك عن رفض عدد آخر من أعضاء األمم المتحدة التصديق على اتفاق قد يبدو وكأنه تهديد لمفهوم السيادة الوطنية. وجاء تأسيس المحكمة الجنائية الدولية كمحكمة مؤقتة لتجاوز هذه الصعوبات على الرغم من أن هناك اتجاها عاما بين الفقهاء الدوليين ينحو نحو تفضيل إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة ولو أن لمحكمة جنائية دولية مؤقتة جوانبها اإليجابية أيضا. ولكن ما هي الصالحيات التي سمحت لمنظمة األمم المتحدة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ومن هي الهيئة من بين هيئات هذه المنظمة التي تكفلت بهذه المهمة وعلى أي أساس قانوني قامت عليه هذه المحكمة انظر: K. LESCURE, Le Tribunal pénal international pour l ex-yougoslavie, CEDIN, Paris I, études internationales, n 6, Montchrestien, Paris, 994, pp. 6-6.

18 - مواد ميثاق األمم المتحدة تعتمد هذه الصالحيات على مواد ميثاق األمم المتحدة التي تبين أهمية احترام حقوق اإلنسان وحرياته األساسية. فهي تشير إلى دور منظمة األمم المتحدة في حماية هذه الحقوق والحريات وصالحياتها في السهر على تعزيزها وتشجيعها. فتنص الفقرة من المادة األولى والتي تبحث في مقاصد األمم المتحدة على دور المنظمة في: "تعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للناس جميعا والتشجيع على ذلك إطالقا بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق بين الرجال والنساء". وكفلت المادة الجمعية العامة بالقيام بدراسات وتوصيات في الفقرة األولى )ب( وذلك بقصد: "اإلعانة على تحقيق حقوق اإلنسان والحريات األساسية للناس كافة". وأشارت المادة 55 )ج( إلى أن األمم المتحدة تعمل على: "أن يشيع في العالم احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للجميع بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق بين الرجال والنساء ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعال". وأوضحت الفقرة من المادة 6 أن مهام المجلس االقتصادي واالجتماعي تقديم: "توصيات فيما يختص بإشاعة احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية ومراعاتها". - تكفل مجلس األمن بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة اتخذ مجلس األمن وبعد أن عرضت عليه عد ة مشاريع أوروبية تهد إلى تأسيس محكمة جنائية دولية قراره )99( 808 بتاريخ 99// والقاضي ب "إنشاء محكمة دولية ومقاضاة األشخاص المسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والتي ارتكبت في إقليم يوغسالفيا السابقة منذ عام 99" وذلك تطبيقا لتوصيات لجنة الخبراء التي أنشأها بقراره )99( 780 بتاريخ 99/0/6 والتي سبق أن أشرنا إليها حين تحدثنا عن قرارات مجلس األمن إزاء ما يجري من انتهاكات للقانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان. ولكن طرحت مسألة قيام مجلس األمن ال الجمعية العامة لألمم المتحدة بتأسيس هذه المحكمة. فقد أبدت عدة دول من غير األعضاء الدائمين في مجلس األمن وفي أثناء تحضير هذا القرار والتصويت عليه بعض التحفظات ال على مبدأ تأسيس المحكمة ولكن على قيام مجلس األمن بهذه المهمة ورأت أن الجمعية العامة كانت أولى بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة وتحديد اختصاصاتها ومهامها. PELLET, op. cit., p.. انظر: 8

19 وكان أن قدمت عدة أجوبة على هذه المسألة منها: أن مجلس األمن قد تكفل بتأسيس هذه المحكمة تطبيقا لما جاء في الفقرة األولى من المادة 4 من ميثاق منظمة األمم المتحدة والتي تنص على ما يلي: "- رغبة في أن يكون العمل الذي تقوم به "األمم المتحدة" سريعا فع اال يعهد أعضاء تلك الهيئة إلى مجلس األمن بالتبعات الرئيسية في أمر حفظ السلم واألمن الدوليين ويوافقون على أن هذا المجلس يعمل نائبا عنهم في قيامه بوجباته التي تفرضها عليه هذه التبعات". فمجلس األمن مكلف بأمر "حفظ السلم واألمن الدوليين" وقد أوكل أعضاء هذه المنظمة إلى المجلس هذه المهمة الدقيقة والحساسة في حين ال يحق للجمعية العامة تطبيقا لما نصت عليه الفقرة األولى من المادة من الميثاق إال تقديم توصية "بصدد نزاع أو موقف" ولكن "إذا طلب ذلك منها مجلس األمن". ونحن نرى أنه كان من الممكن أن يطلب مجلس األمن من الجمعية العامة تقديم توصية فيما يخص تأسيس هذه المحكمة حتى ولو أن المجلس لم يتجاوز في الواقع اختصاصاته حين اصدر قراره بتأسيسها. كما يع د هذا القرار بحد ذاته قرارا جريئا. فمشاركة هيئة تضم ممثلين عن كل الدول األعضاء في األمم المتحدة ونقصد بها الجمعية العامة سيكون لها بال أدنى شك صدا أبعد وأثرا أكبر في تأسيس محكمة جنائية دولية لمحاكمة المسؤولين والمتهمين بمخالفات القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان والتي جرت في إقليم يوغسالفيا السابقة. ولكن يجب أال ننسى أيضا أن المحكمة التي تم تأسيسها بفضل قرار مجلس األمن هي محكمة مؤقتة وليست محكمة دائمة ولعل الجمعية العامة ستلعب في المستقبل القريب دورها األساس في تأسيس محكمة جنائية دولية دائمة هذه المرة. وال نستطيع أن ننكر أخيرا أن مجلس األمن قد نجح في آخر المطا رغم مختلف الصعوبات في تأسيس هذه المحكمة المؤقتة التي يمكن أن تتوصل إلى نفس النتائج التي 4 يمكن أن تتوصل إليها أية محكمة دائمة. وقد تم أخيرا وبعد صدور قرار مجلس األمن )99( 808 بتاريخ 99// تكليف األمين العام لألمم المتحدة بمهمة تحضير مشروع هذه المحكمة الدولية وأعطيت له مهلة ستين يوما من تاريخ صدور هذا القرار لتقديم هذا المشروع إلى مجلس األمن. وقدم بالفعل األمين العام مشروعا متكامال لنظام المحكمة الجنائية الدولية لجمهورية يوغسالفيا السابقة قامت بتحضيره مجموعة من خمسة موظفين دوليين في مكتب الشؤون القانونية وذلك بعد خمسة وسبعين يوما من تاريخ قرار مجلس األمن األنف الذكر. انظر: LESCURE, op. cit., p. 65. انظر: PUISSACHET, op.cit., p. 4. قررت الجمعية العامة لألمم المتحدة في عام 996 ونتيجة لتوصية وصلتها من لجنة القانون الدولي إحدى ست لجان تابعة لهذه الجمعية عقد مؤتمر دولي في إيطاليا عام 998 بخصوص تأسيس محكمة جنائية دولية. وقد تم بالفعل تأسيس هذا المحكمة الجنائية الدولية ودخل نظامها حيز النفاذ اعتبارا من.00/7/ 4 انظر: WECKEL, op. cit., p. 4. 9

20 )99( بتاريخ وكان أن أتخذ مجلس األمن قراره 87 أن نلخصه كما يلي: 99/5/5 الذي يمكن - يوافق على تقرير األمين العام. - يقر ر بموجب هذا إنشاء محكمة دولية القصد الوحيد منها هو مقاضاة األشخاص المسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني التي ارتكبت في إقليم يوغسالفيا السابقة في الفترة بين كانون األول/يناير 99 وموعد يحدده مجلس األمن عند استعادة السلم وتحقيقا لهذه الغاية يقر ر اعتماد النظام األساسي للمحكمة الدولية المرفق بالتقرير المذكور أعاله. - يطلب إلى األمين العام أن يقد م إلى قضاة المحكمة الدولية عند انتخابهم أية اقتراحات واردة من الدول فيما يتعلق بقواعد اإلجراءات واإلثبات المنصوص عليها في المادة 5 من النظام األساسي للمحكمة الدولية. 4- يقر ر أن تتعاون جميع الدول تعاونا كامال مع المحكمة الدولية وأجهزتها وفقا لهذا القرار والنظام األساسي للمحكمة الدولية وأن تتخذ جميع الدول بناء على ذلك أية تدابير الزمة في إطار قانونها الداخلي لتنفيذ أحكام هذا القرار والنظام األساسي بما في ذلك التزام الدول باالمتثال لطلبات المساعدة أو األوامر الصادرة عن إحدى غر المحاكمة بمقتضى المادة 9 من النظام األساسي. 5- يحث الدول والمنظمات الدولية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية على المساهمة بأموال ومعدات وخدمات للمحكمة الدولية بما في ذلك تقديم خبراء. 6- يقر ر أن يكون تحديد مقر المحكمة الدولية رهنا بعقد ترتيبات مناسبة بين األمم المتحدة وهولندا تكون مقبولة للمجلس وأنه يجوز أن تجتمع المحكمة في مكان آخر عندما ترى أن ذلك ضروري ألداء مهامها بكفاءة. 7- يقر ر أيضا أن تضطلع المحكمة الدولية بعملها دون اإلخالل بحق المجني عليهم في السعي عن طريق الوسائل المالئمة للحصول على تعويض عن األضرار المتكبدة نتيجة النتهاكات القانون الدولي اإلنساني. 8- يطلب من األمين العام أن ينفذ هذا القرار على وجه االستعجال وأن يقوم على وجه الخصوص باتخاذ ترتيبات عملية تكفل قيام المحكمة الدولية بأعمالها بالفعل في أقرب وقت ممكن وأن يقد م تقارير دورية عن ذلك إلى المجلس. 9- يقر ر أن تبقى المسألة قيد نظره. 0

21 - الفصل السابع من الميثاق كأساس قانوني لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة لقد تبي ن معنا آنفا بأنه كان من الصعب تأسيس محكمة جنائية دولية دائمة وأن المجتمع الدولي قد اختار تأسيس محكمة مؤقتة نظرا لظرو الحرب التي كانت دائرة في إقليم يوغسالفيا السابقة وكيف أن مجلس األمن هو الذي تكفل بهذه المهمة. ولكن طرح السؤال التالي: على أي أساس قانوني قامت هذه المحكمة المؤقتة لقد كر س ميثاق منظمة األمم المتحدة فصله السابع وعنوانه: "فيما يتخذ من األعمال في حاالت تهديد السلم واإلخالل به ووقوع العدوان". وأوضحت المادة 9 من هذا الفصل الدور الذي يمكن أن يلعبه مجلس األمن في هذا الخصوص حيث نصت على ما يلي: "يقر ر مجلس األمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخالل به أو كان ما وقع عمال من أعمال العدوان ويقد م في ذلك توصياته أو يقر ر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا ألحكام المادتين 4 و 4 لحفظ السلم واألمن الدوليين أو إعادته إلى نصابه". فكل ما يستدعي حفظ "السلم واألمن الدوليين" هو من اختصاص مجلس األمن ويستطيع هذا المجلس اتخاذ التدابير الالزمة لتحقيق ذلك تطبيقا للمادتين 4 و 4 من الميثاق. وما يهمنا فيما يتعلق باألوضاع في إقليم يوغسالفيا السابقة هو المادة 4 التي تنص على ما يلي: "لمجلس األمن أن يقر ر ما يجب اتخاذه من التدابير التي ال تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته وله أن يطلب من أعضاء "األمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير ويجوز أن يكون من بينها وقف الصالت االقتصادية والمواصالت الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية الالسلكية وغيرها من وسائل المواصالت وقفا جزئيا أو كليا وقطع العالقات الدبلوماسية. فلمجلس األمن اتخاذ "التدابير التي يراها مناسبة في حاالت تهديد السلم واإلخالل به" وما كان يجري إقليم يوغسالفيا السابقة يع د بال أدنى شك من بين هذه الحاالت التي عرضت ال أوضاع هذه الدولة وحدها للخطر بل هددت األمن والسلم الدوليين وتطلبت اتخاذ تدابير عاجلة قد ال تكون بالضرورة تلك التي نصت عليها المادة 4 من الميثاق. وأشار فعال قرار مجلس األمن )99( 7 بتاريخ 99/9/5 إلى هذه األوضاع انظر: G. COHEN-JONTHAN, «Chapitre VII, action en cas de menace contre la paix, de rupture de la paix et d acte d agression» in La Charte des Nations Unies. Commentaire article par article, J.-P. COT, A. PELLET A. (dir.), Economica, Paris, Bruylant, Bruxelles, 985, pp. 645 et s. لقد اعتمد مجلس األمن على الفصل السابع من ميثاق األمم المتحدة وخصوصا على المادتين 9 و 4 إلصدار قراره )99( 678 بتاريخ 99/4/ المتعلق بحرب الخليج الثانية والمقاطعة المفروضة على العراق. انظر: P.-M. EISEMANN, «Article 4» in La Charte des Nations Unies. Commentaire article par article, J.-P. COT, A. PELLET (dir.), Economica, Paris, Bruylant, Bruxelles, 985, pp. 69 et s.

22 الخطيرة يضا إلى ذلك عمليات القتل واإلبادة والتعذيب والتشريد والتدمير التي عرفها هذا اإلقليم والتي تع د أيضا مخالفة لقواعد القانون الدولي اإلنساني وحقوق اإلنسان والتي نتجت عنها مسؤولية فردية تقع على عاتق مرتكبيها والمسؤولين عنها وهو ما أشار إليه أيضا قرار مجلس األمن )99( 764 بتاريخ 99/7/. ولكن هل يقصد عمليا بهذه "التدابير" تأسيس هيئة قضائية باإلضافة إلى وقف مختلف "الصالت" وكذلك "قطع العالقات الدبلوماسية" ونعود هنا إلى الميثاق مجددا لنجده قد نص في المادة 9 على أن "لمجلس األمن أن ينشئ من الفروع الثانوية ما يرى له ضرورة ألداء وظائفه". فللمجلس أن يؤسس هيئات من الممكن أن تكون قضائية ليؤدي ما يتطلبه الفصل السابع من أعمال "في حاالت تهديد السلم واإلخالل به". وهو ما قام به فعال حين اتخذ قراره )99( 87 بتاريخ 99/5/5 القاضي بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة. المطلب الثاني تنظيم المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة 4 كر س النظام األساسي لهذه المحكمة المواد من إلى )أوال( وقضاتها )ثانيا( ومدعيها العام )ثالثا( وقلمها )رابعا(. لبيان هيئات المحكمة أوال هيئات المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة عددت المادة من النظام هيئات المحكمة وهي: الدوائر وعددها ثالث دوائر: دائرتان للمحاكمة ودائرة للطعون. مكتب المدعي العام. قلم مشترك للدوائر ومكتب المدعي العام إن ترجمة كلمة )Organes( إلى )فروع( هي برأينا ترجمة غير دقيقة وكان من األفضل استخدام كلمة )هيئات( وهو ما يتناسب فعال مع سياق المادة. انظر: PELLET, op. cit., p. 8. لقد اعتمدنا في المبحث الثاني من هذه الدراسة على نص تقرير األمن العام لألمم المتحدة )5704/S( المقدم عمال بالفقرة الثانية من قرار مجلس األمن )99( 808 بتاريخ 99/5/ وبخاصة على )المرفق( الذي يبحث في النظام األساسي للمحكمة.

23 ثانيا قضاة المحكمة - عددهم تتألف المحكمة من قاضيا حيث تضم حسب المادة المحكمة ثالثة قضاة. وتضم دائرة الطعون خمسة قضاة. كل دائرة من دائرتي - ترشيحهم وانتخابهم أوضحت الفقرة الثانية من المادة من نظام المحكمة طريقة ترشيح القضاة وانتخابهم وهي على الشكل التالي: يطلب األمين العام لألمم المتحدة من الدول األعضاء في المنظمة والدول غير األعضاء والذين لهم مراقبين دائمين في المنظمة ترشيح شخصيات لشغل منصب قضاة في المحكمة. ويحق لكل دولة من هذه الدول وفي خالل مهلة ستين يوما من تاريخ طلب األمين العام ترشيح شخصين يحمل كل واحد منهما جنسية مختلفة عن جنسية اآلخر. ويرفع هذا األمين الئحة بأسماء هؤالء المرشحين إلى مجلس األمن. ويهيئ هذا المجلس الئحة بأسماء مرشحا على األقل و مرشحا على األكثر آخذا بعين االعتبار ضرورة التمثيل المناسب لكل األنظمة القانونية الرئيسية في العالم. ويرفع رئيس مجلس األمن هذه الالئحة إلى رئيس الجمعية العامة لألمم المتحدة. وتنتخب الجمعية العامة باألغلبية المطلقة ألصوات الدول األعضاء وغير األعضاء في األمم المتحدة قاضيا وفي حال وجود شاغر يسمى األمين العام وبعد استشارة كل من رئيسي مجلس األمن والجمعية العامة شخصية تتوافر فيها الشروط التي حددتها الفقرة األولى من المادة. وكان مجلس األمن قد أعد بقراره )99( 857 بتاريخ 99/8/0 الئحة بأسماء مرشحا يحملون جنسيات الدول األعضاء في منظمة األمم المتحدة ومرشحا واحدا يحمل جنسية دولة غير عضو وهي سويسرا. قاضيا. وانتخبت الجمعية العامة لألمم المتحدة في 6 و 99/9/7 أصبحت سويسرا عضوا في منظمة األمم المتحدة اعتبارا من 00/9/0. لقد تم تاريخ إعداد هذه الدراسة 996 انتخاب الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض من جمهورية مصر العربية قاضيا في هذه المحكمة. أما بقية القضاة فيحملون جنسيات الدول التالية: استراليا إيطاليا باكستان الصين فرنسا كندا كوستاريكا ماليزيا نيجيريا الواليات المتحدة األمريكية. عد ل قرار مجلس األمن )006( 660 بتاريخ 006//8 كل من المادتين و من نظام المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة بحيث أصبح عدد قضاتها 6 قاضيا كما أضا إليهم قاضيا يتم اختيارهم لقضية محددة ويطلق عليهم بالالتينية: litem(.)ad وال يوجد لألسف أي قاض من الدول العربية من بين قضاة المحكمة كلهم.

24 وانتخب هؤالء القضاة في 99//7 وتطبيقا للفقرة األولى من المادة 4 رئيسا للمحكمة وهو البروفسور اإليطالي أنطونيو كازيزه ويع د رئيس المحكمة عضوا في دائرة الطعون حيث يتولى رئاسة إجراءاتها أيضا بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 4. ويشغل قضاة المحكمة مناصبهم حسب ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة لمدة أربع سنوات كما يجوز إعادة انتخابهم "وتطبق عليهم نفس قواعد وشروط الخدمة المطبقة على قضاة محكمة العدل الدولية". 4 - مؤهالتهم يجب أن يكون قضاة المحكمة وحسب ما أوضحته الفقرة األولى من المادة "على خلق رفيع وأن تتوفر فيهم صفات التجرد والنزاهة وان يكونوا حائزين للمؤهالت التي تجعلها بلدانهم شرطا للتعيين في أرفع المناصب القضائية". كما يجب أن يؤخذ بعين االعتبار عند تشكيل الدوائر "خبرة القضاة في مجال القانون الجنائي والقانون الدولي بما فيه القانون اإلنساني الدولي وقانون حقوق اإلنسان". 4- مميزاتهم وحصاناتهم أكدت الفقرة األولى من المادة 0 من النظام بأن االتفاقية الخاصة بمميزات وحصانات األمم المتحدة بتاريخ 946// تنطبق على المحكمة الجنائية الدولية وقضاتها والمدعي العام وموظفيه والمسجل وموظفيه أيضا. وميز ت كل من الفقرتين الثانية والثالثة من نفس المادة ما بين القضاة والمدعي العام والمسجل من جهة وبين موظفيهم من جهة ثانية. فيتمتع القضاة والمدعي العام والمسجل بنفس المميزات والحصانات واإلعفاءات والتسهيالت الممنوحة للدبلوماسيين وذلك تطبيقا لقواعد القانون الدولي. ويتمتع كل من موظفي المدعى العام والمسجل بنفس المميزات والحصانات الممنوحة لموظفي األمم المتحدة تطبيقا للمادتين الخامسة والسادسة من االتفاقية الخاصة بمميزات وحصانات األمم المتحدة لعام 946. ويتمتع أخيرا وتطبيقا للفقرة الرابعة من المادة 0 من النظام بقية األشخاص الذين يتطلب تواجدهم في مقر المحكمة وكذلك المتهمين بالمعاملة الضرورية التي تسمح للمحكمة بأداء وظائفها. تم اختيار البروفسور أنطونيو كازيزه رئيسا للمحكمة الخاصة من أجل لبنان )محكمة الحريري(. ولكنه قرر التنحي عن الرئاسة ألسباب صحية في الشهر العاشر من عام 0 مع االحتفاظ بمنصبه كقاض في غرفة استئنا المحكمة. كما تمت تسميه ديفيد براغواناث من نيوزيلندا رئيسا للمحكمة. وأعلنت الحقا هذه المحكمة الخاصة من أجل لبنان وفاة القاضي كازيزه بتاريخ 0/0/. انظر: La Convention de Vienne sur les relations diplomatiques du //96.

25 5- مقر المحكمة ولغاتها يوجد مقر المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة حسب المادة من النظام في مدينة الهاي الهولندية. أما لغاتها الرسمية فهي: اإلنكليزية والفرنسية حسب ما نصت عليه المادة من النظام األساسي للمحكمة. 6- نفقات المحكمة ومصاريفها أوضحت المادة من النظام بأن نفقات المحكمة ومصاريفها ستقطع من الميزانية العادية لألمم المتحدة تطبيقا للمادة 7 من الميثاق وستطلب األمم المتحدة بدورها من دولها األعضاء تبعا للفقرة الخامسة من قرار مجلس األمن )99( 87 مساهمات طوعية لتغطية هذه النفقات والمصاريف. ثالثا المدعي العام أوضحت الفقرة األولى من المادة 6 من نظام المحكمة دور هذا المدعي ومهامه. فقد نصت على أنه يع د مسؤوال عن تنظيم التحقيقات ومقاضاة المتهمين والمسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني والتي ارتكبت على األراضي اليوغسالفية ابتداء من عام 99. وأكدت الفقرة من نفس المادة استقاللية هذا المدعي وكونه هيئة مستقلة من هيئات المحكمة. فال يتلقى المدعي العام أية تعليمات من أية حكومة أو أي مصدر مهما كان. ويتألف مكتب المدعي العام تطبيقا للفقرة يلزم من موظفين مؤهلين آخرين". من نفس المادة من المدعي العام "وما ويسمي مجلس األمن تطبيقا للفقرة 4 على اقتراح من األمين العام لألمم المتحدة. من نفس المادة المدعي العام وذلك اعتمادا ويمارس المدعي العام وظائفه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد وهو يشغل مرتبة وكيل األمم المتحدة ويتمتع بنفس مميزاته. 5

26 ولكن لم تسلم هذه المادة 6 من بعض االنتقادات. فقد تم انتقاد تكليف المدعي العام لوحده بمهام التحقيق والمالحقة في الوقت الذي كان من األفضل فيه تكليف هيئة مؤلفة من عد ة أشخاص بهذه المهام. كما تم انتقاد طريقة تعيين هذا المدعي. فقد كان محبذا لو تم تعيينه بنفس طريقة تعيين قضاة المحكمة ال أن تتم تسميته من قبل مجلس األمن. وتجري أخيرا تسمية موظفي المدعي العام من قبل األمين العام لألمم المتحدة بناء على توصية هذا المدعي. وتم تعيين الفنزويلي )رامون اسكوفار - سالوم( مدعيا عاما للمحكمة لمدة أربع سنوات. ولكنه استقال من مهامه في الشهر األول من عام 994. وانتخب مكانه )ريتشارد ج غولدوستون( من جنوب إفريقيا الذي غادر وظيفته في 996/9/. وحلت محله )لويز أربور( من كندا اعتبارا من 996/0/. وتم انتخاب البلجيكي )سيرج براميرتز( لمنصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة في 008// وجددت واليته اعتبارا من 0/9/4. رابعا قلم المحكمة بينت المادة 7 من نظام المحكمة مهام هذا القلم وشروط اختيار المسجل. فالقلم مكل ف تطبيقا للفقرة األولى من هذه المادة بالشؤون المالية واإلدارية وتقديم مختلف الخدمات من إعالمية وخارجية وغيرها للدوائر والمدعي العام. ويعي ن األمين العام لألمم المتحدة تطبيقا للفقرة الثانية من المادة 7 وبعد استشارة رئيس المحكمة هذا المسجل وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد. أما شروط عمل هذا المسجل فهي نفس شروط عمل األمين العام المساعد لألمم المتحدة. ويسمي أخيرا هذا األمين العام موظفي القلم بناء على توصية المسجل. انظر: PELLET, op. cit., pp شغلت الحقا السيدة )لويز آربور( منصب المفوض السامي لحقوق اإلنسان ما بين عامي يشغل األسترالي )جون هوكينغ( منصب المسجل العام للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة اعتبارا من 009/5/5. 6

27 المطلب الثالث اختصاصات المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة كر س النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية مواده من إلى 9 لتحديد اختصاصاتها التي يمكن أن نقسمها إلى االختصاص الزماني )أوال( واالختصاص المكاني )ثانيا( واالختصاص الموضوعي )ثالثا( واالختصاص الشخصي )رابعا(. أوال االختصاص الزماني لقد أوضحت المادة األولى من النظام األساسي للمحكمة اختصاصها الزماني حيث نصت على ما يلي: "للمحكمة سلطة مقاضاة األشخاص المسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة للقانون اإلنساني الدولي المرتكبة في إقليم يوغسالفيا السابقة منذ عام 99 وفقا ألحكام هذا النظام األساسي". ولكن طرح السؤال التالي: ابتداء من أي يوم أو من أي تاريخ في عام 99 يجب أن يقاضى هؤالء األشخاص على أعمالهم وأفعالهم وقدمت عدة اقتراحات. لكن األمين العام لألمم المتحدة اعتمد على ما جاء في قرار مجلس األمن ليفسر عبارة "منذ عام 99" بأنه مقصود اليوم األول من الشهر األول أو أي يوم من أي شهر الحق من عام 99. وتحديد هذا التاريخ هام بال شك وبخاصة فيما يتعلق باالختصاص الموضوعي وهو ما سنراه. ثانيا االختصاص المكاني يجب أال ننسى بأن المحكمة الجنائية ليوغسالفيا السابقة هي محكمة مؤقتة وأن مهمتها مرهونة بتحقيق األهدا التي أنشئت من أجلها فإن كانت هذه المحكمة مختصة بمقاضاة المتهمين والمسؤولين عن االنتهاكات الجسيمة للقانون الدولي اإلنساني اعتبارا من 99// فهي مختصة بمقاضاتهم على أفعالهم التي ارتكبوها في إقليم يوغسالفيا السابقة. ولكن ما هو المقصود بالتحديد بعبارة "إقليم يوغسالفيا السابقة" والتي جاءت في المادة األولى من النظام األساسي للمحكمة لقد أوضحت المادة 8 من هذا النظام ذلك حين نصت على ما يلي: "يشمل اختصاص المحكمة الدولية من حيث المكان إقليم جمهورية يوغسالفيا االشتراكية االتحادية السابقة بما في ذلك مسطحها األرضي ومجالها الجوي ومياهها اإلقليمية". 0 7 من المفروض أن تنتهي مهمة هذه المحكمة في عام جمهورية يوغسالفيا السابقة ولكن تم تجديد هذه المهمة. من النظر في الجرائم التي وقعت في

28 ثالثا االختصاص الموضوعي يجب تحديد هذا االختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة حتى ال يتعارض من جهة مع اختصاصات المحاكم الوطنية. وال يمس من جهة ثانية السيادة الوطنية للدول. فقد أوضحت الفقرة األولى من المادة 9 من النظام األساسي بأن "للمحكمة الدولية والمحاكم الوطنية اختصاصا مشتركا في مقاضاة األشخاص عن االنتهاكات الجسيمة للقانون اإلنساني الدولي التي ارتكبت في إقليم يوغسالفيا السابقة منذ كانون األول/يناير 99". مما يعني بأن لهذه المحاكم الوطنية دورها أيضا في المقاضاة ولكن للمحكمة الجنائية الدولية "أسبقية" عليها كما أشارت إلى ذلك الفقرة الثانية من نفس المادة. بل ذهبت هذه الفقرة األخيرة إلى ابعد من ذلك حين نصت على أنه يجوز "للمحكمة الدولية في أي مرحلة من مراحل الدعوى أن تطلب من المحاكم الوطنية رسميا التنازل عن اختصاصها للمحكمة الدولية وفقا لهذا النظام األساسي والئحة اإلجراءات واألدلة الخاصة بالمحكمة الدولية". ويشير النظام األساسي إلى اختصاص المحكمة بالمقاضاة عن الجرائم التالية: - جرائم الحرب: أ( االنتهاكات الجسيمة التفاقيات جنيف لعام 994: عددت المادة من النظام األساسي الجرائم التي تع د من بين هذه االنتهاكات والتي يحق للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة مقاضاة األشخاص الذين يرتكبونها أو الذين يأمرون بارتكابها وهذه الجرائم هي: ")أ( القتل العمل )ب( التعذيب أو المعاملة غير اإلنسانية بما في ذلك التجارب البيولوجية )ج( التسبب عمدا في التعريض آلالم شديدة أو إصابة خطيرة للجسم أو الصحة )د( تدمير الممتلكات ومصادرتها على نطاق واسع دون مبرر تقتضيه الضرورات العسكرية والقيام بذلك على نحو غير مشروع وعن استهتار )ه( إكراه أسير حرب أو شخص مدني على الخدمة في قوات دولة معادية )و( تعمد حرمان أسير حرب أو شخص مدني من الحق في محاكمة عادلة عادية )ز( نفي أو نقل شخص مدني على نحو غير مشروع أو حبسه دون مبرر قانوني )ح( أخذ المدنيين كرهائن". انظر: M. GASTILLO, «La compétence du Tribunal pénal pour la Yougoslavie», R.G.D.I.P., tome 98/994/, p

29 لكن وجهت مجموعة من االنتقادات إلى هذه المادة الثانية ملخصها: بأن الجرائم التي عد دتها ال تشمل كل األفعال التي تم ارتكابها فعال في إقليم يوغسالفيا السابقة. فلم يأت ذكر الترحيل والنقل أو اإلبعاد غير المشروعين لألشخاص وال حبسهم غير المشروع أيضا. وطرح السؤال التالي: كيف أن محكمة تم تأسيسها ال اعتمادا على اتفاقية دولية بل على قرار من مجلس األمن سو تعتمد على اتفاقيات دولية نقصد بها اتفاقيات جنيف لعام 949 وذلك لمحاكمة من يخالف أحكامها مع العلم بأن لهذه االتفاقيات آليات مراقبة خاصة بتطبيقها كما أن االعتماد على اتفاقيات جنيف هذه قد حال دون االعتماد على الحقيها لعام 977 وإلى اإلشارة إلى األفعال التي جاء ذكرها في هذين الملحقين. ونحن نتفق أحيانا مع هذه االنتقادات خصوصا تلك التي أوضحت بأن المادة لم تعد د كل األفعال التي تم ارتكابها في إقليم يوغسالفيا ونتساءل أيضا: لماذا كان ت عداد هذه األفعال حصرا وليس "دون حصر" كما جاء في المادة من النظام األساسي للمحكمة أما االعتماد على اتفاقيات جنيف فيبرره برأينا الطابع المسلح للنزاع الذي جرى في إقليم يوغسالفيا السابقة حتى ولو كانت الجرائم التي ارتكبت تع د دولية أو غير دولية طالما أنه تشملها مواد هذه االتفاقيات التي لها آليات مراقبة فعال ولكنها لم تؤسس محاكم جنائية دولية لمحاكمة من يخالف قواعدها. ب( انتهاكات قوانين أو أعراف الحرب: عددت المادة هذه االنتهاكات ولكن "دون حصر" وهي: بدورها الجرائم التي تع د من بين ")أ( استخدام أسلحة سامة أو أسلحة أخرى يقصد بها التسيب في معاناة غير ضرورية )ب( تدمير المدن أو البلديات أو القرى عن استهتار أو تخريبها دون مبرر تقتضيه الضرورات العسكرية )ج( القيام بأي طريقة من الطرق بمهاجمة أو قصف البلدات أو القرى أو المساكن أو المباني التي تفتقر إلى وسائل دفاعية. )د( المصادرة أو التدمير أو اإلضرار المتعمد فيما يتصل بالمؤسسات المك رسة لألنشطة الدينية واألعمال الخيرية والتعليم والفنون والعلوم واآلثار التاريخية واألعمال الفنية والعلمية. )ه( نهب الممتلكات العامة أو الخاصة". 9 تم في 005//7 اعتماد بروتوكول ثالث مضا إلى اتفاقيات جنيف لعام 949 وهو خاص باعتماد "الكريستالة )البلورة( الحمراء" كشارة متميزة باإلضافة للشارات الثالثة المعروفة: الصليب والهالل واألسد )بالنسبة إليران( ودخل هذا البروتوكول حيز النفاذ في 007//4. انظر: PELLET, op. cit., pp. -6. انظر عامر الزمالي مدخل إلى القانون الدولي اإلنساني منشورات المعهد العربي لحقوق اإلنسان واللجنة الدولية للصليب األحمر تونس 997.

30 ومما يلفت النظر في هذه المادة هو الفقرة )د( التي جرمت مصادرة المؤسسات أو األضرار بها الدينية والتعليمية والثقافية والتاريخية منها. - إبادة األجناس: نصت الفقرة األولى من المادة 4 األشخاص: من النظام األساسي للمحكمة على سلطتها بمقاضاة أ( الذي يرتكبون جريمة إبادة األجناس: والتي عرفتها في الفقرة بما يلي: "- تعني إبادة األجناس أي فعل من األفعال التالية يجري ارتكابه بقصد القيام كليا أو جزئيا بالقضاء على فئة وطنية أو أثنية أو عرقية أو دينية وذلك من قبيل: )أ( قتل أفراد هذه الفئة )ب( إلحاق ضرر بدني أو عقلي بالغ بأفراد الفئة )ج( إرغام الفئة عمدا على العيش في ظل ظر يقصد بها أن يؤدي إلى القضاء عليها قضاء ماديا على نحو كلي أو جزئي )د( فرض تدابير يقصد بها منع التوالد لدى الفئة )ه( نقل أطفال الفئة قسرا إلى فئة أخرى ب( الذين يقترفون أية أفعال أخرى من األفعال التي جاء ذكرها في الفقرة ما يلي: "تخضع األفعال التالية للعقوبة: )أ( إبادة األجناس )ب( التآمر إلبادة األجناس )ج( التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة )د( محاولة اقترا جريمة إبادة األجناس )ه( التواطؤ في جريمة إبادة األجناس". التي نصت على لقد رأينا كيف أن الجمعية العامة لألمم المتحدة قد اعتمدت في عام 948 )اتفاقية منع جريمة اإلبادة الجماعية والمعاقبة عليها( والتي عاقبت على هذه الجريمة التي ترتكب حسب مادتها : "على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية". ولكن يجب أن ال ننسى أيضا بأن "إبادة األجناس" مفهوم جديد أشارت إليه ألول مرة عريضة االتهام في اتفاق لندن لعام 945 الذي أسس محكمة نورمبرغ لمحاكمة مجرمي الحرب العالمية الثانية. كما أشار قرار الجمعية العامة لألمم المتحدة )I( 96 بتاريخ 946// إلى هذا المفهوم أيضا. 0

31 تتك ون جريمة إبادة األجناس من ثالثة أركان: - الركن المادي: ويتمثل في األفعال التي عددتها كل من الفقرتين و من المادة 4 والنظام األساسي للمحكمة. - الركن المعنوي: وهي نية ارتكاب هذه الجريمة فتوافر النية اإلجرامية ضروري حتى ولو لم نتبين دوافع الجريمة. - الركن الشخصي: ونقصد به هد الجريمة أال وهو القضاء كليا أو جزئيا على فئة وطنية أو أثنية أو دينية. - الجرائم المناهضة لإلنسانية: بينت المادة 5 من نظام المناهضة لإلنسانية وهي: المحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة الجرائم ")أ( القتل )ب( اإلبادة )ج( االسترقاق )د( النفي )ه( السجن )و( التعذيب )ز( االغتصاب )ح( االضطهاد ألسباب سياسية وعرقية ودينية )ط( سائر األفعال غير اإلنسانية". وأوضحت كذلك بأن للمحكمة حق مقاضاة األشخاص المسؤولين عن هذه الجرائم: "إذا ارتكبت أثناء نزاع مسلح سواء أكان طابعه دوليا أم داخليا واستهدفت أي سكان مدنيين".

32 بدأ المجتمع الدولي بتحريم األفعال المناهضة لإلنسانية نتيجة الفظائع والمآسي التي عرفتها القارة األوروبية خالل الحرب العالمية الثانية. وقد عاقب نظام محكمة نورمبورغ على الجرائم المناهضة لإلنسانية معتمدا في آن واحد تعريفا خاصا بها. كما اعتمدت الجمعية العامة لألمم المتحدة في قرارها الخاص بمجرمي الحرب بتاريخ 946// التعريف المذكور. ويختلف التعريف الذي اعتمده النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة عن تعريف نورمبورغ. فال يشير النظام األساسي مثال إلى )اإلبعاد - )Déportation ولكنه جرم النفي والسجن والتعذيب واالغتصاب وهو ما ال نجده في نظام محكمة نورمبرغ. وتتكون أيضا الجرائم ضد اإلنسانية من ثالثة أركان: - الركن المادي: ونقصد به تجاوز هذه الجرائم للنطاق الوطني لتشمل اإلنسانية قاطبة فضحايا هذه الجرائم ليسوا فقط من مواطني الدولة بل وغيرهم أيضا ممن يقع ضحايا هذه الممارسات البشعة واألفعال غير اإلنسانية. - الركن المعنوي: ويتمثل في الدوافع وراء ارتكاب هذه الجرائم واألفعال التي يتم القيام بها مما يجعلها متصفة بنفس صفات جرائم القانون العام. - الركن الدولي: إن الجرائم المناهضة لإلنسانية هي جرائم دولية يتطلب قمعها ومعاقبة مرتكبيها تضافر جهود المجتمع الدولي وكذلك تأسيس محاكم جنائية دولية. رابعا االختصاص الشخصي لقد أكد الفقه الجزائي الدولي مسؤولية األشخاص عن األفعال التي يقومون بها باسم دولتهم أو لحسابها. فليس هناك إذن مسؤولية جماعية وال يجوز أن تحاكم الدولة هذه تنص المادة 6 من هذا النظام على ما يلي: «Les Crimes contre l Humanité : c est-à-dire l assassinat, l extermination, la réduction en esclavage, la déportation, et tout autre acte inhumain commis contre toutes populations civiles, avant ou pendant la guerre, ou bien les persécutions pour des motifs politiques, raciaux ou religieux, lorsque ces actes ou persécutions, qu ils aient constitué ou non une violation du droit interne du pays où ils ont été perpétrés, ont été commis à la suite de tout crime rentrant dans la compétence du Tribunal, ou en liaison avec ce crime». انظر: C. GRYNFOGEL, «Un concept juridique en quête d identité : le crime contre l humanité», Revue Internationale de Droit Pénal (R.I.D.P.), 99, n -4, pp انظر: CASTILLO, op. cit., pp

33 األفعال كونها شخصا معنويا من أشخاص القانون الدولي العام بل عما يرتكبونه من جرائم حرب وما شاكلها. يحاكم األشخاص كأفراد وكرست أيضا عد ة اتفاقيات دولية هذه المسؤولية الفردية كاتفاقية )فرساي( لعام 99 واتفاق لندن لعام 945 وكذلك مشروع مدونة الجرائم ضد السالم واألمن العام لإلنسانية. وأشار النظام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة بدوره في المادتين 6 و 7 إلى هذه المسؤولية الفردية. فقد نص ت المادة 6 على ما يلي: "يكون للمحكمة الدولية اختصاص على األشخاص الطبيعيين بموجب أحكام هذا النظام األساسي". ونصت الفقرة األولى من المادة 7 وعنوانها: "المسؤوليات الجنائية الفردية" على ما يلي: "كل شخص خطط لجريمة من الجرائم المشار إليها في المواد إلى 5 من هذا النظام األساسي أو حرض عليها أو ارتكبها أو ساعد وشجع بأي سبيل آخر على التخطيط أو اإلعداد لها أو تنفيذها تقع عليه شخصيا المسؤولية عن هذه الجريمة". ويجب أن نوضح بأنه متى تمت محاكمة األفراد المسؤولين عن الجرائم التي عددتها المواد إلى 5 فال يجوز بعدها محاكمتهم مجددا أمام المحاكم الوطنية. وهذا ما أشارت إليه الفقرة األولى من المادة 0 وعنوانها: "عدم المحاكمة على ذات الجرم مرتين" حيث نصت على ما يلي: "ال يجوز محاكمة شخص أمام محكمة وطنية على أفعال تشكل في إطار هذا النظام األساسي انتهاكات جسيمة للقانون الدولي اإلنساني الدولي يكون قد سبق أن حوكم بسببها أمام المحكمة الدولية". ولكن يجوز للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسالفيا السابقة محاكمة األشخاص الذين سبق وتمت محاكمتهم أمام المحاكم الوطنية عن أفعال تع د انتهاكات جسيمة للقانون الدولي اإلنساني وذلك في حالتين أشارت إليهما الفقرة من هذه المادة وهما: ")أ( أن يكون الفعل الذي حوكم عليه قد كي ف باعتباره جريمة عادية أو )ب( كانت إجراءات نظر القضية أمام المحكمة الوطنية مفتقرة إلى اعتبارات النزاهة واالستقالل أو موجهة إلى حماية المتهم من المسؤولية الجنائية الدولية أو لم تكن القضية قد استوفت حقها من النظر". ومن المعرو أخيرا بأن الضغوط الجسدية أو النفسية أو األخالقية تعفي الفاعل عادة عن ارتكاب فعلته ولكن السؤال المطروح هنا: هل يمكن إعفاء المتهم فيما يتعلق بجرائم حرب يوغسالفيا السابقة من المسؤولية أو تخفيفها إذا كان قد ارتكب جريمته تحت أي ضغط من الضغوط وبخاصة إذا مارسها عليه رئيسه