مقدمة:

النسخ

1 " " : ( ) / : : /.... ( ) /.... ) / 2014/02/27 : 1

2 الله بسم الرحمن ا لر ح يم يوفيهم يومئذ الحق الله دينهم المب ين الحق الله هو أن يعلمون و صدق اهلل العظيم سورة النور اآلية 52. 2

3 شكر وعرفان أتوجه بجزيل الشكر و العرفان إلى: أستاذتي الفاضلة الدكتورة كجار ( سي يوسف( زاهيةحورية التيأشرفت على إعداد هذه المذكرة كماأشكر لها توجيهاتها القيمة و صبرها الدائم. - شكرا - سعاد 3

4 اإلهداء إلى أمي الغالية- أطال اهلل في عمرها- التي كانت لي عونا و وسندا في كل مراحل هذا العمل إلى روح أبي الطاهرة رحمه اهلل و أسكنه فسيحجنانه إلى رفيق دربي زوجي إلى فلذة كبدي ابني يوبا أزرقاق. إلىجميع إخواني و أخواتي و كل أفراد عائلتي الكبيرة والصغيرة إلى كل زمالئي وزميالتي وكل من أهدي هذا العمل المتواضع ساعدني من قريب ومن بعيد. سعاد 4

5 قائمة أهم المختصرات أوال : باللغة العربية: القانون المدني الج ازئري ق. م. ج : القانون المدني الفرنسي ق. م. ف : القانون المدني المصري ق.م.م: الجريدة الرسمية ج.ر : دون دار نشر د. د.ن : دون سنة نشر د. س.ن: دكتور د : صفحة ص : من الصفحة...إلى صفحة... ص.ص: الجزء ج : ثانيا : باللغة الفرنسية Art: Article Ed: Edition N: Numéro Op.cit.: opus citatum.une locution latine qui signifie «ouvrage précédemment cité» P : page Pp : De la page.à la page 5

6 6

7 البشر تعالى. إن الشريعة اإلسالمية هي تشريع وفالحهم في في الدنيا اآلخرة سماوي صادر إن الحق عند فقهاء المسلمين هو ماكان مصلحة من اهلل سبحانه وتعالى لتنظيم حياة فالحقوق في الشريعة اإلسالمية مرتبطة لها اختصاص وقد عينت الشريعة اإلسالمية حقوق البشر وفرضت حرمتها وقدسيتها تتحقق إذا كان البحث عن المصالح تقييد من غير مطلق بإ اردة البارئ بصاحبها شرعا فالسعادة ) 1 ( ال يمكن أن ولهذا أرست اآليات القرآنية الكريمة واألحاديث النبوية الشريفة أسس تقييد الحق ومنع ممارسته على نحو يضر إن الشريعة اإلسالمية غنية التعسف في استعمال الحق بحيث في الشريعة أخرى فلقد اهلل تعالى من هو منحة بنظمها وقواعدها فقهاء الشريعة تناولها وقد وصلت أرست دعائم فكرة التعسف في استعمال تصل إليه الش ارئع والمذاهب األخرى. رقيها في وكانت السباقة بكثير الحق وأعطتها القت فكرة التعسف في استعمال الحق في بادئ األمر رفضا فالفعل ال يمكن أن يكون غير مشروع الشافعي ثم إذا نتج عن بالغير. إلى وضع نظرية من البحث والتعليق فالحق درجة ال تدانيها فيها أي شريعة ممارسة الحق. أوسع تصوير من قبل الفقهاء ومن هؤالء أن ممكن المسلمين الذي قرر أن صاحب الحق له أن يستعمل حقه كما يشاء وبالطريقة التي ي ارها ما لبث الحال أن تطورت الثاني الهجري أوسع تصوير فكرة التعسف وتوسعت ومن هؤالء الفقهاء اإلمام ) 2 ( وأعطاها الفقهاء المسلمون منذ القرن اإلمام مالك وابن قيم الجوزية واإلمام الغ ازلي الذين انتهوا إلى وجوب تقييد الحقوق واستعمالها وفقا لغرضها االجتماعي واالقتصادي.) ) 3 في القانون إن الحق بمقتضاه التسلط على شيء هو استئثار معين يقره أو قضاء هذا األخير معين لشخص من األشخاص يكون له من شخص أخر) ( 4 فهذه الميزة تمنح 1- د/ أحمد فراج حسين د/ عبد الودود محمد السريتي النظرية العامة في الفقه اإلسالمي وتاريخه دار النهضة العربية للطباعة والنشر مصر د.س.ن ص د/ محمد صبري السعدي النظرية العامة لاللتزامات )القسم األول مصادر االلتزام الكتاب الثاني المسؤولية التقصيرية العمل النافع القانون ( دراسة مقارنة في القوانين العربية دار الكتاب الحديث الجزائر 2001 ص د/ بلحاج العربي النظرية العامة في القانون المدني الجزائري الواقعة القانونية ( الفعل غير المشروع اإلثراء بال سبب القانون( الجزء الثاني الطبعة الخامسة ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2002 ص د/ مصطفى الجمال النظرية العامة للقانون ( القاعدة القانونية الحق ) منشورات الحلبي الحقوقية لبنان 2002 ص ص

8 صاحبها سلطة االستفادة من مضمون الحق عن طريق ممارسة المكنات والسلطات التي يخولها هذا الحق. والقانون في تنظيمه للحقوق وتحديده لمضمونها أو السلطات التي تخولها ألصحابها يوفق بين كافة المصالح سواء كانت مصلحة أو مصلحة عامة أن يستعمل حقه في الحدود التي أجازها دون أن يتجاوزها ويلزم بتعويض من أصابه ضرر من هذا التجاوز خاصة ولذلك فإن الشخص له و إذا حصل ذلك يكون مخطئا ولكن قد يحدث أن يستعمل الشخص حقه في الحدود التي رسمها له القانون ومع ذلك يترتب على هذا االستعمال ضرر نكون بصدد التعسف في استعمال الحق. الحضا ارت في كان سائدا حقه بحيث ال يكون مسؤوال انتشر هذا االعتقاد في المذهب القديمة أن صاحب الحق يتمتع بحصانة عما يصيب الغير من ضرر مطلقة للغير وهنا في استعمال من ج ارء هذا االستعمال وقد الفردي والذي ينظر إلى الفرد باعتباره السيد المطلق الذي تخدمه الجماعة) ( 1 وقد تطورت المجتمعات ال أرسمالية نتيجة تغير الظروف االقتصادية واالجتماعية والسياسية مما أدى إلى مقيد بالحدود التي تتفق مع مصلحة الجماعة ونتيجة لهذا الص ارع التخفيف من الفردية المطلقة وهذا ما بين النزعتين الفردية و االجتماعية فأصبح استعمال الحق كان يهدف إليه المذهب االجتماعي. أوجد الفكر الحديث فكرة تتخذ وسطا مظهرها في" نظرية التعسف في استعمال الحق" فهذه النظرية تقيم التوازن بين صالح الفرد وصالح الجماعة فال تلغي فكرة الحق بتحويله بالحق وبحرية صاحبه في استعماله ولكنها إلى تحقيق أغ ارض تمتد إن ظهرت ذلك أو أهداف. غير مشروعة إلى وظيفة اجتماعية بل تعترف خالصة تقيد هذه الحرية حتى ال تندفع بصاحب الحق نظرية التعسف في استعمال الحق وان تبلورت في العصر الحديث إلى العصور القديمة) ) 2 بحيث نجد أن أصولها التاريخية متجذرة إال في القانون الروماني أين سادت بعض األقوال المتفرقة دون وجود قاعدة أن "سوء النية ال يستحق الرعاية وأن الغلو في الحق غلو في الظلم" جذورها أن في القوانين القديمة عامة) ) 3 إذ ومن وقد اقتصرت 1 _ DUSSAULT Rene, de l'abus des droits, les cahiers de droit, vol, 4,n 3,1961,p119. URI: -2 د/ حسن كيره المدخل إلى القانون منشأة المعارف مصر 1991 ص GAIUS C. Voltaire, une théorie de droit en droit romain classique, p 82,http// ; 8

9 هذه النظرية على بعض التطبيقات من ذلك أن الفقيه إيلبيان )ulpien( قرر أن من حفر في أرضه وتعمق فيه يكون مسؤوال إذا كان التعمق من شأنه أن يسقط حائط جاره وقد توسع القانون البريطوري )droit prétorien( في القانون القديم وص ارمته إال أنها لم تصل إلى نظرية تطبيق هذه النظرية حتى يخفف من حدة وهذا أمر عامة) ) 1 الروماني وباعتباره من الش ارئع القديمة والتي لم تكن وليدة النظريات القضايا العملية والمسائل الواقعية المعروضة على الفقهاء عامة نظرية للتعسف في استعمال الحق في هذا القانون انتقلت نظرية التعسف في استعمال الحق من القانون يد الفقيه دوما قصد ) 2 (. )DOMAT( اإلض ارر بالغير أو لم تكن له مصلحة إج ارءات التقاضي تتحقق مسؤوليته. المالك وجي ارنهم الفرنسي لمدة في أحكامه من الزمن. وبالتالي الذي ذهب إلى أن الشخص يكون متعسفا في استعماله. إذ أن القانون طبيعي بل كان أساسها ال يمكن أن نستخلص الروماني إلى القانون الفرنسي على في استعمال حقه إذا وكذلك من يتعسف في مباشرة وظهرت لها عدة تطبيقات من بينها تنظيم العالقة بين واستقرت هذه النظرية وتناولها الفقهاء بالجدل والشرح وطبقها القضاء ولما قامت الثورة الفرنسية التي تؤيد فمبدأ نصرة الفردية معناه تسخير األهم في الحياة ال باعتباره جزء من كل الجماعة المذهب الفردي اختفت النظرية القوانين لحماية الفرد باعتباره العنصر ونتيجة لذلك اعتبرت الحقوق مطلقة المدى وأن صاحب الحق في استعماله ال يسأل عما يترتب على هذا االستعمال من التي تلحق بغيره. لقد صدر القانون المدني الفرنسي نص ولم يرد فيه استقر عليها الفقه والقضاء الفرنسيان في عهد القانون الفرنسي القديم األض ارر يؤيد هذه النظرية ويحبذ المبادئ التي والتي تعتبر لما امتداد جاء في القانون الروماني إال أن التطو ارت االجتماعية واالقتصادية التي سادت خالل القرن التاسع عشر عنصر ومن ثم أثرت في الجماعة تتجه قيدت في المذهب الفرنسي وسادت النظرية االجتماعية التي تقضي بأن الفرد الحقوق الفردية جهوده إلى تحقيق مصالحه مع مصالح الجماعة التي النتقاص مبادئ الفردية وأيدها في ذلك الفقيهان يعيش فيها ولقد ناصر هذا المذهب الحديث القضاء الفرنسي نتيجة سالي) saleilles ( وجوسران 1 - د/ محمد صبري السعدي مرجع سابق ص محمد حسين منصور نظرية الحق دار الجامعة الجديدة للنشر مصر سنة ص

10 ) Josserand (.ففي سنة 5092 الحقوق") ) 1 جميعا الحد وحاولوا وضع هذا الفقيه مؤلفا أسماه "التعسف في استعمال من ص ارمة النصوص الصادرة وليدة الروح الفردية فأصبح من المسلم به أن الحقوق الشخصية قد منحها القانون للفرد لغرض معين وال يصح استعمالها بما يتنافى مع هذا الغرض واال تعرض صاحب الحق للمسؤولية المدنية) ) 2 وقد أخذت المحاكم الفرنسية منذ أوائل القرن التاسع عشر تقرر المبدأ القانون القديم والقانون الروماني قبله بسط قواعد العدالة تقضي ذلك محكمة استئناف سطح منزله مدخنة كولمار بذلك محكمة النقض الفرنسية في سنة أن يكون هناك خطأ وهو منع بكثير من الص ارحة والوضوح الذي قرره استعمال الحق بقصد اإلض ارر بالغير إذ أن ولذا أجمع على األخذ بها الفقه والقضاء الفرنسيين ومثال )Colmar( 5522 مايو 5 قضت في وكان غرضه الوحيد منها حجب الضوء عن جاره) 3 ( 5585 المبدأ التالي "حتى والقانون ال يعتبر الشخص مخطئا يكون و بإدانة مالك أقام فوق ثمة محل يعمله إال إذا قصد بالعمل أن يؤذي الغير دون أن تكون له مصلحة أحكام خشبية حائط القضاء الفرنسي بعد ذلك فاعتبرت المالك متعسفا كبيرة بشبكة في أرضه وباعتبار على حدود ملكه أو شجي ارت كثيفة حديدية ليقطع مجرى مياه وردت في القوانين الوضعية أو حائطا لمجرد حجب النور أو الهواء عن نوافذ الجار عن باطنية جاره.) ) 4 على إثر ذلك قررت للتعويض يجب إذا هو عمل ما من حقه أن في ذلك" وتوالت في استعمال حقه بإقامة فواصل من اإلسمنت المسلح أو استبدال وكذلك المالك الذي يحفر أن نظرية التعسف في استعمال الحق وردت في الشريعة اإلسالمية كما أنها ارتأينا طرح اإلشكال التالي: ما التعسف في استعمالالحق في كل من الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي مدى االختالف في طرح نظرية - 1 حيث جمع الفقيه جوسران في هذا المؤلف de l abus des droits أحكام القضاء منسقة واستخلص منها أصول نظرية عامة على غرار نظرية عامة سبقتها هي نظرية التعسف في استعمال السلطة.نقال عن محمد صبري السعدي مرجع سابق ص 65-2 د/ أحمد شوقي عبد الرحمان البحوث القانونية في مصادر االلتزام اإلرادية وغير اإلرادية )دراسة فقهية وقضائية ) د. د.ن مصر 2002 ص استئناف كولمار 2 ماي 8166 دالوز نقال عن د/ بلحاج العربي مرجع سابق ص 886 وجاء في الحكم :"ومن حيث أن المبادئ العامة تقضي بأن حق الملكية هو على وجه ما حق مطلق يبيح للمالك أن ينتفع بالشيء وان يستعمله وفقا لهواه ولكن استعمال الحق كاستعمال أي حق أخر هو استيفاء مصلحة جدية مشروعة أن مبادئ األخالق والعدالة ال تتعارض مع تأييد القضاء لدعوى يكون الباعث عليها رغبة شريرة وقد وقعت تحت سلطان شهوة خبيثة دعوى ال يبررها أية منفعة شخصية وهي تلحق بالغير أذى جسيما ". -4 أنظر محمد صبري السعدي مرجع سابق ص

11 ولمعالجة هذه اإلشكالية اعتمدنا فصلين الفصل األول يتناول التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي والفصل الثاني يتضمن التعسف في استعمال الحق في القانون الوضعي من خالل تبيان تطبيقات النظرية في كل فصل. اخترت وقد اإلسالمي د ارسة هذا الموضوع و مقارنته بين الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي الفقه ألن هو موطن الد ارسة التفصيلية التي جهد فيها الفقهاء على استنباط األحكام من مصادر الشريعة فنظرية التعسف في استعمال الحق هي وليدة الفقه اإلسالمي وهي بارزة في آيات القرآن وأحاديث السنة النبوية وهي من المبادئ التي حفظت بها الحقوق الفقهاء المسلمون وفقا لما أتى به الشارع سبحانه وتعالى في كتابه العزيز. في المقابل فإن التشريعات وقد إرتئيت القانون الوضعي قد تصدى لهذه النظرية من خالل هذه من الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي الد ارسة تبيان نقاط تالقي وافت ارق سائلة العلي القدير أن يوفقني فيها. حيث صاغها واعتمدتها الكثير من هذه النظرية في كل 11

12 12

13 خاتمة الش ارئع إن الشريعة اإلسالمية هي الشريعة العادلة الصالحة لكل اإللهية اإلسالمي أن الحق منحة فقد جاءت بالكثير من إلهية النظم المدنية حماية ومكان وباعتبارها زمان للحقوق وقد اعتبر الفقه يعطيها لألف ارد وفق ما يقضي به صالح الجماعة وعلى هذا فقد قيدت حقوق األف ارد في استعمالها بم ارعاة مصلحة الغير وعدم اإلض ارر بهم المسلم به بأن حصول األف ارد األساسية التي قام على أثرها من و على حقوقهم وسيادة العدل والمساواة هي من أهم اللبنات بناء الفقة اإلسالمي. األخذ بنظرية التعسف في استعمال الحق بالناس ورفع الحرج عنهم في الفقه اإلسالمي النواحي ( مبحث ثان( إن الحق أمانة فإذا حاد )مبحث أول(. وقد كانت الشريعة اإلسالمية سباقة إلى ألنها تبني أحكامها على أساس العدالة والرفق هذا ما يستوجب التطرق إلى مفهوم التعسف في استعمال الحق وقد طبقت الشريعة اإلسالمية هذه النظرية في كثير من المبحث األول مفهوم التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي سامية به عن نهجه القويم في يد المكلف يجب أن مصدر ضرر يصبح يكون وسيلة لآلخرين لتحقيق المصالح ال وأعتبر هذا الفعل خارجا المفاسد عن مقصود الشارع الذي ارعى حماية األنفس واألموال عن طريق نظرية التعسف في استعمال الحق. ولبيان المعنى الحقيقي للفظ التعسف وكذلك مجال تطبيقه نتطرق إلى تعريف التعسف ونطاق تطبيقه)المطلب األول( لها أسس ونظرية التعسف في استعمال الحق لم توجد من العدم تقوم عليها وضوابط تحكمها)المطلب الثاني( ترتيب الج ازء على من ارتكب فعال تعسفيا)المطلب الثالث (. بل كما أن تطبيقها يستوجب بالضرورة 13

14 لم يرد مصطلح " المطلب األول التعريف الشرعي للتعسف ونطاق تطبيقه التعسف" المضارة في الحقوق" في كتاب في عبا ارت الطرق ونظرية التعسف في استعمال الحق- الحكمية بهذه التسمية فقهاء أصول الدين في السياسة الشرعية -منقولة وانما ورد بدال منه عبارة " البن عن رجال )1( قيم الجوزية. الحقوق وقد تطرق الفقه اإلسالمي إلى مضمون هذه النظرية من خالل تعريف التعسف )الفرع األول ( ( النظرية فرع ثان (. كما أن لهذه النظرية مجال الفرع األول في الغرب. شرعا تسري عليه ويتبين ذلك في نطاق تطبيق هذه التعريف الشرعي للتعسف للتعسف تعريف يوافق معناه الشرعي اإلسالمية إلى الكثير من األدلة الشرعية )ثانيا(. )أوال( وتستند فكرة التعسف في الشريعة أوال: معنى التعسف في استعمال الحق شرعا يعرف التعسف في استعمال الحق في الشريعة اإلسالمية على أنه مناقضة قصد الشارع في تصرف مأذون فيه شرعا بحسب األصل.) ) 2 ومعنى ذلك أن يقصد المكلف في العمل المأذون فيه هدم قصد الشارع عينا بأن يستعمل الحق قصد اإلض ارر كأن يتذرع بما ظاهره الجواز إلى تحليل ما حرم اهلل كهبة المال صوريا قرب نهاية الحول إلسقاط الزكاة ويشمل التصرف بهذا المعنى التصرف القولي والتصرف الفعلي كاستعمال حق الملكية في العقا ارت وكال هذين التصرفين )القولي والفعلي( يتخذان منحا ايجابيا أو سلبيا كبيع السالح أيام الفتنة مثال بالنسبة للتصرف اإليجابي. وأما التصرف السلبي كما في حالة - 1 أبي عبد اهلل محمد ابن أبي بكر الزرعي الدمشقي ابن قيم الجوزية الطرق الحكمية في السياسة الشرعية دار الكتاب العلمية لبنان د س.ن ص فتحي الدريني الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ونظرية التعسف في استعمال الحق بين الشريعة والقانون الطبعة األولى مطبعة جامعة دمشق سوريا 1925 ص ص

15 امتناع مالك الحائط المائل إلى الطريق فيه شرعا فاألفعال غير المشروعة تعتبر اعتداء -1 أ- العامة عن هدمه ويجب أن يكون هذا الفعل مأذون. ال تعسفا ثانيا: األدلة على نظرية التعسف في استعمال الحق من القرآن والسنة األدلة من القرآن الكريم قوله تعالى: وال تمسكوهن ضرار وإذا طل قت م النساء فبلغن أجلهن فأمسك لتعتدوا و من يفعل ذلك فقد ظلم نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب )1( شيء عليم. تدل هذه اآلية ص ارحة اإلمساك إذا كان بقصد بناء وهن نفسه وال والحكمة يعظكم به بمعروف أو س ر ح وه ن بمعروف تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا واتقوا الله وأعلموا أن الله بكل على جواز ممارسة الحقوق المشروعة في الطالق الحياة الزوجية الكريمة. اإلض ارر بالزوجة أو إجبارها على االفتداء من الزوج تخلصا ألنه تعسف الش رع فالرجعة ال تكون إال برغبة الزوج فيها وتعسف ب- في استعمال حق الرجعة قوله تعالى: في استعمال الحق في غير ما شرع له. )2(. وعلى المولود له ر قهنز وال مولود له بولده ابنه وفي اآلية )3( والو ا لدات وكسوتهن فإن قصد بها أما إذا كان استعمال أن والعودة في حق الرجعة بقصد من ضرره فهذا أمر حرمه يمنعها من النكاح يرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن بالمعروف ال تكلف نفس إال وسعها ال فهذا يعتبر ظلم أراد أن يتم والدة تضار ة ا ال عرض بولدها نهي صريح لألب عن اإلض ارر باألم بإساءة استعمال حقه في واليته على فال يجوز لألب أن ينتزع الولد من أمه إذا أ اردت أن ترضعه مجانا المقابل هناك نهي ومثال ذلك أن تكون األم مطلقة الولد إض ارر ألفها بعد أن بأبيه. أيضا لألم عن التعسف في استعمال حق رضاع ولدها إض ا ارر وانتهت عدتها فتطلب أج ار وفي بأبيه عن الرضاع أو ترفض إرضاع سورة البقرة اآلية. 211 د/جميل فخري محمد حاتم متعة الطالق وعالقتها بالتعويض عن الطالق التعسفي في الفقه والقانون الطبعة األولى دار الحامد للنشر والتوزيع األردن 5990 ص سورة البقرة اآلية

16 ج- قوله تعالى: ذو عسرة كان وإن وأن إلى ميسرة فنظرة تصدقوا خير كنتم إن لكم )1( تعلمون وفي اآلية يدعى الدائن إلى الرفق بالمدين بتأجيل مطالبته فال يتعسف في استعمال حقه ويطالب المدين وهو معسر. بالوفاء حتى يتيسر حاله األدلة الشرعية من السنة النبوية: -2 ) 2 (» أ- قول النبي صلى اهلل عليه وسلم فيما رواه أبو سعيد الخدري : ا اوال ضارا را ا ض ا ر ا ر»الا اإلسالمي يعتبر هذا الحديث قاعدة صريح نهي وفيه عامة تقوم عليها نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه عن إلحاق الضرر بالغير. )3( ضرر ومنه األض ارر المترتبة عن التعسف في استعمال الحق وتشتمل هذه القاعدة على كل ب- روى أبو داود في سننه من حديث أبي جعفر محمد بن علي أنه حدث سمرة بن جندب أنه كان له غدق من نخل في حائط رجل من األنصار ومع الرجل أهله وكان سمرة يدخل إلى نخله فيتأذى به وشق عليه فأتى النبي صلى اهلل عليه وسلم فذكر له فطلب إليه النبي صلى اهلل عليه وسلم أن يبيعه فأبى فطلب إليه أن يناقله فأبى قال فهبه له ولك كذا وكذا أمرا رغبة فيه فأبى فقال أنت مضار وقال النبي صلى اهلل عليه 4 وسلم لألنصاري:»اذ اهب فااقلعا انخاله«( ) فالحديث بين ج ازء التعسف في استعمال الحق إذ أن قضاء النبي صلى اهلل عليه وسلم بقطع النخل جاء بعد محاولته التوفيق بين مصلحة األنصاري ومصلحة سمرة ولما لم تجد هذه الوسيلة نفعا ي ازل بالضرر األخف) ) 5. أمر بقطع الملك وأساس الترجيح في هذه الواقعة هو قاعدة الضرر األشد سورة - 1 البقرة اآلية أبي الوليد سليمان بن خلف بن وارث الباجي األندلسي المنتقى في شرح موطأ مالك دار الكتاب العربي لبنان 1912.ص محمد الصغير بعلي المدخل للعوم القانونية )نظرية القانون نظرية الحق ( دار العلوم للنشر والتوزيع الج ازئر 5998 ص زين الدين أبو الفرج عبد الرحمان بن شهاب الدين بن أحمد بن رجب الحنبلي البغدادي جامع العلوم والحكم مطبعة مصطفى الباجي الحلبي لبنان 1970 ص تعتمد هذه القاعدة على ضابط الموازنة بين ما يترتب على التصرف المأذون فيه شرعا من نفع يعود على صاحبه وما يلزم عن ذلك من مضرة الحقة به أو بغيره من الفرد والجماعة وهي تحكم التعارض بين الحقوق الخاصة بعضها قبل بعض كما تحكم بين الحق الفردي والمصلحة العامة وتدخل في هذه القاعدة قاعدة أخرى يختار أهون الشرين.أنظر. فتحي الدريني مرجع سابق ص

17 الفرع الثاني نطاق تطبيق نظرية التعسف في استعمال الحق إن الفقه اإلسالمي ال يفرق - فيما يتعلق بمجال تطبيق نظرية التعسف- بين جميع الحقوق فاألدلة التي تمنع المضارة واالنح ارف في االستعمال وردت عامة في كل شأن من شؤون الحياة حتى األكل والشرب والجلوس في الطرقات ويكون كذلك في استعمال الحقوق العامة التي اصطلح على تسميتها الرخص العامة فكما يرد التعسف في استعمال الحق بمعناه الخاص وهو ماكان صاحبه مختصا به يرد كذلك على الحريات والرخص العامة كحرية التعاقد وحرية التقاضي وحرية التجارة واالجتماع والمنافسة والتنقل وما إلى ذلك من الحريات العامة.) ) 1 فاإلباحة أو الحريات العامة هي إذن من الشارع مع العلم أن مصدر الحق والرخصة إنما هو حكم الشارع فكالهما يمنحان صاحبها مكنة االنتفاع لتحقيق غرض معين وينطبق التعسف عليها ألنه ينطوي على استعمال الفعل المأذون فيه شرعا في غير ماشرع لها. فالتعسف متصور في اإلباحة كما هو متصور في الحق. وقد أورد فقهاء أصول الدين في باب تحريم التعسف أمثلة من الحق واإلباحة دون وضع التفرقة بينهما ومن ذلك أن اإلمام الشاطبي ) 2 ( في تفصيله لم ارتب الضرر المترتبة على الفعل المأذون فيه شرعا يجمع في الحكم بين استعمال حق الملكية على وجه سلبي بامتناع المالك عن بيع مايحتاج إليه المسجد من أرضه وبين تلقي السلع للمصلحة العامة وهذا من حرية التجارة وذلك تصرف في حق الملكية) ) 3 ونستنتج من كل ماسبق أن نظرية التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي تسري على الحقوق وكذا الرخص والحريات العامة دون استثناء وذلك نتيجة لخصائص الشريعة اإلسالمية والتي تتميز بالعمومية والشمولية. - 1 فتحي الدريني مرجع سابق ص ص يعرف الشاطبي المباح أو الحرية العامة "أن المباح عند الشارع هو المخير فيه بين الفعل والترك من غير مدح وال ذم "أنظر : إبراهيم بن موسى اللخمي المالكي المعروف بالشاطبي الموافقات في أصول الشريعة الجزء األول دار المعرفة لبنان د.س.ن ص إبراهيم بن موسى اللخمي المالكي المعروف بالشاطبي الموافقات في أصول الشريعة الجزء الثاني دار المعرفة لبنان د.س.ن ص

18 المطلب الثاني أساس ومعايير نظرية التعسف في استعمال الحق عرفت نظرية التعسف في استعمال الحق مكانة بارزة في الشريعة حيث أقرتها كنظرية عامة وصاغها الفقه اإلسالمي بدقة في أحكامها وهذه النظرية تقوم على قواعد تبنى عليها معطياتها ونرى ذلك من خالل األساس الذي تقوم عليه نظرية التعسف في استعمال الحق )الفرع األول (. وقد وضعت الشريعة اإلسالمية ضوابط تسري على جميع الحقوق وتقيد استعمالها يكون هذا االستعمال منطبقا مع المقصد الشرعي وتتمثل هده الضوابط في المعايير تعتمد عليها نظرية التعسف في استعمال الحق.)الفرع الثاني( ح ىت التي الفرع األول أساس نظرية التعسف في استعمال الحق إن الحق في الشريعة اإلسالمية هو منحة من اهلل تعالى _كما سبق القول- لتحقيق المصلحة التي شرع من أجلها وليس صفة طبيعية في اإلنسان وبالتالي فالقاعدة العامة فيه تقييده دون إطالقه فالشريعة اإلسالمية هي أساس الحق ومادام أن نظرية التعسف في استعمال الحق هي من النظريات ال ارسخة في الفقه اإلسالمي فقد أسسها فقهاء الشريعة اإلسالمية على عدة أسس وتتمثل في : أن تكون المصالح معتبرة في األحكام )أوال( التكافل االجتماعي )ثانيا( مبدأ الخالفة اإلنسانية في األرض )ثالثا( الوظيفة االجتماعية للمال )رابعا( التوسط واالعتدال )خامسا(. 18

19 والمؤمن إنم وم المصالح تكون أن أوال: معتبرة في األحكام فالحق شرع لتحقيق والذي يكون موافقا العباد في الدنيا واآلخرة لصالح العباد في العاجل واألجل معا) ) 1 يؤدي إلى ثانيا:التكافل إبطاله باإلجماع االجتماعي. مصلحة قصدها الشارع من المكلف وهو أن يتبع اإلنسان هذا القصد لما يبتغيه اهلل عز وجل من التشريع وهو سبحانه وتعالى يبتغي مصالح ويقول اإلمام الشاطبي في هذا المجال " وهو الشريعة تنبع من أصل العقيدة للعالمين ( ) 2 تعالى: تعالى: وطبقا ون وتعاونوا لقوله: والمؤمن تا على البر وعليه فإن التضامن بين األف ارد إن وضع الش ارئع هو استعمال الحق بما يناقض قصد اهلل تعالى طبيعية ثمرة وهو مثل الرحمة واألخوة طبقا لقوله تعالى: بعضهم والتقوى وال ا المؤمنون أولياء تعا ونوا إخوة بعض ) 3 ( ) 4 ( على اإلثم ألصول ا أرسلن كا في مستقرة إال رحمة والوالية والتناصر لقوله التعاون على البر والتقوى والعدوان ( ) فهذه دوافع 5 لقوله طبيعية يخلقها اإليمان في جميع المجاالت الحيوية وهي التي تخلق التكافل بين المؤمنين وتقيد استعمال الحق على نحو واإليثار ثالثا: ( 6.) النفس على يضر بالغير مبدأ الخالفة اإلنسانية في األرض استعمال الحقوق ألنها مقيدة هذه الخالفة على الوجه األكمل على نفسه أوال وقد يصل بالمسلم إلى حد االشت ارك في الخي ارت بما شرع المستخلف وهو فهو أصل االلت ازمات اهلل سبحانه وتعالى اإليجابية والسلبية في من أحكام لتتحقق ( 7 ( فالخالفة تقتضي التقيد بهذه االلت ازمات فاإلنسان خليفة ثم على أهله طبقا لقوله صلى اهلل عليه وسلم ا عن ا مسؤول ا وكلكم ا ا رع كلكم " ا رع ا يته " ( 8 (. - 1 إبراهيم موسى اللخمي المالكي الشاطبي الموافقات في أصول الشريعة الجزء الثاني مرجع سابق ص 2-2 سورة األنبياء اآلية سورة الحجرات اآلية 10. _ 4 سورة التوبة اآلية سورة المائدة اآلية اإلمام الغزالي إحياء علوم الدين الجزء الثاني مطبعة كرياطة فوترا سماراغ إندونيسيا د.س.ن ص فتحي الدريني مرجع سابق ص أبي الحسين بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري صحيح مسلم الطبعة األولى دار السالم الرياض 1919 ه كتاب اإلمارة باب فضيلة اإلمام العادل حديث 1229 ص

20 رابعا : الوظيفة االجتماعية للمال المال وسيلة إن أمن وخير وال يكون كذلك إال إذا أدى. وظيفته نحو الجماعة من اإلنفاق و االستثمار في الوجوه المشروعة خامسا : التوسط واالعتدال وقد جاءت النصوص بتقرير هذا األصل وذلك مما ينفي عن استعمال الحق صفة الغلو والتطرف أو اإلهمال والتفريط فاإلنسان فهذا يؤدي به إلى القضاء على الثروة وفي هذا الباب يرشد رسول اهلل الناس على الصدقة التي ال يضار معها المتصدق مادة وروحا.) ) 1 ويتبين لنا من هذا أن التشريع اإلسالمي يهدف إلى غايتين أساسيتين في تنظيم شؤون الحياة في المجتمع وهما مصلحة الفرد و الجماعة معا. و أن نظرية التعسف تؤسس طبيعة الحق المستمدة على اإلسالمية السمحاء الشريعة من والذي يعتبر وسيلة لتحقيق غايات الشرع فالحق في الشريعة اإلسالمية يبنى على أساس وأخالقي ديني يتماشى مع الفطرة البشرية. الفرع الثاني معايير التعسف في استعمال الحق إن معايير التعسف في استعمال الحق لها أهميتها في ضبط وتحديد ماهية التعسف وتساعد في ترتيب الج ازء المناسب من المنع أو اإلجبار أو التضمين ذلك أن صاحب الحق في تصرفه قد تنتابه أكثر من غاية منها ما هو مشروع ومنها ما هو على غير ذلك وقد التعسف نظرية جمعت في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي بين المعيار المعنوي)أوال( )2( والمعيار الموضوعي )ثانيا(. أوال: المعيار المعنوي. يعتمد هذا المعيار في بحث إ اردة صاحب الحق للتصرف في حقه من قصد اإلض ارر بالغير أو الدافع إلى تحقيق مصالح غير مشروعة. - 1 فتحي الدريني مرجع سابق ص د/ جميل فخري محمد حاتم مرجع سابق ص

21 : 0- بالغير اإلضرار قصد يعتبر هذا المعيار من أقدم المعايير ظهو ار بدليل ظهوره في الش ارئع القديمة وهذا لمخالفته لمبادئ األخالق والعدالة ولطالما نهت الشريعة اإلسالمية عن القصد إلى اإلض ارر بالغير وهو الثابت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وبالتالي يمنع أي فعل يتخذ كوسيلة للتعبير عن هذا القصد ونعمد إلى المقصود من هذا المعيار وحكمه واألمثلة عن هذا المعيار. المقصود أ- بمعيار قصد اإلضرار بالغير: فهذه الحالة هي نحو غاية محددة أبرز حاالت التعسف في استعمال الحق وفيها وهي اإلض ارر بالغير هو أقدم معايير التعسف وأكثرها شيوعا واإلساءة استعمال األف ارد حقوقهم بقصد اإلض ارر باآلخرين.) ) 1 إ اردته الشخص يوجه إليه ولهذا كان هذا المعيار كما سبق القول في الشريعة اإلسالمية وفي القوانين الوضعية لكثرة ب- حكم قصد اإلضرار بالغير: وسيلة والقصد إلى اإلض ارر بالغير ممنوع في الشريعة فيمنع الفعل الذي اإلسالمية) ) 2 للتعبير عنه أو تحقيقه ألنه يتنافى وأغ ارض الشارع من تشريعه للحقوق الشريعة اإلسالمية في مناسبات عدة تبينها النبوية) 3 ( في مواضع منها: النصوص الواردة في قوله تعالى: والو ا لدات يرضعن أوالدهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم المولود له ر قهنز له بولده (. ) 4 وتدل هذه اآلية وكسوتهن بالمعروف ال تكلف تحريم عن قصد اإلض ارر نفس إال وسعها ال تضار والدة ألنه مناقض للحقوق الشرعية فال ينبغي أن يتخذ أحد الوالدين من الرضيع سببا أتخذ وقد حرمته القرآن الكريم والسنة وعلى ة ا ال عرض بولدها وال مولود لمقاصد الشريعة ومخالف لمضارة اآلخر وذريعة - 1 د/ جميل فخري محمد حاتم مرجع سابق ص حسين عامر التعسف في استعمال الحق وإلغاء العقود الطبعة األولى مطبعة مصر مصر 1920 ص 1- د/ أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم كتاب الخراج المطبعة السلفية مصر 1952 ص سورة البقرة اآلية

22 فال تضار والدة تشغل قلبه زوجها بسبب ولدها بأن تطلب بالتفريط في شؤون الولد وما أشبه ذلك وال يضار مولود تدفع وأن منه ما ليس بعدل من الرزق الصبي له ام أرته بسبب ولده بأن عنها من رزقها وكسوته أو يأخذه منها وهي تريد إرضاعه إض ار ار وقوله تعالى: وجه الداللة في أسكنوهن منحيث سكنتم من وجدكم وال هذه اآلية نهي لألزواج بالتضييق عليهن في النفقة والمسكن من إن ازل من حتى تفتدي منه بمالها أو تخرج من مسكنه. عن ال بعدما ألفها يمنع عنها بها. والظاهر مما تقدم أن الممنوع هو قصد إلحاق الضرر بالغير الضرر على أحد يستحقه إما لكونه تعدى غيره فيطلب المظلوم مقابلته بالعدل فهذا غير ممنوع ج- شروط معيار قصد اإلضرار: إن شروط معيار قصد اإلض ارر بالغير تتمثل فيما يلي : -5-5 قصد أن يقصد صاحب الحق بفعله إلحاق الضرر بالغير. أن يتمخض قصده لذلك إلى شيء شيئا وأن والكسوة لتضر أباه بتربيته مما وجب عليه تضا روهن لتضيقوا عليهن 1 اإلض ارر بزوجاتهن المطلقات وذلك يوافقهن أو يشغل مكانهن أو غير ذلك حق أما إدخال وجه بغير حدود اهلل فيعاقب بقدر جريمته أو كونه ظلم قطعا وال يعد فاعله مسيئا) (. 2 أي أن يكون اإلض ارر هو القصد الوحيد آخر من و ارء هذا الفعل كالقصد إلى تحقيق منفعة ولو ضئيلة فإذا صحب قصد اإلض ارر بالغير قصد تحصيل منفعة بهذا المعيار وان كان في ذاته يعتبر تعسفا ما ولو تافهة بحيث ال منه. يصحبه لم يكن الفعل محكوما في استعمال الحق ويحكمه معيار آخر وهو )3( عدم التناسب بين مصلحة صاحب الحق والضرر الذي يلحق الغير فالعبرة في تحقيق هذا المعيار هو تمخض قصد اإلض ارر بالغير من غير أن يصحبه قصد إلى شيء آخر وال يهم بعد ذلك أن يترتب عليه نفع مادام هذا النفع غير غرس في أرضه أشجا ار بغرض كثيفة فمن مقصود حجب الضوء عن جاره من غير قصد إلى شيء - 1 سورة الطالق اآلية.2 2- يقول الشاطبي مؤيدا تحريم قصد اإلضرار:"ال إشكال في منع القصد إلى اإلضرار من حيث هو إضرار لثبوت الدليل على أن ال ضرر وال ضرار في اإلسالم 1- د/ أحمد الصويعي شلبيك التعسف في استعمال الحق بقصد اإلضرار بالغير أو لتحقيق مصلحة غير مشروعة في الشريعة والقانون مجلة الشريعة والقانون عدد 12 كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية جامعة الشارقة اإلمارات العربية المتحدة. ص

23 آخر يكون مسيئا وانما جاء عارضا حتى ولو عادت بحتا. هذه األشجار عليه بالنفع مادام هذا النفع لم يكن مقصودا ويدخل في معيار قصد اإلض ارر بالغير كل فعل لم يقم فيه دليل على قصد معين اإلض ارر بالغير ولكن هذا الفعل قد خال من المصلحة وتجرد من الفائدة فاألصل أن أفعال العقالء ال تخلو من المصلحة فإن لم يحقق الفعل مصلحة ما ولو ضئيلة كان ذلك قرينة على قصد اإلض ارر بالغير فيكون الفاعل مسيئا في هذا االستعمال فالمالك الذي يبني جدا ار مرتفعا على حدود ملكه بحيث يحجب الضوء والهواء عن جاره يعتبر متمخض القصد لإلض ارر بهذا الجار إذ لم تكن له مصلحة حقيقية )1( في بناء هذا الجدار المرتفع. معيار على أمثلة د- قصد اإلضرار بالغير: ونورد هنا المسائل الفقهية من المذاهب المختلفة التي تبين ذلك كما يلي: - الحنفي الفقه ففي : رجل أ ارد أن يحرق حصائد أرضه فأوقد النار في حصائده فذهبت النار إلى أرض جاره فأحرق زرعه ال يضمن إال أنه يعلم لو أنه حصا ئده أحرق تتعدى النار إلى زرع جاره ألنه إذا علم كان قاصدا إح ارق زرع غيره قالوا إن كان زرع غيره يبعد عن التي حصا ئده أحرقها وكان يأمن من أن يحترق زرع جاره وال يطير شيء من ناره إال ش اررة أو ش اررتان فحملت الريح ناره من أرضه إلى أرض جاره قريبا من أرضه فإن كان الزرعان االلتصاق من قريبان أو ملتصقان على وجه أن ناره تصل إلى زرع جاره يضمن صاحب )2( الحق زرع الجار. بن كتب عمر الخطاب رضي اهلل عنه إلى أبي عبيدة يأمره أن يمنع المسلمين من ظلم أحد من أهل الذمة وان عرف أن صاحب النهر يريد أن يفتح الماء في أرضه لإلض ارر بجي ارنه والذهاب بغالتهم وتبين ذلك فينبغي أن يمنع من اإلض ارر.) ) 3 وجاء- - في الفقه الشافعي : - 1 د/فتحي الدريني مرجع سابق ص أبي محمد بن غانم بن محمد البغدادي مجمع الضمانات الطبعة األولى عالم الكتب لبنان 5051 ص د/ أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم كتاب الخراج مرجع سابق ص

24 تقرر في الفقه الشافعي أن حبس المدين الذي امتنع عن أداء دينه الهدف منه إك ارهه على أن يظهر ما أخفى من ماله شرط أن يغلب على الظن يسره وهذا بناء على طلب الدائن واذا ثبت إعسار المدين فال ينفذ طلب الدائن ألن استعماله لحقه في هذه الحالة ال يؤدي الغرض الذي مارسه من أجله ويمكن اعتباره قرينة قاطعة على أنه يقصد مجرد اإلض ارر )1(. فاألصل أن تكون األعمال موافقة لقصد اهلل في التشريع وج ءا - - في الفقه المالكي: غصبا ادعى لو على رجل من أهل الخير ففي الصحيح من أري مالك أن الدعوى ال " تسمع وال يحلف المدعي عليه لئال يتطرق األرذال واألش ارر إلى أذية أهل الفضل )2( واالستهانة بهم" - الحنبلي: الفقه وجاء- "ليس لمالك التصرف في ملكه بما يضر جاره نحو أن يبني فيه حماما أو يفتح بين الدور خبا از بين العطارين أو يجعله دكان قصارة يهز الحيطان ويخربها أو يحفر بئ ار إلى.» جانب جاره يجتذب ماءها") ) 3 لقول النبي صلى اهلل عليه وسلم : ا اوال ضارا را ا ض ا ر ا ر»الا 8- الدافع إلى تحقيق مصالح غير مشروعة أ- المقصود بهذا المعيار: يتحقق هذا المعيار عند استعمال الحق في غير الغرض أو المصلحة التي شرع من يكون الباعث أجلها أي أن من استعمال الحق مخالفا لقصد الشارع فيكون بذلك باطال بالضرورة فال خالف بين علماء الشريعة في هذا األمر وذلك ألن الخروج عن غاية الحق لقواعدها) ) 4 تحايل على المصالح التي بنيت عليها الشريعة وهدم فاستعمال األف ارد لحقوقهم في الشريعة اإلسالمية ليس مطلقا يلي: بما بل هو مقيد - 1 د/ فتحي الدريني المرجع السابق ص د/ فتحي الدريني المرجع نفسه ص ابن قدامة عبد هللا بن عبد المحسن المقدسي المغني دار عالم الكتب الرياض 1995 ص 752. د/جميل فخري محمد حاتم مرجع سابق ص

25 الأ- يؤدي استعمال الحق إلى اإلض ارر بالمصلحة العامة التي يعود نفعها على كافة الناس أو المصلحة الخاصة التي يعود نفعها على بعض األف ارد. 0 أبدا بأن يستعمله في مجرد التلذذ من غير أن يقصد به 8 الأ_ يستعمل الحق في غير غاية تحقيق نفع الفرد أو الجماعة. يستعمل أال في تحقيق غاية غير مشروعة بأن يتخذ وسيلة للوصول إلى مآرب _3 وغايات تتنافى مع مشروعية ذلك الحق. 2_ أن يوازن بين المنافع واألض ارر التي تنجم عن استعمال الحق. فإن غلبت األض ارر على المنافع بطل استعمال الحق والمعيار هنا وبهذه الصورة على درجة كبيرة من الوضوح وقد ذهب اإلمام ألشاطبي: إلى بطالن تصرف صاحب الحق إن هو قصد منه مجرد العبث ولم يهدف إلى تحقيق أية مصلحة. ب- حكم معيار الدافع إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة: ال خالف بين الفقهاء في أن استعمال الحق بقصد تحقيق مصلحة غير مشروعة يعتبر تعسفا في استعمال الحق وهو باطل وح ارم ال يجوز ألنه تحا لي على المصالح التي بنيت عليها الشريعة وهدم لقواعدها وانما الخالف في التطبيق وفي الوسيلة التي يتوصل بها إلى كشف القصد أو الباعث. ج-أمثلة على معيار الدافع إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة: الفقه في -جاء- : المالكي) ) 1 أ رأيت قلت إن زوج ابنته وهي أيجوز ذلك على االبنة في قول اإلمام مالك قال اإلمام صداق ابنته البكر شيئا لم يطلقها زوجها وأرى إذ بكر ثم حط من الصداق مالك :ال يجوز لألب أن يضع من أن ينظر في ذلك فان كان ما صنع األب على وجه النظر مثل أن يكون الزوج معس ار بالمهر فيخفف عنه وينظره فذلك جائز على البنت ألنه لو طلقها ثم وضع األب النصف الذي وجب لالبنة من الصداق أن ذلك 1- اإلمام مالك بن انس األصبحي المدونة الكبرى دار الفكر الجزء الرابع رواية سحنون بن سعيد التنوخي عن اإلمام عبد الرحمن بن القاسم لبنان 1952 ص 9 25

26 جائز ذلك له ". على البنت فأما أن يضع من غير طالق وال على وجه النظر لها فال أرى أن يجوز ويتضح من هذا النص أنه ليس لألب أن يحط من مهر ابنته ألن الحط من مهرها ليس فيه مصلحة لها فال يمكن له ذلك فالحق الممنوح لألب في أن يزوج ابنته القاصر دون رضاها أو أن يحط من مهرها ال يمكن إال في حدود مصلحتها ألن الحقوق التي تتضمنها الوالية على النفس والمال إنما منحت لتحقيق المصلحة. : الشافعي الفقه في -جاء- "يجوز أمر األب على البكر في النكاح حظا لها وغير نقص عليها وال يجوز إذا كان نقصا لها أو ضر ار عليها كما يجوز ش ارؤه وبيعه عليها وال يجوز إذا كان نقصا لها أو ض ارر عليها كما يجوز ش ارؤه وبيعه عليها ال ضرر عليها في البيع والش ارء من غير ما ال يتغابن أهل البصر فيه ولو زوج رجل ابنته عبدا له أو لغيره لم يخبر النكاح ألن العبد غير كفء فلم يجز وفي ذلك عليها نقص بضرورة ولو زوجها غير كفء لم يجز ألن في ذلك عليها نقصا ولو زوجها كفؤا أجذم أو أبرص أو مجنونا لم يجز عليها ألنها لو كانت بالغا كان لها الخيار إذا علمت هي بدءا من األدواء" ) 1 ( والخالصة أن الشريعة ال تجيز اتخاذ الحق وسيلة لتحقيق أغ ارض يتقرر ذلك الحق من أجلها ألن هذا تعسفا في استعمال الحق. ثانيا: المعيار الموضوعي: غير مشروعة. لم لقد وسعت الشريعة اإلسالمية من نطاق معايير نظرية التعسف إلى حد كبير فلم تقتصر فقط على المعيار الذاتي من تمخض قصد اإلض ارر بالغير أو انتفاء المصلحة المشروعة للحق بل أضافت إلى ذلك معيا ار موضوعيا) ) 2 يستند على نتائج األفعال وهو مشتق من أصل مستقر في أصول الفقه اإلسالمي وهو النظر في مآالت األفعال ويشمل هذا المعيار على الضوابط التالية: 1 -االمام محمد بن إدريس الشافعي األم الجزء الخامس دار المعرفة الطبعة الثانية لبنان 1191 ه ص يقصد بالمعيار الموضوعي :"مدى التناسب بين ما يجنيه صاحب الحق من نفع وما يلزم عن ذلك مفسدة ووسيلته في ذلك الموازنة. 26

27 وا" انعدام التناسب بين مصلحة صاحب الحق والضرر الالحق بغيره والضرر الفاحش الالحق بالجار من ج ارء استعمال المالك لعقاره. 0- انعدام التناسب بين مصلحة صاحب الحق والضرر الالحق بغيره. أ المقصود بهذا المعيار : يقصد به اختالل التوازن بين مصلحتين فرديتين وصورته أن يستعمل صاحب الحق حقه من أجل تحقيق المصلحة المشروعة لكنه يتعارض مع مصلحة شخص أخر أو أشخاص بحيث يترتب على تصرفه ضرر يلحق بالشخص أو األشخاص وهذا الضرر قد يكون أعظم من المصلحة المقصودة من التصرف أو يساويها أو فإذا كان منها. أقل باإلمكان التوفيق بين المصالح المتعارضة وجب األخذ به. أما إذا كان التعارض بين المصالح شاسعا بحيث يستحيل معه التوفيق فإنه البد من تغليب المصلحة على المفسدة فاالختالل البين الذي ترجح فيه المفسدة رجحانا كبي ار يتناقض وهذا الضابط المعهود في الشرع ومن ثم يتحقق التعسف( ). 1 ب- أمثلة عن هذا المعيار: ما جاءت به السنة من قضاء رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم على سمرة بن جندب بقلع نخلته دفعا للضر األشد باألخف وهذا ال يمنع من التعويض. أخذ ويقول في هذا ابن قيم الجوزية: ن كان عليه- على صاحب الشجرة- في ذلك ضرر يسير فضرر صاحب األرض ببقائها في بستانه أعظم فإن الشارع يدفع أعظم الضررين بأيسرهما فهذا هو الفقه والقياس والمصلحة وان أباه من أباه"( ) د/ جميل فخري محمد حاتم مرجع سابق ص 515. ابن قيم الجوزية مرجع سابق ص

28 ول" غصب ساجة فأدخلها في بنائه انقطع حق المالك كما يقول الكرخي البناء أكثر ويضمن الغاصب قيمتها دفعا ألشد الضررين بارتكاب أخفها كانت قيمة إذا ( 1 )» وجاء في المدونة: " لو أن رجال غصب أرضا فغرس فيها شج ار فاستحقها ربها للغاصب اقلع شجرك إال أن يشاء رب األرض أن يأخذها بقيمتها مقلوعة ".) 2 ) فإنه يقال 8- الضرر الفاحش: أ- المقصود بهذا المعيار : يقصد بالضرر الفاحش ماجاوز الحد الذي تتحصل به المصلحة المقصودة من استعمال الحق.) 3 ( ورد هذا المعيار بصفة خاصة في الفقه اإلسالمي وقرر لتنسيق المصالح الفردية المتعارضة السيما في العالقات الجوارية والشك أن في تنظيمها وتنسيقها رعاية للصالح العام.) 4 ) و يتبين في المذاهب الفقهية أن حق المالك مقيد في التصرف بملكه قضاء بما يدفع األض ارر الفاحشة عن جاره وهي المضار غير المألوفة فالضرر المألوف يمكن تحمله والتسامح فيه إذ لو منع حصوله لترتب عنه تعطيل استعمال حقوق الملكية فهذا مخالف لإلجماع والمعقول لعدم استقامة إمكانية استعمال حق الملكية بإطالق فالتصرف على نحو يلحق أض ارر فاحشة يخل بالتوازن بين المصالح الفردية ومآل ذلك اإلخالل بالمصلحة العامة لحساب الصالح الفردي وهذا يعتبر انح ارفا عن غاية الحق وتأسيسا على هذا يمكن القول بأن نظرية التعسف ترتبط أساسا بالنتائج المترتبة عن استعمال الحق ال بمضمونه يأ بالسلطات الممنوحة لصاحب الحق ألن المفروض أن المالك يتصرف ضمن حدود هذه السلطات وال يجاوزها أو بعبارة أخرى فنظرية التعسف تتعلق بغاية الحق فلم يشرع الحق ليكون وسيلة تفرض على الناس أض ارر فاحشة أو تلحق بالجماعة ضر ار عاما ألن ذلك ال يتفق مع روح الشريعة وغايتها األساسية. 5 _أبي محمد بن غانم بن محمد البغدادي مجمع الضمانات مرجع سابق اإلمام مالك بن انس األصبحي المدونة الكبرى مرجع سابق ص _ د/ جميل فخري محمد حاتم مرجع سابق ص _عبد الرحمن مجوبي التعسف في استعمال الحق وعالقته بالمسؤولية المدنية مذكرة ماجستير في العقود والمسؤولية كلية الحقوق بن عكنون جامعة الجزائر 2006 ص

29 يشمل الضرر الفاحش الضرر المادي والمعنوي كاألصوات المقلقة لل ارحة والروائح الكريهة الضارة بالصحة و اإلش ارف على مقر النساء في المساكن المجاورة. أمثلة ب- عن معيار الضرر الفاحش : «المالكي: الفقه في جاء في المدونة: قلت: وكذلك لو كانت بئري في وسط داري _! فحفر جاري في وسط داره بئ ار يضر ببئري منع من ذلك قال: نعم ووسط الدار وغير وسطها سواء يمنع جاره من أن يحدث يضر داره بئ ار في ببئر جاره عند مالك«) ) 1 _ الحنبلي: الفقه في يقيد المذهب الحنبلي المالك في التصرف بملكه بما يمنع الضرر الفاحش عن جاره فقد جاء في المعنى» وليس للجار التصرف في ملكه تصرفا يضر بجاره على نحو أن يبني فيه حماما بين الدور أو يفتح خبا از بين العطارين أو يجعله دكان قصارة يهز الحيطان ويخربها )2( حنيفة«أو يحفر بئ ار إلى جانب بئر جاره يجتذب ماءها وبهذا قال بعض أصحاب أبي الحنفي: الفقه في - جاء في البدائع: حكم الملك والية التصرف للمالك في المملوك وليس ألحد باختياره والية الجبر عليه إال للضرورة وال ألحد والية المنع عنه وان كان يتضرر الغير فيمنع عن التصرف من غير صاحب الحق به إال إذا تعلق به حقا )3( وخالصة القول أن هذه المعايير منظمة واحد عام بأصل يمكن أن يعتبر معيا ار عاما هو استعمال الحق في غير فالحق لم يشرع له شرع ما ليستعمل وسيلة إض ارر بالغير أو لتحقيق أغ ارض غير مشروعة وكذلك منع أن يكون وسيلة لتحقيق مصلحة ضئيلة ينتج عنها أضرر تفوقها أهمية للغير ألن كل ما كان ضرره أكثر من نفعه ال يشرع وكذلك لم يشرع الحق ليكون وسيلة لتسبيب فاحشة أض ارر أحد من في فإن استعمل تلحق بالغير هذه الوجوه كان مخالفا لقصد الشارع اإلمام مالك بن أنس األصبحي المدونة الكبرى الجزء 10 مرجع سابق ص زين الدين أبو الفرج عبد الرحمان بن شهاب الدين بن أحمد بن رجب الحنبلي البغدادي جامع العلوم والحكم مرجع سابق ص 225. زين الدين أبو الفرج عبد الرحمان بن شهاب الدين بن أحمد بن رجب الحنبلي البغدادي المرجع نفسه

30 المطلب الثالث جزاء التعسف في استعمال الحق جاءت الشريعة اإلسالمية لهداية الناس لصالح األعمال تارة بالترغيب بنيل رضا اهلل تعالى والفوز بالجنة وتارة أخرى بالترهيب وذلك عند القيام بما يخالف اهلل تعالى ومن ذلك التعسف في استعمال الحق وت رت ب الش ريعة على هذا األخير دنيويا ج ازء )الفرع األول( أخرويا) وج ازء الفرع الثاني(. الفرع األول الجزاء الدنيوي )ثانيا (. ويشمل هذا الجزاء على الجزاء المالي )أوال ) والجزاء العيني أوال : الجزاء المالي فهو التعويض المالي المحض عما تسببه إساءة التعسف في استعمال الحق ويلزم من أساء في استعمال حقه تعويض الغير عما أصابه من ضرر معنويا أو كان ماديا سواء أتلف زرع جاره أو فمن مال غيره يضمن هذا التلف ومن أجرى الماء في أرضه بقصد إ الت ف زرع جاره ألزم بالتعويض المالي عما أصاب الغير من الضرر. ثانيا : الجزاء العيني ويشمل هذا الج ازء عدة صور ويختلف باختالف حاالت التعسف: فقد يكون الجزاء بحرمان صاحب الحق من حقه له: عقوبة وذلك مثل سلب الوالية -1 من الولي على النفس أو المال إذا تعسف في استعمال حقه فأضر بالصغير في نفسه أو ماله والحجر على السفيه وتطليق الزوجة على زوجها مذهب اإلمام مالك. عند مضارتها في 2 -وقد يكون بإل ازم صاحب الحق باستعماله: كجبر المحتكر على بيع الطعام للمحتاجين وجبر الولي على تزويج ابنته التي منعها من الزواج فإذا أصر منهم على كل واحد 1 االمتناع قام الحاكم مقامه في ذلك ( ) -- 1 د/ أحمد الصويعي شلبيك مرجع سابق ص

31 ( وقد يكون بإزالة سبب التعسف بحيث يوقف الضرر الناتج عنها :وذلك كإجبار الجار -3 على بناء ساتر يمنعه من االطالع واإلش ارف على عو ارت جاره وهدم بئره التي كانت سببا في ذهاب الماء من بئر جاره. وقد يكون بمنع صاحب الحق من استعمال حقه منعا للضرر الناتج منه : كمنع -4 الشريكين من قسمة المال المشترك إذا كان الشريك األخر يصاب بضرر من ذلك. : وقد يكون بإبطال التصرف الذي يتعسف استعمال الحق فيه -5 كإبطال البيع المؤدي إلى الربا. : ثالثا: الجزاء التعزيري) 1 يجوز للحاكم أن يعزر كل من يرتكب معصية ليس لها حد في ) الشرع سواء كانت هذه المعصية تتعلق بحقوق اهلل عز وجل كترك الصالة أو تتعلق بحقوق العباد كمن يؤذي جاره. أما التعسف في استعمال الحق إذا ترتب عنه ضرر بالغير جاز لإلمام أن يوقع عقوبة تعزيرية إذا لم ترد فيها عقوبة خاصة كتعزير من يدعي على أهل الفضل دعاوى باطلة إليقافهم أمام القضاء إيالما ( 2 (. وامتهانا الفرع الثاني الجزاء األخروي الشريعة اإلسالمية تمتاز بترتيب ج ازء أخروي بجانب الج ازء الدنيوي على البواعث أو النيات غير المشروعة والج ازء األخروي أبقي وأعظم من الج ازء الدنيوي لما له في بالغ أثر توجيه النفوس إلى ضرورة العمل بأحكام الشريعة اإلسالمية واتباع أوامر اهلل واجتناب فاهلل ال تخفى عليه خافية في األرض أو في السماء ولن يستطيع اإلنسان أن يفلت نواهيه) 3 1- الجزاء التعزيري :هو التأنيب على الذنوب والمعاصي التي لم يرد في شانها نص بحد مقدر من قبل الشارع سواء تعلقت بحقوق هللا تعالى أم بحقوق اإلنسان لقوله صلى هللا عليه وسلم : «ال ضرر وال ضرار» انظر محمد الصغير بعلي مرجع سابق ص د/ أحمد الصويعي شلبيك مرجع سابق ص د/أحمد الصويعي شلبيك المرجع نفسه ص

32 فمن من عقاب وسيلقى ج ازءه من جنس عمله طبقا لقوله تعالى: يعمل مثقال ذرة خيرا يره ) 1 ومن يعمل شر مثقال ذرة ا يره.) نظرية تطبيقات المبحث الثاني التعسف في استعمال الحق في الفقه اإلسالمي لما كانت نظرية التعسف في استعمال الحق وليدة الشريعة اإلسالمية والتي تتصف بالعموم والشمولية فإن هذه النظرية عرفت تطبيقا واسعا على صعيد جميع الميادين إال أنه يمكن اختيار بعض المجاالت التي تعتبر ميدانا خصبا لهذه النظرية ويمكن القياس عليها وتتمثل في تطبيقات النظرية في الجانب الشخصي لإلنسان)المطلب األول( أوفي جانب المعامالت )المطلب الثاني ) المطلب األول تطبيقات التعسف في استعمال الحق في الجانب الشخصي ونتطرق في هذا المطلب إلى التعسف في حق الطالق ( الفرع األول( والتعسف في حق العدول عن الخطبة )الفرع الثاني ( التعسف في حق اإليصاء )الفرع الثالث ) الفرع األول التعسف في حق الطالق إن الطالق هو رفع النكاح في الحال أو المآل بلفظ مخصوص فحل ال اربطة الزوجية في الحال يكون بالطالق البائن وفي المآل أي بعد العدة يكون بالطالق الرجعي واللفظ المخصوص هو الصريح كلفظ البائن والح ارم ) 2 ( لم يرد لفظ الطالق التعسفي في كتب الفقهاء القدامى وال على ألسنتهم لكنه مصطلح جديد وفد إلى بالد المسلمين مع القوانين األجنبية وفقهاء القانون المحدثين في 1- سورة الزلزلة اآليتان د/ عبد القادر بن حرز هللا الخالصة في أحكام الزواج والطالق في الفقه اإلسالمي وقانون األسرة الجزائري حسب آخر تعديل له الطبعة األولى دار الخلدونية للنشر والتوزيع الجزائر 2005 ص

33 الغرب وقد نشأ هذا المصطلح مع نشوء نظرية التعسف وذلك تبعا ألن مضمون هذه النظرية موجود عند الفقهاء المسلمين القدامى وعرفت بأسماء ومصطلحات أخرى أننا إال نجد أنهم تعرضوا للحديث عن بعض صور التعسف كطالق المريض مرض الموت. غير إن الفقهاء المعاصرين تطرقوا إلى الطالق التعسفي في كتب األحوال الشخصية وسوف نتناول تعريفه)أوال( )ثانيا( وصوره وتطبيق معايير التعسف عليه)ثالثا(. أوال : تعريف الطالق التعسفي : "هو مناقضة قصد الشارع في رفع قيد النكاح حاال أو )1(. بلفظ مآال مخصوص" أي أنه مخالفة قصد الشارع في إيقاع الطالق فالهدف عند الشارع هو الخالص من الحياة الزوجية التي تط أر عليها بعض العوارض التي ال تتماشى معها مصالح األسرة يأ وتستحيل فيها حياة الزوجين فهو أمر معا تحتمه الضرورة أنه يكون فقط عند الحاجة مع ما يترتب عنه من أض ارر غير شرعي يكون بسبب فكل طالق يكون قد ولغير حاجة ناقض مقصد الشارع من مشروعيته وبذلك يكون متعسفا في استعمال حقه ويتبين من هذا : أنه لكي يكون تعسفيا الطالق يستوجب شرطين هما يكون مناقضا أن لحكمة مشروعيته أو مؤديا شرعا ممنوع إلى مآل _ أن ال يكون الطالق بناء على طلب الزوجة أو برضاها ألن هذا من األسباب المعقولة.) ) 2 _ ثانيا: صور الطالق التعسفي : إن للطالق التعسفي تطبيقات عديدة وصور أشهرها تلك التي تطرق إليها الفقهاء وأسهبوا في ذكر أحكامها وهي: 1 -الطالق في الحيض : وتطبيق التعسف فيه يتمثل في رغبة الزوج بتطويل العدة فتكون الحيضة التي حصل فيها الطالق غير محسوبة من مدة العدة وقد أجمعت األمة على تحريم طالق الحائض بغير رضاها (. 3 ) د/ جميل فخري محمد حاتم مرجع سابق ص 192 د/جميل فخري محمد حاتم المرجع نفسه ص المصري مبروك الطالق وأثاره في قانون األسرة الجزائري )دراسة فقهية مقارنة( دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع الجزائر ص

34 2 -طالق الثالث بلفظ واحد: ويظهر التعسف في مثل هذا الطالق في إهمال الزوج الطلقات الثالث ومناقضة قصد الشارع في ذلك 3 -الطالق من غير حاجة: األصل في الطالق هو سلوك الزوجة الحضر والمنع للحكمة المقصودة التفريق من فإنها شرعت ليتدارك الزوج ويعتبر) (. 1 وأولى أن يكون لداع يدعو الزوج إليقاعه أو تعذر الحياة معها لقوله تعالى: فإن أط عن ك م فال ت بغ وا ع ل ي ه ن س ب يال 4 -الطالق بقصد الحرمان من الميراث: في كسوء ) 2 ( وهو أن يطلق الرجل المريض مرض الموت زوجته ليحرمها من إرثها منه ويعتبر المطلق في هذه الحالة فا ار من مي ارث زوجته وهذا بال شك عدوان ال يرضاه اهلل وتأباه المروءة إذ كيف يطلق الرجل هذه الم أرة في أخر أيامه بعد أن قطعت معه أشواط العمر وربما تحملته وصبرت على أذيته ليفاجئها بهذه األذية نقيض مقصوده وذلك بتوريثها تزوجت بزوج آخر أو لم تتزوج سدا فعاملته الشريعة اإلسالمية على سواء مات وهي في عدتها أو بعد انقضاء عدتها وسواء للذريعة وردا لمقصده السيئ.) ) 3 وقد رتبت الشريعة اإلسالمية على الطالق التعسفي أث ار المطلقة وذلك بالتعويض الذي تفرضه على الزوج لمطلقته لقوله تعالى يهدف إلى تخفيف الضرر عن وهو ما يسمى بالمتعة )4( : وللمطل ق تا بالمعروف مت عا ثالثا: تطبيق معايير التعسف على الطالق حقا على المتقين ) 5 ) إن تطبيق معايير التعسف في استعمال الحق على الطالق التعسفي مناقض أنه يبين لقصد الشارع من تشريعه وذلك على النحو التالي: عبد القادر بن حرز هللا مرجع سابق ص سورة النساء اآلية د/ أحمد الحصري التركات والوصايا والقضايا المتعلقة بهما في الفقه اإلسالمي المقارن الطبعة األولى دار الجيل األردن 1992 ص ص د/ بلحاج العربي الوجيز في شرح قانون األسرة الج ازئرية الجزء األول )الزواج والطالق( ديوان المطبوعات الجامعية الج ازئر 1999 ص.211 _ 5 سورة البقرة

35 -1 أ- المعايير الشخصية : معيار قصد اإلض ارر بأن وذلك بالغير: يوقع الرجل الطالق على زوجته قاصدا االنتقام والك ارهية أو في مرض موته قاصدا مشروع حيث ال توجد أية منفعة تحقيقها من إيقاع الطالق أض ارر ب- شقاق كل معيار ذلك يعتبر قرينة تافهة أو مصلحة ال تعتبر سببا اإلض ارر بها كأن يطلقها بدافع حرمانها من المي ارث وقد يطلقها بدون سبب يحققها من الطالق له وال تتناسب على قصد اإلض ارر بالزوجة.) ) 1 الدافع إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة: شرع الطالق وجعل بيد الرجل ليكون حال ون ازع من بقائها مفسدة وعدم إقامة حدود اهلل مما يجعل استم ارر كبرى وضر ار عظيما نهائيا البتة وحاسما الحياة الزوجية مستحيال لذلك شرع الطالق لتحقيق مصلحة وقد تكون المصلحة الم ارد مع ما يترتب عليها من لما يقع بين الزوجين من بينهما ويجعل عند استحالة الحياة الزوجية ولم يشرع إال لهذا المقصد وايقاعه في غيره مناقض لهدف الشارع منه كما أن في إيقاعه بدون سبب سعي في نقض مصلحة حفظ النسل والعرض. : - 2 المعايير الموضوعية : أ- معيار اختالل التوازن بين المصالح المتعارضة قد يقوم الزوج بإيقاع الطالق بناء على أسباب يعتبرها مبر ارت ودوافع للطالق وذلك لدفع الضرر عن نفسه بالموازنة بين ما يترتب على الطالق من مصالح وما ينتج عنه من مفاسد وأض ارر تلحق الزوجة واألبناء وهذه المفاسد أكبر من المصلحة المرجوة من هذا الطالق وبذلك يكون الزوج متعسفا في استعمال حقه. ب - معيار الضرر الفاحش: إن قيام الزوج بتطليق زوجته قد يضر بها ضر ار فاحشا خاصة إذا مضت فترة طويلة من عيشهما معا واعتمدت الزوجة عليه في النفقة وقد تقدم بها العمر وحدث الطالق وهي - 1 د/جميل فخري محمد حاتم مرجع سابق ص

36 في هذه الحالة التي تكون فيها بأمس الحاجة الوحدة والف ارق قدمه الشرع لهذا حزن ومشاق الحياة إلى فإن الزوج يكون قد من ينفق عليها ومن أضر بها ضر ار التعسف هي المتعة التي تعطي للمطلقة جب ار وأسى ج ارء الطالق الذي أوقعه الزوج كحق له متعسفا الخطبة لغة التعسف في حق هي طلب الم أرة للزواج الفرع الثاني فيه العدول عن الخطبة. ) 1 ( للزواج) ( 2 ومنه بكسر الخطبة ورضا الطرفين اختطب الخاء ومادامت الخطبة هي الم أرة أي خطبها في الشريعة اإلسالمية وهي التماس الزواج من ام أرة من مقدمات الزواج يمكن لكليهما ممارسته ورغم هذا فإن فاحشا عليها أالم يخفف و العالج الذي لخاطرها مما حل بها من منها يقال : خطبها إلى أهلها أي طلبها منهم وفي اصطالح فقهاء الشريعة اإلسالمية تعرف وهي معينة وعد بالزواج وليست عقدا خالية وان تمت )3( من الموانع الشرعية. باتفاق فيجوز لكل من الخاطبين العدول عنها وهو حق الشريعة اإلسالمية تنص على ضرورة الوفاء بالوعد 4 لقوله تعالى: ا وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤوال ( ( وتمنع الخطيبين من أن يتعسفا في ممارسة هذا الحق ونتطرق في هذا العنصر إلى تعريف العدول عن الخطبة )أوال( وصور التعسف فيه)ثانيا( أوال :تعريف العدول هو عن الخطبة أن يت ارجع الخاطبان أو أحدهما عن الخطبة ويفسخانها بعد تمامها وحصول الرضا والقبول )5( فحق العدول ينشأ عن كون أن الخطبة هي وعد غير ملزم بالزواج وهو أمر مشروع إن كانت له مسببات الذي ينتج عنه ضرر شرعية وعقالنية ألحد الخاطبين ويظهر فالمقصود هنا العدول التعسفي أو العدول من خالل صور العدول التعسفي المتعة هي ما يجب للمطلقة جبرا وترفيها وتخفيفا لما يصبيها من أسف وحسرة ووحشة بسب استعمال الرجل حق الطالق الذي منحه هللا إياه على سبيل االستثناء أنظر في ذلك د/ المصري مبروك مرجع سابق د/ عبد هللا مبروك النجار التعويض عن أضرار فسخ الخطبة )أسسه ومدى مشروعيته في الفقه اإلسالمي والقانون ( الطبعة الثانية دار النهضة العربية مصر 2002 ص 12. د/ بلحاج العربي الوجيز في شرح قانون األسرة الج ازئرية الجزء األول الطبعة السادسة ديوان المطبوعات الجامعية 2010 ص سورة اإلسراء اآلية.19-5 نايف محمود الرجوب أحكام الخطبة في الفقه اإلسالمية الطبعة األولى دار الثقافة للنشر والتوزيع األردن 2002 ص

37 ثانيا : صور العدول التعسفي : عن الخطبة 1- تأخير فسخ الخطبة: جعلت الشريعة اإلسالمية العدول حقا شخصيا تقديريا خاضعا العتبا ارت خاصة لكل من الخطيبين حيث أن كال الطرفين في الخطبة يعلم مسبقا أن حق العدول مقرر شرعا فكان ل ازما عليه أن يتوقع هذا العدول من جانب الطرف اآلخر في كل وقت فال يعتبر وقوعه مفاجأة له من الطرف األخر وليس فيه اعتداء على حق أحد منهما واذا كان األمر كذلك فيجب أن ال يتعارض حق العدول مع استعمال هذا الحق فمن يخطب فتاة وتدوم الخطوبة لفترة طويلة كان يؤكد لها أنه سيتزوجها ويعيش معها حياة طويلة معتذ ار لها عن التأخير في إتمام الزواج بسبب حالته المادية وغيرها من األعذار مما أبعد فكرة العدول عن األذهان وبعدها صدر العدول من الخاطب فيعتبر هذا إيالما بعواطف المخطوبة ومساسا بسمعتها مما يتسبب في عزوف الخاطبين عنها فتصرفه هذا موجب للمسؤولية ألنه أساء استعمال حقه في العدول عن الخطبة فالضرر هنا حصل كنتيجة الزمة للتأخر في فسخ الخطبة ولو لم يكن يقصد إيذائها) ) استعمال حق العدول بدون سبب معقول : إن منح العدول من المشرع ال يبرر استعماله على نحو ضار بالمخطوبة دون سبب شرعي فالعدول عن الخطبة من أحد الطرفين دون سبب جدي هو تعسف في استعمال الحق ألن الناس عادة يعلمون بالخطبة ويركنون إليها فينصرف عن المخطوبة من يفكر في الزواج كأن سافر الخاطب إلى بلد أجنبي لطلب العلم ومكث عدة سنوات التقى خاللها بأجنبية من ذلك البلد وتزوج بها وفسخ خطبة األولى فالعدول وقع هنا دون سبب معقول ونتج عنه تفويت فرص الزواج التي كانت متوفرة للخطيبة فتكثر الظنون السيئة مما يؤدي إلى تعطيل المصلحة األساسية التي أعدها اهلل لها والعدول هنا ضرب من اإلخالف بالوعد.) 2 ) وعليه فالعدول إذا أدى إلى إلحاق الضرر البالغ بالطرف األخر ولو كان مجردا عما يالبسه من أفعال ضارة يوجب المسؤولية والتعويض عن األض ارر المادية والمعنوية الناجمة عنه 1- محمد فتحي الدريني بحوث مقارنة في الفقه اإلسالمي وأصوله الطبعة األولى مؤسسة الرسالة سوريا محمد فتحي الدريني المرجع نفسه ص

38 كتب من ألنه ضرب من التعسف في استعمال الحق وذلك ألن القفه اإلسالمي ال يتضمن الحقوق المطلقة والتي يتصرف فيها أصحابها كما يشاءون فالشارع يرسم لكل حق غاية ينبغي على صاحب الحق أن يتوخاها عند استعماله لحقه ويجب أن تكون الغاية من هذا موافقة لقصد ( 1 ) الشارع وبهذا الشرط يكون الحق في الفقه اإلسالمي مقيد ال مطلق وبناء على هذا فإن حق العدول والذي هو منحة من الشارع فهذا المنح ليس مبر ار الستعماله على وجه ضار بل شرع لتمكين الخاطبين من التعرف على بعضهما لينشأ عقد الزواج على أساس متين) ) 2 الثالث الفرع متوقف التعسف في حق اإليصاء إن الوصية من المجاالت التي يمكن أن يقع فيها تعسف باعتبار أن حق اإليصاء على إ اردة الموصي وحده وسوف نتطرق في هذا العنصر إلى تعريف الوصية ودليل مشروعيتها من القرآن والسنة )أوال( صور المضارة في الوصية وأثر التعسف فيها )ثانيا(. أوال :تعريف الوصية عرفها الفقهاء على أنها والوصية مشروعة ودليل مشروعيتها تمليك في مضاف القرآن والسنة النبوية : إلى ما بما ثبت من نصوص القرآن والسنة. _1 والقربين وقوله عز القرآن الكريم: عليكم بالمعروفحقا على المتقين وجل: بعد وصية إذا حضر )4( أحدكم بعد الموت على سبيل التبرع )3(. الموت يوصى بهاأو دين غير مضار خيرا الوصية ترك إن وصية من اهلل واهلل للوا دينل عليمحليم ) ) 5 السنة النبوية: قوله صلى اهلل عليه وسلم: قوله ما حق امرئ أن يريد شيء له مسلم _2 6 ) ( ليلتين إال ووصيته مكت يبيت يوصى فيه وبة عنده - 1 إبراهيم بن موسى اللخمي المالكي المعروف بالشاطبي الموافقات في أصول الشريعة الجزء الثاني مرجع سابق ص محمد فتحي الدريني المرجع نفسه د/أحمد ف ارج حسين أحكام الوصاية واألوقاف في الشريعة اإلسالمية دار الجامعة الجديدة للنشر مصر 5990 ص 55. سورة البقرة اآلية سورة النساء اآلية أبي الحسين بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري صحيح مسلم مرجع سابق ص