دور ة كان التار خية. - س ١٠ ع ٣٧ (س تم ر ٢٠١٧/ ذوا جة ١٤٣٨) Dawriyyaẗ Kān al Tārīẖiyyaẗ Iliktrūniyyaẗ, muḥakkamaẗ, rub' sanawiyyaẗ Vol. 10, no. 37 [ September 2017 ] Cairo Arab Republic of Egypt. http://www.kanhistorique.org Information on this issue: www.kanhistorique.org/archive/2017/issue37 تص يف ديوي العشري مقالات ودراسات ع ٣٧ س تم ر ٢٠١٧ التار خ العام للعرب والمسلم ن ٩٥٣ الدول الا سلامية الشام ومصر ٩٥٣,٠٧٣٩ تار خ شمال أفر قيا تحت الاحتلال الا وربي ٩٦١,٠٣ تار خ شمال أفر قيا تحت ا كم العثما ي ٩٦١,٠٢٣ تار خ المغرب ا ديث ٩٦٤,٠٩ تار خ ا جزاي ر الاحتلال والاستقلال ٩٦٥ دور ة كان التار خية إصدار مو سسة كان التار خية. - س ١ ع ١ (س تم ر ٢٠٠٨).- القا رة: المو سسة ٢٠٠٨ ٢٠١٧. دور ة إلك رونية م ح كمة ربع سنو ة متخصصة البحوث والدراسات التار خية ردمد ٠٤٤٩ ٢٠٩٠ ٢- الا ثار ١- تار خ - ٤ ال راث ٣- ال راجم ديوي ٩٠٥ Historical Kan Periodical Published by Historical Kan Organization. Vol.1, no.1 [September 2008]. Cairo: Organization, 2008 2017. Peer reviewed, open access journal. Indexed and abstracted in several international databases. ISSN: 2090 0449 (Online) Keywords: History, Heritage, Archaeology, Biographies. ٢٠١٧ دور ة كان التار خية جميع ا قوق محفوظة Copyright 2017 Historical Kan Periodical All rights reserved. No part of this publication may be reproduced, stored in a retrieval system, or transmitted, in any form or by any means, electronic, mechanical, photocopying, microfilming, recording or otherwise, without written permission from the publisher. النتائج والتفسيرات واالستنتاجات الواردة في هذه الدورية هي للمؤلفين وال تمثل بالضرورة أعضاء هيئة التحرير أو أعضاء الهيئة العلمية أو أعضاء الهيئة االستشارية وال يترتب عليها أي مسئولية. ليس في التسميات المستخدمة في هذه الدورية وال في طريقة عرض مادتها ما يتضمن التعبير عن أي رأي كان من جانب أعضاء هيئة التحرير أو أعضاء الهيئة العلمية أو أعضاء الهيئة االستشارية بشأن المركز القانوني ألي بلد أو إقليم أو مدينة أو منطقة أو سلطات أي منها أو بشأن تعيين حدودها أو تخومها كما أن الخرائط الواردة في المقاالت والدراسات ال تعتبر مرجع ا للحدود الدولية. الهدف من الروابط اإللكترونية الموجودة في هذ الدورية تسهيل وصول القارئ إلى المعلومات وهي صحيحة في وقت استخدامها وال تتحمل الدورية أي مسئولية عن دقة هذه المعلومات مع مرور الوقت أو عن مضمون أي من المواقع اإللكترونية الخارجية المشار إليها. ال يعني ذكر أسماء جهات أكاديمية أو مؤسسات علمية أو شركات تجارية أن دورية تدعمها. ٢
أول دورية عربية إلكترونية م حك مة ربع سنوية متخصصة في الدراسات التاريخية تا سست غرة جمادى الا ول ١٤٢٩ ه صدر العدد الا ول منها في سبتمبر ٢٠٠٨ م ISSN: 2090 0449 Online ا عداد الدورية متوفرة للقراءة عبر: دار ناشري للنشر اإللكتروني أول دار نشر إلكترونية عربية مجانية تأسست يوليو ٢٠٠٣ الكويت www.nashiri.net ا عداد الدورية متوفرة للقراءة عبر: أرشيف اإلنترنت الرقمي العالمي منظمة غير ربحية سان فرانسيسكو الواليات المتحدة www.archive.org مقالات الدورية مفهرسة في: قاعدة معلومات اللغة واألدب والعلوم اإلنسانية دار المنظومة "الرواد في قواعد المعلومات العربية" السعودية www.mandumah.com مقالات الدورية مفهرسة في: قاعدة بيانات المنهل أول قاعدة بيانات عربية تأسست ٢٠١٠ اإلمارات www.almanhal.com مقالات الدورية مفهرسة في: قاعدة البيانات العربية الرقمية "معرفة" شركة عالم المعرفة للمحتوى الرقمي تأسست - ٢٠٠٤ األردن www.e-marefa.net دورية مدرجة في: دليل الدوريات العربية المجانية الدوريات العلمية الم ح ك مة الصادرة في الوطن العربي والمتاحة على شبكة اإلنترنت مجان ا www.dfaj.net موقع دورية مسجل لدى: هيئة اإلنترنت لألسماء واألرقام المخصصة ١٩٩٨ كاليفورنيا www.icann.org اآليكان منظمة غير ربحية تأسست مسجلة ومفهرسة في قواعد البيانات الببليوجرافية العالمية Academic Journals Database Access to Mideast and Islamic Resources, AMIR CORE: Open Access repositories Directory of Abstract Indexing for Journals, DAIJ Directory of Open Access Scholarly Resources, ROAD Directory of Research Journals Indexing, DRJI Eurasian Scientific Journal Index Google Scholar Host Online Research Databases, EBSCO Journal Database Zurich Open Repository and Archive JOURNAL FACTOR forum for promoting research work Journal Guide Research Square ROOT INDEXING Journal abstracting and indexing The researchbib Journal database Ulrichsweb WorldCat 395 24 124 706 ك ت اب الدورية الدول العربية واألجنبية الجامعات والمؤسسات األكاديمية والعلمية المقاالت والدراسات المنشورة في الدورية مدرجةفيالا دلةالرقميةلمكتباتالجامعاتوالمراكزالبحثيةالعالمية Birmingham Public Library Max Planck Institute for the Physics of Complex Systems National Cheng Kung University Library National Taiwan Normal University Library NYPL (New York Public Library) OALib Open Access Library OREGON Health & Science University San Francisco Public Library SAN JOSÉ STATE UNIVERSITY Stanford University Libraries & Academic Information Resources State Library of New South Wales State Library of Queensland (Australia) The J. Paul Getty Trust The University of Texas at El Paso Library Toronto Public Library UCDAVIS University Library University of California University of Michigan University of Rochester University of South Australia Villanova University دراسات ومقالات الدورية مفهرسةوذاتخلاصات www.kanhistorique.org ٣
المشرف العام بهاء الدين ماجد مدير إدارة الخراي ط "السابق" دار الكتب والوثاي ق القومية المصرية تعتبر الدوريات شريان ا ري يس ا من شرايين المعلومات في المكتبات ومراكز المعلومات وخاص ة المكتبات الا كاديمية التي تولي اهتما ما خا صا للدوريات العلمية في مختلف مجالات المعرفة. ولقد ظلت الدوريات المطبوعة هي الساي دة في مقتنيات المكتبات الا كاديمية حتى قبيل نهايات القرن العشرين وقبل التحول الجذري في وساي ل نقل المعلومات إلى الوسيط الرقمي الذي يزداد يو ما بعد يوم. الهيي ة الاستشارية تحددت مهام أعضاء الهيي ة الاستشارية وفق مذكرة تا سيس دورية كان التاريخية في غرة جمادى الا ول ١٤٢٩ هجرية حيث تتكون الهيي ة أ.د. بشار محمد خليف سوريا الاستشارية من خبراء ومتخصصين بهدف التعاون مع طاقم عمل الدورية أ.د. خالد بلعربي الجزاي ر لخدمة البحث العلمي وتقديم الدعم الفني من خلال تبادل الا راء أ.د. أ.د. أ.د. أ.د. خليف مصطفى غرايبة الطاهر جبلي عارف محمد عبد الله الرعوي عاي شة محمود عبد العال الا ردن الجزاي ر اليمن مصر والمقترحات. والتواصل مع المو سسات الا كاديمية العربية والا ساتذة والباحثين بما يعزز مكانة الدورية في الا وساط العلمية. وتقديم المشورة والنصح في الموضوعات المطروحة من قبل هيي ة التحرير. والتعريف أ.د. عبد الرحمن محمد الحسن السودان با هداف الدورية وتشجيع الباحثين على النشر العلمي الرقمي. وتولي أ.د. أ.د. عبد العزيز غوردو عبد الناصر محمد حسن يس المغرب مصر مهمة التوصية فيما يتعلق بتطوير الدورية من حيث الشكل والمضمون. أ.د. عطاء الله أحمد فشار الجزاي ر أ.د. علي حسين الشطشاط ليبيا أ.د. فتحي عبد العزيز محمد مصر أ.د. كرفان محمد أحمد العراق أ.د. محمد الا مين ولد أن موريتانيا أ.د. أ.د. أ.د. أ.د. محمد عبد الرحمن يونس محمود أحمد درويش ناظم رشم معتوق الا مارة نهلة أنيس مصطفى سوريا مصر العراق مصر مدير التحرير ا سراء المنسي الهيي ة العلمية أنور محمود زناتي د. عبيدة صبطي د. هدى المجاطي د. مصر الجزاي ر المغرب عملت هيي ة التحرير ومنذ اليوم الا ول على بناء الا رضية الثقافية الرقمية من أجل المساعدة في استحداث وعي ثقافي تاريخي عند الجيل العربي الشاب وخصوص ا في ما يتعلق با همية التاريخ والتراث وارتباطهما المباشر بالهوية العربية هيي ة التحرير والا نتاج الا بداعي الثقافي المستدام د. الحسين عادل أبوزيد مصر د. عبد الرحمن محمد الا براهيم الكويت د. محمد الصافي المغرب "" أول مبادرة عربية مستقلة متخصصة تدعم مبدأ "المعبر المفتوح" في تداول المعرفة على شبكة الا نترنت بتشجيع النشر الرقمي للدراسات التاريخية. "" غير هادفة للربح وتتيح نصوصها كاملة على شبكة الا نترنت وتسعى إلى استيعاب روافد كل الا فكار والثقافات ذات البعد التاريخي. ٤
الا شعار القانوني دورية غير مدعومة من أية جهة داخلية أو خارجية أو حزب أو تيار سياسي إنما هي منبر علمي ثقافي مستقل يعتمد على جهود المخلصين من أصحاب الفكر ومحبي الثقافة الذين يو منون با همية الدراسات التاريخية. موضوعات الدورية الدورية متخصصة في المقالات والدراسات العلمية والا كاديمية البحتة التي تخص أساتذة وطلاب الجامعات العربية وأصحاب الدراسات العليا والباحثين في الدراسات التاريخية والمهتمين بالقراءات التاريخية وتعبر الموضوعات المنشورة في الدورية عن وجهة نظر كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن جهة نظر دورية أو هيي ة التحرير. حقوق الملكية الفكرية لا تتحم ل دورية أي ة مسو ولي ة عن الموضوعات ال تي يتم نشرها في الدورية. ويتحمل الك تاب بالتالي كامل المسو ولية عن كتاباتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكي ة أو حقوق الا خرين أو أي طرف آخر. حاصلة على "معامل التا ثير العالمي" (UIF) للمجلات العالمية والعلمية حاصلة على "معامل التا ثير العربي" (AIF) للدوريات العلمية العربية الم ح ك مة ري يس التحرير د. أشرف صالح محمد أستاذ مساعد تاريخ وتراث العصور الوسطى كلية الا داب والعلوم الا نسانية جامعة ابن رشد حقوق الطبع والنشر والترجمة جميع حقوق الطبع والنشر الورقي والرقمي والترجمة محفوظة لدورية كان التاريخية وبموجب الاعتماد والتسجيل الممنوح للدورية يحق لري يس التحرير اتخاذ الا جراءات القانونية تجاه أي فرد أو مو سسة أو موقع على شبكة الا نترنت يعيد استخدام محتويات الدورية بدون اتفاقية قانونية. رخصة التشارك الا بداعي An Arab Weaver, 1886 Point, Armand (1861-1932) historicalkan groups/kanhistorique kanhistorique kanhistorique.blogspot.com goodreads.com/kanhistorique www.kan.nashiri.net التاريخية كان دورية تحت مسجلة التراخيص غير العامة التجارية لدى منظمة التشارك الا بداعي في سان فرنسيسكو استناد ا إلى موقعها الا لكتروني. "" غير تجارية ولا تفرض رسوم على المراجعة والتحكيم والنشر. ا دارة المعرفة ك ان ال ت ار ي خية تعمل بنظام منظمات المعرفة تدعم قيم التبادل المعرفي يتعاون فيها الجميع بصفة تطوعية ولغايات غير ربحية من أجل المحافظة اله وي ة على الثقافية العربية والا سلامية وخصوص ا العربية اللغة الوسيط الري يس للتواصل وتبادل الا بحاث التاريخية بين البلدان العربية. علاقات تعاون كونها ترتبط دورية بعلاقات تعاون مع عدة مو سسات عربية ودولية بهدف تعزيز العمل العلمي في المجالات ذات الاختصاص المشترك وتعظيم البحوث من الفاي دة والدراسات تنشرها التي المشاركة لتشمل الفاي دة كل أنحاء الوطن العربي. الرجاء مراعاة البيي ة قبل الطباعة لا تطبع صفحات الدورية إلا إذا كنت في حاجة إليها بصورة ورقية. الدورية وتوسيع حجم المراسلات توجه المراسلات والموضوعات المطلوبة للنشر باسم ري يس تحرير دورية على البريد الا لكتروني: mr.ashraf.salih@gmail.com ٥
ق و اع د الن ش ر د ور ية ك ان ال ت ار يخية علمية. عاملية. م ح م ك ة. ربع سنوية السياسات والقواعد واإلجراءات ت اععضر ي ة كعع لارت عع خرة إ يل إك ععارعنشعع رة ت عع رة ج عع رةة ج كعع رة تل عع رفععير يرمعع راقعع لرة اةسعع ارة ل ك ععا ر ةر ة ا رة س ع ربةارة ال ا رةكش رب رت رة ا رنظ ةر طت ارة إ يل إكترت ا ركلن ةلرة نشع برةةنسع يرت كعا.ر م رم ةع رع رت الرة ع لرة ا ارة ق مار انشع رمع رة ق ئع رة سع ةكا رة عرتل ع ر كعارصعفارس سع ا رة عر تل ع الرمع رة عع ةيرةة يعال ررة ع رة خرتلسع رع جع ا رةة صع ارةة ع ع ا رةت لعضرعاغعارع ع عارسعا ا ر ة سا لرةة. ر تسععع ور ي ة كععع لارت ععع خرة إ يل إك عععار ععع ر ةسعععععععععل لراةةكععععععععع رتععععععععع رة ك ععععععععع ار ةة ثق كععععع اربةارة ت ععععع رة لععععع ك ر ةكسعع ر خرتسععلقت رمسعع ار صععععععععع لرة قاععععععععع رمععععععععع رة سععععععععع ت ر ة تعععععع ك رةة تعععععع اث رةة ل يلعععععع لر ة ثقفععع رة ك ععع ر ععع ر سععع ر ة ة كعععععععععاارة ت ععععععععع رةة اةسععععععععع ا ر عععع ةلرة لعععض رعععع ةلرة ععع ك ر ة ج م ا رتق ك رة اق ءةارة ا ا. ر هيئة التحرير: لت طورة ة كارفيرة نش ر ات رةة ع ةلرةة لقع ك ر اسععععضرة سعععععتق ارة ومن عععععار اعععع اة ر ععععع ر عععععارت كععععع ر ة ة كا رةب ع رع ع ر ز هت ع رمع ر عارة ل ع رةةكقع ر العلت اةارة ا ارةة فن ارة ل رت ة ر ارة ل ك. ر تقعع ر ععارة ل كعع رععع ق ةء رة ة ععار ات عع رة ا ععار ة ق مععار انشعع رع ة كععار ال تعع رمعع رتعع ةك رمق معع ار ة ت عععععععع رة ا عععععععع رةت سعععععععع رة ت عععععععع رةة اةسعععععععع ار ةة قعععع عارع عععع رب عععع ر ال عععع رة ا عععع رةة ةز ععععار ة اغ كا. ك لفعععع رع ةزعععع ه رمعععع ر تعععع رةئنعععع رمعععع ر عسعععع ءر ععععار ة ل كع ر نشع رم ةز ع ارة لعض رةة ع ك رة ج م عا ر ةتق ك رة اق ءةارة ا ا. ر ك عععهر عععارة ل كععع ر زععع ةءرة ل ععع كالارة شععع ا ارع ععع ر ة ععع رة ق معععار انشععع ر عععل رةكعععهرة ععع ار IEEE (ر تنسعع هرة ععن رفععيرع عع ك رمعع رم ةععع رت ةكععهراجعع ر ةن عرة طرم رنس ارة ق لرة اي. ر تق ر عارة ل كع رع يل ع ارمع رتع ةسرمن سعت ر انشع رمع ر ة ج ةئععع رةة جعععالارة طت ععععارةةة ل ةن عععارمععع رعععع ر ةةيعععععاللرع قععععع رة ععععع ة ك ارةة ة ععععع رةبتععععع رم ععععع ار ة رة نش ا. هيئة التحكيم: رت ص ار رة ق مار انش رع ك ل ر ةار ت لرة ت ر حرا ع ركعل رت ع رة ت ع ع ارة ل كع رةة ر عع ع رسع ك رعلاسعع لرة ع رة ا عع ر ع رة ت ععع ل ر عععع ةخربتععع رةسععع رة ت اععع ر ةرمععع ركععع لرع ععع ر عع رةسععل ا ر ةك كععهرمعع رة عع رة ا عع رة عع ة رت تقعع ك رتسعع ر ئ ععارع عع ك رة لعع رع عع ر عع ئ ركععل ر. رة ا تق ك رة كسعلن رة ع خرفعير ع ةاةت رفعيرت ع رة ت ع ر ع ر مع ارةاتتع برة ت ع رع قع رة كعا رةة ق عارة ا عار نل ئجع رةمع ار صع ار ك ع ارة ت ع رةم ع ع رة عار ة ع عععععععع ارة تتطععععععععارع عععععععع عرة ت عععععععع رة عععععععع ر ع ة عع كار عع رسععالمارة ن عع ارة ا عع رة سععل رفععير ة اةسعععا رةمعععع ارمالءمععععارة ت نعععع ارةة نلعععع ئ رة ن ئ ععععار ف ارة ت رةسالمارتنظ ر سا لرة لرم ر ا عع رصعع ألارة ك عع ا رة غععارة ت عع رةزعع رة جعع ةةلر ةة لرةة ارةة ا.ر ة ت ععع رةة اةسعععع ارة لععع ركقلعععع مرة ععع خر زعععع ةءر ت عع كالارز كععارعا عع رت عع ر عع ر صعع ع رةز ةئ عع رفععير م ععع ر عع سر سععت ع رمعع رتعع كتر اسعع لرة ل عع كالار رة ؤ ف ر مع ر بةرت نعارة ل ع كالار ف فعار ة قل اار ارة ل ك رعلز ةئ. ر كلق ر ععععععارة ل كعععععع رة ج عععععع رة ععععععاله رةت عععععع رع ا ععععععار تتعععععع لر رةة ل قعهرمع ر رم رمل ع عار زع ةءةارة ل ع ك ة ل ةسعععععل ف ءرة ل ععععع كت ارةة ل ععععع كالارة طا ععععععا رالعععععور ة ل صعع ر عع ر عع ةارعشعع خرتعع رع عع رمقعع ر تعع رة نشعع ر ع عع ركععل رةيل عع ارة ععارة ععاله ر عع ر عع ر عع راعع ر م.ر فعععيرا عععارعععع رمن سعععتارة ت ععع ر انشععع رتقععع رة ة كعععار عليطعع ارة ت اعع رععع.ر معع رع نسععتار ات ع رة قت ععار ةة لععععع رةزلععععع هرارة ل ععععع رةكعععععهرة سععععع ةعطرة ا عععععار ة ل ععع ايرعا عععع رةةسعععل كار ةععععع رة ععع ةبرة نشعععع ر ع ة كا رك ل ن رت رع ا ر ك رعقت لرع ث ر انش.رر تقعععع رة ة كععععارع لعععع هرة اغعععع ير ألع عععع رة قت ععععار انشع رةتقع ر عارة ل كع رع ع رب ع رع عارتنسع هر ة ت عععع ر عععع ارفععععيرة شعععع رة ن عععع يرة ل عععع ايرعا عععع ر ةص ةاةارة ة كا.رر ر 6 علمية. عالمية. م ح ك مة. ربع سنوية السنة العاشرة العدد السابع والثالثين سبتمبر 7102
ق و اع د الن ش ر [ ] كنتغ ر ع اركاك راج رة ت رع رئالئ ر 02 (رصف ا رم رةع لعوة رع ق ةعع رة ل ع ايرعا ع رع ع رعشع رة ت ع ر ع رك خرة ل اراسضرة لساس اررما رمق معا رم ع عرة ت ع ري ت عا رمالاعهار ة ع ل رة جع ةةل( ر ة ةم رة ةز. تقتعععع رة ع عععع لرة ا ععععارة ل عععععار ععع اغل رة ع ععارةةةنجا اكععارة لعع ر ركستهرنشع ر ةرتقع ك ر انشع ر فععععععيرمجاععععععار ل ةن ععععععار ةرمطت عععععععار ي ا. ر ة تقتعععععععععععععع رة ت عععععععععععععع رةة اةسعععععععععععععع ار ة نش ا رم ر ت رفيرص ا رةا عا ر ةعرتقتععععععع رة ع عععععععع لرة لععععععععع رسععععععععتهر نشعع رفععيرصعع ا را ععاارمعع ةن ا ر منلعععععععععععع ك ا رم ة عععععععععععع رمجععععععععععععالار ل ةن ععععععا رةكسععععععلثنورمعععععع رب عععععع ر ة ععععع رة ق عععععاراسعععععضرتق ععععع ر ائ سرة ل ك. ر كجعععععضر خركلسععععع رة ت ععععع رة ا ععععع ر ععععععع ج إ رةة صعععععع ارفععععععيرم عععععع ع ر ةمن جععععععع رةع ععععععع رمل ةكقععععععع رمععععععع ر عن ةن.ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ة لعععوة رة تعععضرع م نعععارة ا عععارفعععير نقعع رة ا مععع ارةة لتعع رة ك عع ار ةعوة ر ص ع رةت ئ ق رعع ط ة ا ارة ل ايرعا. ر ر ةعل عع رة صععع لرة ا عععارفعععير عععع ة ر ةتل عارة ت رم رت ئ عهرة ع ةم ر ةم ععععععع ارةم ةزععععععع رمععععععع رةع لعععععععوة ر ع الم ارة ل رة لن عا. ر عنوان البحث: كجعضر خرعركلجع ةهرعنع ةخرة ت ع رعشع ك ر 02 (رتا عا ر ة خركلن سععععضرمعععع رمسعععع خرة ت عععع رةكعععع لرعا عععع ر ةر كلس رةعسلنل ارة ئ س.ر ر نبذة عن المؤلف )المؤلفين(: كقع رمع رة ت ع رنتع رعع رتع رمؤ عفرفعيراع ة ر 02 (ر تا عععارتتعععع ر يعععع ر ازععععارعا عععارا عععع رعا ععع رةةسعععع ر ة ج م ععععار ة قسعععع رة ا ععععا(رة لعععع را ة ازععععععععععارة ا ععععععععععارةة سععععععععععنا.رةة عععع رمن عععع رع عععع ر ف ععععععععععارة ععععععععععا ر ةة ؤسسعععار ةرة ج ععار ةرة ج م عععارة لعععع رك ععع ر ععع ك ر ةة جعع عارة ئ سععارع ل م تعع رة ت ث ععا.رمعع رت عع ر عنعععععععععع ةخرة ةسععععععععععاار ة نعععععععععع ةخرة ت كعععععععععع ي( رة ا عععععععععع ر ة لا ف خ-رة ع ك رة ج ةل-رة ف تس(.رر صورة شخصية: ت سععع رصععع ا رةة ععع ار شععع رة تعععضر نشععع رمععع ر ة ت رت رتسل م رة ة كارع ر ت ارةةنل نا.ر ملخص البحث: رعغ لر نش ءرصف ار ا تعضرفعير كجععععضرتقعععع ك رما عععع ر ات عععع رةة اةسعععع ارع اغععععار ة ع ارفيرا ة ر 002 ر-ر 022 (رتا ا.ر ر ة ت ععع ما رةة اةسعععع ارع اغععععارةةنجا اكعععا رك كععععهرم عععع ر رع اغارة ع ارفيرا ة ر 002 ر-ر 022 (رتا ا. ر الكلمات المفتاحية: ة ا عععع ارة لععععع رتسععععل ر اف سععععارعرتلجععع ةهرعشعععع ر تا ععع ا رك ل ا ععع رة ت اععع رع ععع ركل ة تعععضرمععع رمسععع خر ة ت ععع رةفعععيرا عععارعععع ربت ععع رتقععع ر عععارة ل كععع ر ع يل ا عععع رعنعععع رك سععععارة قعععع لرة اةزعععع رفععععير ةععععع ر ة ت نععع ارعغععع لر ةةعسل ز عرع مجال البحث: ععع ارة ت ععع ر ئنععع ءرع ا عععارة ت ععع ر ر ت ارةةنل نا.ر ر ةة ععع ا ر ععع رمجععع لرت ععع رة ت ععع رة سععع ر ة ععع ر ةة ه. ر المقدمة: تلسعععععع رة ق مععععععارع عععععع مر ةةععععععع ر زعععععع ةءرة ت عععععع ر ة ععععع ي( رةتسععععع تعارةك ععععع ارة ت ععععع رمععععع ربتععععع ر ة اةسعععععع ارة سعععععع عقاربةارة ال ععععععا رةاعععععع ة رة ت عععععع ر ة وم ن ارةة ن ا. ر موضوع البحث: ك ةعععععع ر خرتعععععل رتل ععععععارة ت ععععع رعاغعععععارع ع عععععارسعععععا ار ةة عع ارم تععو رةع سععا لرعا عع را عع ي.رةكنتغعع ر خر ت خرة ط رة ت ث ارةة ن ج ارة سعل مارةة ع ا ر ةمالئ عار ل ق عهرة ع ي رةتلع ك رك ع رة عارة ا عا.ر م رم ةع رة ن شارةة ل ا رة ع رة يرفير عع ءرة ا معع ارة لعع ك رع عع ةرععع رة شعع ر ت عع ةار ة س (.ر ر الجداول واألشكال: كنتغ رت رت رزع ةلر ع (رمع ربتع رعنع ةخركع لر ع ععع رك ععع ةس رةةة ععع ا ر ععع رفعععيرمعععل رة ت ععع رع ععع ر خر ك اارفيرة الاه.رةك رة رة ج ةةلرةة لرفير مل رة ت ر بةر عارة س ةا ر رب.ررر ر الصور التوضيحية: فيرا ارةز رص ارت ع رة ت ركجعضر اسع لرة ع ار ع رة ت كع رةة ل ة عيرفعيرفماعفرمنف ع رع ع ر عار )JPEG را ععععع ر خرة ععععع رة ععععع ارفعععععيرماعععععفرة ل ععععععار Word (ركقا رم ر ازارة ا ر )Resolution ر خاتمة )خالصة(: ت لععع يرع ععع رعععع لرم ععع ع ر انلععع ئ رةة ل صععع ار ة ن تجعععارعععع رم لععع ارة ت ععع رع ععع ر خرت ععع خرمععع زو ر عشعععع رةة عععع ر رةعرتعععع كيرم عععع ا ر عععع رسععععتهر خرتن ة عععع ر ة ت ا رفير زوةءرس عقارم رم الهوامش: عرة ت.ر ر كجععضر اةارة ععع ةم رفععير ععع ر ا عع رملساسعععاارفعععير ن كعععارة ت ععع رمععع رم ةعععع ر خرك تعععع رةسععع رة ععع ار ةر ة زعع رتعع مال رعنعع رةة ععع ا ر عع ر ةلرمعع ركععلبةرت ععع ار كسععل رةعسعععع رة ل عع رةع عع رب عع ركسعع يركععل ر كقععطر اةارة سععل رك ععال رمعع رة عع ارةة ةزعع ر فععععيرة عععع ةم ة.رك عععع ر ات اعععع ر تتعععع عر ير سععععا لرفععععير ت ئ عععععهرة ة ععععع ر ة ععععع ةم (رعشععععع برة ل ا ععععع رفعععععير مج عععع رة اةسععععا رةعلم عععع خرة ت اعععع رةسععععل ة رن ععععطر APAر رAssociation Americanر Psychological ة شع ئ رفعيرت ئ عهرة ع ع رة ا عارةة لطت ق عا را ع ر لكشعععع ار ععععع رة زعععع رفعععععيرة ععععل رع ععععع ركقعععع رةع لتععععع ر مت ععع رةكعععهرة ل ت عععضرة لععع يار ةسععع رع ئاعععارة ؤ عععف ر سعععنارة نشععع را ععع رة ز ارت ماارفيرن كارة ت. ر المراجع: كجعععضر خرت ععع خربةارعال عععارك ا عععارع عععف ا( رع ععع ر خرتععع ةخرةةاععع عار ععع عرة ت ععع ر ةت ععع رفعععيرن كعععارة ت ععع رةتلسععع ر ئ عععارة ةزععع ر ة ع ع لرة لع رتع رةة ع ا ر ع ركقعطرفعيرة ع ةم ر ير كجضر عرت ل ير ئ ارة ةز رع ر يرم ز ر ع رتعل ر ةة عععع ا ر عععع ر عععع رة ت عععع.ر رةت تععععضرة ةزعععع ر تقعععع ر ال ت ععضرة جعع ي رةت ععنفرفععير ئ ععارةةاعع رفععيرن كععار ة ت رم رت خرن ع ارتلض ر ة ك ا رمجالا رةئ ئهر اسعع ا رر ة ععت رةك عع ر ات اعع ر تتعع عر ير سععا لرفععير ت ئ ععهرة ةزعع رةة عع ارعشعع برة ل ا عع رفععيرمج عع ر ة اةسا.رر ر ر 7 علمية. عالمية. م ح ك مة. ربع سنوية السنة العاشرة العدد السابع والثالثين سبتمبر 7102
ق و اع د الن ش ر لت سعععععع رت كععععععارة ع عععععع لرة طا عععععععار انشعععععععععععععععععععع رع عععععععععععععععععععع غارع نعععععععععععععععععععع م ر م ك ةسععععععععععععععععععععععععععع كارةةا رWordرةعر كالفار ر يرص غر ي ا. ر ة سععععععع عسعع ءر خر ا ععععععع رة ة ععععععع رمععععععع ر ععارة لعع كسرع ج م عع ار ك سععععععععععععا خر ع عععععععععععع رم عععععععععععع عار عسععع رة ةت عععارة ا عععار اععع ر ن عععععععع با رمعععععععع رصعععععععع ا ر ةة ر ار.)High Resolution ر ت تععععععضرة ع عععععع عععععععع ار رعنعععععع رنشعععععع رفععععععير ة ة كععععععارةكععععععهرةعلتعععععع اةاركن ععععععارعر عال ععار عع رع نععارة ت اعع ر ةر ة ت. ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ر ععار تنشعع رة ة كععارة ةز عع ارة لق عار ا لعضر ة ع ععار ةة زنت ا را كثارة نش.ر م رم ةز ارة لضرة ق ك ار كل خراسضر ارة ل لرة ل. ر كجعععضر خرك ععع رة لععع لر اععع ارة قسععع ك ر ةرة جععع عار ة ل ك ععععارة ل عععع رةكشععععل رع عععع ر عععع كارعا ععععار ز ك. ر ك ع لرة تعضرما ع رةةك ع ر ل كع ارة لع ل رمع ر ع عع خر عع ر ةزعع رة ل ععورة ةزعع رة ق عع ا رة ععع ةهرع نعع ار ة لعععععع لرت ماععععععارفععععععير ةلرة عععععع لار ةسعععععع رة ؤ ععععععف ر ة قه رة ل ز رة طت ا رة ن رم خرة نش رسنار ة نش رة ساساا رع رة ف ا(. ر عرتاك رع رصف ارة لرع ر 00 (رصف ا. تنشعععع رة ة كععععارععععع ةلرة ععع ك رة ج م عععار اسعععع ئ ر ة ععععع تل اةسرةة زسعععععل (رة لععععع رتعععع ر ز هت ععععع رع ف ععععع ر ة لك ةعععورفععيرة عع ك ر ة سعع ئ (رم عع عرة عع لر خر ت ععع خرا كثعععا رةت ثععع ر ععع كارعا عععارز كععع رفعععير اععع ر اق لرة اةس ارة ل ك ارةة ا ربةارة ال ا. ر عععع ةهرع نععع ارة ةاعععارت ماعععارفعععير ةلرة ععع لر ةسععع ر ة ت ا رةس رة ش ي رة ا عا رة ج م عا رة ة عا رسعنار ةةز ه (. ر خركشل رة لرع رمق مار ت ع خر عارم ع عر ة ت ععععع رمععععع رما ععععع ر شععععع اار م ععععع ع(رة ت ععععع ر ةت ف ارت ك. ر ما عععع ر ععععن رة ت عععع رةك ة عععع رةع نلعععع رة ةةتعععع ر ةي ت ار رم رت ص ر رة ت ا رم رنل ئ. ر عرتاك رع رصف ارة لرع ر 00 (رصف ا. ر ت اعععضرة ة كعععارعنشععع رة لقعع ك رة ا عععارععع رة نععع ةةا ر ةة ععؤت ةا رةة اقعع ارة نق عع ار سعع ن ا(رة ةعن قععععععع رفعععععععير ةلرة ععععععع رة عععععععي رةة لعععععععع رتل كثععار ععععععع ر م ععععععع ع ت رع اةسععععععع ارة ل ك عععععععا رع ة ععععععع كار ععععععع ر ة لقععع ك رعععع رة ععع خرةة ة ل ةئ ا. ر ة ععع رة ئ كعععا رةة شععع ةع ار كشععععل بر خركغطعععع رة لق كعععع رك عععع ارة اقععع ءر نعععع ة ر ر مععؤت رةا ععارع عع رسعع ن ا(رم تععوةرع عع رة ع عع ر ة ا عععععا رة ةاة رة ععععع رة ق معععععا رةنل ئج ععععع رة ععععع ر ة ل ص ارة ل ركل ص ر رة اق ء. ر عرتاك رع رصف ارة لق ك رع ر 02 (رصف ا. ر ت ار ي ة ك لارت خرة إ يل إك ار ع رم ةارفيرة سناا م ا رك ن ر رستل ت ر ر كس ت (. ر ة ة كععععععارمل اعععععععار اقعععععع ةء رةة ل ةة ل ة يرع ر ت ارةةنل نا. ر ععععععع رعتعععععع رم ععععععع ر ت س رة ع ة رة ج ك ر رتل يلع لرة ة كعارع ع رع كع ر ةة ل ة يرة ص.ر ر كعععععععل رةةععععععععالخرعععععععع رصععععععع ةارة ة كعععععععارعتععععععع رة ة ل ة ععععععع ر عععععععععا رةة ج عععععععععع ارة ت ك كعععععععععا رة عععععععععت ار ة ل ةص رةعزل ع. ر لت س رةعسلفس اةارةةع ل ةا ار ات ك رةة ل ة يا info@kanhistorique.org لت س رة ع لرة طا عار انش ر رائ سرة ل ع كع ا mr.ashraf.salih@gmail.com ة ؤ فرمس لرمس ارت ماارع ركق م ر انش رع ة كا رةع رت ةك رة م نارة ا ارع رس ةءر ل ةسرة رم رك رعن رةف رةة ا ر رة ةز رةم ارة ا م ا. ر ع ر ةر ز ررةآلاةءرةة ك ارةة ا م ارة ةا رع ت رت ت رع را ارت تت رةع رمس ل ر رةا سرةعرت ت رع ر ا ار ا رأل س رة سر ا ة كار ةر ارة ل ك ر كارمس اررفيرب. ر ت س رة ة كار ة ت ك رةة ل ة ي. رص اضرع ر ل ز ور انش رنس ارم رة رة نش ارع رة ت رةمسلاارم رة ت رع ر ك هر ا تضر ع رنش رة ت رع ا رةا ا ر ةر ل ةن ارع رنش سرفيرة ة كار ةخرة ز عر ارة ل ك ر ةك هر ا ة كار ع رنش رة ق عارةة ت رع ا رةا ار غ ك ارأل ر ع ار ةخرة ز عر ا تض. ك هر ا ة كار ع رنش رة ت رة قت لرمنف ال ر ةر رمج عارم رة س ارة ا ارة ي ارعاغل ر ة صا ار ةرمل ز ار ر كار غار ي ا رةب رع ا ر ل ةن ار ةرةا ار غ ك ارأل ر ع ا. عرت ك رة جاار كارم كآارم ارع ا رتقتا ر انش رك ئ ةءرة ل ارة رة ي. ر رةك لت رم ركنش رك ر س م رم ن ك رم رة تضرفير 8 علمية. عالمية. م ح ك مة. ربع سنوية السنة العاشرة العدد السابع والثالثين سبتمبر 7102
א الحكم العثماني في الجزاي ر وتونس: دراسة مقارنة فاطمة زهرة آيت بلقاسم جامعة أبي بكر بلقايد الجزاي ر الدور السياسي والاجتماعي لعلماء الجزاي ر خلال العهد العثماني (١٥١٨ ١٨٣٠ م) مخفي مختار جامعة التكوين المتواصل الجزاي ر واقع التعليم في الجزاي ر أواخر العهد العثماني حميد أيت حبوش جامعة أبي بكر بلقايد الجزاي ر العلاقات الجزاي رية الا نجليزية (١٦٦١ ١٦٨٢) قراءة جديدة في العلاقة بين الطرفين بلقاسم قرباش جامعة معسكر الجزاي ر الصراع الجيوستراتيجي علىقاعدة المرسى الكبير في البحر الا بيض المتوسط: قراءة تاريخية كريم مقنوش المركز الوطني للدراسات التاريخية الجزاي ر تا ثير الثورة الجزاي رية على طبيعة العلاقات الفرنسية التونسية (١٩٥٤ ١٩٥٨ م) لمياء بوقريوة جامعة باتنة الجزاي ر المواقف العربية والدولية من تا سيس الحكومة المو قتة الجزاي رية خلال الثورة التحريرية - ١٩٥٨ ١٩٦٠ سهام ميلودي باحثة دكتوراه تاريخ حديث ومعاصر الجزاي ر الا دوار الجديدة لمو سسات المعرفة وأشكالها في مغرب الحماية أنس الصنهاجي أستاذ التعليم الثانوي التا هيلي المغرب التضامن بين المغاربة من خلال وثيقة ١١ يناير ١٩٤٤ م خالد صقلي جامعة سيدي محمد بن عبد الله المغرب إسهام الحسبة في مراقبة وتنظيم النشاط الحرفي في المغرب زمن العلويين الا واي ل محمد أعطيطي باحث في تاريخ المغرب الحديث المغرب التاريخ السياسي لمملكة كوموخ الحيثية الحديثة محمد رشاد جبر المقدم جامعة دمنهور مصر جوانب من تاريخ شبه الجزيرة العربية قبل الا سلام: كتاب أرابيكا للملك الموريطاني يوبا الثاني خالدية مضوي جامعة معسكر الجزاي ر التعليم والمو سسات التعليمية في المغرب الا وسط من خلال كتاب المعيار للونشريسي نسيم حسبلاوي جامعة البويرة الجزاي ر تقدير الخصوبة وتمجيد الذكورة في المغرب الا قصى خلال العصر المريني محماد لطيف جامعة ابن زهر المغرب ألقاب الحكام الحفصيين: النشا ة والتطور عامر حسن أحمد عجلان جامعة سوهاج مصر أبو إسحاق إبراهيم الساحلي الا ديب والمهندس المعماري وأثره في نشر فن العمارة الا سلامية في السودان الغربي خالدي مسعود جامعة ٨ ماي ١٩٤٥ الجزاي ر الدور العسكري للمغاربة في الحروب الصليبية في المشرق الا سلامي خلال العهدين الفاطمي والزنكي محمد عيساوة المدرسة العليا للا ساتذة بوزريعة الجزاي ر عرض كتاب: التاريخ من أسفل: في تاريخ الهامش والمهمش مولاي عبد الحكيم الزاوي جامعة القاضي عياض المغرب عرض أطروحة: الضراي ب في الغرب الا سلامي وأثرها في التاريخ السياسي (٤٤١ ٨٦٨ ه/ ١١٤٧ ١٤٦٩ م) رشيد اليملولي أستاذ التعليم الثانوي التا هيلي المغرب ملف العدد: مصر وفلسطين في رحلة البلوي (ت. قبل ٧٨٠ ه) دراسة مقارنة عمار مرضي علاوي الجامعة العراقية العراق ١٥ ١٠ ٢٥ ١٦ ٣١ ٢٦ ٣٨ ٣٢ ٤٣ ٣٩ ٥٢ ٤٤ ٦١ ٥٣ ٧٢ ٦٢ ٧٩ ٧٣ ٨٥ ٨٠ ٩٦ ٨٦ ١٠٣ ٩٧ ١١٤ ١٠٤ ١٢٣ ١١٥ ١٣٢ ١٢٤ ١٣٧ ١٣٣ ١٤٢ ١٣٨ ١٤٩ ١٤٣ ١٥٤ ١٥٠ ١٧٣ ١٥٥ ٩
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات Þçiæ ñ]ˆ ]»êþ^ûnãö]üó ] íþ ^ÏÚí ] ا ستاذ ة مساعدة قسم التاريخ وعلم الا ثار جامعة ا بي بكر بلقايد الجمهورية الجزاي رية < << يتطرق هذا المقال إلى موضوع الحكم العثماني في الجزائر وتونس من خالل دراسة مقارنة خاصة في المجالين السياسي واإلداري فقد مرت الدولة العثمانية بمراحل مختلفة وظروف متغايرة محاولة توحيد المسلمين ومنع دول الغرب من بسط نفوذها في العالم اإلسالمي ووقفت كجسر منيع في طريق التوسع االوربي وبالتالي القضاء على فكرة االستيالء على خيرات وثروات البلدان االسالمية. وبالنسبة للجزائر وتونس فان الظروف الصعبة التي كانتا تمران بها بداية القرن السادس عشر الميالدي خاصة تفاقم الخطر االسباني واحتالله لموانئ مهمة وإخضاع سكان مدنه هي العوامل الرئيسية التي دفعت بالجزائريين والتونسيين االستنجاد باإلخوة بربروس إلنقاذهم من االحتالل االوربي وذلك بااللتجاء الى الدولة العثمانية القوية والقادرة على حمايتهم. وفعال تم صد الخطر على سواحل المغرب العربي وطرد االسبان في مدة غير طويلة وأعاد العثمانيون بذلك الى البالد إدارة نظامية يسودها األمن واالستقرار ويتناول هذا البحث طبيعة النظام االداري في الجزائر وتونس خالل العهد العثماني إضافة الى الغوص في طبيعة النظام السياسي للدولتين خالل نفس الفترة مع معرفة التغيرات وعوامل التحول من مرحلة الى أخرى وفي األخير وضع مقارنة بينهما من خالل توضيح نقاط التشابه ونقاط االختالف بين الحكمين هذه المقارنة كان لها دور كبير في توضيح سلبيات الحكم العثماني في المنطقة دون تجاهل ايجابياته التي حاول االستعمار االوربي أن يمحيها ففي كل بلد يدخلونها يصرحون ألهلها أنهم أتوا اليهم إلنقاذهم من المستعمر العثماني لكن النتيجة أنهم قضوا على استقاللهم واستعمروهم اسوء استعمار. تاريخ استلام المقال: تاريخ قبول النشر: ٢٨ يونيو ٢٠١٥ ٠٢ ا كتوبر ٢٠١٥ تاريخ الجزاي ر الحديث تاريخ تونس الحديث الدولة العثمانية عهد الدايات عهد البايات DOI 10.12816/0045081 فاطمة زهرة ا يت بلقاسم "الحكم العثماني في الجزاي ر وتونس: دراسة مقارنة".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ١٠ ١٥. م ق د م ة امتاز القرن الخامس عشر الميالدي بتدهور األوضاع في منطقة المغرب العربي أين زاد الخطر االسباني والبرتغالي على شواطئه حيث تمكن االسبان من االستيالء على ثغور مهمة في تونس والجزائر ذلك ما أدى بأهلها الى االستنجاد باإلخوة أصبحت الجزائر والية عثمانية سنة ١٥١٨ م ثم تلتها تونس سنة ١٥٧٤ م. وهكذا لم يكد القرن السادس عشر الميالدي ينتهي حتى كانت اإلمارات العربية في بالد المغرب العربي (ليبيا تونس الجزائر) قد أصبحت واليات عثمانية ثم بدأت الخطوة الثانية في تنظيم تلك الواليات عن طريق ترسيخ نظام سياسي وإداري فيها حيث مر الذين كان لهم دور كبير في التصدي للتوسعات هذا النظام بمراحل تاريخية تعبر عن تطوره من ناحية صالحيات بربروس (١) االسبانية ووضع حد للقرصنة األوربية وبمساعدة الدولة الحكم وكذا عالقاتهم مع الباب العالي أي السلطة المركزية في العاصمة اسطنبول. (٢) العثمانية تمكنوا من القضاء نهائيا على الخطر اإلسباني وبذلك ١٠
مقالات -١-٢ -٣ ومن هذا المنطلق حاولنا دراسة النظام السياسي واإلداري للجزائر وتونس في العهد العثماني مركزين على الجوانب التالية: طبيعة النظام السياسي واإلداري في الجزائر. دراسة النظام السياسي االداري في تونس. المقارنة بينهما من خالل ابراز نقاط التشابه واالختالف في النظامين. وسبب اختيارنا لهذا الموضوع هو الرغبة في الكشف عن بعض الحقائق التاريخية المجهولة ولكون هذا الجانب لم يسلط عليه الضوء كثيرا وبقيت الدراسة فيه قليلة رغم أن الكثير من المؤرخين كتبوا عن الجزائر وتونس خالل الفترة العثمانية إال أنه لم تكن هناك كتابات كثيرة عن مدى تشابه أو اختالف الحكم العثماني بينهما. كما يكتسي هذا الموضوع أهمية كبيرة خاصة وأنه يرتبط ببلدين الكل يشهد لهما بتاريخ عريق منذ العصور القديمة فالوسطى الى الحديثة والمعاصرة ويبقى بذلك تاريخ هذه األمة في هذه الحقبة من الزمن رصيد ا خاص ا ومادة علمية تحتاج الى استنطاق واستقراء وفق ما تقتضيه تقنيات البحث العلمية. هي: أوال : النظام السيايس واإلداري للجزاي ر يف العهد العثماين ( ١٨٣٠-١٥١٨ م) عرف تاريخ الحكم العثماني في الجزائر أربع مراحل متتالية ١- مرحلة البايلربايات (١٥١٨-١٥٨٧): حيث ازدهرت البالد في هذه -٢ الفترة من الناحية التعليمية واالقتصادية والعمرانية وذلك بفضل التعاون بين فئة الرياس في القيادة وأبناء الجزائر وكان أول بايلرباي خير الدين باشا الذي عينه السلطان العثماني حاكما على الجزائر سنة ١٥١٨ م ومنحه لقب بايلرباي أي باي البايات (٣ (. :(١٦٥٩-١٥٨٧) ( ٤) مرحلة الباشوات - ٣ تم تغيير نظام البايلرباي بنظام الباشوات بسبب تخوف الباب العالي من استقالل الجزائر عن الدولة العثمانية بعدما اصبح لوالتها حرية أكبر في اتخاذ القرارات زد على ذلك الصراع الذي ظهر بين رياس البحر وجنود االنكشارية ذلك ما أدى الى تعيين باشا لمدة ثالث سنوات خوفا من ان تطول مدته فيسيطر على شؤون الوالية. (٥) مرحلة األغوات :(١٦٧١-١٦٥٩) عرفت هذه المرحلة سيطرة االنكشارية على الحكم ذلك ما أدى الى انتشار الفوضى في البالد ذلك ما فسح المجال لرياس البحر لالستيالء على السلطة سنة ١٦٧١ م. (٧) :(١٨٣٠-١٦٧١) ( ٨) ٤- مرحلة الدايات تميزت هذه المرحلة بكثرة التمردات والثورات نتيجة السياسة التي انتهجها معظم الدايات (٩ ( كما عرفت هذه المرحلة فقدان الدولة ضد السكان(الضرائب) العثمانية لقوتها وهيبتها الدولية وإنهاء وجودها في الجزائر على يد فرنسا سنة ١٨٣٠ م (١٠ (. أما عن التنظيم االداري فقد قسمت الجزائر في العهد العثماني الى أربع بايليكات: كالتالي: - - دار السلطان: شملت العاصمة وضواحيها. بايلك التيطري: قاعدته مدينة المدية ويعتبر أصغر البايليكات وأفقرها. بايلك الشرق: عاصمته قسنطينة. بايلك الغرب: عاصمته مازونة ثم معسكر ثم وهران بعد تحريرها من االسبان عام ١٧٩٢ م. (١١) أما فيما يخص التنظيم السياسي للجزائر العثمانية كان الوالي أو الحاكم العام: حيث اختلفت تسميته حسب مراحل الحكم السابقة (البايلرباي ثم الباشا ثم األغا ثم الداي). الديوان الخاص: ويدعى أيضا المجلس الشوري وكان يضم: *الخزناجي: وهو بمثابة وزير المالية ومسؤوال عن خزينة الدولة. *اآلغا: قائد الجيش البري. *خوجة الخيل: الضرائب. المشرف على امالك الدولة ومسؤوال عن جمع *بيت المالجي: المتصرف االول في أموال بيت المال. *وكيل الخرج: بالبحرية. (١٢) المكلف بالشؤون الخارجية وكل ما له عالقة باإلضافة إلى هؤالء الموظفين الذين كانوا يعتمد عليهم في تسيير أمور البالد هناك موظفون آخرون يقومون بأعمال محددة: كالكتاب مجموعة الخوجات القياد ومجموعة الخدم والشواش (١٣) المحتسب أو صاحب الشرطة. وهكذا نرى أن الجهاز السياسي واإلداري للجزائر قد تطور في العهد العثماني خاصة في فترة الدايات حيث عرف استقرار ا من ناحية المؤسسات السياسية واإلدارية على الخصوص وأصبح للداي كامل السلطات التنفيذية. (١٤) ثاني ا النظام السيايس واإلداري لتونس خالل العهد العثماين ( ١٨٨١-١٥٧٤ م) عندما قام سنان باشا بفتح تونس سنة ١٥٧٤ م أصبحت والية عثمانية حيث أنشأ هذا األخير (سنان باشا) قبل أن يتركها ديوان ا ولكن بعد فترة يجمع مسؤولين لتسيير شؤون البالد وخدمتها (١٥) ثار صغار الجند ضد رؤساء الديوان سنة ١٥٩١ م بسبب جورهم (١٦) وظلمهم ومنذ تلك الحادثة بدأ أول حكم عثماني في تونس. ١١
مقالات عهد الدايات ( ١٦٤٠-١٥٩١ م): وصل الدايات الى الحكم بعد ثورة ١٥٩١ م وكان ذلك بفضل جند االنكشارية الذين اغتنموا األزمة السياسية والمالية التي كانت تعيشها الدولة وقد عرف هذا العهد نشاط ا ملحوظ ا في جميع الميادين واستفاد منها الدايات لتدعيم نظامهم واستفاد منها أكثر البايات المراديون إلرساء نفوذهم. (١٧) عهد البايات (االسرة المرادية ١٧٠٥-١٦٤٠ م): عرف القرن السابع عشر الميالدي تعاظم سلطة البايات من ناحية وتأخر وتقهقر أمر الدايات من ناحية ثانية أين أعلن المراديون والئهم للسلطان العثماني ونصبوا انفسهم في السلطة (١٨) مكان الدايات ويعتبر مراد كورسو مؤسس هذه االسرة واصبح (١٩) الحكم وراثي ا من بعده وتوطدت سلطة الباي وعرفت البالد انتعاش الزراعة والصناعة اهتم البايات بالمشاريع العمرانية الضخمة وإلى جانب تلك الصورة غرقت البالد في سنوات طويلة من القتل والتشريد والظلم بسبب الفتن والحروب االهلية خاصة في عهد ابراهيم الشريف الذي عرف عهده بكثرة الحروب خاصة مع طرابلس والجزائر هذه االخيرة التي هزم أمامها وانكسر جيشه ضدها وبذلك انتهى عهد هذه االسرة نهائي ا. (٢٠) عهد البايات (االسرة الحسينية ١٨٨١-١٧٠٥ م): إثر انهزام ابراهيم الشريف وجدت البالد نفسها مهددة من عدة أطراف وعمت الفوضى فيها ما أدى الى تعيين حسين بن علي (٢١) بايا على تونس وبذلك ظهرت األسرة الحسينية التي عرف عهدها تضاربا في األوضاع خاصة خالل صراعها مع الجزائر واستمر حكم هذه األسرة الى غاية االستعمار الفرنسي سنة ١٨٨١ م. (٢٢) تميز النظام السياسي بتونس العثمانية بتسيير الوزير األكبر على الشؤون المالية والخارجية وساعده في اإلدارة العامة للبالد وزير الداخلية الذي لقب بوزير القلم ومستشارون إلى جانب وزير الحرب ووزير البحرية. كما خضعت المالية التونسية لنظام الرقابة األجنبية سنة ١٨٦٩ م من طرف فرنسا وإنجلترا وإيطاليا نتيجة عجز تونس تسديد ديونها ذلك ما أجبر محمد الصادق الى تأسيس لجنة مالية دولية سنة ١٨٧٠ م وضمت جهازين أساسين هما: اللجنة التنفيذية: تألفت من ثالثة أعضاء هم الوزير األكبر بمساعدة عضو تونسي ومتفقد مالي فرنسي وظيفتها األساسية جباية الضرائب. لجنة المراقبة: تكونت من ستة أعضاء يمثلون مقرضي الحكومة التونسية اثنان من فرنسا اثنان من انجلترا واثنان من إيطاليا ولهذه اللجنة الحق في مراقبة كل العمليات التي تقوم بها اللجنة التنفيذية والمصادقة عليها ان اقتضى أما الشؤون المحلية للبالد فقد ظلت تسير من طرف أدارة محلية تقليدية ممثلة بشخصية القياد أين تقمص الكثير منهم شخصية القائد المحلي أي منفرد بقبيلته عن السلطة المركزية ومن هنا نرى أن السلطة العثمانية بتونس بقيت تقليدية ولم تصل الى ما كانت عليه في الجزائر. (٢٤) ثالث ا: مقارنة بني احلكم العثماين يف اجلزاي ر وتونس سياسي ا وإداري ا بدخول الجزائر وتونس في كنف الدولة العثمانية طبق عليهما نظام الحكم العثماني القائم أساسا على التنظيم العسكري ولكن هل نفس النظام طبق على البلدين أم كانت هناك نقاط تشابه فيها هذا النظام واختلف في نقاط أخرى ١/٣- أوجه التشابه: عرفت سواحل الجزائر وتونس موجة توسعية خطيرة من طرف االستعمار اإلسباني ولوال تدخل الدولة العثمانية وسيطرتها (٢٥) على األوضاع ألصبح البلدين جزء من اإلمبراطورية اإلسبانية ولكان المغرب نفسه مهدد ا على نحو ما حدث بعد ذلك في القرن التاسع عشر الميالدي عند االحتالل الفرنسي فالحكم العثماني اذن أنقذ الجزائر وتونس من احتالل أوربي مبكر. كما أن التدخل العثماني في البلدين لم يكن بالقوة والحروب وإنما جاء بناء على رغبة من شعوب البلدين حيث استنجدوا باألخوين عروج وخير ومنذ القرن السادس الدين لتحريرهم من االحتالل اإلسباني (٢٦) عشر الميالدي أصبحت الجزائر وتونس واليتين عثمانيتين تداران على النحو العثماني التقليدي وهو أسلوب في الحكم ليست له إال فضيلة واحدة وهي المحافظة على البالد في إطار اإلسالم أما نظم الحكم فهي دائم ا عاجزة تشيع فيها كل مساوئ االدارة الفاسدة من (٢٧) رشوة وسرقة وإهمال للمصالح. ونجد انتشار الظلم والفوضى في البلدين ففي الجزائر حاول بعض الجنود المستبدين السيطرة على األموال التي كانت ت رسل من الباب العالي كما حرموا البشوات من سلطة صرف المرتبات وتعيين قواد الجنود وفي سنة ١٦٥٩ م انتقل الحكم الى األغا وهو وبعد اثنتي عشر سنة ونظر ا ما أثار الفوضى في صفوف الجند. (٢٨) لقلة أعداد االنكشارية فقد استعاد رياس البحر الحكم بانتخاب واحد ا منهم داي ا على الجزائر سنة ١٦٧١ م إال أن االنكشارية استعادوا قوتهم بداية من سنة ١٦٩٨ م حيث أصبح الداي ي ختار من طرفهم واستمر هذا الوضع الى غاية سنة ١٨٣٠ م سنة االحتالل وفي تونس حدث الشيء نفسه حيث كان الفرنسي للجزائر. (٢٩) الباشا ي ختار من طرف اإلنكشارية في أول األمر ثم أصبحت طائفة الرياس هي التي تقوم بذلك وكان يقود أولئك الجند واحد من األغوات وتولى جباية الضرائب ألغا من الجند تساعده قبائل المخزن. (٢٣) األمر. ١٢
مقالات والخالصة أنه سواء في الجزائر أو في تونس لم تكن هناك سلطة مستقرة أو قانون إداري يعتمد عليه كما عمد الحكام العثمانيين في كال البلدين إلى إبعاد السكان االصليين عن السلطة حيث كانوا يعاملونهم معاملة سيئة ويحتقرونهم وهذا ما أدى بهم إلى القيام بثورات وتمردات دفاع ا عن مصالحهم أو ضد الظلم الذي (٣٠ ( ولم يستفد من العهد العثماني كثير ا إال الذين انضموا يالحقهم. الى الجيش والبحرية فضال عن بعض المنافع التجارية التي كان يستفيد منها بعضهم عن طريق التجارة التي كانت رابحة بسبب األسرى والغنائم المالية وبعكس ذلك فقد كان السكان ضحايا لكثير من المعارك الداخلية والمعارك البحرية األجنبية التي كانت الشواطئ مسرح ا لها ولمدة طويلة. فالحكم العثماني لم يتسم بإصالحات مهمة يستفيد منها الشعب وقد كان بإمكان السلطة العثمانية أن تستفيد من الدول التي دخلت عصر النهضة والثورة العلمية والتكنولوجيا المتطورة ولكنها لم تعرف غير الحكم العسكري أما والتها سواء في الجزائر أو تونس من باشوات وبايات ودايات فقد كان همهم هو السيطرة والنهب والسلب وكان (٣١) السكان األصليون هم الضحية. لكن الشيء الذي يمكن أن يكون قد تحقق هو أن العهد العثماني حرر البلدين من االحتالل االسباني كما قضى على تمرد القبائل والحروب الداخلية فإذا جاز أن نسمي ذلك أمنا فقد تحقق أمن نسبي في الجزائر وتونس. كما أن العهد العثماني أنهى فكرة توحيد المغرب اإلسالمي فقد انفصلت الجزائر وتونس نهائي ا عن المغرب ليس بسبب التدخل العثماني فحسب بل ألن المغرب الذي تبنى فكرة الوحدة في عهدي المرابطين والموحدين لم يعد قادر ا على حماية هذه الفكرة وقد كان المغرب يتوق أحيان ا إلى احتالل تلمسان للدفاع عنها ضد الغزو اإلسباني من جهة وليكون الوجود المغربي فيها حاجز ا للعثمانيين عن التطلع للمغرب من جهة أخرى. وقد كانت تونس تحكم في بعض الفترات من طرف الجزائر في شكل وحدة حكم وبسبب خوف العثمانيين من تكوين دولة قوية ضدها فصلت الحكم في تونس وطرابلس من الجزائر بتعيين حاكم خاص في كال المنطقتين. وكان حكام الجزائر وتونس يختلف وضعهم حسب االوضاع السياسية وتطور نظام الحكم خالل المراحل المذكورة في كال البلدين إضافة إلى دور أجهزة الحكم القائمة فبينما كان الحكام يعينون في أول االمر من طرف السلطان أصبح الجيش االنكشاري يلعب دور ا رئيس ا في (٣٢) تعيينهم. كما نالحظ أنه في جميع مراحل الحكم كثير ا ما كان يتعرض الحاكم إلى االغتيال أما من طرف االنكشاريين أو غيرهم فالجزائر كانت عبارة عن والية عسكرية تربطها بالدولة العثمانية عالقات دينية واتفاقيات شكلية مثلها كمثل تونس التي اعتبرت أيض ا والية عسكرية بحيث سيطر على كليهما الجيش اإلنكشاري الذي تكون أساس ا من األتراك ومن أقليات عديدة كراغلة وحتى بعض المسيحيين). (أندلسيون وقد أصبح حكام الجزائر وتونس مع مرور الوقت يعتبرون أنفسهم خلفاء للباب العالي حيث يتصلون مباشرة بالدول االوربية دون اعتبار لمصلحة الخالفة العثمانية كما أن ممثلي الدول األوربية لدى البلدين أصبحوا يتجاهلون السيادة العثمانية في تعاملهم مع الجزائر وتونس (٣٣) خاصة ممثل فرنسا. أما فيما يخص الجهاز اإلداري فقد كان هناك تشابه كبير بين الجزائر وتونس في هذا المجال حيث كان يساعد في إنجاز مهامه عدد من المجالس والوزراء وهناك الديوان الذي ضم كبار الموظفين لتدبير شؤون الوالية وكان كل واحد منهم مسؤوال عن شيء معين فمنهم م ن كان مسؤوال عن المالية وآخر عن قيادة الجيش إضافة الى م ن كان يجمع الضرائب من أمالك الدولة كما كان هناك م ن يهتم بشؤون البحرية وبشؤون الخارجية كما نجد الخوجات الذين كانوا يشكلون طبقة ع ليا في كال المجتمعين أين تميزوا بلباسهم الخاص وقد شملت وظائفهم عدة ميادين (خوجة السوق خوجة الجمارك...) زيادة على ذلك نجد القياد الذين تمتعوا بصالحيات إدارية ومالية كبيرة تتمثل في األساس في جمع الضرائب وإبقاء األمن في المنطقة التي تعود إليه وتمثيل السلطة المركزية هذا باإلضافة إلى وجود المفتيان الحنفي والمالكي في كال البلدين. (٣٤) ٢/٣ -أوجه االختالف: أول ما يمكن أن نبدأ به نقاط االختالف بين الحكم العثماني في الجزائر وتونس هو اإلطار الزماني الذي خضعت فيه الدولتين للحكم العثماني فالجزائر أصبحت والية عثمانية منذ ١٥١٨ م. أما تونس فسنة ١٥٧٤ م وكما اختلفا في سنة انضمامهما للدولة العثمانية فقد اختلفا أيض ا في سنة انفصالهما عنها فالجزائر انتهى الحكم العثماني فيها سنة ١٨٣٠ م أما تونس فقد استمر إلى سنة ١٨٨١ م وهذين التاريخين يبرزان إلى بداية االحتالل الفرنسي كما أن الجزائر انضمت إلى الدولة العثمانية برغبة للبلدين. (٣٥) أهاليها الذين استنجدوا باألخوين بربروس إلنقاذهم من بطش االسبان أما تونس فاستنجادها بالعثمانيين لم يكن رسمي ا بل كان هناك تذبذب في السلطة الحفصية رعاية لمصالحها فتارة كان استنجادهم باإلسبان وتارة أخرى بالعثمانيين ونتيجة لهذا تمكن اإلسبان من إعادة احتالل تونس سنة ١٥٧٣ م بعد أن تمكن العثمانيون من الدخول اليها سنة ١٥٦٩ م ولكن لما ازداد االستبداد االسباني لتونس طلبت العون رسميا من العثمانيين فدخل الجيش العثماني بقيادة سنان باشا الدي تمكن من تحريرها وبذلك أصبحت تونس منذ ١٥٧٤ م والية عثمانية. (٣٦) لقد عاش التونسيون حياة منعزلة سياسيا بل كان هناك اجماع من عدة قبائل بعدم الوالء واالنتماء للسلطة الحفصية الضعيفة ١٣
مقالات التي لم تستطع تسيير البالد والتي كانت تسير محلي ا عن طريق القبائل واألعراش وبالتالي كان موقف التونسيين حتى من الحكم العثماني فيه تدخل أجنبي وليس تدخال من أجل حمايتهم من اإلسبان بعكس موقف الجزائريين الذين أيدوا العثمانيين حتى عندما قرر خير الدين مغادرة الجزائر فإنهم ألحوا عليه بالبقاء وقبلوا شروطه التي كان من ضمنها الحاق الجزائر بالخالفة العثمانية. كما أن الحكم العثماني في الجزائر مر بأربعة مراحل في حين بتونس مر بثالث مراحل فقط كانت أولها مرحلة الدايات والتي هي آخر مرحلة في الجزائر وآخر مرحلة في تونس هي البايات والتي كانت أول مرحلة في الجزائر. فتونس استطاعت أن تكون دولة (شبه مستقلة) تابعة رسميا للدولة العثمانية تحت حكم األسرة الحسينية أما الجزائر فقد استمرت تحت حكم أغاوات وبشاوات ودايات استقلوا عملي ا عن سلطة الدولة بسبب الجيش االنكشاري والقوة البحرية ولم تكن فيها أسرة حاكمة على عكس تونس التي شهد عهدها األسرة المرادية ثم األسرة الحسينية. (٣٧) وعلى أي حال فقد كانت تونس أكثر استقرار ا من الجزائر وأقرب إلى أن ينشأ فيها حكم وطني ألن األسرتين (المرادية والحسينية) لم تكونا من أصول عثمانية كما أنهما انفصلتا تقريب ا عن الدولة العثمانية كما حرص أهل تونس على أن يجعلوا الحكم العثماني يسير في الحدود التي تعودا عليها من أقدم العصور فقدموا للحكومة الرجال الذين يستطيعون النهوض بعبء إدارتها وخير دليل الحسينيون الذين استطاعوا بمساعدة أهل البالد تحويل تونس من دولة تعيش على غنائم الجهاد البحري إلى دولة منظمة كما استفادت تونس تواصل تقاليد الحفصيين والموحدين (٣٨) كذلك من نشر التعليم ورعاية العلماء وتجميع المكتبات العلمية وبناء بعض المؤسسات التعليمية ثم أن صلتها بالدولة العثمانية نقلت اليها الفكر السياسي الذي يعتبر الدستور أكبر مظاهر تنظيم (٣٩) الحكم. ومن المالحظ أن الجيش اإلنكشاري كان له دور في تنصيب الدايات بالجزائر وتونس غير أن رجاال مثل عثمان داي حاكم تونس كانوا من الكفاءة والمقدرة بحيث مثلوا السلطة العثمانية خير تمثيل وقاموا بإصالحات مهمة في البالد وقد تعاقب على الحكم عدد كبير من الدايات الذين كان الجند ينصبهم وكانوا يستطيعون السيطرة على الحكم أكثر ما كان دايات الجزائر مع االنكشارية. كما عرفت تونس الحكم الوراثي الذي تمثل في عهد البايات من خالل األسرة المرادية ثم األسرة الحسينية أما الجزائر فلم تشهد الحكم الوراثي طيلة فترة انضمامها للدولة العثمانية. ومن الناحية اإلدارية قسمت الجزائر إلى أربعة بايليكات (دار السلطان بايلك الغرب بايلك الشرق وبايلك التيطري) في حين لم تعرف تونس نظام البايليكات. وقد كان اهتمام الدولة العثمانية بالجزائر أكثر من تونس لذلك ال نجد ذلك الكم الهائل من الموظفين االداريين في تونس مثل الذين تواجدوا في الجزائر فالسلطة العثمانية في تونس كانت تقليدية ولم تستطع الوصول إلى ما كانت عليه في الجزائر. (٤٠) ولكن مهما اختلفت طبيعة الحكم العثماني في الجزائر وتونس إال أن هناك نقطة هامة جمعت بينهما وهي أن الدولة العثمانية ساهمت في تحرير البلدين من االستعمار اإلسباني كما أخرت االحتالل الفرنسي لمدة ثالثة قرون حيث أن فرنسا صممت على احتالل الجزائر انتقام ا لنفسها وكرامتها فهو احتالل له سوابق عديدة أما لواحقه فهي احتالل كل من تونس والمغرب. خ امت ة وما يمكن قوله في األخير هو أن الحكم العثماني في الجزائر وتونس قد تشابه واختلف في نقاط عديدة ولكن أهم نقطة أن انقاذ البلدين من االستعمار االسباني يرجع الفضل فيه إلى األخوة بربروس وتعاونهم مع الدولة العثمانية التي أعطت للمنطقة نظم سياسية وإدارية مكنتها من توفير نوع من االستقرار فقدته من مدة طويلة. لكن رغم ذلك نالحظ أن الحكم العثماني في البلدين تميز بظاهرة الخضوع للسلطان إضافة إلى عدم االستقرار اإلداري وسيطرة طبقة االنكشارية على مقاليد الحكم إضافة إلى العنف الذي كان يصحب تغيير الحاكم من قسوة في تسليط العقوبات وسرعة التقاضي وتنفيذ األحكام وانتشار الفساد اإلداري كالرشوة والغش لكن مهما ذلك فلقد ترك لنا العثمانيون تراث ا أدبي ا وفني ا ال يستهان به في كال البلدين ويكفي أنهم أبعدوا بالحروب البحرية الخطر االسباني والبرتغالي من بالد المغرب العربي. ومهما قال التاريخ عن تاريخ الدولة العثمانية فقد خدمت البالد اإلسالمية وجزء من بالد المغرب العربي خصوص ا وحافظت على هويته وإسالمه أكثر من ثالثة قرون إلى غاية سقوط البلدين في يد االستعمار الفرنسي سنة ١٨٣٠ بالنسبة للجزائر وسنة ١٨٨١ بالنسبة لتونس وبذلك انتهى العهد العثماني تارك ا آثاره الحضارية والعمرانية التي الزالت قائمة إلى يومنا هذا. ١٤
مقالات اله وام ش : (١٥) أحمد بن أبي الضياف: اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد األمان الدار التونسية للنشر تونس ١٩٨٩ ص ٢٧. (١) يرجع أصل االخوة بربروس الى جزيرة ميديلي كان والدهم يعقوب بن (١٦) رشاد اإلمام: سياسة حمودة باشا في تونس ١٧٨٢-١٨١٤ مج ٢ يوسف وأمهم أمة مسيحية أنجبت أربعة أطفال أكبرهم اسحاق ويليه عروج ثم خير الدين فالياس وقد عمل هؤالء االخوة في التجارة وكان لهم شأن كبير في البحر المتوسط ويعود لهم الفضل في تحرير عدة منشورات الجامعة التونسية ١٩٨٠ ص ٤٩. (١٧) محمد الهادي الشريف: تاريخ تونس تعريب: محمد الشاوش ومحمد عجينة ط ٣ سراس للنشر تونس ١٩٩٣ ص ٧٢. ٧١ مناطق من السيطرة االوربية. ي نظر: علي محمد محمد الصالبي: (١٨) رشاد االمام: المرجع السابق ص ٥٢. الدولة العثمانية-عوامل النهوض وأسباب السقوط- ط ٢ مكتبة شارل أندري جوليان: تاريخ افريقيا الشمالية تر: محمد المزالي (١٩) االيمان المنصورة ٢٠٠٦ ص ١٩٧-١٩٨. (٢) ينتمي العثمانيون إلى قبيلة الغز التركستانية بقلب آسيا ثم اتجهوا غرب ا إلى شبه جزيرة آسيا الصغرى وأسسوا دولتهم وقد توسعت الدولة أواخر القرن الخامس عشر الميالدي خاصة بعد فتح القسطنطينية سنة ١٤٥٣ م على يد محمد الفاتح وكان لهذ الدولة الدور الكبير في نشر االسالم في أغلب مناطق العالم. ي نظر: أحمد عبد الرحيم مصطفى: في أصول التاريخ العثماني ط ١ دار الشروق القاهرة ١٩٨٢ ص ١١. (٣) بسام العسلي: خير الدين بربوس (والجهاد في البحر) ١٥٤٧-١٤٧٠ م ط ١ دار النفائس بيروت ١٩٨٠ ص ١٠٨. (٤) الباشا: أصلها باش بمعنى الرأس في اللغة التركية وهي من ألقاب (٥) التشريف التي شاع استعمالها في العهد العثماني منح في البداية لكبار ضباط الجيش والبحرية ثم أطلق على الوزراء والوالة وكبار االعيان ورجال الدولة من غير الوزراء وقد ألغي مع انهيار الدولة العثمانية. ي نظر: مصطفى عبد الكريم الخطيب: معجم المصطلحات وااللقاب التاريخية مؤسسة الرسالة بيروت ص ٦٥. أحمد السليماني: الجزائر ١٩٩٣ ص ١٢. النظام السياسي الجزائري في العهد العثماني (٦) اآلغا: كلمة فارسية أصلها "أقا" وهي بمعنى األب أو العم أو األخ اآلكبر استعملها العثمانيون للدالالت كثيرة أهمها آغا االنكشارية لقب أبرز رجال الدولة وهو بمثابة قائد الجيش. ي نظر: مصطفى عبد الكريم الخطيب: المرجع السابق ص ١١. (٧) مبارك بم محمد الميلي: تاريخ الجزائر في القديم والحديث ج ٣ (٨) مكتبة النهضة الجزائرية الجزائر ص ١٧١. الداي: كلمة تركية معناها "الخال" ثم استعملت بمعنى الحاكم والرئيس وأطلقت في العهد العثماني على طائفة من قادة القوات التي اشتركت في فتح شمال افريقيا وبعد استيالئها على الحكم أصبح الدايات يقومون بعمل الوالة إلى غاية االحتالل الفرنسي. مصطفى عبد الكريم الخطيب: المرجع السابق ص ١٧٥. (٩) أحمد السليماني: المرجع السابق ص ١٧. (١٠) مبارك بم محمد الميلي: المرجع السابق ص ٢٨٦. (١١) أبو القاسم سعد الله: محاضرات في تاريخ الجزائر الحديث ي نظر: بداية االحتالل- ط ٣ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ١٩٨٢ ص ٥٢. (١٢) عزيز سامح التر: األتراك العثمانيون في افريقيا الشمالية تر: محمود علي عامر ط ١ دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت ١٩٨٩ ص ١٣٨ ١٣٩. (١٣) ناصر الدين سعيدوني: موظفو االيالة الجزائرية في أوائل القرن التاسع عشر-صالحياتهم اإلدارية- مجلة المؤرخ العربي ع ١٩٨٧ ٣١ والبشير بن سالمة تونس ١٩٧٤ ص ٢٧٦. (٢٠) رشاد االمام: المرجع السابق ص ٥٦. (٢١) يرجع أصله إلى جزيرة كريت وفد أبوه الى تونس في عهد الدولة المرادية وانخرط في الجيش ونشأ ابنه حسين في كنف البايات من بني مراد أين تقلد عدة وظائف في الوالية حتى أنتخب بايا على تونس واستمر حكمه من ١٧٠٥ إلى ١٧٤٠ م. ي نظر: أحمد بن أبي الضياف: المصدر السابق ص ٨٥. ( ٢٢) Mohamed Hadi Chérif: Pouvoir et Société dans la Tunisie de Hussein Ben Ali ;T2; Tunis; 1986; Pp. 90 91. (٢٣) علي المحجوبي: انتصاب الحماية الفرنسية بتونس سراس للنشر تونس ١٩٨٦ ص ٩ ١٠. (٢٤) نفسه: ص ١٥. (٢٥) وليم سبنسر: الجزائر في عهد رياس البحر تعريب: عبد القادر زبادية دار القصبة للنشر الجزائر ٢٠٠٦ ص ٤٠. ٣٩ (٢٦) عبد الكريم غالب: قراءة جديدة في تاريخ المغرب العربي عصر االمبراطورية. العهد التركي في تونس والجزائر- ج ٢ ط ١ دار الغرب االسالمي بيروت ٢٠٠٥ ص ٣٥٥ ٣٧٥. (٢٧) عزيز سامح التر: المرجع السابق ص ٧. (٢٨) حسين مؤنس: تاريخ المغرب وحضارته من قبيل الفتح اإلسالمي إلى الغزو الفرنسي مج ٢ ج ٢ ط ١ العصر الحديث للنشر والتوزيع (٢٩) بيروت ١٩٩٢ ص ٣٤٨. عمار عمورة: والتوزيع الجزائر ٢٠٠٢ ص ٩٩. موجز في تاريخ الجزائر ط ١ دار ريحانة للنشر (٣٠) حسين مؤنس: المرجع السابق ص ٣٤٩. ٣٤٨ (٣١) وليم سبنسر: المرجع السابق ص ٥٤. ٥٣ (٣٢) عبد الكريم غالب: المرجع السابق ص ٣٧٦. (٣٣) ناصر الدين سعيدوني: النظام المالي للجزائر في العهد العثماني الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ١٩٧٩ ص ٢٢. (٣٤) أبو القاسم سعد الله: المرجع السابق ص ٥٣. ٥٠ (٣٥) حسين مؤنس: المرجع السابق ص ٣٣٩. ٣٣٨ (٣٦) عبد الرحمن تشابجي: المسألة التونسية والسياسة العثمانية ١٨٨١-١٩١٣ تر: عبد الجليل التميمي الشركة التونسية لفنون الرسم تونس ١٩٧٣ ص ٢٨.٢٩ (٣٧) عبد الكريم غالب: المرجع السابق ص ٣٧٥. (٣٨) حسين مؤنس: المرجع السابق ص ٣٥٠. (٣٩) محمد الهادي الشريف: المرجع السابق ص ٧٦. (٤٠) عبد الكريم غالب: المرجع السابق ص ٣٧٧. ص ١٩١. (١٤) عزيز سامح التر: المرجع السابق ص ٥٦٣. ١٥
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات êþ^ûnãö] ããö]ùø} ñ]ˆ ]ð^û ÃÖêÂ^Ûjq ]æê ^éšö] æ Ö] (Ý١٨٣٠ ١٥١٨) باحث دكتوراه في التاريخ الحديث ا ستاذ متعاقد "ساب قا" جامعة التكوين المتواصل الجمهورية الجزاي رية < << اضطلع علماء الجزائر في العصر الحديث بأدوار مهم ة في الحياة السياسية والعلمية والدينية وشؤون الحياة العامة من خالل المكانة التي تمت عوا بها عند الحك ام والمحكومين وتبو ئهم مراتب ومنازل في الحياة السياسية واالجتماعية والثقافي ة ودورهم في دعم أركان الدولة ومساندة الن ظام كما تميزت أيض ا بالن فور من خالل استبعاد وتجاهل بعضهم. إن التاريخ السياسي للجزائر خالل العصور الحديثة تجاذبته قو تان متنافستان فمن جهة رجال السياسة والذين استمدوا قوتهم من السالح ومن جهة ثانية جمهرة العلماء (علماء مرابطون شيوخ زوايا) استمد وا مكانتهم من الشرعية الدينية. شارك علماء الجزائر العثمانية الذين كانوا رجال دين وشريعة من خالل المراكز الدينية (المساجد والزوايا) والعلمية (المدارس) واالجتماعية (الحرف والمهن) واضطلعوا باألدوار الجهادية واألدوار التشريعية والقضائية باعتبارهم حماة الدين ومصابيح الهدى مم ا جعل بعض الكت اب والمؤرخين يصن فونهم في القسم الثاني من نظم الدولة بعد رجال الحكم والسياسة. دور وأثر العلماء في األحداث الهامة خاصة ما يتعل ق بتحرير البالد واسترجاع وهران من اإلسبان واعتماد الحكام عليهم في دعم حكمهم ودورهم أيض ا في نهاية الحكم العثماني في الجزائر. تاريخ استلام البحث: تاريخ قبول النشر: يناير ٢٠ ٢٠١٥ مايو ٠٩ ٢٠١٥ العثمانيون المرابطون الا ولياء الصوفية الجمود الفكري الانكشارية الثورة الدرقاوية DOI 10.12816/0045082 مخفي مختار "الدور السياسي والاجتماعي لعلماء الجزاي ر خلال العهد العثماني (١٥١٨ ١٨٣٠ م)".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ١٦ ٢٥. م ق د م ة إن األحداث التي عرفتها الجزائر العثمانية والتطورات المتالحقة والمختلفة التي شهدتها البالد جعلت العلماء يمثلون الرأي العام في الجزائر خالل العهد العثماني من خالل اهتماماتهم بالحياة السياسة والقضائية والثقافية واالجتماعية فكانوا على اتصال مباشر مع الناس رغم مكانتهم العلمية والدينية من خالل المجالس القضائية وحلقات الدرس وخطب الجمعة والزوايا في المساجد واألسواق والمقاهي (١ ( ليبي نوا ألفراد المجتمع موقف الدين من هذه األحداث والتحوالت والظواهر والتي ستساهم في بروز إنتاج فكري وثقافي غزير تتعد د مظاهره وتتنوع مواضيعه وستضطر العلماء إلى إبداء مواقف من خالل فتاويهم المختلفة سواء كانوا أحناف ا أم مالكيين. اهتم العلماء باألحداث التاريخية التي عرفتها البالد على األصعدة الثقافية والدينية والسياسية من خالل التأريخ للباشاوات والبايات وسير العلماء بل امتد هذا االهتمام إلى ما كان يجري في ساحة العالمية من تغييرات سياسية وفكرية اقتصادية وعسكرية. ومثل العلماء ورجال الزوايا والطرق الرأي العام الجزائري باعتبارهم المرشد الديني والموجه التربوي والجهادي لذا حظيت هذه النخبة بالتقدير واالحترام في المدن والتقديس والطاعة العمياء في الريف بسبب نفوذها الروحي والديني. وكان العلماء يؤدون رسالة هامة في المجتمع الجزائري من تعليم الناس بدينهم ١٦
دراسات بأحكامه وشريعته الصحيحة وإصالح ذات البين وتحقيق العدل والمساواة وإعادة الحق إلى أصحابه من خالل القضاء. أوال : االهتمام بالتدريس كان الت دريس أقل المناصب تنافسا بين العلماء باعتبارها من الوظائف العامة لهم وكان تعيين العلماء والمدر سين في الوظائف التعليمية ال يخضع إلرادة الحكام وقد ارتبطت بوظائف أخرى كالمفتي والخطيب كان المفتي يتولى اإلمامة والخطابة والتدريس (٢ ( في حين ال يمكن للمدر س أن يكون مفتي ا وال خطيب ا. ( ٣) تقتصر مهمته على التدريس فقط ويمكن أن نصنف نوعين من المدرسين: معلمو المدن ومعلمو األرياف والفرق بينهم في التصنيف والدرجة فمن يدر س الشباب هو أستاذ وشيخ ومن يدر س الفتيان هو معل م أو مدر س ومن يدر س األطفال فهو مؤد ب وهو الذي يتم اختياره من قبل سك ان الحي بالمدن في حين يقوم سكان الريف والد و ار باختيار مؤد ب الصغار. أم ا في مسألة تعيين المدرس فيتم تعيينه من قبل الباشا أو خليفته. أم ا (٤) في البايليكات فيتم تعيينه من قبل الباي أو حاكم الدار. أم ا في الريف في ختار من قبل شيخ القبيلة. كما وجد م ن عرف بالمعلمين الز ائرين وهم الذين ال يتقاضون أجرا وهذا ما كان يفعله الورتالني حينما يزور بجاية كل عام خالل شهر رمضان بقوله: «ناويا الرباط وتعليمي للطلبة راجي ا أن يكون لي حظ وافر منهم ونصيب كامل من عندهم...» (٥ (. وهناك كثير من علماء الجزائر العثمانية اشتهروا بالتدريس وفضلوه على باقي الوظائف فقد عرف أبو رأس الناصري بطريقة تدريسه وفصاحة لسانه وإلمامه الواسع (٦) بالمواضيع التي يعالجها. مكر س ا حياته في التأليف والتدريس لمدة تزيد عن ست وثالثين سنة بال انقطاع مع تولي مناصب ومهام أخرى منها الفتوى والقضاء والخطابة (٧ (. وهذا سعيد المقر ي كر س حياته في التدريس وخ ر ج مجموعة من التالميذ مثل ابن أخيه "أحمد المقر ي" و"سعيد قدورة". واشتهرت أسرة "سعيد قدورة" وأبناؤه بالت دريس خاص ة محم د ال ذي عرف بفصاحة لسانه وكثرة علومه ٨) (. المعروف بالوز ان ويعتبر "عمر بن محمد الكماد القسنطيني " و"أحمد بن عمار" من الذين كر سوا حياتهم للتدريس ورفض تول ي منصب القضاء والتقر ب من الحك ام. (٩) ورغم ضعف الحركة الثقافية وتراجع دور العلم والعلماء إال أن حركة التأليف تميزت بكثرتها وديمومتها بحيث ال نكاد نجد عالما إال وله مؤلفات كثيرة في شتى العلوم. ثاني ا: االهتمام بالتا ليف ورغم ما قيل عن المجال الثقافي عن الجزائر العثمانية إال أن حركة التأليف كانت كثيرةونشيطة بحيث ال نكاد نجد عالما إال وله مصنفات عديدة وفي جميع المجاالت ولم تمنع مهام الوظائف الدينية والثقافية التي توالها العلماء من وجود حركة التأليف والن سخ كوسيلة النتشار الكتب سواء من خالل جهود العلماء أنفسهم أو بتشجيع من بعض الحكام العثمانيين في بعض الفترات مثل الباي "صالح" والباي "محمد بن عثمان الكبير" الذي شجع الطلبة والكتبة على نسخ الكتب واختصار ما طال منها وكان يكافئهم بسخاء (١٠ (. ويذكر الشيخ المهدي البوعبدلي أن الباي قد عين لها مدرسين أكفاء وعلماء أجالء كالشيخ الطاهر بن حواء والشيخ محمد المصطفى بن زرفة والشيخ أبو رأس الناصري الذي تولى التدريس بالمدرسة سنتين (١١ ( تركوا لنا ثروة أدبية ودينية وتاريخية وقد اشتهر العديد من العلماء بالتأليف منهم "أبو رأس الناصري الذي وقال عنه أبو القاسم سعد الله: "أكثر أبو رأس من التآليف كثرة ال يضاهيه فيها من الجزائريين أحد حسب علمنا (١٢) باستثناء أحمد البوني الذي تجاوزت تآليفه المائة". ومنهم "أحمد المقر ي" الذي غلب عنده التأليف على التدريس وهناك من ترك القليل من المؤلفات منهم "محمد التواتي" و"عمر الوزان" و"سعيد قدورة" الذي كانت كتبه عبارة عن دفاتر الصغيرة وعبارة عن شروح وحواشي و"علي األنصاري " ال ذي كانت تآليفه عبارة عن منظومات وشروح. ويتضح من ذلك تنوع مؤلفات علماء الجزائر العثمانية الذين كتبوا في كل علوم عصرهم كعلوم القرآن والتفسير والقراءات والحديث والفقه والتوحيد والتصوف والنحو واللغة والبالغة والعروض والمنطق واألصول والتراجم واألنساب والتاريخ والشعر مع احتوائها على العديد من الطرائف والنوادر واألخبار والحكايات واالستطرادات المتنوعة ولم تكن األحداث التي عرفتها إيالة الجزائر العثمانية غائبة عن مؤلفات العلماء سواء بإيعاز ذاتي في إطار تخليد وتمجيد البطوالت أو بإيعاز من الحكام كما حدث في فتح وهران الثاني ١٢٠٦ ه/ ١٧٩١ م الذي كان حدثا هام ا كل ف الباي محمد الكبير كاتبه الخاص ابن زرفة الد ح اوي بتسجيل وقائع الفتح والتي لخ صها في مؤلفه "الرحلة القمرية في السيرة المحمدية". واشتهر أبو رأس الناصري بتأليف العديد من المؤل فات معتمدا على النقل والرواية. ويعتبر كتاب "عجائب األسفار ولطائف األخبار"-وهو شرح وترجمة لقصيدة طويلة (١١٨ بيت ا) عنوانها "نفيسة الجمان في فتح ثغر وهران على يد المنصور بالله سيدي محمد بن عثمان" والتي وضعها وهو عائد من الحج وبلغته األخبار وهو (بجربة) التونسية واحتوى على جزئين- يعتبر (أي عجائب األسفار) مصدر ا أساسي ا فيما تعل ق بتأسيس المدن وأنساب القبائل ومراحل فتح وهران (١٣) وبإنجازات محم د الكبير. كما تحركت عواطف علماء آخرين فكتبوا يؤرخون للحدث ومنهم الفقيه "أحمد بن محمد بن علي ابن سحنون" صاحب "الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني" وهو عبارة عن أرجوزة في فتح وهران الثاني يدور محورها حول اإلشادة بفاتحها "محمد الكبير" لكنها احتوت على أحداث تاريخية من مصادر مختلفة سج ل روايات معاصريه مما جعله مؤرخ ا وكاتب ا ناقال لألحداث ملتزم ا الصدق والحقيقة. فالكتاب يعتبر مصدر ا حول حياة محمد الكبير وإنجازاته وحياة الحكام الذين سبقوه- مع تركيزه على ١٧
دراسات جهودهم في استرجاع وهران- وم ن المصادر األساسية عن الحياة الثقافية واالجتماعية لبايلك الغرب مع ذكر تاريخ وهران ومدينة (١٤) الجزائر. عرف محمد بن هطال بمصنفه "رحلة الباي محمد الكبير إلى الجنوب الصحراوي الذي خ ل د وقائع رحلة الباي على الجنوب الغربي وإخضاعها والحد من نفوذ الطريقة التيجانية وإن كان تسجيل الكثير من األحداث خالل الحملة أكسبها طابع الرحلة من خالل وصف سير المحلة باليوم والساعة وتقييد األماكن واآلبار والعيون وما تحص ل عليه الباي من غنائم وجباية الضرائب دون أن يهمل عالقة الرعية بسلطة البايليك بل قدم انتقاد ا لسياسة بعد انعزال ابن الحكام والجنود ضد السكان في جمع الضرائب. (١٥) ميمون عن المناصب الدينية بسبب الحاسدين من علماء المعاصرين له لجأ إلى التأليف واشتهر بمؤل فه الذي عنونه "التحفة المرضية في الدولة البكداشية" الذي ألفه في سيرة الداي "محمد بكداش" تقدير ا ومحبة له ورغبة في التقرب إليه مشيد ا بخصال ومحاسن بكداش وإرجاع نسبه إلى الن سب الشريف وغير ذلك من عبارات التعظيم والثناء المبالغ فيهما إضافة إلى احتواء تحفة ابن ميمون على مجموعة من المقامات ذات عناوين مستقلة والتي تحتوي معلومات تاريخية ذات أهمية عن أوضاع إيالة الجزائر مع مطلع القرن الثامن عشر أبرزها فتح وهران األول. هناك بعض تأليف التي ساعدت على رسم األوضاع االقتصادية والسياسية والثقافية التي عرفتها الجزائر العثمانية خالل الحكم العثماني وهناك مؤلفات عبارة عن تراجم لشخصيات سياسية وعلمائية مثل مؤلف "البستان" البن مريم و"منشور الهداية" البن الفكون. فكتاب منشور الهداية للفكون يضم معلومات هام ة تتصل بالحياة الثقافية واالجتماعية وبالحياة السياسية خالل القرنيين العاشر والحادي عشر الهجري الموافق السادس والسابع عشر لميالدي إذ نستطيع أن نقف على ما كتبه في هديته عن الواقع الثقافي والحياة الدينية من أخبار الكتاتيب والزوايا ونشاط العلماء ومراسالتهم وطرق التدريس والخناق الذي فرضته السلطة على العلماء كما ضم نه مجموعة من التراجم بلغت خمسة وسبعين شخصية قسنطينية من العلماء إال أن الهدف من كتابه كان هدف ا إصالحي. (١٦). ( ١٨) ويعتبر الحسين بن محمد الورتالني ( ١١٢٥ ه/ ١٧١٣ م) نموذج ا لهؤالء العلماء يذكر في رحلته التي انتهى من إمالئها ١١٦٢ ه تحت عنوان "نزهة األنظار في فضل علم التاريخ واألخبار" تعتبر الرحلة من المصادر األساسية التي ال يمكن االستغناء عنها في التعرف على أوضاع البلدان منه الجزائر في القرن الثاني عشر الهجري الموافق للقرن الثامن عشر سجل الوضع االقتصادي واالجتماعي ونقل صورة صادقة عن الوضع الثقافي خاصة ترجمة للعديد من األولياء والصالحين واألشراف فيذكرهم بالوقار والعلم والصالح (١٧ ( وإن كان قد سبقه الصباغ وابن مريم والبطيوي ويذكر كراماتهم وفي الصدد نفسه يأتي أبي سالم عبد الله بن محمد العياشي ( ١٠٩٠-١٠٣٧ ه) الذي ترك العديد من التصانيف منها في التصوف بعنوان "تنبيه ذوي لهمم العالية على الزهد في الدنيا واآلخرة" و"تحفة األخالء بأسانيد األجالء" وعبارة عن فهرسة لشيوخه وهي تشبه كتاب "فتح اإلله منته" ألبي رأس الناصري غير أن رحلته المعلونة "بماء الموائد" أو الرحلة العياشية من أبرز مصنفاته والتي وصف فيها طريق الحج المغربي المعروف بطريق الصحراء الشمالية عرضا األوضاع االقتصادية (الزراعة والصناعة) واالجتماعية (دراسة للمجتمعات من العادات والتقاليد والعمران واألوضاع الصحية) للمناطق التي مر بها إضافة إلى المعلومات عن األحداث الجغرافية والتاريخية واألماكن والمعارك واألبرز من ذلك تعتبر تعبير ا صادق ا عن األوضاع الثقافية للعصر بالحديث عن العلماء والفقهاء واألولياء والدراويش والزوايا والطرق الصوفية والمكتابات للقرن الحادي عشر الهجري السابع عشرا لميالدي (١٩) واإلجازات. وفي إطار أدب الرحلة والتاريخ دائما يأتي مصنف "لسان المقال في النبأ عن النسب والحسب والحال" والمعروف لعبد الرزاق ابن حمادوش الجزائري والتي جاءت في شكل مذكرة شخصية لما عايشه وشاهده من أحداث لفترة أربع سنوات (١١٥٦-١١٦١ ه/ ١٧٤٨-١٧٤٣ م) من حياته احتوت أخبار عن الجزائر والمغرب دون المشرق عكس الرحاالت األخرى تزخر على معلومات تاريخية واجتماعية وثقافية تميل إلى دقة الوصف والصدق والموضوعية يذكر األماكن والمعامالت عقودها وأحكامها األسعار والنقود المواسم واألعياد عالقة العلماء ببعضهم البعض ومجالسهم اإلجازات والشهادات كما ترك ابن حمادوش مصنف ا في علم النبات والتداوي باألعشاب المعروف "بكشف الرموز في بيان األعشاب" وينسب إليه رسالة صغيرة في وظائف واضطرابات الجهاز التناسلي تحت عنوان" تعديل المزاج بسبب قوانين العالج" ٢٠) (. وكذلك مؤلف "أنيس الغريب والمسافر في الطرائف والنوادر" لمسلم بن عبد القادر حول األحداث التي عرفها بايليك الغرب وأبرز باياته بداية من محمد الكبير نهاية بحسن بن موسى مع إبداء رأيه في تصرفاته اتجاه العلماء والرعية وله عدة تصانيف منها شرح في المفردات اللغوية "نظم الجواهر في سلك هل البصائر" والذي شرحه أبو رأس الناصري بطلب من صاحبه فوضع له عنوان مختصر بعنوان" أسماع األصم وشفا السقم في األمثال أما العطار فقد ابدى منذ صغره ولوعا بالتاريخ والحكم". (٢١) واألخبار فقد ترك عدة مؤلفات أبرزها "تاريخ قسنطينة" وإن كان المؤلف عرف بعناوين عديدة منها كتاب األخبار المبيتة الستيالء الترك على قسنطينة" أو "األخبار في تاريخ قسنطينة وفريدة منيسة في حال دخول الترك بلد قسنطينة واستيالءهم على أوطانها ومهم يكن يعتبر الكتاب من أوائل الكتب التي عالجت تاريخ قسنطينة بتفصيل وذكر أحداث لم يذكرها غيره من تاريخ ١٨
ت( دراسات أخر بايات قسنطينة أما مؤلفه "سنين القحط والمسبغة تعرض فيه لألوضاع االقتصادية وسنين القحط والغالء. وهناك مؤلفات تحدثت عن ثورات الشعبية مثل مؤلف: "درأ الشقاوة عن السادات درقاوة" للمشرفي "درأ الشقاوة في حروب درقاوة" ألبي رأس ومجاعات قسنطينة وتاريخ قسنطينة للعنتري. وعرف إسماعيل بن عودة بن الحاج المزاري البحثاوي بكتابه "طلوع سعد السعود" الذي وضعه عن تاريخ وهران وباياتها ومخزنها وعلماءها وأولياءها واستيالء األسبان عليها ومحولة األتراك استرجاعها وتطرق إلى ثورة الدرقاوية والتيجانية سياسة البايات ضد العلماء والسكان في أواخر الحكم العثماني. ثالث ا: االهتمام بالسياسة عرفت فترة الحكم العثماني بالجزائر أحداث ا تاريخية كثيرة منها أحداث داخلية وإقليمية ودولية لم يكن العلماء والمرابطون بعيدين عنها بحكم معاصرتهم ومعايشتهم لها فخ ص ص وا لها حيز ا من كتابتهم ومؤلفاتهم مما يدل على اهتمامهم بأوضاع البالد والعالم وأوضاع المسلمين خاصة وأوضاع غير المسلمين عامة. لقد اهتم علماء الجزائر العثمانية باألحداث والتطورات الداخلية والخارجية اهتم ابن سحنون بأخبار الثورة الفرنسية وكتب أبو رأس الناصري في أثر الحملة الفرنسية على مصر وعن الحركة الوهابية وكتب ابن العنابي عن إصالح الجند ودعا إلى أخذ بالنظم الغربية. رغم الشروط التي وضعها حكام الجزائر العثمانية للعلماء والمرابطين في القضايا السياسية وهي عدم تدخلهم في شؤون ٢٢) ( مع السياسة والحكم وحصر دورهم السياسي في تأييد السلطة فسح المجال الثقافي لهم في تولي المؤسسات الدينية منذ البداية رسم باشاوات الجزائر العثمانية عالقتهم والثقافية. (٢٣) بالعلماء ووضعوا الخطوط الحمراء على أنه رجل الحرب والسياسة وأن العلماء هم رجال العلم والقلم ال يجوز لهم التدخل في أمور الحرب والسياسة وإن تجاوزوا ذلك الحقتهم لعنته وسخطه. (٢٤) كان للعلماء دور سلبي في الحياة السياسية وشؤون الحكم إذ لم يكن لهم دور في انتخاب أو اختيار أو تنصيب حاكم الجزائر وباقي مجلس أعضاء حكومة الداي واقتصر دورهم في حضور اجتماعات الديوان بمناسبة مراسيم تعيين الحاكم الجديد إذ كان لألوجاق الدور الفعال في اختياره وتنصيبه وتحديد مصيره من خالل العزل أو االغتيال في حين كان العلماء والمرابطين ينتظرون انقشاع الضباب والرؤيا بعد ثورة األجواق على الباشا بقبول األمر الواقع بتقديم التبريكات والبيعة والوالء تجنبا لغضب (٢٥) الباشا أو الداي. ١/٣- انتقاد األوضاع الثقافية والدينية: ظهر علماء نجباء رفضوا الوضع القائم وحاولوا تحطيم أغالل الجمود والتقليد فهذا "يحي الشاوي" كان كثير االنتقاد ألهل عصره من العلماء بسبب جمودهم وتقليدهم ورفضهم لكل جديد أما الشيخ "محمد البوزيدي" حين انتصب للتدريس بجامع القصبة في قسنطينة في علم التوحيد قال «إن المقلد غير مؤمن وأن العامة مختلف في إيمانها» (٢٦ (. إذا كان الكثير من العلماء مجدوا األولياء وذكروا كراماتهم وكتبوا أقوالهم وأفعالهم من خالل مؤلفاتهم مثل ابن مريم في بستانيته واآلغا المزاري في طلع سعد السعود في المقابل انتقد آخرون تماما منهم الشيخ "عبد الكريم الفكون" الذي اتخذ من مؤلفه "منشور الهداية "سيف ا مشهر ا على أهل من ادعى الوالية والعلم من أهل الزندقة والبدع الدجالين بوجه خاص وجاء انقالب ا على األوضاع السائدة التي أصبح فيها الجهلة والمشعوذين أدعياء للعلم والعلماء أصبحوا في الدرجات الدنيا وبذلك يقول: "كل ذلك والقلب مني يتقطع غيرة على حزب الله العلماء أن ينتسب جماعة الجهلة المعاندين الضالين المضللين لهم أن يذكروا في معرضهم وغيرة على جانب السادة األولياء الصوفية أن تكون أراذل العامة وأنذال الحمقى المغرورين أن يتسموا بأسمائهم" ٢٧) (. لقد كان بعض أدعياء العلم والوالية من الدجالين الكذ ابين والمبتدعة الضالين المضل ين يعملون ليل نهار لالستيالء على أرزاق الناس بمختلف الحي ل ويذكر الفكون في هذا الصدد أحد هؤالء قاسم بن أم هانئ: «... أن هذا الرجل كان في ابتداء أمره ذا سمت حسن بأن جانب جبايا زواياهم يؤدون لهم األعشار والز كوات فكان ذلك الرجل مباعدا ألمورهم مشغوال عنهم بجعله لنفسه خلوة في أماكن يعدها ويواظب على الصلوات وعلى الصوم تناول طعام الش عير ولبس الغرارة والمرقع ة حتى أمال القلوب إليه وأصغى األذان نحوه وسبب ذلك أن رعاياهم امتدت إليها أيدي الل صوص فلم يبق لها بينهم حرم وصاروا يأخذونهم حيث ما وجدوهم إال أن يجعلوا غرامة عليهم للصوص وذلك بعد موت جده وشق العصا بجبال قرب نقاوس وخرجت إليه عساكر قواد قسنطينة وافت ضح أمره وهرب إلى بعض نواحيها سقطوا في. ( ٢٨) أعين الخاص والعام وصارت األع ين ترقبهم بما فعل والده» لكننا نجده أيض ا لم يخرج عن روح العصر الصوفي الذي طغى على ثقافة المجتمع بعلمائها فقد خصص فصال من الكتاب لمن عرفه من العلماء والصالحين الذين تأثر بهم ومن ذكر أحوالهم وصفاتهم ومناقبهم وفي مقدمتهم "عمر الوزان" وصفه بعدة أوصاف منها قوله: "شيخ الزمان". ٦٩٥ ه) الذي ومنها "العالم العارف بالله الرباني" ومنها "وله في طريق القوم اليد الطولى" ومنها "ويقال إنه دعوة الشيخ الصالح القطب الغوث أبي العباس أحمد زروق" ومنها " ثم يذكر عدد ا من كرامتهم (٢٩ ( ولإلشارة فهو ال ينكر أحوالهم وصفاتهم بل يشيد بها األمر الذي جعله يتناقض مع أطروحاته وأفكاره وهناك فصل خصصه لمن صب عليهم غضبه فنعتهم بكل أوصاف الجهل الهرطقة وجعلهم من المغضوب (٣٠ ( وطائفة حظيت باحترام وتقدير جعل منهم من رضي عليهم الله عنهم (٣١ ( فهو ينكر عن األولى من األوصاف والمناقب بينما ال ١٩
دراسات يجد حرج في نعتها ووصفها بالثانية يقول في هذا الصدد مثلما يذكر "كرامات األولياء مما يجب اإليمان بها ورؤية المالئكة (٣٢ ( ولكنه بالمقابل يعيب على الشيخ محمد ساسي البوني جائزة" أنه صار في "بلد بونة" "رئيس الباطن والظاهر" ووصفه " وينكر عليه أنه "ادعى مقام األكابر من األولياء" ثم يذكر أنه كان شاعر ا قد مأل شعره بعبارات "الحان والدنان " و"يزعم أنه شرب من كأس الصفوة" وأنه "جلس على بساط القرب" وأنه "عرج به إلى السماء (٣٣ ( وكل هذه وغيرها مما يتهم به وكشف له عن أحوال الملكوت" الفكون الشيخ البوني ويعتبر ذلك من البدع! ورغم محاولته اتخاذ العقل والحزم في التعامل مع األمور الغيب وإنكار ومحاربة من ادعى الكرامات والخوارق والشطحات الصوفية فإنه ال ينكرها على من يأتي بها أو يرويها عن نفسه وغيره إذا "كان بالمثابة المثلى من طريق أتباع السنة والمعرفة بالله والحق أبلج والباطل لجلج" (٣٤ ( إال أنه يبدو أنه أخفق في كل ما له عالقة بالتصوف والوالية والكرامة لكنه أنكر كل من مدعي لها أو ليس أهال لها. إن الصوفية الذين قصدهم الفكون هم المتصوفين الحقيقيين حيث خصهم بفصل في تأليفه «منشور الهداية» وليس المتصوفين الدجالين الخارجين وثوابت المجتمع حيث سماهم بأدعياء الوالية. - ٢/٣ مبعوثين ومفاوضين ووسطاء: الدين ملة عن لم يقتصر دور العلماء والمرابطين على الوساطة في األمور الداخلية بل تجاوزت مهامهم الحدود الخارجية كمبعوثين وسفراء وسياسيين في وقت السلم والحرب (٣٥ ( خاصة بين تونس والمغرب األقصى حيث الصراعات دائمة بينهما فكان للعلماء دور كبير في عملية الصلح بين الطرفين. كان أول السفراء "محمد بن علي الخروبي الطرابلسي" إلى المغرب األقصى ومن أشهر السفارات التي قام بها العلماء كسفراء ومبعوثين للسلطة العالمة "محمد بن محمود العنابي "٣٦ الذي كان عالم ا وفقيه ا ودبلوماسي ا ناجح ا (٣٧ ( حين فوض من قبل الداي "عمر باشا" ( ١٢٣٣-١٢٣١ ه/ ١٨١٧-١٨١٥ م) سفير ا في المغرب األقصى على إثر حملة (EX MAOTH) إكس موث ( ١٢٣٢ ه/ ١٨١٦ م) طالب ا العون العسكري من السلطان المغربي "موالي سليمان" لتجديد جيشه وأسطوله وقد أورد الزهار في مذكرته: «أن الباشا كتب إلى السلطان كتابا بعثه مع السيد الحاج محمد بن العنابي قاضي سادة الحنفية رسوال» (٣٨) وقد نجح في ذلك سفارته ولنفس السبب أرسله الداي في سفارة إلى استانبول ( ١٢٣٣ ه/ ١٨١٧ م). (٣٩) من أشهر العلماء الذين تولوا السفارة إلى جانب ابن العنابي "ابن هطال التلمساني" الذي تولى مناصب سياسية كثيرة في بايليك الغرب أيام الباي "محمد الكبير" حيث كان مستشاره وكاتبه الخاص ومبعوثا له وسفيرا له في المهمات الصعبة عندما بعثه ٤٠) ( محمال الباي رفقة "ابن سحنون" خالل استعداد لفتح وهران بالهدايا للسلطان المغربي من أجل السماح له بشراء األسلحة من بريطانيا وتوجها إلى مضيق جبل طارق حيث وجدا مائتي قنطار من البارود اشتراها الباي (٤١ (. وفي هذا اإلطار يقول ابن سحنون الراشيدي: «ثم وجه لملك المغرب هدية من قاضي محلته وكاتبه (٤٢) وهو األديب الماهر سيدنا أحمد بن هطال». كما كان هذا الصلح يتم بمباركة المرابطين ففي ( ١١٠٤ ه/ ١٦٩٢ م) عهد الداي "شعبان" أرسل جيشا لمواجهة جيش السلطان المغربي "موالي اسماعيل" عندما وصل مدينة فاس مما دفع السلطان المغربي لطلب األمان والعفو وأرسل ابنه "عبد الملك إلبرام الصلح الذي استقبل في الجزائر من قبل المرابطين قبل أن. ( ٤٣) يتوجه إلى الديوان ولما تم الصلح باركه المرابطون أما مع تونس فكان الصلح يتم بواسطة العلماء في كثير من األحوال فلما أراد الداي"علي باشا" ( ١٢٣٢-١٢٢٤ ه/ ١٨١٦-١٨٠٩ م) عقد الصلح مع تونس أرسل وفدا من بينهم الشيخ "علي بن النقير" الذين و ف ق وا ٤٤) ( ولعب مرابطوا في مهمتم. ( ٤٥) العالقات بين قسنطينة وتونس "بني ناصر" رابع ا: الدعوة إىل إصالح اجليش دور ا في استقرار كما عالج ابن العنابي قضية جوهرية وهي تعلم العلوم من الكفرة وما موقف شريعة اإلسالمية من ذلك وأن القضية أخذت جداال بين علماء العالم اإلسالمي عامة والجزائر خاصة ما حكم تعلم المسلم علوما من غير المسلمين من خالل كتابه "السعي المحمود" تطرق ابن العنابي إلى هذه المسألة مستدال بوقائع من التاريخ اإلسالمي ومن السيرة النبوية المطهرة خوصا ففي غزوة بدر أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين فردا من قريش فبدأ بأخذ الفدية منهم على قدر أموالهم واشترط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من ال يملك أمواال لفديته بأن يقوم بتعليم عشرة غلمان لقاء حريته بحكم أن أهل مكة يتقنون الكتابة عكس أهل المدينة كما روى زيد بن ثابت أن رسول الله () طلب منه تعلم اللغة السريانية لقراءة الرسائل الواردة منهم (٤٦) فتعلمها في سبعة عشر يوم ا. وانطالق ا من هذه الوقائع التاريخية رأى ابن العنابي ضرورة تعلم الفرد المسلم لما يجهله ولو من أفراد أو جماعات يناقضونه عقيدة وفكر ا فيقول في ذلك: «فإنه إذا جاز تعلم الكتابة منهم التي يتوسل بمعرفتها إلى كتابة كالم الله تعالى وتالوته وحفظه فاألولى غيرها كاألمور الحربية التي نحن في بيان االحتياج لجواز تعلمها منهم مع قيام الضرورة إلى ذلك ودلت األخبار الباقية على جواز تعلم ما اختص به الكفرة من معارفهم إذا توقف عليها أمر ديني... وعن هذا ومثله عد جمع من مشايخنا الحساب والطب في جملة العلوم المفروضة على سبيل الكفاية مع أنهما من علوم كفار الفالسفة» (٤٧.) لم يكتف العالم ابن العنابي بإظهار أخطار المشروع األوروبي االستعماري بل بين الطرق لمواجهة هذا المشروع حيث دعا إلى التقرب من األوروبيين دون استثناء ونادى بتقليد األوروبيين في مبتكراتهم وصنائعهم وأسلحتهم وفنونهم العسكرية «علم الخطب ٢٠
دراسات في تعريف نظامهم...فدعت ضرورة الحال على استعالم ذلك من قبلهم والتدرب على ما ألفوا من صنائعهم وحيلهم...»( ٤٨ ) بل دعا إلى فكرة التجديد رافضا االنغالق مؤكد ا ذلك بقوله: «إذا ابتدعوا من أدوات الحرب وصنائعه أمرا له موقع ال نؤمن من استطالتهم به علينا لزمنا بذل الوسع في تعلمه وإعداده لهم واالجتهاد في مجاوزتهم فيه» (٤٩ (. ويظهر أن ابن العنابي كان يحمل هموم األمة اإلسالمية ومتخوفا على مصيرها في ظل المشروع االستعماري األوروبي التوسعي ورغم موقفه العدائي منهم «خيب الله آمالهم! ( ٥٠) وأكذب ظنونهم! وأبطل أعمالهم!» وهذا الحرص وضع له تأليف سماه "السعي المحمود في نظام الجنود" ومنطلقا ومؤتمرا بأمر الله تعالى على إعداد العد لمواجهة أعداء اإلسالم في قوله تعالى و أ ع د وا ل ه م م ا اس ت ط ع ت م م ن ق و ة و م ن ر ب اط ال خ ي ل ت ر ه ب ون ب ه ع د و الل ه و ع د و ك م و ء اخ ر ين م ن د ون ه م ال ت ع ل م ون ه م الل ه ي ع ل م ه م و م ا ت ن ف ق وا م ن ش ي ء ف ي س ب يل الل ه ي و ف إ ل ي ك م و أ ن ت م ال ت ظ ل م ون. (٥١) إضافة إلى ظهور محمد ابن العنابي كعالم متفتح يريد اإلصالح ألمته من بعث روح النهضة في المجتمع الذي بدأ االنحطاط ينخر من جسمه ال بد عليه من تجديد نفسه ومسح غبار التخلف واألخذ بالنهضة من خالل التوفيق بين األصالة والمعاصرة وإن كان سابقه في هذا سبيل المفتي المالكي أحمد بن عمار فقد نادى بحرية الرأي وتوظيف اإلنسان لقدراته العقلية وعدم االكتراث من مخالفة السلف من األوائل من خالل االبتعاد عن التقليد بل انتهاج منطق التجديد (٥٢ (. خاماس : الموقف من الثورة الدرقاوية لقد أحدثت الثورة الدرقاوية اختالف ا في المواقف ووجهات النظر بين العلماء والمرابطين على غرار سياسة االستطفافات بين مؤيد للثورة يحسبون ضد السلطة وجانب رافض وناقم على الثورة يقف في صف السلطة ومنهم موقف الشيخ "أبي رأس" من الثورة الدرقاوة ( 1217 ه/ ١٨٠٢ م) الذي كان موالي ا لألتراك العثمانيين ومعادي ا ناقم ا على ثورة الدرقاوة التي اعتبرها فئة باغية ظالمة أفسدت في األرض ولم تراع حرمة وال مقدسات وخصها بمؤلف" درأ الشقاوة في حروب درقاوة" وعلى أنها ساهمت في حركة الجمود الفكري والركود الثقافي قال عنها في سيرته فتح اإلله ومنته: «وقد خبطتنا فتنة لم نكن فيها أتقياء بررة وال أقوياء فجرة مع ما داهمنا من الطاعون الذي تهرب منه الواعون فاتصلت علينا أواصر النكبات والبليات من الخوف والورع الذي في الفؤاد مودع» (٥٣ (. رغم أنه كان من ضحاياها إذ أتهم من قبل خصومه بالوقوف إلى جانبها مما أضطره إلى الهروب يشاطره في ذلك كل من الزياني محمد ابن يوسف ومسلم بن عبد القادر ومحمد الصالح العنتري وابن فكون الذي وقف مع السلطة العثمانية ضد ثورة ابن األحرش وقفت جماعة من العلماء إلى جانب الثورة الدرقاوية وأيدها منهم العربي المشرفي الذي اعتبرها ثورة ضد الظلم والسياسة التي مارسها العثمانيين ضد العلماء والسكان ويظهر ذلك في ما ورد في كتابه كما "الذخيرة" حين قال: «وفي حدود العشرين من قرننا هذا ثار عليهم درقاوة أهل النظافة والنقاوة» خصها بتأليف مهم سماه: "درأ الشقاوة عن السادات (٥٤ ( والمؤلفين المذكورين يبن مدى تباين في مواقف بين درقاوة" العلماء من السلطة والثورة إضافة إلى الزبوشي وابن بركات. اسداس : االهتمام باجلهاد العسكري كان العلماء في مقدمة من وقف خطر االحتالل االسباني وعلى الخصوص المرابطين خاصة بعد ال تف ات األهالي حولهم باعتبارهم السلطة القوية والقادرة على حمايتهم والدفاع عنهم أمام فشل السلطة السياسية آنذاك. فالزوايا والطرق الصوفية كانت قادرة على إثارة الحماس وتجنيد األتباع وتنظيم المقاومة كان العلماء باسم الجهاد في سبيل الله ضد التواجد االسباني. (٥٥) والمرابطون "الحزب الديني" ( ٥٦) المنادي بالجهاد باستمرار فالحمالت المسيحية المتكررة على السواحل الجزائرية جعلت العلماء وعلى الدوام يقومون بدور رئيسي في مواجهة االحتالل الصليبي ورد العدوان الخارجي من خالل تجنيد السكان المحليين وحث هم على حمل السالح أو من خالل أعمال التعبئة التي تتطلبها الحروب والمواجهات العسكرية عبر الفتاوى التي تدعو إلى جهاد الكفار الصليبيين وتحرير األرض المغتصبة. ولم تقتصر دعوة العلماء على الجهاد والحث عليه بقصائدهم بل هناك علماء شاركوا بأنفسهم أومن خالل أتباعهم أو مريديهم في الدفاع عن البالد (٥٧ ) وعلى أن يكونوا في الصفوف األمامية أفرد ا أو جماعات مع تذكير الحكام وتشجيعهم على الجهاد وهذا من خالل شعر "االستصراخ". وهذا ما ساعد على ظهور العلماء المجاهدين فلم تقتصر أعمالهم على العبادة والزهد فقط ولكنها تعدت ذلك إلى الجهاد في سبيل الله ومنهم من اختار الرباط للظفر بالشهادة باعتباره الطريق األسرع والمضمون إلى الجنة فقد ورد عن المدني أن "أبا عبد الله محمد الموفق التلمساني" كان أكثر الناس حرص ا على الظفر بالشهادة (٥٨ ( ونجد هذه االزدواجية متمثلة في وجود مصلى بجانب الرباط تقابله حجرات صغيرة بغير نوافذ يرابط فيها الجنود الصوفية. (٥٩) رغ ب علماء الجزائر العثمانية في إقامة الرباطات والمشاركة فيها واستدل وا على ذلك باآليات القرآنية واألحاديث الن بوية: قال الله تعالى ي أ ي ه ا ال ذ ين ء ام ن وا اص ب ر وا وص اب ر وا و ر ب ط وا و ات ق وا الل ه (٦٠ ( وقال مصطفى صلى الله عليه وسلم: «رباط ل ع ل ك م ت ف ل ح ون. ( ٦١) يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه» وقال أيض ا: «كل مي ت يختم على عمله إال المرابط فإنه ينمو عمله إلى يوم القيامة األمر الذي ساعد على ظهور الرباطات ويؤمن من فتان القبر". (٦٢) والتي يعرفها الدكتور بلبروات على: «أن الرباط عبارة عن بيوتات االعتكاف والعبادة وتعليم الشريعة والشيوخ والطلبة يتعلمون ٢١
دراسات وإذا كان الرباط على الثغور فإن أهم أهداف الطلبة فيه... المرابطين هو التسلح الروحي لمجاهدة العدو والرباط ال يخضع ألي طريقة بعينها إال أنه متفتح في كثير من األحوال على التعاليم (٦٣ ( وقد اشتهرت إيالة الجزائر بالرباطات وأشهرها رباط الصوفية» وهران بالخصوص من اجل تضييق الخناق على العدو األسباني. شارك في هذا الرباط عدة علماء منهم طاهر بن حواء ومحمد المصطفى بن زرفة ومحمد بن علي بن الشارف المازوني ووالده ٦٤) ( في حين كان الطلبة جنودا حيث كانوا يدرسون ويحاربون. ( ٦٥) وعلماء في آن واحد "الفرق بين الصوفي العابد "عبد بن المبارك يبين الصوفي والصوفي المرابط: ي ا ع اب د الح ر م ين ل و أ ب ص ر ت ن ا ف ن ح ور ن ا ب د م ائ ن ا ت ت خ ض ب ل ع ل مت أ ن ك ف ي الع ب اد ة ت ل ع ب ف خ ي ول ن ا ي و م الص ب يح ة ت ت ع ب أ و ك ان ي ت ع ب خ ي ل ه ف ي ب اط ل ر يح الع ب ير ل ك م ن ح ن ع ب ير ن ا ر ه ج الس ن اب ك و الغ ب ار األ ط ي ب و ل ق د أ ت ان ا م ن م ق ال ن ب ي ن ا ق و ل ص ح يح ص اد ق ال ي كذ ب ا نف ام ر ئ و د خ ان ن ار ت ل ه ب ال ي س ت و ى غ ب ار خ ي ل الل ه ف ي ل ي س الش ه يد ب م ي ت ال ي كذ ب ه ذ ا ك ت اب الل ه ي ن ط ق ب ين ن ا الر ب اط ل لت ع ب د و الج ه اد ف ي س ب يل الل ه (٦٦) ي ا ك ل ع ال م ي ا م ع ش ر األ ت ر اك أ وهذا "ابن سحنون" له أبيات في هذا األمر: و ام ر ل ي ح اف ظ األ و ك ل و (٧٠) ف ك يف ب أر ض الش ر ك و ه ي م ن از ل ب د ا ح س ن ه ا ع ن سا ك ين ه ا و ش وم ها (٧١) ف ال ت ره ب وا م ن م ان ع ات ح ص ون ه ا ف ف ي ع ز م ه ا م ا ت ق او م ر وم ه ا وكذلك العالمة سيدي "محمد عبد المؤمن" يستصرخ الداي "حسن الشريف باشا" على تحرير وهران" األول: أ ن ز ل ب ه ا ال ت ق ص د ن س و اه ا ن اد ت ك و ه ر ان ف ل ب ن د اه ا و اها واستصرخ ب د ف ي نه ا األ و أ ح ل ل ب ه اتي ك األب اط يح و الر ب ى واستدع ط ائ ف ة الع س اك ر ن ح و ه ا م س ت ص ح ب ين ل و اء ك الم ن صور إ ذ ي غ ز ون ه ا و ل ي ن ز ل وا ب فن اه ا ي ل ق اه م الف ت ح الم ب ين و ج اه ا ص ر خ ت ب د ع و ت ك الع ل ي ة ف إ س ت ج ب ل ن د ائ ه ا و ل ت ك م ل ن م ن اه ا ح اش اك أ ن ت ف ن ى ح ش اش ت ه ا و ق د ق ص ر ت ع ل ي ك ر ج اه ا و ن د اء ه ا ح ت ى استباحوا أ ر ض ه ا و ح م اه ا ق د ط ال م ا ع ب ث ت ب ه ا أ ي د ي الع د ا أ ع ج وب ة ل م ن اغ ت د ى ي رع اه ا و ت ص ر ف وا ف ي الم س ل م ين ف أ ص ب ح ت أ ض ح ى الص ل يب م ؤ ي د ا و الد ين ق د د رس ت م ع الم ه ف ل س ت ت ر اه ا ذ ان و غ ي ر وا م ع ن اه ا ب د ل األ ج ع ل وا ب ه ا الن اق و س ف ي أ و ق ات ه م ك م م ن ف ق ير ح ل ف ي م ث و اه ا ك م م ن أ س ير ح و ل ه ا ال ي ف ت د ى (٧٢) واد ع الغ ز اة ل ف ت ح ه ا م س ت ن ج د ا و ان ه ض إ ل ي ه ا و ان ز ل ن م ر س اه ا وفي رباط وهران تجل ت روح المقاومة والفداء في صفوف الطلبة والعلماء من مختلف مدارس المنطقة وزواياها المنتشرة نواحي غريس" (٦٧ (. وكان من أكبر العلماء المحرضين على الجهاد الشاعر ابن عبد الله محمد الملقب "ابن آقوجيل" الذي خاطب "الداي أحمد باشا"( ١٦٩٨-١٦٩٥ م) وحثه على استئناف الجهاد والقتال جاء فيها: و ل ت ف ت ن ح و ى الج ه اد ب ق و ة و الك فر اق ط ع أ ص ل ه ب ذ ك ور ت ل ك الج و ار ي ف ي ع ب اب ب ح ور ج ه ز ج ي وش ا ك األ س ود و س ر ح ن ت ق ل ع و ال ت م ه ل ه م ب ف ت و ر أ ض ر م ع ل ى الك ف ار ن ار الح ر ب ال و ب ق ر ب ن ا و ه ر ان ض رس م ؤ ل م س ه ل اق تال ع ف ي اع ت ن اء ي س ير س ير س ر ة و أ ك م ق د أ ذ ت م ن م س ل م ين و م ا س ب ت م ن ه م ب ق ه ر أ ف ان ه ض ب ع ز م ك ن حو ه ا م س ت ن ص ر ا ب الل ه ف ي ج د و ف ي ت ش م ي ر ل لس ب ق ت حت ل وائ ك الم ن ص ور ب ع س اك ر م ث ل الس ي ول ت ز اح م ت وق د ت ب ز ف ير ن ار الم ك اح ل أ أ و ك الس ح اب ب ر وق ه و ر ع ود ه ب اد ر ب ن ا ن غ ز و الع د و و سار ع ن ف ي ح س م ش و ك ت ه م و ف ي الت د ب ي ر و أ م ر ج ي وش ك ب ال ت ه اب ل ل ع د ا و الح زم ح ر ض ع زم ه م ب ن ف ير اق ص د ب ال د الك ف ر ش ت ت ش م ل ه ا خ رب ب ه ا م ا ك ان م ن م ع م ور (٦٨) اق ت ل ه م ق ت اال ذ ر يع ا و ات ر ك ن أ ش ال ء ه م م ر ع ى ل ط ع م ن س و ر فهذا محمد آقوجيل يحرض العثمانيين على إنقاذ وهران: ف م ا ل ب ني ع ث م ان ف ي س ن ة الو ن ا و و ه ر ان ت زه و ن ح و ه ب الم ر اغ م و ي ا م ع ش ر األ ت ر اك م ا ب ال س ع ي ك م أ ش ر طه ا ه ذ ه الع ال ئ م (٦٩) وهذا الشاعر أبو العباس أحمد أبي عبد الله يستصرخ إلنقاذ وهران: ولم تقتصر العملية على التحريض على الجهاد ورفع الهمم بل امتدت إلى مشاركة العلماء في العملية الجهادية تصدر العلماء جيش الطلبة وكانوا يتقدمون الصفوف ويوجهون المعارك شارك العالمة المالكي عبد القادر بن عبد الله المشرفي في الهجوم على وهران سنة ( ١١٢٠ ه/ ١٧٠٨ م).( ٧٣ ) فأستشهد منهم الكثير يتقدمهم القاضي ( ١٢٠٦ ه/ ١٧٩١ م) "الطاهر بن حواء"...» في أول ليلة من جمادي األولى فقدت بفقده محاسن األخالق وعدم معه الحياء من أمثاله على اإلطالق وذهب الوفاء واإلنصاف ولم يبق أحد مثله مصاف وبكته العيون الجامدة والقرائح الخامدة رحمه الله واسكنه (٧٤) فسيح جنانه». كما شرك "أحمد بن سحنون الراشدي" إلى جانب الباي "مصطفى بن يوسف بوشالغم" في الهجوم على وهران أثناء عملية تحريرها األولى عام ( ١١٢٠ ه/ ١٧٠٨ م) وسجل كل خطوات الفتح بأحداثها ووقائعها ودونها في ومما قاله في كتابه «الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني» (٧٥) الجهاد سنورد أبياتا شعرية له: ب ه م ل ة الم خ ت ا ر ص ح س ق يم ه ا م ر ال جه اد ف إ ن ه أ ال ت ذ ك ر وا أ ب ه ك ث ر ت أ ح ز ان ه ا و ه م وم ه ا م تى ت ر ك ه الم س ل م ون ت ه او ن ا و م ن م ات ف ي ت ل ك الم و اط ن م ن ك م ف ج ن ة ع د ن د ار ه أ و ن ع يم ه ا (٧٦) ب ه ذ ا أم ين الل ه ن ب ه ع ز م ه ل و ه ر ان ك ي ت نك ى ع ل ي ه ا ك ل وم ا إن وقوف الشيخ والولي الصالح سيدي "لخضر األكحل بن خلوف" مداح النبي إلى جانب العثمانيين في مقاومة األسبان ٢٢
دراسات خالل حملتهم الثالثة الكبيرة على مستغانم حين حاول الكونت دالكادوت" Dalcadote) (Conte اغتنام فرصة االضطرابات التي عرفتها الجزائر وانهزام حسن باشا في المغرب األقصى في رجب (٧٧ ( فشن حملة كبيرة على مستغانم والوقوف ( ٩٦٥ ه/ أفريل ١٥٥٧ م) إلى جانب الباشا "حسن باشا" وخاصة في معركة مزغران ٩٦٥ ه في المواقف األمامية للمعركة والتي قال فيها: ي ا س ي ل ن ي ع ن ط ر د الر وم ق ص ة م از غ ر ان م ع ل وم ة بينما القصيدة تعبير عن إشادة واعتراف ضمني بالعثمانيين ودورهم الجهادي في تحرير األرض من اإلسبان لذا اعتبر معركة مزغران ثأرا لألندلس( ٧٨ ). ولدورهم طالئعي في مواجهة اإلسبان خالل أشرك الباي محمد الكبير العلماء في حربه ضد اإلسبان وجعلهم في طليعة قواته وتشجيهم على الرباط على الثغور في الرباطات حول وهران يجهدون ويدرسون لزيادة الخناق والحصار على العدو. (٧٩) إلى جانب السيف والقلم في مواجهة العدو الخارجي كان للعلماء جبهة ثالثة وهي مواجهة القبائل المتعاملة مع النصارى المسيحيين في وصفهم بالزنادقة وضرورة الت برء ب ع ض (ج) منهم ومن أعمالهم مستندين في فتواهم إلى قوله تعالى: ي أ ي ه ا و ل ي ا ء ال ذ ين ء ام ن وا ال ت ت خ ذ وا ال ي ه ود والن ص ار ى أ و ل ي اء ب ع ض ه م أ إ ن الل ه ال ي ه دى ال ق و م و م ن ي ت و ل ه م م ن ك م ف إ ن ه م ن ه م (قلى) الظ ال م ين (٨٠ ( وقوله تعالى ال ت ج د ق و م ا ي ؤ م ن ون ب الل ه و ال ي و م و و أ ب ن اء ه م أ اآل خ ر ي و اد ون م ن ح اد الل ه و ر س ول ه و ل و ك ان وا آب اء ه م أ ي د ه م ب ر وح إ خ و ان ه م أ و ع ش ير ت ه م أ ول ئ ك ك ت ب ف ي ق ل وب ه م اإل يم ان و أ ي م ن ه و ي د خ ل ه م ج ن ات ت ج ر ي م ن ت ح ت ه ا األ ن ه ار خ ال د ين ف يه ا ر ض ال إ ن ح ز ب الل ه ه م الل ه ع ن ه م و ر ض وا ع ن ه أ ول ئ ك ح ز ب الل ه أ ال م ف ل ح ون. (٨١) تبلورت فكرة المقاومة التي قادها العلماء ورجال الصوفية في الجزائر من خالل "اللعن والدعوة بالشر" على كل المتعاونين مع الصليبيين األسبان كقبائل بني عامر سواء تعلق األمر بجلب األخبار لهم أو مدهم بما يحتاجونه من تبن وحشيش ولبن وخيل مثلما فعل الشيخ العالم الصوفي سيدي "أحمد الحلفاوي" والعالم "عبد القادر المشرفي" ضد أعراب قبائل قيزة الونازرة وأوالد علي من خالل فتواه «أخزاهم الله ولعنهم وأخلى األرض منهم وصيرهم حطبا لجهنم» (٨٢ (. وإلى جانب الدعوة بالشر واللعن للمتعاونين مع الصليبيين لجأ العلماء إلى النصح والمعايرة والحط من قيمة المتعاملين مع اإلسبان في سبيل النهي عن هذه األعمال اآلثمة وكذلك فعل العالمة أبي عثمان سيدي "سعيد قدورة" من خالل قصيدته الموجهة لقبيلة بني عامر. و ال س ي م ا م ن ق د ث وى ت ح ت ك اف ر ف م ن م ب ل غ ع ن ي ق ب ائ ل ع ام ر م ر الخ ن از ير ل د ى الل ه ف ي و ه ر ان أ أ ن اش د ك م ب الله م ا ع ذ ر ك ل ك م أ ذ ل ك م الل ه ك يف ر ض ي ت م ب س ب ب ي الع ذ ار ى م ن ب ن ات األ ك اب ر ف ص رت م م ن ج ور الب غ اة ك أ ن ك م ي ه ود الج ز ائ ر ت ع ط ون ه ا ف ي األ ص اغ ر (83) ولم تقتصر مهمة العلماء إلى التصدي للهجمات الصليبية بل كان لهم دور في الوعظ ونشر اإلسالم بين المسيحيين األسرى الذين تمك نت البحرية الجزائرية من أسرهم خالل الجهاد البحري حيث كان يتم توزيعهم على العائالت اإلسالمية انتظارا لفديتهم وكان الكثير من هؤالء األسرى يعتنق اإلسالم بفضل دور العلماء ورجال الصوفية إما بتحريرهم أو اقتناعهم بمبادئ اإلسالم ٨٤) ( وقد وحسن معاملة المسلمين لهم عرفوا بالمرتدين في الدول األوروبية مع العلم أن الكثير من حكام الجزائر العثمانية كانوا من األعالج الذين أسلموا مثل: ميزوموتو ومراد رايس. أما في بايليك الغرب الذي كان معقل المر ابطة ضد اإلسبان قبل تحرير وهران فكانت القبائل والعائالت المرابطية في مقدمة الرباطات تحمل لواء الجهاد والتحرير مثل عائلة "أو العربي" التي (٨٥ ( من خالل تجنيدها للسكان للجهاد رعت لواء الجهاد والنصر وتحويل زواياها إلى مراكز للمجاهدين واإلطعام والتدريب وبعد نهاية تحرير ثاني لوهران وعودتهم إلى نشاطهم التعليمي واإلصالحي لم تنقطع صلتهم بالسكان بل تعزز نشاطهم بسبب تحولهم إلى قوة فكرية ومالية وعسكرية. يبدو أن الجهاد والمرابطة لم يكن يمثل فقط مشروع ا ديني ا ومشروع ا تحريري ا بل أيض ا كان يحمل قيم ا إنسانية من خالل حسن التعامل مع األسرى المسيحيين وترغيبهم في اعتناق اإلسالم مع العمل على تحرير األسرى المسلمين من قيود العبودية والرق. خ امت ة يمكن أن نخرج اآلن بمجموعة من االستنتاجات: إن ظهور العلماء في الجزائر العثمانية كطبقة مميزة لدى الحاكم والمحكوم لم يكن حالة استثنائية لما تمتع به العلماء من حظوة ومكانة في العالم اإلسالمي في ظل الفراغ الثقافي للسلطة المركزية. وقد ساهمت األوضاع السياسية منذ القرن التاسع الهجري الموافق للقرن الخامس عشر ميالدي في ظهور حركة التصوف والمتصوفين وانتشار الزوايا والطرق الصوفية التي توسعت بشكل مفاجئ خالل القرن العاشر الهجري وقادت المقاومة ضد الغزو اإليبري من خالل الزوايا بالريف وتحولت إلى رباطات يشرف عليها المرابطون الذين كانوا في الصفوف األمامية للمقاومة ي له ب ون حماس الناس والطلبة إلى الجهاد في سبيل الله بل ويتحالفون مع العثمانيين من أجل ذلك. واضطلعت جمهرة العلماء بمهام وأعمال مهما اختلف فيها المؤرخون والباحثون إال أنها كانت موجودة من إنجازاتها الثقافية واألدبية والجهادية. ومن الصعب أن يتم تحديد عدد العلماء في نيابة الجزائر وتحديد نوع ثقافتهم وذكر وظائفهم ألن العلماء ال وطن لهم من حيث المبدأ والعالم اإلسالمي رقعة واحدة مما عرف حركة وهجرة واسعة للعلماء من وإلى الجزائر. إن تكوين العلماء الثقافي ديني ا صوفي ا يعتمد على ما تركه السابقون من متون وعلوم نقلية عمل بها حتى العلماء العاملين ٢٣
دراسات والفقهاء حيث عطلوا العقل وقلدوا األولين وهو تكوين وثقافة عرفت باالنحطاط الثقافي والجمود الفكري الذي ميز العالم اإلسالمي وليس الجزائر وحدها إضافة إلى مساهمة الحكام العثمانيين في هذا الوضع إذ كانوا بعيدين كل البعد عن الثقافة حيث ساعدت سياستهم على هذا االنحطاط بسبب غياب مشروع ثقافي حقيقي لهم. ومع ذلك كله برزت نخبة من العلماء التي تجاوزت مكانتها ساحة المحلية بل امتدت إلى العالم اإلسالمي من خالل إسهاماتها الدينية واألدبية والثقافية والتاريخية رغم ظروف العصر معتمدة على مجهودها الفردي وتكريس حياتها للعلم واالجتهاد. لقد اتخذ الجهاد في الجزائر العثمانية مشروع دينيا مقدسا بتزعم العلماء له من خالل دعوتهم وقيادتهم له مما جعله يحتل أولوية واهتمام المجتمع بكل شرائحه حاكم ا ومحكوم ا األمر الذي ساعد على استعادة وتحرير كل األراضي المحتلة والمغتصبة. عرفت إيالة الجزائر فترة هدوء واستقرار في مراحلها األولى بفضل اعتمادها على العلماء والمرابطين في توطيد العالقة مع السكان إال أن هذا التحالف سرعان ما طرأ عليه تغيرات حالت دون استمرار هذه العالقة بين الحكام والعلماء مع اتساع الهوة بين الجانبين سنحاول التطرق إليها بالتفصيل في الفصل الثالث من خالل التطرق إلى عوامل التقارب بين الطرفين ومظاهره وأشكاله ونتائج هذا التقارب. ثم ن عرج على عوامل القطيعة بين الحكام والعلماء خاصة في الريف ومظاهر القطيعة ونتائجها على السلطة والعلماء. اله وام ش (١) أبو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى : الرابع عشر الهجري ( ٢٠-١٦ م) ط ٢ مؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ١٩٨٥ الجزء األول ص ٣٢٦ ٣٢٧. (٢) المرجع نفسه ص ٣٨٥. (٣) المرجع نفسه ص ٤٠٣. (٤) المرجع نفسه ص ٣٢٦. ٣٢٥ (٥) حسين بن أحمد الورتالني نزهة األنظار في فضل علم التاريخ واألخبار "الرحلة الورتالنية" تصحيح ونشر: محمد بن شنب مطبعة بيير فونتانا الشرقي الجزائر ١٩٥٨ م ص ١٨. (٦) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٦٣-٣٨٦. (٧) أبو رأس الناصري محمد عجائب األسفار ولطائف األخبار تقديم (٨) (٩) وتحقيق: محمد غالم مركز الوطني للبحث في االنثروبولوجيا االجتماعية والثقافية وهران ٢٠٠٥ ص ٢١-٢٢. أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٧٧ ٣٧٦ و ٣٨٥. عبد الكريم الفكون منشور الهداية في حال من أدعى العلم والوالية ط ١ تقديم وتحقيق وتعليق: أبو القاسم أبو القاسم سعد الله دار الغرب اإلسالمي ١٩٨٧ ص ٤٤. (١٠) ابن سحنون الراشيدي الثغر الجماني في ابتسام الثغر الوهراني تحقيق وتقديم: البوعبدلي المهدي منشورات وزارة التعليم األصلي والشؤون الدينية مطبعة البعث قسنطينة ١٩٧٣ م ص ١٤٦. - ابن هطال أحمد التلمساني رحلة الباي محمد الكبير إلى الجنوب الصحراوي تحقيق: محمد بن عبد الكريم ط 1 عالم الكتب القاهرة 1969 ص ٢٦. (١١) المهدي بوعبدلي "المراكز الثقافية وخزائن الكتب بالجزائر عبر التاريخ" مجلة األصالة عدد ١١ الجزائر سنة ١٩٧٢ ص ٩٤. (١٢) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٩٤. (١٣) ناصر الدين سعيدوني من التراث التاريخي والجغرافي للغرب اإلسالمي دار الطبع الغرب اإلسالمي بيروت ٢٠٠١ ص ٤٦٤-٤٦٢. (١٤) المرجع نفسه ص ٤٤٢-٤٣٩.- للمزيد من االطالع انظر: ابن سحنون الرشيدي المصدر السابق. (١٥) انظر: ابن هطال التلمساني المصدر السابق.- بن عتو بلبروات الباي محمد الكبير ومشروعه الحضاري جامعة وهران ٢٠٠٢. (١٦) العياشي محمد بن عبد الله (١٧) ١٧٧٩-١٧٩٧) رسالة ماجستير الرحلة العياشية ١٦٦٣-١٦٦١ م ط ١ تحقيق وتقديم: سعيد الفضلي وسليمان القرشي دار السويدي للنشر والتوزيع اإلمارات العربية المتحدة ٢٠٠٦ ج ١ ص ١٣ ١٤. - ناصر الدين سعيدوني المرجع السابق ص ٣٥٤ ٣٥٥. أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٤٨٥ ٤٨٤. (١٨) المرجع نفسه ص ٤٨٢ ٤٨٣. (١٩) ناصر الدين سعيدوني المرجع السابق ص ٣٧٦-٣٧٩. (٢٠) (٢١) المرجع نفسه ٤٣٢-٤٤٣. المرجع نفسه ص ٤٧٠ ٤٧١. (٢٢) كورين شوفاليه الثالثون سنة األولى لقيام دولة مدينة الجزائر (١٥١٠ ١٥٤١) ترجمة: جمال حمادنة د.م.ج الجزائر ٢٠٠٧ ص ٨٦. (23) Pierre Boyer, "Contribution à l étude de la politique religieuse des Turcs dans la régenced Alger 16éme 19éme siècle" in R.O.M.M, n 1, 1966, P.28. (٢٤) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٤١٦ ٤١٧. ٢٤
دراسات (٥٩) عبد المنعم الحفني المرجع السابق ص ٧٦٠. (٦٠) القرآن الكريم سورة آل عمران اآلية ٢٠٠ برواية حفص. (٦١) اختصار صحيح البخاري نسخ وضبط وتعليق أحمد فارس السلوم تقديم عبد الوهاب ابن عبد العزيز الزيد دار التوحيد ودار أهل السنة الرياض ١٤٢٩ ه ج ٣ ص ١. (٦٢) سليمان األزدي أبي داود سنن أبي داود تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد المكتبة العصرية بيروت الجزء الثالث ص ٩. (٦٣) بن عتو بلبروات الباي محمد الكبير ومشروعه الحضاري ١٧٧٩- (٢٥) المرجع نفسه ص ٣٩٥. (٢٦) المرجع نفسه ص ٤٥٨. (٢٧) الفكون المصدر السابق ص ٣٢. (٢٨) المصدر نفسه ص ١١٨. (٢٩) المصدر نفسه ص ٣٧-٣٥. (٣٠) المصدر نفسه ص ١١٧. (٣١) المصدر نفسه ص ٣٥. (٣٢) المصدر نفسه ص ١٤٦. ١٧٩٧) رسالة ماجستير جامعة وهران ٢٠٠٢ ص ٣٢٨-٣٢٩. (٣٣) المصدر نفسه ص ١٦٥-١٦٤. (٣٤) المصدر نفسه ص ١٤٧. (35) Kamel Fillali, "Sainteté maraboutique et mysticisme, contribution à l étude du movement maraboutique en Algérie sous la domination ottomane" in Insanyyat n 3, 1997, p127. (٣٦) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٤٠٤. (٣٧) أبو القاسم سعد الله "المفتي الجزائري المصري العنابي وكتابه سعي المحمود في نظام الجنود" مجلة األصالة العدد ١٩٧٦ ٣١ ص ٢٣. (٣٨) الشريف الزهار الحاج أحمد مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار - نقيب أشراف- تحقيق وتقديم: أحمد توفيق المدني ط ٢ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ١٩٨٠ ص تاريخ الجزائر الثقافي ج ١ المرجع السابق ص ٤٠٥. ١٢٧.- أبو القاسم سعد الله (٣٩) أبو القاسم سعد الله المرجع نفسه ص ٤٠٥. وراجع أيض ا: Tachrifat, Recueil de notes historique sur l'administration de l'ancienne régence d'alger, publié par Devoulx. A, imprimerie du gouvernement, Alger, 1852, P.78. (٤٠) أبو القاسم سعد الله أبحاث وأراء في تاريخ الجزائر ط ٣ دار الغرب اإلسالمي بيروت 1990 الجزء األول ص ٣٥٨. (٤١) المرجع نفسه ج ٣ ص ١٩٨. (٤٢) ابن سحنون الراشيدي المصدر السابق ص ٢٧٤.- ابن هطال التلمساني المصدذر السابق ص ١٥ ١٦. (43) Kamel Fillali, Op.cit, P.127. (٤٤) الزهار المصدر السابق ص ١٣٨. (45) Leila Babes, Saints Tribus et pouvoir politique dans le constantinois sous la domination turque, université d'oran, S.D, P.18. (٤٦) محمد بن محمود ابن العنابي السعي المحمود في نظام الجنود تحقيق محمد بن عبد الكريم م.و.ك الجزائر ١٩٨٣ ص ١٩٥. (٤٧) المصدر نفسه ص ١٩٦ ١٩٧. (٤٨) المصدر نفسه ص ٦٤. (٤٩) المصدر نفسه ص ٢٠٣. (٥٠) المصدر نفسه ص ٤٩. (٥١) القرآن الكريم سورة األنفال اآلية ٦٠ برواية حفص. (٥٢) أبو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي ج ١ المرجع السابق ص ٤٦٠. (٥٣) أبو راس الناصري المصدر السابق ص ٢٤. (٥٤) العربي المشرفي الذخيرة مخطوط بمكتبة بلدية معسكر ص ١٧. (٥٥) ناصر الدين سعيدوني والمهدي بوعبدلي المرجع السابق ص ٣٨. (٦٤) ابن سحنون الرشيدي المصدر السابق ص ٢٣٣.- أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٢٧٢. (٦٥) أبو القاسم سعد الله المرجع نفسه ص ٢٧٢. (٦٦) المرجع نفسه ص ٢٧٢. (٦٧) عدة بن داهة "النزعة الجهادية لطلبة العلم وحملة القرآن الكريم في منطقة معسكر خالل العهد العثماني" مجلة المواقف العدد (٣) جامعة معسكر ٢٠٠٨ ص ٨٧. (٦٨) ابن ميمون الجزائري التحفة المرضية والدولة البكداشية في بالد الجزائر المحمية تقديم وتحقيق: محمد بن عبد الكريم الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ١٩٨١ ص ٢٠٥.- جمال قنان نصوص ووثائق في تاريخ الجزائر (١٥٠٠ ١٨٣٠ م) مؤسسة الوطنية للطبع الجزائر ١٩٨٧ ص ١٥٧. توفيق المدني المرجع السابق ص ٤٣٨. (٦٩) القصيدة كاملة توفيق المدني المرجع نفسه ص ٤٣٨. (٧٠) عبد القادر المشرفي المصدر السابق ص ٣٤.- القصيدة كاملة توفيق المدني المرجع السابق ص ٤٤٢. (٧١) الرشيدي ابن سحنون المصدر السابق ص ١٦٢. (٧٢) ابن ميمون الجزائري المصدر السابق ص ٣٠١.- توفيق المدني المرجع نفسه ص ٤٣٩ ٤٤٠. (٧٣) يحي بوعزيز المرجع السابق ص ٢٣١. (٧٤) ابن ميمون الجزائري المصدر السابق ص ٢٣ ص ٧. (٧٥) يحي بوعزيز أعالم الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة ط ١ دار الغرب اإلسالمي بيروت ١٩٩٥ ج ٢ ص ٢٤٨. (٧٦) الرشيدي ابن سحنون المصدر السابق ١٦٣. ١٦٢ (٧٧) عمار بلخروف العالقات السياسية بين الجزائر والمغرب في القرن العاشر لهجري/ السادس عشر الميالدي دار األمل الجزائر ٢٠٠٦ ج ١ ص ١٠٣. (٧٨) الرشيدي ابن سحنون المصدر السابق ص ٢٧-٢٣. - أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ١٩٧. (٧٩) أبو القاسم سعد الله المرجع نفسه ص ٢٠٣. (٨٠) (٨١) القرآن الكريم سورة المائدة اآلية ٥١ رواية حفص. القرآن الكريم سورة المجادلة اآلية ٢٢ رواية حفص. (٨٢) عبد القادر المشرفي المصدر السابق ص ٣٦. (٨٣) ابن سحنون الرشيد المصدر السابق ص ٢٤١. (٨٤) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٤٥٤. (85) Kamel Fillali, Op.Cit, P.133. وراجع أيض ا: Boyer, Contribution religieuse, Op.cit, Pp.36, 37. (٥٦) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٢٠. (٥٧) بسام العسلي الجزائر والحمالت الصليبية ١٥٤٧-١٧٩١ ط ٣ دار النفائس بيروت ١٩٨٦ ص ٩. (٥٨) أحمد توفيق المدني حرب ثالثة مائة سنة بين الجزائر( ١٧٩٢-١٤٩٢ ) ط ٣ م.و.ك الجزائر ١٩٨٤ ص ٤٥٨. ٢٥
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات ñ]ˆ ]»Üé ÃjÖ]ÄÎ]æ êþ^ûnãö] ããö] }]æ_ ا ستاذ محاضر التاريخ الحديث والمعاصر كلية العلوم الا نسانية والاجتماعية جامعة ا بي بكر بلقايد الجمهورية الجزاي رية < << تجمع معظم المصادر المحلية أن التعليم في الجزائر خالل العهد العثماني منتشر ا انتشار ا واسع ا حتى غطى كل المناطق بما في ذلك القرى والمداشر رغم أن السلطة العثمانية رك زت فقط على المحافظة على االستقرار السياسي والدفاع عن الحدود وجمع الضرائب لبيت المال كما لم يكن لها سياسة تعليمية وال خطة أو برنامج رسمي لتشجيع التعليم وتطويره أو العناية بأهله ولم تتدخل في شؤون التعليم باستثناء بعض البايات مثل: محمد الكبير وصالح باي. فالتعليم إذن كان خاص ا يقوم على جهود األفراد والمؤسسات الخيرية فاآلباء هم الذين كانوا يسهرون على تعليم أطفالهم. ولم تكن مهنة التعليم من المهن المرغوب فيها أو المربحة خالل العهد العثماني إال أنها تجلب إليه عطف الناس وإحسانهم واحترامهم المعنوي. تاريخ استلام المقال: تاريخ قبول النشر: يناير ٢٢ ٢٠١٥ ا بريل ٢٧ ٢٠١٥ مو سسات التعليم العهد العثماني محمد الكبير صالح باي الا وقاف الشيوخ المعلمون DOI 10.12816/0045083 حميد ا يت حبوش "واقع التعليم في الجزاي ر ا واخر العهد العثماني".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر.٢٠١٧ ص ٢٦.٣١ م ق د م ة تجمع معظم المصادر المحلية أن التعليم في الجزائر خالل العهد العثماني منتشر انتشار ا واسع ا حتى غطى كل المناطق بما في ذلك القرى والمداشر رغم أن السلطة العثمانية رك زت فقط على المحافظة على االستقرار السياسي والدفاع عن الحدود وجمع الضرائب لبيت المال ولم تتدخل في شؤون التعليم باستثناء بعض البايات مثل: محمد الكبير وصالح باي. وموضوع التعليم في الجزائر لم يحظى بالقسط نفسه من التعمق والبحث التاريخي الذي حظيت به األوضاع العسكرية والسياسية خالل العهد العثماني باستثناء بعض اإلشارات والتلميحات التي أفردها مؤرخو هذه الفترة في مؤلفاتهم من بينهم األستاذ أبو القاسم سعد الله في مؤلفه بعنوان: "تاريخ الجزائر الثقافي" وحتى هذه اإلشارات ال تعطي لنا النظرة الشاملة والعامة حول واقع التعليم في الجزائر من خالل مدى انتشاره في كل ربوع الوطن فكانت تتحكم فيه األوضاع العامة للبالد فالتعليم بصفة عامة كان مزدهر ا نسبي ا قبل االحتالل الفرنسي للجزائر سنة ١٨٣٠ م وأن الميل إلى العلم والمعرفة كان متأصال في نفوس الجزائريين. لذا فهذا الموضوع يستحق الدراسة باعتباره حلقة ضائعة الستكمال النظرة الشاملة للفترة العثمانية في الجزائر خاصة في مطلع القرن التاسع عشر الميالدي. أوال : مو ساست التعليم -١/١ األوقاف: (١) يستعمل الوقف في أغراض كثيرة منها العناية بالعلم والعلماء والطلبة والفقراء والعجزة واليتامى وأبناء السبيل وكذلك العناية بنشر وتدريس المذهب الحنفي العثماني. الوقف بالنسبة للدولة هو بمثابة وزارة الثقافة والتعليم والدين والشؤون االجتماعية مجتمعة اليوم رغم أنه لم يكن هناك وزارة بهذا العنوان وال بهذا المحتوى الشامل. (٢ ( ومن أشهر مؤسسات الوقف الجماعية: ومؤسساته وسائله ومستواه الذي كان يختلف من جهة إلى أخرى ٢٦
مقالات إدارة سبل الخيرات الحنفية: لقد ساهمت بإنشاء المدارس (٣) ودفع مرتبات لحوالي ثمانية وثمانين طالب ا. هذه المؤسسة لها أهمية إدارة أوقاف مكة والمدينة: (٤) اجتماعية وتعليمية واقتصادية وحتى السياسية. الذي تولى والية التيطري وأيض ا زاوية الشيخ محمد التواتي ببجاية أخرجت أجياال من المعلمين وكانت تضم أكثر من مائتي طالب. (١٣ ( وكانت للزوايا الريفية دور إيجابي في نشر التعليم غير أن معظم زوايا المدن كانت معطلة عن التعليم لوجود الكتاتيب من جهة والمساجد والمدارس المتخصصة من جهة أخرى. (١٤) كما ساهمت األوقاف األخرى التي هي منتشرة بكثرة في كافة المناطق الجزائرية في بناء المدارس وتشجيع التعليم. إذا كانت مؤسسة الوقف في الجزائر خالل العهد العثماني قامت بنشر التعليم الديني ورعاية المجتمع غير أن هناك عوامل أخرى تدخلت فجعلت األوقاف غير فعالة في خدمة التعليم والنهوض بالمجتمع كما ساعدت على نشر الغموض والتصوف والشعوذة ومظاهر (٥) التخلف االجتماعي. ٢/١- المساجد: إن العناية بالمساجد ظاهرة بارزة في المجتمع الجزائري المسلم فال تكاد تجد قرية أوحي ا في المدينة بدون مسجد. فالمسجد في العهد العثماني كان ملتقى العباد ومجمع األعيان وحسب ديفوكس الذي ومنشط الحياة العلمية واالجتماعية. (٦) بحث موضوع المؤسسات الدينية في مدينة الجزائر أن عددها في عشية االحتالل وصل إلى مائة وست وسبعون مؤسسة. (٧) معظم المساجد أو الجوامع توجد المكتبات الموقوفة على القراء والطلبة واألساتذة تحتوي على كتب في العلوم المختلفة من أدب (٨) وطب وفقه وتاريخ ورياضيات وغيرها. ولقد خصص محمد بن عثمان والد محمد الكبير لجامع العين البيضاء الذي بناه بمعسكر وقفية تضمنت ما يلي: (٤) أربعة سلطانية ذهب ا للطلبة الذين يحضرون درس صحيح البخاري في كل سنة أربعون (٤٠) رياال لمدر س صحيح البخاري ستون (٦٠) رياال لكل مدر س في الفقه (٩) وغيره. ولقد اشترك في تأسيس هذه المساجد التي ال تعد وال تحصى األهالي والعثمانيون على السواء وكان اهتمامهم ببناء المساجد لدوافع دينية محضة كما جعلوها لخدمة المذهب الحنفي بل أن وظيفة المدرس عندهم كانت ال تخرج عن ذلك أيض ا. (١٠) ٣/١- الزوايا: إن أبرز ميزة عرفها العهد العثماني في الجزائر انتشار الطرق الصوفية وكثرة الزوايا المتخصصة لها. ففي مدينة الجزائر نجد عدد كبير من الزوايا أهمها زاوية عبد الرحمن الثعالبي وزاوية عبد (١١) القادر الجياللي. وفي مدينة قسنطينة بلغ عددها ستة عشرة زاوية أهمها زاوية سيدي عبد المؤمن سيدي الكتاني وغيرها. كما اشتهرت أيضا تلمسان وضواحيها بزواياها نذكر منها زاوية سيدي الطيب زاوية بومدين (١٢ ( وأشهرها زاوية عين الحوت. بينما منطقة القبائل تعتبر من أغنى مناطق الجزائر بالزوايا وصل عددها خمسين زاوية أهمها زاوية تيزي راشد المشهورة يقصدها التالميذ من النواحي المجاورة والبعيدة ومم ن تخرجوا منها محمد الفريرا ٤/١- المدارس والمعاهد العليا: كثرت في الجزائر المدارس االبتدائية في المدن وحتى في القرى وهذا ما جعل جميع الذين زاروا الجزائر خالل العهد العثماني يبهرون من كثرة المدارس بها وانتشار التعليم وندرة األمية بين (١٥) السكان. وخير شاهد على هذا االنتشار كتابات األوروبيين أنفسهم التي أثبتت أنه غداة االحتالل كان عدد المتعلمين في الجزائر يفوق عدد المتعلمين في فرنسا ففي عام ك بت ١٨٣٦ (١٦) بيليسي Pellissier de Rexnard يقول: "إن التعليم األولي منتشر بينهم بقدر انتشاره عندنا. ففي معظم القرى والبلديات مدارس للقراءة والكتابة ووصل عدد التالميذ إلى ثالثة آالف تلميذ في كل مقاطعة من بينهم ٨٠٠ تلميذ يصلون إلى دراسة علوم الحقوق وكانت تلمسان (الفقه) والشريعة ويحصلون على لقب علماء (١٧) مشهورة بوفرة المدارس والعلماء فالفرنسيين قد وجدوا فيها بعد احتاللها خمسين مدرسة ابتدائية ومدرستين للتعليم الثانوي والعالي. أما في قسنطينة كان عدد المدارس االبتدائية عند دخول الفرنسيين حوالي تسعين مدرسة أما التعليم الثانوي والعالي هناك سبع مدارس. (١٨ ( وفي العاصمة حسب فانتور ديبارادي هناك ثالث (١٩) جامعات لتعليم المذهب المالكي وهي مدارس عليا. بينما المدارس االبتدائية والثانوية عددها مائة إضافة إلى وجود كتاتيب التي خصصت عادة لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم مبادئ (٢٠) القراءة والكتابة لألطفال. أما في المدرسة االبتدائية فالتلميذ يتعلم مبادئ العلوم ويتلقى رصيدا من المعارف التي تساعده على شق طريقه في المجتمع بعد خروجه منها عندما يبلغ عادة الرابع عشرة سنة. (٢١) ومن أشهر المدارس في العاصمة المدرسة القشاشية التي ساهمت مساهمة كبيرة في نشر التعليم االبتدائي والثانوي وحتى العالي وبعد احتالل فرنسا للجزائر حولوها إلى مخازن الجيش سنة ١٨٣١ وأيض ا مدرسة األندلسيين فالتعليم فيها كان على مستوى راق ألن األندلسيين يتقنون فن التدريس وحسن (٢٢) التربية ومراعاة التطور العقلي للتلميذ. ويعتبر الجامع الكبير بالجزائر العاصمة ومدرسته العليا نواة جامعة الجزائر ففي الجامع كانت الدروس كثيرة يقوم بها أبرز العلماء أشهرهم سعيد قدورة وعلي األنصاري وأحمد بن عمار وغيرهم وقد كلف هذا الجامع خمسة عشرة ألف دينار جزائري وكانت قسنطينة من أكثر المدن اهتمام بعملة ذلك الوقت. (٢٣) بالمؤسسات العلمية وذلك الستقرارها السياسي نسبي ا ولقربها من ٢٧
مقالات تونس ومن أشهر مدارسها المدرسة الكتانية التي أنشأها صالح - ٢/٢ التالميذ: باي التي خصص لها أوقاف ا كبيرة فقد كان المدرس بها يأخذ ثالثين رياال والطالب الداخلي يأخذ ستة رياالت وهذه المدرسة العليا تنشر تعليما في مستوى الثانوي والعالي وهناك من يقارنها بمدارس فرنسا العليا المعاصرة لها ولعبت دور ا كبير ا في الحياة الثقافية في الجزائر حتى في العهد الفرنسي وهي ما تزال فاتحة (٢٤) إلى اليوم تؤدي نفس المهمة مع اختالف الظروف. أما مدرسة مازونة فقد كانت على درجة كبيرة من األهمية في الجهة الغربية من البالد وهي من أقدم المدارس التي أسست في العهد العثماني وقد اشتهرت بالخصوص في علم الفقه والحديث وعلم الكالم واستمرت المدرسة حتى بعد انتقال العاصمة اإلقليمية من مازونة إلى معسكر ثم إلى وهران وكانت مقصد طالب النواحي الغربية السيما ندرومة مستغانم تلمسان سيدي بلعباس تنس ووهران ومن أبرز خريجيها أبوراس الناصري (٢٥) (٢٦) الذي تحدث عن شيوخه فيها في رحلته (فتح اإلله). ثاني ا: واسي ل التعليم ال يمكن أن يقوم التعليم إال إذا توفرت لديه الشروط والوسائل الضرورية كالعناصر المادية والبشرية. ١/٢- المعلمون: كانت حركة المعلمين داخل الجزائر جد نشيطة ومستمرة ذلك أن تكوين المعلمين لم يكن له مدرسة أو مدينة معينة فقد كانت شهرة المعلم أو المدرس هي التي تحدد مكانه وكان الطالب يقصدون المدرس المشتهر أينما حل وأينما وجد ولو كان ذلك (٢٧) بعيد ا. وكان أولياء التالميذ هم الذين يختارون مؤدب أطفالهم وكان من حقهم ومن صالحياتهم إعفاء المؤدب من وظيفته إذا اشتبه فيه علميا وأخالقيا خاصة واختيار غيره ألنهم هم الذين عينوه ونصبوه للمهمة التربوية والعلمية فالمؤدب يخضع لرقابة أولياء التالميذ والرأي العام وليس لرقابة الحكومة. (٢٨) وكان التعليم عند بعض رجال التصوف وخصوصا في الريف نوعا (٢٩) من العبادة والجهاد. أما أجور هؤالء المعلمين فكانوا يتلقونها في شكل هدايا وصدقات كالحلوى والمالبس في مناسبات معينة وكانت مصدر هذه ودينية كشهر رمضان العيدين وعاشوراء. (٣٠) الهدايا واألجور هي األوقاف بينما الباي محمد الكبير خصص رواتب شهرية لألساتذة بقطع النظر عن األوقاف من ميزانية (٣١) الوالية. كما يتولى بعض المدرسين األساتذة وظائف أخرى كوكالة الوقف واإلمامة والخطابة والقضاء ونحوها وكانوا يجنون من ذلك أمواال هامة تتراوح رواتبهم السنوية من األوقاف بين (٣٢) مائة ومائتي فرنك. تتراوح أعمار التالميذ المترددين على الكتاتيب والمدارس االبتدائية بين السادسة والرابعة عشرة وفي هذا السن األخير يكون التلميذ تعلم القراءة والكتابة وقواعد الدين والحساب وقد يصبح مساعد ا للمؤدب في تعليم األطفال األصغر منه سن ا. (٣٣ ( وكان عدد التالميذ في كل مدرسة يتراوح بين العشرين والثالثين ففي (٣٤) تلمسان هناك خمسين مدرسة تحتوي على نحو ألفي تلميذ. بينما في قسنطينة هناك تسعين مدرسة ابتدائية يزاولها حوالي (٣٥) ١٣٥٠ تلميذ. والعدد نفسه تقريب ا موجود في الجزائر العاصمة. وبهذا نستنتج أن كل األطفال في سن الدراسة كانوا يجدون مقاعدهم في هذه المدارس. أما البنات حسب شالر الذي عاش في (٣٦) الجزائر يتعلمن في مدارس تشرف على إدارتها نساء. ويشمل تعليم البنات على العموم القراءة والكتابة والقرآن الكريم وقواعد الدين والسلوك. أما في التعليم الثانوي وصل عدد الطلبة إلى ما بين ألفين وثالثة آالف طالب في كل إقليم من األقاليم الثالثة أي وفي التعليم العالي بين ستة وتسعة آالف طالب في القطر كله. (٣٧) يتراوح عدد الطلبة بين ستمائة وثمانمائة طالب في كل إقليم أي بين ألف وثمانمائة وألفين وأربعمائة طالب في كل قطر. (٣٨) - ٣/٢ الكتب والمكتبات: ال يكون التعليم نشيط ا ومتطور ا إال إذا توفرت مجموعة كبيرة من الكتب والمكتبات. فقد كانت في الجزائر في العهد العثماني كتب ا عديدة تحتوي على أغلب االختصاصات وخاصة الدينية وكانت على شكل مخطوطات قديمة ونادرة اهتم أصحابها بجمعها من مناطق مختلفة خاصة في المشرق العربي واألندلس أثناء رحالتهم وتنقالتهم وزياراتهم العلمية وكذلك أثناء حجهم. (٣٩) ويعترف الفرنسيون أنفسهم بوفرة الكتب والمكتبات في الجزائر فراحوا يجمعون هذه الكتب والمخطوطات من مكتبات المدن الجزائرية التي وقعت في أيدي االحتالل وحتى البعيدة منها فقد وصلها الفرنسيون القتناء كتبها مقابل أثمان زهيدة أو بعض الهدايا (٤٠) أو نهبها. وإذا كانت بعض الكتب تستورد من الخارج فقد كانت تنتج كذلك محلي ا أي في الجزائر عن طريق التأليف والنسخ واشتهرت عدة مدن في الجزائر باهتمامها بجمع الكتب وتصنيفها وإنشاء مكتبات وهذه المدن هي تلمسان قسنطينة بجاية مازونة الجزائر العاصمة معسكر كما كانت بعض المدن ذات مكتبات تضم مجموعة من الكتب العلمية واآلالت الجهادية كمدينة وهران أي (٤١) أنها كانت تضم مكتبة ومتحفا في الوقت نفسه. وكثرة الكتب والمكتبات دليل على اهتمام وعناية الجزائريين لها القتنائها واالستفادة منها. فقد ذكر أحد الكتاب الفرنسيين اللوي أن المخططات التي جمعها بيربروجر من قسنطينة كانت جميلة في (٤٢) الشكل والتجليد وأنها كانت واردة من مصر وتركيا. ٢٨
مقالات وكانت المكتبات تنقسم في الجزائر إلى عامة وخاص ة (٤٣ ( وكانت هذه المكتبات مفتوحة للطلبة ولجمع الناس بشتى شرائحهم االجتماعية بالطريقة نفسها التي تتم بها األوقاف فكان يوقف الكتاب في سبيل لله على الطلبة وجميع القراء المسلمين. (٤٤) أما محتويات هذه الكتب تشمل كتب التفاسير والقراءات واألحاديث النبوية وشروحها وكتب الفقه واألصول والتوحيد والمصاحف وغيرها كما تشمل كذلك على الكتب العقلية واللغوية كالنحو األدب الفلسفة التاريخ والجغرافيا والمنطق وغيرها إال أن الكتب العلمية كانت قليلة مثل الحساب والطب والفلك... وال غرابة من ذلك (٤٥) واألولوية للعلوم الدينية. ألن طبيعة العهد العثماني كانت فيه السيادة ثالث ا: مناهج التعليم ١/٣- في االبتدائي: كان التعليم في المرحلة االبتدائية يقتصر على تعليم القراءة والكتابة وإتقانها تمهيد ا لحفظ القرآن الكريم ثم تعليم المبادئ األساسية واألولوية للحساب. وكانت طريقة التدريس بسيطة ببساطة التعليم نفسه فالمؤدب كان يجلس في صدر الكتاب متربعا على حصير مسند ا ظهره إلى الجدار وبيده عصا طويلة (٤٦) يستعين بها لحفظ النظام وإلثارة انتباه الطلبة. وعند اإلمالء يملي المؤدب بصوت عال على التالميذ. وكان هؤالء التالميذ يتحلقون حول المؤدب في نصف دائرة وبيد كل واحد لوحة من خشب يمكن الكتابة عليها ومحو ما ك تب بسهولة وعلى كل لوحة تكتب بوضوح سورة من القرآن الكريم ثم يقوم بقية التالميذ بنقلها بعناية كل على لوحته بالتوالي والتلميذ الذي يتعلم معنى الكلمة وطريقة كتابتها يقوم بتعليم ذلك للتالميذ اآلخرين. (٤٧) وكانت طرق التعليم جيدة ومناسبة مع بساطة التعليم ومادته الثقافية تراعي تطور قدرات التلميذ على القراءة والكتابة ألنها تجعله يتعلم الطريقتين في آن واحد ويعترف شالر نفسه بجدية هذه الطريقة نظرا لوجود الوحدة فيها وجمال خطها (٤٨) العربي. ولقد أشاد عدد كبير من المؤلفين بالطريقة البيداغوجية الجيدة التي كانت متعبة في هذا المستوى من التعليم وكانت العالقة جيدة بين التلميذ والمعلم وهي تقوم على مبدأ االحترام الكبير حتى من طرف المجتمع كله وتظل هذه العالقة محفوظة حتى عندما يصبح التلميذ رجال مسئوال فهو دائم ا ينظر إلى مؤدبه (٤٩) نظرة احترام فهو بمثابة والده الروحي. -في الجزائر العاصمة: زاوية القليعة زاوية مليانة زاوية بن محي الدين وزاوية بني سليمان والجامع األعظم. -في الشرق: جامع سيدي األخضر بقسنطينة زاوية سيدي عقبة ببسكرة زاوية ابن علي الشريف في القبائل وبعض المساجد بوادي مزاب بالصحراء. (٥٠) والمدرس حر في وضع البرنامج الدراسي وفي تحديد أوقات التدريس في الغالب فبعضهم كان يعد دروسه في الصيف ويلقيها في الشتاء وكانت ميزة الدروس في التعليم الثانوي والعالي هي الشرح واإلمالء أما ميزة المدرس أو األستاذ فهي الحفظ والرواية فالمدرس الكفء هو الحافظ لعدة علوم مع أسانيدها وليس المراد فقد كانت حفظ المتون ونحوها بل حفظ بعض الكتب كاملة. (٥١) اإلجازة (الشهادة) المكتوبة في البداية محددة ومقننة فال يتحصل عليها أي طالب ولكن بمرور الوقت وضعف التعليم والتعلم وتدهور الحياة العقلية بصفة عامة أصبح منح اإلجازات سهال (٥٢) وشائع ا. وكما كان مستوى التعليم بين األساتذة والطلبة في الحواضر أحسن من البوادي بحكم وفرة الكتب وحركة العلماء وكثرة االختالط والتنافس على الوظائف. فأبوراس الناصري قد عاد من الريف إلى معسكر ألن التعليم فيها كان أقوى منه في الريف الذي لم يجد فيه ضالته بل كاد يقتل فيه موهبته. وال شك أن مستوى التعليم في الحاضرة لم يكن في درجة عالية أيض ا ولكن األمور (٥٣) تقاس بنسبتها إلى غيرها. أما المواد المدروسة في البرنامج الثانوية والعالمية كانت مقتصرة على العلوم الدينية واللغوية والتاريخ بينما العلوم األخرى لم تكن متطورة وهي محدودة مثل الحساب الوثائق علم الفلك الطب والصيدلية. ولعل عدم توسع الجزائريين في هذه العلوم هوما جعل بعض المالحظين األجانب يهاجمون بشدة التعليم الجزائري في العهد العثماني وال شك أن هجومهم فيه كثير من الحقيقة. (٥٤) - ٢/٣ في الثانوي: لقد كان التعليم الثانوي والعالي مجان ا بل يحصل كل طالب على منحة مالية إلى جانب السكن واألكل إن كان بعيد ا ويتم التعليم في المساجد الكبرى وبعض الزوايا من بينها: -في الغرب: الجامع الكبير في تلمسان جامع سيدي العربي. ٢٩
مقالات مشاهير وأكبر العلماء واألدباء والمدرسين الجزائريين خالل فترة الدايات المشاهير محمد بن أحمد ساسي البوني في العهد العثماني الفترة الزمنية بالهجرية : اله وام ش (١) (٢) هي مؤسسات خيرية تهدف إلى تحسين أوضاع الفقراء والتخفيف من مصائبهم تسير حسب المذهب المالكي والمذهب الحنفي أكثر تفاصيل انظر إلى حمدان خوجة المرآة ص ٢٩٣/٢٦٩. أبو القاسم سعد الله تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى ١١١٦ ه أحمد بن عثمان التلمساني ١١٥١ ه الرابع عشر الهجري (١٦ ٢٠ م) ج ١ ط ٢ المؤسسة الوطنية للكتاب ١٩٨٥ ص ٢٣١. محمد بن حواء المستغانمي ١١٧٩ ه (٣) ١١٨٥ ه ١١٩٩ ه ١٢٢٢ ه علي بن محمد الجزائري محمد أمزيان الملياني عبد الرحمن باش تارزي المرجع نفسه ص ٢٣٥. يعود تأسيسها إلى ما قبل العهد العثماني وهي أكثر ثروة تملك ٨٤٠ منزل ٢٥٨ دكان ا ٣٣ مخزن ا ٥٧ بستان ا... تمثل تقريب ا ثالثة أرباع األوقاف العامة وتدير بعض األوقاف المحلية سواء كانت مالكية أو (٤) ١٢٣٢ ه محمد بن علي الطلحي حنفية لتفاصيل أكثر انظر: أبو القاسم سعد الله نفس المرجع. (٥) ١٢٤١ ه أبومنصور عمار الشريف أبو القاسم سعد الله نفس المرجع السابق ص ٢٤٢. (٦) نفسه ص ٢٤٣. (7) Davoux fils, les edifices religieux de l ancienne Alger,in R.A,T 6, 1862, P. 372. (8) Brosse lard, les inscriptions arobes de Tlemcen, in. R.A, T5, 1861, P.323. (٩) أبو القاسم سعد الله نفس المرجع السابق ص ٢٥٦. ١٢٤٢ ه محمدالصالحبنسليماني الزواوي ١٢٥٠ ه عمار بن شريط القسنطيني ١٢٥١ ه أحمد الطيببنمحمد الصالح الزواوي ١٢٥٧ ه أبوطالب الغريسي ١٢٧٠ ه أحمد بن عمار الجزائري ١٢٧٧ ه أبوعزة التلمساني خ امت ة إن انتشار حركة التعليم وازدهارها في الجزائر أواخر العهد العثماني معترف به حتى من طرف الفرنسيين أثناء االحتالل إال أنه يبقى تعليم ا ديني ا بسيط ا وأولي ا يعتمد فقط على القراءة والكتابة وال يخرج في مجمله عن تعليم القرآن الكريم وحفظه فهوال يقدم كثير ا ألمة وال يحرك آمال الشباب وال يثير فضولهم على عوالم جديدة وأفكار حرة. كما أن لم يكن للعثمانيين في الجزائر سياسية تعليمية وال خطة أو برنامج رسمي لتشجيع التعليم وتطويره أو العناية بأهله وإنما كان تعليما خاصا يخضع للمبادرات الفردية والعائلية والمؤسسات اإلسالمية الخيرية ومن ذوي البر واإلحسان وكانت تغذيه األوقاف التي تعتبر مصدر تمويله األول. والهدف العام من التعليم هو ديني وليس دنيوي ما دام العلم ال يؤهل ألعمال اجتماعية وسياسية واقتصادية بارزة. (١٠) المرجع نفسه ص ٢٦١. (١١) المرجع نفسه ص ٢٦٣. (١٢) المرجع نفسه ص ٢٦٣ ٢٦٤. (13) Féraud, L, Note sur Bougie, Lége,des, Tradition, Domination, Turque, in R.A, T3, 1859, P.302. (١٤) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٢٦٧ ٢٦٨. (١٥) المرجع نفسه ص ٢٧٤. (١٦) كان حاكم ا عام ا للجزائر من نوفمبر ١٨٦٠ إلى ماي ١٨٦٤. (17) Rinn (L), note sur l instruction Publique Musulmane en Algérie, Alger 1882, P10 (١٨) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٢٧٦. (19) Venture de Paradis, Alger au 18 eme siècle 2eme édition, édition Bouslama, Tunis, P 158 (٢٠) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٢٧٧. (٢١) المرجع نفسه ص ٢٧٩. (٢٢) المرجع نفسه ص ٢٨٢. (٢٣) المرجع نفسه ص ٢٨٤. (٢٤) المرجع نفسه ص ٢٨٥. (٢٥) أبوراس الناصر (فتح اإلله ومنته في التحدث بفضل ربي ونعمته) مخطوطة الخزانة العامة بالرباط رقم ٢٣٣٢. ٢٢٦٣ (٢٦) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٢٨٦. (٢٧) المرجع نفسه ص ٣٢٣. (٢٨ ع) بد القادر حلوش السياسة التعليمية الفرنسية في الجزائر ١٨٧١-١٩١٤ رسالة لنيل الماجستير دمشق ١٩٨٥ ص ٨. (٢٩) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٢٩. (30) E, Foumestraux : L instructuon puplique en Algérie de 1830 1880, P. 31. (٣١) أبو القاسم سعد الله نفس الرجع ص ٣٣١. (٣٢) المرجع نفسه ص ٣٣٣. (٣٣) عبد القادر حلوش نفس المرجع ص ٩. (٣٤) أبو القاسم سعد الله ص ٣٣٦. ٣٠
مقالات (٣٥) محمد العربي الزبيري التجارة الخارجية للشرق الجزائري (١٧٩٢-١٨٣٠) الطبعة الثانية المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ١٩٨٤ ص ٤٩. (٣٦) شالر وليام مذكرات وليام شالر (قنصل أمريكا في الجزائر) ١٨١٦-١٨٢٤ تعريب وتعليق وتقديم إسماعيل العربي ١٩٨٢ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ص ٨٢. (٣٧) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٣٩. (٣٨) المرجع نفسه ص ٣٤٠. (٣٩) عبد القادر حلوش المرجع السابق ص ١١. (٤٠) المرجع نفسه ص ١٢. (٤١) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٢٨٦. (42) Francie Laloe, les manuscrits Arabes de Constantine in R.A N 66, 1925, P109. (٤٣) المقصود بالمكتبات العامة هي تلك التي كانت ملحقة بالمدارس والمساجد والزوايا أما الخاصة فهي التي كان يملكها األفراد والعائالت. (٤٤) عبد القادر حلوش المرجع السابق ص ١٣. (٤٥) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٠٠-٢٩٩. (٤٦) وليام شالر المرجع السابق ص ٥٧. (٤٧) المرجع نفسه ص ٥٨. (٤٨) المرجع نفسه ص ٥٩. (٤٩) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٤٦. (٥٠) عبد القادر حلوش المرجع السابق ص ٧. (٥١) أبو القاسم سعد الله المرجع السابق ص ٣٥١-٣٥٠-٣٤٩. (٥٢) المرجع نفسه ص ٣٥٣. (٥٣) المرجع نفسه ص ٣٥٤. (٥٤) المرجع نفسه ص ٣٦٠-٣٥٦. ٣١
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات (١٦٨٢ ١٦٦١)íèˆé r{þý]íè ñ]ˆ ]l^îøãö] Ê ŞÖ] eíîøãö]»ì è qìð] Î باحث دكتوراه في تاريخ غرب المتوسط كلية العلوم الا نسانية والاجتماعية جامعة معسكر الجمهورية الجزاي رية < << إن البحث في دور الجزائر في البحر المتوسط ال يزال يرتكز في فهمه على فهم العالقة بين فرنسا والجزائر وهذا أمر غير منطقي باعتبار أن اكتمال فهم الدور الجزائري بالبحر المتوسط يفرض علينا إدخال االنجليز في هذه المعادلة فأفضل الكتابات المتعلقة بالبحر المتوسط خالل الفترة الحديثة تعود لباحثين إنجليز ولعل أبرزها ذلك العمل الرائع والموسوم ب "البحرية الملكية" والذي حلل لنا فيه صاحبه التواجد اإلنجليزي بالمتوسط من خالل خمس مجلدات ضخمة. وتضم العالقة بين الطرفين كما هائال من الوثائق تتصدرها الوثائق الرسمية المتمثلة بالمعاهدات ومذكرات القناصل والمراسالت إضافة إلى الوثائق غير الرسمية التي تتصدرها مذكرات األسرى اإلنجليز في المدينة. لقد شهدت العالقات الجزائرية اإلنجليزية تطور ا غير مسبوق خالل القرن السابع ففي الفترة الممتدة بين سنتي (١٦٢٠-١٧٠٠) شهد الطرفان توقيع حوالي (١٣) معاهدة تمحورت أغلبها حول سالمة وأمن التجارة البريطانية. إن دراسة موضوع العالقة بين الجانبين في العصر الحديث ال يزال بكر ا في أبحاثنا الجزائرية حيث نرى أن أغلب الباحثين يتوجهون في األغلب لدراسة العالقات الجزائرية الفرنسية واالسبانية والعثمانية رغم أن فهم تاريخ الجزائر لن يتم إال بفهم تاريخ العالقة االنجليزية الجزائرية كطرف مهم في قوى البحر المتوسط خالل الفترة الحديثة. تبدأ فترة دراستنا بسنة ١٦٦١ وهي نفسها السنة التي احتل فيها االنجليز طنجة وتنتهي بسنة ١٦٨٢ وهي سنة عقد اإلنجليز معاهدة مع الجزائر. إن استيالء االنجليز على طنجة كرس الهيمنة االنجليزية في البحر المتوسط وساعد في تطوير العالقة االنجليزية الجزائرية من شقها السلمي إلى استخدام القوة والعنف إليقاف التهديد الجزائري للمصالح االنجليزية في المتوسط. تاريخ استلام المقال: تاريخ قبول النشر: ١٧ فبراير ٢٠١٥ مايو ٠٩ ٢٠١٥ البحر المتوسط طنجة ا نجلترا السياسة الا نجليزية العلاقات الدولية DOI 10.12816/0045084 بلقاسم قرباش "العلاقات الجزاي رية الا نجليزية (١٦٦١ ١٦٨٢) قراءة جديدة في العلاقة بين الطرفين".- دورية. - السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٣٢ ٣٨. م ق د م ة الجزائري. جاءت هذه الدراسة إلخراج العالقات الجزائرية الخارجية خالل الفترة الحديثة من ارتكازها المفرط على العالقات (١٦٦٠-١٥٨١) اتسمت العالقات الجزائرية اإلنجليزية بالتقارب الفرنسية الجزائرية وهذا أمر غير منطقي باعتبار أن اكتمال فهم السلمي كون البريطانيين كانوا في حاجة ماسة لهذا التقارب من أجل الحفاظ على مصالحهم االستراتيجية في المتوسط وحماية سفنها ومواطنيها من غارات وهجمات بحارة الجزائر لكن استالء االنجليز على طنجة سنة ١٦٦١ أنتج تحوال جذري ا في العالقة بين الطرفين من شقه السلمي إلى استخدام العنف إليقاف األسطول الدور الجزائري بالبحر المتوسط يفرض علينا إدخال االنجليز في هذه المعادلة فالبحر المتوسط خالل هذه الفترة كان منطقة نفوذ إنجليزي فرنسي يفرض على الدويالت الصغيرة هيكلة تواجدها على أساسه. إن أفضل الكتابات المتعلقة بالبحر المتوسط خالل الفترة الحديثة تعود لباحثين إنجليز ولعل أبرزها ذلك العمل الرائع ٣٢ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
مقالات والموسوم ب "البحرية الملكية" والذي حلل لنا فيه صاحبه التواجد اإلنجليزي بالمتوسط من خالل خمس مجلدات ضخمة. ١- طنجة حتت السيطرة االجنلزيية في سنة ١٦٥٥ أرسلت انجلترا أسطوال ضد كل من تونس والجزائر ضمنت من خالله تجديد معاهدة السالم مع الجزائر. وقاد استخدام اإلنجليز للتهديد والقوة ضد طرابلس وتونس سنة ١٦٥٨ لعقد معاهدة سالم مع هاتين الدولتين. وبعد ميثاق الزواج الذي رتبه البرتغاليون مع شارل الثاني العائد من المنفى سنة ١٦٦١ أصبحت انجلترا رسمي ا قوة في البحر المتوسط: اختيار شارل الثاني البرتغالية كاثرين براغينزا "حيث أعيد كملك إلنجلترا الذي تزوج من األميرة Braganza) (Catherin of ليمنحه (١) البرتغاليون صداق ا كبير ا إضافة إلى مدينة طنجة الساحلية". أصبحت منطقة الشمال اإلفريقي مجال جذب لكل القوى الكبرى فالفرنسيون قاموا باالستيالء على مدينة جيجل الجزائرية سنة ١٦٦٤ لكن األمر لم يدم طويال حيث طردوا منها. وفي المقابل واصل الفرنسيون دعمهم واعترفوا باستقاللها سنة للبرتغاليين ضد أعدائهم اإلسبان ١٦٤٠ كما أنهم دخلوا في صراع مع الهولنديين إلجبارهم التخلي عن البرازيل التي اغتصبوها من (٢) البرتغاليين. كانت الملكة البرتغالية لويزا (Luisa) تبدوا فخورة كفاية ألنها ستتخلص من التبعية االسبانية وقد أصبح األمر اآلن أكثر تعقيدا من ذي قبل في صراعها للدفاع عن حريتها ضد جيرانها اإلسبان وقد رأت الملكة أن التنازل عن طنجة ال يعتبر شيئا بالمقارنة مع تجديد التحالف مع اإلنجليز رغم أن السكان البرتغاليين في طنجة كانوا غير راضين عن تصرف ملكتهم بعد تخليها لصالح اإلنجليز البرتغالية المهمة في إفريقيا. (٤) عن المدينة "الهراقطة" (٣ ( والتي تعتبر إحدى آخر المدن وطنجة مدينة مغربية تخلى عنها أهلها لصالح البرتغاليين سنة ١٤٧١ وفي سنة ١٥٨٠ انتقلت المدينة إلى األيادي االسبانية مع ما تبقى من ممتلكات برتغالية في هذه المنطقة. لكن البرتغاليين تمكنوا سنة ١٦٤٠ من طرد االسبان من بلدهم (البرتغال) أما طنجة وسبتة فقد بقيت تحت السيطرة االسبانية لمدة ثالث سنوات استرجعها البرتغاليون بعد ذلك من أعدائهم اإلسبان مجددا. وعند حصول االنجليز عليها سنة ١٦٦١ ظل اإلسبان ينظرون إليهم نظرة الغيرة وادعوا أنها المدينة المتمردة. االدعاء االنجليزي في امتالكهم للمدينة. (٥) ورفضوا التسليم بأحقية كان االستيالء على المدينة يمثل ضربة موجعة لإلسبان فالقراصنة االسبان المستقرين على سواحل طنجة والذين هددوا البحرية والتجارة اإلنجليزية خالل السنوات السابقة تم طردهم من المدينة إضافة إلى أن طنجة كانت تعتبر بمثابة القاعدة البحرية االنجليزية المتقدمة في المتوسط حيث أصبح يمكن لإلنجليز اآلن أن يوجهوا حمالت بحرية من خالل مدينة طنجة ضد مناطق معينة في المتوسط وبحصار طويل وهذا ما لم يكن يحدث من قبل حيث أصبحوا يستطيعون تجنيب أنفسهم هجمات البحارة الجزائريين والتونسيين والطرابلسيين ولو بدرجة أقل من السابق. كما أصبح في اإلمكان منع بحارة المغرب االسالمي من الوصول إلى سواحل المحيط األطلنطي. "ففي الفترة الممتدة بين سنتي ١٦٠٩-١٦١٦ تمكن الجزائريون من االستيالء على ما ال يقل عن (٤٦٦) سفينة بريطانية واحتجزوا طواقمها... أما في سنة ١٦٣١ فقد خلف هجوم بحارة الجزائر (قاد هذا الهجوم الرايس مراد) على مدينة بالتيمور (إحدى المدن اإلنجليزية الواقعة على الجنوب الساحلي) أكثر من مائتين وستة وثالثين مواطنا إنجليزي ا جلبوا ويذكر ويليام الرد إلى الجزائر". (٦) Laird) (William أن ستين (٧) بحار ا من الجزائر نفذوا غارة ناجحة على سواحل بينزينس (Penzance) سنة.١٦٤٠ (٨) وجاء في الزهرة النائرة أنه في سنة ١٦٦٠ أخذ الجزائريون لإلنجليز ٦٢ سفينة في ستة شهور. وقد يكون الرقم مبالغة لكن تحديد التاريخ هكذا ليس من قبيل المصادفة. فهو تاريخ يتطابق وبعد حصوله على مدينة طنجة قام مع دفعة قوية "للقرصنة". (٩) الملك شارل الثاني بإعطاء تعليمات إلى اللورد بيتربراو (Peterbrough) جاء فيها: "إن مشروعنا الرئيسي من وضع أنفسنا في هذا التكليف العظيم هو استغالل هذه االضافة (طنجة) التي توجد تحت سيطرتنا لدعم تجارة مواطنينا مع منطقة الساحل البربري وتوسيع سيطرتنا في هذا البحر... ونحن مسرورون ألنه ال توجد ضرائب أو رسوم أو أي نوع آخر من الضرائب تدفع عن حموالتنا التي تستورد أو تصدر من مدينتنا مدينة طنجة... (١٠) وبالطبع ستبقى ميناء حر ا". ٢ -سياسة اإلجنلزي مع اجلزاي ر بعد االستيالء عىل طنجة كانت مدينة طنجة تمثل إحدى أكثر المناطق البحرية تعرضا لغارات مستمرة من قبل بحارة الجزائر باعتبارها كانت تابعة لإلسبان وفيما بعد للبرتغاليين حيث أن كال من الدولتين كانتا في حالة حرب مع الجزائر ما أعطى شرعية للهجمات الجزائرية على المنطقة فالبرتغاليون كانوا يعلمون جيدا أن تقديمها هبة لإلنجليز وضمان تحالف مع أعظم دولة في العالم آنذاك أفضل من استمرار المنطقة بأيديهم وتعرضها لهجمات مستمرة من قبل بحارة المغرب االسالمي والبحارة اإلسبان ما سيكلفها خسائر أكثر إضافة إلى أن االسبان لن يسكتوا عن بقاء المدينة في أيديهم بعدما كانت في السابق تعتبر مدينة اسبانية. ٣٣
مقالات في ١٩ جوان ١٦٦١ أقلع السير جون الوسون Lawson) (John مع ثمانين مقاتال تقلهم سفينتين من انجلترا وفي ٢٩ جوان ظهروا أمام السواحل الجزائرية ورغم أن المفاوضات انطلقت بين الطرفين إال أنها فشلت بعد فترة قصيرة من بدئها... ما جعل األسطول يتجه مباشرة إلى طنجة بعد استيالء االنجليز عليها ومنها أقلع جون الوسون إلى انجلترا في ١٤ ماي ١٦٦٢. بعد أن قضى مدة في إنجلترا التحق السير الوسون بقائده وعادوا إلى البحر المتوسط مرة أخرى الستئناف المفاوضات مع الجزائر... وقد نجح اإلنجليز في تحرير عدد من األسرى ولكنهم عندما طلبوا استرجاع الممتلكات االنجليزية المأخوذة قال الداي أنهم ال يملكون أي شيء عنده وبشجاعة قام بإعالن الحرب ضد (١١) اإلنجليز. وقد استطاع الوسون االستيالء على إحدى سفن "القراصنة" الجزائريين ذات (٣٤) مدفع ا و( ٢٦٠ ) رجل ولكن قبل أن يواصل عملياته الناجحة تم استدعائه إلى انجلترا واستبدل بالكابتن توماس ألين Allin) (Thomas الذي لم يقدم الشيء الكثير ضد "القراصنة" لكنه بقي بالقرب من مضيق جبل طارق حيث لم يطل المكوث ليتم استدعاؤه بعد ذلك أيضا نظرا الندالع الحرب ونجح اإلنجليز في تجديد معاهدة الهولندية االنجليزية الثانية. (١٢) السلم مع الجزائريين بتاريخ ١٠ نوفمبر ١٦٦٢ ويبدو أنهم استطاعوا هذه المرة ادراج طنجة كمدينة انجليزية يمنع التعرض لها من قبل بحارة الجزائر. حيث جاء البند (٨) كاآلتي: "ال تهاجم أو ترسوا السفن الكبيرة والصغيرة للجزائر في مدينة وحامية طنجة (Tangier) أو أي من الطرق المرافئ والموانئ والمدن والمناطق التي تتبع جاللة الملك البريطاني وليعمل كل طرف ما بوسعه للحفاظ على السلم والتجارة". (١٣) لكن االنجليز لم يحافظوا على السلم وذلك عندما أرسى أحد الضباط االنجليز بميناء طنجة ومعه عدد كبير من المسافرين األتراك والجزائريين وأجبرهم على العمل وذلك بجعلهم يشحذون الحجارة. ولم تكن الحكومة االنجليزية مهتمة بهذا الحادث. ورغم هذا الحادث إال أن المؤسسة البحرية الجزائرية كانت ال تزال ضعيفة وكانت معظم فوهات مدافعها من الحجم الصغير. بل أن سفن الجزائر الحربية الثالث لم تدخل البحر خالل صيف ١٦٦٣ وقد أرسل شارل رسالة إلى الباشا يخبره فيها أن السيد جون الونسون (Lownson) متوجه إلى الجزائر ليحصل على ترضيات نتيجة االخالل بالمعاهدة. ولكي يطمئن شارل الرأي العام االنكليزي بأن هذه البعثة كانت في مكانها... قال: "سيكون من العار الكبير أن األشخاص الذين يمنحهم الضابط االنجليزي حمايته... تسليمهم إلى أيدي أعدائهم". (١٤) يجب وفي سنة ١٦٦٤ نجح القائد العام لألسطول اإلنجليزي األميرال السابقة بين الطرفين بعد شهر فقط من تعيينه بمركزه. وبعد مدة قصيرة تمكن الفرنسيون وبالضبط في ٢٢ جويلية من دخول جيجل رغم أن التقارير كانت تؤكد بأن الفرنسيين ينوون مهاجمة ستورا الواقعة على السواحل سكيكدة وقد خلفت هذه الحملة حوالي أربعمائة قتيل يضاف إليهم الجرحى. استمرت األخبار في الورود إلى فرنسا عن طريق الطائفة الماركنتيلية برضى كبير لترسل الحكومة قافلة من تولون إلى جيجل تحت قيادة الماركيز دومارتال مع ذخيرة كبيرة ومجموعتين من الخيول. وكانت الفكرة التي تراود لويس هي وضع قاعدة بحرية دائمة على سواحل المغرب االسالمي تشبه تلك التي يملكها اإلنجليز في وجاءت معاهدة ١٦٦٤ لتضيف بند ا جديد ا تمثل في طنجة. (١٥) تعييين قنصل انجليزي ثابت في الجزائر والذي يسمح له بمغادرة الجزائر في حالة تصدع العالقة بين الطرفين مستقبال دون أي (١٦) عرقلة أو اعتداء من قبل الجزائريين. وكانت أكثر القضايا التي تؤدي إلى توتر العالقة بين الطرفين هي قضية تفتيش السفن اإلنجليزية والمساس بالرعايا والمواطنين االسبان والبرتغاليين الموجودين على متن السفن االنجليزية وقد كان الجزائريون يعتبرون أن هؤالء الرعايا غنائم شرعية مادامت دولهم توجد في حالة حرب مع الجزائر. وجاءت معاهدة سنة ١٦٦٨ لتعالج هذه النقطة فكانت المادة الثامنة كاآلتي: "إن كل السفن التابعة للملك االنجليزي أو لرعاياه ونفس الشيء بالنسبة للسفن المملوكة للدولة الجزائرية أو لألفراد الجزائريين لها حرية المرور بالبحر المتوسط والمتاجرة دون أي تفتيش أو إعاقة وتحرش وكل األفراد أو المسافرين الخاضعين لبريطانيا أو الجزائر يعتبرون هم وأموالهم وممتلكاتهم وسلعهم آمنين ومهما يكن ال يتم المساس بمواطني أي دولة أجنبية يكون أفرادها فوق السفن التابعة لجاللة الملك البريطاني وبالطبع ال (١٧) يأسر أو يسلب أو يمس بأي أذى أو تخريب أفراد كال الطرفين". وأما المادة األولى: "يسمح للجزائريين إرسال لجنة تفتيش إلى ظهر أي سفينة إنجليزية إذا التقت بها في البحر شرط أن تكون هذه اللجنة مكونة من رجلين جزائريين. فإذا كان طاقم السفينة يضم مواطنين إنجليز أكثر من المواطنين األجانب تغادر السفينة بحرية دون أي عرقلة وفي حالة وجد المواطنون األجانب أكثر من نظرائهم اإلنجليز تصبح قانونيا غنيمة للجزائريين إال إذا كانت تحمل جواز مرور موقع من الداي". المادة الثانية: " ال يتعرض الجزائريون ألي مركب إسباني محمل بذخائر وممتلكات موجهة لمدينة طنجة اإلنجليزية". المادة الثالثة: "ال يسمح ألي سفينة بحرية جزائرية متوجهة إلى مدينة سال أن تقوم بعمل حربي ضد السفن االنجليزية وأما السفن المتوجهة إلى مدينة طنجة فيجب عليها أن تحمل جواز سفر يقدمه لها القنصل (١٨) Allin) (Thomas "توماس ألين" في تجديد معاهدة السلم والصلح اإلنجليزي بالجزائر". ٣٤
مقالات ١٨ ويذكر السيد بيبيز (Pepys) أن الملك البريطاني قرر تعزيز التواجد االنجليزي في البحر المتوسط لكن في الحقيقة أنه وفي ١٦٦٩ جوان أصدر الملك مرسوما يتضمن إرسال بعثة إلى الجزائر بقيادة السير أالن لتجديد معاهد الصلح والسلم مع الجزائر إن أمكن لكن دون استخدام أي عنف وقد أصدر الدوق يورك القائد األعلى للقوات البحرية اإلنجليزية تعليمات صارمة إلى موفده وطلب منه أن يأخذ على عاتقه قيادة هذه القوة البحرية المكونة من السفن التالية: ريزوليشن (المستوى الثالث) رافنج (المستوى الثالث) ماري (المستوى الثالث) بريستول (المستوى الرابع) فورسايت الرابع) جانتيريون بورتالند (المستوى الثالث) السير دافيس (المستوى الرابع) التنين (المستوى الرابع) جيرسي (المستوى الرابع) كونستنس وورويك الزهر (المستوى الخامس) دارتثموث (المستوى (المستوى الرابع) (المستوى الرابع) نانساش (المستوى الرابع) إكليل (المستوى الخامس) ميلفورد اللؤلؤة (المستوى الخامس) البرتقالة (راجمة قنابل) ليتل فيكتوري (راجمة قنابل) اليد الذهبية (حاملة ذخائر) دابتفورد (سفينة من نوع الكاتش ذات الصاريين) الكاتش) مرحبا (راجمة قنابل). (١٩) بورتسموث (من نوع وطلب دوق يورك من توماس أالن قائد الحملة أن يقوم بأسر أي سفينة جزائرية يصادفها في طريقه بحيث يفاوض بها الجانب الجزائري وأن يحرص على إطالق سراح جميع األسرى االسبان الذين وجدوا على ظهور السفن االنجليزية وكذا االنجليز الذين وجدوا على ظهر السفن المعادية للجزائر. أما في حالة فشل المفاوضات فله الحق في قصف المدينة لكن التعليمات كانت تقضي بضرورة التوصل إلى اتفاق دون استعمال العنف. لم يحصل االنجليز على الترضيات المرجوة ورغم أن توماس آالن عاد إلى الجزائر مرة ثانية في أوت سنة ١٦٦٩ إال أنه لم يتوصل إلى أي نتائج مرضية وفي سبتمبر عاد مرة أخرى وقام بقصف المدينة واالستيالء على مجموعة من الفرقاطات الجزائرية الموجودة بالميناء وفي نوفمبر من نفس السنة كتبت ثالث رسائل من قبل إلى السيد ويليامسان (Williamson) أكد له القنصل اإلنجليزي (٢٠) فيها تواجده كأسير في منزله الخاص لكنه "إذا تدخل الملك وطلب تحريري فسيوافقون على الفور". ويعتبر القنصل صديق ا مقرب ا للباشا الذي ساعده بتوفير الحماية له وفي هذه الفترة كان يتواجد في الجزائر حوالي مائتي مواطن انجليزي كأسرى في (٢١) المدينة. لم تكن هذه األحداث لتمر هكذا دون أي رد فعل إنجليزي متوقع فالشرف الملكي أصبح عرضة للمساس والهيبة اإلنجليزية يمكن أن تتعرض لالهتزاز ولهذا أصبح اإلنجليز مطالبين برد فعل يحفظ ماء الوجه اإلنجليزي على االقل. وقد شهدت سنة ١٦٧٠ عمليات بحرية ناجحة ضد األسطول الجزائري استطاعت انجلترا من خاللها أن تضعف الحركة البحرية الجزائرية بشكل واضح. ففي ١٢ أوت ١٦٧٠ شوهدت مجموعة من السفن الجزائرية وتم مطاردتها من قبل األسطول اإلنجليزي والهولندي لتجبر على الهروب نحو رأس سبارتل Spartel).(Cape لكن اإلنجليز تمكنوا من إحراق سفينتين أما الباقي فقد تمكن العبيد المتواجدون على ظهورها من االستيالء عليها وتقييد طاقمها إلى غاية وصول القائد بيتش فأحرق سفينتين وقام الهولنديون بإحراق اثنتان. وجاءت أسماء السفن الجزائرية كاآلتي: سفينة إناء الزهرة ذات (٤٤) مدفع ا و ٤٨٨ رجل سفينة النمر ذات (٤٤) مدفع ا و( ٤٨٨ ) رجل سفينة الفهد ذات (٤٤) مدفع ا و( ٣٨٠ ) سفينة سفينة النخلة ذات (٤٠) مدفع ا و( ٣٠٠ ) سفينة راعي الغنم ذات (٣٨) مدفع ا و( ٣٦٠ ) رجال والوردة الذهبية ذات (٣٨) مدفع ا و( ٣٣٠ ) رجال. وفي مايو ١٦٧١ وصلت أخبار إلى القائد االنجليزي مفادها أن مجموعة من السفن الحربية الجزائرية ترسو على ساحل بجاية وبعد هجوم إنجليزي فاشل وفي الوقت الذي كان يجهز فيه االنجليز أنفسهم لهجمة ثانية استطاع الجزائريون حماية أنفسهم خلف مجموعة من الكتل الخشبية القوية لكن اإلنجليز اخترقوها واستطاعوا تدمير سبع بوارج جزائرية ذات الثمانية والعشرين إلى الثالثين مدفع ا. هذه األحداث دفعت الرياس إلى الثورة ضد السلطة وتعيين أول داي ذات صالحيات جديدة ودخول الجزائر مرحلة الدايات وبهذا تمكن اإلنجليز من إجبار الداي على توقيع (٢٢) معاهدة صلح وسالم جديدة. ٣ -تصدع العالقات اإلجنلزيية اجلزاي رية ١٦٨٢-١٦٧١ في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات جارية بين الطرفين الجزائري واالنجليز قام الكابتن جون هولمز (Captain John Holmes) بتصعيد عملياته على مضيق جبل طارق أين استطاع احراق إحدى الغنائم الجزائرية وقاد إحدى البوارج إلى (٢٣) الساحل. لكن تجدد الحرب مع هولندا جعلت الطرفان يتوصالن إلى اتفاق في ٢٩ نوفمبر ١٦٧٢ يقضي بتجديد معاهدة الصلح والسلم التي وقعت سابقا بين الجانبين. وفي جوان ١٥٧٤ عين Martin) (Samuel "ساموال مارتين" كقنصل انجليزي في مدينة الجزائر ولسوء حظه فقد سمح له بممارسة التجارة حيث اشترك مع التاجر اللندني الشهير وليام باوتال William) (Bowtell الذي اعتبر نفسه وكيال الفتداء األسرى ولألسف ف ق د كل ثروته على إثر هذه العملية الفاشلة. (٢٤) وعند عودته إلى انجلترا شرح األخير للملك االنجليزي أن القنصل يوجد في خطر بالغ بعد الثورة التي قادتها االنكشارية. وكما توصي به األعراف فإنه بعد توقيع أي دولة أوربية السلم مع الجزائر فعليها أن تقوم بافتداء أسراها وهذا ما لم يكن يستطع ٣٥
مقالات االنجليز القيام به في الوقت الراهن خاصة وأنهم كانوا يحتاجون إلى هذه المبالغ لتدعيم مراكزهم في أوربا. وقدم السير سبارغر وعود ا للديوان بأنه وخالل ثالثة أشهر إن لم يقم اإلنجليز بافتداء أسراهم فللجزائريين الحق بإنهاء العالقات في نوفمبر ١٦٧٤. وفي ١٩ سبتمبر من السنة نفسها قرر الملك االنجليزي تعيين لجنة الفتداء األسرى اإلنجليز الغير مهمين لكن الداي وبخجل أرسل إلى الملك البريطاني يخبره بضرورة افتداء األسرى لتهدئة ثورة االنكشارية ولهذا فيجب على االنجليز افتداء خمسة رجال يخصون قادة المدينة وثالثين رجال يخصون الباشا والقادة الكبار في الدولة... وفي ٨ ديسمبر عاد االسطول االنجليزي السابق إلى الجزائر محمال ب (٧٥) ألف قطعة ذات الثمانية لفدية األسرى اإلنجليز ورغم الصعوبات التي القتها البعثة بسبب تزييف اليهود لدليل األسرى الموجود بقصر الداي إال أنه وفي جانفي ١٦٧٥ تمكنت البعثة من انهاء مهمتها بافتداء (١٨٩) أسير بمبلغ (٥٦) ألف قطعة ذات الثمانية وهدايا بقيمة ٦٠٥٢ قطعة ذات الثمانية قدمت وفي الفترة الممتدة بين سنتي ١٦٧٧-١٦٨٠ تمكن بحارة الجزائر من االستيالء على ١٥٣ سفينة إنجليزية كان على ظهرها ١٨٥٠ رجل وممتلكات قيمتها ١٥٣ ألف إسترليني من بينها أربعة سفن (٢٦) من ماساشوست (Massachusetts) هي كاآلتي: (البركة الوردة الوحدة وليام وماري). وغادرت هذه السفن من بوستن وشارلستون حيث قتل من طاقمها ما ال يقل عن ستين شخص ا وعدد غير معروف من المسافرين من بينهم امرأة تسمى (Mary Litchfield) "ماري لشفيلد" وأسروا تسعين شخص ا كانوا محظوظين جد ا أن تم افتدائهم وأغلب هؤالء عادوا إلى منطقة نيو انجلن لعيش حياتهم بصورة طبيعية أما الباقون في مدينة الجزائر فقد ماتوا سواء من جراء المرض أو األعمال الشاقة. (٢٧) وهنا جدول يوضح عدد األسرى وأسماءهم والسفن االنجليزية (٢٨) المأسورة في الفترة الممتدة بين سنتي -١٦٨٤: ١٦٧٨ للديوان. (٢٥) السفينة/ الطاقم مولد-وفاة المدينة/المنطقة السنة القدر سفينة البركة - بابل روجر - باستر بنجامين - برانستوم أرثر - توماس كوربين - دجرانكر فيليب - الكابتن جيمس إلسون - ريتشارد إلسون - لوفداي المبسون - ويليام مارش - دانيال ماسون - بينجامين ميريك - توماس ميشال - ميشال نيوكومب - جورج سميث بوسطن بوسطن بوسطن ميودي ريفر شارلستون شارلستون شارلستون -- شارلستون ووترتاون شارلستون شارلستون شارلستون بوسطن مجهول مجهول مجهول افتدي سنة ١٦٨١ مجهول افتدي سنة ١٦٧٩ مجهول افتدي سنة ١٦٨١ مجهول توفي أسير ا ١٦٨٠/٥ افتدي سنة ١٦٨٤ مجهول افتدي سنة ١٦٨٩ افتدي سنة ١٦٨١ ١٦٧٨ -- ١٦٥٢ - -- ١٧٠٤-١٦٥٦ -- ١٦٨٠-١٦٤٣ -- -- توفي سنة ١٦٩٥ ١٦٨٠-١٦٤٠ ١٧٠١-١٦٤٤ -- -- -- ١٦٧٨ سفينة الوردة - الكابتن جون فيرنال بوسطن هرب ١٦٩٩-١٦٥٤ - توماس جينار شارلستاون افتدي سنة ١٦٨١ ١٧٠٦-١٦٥٨ ١٧٠٩-١٦٢٨ - توماس ميشال مالدين افتدي سنة ١٦٨١ ٣٦
مقالات السفينة/ الطاقم مولد-وفاة المدينة/المنطقة السنة القدر ١٦٨٠ سفينة الوحدة ١٦٨٥-١٦٣٨ -- ١٦٨١-١٦١٠ -- -- - الكابتن وليام كوندال - جون شابمن - وليام هاريس - سيمون جونسون - جون واتس بوسطن -- بروفيدنس -- بوسطن افتدي سنة ١٦٨١ افتدي سنة ١٦٨١ افتدي سنة ١٦٨١ افتدي سنة ١٦٨١ افتدي سنة ١٦٨١ ١٦٨٠ -- ١٧٢٤-١٦٥٤ ١٧٥١-١٦٥٦ - ١٦٨٦ -- سفينة ويليام وماري - الكابتن ويليام أشلي - جون بامستيد - جوشوا جي - بينجامين هالويل - جورج باركيس بوسطن بوسطن بوسطن بوسطن بوسطن افتدي سنة ١٦٨٥ افتدي سنة ١٦٨١ افتدي سنة ١٦٨٧ افتدي سنة ١٦٨٩ توفي أسير ا ١٦٨١ -- سفينة المغامر جون - الكابتن كريستوف مونك بوسطن افتداه أحد االنجليز ١٦٨١ سفن مجهولة - موسس أيريس - باونس - أليكسندر دوميت - ساموال غولد - توماس غولد - جون غرين - جوزيف خوان - ماري ليتشفيلد - روبنس - توماس ثاتشر دورشيستر روكسبوري بوسطن بوسطن -- كامبرج -- دروشيستر دروشيستر -- بوسطن بوسطن ١٦٨٠ ١٦٨٥ ١٦٨١ ١٦٨٠ ١٦٨٠ ١٦٨١ ١٦٨٠ ١٦٨١ ١٦٨٣ ١٦٨٠ ١٦٨٥ ١٦٨٣ افتدي بعد ١٦٨٤ مجهول مجهول مجهول مجهول مجهول مجهول افتدي سنة ١٦٨٣ افتدي سنة ١٦٨٤ مجهول مجهول مجهول ولد ١٦٦٤ -- -- -- -- ١٦٥٧ - -- ١٧٠٣-١٦٤٠ -- -- -- -- - تاكر - ويدن وفي سنة ١٦٨٢ توصل الطرفان االنجليزي والجزائري إلى توقيع معاهدة صلح وسالم (٢٩ ( وقد احتوت المعاهدة على اثنين وعشرين بندا ثبتت سالمة المواطنين اإلنجليز إضافة إلى تأمين التجارة اإلنجليزية. طنجة. ومنعت بحارة الجزائر من التعرض لمدينة كما منعت بيع السلع اإلنجليزية المأسورة في مدينة الجزائر أو في أي نطاق يخضع لنفوذها. كما عالجت المعاهدة قضية تفتيش السفن الجزائرية وذلك في البند (٤): إن صادف والتقت سفينة جزائرية حربية أو أي سفينة أخرى من أي نوع بسفينة تجارية أو أي سفينة أخرى تابعة لرعايا الملك البريطاني في مناطق بحرية ال تخضع للسيطرة البريطانية يسمح للجزائريين بإرسال قارب واحد يحمل م ر اق بي ن بحيث ال يتعرضان ألي سلع موجودة على ظهر السفينة وللمراقبين الحق في االطالع على جواز السفر الممنوح من قبل األدميرال االنجليزي وااليرلندي أو القائد األعلى للقوات األيسلندية وبهذا فإن هذا القارب له الحرية التامة في المغادرة وتظل هذه المعاهدة طول خمسين شهر ا من توقيعها راسخة وال تخرق وإن صادف والتقت أي سفينة تابعة للملك البريطاني أو رعاياه بسفينة جزائرية تغادر بحري ة لكن وبعد هذا التاريخ ) يأ بعد الخمسين شهر ا) يتوجب على السفن التجارية المملوكة للدولة أو األفراد أو حتى السفن الحربية أن تقدم جواز سفر مختوم من قبل الداي والذي يمنحه بالنيابة عنه القنصل االنجليزي بالجزائر للمرور أما إذا لم تكن تحمل هذه السفن جواز سفر بعد هذا التاريخ تصبح طواقمها ملك ا لألتراك والمغاربة كأسرى بالجزائر لكن بعد ٣٧
مقالات : وصولهم إلى المدينة ويتم التأكد بأنهم انجليز ثم يطلق سراحهم مباشرة واألمر نفسه يتعلق بالجزائريين فإنه وبعد مرور خمسين اله وام ش (1) John B. Hattendorf, Naval Policy and Strategy in the Mediterranean Past, Present and Future, London: FRANK CASS, 2000, P. 23. (2) A. Berbrugger, "Occupation anglaise de Tanger (de 1662 à 1683)", Revue Africain, Vol 5, 1861, P.337. (٣) يسمي المسيحيون الكاثوليك كل من خرج عن الكنيسة الرومانية شهر ا من هذا التاريخ يصبح إلزام ا على الجزائريين إظهار جوازات سفرهم للسفن الحربية البريطانية. خ امت ة شهدت الفترة األخيرة من القرن السادس عشر تراجع الهيبة العثمانية واإلسبانية وصعود دول جديدة تمثلت في فرنسا وانجلترا وحتى هولندا هذه الدول لم تعد تحارب من أجل الدين بل طورت بحرياتها لتتالءم مع مصالحها التجارية واالستراتيجية في البحر المتوسط والمحيط األطلسي. ورغم أن العالقات الجزائرية االنجليزية شهد استقرار ا أواخر القرن السادس عشر إال أنها شهدت تراجع ا مع مطلع القرن السابع عشر كون االنجليز وقعوا معاهدة سالم مع إسبانيا العدو األول بالنسبة للجزائريين وبهذا أصبح ي نظر إلى انجلترا كدولة معادية ألنها وقعت على الصلح مع األعداء. إن العالقات الجزائرية اإلنجليزية اشتدت خالل القرن السابع ففي الفترة الممتدة بين سنتي (١٦٢٠-١٧٠٠) شهد الطرفان توقيع حوالي (١٣) معاهدة تمحورت أغلبها حول سالمة وأمن التجارة البريطانية. وإن دراسة موضوع العالقة بين الجانبين في العصر الحديث ال يزال بكر ا في أبحاثنا الجزائرية حيث نرى أن أغلب الباحثين يتوجهون في األغلب لدراسة العالقات الجزائرية الفرنسية واالسبانية والعثمانية رغم أن فهم تاريخ الجزائر لن يتم إال بفهم تاريخ العالقة االنجليزية الجزائرية كطرف مهم في قوى البحر المتوسط خالل الفترة الحديثة. الكاثوليكية هرطقيا وباعتبار أن اإلنجليز كانوا يتبعون المذهب البروتستانتي اللوثري فإن الشعب البرتغالي ظل ينظر إلى االنجليز كأعداء لهم وهذا عكس السلطة العليا التي لم يعد الدين عندها يعني أي شيء فالمصالح التجارية واالستراتيجية قد طفت فوق كل هذه األمور. (4) Miss Enid Routh, "The English Occupation of Tangier 1661-1683", Transaction of The Royal Historical Society, Vol19, 1905, p62. (5) Ibid. (6) William Laird Clowes, The royal Navy, A History from the Earliest Times to the Present, In 5 Vol (Vol2), London: Sampson Low, Marston and Company, 1898, p22-23. (٧) إحدى المناطق اإلنجليزية الساحلية تقع على الجنوب الساحلي. (8) William Laird Clowes, op.cit., Vol2, p23. (٩) مروش المنور دراسات عن الجزائر في العهد العثماني (القرصنة الواقع األساطير) ج ٢ دار القصبة للنشر والتوزيع الجزائر ٢٠٠٩ ص ٣٣١. (10) Miss Enid Routh, op.cit., p62. (11) William Laird Clowes, op.cit., Vol2, P 322. (12) William Laird Clowes, op.cit., Vol2, P 322. (13) George Chalmers, A Collection of Treaties, Between Great Britain and Other Powers, 2Vol (Vol2), London: Printed for John Stockdale, Piccadily, 1790, P.361. (١٤) جون. ب. وولف الجزائر وأروبا تر. أبو القاسم سعد الله المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ١٩٨٦ ص ٣٢٣. (15) Jullian S. Corbett, England in The Mediterranean, 2Vol (Vol 2), 2(nd) Ed, London: Longmans, Greend and Co 1916, P. 338. (16) Playfair, E. L, The scourge of Christendom, Annales of British relations with Algiers prior to the French conquest, London: Smith, Elder, And Co, 1884, p88. (17) George Chalmers, op.cit., P.362. (18) Playfair, E. L, op.cit., P.97-98. (19) Ibid, p98-99. (٢٠) هو السيد ساموال مارتين Samuel Martin القنصل اإلنجليزي بالجزائر خالل الفترة الممتدة بين سنتي ١٦٧٤-١٦٨٠. (21) Ibid, p101. (22) Jullian S. Corbett, op.cit., p359. (23) William Laird Clowes, op.cit, P441. (24) Playfair, E. L, op.cit., p114. (25) Ibid, p116-117. (٢٦) والية أمريكية تقع شمال أمريكا على المحيط األطلسي وواحدة من الواليات الست لنيو انجلن والتي كانت سابق ا تخضع للنفوذ اإلنجليزي. (27) Beth A. Bower, Captivity with ye Barbarous Turks : Seventeenth- Century New Englanders Held Hostage, New England Historic Genealogical Society, spring 2012, Vol 13, No 2, p18-19. (28) Ibid, P19. (٢٩) لمزيد من المعلومات: Article of Peace and Commerce between the most serene mighty Prince Charles 2, by the grace of God King of Great Britain, France and Ireland, defender of the faith, and the most illustrious Lords, The Bashaw, Dey, Aga, and Governours of the famous City and Kingdom of Algiers in Barbary: concluded by Arthur Herbert, Esquire, Admiral of his Majesties Fleet in The Mediterranean seas: on the Tenth of April, Old Stile, 1682, Printed by John Bill, Henry Hills, Thomas Newcomb, London, 1682. ٣٨
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات ¼ çj¹] éeù] vfö]»fóö]î ¹]ì Â^Îî Âêréi] çé ]Å] Ö] íé ^iìð] Î باحث في التاريخ الحديث والمعاصر المركز الوطني للدراسات التاريخية الجمهورية الجزاي رية < << ت ع د قاعدة المرسى الكبير من أهم القواعد العسكرية بالحوض الغربي للبحر األبيض المتوسط لمكانته االستراتيجية فمن حيث األهمية يعتبر مناعة طبيعية مميزة من كل األحوال الجوية وبموقعه يمكن مراقبة حركة المالحة البحرية لهذه الخصائص وغيرها ظل محل صراع على مدى القرون منذ نشأته على يد الفنيقيين إلى غاية استقالل الجزائر من االحتالل الفرنسي مرور ا بعدة مراحل من االحتالل الوندالي والروماني ثم الفترة اإلسالمية من مرابطين وموحدين ثم االحتالل الصليبي من إسبان وبرتغال إلى أن استرجعت الجزائر استقاللها فعادت القاعدة تحت سيادة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني في ٢ فيفري ١٩٦٨ ومنذ ذلك الحين استعادت القاعدة مكانتها وأصبحت سد ا منيع ا لحماية مياهها اإلقليمية والدفاع على سالمة التراب الوطني. تاريخ استلام المقال: تاريخ قبول النشر: يناير ٢٤ ٢٠١٥ ا بريل ٠١ ٢٠١٥ القواعد العسكرية الاحتلال الفرنسي مفاوضات ا يفيان السلطات الجزاي رية الملاحة البحرية DOI 10.12816/0045085 كريم مقنوش "الصراع الجيوستراتيجي على قاعدة المرسى الكبير في البحر الا بيض المتوسط: قراءة تاريخية".- دورية كان التاريخية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٣٩ ٤٣. م ق د م ة يعتبر المرسى الكبير من أهم القواعد العسكرية بحوض البحر ممتاز إذ يتوسط جبلين سانتا كروز شرقا وسنتون شماال هذا األخير يحميه من الرياح الغربية وقد كان قبل استرجاع وهران (٢) هو الميناء الرسمي في بايلك الغرب. األبيض المتوسط نظرا لمكانته الجغرافية وموقعه الجيو- وبموقعه االستراتيجي يمكن مراقبة حركة المالحة البحرية استراتيجي يقع على بعد ٦ كلم غربي خليج وهران ويمتد على من مضيق جبل طارق إلى قناة السويس وبالتالي أصبح على مدار شريط ساحلي يقدر ب ١٢ كلم. تكمن أهميته االستراتيجية في األزمنة السابقة محل صراع حضاري واستراتيجي أسال لعاب كثير مناعته الطبيعية المميزة من سوء األحوال الجوية فقد ذكر أكثر من كتاب ومؤرخين حول مزاياه الطبيعية فيقول في ذلك ابن حوقل ) ق ٤ ه/ ١٠ م): "أنه في غاية السالمة والصون من كل ريح" وعبيد الله البكري( ق ٥ ه/ ١١ م) يصفه: "أنه آمن ومحمي من كل الرياح" وأما الشريف اإلدريسي( ٦ ه/ ١٢ م) فيقول في شأنه:" إن المرسى الكبير به ترسو المراكب والسفن ويست ر من كل ريح وليس له مثال في مراسي حائط البحر من بالد البربر" وأما حسن الوزان من الدول في القديم والحديث حتى ظل من يحتله قد تمكن من السيطرة على البحر األبيض المتوسط. وبهذا االستعراض ومحاولة منا تتبع المراحل التاريخية للمرسى الكبير كيف أصبح محل صراع بين مختلف الدول وعبر حقب زمنية متتالية أوال : الرصاع احلضاري عىل المرىس الكبري يعود تاريخ ميناء المرسى الكبير إلى العهد الفينيقي أين تم الملقب باألسد اإلفريقي ١٦ م) ( ١٠ ه/ فيقول: نظير بين "ليس له تأسيسه سنة ٤٨٠ ق.م كان الفينيقيون أمة بحرية دفعتها الحاجة المراسي األخرى في العالم إذ بإمكانه استقبال المئات من السفن ١) ( ومرساه وتوفير الحماية لها من تقلبات األنواء وعواصف البحر" االقتصادية إلى ارتياد البحر لتجلب عن طريقها ذهب السودان وفضة األندلس لكن المسافة بين فينيقيا وهذه المناطق بعيدة ٣٩
مقالات جدا اضطرتهم إلى تأسيس مراكز تموين يقفون عندها للتموين وإصالح السفن ثم تطورت هذه المراكز. ( ٣) إلى أسواق تجارية أسسوا لها عدة مراكز ففي تونس مثال نجد "حضر موت" بسوسة و"عوتيقة" أما في الجزائر نجد "هيبون" أو بونة و"إجيجلي" (جيجل) و"صلداي" (بجاية) و" مرسى الكبير" هذا األخير جعلوا منه محطة تجارية لتصدير منتوجاتهم بعد أن سيطروا على الحوض الغربي من البحر األبيض المتوسط كما كانت قاعدة تنطلق منها حمالتهم العسكرية لبسط نفوذهم على شعوب المنطقة وظل الميناء على هذه المكانة حتى بعد دخول الرومان إلى الجزائر غير أنه تعرض لخراب ودمار على يد جيوش الوندال القادمين من سواحل البلطيق بأوروبا تحت قيادة جانزريك سنة ٤٢٩ م وبقي االحتالل الوندالي للجزائر قرابة قرن فقل نشاطه التجاري وضعف حركته وبالتالي فتاريخ الوندال كان حافال بوقائع االضطهاد وأعمال التخريب. (٤) وخالل الفترة اإلسالمية توسع المرابطين في الجهات الوهرانية واستيالئهم على األندلس كان عامال مهم ا في جلب االنتباه إلى أهمية موقع وهران والمرسى الكبير فأصبحا من القواعد الرئيسة لدولة المرابطين بعد أن استولى عليها محمد بن ثم استأنف نشاطه وعرف نهضة تجارية كبيرة خاصة ينعمر. (٥) عندما أصبح الميناء مأوى لألسطول الموحدي في عهد الخليفة وقد عبد المؤمن بن علي الذي أسس دار بناء السفن وإصالحها. (٦) كان الموحدون يملكون جيشا قويا كما كانوا يملكون أسطوال هاما إذ أصبح هو أول أسطول في حوض البحر األبيض المتوسط واتخذوا من المرسى الكبير قاعدة رئيسية ألسطولهم وأصبح نقطة عبور لألندلس ومنطلق السفن الحاملة للجيوش نحو إفريقيا وقد بلغ من قوة الموحدين العسكرية أن سكان اإلسكندرية كانوا يتوقعون احتالل مصر من طرف الموحدين. (٧) واستطاع الموحدون خالل فترة حكمهم في شمال إفريقيا تأسيس مراكز تجارية على طول السواحل اعتبار ا من مرسى تلمسان وطريقها إلى األندلس ويليها المرسى الكبير وهران أرزيو مستغانم تنس شرشال الجزائر بجاية جيجل القل سكيكدة وعنابة وكانت بها قناصل للدول التجارية يحفظون وفي الفترة المرينية ثم الزيانية تدعمت مكانة حقوق رعاياهم. (٨) المرسى الكبير حيث أصبح يتوفر على حصن دفاعي األمر الذي شجع السفن التجارية من جنوة ومرسيليا وبرشلونة على اتخاذه (٩) محطة رئيسية في المتوسط. وفي القرن الخامس عشر الميالدي تعرض مرسى الكبير لغارات البرتغاليين فاحت ل مرتين المرة االولى من ١٤ أوت ١٤١٥ إلى ١٤٣٧ وذلك في عهد الملك جان االول" " Jean le 1 er والمرة الثانية من عام ١٤٧١ إلى ١٤٧٧ في عهد الملك ألفونسو الخامس (١٠)."Alphonso 5" كما أقام بنو زيان بجانب المرسى الكبير مدينة سكنها مهاجرو األندلس الفارين من البطش اإلسباني بعد سقوط غرناطة سنة ١٤٩٢ وصاروا ينطلقون منه لردع قرصنة األوروبيين واإلغارة على شواطئ إسبانيا إلنقاذ ماتبقى من المسلمين الذين كانت تطاردهم محاكم التفتيش اإلسبانية في األندلس وبضعف حكام بني زيان وانحطاط األوضاع االقتصادية وسقوط غرناطة تعرض المرسى الكبير إلى االحتالل اإلسباني. وفي مطلع القرن السادس عشر الميالدي اشتدت غارات اإلسبان على المرسى الكبير في إطار الحروب الصليبية بعد أن حققوا هدفهم في طرد المسلمين من األندلس بعض الروايات المتداولة التاجر البندقي جيروم فيانال Vianelle).J) الذي كان يتردد على حصن المرسى الكبير قد تمكن من اقناع رجال البالط االسباني وفي مقدمتهم الكاردينال كزيمنيس Ximénes) (Don.F بأن المرسى الكبير هو باب افريقيا وأم وهران من أغنى المدن الساحلية مما. ( ١١) المسلمين شجع الكاردينال على مواصلة الغزو ضد ففي أواخر شهر أوت ١٥٠٥ قاد دون رايموند دى قرطبة Cordoba) (Don Raimond de األسطول اإلسباني بجيش قوامه ٥ آالف رجل احتل من خالله المرسى الكبير في ١٤ سبتمبر من نفس السنة بعد معارك طاحنة. ( ١٢) وبمجرد تمركز اإلسبان بالمنطقة فتحوا سوقا تجاريا إلى جانب المدينة من أجل تزويد حاميتها بما يلزمها من المؤن واألغذية الضرورية. وتجدر اإلشارة إلى أن المرسى الكبير بقي تحت حكم اإلسبان لمدة ثالثة قرون إلى أن خرجوا منه في سنة ١٧٩٢ ليعود إلى السيادة الجزائرية في ظل الحكم العثماني. هد د المد الصليبي االسباني والبرتغالي المغرب العربي باالحتالل نظر ا لضعف الدول الثالث المرينية والزيانية والحفصية التي بدل أن تتوحد مثلما كان الحال في عهد الدولة الموحدية استمرت الحروب فيما بينها أنهكت قواها فتمكن الصليبيون االسبان من السيطرة على تيطوان وسبتة والمرسى الكبير ووهران ومستغانم وبجاية وجيجل وعنابة ولما استفحل الخطر االسباني على تلك المنطقة استنجد سكانها باألخوين عروج وخير الدين العثمانيين (١٣ (. كانت قضية تحرير المرسى الكبير من االهتمامات الكبرى للدولة العثمانية لذلك صم م رؤساءها على تصفية الوجود اإلسباني االستعماري في البالد فقد بذل كل من (١٤ ( ومحمد قوصه سنة ١٦٠٦ حسان بن خير الدين باشا سنة ١٥٦٣ والباي إبراهيم سنة ١٦٨٧ عدة محاوالت إلنقاذه. وفي عام ١٧٠٨ حشد الباشا محمد بكداش جيش ا كبير ا حر ر به المرسى الكبير لكن اإلسبان وألهمية الموقع االستراتيجي جد دوا الهجوم عام ١٧٣٢ وقاموا باحتالله لمدة ٦٠ سنة. (١٥) فعزمت الدولة الجزائرية بقيادة بطلها محمد بن عثمان باشا على إجالء المحتلين اإلسبان بصفة نهائية سنة ( ١٦) ١٧٩٢ بعد معارك متواصلة اقتنعت اسبانيا جدوى الحفاظ على احتاللها ٤٠
مقالات لوهران فطلبت في أفريل ١٧٩١ من الداي محمد عثمان باشا تطبيق اتفاق االنسحاب لكن الباشا رفض الطلب بال قيد وال شرط وكان على فراش الموت وتوفي في ١٢ جويلية ١٧٩١ وخلفه الداي حسان باشا وكانت المعارك دائرة في وهران تضيق الخناق على العدو وألحت اسبانيا على الداي معلنة قبولها لسائر الشروط التي تمليها الجزائر مقابل السالم فقبل الداي الصلح بالشروط التالية: تنسحب إسبانيا من وهران والمرسى الكبير دون قيد وال شرط. تدفع سنوي ا لخزينة الدولة الجزائرية ١٢٠ ألف فرنك. ترجع إسبانيا للجزائر كل القنابل والمدافع والذخيرة التي غنمتها عند إعادة احتاللها لوهران والمرسى الكبير. تحمل سفينة إسبانية بصفة رسمية مفتاحين ذهابيين إلى إسطنبول رمز ا لالستسالم بتسليم وهران والمرسى الكبير مع جرتين من ماء عيون وهران إلى الخليفة العثماني كبشرى بالفتح والتأكيد على الرابطة التي تصل الجزائر بدولة الخالفة العثمانية. وبالمقابل تقبل الجزائر ما يلي: أن يكون إلسبانيا مركز تجاري في بلدة جامع الغزوات. أن تشتري من الجزائر ٣٠٠٠ كيلة من القمح سنوي ا. أن تباشر صيد المرجان على الساحل الغربي للجزائر. زعماء الطرق الصوفية منهم حيث حدثت ثورات عديدة في إقليمه بقيادة الدرقاوة والتيجانية. فكان يعيش في خوف دائم وآخر ذلك الخوف كان من الطريقة القادرية ممثلة في شيخها محي الدين بن مصطفى والد األمير عبد القادر. (١٨) فهذه الخلفية السياسية واالستراتيجية لم تكن خافية على دي بورمون Bourmont) (de ومستشاريه في الجزائر وعندما استكمل في رسم الخطة وج ه حملة يوم ١٣ أوت ١٨٣٠ بقيادة إبنه أميدي الذي حاول احتالل المرسى الكبير وحصون مدينة وهران ولكن مقاومة السكان جعلت الحملة تعود منهزمة رغم أن الفرنسيين يقولون إنهم هم الذين تخلوا عنها كان قائد الحملة اميدي بورمون قد فقد رأسه في وهران وهكذا تلقى دي بورمون (١٩) وهو في الجزائر بشرى النصر في وهران ممزوجة بنعي ابنه. وفي عهد الجنرال كلوزيل (Clauzel) بعث بحملة بحرية إلى سواحل وهران على رأسها الجنرال دامريمون (Damrémont) فاحتل المرسى الكبير يوم ١٣ ديسمبر ١٨٣٠ لكنه انسحب منها. (٢٠) وفي عهد الجنرال بيرتزين (Berthezéne) أرسل قوات عسكرية لدعم احتالل وهران والمرسى الكبير في ٦ فيفري ١٨٣١. أما بوييه بقي محاصر ا في وهران وكل ما استطاع فعله هو الحفاظ بالمدينة والمرسى الكبير وربطهما بطريق لدعم جنده وذلك بسبب عدم قدرته لمحاربة الشيخ محي الدين والد األمير عبد القادر. (٢١) أبرمت المعاهدة يوم ٩ ديسمبر ١٧٩١ وبذلك انسحبت إسبانيا وتركوا األسلحة والعتاد المتفق عليه وسلمت المدينة رسمي ا (١٧ (. وتمت إزالة آخر قاعدة إسبانية على الساحل الجزائري وبذلك طويت صفحتهم وبمرور الزمن تغيرت األوضاع بسرعة فائقة حيث أنه لم يكد يبدأ المرسى الكبير في نمو وازدهار حتى وقع في أيدي االحتالل الفرنسي في سنة ١٨٣٠. ثاني ا: المرىس الكبري حتت نري االحتالل الفرنيس كان الفرنسيون يعرفون الكثير عن ميناء المرسى الكبير من تقارير قناصلهم ومن السجالت اإلسبانية وخرائطها كما يعرفون بالخصوص المطامع اإلسبانية هناك وحتى مطامع سالطين المغرب اللذين لم يكونوا دائما على عالقات طيبة مع باشوات الجزائر فاحتاللها له يقطع الطريق أمام تلك المطامع من جهة ويعطي لفرنسا فرصة التحكم في تحركات مضيق جبل طارق باإلضافة إلى كون الفرنسيين يعرفون ضعف أداة الحكم العثماني في إقليم وهران. فالباي حسن بن موسى كان عجوز ا مريض ا في حدود الثمانين سنة ولم يكن قادر ا على نجدة صديقه حسين باشا إال بخليفته فقط وبعدد غير كبير من الجنود ومن جهة أخرى كان الباي حسن في على عالقات سيئة مع سكان إقليمه وال سيما لقد أدركت فرنسا أهمية موقع المرسى الكبير على المستوى العسكري وبعد استقرارها بالمنطقة جعلته ميناء عسكري وذلك سنة ١٩٣٦ ثم حولته إلى قاعدة عسكرية سنة ١٩٣٩ شرعت من خاللها بناء استراتيجيتها في المنطقة. وبموجب مرسوم ١٩٣٩ رقي الميناء إلى قاعدة عسكرية وتصنيفه منطقة بحرية بالدرجة (٢٢) األولى فقامت بإنشاء عدة منشآت بها كما قامت أيض ا بتوسيع حواجزها وحفر األنفاق بها حتى أصبحت من أهم القواعد البحرية على اإلطالق على مستوى البحر األبيض المتوسط وقاعدة مندمجة في مخططات معاهدة حلف شمال األطلسي مما جعل االستعمار الفرنسي حريصا كل الحرص على الحفاظ عليها. فالقاعدة لها أهمية من عدة جوانب أوال من الجانب الجغرافي استراتيجي وهنا تصبح القاعدة متكاملة مع قاعدتي بنزرت ومالطا حيث أن الكل يشكل مثلثا يسيطر على مراقبة البحر (٢٣) المتوسط. وفي فترة الحرب العالمية الثانية أصبحت قاعدة المرسى الكبير مسرح ا للمعارك والعمليات العسكرية إذ تعرض األسطول وخالل الفرنسي إلى القصف البريطاني يوم ٧ جويلية ١٩٤٣. (٢٤) الثورة الجزائرية لعبت األساطيل الحربية الفرنسية في ضرب حصار بحري على الجزائر خاصة في غرب البحر األبيض المتوسط انطالق ا من قاعدة المرسى الكبير المزود بأحدث ٤١
مقالات األسلحة النووية والصواريخ والغواصات التي كانت تسيطر على البحر لمراقبة سواحل شمال إفريقيا والسواحل األوروبية وعلى حد تعبير حسن بوشيبة أن كل االستراتيجيين في الغرب يرون أن بنزرت تعتبر البندقية الموجهة إلى أوربا لكن المرسى الكبير يعتبر ففي ١٦ أكتوبر ١٩٥٦ تم حجز الباخرة المدفع الموجه ألوربا. (٢٥) (٢٦) أطوس (Athos) من طرف البوارج العسكرية الفرنسية حيث تم تفتيشها بقاعدة المرسى الكبير وتعتبر واحدة من بين البواخر األجنبية التي تعرضت للقرصنة الفرنسية في الحجز واإلغراق. ( ٢٧) والتفتيش ولإلشارة اعتبرت هذه الحادثة نكسة كبيرة للثورة الجزائرية إلمداد مختلف المناطق باألسلحة والذخيرة التي كان جيش التحرير الوطني في أمس الحاجة إليها. (٢٨) ثالث ا: المرىس الكبري يف مفاوضات إيفيان كانت القاعدة البحرية المرسى الكبير من أهم النقاط التي عرقلت سير مفاوضات إيفيان بين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والحكومة الفرنسية شأنها في ذلك شأن مسألة الصحراء خاصة إذا علمنا أن بنزرت وقاعدة طرابلس والفاليت (٢٩ ( وقد انتهت بمالطا ال تضاهي في حجمها وقوتها المرسى الكبير. المباحثات التي جرت في إيفيان من ٧ مارس إلى ١٨ مارس ١٩٦٢ إلى النتيجة وهي السماح لفرنسا باستغالل قاعدة المرسى الكبير ١٥ لمدة عاما قابلة للتجديد مع السماح لها أيض ا باستعمال المطارات والمنشآت العسكرية. (٣٠) وجاء في نص االتفاقية في المادة األولى فيما يخص االتفاق الخاص والمتعلق بالمسائل العسكرية ما يلي: "تمنح الجزائر فرنسا حق استخدام قاعدة المرسى الكبير البحرية والجوية مدة خمسة عشر عاما ابتداء من تاريخ تقرير المصير. وفي اإلمكان تجديد المدة باتفاق بين البلدين وتعترف بالصفة الجزائرية لألرض المقام عليها قاعدة المرسى الكبير". (٣١) الكبير وبشار ورقان التي كانت محطة فنية للسالح النووي وإطالق الصواريخ. (٣٣) خ امت ة تم في هذه الدراسة تتب ع أهم المحطات التاريخية للمرسى الكبير الذي تعر ض إلى صراع حضاري استراتيجي يدخل في نطاق ما نسميه في تاريخنا المعاصر بالصراع الجيوستراتيجي في فترات متعاقبة منذ الوجود الفينيقي والروماني والوندالي والبيزنطي ثم العثماني إلى آخر فترة من االحتالل الفرنسي للجزائر بحيث كانت فرنسا تعتبر قاعدة المرسى الكبير األولى خارج فرنسا من حيث األهمية لكن وبعد استقالل الجزائر في ٥ جويلية ١٩٦٢ عملت السلطات الجزائرية على استرجاع قاعدة المرسى الكبير لتكتمل السيادة الوطنية قبل انقضاء فترة االتفاق والمدة المتفق عليها والتي حدد ت بخمسة عشرة سنة قابلة للتجديد وكان ذلك يوم ٢ فيفري ١٩٦٨ فعادت القاعدة تحت سيادة الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني ومنذ ذلك الحين استعادت القاعدة مكانتها وأصبحت سد ا منيع ا لحماية مياهها اإلقليمية والدفاع على سالمة التراب الوطني. يذكر أحمد زياد في ذلك أن المرسى الكبير ليس قاعدة بحرية فقط ألننا نعرف أنها تملك مطارات تابعة لها تقوم بنفس المهمة وهي المراقبة وحراسة الضفة الجنوبية للبحر المتوسط وقد طرحت هذه المسألة في محادثات ليروس باعتبار المطارات جزء تابع من القاعدة وقد حاول الوفد الجزائري فصل هذه المطارات عن قاعدة المرسى الكبير ألنه ملجأ للسفن والغواصات وفي الوقت نفسه يحتاج إلى حراسة من طرف السالح الجوي وهكذا (٣٢) ربطت المطارات دفاعي ا بالمرسى الكبير. فباإلضافة إلى المرسى الكبير والمطارات والمنشآت العسكرية الواقعة حولها هناك قواعد عسكرية أخرى جرت المحادثات بشأنها تتمثل في قاعدتي بشار ورقان وتمسكت بهم رغم وجود قواعد أخرى في الشرق الجزائري وهي قاعدة قسنطينة ألنها رأت أنها تكون طريق االتصال بين فرنسا ودول ما وراء الصحراء وبالفعل جرى االتفاق على المرسى ٤٢
مقالات اله وام ش : الفرنسيون التي تم حجزها بواسطة طر اد فرنسي يوم ١٦ أكتوبر وعملية القرصنة يرويها أحد صانعي الحدث وهو مازال على قيد ناصر الدين سعيدوني دراسات أندلسية مظاهر التأثير اإلبيري والوجود األندلسي بالجزائر طبعة ٢ البصائر للنشر والتوزيع الجزائر ٢٠١٣ ص.١٤٠ ١٣٩ محمد العربي الزبيري التجارة الخارجية للشرق الجزائر الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر بدون تاريخ ص ٦٧. عبد الله شريط محمد مبارك الميلي مختصر تاريخ الجزائر السياسي والثقافي واالجتماعي المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر الحياة انظر محمد الهادي حمدادو أضواء على حادثة يخت دينا ومركب أتوس قصة عمليتين لتزويد الثورة بالسالح الطبعة األولى جسور للنشر والتوزيع الجزائر ٢٠١٤ ص ٥٨ ٩٢. (٢٧) تم إحصاء خالل أسبوع واحد حوالي ١٨٤ عملية تفتيش للسفن التجارية والسياحية األجنبية من طرف البوارج الفرنسية من بينها ١٣ سفينة تم حجزها وتفتيشها ٤ سفن منها تم توقيفها وتحويلها إلى المرسى الكبير بسبب رفضها لالنصياع لألوامر العسكرية انظر (١) (٢) (٣) Mohammed Guentari, Organisation Polico Administrative Et Militaire de la Révolution Algérienne de 1954 1962, volume 1, Thèse de Doctorat, Centre d Histoire Militaire et Etudes de Défense Nationale, Montpellier III, France, Mars 1990, p 118. (٢٨) الجمهورية "الثورة الجزائرية ومعارك البحار" محمد قنطاري ٢ فيفري ٢٠٠٠ العدد ٨٧٠. ١٩٨٥ ص.٢٥ (٤) (٥) عثمان سعدي الجزائر في التاريخ من العصور القديمة وحتى سنة ١٩٥٤ ط ١ دار األمة الجزائر ٢٠١١ ص ١٥٤. ١٥٣ يحي بوعزيز مدينة وهران عبر التاريخ ط ٢ دار الغرب للنشر والتوزيع ٢٠٠٢ ص ٤٧. (٦) (٧) (٨) (٩) ناصر الدين سعيدوني المرجع السابق ص ١٤٣. عبد الله شريط محمد مبارك الميلي المرجع السابق ص ١١١. المرجع نفسه ص ١١١. ناصر الدين سعيدوني المرجع السابق ص ١٤٤. (١٠) يحي بوعزيز المرجع السابق ص ٦٦ ٦٧. (١١) ناصر الدين سعيدوني المرجع السابق ص ١٤٧. (١٢) احتالل المرسى الكبير من طرف اإلسبان كما أثبتها التقرير اإلسباني نقله إلى الفرنسية المؤرخ بيليسي انظر: أحمد توفيق المدني حرب الثالثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا ١٤٩٢-١٧٩٢ ط ٢ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ١٩٧٦ ص ٩٦-٩٩. (١٣) عثمان سعدي المرجع السابق ص ٣٦٩. (١٤) وقعت معركة تاريخية كبيرة بين حسان باشا قائد الجيوش الجزائرية و الماركيز دون مارتان قائد الجيوش اإلسبانية والتي استغرقت وقت ا طويال من ١١ ماي إلى ٥ جوان ١٥٦٣ لمعرفة التفاصيل انظر توفيق المدني نفس المرجع ص ٣٧٩. (٢٩) الجنيدي خليفة وآخرون المرجع السابق ص ١٥٥. (٣٠) يقول موريس فايس بخصوص المحاضر المنشورة (تسع جلسات) والتي تم االحتفاظ بها بأرشيف األمانة العامة للدولة الجزائرية أنها غير كاملة بحيث ليس هناك أي تقرير يغطي الفترة ما بين ١٢ و ١٧ مارس ١٩٦٢ وهي العلبة رقم ١١٢ وأما العلبة رقم ١١١ فهي التي تناولت قضايا المرسى الكبير والصحراء والتسهيالت الجوية والتنقالت البحرية والبرية واالتصاالت وغيرها انظر موريس فايس نحو السلم في الجزائر مفاوضات إيفيان في أرشيف الدبلوماسية الفرنسية ١٥ جانفي ١٩٦١-٢٩ جوان ١٩٦٢ ترجمة: صادق سالم عالم األفكار الجزائر ٢٠١٣ ص.٥٧٠ ٤٨٠ (٣١) هناك ملحق خاص بالمرسى الكبير يحتوي على ١٠ مواد انظر بن يوسف بن خدة اتفاقيات إيفيان ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ٢٠٠٢ ص ١٢١. (٣٢) الجنيدي خليفة وآخرون المرجع السابق ص ١٥٦. (٣٣) المرجع نفسه ص ١٥٧. (١٥) يحي بوعزيز مع تاريخ الجزائر في الملتقيات الوطنية والدولية ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ١٩٩٩ ص ٥٢. ٥١ (١٦) بشير مقيبس مدينة وهران دراسة في جغرافية العمران المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ١٩٨٣ ص ٨٩. (١٧) عثمان سعدي المرجع السابق ص ٤١٦. ٤١٥ (١٨) أبو القاسم سعد الله الحركة الوطنية الجزائرية ١٨٣٠-١٩٠٠ ج ١ ط ١ دار الغرب اإلسالمي بيروت لبنان ١٩٩٢ ص ٣٤. ٣٣ (١٩) نفسه ص ٣٥. (٢٠) اآلغا بن عودة المزاري طلوع سعد السعود تحقيق ودراسة يحي بوعزيز ج ٢ ط ١ دار الغرب اإلسالمي بيروت لبنان ١٩٩٠ ص ٨٧. (٢١) سعد الله المرجع السابق ص ٥٢. ٤٧ (22) l' Horizon, 03/02/2000, N 863. (٢٣) الجنيدي خليفة وآخرون حوار حول الثورة الجزء ٣ طبعة خاصة وزارة المجاهدين المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية الجزائر ٢٠٠٨ ص ١٥٥ ١٥٦. (24) le Quotidien d'oran, 02/02/2000, N 1536. (٢٥) الجنيدي خليفة وآخرون المرجع السابق ص ١٥٦. (٢٦) اسم الباخرة األصلي هو سانت بريفر كان يملكها بريطاني يدعى أليريس (Allaress) وأما تسميتها "أطوس" أطلقها العسكريون ٤٣
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات íéšþçjö]íéšþ ËÖ]l^ÎøÃÖ]íÃéfî Âíè ñ]ˆ ]ì çnö]m`i (Ý١٩٥٨ ١٩٥٤) ا ستاذة التاريخ الحديث والمعاصر كلية الا داب والعلوم الا نسانية جامعة باتنة الجمهورية الجزاي رية < << إن العالقات الفرنسية التونسية تطورت حسب تأثير الثورة الجزائرية وتوسعها بتجاوزاتها على اإلقليم التونسي وبنجاحها الذي حققته على المستوى الداخلي والخارجي. ولقد ارتأينا أن ندرس من خالل هذا المقال طبيعة العالقات التونسية الفرنسية من خالل تأثير الثورة الجزائرية على هذه العالقات خالل فترة هامة من تاريخ الثورة الجزائرية المجيدة وهي الفترة الممتدة من سنة ١٩٥٤ إلى سنة ١٩٥٨ وفترة حرجة كذلك تمر بها العالقات الدولية أال وهي فترة الحرب الباردة. ما إن اندالع ثورة الفتح نوفمبر ١٩٥٤ حتى راحت وسائل اإلعالم الفرنسية ومن ورائها السلطات الفرنسية تشن حملة شعواء ضدها وتنعتها بأنها عمل إرهابي قامت به مجموعة قطاع طرق أو"فالقة" سانده تدخل أجنبي وإمدادات خارجية وراحت تلوم الجارة تونس في مساعدتها للجزائريين للقيام بهذا العمل المسلح ضد فرنسا. من هنا سوف نقوم بمحاولة اإلجابة على عدة تساؤالت يطرحها هذا الموضوع من بينها: كيف كانت العالقات الفرنسية التونسية قبل اندالع الثورة الجزائرية كيف كان تأثير الثورة الجزائرية على استقالل تونس كيف تطورت الثورة وكيف كان موقف الحكومة التونسية منها وعلى رأسها الرئيس الحبيب بورقيبة ماهي العقوبات االقتصادية التي فرضتها الحكومة الفرنسية على تونس بسبب الثورة الجزائرية ماهي اإلجراءات التعسفية للقوات الفرنسية على التراب التونسي جراء موقفها من الثورة وكيف كان رد الموقف الرسمي التونسي منها وكيف استطاعت تونس الفتية عن طريق رئيسها-وعلى الرغم من االحتجاجات الفرنسية المتواصلة -أن تحصل على المساعدات االقتصادية وبعض من المساعدات العسكرية من الغرب وخاص ة الواليات المتحدة األمريكية بعد تردد هذه األخيرة وكيف أثر كل ذلك على العالقات الفرنسية التونسية تاريخ استلام البحث: تاريخ قبول النشر: ٢٧ يونيو ٢٠١٥ ١٧ ا كتوبر ٢٠١٥ الثورة الجزاي رية الحبيب بورقيبة القضية الجزاي رية ساقية سيدي يوسف الاستعمار الفرنسي DOI 10.12816/0045086 لمياء بوقريوة "تا ثير الثورة الجزاي رية على طبيعة العلاقات الفرنسية التونسية (١٩٥٤ ١٩٥٨ م)".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٤٤ ٥٢. م ق د م ة منذ اندالع ثورة الفاتح نوفمبر ١٩٥٤ م راحت السلطات الفرنسية تحاول تشويهها بنعتها بعدة نعوت منها أنها ثورة شيوعية ومؤامرة خارجية وأنها ثورة فالقة متمردين وعصاة مدفوعة من الخارج. ولعلها كانت مضطرة لعمل ذلك على األقل لحفظ ماء وجهها أمام الرأي العام الدولي وراحت تلقي اللوم على الجارة تونس وتحملها مسؤولية أحداث الفاتح نوفمبر وراح جاك شوفالييه نائب وشيخ بلدية الجزائر-يؤكد ذلك بقوله: "... إن الهدف من العمليات المسلحة التي أعلنت في أول نوفمبر في منتصف الليل لهي محاولة تشتيت بهدف فك الحصار على الفالقة الموجودين في الحدود التونسية والذين يتعرضون لضغط ولعله كان يقصد بكلمة فالقة رجال المقاومة الجنرال دوالتور". (١) التونسية المسلحة التي انطلقت منذ سنة ١٩٥٢ بالجنوب التونسي وبقيادة المقاوم الكبير الطاهر لسود. ٤٤
دراسات لقد حاولت وسائل اإلعالم الفرنسية أن تؤكد على التدخل األجنبي واإلمدادات الخارجية وخاصة التونسية في مساعدتها للجزائريين للقيام بهذا العمل المسلح ضد فرنسا ومنها المقال الذي أشار إليه الدكتور العربي الزبيري في كتابه "الثورة الجزائرية في عامها األول" حيث جاء في الصحافة الفرنسية أن ٥٠٠ إرهابي تونسي قاموا بااللتحاق بجبال األوراس لتنظيم وحدات القتال وتدريب الجزائريين على استعمال السالح وخوض معركة (٢) العصابات. كما كتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية في عددها الصادر (يوم ٣ نوفمبر ١٩٥٤) "البد من تقبل حقيقة أننا أمام تنظيم أجنبي يضم جماعات وطنية". ولم تقف السلطات الفرنسية عند ذلك فقط بل أنها اتهمت تونس رسميا على لسان روني مايير (٣) (Rene Mayer) أمام الجمعية الفرنسية وذلك بتحميل الرئيس (٤) بورقيبة مسؤولية ما يحدث في الجزائر. ومن هنا سوف نقوم بمحاولة اإلجابة على عدة تساؤالت من بينها: كيف كانت العالقات الفرنسية التونسية قبل اندالع الثورة الجزائرية كيف كان تأثير الثورة الجزائرية على استقالل تونس كيف تطورت الثورة وكيف كان موقف الحكومة التونسية منها وعلى رأسها الرئيس الحبيب بورقيبة ماهي العقوبات االقتصادية التي فرضتها الحكومة الفرنسية على تونس بسبب الثورة الجزائرية ماهي اإلجراءات التعسفية للقوات الفرنسية على التراب التونسي جراء موقفها من الثورة وكيف كان رد الموقف الرسمي التونسي منها وكيف استطاعت تونس الفتية عن طريق رئيسها -وعلى الرغم من االحتجاجات الفرنسية المتواصلة - نأ تحصل على المساعدات االقتصادية وبعض من المساعدات العسكرية من الغرب وخاصة الواليات المتحدة األمريكية بعد تردد هذه األخيرة وكيف أثر كل ذلك على العالقات الفرنسية التونسية أوال العالقات الفرنسية التونسية قبل اندالع الثورة اجلزاي رية إن تونس التي كانت تحضر استقاللها لما بعد عهد الحماية لم تستطع أن تجتنب ما يحدث في الجزائر بحيث كان إيجاد حل للقضية الجزائرية أمر ا محوري ا بالنسبة لحكومتها التي كانت تتطلع إلى بناء دولتها وذلك نظر ا العتبارات تاريخية وجغرافية إذ أن إقليمها امتداد لساحة المعركة في الجزائر والبلدين يجمعهما مصير واحد ودين واحد ولغة وثقافة واحدة ومستعمر واحد. ولعل الحديث عن العالقات الفرنسية التونسية بين البلدين ال يعني -بطبيعة الحال-أنها كانت عالقات طيبة قبل اندالع ثورة التحرير الجزائرية. فلقد كانت تونس غارقة في أزمة سياسية عميقة تلتها أزمة اقتصادية واجتماعية كان السبب فيها باألساس النظام االستعماري الفرنسي وقد تزامن ذلك مع بروز حركة تحررية ينقصها التأطير ولعل ظهور بوادر الكفاح المسلح في تونس بدأت مالمحه تتضح عقب فشل المفاوضات التي تمت في شهر ديسمبر ١٩٥١ م بين الوفد التونسي بقيادة صالح بن يوسف والوفد الفرنسي برئاسة وزير الخارجية الفرنسي وقد تعمدت فرنسا إلى عدم اعترافها بمبدأ السيادة لتونس مما أدى إلى حدوث مظاهرات قامت على إثرها السلطات الفرنسية بحملة اعتقاالت واسعة مست أعضاء الحزب الدستوري الجديد بما فيهم الحبيب بورقيبة األمر الذي زاد في حدة المظاهرات التي ستؤدي إلى تبلور الكفاح المسلح الذي سيكتسي طابعا شعبيا تعرفه العديد من المدن التونسية والمناطق النائية والمعزولة. (٥) كما واجهت الحكومة الفرنسية ضغوطات كبيرة وذلك خالل الفترة (١٩٥٢ ١٩٥٤) وذلك بسبب المحاوالت العديدة لبلدان الكتلة األفروأسيوية وجهود كل من صالح بن يوسف وأحمد بدرة والمنجي سليم من أجل رفع القضية التونسية أمام هيئة األمم المتحدة وكذلك الضغوطات الداخلية الصعبة التي واجهتها السلطات الفرنسية من أجل المحافظة على استتباب األمن واالستقرار داخل التراب التونسي وذلك لمحاولة وضع حد للمقاومة المسلحة والعمليات العسكرية التي كان يقوم بها رجال المقاومة التونسية انطالق ا من شهر جانفي ١٩٥٢ ديسمبر ١٩٥٤ في أماكن مختلفة من اإلقليم التونسي. (٦) إلى شهر ومع خوف فرنسا من تنامي حركة المقاومة في تونس وارتباطها بحركات المقاومة في بلدان المغرب العربي وخاص ة الثورة الجزائرية سارعت ودخلت في مفاوضات مباشرة مع حكومة الباي "محمد األمين" الذي خلف والده "محمد المنصف" واشترطت فرنسا وقف المقاومة التونسية ونزع سالحها وبعد عناء وتفاوض تم التوصل يوم (٣ جوان ١٩٥٥) إلى إمضاء اتفاقية عامة بين تونس وفرنسا لالستقالل الداخلي تجسيدا للسيادة التونسية في معظم شؤون البالد. وفي غرة جوان ١٩٥٥ عاد الزعيم الحبيب بورقيبة من فرنسا إلى تونس وأظهرت فرنسا أنها لن تتفاوض إال معه. في هذا الصدد يجب اإلشارة إلى سعي الحكومة الفرنسية من أجل اختيار من ستتعامل معه من العناصر التونسية بورقيبة المتشبع باألفكار الفرنسية والذي "أعلن منذ (١٧ ديسمبر ١٩٥٠) بأنه يؤكد انضمام تونس إلى االتحاد الفرنسي ولكن بعد اإلعالن عن (٧) استقاللها ومع االحتفاظ بحق االنسحاب" أم صالح بن يوسف الذي عارض اتفاقية االستقالل الداخلي وكان يشكل خطر ا كبير ا عليها بتصلبه نحواالستقالل التام ال بالنسبة لتونس فحسب وإنما لجميع البلدان المغاربية وبعالقاته مع مصر الناصرية ليقع اختيارها في األخير على الحبيب بورقيبة ذوالتوجه الغربي الذي تعهد لها بإبقاء عالقات اقتصادية وثقافية وثيقة معها. وبعد مفاوضات مضنية ومحادثات بين بورقيبة وووزير الخارجية الفرنسي بينوتم االتفاق على إعالن االستقالل التام لتونس دون اإلشارة إلى االرتباط باالتحاد الفرنسي وأعلن عن (٨) إلغاء معاهدة باردو التي بدأت منذ عام ١٨٨١ وذلك مع توقيع البروتكول التونسي الفرنسي يوم ٢٠ مارس ١٩٥٦. (٩ ( والشك أن هذا ٤٥
دراسات االستقالل لم يأتي عشوائيا لوال انعكاسات الثورة الجزائرية التي اندلعت بعد أشهر من تصريح قرطاج. اعترفت فرنسا بموجب االتفاقية الجديدة باستقالل تونس التام مع إبقاء قاعدة بنزرت للقوات الفرنسية وحق إبقاء بعض (١٠) القواعد العسكرية على األراضي التونسية وفضال عن ذلك نصت االتفاقية على "أن تحدد الدولتان أو تتما في دائرة احترام السيادة تدابير التكافل الذي يتحقق بحرية وذلك بتنظيم تعاونهما في الميادين التي تشترك فيها مصالحهما وخاصة في مادتي الدفاع والعالقات الخارجية وستضبط االتفاقيات بين فرنسا وتونس صيغ اإلعانة التي الجيش الوطني التونسي..". (١١) ثاني ا تقدمها فرنسا لتونس بقصد تأليف تطور الثورة اجلزاي رية وموقف بورقيبة السيايس مهنا مع تطور أحداث الثورة الجزائرية كان بورقيبة ملهم ا بأن يلعب دور الوسيط النشط في إنهائها وإعطائها بعد ا غربي ا مخالف ا للبعد العربي الناصري بحيث يبقى محافظ ا على عالقات جيدة مع فرنسا ومن ورائها البلدان الغربية وفي مقدمتها بريطانيا والواليات المتحدة األمريكية. ولعل ذلك ما يفسر وقوفه محايد ا أثناء حادث اختطاف طائرة الزعماء الستة للثورة الجزائرية داخل اإلقليم الجوي الجزائري التي كانت في رحلتها من الرباط إلى تونس حيث نددت جميع الدول بتلك القرصنة التي قام بها الجيش الفرنسي واستقال على إثرها السفير الفرنسي بتونس برونودي ليس Leusse) (De احتجاج ا لكن بورقيبة لم يحرك ساكن ا تجاه ذلك. وكان الموقف نفسه قد اتخذه بالنسبة لحادث العدوان الثالثي على مصر ولعل صمته إن دل على شيء فيدل على بغضه الشديد لمنافسه صالح بن يوسف ومن كان من حلفائه أمثال ابن بلة والرئيس عبد الناصر. (١٢) وليبقى محافظ ا على عالقة طيبة مع فرنسا ومع الغرب اقترح بورقيبة بين سنتي (١٩٥٦-١٩٥٧) انضمام تونس على األقل في الميدان االقتصادي إلى األطلسي". "حلف بغداد" وكذلك إلى "الحلف كما أشار إلى تحالف دول البحر األبيض المتوسط باالتصال بكل من إيطاليا اسبانيا. كما أوحى إلى إنشاء حلف فرنسي شمال إفريقي. وهوالشيء -حسب رأيه-الذي سيسهل حل في الوقت القضية الجزائرية التي تعيق كل هذه التحالفات. (١٣) نفسه كان بورقيبة حريص ا ج دا على تهيئة مستقبل العالقات الجزائرية التونسية مع قادة جبهة التحرير الوطني وعليه كان البد أن يثبت للرأي العام التونسي ذلك إذ أنه ورغبة منه في أن يحل األمن واالستقرار في شمال إفريقيا واقتناعه بأن استقالل تونس سوف لن يكتمل إال بوضع حل للقضية الجزائرية. (١٤) لم يتوان الرئيس بورقيبة في كل مرة عن تأكيد التضامن التام لتونس مع الشعب الجزائري من أجل وحدة شمال إفريقيا ساعي ا إلقناع جبهة التحرير الوطني بأن تعمل على إيجاد حل سياسي واللجوء إلى المفاوضات مع فرنسا بدال من الحل العسكري. وانتقد بورقيبة في العديد من المرات وحكومته النظام االستعماري الفرنسي في الجزائر والحرب التي يشنها ضد شعب أراد تقرير (15) مصيره. ففي خطابه أمام مجلس األمة التونسي بتاريخ ١٩ أبريل ١٩٥٦ قال: "إن تونس المستقلة تتألم من الحرب الفاشية المسلطة على الشعب الجزائري الشقيق وتصرح هذه الحكومة بأنها سوف تبذل كل ما في وسعها لتساعد على إيجاد الحلول السلمية التي تضمن للشعب الجزائري الشقيق حقوقه الوطنية ليسود االطمئنان كامل أقطار شمال إفريقيا ويزول آخر عامل يكدر صفو العالقات بين الشعبين التونسي والفرنسي". (16) ولعل هذه المواقف إزاء القضية الجزائرية وقفت عائق ا أمام سياسة التعاون التي أملت الحكومة التونسية إقامتها مع فرنسا بسبب تصلب الموقف الفرنسي وإصراره على ضرورة إيقاف مساعدة الثوار الجزائريين والتزام موقف الحياد بخصوص القضية الجزائرية مما سبب فتور العالقات التونسية الفرنسية. فعلى الرغم من االختالفات السياسية كانت الثورة الجزائرية تعتبر بورقيبة حليف ا ال يمكن االستغناء عنه من أجل الحرية وكان قادة جبهة التحرير الجزائرية على يقين أن الجزائر في ثورتها ال يمكن أن تستغني عن تونس والمغرب فثورتها هي ثورتهم والبلدان يقودان انتصار الثورة أوفشلها وعلى كل واحد منهم أن يتيقن من هذا التضامن. وبسبب موقعها الجغرافي والعالقات التاريخية واالجتماعية التي تربط شعوب شمال إفريقيا ببعضها ال تستطيع أن تكون كال من تونس والمغرب بعيدتان عن ساحة المعركة. لذلك وجدت الحكومة التونسية وكذلك المغربية نفسها في وضع ال تحسد عليه بين قوة جيش التحرير الوطني على الحدود التونسية الجزائرية ومراقبة قوات الجيش الفرنسي لها. ثالث ا تعليق فرناس لماسعداهتا االقتصادية والعسكرية للحكومة التونسية وجهود تونس للخروج من الما زق منذ اندالع الثورة الجزائرية سعت القوات الفرنسية بإجراء عمليات عسكرية على اإلقليم التونسي باسم "حق المتابعة" لوحدات جيش التحرير الجزائري. ولهذا األمر احتجت الحكومة التونسية على ذلك وحذر الباهي األدغم نائب رئيس المجلس الوطني التونسي من تلك التجاوزات مبين ا بأنها تهدد السيادة التونسية على ترابها ورفعت تلك االحتجاجات في تقرير السفير الفرنسي في تونس بتاريخ سبتمبر ٥ ١٩٥٦ إلى الحكومة (17) الفرنسية. ونتيجة لعدة اعتبارات وجدت تونس نفسها مدمجة في نفس الثورة مع الجزائريين وسبب ذلك عرقلة كل تعاون كان محتمال بينها وبين باريس. ٤٦
دراسات فمع تطور الثورة الجزائرية أصبح لجيش التحرير الجزائري مراكز هامة داخل التراب التونسي خاصة على الحدود منها مركز مالق مركز قرن الحلفايا (قرب الكاف) مركز بيرينوفي نواحي تالة مركز تاجروين مركز الشعانبي قرب قصرين وقفصة...إلخ وكانت وحدات جيش التحرير تبدأ هجوماتها على العدوانطالق ا من هذه المراكز إضافة إلى ذلك شيدت معسكرات خاصة بقيادة الثورة خاصة على طول الحدود التونسية الجزائرية وهذا بهدف ربط وحدات جيش التحرير بخاليا جبهة التحرير في كل من: (غار الدماء الكاف فريانة تالة عين الدراهم سوق لربعاء ردايف تاجروين ساقية سيدي سويف قفصة قصرين وقابس) كما كانت أغلب هذه المراكز مخازن أسلحة وذخيرة ومراكز استشفائية لجرحى جيش التحرير (18) الجزائري وبهذا أصبح تواجد وحدات جيش التحرير الجزائري بأعداد هائلة على التراب التونسي يشكل خطر ا على السيادة التونسية وعلى نظامها من جهة وعلى موقف تونس تجاه فرنسا من جهة ثانية. وعلى الرغم من إعالن بورقيبة بتاريخ مارس ٢٤ ١٩٥٧ القتراحه على الحكومة الفرنسية عن طريق شارل صوماني الكاتب العام للحكومة التونسية سابق ا بما يسمى ب"بروتوكول الحياد" بالنسبة للقضية الجزائرية مقابل خروج القوات الفرنسية إال أن الحكومة الباقية في تونس بعد معاهدة االستقالل ) ١٩ ( الفرنسية اتخذت وبتاريخ ٢٠ مايو ١٩٥٧ قرار تعليق المعونة المالية التي كانت تقدمها لتونس بموجب ما نصت عليه اتفاقية االستقالل والبالغة ١٥ مليار فرنك فرنسي سنوي ا وأجلت صب (٢) مليار فرنك فرنسي لصالح الحكومة التونسية حسب االتفاقية المالية ل ٢٠ أبريل (20) ١٩٥٧ على الرغم أن موريس فور كاتب الدولة للشؤون المغربية والتونسية كانت له نظرة مغايرة لذلك إذ أنه كان يرى بأن المساعدات الفرنسية للدولة التونسية الناشئة يجب أن تستمر لكن تكون مشروطة بحياد تونس حيال القضية الجزائرية. فموقف الحكومة الفرنسية كان صريح ا ال يتغير: "فبما أن عيون بورقيبة مغلقة عن تهريب السالح لداخل الجزائر فإن 21) (. ولما المساعدات المالية للحكومة التونسية ستبقى متوقفة..." ألغت فرنسا تلك المساعدات وقررت تخفيض قيمة الفرنك الفرنسي رفض بورقيبة على إثر ذلك تخفيض قيمة الدينار التونسي وجعله معتمد ا على الفرنك الفرنسي حيث أصبح الدينار التونسي في ٣ نوفمبر ١٩٥٧ متداوال على كامل تراب الجمهورية كعملة رسمية واحدة ولكن استقالل العملة التونسية لن يحدث إال بخروج البنك المركزي التونسي عن الوصاية الفرنسية في أكتوبر (22) ١٩٥٨. إن السلطات الفرنسية كانت ترى أن بورقيبة لم يتخذ أي إجراء إليقاف عملية تمرير السالح عبر التراب التونسي لصالح الثورة الجزائرية وسكوته يدل على ذلك وإن لم تستطع فرنسا أن تنتصر في معركتها من أجل عزل الثوار الجزائريين عن القاعدة التونسية فهذا يرجع بالدرجة األولى إلى مساعدة تونس للثورة الجزائرية وإيمان بورقيبة استقالله" وبأقصى سرعة. "بحق الشعب الجزائري في نيل من جهته بورقيبة لم يتوقف عن محاولة إقناع الحكومة الفرنسية لمنحه المساعدات المالية التي كان يبحث عنها ولم يتوان في بدأ حملته لشرح موقفه وتبريره أمام ممثلين دبلوماسيين أمريكيين وبريطانيين وألمانيين وإيطاليين في تونس لمساعدته على ذلك. لكن مساعيه ذهبت سدا إذ أن دولة فتية كتونس ال تملك أي وسيلة للضغط بها على الدول الصديقة لتجبر وعلى خالف بريطانيا فرنسا على احترام السيادة التونسية. (23) وألمانيا اللتان وقفتا إلى جانب قرارات الحكومة الفرنسية فقد تأسفت الواليات المتحدة األمريكية عن قرار توقيف المساعدات المالية الفرنسية. وحاول كريستيان بينوتجنب وساطة الواليات المتحدة إال أن هذه األخيرة وجدت نفسها داخل هذه المسألة. ورأى لويس جوكس الكاتب العام في الكي دورساي Quai ) (D'Orsay "توقيف أن المساعدات الفرنسية سوف يزيد من (24 (. لكن موقف الحكومة الفرنسية بقي على حاله. أما السخط..." بالنسبة للمساعدات العسكرية فقد رفضت السلطات الفرنسية منع وصول أية شحنة من السالح إلى الجيش التونسي أي ا كان مصدره مبررة ذلك بأن جزء منه سيتسرب لجيش التحرير الجزائري. من جهته توجه بورقيبة إلى الدول الغربية وخاصة منها الواليات المتحدة األمريكية وأوضح بأن استمرار الحرب في الجزائر سوف يسبب أضرار ا في كل الدول المستقلة في شمال إفريقيا وطلب من الواليات المتحدة األمريكية على أن ال تساعد فرنسا على ذلك وإال سوف تفقد شعوب شمال إفريقيا ثقتها في المعسكر الغربي ث م حيث كان يظهر جلي ا أن الواليات المتحدة األمريكية كانت تولي تونس اهتمام ا خاص ا ال سيما فيما يتعلق بمسألة تقديم المساعدات االقتصادية والتقنية ألن ذلك من شأنه أن يعطيها فرصة التغلغل السلمي في منطقة شمال إفريقيا ومن إرساء أسس التحالف االستراتيجي المعادي للشيوعية. في هذا اإلطار كان الرئيس بورقيبة قد زار الواليات المتحدة األمريكية في (٢١ من شهر نوفمبر سنة ١٩٥٦) حيث التقى مع الرئيس إيزنهاور (٢٥) Dwight.D Eisenhower وأهم موظفي وزارة الخارجية األمريكية شكر في هذا اللقاء الرئيس بورقيبة الرئيس األمريكي إيزنهاور على المساعدة المقدمة لبالده والمقدرة ب ٤٥ ٠٠٠ طن من القمح. كما سأل الرئيس األمريكي الرئيس بورقيبة-في اللقاء نفسه-عن تطلعاته لحل القضية الجزائرية فأجاب األخير بأنه يفكر في وضع خطوط اتفاقية فرنسية مع الجزائر تستطيع األخيرة بموجبها أن تحقق االستقالل وأنه سيبذل كل الجهود من أجل تحقيق تلك الغاية. (٢٦) وفي إطار ذلك فاتحت السفارة األمريكية في باريس الحكومة الفرنسية في موضوع تقديم مساعدة اقتصادية إلى تونس للتخفيف من حدة األزمة االقتصادية التي كانت تواجهها تونس في تلك المدة ويبدوأن السبب الذي دفع السفارة إلى عرض الموضوع على الجانب الفرنسي هوأن الواليات المتحدة كانت ال ٤٧
دراسات تريد إحراج الحكومة الفرنسية وعلى الرغم من موافقة األخيرة على هذا العرض األمريكي من حيث المبدأ إال أنها كانت ترى أن ذلك من الممكن أن يؤثر سلب ا على موقفها في المفاوضات التي كانت تجريها حينذاك مع تونس بشأن الثورة الجزائرية وقد عبر المسؤولون الفرنسيون عن ذلك بقول : " إن التونسيين سيشعرون بأنهم يستطيعون أن يحصلوا على دعم مادي أومالي في مكان آخر...". (٢٧) ولما طلبت تونس رسمي ا من اإلدارة األمريكية بعض المساعدات االقتصادية والتقنية األمريكية اشترطت أن يكون ذلك عن طريق التنسيق مع الجانب الفرنسي ألن تونس ال ترغب في إحراج موقف الواليات المتحدة أمام فرنسا وعدم رغبتها في اإلضرار بالعالقات بين الدولتين األمريكيين أنهم من حيث المبدأ مستعدون وقد كان رد المسؤولين لتقديم مثل تلك المساعدة وأعلنوا أنهم سوف يقومون بإرسال بعثة رسمية لتحديد احتياجات تونس ومن جهة ثانية طلبت الخارجية األمريكية من سفيرها في باريس أن يوضح للمسؤولين الفرنسيين أن اإلدارة األمريكية ال تستطيع أن تتجاهل الطلبات التونسية إلى ما ال نهاية وهوأمر قد يضر بالمصالح األمريكية مع التأكيد بأن واشنطن تعترف بالنفوذ الفرنسي في شمال إفريقيا عموم ا وتونس على وجه الخصوص. سبتمبر ٤ وفي ١٩٥٧ طلبت تونس رسمي ا من الواليات المتحدة األمريكية السالح الذي كانت فرنسا قد رفضت بيعه لها بسبب الدعم العسكري التونسي لجبهة التحرير الوطني. إذ صرح صدوق مقدم كاتب الدولة للعالقات الخارجية التونسية للويس جون السفير الفرنسي في تونس: "أنه وبعد هجوم القوات الفرنسية على حيدرة -وهي قرية تونسية على الحدود الجزائرية - أصبح من الضروري الحصول على المساعدة العسكرية األمريكية من أجل تعزيز وحداتها...". وقد عرضت هذه الحجة من أجل طلب المساعدة والحماية األمريكية (٢٨ (. وأسرع الكي دورساي لمحاولة إيقاف هذه المساعدة لكن كاتب الدولة األمريكية فوستر دالس كان مقتنعا بحق تونس في تجهيز جيشها الحديث وتنويع مصادر تموينه "من أجل تونس قوية ومستقرة". وقال: "ألجل هذا الهدف ستخصص الواليات المتحدة مساعدة اقتصادية معتبرة ووافقت على دراسة المطالب التونسية التي لها عالقة بالمحافظة على أمنها الداخلي". وفي يوم ١٢ سبتمبر ١٩٥٧ كتب دالس لبينوقائال : "ال أريد أن أطور الموضوع باإليجاب بدون أن أضمن تعهد فرنسا بالرد على المطالب التونسية الخاصة بتجهيز جيشها... والبد أن نأخذ بعين االعتبار في الوقت الراهن حتمية رد الفعل المباشر للدول الشيوعية إن لم تقبل الدول الغربية بذلك. إن مصلحتنا كما تعلمون محددة بالدفاع عن العالم (٢٩) الحر...". ويبدوأن أمريكا كانت تراوغ المطلب التونسي إذ أنها كانت ال تريد أن تتدخل مباشرة لمساعدة تونس إذ كانت تعتبره من الشؤون الفرنسية وتحاول بذلك الضغط على هذه األخيرة فقط من أجل منع التدخل الشيوعي في المنطقة والدليل على ذلك تماطلها في إرسال المساعدة العسكرية التي طلبتها تونس منها في الوقت الذي أسرعت فيها القاهرة بإرسال هبة تقدر ب ٣٠٠٠ بندقية حيث قبل الرئيس بورقيبة ذلك كخطوة لتجميد المعارضة اليوسفية وتعبير ا عن التضامن العربي الشيء الذي خلخل المخطط األمريكي ودفع به على تسليم تونس وبشكل فوري مجموعة من األسلحة (٣٠) المصرية- والشيوعية مع ا. لسد الباب على المساعدات العربية- يتضح من كل ذلك أن بورقيبة حاول أن يوضح لألمريكيين سياسته الواقعية فهولم تكن لديه خطط عدوانية - ضد "إسرائيل" فضال عن رغبته في إيجاد حل نهائي للقضية الجزائرية بوصفها من العوامل المؤدية إلى عدم االستقرار في شمال إفريقيا وأخير ا جاء إعالنه عن رغبته في محاربة الشيوعية منسجم ا مع السياسة األمريكية آنذاك. وفي إطار مبدأ إيزنهاور لعام الذي ١٩٥٧ أصدره الرئيس األمريكي دوايت إيزنهاور المبدأ الذي عرف باسمه "مبدأ أيزنهاور" المشروع الذي يعتبر صورة مصغرة لمشروع مارشال وهدفه إبعاد المنطقة العربية على النفوذ السوفياتي وتضمن عرض ا الستراتيجية أمريكية جديدة خاصة بمنطقة الشرق األوسط ومنها وضع مائتي مليون دوالر تحت تصرفه كي يستخدمها في الشرق األوسط لتغطية مساعدات اقتصادية مخصصة لصيانة االستقالل الوطني ولتقديم المساعدات العسكرية ألية دولة تطلبها وفضال عن ذلك اقترح الرئيس األمريكي أن تشمل المساعدات استخدام قوات الواليات المتحدة المسلحة لضمان وحماية وحدة األراضي واالستقالل السياسي للدول التي تطلب مثل ذلك العون ضد االعتداءات المكشوفة التي قد تقوم بها أية دولة خاضعة للشيوعية الدولية. في إطار ذلك رحبت تونس بالمبدأ المذكور واستفادة بمبلغ قدمته اإلدارة األمريكية كمنحه لتونس وقدره ثالثة مليون دوالر أمريكي كرمز للصداقة األمريكية-التونسية وعالوة على ذلك أوضح ريتشارد أنه بإمكان تونس أن تحصل على المساعدات األمريكية في حالة حدوث عدوان أو تهديد من الشيوعية الدولية وفي معرض رده تطرق بورقيبة إلى القضية الجزائرية بوصفها بؤرة تجعل المنطقة عرضة وبشكل كبير للنشاط الشيوعي كما أوضح رغبته للعمل مع فرنسا إليجاد حل لها ومن جانب آخر طلب بورقيبة أن تمارس الواليات المتحدة وبريطانيا ضغوط ا "ودية" على فرنسا لحملها على منح االستقالل للجزائر. كما تم توقيع اتفاق بين الحكومتين التونسية واألمريكية في ١٥ من مايو من العام نفسه يقضي بمنح تونس معونة مالية قدرها خمسة ماليين دوالر تقدم على شكل بضائع أمريكية تبيعها الحكومة التونسية لحسابها الخاص مع (٣١) فوائدها كما أعلن بورقيبة رد ا على اإلجراءات الفرنسية في الرابع ٤٨
دراسات والعشرين من شهر مايو ١٩٥٧ خروج بالده من االتفاق االقتصادي (32) والمالي والجمركي المعقود بين تونس وفرنسا منذ عام ١٩٥٥. وكان الرئيس إيزنهاور هو الذي قرر بنفسه كذلك تسليم ٥٠٠ بندقية بذخيرتها باسم رمزي أخذت من مخزن القاعدة و"ليس" (Wheelus) في ليبيا. ولم تجد الحكومة الفرنسية بد ا من وراء ذلك إال تسهيل عملية دخول األسلحة إذ هدد فوستر داالس بتنفيذ المخطط األمريكي ابتداء من ١٤ نوفمبر ١٩٥٧ إذا لم تسلم فرنسا السالح للحكومة التونسية وبشروط محددة من طرف الواليات ) ٣ ( 3 وعلى الرغم من رمزية هذه المعونة يبدو أن المتحدة األمريكية. السبب الذي دفع اإلدارة األمريكية إلى تقديمها هو رغبتها في منع تونس من التوجه إلى الكتلة الشرقية الشيوعية وفقدان واحد ا من أبرز الموالين للسياسة الغربية في شمال إفريقيا. "بمشروع المغرب ولما تقدم الرئيس بورقيبة مع سلطان الوساطة" نوفمبر ٢١ بتاريخ ١٩٥٧ بين جبهة التحرير الوطني وفرنسا من أجل عقد مفاوضات تنتهي إلى حل عادل يعيد إلى الشعب الجزائري سيادته طبق ا لمبادئ األمم المتحدة "ويضمن اصطدم فيه بورقيبة المصالح المشروعة لفرنسا ومواطنيها" (34) بالمعارضة التامة من طرف حكومة الغيار يوم ٢٩ نوفمبر ١٩٥٧. وصرح بينومن نيويورك بأن "فكرة المساعي الحميدة" التي جاءت بها كال من تونس والمغرب لن تقبل إال باالتفاق مع جبهة التحرير الوطني حول توقيف النار وليس من أجل حلول سياسية وبأي حال فإن كال من تونس والمغرب ال تستطيع أن تكون وسيطة ألنها ليست محايدة". (35) رابع ا قصف اسقية سيدي يوسف وازدياد حدة توتر العالقات الفرنسية التونسية لقد عرفت سنة ١٩٥٧ توترات واضحة في العالقات الفرنسية التونسية بسبب موقف تونس من الثورة الجزائرية حيث أراد الطرفان في نهاية هذه السنة التقارب بضغط من الواليات المتحدة األمريكية وواقع المصلحة المشتركة بين البلدين إال أن ذلك لم يتبلور بعد على أرض الواقع بسبب ما أحدثه قصف ساقية سيدي يوسف الذي أزم الوضع وكانت له انعكاسات على المستوى الدولي والوطني على حد سواء إذ أنه ساهم في سقوط الجمهورية الرابعة الفرنسية. لم تتغاض قيادة الجيش الفرنسي بالجزائر عن الدعم التونسي للثورة الجزائرية على الحدود وقررت أن ترد على العمليات العسكرية المنطلقة من األراضي التونسية التي أصبحت تشكل قاعدة خلفية خطيرة عن طريقها يتم تمرير األسلحة وأصبحت ملجأ حصين ا إليواء جيش التحرير الجزائري. (36) ففي ٢ يناير ١٩٥٨ وعلى إثر اشتباكات عنيفة على الحدود التونسية الجزائرية بالقرب من ساقية سيدي يوسف تمكن خاللها جيش التحرير الجزائري من إلقاء القبض على أربعة جنود فرنسيين نقلوا إلى منطقة الكاف قام رئيس الحكومة الغيار بتكليف الجنرال دي شاليه بنقل رسالة إلى الرئيس بورقيبة من أجل التوسط لإلفراج على المسجونين األربعة إال أن بورقيبة رفض استقباله بحجة أنه حارب المقاومين التونسيين عام ١٩٥٤. فاستبدل هذا األخير برئيس ديوان الغيار لكن بورقيبة رفضه مرة ثانية وصرح قائال: "ينبغي أن تدرك فرنسا أن ذلك الوقت الذي كان يكلف فيه قائد جيش رفع احتجاج ما أوبإرسال بارجة حربية لدعم السياسة االستعمارية قد ولى وإذ ما تواصلت العمليات الحربية فإنني سوف أطالب بإرسال قوات تابعة لمنظمة األمم (٣٧) المتحدة لالنتصاب على الحدود" وهو الشيء الذي سبب هياج الحكومة الفرنسية. وفي ١١ يناير من السنة نفسها اشتبكت وحدات جيش التحرير الجزائري بالقوات الفرنسية أدت إلى مصرع (١٤) جندي في صفوف هذه األخيرة. فقامت القوات الفرنسية بالجزائر بإبالغ السلطات في باريس بأن "الطيران قد اكتشف عصابات من المهاجرين الجزائريين يعبرون الحدود انطالق ا من األراضي التونسية وينتشرون داخل المزارع والمشاتي الجزائرية(...) وأن عربات الحرس الوطني ترابض على الحدود لمساعدتها". (38 ( وكانت نتيجة كل ذلك متابعة وحدات جيش التحرير الجزائري من قبل قوات الجيش الفرنسي على الحدود التونسية في كل مرة باسم "حق المتابعة" الذي كان قد قبل رسميا من طرف مجلس الوزراء يوم ٢٩ يناير ١٩٥٨. ( 39) والذي أدى في يوم ٨ فيفري ١٩٥٨ إلى قصف قرية ساقية سيدي يوسف بطائرات قتيال و( ١٥٠ ) جريح ا. (40) B26 والتي كانت نتيجتها (٧٢) وقد كان لقصف الساقية نقد ا كبير ا من طرف الواليات المتحدة األمريكية وحتى رد الفعل السياسي الفرنسي كان مناقض ا عكس المواقف المتخذة عند تحويل الطائرة المغربية للزعماء الخمس في أكتوبر ١٩٥٦ وكذلك أثناء عملية اجتياح قناة السويس. وقد جاء على لسان كاتب الدولة األمريكية جون فوستر داالس: "إن السياسة المتبعة من طرف فرنسا في الجزائر سوف تجر الحرب إلى الدول المجاورة للجزائر بداية من تونس ثم المغرب وليبيا وستجد فرنسا نفسها داخل حرب مع كل دول المغرب مدعمة من طرف مصر وباقي الدول العربية معززة عسكري ا ومالي ا من طرف االتحاد السوفياتي والشيوعية وأكدت التقارير األمريكية بأن عملية قصف الساقية العالمية". (41) لم تكن خطأ عسكري ا اقترفته السلطات الفرنسية وإنما حكومة فليكس غيار كانت على علم بذلك مسبق ا. لقد كانت عملية القصف مسموحة من طرف روبير الكوست المقيم العام في الجزائر وحتى من طرف وزير الدفاع الفرنسي جاك شابون دلوما ومن طرف مجلس الوزراء عامة. (42) ٤٩
دراسات خاماس الموقف الرسمي التونيس من التعسفات الفرنسية لقد أدت االعتداء الفرنسية إلى وضع الرئيس التونسي في حالة صعبة مما دفعه إلى المزايدة فتونس بالنسبة للجيش الفرنسي أو جيش التحرير الجزائري تشكل قاعدة استراتيجية والفرنسيون ال يريدون أن تكون تونس قاعدة انطالق جيش التحرير الجزائري والجزائريون ال يريدون أن تصبح تونس جزء من استراتيجية تطويقهم. لذلك فبورقيبة لم يكن قادر ا على اتخاذ موقف الحياد وهو يشعر أن تحرير كامل سيادة البالد قد أصبح مرتبط ا بتطور الحرب في الجزائر فأعلن مساء يوم قصف الساقية عن بدأ معركة الجالء وطلب باإلخالء التام لإلقليم التونسي من طرف القوات الفرنسية دون استثناء بنزرت. وفي ١٢ فيفري ١٩٥٨ أعلنت تونس عن منع أية سفينة حربية دخول ميناء بنزرت. وفي ١٤ فيفري من نفس السنة صادق مجلس النواب بمبادرة من رئيس الدولة على قانون ألغى معاهدة سنة ١٩٤٢ المبرمة في عهد حكومة فيشي والتي تنص بأن "بنزرت ميناء فرنسي ال يشكل جزء من التراب التونسي". (43) كما قرر بورقيبة إلغاء ٥ مكاتب قنصلية وإخالء المزارعين الفرنسيين لألراضي المجاورة للحدود (سبيطلة وسوق لربعاء...) وقرر رفع عريضة احتجاج لمجلس األمن الستنكار هذا الهجوم. وطلب من واشنطن أن تقف بجانبه للضغط على فرنسا للدخول في مفاوضات مع الجزائريين لوقف الحرب في الجزائر إذ قال لمستشار الرئيس إزنهاور لشؤون شمال إفريقيا روبير مورفي: نإ" نهاية سريعة لحرب الجزائر ستحمي شمال إفريقيا من فيروس وبذلك فتح العدوان على الساقية المجال واسعا الشيوعية". ) ٤ (4 لواشنطن للتدخل المباشر في حرب الجزائر فصرح جون فوستر داالس كاتب الدولة األمريكي "أن واشنطن سوف تبلغ باريس بأن الواليات المتحدة األمريكية سوف تفعل كل ما تستطيع من أجل (45) المحافظة على شمال إفريقيا من أجل أمن الغرب". كانت واشنطن تنوي لعب دور هام في حل القضية الجزائرية - حسب ما اقترحه بورقيبة وهو إقناع فرنسا بأن تستجيب لوقف إطالق النار في الجزائر وفتح المفاوضات مع جبهة التحرير الوطني -في إطار مؤتمر دولي تحضره كل من تونس المغرب ليبيا الواليات المتحدة األمريكية هدفه منح االستقالل الداخلي للجزائر. وفي حالة رفض فرنسا فإن أمريكا ستتوقف عن مساعدة فرنسا في هيئة األمم المتحدة عند احتجاج تونس عن سياستها. كما ستتبنى أمريكا سياسة نشطة من أجل الدعم االقتصادي والعسكري لكل من تونس والمغرب مما سيعرض المصالح الفرنسية للخطر في هذين البلدين جراء التأثير األمريكي. كما شرح بورقيبة موقفه لمورفي قائال: "إنني لست محايدا في هذا الصراع ألن وقوفي إلى جانب الثورة الجزائرية سيجعلها دائما قريبة من الغرب أما فيما يتعلق بوجود الجيش الفرنسي بتونس فإنني (46) أطلب انسحابه بال شروط وفي أقرب وقت". وبعد لقاء مورفي مع بورقيبة بعث مورفي برأييه إلى واشنطن حيث يرى بأن تقبل فرنسا بأن تسحب قواتها من تونس ما عدا بنزرت ألن تواجد القوات الفرنسية على التراب التونسي ال يتماشى وسيادة هذه األخيرة وفرنسا ال تستطيع أن تحافظ على وعلى بنزرت إال إذا سحبت قواتها من بقية التراب التونسي. (47) حكومة فيليكس غيار أن تقبل مساعي كل من بريطانيا والواليات المتحدة والتي يمثلها كل من هارولد بيلي وروبير مورفي ) Harold (Beeley et Robert Murphy واللذان يريدان أن يتحاشى لجوء تونس إلى مجلس األمن كما اقترحا تشكيل لجنة دولية لمراقبة (48) الحدود الجزائرية التونسية. لقد عارضت حكومة فيليكس غيار التخلي عن مواقع الطيران في جنوب البالد بحجة أنها جد مهمة وهي تشكل قلب مشكل المساعدة التونسية لجيش التحرير الجزائري وإذا انسحبت فرنسا من تونس وشمال إفريقيا ككل فسوف يفقد هذا األخير لصالح المعسكر الشيوعي. (49 ( من جهته رفض الرئيس التونسي ما جاء به بيلي ومورفي والذي يقوم على وجود لجنة مراقبة موجودة في الجزائر بإمكانها أن تتوج إلى تونس في حالة وجود أي طارئ وذلك ألنه ال يريد أن يضع نفسه في أي موقف يجعله يظهر فيه كما أن دعم واقف ا إلى جانب فرنسا ضد جبهة التحرير الوطني. (50) تونس للثورة الجزائرية يمثل خيار ا استراتيجي ا ليس فقط بسبب إيديولوجية رجل قضى معظم حياته الثورية من أجل استقالل بالده وال يستطيع أن يكون محايدا أمام ثورة يخوضها شعب شقيق وجار بل أنه كان كذلك خيار ا مملى عليه من طرف اعتبارات سياسية القتناعه بأن استقالل تونس غير كامل مادامت الجزائر تحت بطش االستعمار الفرنسي خاصة إذا كانت السياسة (51) الفرنسية تعتبر أن الجزائر جزءا ال يتجزأ من فرنسا. إن قصف الساقية قد سرع وضعية التطور نحو القطيعة في العالقات الفرنسية-التونسية كما أدى إلى إسقاط حكومة فيليكس غيار يوم ١٩٥٨ أبريل ١٥ الشيء الذي أدى بدوره إلى فشل المساعي الحميدة لكل من الواليات المتحدة األمريكية وحتى بريطانيا بين فرنسا وتونس كما أن القرارات المتخذة في ندوة طنجة حول توحيد المغرب العربي من ٢٧ إلى ٣٠ أبريل ١٩٥٨ طبعت بتراصف كل من تونس والمغرب بعيدتين عن جبهة التحرير الوطني. وكان من غير الممكن إجراء مفاوضات من أجل االتفاق حول االرتباط ما بين فرنسا وفدرالية الدول المغاربية ولكن كانت باألساس حول إنشاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي اعترفت بها تونس منذ إنشائها في سبتمبر ١٩ االعتراف بها رسميا جاءت على لسان الرئيس ١٩٥٨ وصيغة التونسي الذي اعترف بها في مؤتمر صحفي يوم ١٨ فيفري ١٩٥٩ مصرح ا ما يلي: "لقد اعترفنا بالحكومة الجزائرية بوصفها ممثال للشعب وللوطن ٥٠
دراسات وللدولة الجزائرية" 52) (. العالقات الفرنسية التونسية. ولعل هذا ما زاد من حدة التوتر في وكان شيئ ا منطقي ا أن تعترف الحكومة التونسية بذلك من أجل أال تدفع بالحكومة المؤقتة الجزائرية إلى االرتماء في أحضان عبد الناصر والمعسكر الشيوعي. ولم تخف كل من تونس والمغرب أن السبب الرئيس وراء إنشاء الحكومة الجزائرية هو التفاوض مع فرنسا من أجل إيقاف الحرب في الجزائر (53) العسكرية الفرنسية في كل من تونس والمغرب. وإخالء القواعد : اله وام ش (١) (٢) (٣) جريدة المقاومة ١٩٥٦/١٢/٣ م محمد العربي الزبيري الثورة الجزائرية في عامها األول المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ١٩٨٤ ص ٩٩. رجل سياسي فرنسي ولد في باريس في ٤ ماي ١٨٩٥ وتوفي في ١٣ ديسمبر ١٩٧٢ عضو في الحزب االشتراكي الراديكالي بعد الحرب العالمية الثانية. تقلد عدة مناصب من بينها نائب راديكالي بعمالة قسنطينة في ١٩٤٦ وفي الفترة الممتدة من ١٩٤٧ إلى ١٩٥٢ تقلد فيها ٢٦ منصب وزير المالية والعالقات االقتصادية من سنة ١٩٤٧ إلى خ امت ة جويلية ١٩٤٨ ووزير ا للدفاع الوطني من ٢٦ جويلية إلى ١١ سبتمبر ١٩٤٨. ثم وزير العدل من ٩٢ أكتوبر ١٩٤٩ إلى ١١ أوت ١٩٥١. ونائب لم تستطع تونس التي كانت تحضر استقاللها أن تجتنب ما رئيس الحكومة وزير المالية والعالقات االقتصادية من ١١ أوت ١٩٥١ يحدث في الجزائر ووجدت نفسها مقحمة ضمن تطورات القضية الجزائرية ولم تثن سياسة البطش التي مارستها القوات الفرنسية بفعل إيقاف المساعدات االقتصادية والعسكرية الفرنسية وال اإلجراءات التعسفية من خالل قصف إلى ٢٠ جانفي ١٩٥٢. رئيس الحكومة من ٨ جانفي إلى ٢٨ جوان ١٩٥٣. نائب ا ورئيس السلطة الع ليا في المجموعة األوروبية للفحم والصلب من سنة ١٩٥٥ إلى سنة ١٩٥٨. انظر: ويكبيديا الموسوعة الحرة على شبكة اإلنترنت. (4) La Dépêche de Constantine 3/11/1954 ساقية سيدي يوسف بحجة مالحقة الثوار عزم التونسيين (٥) للتفصيل أكثر حول موضوع العالقات الجزائرية-التونسية انظر: لمياء على تقديم العون للثورة الجزائرية. لم يتوان الرئيس بورقيبة في إيجاد حل لمشكلة توقيف المساعدات االقتصادية والعسكرية لبالده من طرف الحكومة الفرنسية وسعى جاهد ا إلى إيجاد حل عن طريق الدول بوقريوة العالقات الجزائرية التونسية ١٩٥٤-١٩٦٢ أطروحة دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر (غير منشورة) كلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلسالمية جامعة وهران الجزائر ٢٠٠٦-٢٠٠٥. المرجع نفسه ص ٨٢ ٨٨ ولالطالع أكثر حول الموضوع طالع: أعمال الملتقى الدولي التاسع حول تصفية االستعمار بتونس: األطوار (٦) الغربية. واألبعاد (١٩٥٢-١٩٦٤) مايو ١٩٩٨ سلسلة تاريخ الحركة الوطنية عدد ٩ تونس.١٩٩٨ لقد كانت حكومة الواليات المتحدة األمريكية تتعامل مع مسألة المساعدات لتونس والسيما العسكرية منها بحذر (٧) السعيد الصافي بورقيبة سيرة شبه محرمة ط ١ رياض الريس وتحفظ شديدين خشية أن يؤثر ذلك على عالقاتها مع فرنسا ويبدو أن ذلك يرجع إلى موقع فرنسا في ترتيبات الحرب الباردة التي كانت في أوجها آنذاك إذ كان صناع القرار في واشنطن يخشون من حدوث "تصدعات" في الكتلة الغربية للكتب والنشر بيروت لبنان ٢٠٠٠ ص ٢٠٥. في الثاني عشر من آيار ١٨٨١ وقعت فرنسا مع الباي التونسي محمد الصادق على معاهدة باردو Bardo التي نصت على أن تحتل القوات الفرنسية المراكز التي تراها صالحة الستتباب النظام واألمن بالحدود والسواحل وفي شهر جوان عام ١٨٨٣ وقع الباي التونسي على معاهدة (٨) عموم ا وفي حلف الناتو على وجه الخصوص. المرسي التي منحت فرنسا السلطة الكاملة في تونس وهكذا دخلت ولعل السياسة المعتمدة من طرف الرئيس بورقيبة والمعادية األخيرة في الحماية الفرنسية المباشرة. ي نظر: عبد الله عبد الرزاق لالحتالل وللمعسكر الشيوعي هي التي جعلت تونس تشكل إبراهيم وشوقي الجمل تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر دار الثقافة.٣٥٨ بالنسبة للواليات المتحدة األمريكية موضوع ا لمصلحتها للنشر والتوزيع (القاهرة ٢٠٠١ ص ) (٩) الخاصة وآماال لمشاريع أمريكية في بلدان العالم الثالث. جاء في بنوده: (االعتراف الفرنسي باستقالل تونس -إلغاء فرنسا معاهدة الحماية -مباشرة تونس لمسؤولياتها في الشؤون الخارجية واألمن والدفاع وتكوين جيش وطني تونسي). ( ١٠ )رياض الصمد العالقات الدولية في القرن العشرين ج ٢ ط ١ المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت-لبنان ١٩٨٣ ص ٢٦٥. ( ١١ )صالح العقاد المغرب العربي: الجزائر-تونس-المغرب األقصى دراسة في تاريخه الحديث وأحواله المعاصرة ط ٣ مكتبة األنجلو مصرية (مصر ١٩٦٩ ) ص ٤٩٥. (12) Samia El Machat, "Les Relations Franco Tunisiennes dans la tourmente Algérienne (1957 1961)", Acte du VIIIe colloque international sur histoire Orale et relations Tuniso Françaises de 1954 à 1962, la parole aux témoins (tenu le 10 et 11 mais 1996 à Tunis), Institue Supérieur d'histoire du Mouvement Nationale, Tunis, 1998, Pp. 203, 204. ٥١
دراسات (١٣) انظر: Archives National Tunisiens: Mouvement Nationale, Politique Tunisienne, Date 26/04/1956, Carton 68, Dossier1. (١٤) انظر: A.N.T : M.N, Note de renseignements, Date 12/02/1956, C68, D1. وكذلك: A.N.T : M.N Commentaires sur le discours du président du conseil à l'assemblée nationale constituante, Date 31/05/1956, A.N.T, M.N, C68, D1. وكذلك: A.N.T, M.N Politique franco tunisienne, Date 07/05/1956, C68, D01. (15) Gian Polo Calchi Novati, «Le bombardement de sakiat sidi Youssef et les péripéties de la politique tunisienne face a la guerre d'algérie», in.actes du Ixe colloque international sur processus et enjeux de la décolonisation en Tunisie (1952 1964), I.S.H.M.V, Tunis, 1999, P.61. ( ١٦ )الحبيب بورقيبة: من أقوال المجاهد األكبر لحبيب بورقيبة ط ١ شركة فنون الرسم والنشر والصحافة تونس ١٩٨٤ ص ١٨٣. (17) El Machat, Op.cit, Pp. 204-205 ( ١٨ )للتفصيل أكثر حول موضوع العالقات العسكرية الجزائرية-التونسية انظر: لمياء بوقريوة مرجع سابق ص ١٤١ ١٧٨. (١٩) الصافي مرجع سابق ص ٢٣٠. (20) El Machat, Op.cit, P.205. (٢١) الصافي مرجع سابق ص ص ٢٠٣. (22) El Machat, Op.cit, Pp. 205 206. ( ٢٣ )سليمان الشيخ الجزائر تحمل السالح دراسة في تاريخ الحركة الوطنية والثورة المسلحة ت محمد حافظ الجمامي الجزائر ٢٠٠٢ ص ٥٠٠. ففي ١٧ سبتمبر ١٩٥٧ عرض ملك المغرب في خاطب ألقاه في طنجة حال للمشكل الجزائري عن طريق التفاوض وفي ٧ أكتوبر ١٩٥٧ قدم الباهي األدغم نائب رئيس المجلس التونسي اقتراح ا في األمم المتحدة صاغه بورقيبة من أجل تسوية للقضية الجزائرية بعقد ندوة من أربعة أطراف فرنسا جبهة التحرير الوطني تونس المغرب. (24) El Machat, Op.Cit, P.206. ( ٢٥ )دوايت ايزنهاور: الرئيس الرابع والثالثون للواليات المتحدة األمريكية ولد في والية تكساس عام ١٨٩٠ وفي أثناء الحرب العالمية الثانية تقدم في سلك الخدمة العسكرية بسرعة بالغة حتى وصل إلى رتبة جنرال وفي عام ١٩٥٠ عين القائد األعلى للقوات الحليفة في أوربا بعد ( ٣٦ )ويذكر الصافي سعيد في مرجعه المشار إليه سابق ا أنهم كانوا ثالثة جنود. ( ٣٧ )الطاهر بلخوجة والنشر الشرقية تونس لحبيب بورقيبة: (ب س ط) ص 43. سيرة زعيم عالمات للطباعة (٣٨) المرجع نفسه ص ٤٤. (39) El Machat, Op.cit. P.210. ( ٤٠ )حسب اإلحصاءات التي وجدت في جل المراجع التي تتحدث عن قصف الساقية ومنها بلخوجة مرجع سابق ص ٤٤. (41) Irwin M. wall, Traduit par ph.e.roviart,"les États Unis la Grande Bretagne et l'affaire de Sakiet Sidi youssef" in: Actes du VIIIe colloque International sur histoire orale et relations tunisofrançaises de 1945 à 1962 la parole aux témoins, tenu le 10 et 11 mais 1996 à Tunis, I.S.H. M. N, Tunis, 1998, P.217. لقد تلقى الجيش الفرنسي ضربات موجعة عديدة من طرف فرق جيش التحرير الجزائري ضد قواعده العسكرية الموجودة على الشريط الحدودي المتاخم لألراضي التونسية حيث استطاعت الكتيبة الثالثة لجيش التحرير الوطني يوم 20 اكتوبر 1957 بالقاعدة الشرقية تحت قيادة لعياشي حواسنية وعبد الوهاب صوالحية من شن هجمات متالحقة على ثالث قواعد عسكرية فرنسية وحطمتها نهائي ا وتم خاللها تحرير الجزائريين المحتجزين والتحق جميع أفراد الكتيبة بالمنطقة الحدودية قرية ساقية سيدي يوسف للمزيد من التفاصيل انظر: المنصف بن فرج ملحمة النضال التونسي الجزائري من خالل حوادث ساقية سيدي يوسف المغرب للنشر تونس 2002 ص. 22 وانظر أيض ا: Henri le Mire, Histoire militaire de la guerre d Algérie, Ed, Albin Michel, paris, 1982, p195 (42) Irwin M.Wall, Op.cit, P.218. (٤٣) بلخوجة مرجع سابق ص ٤٥. (٤٤) الصافي مرجع سابق ص ٢٣٣. (45) M.Wall, Op.cit. pp 222 223. (٤٦) الصافي مرجع سابق ص ٢٣٣. (47) Irwin M.Wall, Op.cit. p. 226. (48) El Machat, Op.cit. p. 210. (49) M.Wall, Op.cit, p.227. (50) El Machat,Op.cit, p. 211. (51) Noureddine Boujellabia, La bataille de Bizerte,telle que je l' ai vécu,sud Edition,Tunis, 2004, P.38. (52) El Machat, Op.cit.P. 212. (53) IBID. أن كان قد ترك الجيش وفي عام ١٩٥٣ انتخب رئيس ا للجمهورية كمرشح للحزب الجمهوري وجدد انتخابه في عام ١٩٥٦ طرح في عام ١٩٥٧ مشروعه الذي عرف باسمه "مشروع ايزنهاور" استمر في الرئاسة إلى عام ١٩٦١ وتوفي سنة ١٩٦٩. ( ٢٦ )لالطالع أكثر حول موضوع العالقات التونسية األمريكية في هذه الفترة من خالل أرشيف وزارة الخارجية األمريكية المنشور انظر: مقال الدكتور ناظم رشم معتوق األمارة "تونس والواليات المتحدة األمريكية (١٩٥٦-١٩٥٨) دراسة في العالقات السياسية" دورية كان التاريخية العدد الرابع عشر ديسمبر ٢٠١١ ص ٢٩-١٦. (٢٧) المرجع نفسه. (28) El Machat,Op.cit., P.207. (29) IBID. P.208. (30) IBID. (٣١) ناظم رشم معتوق مرجع سابق. (٣٢) المرجع نفسه. (33) El Machat, Op.cit. Pp. 208 209. (٣٤) الصافي مرجع سابق ص ٢٣١. (٣٥) نفسه. ٥٢
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات íè ñ]ˆ ]íjîö¹]íúçó ] é `iàúíéöæ Ö]æíée ÃÖ]ÌÎ]ç¹] ١٩٦٠ è^ßè -١٩٥٨ Ûjf ١٩íè è vjö]ì çnö]ùø} ا ستاذة التعليم المتوسط باحثة دكتوراه تاريخ حديث ومعاصر تلمسان الجمهوريةالجزاي رية < << بمجرد اإلعالن عن تشكيل الحكومة المؤقتة الجزائرية في ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ سارعت أغلب الدول العربية والدولية لالعتراف بها هذه المواقف كانت بمثابة دعم قوي لها فباشرت نشاطها السياسي المتمثل في سلسلة الزيارات التي قام بها وفد الحكومة المؤقتة وبالموازاة لم تغفل أيض ا على المجال العسكري حيث أصبحت بعض الدول تتعامل معها كهيئة شرعية وتبرم معها صفقات من أجل تموين قادة الثورة التحريرية بالداخل (الجزائر) بالسالح والذخيرة إال أن االستعمار الفرنسي أوجد عدة معيقات لمنع دخول األسلحة لكن هذا لم يمنع الحكومة المؤقتة من مواصلة نشاطها خاصة في زيادة كسب العديد من التأييدات العربية والدولية للقضية الجزائرية إذ أصبح لها صدى واسع بفضل مشاركتها في العديد من المؤتمرات وكذلك عندما كانت األمم المتحدة تعقد دوراتها اعتمدت على الثقل الذي تمثله الدول اإلفريقية واآلسيوية في المحافل الدولية حيث ساهمت في االنتقال بالقضية الجزائرية من الحيز الفرنسي إلى التدويل. كما كانت تطالب باستمرار بضرورة الحل السلمي التفاوضي من أجل إنهاء حرب الجزائر وبهذا كان لها دور كبير في تمهيد طريق المفاوضات مع الحكومة الفرنسية وهذا األمر يعتبر في حد ذاته انجاز ا عظيم ا للقضية الجزائرية. تاريخ استلام البحث: تاريخ قبول النشر: يناير ٠٦ ٢٠١٥ ا بريل ١٢ تاريخ الجزاي ر الحديث الثورة التحريرية جبهة التحرير الوطني الثورة الجزاي رية الاستعمار الفرنسي DOI 10.12816/0045087 ٢٠١٥ سهام ميلودي "المواقف العربية والدولية من تا سيس الحكومة المو قتة الجزاي رية خلال الثورة التحريرية ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ -يناير ١٩٦٠".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٥٣ ٦١. م ق د م ة لقد كان هناك دعم كبير للثورة الجزائرية وتمت مساندتها حتى في المحافل الدولية ونلمس هذا عندما قدم مندوبو أربع وعشرين دولة من الدول اإلفريقية واآلسيوية طلبا من أجل إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة العاشرة لهيئة األمم المتحدة ١٩٥٥ سنة حتى أن جبهة التحرير الوطني فكرت في تشكيل حكومة مؤقتة جزائرية لكسب المزيد من التأييد لها خاصة وأن مقر هذه األخيرة كان بالخارج بداية في القاهرة ثم تونس وبالتالي ستكون هناك عالقة مع الدول الشقيقة أو باألحرى العربية وحتى الدول الغربية فحاولنا أن نركز على طبيعة هذه العالقة من خالل توضيح مواقف هذه الدول من تأسيس الحكومة المؤقتة حيث تكمن أهمية هذا الموضوع في تشكيل هذه القيادة في ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ ثم تواصل نشاطها حتى استقالل الجزائر في ٥ جويلية ١٩٦٢ وبالتالي مرت عدة أحداث وتطورات مست القضية الجزائرية ومن دواعي إجراء هذا البحث أيضا هو التعرف على مدى مساندة ودعم الدول العربية والدولية للحكومة المؤقتة حيث كان هدف هذه األخيرة هو التعريف بالقضية الجزائرية من أجل مواجهة االستعمار الفرنسي فكيف كانت مواقف الدول العربية والدولية من هذه القيادة الجديدة وهل تحقق هدف جبهة التحرير الوطني في كسب المزيد من التأييد للثورة الجزائرية ٥٣
دراسات أوال : ظروف وأوضاع الثورة التحريرية (١٩٥٨ ١٩٥٦) تعددت مؤسسات القيادة خالل الثورة التحريرية فلما اندلعت في الفاتح من نوفمبر ١٩٥٤ لم تشهد تنظيما شامال وواسعا إال بعد انعقاد مؤتمر الصومام في ٢٠ أوت ١٩٥٦ وهذا عن طريق إحداث مؤسسات سياسية وعسكرية لدعم النشاط الثوري فتم تشكيل المجلس الوطني للثورة الجزائرية والتنفيذ المجلس. (CNRA) (CCE) ولجنة التنسيق التي تتولى تطبيق القرارات المنبثقة عن هذا لكن قبيل تشكيل الحكومة المؤقتة عرفت الثورة التحريرية عدة أحداث وتطورات أثرت على مسارها فعلى المستوى الداخلي: نتيجة عقد مؤتمر الصومام في ٢٠ أوت ١٩٥٦ اتخذت السلطات الفرنسية عدة إجراءات كرد فعل على هذا المؤتمر حيث لجأت إلى اختطاف الطائرة التي كانت تقل الزعماء األربعة باإلضافة إلى مصطفى األشرف كصحفي في ٢٢ أكتوبر (١) ١٩٥٦ وهي في طريقها من المغرب األقصى إلى تونس لحضور مؤتمر من أجل تأسيس اتحاد فدرالي بين تونس والجزائر والمغرب (٢ ( من خالل مناورة االختطاف األقصى لحل المشكل الجزائري نستطيع أن نفسر غرض فرنسا هو إضعاف الثورة عن طريق القضاء على زعمائها غير أن هذا لم يمنع الثورة من مواصلة مسارها وخاصة بعد نقلها إلى المدن وكان الهدف من وراء ذلك هو التأكيد للعالم أن الثورة يقوم بها كل الشعب وليس مجموعات منعزلة كما كانت تدعي فرنسا وقد تمثلت في العمليات الفدائية حيث نفذت بمدينة الجزائر واختيرت هذه األخيرة ألنها تمثل (٣ ( وتدخل هذه العمليات في القلب النابض للسياسة االستعمارية ( ٤) إطار " معركة الجزائر" إذ كان يشرف عليها العربي بن مهيدي وتعود بدايتها إلى سنة ١٩٥٦ فكانت هناك أربع عمليات في جانفي ١٩٥٦ و ٥٠ في جوان و ٩٥ في أكتوبر و ١٢٢ عملية في ديسمبر (٥ ١٩٥٦ ( فبدأ القلق ينتاب السلطات االستعمارية ونلمس هذا من خالل تحويل السلطة األمنية إلى الجنرال (٦ Massu ( بتاريخ ٧ جانفي ( ٧) ١٩٥٧ حيث أسندت إليه كامل الصالحيات للحفاظ على األمن وقد تزامن مع معركة الجرائر إضراب الثمانية أيام الذي كان من ٢٨ جانفي إلى ٤ فيفري ١٩٥٧. وتعود فكرة هذا اإلضراب إلى العربي بن مهيدي (٨ ( والغاية منه هي إبراز دور الجماهير الشعبية داخل المدينة ومدى تعلقه بقيادة الثورة فتم توجيه نداء من طرف جبهة التحرير الوطني إلى الشعب الجزائري فاستجاب لها النداء مختلف شرائحه (٩ ( وقد كانت له نتائج إيجابية وسلبية فمن الناحية اإليجابية حقق صدى كبير في أوساط الصحافة العالمية إذ حسب وكالة رويتر البريطانية: ٩٠% "ما يقارب بالجزائر مغلقة وحوالي ٧٠% من الحوانيت في المدن الرئيسية من الموظفين الجزائريين لم يلتحقوا بمناصب عملهم " وكما كان هناك تضامن من طرف الدول العربية فمثال القاهرة أذاعت محطة صوت العرب بالغا موجها من جبهة التحرير الوطني بالقاهرة إلى الشعب الجزائري يمجد موقفه البطولي في تنفيذ نداء اإلضراب أما في الرباط فقد أعلنت. ( ١١) المنظمات القومية في المغرب األقصى إضراب ا عام ا لمدة ساعة ومن هنا ندرك مدى نجاح اإلضراب وأكدت جبهة التحرير الوطني أنها الممثل الشرعي للشعب الجزائري. أما بخصوص النتائج السلبية نتيجة لسياسة العنف التي انتهجها ماسو( Massu ) تم تفكيك شبكة العمليات الفدائية وإلقاء القبض على العربي بن مهيدي في ٢٣ فيفري ١٩٥٧ الذي تعرض للتعذيب لمدة ١٠ أيام وفي مارس ١٩٥٧ صرحت السلطات الفرنسية (١٢ ( ومما زاد الطينة بلة هو اكتشاف مقر لجنة التنسيق أنه انتحر والتنفيذ وخروجها من العاصمة وبهذا أصبحت الثورة تسير من (١٣ ( وهذا يعد مخالفا لقرارات مؤتمر الصومام التي أكدت الخارج أولوية الداخل على الخارج وإضافة إلى ما سبق كان هناك انعزال واليات الداخل عن الخارج بسبب إنجاز خط موريس في ١٥ سبتمبر ١٩٥٧ الذي عرقل عملية تمرير السالح إلى الداخل غير أن (١٤ ( استعان بخبراء عسكريين من المشرق العربي كريم بلقاسم ١٥) ( لكن لقطع األسالك المكهربة وتمرير السالح إلى الداخل السلطات الفرنسية اكتشفت األمر وكرد فعل منها قامت بشن هجوم جوي على ساقية سيدي يوسف بتونس في ٨ فيفري ١٩٥٨ بحجة استهداف فرق جيش التحرير الوطني داخل األرض (١٦ ( ويمكن أن نفسر هذا بأنها أرادت أن توتر العالقات بين التونسية الجزائر وتونس وخاصة بعد أن استقر أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ بها. - أما على مستوى الخارجي فبعد اكتشاف مقر لجنة التنسيق والتنفيذ والفرار إلى الخارج كان ال بد من اجتماع للمجلس الوطني للثورة في ٢٠ أوت ١٩٥٧ بالقاهرة وأصدرت عدة قرارات ومنها: إلغاء أولوية السياسي على العسكري وكذلك الداخل على الخارج (١٧ ( وتم توسيع لجنة التنسيق من خمسة إلى تسعة أعضاء والمجلس الوطني للثورة من ٣٤ إلى ٥٤ عضو ا ومن أهم قراراته إنشاء حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية (١٨ ( كما كان الستقالل تونس والمغرب أثر بارز في نشاط الثورة التحريرية حيث لقيت دعما كبيرا في المجال العسكري والدبلوماسي. ففي المغرب انعقد مؤتمر طنجة من ٢٧ إلى ٣٠ أبريل ١٩٥٨ وجاءت المبادرة من حزب. ( ١٩) االستقالل المغربي والحزب الدستوري التونسي من المالحظ أن هذا المؤتمر جاء بعد شهرين من الهجوم الفرنسي على قرية سيدي يوسف بتونس كتأكيد للسلطات االستعمارية بوحدة المغرب العربي وقد قبلت جبهة التحرير الوطني المشاركة في المؤتمر لعدة أهداف منها: تمتين تضامن الشعب التونسي والمغربي مع الثورة الجزائرية ٢٠) (. - اعتبار الوحدة المغاربية مشروطة باستقالل الجزائر ومساعدة هذه األخيرة في كفاحها ضد المستعمر. ٥٤
دراسات - التوصية بضرورة تكوين حكومة مؤقتة جزائرية (٢١ (. في ظل هذه الظروف التي عرفتها الثورة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي كان من الضروري إذن تكوين حكومة مؤقتة كتنفيذ لقرار المجلس الوطني للثورة ومؤتمر طنجة وأيضا من أجل إبالغ القضية الجزائرية وحقيقة ما يحدث في الجزائر للرأي العام العالمي. ثاني ا: اإلعالن عن احلكومة المو قتة تعتبر فكرة تكوين حكومة مؤقتة حدثا بارزا وهاما بالنسبة للثورة الجزائرية فبعد أن فو ض المجلس الوطني للثورة الجزائرية لجنة التنسيق والتنفيذ إلنشائها قررت عقد اجتماعها يوم ٩ سبتمبر ١٩٥٨ من أجل دراسة هذه القضية حيث تم وضع خطة (٢٢ ( فقد كانت تتكون من لتشكيلها وتحديد وظائف الوزراء طبقتين: الطبقة األولى هي صاحبة القرار وتضم الثالثي كريم (٢٣ ( وعبد الحفيظ بوصوف ٢٤) ( وباقي بلقاسم لخضر بن طوبال. ( ٢٥) األعضاء مسؤولون أمامها وكانت برئاسة فرحات عباس واختيار هذا األخير كرئيس للحكومة: بحكم أنه كان زعيما لحزب البيان لالتحاد الديمقراطي (UDMA) سابقا وكذلك ألنه يملك القدرة السياسية للتفاوض مع فرنسا( ٢٦ ) وقد أرجع سعد دحلب في كتابه المهمة المنجزة أن سبب هدا االختيار يعود إلى ظهور معطيات تطلبت بروز رجل سياسي يؤمن بالحل التفاوضي (٢٧ (. لكن سبب االختيار برأينا يرجع في المقام األول إلى تعامله مع الفرنسيين إذ كان حزبه اندماجيا وبهذا تكون له عالقات مع سياسيين فرنسيين ومهارة دبلوماسية أثناء الحديث معهم حتى سياسة كانت قائمة على التفاوض من أجل الحصول على االستقالل فمن المعلوم أنه سابقا دخلت جبهة التحرير الوطني في لقاءات واتصاالت سرية مع الحكومة الفرنسية وكلها كانت فاشلة ألن فرنسا لم تعترف بجبهة التحرير الوطني كممثل شرعي للشعب الجزائري وشيء آخر كانت فقط تريد جس نبض قادة الثورة وإطالة الحزب بالجزائر لهذا تطل ب األمر تشكيل حكومة مؤقتة لتكون هناك مفاوضات فعلية ورسمية مع فرنسا. وفي يوم ٤ ربيع األول ١٣٧٨ الموافق ل ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ على (٢٨ ( في القاهرة وبحضور رجال الساعة الواحدة بعد الظهر الصحافة ومختلف ممثلي وكاالت الصحف األجنبية تولى فرحات عباس باعتباره رئيس الحكومة تالوة بيان التأليف (٢٩ ( وقد صدر في وقت واحد بالقاهرة وتونس والرباط ونم فيه إعالن إنشاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (٣٠ (. الشيء الملفت للنظر أن االهتمام بهذا الحدث يبدو واضح ا من خالل حضور الصحافة من مختلف الدول وإعالنها ميالد الحكومة المؤقتة حيث أصبحت هذه األخيرة مسؤولة عن قيادة الثورة لكن بطبيعة الحال تتلقى مختلف القرارات من طرف المجلس الوطني للثورة حيث كان هذا اإلعالن تنفيذا لقراراته أثناء اجتماعه بالقاهرة في ٢٠ أوت ١٩٥٧ وبالتالي المهمة األساسية لها هي تحقيق االستقالل. ثالث ا: االعرتافات العربية والدولية لها كان صدى إعالن تشكيل أول حكومة مؤقتة جزائرية في الخارج كبيرا جدا وهذا من خالل توالي االعترافات بها خاصة بعد انتهاء فرحات عباس من تالوة البيان يعني في اليوم نفسه نجد أن العراق هي أول دولة اعترفت بها ثم تليها الجمهورية العربية المتحدة وجاء بعد ذلك سفير ليبيا معترفا رسميا بالحكومة المؤقتة وسفير دولة الباكستان وفي مساء ذلك اليوم جاء اعتراف دولة اليمن (٣١ (. (٣٢ ( اختلفت من دولة ألخرى والمالحظ أن أشكال االعتراف فمثال المغرب كانت تتواجد بها بعثة أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ مهمتها التوصل إلى االعتراف الرسمي لمحمد الخامس ٣٣) ( أما تونس بالحكومة الجزائرية فأعطى الملك دعمه للحكومة فقد بعثت برسالة من كتابة الدولة للشؤون الخارجية التونسية إلى وزارة خارجية حكومة الجمهورية الجزائرية تقر فيها باالعتراف (٣٤ ( بهذه الحكومة بعد أن أذاعت بالغا في ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ رسميا. ( ٣٥) يؤكد ذلك وقد أعطت هذه االعترافات دفعا قويا للقضية الجزائرية إذ عملت على مساندتها ماديا ومعنويا حيث أن الحكومة المؤقتة واصلت جهودها من أجل االعتراف بها. هذا بالنسبة ألهم الدول العربية أما الدول الغير العربية فقد جاء اعتراف الصين بعد ثالثة أيام من اإلعالن عنها حيث قال الرئيس هوشي تونغ:" إن تشكيل الحكومة الجزائرية المؤقتة يعد تعبيرا عن إرادة الشعب الجزائري الذي ال يقبل المساومة مع االستعمار" (٣٦ (. كما جاء اعتراف كوريا الشمالية في ٢٠ سبتمبر ١٩٥٨. ( ٣٧) والفيتنام في ٢٦ سبتمبر ١٩٥٨ وإندونيسيا في ٢٧ سبتمبر ١٩٥٨ من خالل عرض هذه االعترافات يتضح لنا أنه كانت هناك مساندة دولية أما من جهة فرنسا فنجد أنه بعد اإلعالن عن تشكيل حكومة مؤقتة اهتدى الجنرال ديغول الذي تولى رئاسة الجمهورية الفرنسية الخامسة في ١٩٥٨ جوان ١ على تطبيق ومن أجل تحقيق هذا األمر سياسة اإلدماج وتحقيق المساواة (٣٨) اتخذ إجراءات عسكرية وسياسية واقتصادية بداية بإجراء استفتاء ٢٨ سبتمبر ١٩٥٨ وهذا من أجل التصويت على دستور فرنسا الجديد وقد لعب الجيش دور وكالة اإلشهار إذ كان مكلف بحملة نعم خالل االستفتاء من خالل معلقات ثالثية األلوان في المدن الجدران المزارع المشاتي ممثلة العلم الفرنسي وتراكم صور الجنرال ديغول في جميع الشوارع فحواها نعم للدستور الجديد نعم لديغول حيث بلغت نسبة التصويت ٩٦% وهذا ما جعله يغير ويوهم الرأي العام العالمي أن الجزائر بين رافضين للحكومة المؤقتة كممثل شرعي (٣٩) لهم غير أن هذه النسبة مبالغ فيها فديغول كان يريد أن يهز مكانة الحكومة المؤقتة ورغم اعتراف معظم دول العالم بها لم يتوقف ديغول عن مشاريعه ٥٥
دراسات االستعمارية فمن أجل الدفاع عن فكرة الجزائر فرنسية قام بإعالن ١٩٥٨ أكتوبر ٣ يوم من خالل خطاب ألقاه بمدينة قسنطينة بالجزائر عن مشروع قسنطينة الذي كان يهدف من خالله غرس فكرة اإلدماج عن طريق إفساح العمل للجزائريين وكان يتضمن ما يلي: إنشاء مساكن لمليون نسمة منح ٢٥٠ ألف هكتار من األراضي للجزائريين أحداث ٤٠٠ ألف وظيفة جديدة (٤٠ ( وهنا نلمس أن ديغول كان يحاول إغراء الشعب الجزائري بالعمل وبالتالي يعزله عن الثورة وتكوين طبقة مرتبطة بفرنسا أو ما الثالثة". يسمى بالقوة لكن هذا المشروع لقي معارضة شديدة من طرف المعمرين والجزائريين على حد سواء فالمعمرون ال يسمحون أبدا أن يصبحوا في درجة المساواة مع الجزائريين لشعورهم بأنهم هم (٤١ ( لكن ديغول لم السادة وطبعا حتى الجزائريين رفضوا المشروع يستسلم فجاء بمشروع سلم الشجعان حيث وجه نداء إلى جيش التحرير الوطني بكل فئاته وقد جاء بتاريخ ٢٣ أكتوبر ١٩٥٨ ومما جاء في النداء " على الذين بدأوا القتال أن يوقفوه وعليهم أن يعودوا إلى منازلهم العسكريين بواسطة العلم وذويهم وعلى قادتهم أن يتصلوا بقادتنا األبيض أما أعضاء الوفد الخارجي للثورة فما عليهم إال أن يتوجهوا إلى سفارة فرنسا في تونس أو الرباط كي تضمن نقلهم إلى فرنسا لكي يبحثوا شروط االستالم في النطاق الفرنسي وأما المستقبل السياسي للجزائر فال مجال (٤٢ ( ينصح لنا أن ديغول كان يطلب من قادة الثورة للتعرض له ألن االستسالم والشيء المالحظ أيضا على هذا النداء أن الهدف المراد الوصول إليه هو إحداث شقاق وخالف بين قادة الثورة عن طريق عزل الداخل عن الخارج غير أن هذا المشروع فشل فقد رفض من طرف الحكومة المؤقتة الجزائرية وأعلنت عن يقينها بأن السالم ال يمكن أن يتحقق إال عن طريق التفاوض وجددت ترخيصها بدعوة الحكومة الفرنسية للتفاوض بصورة جدية ولبلد. ورغم فشل مشاريع ديغول التعسفية إال أنها واصلت محايد (٤٣) نشاطها. رابع ا: بداية ناشطها والدعم اإلفريقي اآلسيوي لها بعد أن استطاعت الحكومة المؤقتة الحصول على التأييد من عدة دول بدأت نشاطها السياسي وباألحرى الديبلوماسي من خالل سفر الوفد الوزاري إلى الصين والذي دام من ٠٣ إلى ١٣ ديسمبر ١٩٥٨ وأيضا من ١٦ إلى ٢٠ ديسمبر ١٩٥٨ وأثناء المحادثات التي جرت مع ماوتسي تونغ رئيس الجمهورية الشعبية للصين وشوان الي رئيس مجلس الوزراء تم تأييد الشعب الجزائري في كفاحه من أجل االستقالل (٤٤ ( وبالتالي نجد أن هذه الزيارة أثارت حماس الشعب الجزائري وأيضا الوفد الوزاري في مواصلة مهامه خاصة أنه في األسابيع نفسها التي تمت فيها الزيارة رافقتها عدة أحداث خالل بداية من عرض القضية الجزائرية في األمم المتحدة (٤٥) دورتها الثالثة عشر فقد أراد الوفد الجزائري أن يحقق عدة أهداف كانت الحكومة المؤقتة قد سطرتها ومن بينها: العمل على االعتراف بحق الشعب الجزائري في االستقالل ووجوب التفاوض بين الطرفين (٤٦ ( فقد كان هناك دعم للقضية الجزائرية ألول مرة في الدورة العاشرة لألمم المتحدة سنة ١٩٥٥ إذ قدم مندوبو أربع وعشرين دولة من الدول اإلفريقية واآلسيوية بهيئة األمم المتحدة رسالة إلى األمين العام يوم ٢٩ جويلية طلبوا منه فيها إدراج قضية الجزائر في جدول أعمال الدورة العاشرة للجمعية العامة يوم ٢٩ جويلية ثم تجدد الطلب في الدورة الحادية عشرة سنة ١٩٥٦ والثانية عشر سنة ١٩٥٧ وفي الدورة الثالثة عشر ١٩٥٨ تقدمت كتلة الدول اإلفريقية اآلسيوية بمذكرة توضيحية ومرفقة بطلب الكتلة ومما جاء فيها أن الحرب ظلت مستمرة في الجزائر بدون هوادة متسببة في زيادة الخسائر المادية واألرواح ألبشرية وليس هناك أية بادرة لوجود حل يتفق مع مبادئ وأهداف ميثاق (٤٧ ( وكانت أهم نتيجة لهذه الدورة هي تصويت األمم المتحدة الجمعية بأغلبية الثلثين فمن بين ٨٢ دولة لم نجد إل ١٨ دولة ساندت فرنسا (٤٨ ( ورغم بقاء القضية الجزائرية كما هي دون حل ولكن حصل تطور كبير في اتجاه كثير من الوفود وأصبحت تتفهم (٤٩) المشكلة وتعطف عليها. نلمس هنا أن الحكومة المؤقتة استطاعت أن تتحصل على دعم الدول اإلفريقية واآلسيوية في المحافل الدولية ويظهر جليا من خالل الطلبات التي قدمتها لألمم المتحدة من أجل مناقشة القضية الجزائرية. كما تال مباشرة هذه الدورة مؤتمر أكرا الذي انعقد في ٨ ديسمبر ١٩٥٨ إذ ضم األقطار اإلفريقية حيث نوه هذا المؤتمر تمسك الشعب الجزائري بتقرير مصيره وأن تجرى مفاوضات مع الحكومة المؤقتة (٥٠ (. لكن ال يعني أن الحكومة المؤقتة أولت جل اهتماماتها للنشاط السياسي بل كان هناك أيضا اهتمام بالميدان العسكري فتشكيلها كان له أثر ايجابي على صعيد التسليح والتموين فأصبحت بعض الدول الشقيقة تتعامل معها كهيئة شرعية وتبرم معها صفقات مثل مصر والعراق وسوريا واألردن كما التحقت بقائمة الدول المتبرعة (٥١) بالسالح دول كبرى مثل الصين واالتحاد السوفياتي حيث كان يتم تهريبها عبر الطريق البري لليبيا وتونس ونظرا لتزايد كميات األسلحة وكبر حجمها كانت بحاجة إلى سيارات ثقيلة وبالفعل تم شراؤها من مصر أوائل عام ١٩٥٨ وهي عبارة عن لوريات مرسيدس بالمقطورة حمولة كل واحدة ٢٠٢٠ طن وتم شحنها بعد أن كلف المسؤول عن التسليح والنقل بتوفير اثنى عشر سائقا من الشباب الجزائري ووصلت في ٢٤ أكتوبر ١٩٥٨ لتساهم بقدر كبير في عملية إمداد الجزائر بالسالح (٥٢ ( كما تم تسليم كمية من األسلحة يوم ١٣ نوفمبر ١٩٥٨ واتخذت طريقها إلى تونس وهي عبارة عن متفجرات وألغام مثال نجد ١٦ لغما مضادا للدبابات ٥ ١٣٥٠ لغما مضادا للدبابات ٧ ٢٠٠٠٠ فتيل متفجر ١٠٠٠ متر فتيل. ( ٥٣) متفجر ٥٦
دراسات بالفعل الحكومة المؤقتة قامت بتوفير األسلحة غير أنها لم تصل إلى الداخل نتيجة إنجاز خط شال الذي يميد بالتوازي على بعد ٧٠ كلم مع خط موريس في الجهتين الشرقية والغربية من البالد وبقوة كهربائية ٣٠ ألف فولط حيث رأى موريس شال ضرورة تشديد الخناق وتدعيم المراقبة على الحدود الجزائرية الشرقية والغربية عن طريق غلقها باألسالك الشائكة المكهربة فالهدف الرئيسي من إنشاء خطي موريس وشال هو منع دخول األسلحة والذخيرة بالتالي أصبحت فكرة تموين الداخل مهمة صعبة جدا رغم هذا العائق الذي أوجدته الحكومة الفرنسية أمام الحكومة المؤقتة لم يمنعها من مواصلة نشاطها خاصة فيما يتعلق بكسب العديد من التأييدات العربية والدولية للقضية الجزائرية فقد قام وفد الحكومة المؤقتة بالعديد من الزيارات مثل زيارة ١٣ فيفري ١٩٥٩ إلى ليبيا متكونة من فرحات عباس رئيس الحكومة وأحمد التوفيق المدني وزير المعارض وابراهيم مزهودي مدير مكتب رئيس الحكومة المؤقتة بليبيا وعبد الحفيظ بوصوف وزير المواصالت حيث تم استقبالهم بحفاوة كبيرة. وحرصت ليبيا على ٥٤) ( وفي مساندة الجزائر ٦ فيفري ١٩٥٩ توجه وفد الحكومة المؤقتة من مدينة القاهرة إلى المملكة السعودية حيث حصلت على تأييده للقضية الجزائرية كما زار الرئيس فرحات عباس وبن يوسف بن خدة وزير الشؤون االجتماعية الهند والباكيستان التي (٥٥ ( حتى أنه لما انعقد مؤتمر عبرت عن دعمها للقضية الجزائرية الدار البيضاء في إطار الدورات التي كانت تعقدها جامعة الدول العربية وقد حضر الوفد الجزائري كوفد مالحظ في سبتمبر ١٩٥٩ حيث صودقت فيها على دعم المادي والمعنوي للقضية الجزائرية ٥٦) (. ونتيجة لهذه التطورات الدولية إذ لم تعد القضية الجزائرية قضية فرنسية بل خرجت إلى الصعيد الدولي ألول مرة اعترف الجنرال ديغول بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره بنفسه ٥٧) ( من خالل لكنه أحال ذلك بقيود وشروط كادت تجعله مستحيال خطاب ألقاه في ١٦ سبتمبر ١٩٥٩ ويتضمن ثالثة حلول للقضية الجزائرية وهي "اإلدماج االنفصالي" االتحاد الفيدرالي: فاإلدماج يعني المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع سكان الجزائريين والمسلمين أما االتحاد الفدرالي وهي أن يحكم الجزائريون من طرف جزائريين بمساعدة فرنسا في إطار اتحاد وثيق معها وقد صرح ديغول بخصوص هذه النقطة أنه يجب على الجزائريين أن يبتعدوا عن هذه الفكرة فقد تؤدي إلى فوضى وتتيح الفرصة للتنكيل والتعذيب والذبح والشنق (٥٨ (. إن هذه المبادرة من طرف ديغول أحدثت حالة استنفار في صفوف الحكومة المؤقتة فقامت باستشارات داخلية وخارجية فعلى الصعيد الداخلي فوضعية الحكومة المؤقتة لم تسمح لها باتخاذ القرارات الحاسمة في القضايا الجوهرية مما أدى إلى اتخاذ قرار إشراك القادة العسكريين - قادة الواليات - في ثالث اجتماعات أيام ٢٧ ٢١ ٢٠ سبتمبر ١٩٥٩ وهذا إلعطاء المصداقية. ( ٥٩) للقرارات التي ستتخذ أما على الصعيد الخارجي: أجرت اتصاالت مع الدول الصديقة والشقيقة خاصة مع دولتي الجوار والتي لهما عالقة مباشرة بالصراع الجزائري الفرنسي تونس والمغرب األقصى ففي اتصال لرئيس الحكومة المؤقتة بالرئيس التونسي لحبيب بورقيبة نصح هذا األخير قادة الثورة بإتباع السياسة المعروفة بالمراحل أوخذ وطالب وذلك بقبول حق تقرير المصير ثم وضع الشروط التي تراها الحكومة ضرورية كما أكد جمال عبد الناصر عن دعمه للثورة في حال رفضها لمبادرة ديغول. كما أجريت اتصاالت مع دول عربية أخرى مثل: ليبيا المملكة العربية السعودية ولبنان وبدول صديقة مثل: الصين الشعبية عن طريق سفيرها في تونس والذي أكد على ضرورة وضع شروط سياسية مثل االعتراف بالحكومة المؤقتة وشروط عسكرية مثل جالء القوات الفرنسية (٦٠ (. وبعد استشارات داخلية وخارجية ونقاشات دامت حوالي أسبوعين صاغت الحكومة المؤقتة بيانها ردا على إعالن ديغول وأذيع بتونس يوم ٢٨ سبتمبر ١٩٥٩ وقد تضمن هذا البيان نقاط عديدة يمكن إيجازها كاآلتي: إن ربط حرية اختيار الشعب الجزائري باستشارة الشعب الفرنسي يتعارض مع مبدأ حق تقرير المصير ويتعارض أيضا مع الديمقراطية. االستقالل الذي ينتج عن حرية استشارة الشعب الجزائري لن يكون مصدر فوضى ومعانات بل أن االستقالل شرط لتحقيق الرقي الحقيقي الذي سيضمن حرية األفراد وأمنهم ويسهل توحيد المغرب العربي. إن الحكومة المؤقتة المعترف بها من قبل العديد من الدول هي الوصي الضامن لمصالح الشعب الجزائري إلى أن يحقق حريته إنها تقود مقاومة الشعب الجزائري والكفاح التحرري لجيش التحرير ولن يتسبب األمن بدون موافقتها (٦١ (. استعدادها للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية من أجل مناقشة الشروط السياسية والعسكرية لوقف إطالق. ( ٦٢) النار إن هذا البيان خلص الثورة الجزائرية من الحرج الذي كان سيلحق بها دوليا خاصة في هيئة األمم المتحدة في حال رفضها لمبادرة فرنسا خاصة وأنها كانت تحضر لمناقشة القضية الجزائرية في دورتها الرابعة عشر فقد ظهرت متمسكة بالحل السلمي ومطالبة بالمفاوضات. انطال قا من هذا العرض نجد أن الحكومة المؤقتة اعتمدت على عدة ركائز من أجل إيصال القضية الجزائرية إلى العالم. بداية سعت إلى إبطال وتكذيب االدعاءات واإلشاعات الفرنسية بخصوص طبيعة الثورة الجزائرية سواء من حيث انتمائها (شيوعية عالمية أو قومية متعصبة) أو طبيعة قادتها (معتدلون متطرفون سياسيون أو عسكريون). ٥٧
دراسات لمسنا أنه حصلت على أكبر قدر من دعم دول العالم من أجل االستفادة من تضامنهم مع القضية العادلة للشعب الجزائري. اعتمدت على دعم الدول العربية خاصة الجمهورية العربية المتحدة العراق تونس والمغرب لكسب مواقع جديدة على الساحة الدولية سواء على مستوى الكتل والمنظمات في إطار جامعة الدول العربية أو الكتلة اإلفريقية واآلسيوية ويظهر جليا من خالل مساندة هذه األخيرة للثورة الجزائرية في الدورات التي عقدتها األمم المتحدة فقد اعتمدت الحكومة المؤقتة على الثقل الذي يمثله دعم الدول اإلفريقية واألسيوية في المحافل الدولية إذ ساهمت في االنتقال بالمشكل الجزائري الحيز الفرنسي إلى مستوى التدويل. أيضا نقطة أخرى نشير إليها: إن الحكومة المؤقتة كانت تطالب باستمرار بضرورة الحل السلمي التفاوضي من أجل إنهاء حرب الجزائر حتى تبرهن بأنها ال تمارس الحرب من أجل الحرب مثلما كانت تدعيه الحكومة الفرنسية واإلعالم الفرنسي. (٦٣) عززت تواجدها في الساحة الدولية وذلك بتكثيف حضورها في المؤتمرات والندوات الدولية مثل مؤتمر أكر والدار البيضاء إنشاء مكاتب خارجية عبر مختلف دول العالم كل هذا بهدف كسب الدعم المادي والمعنوي لفائدة القضية الجزائرية. (٦٤) خ امت ة يتبين لنا أنه كان هناك دعم كبير للحكومة المؤقتة الجزائرية من طرف الدول العربية والدولية منذ اإلعالن عن تشكيلها ويظهر جليا من خالل االعترافات التي تحصلت عليها بمجرد اإلعالن عنها في ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ أما من جهة فرنسا فلم تعترف أبدا بها بل حاولت التضييق عليها ورغم ذلك تحصلت على المزيد من التأييدات بفضل سلسلة الزيارات التي قام بها كل من فرحات عباس رئيس الحكومة وأعضائه عبر مختلف الدول ونتيجة للحنكة الدبلوماسية التي تميزت بها استطاعت أن توصل القضية الجزائرية إلى العالم عبر المحافل الدولية وأصبح لها صدى واسع بفضل مشاركتها في العديد من المؤتمرات كمؤتمر أكرا والدار البيضاء وكذا اعتمدت على ثقل الكتلة اآلفروآسيوية ونقصد هنا المجموعة اإلفريقية واآلسيوية في المحافل الدولية فهذه األخيرة قدمت طلبات لألمم المتحدة من أجل مناقشة القضية الجزائرية وبهذا لم تعد مشكلة الجزائر قضية فرنسية بل خرجت عن نطاقها وتصدرت القضايا العالمية. إن دعم الدول العربية وكتلة اآلفروآسيوية أكسب الحكومة المؤقتة مواقع جديدة على الساحة الدولية لكن ال ننف أنه كان لها دور كبير في تمهيد طريق المفاوضات الجزائرية الفرنسية إضافة إلى ذلك تحقق هدف جبهة التحرير الوطني في كسب المزيد من التأييد للثورة الجزائرية بفضل هذه القيادة التي أوجدتها. المالحق الملحق رقم (١) أعضاء الحكومة المؤقتة األولى ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ األعضاء عباس فرحات كريم بلقاسم بن بلة أحمد أيت أحمد حسين بيطاط رابح بوضياف محمد خيضر محمد دباغين محمد لمين شريف محمود بن طوبال لخضر بوصوف عبد الحفيظ مهري عبد الحميد فرانسيس أحمد أمحمد يزيد بن خدة بن يوسف المدني توفيق األمين خان أوصديق عمر سطنبولي مصطفى المهام رئيس الحكومة نائب الرئيس ووزير القوات المسلحة نائب الرئيس وزير الدولة وزير الدولة وزير الدولة وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية وزير التسليح والتموين وزير الداخلية وزير االتصاالت واالستخبارات وزير شؤون شمال إفريقيا وزير الشؤون االقتصادية والمالية وزير اإلعالم وزير الشؤون االجتماعية وزير الشؤون الثقافية كاتب الدولة كاتب الدولة كاتب الدولة Mohammed Harbi, Les archives de la révolution Algérienne,op.cit., p. 544 ٥٨
دراسات الملحق رقم (٢) البيان الذي تاله فرحات عباس لإلعالن عن تشكيل الحكومة المؤقتة الملحق رقم (٤) الرسالة التي بعثتها دولة تونس إلى وزارة خارجية الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية المجاهد ع ١٩ ٣٧ سبتمبر ١٩٥٨ ص ٠٤. الملحق رقم (٣) قائمة االعترافات التي وصلت الحكومة المؤقتة علبة رقم ٦ رسالة من كتابة الدولة للشؤون الخارجية بتونس إلى ١٩٥٨ سبتمبر ٢٢ وزارة خارجية حكومة الجمهورية الجزائرية ص ١ مركز األرشيف الوطني للجزائر. علبة رقم ٦ المصدر السابق ص ٢. C.A.N.A,Boite : 033, tableau des reconnaissances du GPRA. ٥٩
د( دراسات الملحق رقم (٥) النص الكامل لبيان ٢٨ سبتمبر ١٩٥٩ : اله وام ش (١) الزعماء األربعة هم: أحمد بن بلة محمد بوضياف محمد خيضر حسين آيت أحمد وهم أعضاء الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني انظر: Benyoucef Bendehedda,la fin de la guerre d Algérie les Accords d Evian ;2 eme éd.d.p.u, Alger,1998,p.15. (٢) أورغندي محمد لحسن مؤتمر الصومام وتطور ثورة التحرير الوطني الجزائرية ١٩٥٦-١٩٦٢ المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر ١٩٨٩ ص. ١٤٤ (3) Gilbert Meynier,histoire intérieure du FLN(1954 1962) éd. casbah ;Alger.2003 pp 322.323. (٤) العربي بن مهيدي: ولد سنة ١٩٢٣ بدوار الكواهي والية أم البواقي الجزائر مناضل بحزب الشعب الجزائري أول مسؤول والئي للغرب الوهراني لجبهة التحرير الوطني يعني الوالية الخامسة ألن الجزائر غداة االستعمار الفرنسي كانت مقسمة إلى ست واليات انظر: Achour cheurfi,la classe politique Algérienne de 1900 à nos jours dictionnaire bibliographique ;éd.casbah.2001,pp 91 92. (5) Gilbert Meynier ;op ;cit ;p.323. (٦) الجنرال ماسو: :Jacques Massu ولد في ٠٥ ماي ١٩٠٨ شیلان سير مارن Chalons sur Marne هوقائد الفرقة العاشرة للمظليين انظر : القرص المضغوط تاريخ الجزائر ١٩٦٢-١٨٣٠ المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ١٩٥٤ الجزائر ٢٠٠٢. (7) Messaoud Maadad ;guerre d Algérie chronologie et commentaires, éd.enag,algér ; 1992,p81. (٨) "إذ تقررت مدته في البداية بشهر ثم حددت بثمانية أيام نظرا لعدم تحمل الشعب الجزائري مدة شهر ألنها طويلة جدا" انظر قدور كريمة معركة الجزائر فيفري ١٩٥٧ من ثورة الريف إلى حرب المدن الراصد ع ١ المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ١٩٥٤ الجزائر ٢٠٠٢ ص ١١-١٠. أيض ا المقاومة ع ٦ ٢٨ جانفي ١٩٥٧ ص ١٢. (9) Archive wilaya Orane, Boite BP 198,Bulletin de la presse d Algérie la grève du FLN et les syndicats musulmans,n 690,1957, p63 (١٠) المقاومة الجزائرية ع ٧ ١٦ فيفري ١٩٥٧ ص ١١. (١١) نفس المصدر ص ١١. (12) A.W.O Boite BP198, Bulletin de la presse d Algérie, le suicide de ben Mhidi, N 690,1957, P.59. (١٣) أحسن بوما لي إضراب ٢٨ جانفي ١٩٥٧ اإلجماع والتحدي الذاكرة ع ٤ المتحف الوطني للمجاهد الجزائر ١٩٩٦ ص ٩٠. (١٤) كريم بلقاسم ولد في ١٤ ديسمبر ١٩٢٢ بذراع الميزان بمنطقة القبائل انخرط في حزب الشعب الجزائر عين عضو في لجنة التنسيق والتنفيذ ثم وزير للقوات المسلحة عند تشكيل أول حكومة مؤقتة انظر Benjamin Stora, Dictionnaire Bibliographique de militants nationalises Algériens, 1926 1954,éd l Harmathan,paris,1985.p.329. (١٥) فتحي الديب عند الناصر وثورة الجزائر ط ٢ دار المستقبل العربي للنشر والتوزيع القاهرة ١٩٩٠ ص ٣٨٨. (١٦) معمر العايب حادثة ساقية سيدي يوسف فيفري ١٩٥٨ وبداية االهتمام األمريكي بمنطقة المغرب العربي حولية المؤرخ ع ٤-٣ يصدرها اتحاد المؤرخين الجزائريين الجزائر ٢٠٠٥ ص ٤٧٦. (١٧) مصطفى هشماوي جذور نوفمبر ١٩٥٤ في الجزائر دار هومة الجزائر.ت) ص ١٣٣ وأيض ا انظر: محمد عباس القيادة العليا للثورة من التاريخيين التسعة إلى الباءات الثالثة الخبر عدد ٥٠٦٩ ١٩ جويلية ٢٠٠٧ ص.١٩ (١٨) أوزغيدي محمد لحسن المرجع السابق ص. ١٨١. المجاهد ع ٠٥ ٥٢ أكتوبر ١٩٥٩ ص..٠٦ ٦٠
دراسات (19) Mohamed Harbi,le FLN mirage et réalité, des origines à la prise du pouvoir 1945 1962,NAQE,ENAL,Alger,1993,p.205. (٢٠) معمر العايب: مؤتمر طنجة المحطة األخيرة لتصفية االستعمار الفرنسي من المغرب العربي الراصد ع ٢ المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ١٩٥٤-٢٠٠٢ ص.٤١ (٢١) عامر رخيلة "الثورة الجزائرية والمغرب العربي" المصادر ع ١ المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر ١٩٩٩ ١٩٥٤ ص.١٦٢ (٢٢) جمال بلفردي هيكلة وتنظيم جيش التحرير الوطني الجزائري على الحدود الشرقية والغربية الجزائر -٢٠٠٥ ٢٠٠٤ ص الملحق رقم -١-. ١٩٦٢-١٩٥٨ مذكرة ماجستير جامعة ٧٤. بالنسبة لتشكيلة الحكومة المؤقتة انظر (٢٣) بن طوبال ولد في ١٩٢٣ بميلة كان ضمن حزب الشعب الجزائري عضو في المجلس الوطني للثورة انظر: Benjamin Stora,op.cit.p.324 (٢٤) عبد الحفيظ بوصوف ولد في ١٩٢٦ بميلة كان ضمن لجنة ٢٢ للتحضير للثورة عضو بالمجلس الوطني للثورة ١٩٥٦ Achour Cheurfi,op,cit,p 123. (٢٥) فرحات عباس: ولد سنة ١٨٨٩ بالطاهير والية جيجل وهومن عائلة مشهورة من الناحية العسكرية كان رئيس حزب االتحاد الديمقراطي انظر ١٩٥٥ للبيان الجزائري انضم إلى جبهة التحرير الوطني سنة Benjamin Stora,op,cit,pp377 338 (26) Yves courrière, la guerre d Algérie,les Fils de la toussaint, tome I, éd ;Fayard,France ;1970 ;p49. (27) Saad Dahlab,Mission accomplie,éd Dahleb ;Alger ;1990 ;p96. (٢٨) المجاهد ع ٣٧ طبعة خاصة الجمعة ١٩ سبتمبر ١٩٥٨ ص ١ وأيض ا l Echo d Alger,N 16 887,samedi 20 septembre 1958.pp.1 3. (٢٩) أحمد توفيق المدني حياة كفاح مع ركب الثورة التحريرية الجزء ٤٠٠ فحوى الثالث الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ١٩٨٢ هذا القرار بالملحق رقم( ٢ ). ص (٣٠) عمار بوحوش التاريخ السياسي للجزائر من البداية لغاية ١٩٦٢ دار الغرب اإلسالمي بيروت ١٩٩٧ ص ٤٧٥. (٣١) أحمد توفيق المدني المصدر السابق ص ٤٠٠ وأيض ا. Farhat Abbas,Autopsie d une guerre(l aurore) éd ;Alger livres 2001.p238. (٣٢) انظر الملحق رقم( ٣ ) (33) l Echo d Oran,N 31 271,vendredi 19 septembre 1958,p.02. (٣٤) لمعرفة محتوى الرسالة انظر الملحق رقم (٤). (٣٥) عمار بوحوش المرجع السابق ص ٤٧٥. (٣٦) إسماعيل دبش السياسة العربية والمواقف الدولية اتجاه الثورة الجزائرية ص ١٤٦. ١٩٦٢-١٩٥٤ دار هومة للطباعة والنشر الجزائر ٢٠٠٥ (٣٧) لالطالع على قائمة الدول التي اعترفت بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية حسب الترتيب الزمني. انظر الملحق رقم (٣) (٣٨) أوزغيدي محمد لحسن المرجع السابق ص ١٨٨-١٨٧. (39) Yves Courrière, la guerre d Algérie T3, l heure des colonels,éd,la société générale, paris ;٢000,p1256 1257. (٤٠) جريدة المجاهد ع ١٩٦١/٠٤/٩٤ ٢٥ ص ٨. (٤١) أوزغيدي محمد لحسن المرجع ص ١٩٥. (٤٢) القرص المضغوط المرجع السابق. (٤٣) عمر بوضربة النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة الجزائرية سبتمبر ١٩٥٨ جانفي ١٩٦٠ دار الحكمة للنشر الجزائر ٢٠١٠ ص (٤٤) المجاهد ع ٣٥ ١٥-٠١-١٩٥٩ ص (٤٥) فوزية بوسباك الثورة الجزائرية في المحافل الدولية الذاكرة ع ٣ المتحف الوطني للمجاهد الجزائر ١٩٩٥ ص ١٦٧. (٤٦) المجاهد ع ١٩٥٨-١٢-٣٤ ٢٤ ص ٥. (٤٧) يحي بوعزيز ثورات الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين ثورات القرن العشرين طبعة خاصة عالم المعرفة للنشر والتوزيع الجزائر ٢٠٠٩ ص ٢٩٣-٢٩٤. (٤٨) المجاهد ع ١٩٥٨-١٢-٣٤ ٢٤ ص.٤ (٤٩) يحي بوعزيز المرجع السابق ص ٢٩٥. (٥٠) المجاهد ع ٢٠ ٣٤ ديسمبر ١٩٥٨ ص.٥ (٥١) جمال يحياوي تطور جيش التحرير الوطني ١٩٥٦-١٩٦٢ أطروحة دكتوراه قسم تاريخ جامعة وهران ٢٠٠٧-٢٠٠٦ ص ١١٤. (٥٢) فتحي الديب المصدر السابق ص ٣٩٧. (٥٣) المصدر نفسه ص ٣٠٣-٣٠٢. (٥٤) المجاهد ع ٢٥ ٣٧ فيفري ١٩٥٩ ص ٣. (٥٥) المجاهد ع ٢ ٣٩ أفريل ١٩٥٩ ص.٨ (٥٦) المجاهد ع ١ ٤٣ جوان ١٩٥٩ ص.١٢ (٥٧) أوزغيدي محمد لحسن المرجع السابق ص ٢١٧. (٥٨) عمر بوضربة المرجع السابق ص ٩٤-٩٣. (٥٩) نفس المرجع ص ٩٦. (٦٠) نفس المرجع ص ٩٩. (٦١) لمزيد من المعلومات حول محتوى البيان انظر الملحق (٥) (62) Benyoucef ben khedda, op.cit,18. (٦٣) عمر بوضربة المرجع السابق ص ١٣٣-١٣٦. (٦٤) المرجع نفسه ص ١٣٦ ومحمد عباس نصر بال ثمن الثورة الجزائرية (١٩٥٤-١٩٦٢) دار القصبة للنشر الجزائر و ٢٠٠٧ ص ٥٥٨-٥٥٦..٩١-٨٨.٣ ٦١
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات íê ù]l^Š ö¹ì è ] ]æù] íè^û ]h ÇÚ»^^Ó_æ دكتوراه في التاريخ المعاصر ا ستاذ التعليم الثانوي التا هيلي فاس المملكة المغربية < << ال يختلف اثنان عن مدى التغير االجتماعي الذي حصل بمغرب الحماية محد ثا فيه رجات عميقة كتجلي من تجليات الصدمة االستعمارية وكنتيجة مباشرة للعقل الكولونيالي على األرض الذي يدرك بشكل واضح من خالل السياسة األهلية التي ارتكزت في تموجاتها على استعمال أساليب وآليات شكلت مداخل الختراق المجتمع عبر استنبات العديد من المؤسسات واآلليات للتحكم في الشبكة االجتماعية ومراقبة العناصر الفاعلة فيها مما مكنها من مراقبة عملية تحول المجتمع من كل أبعاده. وتعتبر السياسة التعليمية من بين أبرز هذه األسس التي اعتمدتها اإلدارة الفرنسية في المغرب لتجاوز حالة االصطدام التي يمكن أن يشوش على المشروع الكولونيالي بل نجحت في إنتاج أجيال مغربية متأثرة بالنموذج الفرنسي ومشروعه الحضاري في العمل والتخطيط واإلنتاج. ٢٠١٥ تاريخ استلام البحث: ٠٢ يناير مو سسات المعرفة مغرب الحماية الاستعمار الفرنسي المدارس تاريخ قبول النشر: ا بريل القروية المعهد العلمي الشريفي ٢٠١٥ ١٤ DOI 10.12816/0045088 ا نس الصنهاجي "الا دوار الجديدة لمو سسات المعرفة وا شكالها في مغرب الحماية".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٦٢ ٧٢. م ق د م ة شهدت مؤسسات المعرفة بمغرب الحماية تحوالت عميقة خاصة على مستوى البرامج والهياكل والتنظيمات حيث غدا لها فضاءات مرتبة بحجرات خاصة للتدريس ومكاتب إدارية تسهر على تطبيق السياسة التعليمية والسير العام للمؤسسة وبرامج دراسية محددة وأوقات حضور وانصراف منتظمة وأطر تربوية وإدارية تتقاض أجرا شهريا وقوانين منظمة للقطاع... غير أن المغرب ظل يعاني من ضعف المؤسسات التعليمية العصرية بالمدن وغيابها في القرى وتصور استراتيجي إجرائي قادر على استلهام أسباب التقدم حيث بقي هذا الحقل قابعا في غياهب التخلف والميز اإلثني والطبقي بسبب انشغال إدارة التعليم بتأهيل شريحة مغربية واسعة من المتعلمين تأهيال مهنيا بسيطا يوظف في تأمين حاجيات الكولونيالي من اليد العاملة ونخبة منبهرة بالمدنية الفرنسية ومنجزاتها تكون ظال وامتدا دا لفرنسا في المغرب تدافع عن مصالحها االقتصادية وتبرجز صورتها في األوساط الثقافية واالجتماعية أي فئة بار ة بالنموذج الفرنسي متفانية في سحبه على كل مناحي الحياة وبما أن المغرب هو منطقة فالحية منفتحة على واجهتين بحريتين متوسطية وأطلسية فقد اهتمت هذه اإلدارة بفتح أوراش مهنية تعنى بتعليم أساليب الفالحة التسويقية بالقرى وأساليب المالحة والصيد البحري بالمدن في كل المدارس القائمة به وهذا ما يؤكد مدى براغماتية السياسة التعليمية التي بغيت توجيه هذا اإلنتاج التعليمي لخدمة المصالح الكولونيالية. فما هي إذن طبيعة مؤسسات المعرفة بمغرب ما قبل الحماية الفرنسية وما التحوالت البنيوية العميقة التي طالت هذه المؤسسات إبان فترة الحماية الفرنسية ٦٢
دراسات أوال : وضعية التعليم يف مغرب ما قبل احلماية اصطبغت طبيعة البنية التعليمية في مغرب ما قبل الحماية ببنية تقليدية تؤطرها بيداغوجيا الحفظ وتلقين العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية وقد كان تعليم المستوى األول يبدأ من سلك الكتاب المعروف بالوسطين الحضري والقروي المغربي "بالمسيد" (١) حيث كانت المادة المدر سة تشمل حفظ القرآن عن ظهر قلب. ولم يقتصر "المسيد" على دوره التعليمي بل كان وعاء للتنشئة االجتماعية الوفية لرموز المجتمع ومقدساته الدينية أما هيئة التدريس في هذه المرحلة فتألفت من الفقهاء أو الطلبة الراسخين في حفظ القرآن الذين كانوا يتقاضون مقابل خدماتهم أجر ا نقدي ا أو عيني ا. (٢) وكان اليوم الدراسي يبدأ في الصباح الباكر بعد صالة الفجر حتى ساعة متأخرة بعد الزوال تتخللها استراحة لتناول الغذاء في المنازل وعند انتقال المتعلم إلى سلك التعليم الثانوي بعد حفظه للقرآن يجلس الستكمال دراسته في العلوم الدينية واللغوية بصحبة الحساب والجغرافية اللذين كانا يدرسان بشكل (٣ ( وكان المنهاج الدراسي في هذا السلك يرتكز على حفظ سطحي بعض المتون والنصوص المنظومة مثل منظومة ألفية بن مالك واألجرومية في النحو ومختصر خليل في الفقه وفي هذا السياق انتقدت المديرية العامة للتعليم العمومي بالمغرب في نشرتها الصادرة سنة ١٩٥٤ هذا األسلوب التعليمي في هذه الفترة مفيدة أن تعليم ما قبل الحماية كان في مرحلته االبتدائية يعتمد على حفظ القرآن عن ظهر قلب أما في المرحلتين الثانوية والجامعية فكانت المناهج وفية لصيغ تعليمية استظهارية متقوقعة حول (٤) مركزية العلوم الشرعية وعلوم اللغة بطريقة دوغمائية. وقد اشتهرت هذه المدارس في بعض الحواضر (فاس مراكش مكناس وجدة...) والقرى (سوس جبالة...) حيث ضمت منطقة سوس لوحدها ما يقارب مائتي مدرسة ثانوية. وكانت المادة العلمية المدرسة تلقن عن طريق محاضرات بعد صالة العصر من قبل أحد علماء المدينة وبعد ثالث سنوات من الدراسة والتحصيل يصبح الطالب بعد إجازته من قبل أساتذته أهال لمزاولة الصيدلية أو القضاء أو التدريس... (٥) أما الراغبون في تعميق دراستهم بالسلك العالي فقد كانوا يتوجهون في الغالب إلى جامعة القرويين التي كانت مناهجها تشتمل على ثالث عشرة مادة دراسية وهي: الفقه الفرائض األصول التوحيد الحديث التصوف األمداح النبوية النحو الصرف البالغة العروض (٦) المنطق والحساب وكان هذا األخير يدرس صباح الخميس والجمعة وأيام العطل أما علم الكمياء والفلك والهندسة فلم يعد لهم أي أثر في مناهجها الدراسية منذ القرن السادس عشر الميالدي كما شكلت جامعة ابن يوسف بمراكش قبلة للراغبين في إتمام دراستهم في السلك العالي بجانب بعض مساجد المراكز الحضرية مثل الرباط وسال وتطوان وبعد إتمام هذا السلك كان الطالب الناجح يتوج بشهادة العالمية التي كانت تكسب صاحبها مهابة ورفعة داخل المجتمع وتؤهله لتقلد مناصب إدارية (٧) وحكومية سامية. مجمل القول إن قطاع التعليم قبل عهد الحماية كان قطاعا غير مهيكل يفتقر إلى ميزانية رسمية ورواتب قارة ومناهج استراتيجية ذات أهداف محددة وفي المقابل انتشرت عبر مختلف ربوع المغرب مؤسسات تعليمية ذات طبيعة دينية من قبيل المساجد والزوايا التي أسهمت بقوة في تأمين مصاريف المتعلمين وأجور المدرسين عبر األوقاف والمساهمات الخيرية الجماعية منها والفردية... وهكذا ظل تعليم مغرب قبل الحماية تدبره عقليات تراثية جامدة بمناهج عتيقة متقادمة تغيب عنها العلوم الحقة كمواد أساسية األمر الذي أدى إلى إنتاج تعليم عقيم كانت مرآته تعكس عمق األزمة التي تتخبط فيها القطاعات االقتصادية والسياسية والفكرية... وبالتالي ظل تعليم مغرب قبل الحماية تعليما عتيقا تحكمه آليات متخلفة جعلته عالق ا في مشجب األصالة الراكدة وقد زاد من انتكاسة الوضع وتفاقمه غياب إرادة سياسية جادة في استيراد برامج تنظيمية وعلمية من شأنها نقل المغرب من غياهب العتاقة والتخلف إلى رحاب الحداثة والتطور األمر الذي جره عنوة إلى الحتمية التاريخية. ثاني ا: أوجه السياسة التعليمية الاسي دة يف مغرب احلماية مرت السياسة التعليمية الكولونيالية بمغرب الحماية بمرحلتين أساسيتين المرحلة األولى وهي مرحلة التجارب التي امتدت من ١٩١٢ إلى ١٩٢٠ حيث غاب فيها تعليم رسمي بالقرى والقبائل الجبلية فمنذ الشهور األولى لنظام الحماية انشغل المقيم العام "اليوطي" بتطوير التعليم األهالي فكلف في شتنبر ١٩١٢ بعثة خاصة لدراسة االحتياجات الدراسية والمدرسية وبعد أربعة أشهر أمنت مصلحة التعليم مستلزمات الساكنة األوروبية في هذا المضمار كما تم إحداث مدارس فرنسية- عربية تضم قسما لحفظ القرآن ودراسة اللغة العربية وقسما لدراسة الفرنسية وكانت المؤسسات التعليمية خالل هذه الفترة في ملكية المخزن أو مكتراة أو مهداة من طرف األهالي وابتداء من سنة ١٩١٦ تم تمييز مدارس أبناء األعيان المؤدى عنها عن المدارس اإلسالمية والمدارس المهنية العمومية. (٨ ( وكانت اإلنجازات التي حققت خالل هذه الفترة هي: إنشاء المدرسة العليا للغة العربية واللهجات األمازيغية من أجل تكوين موظفين مترجمين. إرساء المشروع اإلجرائي للتعليم األهلي. تأسيس ثانويتين إسالميتين هما بفاس و"كوليج" موالي يوسف بالرباط. "كوليج" موالي إدريس تحديد أشكال وشروط الحصول على شهادات ودبلومات التعليم الثانوي األساسي. ٦٣
دراسات والواقع أن هذه المبادرات رغم أهميتها فإنها كانت تتم بشكل ينقصه عنصر االندماج ضمن تصور واضح ومحدد للمشروع (٩) التعليمي المطروح إبان تلك الفترة. أما المرحلة الثانية فكانت مرحلة التنظير والتطبيق على أساس منح األهالي الوسائل الضرورية لتكييف عيشهم في شروط الوضع الجديد وذلك من خالل تطوير نشاطهم االقتصادي وتزويده بصيغ وأدوات تزيد من مردوديته مع الحرص على بقاء أفكارهم العتيقة واستمرار عاداتهم األصيلة أي إنجاز تطوير دون اقتالع الجذور أو التسبب في االغتراب عن الذات وترك االنطباع لدى األهالي بأن فرنسا تريد ما فيه خيرهم. وعليه تم فرض منهج تطبيقي صارم يميز بين تعليم موجه للنخبة وآخر شعبي فاألول أرستقراطي له موروث تعليمي يمتلك عادات رقيقة ومهذبة ولكنها توقفت عن النمو بسبب هيمنة الفكر التراثي بل صارت مهددة في وجودها المادي من جراء المنافسة االقتصادية الجديدة األمر الذي اقتضى تمييز هذه الطبقة بأساليب حديثة في اإلدارة والتجارة التي خبروا مبادئها أما الثاني فموجه لشريحة فقيرة وجاهلة تختلف في أنماطها وأطوارها حسب الوسط االقتصادي القائم األمر الذي اقتضى توجيه تالميذ المدن نحو المهن اليدوية الجديدة والصناعات التقليدية الالزمة إنعاشها من قبيل البناء النجارة الحدادة... وتالميذ السواحل نحو المالحة والصيد وتالميذ القرى نحو الفالحة والغراسة وتربية الماشية. (١٠) ولم تقم السلطات الكولونيالية في البداية بأي تمييز بين المدارس الموجودة في المناطق العربية وتلك الموجودة في المناطق البربرية لكن ابتداء من سنة ١٩٢٣ م أصبحت للسلطات االستعمارية سياسية بربرية خاصة في مجال التعليم بيد أن هذه السياسة كتب لها اإلجهاض بعد الظهير البربري الصادر سنة (١١) ١٩٣٠ وفي ضوء ذلك أحدثت السلطات الكولونيالية ثالثة أصناف تعليمية ذات أبعاد دينية فاألول كان خاصا بالمسلمين والثاني خص المسيحيين األوروبيين والثالث خاص باليهود. وفيما يخص تعليم المسلمين فقد انتظم في ثالثة مستويات هي: ١/٢- التعليم االبتدائي وهو نوعان تعليم تقليدي فضاؤه الكتاتيب القرآنية وتعليم عصري وعاؤه المدارس الفرنسية وقد قسمت السلطات الكولونيالية هذا الصنف التعليمي إلى ثالثة أصناف تعليمية تراعي االختالف في الطبقات االجتماعية والفئات اإلثنية. (١٢) (١/٢) ١ - مدارس أبناء األعيان أحدثت هذه المدارس بموجب ظهير شريف صادر في الثامن والعشرين من فبراير سنة ١٩١٦ م وقد تقرر طبقا لما نص عليه الفصل الثاني من الظهير المذكور فتح مدارس ابتدائية ألبناء األعيان المسلمين في كل مدينة من المدن الرئيسة باإليالة الشريفة وحسب ما نص عليه الظهير نفسه فإن الغاية من تلك المدارس هي إعداد الشباب المغاربة لولوج المدارس الثانوية وقد كان هذا النوع من المدارس حكرا على المخصصة لهم (١٣) الطبقات الميسورة أو النجباء من المدارس األخرى في حاالت استثنائية وقد رامت سلطة الحماية من هذه المدارس إنتاج موظفين يرثون أباءهم في الوظائف العمومية السامية أو يخلفونهم في متاجرهم أو أوراشهم الصناعية وذلك بغية الحفاظ على نفس التمايزات االجتماعية السائدة وقد تشكلت مدرسة أبناء األعيان من مدرسين فرنسيين وفقيه وأستاذ مغربي مكلف بتدريس اللغة العربية أما البرنامج الدراسي للمدرسة فتكون من أربع مواد: مادة لتعليم القرآن: ويلقن طبقا للمناهج التقليدية الموجودة بالكتاتيب القرآنية من قبل فقيه. مادة لتعليم األخالق الدينية اإلسالمية يدرسها فقيه. مادة لتعليم اللغة العربية يدرسها أستاذ مغربي. أما الثقافة الفرنسية فكانت موكولة لمدرسين فرنسيين يدر سون اللغة الفرنسية والحساب والتاريخ والجغرافية والرسم هذا باإلضافة إلى تدريب المتعلمين على أعمال يدوية في الصناعة التقليدية ومبادئ بسيطة في الصناعة األوروبية وكانت تستغرق الدراسة بهذه المدرسة أربع سنوات يسلم بعدها للتلميذ المجتاز لالمتحانات بنجاح شهادة الدروس االبتدائية التي تخول لحاملها التسجيل بإحدى الثانويتين اإلسالميتين المحدثتين بكل من وهكذا جاء تأسيس هذا النوع من المدارس الرباط وفاس. (١٤) استجابة للموقف الجديد الذي اتخذته البورجوازية الحضرية المغربية التي أصبحت مصالحها االقتصادية ترتبط تدريجي ا بالوضع الجديد وبالتالي أصبح مفروض ا عليها تطوير أساليبها وقواعدها اإلنتاجية إن هي أرادت االحتفاظ بمكانتها التي باتت مهددة ليس فقط باألنماط االقتصادية العصرية التي حملها معه الكولونيالي ولكن لمنافسة جيرانهم اليهود الذين استفادوا بشكل كبير من معرفتهم باللغة الفرنسية ولغات أجنبية أخرى إذ نسجوا عالقات وطيدة مع كبريات الدور التجارية في أوروبا واحتلوا العديد من المناصب الهامة في كبريات المؤسسات االقتصادية التي تمركزت بالمغرب إبان عهد الحماية وقبلها لذلك أقبل العديد من المغاربة على تسجيل أبنائهم في مختلف المدارس الفرنسية في بداية عقد العشرينيات وقد شكلت سنة ١٩٢٧ أهم سنة في تاريخ التعليم الفرنسي- اإلسالمي بالمغرب ذلك بسبب بداية ثقة المغاربة وزوال ترددهم من المدرسة العصرية. وقد هيمنت اللغة الفرنسية على معظم الحصص الدراسية ولم تراع برامج ١٩٣٠ أي اهتمام بتاريخ المغرب وجغرافيته واقتصر تدريسهما فقط على وهكذا كان أربعة أو خمسة األقسام المتوسطة في هذا التعليم. (١٥) مدرسين فرنسيين يدر سون كل مواد البرنامج التعليمي باللغة الفرنسية ماعدا العلوم العربية والدينية التي كانت تدر س على يد مغاربة باللغة العربية وعالوة على ذلك تقرر إحداث دروس (١٦) وأوراش خاصة باألعمال اليدوية وأقسام لتعلم الصناعة. وقد كانت الدراسة بمدرسة أبناء األعيان تستغرق أربع سنوات ثم ٦٤
دراسات ينتقل الحامل فيها لشهادة التفوق في الدروس االبتدائية إلى الثانوية اإلسالمية بالرباط أو بفاس. (١/٢) ٢- المدارس القروية لم تكن لهذه المدارس برامج تربوية محددة وال تجهيزات مدرسية وال معلمون مؤهلون وال تنظيم زمني معين فأبوابها ففي سنة 1947 على سبيل المثال تبقى مفتوحة طوال السنة. (١٧) - فتحت بمنطقة سيدي بنور مدرستين قرويتين األولى بخميس الزمامرة والثانية بأوالد بوزرارة حيث تشكل الطاقم التربوي لهذه األخيرة على معلم للغة الفرنسية هو في األصل كاتب بالمراقبة المدنية ومعلم للغة العربية يعمل كاتبا بمحكمة (١٨) القبيلة أما برامجها التعليمية فانصبت على الطرق واألساليب التقنية الكفيلة (١٩ ( وقد كانت مدة الدراسة التي يستغرقها بتطوير اإلنتاج الفالحي. التالميذ المتراوحة أعمارهم ما بين ثمانية واثنتي عشرة سنة تنحصر في سنتين حيث كان التلميذ خاللها يدرس اللغة الفرنسية والعربية ويحفظ القرآن أما تقنيات وأساليب الفالحة فكان يدرسها باللغة الفرنسية ( ( ٢٠ أما المتفوقون منهم فكانوا ينتقلون إلى مدارس فالحية جهوية التي تعدهم المتحان نيل شهادة الدروس االبتدائية.( ( ٢١ وقد كان الهدف من التعليم الفالحي هو تحسين اإلنتاج الفالحي والتعو د على نمط التجربة لذلك كانت جل المدارس تتوفر على ضيعات فالحية يكون كل قسم منها مخصصا (٢٢) لمنبت أو لضيعة تجريبية وتمريض بيطري. (٢٣ ( هذا عدا تهذيب التالميذ وإعدادهم لفهم اإلرشادات المقدمة لهم من قبل مفتشي المديرية العامة للفالحة وتربية المواشي. أما من الناحية السياسة واالجتماعية فكانت الغاية من هذا التعليم هو إبقاء األطفال بالبادية والحيلولة بينهم وبين الهجرة نحو المدينة فبقاؤهم- كانت ترى فيه إدارة الحماية- خزانا لليد العاملة الفالحية وأمانا من تفاقم ظاهرة التمدين وطبقة البروليتاريا وعلى هذا األساس كان التعليم الفالحي الكولونيالي يتألف من مؤسسات من الدرجة األولى وأخرى من الدرجة الثانية فالمستوى األول وجه للتالميذ الذين ال يتعدى سنهم السادس عشرة ويتطلب تكوينهم التوفر على تعليم عام ولذلك كانت مديرية التعليم العمومي هي المكلفة بتنظيمه سواء في مستوياته األولية بالمدارس االبتدائية المحدثة لهذا الغرض في المناطق القروية أوفي مستوياته العليا في الشعب الفالحية المحدثة في الثانويات التقنية في كل من القنيطرة والدار البيضاء وفاس. السويهلة التي تبعد بعشرين كيلومترا عن مدينة مراكش. (٢٤ ( وفيما يلي جدول يبين المدارس الفالحية بدائرة دكالة والحائزين فيها على الشهادة االبتدائية أواخر عهد الحماية. وهكذا نستنتج أن المدارس الفالحية حددت أدوارها في تأمين يد عاملة مؤهلة في المجال تسهم بقوة في استغالل أكثر مردودية وتحويل نمط اإلنتاج من إنتاج معيشي إلى إنتاج تسويقي. (١/٢) ٣- المدارس الصناعية يهدف هذا الصنف من المدارس إلى تأمين يد عاملة بسواعد ماهرة ومصقولة وقد تكون تعليمه من شقين أساسيين: شق (٢٥) نظري وآخر تطبيقي أما الشق النظري فكان تدريسه ينصب على الحساب واللغة الفرنسية والرسم. وقد اشترط في المتمدرس أن يكون عمره أقل من اثنتي عشرة سنة ولديه بعض المبادئ األولية في اللغة الفرنسية وبعد أن يحصل التلميذ على الشهادة االبتدائية يمكنه االلتحاق بالمدرسة التجارية والصناعية بالدار (٢٦) البيضاء لمتابعة دراسته الثانوية وقد احتضنت مدينة الجديدة مدرسة مهنية لألطفال المسلمين المنحدرين من طبقات (٢٧) شعبية ومدرسة للبنات مختصة في تعليم األشغال المنزلية. صورة ورش الميكانيكة في المدرسة الصناعية بمدينة الجديدة (٢٨) أما التعليم الفالحي من المستوى الثاني فوجه لشبان يتمتعون بتعليم جيد ال تتعدى أعمارهم السادس عشرة وقد وضع هذا الصنف من التعليم تحت اإلشراف واإلدارة المباشرة لمديرية الفالحة التي أحدثت لهذا الغرض ثالث مدارس تطبيقية ذات تخصصات مختلفة وهي: مدرسة "كزافيي بيرنار" ) Xavier (Bernard ومدرسة البستنة بمكناس والمدرسة الفالحية بمنطقة ٦٥
دراسات صورة: ورش النجارة في المدرسة الصناعية بالجديدة (٢٩) وهكذا تم تأسيس مدارس مهنية على قاعدة نظرية وتقنية جديدة غايتها استقطاب أبناء الشرائح الشعبية لتعليم الحرف صورة: المدرسة الصناعية في األشغال المنزلية في مدينة الجديدة خالل عهد الحماية (٣٠) بأسلوب حديث لكن بفلسفة تكوين متعلم أهلي صالح لكل شيء وغير صالح ألي شيء مع المحافظة على بنيات الوضع القائم في إطار إعادة إنتاجها وفق منظور تحسيني (٣٤ ( غير أن درجة التكيف الضعيف لألطفال في المدارس المهنية وسوء التدبير السياسي لهذا الحقل وقلة انسجامه مع الحركية االقتصادية الكولونيالية بمغرب الحماية كانت تسقطه في مشاكل المسايرة والقدرة على (٣٥) التطور. ومجمل القول إن ترسيخ وجود المدرسة الكولونيالية في الوسط األهلي كان يقتضي تمكين التعليم من عناصر النمو التي تستوجبها الوضعية االقتصادية والسياسية للبالد وفي الوقت نفسه فتح جبهات جديدة للغزو الفكري في المدن والوسط (٣٦) القروي فاالستراتيجية التعليمية الكولونيالية ارتكزت أهدافها على خلق طبقات اجتماعية متوسطة حاملة وحامية لقيم الحداثة وطبقة عاملة ترمز وتجسد الحضور الكولونيالي وتناهض فئة المثقفين والبورجوازية التقليدية. (٣٧) (١/٢) ٤- المدارس الفرنسية- البربرية وهي مدارس خاصة بالمناطق البربرية يتعلم فيها التلميذ تعليما فرنسيا محضا خال من مواد اللغة العربية والدين (٣٨) اإلسالمي. (١/٢) ٥- المدارس الفرنسية- اإلسرائيلية وقد احتضنت هذه المدرسة سنويا أربعين تلميذا أعمارهم تراوحت ما بين عشر وسبع عشرة سنة فبعضهم انكب على تعلم (٣١) النجارة والبعض اآلخر اختار تعلم الميكانيك بتأطير من معلم فرنسي وآخر مغربي أما معدات االشتغال فكانت أدوات عتيقة ومتهالكة. هذا الوضع أدى إلى تراجع اإلقبال على المدرسة المهنية والدليل هو تخرج تلميذين ال غير في الصناعة الميكانيكية وثالثة في صناعة الخشب سنة ١٩٣٤. (٣٢ ( كما أسهم التصور الذي كان لدى المغاربة عن المدرسة المهنية ووظيفتها في ضعف التمدرس بها حيث كانت أهداف األهالي تختلف تماما عن األهداف التي كانت مديرية التعليم العمومي ترمي تحقيقه من خالل هذا النمط من التعلم فالمغاربة اعتبروا المدرسة أداة للترقي االجتماعي لذلك لم يستسيغوا أن يتلقى أبناؤهم تعليما يؤدي بهم في النهاية ألن يصبحوا عماال فالحرفي المغربي ال يرسل ابنه إلى المدرسة إال (٣٣) ليعفيه من مشقة المهنة التي يزاولها. فتحت التعليم اإلسرائيلي أبوابه في المغرب منذ ١٨٧٢ بمدينة تطوان حيث كان اليهود يدرسون موادها باللغة الفرنسية أما اللغة العبرية فقد استعملت في دراسة العلوم الدينية لمدة خمس ساعات في األسبوع وقد أصبحت هذه المدارس تابعة لمصلحة التعليم االبتدائي األوروبي إبان عهد الحماية. (٣٩ ( حيث استخدمت السياسة الكولونيالية في هذه المرحلة التعليم اإلسرائيلي من أجل إعادة الترتيب االجتماعي لليهود داخل البنية الوطنية وقد أوجدت السلطة الكولونيالية تعليما إسرائيليا كانت تشرف عليه وتموله الرابطة اليهودية العالمية منذ أواسط القرن ١٩ وازداد ارتباط اليهود بالمخطط الثقافي والسياسي الكولونيالي عبر المعاهدة المبرمة سنة ١٩١٥ بين مديرية التعليم العمومي والرابطة اليهودية حيث حافظت هذه األخيرة على مكاسبها القديمة وخاصة إشرافها الديني على مدارسها وحصلت سلطة الحماية على مكسب إنشاء المدارس الفرنسية - اإلسرائيلية واإلشراف السياسي والتربوي الكامل عليها. وقد تصاعد عدد المتعلمين اليهود وخاصة في المدارس الحكومية مع توالي سنوات الحماية (٤٠) وكانت أول مدرسة إسرائيلية للذكور واإلناث في مدينة الجديدة سنة ١٩٠٦ حيث ٤١) ( وفي فتحت أبوابها تحت إدارة عمران المالح وزوجته سنة ١٩١٢ سنة ١٩١٤ سجلت مدرسة االتحاد اليهودي مائة وثمانية وعشرين وحوالي سنة ١٩١٩ فتحت مدرسة أخرى تلميذا ومثلها إناثا (٤٢) للذكور تحت إدارة السيد إسرائيل ومدرسة لإلناث تحت إدارة ٦٦
دراسات السيدة بن رسية Benarceya) (Madam والسيدة "ميل السفديي" Safadié) (Melle أما سنة ١٩٣٣ م فتم إنشاء مجموعة مدرسية جديدة من تصميم مهندسين يهوديين جزائريين هما إلياس وجوزيف السراقي. يهودية سنة - - - أما مدينة أزمور فقد تأسست بها مدرسة ١٩٢١ م لتعوض تلك التي تأسست سنة ١٩٠٨ م من طرف اإلتحاد اإلسرائيلي وقد تألفت هذه المدرسة من طاقم (٤٣) إداري وتربوي هم مدير المؤسسة ومساعدان إداريان وثالثة أساتذة أبرزهم: - السيد "بوشي" (Bouchet) مدير المؤسسة. السيد "لوبنو"( Lebino ) معلم للفرنسية. السيد "كوهن"( Cohen ) مدرب مهني. السيد "كوهن ريبي" Rubi) (Cohen مدرس للغة العبرية (٤٤) والدين اليهودي. أما المتمدرسون فوصل عددهم إلى مائة وإثنين وستين تلميذ ا سنة ١٩٢١ م وهذا رقم مرتفع نسبيا إذا ما قورن بعدد التي بلغت ٣١٩٠ نسمة. (٤٦) الساكنة الموجودة آنذاك بأزمور (٤٥) وقد سجل التعليم اإلسرائيلي بمدينة الجديدة خالل الفترة المدروسة تطور ا ملحوظ ا مع توالي سنوات الحماية حيث بلغ متمدرسوها (٢١٨) تلميذ ا سنة ١٩١٢ م ليشهد هذا العدد تراجعا طفيفا بسبب اندالع الحرب العالمية األولى إلى ١٥٤ تلميذا بأزمور (٤٧ ( غير أن هذا العدد انتقل إلى و( ١٥١ ) تلميذ ا بالجديدة سنة ١٩١٥ م ٥٢٩ تلميذا وتلميذة سنة ١٩٣٣ م منها (٢٧٧) متمدرس ا و( ٢٥٢ ) متمدرسة أما الهيئة التدريسية فقد بلغ عددها أربعة عشر أستاذا سبعة منهم يدرسون الذكور وسبعة يدرسون اإلناث وفي سنة ١٩٥٠ م قفزت معدالت المتمدرسين اليهود إلى ألف متمدرس منهم ستمائة يتلقون دراستهم في مدارس االتحاد اإلسرائيلي والباقون يدرسون في المدارس الفرنسية وقد توفرت في كل هذه المدارس أوراش تطبيقية لمختلف الحرف والمهن التقليدية والعصرية حيث ركزت أوراش مدارس البنات على تعليم األعمال المنزلية من (٤٨) قبيل الخياطة والتطريز. (١/٢) ٦- التعليم االبتدائي األوروبي كان التلميذ األوروبي يتلقى فيه تعليم ا عام ا يشمل مبادئ في اللغات األوروبية وآدابها والعلوم الحقة هذا إضافة إلى مبادئ تطبيقية في الرسم... وقد تميزت المرافق الدراسية بهذه المؤسسات بفضاءاتها المرونقة وتجهيزاتها الكهربائية ووسائطها وقد أولى المقيم العام "اليوطي" اهتمام ا التعليمية الحديثة. (٤٩) بالغ ا بتعليم أبناء األوربيين حيث عمل على استقدام أستاذين من جامعة بوردو لتنظيم أولى امتحانات البكالوريا بالمغرب سنة ١٩١٥ كما حرصت إدارة التعليم من جهتها على توفير أجود األطر الفرنسية لتلقين صغار األوربيين دروس ا في التاريخ والجغرافية والتنظيم اإلداري. (٥٠) ولم تكن هذه المدارس الفرنسية حكر ا على التالميذ األوربيين بل كان التالميذ المسلمون واليهود يدرسون فيها لكن بصفة استثنائية حيث كان أبناء األعيان يستفيدون من هذا االمتياز رجاء في حصول أبنائهم على شهادة بكالوريا تؤهلهم لمتابعة دراستهم في كليات الطب والهندسة... أو الحصول على شواهد تسمح لهم بمزاولة المحاماة... وقد بلغ عدد المغاربة المتمدرسين بمؤسسات التعليم الفرنسي إلى سبعة وثالثين متمدرس ا مسلم ا وثالثمائة وسبعة وخمسين يهودي ا سنة ١٩١٦ م في المستوى االبتدائي ليرتفع هذا المعدل إلى مائة وأربعة وأربعين مسلم ا وثمانمائة وسبعة وخمسين يهودي ا سنة ١٩٣١. - ٢/٢ التعليم الثانوي (٢/٢) ١- المدارس اإلسالمية الثانوية هدفت الحماية من تأسيس هذه الثانويات خلق تعليم هجين يمتزج فيه النموذجان التقليدي والعصري بغية إنتاج نخبة مغربية أصيلة متشبعة بالثقافة الفرنسية ومؤهلة لشغل مناصب مخزنية وازنة وفي الوقت ذاته تعمل بشكل عفوي على ردم هوة ثقافة االجتناب التي ظلت عقبة في مد جسور التأثير في المجتمع (٥١) المغربي بالشكل المرجو. وهذا ما أشار إليه "أندري أدم" حين بين دور التعليم في تكوين طبقة مغربية متوسطة مشحونة بقيم (٥٢) الحداثة في شكلها الغربي تدافع عن المرأة وتنتقد التقاليد والنتيجة تأثير هذه الطبقة على مرافق الحياة االجتماعية على مستوى الملبس والمسكن والتطبيب...حتى في المدن األكثر محافظة مثل مدينة فاس. (٥٣) وقد امتد زمن التعليم بهذا السلك مدة ست سنوات مقسمة على دورتين: األولى مدتها أربع سنوات والثانية مدتها سنتان ويستوفي التلميذ في دروس الدور األول عدة علوم متجانسة مستكملة باللغتين العربية والفرسية أما دروس الدور الثاني فتنقسم إلى قسمين قسم يختص في دراسة التدبير التجاري االقتصادي وقسم يختص في دراسة األدب وللتلميذ الحق في اختيار إحدى الشعبتين وتمنح في نهاية الدور األول شهادة الدروس الثانوية وفي نهاية الدور الثاني إجازة الدروس (٥٤) الثانوية. وقد احتوت برامجه التعليمية على دراسة العلوم الدينية (فقه أصول توحيد...) التي من أبرزها مقدمة سيدي عبد القادر الفاسي في السنة األولى ورسالة ابن أبي زيد القيرواني في السنة الثانية وكتاب ابن عاشر في السنة الثالثة وتحفة ابن عاصم في السنة الرابعة أما السنتان الخامسة والسادسة فيدرس فيهما التلميذ اإلرث وكل ما يتعلق بالبيع والسلف والهبة وتحرير الرسوم العدلية أما العلوم اللغوية فقد كان التلميذ مطالبا في السنة األولى بحفظ ودراسة األجرومية في النحو مصحوبة بنصوص نثرية مختارة يتم شرحها وتفسيرها من الناحية اللغوية والنحوية بينما في السنة الثانية يبدأ التلميذ بحفظ وضبط قواعد األلفية ودراسة بعض النصوص النثرية والشعرية المختارة وفي ٦٧
دراسات السنة الثالثة يستكمل التلميذ حفظ ما تبقى من األلفية وقواعد اإلعراب مع بعض النصوص الشعرية والنثرية. أما السنوات الثالث المتبقية (الرابعة والخامسة والسادسة) فتفرد لعلوم البالغة والفصاحة والعروض وتاريخ األدب العربي منذ العصر الجاهلي وقد أدرج في هذا المنوال دراسة لدواوين العرب والمعلقات السبع ومؤلفات بعض الكتاب المغاربة واألندلسيين. أما فيما يخص التعليم الفرنسي فقد كانت اللغة الفرنسية هي المادة التي تم التركيز عليها أكثر من غيرها في هذه الشعبة حيث كان الهدف من تدريسها هو إتقانها واإللمام (٥٥) بثقافتها. ولتعميق معرفتها كانت العلوم الحقة (الحساب الجبر الهندسة) وعلوم التاريخ والجغرافية (الطبيعية السياسية (٥٦ ( والتجارة والتنظيم اإلداري المغربي والرسم يدرس االقتصادية) باللغة الفرنسية وإلى جانب ذلك أحدثت مادة الترجمة بهذه الشعبة التي كانت أنشطتها تركز على الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية والعكس صحيح. (٥٧) وقد أشرف على الفعل التعليمي والتربوي بهذه الشعبة أطر كان "اليوطي" يقوم بنفسه على اختيار مديريها وأساتذتها ممن تتوسم فيهم الكفاءة العلمية واألخالقية والسلوكية وفي الوقت نفسه يساندون نظام الحماية (٥٨) أو محايدون. (٢/٢) ٢- المدارس الفرنسية- اإلسرائيلية الثانوية تأسست بموجب االتفاقية التي أبرمت بين الرابطة اإلسرائيلية الثانوية واإلقامة العامة سنة ١٩١٥ حيث تحملت هذه األخيرة مصاريف بناء مدارس خاصة باليهود في المدن الكبرى مقابل تكفل الرابطة بصيانتها وتجهيزها بالوسائط الدراسة الالزمة وقد كان موظفو هذه المدارس يعينون من قبل وزارة المعارف (٥٩ ( وفي سنة ١٩٥٢ م وصل عدد المتمدرسين في هذا السلك إلى ١٢٥٠ تلميذ ا. (٦٠) (٢/٢) ٣- المدارس الفرنسية- البربرية الثانوية وهي مدارس تركزت في مناطق األطلس المتوسط مثل بمناهج دراسية اقتصرت على اللغة الفرنسية وثقافتها أزرو (٦١) حيث كانت برامجها عارية من أي تعليم ديني أو عربي أو بربري. (٢/٢) ٤- المدارس األوروبية الثانوية ولعل أشهرها ثانوية "بويمير" والواقعة بمدينة مكناس وقد تميزت هذه المدارس بكثرة طواقمها التربوية واإلدارية ورونقة في مرافقها الدراسية وحداثة في وسائطها وبرامجها التعليمية التي ضمت موادها دراسة مختلف اللغات األوروبية وآدابها (الفرنسية- اإلنجليزية- األلمانية- اإلسبانية - العربية- الرسم- التربية البدنية- التربية اليدوية- التاريخ والجغرافية). (٦٢) - ٣/٢ التعليم العالي والبحث العلمي كانت أقسام التهييء للتعليم العالي منتظمة في ثانوية "اليوطي" بالدار البيضاء بالنسبة للرياضيات وثانوية "كورو"( Gouraud ) بالرباط بالنسبة لألدب وقد تمثلت نواة التعليم العالي في معهد الدراسات العليا بالرباط الذي عوض عام ١٩٢١ م بالمدرسة العليا للغات العربية والبربرية وكان من أهداف المعهد تشجيع البحوث المتعلقة بمعرفة المغرب من خالل االهتمام باللهجات المغربية (العربية البربرية البدوية الحضرية) واللغة واألدب العربيين والسوسيولوجيا واإلثنولوجيا والشريعة اإلسالمية والقانون العرفي البربري وجغرافية المغرب وتاريخه. كما أنشئ بجانب معهد الدراسات العليا المعهد العلمي الشريفي ومصلحة الجغرافية ومصلحة الجيولوجيا ومصلحة المناجم المعدنية ومصلحة فيزياء الكرة األرضية واألرصاد الجوية. (٦٣) وفيما يلي جدول وخطاطة يبرزان الشعب التي كان كل من معهد الدراسات الع ليا المغربية والمعهد العلمي الشريفي يحتضنهما. (٦٤) معهد الدرااست العليا المغربية المجاالت البحث العلمي أصناف بالمعهد جدول رقم (١) شعب معهد الدراسات العليا المغربية واهتماماتها التعليم المراكز الجهوية العناصر الالحقة بها التخصصات: لسانيات الشمال اإلفريقي اللهجات العربية بالمغرب األدب العربي علم اللغة العربية األدب العربي المعاصر اللهجات البربرية بالمغرب سوسيولوجيا الشمال اإلفريقي القانون اإلسالمي األركيولوجيا والفن اإلسالميان التاريخ الدبلوماسي للمغرب األركيولوجيا الما قبل إسالمية جغرافية المغرب جغرافية البلدان اإلسالمية التشريع المغربي إثنولوجيا الشمال اإلفريقي اإلقتصاد اإلجتماعي المغربي القائمون عليها G.S Colin L. Brunot I.S. Allouche L. Di Giacomo P. Counillon A.Roux R. Montagne F. Arin H. Terrasse J. Caillé R. Thouvenot R. Raynal J. Célérier P. Decroux A. Adam A. Berque - اللغة العربيةواللهجات البربرية - شواهد اإلجازة في تخصصات مختلفة - تكوين المترجمينا لمدنيين - دراساتفي العلوماإلنسانية ب عض المرا كز مقراتها ٦٨
العناصر الالحقة بها - أزرو - أكادير - كلميمة - خنيفرة - الحاجب دراسات المجاالت التابعة للمعهد (كانت مقراتها موزعة على مؤسسات مختلفة) الثانوية المدرسةاألوروبية مكتبالشؤوناألهلية المحكمة العرفية المدرسة األهلية للبنين - - - - الشواهد التي يخولها م.د.م.ع شهادة اللغة العربية واللهجات البربرية(بأصنافها الثالث). اإلجازة في اللغة العربية. شهادةالدراساتالمغربية. شهادة الترجمة الفورية. جدول رقم (٢) (٦٥) المراكز العلمية التابعة للمعهد I- مركز الدراسات القانونية الرباط -الدار البيضاء الوظيفة: تهيئ الطلبة للحصول على اإلجازة أو الكفاءة في الحقوق طريقة التدريس: يرتبط المعهد علميا بثالث كليات للحقوق هي: الجزائر- بوردو- تولوز- وهي التي كانت تتولى إرسال األساتذة وإعداد االمتحانات بصفة دورية. عدد الطلبة: السنة الجامعية ٥٣-١٩٥٤ ١٢١٠ طالبا في مختلف التخصصات. هيئة التدريس: ثالث مبرزين ومدبرين للدروس. المحاضرون: أربعة وثالثون محاضرا مفتشية المآثر التاريخية بالمدن العتيقة الوظيفة: تصنيف المآثر والعناصر القديمة ما قبل اإلسالمية بالمغرب التركيبة اإلدارية: أ- مفتشية مركزية بالرباط ب - ثالث مفتشيات جهوية لتتبع وضعية المآثر (فاس مراكش الرباط مكناس) -II - - - -III مفتشية العصور القديمة بالمغرب الوظيفة: تصنيف المآثر والعناصر القديمة ما قبل اإلسالمية بالمغرب تصنيف مآثر ما قبل التاريخ والمنتمية إلى تاريخ العصر القديم. الكشف عن اآلثار الرومانية والبيزنطية بالمغرب. تنظيم أوراش أركيولوجية ورعاية المتاحف المركزية والجهوية (مثال: متحف الرباط وليلي...) التركيبة اإلدارية: أ- مفتشية مركزية ب-مقرات إدارية في مناطق الكشف واآلثار والمتاحف. المعهد العلمي الرشيفي أنشئ هذا المعهد سنة ١٩٢٠ م تحت إشراف ثالث مؤسسات مهمتها الربط والتنسيق بين مختلف المراكز والدراسات في مجال (٦٦) علوم الطبيعة وتنميتها كما تبين هذه الخطاطة: ٦٩
دراسات يكشف لنا هذا المسح الخاص بمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي أن حقل الممارسة العلمية الكولونيالية انفتح على وظيفة التعدد العلمي في التنظير والنشاط الميداني والممارسة التجريبية وكذا االستفادة من خبرات معاهد أخرى. صفوة القول نجحت السياسة التعليمية االستعمارية في المغرب إلى حد بعيد في تغيير أشكال مؤسسات المعرفة وأدوارها النمطية وفي إنتاج أجيال متأثرة بالنموذج الفرنسي ومشروعه الحضاري في العمل والتخطيط والبرمجة واإلنتاج... وذلك من خالل استنبات العديد من المؤسسات والنظم والبرامج الحديثة التي تحكمت عبرها في الشبكة االجتماعية والعناصر الفاعلة فيها وحدت بنزر من ممارسات الفعل االجتنابي والنظرة األهلية الشزراء اتجاه الكولون. ٧٠
: دراسات خ امت ة نجحت السياسة التعليمية االستعمارية في المغرب إلى حد اله وام ش بعيد في تغيير أشكال مؤسسات المعرفة وأدوارها النمطية وفي (١) حسن (كمال) البحث والتعليم بالمغرب خالل فترة الحماية "مقاربة إنتاج أجيال متأثرة بالنموذج الفرنسي ومشروعه الحضاري في العمل والتخطيط والبرمجة واإلنتاج وذلك من خالل استنبات العديد من المؤسسات والنظم والبرامج الحديثة التي تحكمت عبرها في الشبكة االجتماعية والعناصر الفاعلة فيها وحدت بنزر من ممارسات الفعل االجتنابي والنظرة األهلية الشزراء اتجاه المستوطن األجنبي. فمسألة التعليم لم تنظر إليها اإلدارة االستعمارية من منظور إنساني أو باعتباره رسالة حضارية كما روجت لذلك بل باعتباره آلية استراتيجية يمكن من خاللها تكوين يد عاملة تقنية تعمل من دون وعي على تقوية الحضور الكولونيالي ومحاصرة البورجوازية التقليدية وتسهم من جهة أخرى في تغطية النقص الحاصل في مستعمرتها على المستوى الفالحي والصناعي والخدماتي وتحد من جانب آخر من ظاهرة التمدين وتعاظم سيل الطبقة البروليتارية المتنامية في المدن هذا عالوة على صناعة نخب منبهرة بالحداثة ومبادئها تضمن والءها والتبشير بقيمها في األوساط الشعبية والمنابر اإلعالمية وتدعم امتدادها في الدوائر والمؤسسات المغربية. وألن المدارس الوطنية الحرة كانت تقاوم من أجل المحافظة على الشخصية الثقافية والحضارية للمملكة المغربية من االستالب وبما أن ذلك كان يشوش على المشروع االستعماري التعليمي في المغرب وينذر باإلجهاز على مخططه فقد جد ت إدارة الحماية في توظيف كل الوسائل التي من شأوها القضاء على هذه المدارس وكبت طموحها وذلك عبر مجموعة من الممارسات التعسفية مثل سحب الرخص القانونية ووضع الناشط منها تحت المراقبة الصارمة لسلطتها. تاريخية" بحث لنيل شهادة الدكتوراه في التاريخ كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية الرباط جامعة محمد الخامس ٢٠٠٢-٢٠٠١ ص. ٢٩٤. (٢) ياسين (محمد) سوسيولوجيا الخطاب الكولونيالي ج ١ بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في علم االجتماع كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ظهر المهراز جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس ص. ٤٦٢. ١٩٩٣-١٩٩٢ (٣) نفسه ص. ٤٦٣ (4) Direction générale de l instruction publique au Maroc, pub l enseignement public au Maroc, 1954, p. 1. "السياسة التعليمية االستعمارية الفرنسية بالمغرب (بدر) أوهالل (٥) (١٩١٢-١٩٣٠)" مجلة النداء التربوي العدد الرابع ١٩٩٨ ص. ٢٠-٢١. (٦) حسن (كمال) مؤسسات البحث... م. س ص. ٣١١. (٧) أوهالل (بدر) " السياسة التعليمية..." م. س ص. ٢١. (٨) أوهالل (بدر) "السياسة التعليمية..." م. س ص. ٢٠ (٩) أشقرا (عثمان) "التعليم االستعماري في المغرب والتباس الوضعية االستعمارية" مجلة المناهل العدد ٨٧ يناير ٢٠٠٠ ص. ١٧٦. (١٠) نفسه ص. -١٧٨.١٧٩ (١١) أوهالل (بدر) " السياسة التعليمية..." م. س ص. ٣٥-٣٦. (١٢) أوهالل (بدر) " السياسة التعليمية..." م. س ص. 41. (١٣) الجريدة الرسمية المغربية العدد ٢٨ ١٤٨ فبراير ١٩١٦ ص. ١٥٢-153. (١٤) حسن (كمال) مؤسسات البحث... م. س ص..٣٨٨-٣٨٦ (١٥) اليزيدي (محمد) التعليم بالمغرب على عهد الحماية مدينة فاس نموذجا ١٩١٢-١٩٥٦ بحث لنيل الدكتوراه في التاريخ كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ظهر المهراز فاس جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس ٢٠٠٢-٢٠٠٣ ص. ٦٢. (١٦) الجريدة الرسمية المغربية العدد ١٤٨.153 28 فبراير ١٩١٦ م.س ص. ١٥٢- (١٧) المكي (المروكي) اإلصالح التعليمي بالمغرب ١٩٥٦ ١٩٩٤ منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية الرباط سلسلة بحوث ودراسات رقم ١٧ مطبعة النجاح البيضاء ١٩٩٦ ص. ١٦. (١٨) جريدة السعادة إنشاء مدرستين قرويتين لمحاربة األمية والجهالة العدد 6709 اإلثنين 17 يونيو 1946 ص. 2. (١٩) المكي (المروكي) اإلصالح... م.س ص. ١٦. (20) Demourloynes (L) et autres, L œuvre française en matière d enseignement au Maroc, Ed Gentruer, Paris, 1928, p. 111. (٢١) المكي (المروكي) اإلصالح... م.س ص. ١٦. (22) Archive national de Rabat, Carton n P137, Etablissements d instruction publique de l annexe des Doukkala sud, p. 7. (٢٣) حسن (كمال) مؤسسات البحث... م. س ص. ٤٠٣. (٢٤) نفسه ص. -٤٠٢.٤٠٣ (٢٥) جريدة السعادة المدارس الصناعية العدد ١٨٨٧ اإلثنين ٢٤ فبراير ١٩١٩ ص..١ (26) Adam (A), Casablanca Essai sur la transformation de la société marocaine en contact de l occident, t II, Ed C.N.R.S, 1972, p. 491. (27) Feucher (Ch), Mazagan (1514-1956), l Harmattan, Paris, 2011, p. 198. (28) www.marocantan.com, op.cit. (29) Idem. ٧١
دراسات (٣٠) أخذت هذه الصورة من معرض الصور الذي نصب بالمكتبة الوطنية في الرباط من (٨-١٢-٢٠١٢) إلى (٩-٢-٢٠١٢). (31)Bulletin économique du Maroc, «L enseignement professionnel des indigènes musulmans au Maroc», vol II, n 10, Octobre 1935, P. 281. (32) Bulletin de l enseignement public du Maroc, «Les vocations de nos élèves», n 72, Février 1926, Pp. 89-90. (٣٣) حسن (كمال) مؤسسات البحث... م. س ص. ٣٩٩. (٣٤) أشقرا (عثمان) التعليم االستعماري... م.س ص. ١٧٩-١٨٠. (٣٥) محمد ياسين سوسيولوجيا الخطاب... م.س ص.. ٤٧٤ (٣٦) نفسه ص. ٤٨٠. (٣٧) الديالمي (عبد الصمد) القضية السوسيولوجية نموذج الوطن العربي مطابع إفريقيا الشرق الدار البيضاء 1989 ص. 45. (٣٨) أوهالل (بدر) "السياسة التعليمية..." م. س ص. ٤١. (٣٩) عياش (ألبير) المغرب واالستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية ترجمة عبد القادر الشاوي ونور الدين السعودي مواجعة وتقديم إدريس بنسعيد وعبد األحد السبتي دار الخطابي الدار البيضاء 1985 م.س ص. ٣٦٢. (٤٠) ياسين (محمد) سوسيولوجيا م. س ص. ٤٧٩. (41) Feucher (Ch), Mazagan (1514-1956),op.cit., p. 198. (42) A.N.R, Carton n F 90, Statistiques des écoles, p. 10. (43) A.N.R, Carton n P 11, Effectif au 1 Juin 1913, p. 15. (44) A.N.R, Carton n P 94, Etablissements d instruction, p. 3. (45) Idem. (46) A.N.R, Carton n P 131, Renseignements demandés par la mission scientifique, p. 4. (47) A.N.R, Carton n P 91, Rapport politique du mois de Mars 1915, p. 3. (48) Jmahri (M), La communauté juive de la ville d El Jadida», les cahiers d El Jadida1(ère) édition, Mars 2OO5.p. 57. (49) Idem (٥٠) اليزيدي (محمد) التعليم بالمغرب... م. س ص ٧٠-٧١. (٥١) حسن (كمال) مؤسسات البحث... م. س ص. ٣٨٤-٣٩٠. (52) B.E.S.M, «Naissance et développement d une classe moyenne au Maroc», vol XIX, n 68, 4(ème) trimestre 1955, P. 489-492. (٥٣) الديالمي (عبد الصمد) القضية... م.س ص. 54. (٥٤) جريدة السعادة حول التعليم بالمدارس اإلسالمية الثانوية العدد ١٩٨٢ السبت ٢٧ شتنبر ١٩١٩ ص. 2 1. (٥٥) حسن (كمال) مؤسسات البحث... ص. ٣٩٠. (٥٦) جريدة السعادة المدارس الثانوية وما يدرس بها من العلوم العدد ١٨٥٦ االثنين ٣٠ دجنبر ١٩١٨ ص.1. (٥٧) حسن (كمال) مؤسسات البحث... ص. ٣٩١. (٥٨) نفسه ص. ٣٩٣. (٥٩) نفسه ص. ٣٧١. (٦٠) عياش (ألبير) المغرب واالستعمار... م.س ص. ٣٦٣. (٦١) أوهالل (بدر) "السياسة التعليمية..." م.س ص.. ٤١ (٦٢) ياسين (محمد) سوسيولوجيا... ج ١ م.س ص. ٤٩٠. (٦٣) عياش (ألبير) المغرب واالستعمار... م. س ص. ٣٧٣..٤٨٣.٤٨٤ (٦٤) ياسين (محمد) سوسيولوجيا... ج ١ م. س ص. (٦٥) ياسين (محمد) سوسيولوجيا... ج ١ م. س ص. (٦٦) نفسه ص. ٤٨٥. ٧٢
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات íe ^ǹ] eàú^ jö] Ý١٩٤٤ è^ßè١١íïémæùø}àú كلية الا داب والعلوم الا نسانية جامعة سيدي محمد بن عبد االله ظهر المهراز - فاس المملكة المغربية < << إن التضامن راسخ في الهوية االسالمية المغربية وقد شكلت وثيقة المطالبة باالستقالل نموذج ا حي ا للحراك السياسي الذي خلقه المغاربة بتفاعالتهم وتمازجهم واتحادهم تتويج ا لمساراتهم النضالية. وإن القراءة في حدث تقديم الوثيقة وما تمخض عنه من خلخلة للسياسة االستعمارية-التي اعترفت أن المغاربة يحافظون على أصولهم وثوابتهم وتضامنهم ووحدتهم بجانب ترسيخ مقوماتهم الحضارية - في الهيمنة واالستغالل عالوة على ما اعطته المقاومة المغربية المتنوعة والشاملة من دروس في التضحية والتضامن والتكامل ليساهم بكل تأكيد إلى جانب العمل والعلم في خلق تنمية المجتمع وضمان الحفاظ على صمام األمان في درأ كل عدوان خارجي يستهدف البالد والعباد. إن هدفي من هذا العمل نابع باألساس من اهتمامي العلمي بالتاريخ المغربي وحضارته وتحقيق االنتاجات الفكرية المخطوطة لعلمائه ومتصوفته وإعادة االمجاد لرواد صنعوا هذا التاريخ وكان لهم قدم السبق في دفع عجلة العلم والثقافة بالمغرب. تاريخ استلام المقال: تاريخ قبول النشر: ٢٥ يونيو ٢٠١٥ ٢٨ ا غسطس ٢٠١٥ الحركة الوطنية المغربية المقاومة المغربية وثيقة ١١ يناير ١٩٤٤ وثيقة الاستقلال منزل مكوار DOI 10.12816/0045089 خالد صقلي "التضامن بين المغاربة من خلال وثيقة ١١ يناير ١٩٤٤ م".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٧٣ ٧٩. م ق د م ة إن إحياء ذكرى ١١ يناير ١٩٤٤ يندرج ضمن مبدأ عام وهو جعل تاريخ األمة المغربية حي ا في النفوس وإحياء هذه الذكرى هو تقديم المثال للذين أخلصوا لهذه األمة وبذلوا الغالي والنفيس من أجل عزتها ورفعة شأنها وهو كذلك اعتناء وحفظ ألصالة أمتنا ووفاء للتاريخ وأداء لألمانة في أعناقنا وهذا يتفق مع روح ونصوص وأهداف القرآن الكريم إذ نجد آياته الكريمة تحدثنا عن األمم السابقة حتى يتفكر فيها الناس وحتى يأخذوا منها العبرة ذ ل ك م ث ل ال ق و م ال ذ ين ك ذ ب وا ب آي ات ن ا ف اق ص ص ال ق ص ص والعظة:{(...) (١) ل ع ل ه م ي ت ف ك ر ون } ولعل من أهم القضايا التي يعتمد عليها في مفهوم التاريخ المعاصر هذا المسار الخطي ألحداث التاريخ وهذا يعني عدم تكرار تلك األحداث عبر التاريخ ألن الذي يمضي ال يعود وهذا يعطي القيمة واألهمية التاريخية المتفردة لكل حدث تاريخي ألنه ال يتكرر فالتاريخ ال يعيد نفسه بدليل قوله سبحانه وتعالى: } ك م أ ه ل ك ن ا ق ب ل ه م م ن ال ق ر ون أ ن ه م إ ل ي ه م ال ي ر ج ع و ن} (٢) لذلك فإن قراءتنا ألحداث ذكرى وثيقة االستقالل هي قراءة في الواقعية التاريخية المغربية المتفردة والمنغرسة الجذور في (٣) ذاكرتنا الوطنية. أوال : الوضعية يف المغرب قبل تقديم وثيقة المطالبة باالستقالل إن الحديث هنا يأخذنا للوقوف عند مرحلة مهمة من تاريخ المغرب المعاصر والمتمثلة في تقديم وثيقة االستقالل في ١١ يناير ١٩٤٤ وهو األمر الذي يستوجب بالضرورة أخذ فكرة عن حالة المغرب آنذاك. فقد عملت جميع القوى األوربية على إضعاف البالد ٧٣
مقالات ونخر جسدها عن طريق االتفاقيات الثنائية والمساومات مواجهة التحديات التي كانت تجابههم عبر التاريخ وفي هذا الدبلوماسية التي عقدتها فرنسا مع مختلف منافسيها ابتداء من االطار يقول عالل الفاسي: "ليس من الممكن لمؤرخ الحركة بداية القرن العشرين مرور ا بمؤتمر الجزيرة الخضراء في العام ١٩٠٦ حيث تم فيها إطالق يد كل من فرنسا وإسبانيا للتحكم في مصير المغرب. بعد أن تمت قنبلة مدينة الدار البيضاء واحتالل وجدة في العام. ١٩٠٧ لقد شكل فرض توقيع عقد الحماية على السلطان موالي عبد االستقاللية في المغرب أن يتجاهل هذه المرحلة العظيمة ذات إضافة إلى االثر الفعال في تطوير العقلية الشعبية ببالدنا". (٥) الظهير البربري الذي تم إصداره من قبل سلطات الحماية يوم ١٦ مايو ١٩٣٠ والذي كان يهدف إلى التفريق بين المغاربة وذلك بخلق شرخ بينهم في محاولة لضرب وتفتيت أسس وحدة المغاربة التي الحفيظ في ٣٠ مارس ١٩١٢ نهاية مرحلة طويلة من تاريخ المغرب تشبثوا بها منذ قرون خلت لكن المغاربة بربر ا وعرب ا... افشلوه المستقل ألنه دخل مرحلة لم تكن هزيمة في معركة أو حرب أو احتالل ثغر بل مرحلة فقدان استقالل البالد كلها وقد ولد هذا اإلحساس لدى المغاربة شعور ا قوي ا باالنتماء إلى هذا الوطن باتحادهم وتضامنهم ويتبين ذلك لنا بوضح من خالل ما رد في الكتابات الوطنية التي أرخت للحدث وفي هذا اإلطار يقول عبد الكريم غالب: "... عاد معنى األمة الواحدة والشعب الواحد ليحتل فهبت كل شرائح المجتمع المغربي قاطبة للمقاومة اذ قدم الشيخ تفكير الطبقة المتحركة في البالد من مثقفين وطلبة وتجار ماء العينين بالصحراء المغربية وموحا أو حمو الزياني وباسالم وصناع وألول مرة في التاريخ بعد الدعوة االسالمية - توحد باألطلس المتوسط في معركة الهري عام ١٩١٤ وعبد الكريم حركة وطنية فكرية األمة وتبعث الوحدة الوطنية ال بالقوة (٤ ( أعظم صور من صور الخطابي في معركة أنوال عام ١٩٢١ بالريف المقاومة المغربية الشريفة التي أعطت دروسا بليغة في معنى التشبث بالوطن وقد استمرت تلك المقاومة المسلحة في مجموع التراب المغربي من جبال الريف في الشمال واألطلس المتوسط والسيف كما كان االمر شعار الحكم الذي يواجه القبائل الثائرة ولكن بالفكرة الوطنية وبذلك حل الوطن مكان القبيلة وحلت الوطنية مكان العرف وألول مرة تجرا الوطنيون ليقوموا بعمل جماعي ضد االدارة الفرنسية وليواجهوها بالعصيان والمظاهرة واألطلس الكبير التي استمرت فيه المقاومة إلى حدود ١٩٣٥ واالضراب في مدن مقفلة مطوقة وألول مرة تلتقي الجماعات وناحية تافياللت والصحراء المغربية وقد واكب هذه المقاومة انتفاضات وإضرابات داخل المدن كالرباط وسال والجديدة والصويرة في العام ١٩٢٠. لقد عرفت فترة منتصف عشرينات القرن الماضي نشأة الحركة العاملة في المدن حول فكرة واحدة تجهر بها وكأنها اكتشفت ما كانت تبحث عنه طول مدة التعبئة النفسية التي كان يشعر بها (٦) الشباب في المدن اثناء العشرينات(...)". لقد عمل المغاربة جميعهم على التصدي لهذا الظهير في كثلة الوطنية والتي تبلورت كحركة في بداية الثالثينيات واكب ذلك واحدة فجهروا باللطيف في صيغته المعروفة: "اللهم يا لطيف تطور في طرق عملها وفي مطالبها وقد ساهمت مساهمة فعالة نسألك اللطف فيما جرت به المقادير وأال تفرق بيننا وبين إخواننا في تحقيق المغرب الستقالله وقد تكونت الحركة الوطنية في البرابر". بداية في مدينة سال لتنطلق المظاهرات واالحتجاجات البداية من شباب مغاربة متحمسين من مختلف المناطق المغربية درس بعضهم في المدارس المغربية كجامعة القرويين والبعض إلى باقي المدن والقرى المغربية التي خرجت لتعبر عن الوحدة الوطنية المغربية فتكون وفد سافر في ٢٦ غشت ١٩٣٠ إلى الرباط اآلخر في جامعات غربية. واتسمت الوضعية السياسية بالمغرب حامال معه مجموعة من المطالب. وقد تم استقباله من قبل والتي أفرزت تأسيس الحركة الوطنية بتراجع المقاومة المسلحة السلطان سيدي محمد بن يوسف طيب الله ثراه الذي عبر عن واالستغالل االستعماري البشع للمغرب وأثره على المجتمع المغربي أسفه ودعمه لجميع مطالب الشعب المغربي. وهكذا اعتبرت وظهور الحركة السلفية ودورها في تأطير الحركة الوطنية باعتبارها نهضة فكرية عملت على تحرير العقل المغربي من الحركة البربرية بداية النهاية لالستعمار بالمغرب كما انها كانت دعامة للحركة الوطنية لتتخذ شكلها النهائي كحركة سياسية التخلف الفكري وسيطرة الخرافة والعودة إلى المنابع واألصول تستند على قاعدة شعبية متحدة متضامنة قادرة على الوقوف األولى للدين اإلسالمي الحنيف وكان من بين روادها محمد بن (٧) وجها لوجه ضد االستعمار ومواصلة عملها. العربي العلوي (١٨٨٠-١٩٦٤) وأبو شعيب الدكالي( ١٨٧٨-١٩٣٧) وقد وعموم ا فقد كان للظهير البربري دور مهم في جمع شمل كان دور الحركة السلفية كبير ا في زرع دم جديد لدى المغاربة بمختلف شعابهم بعد االنكسارات التي منيت بها المقاومة المغربية خصوص ا في األطلس والريف. فقد أعادت لهم هذه الحركة الثقة بالنفس باعتبار أن اإلسالم هو المنبع األصيل الذي نهل منه المغاربة قاطبة قدرتهم على المغاربة واتحادهم وتضامنهم وأعطى صورة نموذجية من صور التالحم والتضامن المغربي فكان ذلك الدرس بمثابة إنذار لسلطات الحماية التي زادت من قوتها القمعية خصوص ا أنها كانت تدرك أن مطالبة المغاربة باإلصالحات لم تكن سوى بداية للمطالبة باالستقالل علم ا أن رواد الحركة الوطنية بدأوا في ٨ مايو 1934 ٧٤
مقالات باالتصال بالسلطان للتنسيق معه خصوص ا أن دورهم كان مهم ا في االحتفال بأول عيد عرش في تاريخ المغرب في ١٨ نونبر ١٩٣٣. وال يمكن نسيان ما قام بها المغاربة في الشمال من ردود فعل قوية تبلورت في عمل سياسي ضد االستعمار اإلسباني (٨ ( وزاد ذلك من التمازج واالنسجام واالتحاد بين شمال المغرب وجنوبه وبين جميع شرائح الشعب المغربي. حيث عملت الكتلة الوطنية على تقديم عريضة لحكومة الجمهورية اإلسبانية ضمنتها مجموعة من المطالب لكن الجمهوريين الذين كانوا قد وصلوا إلى الحكم آنذاك ولكنهم ردوا على تلك المطالب المغربية بالعنف خصوص ا في مدينة تطوان. إن النضج الذي وصلت إليه الحركة الوطنية المغربية عبر مجموع التراب الوطني دفع المغاربة عامة بكل مشاربهم باالنتقال من مجرد المطالبة باإلصالحات إلى المطالبة باالستقالل حيث ساهمت مجموعة من الظروف المؤثرة في تطوير تلك المطالب والتي يمكن تلخيصها في: تعرض بعض قادة الحركة الوطنية في نهاية الثالثينات لالعتقال أو النفي وخاصة بعد أحداث بوفكران سنة ١٩٣٧ والتي نتجت عن تحويل المعمرين لمياه النهر ألراضيهم. تأسيس أحزاب جديدة منها حزب االستقالل وحزب الشورى واالستقالل و"حزب الوحدة المغربية" الوطني" و"حزب اإلصالح و"الحزب الشيوعي " كما تم إصدار العديد من الجرائد والمجالت أبرزها: جريدة "عمل الشعب" والتي كان يديرها الوزاني و"المغرب" ألحمد بالفريج و"الحياة " للطريس... فضال عن إنشاء المدارس الحرة وتأسيس الجمعيات الثقافية والعلمية. (٩) وقت على أنه ال فرق بين المغاربة وذلك مرتبط بعقلية المغاربة المترسخة في وحدته وكينونته واتحاده وتضامنه من شماله لجنوبه ومن شرقه إلى غربه. ثاني ا: تقديم الوثيقة إنها محطة تاريخية من تاريخ المغرب الحديث تلك التي جسدت على أرض الواقع طموحات جيل الحركة الوطنية الذي توج نضاله ب "وثيقة المطالبة باالستقالل "التي قدمت يوم الثالثاء ١٤ محرم ( ١٣٦٣ ه/ ١١ يناير ١٩٤٤) على الشكل التالي: وفد قدم الوثيقة إلى السلطان جاللة المغفور له محمد الخامس "طيب الله ثراه" هم السادة: أحمد بال فريج ومحمد اليزيدي وعبد العزيز بن ادريس والهاشمي الفياللي وعبد الله إبراهيم وإدريس المحمدي وعبد الكريم بنجلون وأحمد الحمياني وعبد الحميد الزموري. (١١) وفد قدم الوثيقة إلى القنصلية األمريكية هم السادة: المهدي (١٢ ( وعبد الرحيم بو عبيد. (١٣) بنبركة وفد قدم الوثيقة إلى المقيم العام الفرنسي وهم السادة: الحاج ( ١٤) عمر بن عبد الجليل ومحمد غازي ومحمد الزغاري ومحمد الديوري. (١٥) وفد قدم الوثيقة إلى القنصلية اإلنجليزية وهم: الحاج أحمد مكوار وأحمد باحنيني. (١٦) وكما ال يخفى على أحد فقد حررت الوثيقة في بيت الحاج محمد مكوار بفاس وهندس انشاءها محمد اليزيدي وأحمد بالفريج ووقعها ستة وستون شخصية وطنية مغربية كانت عقد لقاء آنفا في يناير ١٩٤٣ الذي كان فرصة للقاء بين السلطان سيدي محمد بن يوسف والرئيس األمريكي روزفلت حيث عرض السلطان مطالب المغرب المشروعة. تقديم أعضاء الحركة الوطنية وثيقة يوم ١١ يناير ١٩٤٤ التي طالبوا فيها باستقالل المغرب ووحدة ترابه علم ا أن السلطان سيدي محمد بن يوسف كان مطلعا على مضامين الوثيقة بعد االتصاالت السرية التي كانت بينه وبين الوطنيين وقد عبر جاللته عن حماسه وموافقته عليها وتم تحديد موعد تقديمها صباح يوم ١١ يناير ١٩٤٤. وكان رد سلطات الحماية (١٠) الفرنسية بشن حملة اعتقاالت بعد أيام من تقديم الوثيقة. منتمية لمختلف األوساط االجتماعية فمنهم الموظفون مع المخزن والعلماء واألطباء والمحامون واألساتذة واإلداريون والتجار والصناع والحرفيين... ومثلوا (١٤) مدينة مغربية. وفي هذا اإلطار ورد في إحدى الصحف المغربية: "بين ردهاته حرروا عقدا أعلنوا فيه حبهم الكبير لوطنهم الذي ال يقاس بثمن ولم يفرطوا في أي شبر منه. وأطلقوا وثيقة طالبوا فيها باستقالل المغرب ووحدة ترابه تحت ظل صاحب الجاللة ملك البالد المرحوم محمد بن يوسف الذي التمسوا منه السعي لدى الدول التي يهمها األمر االعتراف بهذا البلد.وثيقة ومنزل يشهدان على منعرج رائد في تحديد السيادة المغربية وإعطاء انطالقة إصالح ترقبه المغاربة من داخل وطنهم دون حاجة إلى مستعمر نهب األرض واستعبد هكذا إذا م هدت الطريق أمام حزب االستقالل لتقديم "عريضة المطالبة باالستقالل" يناير ١١ يوم ١٩٤٤ بعد عشر سنوات من تقديم "مطالب الشعب المغربي" لتكرس هذه الوثيقة التاريخية نهج المساواة بآفاقها ومالمحها ال محدودة ومبدأ التضامن بين العرش والشعب والشعب فيما بينه وظل التأكيد قائم ا في كل العباد اختاره موقعو العريضة أن يكون نظام ا سياسي ا شوري ا شبيه ا بنظام الحكم في البالد العربية اإلسالمية في الشرق. نظام توخى موقعو العريضة مم ن سعوا إلى تمتع الدولة المغربية بحريتها وسيادتها الوطنية (توخوا) أن يحفظ حقوق سائر عناصر الشعب المغربي وطبقاته ويحدد واجبات الجميع بغض النظر عن ٧٥
نإ" مقالات تداعيات القرار السياسي الجريء الذي أعلنه أكثر من( 60 ) وطني ا وقع العريضة في منزل أحمد مكوار. الوثيقة: المغرب". "(...)عن فروع حزب االستقالل بسائر نواحي تلك العريضة التي انطلقت شرارتها من هذا المنزل الواقع في موقع استراتيجي قرب ساحة البطحاء تعززت بعرائض التأييد من مختلف جهات الوطن التي من آثارها اندالع انتفاضة ٢٩ يناير ١٩٤٤ المالحظة الثانية: الوثيقة ضمت توقيع امراة مغربية واحدة هي مليكة الفاسي زوجة األستاذ محمد الفاسي. (١٨) المالحظة الثالثة: إن األعضاء الموقعين على الوثيقة هم من وما رافقها من مظاهرات عارمة سقط إثرها عشرات الشهداء والضحايا بالرباط وفاس وأزرو وسال. لم يقتصر إشعاع وثيقة المطالبة باالستقالل التي تعتبر مليكة الفاسي المرأة المغربية الوحيدة التي وقعتها على الوطن بما كان لها من أثر عميق في نفوس وأوساط المغاربة على اختالف مشاربهم وانتماءاتهم بل أرسلت نسخ منها إلى ممثليات الواليات المتحدة األمريكية وبريطانيا واالتحاد السوفياتي.إن غالبية الموقعين على وثيقة جل المدن المغربية وهي كما يلي: عدد الموقعين المدينة اوالقرية حسب عبد السالم البكاري (١٩) عدد الموقعين حسب أبوبكر القادري (٢٠) ٢٣ ٢٧ المطالبة باالستقالل كانوا يمتهنون التجارة بالمدينة العتيقة فاس ١١ ١١ بفاس مم ن لم يستسيغوا الحريق االنتقامي الذي طال مصدر الرباط ٧ ٦ ٥ ٣ ٣ ٦ ٥ ٤ ٣ ٣ عيشهم بمتاجر قيسارية الكفاح في سنة ١٩٥٥ الذي أدى إلى تشريد أسر العشرات من المقاومين وموقعي وثيقة المطالبة باالستقالل.هذا الحريق كان مصدرا لتأجيج غضب الوطنيين المغاربة ممن اجتمع بعضهم في منزل مكوار لتحرير وتوقيع الوثيقة المذكورة رد ا على ما تعرضوا إليه من استمرار نهب وإقبار ودفن معالم تاريخ الوطن على غرار اجتماعات تنسيقية أخرى سال مكناس مراكش الخميسات اسفي احتضنتها منازل ومحالت تجارية أخرى لم تنل حظها من قرية اوالد جامع ١ ١ ١ سيدي قاسم االهتمام". (١٧) وقد ركزت هذه الوثيقة على مجموعة من المرتكزات نذكر منها : استقالل المغرب في ظل الوحدة الترابية للمملكة. مدينة ابن احمد وجدة ١ ١ ١ إرساء ملكية دستورية وديمقراطية تضمن الحريات الفردية سطات ١ ٤ ١ والجماعية. المساهمة في الحياة الدولية بشكل يحترم سيادة المغرب. إحداث نظام سياسي شورى شبيه بنظام الحكم في البالد القنيطرة مانشستر في انجلترا ١ ٢ العربية واإلسالمية في الشرق تحفظ فيه حقوق وواجبات الدار البيضاء جميع عناصر الشعب المغربي. الدفاع عن الوحدة االجتماعية والعقدية للمغاربة إلفشال كل المخططات االستعمارية. وإن القراءة األولية في وثيقة المطالبة باالستقالل التي قدمت في محرم ١٤ يوم ١٣٦٣ ه/ ١١ المالحظات نذكر منها فقط: يناير ١٩٤٤ م تبرز لنا مجموعة من المجموع مجموع الموقعين (٦٦) ينوبون عن (١٤) مدينة مغربية مجموع الموقعين (٦٦) ينوبون عن (١١) مدينة مغربية المالحظة األولى: إن الوثيقة قدمها عدد من أعضاء حزب االستقالل كما ورد في أول جملة من تصدير الوثيقة: حزب االستقالل الذي يضم أعضاء الحزب الوطني السابق وشخصيات حرة(...)" وكذلك جملة وردت في ديباجة ٧٦
مقالات إن هذه الوثيقة حسب العديد من الدارسين والباحثين جاءت مؤكدة في ديباجتها على استقالل المغرب والوحدة الترابية للمملكة وإرساء ملكية دستورية وديمقراطية وتطبيق سياسة إصالحية حقيقية في كافة الميادين تضمن الحريات الفردية والجماعية والمساهمة في الحياة الدولية عبر توقيع اتفاقيات مع الدول تضمن السيادة المغربية سياسي ا واقتصادي ا. إن هذا الحراك الذي عاشه الشعب المغربي في هذه الفترة لم يكن سوى تتويج ا لمسارات كفاحية تحررية متنوعة ومتجددة أشعلتها أضواء مقاومة في كل ربوع الوطن. وإن التاريخ السياسي المغربي كتاب مفتوح على قراءات ال تنتهي وبتعدد زوايا القراءة والتفاعل ولم تبد المنطقة الخليفية أي تردد في وإسماعيل اإلدريسي (٢٤) تأييد الفكرة وتجسد هذا التأييد وروح التضامن بوضوح في الرسالة التي وجهها حزب االصالح الوطني إلى جاللة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه وذلك في ٢٩ فبراير ومما جاء فيها: "موالنا لقد اطلعنا على القرارات السامية التي رفعتها إلى جاللتكم تلك النخبة الطاهرة من المغاربة االقحاح والوطنيين المجاهدين األبرار هيأة حزب االستقالل المغربي وإنها لمطالب االمة بأكملها والشعب بأجمعه ال يعارضها وال يخرج عنها م ن نزع من قلبه اإليمان وأودع فيه الكفر والشقاق والخيانة والنفاق وأن حزب االستقالل اذ يرفع الصوت اليوم ويرسلها صرخة داوية في االفاق تتعدد العبر والدروس. وإن هذه الفترة المهمة من تاريخنا فإنما يرفعها بذلك باسم المغرب عالي ا بين االمم الحية والشعوب السياسي واالجتماعي ال زالت تطالبنا بالبحث العميق والتنقيب عن الحقائق وال زالت تحثنا الستخالص المبادئ من التاريخ اليقظة ويثبت للعالم أن المغاربة أحرار ال يرضون بالذل واالستعباد وال يصبرون على الضيم وال يستكينون وال يستسلمون وضمني ا تدفعنا لطرح عدة تساؤالت من بينها (٢٥) لقوة الحديد والنار". (٢١) الدياليكتيكي مسألة التضامن بين المغاربة والعرش والمغاربة فيما بينهم. ١/٢- ردود الفعل الرسمية والشعبية على تقديم الوثيقة : لقيت الوثيقة تجاوب ا كبير ا وتلقائي ا معها بحكم تعطش المغاربة عامة بكل مشاربهم وطبقاتهم لنيل سيادتهم على بالدهم والظفر بثرواتهم خاصة في ظل معاناتهم من بطش وجشع االستعمار الذي كان همه الوحيد هو االستحواذ على أكبر قدر ممكن من الثروات وسحق أي محاولة تنم عن الرغبة في االستقالل من خالل التضييق على الحقوق والحريات والتجمعات وأيض ا محاصرة النخبة المغربية التي كانت تتنامى كل يوم. وما من شك في أن إعالن وثيقة المطالبة باالستقالل كان تعبير ا عن الرغبة التي يحس إذن فالوثيقة لقيت تأييد ا شامال وتضامن ا تام ا من طرف المغاربة على مختلف مستواهم الطبقي والفكري. - ٢/٢ ردود فعل المستعمر: لقد شكلت وثيقة المطالبة باالستقالل صدمة قوية لإلقامة العامة وبرز ذلك بشكل جلي وقوي من خالل محاصرتها للموقعين على وثيقة المطالبة باالستقالل واعتقالهم بمعية أهم القيادات السياسية والحزيبة والحقوقية بتهم واهية كاإلعداد النتفاضة (٢٦ ( وأثر هذه االعتقاالت بدأت المظاهرات في مسلحة في المغرب مختلف المدن والقرى المغربية فأغلقت المدارس وجامع القرويين والثانويات اإلسالمية أبوابها تم اعتقال المئات من هؤالء بها الشعب المغربي قاطبة وقد تقبلها المغاربة رسمي ا وشعبي ا المتظاهرين وصدور أحكام بإدانتهم. وهكذا سيشكل فيما بعد وأيدوها بعرائض أخرى مماثلة وقعتها جميع الفئات واألجناس في اتحاد وتضامن تام إذ كان خطوة تقديم الوثيقة بمثابة جمع شمل المغاربة وتوحيد كلمتهم وصفهم. وعن هذا التأييد يقول عالل الفاسي كنموذج لرجال الحركة الوطنية ما نصه: "توالت الوفود الشعبية من كل نواحي المغرب ترفع لجاللة الملك عرائض التأييد لطلب االستقالل المرفوع من الحزب وقد شارك في هذا التأييد من كل الطبقات االجتماعية ومن أكبر قضاة الشرع اإلسالمي إلى أبسط رجال البوليس السري الذين لم تمنعهم ظروفهم من االشتراك في هذا التضامن الشعبي العام وعمت البالد نشوة (٢٢) الحديث عن االستقالل واليوم الذي يحتفل فيه بإنجازه" فقد آمن قادة الحزب بأنهم قاموا بخطوة تاريخية إذا لم تتحقق نتائجها في الحين فقد تتحقق بعد نهاية الحرب. (٢٣) كما تم تأييد عريضة ١٩٤٤ حسب األستاذ عبد الله الجيراري من طرف أعضاء المجلس العلمي بفاس الذين حملوا عريضة االستقالل إلى السلطان جاللة المغفور له محمد الخامس بحضور قضاة فاس وعدولها منهم محمد بن عبد السالم السائح الرباطي الموقعون على وثيقة المطالبة باالستقالل رموز ا للكفاح والنضال من أجل نيل االستقالل ورموز ا للمغرب الحر ورجال الغد الذين سيعتمد عليهم في قيادة وبناء المغرب الجديد. فقد اتضح لإلقامة العامة الفرنسية أن هناك إجماع ا كلي ا وتأييد ا قوي ا وتضامن ا رسمي ا وشعبي ا على المطالبة باالستقالل. خ امت ة وصفوة القول أن وثيقة المطالبة باالستقالل في مقصديتها وتوجهها يجب التعامل معها باعتبارها نص ا ثمين ا وفريد ا في الفكر المغربي الحديث والمعاصر ألنها تعكس وعي النخبة السياسية الوطنية المغربية في مرحلة هامة من مراحل تطورها وقد صيغت في شكل مطالب: وثيقة ال مذكرة فكرتها المحورية تنص على ثالث (٢٧) االستقالل الوحدة والدستور. وتعتبر هذه الوثيقة نقطة تحول بارزة في تاريخ كفاح الشعب المغربي ونضاله المستميت من أجل نقل المغرب من دولة محمية إلى دولة ذات سيادة تتمتع باستقاللها وحريتها ووحدتها. ٧٧
مقالات إن التضامن الذي عرفه المجتمع المغربي والذي تجلى في هذا الحراك الذي عاشته كل فئات المجتمع المغربي في هذه الفترة والذي لم يكن سوى تتويج ا لمسارات كفاحية تحررية متنوعة ومتجددة اشعلتها أضواء مقاومة. وإذ يحتفل الشعب المغربي بهذه الذكرى فللتعريف بمضامين الحركة الوطنية وأعالمها وأمجاد األمة المغربية وتاريخها النضالي المجيد حفاظ ا على الذاكرة الوطنية وتذكير ا لألجيال بضرورة قدسية وحدتنا وضرورة تضامننا واتحادنا والحفاظ على تراثنا واإلشادة بأبطاله من أجل االقتداء بهم للدفاع عن المقدسات الدينية والوطنية للبالد ومواصلة الكفاح من أجل تحقيق الوحدة الترابية لوطننا. وان ما أنتجته هذه المرحلة المهمة من تاريخ المغرب من ممارسة مقاوماتية وسياسية وفكرية وثقافية ونضالية الزالت تحتاج إلى تأطير زمني وفكري للمرحلة الكلونيالية بصداماتها وإصالحاتها واحتكاك نظام وبنيات تقليدية مع حضارة غربية متميزة بأدواتها وبنظرتها للمجتمعات الغيرية. وإن هذه الفترة من عمر مغربنا ما زالت تطالبنا بتحريرها من العصبية وما زالت تحفزنا الستخالص بعض المبادئ من التاريخ المغربي وضمني ا: طرح مسألة التضامن والتعايش والتالحم بين فئات المجتمع المغربي من خالل وثيقة ١١ يناير ١٩٤٤ على اعتبار أن هذه الوثيقة شكلت نقطة تحول في تاريخ المغرب السياسي واالجتماعي. وأختم هذ المقال بذكر مقولة ألستاذنا المرحوم سيدي محمد زنيبر: "(...) وأن الحركة الوطنية هي تراثنا جميع ا من حقنا أن نهتم به كلنا وندافع عنه(...)". (٢٨) : اله وام ش (١) سورة األعراف اآلية: ١٧٦. (٢) سورة يس اآلية: ٣٠. (٣) انظر: عبد الله هيتوت في ذكرى تقديم وثيقة االستقالل ميثاق الرابطة العدد ٢٠١١/١/٣٢ ٤.-"الذكرى ال ٦٥ لتقديم وثيقة المطالبة باالستقالل" نشر في جريدة العلم (المغربية) - ١٢ ٠١ ٢٠٠٩. (٤) انظر: جرمان عياش أصول حرب الريف مطبعة النجاح الجديدة ١٩٩٢.- محمد العلمي زعيم الريف محمد عبد الكريم الخطابي نشر الشركة العالمية للكتاب ١٩٠٠. (٥) انظر: عالل الفاسي الحركات االستقاللية بالمغرب العربي مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ١٩٩٢ ص ١٥٣. (٦) انظر: عبد الكريم غالب تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب من نهاية الحرب الريفية حتى إعالن االستقالل مطبعة النشر البيضاء ج ١ ص ١٩٥-١٩٤. (٧) انظر: الحاج الحسن بوعياد الحركة الوطنية والظهير البربري لون أخر من نشاط الحركة الوطنية الدار البيضاء ١٩٧٩ ص ١٣-١٦ وما بعدها. (٨) انظر: ميكل مارتن االستعمار االسباني في المغرب مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ١٩٨٨. (٩) انظر: عبد الكريم غالب تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب من نهاية (١٠) الحرب الريفية حتى اعالن االستقالل م.س ج ١ ص ٣٥. انظر: محمد السلوي أبو عزام المقاومة والوجدان: عن الشعب والذات مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ١٩٩٠ ص ١٨ وما بعدها. (١١) انظر: عبد الحق المريني محمد الخامس الرباط ١٩٨٨ ص ١٩٨-١٩٦. رشيد ملين محمد نضال ملك المطبعة الملكية الرباط ط ٢ ص ٢٥٢. محمد بن يوسف تاريخ استقالل المغرب دار الكتاب الرباط ١٩٧٥ ص ١٣٥. أبو بكر القادري مذكراتي في الحركة المغربية ج ٢ ص ١٨٣. (١٢) كان رئيس جمعية قدماء تالمذة كوليج موالي يوسف بالرباط وقد وأورد أبو بكر القادري أنه كانت هناك ثالث وفود فقط وتراس الوفد الثالث المهدي بن بركة الذي قدم الوثيقة إلى قنصل إنجلترا وقنصل الواليات المتحدة األمريكية في الرباط وانظر: أبو بكر القادري مذكراتي في الحركة الوطنية مطبعة النجاح الجديدة ١٩٩٧ ج ٢ ص ١٨١-١٨٦. (١٣) انظر: وثيقة ١١ يناير ١٩٤٤ عبد السالم البكاري البوكيلي للطباعة والنشر ط ١ ٢٠٠٥ ص ٣٤١. (١٤) الذي كان رئيس ا لجمعية قدماء تالمذة ثانوية موالي إدريس بفاس وانظر: أبو بكر القادري.١٨٥ (١٥) انظر: عبد السالم البكاري م.س ص ٣٤١. مذكراتي في الحركة الوطنية ج ٢ ص ١٨١ - (١٦) انظر: محمد خليل بوخريص وثيقة التحدي دار الثقافة البيضاء ١٩٩٥ ص ١٣١. عبد الكريم غالب تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب م.س ص ٢٧٧-٢٧٦. (١٧) لقد قامت الجهات المعنية المغربية بتحويل هذا المنزل إلى متحف للمقاومة وجيش التحرير اعتبار ا للدور الذي لعبه مالكه في إخراج الوثيقة إلى حيز الوجود وتوقيعها من قبل ثلة من الوطنيين ممن ٧٨
مقالات غادر غالبيتهم إلى دار البقاء تاركين وراءهم بصمة تاريخية مهمة سيذكرهم بها جميع المغاربة وكل األجيال ورغم المشكالت والعراقيل التي تقف حجر عثرة في وجه إخراج مشروع متحف المقاومة إلى الوجود. لكن هذا المنزل الحامل لرقم ٤ بالزنقة المذكورة قيد رسمي ا في عداد اآلثار اعتبار ا لكونه شهد توقيع وثيقة ١١ يناير ١٩٤٤ باعتبارها منعطف ا مهم ا في تاريخ الحركة الوطنية من أجل استقالل المغرب وفي ٨ يناير ٢٠٠٧ تقدم المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بطلب لتقييد المنزل ضمن اآلثار ما استجيب إليه ونشر في الجريدة الرسمية. وانظر جريدة الصباح (المغربية) "منزل مكوار بفاس شاهد عصر على وثيقة االستقالل" االثنين, ١٤ يناير ٢٠١٣. (١٨) انظر: ادريس ابايا "وثيقة االستقالل -عهد وفاء- بين ملك مخلص لوطنه وحزب قام بواجبه" جريدة العلم المغربية ١٤-٢- ٢٠١١. (١٩) انظر: وثيقة ١١ يناير ١٩٤٤ م.س ص ٢٣٨-٢٣٧. (٢٠ ) انظر: مذكراتي في الحركة الوطنية ج ٢ م.س ص ١٩٠. (٢١) ديالكتيك في الفلسفة الكالسيكية هو الجدل أو المحاورة وتبادل الحجج والجدال بين طرفين دفاع ا عن وجهة نظر معينة. ويعتبر الديالكتيك األساس الذي تبنى عليه الشيوعية بمعنى الجدل الذي يوصل إلى النظريات والقواعد التي تحكم الناس وتسير حياتهم السياسية واالقتصادية واالجتماعية (أي الحاجة لمصدر). والمادية الديالكتيكية هي النظرة العالمية للحزب الماركسي اللينيني. وهي تدعى مادية ديالكتيكية ألن نهجها للظواهر الطبيعية وأسلوبها في دراسة هذه الظواهر وتفهمها ديالكتيكي بينما تفسيرها للظواهر الطبيعية وفكرتها عن هذه الظواهر نظريتها مادية. والمادية التاريخية هي امتداد مبادئ المادية الديالكتيكية على دراسة الحياة االجتماعية تطبيق مبادئ المادية الديالكتيكية على ظواهر الحياة االجتماعية وعلى دراسة المجتمع وتاريخه والمادية التاريخية تأتي نظرية علمية حق ا في المجتمع وذلك تحديد ا ألنها تكشف عن األساس الموضوعي المادي لمجمل الحياة االجتماعية وتبين جوهر المجتمع البشري وتدرس قانونيات التاريخ العالمي... والديالكتيك عموم ا هو وحدة ونضال المتضادات عبر التاريخ أي علم درس التناقضات في ماهية األشياء نفسها. (٢٢) انظر: عالل الفاسي الحركات االستقاللية في المغربي العربي م.س ص ٢٩٨. (٢٣) انظر: عبد الكريم غالب تاريخ الحركة الوطنية بالمغرب م.س ص ٢٩١. (٢٤) انظر: عبد الله الجراري شذرات تاريخية من ١٩٠٠ إلى ١٩٥٠ مطبعة النجاح الجديدة البيضاء ١٩٨٦ ص ١٤٠. (٢٥) انظر: محمد بن عزوز حكيم وثائق تشهد مطبعة الساحل الرباط ١٩٨٠ ص ١١١. (٢٦) انظر: عبد السالم البكاري م.س ص ٣٤١. (٢٧) انظر: جماعة من الدارسين في النهضة والتراكم دار توبقال ١٩٨٦ ص ١٠٠. (٢٨) انظر: صفحات من الوطنية المغربية: من الثورة الريفية إلى الحركة الوطنية طبع دار النشر المغربية ١٩٩٠ ص ١٤٩. ٧٩
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات h ǹ]»» ]½^ßÖ]Üé ßiæífÎ] Ú»ífŠ ]Ý^ã c Øñ]æù] èç ÃÖ]àÚ باحث في تاريخ المغرب الحديث عضو هيي ةالتدريس بالثانوية التا هيلية الا مام الغزالي نيابة سيدي بنور المملكة المغربية < << ارتبط تنظيم النشاط الحرفي ومراقبة منتجاته في المغرب زمن العلويين األوائل بالدور الحيوي الذي اضطلعت به خطة الحسبة في االشراف على االنشطة االقتصادية. فقد حرص المحتسب على النظر في أعمال الحرف الصناعية وأصحابها عبر القيام بجوالت يومية لضمان جودة االنتاج ومحاربة جميع أصناف الغش التي تضر بمصالح المسلمين. وال شك أن أهمية اسهام خطة الحسبة في تنظيم المجال الحرفي ومراقبته تستمد قوتها من حجم مهام المحتسب وطبيعة اختصاصاته ومكانته الوظيفية في صيانة االقتصاد االسالمي بوجه عام. فإلى جانب حمل الصناع والحرفيين على تحسين مستويات اإلنتاجية الفردية والجماعية استفاد االقتصاد المغربي من تعزيز تنافسية اإلنتاج الحرفي لفترة غير قصيرة من زمن العلويين األوائل ليصبح بعد ذلك عرضة لمختلف التهديدات االجنبية ومنها االختراق التجاري االجنبي الذي زاحم االنتاج المحلي وتسبب في تراجع وكساد بعض المنتوجات الحرفية منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميالدي. تاريخ استلام المقال: تاريخ قبول النشر: ٢٠ فبراير تاريخ المغرب الحديث التاريخ الاجتماعي والاقتصادي تاريخ الفنون والحرف الصناعية ٢٠١٥ ٠٨ يونيو ٢٠١٥ DOI 10.12816/0045090 محمد ا عطيطي "ا سهام الحسبة في مراقبة وتنظيم النشاط الحرفي في المغرب زمن العلويين الا واي ل".- دورية. - السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٨٠ ٨٥. م ق د م ة ظلت خطة الحسبة على امتداد الفترة الحديثة من تاريخ األخير في الحفاظ على جودة وسالمة المنتوجات الحرفية من تجاوزات بعض الحرفيين فهل ذلك يعني أن المحتسب كان يقوم بدوره على أحسن وجه أم أن غفلته في حاالت مختلفة وضعف الدولة العلوية مالزمة لنشاط الحرف في الحواضر المغربية من خالل األدوار التي كان يضطلع بها المحتسب في المجال سلطته أحيان ا أخرى حالت دون ضبط مجال اختصاصه وسمحت بظهور بعض المخالفات على مستوى أعلى ومهما كان األمر فقد االقتصادي واالجتماعي. ونظر ا لمكانة هذا المنصب من حيث برزت مسألة التحكيم في الوسط الحرفي لحسم مادة الخالف بين ارتباط أعماله بمراعاة مصالح المسلمين ودفع الضرر عنهم كان قرار التعيين في شأنه يصدر عن أعلى سلطة في البالد بواسطة ظهير شريف بعد أن تتوفر في الشخص الذي أنيطت به تلك المهمة جملة من الشروط تجمع بين العلم والدين والمعرفة بسياسة الجمهور فضال عن تمثل مجموعة من الخصال الحميدة التي المتنازعين ومعاقبة الغشاشين بعقوبات تعزيرية مختلفة كانت للمخزن مساهمة في إصدار وتنفيذ بعض أحكامها. تلك هي أهم القضايا التي نود االسهام في تجليتها عبر عناصر هذه الدراسة. ١- حتديدات مفاهيمية تستجيب لطبيعة هذا المنصب. والواضح أن هذه العناية تعزى ١/١- في مفهوم خطة الحسبة: باألساس إلى جسامة المهام المنوطة بصاحب الحسبة ومنها على وجه الخصوص مراقبة اإلنتاج الحرفي. وإذا ثبت اسهام هذا العمل ت ع د خطة الحسبة ضمن أهم الخطط الدينية التي لقيت اهتماما بالغ ا ليس فقط لدى العلماء والفقهاء قدامى كانوا أو ٨٠
مقالات محدثين وإنما أيض ا لدى ملوك الدولة المغربية على امتداد تاريخها الطويل وال يتسع المجال هنا الستعراض ما أورده كل هؤالء بخصوص هذا المصطلح بما يحمله من دالالت عميقة وجليلة (١ ( غير أن هذا ال يمنعنا من محاولة بسط هذا المفهوم بنوع من االختصار والتركيز. وعليه فأول ما يطالعنا في هذا الباب ما تعنيه هذه الخطة من: أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن (٢ ( ولمزيد من التوضيح والتدقيق حسبنا ما المنكر إذا ظهر فعله جاء في تعريف أحمد المجيلدي حيث قال: "ا علم أن الحسبة من أعظم الخطط الدينية وهي بين خطة القضاء وخطة الشرطة جامعة بين نظر شرعي ديني وزجر سياسي سلطاني فلعموم مصلحتها وعظيم منفعتها تولى أمرها الخلفاء الراشدون واألمراء المهتدون لم يوكلوا أمرها إلى غيرهم مع ما كانوا فيه من شغل (٣) الجهاد وتجهيز الجيوش للمكافحة والجالد". هذا وقد بلغ من أهميتها في عصر الدولة العلوية ومنذ عهد السلطان موالي إسماعيل أن "انتدب المحتسب في مدينة مكناس لإلشراف على أخطر صناعة في الدولة الشريفة وهي صناعة وال غرو فإن البارود نيابة عن السلطة المخزنية الحكومية". (٤) الجهة التي تصدر قرار تعيين المحتسب والشروط المتحكمة في ذلك واآلداب التي يتعين على المحتسب التحلي بها جديرة ألن تبوئه تلك المكانة السامقة وهذا ما سنتعرف عليه في سياق هذا المقال. ٢/١- في تعريف النشاط الحرفي: يحيل هذا التعبير على مجموع االنشطة الصناعية والحرفية بتعدد مناحيها وتنوع سبلها واختالف أغراضها لدرجة يصعب استقصاؤها وحصرها في إطار مستوعب فهي تعبير جامع كثيف التركيز فيما يدل عليه. وبقدر ما تشير إليه من معالم اقتصادية واجتماعية ميزت المغرب خالل فترة الدراسة بقدر ما تعكس بعض مالمحه الثقافية والفكرية والفنية. وبالجملة فإنها تدخل ضمن دائرة االبداع اإلنساني الذي يستحق كل الرعاية ضمانا الستمرارية اشعاعه وتحقيق ا لوظيفته التي تجمع بين أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وفنية وتربوية. ولعل الخاصية التي ميزت هذه االنشطة كونها يدوية في الغالب األعم منها ما ارتبط بمعايش الناس بشكل مباشر خاصة الصناعات الحرفية النفعية كالنسيج والدباغة والخرازة والرحوية ومنها ما اكتسى طابعا فنيا كالتزيين والزخرفة ثم منها ما أخذ طابع ا خدماتي ا كالنقل والفندقة والوراقة. ٢- يف طريقة ورشوط تعيني المحتسب عن المنكر المرعى بالهمل (موضوع الحسبة) لو أطلق لكل واحد وسوغ له الختلط نفسه فيما ليس له الدخول فيه وظن كل واحد من نفسه أنه أهل لذلك فأدخل وترتب على ذلك من المفاسد أكثر مما أريد تغييره ولذا قال العلماء: األمر بالمعروف والنهي عن المنكر له شروط ال يقدم عليه إال بعد توفرها فلهذا قصر الملوك واألمراء خطة الحسبة على شخص متأهل لها ولم يتركها لسائر (٦) الناس". ت رى ما هي هذه الشروط التي تجعل من الفرد أهال ألن يتقلد هذا المنصب لما ينطوي عليه من مسؤولية جسيمة أمام العباد وأمام رب العباد يمكن التمييز بهذا الخصوص بين شروط عامة وأخرى خاصة ملزمة فأما العامة فتتمثل فيما يلي: أن يكون ذكر ا ومسلم ا وبالغ ا (٧ (. وأما الشروط الخاصة فإنها تتلخص في جملة من اآلداب يستحيل بدونها النهوض بأعباء وظيفة الحسبة وبهذا يجب على من ولي النظر فيها أن يكون "فقيه ا في الدين قائم ا مع الحق نزيه النفس عالي الهمة معلوم العدالة ذا أناة وحلم وتيقظ وفهم عارف ا بجزيئات األمور وسياسة الجمهور ال يستخفه طمع وال تلحقه هوادة وال تأخذه في الله لومة الئم مع مهابة تمنع من اإلذالل عليه وترهب الجاني لديه". (٨) وليس ثمة شك في أن طبيعة المهام المنوطة بهذه الخطة هي التي فرضت هذا النوع من الشروط فما هي أهم االختصاصات المنبثقة عن هذه الوظيفة الدينية ٣- يف مهام المحتسب ومراقبته للحرف كثيرة هي المهام التي أنيطت بالمحتسب إلى درجة يصعب حصرها ومرجع ذلك باألساس إلى ما يترتب عن مفهوم خطة الحسبة من التزامات ومقتضيات فاألمر بالمعروف والنهي عن المنكر يطال مجاالت الحياة باختالف موضوعاتها وتبع ا لذلك تعددت وتفرعت اختصاصات صاحب الحسبة من اإلشراف على أخطر صناعة في الدولة العلوية وهي صناعة البارود إلى معاقبة م ن يدخل الحمام بدون مئزر بيد أننا سنركز في حديثنا عن هذه المسألة على ما له عالقة بالحرف تحديد ا. ولعل القاعدة التي كانت تؤطر عمل المحتسب في جميع األحوال هي: "أن يحتسب في كل ما يراه مصلحة للمسلمين وأن ينظر في جميع األمور الجليلة والحقيرة" (٩ ( تحقيق ا لمبدأ "رفع الضرر على المسلمين". (١٠) يمكن القول إذن إن مهام المحتسب تشمل ما يلي: النظر "في المنكرات العامة في األسواق من غش وتدليس ومماطلة ومشاجرة وفي المساجد وما يحصل لها من امتهان (١١) وعدم قيام بحق أئمتها ومؤذنيها ومدرسيها ونحو ذلك". يتم تعيين المحتسب بواسطة ظهير سلطاني بعد أن يتم ( ٥) اختياره من بين التجار والحرفيين األكثر ثراء وتجربة ونزاهة ألن المصلحة العامة اقتضت ذلك "وألن األمر بالمعروف والنهي النظر "في منكرات الحمامات وحانات الدخان ومجامع (١٢) السفهاء والمجاهرين بها في األسواق والشوارع". ٨١
مقالات السهر على أن يسود شيء من االستقرار على أسعار الصرف (١٣) من خالل تسعير المواد الضرورية. النظر في الحرف والصنائع وأصحابها ومنتجاتهم. (١٤) النظر في القضايا التي ترفع إليه والتحكيم بين المتنازعين وإصدار األوامر لمعاقبة الغشاشين في كل حرفة. (١٥) هذا وتظل مهمة مراقبة الحرف والصنائع ضمن أبرز وأخطر المهام التي تتطلب قدر ا عالي ا من اليقظة والفطنة درء لما قد يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة نتيجة غفلة المحتسب عن هذا الدور. وبذا فقد كان لزام ا عليه أن يقوم بجوالت كل يوم يتفقد ويراقب فيها أهل الحرف ففي رباط الفتح مثال كان المحتسب الجياللي العدالني "يدخل إلى الدكاكين ويتذوق طعم السمن والعسل والخبز واإلسفنج وكان يمشي أمامه عونان واحد يحمل العصي واآلخر يحمل أزفل (السوط) فإذا ألقى غشا قبض على (١٦) الغشاش وأمر بتمغيطه على األرض وجلده جهار ا". وفي مدينة فاس كان المحتسب هو الذي "يلي البحث في مناسج الدرازين والحرارين ويمنع م ن يحدث دخوال وإفراغ ا في النسيج أو نقصان ا في الحايك...". (١٧) فهذا: محتسب وجد حمل حطب فوق حمار واقفا في مذهب وربه يفطر في حانوت وقف حتى تم في ثبوت حمله طاقته واوقفا حماره كذاك حتى علفا (١٨) بهذا النوع من المراقبة والصرامة التي وفرت الحماية حتى للحيوان كان المحتسب يحول إلى حد كبير دون استفحال ظاهرة التجاوزات التي تصدر عن الحرفيين ومع ذلك ال بد من اإلشارة إلى الدور الحاسم الذي كان يضطلع به السلطان نفسه من خالل تدخالته العديدة لزجر المتالعبين بمصالح المسلمين ومن ذلك مثال : أن موالي إسماعيل كان "يراقب بنفسه صناعة الخبز...يأخذ عينات من أفران متعددة فإذا وجدها من نوعية رديئة أودون الوزن الذي ينص عليه القانون ضرب رقبة صاحب المخبزة عقاب ا له وكان يتخذ نفس اإلجراء مع تجار الفواكه غير أن المحتسب هو الذي كان يتعرض لعقوبة اإلعدام أو يفقد وظيفته وأمالكه إذا. ( ١٩) كانت نوعية البضائع رديئة..." وإذا كانت غفلة المحتسب عن مراقبة الحرف والصنائع تكلفه حياته في بعض األحيان فألن تفريطه فيما أسند إليه تنتج عنه عواقب جسيمة ترتبط بمعايش الناس ومنها بالخصوص المواد الغذائية لهذا ال نستغرب في طريقة معاقبة أهل الجرائم في هذا الباب إذ لما علم العاهل موالي إسماعيل بفعلة طحاني مدينة مكناس الذين عمدوا إلى مزج الدقيق بالجير "أحضر في الحين أمين الحنطة مع باقي الطحانين فاعترفوا بجريمتهم الشنعاء بعد تهديدهم باإلعدام...(و) أمر السلطان بجرجرتهم بواسطة البغال عبر المدينة البعض منهم ألنهم مذنبون والبعض اآلخر ألنهم لم يظهر من هذا النص حضور شخصية األمين وهو يبلغوا بهم". (٢٠) أمر طبيعي ألن من جملة اختصاصاته مراقبة جودة اإلنتاج الحرفي. والظاهر أن غفلة المحتسب لم ترتبط بالمجال المذكور فقط بل نجد لها أثر ا كذلك في بعض الصنائع كقطاع النسيج وسك النقود جاء عند صاحب نشر المثاني حول عاقبة غفلة المحتسب الطيب الريحاني عن مراقبة مناسج الدرازين والحدادين بفاس قوله: "... فأحدث الحرارون الفراغ في المناسج...وأحدث الدرازون الدخول في المناسج... فإذا نسج الحايك تجد طرفه في غاية الحسن... وصحة ورطوبة وبياضا ووسطه مثل الشبكة وكان الحجاج يشترون تلك الثياب ويبيعونها في طريقهم إلى طرابلس وفي أعمالها ويحملون الدراهم والدنانير ويشترون ما يتقوتون به في الطريق فظهر النحاس في طرابلس في الدنانير والدراهم العام بعد العام وصارت الثياب تتقطع في وسطها فشكا عامة الناس ما نزل بهم إلى التركي والي طرابلس وأعمالها فأراد القبض على الحجاج فكلمه في ذلك بعض فقهاء طرابلس وقال له: الحجاج لم يصنعوا الثياب بأيديهم وإنما هم اشتروها ممن صنعها والدنانير والدراهم المنحسة ليسوا هم الذين ضربوها وإنما قبضوها في أمتعتهم فاعلم سلطانهم بذلك فترك الحجاج وكتب رسالة تضمنت خبر ذلك إلى أمير المؤمنين موالنا عبد الله". (٢١) وبعد وصول الرسالة المذكورة "قرئت على العموم بفاس فاجتمع فقهاء المدينة وأمروا بتغيير المنكر وعقاب الغشاشين وتحطيم الطرازات (٢٢) الفاسدة وتعقب المكلف بضرب السكة". يتضح من النص أعاله جسامة الموقف حيث كادت غفلة المحتسب أن تؤدي إلى إفساد عالقة المغرب مع غيره من الدول التي تربطه معها عالئق دبلوماسية وتجارية هامة والحري بالذكر أن ما حدث كان خالل فترة أزمة الثالثين سنة بما انطوت عليه من فوضى واضطرابات وما خلفته من انعكاسات على األنشطة االقتصادية وبذا يمكن القول: إنه بقدر ما يهيب االستقرار بالتجار والحرفيين على إنماء تجارتهم وصناعتهم مع الحفاظ على الجودة وسالمة المعامالت يشجع اختالل األمن على ظهور وانتشار تجاوزات الحرفيين بحدة أكثر. وقبل التعرف على نماذج من هذه التجاوزات ال بد من اإلشارة إلى أن المحتسب في مقابل وظائفه المهنية كان يحصل من األحباس على راتب شهري فمن ذلك مثال: أجرة محتسب تطوان التي حددها السلطان موالي (٢٣) سليمان بتسعة مثقال في الشهر وهو األمر الذي يناقض زعم ٨٢
مقالات الكتابات االستعمارية حيث لم تكن ترى أن المخزن يؤاجر المحتسب على وظيفته ففسرت بذلك تجاوزه في اقتطاع مبالغ مالية من مختلف الطوائف الحرفية. (٢٤) ٤ -يف ذكر جتاوزات بعض احلرفيني ومأسلة التحكيم عرفت الحياة الصناعية خالل فترة الدراسة تجاوزات بعض الحرفيين الذين ال يرون إال مصلحتهم ويستهترون بالمصالح العامة والقواعد واإلجراءات التي تنظم الطوائف الحرفية رغم صرامة القواعد الفقهية واإلجراءات الرسمية التي تتراوح بين (٢٥) التهديد والزجر والطرد من المهنة (٢٦ ( بل واإلعدام أحيانا أخرى كما مر بنا مع السلطان موالي إسماعيل. على أن استعراض كل التجاوزات التي عرفتها فترة الدراسة ليس هو المراد ألن ذلك يكاد يشكل في تقديرنا موضوعا قائما بذاته وعليه سنكتفي بمحاولة إعطاء بعض النماذج التي تقربنا من حقيقة هذه الظاهرة التي لم تسلم منها غالبية الطوائف الحرفية. فما المقصود إذن بتلك التجاوزات وما هي الجهات المسؤولة عن محاكمة م ن يكون وراءها وإلى أي مدى كانت قضية التحكيم تحد من خطورة وانتشار تلك الظاهرة نقصد بتجاوزات بعض الحرفيين مجموع المخالفات التي يقترفونها من تزوير وتدليس وتحريف (...) يمكن اختزالها في عبارة جرائم الغش. ومن األمثلة على ذلك: ما تغش به صناعة األطعمة ويطلعنا صاحب األقنوم عن هذه الظاهرة تحت عناوين منها: "ما يغش به الحوت " و "ما يغش به اإلسفنج والجبن" ثم "عمل الكعك وما يغش به" (٢٧ ( فضال عن صناعة الخبز التي حظيت على عهد موالي إسماعيل بمراقبته لها شخصي ا وإنزاله أقسى العقوبات في حق الذين نقصوا من الوزن القانوني المعمول به في هذه الصنعة والذين خلطوا الدقيق مع الجير (٢٨ ( كما قد يبيع أحدهم بسعر مرتفع (٢٩ ( وفي حالة ثبوت ذلك على أحدهم يلقى عقوبة صارمة حيث يطاف به في أرجاء المدينة وتنهال عليه (٣٠) الضربات واألحجار. ومن نماذج التجاوز أيض ا أولئك الذين يغشون في الكيل والميزان وبخاصة الجزارين وبائعي الزيت والسمن وغالب ا ما تكون األحكام في حق هؤالء قاسية لبشاعة الجرم الذي يرتكبونه حيث "يأمر (المحتسب) بأن يعلق في عنقهم قطعة من سلعتهم وبعد أن يجرد المجرم من الثياب إال من السراويل يسير مكتوف اليدين إلى ظهره متبوع بجالد يطوفه عبر أزقة المدينة وهو يعلن عن جريمته في جميع مفترقات الطرق واألزقة التجارية الهامة وينهال على كتفه بعدة ضربات من عصي شجر الرمان والسفرجل أو بأسواط من الجلد ثم يأتي به إلى الحاكم (المحتسب) فيرسل إلى مصادرة كل ما في دكانه لفائدة الملك ويزج به في السجن حيث يمكث ثالثة أشهر أو أربعة حسب إرادة القاضي ال يسمح له بالخروج إال بعد أداء غرامة هامة... وال شك أنه عقاب حسن يردع اآلخرين عن خداع الجمهور". (٣١) وإذا كانت المخالفات المذكورة وما يماثلها يرجع فيها التحكيم إلى المحتسب بالدرجة األولى ثم إلى األمين وفي بعض فإن هناك نوع ا من التجاوزات األحيان إلى الحرفيين أنفسهم (٣٢) التي يتدخل فيها السلطان فيعطي تعليماته بناء على الفتاوى التي تصدر عن هيئة العلماء إزاء نازلة معينة أو بناء على تقارير ترفع إليه من طرف من قلد النظر في أحوال أهل الحرف والصنائع ونادر ا ما تأخذ تلك التوجيهات السلطانية شكل مرسوم توضح فيه قرارات السلطان واإلجراءات التي يجب اتخاذها ضد المخالفين. هذا وتطلعنا دراسة حديثة عن أوضح وأقدم وثيقة تشخص التجاوزات التي كان وراءها مجموعة من ذوي النفوذ بمدينة فاس حيث عمدوا إلى إحدى السواقي التي يمر منها الماء فأحدث بعضهم فرطة وبعضهم اآلخر قادوسا ومشارب وكان غرضهم من كل ذلك استغالل المياه لفائدتهم الخاصة على حساب الجمهور. (٣٣) ويبدو أن قضية التجاوزات طالت جوانب كثيرة منها ما يرتبط مباشرة بالحقل الحرفي ومنها مجاالت أخرى مارست تأثيرها على القطاع المذكور. ومن الميادين الحيوية التي لم تسلم من التجاوزات: مجال سك النقود وظهر ذلك على وجه الخصوص خالل فترة األزمة وانعدام االستقرار فلوحظ ذلك مع بداية الدولة العلوية غير أن العاهل موالي رشيد تدخل شخصي ا بعد تفرغه للنظر في أحوال المسلمين فوضع حدا لظاهرة الغش التي عرفتها العملة المغربية عن طريق الضرب على أيدي المتالعبين بها (٣٤ ( كما تجدد ظهورها في أواخر عهد موالي وتغريق ذمتهم إسماعيل وما بعده. (٣٥) ومهما كان األمر فإن الحضور القوي للمحتسب في الحياة االقتصادية كان هو الطابع الغالب خالل فترة الدراسة مما أسهم في دعم تنافسية القطاعات االنتاجية بما في ذلك القطاع الحرفي. خ امت ة يمكن تسجيل أهم خالصات واستنتاجات هذه الدراسة في جملة النقاط التالية: اختص ملوك الدولة العلوية على امتداد فترة الدراسة بجميع القضايا المتعلقة بالمحتسبين سواء من حيث التعيين أو التوجيه أو المراقبة لما يحمله اصطالح الحسبة من أبعاد تربوية وإصالحية هامة إضافة إلى االختصاصات المنبثقة عن مدلوله المهني. يمكن اعتبار الحقل الحرفي في تداخله بالمجال التجاري أول وأخطر ميدان يشغل اهتمامات المحتسب وإذا كنا ال نستطيع إنكار جهود صاحب الحسبة في السهر والنهوض بهذا القطاع فثمة بعض القضايا السلبية التي شهدتها الحياة الحرفية وكان من أهم األسباب في ظهورها غفلة المحتسب عن دوره. ٨٣
مقالات : اضطلع المخزن العلوي بدور تكميلي فيما يرتبط بمراقبة الحرف ومحاكمة الغشاشين في الوقت الذي ظهر فيه عجز اله وام ش (١) المحتسب عن متابعة جميع مهامه ليس فقط ألنه كان يغفل عن رسالته في بعض األحيان وإنما أيض ا لضعف سلطته أمام بعض التجاوزات التي كان بمقدور المخزن التصدي لها كلما استتب االمن واالستقرار أما في حالة االنفالت وضعف الجهاز المخزني فإن الباب غالب ا ما يفتح على مصراعيه أمام تخلفت آثار عديدة حول موضوع الحسبة عبر تاريخها الطويل نذكر من ذلك ما يأتي: -أبي الحسن الماوردي: األحكام السلطانية والواليات الدينية مكتبة الحلبي القاهرة ١٩٦٦.- أحمد بن عبد الحليم بن تيمية: الحسبة في اإلسالم تحقيق صالح عزام دار الشعب القاهرة ١٩٧٦.- محمد بن األخوة بن أحمد القرشي: معالم القربة في المخالفين الرتكاب أبشع الجرائم وهذا ما حدث خالل فترة أزمة الثالثين سنة مباشرة بعد وفاة السلطان موالي اسماعيل سنة ١٧٢٧ م. تفاوتت خطورة التجاوزات التي عرفتها الحياة الحرفية ونظر ا النعكاساتها المباشرة على معايش الناس كانت قضية التحكيم تستجيب لضرورة التدخل لوضع حد لكل تالعب بالمصالح العامة عن طريق عقاب المتجاوزين بعقوبات شملت الجلد والتشهير والحبس والغرامة والطرد من المهنة والنفي. (٣٦) أسهم الحضور القوي للحسبة في الحياة الحرفية في دفع الحرفيين والصناع لرعاية إنتاجهم من كل أصناف الغش أما حاالت التجاوزات التي سجلت خالل فترة الدراسة فليس لها اعتبار كبير كونها ال تطفو على السطح سوى في فترات االزمة. أهمية إعادة االعتبار للمضامين االخالقية والحضارية التي تنطوي عليها خطة الحسبة عوض االبقاء عليها كجهاز أو مكتب في إدارة مجرد من الصالحيات الحقيقية. أحكام الحسبة تحقيق: محمد شعبان وصديق أحمد المطيعي الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ١٩٧٦.- عبد الرحمان بن نصر الشيزري: نهاية الرتبة في طلب الحسبة تحقيق: السيد الباز العريني دار الثقافة بيروت ن ط ١٩٨١.- ٢ ليفي بروفنسال: ثالث رسائل أندلسية في آداب الحسبة والمحتسبين مطبعة المعهد العلمي الفرنسي لآلثار الشرقية القاهرة ١٩٥٥.- أحمد بن سعيد المجيلدي: التيسير في أحكام التسعير تقديم وتحقيق موسى لقبال الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ) د.ت).- عبد الرحمان أبوزيد بن عبد القادر الفاسي: األقنوم في مبادئ العلوم مخطوط خ.س ٦٥٨٥.- عبد السالم الناصري السالوي: التمييز والفرق بين موضوع خطة القضاء وخطة الوالية وخطة الحسبة مخطوط خ.ع D٢٢٩٥. (٢) أبي الحسن الماوردي: األحكام السلطانية والواليات الدينية مصدر سابق ص: ٢٤. (٣) أحمد بن سعيد المجيلدي: التيسير في أحكام التسعير مصدر سابق ص: ٤٢. (٤) المرجع نفسه ص: ٦. (5) L. Mercier: "L`administration Marocaine a Rabat" A.M, V. VII 1906, PP: 392-393. (٦) عبد السالم الناصري السالوي: التمييز والفرق بين موضوع خطة القضاء وخطة الوالية وخطة الحسبة مصدر سابق ص: ٨. (٧) انظر: التيسير في أحكام التسعير مصدر سابق ص: ٤٢ وما بعدها شوقي أبو خليل: الحضارة العربية اإلسالمية كلية الدعوة (٨) اإلسالمية طرابلس ١٩٨٧ ص: ١٦٧. (٩) أحمد بن سعيد المجيلدي: مصدر سابق ص: ٤٤. (١٠) المصدر نفسه ص: ٧٢. (١١) يمكن الرجوع أيض ا إلى: مصطفى بوشعراء: االستيطان والحماية بالمغرب (١٨٦٣-١٨٩٤ ط) ١ المطبعة الملكية الرباط ٢٦٥. ١: ١٩٨٤ (١٢) المصدر السابق ص: ٨. روجي لوتورنو: فاس قبل الحماية ترجمة محمد حجي_ محمد (١٣) األخضر دار الغرب اإلسالمي بيروت ١٩٨٦ ١ : ٤٢٦. -Mercier (L.): L`administration..., op. cit, P: 393. (١٤) محمد داوود: "من قضاة تطوان وعدولها ووثائقها في القرنين ١٠ و ١١ ه" مجلة تطوان ع/ ٢ ١٩٥٧ دار كريماديس للطباعة تطوان ص: ٨٣. (١٥) مصطفى بوشعراء: االستيطان والحماية بالمغرب مرجع سابق ١:.٢٦٨ (١٦) المرجع نفسه.٢٦٨ :١ (١٧) محمد بن الطيب القادري: نشر المثاني ألهل القرن الحادي عشر والثاني عشر تحقيق: محمد حجي _أحمد توفيق مكتبة الطالب الرباط.١٠٦ :٤ ١٩٨٦ ٨٤
د( ص ) مقالات (١٨) عبد الرحمان بن عبد القادر الفاسي: األقنوم في مبادئ العلوم مصدر سابق ورقة: ٢٢٨ أ/. جوزف دي ليون نقال عن محمد األمين البزاز: تاريخ األوبئة (١٩) والمجاعات في المغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ١٩٩٢ ص: ٣٦٥. (٢٠) المرجع نفسه ص: ٣٦٦. (٢١) محمد بن الطيب القادري: نشر المثاني مصدر سابق ١٠٦-١٠٧. ٤: (٢٢) مصطفى بوشعراء: االستيطان والحماية بالمغرب مرجع سابق ٢٧٠ ١: (٢٣) انظر: محمد داود: تاريخ تطوان المطبعة الملكية الرباط ٤١. ٨: (24) Eugène Aubin: le Maroc d`aujourd`hui, Paris 1905, P: 304. (٢٥) عبد الرحمان ملولي إدريسي: النسق المائي لمدينة فاس الى نهاية القرن ( ١٣ ه/ ١٩) دراسة تاريخية ميدانية وثائقية (د.د.ع كلية اآلداب فاس ١٩٩٨ ).٣٣٦ :٢ (٢٦) انظر: االستيطان والحماية بالمغرب مرجع سابق ٢٣٥ ١: (٢٧) عبد الرحمان بن عبد القادر الفاسي: األقنوم في مبادئ العلوم مصدر سابق الورقتان: ٢٢٤ /ب ٢٢٥ أ/. (٢٨) إدريس أبو إدريس: المغرب في النصف األول من القرن ١٨.د.ع.٧٤-٧٣ : كلية اآلداب فاس ١٩٨٧ (٢٩) راجع حول مسألة: "رفع سعر الواحد واالثنين لسعر الجماعة" عند أحمد بن سعيد المجيلدي: التيسير في أحكام التسعير.. مصدر سابق ص: ٦١ وما بعدها. (30) D. Busnot: Histoire du règne de Moulay Ismail, Rouen 1731, P:155. (٣١) ج. مويط: رحلة األسير مويط ترجمه إلى العربية: محمد حجي محمد األخضر مركز الدراسات والبحوث العلوية الريصاني دار المناهل للطباعة والنشر ١٩٩٠ ص : ١٢٧-١٢٨. (٣٢) انظر: االستيطان والحماية بالمغرب مرجع سابق ٢٣٥. ١: (٣٣) حول تفاصيل وتوضيحات المخالفات المذكورة انظر: عبد الرحمان ملولي إدريسي: النسق المائي بمدينة فاس.. مرجع سابق ٤٦٩. ٣: (٣٤) محمد الكردودي (ت. ١٢٦٨ ه/ ١٨٥٢ ): الدر المنضد الفاخر بما ألنباء موالنا علي الشريف من المحاسن والمفاخر مخطوط خ.س ١١٦٧٦ ورقة ٢٩ أ/. (٣٥) لمزيد من التفصيل يمكن العودة إلى مقالتنا: نموذج لظاهرة الغش في الحرف والصنائع المخزنية خالل النصف األول من القرن ١٨ م دورية العدد ٢٠١٢ ١٨ ص: ٨٥-٨١. (٣٦) ورد مثل هذا الكالم عند جواد الغماري: جرائم الغش في البضائع دراسة-شرح-نصوص مطبعة النجاح الجديدة ط. ٢. ٢٠٠٢ ص: -٤١. ٤٠ وهذا صاحب األقنوم يعرض بطريقته الخاصة جانبا من العقوبات التي تنفذ في حق الغشاشين بقوله: أيض ا فللمحتسب التمزيق والضرب والطواف بالمضروب والكسر واإلراقة التحريف ويتلف الشيء الذي يعيب عبد الرحمان بن عبد القادر الفاسي ورقة: ٢٢٨ ب/. ٨٥
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات ê ^éšö]è ^jö] ínè ]íéné ]çúçòíó Û¹ مدرس التاريخ القديم المساعد كلية الا داب جامعة دمنهور جمهورية مصر العربية < << يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على التاريخ السياسي لمملكة كوموخ منذ القرن التاسع ق.م وحتى سقوطها على أيدي اآلشوريين في عام ٧٠٨ ق.م حيث يعد محاولة لفهم طبيعية العالقات السياسية والعسكرية التي سادت بين مملكة كوموخ والدويالت الحيثية األخرى كما يهدف في الوقت ذاته إلى رصد عالقة مملكة كوموخ بالقوى الكبرى المجاورة السيما آشور حيث تبين من البحث أن كوموخ قد سلكت مسلك ا رمي إلى مهادنة اآلشوريين في سياستها الخارجية فبقيت بمعزل عن كثير من المحن وجنت فوائد التجارة كما كسبت بهذه السياسة الدعم العسكري اآلشوري في صراعاتها اإلقليمية مع الدويالت الحيثية المجاورة ويستدل على ذلك من قيام الملك اآلشوري أداد نيراري الثالث في عام ٨٠٥ ق.م بترسيم الحدود بين مملكتي كوموخ وجورجوم لصالح كوموخ في عهد ملكها شوبيلوليوما وتكرر الشيء نفسه في عام ٧٧٣ ق.م على يد الملك اآلشوري شلمنصر الرابع. وفي المقابل كان التحالف اآلشوري مع كوموخ في غاية األهمية أيض ا بالنسبة لآلشوريين ويعزي ذلك إلى سيطرة كوموخ على مخاضة بازارجيك حيث اتاحت لآلشوريين الوصول إلى الطرق الشمالية الغربية نحو جورجوم وجبال طوروس الغنية بالموارد المعدنية زد على ذلك أن التحالف مع كوموخ كان بمثابة كبح جماح لقوة كركميش حيث أصبحت األخيرة بين الحليف اآلشوري في الشمال والحضور العسكري اآلشوري في تل برسيب في الجنوب. ثم ما لبث أن تغيرت األوضاع اإلقليمية بعد نجاح الملك األورارتي ساردوري الثاني في فرض السيادة األورارتية على مملكة كوموخ في عام ٧٤٦ ق.م غير أن الملك اآلشوري تجالت بالسر الثالث سرعان ما استعاد سيادة بالده على كوموخ وذلك بعدما تمكن من هزيمة األورارتيين في كشتان في عام ٧٤٣ ق.م وبموجب هذه الهزيمة استردت كوموخ صفتها بوصفها العميل اآلشوري المفضل لدرجة أن سرجون الثاني أضاف إلي حاكمها موتاللي مملكة ميليد- عندما تم تقطيع أوصالها على أيدي اآلشوريين في عام ٧١٢ ق.م- كما منحه بعض أراضي سمعال بيد أن هذه التبعية انتهت فجأة وبصورة وحشية وذلك عندما امتنع موتاللي عن دفع الجزية لآلشوريين وأرتمى في أحضان األورارتيين األمر الذي دفع سرجون الثاني لإلطاحة بموتاللي وتحويل كوموخ إلى مقاطعة آشورية في عام ٧٠٨ ق.م. تاريخ استلام البحث: تاريخ قبول النشر: ١٠ يونيو ٢٠١٦ ٢٧ نوفمبر ٢٠١٦ مملكة كوموخ الدولة الا شورية عصر الحديد الدولة الحيثية DOI 10.12816/0045091 محمد رشاد جبر المقدم "التاريخ السياسي لمملكة كوموخ الحيثية الحديثة".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٨٦ ٩٦. م ق د م ة تشغل مملكة كوموخ في الوقت الحاضر مدينة أديامان (١ ( وكان يحدها من الشمال مملكة الواقعة في جنوب شرق تركيا. ميليد في حين حدها من الجنوب مملكة كركميش ومن الغرب مملكة جورجوم الحيثية حيث كانت هناك حدود مشتركة بين كوموخ وجورجوم عند بازارجيك وربما كان يحدها من الغرب أيض ا مملكة سمعأل وأرباد (٢ ( ومن الشرق نهر الفرات وبذلك تكون المملكة قد سيطرت على امتداد ال ي ستهان به على طول الضفة (٣) الغربية لنهر الفرات. هذا وتذكر لنا المصادر المحلية واألجنبية المعاصرة بعض المدن التي تتألف منها مملكة كوموخ حيث ذكرت المصادر المحلية المدن النهرية التي تعرف باسم ساريتا (Sarita) ٨٦
دراسات وسوكيتا (Sukita) في حين ذ كرت أويتا (Uita) وݕاراال (Parala) وحلبا (Halpa) من قبل سارودوري الثاني ملك أورارتو -٧٥٦) ٧٣٠ ق.م) بينما ذ كرت خلبا وكشتان من قبل تجالت بالسر الثالث ( ٧٢٧-٧٤٥ ق.م) ولم يتم تحديد موقع أي منهما بشكل قاطع حتى (٤) اآلن. هناك م ن يرى أن كوموخ ت حدد بمدينة كوموها (Kummaha) المذكورة في النصوص الحيثية التي ترجع إلى العصر الحيثي الوسيط (١٤٥٠-١٣٥٠ ق.م) السيما وأن االرتباط الالحق مع ألذي (Alzi) وباخوا (Paḫḫuwa) ٥) ( وإيشوا (Išuwa) ٦) ( يجعل من التحديد أمر ا مقبوال وي دعم هذه الفرضية أيض ا اإلشارات اآلشورية التي تعود إلى عهد توكلتي نينورتا األول (١٢٤٤-١٢٠٨ ق.م) والتي تظهر فيها أرض كوموخ عوض ا عن مدينة ألذي المعتادة وهذا يعني ببساطة إنها كانت معروفة لآلشوريين زمن اإلمبراطورية في حين ذ كرت كوموخ في العصر اآلشوري الحديث الحيثية. (٧) بصيغة (KUR/URU) kum/ku( um) muḫ/mu( uḫ) ḫa/ḫi بينما جاءت في المصادر األورارتية بصيغة كوموها KUR) qu (ma ḫa وهي الصيغة التي ت طلق عليها في المصادر المحلية أما في النصوص البابلية فقد ورد اسمها بصيغة كيموخي( Kimuḫi ) (٨) وفي العصرين اليوناني والروماني ع رفت المملكة باسم كوماجين (٩).(Commagene) أما عاصمة المملكة فكانت ت عرف أيض ا باسم كوموخ والتي ت حدد في العصرين اليوناني والروماني بمدينة (Samosata) وينبغي عدم االلتباس ساموساتا Samsat) سمسات المعاصرة). (١٠) بين كوموخ وكومي (Kumme) الواقعة بالقرب من زاخو (Zakho) المعاصرة كما ينبغي أيض ا عدم الخلط بينها وبين كتموخي (Katmuhu) الواقعة على الضفة الغربية لنهر دجلة بالقرب من (١١) سهل سيزر. ملوك مملكة كوموخ يف الفرتة احليثية احلديثة ليس هناك شيء معروف عن كوموخ في عصر البرونز المتأخر (١٥٥٠-١٢٠٠ ق.م) سوى أن موقعها بين األراضي الحيثية والميتانية في النصف األول من هذه الفترة البد أنه أعطاها بعض األهمية وال تبين االستراتيجية في النزاعات السياسية بين المملكتين. (١٢) األدلة األثرية أو النصية بشكل قاطع ما إذا كانت المملكة قد (١٣) تأسست في بداية عصر الحديد أم ال (١٤ ( حيث جاءت اإلشارات األولى لكوموخ بوصفها مملكة في السجالت اآلشورية التي تعود إلى عام ٨٦٦ (١٥) ق.م. لكن من المحتمل أن تاريخها بدأ كمملكة فرعية تابعة لكركميش حيث كانت كركميش تستحوذ على المنطقة الممتدة من إيمار في الجنوب وحتى مالطية في الشمال أثناء حكم كوزي تيشوب في بدايات القرن الثاني عشر ق.م وبالتالي كانت تشكل جزء ا من مملكة كركميش خالل هذا العهد واستمرت تابعة لمملكة كركميش حتى انفصلت عنها في بداية (١٦) القرن التاسع ق.م. والجدير ذكره أن أربعة من ملوك كوموخ الستة حملوا األسماء نفسها التي كان يحملها الملوك الحيثيون في عصر البرونز المتأخر لذا فهناك م ن يفترض أن الملك المعروف باسم تودهاليا في نقش كيليكلي (١٧) (Kelekli) والذي تزوج من ابنة ملك كركميش هو أحد حكام كوموخ وإذ كان الحال على هذا النحو فال غرو أن أقرر بأن تاريخ كوموخ - كمملكة مستقلة - بدأ في القرن العاشر ق.م وليس القرن التاسع ق.م حيث نقش كيليكلي يعود إلى القرن العاشر ق.م. وعلى أية حال فيمكن رصد تاريخ كوموخ السياسي من السجالت اآلشورية التي ترجع إلى عام ٨٦٦ وحتى عام ٦٠٥ ق.م ومن حوليات ساردوري الثاني ملك أورارتو ١٨) ( ويمكن تتبع ( ٧٣٠-٧٥٦ ق.م) ومن النقوش الهيروغليفية اللوية حكام كوموخ المعروفين من السجالت اآلشورية واألورارتية والنصوص الهيروغليفية اللوية على النحو التالي: -١ هاتوشييل أو قاتازاييل يف اآلشورية ) ٨٦٦-٨٥٤ ق.م) المصادر ي ع د أول ملوك كوموخ المعروفين في المصادر األجنبية المعاصرة والمحلية على حد سواء وتعود اإلشارات األولى لهذا الملك إلى عام ٨٦٦ ق.م وذلك عندما عبر الملك اآلشوري آشور ناصر بال الثاني (Khuzirina) خوزيرينا ( ٨٥٨-٨٨٣ ق.م) نهر البليخ في طريقه إلى Sultantepe) سلطان تبه الحالية) حيث تلقى اإلتاوة والتبعية من مناطق متعددة بما في ذلك كوموخ في ظل زعامة ملكها هاتوشيلي. وتشير اإلتاوة التي قدمها هاتوشيلي لآلشوريين إلى أن كوموخ كانت ثرية بأخشاب األرز والمعادن السيما الفضة والحديد (١٩ ( وهو ثراء ظل معروف ا عن المنطقة التي كانت قابعة على أرضها مملكة كوموخ حتى عهد قريب غير أن اإلنسان المعاصر بدأ في تقطيع هذه األخشاب واستخدمها كوقود. (٢٠) ولم تتغير سياسة هاتوشيلي تجاه الدولة اآلشورية بمجرد أن اعتلى عرشها ملك جديد بل ظل محافظ ا على والئه للملك اآلشوري الجديد شلمنصر الثالث (٨٥٨-٨٢٤ ق.م) حيث خضع له دون قتال في عام ٨٥٨ ق.م وذلك عندما عبر شلمنصر الثالث نهر الفرات في طريقه إلى Paqirahubuna/ ) باقرخوبونو (٢١) (Paqaraḫubunu وجورجوم. (٢٢) وفي العام التالي قدم للدولة اآلشورية إتاوة من األخشاب والفضة حيث تذكر المصادر اآلشورية أن كوموخ زودت آشور في ذلك العام ب ٢٠ مينا من (٢٣ ( وعالوة على ذلك الفضة إلى جانب (٣٠٠) قطعة من خشب األرز لم تظهر كوموخ أي نشاط معاد لآلشوريين بل على العكس من ذلك كانت لها ميول واضحة نحو سياسة اآلشوريين في المنطقة. (٢٤) ٨٧
دراسات ٢- كونداشيب تولى كونداشبي حكم كوموخ بعد هاتوشيلي ومن غير المعروف عما إذا كان ينتمي إلى أسرة هاتوشيلي أم ال حيث لم ينسب له أية نقوش توضح العالقة بينهما ولكن يمكن القول أنه في حالة عدم وجود وريث للعرش من الدم الملكي فإن السلطة قد تم تمريرها إلى صهر من خارج العائلة المالكة والذي أقر عن طريق (٢٥ ( وكيفما كان األمر فمن المرجح جد ا أن ارتقاءه إلى الزواج منها. العرش حدث في الفترة الممتدة بين عامي (٨٥٧-٨٥٣ تعود اإلشارة األخيرة للملك هاتوشيلي إلى عام ٨٥٧.م حيث ق) ولم ق.م (٢٦) ي ذكر كونداشبي إال في عام ٨٥٣ ق.م وذلك عندما بدأ شلمنصر الثالث تأكيد سيطرته على شمال سوريا من خالل حملة عسكرية لم تكن هي األولى من نوعها بل سبقها عدد من الحمالت األخرى في شمال سوريا وكان من ثمار هذه الحملة أن تلقى الملك اآلشوري الضرائب في مدينته الجديدة آشور- - "أنا اوتر- (٢٧) بما في اصبات" من بعض حكام الدويالت الحيثية الحديثة (٢٨) ذلك حاكم كوموخ المدعو كونداشبي الذي قدم الضرائب له (٢٩) بمحض إرادته. ومن الجلي البين أن كوموخ قد سلكت مسلك ا رمى إلى مهادنة اآلشوريين فبقيت بمعزل عن كثير من المحن وجنت فوائد التجارة وحافظت على استقاللها على عكس عدد من الدويالت الحيثية واآلرامية التي انتهجت سياسة مناهضة للدولة اآلشورية في ذلك الوقت على سبيل المثال ال الحصر بيت عديني التي فقدت استقاللها في عام ٨٥٦ ق.م من جراء سياستها (٣٠) المناهضة للمصالح اآلشورية في المنطقة. وبالمثل كان التحالف اآلشوري مع كوموخ في غاية األهمية أيض ا بالنسبة لآلشوريين وقتذاك ويعزي ذلك إلى سببين أولهما: سيطرة كوموخ على مخاضة بازارجيك حيث اتاحت لآلشوريين الوصول إلى الطرق الشمالية الغربية نحو جورجوم وجبال طوروس الغنية بالموارد المعدنية أما ثانيهما: فهو أن التحالف مع كوموخ كان بمثابة كبح جماح لقوة كركميش حيث أصبحت كركميش بين الحليف اآلشوري في الشمال والحضور العسكري اآلشوري في تل برسيب في الجنوب. (٣١) ٣- شوبيلوليوما أو أوشبيلولوما يف المصادر اآلشورية (٨٠٥-٧٧٣ ق.م) ليس هناك نقوش تشير إلى الفارق الزمني بين نهاية عهد كونداشبي واعتالء شوبيلوليوما للعرش الكوموخي ولكن إذا نمى إلى علم القارئ أن شوبيلوليوما قد شغل عرش كوموخ حتى عام ٧٧٣ ق.م فإن ذلك ربما يشير إلى أن ملك واحد يجب أن يكون قد (٣٢) سبقه على األقل بعد وفاة كونداشبي. وعلى أية حال فقد استمرت كوموخ على والئها لآلشوريين في هذا العهد وي ستدل والتي تشير إلى أن ملك كوموخ على ذلك من مسلة بازارجيك (٣٣) المدعو شوبيلوليوما استدعى الملك اآلشوري أداد نيراري الثالث (٣٤) ووالدته لدعمه ضد أتارشومكي حاكم أرباد وثمانية من حلفائه (٣٥ ( حيث يذكر النص ما يلي: في عام ٨٠٥ ق.م "عندما حمل أوشبيلولوما ملك الكوموخيين أدد-نيراري ملك آشور (و) سميراميس سيدة القصر على عبور الفرات خضت معركة ضارية ضدهم ضد أتارشومكي ابن أدرامو(حاكم) مدينة أرباد فضال عن ثمانية ملوك كانوا معه في مدينة باقاراخوبونو واستوليت على معسكرهم ولكي ينجوا بأرواحهم اختفوا.(و) في هذا العام (ذاته) أقاموا هذا الحد الحجري بين أوشبيلولوما ملك الكوموخيين وقالبارودا (Qalparuda) ابن باالالم (Palalam) ملك (٣٦) الجرجوميين" (٣٧) وهناك نص آخر يؤكد على سيطرته على ملك أرباد: "[بأمر من آشور] حشدت معسكري (ثم) أ[ مرت بالزحف] نحو أرض حاتي. عبرت الفرات أثناء الفيضان (ثم) نزلت [الى.] بونا. أتارشومكي [ابن أدارمو( ) فضال عن] ملوك أرض حاتي الذين تمردوا و [احتفظوا باالتاوة ( ) [ خالل عام واحد أخضعت أرض حاتي (٣٨) برمتها ". وي ع د هذا داللة واضحة على التدخل اآلشوري في الصراع اإلقليمي لصالح الموالين لسياسة اآلشوريين حيث رفض ملك كوموخ في ذلك الوقت االنضمام ألي تحالف مناهض (٣٩) لآلشوريين واختار أن يبقى مخلص ا آلشور فما كان من الملك اآلشوري أداد نيراري الثالث إال أن قام بترسيم الحدود بين كوموخ وجورجوم لصالح كوموخ. (٤٠) ويبدو أن التسوية التي فرضها أداد نيراري الثالث لم تنه هذا الصراع بشكل حاسم وإنما كانت بمثابة ردع مؤقت حيث تدخل شلمنصر الرابع نجل أداد نيراري الثالث مرة ثانية لصالح كوموخ في عام ٧٧٣ ق.م وذلك حينما أرسل التورتان شمشي إيلو إلعادة تأكيد التسوية األولى بعد حملته ضد Hadiani ملك دمشق فقد جاء في المصادر اآلشورية ما يلي: "في أثناء عودتي (من دمشق) منحت هذا الحد الحجري ألوشبيلولوما ملك الكوموخيين". (٤١) ويشير ذلك إلى استنتاج مفاده أن االدعاءات اإلقليمية لمملكة جورجوم لم تتوقف بعد تسوية عام ٨٠٥ ق.م وربما استمرت أيض ا بعد تسوية عام ٧٧٣ ق.م (٤٢) كما يشير في الوقت ذاته إلى أن التورتان شمشي إيلو أظهر دور ا دبلوماسي ا بارز ا حينذاك حيث توضح إعادة ترسيم الحدود بين كوموخ وجورجوم إدراكه أما عن للسياسات المحلية وتأثيرها على المصالح اآلشورية. (٤٣) سياسة شوبيلوليوما الداخلية فليس هناك نقوش تروي أعماله الداخلية سوى النقش الذي ي نسب لزوجته اهتمامها باآللهة أن پاناموواتي والمعابد حيث يخبرنا نقش بوي ب ي بناري. (٤٤) (Panamuwati) زوجة شوبيلوليوما قامت بإنشاء عرش ومنضدة (٤٥) لإللهة كوبابا وربما كان هذا بتشجيع شوبيلوليوما. ورعاية زوجها الملك ٨٨
دراسات ٤- هاتوشييل الثاين اعتلى عرش كوموخ بعد الملك شوبيلوليوما نجله هاتوشيلي الثاني ويظهر ذلك واضح ا في النقش الذي كتبه رجل ي دعى أتايازا وعلى (Atayaza) والذي يصف نفسه بخادم هاتوشيلي. (٤٦) الرغم من قلة النقوش التي ت نسب إلى عهد هذا الملك غير أنها تنفرد بذكر اسم المملكة للمرة األولى في النقوش اللوية الهيروغليفية وعالوة على ذلك تروي هذه النقوش أن مملكة كوموخ كانت تضم مدينتين ت عرفان باسم ساريتا وسوكيتا والتي يمكن تحديد موقعهما بالقرب من مالبينار Malpinar الواقعة عند أما فيما يتعلق بمأثر عهده فلم إلتقاء نهر الفرات بنهر جوكسو. (٤٧) يعثر المنقبون حتى اآلن على أية نقوش تتحدث عن سياسته الداخلية أو الخارجية. ٥- كوشتاشبيىل تولى عرش كوموخ بعد هاتوشيلي الثاني وأ جبر على التخلي عن الدولة اآلشورية واالنضمام إلى ساردوري الثاني ملك أورارتو (٤٨ ( عندما تحركت القوات األورارتية في عام ٧٤٦ أو ٧٤٤ قبل الميالد إلى مملكة كوموخ ونجحت في إحراز نصر عسكري دفع كوشتاشبيلى لإلذعان للملك األورارتي و تقديم فروض الوالء والطاعة (٤٩ ( فقد جاء في النص ما يلي: "لقد خرج المعبود خالدي (في حملة) بسالحه وانتصر على بالد كوماخالخي وأسقطها أمام ساردورى ابن أرجيستي: خالدي قوى أسلحة اإلله خالدي قوية خرج ساردورى ابن أرجيستي (فى حملة). يقول ساردورى: كوشتاشيبلى ملك بالد كوماخا كان مستقال وال أحد من ملوك (أورارتو) كان هناك. يقول ساردورى ابن أرجيستي: تضرعت إلى المعبود خالدي الرب وإلى المعبود تيشبا وإلى كل آلهة بالد بيانائيلى بما أردت فعله في البالد المعادية استمعت اآللهة إلى طلبي و فتحت الطريق أمامي فخرجت (في حملة) ضد بالد كوماخا مدينة أويتا (٥٠ ( المدينة الملكية أخذتها حرب ا استوليت المدينة الملكية الواقعة في منطقة بحيرات على مدينة حلبا (٥١) استوليت على مدينه باراالني. (٥٢ ( جاء كوشتاشبيلي أمامي راكع ا منحته الحياة وأعطى لي جزية من ٤٠ مينا من الذهب النقي ٨٠٠ مينا من الفضة ٣٠٠٠ (قطعة) ثياب و ٢٠٠٠ من األلواح النحاسية (٥٣) و ١٥٣٥ من األوعية النحاسية...". ويالحظ أن النص يتضمن إشارات ذات مغزى تتفق وما نحن بصدد الحديث عنه فهو يشير بوضوح إلى ثراء كوموخ والذي كان حافز ا لألورارتيين للقيام بهذه الحملة كما يمكن للمرء أن يفترض أن هذه الحملة كانت حصيلة سياسة كوموخ الدائمة الموالية آلشور والتي بسببها اضطر كوشتاشبيلى إلي االنضواء تحت لواء الدولة األورارتية (٥٤ ( السيما وأن القائد اآلشوري شمشي (٥٥) إيلو لم ي ح ر ك س اك ن ا أمام الغزاة األورارتيين بسبب حالة الضعف ويرى التي كانت تدب في أوصال الدولة اآلشورية وقتذاك. (٥٦) بعض الباحثين أن سارودرى لم يكن يرمى من وراء هذه الحملة إلى تأسيس حكم عسكري أورارتى في المنطقة وإنما عمد إلى خلق تغيير في التركيبة القبلية والعصبية للمنطقة من خالل السياسة التي ع رفت باسم سياسة التهجير والتوطين القسرية والتي بتطبيقها نجح في تحقيق استفادة اقتصادية كبيرة في تلك المنطقة وبفرض السيطرة األورارتية على كوموخ نجحت أورارتو في فرض سيطرتها على مسافة كبيرة من الطريق التجاري إلى البحر األبيض المتوسط. (٥٧ ( غير أن أورارتو لم تحاول إقامة عناصر التحكم في شمال سوريا بما في ذلك المستوطنات اآلشورية التي ت ركت على حالها والنتيجة المتوقعة لمثل هذه السياسة هي أنه بمجرد أن يرتقي حاكم قوى على عرش آشور فإن ذلك سيدفع (٥٨) ميزان القوى إلى اتجاه مغاير لصالح اآلشوريين. وفي عام ٧٤٥ قبل الميالد ارتقى تجالت بالسر الثالث (٧٤٥-٧٢٧ ق.م) إلى العرش اآلشوري بعد مقتل آشور نيراري الخامس من (٥٩) جراء ثورة القصر وقد عمل الملك على إعادة اإلمبراطورية اآلشورية إلي سابق عهدها ليس فقط لمواكبة المد التوسعي األورارتي وإنما الستعادة تواجدها التاريخي في شمال سوريا السيما كوموخ حيث نظر تجالت بالسر إلى ممالك شمال سوريا وشعوبها على أنها جزء ال يتجزأ من إمبراطورية اآلشوريين. (٦٠) وفي الواقع إن األمر كان جد صعب ا على اآلشوريين بعد أن نجحت أورارتو في خلق عدد من التكتالت والتحالفات المناهضة لهم وبعد أن صارت الحاميات األورارتية تتمركز قاب قوسين أو أدنى من العاصمة اآلشورية إذ كانت تتمركز في أقصى جنوب جبال طوروس فيما يعرف اليوم باسم كودي داغ. (٦١) وقد كان لزام ا على تجالت بالسر الثالث من أجل إحياء دولته أن يعمل على إعادة تنظيم البيت من الداخل أوال حيث عمل على إعادة تنظيم الجيش واإلدارة وعمد تجالت بالسر إلى تقوية السلطة المركزية وذلك بربط المقاطعات المختلفة مع العاصمة بنظام بريد سريع وفعال وطلب من الموظفين في هذه المقاطعات إرسال تقارير عن أعمالهم وأحوال مقاطعاتهم وفي المناطق التي كانت تحكمها أسر محلية عين تجالت بالسر الثالث ممثال له يشرف على كيفية إدارة هذه األسر لمناطقها ومدى التزامها بتنفيذ توجيهات السلطة المركزية. وفي مجال الجيش اعتمد تجالت بالسر الثالث على جيش يخضع للملك مباشرة ويتلقى أفراده أجورهم من الخزانة الملكية مباشرة وهذا األمر عدا عن أنه رفع بالمستوي القتالي للجيش فقد جعل من الملك أكثر استقالال تجاه المدن والمقاطعات التي كانت تقوم بتقديم الجند حين يطلب منها ذلك. أما من ناحية التسليح فقد بدأ اآلشوريون في االعتماد أكثر على األسلحة الحديدية وأصبح سالح الخيالة هو األساس وحل هذا السالح تدريجي ا محل سالح العربات لسهولة حركته وقدرته على إلحاق ضربات مفاجئة وقاضية باألعداء. (٦٢) لالستطالع والتجسس على األعداء. واألمر المهم اآلخر هو إقامة جهاز ٨٩
دراسات وقبل أن يتوجه تجالت بالسر الثالث لمواجهة األورارتين حاول تقوية جناحه الشرقي وذلك بإعادة إخضاع بالد المانيين للسيادة اآلشورية بعد فترة غياب عنها وحمالت متكررة من قبل األورارتين ضدها فأرسل إلى منطقة زاجروس حمالت خالل العامين األولين من حكمه أعاد بنتيجتها فرض السيادة اآلشورية على هذه المناطق. (٦٣) بعد ذلك عمد تجالت بالسر الثالث إلى مواجهة التحالف األورارتي السوري المناهض للدولة اآلشورية والتي كانت كوموخ عضو ا فيه حيث تشير النصوص اآلشورية إلى أن الملك األورارتي سارودري الثاني نجح في تكوين تحالف مناهض لآلشوريين مؤلف من متيع إيلو من بيت أجوشي وسولومال الميليدي وطازخوالر الجورجومي وكوشتاشبيلي (٦٤ ( بيد أن هناك ثمة سؤال يثيره منطق األحداث وهو: الكوموخي كيف تمكنت أورارتو من خلق هذا التحالف أو لماذا زحف سارودري لمنازلة اآلشوريين في أرفاد البعيدة جد ا عن بالده وذلك في عهد آشور نيراري الخامس ثم أعاد الكرة ثانية في عهد تجالت بالسر الثالث علم ا بأنه لم تكن له ثمة عالقة تربطه بدولة أرفاد ال قبل حمالته على جيرانه الكوموخيين والميليتينين وال بعدها. لإلجابة على هذين السؤالين البد أن تتجه األبصار إلى كركميش فسارودري ال يشير إليها في كتاباته واآلشوريون ال يتحدثون عنها من قريب أو بعيد علم ا بأن هذه المدينة كانت واقعة في خضم األحداث ويأتي على ذكرها نص حيثي ع ثر عليه في "جكة" حيث يؤكد كاتب النص أن كاماناس ملك كركميش لم يكن حاكما تابع ا لسارودري مثل حاكم "جكة" وكأن الكاتب أراد أن يقول في هذا النص أن كاماناس وسارودري كانا ندين قويين تربط بينهما صداقة ويتعامالن على هذا األساس. (٦٥) وفيما يتعلق بتمكن سارودري من فتح كوركوم (مراش) المجاورة لبالد مليتنه (مالطية) في الجنوب الغربي ومدينة سمأل (٦٦) (زنجرلي الحالية) فإن ذلك غير معروف إذ لم يسبق أن افتخر األورارتيون بإحراز مثل هذا النصر ويشكك بعض الباحثين في حدوثه وإذا كان المليتنيون والكوموخيون قد انضموا إلي سارودري لمساعدته في حربه ضد اآلشوريين في أرفاد فإن (٦٧) كوركوم وسمعأل "قد انضمتا بمحض إرادتيهما لهذا التحالف تحت تأثير شخصية سارودري الفذة التي استقطبت حولها زعماء أو ربما هذه الدويالت قد شعرت بشيء من الشعوب األخرى (٦٨) صالت الجنس والثقافة مع أورارتو. (٦٩) وعلى أية حال فقد كانت استراتيجية تجالت بالسر لضرب خصومه تتراوح بين اختيارين ال ثالث لهما فإما أن يعبر الجبال ويضرب أورارتو في عقر دارها وإما أن يضربها في مناطق نفوذها في شمال سوريا وفي الواقع كان تجالت بالسر بعيد النظر عندما قرر عدم مواجهة أورارتو في البداية رغم كونها الرأس المدبر لهذه التحالفات و ذلك لسببين: أولهما إنه إذا نجح في طرد الغزاة فإنه سيصبح في إمكانه إجبار تلك الدويالت المتمردة على تقديم فروض الوالء والطاعة لصاحبة السيادة الجديدة آشور ونبذ والئها بالدويالت ألورارتو وثانيهما أنه بهذه الوسيلة سيقطع الصلة (٧٠) الواقعة في شمال سوريا ومركز الدعم أورارتو وقد أصبحت هذه اإلستراتيجية من أهم اإلستراتيجيات المفضلة لدى خلفاء تجالت (٧١) بالسر الثالث. ووقعت أول مواجهة بين الطرفين على ما ي عتقد في العام الثالث من حكم تجالت بالسر الثالث حوالي عام قبل ٧٤٣ (٧٢ ( وقد بدأ تجالت بالسر هجومه في شمال سوريا بحصار الميالد أرباد التي استغاثت بالملك األورارتي سارودري الثاني وكما هو معروف سارع سارودري لنجدة أرباد وخرج على رأس قوته من الطريق نفسه الذي سلكه في حملة عام ٧٤٦ قبل الميالد لسبب بسيط هو أن هذا الطريق هو الوحيد المتاح ومن قلعة توميشكي عبر نهر الفرات حيث كان النهر ضيق ا نسبي ا وكانت هناك نقطة عبور من سوفيني (Sophene) إلي ميليتنه التي انضمت قواتها إليه أثناء زحفه ثم ذهب عبر ممرات طوروس إلي داخل كوموخ حيث انضم إلي قوات جورجوم وكوموخ. ويوضح الصدام األول الذي دارت رحاه بين سارودري الثاني وتجالت بالسر الثالث داخل كوموخ أن تجالت بالسر الثالث كان حذر ا من التقدم األورارتي فبمجرد أن نمى إلى علمه خبر عبور األورارتين نهر الفرات حتى (٧٣) قطع حصار أرباد وقاد جيشه إلى كوموخ. حدثت المعركة الحاسمة بين كشتان وخلبا في أرض كوموخ وهناك م ن يرى أن كشتان يجب أن تقع بالقرب من أرباد ولو أن تتماثل مع ݕاراال فإن الموقع المحتمل لكشتان بيسني( Besni ) (٧٤) هو كيس ن (keysun) على بعد ١٤ كيلومترا من بيسني والسبب في ذلك يعزي ليس إلى السجع الطفيف في األسماء فحسب وإنما لكون كيس ن تقف على تلة كبيرة تشهد على وجود مدينة كبيرة (٧٥) هناك. ويفترض بعض الباحثين أن القوات األورارتية واآلشورية صنعت أول لقاء لهما في كيس ن في نقطة تقاطع طريقين قديمين أحدهما الذي استخدمه تجالت بالسر أثناء حملته شماال ولعب دور ا مهم ا في الحروب العربية البيزنطية في أوائل العصور الوسطي. وإنه من األهمية بمكان أن نشير إلى أن المسافة التي قطعها الجيش األورارتي من هايبيوشاغى إلى كيس ن ح ددت بنحو 210 كيلو متر تقريب ا وبسبب الطبيعة الوعرة لهذا الطريق فإن متوسط السير يومي ا لم يتجاوز 20 كيلو متر لذلك تطلبت المسيرة نحو 10 أو 11 يوم أما بالنسبة لجيش تجالت بالسر فقد اجتاز نحو 150 كيلو متر من أرباد إلى كيس ن في ظل ظروف جغرافية غير معقدة لذا فإن الطريق تم اجتيازه في غضون ستة أيام. (٧٦) هذا وقد انتهت هذه المعركة بهزيمة منكرة أودت بزهرة فرسان الحلفاء وكان وقوعها وقع الصاعقة فوق رؤوس األورارتين ولطمة قاسية ألمالهم وأحالمهم وأطماعهم في المنطقة وإذالال لهيبتهم وكرامتهم وتعزي الهزيمة هنا إلى عدة أسباب منها (أوال ) نقص التعاون بين أعضاء التحالف ومنها (ثاني ا) ٩٠
دراسات األورارتيون كانوا عديمي الخبرة بمعركة في ميدان مفتوح ألنهم ٧٧) ( ومنها كثيرا ما اعتادوا القتال في المناطق الجبلية (ثالث ا) كثرة مشاغل سارودري بسبب المصاعب التي كان يثيرها الملوك الصغار في المناطق الشمالية فهم وإن كانوا صغارا وليس من ذوي الشأن (٧٨) فإن أعمالهم وفتنتهم كانت تقلق راحة الدولة الكبيرة (وأخير ا) خيانة كوشتاشبيلي الذي أ جبر على االنضمام إلى التحالف المناهض لآلشوريين لحلفائه ومساعدة تجالت بالسر على (٧٩) النصر. وبناء على ذلك فقد تسبب االشتباك األول في تراجع الجيش األورارتي الذي عاد من حيث أتي وبمجرد أن وصل إلى تقاطع الطرق في بيسني انفصلت فرقة كوموخ عنه وهربت في اتجاه عاصمتها وعملت فرقة جورجوم الشيء نفسه في خلبا حيث طريق وادي أكسو (Aksu) الذي يؤدي إلى جورجوم ثم عبرت نهر جوكسو( Goksu ) وفر سارودري من جبل سيباج (sibag) إلى سهل مالطية التي انسلخت عنده قوات ميليد في حين استطاع سارودري استباق مالحقة اآلشوريين وأن يصل ويعبر ويزيل الجسر بين الفرات ودولة سارودري قبل أن يصل تجالت بالسر ولكن ظهور تجالت بالسر في مليتنه كان بمثابة بداية الوجود اآلشوري في هذه المنطقة بعد انقطاع واصب ردح ا من الزمن. (٨٠) وال ريب أن نتائج هذه الحملة كانت في غاية األهمية حيث ترتب عليها نتيجتان بالغتا األهمية: األولى: دفع سارودري إلى المرتفعات األرمينية ومنذ هذا الوقت لم يعد يمارس أي تأثير حقيقي في سوريا فلم تستطيع أورارتو أن تعود إلى سابق عهدها في شمال سوريا (٨١) رغم أن ملوك أورارتو ظلوا مدعومين من ملوك تلك الدويالت التي وفرت لهم وقت الحرب مع اآلشوريين مجاال للحركة وظلت تلك السياسة التي انتهجها ملوك أورارتو في تلك المنطقة تأتي أكلها لوقت (٨٢) طويل. والثانية: كان لهذه الهزيمة أثر عظيم في تمهيد الطريق أمام تجالت بالسر الثالث إلخضاع شمال سوريا وإن كنا ال نعني بذلك أن سكانها استكانوا لألمر الواقع واعترفوا بهزيمتهم فقد كان على تجالت بالسر الثالث أن يجدد هجومه على أرفاد وينتقم من جورجوم وكوموخ وغيرها لمدة ثالث سنوات مضت وهو ما كان حيث شهدت أعوام (٧٤٠ ٧٤٢) ق.م حمالت متتالية بهدف القضاء على تحالف شمال سوريا وبالتالي إخراج أورارتو من هذه المنطقة. (٨٣) وفي أعقاب هذا النصر منح تجالت بالسر الثالث العفو لكوشتاشبيلي وثبته على عرش كوموخ كتابع للدولة اآلشورية وربما جاء ذلك بسبب والئه الكامن رغم خضوعه ألورارتو وظهر كوشتاشبيلي في قوائم الملوك الخاضعين لتجالت بالسر الثالث في عام (٧٤٠/ ٧٣٩) ق.م أثناء حملة الملك اآلشوري على آرام دمشق و ملك صور وغيرها وفي عام ٧٣٨ ق.م وأخير ا في عام (٨٤) ٧٣٢ ق.م. ولم يقتصر األمر على تقديم اإلتاوة لآلشوريين في ذلك الوقت فحسب بل تعين على كوموخ مساعدة اآلشوريين في تثبيت دعائم دولتهم في سوريا حيث يذكر حاكم دمشق بعد أن تحولت إلى مقاطعة آشورية في عام ٧٣٢ ق.م أن من ٢٠٠٠ محاربي ملك كوموخ كانوا جزء ا من القوات اآلشورية في (٨٥) مقاطعته. ٦- موتاليل هو الحاكم األخير لكوموخ قبل أن يتم دمجها في نظام المقاطعات اآلشورية وربما كان الخليفة المباشر لكوشتاشبيلي وإذا كان األمر كذلك فإن عهده امتد لفترة طويلة حيث استمر حتى عام ق.م. ٧٠٨ ولعل تسمية أسالفه بأسماء ملوك الدولة الحيثية في العصر البرونزي المتأخر يشير إلى أن األسرة الملكية في كوموخ منذ بدايتها إلى نهايتها ربما كانت فرع ا من العائلة الملكية الحيثية التي حكمت األناضول في عصر البرونز (٨٦) المتأخر. وعلى أية حال فقد استردت كوموخ صفتها في هذا العهد بوصفها العميل اآلشوري المفضل لدرجة أن سرجون الثاني أضاف أراضي مملكة ميليد- اآلشوريين في عام بعض أراضي سمعأل عندما ٧١٢ ق.م- (٨٧) تم تقطيع أوصالها على أيدي إلى ممتلكات موتاللي كما منحه وبذلك كان موتاللي الحاكم الكوموخي الوحيد الذي امتد سلطانه على كل من مالطية وأرسالن تبه و "ساكاپا- جوزو" (Sakapa GÖzü) األمر الذي جعل كوموخ تمثل (٨٨) دور الدولة الحاجزة التابعة آلشور ضد تقدم األورارتيين. بيد أن هذه الشراكة ذات المنفعة المتبادلة انتهت فجأة وبصورة وحشية عندما امتنع موتاللي عن دفع اإلتاوة لآلشوريين وارتمى في أحضان األورارتيين بزعامة أرجيستي الثاني حيث يسجل النقش اآلشوري ما يلي: "هذا الصبي الذي ال يعرف الخجل لم يعد يخشى اآللهة وطاب له الشر وبدا يحيك المؤامرات ويستعديني ووضع كل ثقته في أرجيستي ملك أورارتو إال أن فأله خاب ومسعاه فشل... ". (٨٩) وكان من أثر ذلك أن فقدت كوموخ استقالها حيث لم يقف سرجون الثاني مكتوف اليدين تجاه خيانة موتاللي بل جرد حملة عسكرية على كوموخ نجحت في اإلطاحة باألسرة الملكية حتى وسعى اآلشوريون بعد هذا أن موتاللي ولى مدبر ا ولم يعقب (٩٠) الصنع إلى ترحيل أسرى كوموخ وإعادة توطينهم على طول وهكذا أصبحت الحدود مع عيالم في بيت إياكن.(Bit Iakin) (٩١) كوموخ مقاطعة آشورية ووقعت تحت حكم تورتان اليسار بهدف إحكام السيطرة اآلشورية على الحدود الشمالية الغربية وواصلت كوموخ تاريخها باعتبارها مقاطعة آشورية من عام ٧٠٨ ق.م وحتى (٩٢) سقوطها في أيدي البابليين في عام ٦٠٧ ق.م. فمن أجل تأمين طرق التجارة في بالد سوريا سار الملك نبوبالصر في شهر تشرين األول عام ٦٠٧ ق.م بقواته إلى كيموخو ٩١
و( دراسات التي تتميز بموقع استراتيجي مهم إذ أنها تتحكم في الطريق الذي يربط شمال سوريا بجنوبها مار ا بحماة إلى كركميش (جرابلس حالي ا) وبعد أن عبر نهر الفرات اشتبك مع المدينة وتمكن من االستيالء عليها ووضع حامية عسكرية هناك وبعد أن مكث في المدينة فترة من الزمن ربما من أجل مراقبة سير األمور فيها عن كثب قفل راجع ا إلى بابل في شهر شباط (فبراير) وهو محمل بالغنائم (٩٣ ( حيث تذكر المصادر البابلية ما يلي: - "السنة التاسعة عشرة: في شهر سيفان sivan حشد ملك أكد جيشه وحشد نبوخذ نصر (الثاني) ابنه البكر( و) ولي العهد جيشه وسارا إلى جبال[.[za ترك ملك أكد األمير وجيشه هناك في حين أنه عاد إلى بابل في شهر تموز...[في شهر] أيلول عاد األمير إلى بابل بعد أن أنهى نبوخذ نصر الثاني معاركه ضد [القالع] واستولى عليها [وأضرم النار فيهن] ( سلب كل الجبال واستولى على كل الجبال حتى منطقة [أورارتو]. وفي شهر تشري حشد ملك أكد جيشه وسار[إلى] كيموخو التي تقع على ضفة نهر الفرات وعبر النهر واشتبك مع المدينة وفي شهر كانون األول (ديسمبر) استولى على المدينة ونهبها وأقام حامية له فيها وفي شهر شباط عاد إلى الوطن". (٩٤) ويبدو أن المصريين لم يحتملوا فكرة سيطرة البابليين على هذا الطريق التجاري المهم لذا زحف الجيش المصري في عام ٦٠٦ ق. م باتجاه الحامية البابلية في مدينة كيموخو وفرض الحصار عليها وبعد أربعة شهور من الحصار تمكن الجيش المصري من االستيالء على المدينة وهزم رجال الحامية البابلية وإزاء هذا التطور الخطير سار الملك نبوبالصر في شهر تشرين األول( أكتوبر) من السنة نفسها لصد المصريين وعسكر في مدينة قورماتي التي تقع على نهر الفرات جنوب كركميش ثم جعل جيشه يعبر ويستولي على شوناديري وإيالمو ودخامو (تقع جميع هذه المدن على الضفة اليسرى من نهر الفرات) وفي شهر شباط (فبراير)عاد إلى بالده وهو محمل بالغنائم غير أن هذه النجاحات العسكرية التي حققها الملك البابلي لم ت حل دون تقدم الجيش المصريو قادم ا من مدينة كركميش بعد أن عبر نهر الفرات باتجاه الجيش البابلي المعسكر في مدينة قورماتي فأجبره على (٩٥) االنسحاب والعودة إلى بابل. لكن مع سقوط كركميش في يد نبوخذ نصر الثاني في عام ٦٠٥ ق.م انتقلت كوموخ بشكل مفترض إلى البابليين وربما الميديين. (٩٦) خ امت ة من خالل هذه الدراسة التي تناولت التاريخ السياسي لمملكة كوموخ الحيثية الحديثة يمكن أن نستخلص النتائج اآلتية: ال تبين األدلة األثرية أو النصية بشكل قاطع ما إذا كانت مملكة كوموخ قد تأسست في بداية عصر الحديد أم ال حيث جاءت اإلشارات األولى لكوموخ بوصفها مملكة في السجالت اآلشورية التي تعود إلى عام ٨٦٦ ق.م لكن من المحتمل أن تاريخها بدأ كمملكة فرعية تابعة لكركميش حتى انفصلت عنها في بداية القرن التاسع ق.م وإن كان هناك م ن يرى أن تاريخها كمملكة مستقلة بدأ في القرن العاشر ق.م وليس القرن التاسع ق.م وذلك على أساس أن الملك المعروف باسم تودهاليا في نقش -(Kelekli) والذي تزوج من ابنة ملك كركميش في القرن العاشر ق.م - هو أحد ملوك كوموخ غير أن هذا الرأي ال تدعمه األدلة األثرية بشكل حاسم. ربما تشير تسمية ملوك كوموخ بأسماء ملوك الدولة الحيثية في العصر البرونزي المتأخر إلى أن األسرة الملكية فيها من البداية إلى النهاية ربما كانت فرع من العائلة الملكية الحيثية التي حكمت األناضول في عصر البرونز المتأخر. سلكت كوموخ مسلك ا رمي إلى مهادنة اآلشوريين في سياستها الخارجية فبقيت بمعزل عن كثير من المحن وجنت فوائد التجارة وحافظت على استقاللها كما كان من ثمار هذه السياسة أن كسبت كوموخ الدعم العسكري اآلشوري في صراعاتها اإلقليمية مع الدويالت الحيثية المجاورة ويستدل على ذلك من قيام الملك اآلشوري أداد نيراري الثالث في عام ٨٠٥ ق.م بترسيم الحدود بين مملكتي كوموخ وجورجوم لصالح كوموخ في عهد ملكها شوبيلوليوما وتكرر نفس الشيء في عام ٧٧٣ ق.م على يد الملك اآلشوري شلمنصر الرابع. كان التحالف اآلشوري مع كوموخ في غاية األهمية أيض ا بالنسبة لآلشوريين وقتذاك ويعزي ذلك إلى سيطرة كوموخ على مخاضة بازارجيك حيث اتاحت لآلشوريين الوصول إلى الطرق الشمالية الغربية نحو جورجوم وجبال طوروس الغنية بالموارد المعدنية زد على ذلك أن التحالف مع كوموخ كان بمثابة كبح جماح لقوة كركميش حيث أصبحت كركميش بين الحليف اآلشوري في الشمال والحضور العسكري اآلشوري في تل برسيب في الجنوب. نجح الملك األورارتي ساردوري الثاني في فرض السيادة األورارتية على مملكة كوموخ في عام ٧٤٦ ق.م غير أن الملك اآلشوري تجالت بالسر الثالث سرعان ما استعاد السيادة اآلشورية على كوموخ وذلك عندما تمكن من دفع األورارتيين إلى المرتفعات اآلرمنية على أثر هزيمتهم في موقعة كشتان في عام ٧٤٣ ق.م. استردت كوموخ في عهد ملكها األخير موتاللي صفتها بوصفها العميل اآلشوري المفضل لدرجة أن أراضي مملكة ميليد- سرجون الثاني أضاف عندما تم تقطيع أوصالها على أيدي اآلشوريين في عام ٧١٢ ق.م - إلى ممتلكات موتاللي كما منحه بعض أراضي سمعال بيد أن هذه الشراكة ذات المنفعة المتبادلة انتهت فجأة وبصورة وحشية وذلك عندما امتنع موتاللي عن دفع اإلتاوة لآلشوريين وأرتمى في أحضان األورارتيين األمر الذي دفع سرجون الثاني إلى القيام بحملة عسكرية نجحت في اإلطاحة بموتاللي وتحويل كوموخ إلى مقاطعة آشورية في عام ٧٠٨ ق.م. ٩٢
دراسات ARAB ARRIM A.St. CAH CHLI I IRAQ JHA JNES MJNE NEA OEA RIA RIMA2 RIMA3 SAAB UKN قامئة االختصارات Luckenbill, D.D., Ancient Records of Assyria and Babylonia, Vol.2, Chicago, 1927. Annual Review of the Royal Inscriptions of Mesopotamia Project, Toronto. Anatolian Studies, London. The Cambridge Ancient History, Cambridge. Hawkins, J.D., Corpus of Hieroglyphic Luwian Inscriptions. Vol. I: Inscriptions of the Iron Age, Berlin and New York, 2000. British School of Archaeology in Iraq, London. Journal for the History of Astronomy, Cambridge. Journal of Near Eastern Studies, Chicago. Monographic journals of the Near East, Malibu. Near Eastern Archaeology, Atlanta The Oxford Encyclopedia of Archaeology in the Near East, Oxford University Press, Oxford, 1997. Reallexikon der Assyriologie und Vorderasiatischen Arch äologie, Berlin and New York: de Gruyter Grayson, A.K., Assyrian Rulers of the Early First Millennium BCI (1114 859), The Royal Inscriptions of Mesopotamia, Assyrian Periods, Vol. 2.Toronto, 1991. Grayson, A.K., Assyrian Rulers of the Early First Millennium BCII (858 745), The Inscriptions of Mesopotamia, Assyrian Periods, Vol.3, Toronto, 1996. State Archives of Assyria Bulletin, Padova. Melikishvili, G.A., Urartskie klinoobraznye nadpisi, Moscow, 1960, (Texts are cited by number). خريطة توضح مملكة كوموخ وممالك شمال سوريا وجنوب األناضول في عصر الحديد. نقال عن:.46.p Bryce,,.T op. cit., ٩٣
دراسات (19) Grayson, A.K.," Assyria: Ashur-Dan II to Ashur Nirari V (934-745 B.C.)", in: CAH 3/ 1, Cambridge, 2003, p. 256; Hawkins, J.D., CHLI I, p. 331. (20) Şahin, S.," Kommagene Ülkesive Tanrılar Tahtı Nemrut Dağ", in: Tanrılar Dağı Nemrut, Başgelen, N., (ed.), Arkeoloji ve Sanat Yayınları, İstanbul, 1998, p. 38. (٢١) باقرخوبونو: تقع على الضفة الغربية لنهر الفرات في منطقة بازارجيك اله وام ش : (1) Bryce, T., The Routledge Handbook of the Peoples and Places of Ancient Western Asia: The Near East from the Early Bronze Age to the Fall of the Persian Empire, Routledge, London, 2009, p. 397. (٢) أرباد: تقع أرباد شمال حلب وكانت عاصمة دولة بيت أجوشي اآلرامية أما اسمها الحالي فتل رفعت وتقع في قضاء إعزاز ويرد اسم أرباد في بعض المراجع في صورة أرفاد انظر: هنري.س عبودي: معجم الحضارات السامية الطبعة الثانية طرابلس ١٩٩١ ص ٦٣. (3) Hawkins, J.D., "Kummuh" in: RIA VI, Berlin, 1983, p. 338; Tanrıöver, M.D., The Transition from Late Bronze Age to the Early Iron Age in The Upper Euphrates and the Amuq: AStudy of Settlement Patterns, Master s thesis, Bilkent University, 2010, p. 42. (4) Hawkins, J.D., CHLI I, Walter de Gruyter, Berlin, 2000, p. 331. (٥) باخوا: لم ي حدد الموقع الدقيق لهذه المدينة حتى األن ولكن هناك م ن ي حدد موقعها بوجه عام بالقرب من نهر الفرات األعلى في شرق األناضول انظر: Bryce, T., op. cit., p. 521. (٦) إيشوا: ظهرت هذه الدويلة في عصر البرونز المتأخر في شمال بالد ما بين النهرين وتمتد ما بين جنوب نهر مراد سو وشرق نهر الفرات وربما حتى نهر دجلة األعلى وكان مركزها يقع ضمن محافظة إيالزيغ التركية انظر: Ibid., p. 343. (7) Ibid., p. 330. (8) Id.,"Kummuh", p. 338. (9) Belmonte, J.A. & Gonzalez-Garcia, A.C., "Antiochos's Hierothesion at Nemrud Dag Revisited: Adjusting the Date in the Light of Astronomical Evidence" in: JHA41, Cambridge, 2010, p. 1. (10) Hawkins, J.D., op. cit., p. 338; Müller, U., Die Eisenzeitliche Keramik Von Lidar Höyük, PhD, Universität Heidelberg, 1996, p. 8. (11) Parker, B.J., The Mechanics of Empire, PhD, Los Angeles, 1998, p. 297; Ersoy, S., M. ö.ll. Binde Mezopotamya- Anadolu Siyasi Müsasebetleri, yükseklisans tezi, Ankara, 2008, p. 103. (12) Bryce, T., The World of The Neo-Hittite Kingdoms: A Political and Military History, Oxford University Press, Oxford, 2012, p. 110. (١٣) عصر الحديد: يمتد هذا العصر في جنوب شرق آسيا منذ عام ١٢٠٠ ق.م وحتى عام ٥٣٨ ق.م ويقسم إلى ثالث مراحل رئيسة يمكن توضيحها على النحو اآلتي: مرحلة عصر الحديد األول ( ١٠٠٠-١٢٠٠ ق.م). مرحلة عصر الحديد الثاني ٥٣٨ ق.م) انظر: (١٠٠٠-٥٨٦ ق.م). مرحلة عصر الحديد الثالث (٥٨٦- Edelman, D.V., The Origins of the Second Temple: Persian Imperial Policy and the Rebuilding of Jerusalem, Routledge, London, 2014, p. 289. (14) Loc. cit. (15) Ekinic, M., Adiyamanil Çevre Durum Raporu, Adiyaman, 2011, p. 185. (16) Bryce, T., op. cit., p. 110. (١٧) نقش :Kelekli ع ثر على هذا النقش في عام ١٩٠٨ م في قرية (Kelekli) الواقعة بالقرب من الضفة الغربية لنهر الفرات في مقاطعة غازي عنتاب التركية ويوجد حالي ا متحف في (Vorderasiatisches) وي ؤرخ بالقرن العاشر قبل الميالد انظر: في برلين المعاصرة وكانت تشكل مدينة حدودية بين مملكة كوموخ ومملكة جورجوم انظر: Bryce, T., The Routledge Handbook of the Peoples and Places of Ancient Western Asia, p. 526. Edelman, D.V., The Origins of the Second Temple: Persian Imperial Policy and the Rebuilding of Jerusalem, Routledge, London, 2014, p. 289. (22) Hawkins, J.D., CHLI I, p. 331. (23) Grayson, A.K., RIMA 3, University of Toronto Press, Toronto, 1996, pp. 18-9. (24)Yamada, S., The Construction of the Assyrian Empire: A Historical Study of the Inscriptions of Shalmanesar III (859-824 B.C.) Relating to His Campaigns to the West, Brill, Leiden, 2000, pp. 92-4. (25) Bryce, T., The World of The Neo-Hittite Kingdoms: A Political and Military History, p. 111. (26) Hawkins, J.D., "Kummuh", p. 338. (٢٧) مدينة" أنا - آشور- أوتر- اصبات": كانت ت عرف سابق ا في المصادر اآلشورية باسم بيترو وتحدد هذه المدينة حالي ا بتل أوشيريا (Aushariye) الواقع على الضفة الشرقية لنهر ساجور عند مصبه في نهر الفرات شمالي سوريا انظر: Block, D.I., Israel: Ancient Kingdom Or Late Invention?, B&H Publishing Group, Nashville, 2008, pp. 231-3; Herrmann, V.R, Society and Economy under Empire at Iron Age Sam'al (Zincirli Höyük, Turkey), PhD, University of Chicago, 2011, p. 37. ا ستخدم مصطلح الدويالت الحيثية الحديثة لتعيين دويالت عصر الحديد التي خلفت اإلمبراطورية الحيثية في شمال سوريا وجنوب األناضول انظر: (٢٨) Hawkins, J.D.," Neo-Hittites" in: OEA 4, Oxford University Press, Oxford, 1996, p. 126. (29) Grayson, A.K., RIMA 3, p. 23; Block, D.I., Israel: Ancient Kingdom Or Late Invention?, B&H Publishing Group, Nashville, 2008, pp. 231-3. أزهار هاشم شيت: "الصالت اآلشورية مع منطقة حلب (القرن ١٨ ق.م- القرن ٧ ق.م)" دراسات موصلية العدد الثامن والعشرون جامعة الموصل ٢٠١٠ ص ٦٨. (30) Grayson, A.K., RIMA 3, pp. 9-19, 21, 34-6. (31) Winter, I.J., North Syria in the First Millennium B.C., with Special Reference to Ivory Carving, PhD, Columbia University, 1973, p. 114. (32) Bryce, T., op. cit., p. 112. (٣٣) مسلة بازارجيك: ع ثر عليها في قرية كيزكابانلي في منطقة بازارجيك ) كهرمان ماراش حالي ا) في تركيا وكانت هذه المسلة بمثابة حد حجري بين كوموخ وجورجوم وتحتوي على نقشين حيث احتوى الوجه على نقش للملك أداد نيراري الثالث في حين احتوى الظهر على نقش من عهد شلمنصر الرابع وتوجد هذه المسلة حالي ا في متحف كهرمان مراش انظر: Kuan, K., Assyrian Historical Inscriptions and Israelite Judean- Tyrian Damascene Political and Commercial Relations in the nintheighth Centuries, PhD, Emory University, 1994, p. 159. (٣٤) كانت ت دعي سمورا - مات Sammura-Mat في المصادر المسمارية بينما أطلقت عليها المصادر الكالسيكية اسم سميرأميس Samiramis كما ع رفت أيض ا باسم سميرام Samiram واكتسبت هذه الملكة شهرة كبيرة ووص فت بنعوت كثيرة ما بين الجمال والقوة ون سجت حولها Hawkins, J.D., CHLI I, pp. 92-3; Marchetti, N., " Karkemish on The Euphrates: Excavating a City's History", in: NEA 75 /3, Atlanta, 2012, p.132. (18) Bryce, T., op. cit., p. 110. ٩٤
دراسات األساطير ونسبت إليها أعمال خارقة وإنجازات متعددة ترجع إلي الملوك الذين سبقوها أو الذين جاءوا بعدها ومن هذه اإلنجازات إعمار مدينة بابل وفتح مصر وليبيا والهند كما تنسب لها المآثر اآلرامية بناء مدينة مطلة على بحيرة فان شرقي تركيا علم ا بأن المدينة بناها ملك أورارتي معاصر لها. وعن قصة سميرأميس انظر: Thompson, R.C, "An Assyrian Parallel to an Incident in the Story of Semiramis", in: IRAQ4/1, London, 1937. (35) Yildirm, N., "Neo-Assyrian Document found in Anatolia" in: Ankara Üniversitesi Dil ve Tarih-Coğrafya Fakültesi Tarih Bölümü Tarih Araştırmaları Dergisi, Sayi 48, 2010, p. 125. (36) Grayson, A.K., RIMA 3, p. 205. (٣٧) وجد هذا النص مدون ا على مسلة من منطقة دور-كاتليمو Dur- Katlimmu (تل الشيخ حمد المعاصرة) وي وجد بجانب الكتابة مشهد منحوت بالنحت البارز يمثل بقايا من صورة لرأس الملك ورموز إلهية وهناك فقرة تمهيدية تبين اسم الملك وصفاته ونسبه ووصف مختصر للحملة التي جردها على الجبهة الغربية وهزيمة أتارشومكي األربادي انظر: Ibid. p. 206. (38) Ibid., p. 207. (٣٩) استمرت التحالفات المناهضة للدولة اآلشورية وحلفائها في المنطقة حتى ذلك الحين وي ستدل على ذلك من مسلة زاكور التي تؤرخ بمسلة بازارجيك والتي تروي الحملة العسكرية التي جردها التحالف السوري بزعامة ملك أرام دمشق المدعو ب ر-هاداد Bar-Hadad ضد زاكور ملك حماة وكان التحالف يتألف من ١٦ دويلة نذكر منها أرباد وكيو وجورجوم وسمعأل وقد حاول الحلفاء االستيالء على حماة غير أنهم فشلوا المهم هنا أن كوموخ لم تشارك في التحالف على عكس جورجوم وبالتالي فمن المنطقي أن يفصل في النزاع الحدودي بين كوموخ وجورجوم لصالح كوموخ على حساب جورجوم انظر: Kuan, K., op. cit., pp. 162-4. (40) Donbaz, V., "Two Neo-Assyrian Stelae in the Antakya and Kahramanmaras Museums", in: ARRIM 8, Toronto, 1990, pp. 5-24.; Galil, G., "Conflicts between Assyrian Vassals", in: SAAB VIIl, Padova, 1992, p. 58. (41) Grayson, A.K., RIMA 3, p.240; Galil, G., op. cit., p. 58. (42) Loc. cit. (43) Arbino, G.P., Effects of Neo-Assyrian Administration on Populations West of the Euphrates, PhD, the Faculty Golden Gate Bapist Theological Seminary, 1995, p. 216. (٤٤) نقش بوي ب ي بناري: ع ثر على هذا النقش في قرية بوي ب ي بناري في عام ١٩٣١ م وي وجد حالي ا في متحف الحضارات األناضولية في أنقرة انظر: Hawkins, J.D., CHLI I, p. 334 (45) Ibid., pp. 334-6. (46) Bryce, T., op. cit., p. 113. (47) Bossert, H., "Reisebericht aus Anatolien", in: Or 28/3, Roma, 1959, p. 73; Hawkins, J.D., CHLI I, pp. 340-1; Charles, B., Historical Dictionary of The Hittites, Scarecrow press, Lanham, 2004, p. 188. (48) Hawkins, J.D., CHLI I, p. 332; Bryce, T., Ancient Syria: A Three Thousand Year History, Oxford University Press, Oxford, 2014, p. 130. (49) Konakçi, E., Urartu Kralliği nda Toplu Nüfus Aktarimlar ve bu Uygulamanin Urartu Kültürüne Etkileri, Yükseklisans Tezi, Izmir, 2006, p. 79. (٥٠) أويتا: حددها ميكيسشفيلى بالمدينة الملكية الخاصة ب lalla ملك ميليد والتي ضمها شلمنصر إلى حظيرة الدولة اآلشورية منذ عام ٨٣٦ ق.م وبناء على ذلك فإن المدينة تقع على الحدود بين ميليد وكوموخ على هضبة طوروس التي يخترقها طريق واحد يربط المنطقتين انظر: Astour, M.C., "The Arena of Tiglath-Pileser III's Campaign against Sarduri II (743 B.C.)", in: MJNE2/3, Malibu, 1979, pp. 5-6. (٥١) حلبا: إحدى المدن الملكية في بالد كوموخ وترد فى النصوص اآلشورية بصيغة خلبا وقد تكون خالفاني الحالية على الضفة الشرقية لنهر الفرات إلى الجنوب انظر: Diakonoff, I. M. &Kashkai, S. M., Repertoire Geographique des Textes Cuneiformes IX, Geographical Names According to Urartian Texts, Reichert, Wiesbaden, 1981, p. 39. (٥٢) باراالني: على الرغم من أن مدينة باراال parala غير معروفة فال يمكن تحديدها بعيد ا عن جبال طوروس ألن سارودري أوقف تقدمه قبل أن يصل إلى عاصمة كوموخ التي حملت االسم نفسه وواصل سيره إلى الموقع الذي ع رف الحق ا باسم ساموساتا (سمسات حالي ا) انظر: Astour, M.C., op. cit., pp. 5-6. (53) Melikishvili, G. A., UKN, Moscow, 1960, No.155E. (54) Na'aman, N., Ancient Israel and its Neighbors Interaction and Counteraction, Vol.1, Eisenbrauns, Winona Lake, 2005, p. 27 (٥٥) تعزي حالة الضعف التي أصابت الدولة اآلشورية في هذه الفترة إلى عدة أسباب نذكر منها اآلتي: أوال : ضعف السلطة المركزية بسبب الرقعة الجغرافية الكبيرة لإلمبراطورية اآلشورية نتيجة فتوحاتها العسكرية مما أدى إلى صعوبة السيطرة على األقاليم الواقعة بعيد ا عن مراكز السلطة اآلشورية فانتشر الفساد اإلداري المتمثل في ظلم كبار الموظفين والنبالء وحكام األقاليم واستغاللهم لمناصبهم في تحقيق مصالحهم الذاتية على حساب الشرائح االجتماعية األخرى. ثاني ا: صغر سن بعض الملوك مثل أداد نيراري الثالث ) ٨١٠ ٧٨٣ ق.م ( الذي أصبح تحت وصاية والدته لمدة خمس سنوات وبعدها مارس هذا الملك مهامه في إدارة الدولة وأسهم ضعف الملوك اآلشوريين الذين لم يكونوا بمستوى الملوك الذين سبقوهم في القيادة العسكرية وإدارة الدولة حيث قل عدد الحمالت العسكرية وتقلصت حدود الدولة انظر: محمد دسوقي عبد العزيز: التوسع اآلشوري غرب ا في عصر اإلمبراطورية الثانية رسالة دكتوراه غير منشورة كلية اآلداب جامعة اإلسكندرية ٢٠٠٦ ص ٢٣-٢٠ وكذا: Winter, I.J., op. cit., pp. 129-130. (56) Arbino, G.P., op. cit., p. 215. (57) Konakçi, E., op. cit., p. 79-80. (58) Winter, I.J., op. cit., p. 130. (59) Ibid., p. 131. (60) Grayson, A.K., "Assyria: Tiglath Pileser III to Sargon II (744 705 B.C)", in: CAH 3/ 2, Cambridge, 2008, p. 74. (61)Parker, B.J., The Mechanics of Empire, PhD, Los Angeles, 1998, pp. 93-94. (٦٢) جباغ قابلو:"التنافس اآلشوري األورارتي للسيادة على الشرق القديم خالل النصف األول من القرن التاسع والقرن الثامن قبل الميالد" دراسات تاريخية العددان ٧٢-٧١ جامعة دمشق ٢٠٠٠ ص ٦٧.٦٨ (٦٣) لمزيد عن هذه الحمالت انظر: Brown, S.C., Kinship to Kingship: Archaeological and Historical Studies in the Neo Assyrian Zagros, PhD, University of Toronto, 1979, pp. 85-93. " ٩٥
دراسات (96) Hawkins, J.D., "Kummuh", p. 340; Bard, K.A., Encyclopedia of the Archaeology of Ancient Egypt, Routledge, New York, 2005, p. 152. (64) Kurt, M., Urartu Devleti'nin Bati Politikasi ve Yayilim, in: Ksȕ Socyal Bilimler Dergisi 7, Kahramanmaraş Sütçü İmam Üniversitesi, 2010, p. 83. (٦٥) مارغريت ريمشنايدر: أورارتو مملكة أرمينية قديمة في أحضان أرارات ترجمة محمد وحيد خياطة حلب ١٩٩٣ ص ١٠٥. (66) Treister, M.Y., The Role of Metals in Ancient Greek History, E.J. Brill, Leiden, 1996, p. 161. (٦٧) يالحظ أن آواريكوAwariku ملك كو في كيليكا لم ينضم لهذا التحالف حيث أوضحت مسلة إنسيرلي Incirli التي ع ثر عليها على بعد ثالثين كيلو متر ا شمال شرق سمأل أن هذا الملك ظل موالي ا لآلشوريين ضد أورارتو وجراء ذلك منح بعض أراضي كوموخ كمكافأة له لعدم انحيازه لجانب أورارتو انظر: Herrmann, V.H.R., op. cit, p. 74. (٦٨) مارغريت ريمشنايدر: المرجع السابق ص ٩٩ ١٠٥. (٦٩) أ.ر. جرني: الحيثيون ترجمة محمد عبد القادر محمد مراجعة فيصل الوائلي الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ١٩٧٧ م ص ٦٨. (70) Mackenzie, D.A., Myths of Babylonia and Assyria, The Gresham Publishing company 34 Southampton st.strad, London, p. 446. (71) Dubosky, P.," Tiglath-Pileser III's Campaigns in 734 732 B.C.: Historical Background of Isa7: kgs 15 16 and 2 chr 27 28 ", in: Biblic 87, Rome, 2006, pp. 163 64. (73)Astour, M.C., op. cit., pp. 14-15. (٧٤) بيسني: تقع في إقليم أديامان حالي ا انظر: Kaya, M.S., The Zaza Kurds of Turkey, I.B. Tauris, London, 2011, p.5. (75) Astour, M.C., op. cit., pp. 15-16. (76) Ibid., p. 16. (77) Parker, B.J., op. cit., p. 299. (٧٨) مارغريت ريمشنايدر: المرجع السابق ص ١٠١. (79) Na'aman, N., op. cit., p. 27. (80) Astour, M.C., op. cit., pp. 16 17. (81)Winter, T.J., op. cit., p. 132; Dubovsky, B., A study of the Neo- Assyrian Intelligence Services and Its Significance for 2 Kings 18-19, PhD, Harvard University, 2005, p. 40. (82) Konakçi, E., op. cit., p. 80. (83) Parker, B. J., op. cit., p. 300; Winter, I.J., op. cit., p. 131. (84) Kuan, K., op. cit., pp. 262, 269, 271, 280-1; Hawkins, J.D., CHLII, p. 332; Grabbe, L.L., Ancient Israel: What Do We Know and How Do We Know It?, T & T Clark, London, 2007, p. 134. (85)Radner, K., Hatti's heirs: "Kummuhi and the other Neo-Hittite kingdoms", Assyrian empire builders, University College London, 2012 [http://www.ucl.ac.uk/sargon/ essentials/countries/hatti/], Content last modified: 5 Nov 2012. (86) Bryce, T., The World of The Neo-Hittite Kingdoms: A Political and Military History, p. 114. (87) Herrmann, V.H.R., op. cit., p. 54. (88) Arbino, G.P., op. cit., p. 257; Hawkins, J.D., CHLI I, p. 332; Gilibert, A., Syro-Hittite Monumental Art and the Archaeology of Performance, Walter de Gruyter, Berlin, 2011, p. 17. (٨٩) مارغریت ریمشنایدر: المرجع السابق ص ١٤٥. (90) Luckenbill, D.D., ARAB, Vol.2, The University of Chicago Press, Chicago, 1927, 64. (91) Lederman, R.C., The Designation of Foreign Territory in Assyrian Royal Inscriptions of the Sargonid Period, PhD, University of Pennsylvania,1988, p. 258. (92) Hawkins, J.D., CHLI I, p. 332. (٩٣) أحمد حبيب سنيد الفتالوي: ا" لعالقات البابلية المصرية في العصر البابلي الحديث ٦٢٦-٥٣٩ ق.م." مركز بابل للدراسات الحضارية والتاريخية مجلد (٢) العدد (١) جامعة بابل ٢٠١٢ ص ٣١٣. (94) Grayson, A, K, Assyrian and Babylonian Chronicles, Eisenbrauns, Winona Lake, 1975, pp. 97-8. (95) Ibid., p. 98. أحمد حبيب سنيد الفتالوي: المرجع السابق ص ٣١٤. ٩٦
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات Ýø ý]øfîíée ÃÖ]ì èˆ ]äfè ^iàúgþ]çq (ÝJÑ٢٣ ÝJÑ٢٥)êÞ^nÖ]^eçèêÞ^Şè ç¹]ô Û Ö^Óée] _h^jò ا ستاذة التاريخ القديم كلية الا داب واللغات والعلوم الاجتماعية جامعة معسكر الجمهورية الجزاي رية < << كثيرة هي الدراسات التاريخية القديمة التي أولت اهتمامها بتاريخ شبه الجزيرة العربية قبل اإلسالم إال أن كتاب أربيكا لمؤلفه الملك الموريطاني يوبا الثاني ي ع د أول مصدر كالسيكي شمولي يدون باللغة اإلغريقية من طرف كاتب مغربي وهو يتطرق لجوانب عديدة من تاريخ هذه المنطقة التي شغلت حيز ا كبير ا من اهتمامات المؤرخين السابقين والالحقين له سنحاول أن نسلط الضوء عليها وعلى غيرها من اإلشكاالت ذات الصلة بهذا الموضوع من خالل هذه الدراسة التي تتناول التعريف بصاحب الكتاب وظروف تأليفه وأهمية الكتاب بالنسبة للسلطات الرومانية وإلقاء الضوء على موضوعات الكتاب وهي: الجغرافيا والعادات والتقاليد والنشاط التجاري ومنتجات شبه الجزيرة العربية وعالم الحيوان وعالم النبات. تاريخ استلام البحث: تاريخ قبول النشر: يناير ١٨ ٢٠١٥ ا بريل ٢٥ ٢٠١٥ الجزيرة العربية العصور القديمة مملكة موريطانيا الملك يوبا الثاني DOI 10.12816/0045092 خالدية مضوي "جوانب من تاريخ شبه الجزيرة العربية قبل الا سلام: كتاب ا رابيكا للملك الموريطاني يوبا الثاني (٢٥ ق.م ٢٣ ق.م)".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ٩٧ ١٠٣. م ق د م ة هذه ت ع د الدراسة لبنة جديدة تضاف إلى قائمة الدراسات التاريخية المعاصرة التي أولت عنايتها لتاريخ الجزيرة العربية في العصور القديمة بحيث سنحاول من خاللها تسليط الضوء على إسهامات الملك والعالم الموريطاني يوبا الثاني II) (IUBA في كتابة تاريخ المنطقة من خالل مؤلفه "أرابيكا"( Arabica ) الذي لم تعره الدراسات العربية المختصة اهتمام ا وأسقطت اسمه من سجل المصادر الكالسيكية اإلغريقية المؤرخة لوقائع وأحداث شبه الجزيرة العربية قبل اإلسالم (١) وذلك على الرغم من أهمية مصداقية المعلومات الواردة فيه وهي حقائق أدرك المؤرخ "كايوس سكندوس بلينيوس"( Plinius (Cauis Secundus المعروف ببلينيوس القديم أهميتها ونوها بها في مؤلفه "التاريخ الطبيعي" (٢) وذلك منذ القرن األول الميالدي بحيث استهل في معرض حديثه عن بالد العرب في الفقرة األولى من الفصل الواحد (٣) والثالثين من كتابه السادس قوله: "لم أنس أو أتجاهل حديثي السابق الذي ذكرته في الكتاب الثالث والذي أشرت فيه أن أكثر الكتابات مصداقية ودقة تلك التي كتبت من مؤرخي المنطقة غير أنه وفيما يتعلق بتاريخ بالد العرب أحب أن أتبع في سرد ألخبارها ما ورد منها في كتب مؤرخي الحمالت الرومانية وكتاب أرابيكا للملك يوبا الثاني الذي أهداه إلى كايوس قيصر Cauis) (Caesar (٤) قائد الحملة الرومانية على البالد العربية". ستعكف هذه الدراسة على معالجة عديد اإلشكاالت المتعلقة بالموضوع والتي من بينها الوقوف على البواعث والدوافع الظاهرية والخفية بأبعادها المختلفة المعرفية والسياسية والعسكرية التي حذت بهذا الملك الحتفاء بتاريخ الجزيرة العربية والتحري عن مصادره ومدى أهميتها ومصداقيتها ثم ما مدى أهمية معلوماته بالنسبة للسلطات الرومانية ولمعاصريه والحقيه من المؤرخين وقبل الخوض في اإلجابة عن هذه التساؤالت البد ٩٧
دراسات لنا من وقفة نتعرف من خاللها على صاحب الكتاب ومؤلفه "أرابيكا". ١ -التعريف بصاحب الكتاب لم تشر المصادر األدبية إلى تاريخ ميالده وإنما اكتفت بذكر حادثة أسره و نقله إلى روما بعد هزيمة والده الملك يوبا األول (I (Iuba في معركة رأس ديماس (Thapsus) سنة ٤٦ ق.م (٥ ( ولهذا رجح بعض المؤرخين المعاصرين مولده ما بين سنه ٥١ أو ٥٠ ق.م في زاما (Zama) عاصمة مملكة نوميديا الشرقية. (٦ ( حظي الطفل يوبا برعاية أوكتافيا " Octavia "شقيقة اإلمبراطور أغسطس وأرملة القائد الروماني ماركوس أونطونيوس Antonius" "Marcus إذ أنشأته على طريقة شباب األرستقراطية الرومانية بحيث تعلم اللغتين اإلغريقية والالتينية وتشبع بثقافتهما كما نال رعاية وعطف اإلمبراطور أكتافيوس" "Octavius إذ منحه حق المواطنة الرومانية وأصبح يعرف باسم كايوس يوليوس «Caius Iulius» واصطحبه في بعض حروبه ضد ماركوس أنطونيوس" Marcus "في Antonius مصر ٣١ ق.م وإسبانيا ٢٦-٢٥ (٧) ق.م. توج يوبا الثاني II) (Iuba ملك ا على عرش مملكة موريطانيا سنة ٢٥ ق.م من طرف اإلمبراطور أغسطس هذه المملكة التي امتدت حدودها من المحيط األطلسي غرب ا إلى الوادي الكبير Flumen) (Ampsaga شرق ا (٨) باإلضافة إلى قسم من جيتوليا الممتد تقريبا من زراية (Zarai) إلى توده (Thabudeos) الواقعة (٩) جنوب نوميديا (المغرب األقصى وأجزاء من الجزائر). (انظر: خريطة مملكة موريطانيا). تزوج هذا الملك سنة ٢٠ أو ١٩ ق.م برغبة مربيته أوكتافيا Séléné "ابنة كليوباترا السابعة " " Octaviaمن كليوباترة القمر "Cléopâtre " VII Cléopâtre "و ماركوس أنطونيوس التي أسرت ونقلت إلى روما بعد انهزام والديها أمام اإلمبراطور أغسطس في معركة أكتيوم (Actium) سنة ٣١ ق.م. (١٠) نقال وبتصرف عن: ٢- مملكة موريطانيا يف عهد الملك يوبا الثاين ر زق يوبا الثاني II) (Iuba من هذا الزوج بابن اسمه بطليموس (Ptolemaeus) عنها المؤرخ وربما بنت اسمها دريسيله (Drysila) وهي التي قال الالتيني تاكيتوسTacitus " "أنها حفيدة ماركوس (١١ ( وبعد وفاة الملكة كليوباترة «Cléopâtre» سنة ٦ أو أونطونيوس ٥ ق.م تزوج يوبا بغالفيرا "Glaphyra" ابنة أرشليوس (١٢)» Archelaus «ملك كابادوسيا وأرملة ألكسندر ابن هيرود األكبر هذا الزواج الذي تزامن مع رحلته إلى الشرق التي رافق فيها القائد (١٣) الروماني كايوس قيصر" Caesar."Caius عرفت مملكة موريطانيا في عهده تطور ا اقتصادي ا وعمراني ا معتبر ا إذ بمجرد تعيينه ملك ا اتخذ من شرشال (IOL) المحطة الفينيقية وعاصمة الملك الموريطاني بوخوس الثاني (Bocchus) عاصمة لمملكته الواسعة وأطلق عليها اسم القيصرية (Caesarea) لقب ولي نعمته أوكتافيوس أغسطس ولم يكتف بتغيير اسمها فحسب وإنما حولها إلى مدينة رومانية وذلك بتوسيعها وتزينها بالمباني الجميلة ليجعل منها نموذج ا للعمران الروماني حيث أقام بها ساحة عمومية ومعبد خصصه لعبادة هذا اإلمبراطور كما بنى بها مسرح ا وسط المدينة ي ع د من أقدم المسارح التي أنجزت ببالد المغرب القديم بعد مسرح مدينة برج بوشاطور (Utica) وزودها بأسطول كان له الدور الكبير في تطوير االقتصاد خاصة ترويج التجارة والقيام بالحمالت االستكشافية العلمية زيادة على حراسة الشواطئ. (١٤) تميزت سياسته الخارجية بربطه عالقات عسكرية ببروقناصلة مقاطعة إفريقية البروقنصلية كما ربطته عالقة متميزة باألرستقراطية الرومانية وخاصة اإلمبراطور أوكتافيوس أغسطس وابنه اإلمبراطور تيبريوس «Tiberius» كما وطد عالقاته التجارية بدول البحر األبيض المتوسط خاصة إيطاليا غاليا وإسبانيا. (١٥) (II وعلى الرغم من المسؤوليات الجسام التي كنت ملقاة على عاتقه فيما يخص أمور السياسة والحكم إال أن ذلك لم يثنه عن التأليف في حقول معرفية متعددة بحيث كان يوبا الثاني ) Iuba شغوف ا بطلب العلم والمعرفة إذ وصفه بلوتاركيوس "Plutarquiu" s بأنه أكبر المؤرخين بين الملوك وأعلم ولعل مما ساعده على ذلك معرفته للغات علماء اإلغريق" (١٦) متعددة كالبونية التي تعلمها في صباه بزاما (Zama) باإلضافة إلى الالتينية واإلغريقية اللتان كان يؤلف بهما كتبه كما اهتم إلى جانب جمعه المعلومات من مؤلفات سابقيه من اإلغريق والرومان بالبحث في عدة مواضيع كالتعرف على منبع نهر النيل وذلك بإرساله بعثة استكشافية إليه كما حاول التعرف على أرخبيل جزر وألف كتب ا عديدة في علوم مختلفة إذ أنجز دراسة الكناري (١٧) حول نبات أوفوربوس "Euphorbus" نسبة إلى طبيبه الذي Benabou (M), Juba II ou l africanité vassal de Rome, Pp.148. ٩٨
دراسات اكتشفه في جبال األطلس وقد وصفه بأنه يحسن الرؤية ويقاوم (١٨) ضرر لدغة األفاعي باختالف أنواعها. ومن أشهر مؤلفاته التي احتفظت بها المصادر كتابه لبيكا "Assyrica" أسيريكا "Libyca" وأرابيكا "Arabica" والتاريخ الروماني باإلضافة إلى مؤلفات أخرى حول الرسم والمسرح وأخطاء اللغة. (١٩ ( ذاع صيته ووصف أنه أعظم علماء عصره فأقام له سكان مدينة أثينا تمثاال بالقرب من إحدى المكتبات وأفادت كتاباته العديد من العلماء كبلينوس القديم في كتابه التاريخ الطبيعي " "Plinius الذي ذكره 37 مرة كما اعتمد الطبيب غاليانوس" Galianus "الذي عاش في النصف الثاني من القرن الثاني ميالدي على دراسته حول نبات أوفوربوس "Euphorbus" وكل من أتيني وتاتيانوس" Tatianus " وسولينوس" "Athenee" وبولكس "Pollux" في نهاية القرن الثاني "Solinus وأميانوس ماركلينوس Ammianus" "Marcellinus البيزنطي «Alianus» في القرنين الثالث والرابع ميالدي وأليانوس توفي يوبا الثاني سنة في القرن الخامس. (٢٠) ٢٣ ق.م (٢١) وفي هذا الصدد يفيدنا المؤرخ الفرنسي مارسال بن عبو «M.Benabou» بمعلومات نقلها عن كاتبين مسيحيين هما الكتانس «Lactance» ومنيكيوس فيلكس Félix» «Minicius تشير إلى تأليهه بعد وفاته من طرف (٢٢) رعاياه الموريين كما كشفت الحفريات التي أجريت في مدينة سال (Sala) المغربية عن تمثالين أحدهما لهذا الملك واآلخر البنه بطليموس «Ptolemaeus» عثر عليهما داخل معبد صغير للقرن الرابع ميالدي. (٢٣) ٣ -التعريف بالمو لف لم يصل إلينا كتاب الملك يوبا الثاني المحرر باللغة اإلغريقية والذي عرف من خالل عنوانه المترجم إلى الالتينية أرابيكا "Arabica" بطريقة مباشرة وإنما من خالل ثالثة كتاب كالسكيين من أهمهم المؤرخ الالتيني بلينيوس القديم بحيث الحقين (٢٤) يخبرنا هذا األخير في ثالثة مواضع من مؤلفه "التاريخ الطبيعي Naturalis" "Historia في الفقرة الرابعة عشرة من الفصل الواحد والثالثين من الكتاب السادس في الفقرة الثانية من الفصل الواحد والثالثين من الكتاب الثاني عشر وفي الفقرة األولى من الفصل الرابع من الكتاب الثالث والثالثون أن الملك يوبا الثاني ألف كتاب ا ضخم ا حول البالد العرب أسماه أرابيكا أهداه إلى كايوس قيصر Cauis" "Caesar االبن المتبنى لإلمبراطور الروماني أغسطس (٢٥) غير أن معلوماتنا حول عدد كتبه ومحتواها يبقي محدود ا وال يمكننا التعرف عليها إال على ضوء اإلشارات التي زودنا بها بلينيوس الذي كان قد استشهد ببعض منها في كتابه بحيث أطلعنا على اثنان وعشرون جزء ا من أجزائه هذا الجدول: نوضحها من خالل األجزاء التاسع والثالثون الواحد واألربعين الثاني واألربعين الرابع واألربعين السادس واألربعين السابع واألربعين والثامن واألربعين التاسع واألربعين الخمسين الواحد والخمسين الثالث والخمسين الخامس والخمسين السادس والخمسين السابع والخمسين الثامن والخمسين التاسع والخمسين الستين الواحد والستين الثاني والستين الثالث والستين الرابع والستين الخامس والستين المصدر Plinius, VI, 32, 1 9. Ibid, XXXII, 10. Plinius, VI, 177, 179; VIII, 35; XXXI, 18; XXXVI. Plinius, VIII, 30, 3. Ibid, XII, 30, 1 15. Ibid, XII,30,1 Ibid, XIII, 7, 5. Ibid,X XV,8,1. Ibid, XIII, 142 Plinius, XXV, 17, 1. Ibid, XII, 22, 1. Ibid, XXXIII, Ibid, XXXV, 39 Ibid, XXXVIII, 9, 1. Ibid, XXXVIII, 24, 69, 73,108, أما عن تاريخ تأليفه فيمكننا أن نستنتج بحسب ما يفيدنا به أنه قد أنجز في وقت سابق من سنة ١ بلينيوس دائم ا (٢٦) ق.م وهو (٢٧) تاريخ انطالق الحملة الرومانية. والظاهر أن كتاب أرابيكا كان ذائع الصيت ويلقى انتشار ا ورواج ا في أرجاء اإلمبراطورية وبخاصة في العاصمة روما بحيث تمكن مؤرخنا بلينيوس - وهو الذي عاش في فترة الحقة بعد وفاة يوبا الثاني من االطالع عليه وهو ما يفهم من مضامين العديد الفقرات الواردة في كتابه السادس كقوله مثال "أحب أن أتبع كتاب يوبا " (٢٨ ( كما قرأه واعتمد عليه المؤرخ سولينوس الذي عاش خالل القرن الثالث ميالدي والمؤرخ البيزنطي أليانوس الذي عاش خالل القرن الخامس ميالدي. (٢٩) يتضح لنا من النصوص التي اقتبسها بلينيوس عن مؤلف "أرابيكا" أن هذا الكتاب ذو طابع جغرافي عنى بكافة األمور المتعلقة ببالد العرب فيما يخص مساحتها وما فيها من المدن والمواقع والرؤوس والخلجان إال أن ذلك لم يمنعه من التطرق إلى مجاالت أخرى كالسالالت البشرية وذلك من خالل استعراض أسماء بعض الشعوب والقبائل وعاداتها وتقاليدها ومواردها االقتصادية وأنشطتها التجارية. ٩٩
ب( دراسات أ( ( ٤- مصادره لقد تيسر للملك يوبا الثاني الحصول على معلومات حول الجزيرة العربية لم تتيسر لغيره وذلك نظر ا لعدة عوامل نذكر منها: ١- معاصرته ألحداث الحملة الرومانية على اليمن في سنة ٢٤ ق.م التي قادها إيليوس جالوس Gallus" "Aelius بروقنصل مقاطعة مصر واستفادته من معلومات معاصره الجغرافي سترابون "Strabo" الذي قام بتسجيل وقائعها السيما من النواحي السياسية والتجارية بحيث استفاد من الوصف الدقيق للطرق التي سلكتها الحملة ونتائجها واألخطار التي وقعت فيها وكذلك وصفه للمدائن والقبائل العربية. (٣٠) ٢- استعانته في تحرير كتابه على مصادر سابقية وبخاصة على خطة إلسكندر المقدوني في غزوه لشبه الجزيرة العربية التي ذكرها بيلوت أونسكريت نيارك (Pilote Onéscrite ) (٣١) (Néarque) كالسيكيين الحقين هما أريانوس واألميرال والتي وصلتنا أخبارها عن طريق كاتبين "Arrianus" (٣٢)."Strabo" وسترابون ٣- إن قسم ا كبير ا من معلوماته خاصة تلك المتعلقة بالطيوب اآلتية من جنوب الجزيرة العربية كان يستند فيها يوبا على مالحظاته الشخصية للمجتمع الروماني الذي كان مؤرخنا أحد أبنائه بحيث استقر في روما عاصمة اإلمبراطورية الرومانية لقترة طويلة استمرت مدة ٢١ سنة (٤٦ ٢٥ ق.م) حصل خاللها هذا الملك على حقوق المواطنة الرومانية وقد رأى بأم عينيه أن هذا المجتمع كان يستهلك قدر ا معتبر ا منها وكان بالضرورة على علم بمصدر هذه السلع وتجارها خاصة وأنه كان من أفراد األسرة (٣٣) اإلمبراطورية المقيمين في قصر اإلمبراطوري. ٤- إن المؤرخين المعاصرين ال يستبعدون زيارته للجزيرة العربية وذلك إما برفقة كايوس قيصر التوسعية على الجزيرة العربية ) ق ١ عقد قرانه على قالفيرا (Caius Caesar) أثناء حملته.م ٤ م) أو إلى الشرق بمناسبة "Archélauis" ابنة أرشليوش "Glaphyra" ملك كابدوسيا."Capaddocia" (٣٤) ٥- ظروف تا ليف الكتاب من الواضح أن أهم الدوافع التي جعلت الملك الموريطاني يحتفي بتاريخ الجزيرة العربية هو رغبته في إهداء هذا الكتاب إلى ولي نعمته اإلمبراطور أغسطس الذي كفله ورعاه وتوجه ملكا حتى يستعين به قائد حملته على الجزيرة العربية كايوس قيصر في احتاللها وحتى تتدارك من خالله السلطات الرومانية اإلخفاقات التي منيت بها في حملة إيليوس جالوس غير أن ذلك ال يمنع من وجود أسباب أخرى وإن لم تكن بنفس األهمية ودرجة والتي نلخصها في يأتي: ١ ي ع د اهتمام يوبا بشؤون شبه الجزيرة العربية جزءا من اهتمام الكتاب الكالسيكيين بالمنطقة في العهد اإلمبراطوري األعلى وكان استمرار هذا االهتمام وتزايده يشكل انعكاس ا واقعي ا الهتمام روما باالحتالل الجزيرة العربية لسببين رئيسيين هما: ألسباب أمنية عسكرية تمثلت في حماية الحدود الشرقية لإلمبراطورية الرومانية على مشارف الجزيرة العربية تأمين الخط المالحي البحري من الشرق بعد أن أصبح مهددا من قبل (٣٥) الفرس في إيران. ( ألسباب اقتصادية بحيث اتبع أباطرة روما مع احتالل مصر ٢ وتحويلها إلى مقاطعة رومانية سنة ٣٠ ق.م سياسة كان هدفها السيطرة على التجارة وبخاصة تجارة الطيوب والتوابل التي بدأت تلعب دورا مهما في العالقات التجارية مع اإلمبراطورية الرومانية في عهد اإلمبراطور أغسطس (٢٧ ق.م - ١٤ م) (٣٦ ( وقد لخصها سترابون بقوله "ما يزيد من ثروة سكان المنطقة أن أهلها كانوا يبيعون منتجاتهم وال يشترون شيئ ا في مقابل ذلك كذلك إذا ضمت هذه المنطقة إلى اإلمبراطورية الرومانية فستؤدي بموقعها على الساحل الشرقي للبحر األحمر إلى جانب مصر على الساحل الغربي إلى سيطرة روما الكاملة على الطريق التجاري البحري في البحر األحمر وقد كان هذا إذا تم خليق ا بأن يوفر على اإلمبراطورية الرومانية وعلى الرعايا الرومان التكاليف الباهظة والرحالت الشاقة بالقوافل التجارية الضخمة كذلك كان خليق ا بأن يؤدي إلى تخفيض ثمن سلع المنتجات العربية وعلى تحويل طريق التجارة إلى الهند (٣٧) بطريقة مباشرة. -مواكبة الملك يوبا الثاني "IubaII" لمعاصريه من المؤرخين والجغرافيين والرحالة الذين اهتموا بتقديم المعلومات عن شبه الجزيرة العربية على أساس استقصاء علمي بحيث تكون هذه الكتابات مرجع ا لم ن يريد التعرف على المنطقة لسبب أو آلخر سواء من السياسيين أومن غيرهم ولعل ما يدعم هذا الرأي تدوينه لمجموعة من الكتب تناولت مناطق جغرافية مختلفة كبالد أشور ولوبا. ٦ أهمية كتاب أرابيكا بالنسبة للسلطات الرومانية كان كتاب أرابيكا الدليل الذي استعملته السلطات الرومانية في الحملة الموجهة لالحتالل شبه الجزيرة العربية هذه الحملة التي أرسلها اإلمبراطور أغسطس عن طريق البحر تحت قيادة ابنه المتبنى كايوس قيصر سنة ١ ق.م. والظاهر أن هذه الحملة لم تستغرق وقت ا أو جهد ا كبير ا بحيث يذكر لنا بلينيوس القديم (٣٨) نأ" القائد لم يفعل أكثر من إلقاء نظرة سريعة على البالد العربية" لكن يبدو مع ذلك أن الحملة قد حققت الهدف االقتصادي والسياسي بالنسبة لروما وهناك أكثر من دليل يشير إلى هذه النتيجة بحيث يذكر لنا مؤلف يوناني مجهول في كتابه "الطواف حول البحر (٣٩) االريتري" في جملة قصيرة مفادها "أن القيصر استولى علي دون أن يحدد ميناء عدن في زمن غير بعيد عن زمانه ودمره" (٤٠) (٤١) اسم هذا القيصر وسواء أكانت تسمية "قيصر "تعني كايوس ١٠٠
دراسات قيصر قائد الحملة البحرية أو تشير إلى اإلمبراطور أغسطس الذي كان يشار إليه عادة باسم القيصر فالنتيجة واحدة كذلك يذكر لنا (٤٢) بلينيوس القديم " أن كايوس قيصر قد حصل على شهرة واسعة من وراء هذه الحملة" وهو حديث يدل على أن روما حققت هدفا ملموسا حتى ولو أخذنا هذا اإلخضاع بأقل معانيه وهو حصول روما على امتيازات في هذا الميناء أما الشاهد األخير فهو شاهد أثري مؤداه أن حوالي نصف العملة الرومانية التي وجدت بالهند ترجع إلى عهد كل من اإلمبراطورين أغسطس وابنه (٤٣) تيبيريوس ومعنى هذا أن التجارة الرومانية مع الهند قد نشطت نشاطا كبيرا في هذه الفترة وغني عن البيان أن نقطة الوسط في طريق التجارة بين روما والهند تشغلها السواحل الجنوبية لشبه الجزيرة العربية األمر الذي يدل على أن روما إن لم تكن قد وضعت المنطقة تحت نفوذها تكون قد حصلت على تسهيالت تجارية كبيرة عبر موانئها. (٤٤) ٧ -حمتوى الكتاب لقد تضمن كتاب يوبا الثاني II" "Iuba الكثير من المعلومات القيمة التي تطرق فيها إلى مواضيع متعددة هي: - ١/٧ الجغرافيا: لم يقصر يوبا تسمية بالد العرب على شبه الجزيرة العربية ولكنه أدرج مثل سابقيه من المؤرخين من أمثال هيرودوتوس (Herodotus) وغيرهم القسم الداخلي من سوريا وشبه جزيرة سيناء وصحراء مصر الشرقية التي تقع بين النيل والسواحل الغربية للبحر األحمر ضمن نطاق هذه التسمية ووصف لنا المدن الواقعة على الساحل الممتد من المحيط الهندي إلى الخليج العربي وتلك الواقعة غرب البحر األحمر إذ تحدث عن كافة األمور المتعلقة بشبه الجزيرة العربية فيما يخص مساحتها وثرواتها وما فيها من المدن والرؤوس والخلجان والموانئ والجبال وهي المعلومات التي ورد ذكرها عند بلينيوس القديم في الفقرات التسعة عشر من الفصل الثاني والثالثين من الكتاب السادس (٤٥) وبحسب هذا األخير دائم ا فإن يوبا الثاني قد تفرد بمعلومة مفادها "أن التجارة البحرية ابتداء من وادي الكلب كانت مستحيلة بسبب كما أنه لم يخف تعجبه من إغفاله ذكر بعض وعورة المنطقة" (٤٦) المدن الزاهرة في المنطقة إن لم يكن خطأ الناسخين كمدينة عمان (Omana) (٤٧ ( وبعض الموانئ المتمركزة على الجانب الشرقي وتلك لشبه الجزيرة العربية كأطانة (Attana) وهمنة (Omna) (٤٨) الواقعة على المضيق الذي يفصل البالد العربية عن البالد اإلفريقية وهي مدن (Bérenice) (٤٩) معلومات سابقيه من المؤرخين. ٢/٧ -العادات والتقاليد والنشاط التجاري: (Epidires) وهو الذي صحح وصوب على الرغم من طبيعة الكتاب الجغرافية إال أن معلوماته لم تخلو من الحديث عن بعض عادات الشعوب وتقاليدها وبعض أوج نشاطهم التجاري بحيث ذكر أن العرب كانوا يستخدمون زيوت األسماك مراهم لجمالهم لوقايتها من الذباب كما تحدث عن (٥٠) متاجرتهم بزيوت األفاعي. ٣/٧ -منتجات شبه الجزيرة العربية: لقد أشار يوبا لبعض منتجات شبه الجزيرة العربية كالالدن (Iadanon) الذي تشتهر به المنطقة وهو على نوعين أحدهما والمر (Smyrna) طبيعي واآلخر اصطناعي (٥١) الذي ينمو بالقرب من مناطق زراعة أشجار البخور وهو ينتشر في كثير من مناطق شبه الجزيرة العربية عند المعينين (Minaioi) والسبأيين (٥٢) كما ذكر أن (Sabaioi) وغيرهم وهو يزرع مرتين في السنة (٥٣) الصمغ يستخرج من نبات شوكي ينمو في شبه الجزيرة العربية وفي الهند ويعرف باسم (٥٤) (Lama) وفي حديثه عن األشجار المثمرة تطرق إلى النخيل التي ذكر أن أجود أنواع تمورها هي تلك الموجودة في إقليم سكان الخيام (Skenitae) (٥٥).(Dablan) ٤/٧ -عالم الحيوان: وهي تسمى تطرق يوبا في مؤلفه إلى بعض الحيوانات التي كانت تعيش في الجزيرة العربية بحيث ذكر أن أفاعي المنطقة شبيهة بأفاعي الهند يبلغ طولها (٢٠) ذراع ا وهي محدبة كتلك الموجودة في منطقة الصومال (٥٦) (Trogloditikae) وأن الجمال العربية ذات كما أنه يحيلنا على نوع غريب من الحيوانات حدبة واحدة (٥٧) لديه ثالث فكوك وله وجه إنسان وجسم أسد وهو يحب أكل (٥٩) (٥٨) اللحوم البشرية كما يشير إلى الخيول وتعلق أصحابها بها وفي حديثه عن األسماك أشار إلي المحار الذي يبلغ وزنه داخل الصدفة الواحدة ٠ ٨٧ كلغ وأن الحلزونيات من أشد خصومها وهي تتميز في شبه الجزيرة العربية بألوانها المختلفة الزرقاء ولم تفوته اإلشارة إلى انعدام الخنازير الصهباء واألرجوانية (٦٠) البرية واألليفة في شبه الجزيرة العربية. (٦٢) ٥/٧ -عالم النبات: يقدم يوبا في هذا القسم وصف ا دقيق ا لألشجار العطرية بشبه الجزيرة العربية ال نجده عند من سبقه من الكتاب سواء منهم المؤرخون أو الجغرافيون أو علماء التاريخ الطبيعي وقد أشاد بلينيوس القديم بذلك قائال "...على الرغم الحمالت الرومانية المتكررة على شبه الجزيرة العربية وورود أخبارها إلينا من خالل المؤرخين إال أننا نفتقد لمواصفات شجرة البخور وال يوجد مؤرخ التيني أو إغريقي تمكن بحسب علمنا من إعطائنا وصفا لها باستثناء يوبا الثاني الذي ذكر أن شجرة البخور جذعها ملتو وأن (٦٢) أغصانها شبيهة بنبات القيقب وأن شجرة المر تتميز بجذعها الخشن و الملتوي وهي أكبر حجما من شجرة البخور وأن أوراقها شبيهة بأوراق الزيتون وأن القطن من األشجار التي تشتهر بها شبه الجزيرة العربية وهي ذات أوراق شبيهة بأوراق النخيل وهي (٦٣) أفضل من تلك التي تشتهر بها الهند وأن الحبة السوداء من ١٠١
ق ١٢ دراسات وأن طول أشجارها يصل إلى (٥٠) األعشاب المقاومة للموت (٦٤) (٦٥) ذراع ا في الجزيرة العربية. نستخلص مما تقدم ذكره أنه على الرغم من أهمية المعلومات التي زودنا بها يوبا الثاني إال أننا نالحظ في بعض معلوماته ذلك الجنوح إلى الخيال أو عدم تحري الدقة العلمية في أحايين أخرى ويظهر ذلك جلي ا من خالل حديثه عن أفاعي أثيوبيا التي كانت تتكتل في مجموعات لتجتاز البحر األحمر باتجاه بالد العرب بحث ا (٦٦) عن غذائها غير أن ذلك ال يمنع من وجود الكثير من الحقائق التي ثبتت صحتها ونوه لها واستفاد منها الحقوه من الكتاب القدامى الالتين واإلغريق وفي مقدمتهم بلينيوس القديم "Plinius" الذي أشاد بكتاباته واستشهد بآرائه ووظفها (٣٧) مرة في كتابه التاريخ الطبيعي. خ امت ة وهكذا يتضح مما تقدم ذكره أن الملك الموريطاني يوبا الثاني كان من بين أهم المؤرخين القدامى الذين احتفوا بتاريخ شبه الجزيرة العربية قبل اإلسالم منذ أواخر القرن األول قبل الميالد من خالل مؤلفه أرابيكا الذي لقي صدا إيجابي ا كما حظي باهتمام من قبل جمهور المؤرخين الالحقين له لما ضمه من معلومات قيمة طالت جوانب متعددة من تاريخ هذه المنطقة غير أن هذا المؤلف كغيره من المؤرخين لم يخل من بعض المعلومات غير الدقيقة التي لم يتسن لصاحبها تحري الدقة حولها بحكم انشغاالته السياسية ولجهله لجغرافية وطبيعة المنطقة التي وطأتها قدماه. : اله وام ش (١) نذكر من بين هذه المؤلفات على سبيل المثال ال الحصر: جواد على المفصل في تاريخ العرب قبل اإلسالم الطبعة الثانية بيروت دار العلم للماليين بغداد دار النهضة ١٩٧٨ ١٩٧٦ محمد بيومي مهران دراسات في تاريخ العرب القديم الطبعة الثانية الرياض المكتبة التاريخية للجنة البحوث والتأليف والترجمة والنشر جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ١٩٨٠ حلمي محروس إسماعيل الشرق العربي القديم وحضارته (بالد ما بين النهرين والشام والجزيرة العربية القديمة) اإلسكندرية مؤسسة شباب الجامعة ١٩٩٨ السيد عبد العزيز سالم تاريخ شبه الجزيرة العربية قبل اإلسالم اإلسكندرية مؤسسة شباب الجامعة ٢٠٠٢ لطفي عبد الوهاب يحي العرب في العصور القديمة مدخل حضاري في تاريخ العرب قبل اإلسالم الطبعة الثالثة مصر دار المعرفة الجامعية ٢٠٠٣ أحمد أمين سليم جوانب من تاريخ وحضارة الجزيرة العربية في العصور القديمة مصر دار المعرفة الجامعية. ٢٠٠٥ (٢) (٥) بلينيوس القديم ( ٧٩-٢٣ م): وهو جايوس بلينيوس سيكوندوس ومن كتبه الهامة كتابه "التاريخ الطبيعي" الذي قسمه إلى سبعة وثالثين قسما ولقد تناول شبه الجزيرة العربية في قسمين من هذا المؤلف ولقد تحدث فيهما عن بالد العرب وثرواتها وجغرافيتها ومدنها وسكانها وبعض األحداث التاريخية التي مرت بها وطرق التجارة في شبه الجزيرة العربية والمسافات بين بعض المراكز التجارية ويتحدث كذلك عن المنتجات الطبيعية لشبه الجزيرة العربية ومناطق تواجدها ومواسم محاصيلها وطريقة استخراجها وجمعها كما يتحدث عن أثمانها. (3) Plinius, VI, 31, 1,"Non me praeterit, nec sum oblitus, sui quemque situs diligentissimum auctorem vosum nobis in introituhujusoperis.in hac tamen parte arma romana sequi placet nobis, Jubamque regem, ad eumdem Cauis Caesarem voluminibus de eadem expiditione Arabica", Histoire naturelle de Pline, avec la traduction en français par Littré (M.E).Paris, Dubochet (J.J), Le Chevalier Comp, éditeurs, 1848. (٤) كايوس قيصر: هو حفيد اإلمبراطور أغسطس وابن القائد الروماني ماركوس أغريبا وجوليا البنت البكر لإلمبراطور تبناه هذا األخير في سنة ١٧ ق.م وحصل في سنة.م على لقب قيصر أرسله والده في سنة ١ ق.م إلى الشرق بحيث تمكن من تحقيق بعض االنتصارات في أرمينيا وشبه الجزيرة العربية توفي سنة ٤ م. ال تشير المصادر إلى ظروف توليه الحكم وإذا كان المؤرخان الكالسيكيان ديون كاسيوس وبلوتاركيوس قد أشارا إليه أول مرة كملك منذ سنة ٥٠ ق.م فإن بعض المؤرخين المعاصرين يفترضون أن بداية حكمه كانت في سنة ٦٠ ق.م حكم خاللها مملكة نوميديا الشرقية التي امتدت حدودها من مقاطعة إفريقية الرومانية وتحديد ا عند هنشير الثنية الواقع بالمدخل الجنوبي لخليج السرت الصغير (تونس) شرق ا إلى غاية مدينة قسنطينة غرب ا (الجزائر) وتحدها من الناحية الجنوبية الشرقية مدينة لبدة الليبية (أجزاء من تونس وليبيا والجزائر) واتخذ من مدينة زاما عاصمة له. Dion Cassius, Histoire romaine, XLI, 41, 3, Traduit et annoté par Auberger (J).Paris, les belles lettres, 1995; Plutarque, Caesar, 55, Les vies des hommes illustres, traduit par Richard.Paris, le Fèvre, 1838 ; Piganiol (A), La conquête romaine 7 édition.paris, P.U.F, 1995, P.371 (6) De la Blanchère (R), «De rege Iuba regis Iubae filio», B.C.A, 1884, p70; Carcopino(J), Le Maroc antique.paris, Gallimard, 1943, p31. (7) Gsell(St), Histoire ancienne de l Afrique du Nord (=H.A.A.N), T VIII, Réimpression de l édition 1921 1928, Otto Von ZellerBruck, P.208. ١٠٢
دراسات (٣٩) وهو من الكتب الهامة التي وصلتنا عن شبه الجزيرة العربية والكتاب (8) Dion Cassius, op.cit., LI, 15,6 ; LIII, 26, 2 ; Strabon, Géographie XVII, 3, 7, Traduction d Amedée Tardieu.Paris, Hachettes, 1886. (9) Desanges (J), «Le triomphe de Cornelius Balbus19avant J.C» R.Af, 1954, P.125. (10) Mazard (J), Corpus Nummorum Numidae Mauretanique.Paris, arts et métiers graphiques, 1955, P.108. (11) Tacitus, Histoire, V, 9, Texte établi et traduit par Goelzer (H), Paris, Les Belles Lettres, 1921. (12) Josephus Flavius, II, 7,4, La guerre des Juifs contre les romains 66 70apres J.C, traduit par Armould.Paris,Lidis, 1975. (13) Gsell (St), H.A.A.N, T8, p221. (14) Benseddik(N), Ferdi (S), Leveau(Ph), Cherchel.Alger, 1983, Pp.55 59. (15) Tacitus, Annales, Iv, 24, texte établi et traduit par Geolzer(H).Paris, Les Belles Lettres, 1945; Benabou (M), «Juba II ou l africanité vassale de Rome» Les Africains, IX, 1977, P.153. (16) Plutarque, Sertorius, 9 ; Caesar, 55. (17) Gsell(St), H.A.A.N, T8, p254. (18) Plinius, V, 16, Histoire naturelle, V, texte établi et traduit et commenté par Desanges (J). Paris, Les Belles Lettres, 1980. (19) Gsell(St), «Juba savant et écrivain», R.Af, 1928, P.168. (20) Id, H.A.A.N,T8, PP274 277. (21) Tacitus, Annales, IV, 24. (22) Benabou (M), La résistance africaine à la romanisation d August à Dioclétien. Paris, Maspero, 1976. (23) Coltelloni Trannoy (M), «Le Culte royal sous les règnes de Juba II et Ptolémée de Maurétanie», Histoire et archéologie de l Afrique du Nord, V colloque international, 115 congrès national des sociétés savantes, Avignon 9 13avril1990, édition B.C.T.H.S, 1992, PP69 81. بلينوس القديم الذي عاش خالل القرن الرومانيان (٢٤) وهم المؤرخان األول ميالدي وسولينوس الذي عاش خالل القرن الثالث ميالدي ضف إلى ذلك المؤرخ البيزنطي أليانوس. (25) Plinius, Op.cit, VI,31,14, «Iuba in his volumnibus quae scripsit ad Cauis Caesarem, Augusti filium, de arabia" XXXIII, 4,1 Jubamque regem, ad eumdem Cauis Caesarem voluminibus de eadem expiditione arabica (26) Plinius, VI, 31, 14; XII, 31, 2; XXXII, 4, 1. (27) Gsell (St), op.cit, p 273. (28) Plinius, VI, 31, 1. (29) Gsell (St), Op.cit, p277. (٣٠) سترابون (٦٤ ق.م ١٩ م): ألف كتاب ا باللغة اإلغريقية في سبعة عشرة جزء ا أسماه "الجغرافية" وصف فيه األحوال الجغرافية الطبيعية لمقاطعات اإلمبراطورية الرومانية الرئيسية وتاريخها وأحوال سكانها االجتماعية والدينية وقد خصص في كتابه السادس عشر فصال خاص ا عن بالد العرب ذكر فيه الخطوط التجارية البحرية والبرية من موانئ وطرق الجانب الشرقي للبحر األحمر إلى موانئ وطرق الجانب الغربي لهذا البحر محدد ا بدايات الخطوط ونهاياتها والمواقع التي تمر بها وتعرض لنظام الحكم الذي كان يسود بعض المناطق العربية والعالقات التي كانت تربط بين أقوام المنطقة وغيرهم. (31) Plinus, VI,٢٦, 1 ; Gsell (St), op.cit, 270. (٣٢) لطفي عبد الوهاب يحي المرجع السابق ص ٢٠٢. محرر باإلغريقية وإن كان قد عرف تحت عنوانه المترجم إلى الالتينية وقد اختلف المؤرخون حول تاريخ تأليف الكتاب إذ يرى بعضهم أنه ألف في نهاية القرن األول ميالدي بينما يرى بعضهم اآلخر أنه ألف في النصف األول من القرن الثالث وقد وصف مؤلف هذا الكتاب في مؤلفه طوافه في البحر األحمر وسواحل بالد العرب الجنوبية والهند مرور ا بشواطئ شبه الجزيرة العربية والكتاب يحوي معلومات كثيرة من ذلك النوع الذي يحتاج إلى معرفته المالحون والتجار سواء ما يتصل بالمالحة واألسواق أو ما يتصل بالمعلومات العامة عن البالد التي تقع على سواحل شبه الجزيرة العربية إال أنه لم يهتم إال بأحوال الساحل أما األقسام الداخلية من جزيرة العرب فالظاهر أنه لم يكن ملما بها إلماما كافيا كما أشار إلى األنباط وملكهم الذي كان معاصرا للوقت الذي كتب فيه وإلى عالقة اإلمبراطورية الرومانية بشبه الجزيرة العربية. (40) Perpilus peri maris Erythraei, P.26. (٤١) لقد اختلف المؤرخون المعاصرون حول تاريخ احتالل الرومان لميناء عدن وقد تصور بعضهم أن ذلك وقع في عهد اإلمبراطور كلوديانوس (٤١-٥٤ م) أو قبلها بقليل ويرى بعض الباحثين أن استيالء الرومان على عدن كان بعد حملة أيليوس جالوس وربما بعد الميالد بقليل وذلك بعد إخفاق تلك الحملة الرامية إلى بلوغ المحيط الهندي من البر واالستيالء على الميناء من البحر وذلك في سنة ٢٤ م وقد ذهب بعض الباحثين أن القيصر المقصود هو كراكال. (42) Plinius, XII, 30, 1 2 ; VI, 31 32. (43) Cary (M), History of Rome, London, p591n18. (44) Plinius, VI, 32, 1 19. (45) Ibid, VI, 32, (46) Ibid,VI,34,4. (47) Ibid, VI, 32, 7. (48) Ibid, VI, 34, 2. (49) Ibid, XI, 34, 3. (50) Ibid, XXXVII, 1 35. (51) Ibid, XII, 30, 1 25. (52) Ibid, XII, 18; XII, 30, 1; XII, 41, 1. (53) Ibid, XXXI, 15, 15. (54) Ibid, XII, 7, 5 (55) Ibid, VIII, 13, 1. (56) Ibid, VIII, 26, 1. (57) Ibid, XXXIV, 1. (58) Ibid, VIII, 72, 3. (59) Ibid, VIII, 40, 1. (60) Ibid, VIII, 72, 3. (61) Ibid, XII, 30, 1. (62) Ibid, XII, 22, 1. (63) Ibid,XXV,17,1. (64) Ibid, XXV, 28, 1. (65) Ibid, XXXVII, 9, 1. (66) Ibid, VIII, 25; VIII, 30. (33) Gsell (St), op.cit, p٢٦٦. (٣٤) لطفي عبد الوهاب يحي المرجع السابق ص ٢٠٨. (35) Aymard (A), Auboyer(J), Rome et son empire.paris, P.U.F, 1954, P.311 312. (٣٦) حسن الصابون «حول ميناء لويكي كومي" مجلة مركز الخدمة لالستشارات البحثية العدد (٢٨) ٢٠٠٩ ص ١-٢. (٣٧) سترابون جغرافية سترابون الكتاب السادس عشر وصف بالد ما بين النهرين وفينيقيا وشبه الجزيرة العربية نقله عن اإلغريقية محمود مبروك الدويب بنغازي منشورات جامعة قاريونس بنغازي ٢٠٠٦ ص ٩٥. (38) Plinius, VI, 32, 17. ١٠٣
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات ¼ æù]h ǹ]»íéÛé ÃjÖ]l^Š ö¹]æüé ÃjÖ] êšè Þç Ö ^éã¹]h^jòùø}àú ا ستاذ التاريخ الوسيط كلية العلوم الا نسانية والاجتماعية جامعة البويرة الجمهورية الجزاي رية < << الموضوع الذي بين أيدينا يندرج ضمن المواضيع الثقافية العامة إال أنه يتخصص من حيث مصدرية المعلومات من جهة والجغرافية من جهة ثانية أما بالنسبة للمصدر فهو كتاب فقهي هام يندرج ضمن "كتب النوازل" التي تعتبر من المصادر الجديدة في استنباط المعلومات التاريخية وهو كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية واألندلس والمغرب" وقد قمت بتعريف صاحبه تعريف ا وافي ا وهو أحمد بن يحيى الونشريسي المتوفى سنة ( ٩١٤ ه/ ١٥٠٨ م) وأما بالنسبة للخصوصية الجغرافية تمثلت في االقتصار على "المغرب األوسط" فقط حتى أبتعد قدر المستطاع عن الحشو والتعميم. قسمت الموضوع إلى أربع عناصر: أولها المؤسسات التعليمية: والتي ذكرت منها المساجد والمدارس والزوايا والتي توزعت عبر كامل تراب المغرب األوسط خاصة تلمسان وضواحيها لكونها قاعدة الدولة الزيانية (بني عبد الواد) ثانيها: األستاذ أو المعلم أو المؤد ب الذي كان يعي ن في المساجد والمدارس لتعليم القرآن واللغة العربية وقد خصصت له "أجرة" شهرية من األحباس (األوقاف) التي كانت توقف على هاتين المؤسستين أو كان يجمعها له أولياء الطلبة في القرى والمداشر ثالث هذه العناصر: الطلبة أو الصبيان الذين كانت عائالتهم تصر على إرسالهم في الصغر إلى إحدى دور التعليم المتوفرة في المكان الذي يعيشون فيه لحفظ القرآن الكريم وتعلم الكتابة مع اللغة العربية وأما آخرها فكان عنوانها: مستجدات تعليمية: سماها الونشريسي "بدع ا" منها ما كانت مستحسنة ومنها المستقبحة وقد أجملت أهمها في النقاط التالية: -كثرة التدوين والتآليف- بناء المدارس نبذ العلوم العقلية عامة وعلم الكالم خاصة - سلبية وأضرار النقل من المختصرات - اتخاذ الكراسي في المساجد بدل الجلوس على الحصير- ذم علماء السلطان ذم التقليد- ذم التبرك بقبور العلماء والصالحين- تصد ر الجهال للفتوى. وأخير ا أشير إلى أني عر فت في هذا المقال بحوالي ١٥ فقيه ا وعال ما من علماء المغرب األوسط مم ن تصد روا اإلجابة على النوازل والمسائل الخاصة والعامة التي كانت تطرح هنا أوهناك في مناطق المغرب األوسط. تاريخ استلام البحث: ا بريل تاريخ التعليم المغرب الا وسط الونشريسي كتاب المعيار ٢٠١٥ ١٩ المو سسات التعليمية ٢٠١٥ تاريخ قبول النشر: ٠٣ ا غسطس DOI 10.12816/0045094 نسيم حسبلاوي "التعليم والمو سسات التعليمية في المغرب الا وسط من خلال كتاب المعيار للونشريسي".- دورية. - السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ١٠٤ ١١٤. م ق د م ة عرفت بالد المغرب العملية التعليمية المرتبطة بالثقافة العربية اإلسالمية منذ عصر الفتوحات فقد كانت للفاتحين جهودا متفاوتة في تعليم البربر مبادئ اإلسالم من جهة ولغة القرآن من جهة ثانية دون أن ننسى بأن الفتح اإلسالمي في ذاته كان فتحا ثقافيا قبل أن يكون فتحا عسكريا وي عد بناء عقبة بن نافع الفهري لمدينة القيروان في واليته األولى ( ٥٥-٥٠ ه/ ٦٧٤-٦٦٩ م) هو المنطلق الفعلي لهذا المشوار التعليمي الطويل والذي قصده هذا الفاتح الكبير وهو يدور حول مدينته مرفقا بثلة من صحابة النبي محمد () وهو يدعو لها كما جاء في طبقات إفريقية ألبي العرب تميم- :"اللهم امألها علم ا وفقه ا واعمرها بالمطيعين والعابدين" ثم جاء ١٠٤
دراسات الخليفة األموي الرابع عمر بن عبد العزيز الذي حكم بين ( ١٠١-٩٩ ه/ ٧٢٠-٧١٧ م) ليعطي دفعة قوية لهذه العملية التعليمية ببالد المغرب عن طريق البعثة العلمية التي ضمت عشرة من خيار التابعين والتي أرسلها إلى إفريقية بعد توليه الخالفة مباشرة "ليفقهوا أهل إفريقية ويعلمونهم أمر دينهم" فيما أشار إليه المالكي في رياض النفوس واستمرت هذه العملية صعود ا ونزوال عبر القرون المتوالية لتصل إلى عصر ابن خلدون (ت. ٨٠٨ ه/ ١٤٦٠ م) الذي بي ن لنا بما ال يدع مجاال ألدنى شك أن بالد المغرب كان لديها نظام ا تعليمي ا مستقال يختلف عن النظام األندلسي وذلك في قوله في مقدمة كتابه الع بر: "فأما أهل المغرب فمذهبهم في الولدان االقتصار على تعليم القرآن فقط وأخذهم أثناء المدارسة بالرسم ومسائله واختالف حملة القرآن فيه ال يخلطون ذلك بسواه في شيء من مجالس تعليمهم ال من حديث وال من فقه وال من شعر وال من كالم العرب إلى أن يحذق فيه أو ينقطع دونه فيكون انقطاعه في الغالب انقطاع ا عن العلوم بالجملة وهذا مذهب أهل األمصار بالمغرب ومن تبعهم من قرى البربر..." ثم جاءت مرحلة ما بعد ابن خلدون وهي المرحلة التي سأتناول فيها العملية التعليمية في حي ز جغرافي محدود وهو المغرب األوسط من خالل كتاب محدد وهو المعيار المعرب للونشريسي وقد تناولت هذا الموضوع من خالل أربعة عناصر هي: (المؤسسات التعليمية المدر س أو المؤدب أو األستاذ الطالب مستجدات العلم والتعليم). قبل الشروع في الحديث عن هذه العناصر وجب أن أعر ج على تعريف صاحب كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية واألندلس والمغرب" الذي هو المصدر األساسي في موضوعي هذا فهو الونشريسي أحمد بن يحيى واسمه الكامل أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي أشهر من أن يعر ف ترجم له عدد كبير من المؤرخين واتفقوا على أنه حامل لواء المذهب المالكي في وقته - نهاية القرن التاسع وبداية العاشر الهجريين- فقد عاش بين ( ٩١٤-٨٣٤ ه/ ١٤٣٠-١٥٠٨ م) نشأ بتلمسان وبها أخذ عن شيوخها قبل أن يستقر بمدينة فاس بالمغرب األقصى وله هذا الكتاب الشهير في النوازل الذي يبين تبحره وتمكنه في الفقه المالكي وله غير ذلك من المؤلفات (١) ذكره صاحب دوحة الناشر بقوله: "البحر الزاخر الكوكب الباهر حجة المغاربة من العلماء الراسخين واألئمة المحققين". (٢) أوال : المو ساست التعليمية من خالل عدد من النوازل الواقعة بالمغرب األوسط تبين أن االهتمام بالمؤسسات التعليمية أو دور العلم - تعددت دوائره سواء من طرف العلماء أومن طرف الحكام واألمراء أومن طرف عائالت عموم الشعب فكانت المساجد في المرتبة األولى في قائمة األهمية واالهتمام وهي التي كانت تحتضن مجالس العلماء والفقهاء فالمدارس التي كانت تخصص للتعليم ثم الزوايا التي كانت تحتضن حلقات الذاكرين وطقوس الطرق الصوفية وقد توزعت هذه الدور والمساجد جغرافيا بين تلمسان وبجاية ومازونة والجزائر وغيرها إال أن النوازل التي بين أيدينا تجعل من تلمسان الحاضرة األكثر حظا من تواجد هذه المؤسسات ويعود ذلك طبعا لكونها كانت قاعدة ملك الدولة الزيانية - أوبني عبد (٣) الواد فالمسجد لم يكن مخصص ا للصالة فقط بل كان يمثل مركز الحياة في العصور الوسطى منذ ظهور اإلسالم وأهم مهمة اضطلعت بها الجوامع بعد الصالة هي العملية التعليمية التي كان يصدرها العالم أو الفقيه هذا ما يوضحه الونشريسي في جمعه وحصره لما رآه ب د عا في عصره خاصة ببلدان المغرب تحت عنوان "فصل أذكر فيه المستحسن من البدع وغيره" حيث تحدث عن بدعة استحداث الكراسي في المساجد إللقاء الدروس طبعا ثم ذكر أنه :" قد كان من هدي العلماء في قعودهم أن يجتمع أحدهم في قعوده وينصب ركبتيه أو يقعد على قدميه ويضع مرفقيه على وفي نوازل أخرى ذكر بعض مجالس علماء المغرب ركبتيه" (٤) األوسط التي كانت تستقبل الطلبة وتساؤالتهم أمثال الشريف عبد (٥) الله بن أبي عبد الله الشريف التلمساني المتوفى سنة ٧٩٢ ه الذي "س ئل في مجلس تفسيره عن حكمة ذكر الذهب دون الياقوت أو والشريف اآلخر أبو يحيى نحوه مما هو أرفع قيمة من الذهب" (٦) (٧) محمد بن أبي عبد الله التلمساني المتوفى سنة ( ٨٣٣ ه/ ١٤٢٩ م) الذي س ئل في مجلس تفسيره أيض ا عدة أسئلة منها "عن الحكمة ( ٨) في تقديم السمع على البصر في غالب التنزيل في نحو ٤٠ آية" كما اختلف طلبة مازونة حول مسألة عقائدية في مجلس تدريس أحد فقهائها الذي قال: "إن الله رأى أشخاصنا قبل وجودنا وسمع (٩) أصواتنا في األزل ونحن عين العدم..." وي سند هذا ما عرف به الفقيه محمد بن أبي القاسم بن محمد المشذالي البجائي المتوفى سنة ٨٦٦ ه وهو أحد العلماء الذين أثبت لهم الونشريسي في معياره عدة فتاوى "حيث كان يخطب بالجامع األعظم ببجاية وتصدر فيه وفي غيره للتدريس". (١٠) وقد أكد العالمة المجتهد العارف أبو الفضل قاسم بن سعيد (١١) العقباني المتوفى سنة ( ٨٥٤ ه/ ١٤٥٠ م) على أهل قرية "تضامن الجماعة في بناء المسجد واتخاذ اإلمام والمؤدب" ملزما الجميع بالمساهمة وجاءت في ذلك حتى ال تتعطل إقامة الجماعة. (١٢) المدارس في المرتبة الثانية من حيث االنتشار فقد ذكر الونشريسي نازلة ببلدة كبيرة في تلمسان يجري بها ماء من األعلى إلى األسفل وبهذا البلد "حمامات ومدارس ودور" (١٣) -وصيغة الجمع تدل على الكثرة - س ئل عنها أبوعبد الله محمد بن مرزوق (١٤) الحفيد المتوفى سنة ( ٨٤٢ ه/ ١٤٣٨ م) فأجاب برسالته المشهورة: "الروض البهيج في مسائل الخليج" ونازلة أخرى سئل عنها شيوخ تلمسان دون تحديد- حول أرض محبسة على وجه المغارسة وهي المدرسة التي ذكر لنا التنبكتي على "المدرسة اليعقوبية" (١٥) ١٠٥
دراسات في نيل االبتهاج أن اإلمام العالم الفاضل الولي الصالح الصوفي الزاهد العالمة المحقق ابن زاغو المغراوي التلمساني المتوفى سنة ٨٤٠ ه در س بها الحديث والتفسير والعربية والبيان والحساب (١٦) وغيرها كما اشترى رجل من مازونة بأموال الصدقات دار ا تهدمت كانت مشتملة على بيوت شتى ألناس شتى ومنها بيت ح بس على مسجد "فأعاد بناءها مدرسة بالقرب من مدرسة أخرى ثم وقع خالف بين الباني وأحد قديمة وسكنها الطلبة مدة" (١٧) المتصدقين تصد ر اإلجابة عنه الفقيه أبو علي منصور بن علي بن عثمان البجائي المتوفى بعد سنة ( ٨٥٠ ه/ (١٨) ١٤٤٦ م). وأظهرت نازلة أخرى سئل عنها شيخ شيوخ الونشريسي القاضي سعيد بن محمد تتعلق ببعض العقباني أبوعثمان المتوفى سنة ( ٨١١ ه/ ١٤٠٨ م) (١٩) الطلبة القاطنين في أحد المدارس أرادوا االنتقال من مسكنهم بها إلى مسكن مدرسة أخرى قريبة بسبب ضيق التي هم فيها إال أن (٢٠) القاضي لم ي جز لهم ذلك. كل هذه النوازل تؤكد كثرة المدارس في المغرب األوسط خاصة في تلمسان وإذا أردنا االستزادة فإن عبد الرحمان بن خلدون يخبرنا في كتابه العبر أن بعض حكام تلمسان كانوا يبنون الذي بنى مدرسة المدارس كما فعل أبو حمو موسى الثاني (٢١) (٢٢) خاصة للعالمين الجليلين الشهيرين بابني اإلمام وقد جعل أخوه أبو زكرياء يحيى بن خلدون وهو ي عر ف بتلمسان أن من مباهجها كثرة المدارس وذلك في قوله: "... وتنصب إليها من عل أنهار من ماء غير آسن تتجاذبه أيدي المذانب واألسراب المكفورة خاللها ثم ترسله بالمساجد والمدارس والسقايات فالقصور وعلية الدور والحمامات". (٢٣) ومن الغرابة أن هذه الكثرة لم تر ق للونشريسي مؤلف المعيار وال للعالم الجليل التلمساني محمد بن إذ جعلها األول من البدع غير المستحسنة أما إبراهيم اآلبلي (٢٤) ( ٢٥) الثاني فجعلها من مفسدات العلم وذهابه رفقة كثرة التواليف بينما هي اليوم عندنا من المفاخر كما يذكر الكاتب الكبير عبد الله العروي الذي أكد أن "معظم المد رسات التي نفخر بها اليوم ويتمتع برونقها السواح األجانب في فاس وتلمسان وتونس تعود إلى ذلك العهد". (٢٦) وأما المؤسسة الثالثة التي أوردها الونشريسي في نوازله المجموعة هي الزوايا التي يرتادها المتصوفة وهي ظاهرة ارتبط انتشارها كما يشير المؤرخ المغربي إبراهيم القادري بوتشيش بالمرحلة األخيرة من العصر المرابطي وذلك لعدة أسباب ليس هذا مكان حصرها (٢٧) الوغليسي المتوفى سنة فقد س ئل فقيه بجاية أبوزيد عبد الرحمان ( ٧٨٦ ه/ (٢٨) ١٣٨٤ م) عن عادات فقراء الزوايا "من الرقص والتصفيق" فأجاب أن ذلك بدعة وضالل مع أنه رافع لصالح الصوفية الحقة بقوله: "وقد يغتر من ال يمي ز األمور بما يذكر عن بعض أهل الصدق من الصوفية مما يقع لهم عند السماع عند صفوه من حالة صادقة من التواجد... فكيف يتشبه بهم من هو في غمرات الجهل". (٢٩) كما أورد نازلة أخرى مهمة تحمل في طياتها تفاصيل الحضرة الصوفية التي تجمع المريدين بشيخهم من بداية االجتماع إلى نهايته حيث يهللون ويسبحون ويصلون على النبي () ويقرأون القرآن أفراد ا وجماعة وينشدون األشعار في مدح النبي () ويقرأ أحدهم فصوال من كتب الوعظ ثم يأكلون طعام ا من مال الشيخ وخالص كسبه وفي األخير يدعوا الشيخ وهم يؤمنون رافعين أكفهم ويمسحون بها وجوههم ثم ينصرفون (٣٠ ( ولم يجد المسئول عن هذه النازلة شيخ اإلسالم ومفتي األنام الحافظ القدوة العالمة بدا من التنويه بهذه الطقوس مؤكد ا أن كله" حسن وأكثره مثني عليه شرع ا وليس فيه إن شاء الله موضع للنهي... ولقد حضرت مجتمعهم مرتين فما رأيت إال تعاونا على البر والتقوى وبعدا من (٣١) اإلثم والطغوى" ليستدل مرة أخرى عن صحة هذا التوجه بكالم والده "شيخ الشيوخ ورئيس العلماء والحكماء وقاضي تلمسان وبجاية ووهران ومراكش وسال" سعيد بن محمد العقباني أبو عثمان سابق الذكر حيث سمعه غير مرة يجيب سائليه عن هذه الجلسات والتجمعات والكتاب". (٣٢) "أن ذلك سداد وصواب وطوع للسنة وأختم بنازلة أخيرة تبين توجه بعض الخواص إلى استحداث زوايا والتصدق بها للصالح العام حيث قام أحدهم ببناء دار "سماها زاوية" وخط في جدار قبلتها صورة محراب ثم مات بعد (٣٣) ذلك فقد يكون أحس بدنو أجله وأراد أن يكون آخر عهده بالدنيا صدقة جارية. ثاني ا: المدر س أو األستاذ ويطلق عليه أحيان ا أخرى المؤد ب وهو عنصر أساسي في العملية التعليمية لذا كان يخصص له جزء من األحباس كأجرة على جهوده التعليمية أو يتفق آباء "الطلبة" على أجرة محددة تكون مشتركة بينهم وعادة ما تكون شهرية أما مكان التعليم فكان في هذه الفترة الزمنية بعد القرن ٩ ه/ ١٥ م إما في المدارس التي كانت تتواجد خاصة في المدن أو الحواضر أو في المساجد التي اشتهرت بهذه المهمة منذ القرون األولى لظهور اإلسالم والتي انتشرت في الحواضر والبوادي على حد سواء كما أوضحت سابق ا أو ثالث ا في الدكاكين التي يملكها المدر س أو يكتريها المحسنون لممارسة العملية التعليمية فقد أثبت صاحب المعيار عدة نوازل تظهر تحبيس عقارات على أساتذة ومؤدبين من ذلك النازلة الواقعة بأسرة العقباني والتي سئل عنها فقهاء بجاية وتونس وفاس مفادها تحبيس األمير الزياني الواثق بالله (٣٤) أبوعبد الله محمد عقار ا محتوي ا على جنات ومحارث وحمام على عالم من العلماء األعالم طول حياته والسؤال بلفظ الفقيه القاضي أبوعبد الله محمد بن أحمد بن قاسم بن سعيد بن محمد وقد أحبس رجل أرض ا على أستاذ لم يعينه بن محمد العقباني (٣٥) المجتهد العارف أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني -سابق الذكر- ولكن اشترط فيه شروطا تعجيزية "ال توجد اليوم في أحد" -كما ١٠٦
دراسات جاء في صيغة السؤال إال أن الفقيه العالم ابن مرزوق الحفيد سابق الذكر أجاز منحها للمدرس األمثل في الموضع المعني (٣٦) بالحبس كما أجاز أكثر من واحد صرف ما فضل من أحباس المساجد المخصصة لإلمام والمؤذن ولترميم ما تصدع من البنيان ٣٧) ( وقد على عملية التدريس التي تضم خاصة المؤدب والطالب سبق أن رأينا من يحبس عقارات على المدارس وعمدة هذه األخيرة المعلم والطالب. أما ما يتعلق بأجرة المعلم فقد مال بعض فقهاء المغرب األوسط إلى إباحتها رغم أن اإلمام مالك بن أنس كر هها فقد سئل الفقيه سعيد العقباني التلمساني عن أجرة تعليم العلم واإلجازة في ذلك فأجاب أن "اإلمام مالك في المدونة لسحنون اإلمام - كره اإلجارة على تعليم العلم وقيل باإلباحة ومذهب المدونة مقدم في النقل كي ال يضيع العلم لضعف أرزاق العلماء فإن منعوا اإلجارة شغلهم طلب المعيشة عن التعليم... وأما توقف التعليم (٣٨) على كتب اإلجازة فلم يقله أحد" لذا شدد الفقهاء على إعطاء المعلم أجره للقادر عليها وهذا في الحاالت التي ال يكون للمعلم دخال من األحباس وال من غيرها لذا كان تضامن الجماعة وحتى واشتراكهم في أجرة اإلمام والمؤدب من المرغ ب فيه (٣٩) وصي اليتيم عليه إخراج األجرة من ماله لتدفع إلى معلمه حتى ال (٤٠) يفوته قطار التعليم كما أشار إلى ذلك الفقيه قاسم العقباني والذي اتفق مع أهل موضع على تعليم أبنائهم مدة سنة ولم يكملها بسبب انقطاع الطلبة األبناء- على األولياء منح المعلم أجرة السنة كاملة إال إذا كان سبب االنقطاع تتعلق باألستاذ فيعطى فقط ولم يسقط هذه األجرة فقيه بجاية المدة التي درسها من العام (٤١) على المديان علي بن عثمان أبو الحسن (٤٢) الذي عليه ديون- بل أمهله إلى أن يبيع القاضي عنه شعير ا كان يملكه فيعطي منه (٤٣) ألصحاب الديون ومنهم مؤدب أوالده. وجرت العادة ببالد المغربين األوسط واألقصى أن يعطي آباء الصبيان لمعلميهم شمع ا كل سنة بمناسبة مولد النبي محمد () وقد يكون لتخصيص الشمع عالقة بالبدعة التي ذكرها الونشريسي والتي كانت منتشرة ببالد المغرب أجمع وهي إيقاد الشموع ليلة المولد وسابعه (٤٤ ( وهي البدعة التي ما تزال منتشرة إلى يومنا هذا في بلدنا الجزائر وإن كانت مقتصرة فقط بليلة المولد والليلة الموالية وليت األمر وقف عند هذا الحد بل تعداه إلى بدعة أسوء وأشنع وأبشع وأخطر وهي المفرقعات واأللعاب النارية التي تمأل سماء البالد قبل ليلة المولد بأيام وتستمر بعده أليام. كما اختصت البادية بعادة أخرى تسمى "خميس الطالب" يلزم جميع األولياء ممن لديهم أبناء متمدرسين وممن ليس لهم بمنح كميات من الزبدة لألساتذة في فصل الربيع ويظهر من هذه العادة رغم الظلم الواضح على اآلباء الذين ليس لديهم أبناء متمدرسين أنها تحفيزية للمعلمين كي يأتوا إلى البادية ويمكثوا فيها ورغم ذلك فإن اآلباء المتضررين رفعوا شكوتهم عن طريق سؤال إلى العالم الفقيه قاسم العقباني الذي لم يتردد في إسقاطها عنهم حتى وإن كانت مما اشترطه المعلم إال أن يعطيها هؤالء أو بعضهم تطوع ا. (٤٥) ثالث ا: الطالب كانت األسر بالمغرب األوسط حريصة على تعليم أبنائها سواء في الحضر أو في البادية وكانت هذه العائالت تدفع مصاريف التعليم من جيبها أحيان ا وأحيان ا أخرى يتكفل بعض المحسنين بتحبيس عقارات عليهم وعلى المدارس المخصصة لذلك وقد رأينا أمثلة على ذلك وذهب بعض الفقهاء إلى جواز منح بعض الطلبة من أموال الزكاة إعانة لهم على طلب العلم كما فعل أهل موضع في زكاة أموالهم التي جمعوها ومنحوها "لشخص غائب ولم يكن هذا االندفاع والتوجه محض صدفة في طلب العلم" (٤٦) وإنما لترغيب العلماء في التعليم وتقدير أهله وتيسير طرقه ومن ذلك ما أفتى به ابن مرزوق الحفيد من أن "النظر في العلم أفضل (٤٧) من قراءة القرآن" انطالق ا من أن قارئ القرآن ينفع نفسه فقط بينما العالم ينتفع به عموم الناس كما أسقط الفقيه سعيد العقباني هم اإلجازة على من يريد التعليم كما أشرت سابق ا- بل يتصدر للتعليم "من عرف منه العلم والدين... ومن رأى نفسه كفؤا وجب عليه التعليم وجوب عين أو كفاية حسب الموضع الذي هو فيه وأن الطالب إذا رأى الشيخ أو المعلم يعظمه الناس جاز له األخذ وذلك لتجنب أشباه العلماء والجهال الذين عمت بهم عنه" (٤٨) البلوى والمصيبة بعد القرن التاسع الهجري ( ٩ ه) حيث كانت "تسند إليهم الصالة واإلمامة... وينتصبون للفتوى والطلب (٤٩) واإللقاء". وقد أوضحت في نوازل سابقة أن أجرة المعلم الذي ال دخل له تكون على عاتق أولياء الطلبة بعد اتفاق بين الطرفين كما أوضحت سابق ا أن بعض طلبة المدارس كانت لهم بها مساكن خاصة مثل ذلك الرجل الذي اشترى دار ا بها بيوت شتى فبنى أو رغبة بعض الطلبة االنتقال من مكانها مدرسة سكنها الطلبة (٥٠) مساكنهم بمدرستهم إلى مساكن مدرسة أخرى بسبب ضيق التي وقد أوضح لنا ابن خلدون في مقدمته الشهيرة " نأ هم فيها (٥١) سكنى طلبة العلم بالمدارس في المغرب ست عشرة سنة وهي ورغم بقاء عدد الطلبة بهذه المدارس بتونس خمس سنين" (٥٢) مجهوال فإن هذه المقدمات تدل على التطور الكبير الذي عرفته المدارس في هذه الحقبة الزمنية ببالد المغرب. أما عن المستويات التي تميز فئات الطلبة فإن نوازل المعيار ال تقدم لنا أي صورة عنها لكن استعانتنا بابن خلدون يمكننا معرفة مستويين اثنين للتعليم ببالد المغرب أجمع هما تعليم الصبا أي الصبيان - وهو الشبيه بالتعليم االبتدائي في أيامنا ثم التعليم (٥٣) الثاني وهو الشبيه بالتعليم الثانوي عندنا اليوم وما بعده ويمكن التفريق بينهما في النوازل باستخدام مصطلحين متباينين األول هو "الصبيان" وهم تالميذ المرحلة األولى أو االبتدائية ومصطلح "الطلبة" وهم طالب المرحلة الثانية وفي نازلة "طلبة ١٠٧
دراسات مازونة" المشار إليها سابق ا دليل على ما ذهبت إليه حيث اختلفوا (٥٤) في مسألة من العقائد بمجلس أحد الفقهاء وال يمكن لتالميذ المرحلة االبتدائية أن يختلفوا أو يكون لهم رأي في مسائل بسيطة فما بالك بمسائل العقيدة األمر الذي يؤكد أن أصحاب هذه النازلة كانوا من المستوى الثاني أو العالي وقد جاءنا المعيار بدليل آخر من طلبة قسنطينة الذين ساهموا في النقاش مع شيخهم في الزنديوي قاضي قسنطينة وفقيهها المتوفى سنة ٨٨٢ ه (٥٥) مسألة "وجوب قراءة سورة الفاتحة في الصالة وعدم وجوب (٥٦) السر أو الجهر بها " وقد أثبت الونشريسي جواب ورأي عدد منهم. وأما أوقات التعليم فإن النوازل التي بين أيدينا ال توضحها بإسهاب لكن نازلة المؤلف نفسه بعد تعيينه مدرسا للفقه بفاس من طرف حكام المغرب األقصى تقدم لنا صورة واضحة حول هذا الموضوع فمقارنة بين توجه الونشريسي في التعليم وجواب قاضي الجماعة في تلمسان الفقيه محمد بن يوسف السنوسي أبوعبد الله المتوفى سنة أوقات التعليم على هذه النازلة يتبين أن ٨٩٥ ه (٥٧) كان فيها تنوع واختالف حسب عادات المكان حيث تراوحت بين ثالثة أشهر وجل السنة بما فيها فصل الصيف إال أن التركيز كان على فصل الشتاء دون غيره ثم تخفف درجات المسائل المدروسة تدريجيا فقد جاء في سؤال الونشريسي الذي أرسله إلى قاضي الجماعة في تلمسان الشيخ إبراهيم بن قاسم بن (٥٨) سعيد العقباني المتوفى سنة ٨٨٠ ه أنه وجد وهو بفاس "عادة الكثير من مدرسي البلد والناحية االقتصار على تدريس شهرين أو بينما أكد هو أنه يدرس جل ثالثة من السنة إال ما شذ منهم" (٥٩) السنة وفي جواب السنوسي له أوضح أن العادة لدى الشيخ "قديم ا وحديث ا" هي التركيز على فصل الشتاء في التعليم بسرد عدد قليل من المسائل الصعبة وإفراغ الوسع في نقل آراء العلماء فيها وال يعطي المدرس لنفسه فيه راحة أما في باقي الفصول فيقتصرون على بيان صورة كل مسألة مع نقل ما البد منه من األبحاث واألقوال حولها فال يأتي الشتاء الموالي حتى يكون المتعلم فهم المسائل ما يؤهله لفهم مسائل صعبة جديدة أما ما اعتاده بعض المدرسين في زمنه الذي وصفه بالفاسد من إقراء فصل الشتاء فقط فهو مرفوض ومنبوذ. (٦٠) وأما المناهج المدروسة فإن كتاب المعيار فيما يتعلق بالمغرب األوسط ال يقدم لنا إال إشارات صغيرة حولها وبإضافة ما ذكره ابن خلدون في مقدمته ودراسة عميقة لتراجم العلماء المساهمين في النوازل خالل هذه الفترة الزمنية يمكننا وضع صورة قريبة من الكمال لكنه خارج عن نطاق الدراسة المقتصرة على كتاب المعيار للونشريسي. رابع ا: بعض مستجدات التعليم لقد تطرق الونشريسي إلى عدة مستجدات طرأت على العملية التعليمية في زمانه بالمغرب عموم ا أدرجها تحت عنوان "فصل أذكر فيه المستحسن من البدع وغيره" وقد عر ج على كثير من قضايا التعليم التي قسمتها إلى قضايا إيجابية وأخرى سلبية ولم أتبع تقسيم المؤلف الذي عد معظم ما ذكر من المستجدات بدع ا (٦١) سلبية وإنما وضعت ما رأيته إيجابيا في اإليجابيات وما رأيته سلبي ا في السلبيات: - - قضايا إيجابية: (استنتجت منها) تدوين العلوم: حفظ ا للشريعة من الضياع. كثرة التواليف وبناء المدارس: جعلهما الونشريسي من أسباب تراجع العلم مستدال بالفقيه التلمساني محمد بن إبراهيم اآلبلي من شيوخ عبد الرحمان بن خلدون الذي قال: "إنما أفسد العلم كثرة التواليف وإنما أذهبه بنيان المدارس" وقد وافقه تلميذه الذي عنون الفصل الرابع والثالثون من مقدمته المشهورة بأن (٦٢) التحصيل". - - - - - - - "كثرة التآليف في العلوم عائقة عن هجومه على علماء السالطين وجعلهم شر العلماء. تقديس الكتابة وحب الكتاب فإذا وجد أحد المارة "قرطاسا" - ورقة- قب له ووضعه على رأسه ثم يرفعه إلى موضع طاهر كما نفعل اليوم مع قطع الخبز خاصة التي نجدها ملقاة بالشوارع وتبين نازلة في هذا المعنى بيع كتاب في المزاد (٦٣) وصل سعره ١٤ دينار ذهب وربع دينار. ابتداع علم الكالم والجدل وعلم القياس والنظر واالستدالل بأدلة المعاني والمعقول وإن كانت هذه العلوم ليست من وضع المغاربة إال أنها وصلت إلى مجالسهم ومدارسهم وتخصص فيها بعض علمائهم وإشارة الونشريسي لها في البدع المستقبحة دليل على انتشارها في بالد المغرب. قضايا سلبية: (استنتجت منها) نقل الناس من المختصرات الغريبة أربابها ونسبة ظواهر ما فيها إلى أمهاتها وفيها قال ابن خلدون: االختصارات المؤلفة في العلوم مخلة بالتعليم". (٦٤) "أن كثرة الجلوس على الكراسي بدل الحصير(األرض) استحدثها المنتسبون للعلم بينما كان السابقون يجلسون على األرض. خلط علم الطب بالسحر والشعوذة وهوما يتعاطاه كثير من مد عي علم الطب ومعرفة األدواء وصناعة اليد من حيل وتخيل وإيهام العقل حسب تعبير الونشريسي وهو أمر لم نسلم منه حتى في أيامنا. التبرك بقبور العلماء والشهداء والصالحين وهو أمر ما زالت شريحة كبيرة من مجتمعاتنا تنتحله وتمارسه وإن كان اليوم اقتصر على الصالحين فقط. ١٠٨
دراسات ذم التقليد فقد نقل عن المقري الجد جد أحمد بن محمد المقري صاحب نفح الطيب- كالم ا طويال ذم فيه التقليد وما نتج عنه من سلبيات وخلص إلى أن "التقليد مذموم وأقبح منه تحي ز األقطار وتعصب النظار... واعلم أن أصل التقليد هو المعصية التي هي كالطبع لهذا النوع ألنه غلب عليه حب الخيال والوهم وقل فيه طاعة العقل والفهم...". (٦٥) تعاطي الجهال العلم وانتصابهم للفتوى والطلب واإللقاء وتقديمهم على العلماء وتولية المناصب الشرعية التي تحتاج إلى أهل العلم- بالتوارث والجاه لمن ال يصلح وهي ظاهرة ما تزال مجتمعاتنا المغاربية والعربية تعاني منها في عصرنا هذا والله الهادي إلى سواء السبيل. خ امت ة ي خطئ من يظن أن هذه الفترة الزمنية التي تمثل عصر ما بعد ابن خلدون عرفت فيه العملية التعليمية تراجع ا أو توقف ا أو انتكاسة ألن الشواهد التي بين أيدينا والتي أشرنا إليها في الموضوع تبين استمرار دوران عجلة العملية التعليمية بشكل إيجابي ومحمود فكل األسس التي قامت عليها هذه العملية عرفت انتعاشه أو كانت حلقاتها تدور دورانا منتظم ا في أقل تقدير. كانت دور العلم متنوعة ومتعددة ومنتشرة عبر مختلف أقطار المغرب األوسط سواء تعلق األمر بالمساجد الجامعة أو المساجد الصغيرة التي انتشرت في المدن والبوادي وإلى جانبها رأينا المدارس التي كانت تستقبل الطلبة من مختلف األعمار ثم وجدناها طبقت حتى النظام الداخلي المعروف في أيامنا حيث كان الطلبة يبيتون فيها سنين عديدة والتي أك د لنا الونشريسي أنها كانت كثيرة وجعلها من مفسدات التعليم كما كانت الزوايا المنتشرة هنا وهناك -خاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه الطرق الصوفية- والدكاكين أو الحوانيت التي كان يكتريها األساتذة أو اآلباء تقوم بدور مساعد وهام في نشر التعليم. وكان المعل م أو المؤد ب يقوم بدوره التعليمي في المدن وفي البوادي على السواء وكان له أجر على ذلك سواء من األحباس أومن أهل المتعلمين الذين سعوا لتعليم أبنائهم وقد أجاز بعض الفقهاء منح جزء من أموال الزكاة للتالميذ والطلبة الذين ال يملكون مصاريف التعليم. أما األساس الثالث للعملية التعليمية وهو المنهج فقد كان واضح ا مما تقدم أنه اقتصر على العلوم الدينية التي كان على رأسها القرآن الكريم وحديث النبي () ثم يأتي الفقه (الحالل والحرام) في المرتبة الثانية والذي اختص بمذهب اإلمام مالك لكون كل الفقهاء والعلماء والمؤدبين في ذلك الوقت كانوا مالكية أما في المرتبة الثالثة فقد جاء "علم الكالم والجدل وعلم القياس والنظر واالستدالل بأدلة المعاني والمعقول" وهي علوم دخيلة كما أشار الونشريسي الذي اعترض على تدريسها. - - ١٠٩
ت( ت( ت( ت( ت( دراسات جدول يبين النوازل المدرجة في الموضوع وتواجدها في كتاب المعيار: النازلة مكان وقوعها الفقيه اجمليب عنها /سنة وفاته تواجدها في الموضوع/ ص تواجدها في كتاب المعيار ج/ ص ٤٧٧ /٢ ٠٢ استحداث الكراسي في المساجد المغربين أحمد بن أحمد الونشريسي صاحب للتدريس األوسط المعيار- واألقصى. ٩١٤ ه / ١٥٠٨ م) ٢٣٦ /١٢ ٠٢ مسألة في التفسير:الحكمة في ذكر تلمسان الشريف عبد الله بن أبي عبد الله الذهب دون الياقوت أونحوه.. الشريف التلمساني (ت. ٧٩٢ ه)...٣٢٥ /١٢ ٠٢ مسألة في التفسير : الحكمة في تقديم تلمسان محمد بن أبي عبد الله الشريف السمع على البصر في غالب القرآن التلمساني (ت. ٨٣٣ ه / ١٤٢٩ م) ٣٤٥ /١٢ ٠٢ / اختالف طلبة مازونة حول مسألة مازونة عقائدية ١٣٩ /١ ٠٢ تضامن الجماعة في بناء مسجد واتخاذ المغرب قاسم بن سعيد العقباني أبوالفضل. ٨٥٤ ه / ١٤٥٠ م) اإلمام والمؤدب األوسط ٣٣٤ /٥ ٠٣-٠٢ بلدة يجري بها ماء من األعلى إلى تلمسان محمد بن مرزوق الحفيد أبوعبد الله األسفل. ٨٤٢ ه/ ١٤٣٨ م) ١٧٥ /٨ ٠٣ أرض محبسة على المدرسة اليعقوبية تلمسان شيوخ تلمسان ٢٤٨ /٧ ٠٣ رجل اشترى دارا أعاد بناءها مدرسة مازونة منصور بن علي بن عثمان البجائي أبو علي. ٨٥٠ ه / ١٤٤٦ م) ٢٦٣ /٧ ٠٣ طلبة يسكنون مدرسة أرادوا االنتقال تلمسان سعيد بن محمد العقباني أبوعثمان. ٨١١ ه / ١٤٠٨ م ( إلى مساكن أخرى ٤٧٩ /٢ ٠٣ ذم كثرة المدارس والتآليف بالد المغرب الونشريسي المؤلف + محمد بن ( ) إبراهيم اآلبلي (ت. ٧٥٧ ه / ١٣٤٧ م) ٣٤ /١١ ٠٤ عادات فقراء الزوايا المغربين عبد الرحمان الوغليسي البجائي األوسط أبوزيد واألقصى (ت. ٧٨٦ ه / ١٣٨٤ م) ٤٨ /١١ ٠٤ عادات فقراء الصوفية المغرب قاسم بن سعيد بن محمد العقباني األوسط ٤٨ /١١ ٠٤ عادات فقراء الصوفية المغرب سعيد بن محمد العقباني أبو عثمان األوسط ٢٩٦ /٧ ٠٤ / بنى زاوية المغرب األوسط...٢٤٨ /٧ ٠٥ حاكم زياني يحبس عقار ا على عالم تلمسان وقعت آلل العقباني ٤٤-٤٣ /٧ ٠٥ رجل يحبس أرضا على أستاذ بشروط تلمسان ابن مرزوق الحفيد ٢١٦-٢١٥ /٧ ٠٥ / ما فضل من أحباس المساجد يصرف بالد المغرب على التدريس /١١ ٢٣٦ /٢ ٠٥ أجرة تعليم العلم المغرب سعيد بن محمد العقباني ١١٠
دراسات النازلة مكان وقوعها الفقيه اجمليب عنها /سنة وفاته تواجدها في الموضوع/ ص تواجدها في كتاب المعيار ج/ ص ١٧-١٦ األوسط ٤٣٤ /٩ ٠٦ وصي اليتيم وأجرة المعلم المغرب قاسم بن سعيد بن محمد العقباني األوسط ٢٦٠ /٨ ٠٦ معلم انقطع عنه الطلبة قبل إتمام العام المغرب قاسم بن محمد العقباني + علي بن األوسط عثمان أبوالحسن ٩٣ /٥ ٠٦ صاحب ديون عليه أجرة مؤدب أوالده بجاية علي بن عثمان ٢٥٤ /٨ ٠٦ هدية المولد النبوي للمعلمين (عادة ( المغرب الونشريسي (المؤلف) األوسط ٢٦١ /٨ ٠٦ تقديم الزبدة للمعلمين (عادة ( المغرب قاسم بن محمد العقباني األوسط ٣٩٤ /١ ٠٦ / جمع الزكاة لطالب علم المغرب األوسط ١٩٨-١٩٧ /١ ٠٧ النظر في العلم أفضل من قراءة القرآن عامة ابن مرزوق الحفيد ١٩٨-١٩٧ /١ ٠٨ آراء طلبة قسنطينة حول مسألة وجوب قسنطينة مع الزنديوي (ت. ٨٨٢ ه) سورة الفاتحة...٣٤٧ /٧ ٠٨ أوقات التعليم المغربين الونشريسي (المؤلف) + محمد بن األوسط يوسف السنوسي أبوعبد الله (ت. واألقصى ٨٩٥ ه) ٥٤٥-٤٦١ /٢ ٠٩ بدع مستحسنة ومستقبحة بالد المغرب الونشريسي (المؤلف) ١٥٧ /٦ ٠٩ بيع كتاب في المزاد بجاية أحمد بن محمد بن عيسى البجائي ١١١
دراسات : اله وام ش (١) أحمد بابا التنبكتي. نيل االبتهاج بتطريز الديباج إشراف عبد الحميد عبد الله الهرامة طرابلس: منشورات كلية الدعوة اإلسالمية ١٩٨٩ م ط. ١ رقم. ١٣٠ ص. ١٣٥-١٣٦. محمد بن مريم التلمساني. البستان في ذكر األولياء والعلماء بتلمسان الجزائر: منشورات السهل ٢٠٠٩ م ص. ٨٠-٨١. ي نظر: أحمد ابن القاضي. ل قط الفرائد من لفاظة ح قق الفوائد ضمن: موسوعة أعالم المغرب تنسيق وتحقيق محمد حجي بيروت: دار الغرب اإلسالمي ١٩٩٦ ط. ١ ج. ٢ ص. ٨٢٣. عبد الحق حميش ومحفوظ بوكراع. موسوعة تراجم علماء الجزائر- علماء تلمسان وتوات- الجزائر: دار زمورة للنشر والتوزيع ٢٠١١ م ص. ٢٦١ -.٢٦٥ (٢) (٣) محمد بن عسكر الحسني الشفشاوني. دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر تحقيق محمد حجي الرباط :١٩٧٧ رقم. ٣٢ ص. ٤٧-٤٨. عن دولة بني عبد الواد ي نظر: ابن األحمر. تاريخ الدولة الزيانية بتلمسان تقديم وتحقيق هاني سالمة مصر: مكتبة الثقافية الدينية ص ٢٠٠١ م ١ ط.. ٥٩ وما بعدها. يحيى بن خلدون بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد تقديم وتحقيق عبد الحميد حاجيات الجزائر: المكتبة الوطنية ١٩٨٠ م ص. ٢٠٣ وما بعدها. عبد الرحمان بن خلدون. العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر وم ن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر األردن-السعودية: بيت األفكار الدولية ص. ١٨٤٦ وما بعدها. حسين مؤنس تاريخ المغرب وحضارته لبنان: العصر الحديث للنشر ١٩٩٢ م ط. ١ مج. ٢ ج. ٢٠٧ وما بعدها وج.. ص ٢. ٥ وما بعدها. ص ٣ (٤) أحمد بن يحيى الونشريسي. المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية واألندلس والمغرب إشراف محمد حجي لبنان: دار الغرب اإلسالمي ١٩٨١ م ط. ١ ج..٤٧٧. ص ٢ (٥) الشريف عبد الله بن أبي عبد الله الشريف: هكذا ذكره الونشريسي في المعيار ووصفه ابن مريم بالعالمة المحقق الحافظ الجليل المتفنن المتقن من أكابر علماء تلمسان ومحققيهم ولد سنة ٧٤٨ ه وتوفي سنة ٧٩٢ ه. (الونشريسي. نفسه ج.. ٢٣٥ ابن مريم. نفسه ص. ص ٨.١٤٣-١٣٩ (٦) (٧) الونشريسي. المعيار ج. ١٢ ص. ٢٣٦. الشريف أبو يحيى محمد بن أبي عبد الله التلمساني: وصفه ابن مريم أنه آية من آيات الله في القيام بتحقيق العلوم عالمة محقق ا نظار ا حجة ونقال عن شيخ الونشريسي محمد بن العباس قوله: "اإلمام العالمة األوحد شريف العلماء وعالم الشرفاء آخر المفسرين من علماء الظاهر والباطن" توفي سنة ( ٨٣٣ ه/ ١٤٢٩ م). ابن مريم. نفسه ص. ١٤٩-١٥٠. ي نظر: محمد بن محمد بن عمر بن قاسم مخلوف. شجرة النور (٨) (٩) الزكية في طبقات المالكية خرج حواشيه عبد المجيد خيالي لبنان: دار الكتب العلمية ٢٠٠٣ ط. ١ رقم. ٩٤٣ ص. ٣٦٥. الونشريسي. المعيار ج. ١٢ ص. ٣٢٥ وما بعدها. نفسه ج. ١٢ ص. ٣٤٥. (١٠) محمد بن أبي القاسم (بن بلقاسم) المشذالي البجائي: عالمتها وفقيهها وخطيبها ومفتيها المحقق النظار حسب مخلوف وقال فيه التنبكتي: "كان إمام ا كبير ا مقدم ا على أهل عصره في الفقه ذو وجاهة عند صاحب تونس له عدة مؤلفات..." توفي حسب وفيات الونشريسي سنة ( ٨٦٦ ه/ ١٤٦١ م). (مخلوف. مصدر سابق رقم. ٩٩٢ ص. ٣٧٩. التنبكتي. مصدر سابق رقم. ٦٥٤ ص. ٥٣٨-٥٣٩. أحمد بن يحيى الونشريسي. وفيات ضمن موسوعة أعالم المغرب مصدر سابق ج. ٢ ص. ٧٧٠ ). وعن المسجد في المغرب اإلسالمي يتحدث كمال السيد أبو مصطفى "كان يموج بالفقهاء والعلماء والطالب وكان الشيوخ يجلسون عند أحد األعمدة ويتحلق الطالب حولهم" (كمال السيد أبو مصطفى. جوانب من الحياة االجتماعية واالقتصادية والدينية والعلمية في المغرب اإلسالمي من خالل نوازل وفتاوى المعيار المعرب للونشريسي اإلسكندرية: مركز اإلسكندرية للكتاب ١٩٩٦ ص. ١١٥ ). (١١) قاسم بن سعيد بن محمد العقباني التلمساني أبو الفضل: وصفه ابن مريم "بشيخ اإلسالم ومفتي األنام الحافظ القدوة العالمة المجتهد العارف ولي خطة القضاء في تلمسان وأحرز في العلوم قصب السبق وحازه" وذكره المازوني في نوازله في مواضع كثيرة وعن هذا األخير نقل الونشريسي في نوازله وجعله في وفياته من وفيات سنة ( ٨٥٤ ه/ ١٤٥٠ م). (ابن مريم. نفسه ص. ١٦٩-١٧٠. التنبكتي. نفسه رقم. ٤٧٠ ص. ٣٦٥-٣٦٦. مخلوف. نفسه رقم. ٩٥٢ ص. ٣٦٧-٣٦٨. أبو زكرياء يحيى بن موسى المغيلي المازوني. الدرر المكنونة في نوازل مازونة تحقيق مختار حساني الجزائر: دار الكتاب العربي ٢٠٠٩ م ط. ١ صفحات متعددة. الونشريسي. وفيات ص. ٧٦٠ ) (١٢) الونشريسي. المعيار ج. (١٣) نفسه ج..١٣٩. ص ١.٣٣٤. ص ٥ (١٤) محمد بن مرزوق الحفيد أبوعبد الله: ذكره التنبكتي وابن مريم والمقري التلمساني والونشريسي في وفياته وغيرهم وأثبت له المازوني والونشريسي عشرات المسائل وصفوه "بالعالمة الحجة الحافظ المحقق الكبير قاضي الجماعة في تلمسان... حجة الله في خلقه المفتي الشهير سيد العلماء الجلة وإمام أئمة الملة وآخر السادات األعالم..." ذكروا له عدة مؤلفات ورسائل تفوق العشرين ولد سنة ٧٦٦ ه وتوفي سنة ( ٨٤٢ ه/ ١٤٣٨ م). (ابن مريم. نفسه ص. ٢٢٤ وما بعدها التنبكتي. مصدر سابق رقم. ٦١١ ص. ٥١٠-٤٩٩ الونشريسي. وفيات ص. ٧٤٨ مخلوف. مصدر سابق رقم. ٩٤٥ ص. ٣٦٤-٣٦٥. أحمد بن محمد المقري التلمساني. نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب الجزائر: المعرفة الدولية للنشر والتوزيع ٢٠١١ ج.. ٣٩٤ وما بعدها). ص ٧ (١٥) الونشريسي. المعيار ج. سابق ص. ١١٨-١١٩.. ١٧٥. ي نظر: السيد أبو مصطفى. مرجع ص ٨ (١٦) أحمد بن محمد بن عبد الرحمان بن زاغو أبو العباس المغراوي التلمساني: أشاد بعلمه التنبكتي ناقال عن القلصادي األندلسي وجعل وفاته سنة ٨٤٠ ه بينما عده ابن مريم وابن القاضي من وفيات سنة ٨٤٥ ه. (التنبكتي. نفسه رقم. ١٠٦ ص. ١١٨ ابن مريم. نفسه ص. ٧٢-٧٠. ابن القاضي. مصدر سابق ص. ٧٥١ مخلوف. نفسه رقم. ٩٤٨ ص..(٣٦٦ (١٧) الونشريسي. المعيار ج..٢٤٨. ص ٧ (١٨) منصور بن علي بن عثمان أبو علي البجائي: "عالمها ومفتيها العالمة الفقيه الحجة" بهذا وصفه التنبكتي وذكر أنه كان حي ا سنة ٨٥٠ ه وقد ذكر الونشريسي والمازوني بعض فتاويه. (التنبكتي: نفسه رقم. ٥٧٢ ص..(٦١٣ (١٩) سعيد بن محمد العقباني أبوعثمان: هو والد الفقيه قاسم العقباني سابق الذكر أشاد بعلمه كثيرون منهم ابن فرحون الذي قال فيه: "إمام عالم فاضل فقيه مذهب مالك وصدارته في العلم مشهورة ولي قضاء ١١٢
ج( دراسات بجاية وتلمسان وله في والية القضاء مدة تزيد على أربعين سنة" عاصره يحيى بن خلدون الذي ذكر أنه تفنن في علوم كثيرة وولي القضاء في تلمسان وبجاية ومراكش وسال ووهران وهنين وكان يقال له حسب ابن مريم "رئيس العلماء والعقالء" ولد سنة ٧٢٠ ه وتوفي سنة ( ٨١١ ه/ ١٤٠٨ م) بينما عد ه الونشريسي وابن القاضي من وفيات سنة ٨١٠ ه. (ابن فرحون المالكي. الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب تحقيق محمد األحمدي أبو النور القاهرة: مكتبة دار الحديث ٢٠٠٥ ط. ٢ ج..٣٤٣. أبو زكريا يحيى بن خلدون. مصدر ص ١ سابق ص. ١٢٣.ابن مريم. مصدر سابق ص. ١٢٩-١٣٠. ابن القاضي. مصدر سابق ص. ٧٢٦. الونشريسي. وفيات ص. ٧٢٦). ي نظر أيض ا: التنبكتي: نفسه رقم: ١٩٩ ص ١٨٩ مخلوف. مصدر سابق رقم. ٩٣١ ص. ٣٦٠-٣٦١ حميش: مرجع سابق ص ٢١١-٢١٠. (٢٠) الونشريسي. المعيار ج..٢٦٣. ص ٧ (٢١) أبو حمو موسى الثاني بن يوسف بن عبد الرحمان بن يحيى بن يغمراسن تولى عدة مرات بين ( ٧٨٩-٧٦٠ ه/ ١٣٨٧-١٣٥٩ م). (ابن األحمر. مصدر سابق ص. ٧٦ وما بعدها) ي نظر عنه: عبد الحميد حاجيات. أبو حموموسى الزياني حياته وآثاره- الجزائر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ١٩٨٢ م. (٢٢) ابني اإلمام هما األخوين أبو موسى عيسى وأبو زيد عبد الرحمان ابني محمد بن عبد الله بن اإلمام التلمساني: ذكرهما ابن فرحون بأنهما:" فاضال المغرب في وقتهما وكانا خصيصين بالسلطان أبي الحسن المريني...لهما التصانيف المفيدة والعلوم النفيسة" وأشاد بهما التنبكتي وابن مريم والمقري التلمساني وعبد الرحمان بن خلدون في تاريخه والونشريسي في معياره وفي وفياته توفي أبوموسى سنة ٧٥٠ ه بينما توفي أخوه قبله في سنة ٧٤٣ ه. (ابن فرحون. مصدر ص ١ سابق ج.. ٤١٦. الونشريسي. وفيات ص. ٦٣٧ و ٦٥٣ ). ي نظر أيض ا: التنبكتي. مصدر سابق رقم. ٢٩٠ ص. ٢٤٥-٢٤٨ ورقم. ٣٦٥ ص. ٢٩١-٢٩٧. عبد الرحمان بن خلدون. مصدر سابق ص. ٢٠٤٨-٢٠٤٩. يحيى بن خلدون. مصدر سابق رقم. ١٠٠ و ١٠١ ص. ١٣٠. عبد الحق حميش. مرجع سابق ص. ١٨٦. وقد ذكر ابن خلدون عبد الرحمان أن أبا حمو الزياني سابق الذكر لما حكم تلمسان استدعى من فاس أبوعبد الله محمد بن أحمد الشريف التلمساني فزوجه ابنته وبنى له مدرسة جعل في بعض جوانبها مدفن أبيه وعمه وأقام يدرس العلم إلى أن مات. (العبر. نفسه ص. ٢٠٥٨). (٢٣) يحيى بن خلدون. نفسه ص. ٨٦. وفي السياق نفسه يذكر لنا المقري التلمساني في النفح أنه رأى أبيات شعر هي من بدائع الدنيا مكتوبة على دائرة مجرى الماء بمدرسة تلمسان التي بناها أمير المسلمين أبو تاشفين الزياني [قد يكون الثاني الذي حكم بين ٧٩٥-٧٩١ ه/ ١٣٨٩-١٣٩٣ م]. (المقري التلمساني. مصدر سابق ج..(١٨٢. ص ٨ (٢٤) محمد بن إبراهيم اآلبلي: من شيوخ ابن خلدون عبد الرحمان والذي ذكر أن أصله من األندلس ومنشأه في تلمسان التي ولد بها سنة ٦٨١ ه وكان مائال إلى العقليات فمهر في المنطق والحساب وأ خذ عنه ذلك كانت وفاته سنة ٧٥٧ ه كذلك جعل وفاته صاحب ل قط الفرائد. (ابن خلدون. العبر ص. ٢٠٤٩-٢٠٥٠. ابن القاضي. مصدر سابق ص ٦٦٣). (٢٥) الونشريسي. المعيار ج..٤٧٩. ص ٢ (٢٦) عبد الله العروي. مجمل تاريخ المغرب بيروت-الدار البيضاء: المركز الثقافي الغربي ١٩٩٤ ط. ١ ج..٢١٨. ص ٢ (٢٧) إبراهيم القادري بوتشيش. المغرب واألندلس في عصر المرابطين المجتمع الذهنيات األولياء- تطوان: منشورات الجمعية المغربية للدراسات األندلسية ٢٠٠٤ ط. ٢ ص. ١٢٥. وفي السياق نفسه يشير محمد فتحة في كتابه القيم عن النوازل "أن الموحدين [أيض ا] لم يقفوا موقف ا معادي ا من تيار التصوف بل بالعكس في عهدهم ظهر أقطاب التصوف المغربي واتسع نطاقه ليشمل البوادي والمناطق النائية". (محمد فتحة. النوازل الفقهية والمجتمع أبحاث في تاريخ الغرب اإلسالمي من القرن ١٥ م ٩ ه/ ١٢ - إلى ٦ منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية ١٩٩٩ ص. ١٦٠). - الدار البيضاء: (٢٨) الوغليسي عبد الرحمان بن أحمد البجائي: هو الشيخ الفقيه الصالح المفتي وهو شيخ الجماعة ببجاية الفقيه األصولي المحدث عمدة أهل زمانه وفريد عصره وأوانه (أحمد بن قنفذ القسنطيني. الوفيات تحقيق عادل نويهض بيروت: منشورات دار اآلفاق الجديدة ١٩٨٣ ط. ٤ رقم. ٧٨٦ ص. ٣٧٦. مخلوف. مصدر سابق رقم. ٨٧٩ ص. ٣٤٢). وقد ذكر له المازوني في نوازله عدة فتاوى. ص. ٢٤٢ وغيرها).. ٨٧ و ١٩١ ج. ٢. ص ١ (٢٩) الونشريسي. المعيار ج. ١١ ص..٣٤ ولما تحدث أحمد ابن قنفذ القسنطيني عن جده ألمه الشيخ يوسف بن يعقوب المالري قال أنه توفي سنة ٧٦٤ ه ودفن بزاويته بمالرة على مرحلتين إلى الغرب من قسنطينة. (الوفيات رقم. ٧٦٤ ص. ٣٦٣-٣٦٢ ). (٣٠) الونشريسي. المعيار ج. ١١ ص. ٤٨ وما بعدها. (٣١) نفسه ج. ١١ ص ص. ٧٣-٤٨. (٣٢) نفسه. وفي هذا الصدد يشير محمد فتحة أن اإلقبال على المتصوفة واالعتقاد بكراماتهم لم يقتصر على عوام الناس بل تعداه إلى الفقهاء وكثير من رجاالت العصبيات الحاكمة بدء بالسالطين أنفسهم. (محمد فتحة. نفسه ص. ١٦٤). (٣٣) الونشريسي نفسه ج..٢٩٦. ص ٧ (٣٤) هو أبوعبد الله محمد (الثاني) بن أبي عمران موسى بن يوسف تولى سنة ( ٨٠٠ ه/ ١٣٩٧ م). مؤنس. مرجع سابق مج. ٢ ج. (٣٥) الونشريسي. نفسه ج. (٣٦) الونشريسي. نفسه ج..١١٤. ص ٣.٢٤٨..٤٤-٤٣. ص ٧ ص ٧ (٣٧) نفسه ج. ٧ ص. ٢١٥-٢١٦. عن األحباس ووجوه صرفها ي نظر: محمد فتحة. نفسه ص. ١٠٤ وما بعدها. (٣٨) الونشريسي. المعيار ج. ٢٣٦. ص ٨ وما بعدها وج. ١١ ص. ١٦-١٧. وقد أورد لنا القابسي التونسي (ت. ٤٠٣ ه) أن "أجرة المعلم منذ عهده- كانت على أشكال إما معلومة كل شهر أوكل سنة أو تترك لألولياء الحرية فإن أعطي قبل وإن لم يعط لم يسأل". (أبو الحسن علي القابسي. الرسالة المفصلة ألحوال المتعلمين وأحكام المعلمين والمتعلمين تحقيق أحمد خالد تونس: الشركة التونسية للتوزيع ١٩٨٦ م ط..(١٣٩. ص ١ (٣٩) الونشريسي. نفسه ج.. ١٣٩. ومن القابسي نقرأ أيض ا "أن اتخاذ ص ١ مكان التعليم سواء كان بيت ا أو حانوت ا فهو على المعلم إال أن ي دعى إلى صبيان بأعيانهم" ص. ١٤٥ ). (٤٠) الونشريسي. نفسه ج. (٤١) نفسه ج. ص ٩ -كالنازلة التي بين أيدينا-.٤٣٤. ص ٨ (القابسي. نفسه. ٢٦٠. ويبدوا أن ما كان يحدث بين األبناء وآبائهم من جهة وبين األساتذة من جهة أخرى قد شغل شريحة كبيرة من المجتمع األمر الذي توضحه كثير من التساؤالت في هذا المجال سواء عند المازوني أوفي المعيار للونشريسي كما يخبرنا صاحب دوحة الناشر أن أحد أعالم مدينة وهران والذي در س بمدينة فاس وهو أحمد شقرون بن أبي جمعة المغراوي (ت. ٩٣٠ ه) ألف كتابا في ١١٣
دراسات هذا المجال سماه "جامع جوامع االختصاص والتبيان فيما يعرض بين المعلمين وآباء الصبيان". (الشفشاوني. مصدر سابق رقم. ١٢٤ ص..(١٢٦-١٢٥ (٤٢) علي بن عثمان أبو الحسن: عرفه التنبكتي بأنه من علماء بجاية وفقهائها الجلة وقد نقل قول الشيخ عبد الرحمان الثعالبي (ت. ٨٧٥ ه في الجزائر): "شيخنا أبو الحسن اإلمام الحافظ عليه كانت عمدة قراءتي ببجاية". (التنبكتي. نفسه رقم. ٤٢٥ ص. ٣٣٢). (٤٣) الونشريسي. المعيار ج. (٤٤) نفسه ج. (٤٥) نفسه ج. (٤٦) نفسه ج..٩٣..٤٧٢-٤٧١. ص ٥. ٢٥٤ وج. ص ٢.٢٦١..٣٩٤. ص ٨ ص ٨ ص ١ (٤٧) نفسه ج. ١٢ ص. ٣٧٥. (٤٨) نفسه ج.. ٢٣٦ وما بعدها. ص ٨ (٤٩) الونشريسي. المعيار ج.. ٤٩٧ و ٥٠٣. ص ٢ (٥٠) ي نظر: الصفحة رقم ٠٣ من المقال. (٥١) ي نظر: الصفحة رقم ٠٣ من المقال. (٥٢) ابن خلدون. العبر ص. ٢٢٠. (٥٣) نفسه ص. ٢٩٣. وبما أن ابن خلدون حد د الفرق بين المرحلتين بسن البلوغ (نفسه ص. ٢٩٢ ) إال أن المستشرق اإلسباني خوليان ريبيرا في دراسته القي مة حول التربية والتعليم في األندلس جعل التفريق بين المستوى "االبتدائي" والمستوى "العالي" من الصعوبة بمكان حيث يقول: "من الصعوبة أن نحدد على نحو دقيق متى يبدأ التعليم العالي وأين ينتهي... ولتحديد هذا المصطلح يمكن أن نقول إن التعليم العالي كل ما تجاوز المواد المقرر دراستها في التعليم االبتدائي وهي مبادئ القراءة وحفظ القرآن وإنشاد الشعر وحفظه دون فهم في أغلب األحوال ومبادئ النحو". (خوليان ريبيرا. التربية اإلسالمية في األندلس أصولها المشرقية وتأثيراتها الغربية - ترجمة الطاهر أحمد مكي مصر: دار المعارف ١٩٩٤ ط. (٥٤) ي نظر: الصفحة رقم ٠٢ من المقال..(١١٩-١١٨. ص ٢ (٥٥) الزنديوي أبوعبد الله محمد بن محمد التونسي: وصفه صاحب المعيار بقاضي قسنطينة وفقيهها بينما وصفه التنبكتي بشيخ تونس في وقته وقاضي األنكحة بها توفي سنة ٨٨٢ ه (الونشريسي. المعيار ج. ١ ص. ١٩٧. التنبكتي. مصدر سابق رقم. ٦٥٦ ص. ٥٤١-٥٤٠ ). (٥٦) الونشريسي. المعيار ج..١٩٨-١٩٧. ص ١ (٥٧) محمد بن يوسف السنوسي أبوعبد الله: قاضي الجماعة في تلمسان أطال كل من التنبكتي وابن مريم في مدحه وذكر مناقبه وجلة شيوخه ونقال من كتاب تلميذه أبي عبد الله الماللي الذي ألفه عن شيخه وسماه" المواهب القدسية في المناقب السنوسية" وكانت وفاته سنة ٨٩٥ ه. (التنبكتي. نفسه رقم. ٦٩٦ ص. ٥٦٣-٥٧٢ ابن مريم. مصدر سابق ص. ٢٥٧-٢٦٨). (٥٨) إبراهيم بن قاسم بن سعيد بن محمد العقباني التلمساني أبو سالم: هكذا سماه التنبكتي وأضاف: "اإلمام العالمة الحافظ ابن شيخ اإلسالم مفتي األمة أبي الفضل قاسم قاضي الجماعة في تلمسان ولد سنة ٨٠٨ ه وتوفي سنة ٨٨٠ ه" ونقل عنه المازوني في نوازله. (التنبكتي. نفسه رقم. ٣٠ ص. ٦٥ ابن مريم. نفسه ص. ٨٤. الونشريسي. وفيات ص. ٧٨٤). (٥٩) الونشريسي. المعيار ج.. ٣٤٧ وما بعدها. ص ٧ (٦٠) نفسه ص. ٣٥٣. (٦١) نفسه ج. (٦٢) ابن خلدون. العبر ص. ٢٧٨. (٦٣) الونشريسي. نفسه ج. ص ٦ (٦٤) ابن خلدون. نفسه ص. ٢٨٩. (٦٥) الونشريسي. نفسه ج..١٥٧..٤٨٣. ص ٢. ٥٤٥-٤٦١. ص ٢ ١١٤
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. دراسات î Îù]h ǹ]»ì çò Ö] ér³æíeç ] è Ïi è ¹] ÃÖ]Ùø} ا ستاذ التاريخ كلية الا داب والعلوم الا نسانية جامعة ابن زهر المملكة المغربية < << شكلت الخصوبة والمواقف الممجدة لإلنجاب والقيم المحبذة لإلكثار من النسل من أهم القيم الموجبة للتقدير عند معظم مغاربة العصر الوسيط عامة والعصر المريني على وجه التخصيص فقد افتتنوا بالمرأة الولود وأعجبوا بالرجل الفحل المتباهي بقدراته الجنسية واعتقدوا في قيم الكثرة والتعدد فقدروا األسرة الممتلكة ألدوات اإلنجاب والزوجين الكثيري النسل. لكن هذه القيم االجتماعية ال تكتمل إال بالحصول على الوليد الذكر مادام أن مكانة األسرة داخل المجتمع رهينة بما تنتجه من الذكور. لقد أسهمت كثافة الترسبات الذهنية التي خلفتها سيادة العقلية المشجعة على اإلنجاب والمقدرة لخصوبة المرأة في مختلف أشكال السلوك والقيم األخالقية والممارسات والعادات الجماعية والفردية لدى مختلف أسر المغرب األقصى خالل العصر المريني وعلى هذا األساس تفشت في شأنها أشكال من السلوك والقواعد األخالقية والتمثالت الرمزية التي وجهت مشاعر الناس واختياراتهم االجتماعية. في هذا الخصوص شاعت الكثير من الوصفات المقوية للقدرات الجنسية لدى الرجال والعادات المتوسلة لإلنجاب والخصوبة لدى النساء. إن هذا السياق االجتماعي الذي ربط قيمة المرأة ومستقبلها الزواجي بقدراتها اإلنجابية جعل من الرغبة في الحصول على الولد عند الزوجات هما استحوذ على تفكيرهن فالتوجس من عدم اإلنجاب أو الخوف من اإلصابة بما يقلل من الذرية دفع بالعديد من النساء إلى سلك سبل متعددة من االلتجاء إلى المشتغلين بالسحر والتنجيم واالستعانة بالتمائم والرقى والتعاويذ إلى االستنجاد والتعلق بكل من توسمن فيه الصالح وبفعاليته في إزالة العقم والتخلص مما قد يعيق الحمل. تاريخ استلام البحث: تاريخ قبول النشر: مايو ٠٥ ٢٠١٥ ١٦ سبتمبر ٢٠١٥ المغرب الا قصى الغرب الا سلامي العصر المريني تاريخ الذهنيات الا نجاب والذكورة DOI 10.12816/0045095 محماد لطيف "تقدير الخصوبة وتمجيد الذكورة في المغرب الا قصى خلال العصر المريني".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ١١٥ ١٢٣. م ق د م ة ت ع د األبحاث المرتبطة بدراسة تاريخ الذهنيات والسلوكات االجتماعية من القطاعات البحثية الحيوية التي ما فتئت توسع من دائرة اهتمامات أخصائيي الزمن كما تعتبر محطة إستوغرافية جذبت إليها حقوال تاريخية كثيرة ومتنوعة. وفي هذا اإلطار تألق عدد هام من المؤرخين الغربيين الذين أفردوا أبحاثهم لتتبع التحوالت الكبرى في مختلف حقب تاريخ المجتمعات األوربية مراهنين في ذلك على ما جد من مقاربات ومناهج وعلى ما برحت تقدمه أرشيفاتهم من معطيات دقيقة. وبالقدر الذي ال يستطيع فيه أي باحث في التاريخ أن يخفي إعجابه بالمراحل الكبرى التي قطعها المؤرخون الغربيون في البحث في قضايا التاريخ االجتماعي وكذا بالنتائج واإلنجازات المهمة التي تحققت في دراسة تاريخ الذهنيات والسلوكات االجتماعية بالقدر نفسه يبدي اندهاشه أمام التواضع الكمي والمعرفي البي ن لهذا الميدان في الدراسات التاريخية الخاصة بالمغرب األقصى خالل العصر الوسيط عامة وخالل الفترة ١١٥
دراسات المرينية على وجه التخصيص. فما د بج من دراسات في تاريخ العقليات في المغرب األقصى خاصة حسب علمنا يظل في حكم النادر ورهين عثرات البداية ولم تتجاوز ثمراته العلمية مباحث وفصول مقتضبة ضمن دراسات عامة في التاريخ االجتماعي. ال يخامرنا شك في أن حقل تاريخ المغرب االجتماعي وتحديدا تاريخ العقليات هو حقل واعد وخصيب في أمس الحاجة إلى البحث واالستقصاء من وجهة نظر المؤرخ وفي ذات اآلن مسلك شائك ومعقد شائك بسبب الصعوبات المنهجية التي يثيرها ومعقد بسبب ندرة المعلومات وتشت ت المتوفر منها فالمتون النصية التقليدية وقلم التدوين المشدود إلى مراكز السلطة البارع في وصف الحروب واألحداث الصاخبة والوقائع المدوية ال توف ر المعلومات الالزمة للتوس ع في مثل هذه المواضيع لهذا كثيرا ما يضطر الباحث إلى االستنجاد بوثائق دفينة على غرار مدو نات الفقه والفتاوى ومصادر رديفة من مثيل مصنفات المناقب والتصوف ومذك رات الجغرافيين والرح الة وكتب التطبيب واالستشفاء واألدب ومصنفات األمثال الشعبية وغيرها من أنواع المظان التي شكلت مادتها التاريخية ثقوبا يمكن النفاذ عبرها للخوض في قضايا من عالم المسكوت عنه في تاريخ الذهنيات بالمغرب األقصى خالل العصر المريني. انطالق ا من هذه النظرة المؤسسة نتوخى من خالل هذه المقالة القصيرة تقديم مساهمة علمية لفهم جانب من األفكار المو ج هة للمجتمع وعقليات الناس وسلوكياتهم ومواقفهم في المغرب األقصى زمن المرينيين بالتركيز على جوانب متصلة بمكانة اإلنجاب وخصوبة المرأة وتمجيد الذكورة محاولين تجاوز اإلطار الوصفي المحض عن طريق ربط القضايا المطروقة بسياقها العام والعوامل الفاعلة داخل المجتمع وتباين البيئات الحضرية والبدوية. أوال : الرغبة يف الولد وسيادة عقلية اإلجناب واألكيد أنها مواقف مؤيدة لما كان يبثه فقهاء الحقبة مدار البحث من أفكار مشجعة على النسل والكثرة. ففي معرض حديثه ٧) ( إلى أن عن الخصال الحميدة للزواج أشار ابن الحاج العبدري بالزواج يكثر النسل ويبقى الذكر واألثر ''فإذا ظهر المولود فقد كثر به العدد ورفع به الذكر إن كان ذكرا واألثر إن كان أنثى''. أما أبو عبد الله ابن مرزوق فحث على نكاح المرأة البكر تحت حجة أنها المؤهلة لإلنجاب ومضاعفة الذرية بشكل مستمر ف"الولد مع البكر أرجى كاألرض المجمة بالنسبة إلى ما يلقى فيها" (٨ (. وفي االتجاه نفسه اجتهد العديد من العلماء من خالل كتاباتهم في تبيان طرق الممارسات الجنسية التي ينتج عنها الولد وأهم الوسائل الواجب اعتمادها أثناء "الجماع" لتتحقق غاية اإلنجاب (٩ (. والواضح أن هذه المواقف المحبذة لإلنجاب والنسل قد تعززت مكانتها في الذهنية السائدة واستحوذت على تفكير فئات المجتمع النسجامها وتالؤمها مع األفكار الدينية الراسخة التي تدعو المؤمن إلى اإلكثار من السواد وتشجعه على تكريس العملية الجنسية من أجل التناسل (١٠ (. لهذا ليس غريبا أن ينظر معظم فقهاء الفترة المرينية وعلمائها إلى كبر حجم األسرة وأطفالها الك ثر على أنها نعمة من الله وزينة الحياة الدنيا وإمداد للمجتمع بعناصر (١١) استمراره. أمام هذه القيمة االجتماعية التي حظي بها اإلنجاب والتي دعمتها اآليات القرآنية واألحاديث النبوية ال يعدم الباحث بعضا من المواقف المدعمة للعزل في الجماع وفتاوى ترخص إلفساد الحمل وإسقاطه. فقد أجاز القاضي أبو بكر بن العربي (ت ٥٤٣ ه/ ١١٤٣ م) العزل عن الزوجات من دون قيد وال شرط وفي االتجاه ذاته أبدى الفقيه عبد الله العبدوسي (ت ٨٤٩ ه/ ١٤٤٥ م) تحفظ ا واضح ا من اإلنجاب حين اشترط العزل في النكاح فرارا من الولد (١٢ ( وأقر ابن الخطيب بوجوب اإلجهاض "في بدعوى "فساد الزمن" بعض الجواري الصغيرات األرحام والضيقات ومن تحمل قبل االفتضاض ومن يتوفر الخوف من هالكهن عند الوالدة قصدا". (١٣) وندد الونشريسي في بداية القرن العاشر الهجري بما عرف عن بعض تجار اإلماء من سقيهن بعض األدوية التي ترخي الطمث عند (١٤ ( ال يمكن بأي حال من إمساكه فيسيل المني معه وتنقطع الوالدة. األحوال أن نستغل تلك الشروط والتحريمات التي أصدرها الفقهاء لنستنتج أن الممارسة الوقائية من الحمل كانت من اإلجراءات المألوفة والعادية. فالواضح أنها ارتبطت بأسباب خاصة كما تهم حاالت محددة ومعزولة. (١٥) بال شك أن هناك أساليب لمنع الحمل كانت معروفة وتصفها كتب الباه وترد ضمن بعض النوازل الفقهية لكن من الراجح أن استعمالها لم يكن منتشرا بتلك الصورة الكبيرة التي قد توحي به هذه المتون واإلفادات الواردة في هذا الشأن. والغالب على الظن أن األزواج لم يحاولوا التحكم في الممارسة الجنسية وبصورة ومهما كان األمر فالظاهر من خالل جدية لمنع دورها اإلنجابي. (١٦) كافة النصوص المتاحة أن مسألة تقدير مغاربة العصر المريني القت المواقف الممجدة لإلنجاب والقيم المحبذة لإلكثار من النسل تأييدا كبيرا وتجاوبا تاما لدى مختلف شرائح مجتمع المغرب األقصى خالل العصر المريني. وال غرو فقد عد الزواج من األمور المرغوب فيها التي حظيت بمكانة اجتماعية عالية (١ ( لكونه الوسيلة المثلى إلنجاب األبناء وتحقيق الكثرة وتعزيز طموح االمتداد الذي راود معظم األزواج (٢ (. وقد ترسخ على ضوء هذه القيمة االجتماعية للزواج أن أضحى الحصول على الولد إحدى أهم بواعثه وغاياته (٣ ( وأن أصبح االقتران بالمرأة الولود على رأس. ( ٤) معايير اختيار الزوجة ولعل أبلغ اإلشارات داللة على أن تقدير الخصوبة واإلنجاب كان من األفكار الشائعة بين غالبية الناس وأهم القيم المسيطرة على ذهنيتهم في ذلك العهد حض األمثال ٥) ( ونظرتها الشعبية المتداولة على اإلقبال على المرأة الولود (٦) اإليجابية لقدرات الزوجة اإلنجابية والمرأة الكثيرة األوالد. ١١٦ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
دراسات للخصوبة وتمجيدهم لإلنجاب خضعت لعدة اعتبارات اقتصادية واجتماعية. فقد اعتقدوا اعتقادا جازما بأن ثروة األسرة وقوتها. ( ١٧) ترتبط ارتباط ا وثيق ا باتساع حجمها وكثرة عدد أفرادها وعلى هذا األساس اعتبروا المزيد من األبناء بمثابة الحصن الذي يحمي األسرة من غوائل العوز والحاجة واألداة المثلى التي تؤمن األيدي العاملة الالزمة لتوفير أسباب المعيشة ومعاركة الظروف الصعبة. (١٨) ومن الدالئل الموضحة لألهمية االقتصادية لإلنجاب واعتبار الطفل أداة تثمير ومصدر رزق هام لألسرة شهادة ابن الحاج (١٩ ( حين قال بأن باألطفال تحصل ''كثرة صاحب كتاب المدخل الرزق واالستراحة من التعصب والنصب وهذا موجود نشاهد بعض الناس يكون فقيرا ضعيفا تعبا من التكسب بعيدا من العلم وأهله إلى ذلك من األحوال الناقصة فإذا أحدث له مولود ظهر أمره وكثر خبره''. وهي شهادة على ما يبدو ال يمكن فصلها عن ظروف العصر وهاجس تأمين الحاجات اليومية الذي ظل مهيمنا على فكر معظم األسر (٢٠ (. ولعل هذا ما يعضده قول ابن الخطيب (٢١ ( عندما رأى أن الحاجة تشتد إلى الولد ''لالنتفاع به في أسباب المعاش'' وفي هذه العبارة ما ينهض حجة على ارتباط الرغبة في الولد بالواقع المادي. وإذا كنا ال نشك في شيوع مثل هذه األفكار والمواقف بالمدن فالغالب على الظن أنها عمت البوادي بنسبة أكبر ولعلها مسألة ال يمكن تفسيرها إال بعد ربطها بالظروف المعيشية وأحوال الحياة غير المأمونة في هذه المجاالت (٢٢ ( وال غرو فلما شكل أمر تطويع سبل المعيشة وتحصيل أسباب البقاء أمرا حيويا بالنسبة للقبائل جميعها سواء المعتمدة على الترحال (٢٣ ( أو على الفالحة (٢٤ ( وكذا ٢٥) ( فقد كانت التي كانت تعيش على الغزو والسلب وموارد الحرب ملزمة بحكم تنازع البقاء باالحتفاظ على قوة كافية لالستحواذ على مصادر الحياة وفي الوقت نفسه حمايتها من طوارق. ( ٢٦) التعدي غير أن لهذه القوة ركيزة أخرى أساسية هي ركيزة العدد التي جهدت األسر لتأمينها باإلنجاب واإلكثار من النسل واالستبشار بالذكور. (٢٧) وإلى جانب ما لقيمة اإلنجاب واإلكثار من النسل من عالقة بتطويع أسباب المعيشة وتأمينها فقد كان الرتباط موقع العائلة داخل نسيج القبيلة بامتالكها ألدوات اإلنجاب واتساع قاعدتها (٢٨ ( أن عدت الرغبة في الولد أهم الضرورات االجتماعية باألبناء الملحة التي راودت معظم األسر البدوية. وحسبنا دليال على ذلك ما ذكرته إحدى الروايات عن امرأة تدعى شمسى استفحل أمرها وتظهر قيمة اإلنجاب وغلبت على قبيلتها بفضل أبنائها العشرة. (٢٩) وأهمية تكوين أسر واسعة كثيرة األفراد في التجاء البعض إلى (٣٠) اإلقبال على الزواج المتعدد واستيالد الزوجات بشكل متكرر. وهذا ما تعكسه حالة عبد الحق بن محيو المريني الذي أقبل على ''خطبة النساء والتزوج طلبا للولد'' (٣١ ( بحيث تزوج أربعا من (٣٢) النساء أنجبن له أوالدا ''زاد بهم في قومه عزة ومكانة ومهابة''. وإذا أمعنا النظر في مضامين بعض النصوص األخرى اكتشفنا أن الرغبة في إنجاب األطفال كانت تشتد لدى البعض من األسر المهووسة بانعدام الخلف على اعتبار أنهم الوسيلة المثلى الستمرار األسرة والمحافظة على كينونتها. وهذا ما تشي به حاالت أولئك اآلباء الذين سعوا إلى الحصول على أوالد يحافظون على ذكرهم ويحققون بعض الطموحات التي راودتهم ذكر ابن (٣٣ ( أن والد عبد الله بن محمد بن أحمد الشريف الحسيني مريم ( ٧٩٢-٧٤٨ ه/ ١٣٤٧-١٣٩٠ م) بشر به هو وأخوه عبد الرحمن (٧٥٧-٨٢٦ ه/ ١٣٥٦-١٤٢٣ م) في المنام حيث ''رأى قائال يقول له يزداد عندك ولد عالم ال تموت حتى تراه يقرئ العلم''. وورد في رواية ليحيى السراج نقلها عن والده ''قال: سمعت والدي يقول: "دخلت يوم ا قبل التزوج على الشيخ أبي موسى العجيسي (ت ٧٠٥ ه/ ١٣٠٦ م) وفي نيتي أن ال أتزوج فمس على ظهري وقال: يا أبا العباس تزوج فها هم في صلبك وفيهم من يحفظ القرآن فتزوج. ( ٣٤) وكان له جماعة من األوالد وحفظ ثالثة منهم القرآن'' ومن المظاهر المعبرة عن سيادة عقلية اإلنجاب ذلك التصور الذي كان يحمله الرجل عن الفحولة واكتمال الرجولة إذ كان البعض من الرجال يتخذ من الحمل المتكرر عند زوجاتهم وقدراتهم الجنسية موضوعا للتباهي والتفاخر وميزة من ميزاتهم. أشار ابن الحاج إلى أنه كان من شأن العرب أن يمتدحوا بقدراتهم الجنسية ويفتخروا بها ألن ذلك دليل على قوة الرجل (٣٥) وصحة بدنه ومزاجه. ومن النماذج المدعمة لهذا التخريج في مجاالت المغرب األقصى خالل الحقبة المرينية ما ذكره أحد مؤرخي البالط (٣٦ ( عن السلطان أبي الحسن المريني (٧٣١-٧٤٩ ه/ ١٣٣١-١٣٤٨ م) حين ربط اكتمال ذكوريته وصحتها بإقباله على الزواج واتساع ذريته واعتبر ذلك مفخرة من مفاخره. ومن القرائن األخرى الدالة على أن الرغبة في الولد كانت شديدة وأن هاجس اإلنجاب ظل مهيمنا على تفكير غالبية األزواج ما تزودنا به المصادر من إفادات تفصح عن حاالت من األسر رغم ظروف العوز والفقر التي كانت تئن تحت وطأتها فإن رغبتها في الحصول على األطفال كانت رغبة شديدة (٣٧ (. في هذا الصدد ورد ضمن إحدى تراجم الفترة المدروسة أن رجال يدعى أبا علي بن أبي تاليت الهسكوري من جبل دمنات قدم يوما لزيارة الولي أبي محمد صالح في رباطه بآسفي قال: فبينما هو جالس ''قال لي: يا أبا علي ما رزقت ولدا إلى اآلن فقلت: ال والله. فقال لي: كثر الله تعالى ذريتك يا أبا علي كررها ثالثا فارتعدت فرائصي من دعائه وتغيرت خوفا أن أبتلى بكثرة األوالد مع الفقر فنظر إلي قد تغيرت... فقال لي: يا أبا علي أترد على الله هبته وعطيته''. (٣٨) من الراجح وفق المعطيات المتاحة أن األسر الفقيرة كانت في غالب األحيان أحوج من غيرها لهذا العدد الكبير من األفراد إال أنه من اإلنصاف القول إن المزيد من الذرية ألقى أحيانا على األسر المعدمة عبء ثقيال خصوصا في أوقات اإلزم فكثيرة هي ١١٧ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
دراسات العائالت التي تحدثت عنها المصادر طلت عاجزة عن تدبر الحاجات الضرورية ألعداد أفرادها الك ثر لتواضع قدراتها المادية واالقتصادية. لهذا ال غرابة أن نصادف نصوصا كثيرة عن آباء اشتكوا ثقل نفقاتهم األسرية لكثرة عيالهم. من ذلك ما ذكره ابن (٣٩ ( حين وصف حال واحد من عباد الرندي في إحدى رسائله وما ورد ضمن إحدى الروايات أصحابه ب "الزلط وكثرة العيال". (٤٠) المنقبية عن إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون (ت ٧٩٩ ه/ ١٣٩٧ م) من أنه "عاش لم يملك دار ا وال نخال إنما يسكن بالكراء (٤١) ويأكل بالسلف والدين مع كثرة عياله". لينطبق عليهم ما قاله بعض السلف: "إذا أراد الله بعبده شر ا سلط الله عليه في الدنيا أنياب ا تنهشه يعني: العيال". (٤٢) القول نفسه ينطبق على أحد (٤٣ ( وأيض ا على أحد البنائين الفاسيين الذي خلف "جملة من البنات" (٤٤ ( ضمن ترجمة محمد الشريف الفقراء الذي قال عنه البادسي الحسني إنه مات وترك عياال دون معيل. وغيرها من النماذج التي تثبت أن تواضع األحوال المادية واالقتصادية لألسر الفقيرة لم يثنيها عن اإلكثار من اإلنجاب. (٤٥) والالفت لالنتباه أن الشكوى من نفقات كثرة األبناء امتدت إلى بعض أصحاب الثروة والجاه بل أدت ببعضهم إلى اإلفالس والفقر ومن األمثلة المعبرة عن ذلك حالة خطيب جامع القرويين أبا الفضل محمد بن الخطيب المزدعي الذي قال عنه صاحب المسند (٤٦ ( أن النفقات المكلفة التي تطلبتها إعالة أوالده اضطرته إلى صرف ما تحت يده من أموال األوقاف والتركات واأليتام التي عين وصيا عليها. وفي االتجاه نفسه يقدم ابن الخطيب (٤٧ ( صورة معبرة عن حالة ابن مرزوق عندما ربط بين قلة ذات يده وبين "كثرة الولد". كما أشارت رواية للسلطان أبي سالم المريني (٧٦٠-٧٦٢ ه/ ١٣٥٩-١٣٦١ م) نقلها عنه المقري (٤٨ ( أن ابن الخطيب نفسه انتهت به األحوال إلى أن أصبح "سليب المال كثير العيال". ثاني ا: شيوع العادات المقوية لقدرات الرجل اجلنسية وإمكانات المرأة اإلجنابية ال سبيل إلى الشك في أن سيادة الذهنية المحبذة لإلنجاب وسيطرة األفكار المؤيدة لإلكثار من النسل على الفرد منفردا وعلى األسرة بمجموعها جعل من العادات المتوسلة لإلنجاب وخصوبة المرأة وكذا الوصفات المقوية للقدرات الجنسية لدى الرجل تعرف. ( ٤٩) انتشارا واسعا وإقباال كبيرا في هذا الصدد تحفل عدد من مصادر الحقبة مدار الدرس وبالخصوص كتب الجنس بنصوص تفصيلية عن أهم الوسائل التي كان ي نصح بها الرجل لتقوية. ( ٥٠) "الباه" والطرائق التي يحصل بها "الجماع" كما تتحدث عن الكثير من العادات التي أقبلت عليها بعض الجماعات بالغرب ٥١) ( وما قد اإلسالمي والتي من شأنها معالجة الضعف الجنسي ي بتلى به أحد الزوجين من أمراض وعيوب تحول دون تحقيق اإلشباع في الجماع (٥٢ ( وتصعب في اعتقادهم من الممارسة. ( ٥٣) الجنسية السوية المؤدية إلى اإلنجاب فقد اقترح أحمد زروق على الرجل الم صاب بمرض العنة أن "يكتب الفاتحة سبع ا وسورة القدر خمسا وعشرين مرة في آنية ثم يمحوها بماء الحمص الذي قد بات فيه ليلة ويشربه ثالثة أيام على الريق فإن لم يجبه فليوكل أمره إلى الله تعالى فيما أصابه فقد عزت الحيلة". (٥٤) بالمثل شاعت العديد من العالجات الشعبية التي اعتقد السواد األعظم في نجاعتها لتقوية قدرات الرجل في الجماع. أشار اإلدريسي أن سكان إحدى مناطق المغرب األقصى كانوا يقبلون على نوع من الحجارة اعتقدوا في دورها في تهييج الشهوة (٥٥) الجنسية. وذكر ابن القاضي أن من خصائص وادي الجواهر لدى الفاسيين الجماع" ٥٦) (. "أن من شرب من مائه على الريق يحرك شهوة وبالمثل شاع االعتقاد ب "الطب الروحاني" بحسب ٥٧) ( فالتجأ تعبير ابن المؤقت العديد من الرجال وبخاصة أولئك الذين حرموا من اإلنجاب إلى الصلحاء واألولياء للتبرك بهم والتماس الدعاء منهم طمعا في العون على تحقيق آمالهم في أن يرزقوا أطفال. ذكر الماجرى (٥٨) في هذا السياق أن رجال من األثرياء ملكته رغبة النسل وكان كثير الزواج طلب ا للولد فاتجه إلى الولي أبي محمد صالح الذي دعا له بأن يمنحه الله الكثير من األوالد. وورد في كتاب إثمد العينين (٥٩ ( أن واحد ا من أصحاب والد أبي العباس الزقاق قصد المتصوف عبد الرحمن الهزميري للدعاء (٦٠ ( أنه كان من أن يرزقه الله مولود ا ذكر ا. كما أشار المؤلف نفسه الذين واظبوا على زيارة األولياء واألضرحة والتمسح بأعتاب قبورهم رجاء تيسير سبل الزواج قبل أن يتجه إلى أبي زيد الهزميري الذي كاشفه بما هجس في خاطره وبما سيحصل عليه من أبناء. ثالث ا: الزوجة وهاجس العقم ومن جانب آخر فال شك في أن اتجاه معظم األسر نحو اإلكثار من النسل أثر في واقع المرأة الزوجة فإذا كان وضعها يتقوى أثناء فترة الحمل فتحضى بمكانة متميزة وبعناية لم تألفها من قبل الجميع الذين يتفانون في االستجابة لطلباتها (٦١ ( وخاصة زوجها الذي كان يزيد من اهتمامه بها ويبدل قصارى جهده لتلبية جل رغباتها واشتهاءاتها (٦٢ ( فإن ذلك كرس تلك الصورة التي تقدمها أداة للنسل والجانب الذي تقع عليه مسؤولية اإلنجاب. ويمكن تلمس ذلك من خالل النصوص التي تحملها وإذا مسؤولية تأخر الحمل أو الفشل في الحصول على مولود. (٦٣) كانت النصوص ال تسعف في الكشف عن صورة المرأة العاقر وأشكال التعامل معها من قبل الزوج وأسرته فيخيل إلينا أنها كانت موضع امتهان واحتقار فاللوم موجه إليها بالدرجة األولى (٦٤ ( شفيعنا في ذلك تلك الحاالت حتى وإن لم يتأكد من عقمها (٦٥ ( وفي أفضل األحيان إلى التي أدى فيها تأخر الحمل إلى الطالق مشاركتها في فراش الزوجية امرأة يتزوجها زوجها. (٦٦) ١١٨ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
دراسات من الطبيعي أن يجعل هذا السياق االجتماعي الذي يربط قيمة المرأة ومستقبلها الزواجي بقدراتها اإلنجابية من الرغبة في الحصول على الولد عند الزوجات رغبة شديدة وقوية وهما استحوذ على تفكيرهن وال غرو فالتوجس من عدم إنجابهن أو الخوف من إصابتهن بما يقلل من ذريتهن دفعهن إلى سلك سبل متعددة والتعلق بكل من توسمن فيه الصالح أو ادعاه من ذلك زيارة األولياء واألضرحة المعروفة بنتائجها المحمودة في هذا. ( ٦٧) األمر فقد ظلت بعض المزارات واألضرحة إلى وقت قريب مشهورة في االعتقاد الشعبي بفعاليتها في إزالة العقم والتخلص وبالمثل دفعت الرغبة في الولد وتأخر مما قد يعيق الحمل. (٦٨) الحمل ببعض الزوجات المتوجسات من العقم إلى االلتجاء إلى (٦٩ ( واالستعانة بالتمائم والرقى المشتغلين بالسحر والتنجيم (٧٠ ( أو االستنجاد ببعض الوصفات العالجية التي عادة ما والتعاويذ كان ينصح بها لعالج العقم (٧١ (. وقد تمثلت هذه الوصفات في تناول بعض األشربة وتجرع األعشاب وحرق البخور التي يعتقد في فعاليتها الشديدة في العالج وتحقيق المراد. أورد ابن هالل ضمن نوازله أن على المرأة التي تأخر حملها أن تأخذ "حبات الحرف" و"سباط الملوك" فتيبسها وتسحقها في مهراس وبلغت وتخلطها مع العسل وتلعق منه أصبعا واحدا كل يوم. (٧٢) الرغبة ببعضهن حد ا فقدن فيه السيطرة على سلوكاتهن إذ لم يترددن في الوقوع في أيدي أدعياء العالج الذين استغلوا وضعيتهن الحرجة للنيل منهن ومن أعراضهن بإتباع حيل كثير ا ما انطلت عليهن. (٧٣) رابع ا: الرغبة يف الولد الذكر ومتجيد الذكورة بالقدر الذي اعتقد فيه مغاربة العصر المريني بقيمة الكثرة والعدد والتمسك المستميت بثقافة الخصوبة واإلكثار من النسل فإنهم اعتقدوا اعتقاد ا جازم ا بأهمية الذكر وفضلوه على األنثى. فم جدت خالل هذه المرحلة من تاريخ المغرب قيمة الذكورة (٧٤ ( ونستطيع أن نعثر على صدى هذا االعتقاد في شيوع والرجولة. عدد من العادات واإلجراءات التي جرى االعتقاد في أنها تزيد من حظوظ إنجاب األوالد الذكور. وفي هذا السياق أوصى أحمد زروق من يريد الولد الذكر بأن يأمر زوجته "بالنوم على شقها األيمن عند فراغه" (٧٥ (. للوزير محمد النصيحة نفسها قدمها محمد النفزاوي بن الونان الزواوي حين قال له: "فإذا قضيت حاجتك وأردت النزول ال تقم قائما ولكن أنزل عن يمينك برفق فإن حملت المرأة من تلك الساعة يكون ذكرا إن شاء الله". (٧٦) وألن الرغبة في الولد الذكر كان طموح ا هيمن على فكر معظم األزواج فقد شاعت في مجموع مجاالت الغرب اإلسالمي الكثير من اإلجراءات والممارسات التي كان الغرض منها التطلع إلى. ( ٧٧) معرفة ما إذا كان جنس الجنين ذكر ا أم أنثى في هذا السياق يحدثنا السقطي أن أهل األندلس وفي محاولة منهم للوصول إلى جنس الجنين كانوا يعمدون إلى اعتماد مجموعة من الطرق من ذلك "أن يقدر بخيط من وسط سرة المرأة إلى الفقارة المحاذية لها من ظهرها ويعلم المكان بمداد ويدار القياس إلى الجانب الثاني من الموضع إلى الموضع فإن نقص الخيط من الجانب األيمن عن العالمة فهي حامل بذكر وإن طال فهي حامل بأنثى والله أعلم بذلك" (٧٨ (. ويخبرنا محمد النفزاوي من إفريقية أن جنس المولود يتحدد من خالل مجموعة من العالمات التي تظهر بالمرأة فإذا "بان لونها عند تبين حملها لم تتغير وكان وجهها حسنا منير ا وقل. ( ٧٩) الكلف من وجهها فذلك عالمة تدل على الذكر" أما إذا ازدادت قبح ا وفقدت جمالها وتغير لونها فال يمكن لمولودها أن يكون إال بنتا. (٨٠) ومن الوسائل األخرى المعتمدة للتكهن بجنس الوليد المنتظر والتي تكشف على أن هوس البحث عن المولود الذكر دائم ا ما كان يرافق الزوجين اللجوء إلى بعض الصلحاء الذين اعتقدت العامة. ( ٨١) في صدق تنبؤاتهم فقد ورد ضمن نازلة من نوازل الفترة سؤال. ( ٨٢) "عن قوم يدعون الصالح... ويقولون نعلم ما في بطون النساء" وذكرت إحدى الفتاوى المؤرخة سنة ٨٥٥ ه/ ١٤٥١ م أن رجال من المنتسبين إلى أهل الصالح كان يتحدث في حمل الحوامل ويقول فالنة يزيد لها ذكر وفالنة ذات أنثى (٨٣ (. وبالمثل كان دور ٨٤) ( كبير ا المنجمين الذين ذاعت أفكارهم في الحقبة المدروسة لالطالع على جنس المولود. فقد غدا اتصال القمر بالمشتري وعطارد في عرف أهل المغرب بحسب رواية البن الخطيب (٨٥ ( داال على أن المولود سيكون ذكر ا. وال تفوتنا اإلشارة إلى تلك الروايات التي حاول من خاللها البعض إضفاء طابع األسطورة والكرامة على فترة ظهور الحمل الذكر عند بعض األمهات إذ نسجتها في نسق ال يختلف كثيرا عن تلك التي أحاطت بوالدة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لتظهر انفراد المشاعر التي تميز المرأة أثناء الحمل بجنين ذكر وأثناء (٨٦) مخاض والدته. ومن النماذج على ذلك حالة يعقوب بن عبد الحق المريني الذي روى أن أمه " رأت في منامها كأن القمر خرج من قبلها حتى صعد في السماء وأشرق نوره األرض". ولما قص أبوها الرؤية على الشيخ أبي عثمان الورياكلي تنبأ بأن المولود سيكون سلطان ا ٨٧) (. كما ورد في ترجمة أحمد زروق (ولد سنة ٨٤٦ ه/ ١٤٤٢ م) أن والدته رأت حين حملت به كأنها أعطيت شيئا من الذهب ورأت جدته كأن الحج أخذه منها (٨٨ (. في حين قال محمد بن أحمد الشريف الحسني بأنه بشر بمولوديه عبد الله وعبد الرحمان في النوم. (٨٩) الذكر وفي كل األحوال فقد كانت الرغبة في الحصول على الولد قوية وبالخصوص عند األمهات. فالطفل الذكر بالنسبة للزوجة يزيد من قيمتها المعنوية داخل األسرة ومن حظوظ (٩٠ ( فضال عن أنه يرفع من شأنها االستفادة من الميراث العائلي ومكانتها عند الزوج ويضمن استقرارها الزواجي. فثمة حاالت أقدم فيها بعض األزواج على الطالق وعلى الزواج المتعدد أمال في أن يرزقوا بأبناء ذكور ألن كل مواليدهم من البنات. (٩١) ١١٩ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
دراسات وتتجلى العقلية المفضلة لالبن الذكر في سلوك األسرة عند الوالدة ( ٩٢) ففي الوقت الذي تقل فيه استبشارة األسرة بالمولود األنثى ترتفع الزغاريد احتفاء بالمولود الذكر وتزداد حفاوة االستقبال. ( ٩٣) وضخامة االحتفاالت بوالدته خاصة إذا كان باكورة الزواج ويالحظ أن جل رسائل التهنئة بالمولود الجديد ارتبط موضوع أشعارها بالمولود الذكر (٩٤ (. وفي ذات االتجاه فقد يحصل أن يتم (٩٥) إرضاعه أشهر زيادة على مدة إرضاع األنثى. ومن القرائن المؤكدة لمكانة الطفل الذكر تلك الروايات التي تتحدث عن بعض األسر خالل الحقبة المبحوث فيها عانت من مسألة فقدان أوالدها واضطرارها إلى االستعانة بالعديد من الطرق التي اعتقدت في نجاعتها للحد من هذا التلف الذي أصابها. من هذه الروايات نذكر أن محمد بن أحمد مرزوق وزوجته عائشة بنت أحمد بن الحسن المديوني كانا من شأنهما أال يعيش لهما ولد إال نادر ا. ولما رزقا بمولود جديد اختارا تغيير اسمه باسم محمد حتى يتعافى باعتقادهم من المرض الذي ألم به والذي كاد أن يجعل مصيره مثل مصير سابقيه (٩٦ (. الحالة نفسها تكررت مع والد علي بن قاسم الزقاق الترجيني حيث اشتكى هو اآلخر من موت أبنائه الذكور خاصة "فدل أن يسكب زقا من زيت على من يتزيد من (٩٧) ذكر له يسخنه به ثم يتصدق به ففعل". خ امت ة قصارى القول إن الحياة االجتماعية في عصر المرينيين تميزت بطغيان مجموعة من القيم والمعتقدات واألفكار التي جاءت انعكاسا أمينا لبنية ثقافية سائدة. فقد أسهمت أوضاع الحياة القاسية نتيجة طبيعة وسائل اإلنتاج البسيطة والوضع الطبيعي والمعاشي السائد القائم على الكفاف والقلة وعائدات الغزو في قوة التأثير وكثافة الترسبات الذهنية التي خلفتها سيادة العقلية المشجعة على اإلنجاب والمقدرة لخصوبة المرأة في مختلف أشكال السلوك والقيم األخالقية والممارسات والعادات الجماعية والفردية في المغرب األقصى خالل العصر المريني. والحاصل فقد أبان التحليل أن الخصوبة واإلكثار من النسل كانت من الحاجات الملحة وقيمة من أهم القيم الموجبة للتقدير التي انفعل معها معظم مغاربة العصر المريني. وعلى هذا األساس تدوولت في شأنها أشكال من السلوك والقواعد األخالقية والتمثالت الرمزية التي وجهت مشاعر الناس واختياراتهم االجتماعية. : اله وام ش (١) محماد لطيف الحياة األسرية بالمغرب األقصى خالل العصر المريني ٨٦٩-٦٦٨ ه/ ١٤٦٥-١٢٦٩ م أطروحة لنيل الدكتوراه في التاريخ جامعة المولى إسماعيل كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية الرباط السنة الجامعية ٢٠٠٨-٢٠٠٧ م ص. ١٠٨. (٢) الماجري المنهاج الواضح في تحقيق كرامات أبي محمد صالح المطبعة المصرية القاهرة الطبعة األولى ١٩٢٣ م ص ٣٢١. التنبكتي نيل االبتهاج بتطريز الديباج إشراف وتقديم عبد الحميد عبد الله الهرامة وضع هوامشه وفهارسه طالب من كلية الدعوة اإلسالمية منشورات كلية الدعوة اإلسالمية طرابلس الطبعة األولى ١٩٨٩ م ص ٢٢٥. (٣) ابن أبي زرع األنيس المطرب المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط ١٩٧٢ م ص ٢٨٥. الذخيرة السنية في تاريخ الدولة المرينية دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط ١٩٧٢ م ص ٢٣. ابن خلدون العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكبر ضبط المتن ووضع الحواشي والفهارس خليل شحادة مراجعة سهيل زكار دار الفكر بيروت الطبعة الثانية ١٤٠٨ ه/ ١٩٨٨ م ج ٧ ص ٢٢٥. الناصري االستقصا ألخبار دول المغرب األقصى تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري دار الكتاب الدار البيضاء ١٩٥٤ م ج ٣ ص ٩. (٤) ابن الخطيب ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب حققه ووضع مقدمته وحواشيه محمد عبد الله عنان الناشر مكتبة الخانجي القاهرة الطبعة األولى ١٤٠١ ه/ ١٩٨١ م ج ٢ ص ٣٢٧. (٥) "تسميه مسعود أودحيه بالعود". الزجالي ري األوام ومرعى السوام (٦) في نكت الخواص والعوام (أمثال العوام في األندلس) تحقيق ودراسة محمد بن شريفة مطبعة محمد الخامس فاس صدر عام ١٣٩١ ه/ ١٩٧١ م ق ٢ مثل رقم ١٨٣٧ ص ٤٢٢. حميد تيتاو محماد لطيف مالمح من التاريخ االقتصادي واالجتماعي لقبائل أيت عطا من خالل أمثالها مساهمة في تدوين األمثال األمازيغية مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط ١ ١٤٢٣ ه/ ٢٠٠٣ م صص ١٧٨. ٨٤ (٧) المدخل إلى تنمية األعمال بتحسين النيات والتنبيه على بعض البدع والعوائد التي انحلت وبيان شناعتها وقبحها طبع على نفقة مصطفى أفندي فهمي الكتبي وشريكه المطبعة العامرة الشريفة ١٣٢٠ ه ج ٣ ص ٣١. (٨) الونشريسي المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية واألندلس والمغرب نشر وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية بالمملكة المغربية الرباط ودار الغرب اإلسالمي بيروت ١٤٠١ ه/ ١٩٨١ م ج ٣ ص ٥. (٩) ابن الحاج المدخل ج ٢ ص ٦٠ ٥٥ ج. أحكام البرزلي مخ.خ.ع الرباط رقم: ٣ ص ٣١. الونشريسي مختصر ٢١٩٨ د ص محمد ٥٨٤. النفزاوي الروض العاطر في نزهة الخاطر ضمن كتاب الجنس عند العرب نصوص مختارة منشورات الجمل الطبعة األولى كولونيا- ألمانيا ١٩٩٧ م ص ١٠٣. ١٢٠ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
دراسات (٢١) روضة التعريف بالحب الشريف عارضه بأصوله وعلق على حواشيه وقدم له محمد الكتاني دار الثقافة الدار البيضاء بيروت الطبعة (١٠) من ذلك قوله تعالى: «ال م ال و ال ب ن ون ز ين ة ال ح ي اة الد ن ي ا». سورة الكهف اآلية ٤٦. وقوله أيضا: «و ي م د د ك م ب أ م و ال و ب ن ين» سورة نوح اآلية ١٢. ومن األحاديث النبوية قوله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم امرأة تقدم ثالثة من الولد إال كانوا لها حجابا من النار فقالت امرأة: واثنين قال: واثنين). رواه النسائي وأبو داود والحاكم. موسوعة األحاديث النبوية الشريفة. للمزيد من التفصيل راجع : زهير حطب تطور بنى األسرة العربية معهد اإلنماء العربي بيروت ١٩٧٦ م ص ١٢١. (١١) ابن عبد الرؤوف رسالة في آداب الحسبة والمحتسب نشر ليفي بروفنسال ضمن ثالث رسائل أندلسية في أدب الحسبة والمحتسب مطبوعات المعهد العلمي الفرنسي لآلثار الشرقية القاهرة ١٩٥٥ م ص ٧٩. المقري نفح الطيب في غصن األندلس الرطيب وذكر وزيرها.٦٠ لسان الدين بن الخطيب دار صادر بيروت ١٣٨٨ ه/ ١٩٦٨ م ج ٥ ص (١٢) ابن القاضي جذوة االقتباس في ذكر من حل من األعالم بمدينة فاس دار المنصور للطباعة والوراقة الرباط ١٩٧٣ م ج ٢ ص ٤٢٥. محمد بن جعفر الكتاني سلوة األنفاس ومحادثة األكياس فيمن أقبر من الصلحاء بمدينة فاس ٣ أجزاء طبعة حجرية فاس ١٣١٦ ه ج ٣ ص ٣٠٢. (١٣) كتاب عمل من طب لمن حب طبع النص العربي مع بيان المصطلحات ومعجم األسماء الطبية ماريا كثيثيون فازكيز دي بينيتو جامعة سلمنقة ١٩٧٢ م ص ٢٧٤. (١٤) الونشريسي المعيار ج ٣ ص ٣٧٠. (١٥) للمزيد من التوضيح راجع: محمد فتحة "معطيات عن تحديد النسل في المغرب خالل العصر الوسيط المتأخر انطالقا من قولة لعبد الله العبدوسي في موضوع العزل" مجلة كنانيش منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية جامعة محمد األول وجدة العدد األول ١٩٩٩ م ص ٥٥. (١٦) المالحظة نفسها أوردها فيليب أرياس في تناوله لمسألة منع الحمل في تاريخ أوربا. أنظر : "تاريخ الذهنيات" ضمن كتاب التاريخ الجديد إشراف جاك لوكوف ترجمة وتقديم محمد الطاهر المنصوري المنظمة العربية للترجمة بيروت الطبعة األولى ٢٠٠٧ م صص ٢٩٩-٣٠٠. (١٧) ابن هذيل عين األدب والسياسة وزين الحسب والرياسة مخطوط المكتبة الوطنية الرباط رقم ٥٨١ د ص ٦٥. ابن األحمر روضة النسرين في دولة بني مرين تحقيق عبد الوهاب بن منصور المطبعة الملكية الرباط الطبعة الثانية ١٤١١ ه/ ١٩٩١ م ص ٥٥. (١٨) محمد أستيتو الفقر والفقراء في مغرب القرنين ١٦ و ١٧ م مؤسسة النخلة للكتاب وجدة الطبعة األولى ٢٠٠٤ م ص ٣٧٢. (١٩) ابن الحاج ج ٣ ص ٣١. (٢٠) شارل أندريه جوليان تاريخ إفريقيا الشمالية تونس- الجزائر- المغرب األقصى تعريب محمد مزالي البشير بن سالمة الدار التونسية للنشر النشرة ١٩٨٣ م ٢ ج ١ ص ١٦٦. محمد ياسر الهاللي مجتمع المغرب األقصى خالل القرنين الثامن والتاسع ه/ V XIXVم مساهمة في دراسة بعض مصطلحات التراتب االجتماعي [العامة- الخاصة] [الطبقة-المرتبة] أطروحة لنيل الدكتوراه في التاريخ جامعة محمد الخامس كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية الرباط السنة الجامعية ١٩٩٩ ٢٠٠٠ م ص ١٥٧. ١٠٨ األولى ١٩٧٠ م ج ١ ص ٣٩٨. (٢٢) ابن خلدون المقدمة دار الكتب العلمية بيروت الطبعة األولى ١٩٩٣ م ص ٩٦. يمكن مالحظة ذلك من خالل ما رافق الحياة البدوية من ضروب الغصب والتعدي: ابن أبي زرع األنيس المطرب صص ٢٨٨. ٢٨٢ الذخيرة السنية ص ٣٦. ابن خلدون العبر ج ٧ صص ٢٢٦. ٢٢٤ الملزوزي نظم السلوك في األنبياء والخلفاء والملوك نشر عبد الوهاب بن منصور المطبعة الملكية الرباط ١٣٨٢ ه/ ١٩٦٣ م صص -٦٨.٦٩ (٢٣) مجهول الحلل الموشية في ذكر األخبار المراكشية تحقيق سهيل زكار عبد القادر زمامة دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء ط ١ ١٩٧٩ م ص ١٧. ابن خلدون المقدمة ص ١١٤. العبر ج ٧ صص ٢٢١-٧٤ ٦٨.٢٢٢ (٢٤) اإلدريسي نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق مكتبة الثقافة الدينية القاهرة دون تاريخ مج ١ ص ٢٤٣. الحميري الروض المعطار في خبر األقطار معجم جغرافي تحقيق إحسان عباس مكتبة لبنان بيروت الطبعة الثانية ١٩٨٤ م ص ٦٠٥. (٢٥) ابن خلدون المقدمة ص ٢١١. الناصري االستقصا ج ٣ ص ١٠٨. (٢٦) إبراهيم القادري بوتشيش تاريخ الغرب اإلسالمي دار الطليعة بيروت ط ١ ١٩٩٤ م ص ٢٥. (٢٧) الحسن الوزان وصف إفريقيا ترجمه عن الفرنسية محمد حجي ومحمد األخضر دار الغرب اإلسالمي بيروت الشركة المغربية للناشرين المتحدين الطبعة الثانية ١٩٨٣ م ج ١ ص زهير ٢٥٨. حطب تطور بنى األسرة العربية صص ١٣٥. ١٢٠ ١١٩ ١٠٥ أحمد التوفيق المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر (إينولتان ١٨٥٠-١٩٢٠) منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية بالرباط أطروحات ورسائل ١ الطبعة الثانية ١٤٠٣ ه/ ١٩٨٣ م ص ١٨٩. (٢٨) ابن خلدون المقدمة ص ١٠٤. (٢٩) الناصري االستقصا ج ٣ ص ١٣٤. (٣٠) الونشريسي المعيار ج ٣ ص ٢٧٨. (٣١) ابن أبي زرع الذخيرة السنية ص ٣١-٣٢. (٣٢) المصدر نفسه ص ٣٢. (٣٣) البستان في ذكر األولياء والعلماء بتلمسان المطبوعات الجامعية الجزائر ١٩٨٦ م صص ١٢٧. ١١٧ (٣٤) محمد بن جعفر الكتاني سلوة األنفاس ج ٢ ص ٦٣. (٣٥) المدخل ج ٢ ص ٥٧. (٣٦) ابن مرزوق المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن موالنا الحسن دراسة وتحقيق ماريا خيسوس بيغيرا تقديم محمود بوعياد إصدارات المكتبة الوطنية الجزائرية الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر ١٤٠١ ه/ ١٩٨١ م ص ١٣١-١٣٢. (٣٧) ابن عباد الرسائل الكبرى طبعت بتصحيح أحمد بن محمد المهدي بن العباس بن صابر البوعزاوي طبعة حجرية ١٣٢٠ ه ص ١٥٧. ابن عسكر دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر تحقيق محمد حجي مطبوعات دار المغرب للتأليف والنشر سلسلة التراجم ط ٢ مصورة باألوفسيط الرباط ١٣٩٧ ه/ ١٩٧٧ م ص.١٠٦ ١٢١ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
ض( دراسات (٣٨) الماجري المنهاج الواضح ص ٣٢٠. (٣٩) الرسائل الكبرى ص ١٥٧. (٤٠) المصدر نفسه ص ١٤٥. (٤١) التنبكتي نيل االبتهاج ص ٣٥. (٤٢) ابن عرضون مقنع المحتاج في آداب األزواج مخطوط. المكتبة (٤٣) الوطنية الرباط رقم ١٠٢٦ ك ص ٣. تكالت ابن إثمد العينينونزهة الناظرين في مناقب األخوين تحقيق ودراسة محمد رابطة الدين رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ جامعة محمد الخامس كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية الرباط السنة الجامعية ١٩٨٦ م ص ٢٥٠. (٤٤) المقصد الشريف والمنزع اللطيف في التعريف بصلحاء الريف تحقيق سعيد أحمد أعراب المطبعة الملكية الرباط ١٩٨٢ م ص ١٤٦. (٤٥) مجهول بلغة األمنية ومقصد اللبيب فيمن كان بسبتة في الدولة المرينية من مدرس وأستاذ وطبيب تحقيق عبد الوهاب بن منصور المطبعة الملكية الرباط ١٤٠٤ ه/ ١٩٨٤ م صص ٤٦. ٣٣ الصومعي كتاب المعزى في مناقب الشيخ أبي يعزى تحقيق علي الجاوي منشورات كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية جامعة ابن زهر أكادير مطبعة المعارف الجديدة الرباط ١٩٩٦ م ص ٢١٩. (٤٦) ابن مرزوق المسند ص ٢٣٠. (٤٧) نفاضة الجراب في عاللة االغتراب تقديم وتحقيق السعدية فاغية مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة األولى ١٤٠١ ه/ ١٩٨٩ م ج ٣ ص ٢٣٦. (٤٨) نفح الطيب ج ٦ ص ١٨. (٤٩) يمكن مالحظة ذلك من خالل بعض العادات المنتشرة في حفالت الزواج. الحسن الوزان وصف افريقيا ج ١ ص ٢٥٦. محمد المختار السوسي المعسول ١٣٧٠ ه/ ١٩٦٠ م ج ١ صص ٣٢-٣٣. طبع بمطبعة النجاح الدار البيضاء عام (٥٠) راجع في هذا الصدد: محمد التجاني تحفة العروس ومتعة النفوس تحقيق جليل العطية رياض الريس للكتب والنشر لندن ١٩٩٢ م ص ١٩٦. محمد النفزاوي الروض العاطر ص ١٠٣-١٠٤. ولعلها كتابات ال تشد عن اتجاه نظيراتها في المشرق اإلسالمي: السيوطي كتاب اإليضاح في علم النكاح ص وكتاب ١٢٤. الرحمة في الطب والحكمة طبع ونشر مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني د.ت ص ٢٦-٢٧- ٢٨. بحيث أورد ما ال يقل عن أربعين طريقة لعالج العقم. للتفصيل عن مضامين بعض هذه الكتابات راجع : سمية نعمان جسوس بال حشومة الجنسانية النسائية في المغرب ترجمة عبد الرحيم حزل نشر المركز الثقافي العربي الدار البيضاء ط ١ ٢٠٠٣ م ص ٢٤٣. (٥١) ورد في نوازل ابن رشد أن زوجة اشتكت إعراض زوجها عنها منذ دخل بها وقالت أنها تريد الفراق ألنها " ال تستطيع الصبر عما يلحقه بها من الضرر فيما يرغب النساء من أزواجهن". المسائل تحقيق ودراسة الحبيب التجكاني منشورات دار اآلفاق الجديدة المغرب الطبعة األولى ١٩٩٢ م مج ١ ص ١٨٥. (٥٢) ابن غازي الكليات في المسائل الجارية عليها األحكام مخطوط الخزانة العامة الرباط رقم: ١٧٢٩ د (ضمن مجموع) ص ١٠٩. محمد النفزاوي الروض العاطر ص ٧٩-٨٢ ١٠٨. (٥٣) لعل المطلع على بعض المصنفات يلحظ مايقدمه مؤلفوها من وصفات عديدة لمعالجة ما يصاب به الزوج أو الزوجة من عجز جنسي أو من علل في أعضائهما التناسلية لذا خصصوا أبواب فيما يقوي على الجماع وبابا آخر فيما يزيد من حجمه وبابا عن فروج النساء وبابا يهتم بالعجز الجنسي انظر: محمد النفزاوي الروض العاطر ص ٧٧ ١٠٣. ٨٣ مجهول كتاب في الطب مخطوط مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات اإلسالمية والعلوم اإلنسانية الدار البيضاء رقم ١/١٦٩ ص ٤٠. ابن عرضون مقنع المحتاج ص ٢١٥ وما بعدها. (٥٤) النصيحة الكافية لمن خصه الله بالعافية دراسة وتحقيق وتخريج عبد المجيد خيالي منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية بيروت لبنان الطبعة األولى ٢٠٠١ ص ٨٠. (٥٥) نزهة المشتاق مج ١ ص ١٠٤. (٥٦) جذوة االقتباس ج ١ ص ٤٣. (٥٧) السعادة األبدية في التعريف بمشاهير الحضرة المراكشية طبع بمطبعة مصطفى البائي الحلي وأوالده مصر ١٣٤١ ه ص ١٥٥. (٥٨) المنهاج الواضح ص ٣٢١-٣٢٢. (٥٩) ابن تكالت إثمد العينين ص ٢٣٠. ابن عيشون الروض العطر األنفاس بأخبار الصالحين من أهل فاس دراسة وتحقيق زهراء النظام رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في التاريخ جامعة محمد الخامس كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية الرباط السنة الجامعية ١٤٠٩ ه/ ١٩٨٩ م ص ٢١٢. (٦٠) ابن عيشون الروض العطر ص ٢٢٣-٢٢٤. (٦١) ابن عسكر دوحة الناشر ص ١١٤. (٦٢) ابن عرضون مقنع المحتاج ص ٣١٩. إبراهيم القادري بوتشيش المغرب واألندلس في عصر المرابطين المجتمع الذهنيات (٦٣) األولياء دار الطليعة بيروت الطبعة األولى ١٩٩٣ م ص ٣٣. ابن أبي زرع الواضح ص ٣٢١. األنيس المطرب صص.٣٢-٣١ الماجري (٦٤) محماد لطيف الحياة األسرية بالمغرب األقصى ص ٣٦٤. (٦٥) الدرعي األجوبة الناصرية المنهاج في بعض مسائل البادية مخطوط المكتبة الوطنية الرباط رقم ١٦٤٤ د (ضمن مجموع) ص ٩٨. (٦٦) الونشريسي المعيار ج ٥ ص ١٢٧. (٦٧) األنصاري اختصار األخبار عما كان بسبتة من سني اآلثار تحقيق عبد الوهاب بن منصور المطبعة الملكية ط ٢ الرباط ١٤٠٣ ه/ ١٩٨٣ م ص ٢٢. ابن عسكر دوحة الناشر ص ١٠٦. محمد بن جعفر الكتاني سلوة األنفاس ج ٣ ص ٩١. (٦٨) سمية نعمان جسوس بال حشومة ص ١١٨. (٦٩) ابن هيدور االعتبارات النظرية في األحكام النجومية مخطوط المكتبة الوطنية الرباط ميكروفيلم رقم ٢٣٥١ أبي الرجال شرح أرجوزة في األحكام النجومية ص ٤٣. (٧٠) الونشريسي المعيار ج ٢ ص ٣٨٨ ج. (٧١) محمد النفزاوي الروض العاطر ص ١٠٥. ١١ ص.١٦٦.م) ص ٢٣٨. ابن (٧٢) ابن هالل األجوبة طبعة حجرية دون مكان الطبع دون تاريخ (نسخة خاصة) ص ١٨٣. (٧٣) فهذه امرأة عاقر بحسب رواية البن عرضون قصدت أحد المعالجين ممن يتوسم فيه الخير والصالح فطلبت منه أن يعالجها فقال لها: البد من الكتابة في مواضع من بواطن جسدك فانزع ثيابك سوى السروال ففعلت فصار يستمتع بها. مقنع المحتاج ص ٢٨٠. كما ذكر أن امرأة أخرى عاقر قصدت أحد المعالجين فقال لها: عندي مسألة ١٢٢ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
دراسات (٧٤) صحيحة للعاقر ولكن ال يتأتى عملها ألن كاتبها يكتبها في ذكره ويجامعها به فرغبت منه عملها. ص ٢٨٠. حميد تيتاو الحرب والمجتمع بالمغرب األقصى خالل العصر المريني منشورات مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات اإلسالمية والعلوم اإلنسانية الدار البيضاء سلسلة أبحاث ١ دجنبر ٢٠٠٩ م ص ٤٣٢. (٧٥) النصيحة الكافية ص ٧٨. (٧٦) محمد النفزاوي الروض العاطر ص ١١٢. (٧٧) راود هذا الطموح بعض الناس منذ فترات سابقة من تاريخ المغرب واستعملوا ألجل معرفة جنس الجنين مجموعة من الطرق المختلفة. عن بعضها راجع: إبراهيم القادري بوتشيش المغرب واألندلس ص.٣٣ (٧٨) رسالة في الحسبة ص ٥٢-٥٣. (٧٩) الروض العاطر ص ١١١. نقل ذلك كما هو واضح عن السيوطي الرحمة في الطب والحكمة ص ٢١٨. (٨٠) إلى جانب عالمات أخرى قال صاحب المصدر إنه أخذها من أقوال أهل العلم فيما جربوه وصح عندهم. المصادر نفسها الصفحات نفسها. (٨١) ابن خلدون المقدمة ص ٢٥٩. (٨٢) الونشريسي المعيار ج ١١ ص ١٦٦. (٨٣) المصدر نفسه ج ٢ ص ٣٨٨. () Ahmed Khaneboubi, Les premiers sultans mérinides1269 1331, Histoire politique et sociale, L Harmattan, Paris, 1987, P. 189. (٨٥) نفاضة الجراب ص ١٣١-١٣٢. ريحانة الكتاب ج ٢ ص ١٧٨. (٨٦) تركي علي الربيعو العنف والمقدس والجنس في الميثولوجيا اإلسالمية نشر المركز الثقافي العربي بيروت الطبعة الثانية ١٩٩٥ م ص ١٦٢-١٦٦. (٨٧) ابن أبي زرع األنيس المطرب ص ٢٩٧. (٨٨) مجهول التعريف بالشيخ أحمد البرنسي المعروف بزروق مخطوط المكتبة الوطنية الرباط رقم ٢١٠٠ د (ضمن مجموع) ص ٢٧٩. (٨٩) ابن مريم البستان في ذكر األولياء والعلماء بتلمسان المطبوعات الجامعية الجزائر ١٩٨٦ م صص ١٢٧. ١١٧ (٩٠) قالت في هذا الصدد: "سميه مسعود وادحيه بالعود". الزجالي أمثال العوام مثل رقم ١٨٣٧ ق ٢ ص ٤٢٢. حميد تيتاو محماد لطيف مالمح من التاريخ االقتصادي واالجتماعي لقبائل أيت عطا ص ١٥٩. مثل رقم: ٧٦٦. (٩١) محماد لطيف الحياة األسرية ص ٣٦١. (٩٢) الحسن الوزان وصف إفريقيا ج ١ ص ٢٥٨. (٩٣) ابن الحاج المدخل ج ٣ ص ٣٢. ابن الخطيب ريحانة الكتاب ج ٢ ص ١٧٧-١٧٨. روجيه لوتورنو فاس في عصر بني مرين ترجمة نقوال زياده مكتبة لبنان بيروت ١٩٦٧ م ص ١٠٣. (٩٤) إبراهيم القادري بوتشيش المغرب واألندلس ص ٣٤. (٩٥) سمية نعمان جسوس ص ٢٠. (٩٦) نيل االبتهاج التنبكتي ص ٥٠٨. (٩٧) ابن القاضي جذوة االقتباس ج ٢ ص ٤٧٦. ١٢٣ علمية. عالمية. م ح كمة. ربع سنوية
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات é Ë ]Ý^Ó ]h^ïö_ çşjö]æì`ßö] مدرس الا ثار الا سلامية كلية الا داب جامعة سوهاج جمهورية مصر العربية < << أدت األلقاب دور ا كبير ا في تاريخ الدول اإلسالمية قديم ا وحديث ا وتعددت تلك األلقاب وتباينت من دولة ألخرى ومن عصر آلخر وحرص الخلفاء والسالطين واألمراء المسلمون على اتخاذ ألقاب لها دالالتها الدينية والسياسية واالجتماعية والتي عكست ظهور م ن تلقب بها في صورة حماة الدين والعقيدة وأنهم خلفاء الله في األرض والمجاهدون في سبيله والقائمون على أمر األمة اإلسالمية ومصالح مواطنيها. فاأللقاب ت ع د من شارات الحكم التي يحرص على اتخاذها الحكام واألمراء المسلمين وقد عكست هذه األلقاب توجهات الحكام وسياستهم كما مثلت صد ا لألحداث السياسية والعسكرية وأحيان ا االجتماعية للفترة التاريخية التي يحكم فيها كل أمير أو سلطان. وهذا ما وضح بشكل جلي في ألقاب حكام الغرب اإلسالمي بشكل عام _كاألغالبة والرستميين واألدارسة والفاطميين_ وألقاب الحكام الحفصيون بشكل خاص. فقد تلقب حكام الدولة الحفصية بعديد من األلقاب التي تماشت واألوضاع التي اكتنفت فترة كل حاكم والتي عكست الفترات واألطوار المتباينة التي عاشتها الدولة الحفصية من قوة وازدهار أو ضعف وانهيار في كافة مناحي الحياة. ومنها ألقاب العبودية لله واأللقاب األميرية واأللقاب الخالفية وألقاب اإلمامة واأللقاب الملكية واأللقاب السلطانية وغيرها. ٢٠١٥ تاريخ استلام المقال: ١٦ فبراير الحفصيون الغرب الا سلامي ا لقاب الخلافة ا لقاب الا مامة الا لقاب تاريخ قبول النشر: السلطانية ٢٢ مايو ٢٠١٥ DOI 10.12816/0045096 عامر حسن ا حمد عجلان سبتمبر.٢٠١٧ ص ١٢٤.١٣٢ ا " لقاب الحكام الحفصيين: النشا ة والتطور". - دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون م ق د م ة أو الخليفة أو أمير المؤمنين والملك والرشيد والهادي والمنصور والمأمون والسلطان واألمير بل نجد أن هناك ألقاب ا تضاف إلى حث الدين اإلسالمي الحنيف على أال يخاطب المسلم أخاه إال لفظ الجاللة (الله) في العصر العباسي الثاني مثل العزيز بالله بما يحب من األسماء واأللقاب. فقال عز وجل: و ال ت ل م ز وا أ ن ف س ك م والناصر لدين الله والمتوكل على الله والمستعين بالله والقائم و ال ت ن اب ز وا ب األ ل ق اب ب ئ س اال س م ال ف س وق ب ع د اإل يم ان و م ن ل م ي ت ب بأمر الله وغيرها. (٢) وقد حرص المسلمون على ذلك لذا فقد ف أ ول ئ ك ه م الظ ال م ون (١) اهتم الحكام المسلمون أيما اهتمام باتخاذ األلقاب التي تميزهم عن ولما كان هناك بعض حكام الدول وخاصة في العصر العباسي مم ن كان يحمل أكثر من لقب مثل أمير المؤمنين والناصر لدين غيرهم وتبرز مكانتهم وسلطانهم ونفوذهم حيث كانت هناك لكل الله والملك والسلطان. والملك وخادم الحرمين الشريفين أو دولة ألقاب يحملها حكامها واختلفت هذه األلقاب بين الدول والشعوب حسب عادات وتقاليد وأعراف ذلك الشعب المحكوم حامي حمى الحرمين الشريفين السلطان مثلما كان عليه الحال في العصر العثماني فقد عانى كثير من الباحثين والدارسين وهواة وبيئته. وتعددت األلقاب عند المسلمين ودول الجوار من األمم التاريخ من متاهات وإرباكات بعض المؤرخين عند ذكرهم ألسماء األخرى مثل اإلمبراطور والقيصر وكسرى والنجاشي والفرعون أرباب النفوذ من الخلفاء والسالطين والملوك واألمراء والوزراء ١٢٤
مقالات وغيرهم أو عند ذكرهم ألقابهم فقط أو ألقابهم ونعوتهم أو ألقابهم واألسماء التي يكنون بها وفي كثير من األحيان يكتفون بالنعت أو بالكنية وفي حاالت أخرى يوردون أسمائهم فقط. األمر الذى يؤدى في كثير من األحيان إلى التباس الشخصية التي يتحدثون عنها مع شخصية أخرى (٣ (. يتساوى األمر في ذلك بين شرق العالم اإلسالمي وغربه ولما كانت ألقاب الدول في غرب العالم اإلسالمي لم تنل حظ ا وافر ا من الدراسة كنظيرتها في المشرق أردت أن ألقى الضوء على ألقاب دولة من الدول التي كان لها أثر فعال في تاريخ المغرب األدنى أال وهي الدولة الحفصية. متهيد ي نتسب الحفصيون إلى الشيخ أبي حفص عمر بن يحيي الهنتاني ويسمي بالعمري ويلقب بأزناج والهنتاني نسبة إلى قبيلة هنتانة أكبر قبائل المصامدة وأكثرها جمع ا وأشدها قوة وهم السابقون للقيام بدعوة المهدي والممهدون ألمره وأمر عبد المؤمن من بعده. وقد مرت الدولة الحفصية بأطوار مختلفة في فترة حكمها إلفريقية _والتي امتدت من سنة ( ٦٢٦ ه/ ١٢٢٩ م) إلى سنة ( ٩٨٢ ه/ ١٥٧٤ م)_ تنوعت ما بين سطوع وأفول لنجمها في سماء األحداث السياسية. فالطور األول هو طور "النشأة والخالفة" وقد امتد من عام ( ٦٢٦ ه/ ١٢٢٩ م) إلى عام ( ٦٧٥ ه/ ١٢٧٧ م). وقد شهدت الدولة في هذه الفترة ازدهار ا كبير ا وخضع لها كثير من الدول المجاورة. ثم تلي هذا الطور فترة من االضطرابات واالنقسامات تفرقت فيها السلطة بين تونس وبجاية وقسنطينة وامتدت هذه الفترة من ( ٦٧٥ ه/ ١٢٧٧ م) إلى ( ٧٤٧ ه/ ١٣٤٦ م). ثم ما لبثت الدولة أن خضعت للمرينيين حكام المغرب األقصى مرتين إلى أن عادت إلى قوتها وذلك في الفترة الممتدة بين عامي (٧٤٨ ٧٧٢ ه/ ١٣٤٧ ١٣٧٠ م). تلت هذه المرحلة فترة من االستقرار على كافة األصعدة وهي "فترة االزدهار" (٧٧٢-٨٩٣ ه/ - ١٣٧٠ ١٤٨٨ م). ومرة أخرى تعود البالد إلى الضعف والتخبط والفوضى فتكثر المجاعات وتتكرر ثورات األعراب ويدخل اإلسبان البالد إلى أن تسقط الدولة على يد األتراك العثمانيين وهذا هو الطور األخير من أطوار الدولة الحفصية وهو طور "الضعف واالنهيار" والذي امتد من عام ( ٨٩٣ ه/ ١٤٨٨ م) إلى عام ( ٩٨٢ ه/ ١٥٧٤ م) وهو العام الذي تحولت فيه البالد من السيادة الحفصية إلى والية تابعة للدولة العثمانية. وقد اتخذ الحكام الحفصيون ألقاب ا تماشت وتلك األطوار التي مرت بها دولتهم. ألقاب احلكام احلفصيني كان لتوجه كل دولة من دول الغرب اإلسالمي مردوده على األلقاب التي اتخذها حكام هذه الدول فاكتفي الحكام األغالبة بلقب "حاكم" و "أمير" (٤). لتبعيتهم ووالئهم للخالفة العباسية (٥) أما الدولة الرستمية فقد اتخذ حكامها لقب "اإلمام" وبمقتضى ذلك أصبح رئيس الدولة مصدرا لجميع السلطات دينية كانت أم (٦ ( كذلك فقد اكتفي األدارسة بلقب "اإلمامة" ألنهم لم سياسية يؤسسوا خالفة مستقلة وإنما دولة علوية ينتمي مؤسسها إلى (٧ ( وعلى الرغم من ذلك لم تكن دولة شيعية بالمعني البيت العلوي المتعارف علية من حيث الفكر السياسي واالتجاه المذهبي كما (٨ ( فلما قام ظهر ذلك بشكل واضح فيما بعد في الدولة الفاطمية عبيد الله المهدي أول ملوك العبيديين بإفريقية تلقب ب المؤمنين" (٩) ألنه كان يري أنه أحق المعاصرين له بالمشرق فهو أول م "أمير بالخالفة من بني العباس ن زاحم الخليفة في هذا اللقب بعد ما كان قاصر ا في صدر اإلسالم على الخليفة بالمشرق من بني أمية أو من بني العباس بعدهم. ثم تبع المهدي على ذلك عبد الرحمن الناصر األموي صاحب األندلس ورأي أن له في الخالفة حقا اقتداء بسلفه الذين كانوا خلفاء في المشرق (١٠) فأعلن الخالفة وتلقب ب "أمير المؤمنين الناصر لدين الله" وذلك في ذي الحجة عام ( ٣١٦ ه/ يناير ٩٢٩ م). (١١) واستمر الحال على ذلك إلى أن انقرضت عصبية العرب أجمع وذهب رسم الخالفة وتغلب الموالى من العجم على بنى العباس والصنائع على العبيديين في القاهرة وصنهاجة على أمراء إفريقية وزناتة على المغرب وملوك الطوائف باألندلس على أمر بنى أمية وافترق أمر اإلسالم فاختلفت مذاهب الملوك بالمغرب والمشرق في االختصاص باأللقاب بعد أن تسموا جميعا بالسلطان. (١٢) وأما ملوك الطوائف في األندلس اقتسموا ألقاب الخالفة وتوزعوها فتلقبوا بالناصر والمنصور والمعتمد والمظفر وأمثالها. وأما صنهاجة فاقتصروا على األلقاب التي كان الخلفاء العبيديون يلقبون بها للتنويه مثل: نصير الدولة ومعز الدولة ولما تحولوا عن دعوة الفاطميين إلى دعوة العباسيين ولما بعدت الشقة بينهم وبين الخالفة ونسوا عهدها فنسوا هذه األلقاب واقتصروا على اسم السلطان. وكذا شأن ملوك مغراوة في المغرب لم ينتحلوا (١٣) شيئ ا من هذه األلقاب إال اسم السلطان. أما المرابطون فقد تسموا _وألول مرة بالشمال اإلفريقي_ بلقب " أمير المسلمين " منذ أن منحه لهم الخليفة العباسي إلى ألنهم كانوا ولم يتخذوا لقب " أمير المؤمنين" (١٥) نهاية دولتهم (١٤) (١٦ ( احترام ا وتأدب ا يرون أن هذا اللقب من حق الخليفة العباسي وحفاظ ا على وحدة األمة اإلسالمية (١٧ (. ولما جاء عبد المؤمن بن على اتسم بالخليفة وتلقب "بأمير المؤمنين" وتبعه على ذلك بنوه ١٢٥
مقالات من بعده (١٨ ( غير أن المقصود بالخليفة هنا خليفة ابن تومرت الذي "الشهيد" (٣٥) انفرد بالمهدوية كما انفرد بلقب "اإلمام" بمعناه الشيعي المتميز. أما المرينيون فقد عادوا إلى استعمال لقب "أمير المسلمين" باستثناء بعض حكامهم الذين سمت نفوسهم إلى ألقاب الخالفة فتلقبوا ب "أمير المؤمنين" وهم: أبو الربيع سليمان (٧٠٨ ٧١٠ ه/ ١٣٠٨ ١٣١٠ م) وأبو عنان فارس (٧٤٩ ٧٥٩ ه/ ١٣٤٨ ١٣٩٦ م) وأبو فارس عبد العزيز الثاني (٧٦٩ ٧٩٩ ه/ ١٣٩٣ ١٣٩٦ م) وأبو سعيد عثمان (١٩) الثالث ٨٠٠) ٨٢٣ ه/ ١٣٩٧ ١٤٢٠ م). أما بالنسبة للدولة الحفصية فنجد أن أبا زكريا الحفصى مؤسس الدولة اتخذ لقب "األمير" إلى جانب لقبه ب "اإلمام". ( ٢٠) و"المولي" وهما لقبان من األلقاب السلطانية أيض ا وفي سنة ( ٦٣٤ ه/ ١٢٣٦ ١٢٣٧ م) جدد أبو زكريا البيعة لنفسه وذكر اسمه في الخطبة بعد ذكر اإلمام مقتصر ا على لقب األمير ولم يتلقب بأمير المؤمنين وعرض له بعض الشعراء في ذلك بقولهم: فأنت بها أحق العالمينا األصل باألمير المؤمنينا فلما بلغه هذا أنكره وقال: ما للشعراء والدخول في هذا (٢١) وقد الفضول. قام أبو زكريا بضرب نقوده مسجال عليها لقب "األمير األجل" (٢٢ ( كما نجد هذا اللقب أيضا على بعض شواهد القبور (٢٣) وهذا يضحد قول جورج مارسيه بأن أبو زكريا الحفصى "منح نفسه لقب أمير المؤمنين". (٢٤) ولما تولي أبو عبد الله محمد المستنصر الحكم بعد أبيه اكتفي (٢٥) بلقب األمير الذي سجله على السكة وذكره في المخاطبات وبعد سقوط بغداد سنة وس مي أي ضا "السلطان". (٢٧) الرسمية (٢٦) ( ٦٥٧ ه/ ١٢٥٨ م) أعلن أبو عبد الله المستنصر قيام الخالفة وتلقب هو ومن جاء بعده من الحكام الحفصيين ب "أمير المؤمنين" وحرصوا على ذكر ألقابهم في السكة والمكاتبات الرسمية والدعاء (٢٨) لهم على المنابر من الحجاز شرقا إلى المغرب واألندلس غرب ا. حيث قتل علي يد أبي البقاء خالد (٣٦) الذي تولي الحكم بعده كما اشتهر أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بلقب "أبو ضربة". (٣٧) خ امت ة هكذا عبرت ألقاب الحكام الحفصيين عن المراحل السياسية المختلفة التي مرت بها دولتهم منذ تأسيسها على يد أبى زكريا يحيى األول والذي اتخذ لقب "األمير األجل" وهو اللقب نفسه الذي اتخذه ابنه المستنصر قبل إعالنه الخالفة وعلى إثر إعالن الخالفة اتخذ المستنصر لقبه الخالفي "أمير المؤمنين المستنصر بالله المنصور بفضل الله" ولكن بعد اعتراف بنى مرين بخالفته اتخذ لقب "المؤيد بنصر الله" بدال من "المنصور بفضل الله". كما أن األمير أبا يحيى أبى بكر اتخذ لقب "األمير" أثناء واليته على مدينتي بجاية وقسنطينة بينما اتخذ اللقب الخالفي "أمير المؤمنين" بعد سيطرته على مقاليد األمور في الدولة الحفصية. واستمر الحكام الحفصيون في التسمي باللقب الخالفي "أمير المؤمنين" مع اتخاذ كل سلطان منهم لمجموعة من األلقاب الخاصة نقشها على نقوده وسجلها في مكاتباته وذلك فضال عن بعض األلقاب التي فرضتها الظروف واألحداث على صاحبها مثل "المخلوع" و"الشهيد" و"أبو عصيدة" و"أبو ضربة". ومن المالحظ أن الحكام الحفصيين تشبهوا بالخلفاء العباسيين باتخاذهم األلقاب نفسها التي كان يتخذها العباسيون لكي يضفوا على أنفسهم نوعا من الوجاهة السياسية. ومع عنفوان الدولة وبذخها اتخذ الخلفاء ألقاب ا أخرى تميز بها بعضهم عن بعض لما في أمير المؤمنين من االشتراك بينهم (٢٩ ( فاتخذ كل منهم مجموعة من األلقاب الخاصة كاأللقاب األميرية والسلطانية والخالفية والجهادية.. وغيرها (٣٠ ( والتي ظهرت في مكاتباتهم وعلى نقودهم مثل: المستنصر بالله والمؤيد بنصر الله والمنصور بفضل الله والمتوكل على الله والمعتمد على الله والواثق بالله والقائم بأمر الله والمجاهد في سبيل الله (٣١) وغيرها. كذلك هناك بعض األلقاب الخاصة التي أطلقت على بعض السالطين مثل أبو زكريا يحيي الثاني الذى أطلق عليه لقب "المخلوع" ألنه خلع نفسه وسلم األمر لعمه أبي إسحق إبراهيم (٣٢ ( كما تلقب أبو عبد الله محمد ابن الواثق ب "أبو عصيدة" حيث أطعم (٣٣) الشيخ الولي أبو محمد المرجاني الفقراء عصيدة الحنطة يوم (٣٤ ( كذلك فقد أطلق على أبو يحيي ميالده أبو بكر لقب ١٢٦
مقالات المالحق جدول يوضح ألقاب الحكام الحفصيين ٤ ٣ ٢ ١ م اسم الحاكم ا بو زكريا يحيي الا ول ا بو عبد االله محمد المستنصر ا بو زكريا يحيى الثاني "المخلوع" ا بو اسحق ا براهيم الا ول ألقاب العبودية لله العبد الفقير إلى الله - األمير األلقاب األميرية - األمير - األمير األجل - األمير األجل األمير األجل األمير األجل - األمير المؤيد ألقاب الخالفة أمير المؤمنين أمير المؤمنين ألقاب اإلمامة - المستنصر بالله -الواثق بالله -المنصور بفضل الله -المؤيد بفضل الله -المؤيد بنصر الله الا لقاب األلقاب الملكية األلقاب السلطانية السلطان األلقاب الجهادية المجاهد في سبيل الله ألقاب الساللة - ابن أبى حفص - ابن أبى حفص - ابن الشيخ أبى حفص - ابن الشيخ أبى حفص ابن األمراء الراشدين - ابن األمراء الراشدين ابن أبى حفص األلقاب الفخرية ١٢٧
مقالات ٨ ٧ ٦ ٥ م اسم الحاكم ا بو حفص عمر الا ول ا بو عصيدة ا بو بكر الشهيد ا بو البقاء خالد الا ول ألقاب العبودية لله ألقاب اإلمامة - المستنصر بالله - المنصور بفضل - المنصور بفضل الله - المتوكل -المؤيد بنصر الله الله -المقسم بالله - المستنصر بالله - المؤيد بنصر الله الا لقاب األلقاب األميرية ألقاب الخالفة أمير المؤمنين أمير المؤمنين أمير المؤمنين أمير المؤمنين األلقاب الملكية األلقاب السلطانية األلقاب الجهادية الناصر لدين الله ألقاب الساللة ابن األمراء ابن األمراء الراشدين الراشدين األلقاب الفخرية ١٢ ١١ ١٠ ٩ م اسم الحاكم ا بو يحيي زكريا الا ول بن اللحيانى ا بو ضربة ا بو يحيى ا بوبكر الثاني ا بو حفص عمر الثاني ألقاب العبودية لله األلقاب األميرية - األمير األجل ألقاب الخالفة أمير المؤمنين - الخليفة - الخليفة - أمير المؤمنين -أمير المؤمنين ألقاب اإلمامة - اإلمام -المتوكل على الله - اإلمام - القائم بأمر الله -المؤيد بنصر الله المنصور بفضل الله - المستنصر الا لقاب األلقاب الملكية - المنصور بفضل الله األلقاب السلطانية األلقاب الجهادية الناصر لدين الله ألقاب الساللة ابن األمراء الراشدين ابن األمراء ابن األمراء الراشدين الراشدين األلقاب الفخرية ١٢٨
مقالات ١٦ ١٥ ١٤ ١٣ م اسم الحاكم ا بو العباس ا حمد الا ول ا بو العباس ا حمد الثاني الفضل ا بو ا سحق ا براهيم الثاني ا بو البقاء خالد الثاني ألقاب العبودية لله ألقاب الخالفة أمير المؤمنين أمير المؤمنين ألقاب اإلمامة -المتوكل على الله -المستنصر بالله -المؤيد بنصر الله - المنصور بفضل المعتمد على الله - المنصور بفضل الله الله - المتوكل علي الله الا لقاب األلقاب األميرية - المؤيد بنصر الله األلقاب الملكية األلقاب السلطانية األلقاب الجهادية ألقاب الساللة األلقاب الفخرية ٢٠ ١٩ ١٨ ١٧ م اسم الحاكم ا بو العباس ا حمد الثالث ا بو فارس عبد العزيز ا بو عبد االله محمد الرابع ا بو عمرو عثمان ألقاب العبودية لله عبد الله - سيدنا األلقاب األميرية - موالنا موالنا - المولى - المولى - موالنا - الخليفة - الخليفة ألقاب الخالفة - الخليفة - أمير المؤمنين أمير المؤمنين - أمير المؤمنين - أمير المؤمنين - اإلمام - اإلمام ألقاب اإلمامة - المتوكل على الله - المتوكل على الله الا لقاب -المؤيد بنصر الله - المستنصر بالله - المؤيد بنصر الله -المنتصر بالله -المستنصربالله -المتوكل على الله - المؤيد بنصر الله - المنصور بفضل الله -المؤيد بنصر الله - الواثق بالله األلقاب الملكية حجة الملوك الملك األلقاب السلطانية صالح السالطين األلقاب الجهادية - المجاهد في سبيل - المجاهد في سبيل - المجاهد في الله الله سبيل الله - المجاهد في سبيل - المجاهد في سبيل رب العالمين رب العالمين ألقاب الساللة ابن األمراء الراشدين ابن األمراء الراشدين ابن األمراء الراشدين األلقاب الفخرية ١٢٩
مقالات ٢٤ ٢٣ ٢٢ ٢١ م اسم الحاكم ا بو زكريا يحيي الثالث عبد المو من بن ا براهيم ا بو يحيى زكريا الثاني ا بو عبد االله محمد الخامس ألقاب العبودية لله - سيدنا األلقاب األميرية موالنا - سيدنا - موالنا - موالنا ألقاب الخالفة أمير المؤمنين أمير المؤمنين - الخليفة - أمير المؤمنين - المنصور ألقاب اإلمامة اإلمام - المؤيد بنصر الله -المتوكل على الله األلقاب الملكية األلقاب السلطانية السلطان السلطان الا لقاب األلقاب الجهادية - ناصر الدين - المجاهد في ناصر الدين سبيل الله - المجاهد في سبيل رب العالمين ألقاب الساللة ابن ساداتنا وموالينا - ابن األمراء الخلفاء الراشدين الراشدين - ابن موالينا األلقاب الفخرية - ذو الدولة السعيدة - المرتضى إليالة اإلسالم ٢٧ ٢٦ ٢٥ م اسم الحاكم ا بوعبداالله محمد السادس الحسن ا بو العباس ا حمد الرابع ا بو عبد االله محمد السابع ألقاب العبودية لله األلقاب األميرية ألقاب الخالفة أمير المؤمنين الا لقاب ألقاب اإلمامة األلقاب الملكية األلقاب السلطانية السلطان األلقاب الجهادية ألقاب الساللة األلقاب الفخرية ١٣٠
مقالات : اله وام ش (١) سورة الحجرات جزء من اآلية رقم ١١. (٢) راجع: سعيد بن عمر آل عمر: "ألقاب الحكام نشأتها وتطورها ودالالتها في منطقة الخليج العربي" مجلة التاريخ العربي العدد (٥٦) خريف ٢٠١٠ م. (٣) قتيبة الشهابى: معجم ألقاب أرباب السلطان في الدول اإلسالمية من العصر الراشدي حتى بدايات القرن العشرين منشورات وزارة الثقافة دمشق ١٩٩٥ م ص ٧. (٤) جورج مارسيه: بالد المغرب وعالقتها بالمشرق اإلسالمي في العصور الوسطي ترجمة: باإلسكندرية ١٩٩١ م ص ٦٧. محمد عبد الصمد هيكل منشأة المعارف (٥) إبراهيم فرغلي: تونس من الفتح اإلسالمي حتى سقوط دولة األغالبة العربي للنشر والتوزيع القاهرة 2005 م ص ١٣٦. (٦) محمد عيسى الحريري: الدولة الرستمية بالمغرب اإلسالمي دار القلم للنشر والتوزيع -الكويت الطبعة الثالثة ١٩٨٧ م ص ٢٢٣. (٧) كان لقب "اإلمام" يعنى عند الشيعة صاحب الحق الشرعي سواء كان متوليا السلطة بالفعل أو ال أما "خليفة" فكان معناها صاحب السلطة الواقعية سواء أكان صاحب حق شرعي أو ال. أحمد شلبي: موسوعة النظم والحضارة اإلسالمية (٣) السياسة في الفكر اإلسالمي مكتبة النهضة المصرية-القاهرة الطبعة السابعة ١٩٩٢ م ص ٤٤ وتلقب األدارسة باألئمة ولم يتلقبوا بالخالفة ألنهم اعتبروا لقب اإلمام أرفع منزلة في الدين من غيره. سعدون عباس نصر الله: دولة األدارسة في المغرب "العصر الذهبي" دار النهضة العربية للطباعة والنشر- بيروت ١٩٨٧ م ص ١١٥. (٨) مونتغمرى وات: في تاريخ إسبانيا اإلسالمية ترجمة: محمد رضا المصري شركة المطبوعات للتوزيع والنشر بيروت الثانية ١٩٩٨ م ص ٥٧. (٩) المقريزي: اتعاظ الحنفا بأخبار األئمة الفاطميين الخلفا تحقيق: محمد حلمي محمد المجلس األعلى للشئون اإلسالمية - لجنة إحياء التراث القاهرة ١٩٧١ م ج ١ ص ٩٤ سامية مصطفى مسعد: العالقات بين المغرب واألندلس في عصر الخالفة األموية عين للدراسات والبحوث اإلنسانية واالجتماعية ٢٠٠٠ م ص ٦٤. (١٠) السالوي: االستقصا ألخبار دول المغرب األقصى تحقيق: جعفر الناصري ومحمد الناصري دار الكتاب الدار البيضاء 1954 م ج 2 ص 98 حسين مؤنس: القاهرة الطبعة الثانية ١٩٩٧ م ص ٦٩. شيوخ العصر في األندلس دار الرشاد (١١) الحم يدى: جذوة المقتبس في ذكر والة األندلس تحقيق: صالح الدين الهوارى المكتبة العصرية صيدا - بيروت ٢٠٠٤ م ص ٢٦ ابن عذارى: البيان المغرب في أخبار األندلس والمغرب ج ٢ تحقيق ومراجعة : ج.س. كوالن وليفي بروفنسال دار الثقافة بيروت-لبنان الطبعة الثانية ١٩٨٠ م ص ١٥٧. إال أنه أشار كل من المقري والضبي وابن سعيد ودوزى إلى أن عبد الرحمن الناصر أعلن الخالفة في عام ٣١٧ ه. المقري: نفح الطيب من غصن األندلس الرطيب ثمانية أجزاء -لبنان الطبعة تحقيق: إحسان عباس دار صادر -بيروت ١٩٨٨ م ج ١ ص ٣٥٣ الضبي: بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل األندلس ج ١ تحقيق: إبراهيم اإلبيارى دار الكتاب المصري -القاهرة ودار الكتاب اللبناني - بيروت ١٩٨٩ م ص ٣٩ ابن سعيد: المغرب في حلى المغرب تحقيق: شوقي ضيف ج ١ القاهرة ١٩٩٣ م ص ١٨١ رينهرت دوزى: المسلمون في األندلس ترجمة: حسن حبشي الهيئة المصرية العامة للكتاب ج ١٩٩٤ ٢ م ص ١٥. بينما ذكر لطفي عبد البديع أن إعالن الناصر للخالفة كان عام ٣١٩ ه. لطفي عبد البديع: اإلسالم في إسبانيا د.م القاهرة ١٩٥٨ م ص ٧. غير أن آدم متز ذكر أن الناصر أعلن الخالفة عام ٣٥٠ ه. آدم متز: الحضارة اإلسالمية في القرن الرابع الهجري ترجمة: محمد عبد الهادي أبو ريدة الهيئة المصرية العامة للكتاب ج ١ الطبعة الثالثة القاهرة ٢٠٠٣ م ص ١٥. وقد حسمت الشواهد النقدية الخالف بين المؤرخين فهناك دراهم مؤرخة بعام ٣١٦ ه تحمل لقب عبد الرحمن الناصر "أمير المؤمنين" مما يدل على إعالنه الخالفة في ذلك العام واتخاذه أهم ألقاب الخالفة وهو أمير المؤمنين ونقشه على سكته إعالنا عن خالفته الجديدة. عاطف منصور: دراسات في النقود اإلسالمية مركز صالح كامل لالقتصاد اإلسالمي القاهرة ٢٠٠١ م ص ١٤٦. عن هذه النقود انظر: Cordera Y Zaidin: Tratado de Numismtic Arabigo Espanola, Madrid, 1879, p.77, no.1 BNII, p. 45, no.188 ; George Miles :The Coinage of the Umayyad of Spain, vol. II, New York, 1950, p.253 (١٢) ابن خلدون: مقدمة ابن خلدون ج 2 ص (١٣) المصدر نفسه ص 616..615 (١٤) ابن الخطيب: اإلحاطة في أخبار غرناطة تحقيق: محمد عبد الله عنان المجلد الرابع مكتبة الخانجي بالقاهرة 1977 م ص 350 ابن أبي زرع: األنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس دار منصور للطباعة والوراقة الرباط 1972 م ص 137. (١٥) إن أول م ن أطلق عليه لقب "أمير المؤمنين" هو عمر بن الخطاب وقيل أن أول م ن دعاه به عبد الله بن جحش وقيل عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة. السيد عبد العزيز سالم: التاريخ السياسي والحضاري للدولة العربية مؤسسة شباب الجامعة اإلسكندرية ٢٠٠٥ م ص ١٥٣. (١٦) سعدون عباس نصر الله: دولة المرابطين في المغرب واألندلس عهد يوسف بن تاشفين أمير المرابطين دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت ١٩٨٥ م ص ١٦١ ١٦٢ فؤاد صالح السيد: معجم األلقاب واألسماء المستعارة في التاريخ العرب واإلسالمي دار العلم للماليين بيروت-لبنان ١٩٩٠ م ص ٤٣. (١٧) يذكر ابن أبي دينار أن يوسف بن تاشفين تسمي بالفعل بلقب أمير المؤمنين فيقول: "ولم يتسم أحد من لمتونة باسم السلطان إال يوسف بن تاشفين تسمي بأمير المؤمنين وخطب له بهذا االسم ولبنيه من بعده". ابن أبي دينار: المؤنس في أخبار إفريقية وتونس مطبعة الدولة التونسية ١٢٨٦ ه ص (١٨) السالوي: المصدر السابق ص 99. 96. ولكن هذا رأي ضعيف. ١٣١
مقالات محمد أبو رحاب: العمائر الدينية والجنائزية بالمغرب في عصر جمع الفقه والورع والزهد في الدنيا واإليثار بها وصفاء الصدر وقول (١٩) األشراف السعديين دار القاهرة ٢٠٠٨ م ص ٥٤. (٢٠) صالح أبو دياك: النظام السياسي عند الحفصيين بحوث في تاريخ الحضارة اإلسالمية مجموعة البحوث التي ألقيت في ندوة الحضارة اإلسالمية في ذكري األستاذ الدكتور أحمد فكري 20-16) 1976 م) مؤسسة شباب الجامعة اإلسكندرية 2000 م ص 221. أكتوبر (٢١) القلقشندي: صبح األعشى في صناعة اإلنشاء وزارة الثقافة واإلرشاد القومي-المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر أربعة عشر جزء ا في سبعة مجلدات د.ت ج ٥ ص ١٣٥ الزركشي: الصدق وكان يتكلم في مجلسه على قلوب الناس ويتحدث مع كل شخص بما في صورة ضميره وله في ذلك أمور عجيبة في المشرق وإفريقية وقد توفى-رحمه الله-في عام ٦٩٩ ه/ ١٣٠٠ م". ابن القنفذ: المصدر السابق ص ١٥٣. (٣٤) ابن خلدون: المصدر السابق ص 456 القلقشندي: المصدر السابق ص ١٢٩ ابن الشماع: المصدر السابق ص 83 ابن أبي دينار: المصدر السابق ص 133 الزركشي: المصدر السابق ص 53. (٣٥) القلقشندي: المصدر السابق ص ١٢٩. تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية تحقيق: وآخران المكتبة العتيقة تونس ١٩٩٨ م ص 27. الحسين اليعقوبى (٣٦) ابن خلدون: المصدر السابق ص 470 ابن الشماع: المصدر السابق ص 84 ابن أبي دينار: المصدر السابق ص 133 الزركشي: المصدر طاهر راغب: "قراءة لعمالت الحفصيين األولى" مجلة المعهد السابق ص 59. (٢٢) المصري للدراسات اإلسالمية في مدريد المجلد الثاني والعشرون مدريد 1983-1984 م ح 3 ص 118 رأفت محمد النبراوي: النقود (٣٧) العروسي: السلطنة الحفصية تاريخها السياسي ودورها في المغرب اإلسالمي دار الغرب اإلسالمي بيروت-لبنان 1986 م ص 327 قتيبة اإلسالمية منذ بداية القرن السادس وحتى نهاية القرن التاسع الشهابى: معجم ألقاب أرباب السلطان في الدول اإلسالمية من الهجري مكتبة زهراء الشرق القاهرة ٢٠٠٠ م ص ٢٩٣-٢٩١ Henry Lavoix: Catalogue des Monnaies Musulmanes de la Biblotheque National ( Espagne et Afrique), Aranaldo Forni Editore, Figs. 935 940, P. 409 411. (٢٣) رجاء العودى-عدونى: نقائش جنائزية من مدينة تونس في العهد العصر الراشدي حتى بدايات القرن العشرين منشورات وزارة الثقافة-دمشق ١٩٩٥ م ص ١٠٢. الحفصي المعهد الوطني للتراث تونس ١٩٩٧ م ج (٢٤) جورج مارسيه: المرجع السابق ص 319. ١ ص.١٢٦ (٢٥) سجل أبو عبد الله محمد المستنصر علي نقوده األولي لقب "األمير األجل" وذلك قبل إعالنه الخالفة. Furrugia de Candia: Monnaies Hafsites du Musée du Bardo, Revue Tunisienne (Tunise) N.S, 1938, p. 243; Lavoix: op.cit., fig. 941, p. 412,fig. 943, p. 413. (٢٦) انظر: نماذج من المكاتبات الرسمية ألبو عبد الله محمد قبل إعالن الخالفة. صالح أبو دياك: المرجع السابق ص 224. (٢٧) روبار برنشفيك: تاريخ إفريقية في العصر الحفصي ترجمة: حمادي الساحلي دار الغرب اإلسالمي بيروت-لبنان 1988 م ج ١ ص 69. ابن الشماع: األدلة البينة النورانية في مفاخر الدولة الحفصية (٢٨) تحقيق: الطاهر المعمورى الدار العربية للكتاب ١٩٨٤ م ص 67 ابن أبي دينار: المصدر السابق ص 128 الزركشي: المصدر السابق ص.33 (٢٩) ابن خلدون: المقدمة ج 2 ص 614. رجاء العودى-عدونى: "تطور ألقاب ملوك بنى حفص من خالل (٣٠) الوثائق األثرية" مجلة إفريقية (١٩) المعهد الوطني للتراث تونس ٢٠٠٢ م ص ٩٨-١٠٧. (٣١) عن كل سلطان وألقابه راجع الجدول الملحق. (٣٢) ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون ص 435 القلقشندي: المصدر السابق ص ١٢٨ ابن الشماع: المصدر السابق ص 75 ابن أبي دينار: المصدر السابق ص 130 الزركشي: المصدر السابق ص 42 ابن القنفذ: الفارسية في مبادئ الدولة الحفصية تحقيق: محمد الشاذلي النيفر وعبد المجيد التركي الدار التونسية للنشر ١٩٦٨ م ص ١٣٧. (٣٣) هو "الشيخ الفقيه الصالح العارف المتكلم أبو محمد عبد الله المرجانى وكان أحد األعالم وبقية السلف الصالح ورأس العارفين في زمانه ١٣٢
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات ë ^Ûù]Œ ßã¹]ægèù]ê u^šö]üéâ] ecñ^v cçe_ êe ÇÖ]á]çŠÖ]»íéÚø ý]ì ^ÛÃÖ]àÊ Þ»å m_æ ا ستاذ محاضر التاريخ الا سلامي الوسيط كلية العلوم الا نسانية والاجتماعية جامعة ٨ ماي ١٩٤٥ الجمهورية الجزاي رية < << من أشهر علماء األندلس والمغرب الذين ساهموا في تطور فن العمارة اإلسالمية في بالد السودان الغربي الشاعر والمهندس المعماري األندلسي المشهور أبو اسحاق إبراهيم الساحلي الغرناطي المعروف بالطويجن التقى به سلطان مملكة مالي منسى موسى في مكة المكرمة أثناء تأديته لحجته سنة ( ٧٢٤ ه/ ١٣٢٤ م) فدعاه لمرافقته إلى مملكته في بالده السودان الغربي فبقي بها حوالي عشرين سنة إلى أن توفي سنة ٧٤٧ ه/ ١٣٤٦ م. أثناء إقامته أثر في تطور فن العمارة بها. فقد أشرف على بناء عمارة مساجد مدينتي "جاو" و"تنبكت" وأدخل البناء بالطوب المحروق وبنى قاعة االجتماعات في قصر منسى موسى بالحجر والجبس وزخرفها بالخشب المطعم بالذهب والفضة وأدخل نظام السقوف المسطحة للمنازل والمآذن الهرمية الشكل بالمساجد. فقد كانت المباني في مملكة مالي قبل مجيئه تبنى بالطين ومادة تسمى الباليستا حسب ما أورده كل من العمري والقلقشندي في كتبهما. تاريخ استلام المقال: تاريخ قبول النشر: ٢٧ مارس ٢٠١٥ ٠٤ يوليو ٢٠١٥ تاريخ ا فريقيا العمارة الا سلامية السودان الغربي مملكة مالي علماء الا ندلس DOI 10.12816/0045097 خالدي مسعود "ا بو ا سحاق ا براهيم الساحلي الا ديب والمهندس المعماري وا ثره في نشر فن العمارة الا سلامية في السودان الغربي". - دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ١٣٣ ١٣٧. م ق د م ة من أشهر العلماء الذين ساهموا في تطوير العمارة اإلسالمية في بالد السودان الغربي الشاعر والمهندس المعماري األندلسي المشهور أبو اسحاق إبراهيم الساحلي الغرناطي المعروف بالطويجن ألتقى به سلطان مملكة مالي منسى موسى في مكة المكرمة أثناء تأديته لحجته سنة ( ٧٢٤ ه/ ١٣٢٤ م) فدعاه لمرافقته إلى السودان الغربي فبقي أبو إسحاق الساحلي بها حوالي عشرين سنة إلى أن توفي سنة ( ٧٤٧ ه/ ١٣٤٦ م). أثناء إقامته أثر في تطور فن العمارة في مملكة مالي فهو الذي أشرف على عمارة ومساجد مدينتي جاو وتنبكت وأدخل البناء بالطوب المحروق وبنى قاعة االجتماعات بقصر منسى موسى ومباني بالحجر والجبس وزخرفها بالخشب المطعم بالذهب والفضة وأدخل نظام السقوف المسطحة للمنازل والمآذن الهرمية الشكل. فقد كانت المباني في مملكة مالي قبل مجيئه تبنى بالطين ومادة تسمى الباليستا كما ورد عند العمري والقلقشندي. كيف كانت نشأته وما هي البيئة العلمية التي ترعرع بها هل للحياة الثقافية في األندلس بغرناطة لها أثر على تحصيله العلمي في جوانب مختلفة من الفنون ما هي عالقته بسلطان مالي منسى موسى وما هي منجزاته العمرانية في مدن السودان الغربي هل كان لها أثر في نشر الفن المعماري اإلسالمي األندلسي والمغربي في المنطقة إن المعلومات عن األديب والمهندس المعماري أبو اسحق الساحلي مستمدة من مؤلفات المؤرخين المعاصرين له حيث نقلت لنا نبذة عن حياته ونشاطاته األدبية وفي فن العمارة وهم: لسان الدين ابن الخطيب والرحالة ابن بطوطة وابن فضل الله العمري وعبد الرحمن بن خلدون. كما وردت معلومات عنه في كتاب نفح الطيب للمقري والدرر الكامنة للعسقالني وفي بعض مؤلفات سودانية منها تاريخ السودان للسعدي والفتاش لمحمد كعت ١٣٣
مقالات التنبكتي. وأشارت بعض الدراسات الحديثة ألعمال الساحلي العمرانية أشهرها للمستشرق مونتاي فانسان في كتابه إمبراطورية مالي. أوال : نأشته وسريته العلمية واألدبية والسياسية أبو إسحاق إبراهيم الساحلي (المعروف بالطويجن) أديب ومهندس معماري من مدينة غرناطة خرج من بالده في أوائل القرن (الثامن الهجري/ الرابع عشر الميالدي) إلى المغرب ثم جاب بالد المشرق في طرقه لتأدية فريضة الحج وفي مكة المكرمة ألتقى بسلطان مالي منسى موسى عند حجه المشهور في سنة ( ٧٢٤ ه/ ١٣٢٤ م) فدعاه السلطان لمرافقته إلى مملكته بالسودان الغربي حيث طاب ألبي اسحاق المقام فبقي في مالي نيفا وعشرين عاما إلى أن وافته المنية في تنبكت سنة وأبو إسحاق إبراهيم الساحلي من غرناطة ومن ( ٧٤٧ ه/ ١٣٤٦ م). (١) بيت ثروة وصالح وأمانة كان أبوه أمين العطارين بغرناطة وكان مع أمانته من اهل العلم فقيها متفننا وله الباع المديد في الفرائض وجاء في اإلحاطة البن الخطيب أن أبا اسحاق "رحل بعد أن اشتهر فضله... فشر ق وجال في البالد ثم دخل بالد السودان فاتصل بملكها منسى موسى واستوطنها زمن ا طويال بالغ ا فيها أقصى مبالغ الم ك نة والحظوة والشهرة والجاللة واقتنى ماال كثير ا ثم ذهب إلى المغرب وحو م على وطنه فصرفه القدر إلى مستقره ويبدو من كالم ابن الخطيب أن أبا اسحاق من بالد السودان". (٢) كان مغر ب ا أو م بعد ا عن غرناطة محظور ا عليه العودة إليها. ويورد ابن الخطيب في "االحاطة" أنموذج ا من نثر أبي اسحاق خاطب به أهل غرناطة وقد وصل إلى مراكش من مملكة مالي ي بدي فيه حنينه إلى مسقط رأسه ووطنه وأصحابه وي ستشف منه ان خروجه من غرناطة لم يكن باختياره. (٣) كان أبو اسحاق -كما يقول ابن الخطيب-نسيج وحده في اآلداب نظم ا ونثر ا ال ي شق فيها غ باره إلى خط بديع (٤ (. ولم ينقطع أبو اسحاق -وهو في مملكة مالي -عن مخاطبة أصدقاء صباه في غرناطة ويورد ابن األحمر في كتاب "نثير الج مان" اثنتين وستين بيت ا من قصيدة بليغة بعث بها الساحلي من أرض السودان إلى صديق صباه في غرناطة الفقيه الكاتب القاضي أبي القاسم بن أبي العافية (٥ ( يسترجع فيها ذكرياته الجميلة في موطن مولده. كان أبو إسحاق الساحلي على صلة بالسلطان المريني أبو الحسن قبل مرافقته لمنسى موسى من الحجاز إلى مالي كما كان يتردد على المغرب من مملكة مالي للتجارة. وأثناء إقامته أستقبله أبو الحسن فرفع أبو إسحاق إليه قصيدة يحثه فيها على أخذ تلمسان من يد. ( ٦) أنه كان صاحبها أبي تاشفين بن عبد الواد يقول ابن خلدون (٧) بين هذا السلطان منسى موسى وبين ملك المغرب لعهده من بني مرين السلطان ابي الحسن مواصلة ومهاداة شارك فيها االعالم من رجال الدولتين... وي شير ابن مرزوق التلمساني (٨) إلى مهاداة السلطان أبي الحسن سالطين غرناطة وأفريقيا تونس ومصر "ومنها هدايا لسلطان السودان" كما يذكر المبالغ السخية التي انعم بها السلطان أبو الحسن على سبيل البر واإلحسان والهدية وي ضيف قائال : "وأما هديته لسلطان السودان وهو سليمان بن موسى سلطان مالي سمعت غير واحد من اصحابنا يقول: أنها تزيد في الذخائر على هذه". ولما كان سلطان مالي قد عمل بعد عودته إلى بالده من الحج على تعزيز صالت بالده السياسية والثقافية والتجارية بمصر وبلدان المغرب فإن دور ابن إسحاق الساحلي بحكم حظوته لدى سلطان مالي وصلته الخاصة بسلطان المغرب كان له من دون شك دور ا إيجابي ا وفعاال في تعزيز الصالت السياسية والثقافية وتوطيدها بين مالي والمغرب خالل القرن (الثامن الهجري/ الرابع عشر الميالدي). وأثناء تواجد الساحلي في مملكة مالي أشرف على إنجاز عدة منشآت دينية ومدنية بها مستفرغا مهارته الفنية ومبين ا مؤلهاته العلمية في مجال الفن المعماري فكان له الفضل الكبير في نشر العمارة اإلسالمية خاصة منها األندلسية في السودان الغربي. ثاني ا: المنجزات العمرانية أليب إسحاق إبراهيم الاسحيل يف مملكة مايل ١/٢- بناء مسجد جاو: أشتهر السلطان منسى موسى بكثرة بناء المساجد فمن عادته كما يقول السعدي أنه كان يبني مسجدا في كل مدينة تدركه صالة (٩ ( ومن المساجد التي أقامها مسجد مدينة جاو على إثر الجمعة بها. عودته من الحج سنة ٧٢٤ ه/ ١٣٢٤ م وقد أشرف على بنائه أبو إسحاق إبراهيم الساحلي الشاعر األندلسي والمهندس المعماري وكان السلطان موسى قد تعرف عليه في مكة خالل حجته (١٠) المشهورة. بنى الساحلي جامع جاو من الطوب المحروق ولم يكن هذا معروفا من قبل في السودان وجعل مئذنته هرمية الشكل وهذا أول بناء من هذا الطراز يدخل بالد السودان وسرعان ما أنتشر في جميع السودان الغربي وقد عمر مسجد جاو نحو ثالثة قرون بعد ذلك وال تزال أطالله باقية إلى اليوم. (١١ ( وكانت مدينة جني مركز ا للثقافة اإلسالمية في السودان الغربي حيث زخرت بالعلم والعلماء وأنتقل منها العلماء إلى بالد المغرب وإلى تنبكت كما ورد إليها الكثيرون منهم ويؤكد السعدي ذلك بقوله: "وقد ساق الله تعالى المدينة المباركة سكانا من العلماء والصالحين من غير أهله من قبائل شتى منهم مورمغ كنكي ورحل إلى كابر ألخذ العلم ثم رحل إلى جني في أواسط القرن التاسع كان فقيها عالما جليل القدر فأسرع إليه الطلبة القتباس فوائده وفي نصف ليل يخرج من داره إلى جامع لنشر العلم فيجلس الطلبة حوله يأخذون ١٣٤
مقالات من خالل هذا النص تالحظ أن العلم إلى اإلقامة لصالة الصبح." (١٢) الدراسة في مدينة جني كانت تتم في المسجد وتتم حتى في ظالم الليل ورغم ذلك يقبل الطالب لتلقي العلم. - ٢/٢ الجا مع الكبير بتنبكت: يطلق على هذا الجامع بجيكري بيري أي "المسجد الكبير" شيده السلطان منسى موسى بعد رجوعه من الحج وقد بناه أبو إسحاق الساحلي وعبد الله الكومي الموحدي الغدامسي على الطراز المغربي األندلسي اإلسالمي وبنى صومعته على خمسة صفوف كان ذلك في أوائل القرن (الثامن الهجري/ الرابع عشر (١٣) الميالدي). وقد ألحقت به من جهة اليمين قبورهم وهي عادة عند أهالي إفريقيا وراء الصحراء فهم يدفنون موتاهم في رحاب مساجدهم. ولهذا المسجد موقع ممتاز يتوسط مدينة تنبكت. وأجريت على هذا المسجد عدة توسيعات كان أولها سنة ( ٩٧٧ ه/ ١٥٦٩ م) على يد العاقب بن القاضي محمود بقصد استيعاب أكثر عدد ممكن من المصلين وساهم في توسيعه فيما بعد سلطان وللجامع الكبير وقع خاص في مملكة سنغاي اإلسقيا داوود. (١٤) نفوس أبناء تنبكت وهالة روحية فهم يعتبرون أن عمارة تنبكت وازدهارها مقرونة بعمارة صومعة الجامع الكبير والتي أعطته هالة وتعاقبت على هذا المسجد عدد كبير من من القداسة الروحية. (١٥) األئمة في عهد مملكتي مالي وسنغاي ساهموا في الحياة الثقافية والدينية للمنطقة. - ٣/٢ مسجد سنكرى: هو المسجد الجديد في مدينة تنبكت والمعروف باسم "سنكرى" ومعناه عند أهل السودان المسجد الكبير ويقول عنه السعدي أن هذا المسجد بنته سيدة تعرف باسم سنكرى وهي (١٦) سيدة ثرية لكن ليس معروفا تاريخ هذا البناء األول. بني على الطراز المغربي وكان صغير ا في بدايته ثم تطور. وفي عهد منسى موسى أقتصر هذا األخير على بناء مئذنته وأشرف على بنائها أبو إسحاق إبراهيم الساحلي وكان شكلها يشبه الطراز المعماري المغربي واألندلسي وجعل القبور مالصقة له من جهتي اليمين والمغرب يقول السعدي: "وتلك عمارة السودان أهل المغرب ال (١٧) يدفنون موتاهم إال في رحاب مساجدهم وجوانبها". جدد هذا المسجد فيما بعد وأضيفت ساحة القبور له. وكان جامع سنكرى من أشهر المراكز الثقافية في مدينة تنبكت تعلم به العديد من العلماء والفقهاء وألفت به العديد من المؤلفات يشبه من وجوه كثيرة (١٨ ( ولقد برزت طائفة من الجامع األزهر في تراثه ومكانته العلمية. العلماء بلغت درجة اإلمامة وأشار إليهم السعدي في كتابه تاريخ السودان منهم الحاج جد عبد الرحمن بن أبي بكر الذي تولى القضاء في آخر دولة مالي ثم عمر الساكن تندبغ الذي تولى القضاء في عهد اإلسقيا محمد وأبو عمر بن محمد أقيت ال>ي ترك أكثر من سبعمائة مجلد في مكتبته ومخلوف بن علي بن صالح. (١٩) ٤/٢- قصر السلطان منسى موسى: باإلضافة للنهضة المعمارية في المساجد والجوامع ودور العلم فقد شيدت القصور الفخمة ألثرياء القوم واألمراء وتبارى الجميع تزيين هذه القصور بالذهب والفضة وقد تبارى المهندسون في إخراج هذا التراث في أبهى صورة لتكون مرآة تعكس هذه الحضارة اإلسالمية التي اشتهرت بها تنبكت ومدن السودان (٢٠) الغربي عامة. ومن أشهر تلك القصور القصر هو قصر (مع دل). ( ٢١) بمعنى دار السلطان تولى الساحلي بناءه بمدينة تنبكت من الحجر والجبس وزخرفه بالخشب المطعم بالذهب والفضة فجاءت (٢٢ ( ونقل ابن خلدون عن واحد مم ن أستصحبهم منسى تحفة رائعة. موسى من الحجاز قال: "قال أبو خديجة ورجعنا معه (أي مع منسى موسى) إلى حضرة ملكه فأراد أن يتخذ بيت ا في قاعدة سلطانه محكم البناء مجلال بالكلس لغرابته بأرضهم فأطرفه أبو إسحاق الطويجن ببناء قبة مربعة الشكل أستفرغ في إجادته وكان صناع اليدين وأضفى عليها من الكلس وولى عليها باألصباغ المشبعة المنمقة فجاءت من أتقن المباني ووقعت من السلطان موقع االستغراب لفقدان صنعة البناء بأرضهم ووصله باثني عشر من مثاقيل البتر مثوبة عليها إلى ما كان له من األثرة والميل إليه والصالت السنية." (٢٣) ثالث ا: أثر أبو إسحاق إبراهيم الاسحيل عىل تطور الفن المعماري يف السودان الغريب كان للمهندس أبو إسحاق إبراهيم الساحلي أثر كبير بتطور العمارة في السودان الغربي ذلك أنه أستخدم الطوب المحروق وأدخل المآذن الهرمية الشكل في المساجد وأستحدث السقوف (٢٤) المسطحة للمنازل وكانت المباني قبل ذلك تبنى "بالباليستا" (٢٥) وسقوقفها قباب أو جمالونات كاألقباء. وأستمر تأثير الساحلي في الفن المعماري حتى عهد اإلسيقيين حيث بني قصر في عهدهم وصفه كل من شاهده بالروعة والعظمة وقد حلى بالذهب والصور والزخارف التي جعلته يشبه التحف البديعة التي أظهرت الفن والعمارة األندلسية والتي تمثلت في المساجد والقصور في مدينة تنبكت. (٢٦) يذكر الرحالة الفرنسي فيليكس ديبوا في كتابه تنبكت لما زار مدينة تنبكت ورغم أنه وجدها مخربة وبالية: العجيبة (٢٧) "أن أهم ما لفت نظره في مساكن هذه المدينة لها دورتان وأهم من هذا كله ضخامة األبواب المزدانة بمسامير كبيرة وهذا في حد ذاته يوحي لما وصلوا إليه من ذوق رفيع في صناعة األبواب". وأسهب ديبوا في شرح مشاهداته في تنبكت فيصف الشوارع الفسيحة ومنازل التجار ومنازل العامة وقد شاهد منزال غاية من الروعة المعمارية وتساءل ديبوا هل هذا ألحد األمراء فكانت شدة عجبه أنه للشيخ البكائي (زعيم الطريقة البكائية) إحدى الطرق ١٣٥
مقالات الوفية هناك. وبفضل أعمال الساحلي أنتشر الفن المعماري المغربي واألندلسي في بالد السودان الغربي خاصة بمدينة تنبكت. فقد انتظمت الشوارع وأخذت المباني شكلها المغربي األندلسي حتى غدت تشابه المغرب ومدنه في بناياتها وقصورها وثقافتها. وصف أثناء رحلته للمنطقة خالل القرن الرحالة اإلنجليزي "بارث" (٢٨) التاسع عشر بأن مدن السنغي (نسبة لمملكة سنغاي) تفوق مصر تمدنا وأستمد هذا الوصف من السعدي والذي ذكر أنها ازدهرت باألبنية الفخمة والبيوت المتعددة الطوابق وأصبح لها سوقها المنتظم وأصبح لها سوقها المنتظم وأصبح لكل من التجار والصناع حي خاص بهم...ولكل تباع سوقه اليومي باإلضافة إلى سوق المدينة األسبوعي. ن منجزات الساحلي وأعماله العمرانية كان لها تأثير في سمة األذواق. وتعتبر أنماط اللباس والعمران والتعليم والسلوك وبذلك لم يقل عمله عن عمل زرياب وتأثره. فقد أشار السعدي في تاريخه إلى شيء من هذا التأثير المغربي في العمارة والعمران بالسودان وتنبكت على الخصوص بالمفهوم الواسع لكلمة (عمران) الذي يشمل الحضارة والثقافة فقال: "كانت تنبكت خراب بير ولم تأتيها العمارة إال من المغرب ال في الديانات وال في المعامالت". جاو وتنبكت. فكانت رائعة البناء وأدخلت أنماط جديدة في مجال العمارة منها استعمال البناء بالطوب المحروق والحجر والجبس والمآذن الهرمية. ما لقد كان للساحلي أثر كبير في تغيير نمط المعيشة للسكان مثل فعل زرياب في األندلس فبناء القصور الضخمة منها قصر السلطان "منسى موسى" في عاصمة مملكته وزخرفتها بالخشب المطعم بالذهب والفضة يدل على الذوق الرفيع الذي وصل له سكان السودان الغربي ومستوى المعيشة الجيد بحيث كان ال يختلف عن غيره من البالد اإلسالمية في ذلك الوقت. وقد أثر الفن المعماري الذي أتى به الساحلي على العمارة بشكل فقد أصبحت مدن السودان تتميز بالمنازل ذات السقوف المسطحة والشوارع الواسعة والمنظمة. خ امت ة نستنتج من خالل ما ذكر أن المهندس المعماري األندلسي أبو إسحاق إبراهيم الساحلي المعروف بالطويجن فضل كبير في إدخال الفن المعماري والهندسة العربية اإلسالمية المغربية واألندلسية والبناء الحديث إلى بالد السودان الغربي. فقد كان للمساجد والجوامع التي شيدها في عهد السلطان منسى موسى بمملكة مالي دورا في االزدهار الثقافي والعلمي في مدن تنبكت وجني وجاو. فقد بنى الساحلي هذه المنشآت الدينية بطريقة حديثة أبتكرها ألول مرة عند دخوله بالد السودان غير تلك التي كانت سائدة وهي تعتمد على الفن المغربي واألندلسي الذي تميز بالقبة المرتفعة المربعة المزخرفة. وبعد ذلك أخذت عمارة المساجد والجوامع تتطور وتزدهر نتيجة للتأثيرات التي ساهم في إدخالها المهندس أبو إسحاق إبراهيم الطويجن. وقد أصبحت مدينة تنبكت الحاضرة الثقافية للسودان الغربي وصارت مركز ا من أعظم المراكز اإلسالمية في غرب إفريقيا بسبب الثورة التي أحدثها المهندس المعماري أبو إسحاق حيث برع في هندسة دور العبادة وتلوينها وتصميمها وتجهيزها إلقامة شعائر الصالة. رغم أن الساحلي أشتهر كشاعر وأديب في األندلس والمغرب كما تدل على ذلك المصادر إال أنه كان معروف ا بثقافته في مجال العمارة وقد يكون هذا السبب الرئيس الذي جعل السلطان "منسى موسى" يصطحبه معه إلى بالده إلحداث ثروة عمرانية. فقد كلفه ببناء أكبر المسجد في المدن المشهورة مثل ١٣٦
مقالات اله وام ش : ( ١) المقري: نفح الطيب في غصن األندلس الرطيب بيروت ١٩٦٨ ج ٢ ص ١٩٤. (٢) ابن الخطیب لسان الدين: االحاطة في أخبار غرناطة القاهرة ١٩٧٣ ١ ص/.٣٢٩ ( ٣) أمين توفيق الطيبي: أبو إسحاق الساحلي أديب ومهندس معماري أندلسي في مملكة مالي جريدة الحياة الدولية العدد ١٢٧٩١ نشر في: ١٩٩٨/٠٣/١١ ص ٢١. (٤ ( ابن الخطيب: المصدر السابق ص ٣٣١. (٥ ( ابن األحمر إسماعيل: بيروت ١٩٧٦ ص ٢٠٥ ٢٠٦. (٦ ( ابن الخطيب لسان الدين: ( ٧) نثير الجمان في شعر من نظمني وإياه الزمان المصدر السابق ج ١ ص ٣٢٩. ابن خلدون عبد الرحمن: العبر وديوان المبتدأ والخبر بيروت ١٩٥٩ ٤١٦. ج ٦ ص ( ٨) أبو مرزوق التلمساني: المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن موالنا أبي الحسن الجزائر ١٩٨١ ص ٤٥٢ ٤٥٤. (٩ ( عبد الرحمن السعدي: تاريخ السودان طبع هوداس باريس ص ٧. (١٠ ( ابن خلدون: المصدر السابق ج ٦ ص ٢٠٠. (١١ ( إبراهيم هلي طرخان: دولة مالي اإلسالمية الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ١٩٧٣ ص ١٤٨. (١٢ ( السعدي: المصدر السابق ص ١٣. (١٣ ( السعدي: المصدر السابق ص ٥٤. ( ١٤) الهادي مبروك الدالي: الصحراء طرابلس ٢٠٠١ ص ١٥٣. التاريخ الحضاري إلفريقيا فيما وراء (١٥ ( الهادي مبروك الدالي: التاريخ الحضاري ص ١٥٣. (١٦ ( السعدي: المصدر السابق ص ٦٢ ٦٣. ١٧) ( نفسه ص ٢٨.٥٧ (١٨ ( حسن أحمد محمود: اإلسالم والثقافة العربية في إفريقية ج ١ ص ٢٧٠. (١٩ ( السعدي: المصدر السابق ص ٣٤ ٣٧ ٣٩. (٢٠ ( حسن الوزان: وصف إفريقيا دار الغرب اإلسالمي ج ٢ ص ٤٥. (٢١ ( السعدي: المصدر السابق ص ٢٧ ٨ ٩. (٢٢ ( ابن بطوطة: رحلة ابن بطوطة دار بيروت للطباعة وللنشر ١٩٨٠ ص ٤٥. (٢٣ ( ابن خلدون: المصدر السابق ج ٦ ص ٤١٦. (٢٤ ( الباليستا: هي أن يبنى بالطين بقدر ثلثي أذرع ينرك حتى يجف ثم يبنى عليه مثله وهكذا ينتهي. (العمري: مسالك األبصار ج ٢ ص ٤٩٥ ). (٢٥ ( القلقشندي: صبح األعشى في صناعة اإلنشا ج ٥ ص ٢٨٣ إبراهيم علي طرخان: دولة مالي اإلسالمية ص ١٠٥ ١٠٦. (٢٦ ( حسن الوزان: المصدر السابق ج ٢ ص ٤٥. (٢٧ ( فيليكس ديبوا: تنبكت العجيبة ترجمة عبد الله عبد الرزاق إبراهيم المجلس األعلى للثقافة القاهرة ٢٠٠٣ ص ١٧٢ (28) HENRI BARTH voyage et de couverte dans l afrique septentrional,- paris, 1963. P.285. ١٣٧
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. مقالات êúø ý]ñ ¹]»íéfé Ö]hæ ]»íe ^ÇÛ Öë ÓŠÃÖ] æ Ö] (Ý١١٧١ ٥٦٩ /Ý٩٧٣ -{â٣٦٢)êóþˆö]æêû^ëö]àè ããö]ùø} باحث في التاريخ الوسيط المدرسة العليا للا ساتذة بوزريعة الجمهورية الجزاي رية < << كان العالم اإلسالمي خالل الحروب الصليبية يعيش ظرو فا سياسية صعبة كرست االنقسام الحاصل والفرقة التي كانت واضحة لكل ذي عين وعلى الرغم من الظروف السيئة التي أحاطت بالعالم اإلسالمي نتيجة مباشرة للبعد عن األخذ الكامل بمنهج اإلسالم في الحياة فإن الدول اإلسالمية -بما بقي فيها من اعتزاز بمنهج دينها لم تستسلم لهذا الغزو الصليبي طالما فيها بقية على القدرة في المقاومة. هذا ما أدى إلى إعالن حالة النفير في العالم اإلسالمي للتصدي لهذه الحمالت الصليبية المنظمة. يا ترى ما هو رد فعل دول العالم اإلسالمي إزاء هذه الحمالت الصليبية وهل كان للجالية المغربية التي استقرت بمختلف الحواضر المشرقية دور في ذلك يهدف هذا المقال إلى إبراز المشاركة العسكرية الفع الة للمغاربة في الحروب الصليبية بالمشرق اإلسالمي خالل العهدين الفاطمي والزنكي حيث وقف المغاربة صف ا واحد ا إلى جانب إخوانهم المشارقة ضد الصليبيين ولم يكن هذا غريب ا في شيء السيما إذا تذكرنا أن بالد المغرب واألندلس كانت تعيش نفس الظروف في صراعها مع النصارى المسيحيين في الجزء الغربي من العالم اإلسالمي هذه المشاركة من طرف المغاربة نالوا بها كل الحفاوة والتكريم من طرف السالطين الزنكيين لما يقومون به من تضحيات كبيرة وسخية في مختلف الحقول والميادين خاصة الميادين العسكرية. تاريخ استلام المقال: تاريخ قب و ل النشر: مايو ٣١ ٢٠١٥ ١٦ سبتمبر ٢٠١٥ تاريخ العصور الوسطى الحركة الصليبية المشرق الا سلامي الدولة الفاطمية الدولة الزنكية DOI 10.12816/0045093 محمد عيساوة "الدور العسكري للمغاربة في الحروب الصليبية في المشرق الا سلامي خلال العهدين الفاطمي والزنكي ( ٣٦٢ ه - ٩٧٣ م/ ٥٦٩ ١١٧١ م)".- دورية.- السنة العاشرة- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ١٣٨ ١٤٢. م ق د م ة إن األمة العربية اإلسالمية اليوم تتعرض لكثير من األحقاد والضغائن التي تدعو إلى ضرورة فصل بالد المغرب اإلسالمي عن المنطقتين عملوا جاهدين من أجل التواصل وااللتقاء في شتى المجاالت. هذه الرغبة في التواصل كانت عبارة عن عاطفة تسري في نفس كل مغربي ومشرقي ولدت مباشرة بعد عملية الفتح األولى مشرقه العتبارات سياسية وإثنية وذلك بإثارة الفتن وتشويه التي قادها أبناء المشرق نحو بالد المغرب والتي ساهمت في التاريخ بمختلف الطرق والوسائل ال سيما تلك الدراسات إدماج سكانه ضمن المنظومة العربية. وبالمقابل كانت الحروب االستشراقية التي حاول روادها جاهدين للترويج إلى ذلك مد عين بذلك بأن الدول التي حكمت بالد المغرب واألندلس في العصر الوسيط أرادت االنفصال عن مركز الخالفة بالمشرق اإلسالمي وتأسيس كيانات سياسية قائمة بذاتها خاصة ببالد المغرب. لكن الحقيقية التاريخية تثبت عكس هذا الطرح إذ أن حكام وشعوب الصليبية التي شنها الغرب المسيحي نهاية القرن الخامس هجري الحادي عشر ميالدي على العالم اإلسالمي والتي شهد المشرق أحد أدوارها ترجمة حقيقية لتواصل الغرب اإلسالمي مع المشرق حيث ساهم المغاربة مساهمة فعالة في الذود عن حياض اإلسالم والمسلمين في المشرق. ومن منطلق الدور الريادي الذي لعبه ١٣٨
مقالات المغاربة في هذه الحروب أردنا إماطة اللثام عن هذا الموضوع المتمثل في الحديث عن مدى مساهمة أبناء المغرب إلى جانب إخوانهم المشارقة في التصدي لهذه الحمالت الصليبية الشرسة خالل العهدين الفاطمي والزنكي وكذا دحض الرؤى االستشراقية الرامية إلى فصل بالد المغرب عن مشرقه. أوال : العهد الفاطمي (٣٦٢-٥٦٧ ه/ ٩٧٣-١١٧١ م) عاصرت الحملة الصليبية األولى (١ ( وجود الفاطميين ببالد المشرق ومن المعلوم أن المجتمع الفاطمي قد ضم في ثناياه قوة مغاربية كان عمادها قبيلة كتامة والمالحظ أن هؤالء المغاربة قد لعبوا دور ا كبير ا في التصدي للصليبيين. والواقع أن اشتراك المغاربة في الحروب الصليبية في المشرق ليس غريب ا في شيء السيما إذا تذكرنا أن بالد المغرب واألندلس كانت تعيش نفس الظروف في صراعها مع النصارى المسحيين في الجزء الغربي من العالم اإلسالمي. (٢) استمد الفاطميون قوتهم الحربية من عنصرين أساسين منهما العنصر المغربي والعنصر المشرقي فالمغاربة هم من البربر وكان من أهم قبائل البربر التي أمدت الجيش برجالها فروع الكتامية والباطلية والمصامدة والجوذرية "نسبة إلى قائدهم جوذر" وزويلة التي جاءت مع جوهر من المغرب (٣ ( ويؤكد ناصر خسرو على أن الجيش الفاطمي كان عماد قوته الكتاميين إذ يقول: "كان في الجيش الذي يخرج للقتال فرقة تسمى فرقة الكتاميين هم من القيروان أتوا في خدمة لدين الله وقيل أنهم عشرون ألف ونود أن نشير إلى أن المغاربة قبل أن يشتركوا في فارس". (٤) الحروب الصليبية المنظمة قد ورد ذكرهم في المصادر التاريخية حيث يورد المقريزي دورهم في التصدي للحملة البيزنطية التي قادها تزيمسكيس المعروف في المصادر العربية بابن الشمشقيق في أواخر سنة ٣٦٤ ه وأوائل سنة ( ٣٦٥ ه/ ٩٧٦ م) والذي قام بحملة برية ضخمة مستهدفة المدن الداخلية في الشام والتي كانت تحت حكم الفاطميين (حمص وبعلبك) ثم تحولت إلى مدن الساحل (بيروت وصيدا). (٥) يستفاد من الرواية الذي ذكرها المقريزي أن جهود المغاربة بدأت مبكرة ونقرأ ذلك من خالل ذودهم عن بالد المشرق والتصدي للحمالت البيزنطية. هذا وتشير المصادر أيض ا إلى أن القائد الفاطمي نصير الخادم الصقلي وصل بيروت بطريق البحر ومعه عسكر كثير من المغاربة في الدفاع عنها إلى جانب مغادرة ريان الخادم دمشق وم ن معه من المغاربة بغرض الدفاع عن طرابلس (٦ ( وما يدل على بعد أن جاءت األخبار بنزول البيزنطيين لحصارها. مشاركة المغاربة أن اإلمبراطور صاحب الحملة بعث برسالة إلى ملك األرمن أشوط شاهان ذاكر ا له بأن هناك فرقة من المغاربة من حامية طرابلس تقدر بألفي رجل تقوم بمهمة استطالعية وترصد (٧ ( هذا إلى جانب حضورهم الطريق وقد سمى المغاربة باإلفريقيين. القوي كمرابطين على ساحل صيدا الذين شحنه الفاطميون بآالف الجند المغاربة يتقدمهم القائد ابن كرامة المغربي. (٨) ومن القرائن أيض ا على اشتراك المغاربة نذكر أنه في سنة ٣٧٠ ه تولى أمر طرابلس قائد مغربي هو نزال الغربي الكتامي والذي كان تحت إمرته ستة آالف رجل وكان لهم دور في مواجهة البيزنطيين حيث نازل هذا القائد ومن معه مدينة الالذقية التي كانت بأيدهم كما نجح مع قائد فاطمي آخر يدعى ابن شاكر في أسر القائد البيزنطي المعين عليها من طرف اإلمبراطور باسليوس الثاني ويورد النويري هذا الخبر في حوادث ( ٣٧٢ ه/ ٩٨٢ م) ويضيف أن نزال قد دخل القاهرة ومعه خمسة آالف من الروم (٩) مقيدين بالسالسل. ومع بداية الحمالت الصليبية المنظمة نلمس دور ا آخر للمغاربة فإذا كان على الفاطميين الشيعة أن يكافحوا الغزو الصليبي في المشرق فقد كان على المرابطين أن يجاهدوا اإلسبان في األندلس وهكذا تبدوا لنا األوضاع السياسية وكأن كل دولة منصرفة عن األخرى بمشاكلها الخاصة. لكن الملفت لالنتباه أن الفاطميين لم يكونوا وحدهم من انشغل بالحروب ضد الصليبين الغزاة فالجبهة المغربية كانت هي األخرى حاضرة وحسبنا شاهد ا في ذلك ما يرويه ابن األثير في حوادث سنة ( ٤٩٩ ه) إذ يقول: "ورد على بغداد أمير من الملثمين (أي المرابطين) ملوك المغرب قاصد ا دار الخالفة فأكرم وكان يرافقه أحد الفقهاء أتى الخليفة وقام بالوعظ في جامع القصر فاجتمع له العالم العظيم وكان يعظ وهو متلثم ال يظهر منه غير عينيه كان هذا األخير قد حضر مع األفضل أمير الجيوش بمصر وقعته مع الفرنج وأبلى بالء (١٠) حسن ا". يستنتج من حصاد ما سبق أنه على الرغم من العداء الذي كان بين الدولتين الفاطمية (الشيعية) والمرابطية (السنية) لم يمنع من مؤازرة بعضهم البعض وحسبنا في ذلك عدد المغاربة الذين شاركوا إخوانهم في جهادهم للصليبيين. على أن دولة المرابطين لم تعمر طويال حيث سقطت في النصف األول من القرن السادس هجري الثاني عشر ميالدي وقامت على إنقاذها دولة مجاهدة أخرى هي دولة الموحدين والتي قامت كحركة إصالحية تهدف إلى توحيد المغرب كما كانت ترنو إلى تخليص بيت المقدس والشام واألندلس من المستعمر الصليبي وتأكيد ا لهذا المطلب فتحت الباب على مصراعيه أمام المتطوعين من المغاربة للسفر إلى مصر والشام ومشاركة إخوانهم المشارقة في جهاد الصلبيين بر ا (١١) وبحر ا. ١٣٩
مقالات ثاني ا: العهد الزنكي -٥٢١) ٥٦٩ ه/ - ١١٢٧ ١١٧١ م) أثبتت األحداث التاريخية التي جرت في المرحلة األولى من المواجه العربية الصليبية أن دولتي الخالفة العباسية والفاطمية رغم ما قامتا به من دور في مواجهة الصليبيين إال أنهما لم ترقيا إلى المستوى المطلوب إذ لم تمثال النموذج األمثلة لقيادة األمة العربية. وهكذا فرضت األحداث التاريخية نمط الدولة العسكرية بديال مناسب ا بشرط أن تقوم بتوحيد الجهود في مواجهة الصليبين فكان دولة عماد الدين زنكي التي ارتكزت على محور الموصل حلب هي السابقة التاريخية أو التجربة األولى في صياغة الدولة العسكرية الموحدة تحت راية قائد واحد يقود جيشه بنفسه في ميدان الحرب ولقد تولى عماد الدين زنكي حكم الموصل سنة ( ٥٢١ ه/ ١١٢٧ م) ليقود دولته الصغيرة في الموصل نحو هدف مزدوج هو توحيد الجهود العربية اإلسالمية وطرد ثم خلفه ابنه نور الصليبيين من األراضي العربية اإلسالمية. (١٢) الدين (ت ٥٦٩ ه) وكانت تؤازره أسرة صالح الدين األيوبي منهم: نجم الدين أيوب وشيركوه ثم صالح الدين األيوبي وقد رحب هؤالء القادة المشارقة بجميع المجاهدين الوافدين من المغرب واستعانوا بهم في جيوشهم البرية وأساطيلهم البحرية وهنا يظهر دور المغاربة بوضوح في جهاد الصليبيين سواء في مصر أو الشام. (١٣) ويتجلى لنا دور المغاربة أكثر خالل الحروب الصليبية إذ تذكر المصادر أنه لما نزل الفرنجة بنواحي دمشق سنة ( ٥٤٣ ه) في عشر آالف فارس وستين ألف رجل خرج المسلمون من دمشق للمصاف فكانوا مائة وثالثين ألف راجل وعسكر البلد فاستشهد نحو المائتين ثم برزوا في اليوم الثاني فاستشهد جماعة وقتل من الفرنج عدد كثير فلما كان خامس يوم وصل غازي ابن أتابك وأخوه نور الدين في عشرين ألفا إلى حماة وكان أهل دمشق في االستغاثة والتضرع إلى الله وأخرجوا المصحف العثماني إلى صحن الجامع وضج النساء واألطفال مكشفين الرؤوس وصدقوا االفتقار إلى الله فأغاثهم وفي هذه المعركة توفي أبو الحجاج وكان فقيها عالم ا صالح ا يوسف ابن دوباس المغربي المالكي (١٤) حلو المجالسة قتل في سبيل الله في حصار الفرنج لدمشق مقبل غير مدبر بالنيرب. (١٥) وتنهض إشارة ابن جبير دليال إضافي ا على مشاركة المغاربة ونقرأ ذلك في معرض حديثة عن مدينة بنياس ومروره بحصن تبنين قوله: "بأنه موضع لتمكيس القوافل وأكثر المعترضين في هذا المكس المغاربة وال اعتراض على غيرهم من جميع بالد المسلمين وذلك لمقدمة منهم أحفظت اإلفرنج عليهم سببها أن طائفة من أنجادهم غزت مع نور الدين رحمه الله أحد الحصون فكان لهم في أخذه غنى ظهر واشتهر فجازاهم اإلفرنج بهذه الضريبة المكسية ألزموها رؤوسهم فكل مغربي يزن على رأسه الدينار المذكور في اختالف على بالدهم وقال اإلفرنج: أن هؤالء المغاربة كانوا يختلفون على بالدنا ونسالمهم وال نرزأهم فلما تعرضوا لحربنا وتألبوا مع إخوانهم المسلمين علينا وجب أن نضع هذه الضريبة عليهم" فللمغاربة في أداء هذا المكس سبب من الذكر (١٦) الجليل في نكايتهم بالعدو يسهله عليهم ويخفف عنتهم عنهم. وإلى جانب ما أسهم به المغاربة بجهودهم الحربية عن حياض اإلسالم تطلعنا المصادر عن مشاركتهم الفعالة في التقدم الحضاري الذي عرفته مختلف حواضر المشرق ومن القرائن الدالة على ذلك هو ما ذكره ابن أبي أصيبعة (ت ٦٦٨ ه- ١٢٦٩ م) حيث يذكر أن أبو المجد ابن أبي الحكم عبيد الله ابن المظفر ابن عبد الله الباهلي من الحكماء المشهورين والعلماء المذكورين واألفاضل في الصناعة الطبية كان يلقب بأفضل الدولة إذ كان في دولة السلطان الملك العادل نور الين محمود زنكي رحمه الله فكان يرى له ويحترمه ويعرف مقدار علمه وفضله ولما أنشأ الملك العادل نور الدين البيمارستان الكبير جعل أمر الطب إليه فيه وكان يتردد إليه ويعالج المرضى فيه وكان أبو المجد يدور على المرضى به كما قام الطبيب علي ابن بذوخ القلعي المغربي ويتفقد أحوالهم. (١٧) في دمشق سنين ا كثيرة وكان يعالج من يأتي إليه أو يستوصف منه توفي بدمشق في سنة خمس أو ست وسبعين وخمسمائة. (١٨) ونظير هذه الجهود المغربية نجد أن المشارقة في عهد الزنكيين قد حرصوا على إظهار إعجابهم وتقديرهم لما بذله إخوانهم المغاربة ذودا عن حياض اإلسالم والمسلمين في المشرق بمثل اندفاعهم لدفع األخطار عن بالدهم فاحتضنوهم وتعاطفوا معهم وتمادوا بتكريمهم ومساعدتهم ونلمس ذلك في اهتمامهم بمسألة افتكاك األسرى المغاربة من قبضة الفرنج حيث اعتبروها واجب ديني ينال األجر من ورائها. فذكر أن نور الدين الزنكي نذر في مرضة أصابته مبلغ ا كبير ا من المال لفداء أسرى من المغاربة فلما ابتل من مرضه أرسل في فدائهم فسيق فيهم نفر ا ليسوا مغاربة وكانوا من حماة من جملة عمالته فأمر بصرفهم وأخرج عوض ا عنهم من المغاربة وقال: "هؤالء يفتكهم أهلهم وجيرانهم (١٩) والمغاربة غرباء ال أهل لهم". هذا ويذكر أسامة ابن منقذ في سياق إشارته الفتكاك نحو أربعمائة من المغاربة وقعوا في أسر الفرنج أن معين الدولة أنر صاحب دمشق أصر على أن يسهم بنفقات افتكاك هؤالء األسرى قائال ألسامة: "ال بل أنا أزن والله (٢٠) ثمنهم وأنا أرغب الناس في ثوابهم". وتقدير ا للجهود التي كان يبذلها المغاربة خالل الحروب الصليبية دفع األمر بنور الدين الزنكي إلى اتخاذ بعض التسهيالت واإلجراءات الخاصة بهم وهذا ما نلمسه في شهادة ابن جبير عند قوله: "وسائر الغرباء ممن ليس على هذا الحال ممن عهد الخدمة ١٤٠
مقالات والمهنة يسبب له أيض ا أسباب ا غريبة من الخدمة إما بستانا يكون ناطورا فيه أو حمام يكون عينا عليه وحافظا ألثواب داخلية أو طاحونة يكون أمينا عليها أو كفالة صبيان يؤديهم إلى محاضرهم ويصرفهم إلى منازلهم إلى غير ذلك من الوجوه الواسعة وليس ومن مناقبه أيض ا يؤتمن فيها كلها سوى المغاربة الغرباء" (٢١) "رحمه الله" أنه كان قد عين للمغاربة الغرباء الملتزمين زاوية المالكية في المسجد الجامعي المبارك أوقاف ا كثيرة منها طاحونتان وسبعة بساتين وأرض بيضاء وحمام ودكانان (٢٢) بالعطارين. خ امت ة إن التكامل المشرقي المغربي الذي حدث بعد عملية الفتح مباشرة ساهم في انتقال عدد كبير من المغاربة إلى بالد المشرق مشك لين بذلك جالية دائمة في المنطقة كان لها دور بارز في الجهاد ضد الصليبيين فيما بعد وقد تميزت أغلب المصادر التاريخية في وصفها للمشاركة العسكرية المغربية ضد الصليبيين في المشرق بالتركيز على المحاسن مما جعل الصورة التي رسمها المؤرخون والرحالة تبدو واضحة وجلية. فالمغاربة الذين شاركوا إخوانهم المشارقة في جهاد الصليبيين نجدهم في بعض األحيان ربما كانوا أكثر اندفاع ا وحرص ا من أهل البالد األصليين فلم تقعدهم الشيخوخة وال التقدم في السن ولم يرهبهم الموت أو فقدان األموال مسط رين بذلك أنصع الصفحات وأنقاها مم ا يدل على صدق انتمائهم العربي اإلسالمي. اله وام ش (١) في سنة ( ٤٨٦ ه/ ١٠٩٣ م) قدم إلى بيت المقدس راهب فرنسي يدعى : "بطرس الناسك" للحج والزيارة ولعله اغتاظ لرؤية السيادة اإلسالمية على فلسطين واألماكن النصرانية المقدسة فعزم على دعوة المسيحيين إلنقاذ األماكن النصرانية المقدسة من أيدي المسلمين فكر راجع ا إلى وطنه فرنسا وعرج على روما حيث يوجد البابا أوربان الثاني فأخبره بذلك فقام هذا األخير بعقد المجامع الكنسية للبحث عن كيفية تنفيذ خطة غزو البالد الشامية وتخليص بيت المقدس من أيدي المسلمين وعقد المجمع الكنسي في بليزانس في إيطاليا ( ١٠٩٥ م) إال أنه لم ينجح فعقد مرة ثانية في كليرمون في نوفمبر ١٠٩٥ م واتفق أن يكون موعد االنطالق يوم ١٥ أوت ١٠٩٦ م وكانت هذه الحملة شعبية بقيادة بطرس الناسك ثم تلتها حملة رسمية في جانفي ١٠٩٩ م توجه خاللها الصليبيون نحو بيت المقدس وتعتبر هذه الحملة هي األولى ثم تلتها حمالت أخرى انظر: عيسى الحسن: تاريخ العرب من بداية الحروب الصليبية إلى نهاية الدولة العثمانية ط ١ / عمان األردن: األهلية لنشر والتوزيع ٢٠٠٨ م ص ٩٣ ٩٨. ٩٤ (٢) زكي محمد حسن: الرحالة المسلمون في العصور الوسطى د ط بيروت لبنان: دار الرائد العربي ١٤٠١ ه/ ١٩٨١ م ص.٨٥ (٣) عبد الرحمان زكي: الجيش المصري في العصر اإلسالمي من الفتح العربي إلى معركة المنصورة د ط القاهرة: مكتبة األنجاد المصرية د ت ص ٣٠. (٤) ناصر خسرو: سفرنامة ترجمة: يحيى الخشاب ط ٢ القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب ١٩٤٣ م ص.١٠٩ (٥) المقريزي: اتعاظ الحنفاء بأخبار األئمة الفاطميين الخلفاء ج ١ ص.٢٢١ (٦) عمر عبد السالم التدمري: "المغاربة في ساحل الشام تاريخهم السياسي والحضاري في العصر الفاطمي" مجلة التاريخ العربي ع ١٩٩١/٢ م ص. ص ٢٣٨. ٢٣٧ (٧) نفسه ص ٢٣٨. (٨) نفسه ص ٢٣٨. (٩) نفسه ص ٢٤٠. (١٠) ابن األثير: الكامل في التاريخ تحقيق: أبي الفداء عبد الله القاضي ط ١ بيروت- لبنان: دار الكتب العلمية ١٤٠٧ ه/ ١٩٨٧ م ج ٣ ص ٩٧ "روى أن سبب مجيء هذا الملثم إلى بغداد أن المغاربة كانوا يعتقدون في العلويين أصحاب مصر االعتقاد القبيح فكانوا إذا أرادوا الحج يعدلون عن مصر وكان أمير الجيوش بدر الجمالي والد األفضل أراد مصالحتهم فلم يميلوا إليه وال قاربوه... فلما ولى ابنه األفضل أحسن إليهم واستعان بمن قاربه منهم على حرب الفرنج وكان هذا الملثم من جملة من قاتل معه فلما خالط المصريين خاف العودة إلى بالده فقدم بغداد ثم عاد إلى دمشق ولم يكن للمصريين حرب مع الفرنج إال وشهدها فقتل في بعضها شهيد ا وكان شجاع ا فتاك ا مقدام ا". انظر: نفسه ص ٩٧. ١٤١
مقالات (١١) أحمد مختار العبادي: "دور المغاربة في الحروب الصليبية في المشرق العربي" بحوث في تاريخ الحضارة اإلسالمية اإلسكندرية: د. ع/ ٢٠٠٠ م ص ٨٤. (١٢) قاسم عبده قاسم: ماهية الحروب الصليبية د ط الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب ١٩٩٨ م ص. ص ١٥٥. ١٥٤ (١٣) أحمد مختار العبادي: "دور المغاربة في الحروب الصليبية في المشرق العربي" ص ٨٥. (١٤) هو يوسف ابن دوناس الفندالوي المغربي أبو الحجاج الفقيه المالكي قدم الشام حاجا فسكن بانياس مدة وكان خطيبا بها ثم انتقل إلى دمشق فاستوطنها ودرس بها على مذهب مالك "رضي الله عنه" وحدث بالموطأ وفي سنة ٥٤٣ ه كان قد خرج فيمن خرج من المسلمين لقتال الفرنج فلقيه األمير المتولي وقد لحقه مشقة من المشي فقال له: أيها الشيخ اإلمام ارجع فأنت معذور للشيخوخة فقال: ال ارجع نحن بعنا واشترى منا يريد قوله تعالى: إ ن الل ه اش ت ر ى م ن ال م ؤ م ن ين م و ال ه م ب أ ن ل ه م ال ج ن ة ي ق ات ل ون ف ي س ب يل الل ه ف ي ق ت ل و ن أ نف س ه م و أ ى و ي ق ت ل ون و ع د ا ع ل ي ه ح ق ا ف ي الت و ر اة و اإل نج يل و ال ق ر آن و م ن أ و ف ب ع ه د ه م ن الل ه ف اس ت ب ش ر وا ب ب ي ع ك م ال ذ ي ب اي ع ت م ب ه و ذ ل ك ه و ال ف و ز ال ع ظ يم -التوبة ١١١- انظر: الحموي ياقوت ابن عبد الله: معجم البلدان د ط بيروت لبنان: دار صادر د ت ج ٤ ص. ص ٢٧٨ ٢٧٧ ابن القالنسي أبو يعلى: تاريخ أبي يعلى دون ذكر الدار وال تاريخ النشر ص ٢١٩ المقديسي: الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصالحية- د ط القاهرة: مطبعة وادي النيل ١٢٨٧ ه ج ١ ص ٥٢ الشهابي قتيبة: صمود دمشق أمام الحمالت الصليبية مستخرجة من نصوص المؤرخين العرب واألجانب د ط دمشق: منشورات وزارة الثقافة ١٩٩٨ م ص ١٦٤ عاشور فايد حماد محمد: جهاد المسلمين في الحروب الصليبية العصر الفاطمي والسلجوقي والزنكي ط ٣ بيروت لبنان: مؤسسة الرسالة ١٤٠٥ ه/ ١٩٨٥ م ص.٢١٥ (١٥) الذهبي: العبر في خبر من غبر تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد ابن بسيوني زغلول د ط بيروت لبنان: دار الكتب العلمية د ت ج ٢ ص. ص.٤٦٦ ٤٦٣ (١٦) ابن جبير: رحلة ابن جبير ط ٢ بيروت لبنان: دار صادر د ت ص.٢٧٤ (١٧) ابن أبي أصيبعة: عيون األنباء في طبقات األطباء تحقيق: نزار رضا د ط بيروت لبنان: منشورات دار الحياة د. ت ص ٦٢٨ الصفدي: الوافي بالوفيات تحقيق: أحمد األرناؤوط وتركي مصطفى ط ١ بيروت لبنان: دار إحياء التراث العربي ١٤٢٤ ه/ ٢٠٠٠ م ج ٤ ص (١٨) ابن أبي أصيبعة: المصدر السابق ص. ص ٦٢٩. ٦٢٨ (١٩) ابن جبير: المصدر السابق ص ٢٨٠..٢٠ (٢٠) ابن منقذ أسامة: كتاب االعتبار د ط القاهرة: مكتب الثقافة الدينية د ت ص ٨٢. (٢١) ابن جبير: المصدر السابق ص. ص ٢٥١. ٢٥٠ (٢٢) نفسه ص ٢٨٧. ١٤٢
ØË _àúè ^jö] Ûã¹]æÚ^]è ^i» ا ستاذ التعليم الثانوي التا هيلي ا ستاذ باحث جامعة القاضي عياض مراكش المملكة المغربية < << h^jóö]l^þ^ée DOI 10.12816/0045098 التاريخ من ا سفل : في تاريخ الهامش والمهمش منشورات الزمن - سلسلة شرفات (٨١) تا ليف: خالد اليعقوبي خالد طحطح نوفمبر ٢٠١٦. الاستوغرافيا البريطانية الكولونيالية مدرسة الحوليات التاريخ الرسمي الم ه مش»] Æçj ]Ø} Ú يبدو أن مفهوم دراسات الهامش واملهمش أخذ يخرتق باحة العلوم اإلنسانية واالجتماعية منذ نهاية القرن التاسع عرش ضمن سياقات استوغرافية أجنبية. ولسوف يربز من خالل تحليالت عراب تيار الحتمية الجغرافية األملاني فريدريك راتزل الذي سيلبسه رداء الفقر والتهميش املجايل واألنرتبولوجي كوبر الذي سيكسبه بعد ا ثقافي ا وحضاري ا. والحال سيمثل هذا الورش الجديد بمقتىض التجديدات املنهجية الحادثة يف حقل التاريخ واملعرفة التاريخية آفاق ا واعدة ملختيص الزمن من أجل توصيف أكثف للمايض البرشي وعله اهتمام يعكس يف جزء منه مركزية مفهومي الهامش والهامشية يف كشف كثري من قضايا تحتجب وراء براديغم الحدث التاريخي الرسمي وتقود نحو تأويل وتخصيب املعرفة التاريخية بشكل يسهم يف هدم وإعادة بناء الواقعة التاريخية من زاوية جديدة بمفاهيم جديدة ومصادر جديدة. و ل نئ أثارت الباحثة إلني بارو اهتمام الباحثني يف حقل التاريخ مبكر ا إىل أهمية هذا الحقل الواعد وهي تهم بتفكيك املنجز االستوغرايف لصاحب العمران البرشي عبد الرحمان ابن خلدون من خلفية نقل مركز االهتمام يف العلوم االنسانية من تاريخ صالونات النخبة نحو مطابخ العامة فألن واقع البحث التاريخي اليوم أضحى يفرض قراءة تجارب استوغرافية أجنبية حاولت تسليط مبضع بحثها عىل حياة البسطاء واملهمشني من أجل فهم مغاير ملا جرى. ثمة نقاش صاخب يدور حالي ا غري بعيد عنا داخل جامعات أوربية وأمريكية وحتى آسيوية يسطع ويخبو تبعا لتجاذبات الراهن االنساني بني اتجاهات فلسفية وتاريخية وأدبية ي عيد طرح قضايا خالفية ظلت لسنوات عديدة تتصدر واجهة مجالت التاريخ وأروقة مدرجات الجامعات. نقاش ي سأل مسرية اإلنسان يف التاريخ من حيث هي ذات منتجة للتاريخ مستوعبة لرشوطه م تحررة من وصايته وهيمنته حسب جريارد نوراييل (١) وذلك بشكل ي سهم يف إعادة بناء وتركيب املايض بناء مفاهيمي ا وإشكالي ا فبني االنتصار لتاريخ البنيات والزمن الطويل الذي هيمن للحظات عىل مسار الكتابة التاريخية مع ع رابي الحوليات والتاريخ الجديد وبني العودة إىل تاريخ األفراد وبيوغرافيات البسطاء الذي ظهر مع تجارب استوغرافية جديدة خارج فرنسا يستوطن جدل ابستمولوجي واسع يخيم عىل ابستمولوجيا التاريخ. عرض كتاب ١٤٣ العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧ السنة العاشرة
ولنئ عكس هذا النقاش يف جزء منه صعوبة اإلمساك بوقائع املايض وإعادة تركيب معطياته تركيب ا يقربنا من فهم ما جرى فألن هناك تداخال عميق ا بني املركز والهامش العام والخاص الكيل والجزئي األعىل واألسفل يمتح أساس ا من تعقد بنية األنساق الكربى واختالف الفئات االجتماعية. بعد مرحلة الكسوف واإلقصاء املمنهج الذي مارسته مدرسة الحوليات الفرنسية عىل تاريخ األفراد والرسد والحدث باسم االنتصار ملوجة البنيات واألنساق االجتماعية واالقتصادية التي سادت ردحا من الزمن عىل الكتابة التاريخية (٢). ت سجل اليوم عودة قوية لالهتمام بتاريخ املهمشني والبسطاء من الناس (٣) عودة تعيد معها إىل الضوء الفرد كصانع للتاريخ وكمركز لالهتمام والتساؤل داخل مختربات العلوم اإلنسانية. عودة إىل تاريخ عامة الناس حسب املؤرخ الربيطاني إريك هوبزباوم (٤). فرضت نفسها كحقل جديد إلحياء الذاكرة التاريخية واملوروث املشرتك تتناول جوانب متعددة مثل السري الجماعية السري املتوازية السري املتقاطعة السري الفكرية وسري الناس العاديني. ومهما بدا للبعض من تجاذب بني هذه الرؤى فإننا أمام توجه مختلف بدأ يفرض نفسه داخل مسار الكتابة التاريخية يف جامعات متعددة بدرجات مختلفة توجه يستشعر التعقيد الذي يميز مايض الظاهرة االنسانية ويعمق التفكري يف الفردانيات وخصوصيات الحياة الخاصة لبعض األفراد واملجموعات ويعيد بناء نسق األحداث التاريخية من زوايا جديدة كما يعيد هدم األصنام الثالث املقدسة لقبيلة مؤرخي الحوليات. توجه يوصف اليوم باالنفجار البيوغرايف. h^jóö] Ú^ Ú يطرح كتاب التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش جملة قضايا منهجية وتاريخية تعتمل داخل مخترب التاريخ والعلوم اإلنسانية بتقسيم موضوعاتي يرتكز عىل أربعة فصول أساسية ي حاول من خاللها باحثا الكتاب اقتحام مجال كتابة التاريخ من أسفل من حيث غائيته أدواته وأيض ا استعماالته. كل ذلك يف املدار الذي ال يفارق تحليل تجارب منهجية انخرطت يف هذا الورش التاريخي بإيطاليا وبريطانيا والهند ونقرتح مناقشة مضامينه عرب ترسيمة موضوعاتية: íéú^]æú^]êúçãëú»im بدأ مفهوم الهامش والهامشية يخرتق أدبيات الفكر اإلنساني منذ النصف الثاني من القرن العرشين من خالل كتابات علماء االجتماع واالنرتبولوجيني وحتى الجغرافيني وأخدت هذه التحديدات املفاهيمية تتزين بعباءات متعددة قياسا بفضفاضية مفهوم الهامش والهامشية وتشعبات تأويالته فهذا الجغرايف راسل عىل مشارف نهاية القرن التاسع عرش ي صبغه برداء املجال ويعني به املجاالت الهامشية يف مقابل املجاالت املركزية وذاك األنرتبولوجي كوبر يقصد به الثقافات املتناهية البساطة. برز مفهوم الهامش عند املؤرخ الربيطاني إريك هوبزباوم ذو النزعة املاركسية الواضحة ممزوجا بالرصاع الطبقي وهو يحيل بناظره إىل التاريخ من أسفل (٨) واكتىس عند املفكر االيطايل أنطونيو غراميش صاحب ب عد ا نظريا للداللة عن هوية امل ه مش/ الربوليتاري أي تلك الجماعة من الناس التي تخضع لسيطرة طبقة نخبوية حاكمة تحرمها الحق يف املشاركة يف صنع تاريخها وثقافتها كأفراد ناشطني داخل نفس الوطن يف مقابل ذلك نجد املؤرخ الهندي راناجيت غوها ي وظف مفهوم Subaltern إلعادة كتابة تاريخ الهند من زاوية جديدة يربز معها الدور الحقيقي للمهمشني يف صنع تاريخ الهند زمن االحتالل الربيطاني (٩). وعىل نحو ما يظهر فقد خالف بذلك تنظريات أنطونيو غراميش القائلة بأن هيمنة النخب الحاكمة عرض كتاب h^jóö]íéqçöçê çú ينساق تأليف "التاريخ من أسفل: يف تاريخ الهامش واملهمش" الصادر حديثا عن منشورات الزمن سنة ٢٠١٦ م لكل من خالد اليعقوبي وخالد طحطح من حوايل ١٩١ صفحة من الحجم املتوسط يف سياق موجة جديدة بدأت تقتحم تدريجيا مجال الكتابة التاريخية باملغرب وخارجه متشبعة برؤية منفتحة عىل تجارب استوغرافية متعددة لكل من مدرسة امليكرواستوريا اإليطالية ومدرسة التاريخ من أسفل الربيطانية ومدرسة الحياة اليومية األملانية ومدرسة التابع الهندية ومدرسة شيكاغو األمريكية هذا التجديد املنهجي ينهل من تراكمات العلوم االجتماعية وتناهجاتها بحثا عن توصيف أكثف بعبارة األنرتبولوجي األمريكي كليفورد كريتز للظاهرة اإلنسانية املركبة. ومن شأنه ذلك أن ي سهم يف إخصاب حقل املعرفة التاريخية معيدا إىل دائرة الضوء أولئك الذين ع مروا لقرون مديدة دهاليز التاريخ وأقبيته املظلمة وذاكرة النسيان نحو ارتقاء سطح املعرفة التاريخية بتعبري إلني بارو (٥) ففي عمق التفاصيل الصغرية التافهة وأحيانا املبتذلة تكمن حقيقة جانب من التاريخ حسب مشيل دو رستو. إنه باختصار ما يسميه آالن كوربان بالتاريخ الصامت (٦). غري بعيد عن فرنسا (٧) انتعشت كتابة التاريخ من أسفل أو تاريخ الهامش يف بعض بلدان أوروبا الغربية مع مدرسة التاريخ من أسفل االنجليزية ومدرسة امليكرإستوريا االيطالية ومدرسة التاريخ اليومي األملانية. تناغما مع الطفرات املنهجية التي واكبت مسرية الفكر التاريخي داخل هذه البلدان وتوافقا مع تشكل قناعة لدى باحثي هذه البلدان بدور األفراد يف صناعة األحداث الكربى وبتسليط الضوء عىل فئة اجتماعية ظلت عىل هامش البحث والتمحيص. إسهامات تاريخية جديدة تطفو عىل الواجهة تغزو األسواق وتغري القراء بخبايا مثرية وتثري فضول القراء وتنسف مختلف" الربسبوغرافيات الكالسيكية" بمفاهيم وتصورات جديدة بيوغرافيات خصبة ١٤٤ العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧ السنة العاشرة
عىل باقي فئات املجتمع تستند إىل محدد ثقايف بالقول أن امل همش يعيش عاملا مستقال عن عالم النخب (١٠). ويف سياق آخر سيعترب عمل كيانديرا باندي Gyanedra Pandy املوسوم بعنوان Subaltern Citizens إضافة نوعية يف الكتابة التاريخية من حيث أن عبارة م همش تحمل مسؤولية شديدة لكل كتابة تاريخية تروم الكشف عن الذوات املهمشة واملقموعة وأسباب تهميشها (١١). عىل هذا النحو تظهر دراسات امل همش كقطيعة بني تاريخني: تاريخ السلطة والرأسمال والبنى الفوقية وتاريخ خارج السلطة والرأسمال. تاريخ جديد بدأ ينتعش نسبي ا خارج فلكية السلطة ومداراتها مستفيد ا من إرث املؤرخني املاركسيني الربيطانيني تحديدا ومن تبلور نظريات ما بعد الحداثة وما بعد الكولونيالية التي ستمكن من استعادة مختلف الفاعلني وإنصافهم يف التاريخ. سيسهم سياق ما بعد الحداثة وما بعد الكولونيالية يف إعادة النظر يف املركزية األوربية ولسوف يقتحم التاريخ حقل الهامشية يف محاولة الستعادة دور املهمشني يف التاريخ من أجل تفكيك االستعمار وبناء الذات املستعم رة التي ستنتعش بدراسات مختلفة وبمنظور مغاير تغوص يف ثنايا جزئيات خاصة تسكن دهاليز التاريخ وأقبيته املظلمة لحياة بعض الناس العاديني إىل درجة سيصبح الفرد العادي له داللته ودراميته مثله مثل تاريخ العظماء (١٢) فالكتابة عن الحداد والطحان والفالح والراعي ستغدو أكثر أهمية يف فصل االلتباس عن عديد من قضايا التاريخ األكثر عتمة. البنيوية يف مختلف مداخلها املعرفية وهم ينسفون قلعة وجودية سارتر وألبري كامو وظاهراتية هورسل ولسوف تكتيس هذه املوضة الفكرية التي جذبت إليها مفكرين من مختلف بقاع العالم سمعة سيئة نتيجة تشجنها املعريف وإقصائها للفرد من مركز االهتمام وستعمق أحداث ثورة الشباب الفرنيس سنة ١٩٦٨ الشك يف قدرة البنيوية عىل الصمود أمام إعصار تفكيكيكة جاك دريدا وسيكولوجية جيل دولوز وفلييب غاتاري. إعصار سيبرش ببداية أفول قلعة البنيوية وسيمهد لعودة الفرد إىل سطح الفكر من حيث هو ذات واعية ت عرب عن إدراكات املجتمع. تراجعت موجة البنيوية التي قدمت الذات قربان ا يف حقل العلوم االنسانية (١٥) وبعيدا عن ساحة الفكر الفرنيس ارتسمت فجأة آفاق جديدة للتاريخ املنظور إليه من أسفل يف كل من انجلرتا وأملانيا وايطاليا تحت وقع تأثري مدرسة شيگاگو األمريكية التي كانت من قبل قد بارشت البحث يف تاريخ الهجرة والجريمة منذ وقت مبكر. عرض كتاب íéþ^şèö]^éê] Æçj ]»ØË _àúè ^jö]io بعيد ا عن فرنسا أثار كتاب هوارد زن "التاريخ الشعبي للواليات املتحدة من ١٤٩٢ إىل اآلن" (١٦) جلبة كبرية يف األوساط الرسمية األمريكية ربما لتزامنه مع سياق التوسع األمريكي من جهة ولكونه يفضح بشكل سافر تاريخ اإلبادة والرق والظلم االجتماعي إىل حد جعلت إريك فورنر يعترب الكتاب بمثابة نيگاتيف فوتوغرايف للتاريخ األمريكي الرسمي. ي عرب عن هذا املنحى أيضا كل من املؤرخ االنجليزي إدوارد طومسون الذي نرش سنة ١٩٨٥ مجلدا يضم عدة مقاالت بعنوان جامع "التاريخ من أسفل" مؤسس ا لورش جديد بدأ يقتحم تدريجيا معاقل الكتابة التاريخية ويسهم يف تجددها من جهته سيؤلف دومنيك جينوفيز كتابا بعنوان "العالم الذي صنعه العبيد" The World the Slaves الذي ينكثب عن فئة العبيد السود كفئة إجتماعية محرومة إجتماعيا وتربز محاولة ثالثة ال تقل أهمية عن هؤالء مع املؤرخ االيطايل كارلو جينزبورغ يف كتابه "الجبن والدود" التي تمثل معاينة مجهرية ميكروسكوبية لقصة ط حان عادي من منطقة فريويل شمال إيطاليا يدعى دومينيكو سكانديللو مشهور بلقب مينوتيش الذي سيعدم بعد حكم قضائي صادر عن محاكم التفتيش (١٧). من جهته يتساءل املؤرخ الربيطاني إريك هوبزباوم عن جدوائية كتابات تاريخية تقليدية ال يقرأها أحد باستثناء األساتذة والطلبة من ذوي التخصص حيث يشري إىل أن التاريخ من أسفل يبدأ مع نهاية القرن الثامن عرش كحقل درايس من خالل أعمال جول ميشليه حول الثورة الفرنسية غري أن البداية الحقيقية لتشكل التاريخ من أسفل تعود حقيقة إىل النصف الثاني من القرن العرشين مع إدوارد طومسون يف كتابه The Making of the English Working Class حول ØË _àúè ^jö]±cíèõ Ö] è ŸæoÖ^nÖ]Øé ]l^éöçui N يتتبع الفصل األول من الكتاب إرث أجيال الحوليات الثالث من خالل كتابات الرواد األوائل عن تاريخ املهمش والهامش ويستقرأ استوغرافية الحولياتيني عرب ابتكار موضوعات جديدة حول تاريخ الذهنيات واإلحساس والفكر والذاكرة الجماعية واملمارسات الرمزية تاريخ يتزيا برداء أنرتبولوجي (١٣). يرتسم هذا املنحى بشكل أدق يف محاولة جون كلود سميث التي عىل ما تبدو شكلت ثورة كوبرنيكية يف حقل الكتابة التاريخية وقتئذ إذ نقلتها من برج عاجي نحو مالمسة القاع االجتماعي كما عربت بالقول إلني بارو وكذلك مع فليب أرياس الذي اهتم بتاريخ الكثل التي ظلت عىل هامش السلطة وبتاريخ الطفولة والعقليات واملوت امل روض وال المرئي... وقبلهم مؤسس الحوليات لوسيان فيفر من خالل بيوغرافياته املخيالية عن مارغاريت دونوفار وفرانسوا األول وفرانسوا رابليه وأيضا من خالل عمل إيمانويل لوروا الدوري حول راعي بسيط بمنطقة معزولة يف منطقة أرييج العليا يف قبل جبال الربانس (١٤). ستنطبع فرتة الخمسينيات من القرن املايض بهيمنة بنيوية عىل الفكر اإلنساني وسيظهر أب البنيوية كلود ليفي سرتاوس رفقة آخرين أمثال رومان جاكوبسون وجاك الكان ولوي ألتوسري وميشيل فوكو وفرناند بروديل كمن ي شيدون رصح ١٤٥ العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧ السنة العاشرة
تشكل الطبقة العاملة االنجليزية الصادر يف ستينيات القرن املايض تزامنا مع مراجعة فكرية وإديولوجية قام بها اليسار الربيطاني الجديد وهو يعلن لحظة الطالق مع االديولوجية الستالينية السوفياتية. يتضمن هذا الكتاب دعوة رصيحة لتجاوز التاريخ النخبوي والغوص يف باطن املجتمعات وفق ما أكدته أعداد مجلة الحارض واملايض التي بصمت عىل توجه (١٨) أنجلوساكسوني جديد يف الكتابة التاريخية. والحال تمثل اسهامات كل من كرسيتوفيل هيل (١٩) وإدوارد (٢٠) تومبسون وإريك هوبزباوم نواة أساسية يف بلورة مرشوع الدراسات الهامشية داخل بريطانيا من خالل أعداد مجلة املايض والحارض وتظهر هذه االسهامات متجاوزة للتحليل االقتصادي قريبة من تحليل الحركات االجتماعية الدنيا واملقهورين وعامة الناس باعتبارهم القوى التي تصنع العالم. وتكمن فرادة هذا التيار الجديد يف كونه أعاد النظر يف مفهومي البنية التحتية التي تتحدد بالبعد االقتصادي والبنية الفوقية حيث توجد السياسة والثقافة والفنون واإليديولوجيا (٢١) ويف رفض التفسري األحادي املعتمد عىل الحتمية االقتصادية وفكرة الغائية القائلة بحتمية تطور املجتمعات من االقتصاد البدائي إىل اليوتوبيا الشيوعية مرورا بالعبودية والرأسمالية واالشرتاكية. إنها رؤية تاريخية م جددة تنطبع بتحليل ماركيس جديد ينفي فكرة الحتمية االقتصادية. عىل هذا النحو رست سفينة مدرسة التاريخ من أسفل الربيطانية. ØË _àúè ^jö]l]] jú]ip يتتبع الفصل الثاني من الكتاب امتدادات التاريخ من أسفل يف االستوغرافيات األجنبية من استعراض نماذج من مدرسة امليكرواستوريا االيطالية وتاريخ الحياة اليومية األملاني ودراسات التابع الهندية مشاريع بدت جذابة وواعدة لعدة باحثني شباب وهي تعلن عن انصهار التاريخ يف أدوات التحليل األنرتبولوجي وتسهم يف فهم مغاير لوضع األفراد والهامشيني بعيدا عن فلكية صعود وأفول األمم وتربز لقارئ متن هذه االسهامات محاولة كل من ناتايل دافييز عن الفالح برتراند رولز وكارلو جينزبورغ عن الطحان مينوكوشيو وايمانويل لوروا الدوري عن الراعي الفرنيس وآالن كوربان عن اإلسكايف بيناغوت...الخ. إنها محاوالت جديدة تعود بالتاريخ إىل الذات (٢٢) لفهم املجتمع من خالل س ري األفراد وبدت أهميته تتأتى من خالل تصاعد التاريخ الشفاهي (٢٣) الذي يستند إىل إجراء املقابالت عند التحقيق لجمع املعلومات ولعله استلهم كثريا من ش كية علم االجتماع الفرنيس الذي أعاد النظر يف عدد من براديغمات التفكري. سيقتحم مصطلح امليكرواستوريا قاموس الكتابة التاريخية (٢٤) االيطالية مطلع الثمانينات من القرن العرشين من خالل مجلة كراسات تاريخية Storici) (Quoderni وسلسلة ميكرواستوريا ولسوف تعترب يف وقتها مقاربة تاريخية جديدة تعيد للفرادة وضعها االعتباري وتفصح عن معطيات لم تكن ملحوظة من قبل بسبب تخفيض سلم املراقبة فباستثمار مواضيع صغرية الحجم يمكننا حسب إفادة كريسيان دوالكورا (٢٥) استخالص نتائج عامة ذات طبيعة ماكروانرتبولوجية. عىل نحو مشابه سارت مدرسة الحياة اليومية األملانية وهي تعيد بعث لحظة النازية األملانية إىل السطح وتنبش يف مايض جرائمها اإلنسانية بتوجه ماركيس واضح للعيان وتبدو مقاربة األملان شديدة التأثر بتياراألنرتبولوجيا التأويلية وبأهمية املحددات الثقافية يف مسار التاريخ وتعد أعمال كل من ريتشارد دوملن وهانس ميديك ولوطك رائدة يف هذا السياق وهي تنبش يف تفاصيل محرقة الهولوكوست وتاريخ االمربيالية. يف آسيا سيقود رانانجيت غوها بمعية هيئة تحرير دراسات التابع سنة ١٩٨٨ م (٢٦) توجه ا تاريخي ا جدي دا تحت مسمى مدرسة التابع الهندية يف سياق املواجهة العلنية مع عرابي التاريخ النخبوي الهندي ملدرسة كامربيدج ومدرسة املؤرخني القوميني وستوجه سهام نقدها إىل التحليل املاركيس التي ركز عىل فاعلية النخب يف صناعة التاريخ م سهمة بذلك يف تقديم قراءة جديدة للتاريخ الهندي بإطار نظري ومفاهيمي يستمد روحه من التاريخ من أسفل ونظريات ما بعد الحداثة والدراسات ما بعد الكولونيالية. Ãe^Úæím] ] Ãe^Úh^Ş}æØË _àúè ^jö]iq íéö^éþçöçóö] يقف الفصل الثالث من الكتاب عند نشأة السياق الثقايف والتاريخي لدراسات املهمش حيث يتوقف عند اللحظات النظرية الكربى التي واكبت ميالد خطاب ما بعد الحداثة وما بعد الكولونيالية لكل من إدوارد سعيد وديبيش شاكرابارتي ونيتشه وهابرماس ويتنغشتاين عائد ا برسدية التأصيل التاريخي ملفهوم ما بعد الحداثة إىل سبعينيات القرن العرشين من خالل أعمال كل من فرانسوا ليوتار وجاك دريدا وميشيل فوكو وجيل دولوز وآخرين. تفصح هذه االستعادة للنصوص املؤسسة لخطاب ما بعد الحداثة عن وضع رسدية الحداثة قيد التحقيق والنقد واملراجعة (٢٧) وإدانة العقل البرشي وكره أي مرشوع يستهدف تحرير اإلنسان عرب تحريك قوى التكنولوجيا والعلم والعقل (٢٨) ونقد إمربيالية التنوير عىل نحو ما يلمسه القارئ يف تفكيكيكة جاك دريدا. وفق نفس اإلطار سينطبع العالم الثالث بدراسات مرجعية تنتقد االسترشاق والهيمنة االمربيالية يف كتابات فرانز فانون وادوارد سعيد وألبري ميمي وليوبولد سيدار سانغور واملهدي بن بركة م حاولة أن ت عري عن غطاء االستعمار فاضحة لسياسته االستعبادية. هذا املنعطف الثقايف كان له إسهام بارز يف تبلور دراسات املهمش بإيعاز من األبحاث املجالية التي أرشفت عليها مدرسة شيكاغو األمريكية ومن تأويلية كليفورد غريتز التي استلهمت عالمات ورموز ماكس عرض كتاب ١٤٦ العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧ السنة العاشرة
فيرب واعتربت أن الحياة االجتماعية لألفراد تخضع لنظام من (٢٩) العالمات والرموز التي يجب تأويلها وتفسريها. ØË _àúè ^jö]l ^ÛÃj í nú_ætƒ^ IR ينحو الفصل الرابع واألخري من هذا الكتاب منحى إجرائي يف استعماالت ومقاربات مختلفة لتاريخ األفراد والجماعات م توقفا عند ثالث نماذج بيوغرافية ملهمشني من التاريخ الرسمي لكل من روجر كيسمنت وغريغوري راسبوتني ومحمد بن عمر األحرش. سيثري الكاتب البريويف ماريو بارغاس يوسا يف روايته "حلم السلتي" التي اكتشفها من خالل قراءة سرية جوزيف كونراد "يف قلب الظالم" اإلهتمام إىل سرية روجر كسيمنت الصاخبة وهو يلفت االهتمام إىل سرية رجل رافقها غري قليل من جدل بينه وبني أجهزة املخابرات الربيطانية. يظهر روجر كيسمنت يف رواية حلم السلتي كم صور لحجم الكارثة االستعمارية وكمناضل من أجل حرية شعوب الكونغو والبريو واستقالل ايرلندا من بريطانيا وكمدافع عن أحقية الثقافات البدائية يف الوجود رغم االختالف (٣٠) م خلف ا بهذه املواقف مصري ا مجهوال (٣١) وركام ا من الشائعات التي طالت سريته التاريخية. من جهته سيسرب كولن ولسن يف روايته "راسبوتني وسقوط القيارصة" الغموض الذي اكتنف حياة يفيموفيتش غريغوري راسبوتني بروسيا قبل الثورة كشخصية أسطورية يف التاريخ الرويس املعارص تشفي من بعض أمراض العرص كمرض الهيموفيليا ولسوف ت ظهره ثورة البالشفة بمظهر الخليع والفاجر واللص والسكري إىل حد أصبحت الراسبوتينية تعني الحركة الشهوانية املنتشية بالرقص واإلثارة والدين (٣٢). هي رواية تظهر كيف أن التاريخ يمكنه أن يحط من قدر الناس ويجعلهم يف الحضيض كما يمكنه أن يرفعهم إىل درجة القديسني. عىل نحو مماثل سيرصف املفكر املغربي عبد الله ساعف (٣٣) جهده يف اقتحام لعبة كتابة السرية من خالل عمله عىل بيوغرافية محمد بن عمر األحرش وهو جنرال مغربي شارك يف حرب الفيتنام والذي سيخصص له سرية بعنوان "أنه ما" وسط ل جة غامضة ومضطربة عن مسار هذا الرجل وسيعتمد عبد الله ساعف عىل شهادات زوجة األحرش كاميليا وأيضا عىل إفادات الفرنيس جورج بودايل من أجل كشف خبايا تتعلق بحرب الفيتنام وحياته السياسية والنقابية املغربية زمن االستقالل إىل موته يف ظروف قاسية. ينتقل هذا الفصل بالقارئ إىل تحديد مفهوم الفقر يف املدينة عرب منعطف األنرتبولوجيا من مبحث نظري يهتم بتحليل البنى الريفية إىل مبحث يرصد ظواهر املدينة بتأثري مبارش من مدرسة شيكاغو األمريكية. هذا التحول سيثمر والدة ما يمكن أن نسميه ب "النظرية التفاعلية" أو "املالحظة التشاركية" كمقاربة سوسيولوجية تتبنى الفرد كوحدة للتحليل. وهو ما يظهر من خالل تحليالت أوسكار لويس عن أطفال سانشيز (٣٤). يختتم هذا الفصل باستعراض استوغرافية تاريخ املهمشني يف سياق العالم اإلسالمي من خالل تجربة املؤرخ املرصي محمود إسماعيل وتجربة املؤرخ املغربي ابراهيم القادري بوتشيش اللتان تضمنتنا تطبي قا حول التاريخ الوسيط للفئات املهمشة يف الغرب االسالمي ب ع دة منهجية وحس تاريخي (٣٥) ال يخلوان من نباهة تاريخية من حيث الرؤية والتصور والتفسري والرتكيب. í³^} تبدو محاولة الباحثان خالد اليعقوبي وخالد طحطح يف اقتحام ورش التاريخ من أسفل كمنهج وكتطبيق حلقة من حلقات تحديث الكتابة التاريخية املغاربية ونقلة نوعية يف زعزعة بعض الثوابت الذهنية والتاريخية لقبيلة املؤرخني بل وتمرد علمي ومنهجي عىل كرنوزوفيات الكتابة التاريخية التقليدية فإذا كانت مدرسة التاريخ الجديد اقتحمت مجال املغيبني والهامشيني من خالل دراسة املرتوك من املصادر وامل غيب من الفئات االجتماعية كتاريخ املجانني وتاريخ الرعاة وتاريخ اللصوص واملومسات والساحرات وهي مواضيع كانت توصف يف املايض بأنها مواضيع خسيسة مقابل باملواضيع النفيسة (٣٦). دخل البحث التاريخي اليوم بفضل املدارس التاريخية الجديدة بيوت الفقراء وسكن نمط عيشهم واقرتب من ذهنيات من هم تحت مع جون كلود سميث الذي تناول مسألة الهامشيني يف التاريخ اعتماد ا عىل أوليس روبري. وسيشكل السياق الثقايف والتاريخي ملجتمعات غري فرنسية أرضية حاضنة للتاريخ من أسفل يف كل من إيطاليا بريطانيا والهند وهي تجارب استوغرافية أعادت تشكيل الواقعة التاريخية برؤية مغايرة تستنطق التفاصيل وتقف عند الجزئيات خصوص ا. هذه الرؤية الحادثة عىل مستوى املناهج والكتابة التاريخية بالخارج تستقرأ منجزنا االستوغرايف عىل نحو مثري للغاية حيث ما زلنا لم ننزع بعد صفة القداسة عن التاريخ من أعىل ولم ننظر إىل التاريخ عىل أساس أنه علم يتجدد بتجدد األسئلة واملقاربات واملفاهيم. عرض كتاب ١٤٧ العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧ السنة العاشرة
عرض كتاب (٧) تجدر اإلشارة إىل أن رواد الجيل الثاني ملدرسة الحوليات ناصب العداء لجنس البيوغرافيا واعتربوها جثة ال يجب إحياؤها من جديد بحجة قلة الضبط اإلفراط يف الخيال والتخييل واالنتماء للتاريخ الرسدي املرتبط بالتوجه الوضعاني ملدرسة شارل سينوبوس وفيكتور النغلوا غري أن هذا التوجه رسعان ما سيخفت مع بداية الثمانينات من القرن املايض بعد تألق عدة بيوغرافيات تاريخية صاغها باحثون من تخصصات مختلفة علماء اجتماع باحثون نفسانيون أنرتبولوجيون اتنولوجيون كما مؤرخون. فهل تمثل هذه العودة ر دة عىل مكتسبات الحوليات أم استجابة لطلبات سوق القراءة ومؤسسات النرش أم اقتناع ببؤس التاريخ البنيوي وحجبه لقضايا تاريخية رئيسية وانتصارا لتيار الوجودية الذي ظل صاحبها مقبورا داخل الوسط الجامعي الفرنيس انظر اىل خالد طحطح البيوغرافيا والتاريخ مرجع سابق. (٨) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش سلسلة رشفات ٨١ منشورات الزمن نونرب ٢٠١٦ ص ١٢. (٩) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ١٤. (١٠) رانانجيت غوها يعترب املانفيستو املؤسس ملدرسة التابع الهندية أصدر مقاال بعنوان: One Some Aspects of the Historiography of Colonial India ضمن مجلة Writings On Indian History and society: Subaltern Studies سنة ١٩٨٢ عىل أنه يجب التأكيد عىل أن رانانجيت غوها استطاع أن ينحت مفهوم ا خا صا بمدرسة التابع الهندية رغم تأثره مدرسة التاريخ من أسفل الربيطانية ومختلف ا عن املفهوم الفرنيس لجون كلود شميت الذي يعترب التهميش صناعة اجتماعية بينما عند غوها صناعة نخبوية. (١١) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ١٩. (١٢) جاك لوغوف التاريخ الجديد من تقديم الطبعة األوىل ترجمة وتقديم محمد الطاهر املنصوري مراجعة عبد الحميد هنية املنظمة العربية للرتجمة الطبعة األوىل ٢٠٠٧ ص ٥٩. (١٣) يظهر افتتان الجيل الثالث من مدرسة الحوليات بمناهج وأدوات التحليل األنرتبولوجي واضح ا يف جل الكتابات التاريخية منذ مطلع السبعينات من القرن العرشين حيث تغدو املالحظة األساسية التي يالحظها املتتبع للمتن االستوغرايف خالل هذه اللحظة هي انصهار التاريخ يف االنرتبولوجيا ويشكل كتاب ناتان واشتل حلقة أساسية ضمن حلقة هذا االنصهار من خالل نظرة مهزومي الهنود البريو إزاء الغزو االسباني الذي أعاد االعتبار للتاريخ املحيل وذاكرة الشعوب وانتشال جزء من تاريخ شعب اإلنكا املنيس وتقديم فرتة الغزو االسباني أنظر: VÚ]ç] (١) جريار نوراييل مؤرخ متخصص يف تاريخ الهجرة وتاريخ العمال من أهم أعماله حول "أزمة التاريخ" "التفكري مع والتفكري ضد" "مسرية مؤرخ" "البوتقة السياسية" "قول الحقيقة يف وجه السلطة" "العنرصية ومسؤولية النخبة" "األبناء امللعونون للجمهورية" للتوسع أكثر يرجى االطالع عىل نص الحوار الذي أجرته مؤسسة مؤمنون بال حدود شتنرب.٢٠١٦ (٢) أثار صدور كتاب "التاريخ املفتث" لفرانسوا دوس جلبة قوية داخل الوسط التاريخي الفرنيس وعرب عن انشقاقات ابستمولوجية بخصوص تصور التاريخ والكتابة التاريخية بدت تطفو عىل السطح كما عرب عن وجود خالفات بنيوية عميقة لورثة عرش لوسيان فيفر ومارك بلوك وكشف عن بداية تصدع قلعة الحوليات الفرنسية وتفتت التاريخ اىل دراسة مواضيع ميكرو تاريخية ذات طابع انرتبولوجي فهل يا ترى يتعلق األمر بموضة عابرة أم باختالف بنيوي داخل رصح الحوليات هل هي عودة مؤقتة إىل مواضيع أغفلتها الحوليات هل هو حنني إىل تاريخ الفرد ومعه التاريخ السيايس ماذا ستقدم السري الفردية والجماعية ألشخاص بطوليني وهامشيني لكشف خبايا التاريخ وإلعادة ترتيب حلقات املايض املركب للتوسع يف هذه النقطة يرجى قراءة كتاب خالد طحطح البيوغرافيا والتاريخ دار توبقال للنرش الطبعة األوىل ٢٠١٤. (٣) صاحب هذه العودة االبستمولوجية التي قادها مؤرخون فالسفة أدباء وأحيان ا أنرتبولوجيون رجة قوية مست قلعة الحوليات الحصينة يف فرتة السبعينات من القرن املايض التي بدأت يف التصدع بعد مرحلة الهيمنة عىل املشهد الثقايف واإلعالمي بفرنسا منذ نهاية ثورة الشباب الفرنيس ١٩٦٨ م. هذه الرجة جعلت سادن مدرسة الحوليات جاك لوغوف يف كتابه "التاريخ الجديد" يوجه سهام نقده نحو مريدي جنس البيوغرافيا التاريخية والرسد التاريخي ومرتدي التاريخ الشمويل مشهرا عداءه صوب منارصي هذا النوع من التأليف حيث شبههم ب "املهاجرين الذين عادوا بعد الثورة الفرنسية دون أن يتعلموا جديد ا أو ينسوا قديم ا" إنهم بتعبريه دائم ا يشكلون "عودة غامضة" إىل مواضيع تاريخية قديمة تحركها نوازع االديولوجيا وروح االنتقام من الحوليات قصد هدم رصح الحوليات العتيد التي استطاعت يف فرتات سابقة أن تعرب عىل مقدرة فائقة يف التكيف مع مختلف املنعرجات االبستمولوجية التي كانت تواجهها. (4) Eric Hobsbawm, On History, Weidenfeld and Nicolson, London, 1997. (٥) عبد الغفور خوى أبعاد التاريخ اإلنسان الزمان املكان الطبعة األوىل ٢٠٠٧. (6) Alain Corbin, le monde retrouve de Louis François Pinagot: sur les traces d un inconnu (1798-1876). ١٤٨ العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧ السنة العاشرة
(٢٦) تألفت مدرسة التابع الهندية من رانانجيت غوها وشهيد أمني وديفيد أرنولد وغواتام بادرا وديبيش شاكرابارتي ودفييد هاريدمان وسوديبتا كافرياج وشايل مايارام. (٢٧) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ٩٩. (٢٨) نفسه ص ١٠٠. (٢٩) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ١١٢. (٣٠) نفسه ص ١٢٤. (٣١) ناضل روجر كيسمنت من أجل استقالل ايرلندا عن بريطانيا رافعا شعار عيىس معنا وهو توجه كان كافيا ألن يحكم عليه بتهمة الخيانة العظمى وبتهمة املثلية الجنسية التي ستشوه من صورته لدى الرأي العام الربيطاني ولعل ما يزيد من األمر غرابة يومياته السوداء التي أثارت وال زالت تثري غري قليل من جدل هل هي موجودة حق ا أم أنها محض افرتاء اختلقتها األجهزة الرسية الربيطانية لرضب صورته الرمزية لدى الجماهري. (٣٢) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ١٣٤. (٣٣) تنري السري التاريخية الجديدة تاريخ األعالم من خالل إبراز البنى االجتماعية التي أفرزتها وتدرسهم من خالل الوظائف التي تقلدوها واألدوار التي أدوها من دون االقتصار عىل حرصهم يف التفسريات االجتماعية نفسه ص ٤٧. (34)Oscar Lewis, Les enfants de Sanchez, autobiographie d une famille mexicaine, traduit de l Anglais par Céline Zens, Edition, Gallimard, paris, 1963. (٣٥) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ١٦١. (٣٦) جاك لوغوف التاريخ الجديد من تقديم الطبعة األوىل ترجمة وتقديم محمد الطاهر املنصوري مراجعة عبد الحميد هنية املنظمة العربية للرتجمة الطبعة األوىل ٢٠٠٧ ص ١٣. عرض كتاب Nathan Watchel, la vision des vaincus, les indiens de Peru devant la conquête espagnole 1530-1570 Gallimard Paris 1971. (١٤) تشكل هذه املساهمة عالمة فارقة يف الكتابة التاريخية إذ انطلقت من مصادر جديدة وخاصة سجالت محاكم التفتيش التي حفظها جاك فورنييه أسقف بواتييه أثناء التحقيقات. (١٥) باسكال جوتشيل وايمانويل لواييه تاريخ فرنسا الثقايف من العرص الجميل إىل أيامنا هذه ترجمة مصطفى ماهر املركز القومي للرتجمة مرص الطبعة االوىل ٢٠١١ ص ١٩. (١٦) هوارد زن التاريخ الشعبي للواليات املتحدة االمريكية ترجمة شعبان مكاوي يف جزءين الطبعة الثانية املركز القومي للرتجمة القاهرة ٢٠٠٩. (١٧) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل: يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ٤٧. (١٨) نفسه ص ٥٣. (١٩) كريستوفيل هيل أنجز عمال عن الحرب األهلية لسنة ١٦٤٠ التي اعتربها لم تكن مجرد جدال برملاني وديني بقدر ما هي ردة فعل ثورية ضد تطور النظام الرأسمايل وتربز قيمته يف استناده عىل أهمية األفكار ودورها يف تشكيل التاريخ متجاوزا التحليل االقتصادي املحض والنظرة الضيقة لرصاع الطبقات. (٢٠) ادوارد تومبسون أحدث رجة اثنوغرافية قوية يف تاريخ القرن التاسع عرش الربيطاني وتاريخ الثورة الصناعية وتظهر تأويالته متحررة من نظرية الحتمية الجغرافية ومعانقة للوجه االنساني لتجربة الطبقة العاملة االنجليزية م نبها إىل دور املحدد الثقايف والتقاليد الشعبية يف تشكيل الطبقة االنجليزية عامال عىل أنسنة املاركسية برؤية ماركسية جديدة ومغايرة تضع الفعل التاريخي بيد األفراد. (٢١) نفسه ص ٥٧. (٢٢) استبعدت الذات بشكل ممقوت يف كتابات رائد البنيوية كلود ليفي سرتاوس حيث أظهر كتابه مدارات حزينة كره ا شديد ا للذات والنزعة االنسانية يف سياق نظرية موت االنسان وهو وضع سيجعل بول ريكور يقصف البنيوية بالقول أنها محاولة تعال من دون ذات وسيحتم عىل ميشيل فوكو العودة إىل التيار املنادي بالعودة إىل الذات يف كتبه حول تاريخ الجنسانية وتاريخ الجنون. (٢٣) خالد اليعقوبي وخالد طحطح التاريخ من أسفل: يف تاريخ الهامش واملهمش مرجع سابق ص ٦٣. (٢٤) من أهم األبحاث التي ستسم مدرسة امليكرواستوريا االيطالية خالل هذه اللحظة نذكر الجبن والدود: عالم طحان يف القرن السادس عرش لكارلو كينزبورغ والسلطة يف القرية مهنة مغرم يف البيمونت يف القرن السادس عرش لجيوفاني ليفي. (25) Christian Delacroix, «Echelle» Historiographies 2, Concepts et débats, Folio histoire, Editions, Gallimard, 2010. ١٤٩ العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧ السنة العاشرة
ê ^éšö]è ^jö]»^â m_æêúø ý]h ÇÖ]»gñ] Ö] ٤٤١) ٨٦٨ ه/ ١١٤٧ ١٤٦٩ م) دكتوراه في التاريخ الوسيط ا ستاذ التعليم الثانوي التا هيلي مكناس المملكة المغربية < << DOI ا طروحة دكتوراه التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للغرب الا سلامي الوسيط كلية الا داب والعلوم الا نسانية بمكناس وحدة التكوين والبحث المغرب ٢٠١٣ الا ستاذ رشيد اليملولي الدكتور محمد تضغوت الدكتور ا براهيم القادري بوتشيش الدكتور جمال حيمر الدكتور محمد فتحة عبد الا له بنمليح ا عداد مشر فا ري يس ا عضو ا عضو ا عضو ا 10.12816/0045099 ٢٩٣ صفحة الغرب الا سلامي مصطلحات الضراي ب المصطلحات الجباي ية التاريخ الاقتصادي مقدمة ينتمي موضوع الرضيبة يف إشكاله ومفاهيمه الكربى إىل حقل تتقاطع فيه املجاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية والدينية لذا فتفكيك العالقات الناظمة لهذه امليادين ورسم تمظهراتها تاريخي ا يف أفق الكشف عن قوانينها وآليات نسج مكوناتها كان األساس واملرتكز املنهجي واملعريف الذي دفعنا للقيام بهذه املجهود أمال يف تقديم صورة تقريبية ملوضوع ما زالت الدراسات حوله لم توفر بما يكفي من العنارص واإلشكاالت التي يستضاء بها إذ لم تظهر هذه الدراسة إال بسبب غياب عمل يلبي الغاية التي وضعناها كما قال ماكس فيرب. حاول العمل الذي نحن بصدد أن يتخذ من موضوع الرضيبة وأثرها يف التاريخ السيايس مجاال للتفكري والتحليل منطلق ا من أولية أساس مفادها بأي معنى يمكن الحديث عن الرضيبة يف الحقبة الوسيطية وما هي طبيعة العالقة التي تجمع بني ما هو رضيبي وبني ما هو سيايس واجتماعي وإداري إسهام ا يف بلوغ هذا الهدف وانطالق ا من الطبيعة اإلشكالية انفتحنا عىل مظان متعددة عىل الرغم مما يكتنفها من ثغرات وعيوب ورفع مستوى منهجية البحث وتقنيته هذا املستوى أمدنا بمادة مكنتنا من ملء بعض البياضات والتقليل من حجم الثغرات ورتقها بقراءة تقوم عىل النقد والتقويم ثم البناء انطالق ا من املقارنة والتحليل وهي منهجية تستقي مرجعيتها وتستلهم روحها من التحليل عوض مراكمة النصوص والوثائق كما قال األستاذ عبد الله العروي استناد ا إىل أن النصوص عىل اختالفها وتنوعها لم تكن بتلك السلطة املرجعية التي تصوب وتوجه وهو ما سماه "بول ريكور" باالنخداع املرجعي بقدر ما كانت وسيلة وأداة الغرض منها املساعدة عىل تعضيد بعض مقوالت الدارسني أو دحض وتفنيد ورد أخرى إذ لم يعد مقبوال علمي ا االطمئنان إىل أفكار وتأمالت حرة من أي قيد ومفتقرة إىل دليل لذلك لم يكن كالمنا مرسال ال يحتكم إىل مصدر أو مرجع ولم يكن يف الوقت ذاته خالي ا من املناقشة من خالل استعادة آراء بعض الدارسني ومناقشتها بطريقة ال تدعي قول الحق الذي ال مجمجة فيه كما قال "ابن سينا" إيمان ا بأن محاولتنا كما قال بول ريكور: "يف التاريخ بناءاتنا هي يف أفضل الحاالت إعادة بناء". لقد كان من الرضوري ومن خالل التقديم العام أن نبدأ بمقاربة أولية بوساطتها نبسط تصورنا ورؤيتنا للموضوع حيث عرضنا ملقوالت وأفكار حسبنا أن توظيفها قد يساعدنا عىل تحديد املوضوع من زاوية أفضل إذ تركز اهتمامنا عىل عقل عدتنا املنهجية واملعرفية عرب بناء الدراسة من حيث أفقها عرض أطروحة ١٥٠
املعريف وأهم مفاهيمها وإطارها التاريخي وقضاياها االجتماعية والسياسية واإلدارية انسجاما مع االقتناع املنهجي واملعريف الذي أطر أبوابها وفصولها دون أن نتغاىض عن قيمة مراقبة الروافد املرجعية التي استندنا عليها وشكلت عماد هذا البحث وذلك من أجل معرفة طبيعتها وقيمتها يف توجيه مسار البحث. فصول األطروحة وإذا كان األهم حسب بول ريكور ال يكمن يف املستوى الكتابي وال مستوى التفسري والفهم بل يف مستوى الحجة الوثائقية التي يجب االستناد إليها مع احتمال مراجعتها بالتدريج فإن جرد حصيلتها ومعرفة إمكاناتها وحدودها يف تفسري وتحليل ظواهر وقضايا هذا العمل مكننا من رسم معامله إىل بابني يحتوي كل منها عىل أربعة فصول باإلضافة إىل خاتمة واستنتاجات تهم مجمل ما تم التوصل إليه إضافة إىل ثبت بأهم مصادر ومراجع البحث. انرصف النظر يف الفصل األول من الباب األول والذي صغناه عىل الشكل التايل "املال يف الثقافة العربية اإلسالمية" إىل االهتمام بالنظام املعريف اإلسالمي ومنظوره للمال هذا املنحى كان أساس ا ألنه يرسم بعض ا من مالمح الفصول املكونة لهذا العمل ويعكس الكيفية التي صاغ بها املسلمون مفهومهم للمال فكان أن جاءت هذه الثقافة امتداد ا للنص وصورة مستنسخة له معزولة عن الدورة اإلنتاجية التاريخية إال من ابن خلدون الذي حاول أن يضع معالم وصور "نظرية" يف الرضائب مولي ا اهتمام ا مركزي ا لقضية الجبايات سواء من حيث زمن وقوعها أو األسباب الداعية إىل فرضها وصوال إىل مختلف التأثريات التي تحدثها سلب ا وإيجاب ا عىل الدولة واملجتمع. وانصب االهتمام يف الفصل الثاني من الباب األول عىل دراسة املصطلحات الرضيبية وأنواعها انطالق ا من تعدد مصطلحات الرضائب وتنوعها عىل املستوى التاريخي فهل هذا التعدد يعكس مسمى واحد ا أم أننا نربط املصطلح الواحد بأنواع من املعنى أم املعنى الواحد بأنواع من األلفاظ الحصيلة أن املرجعية املعجمية أفادتنا كثري ا يف تمثل العديد من املصطلحات الرضيبية إال أن الواقع التاريخي أبان عن إمكانية توسيع أنواع الرضائب وحقلها الداليل باالستناد إىل العدة املصدرية واملرجعية كل ذلك دفعنا إىل اعتبار تعدد مسميات الرضائب ال يعكس بالرضورة توحدها يف املعنى حجتنا يف ذلك أن الرضيبة محكومة بواقع سيايس تجسده السلطة يف عالقتها باملجتمع وواقع تاريخي يجد سنده يف الدورة التاريخية التي تمر منها الدولة بمعنى أن رضائب لحظة ميالد املرشوع السيايس املرابطي أو املوحدي أو املريني ليست باملضمون نفسه والقيمة عينها وليست كذلك باألسلوب واملضمون نفسه يف مرحلة الدولة أو يف مرحلة االنهيار واألفول. غري أن هذا التعدد والتنوع يف األغراض واألنشطة ال يفت يف اعتبارها حقوق ا تقدم للسلطة الحاكمة بغرض الحماية واألمن وضمان ممارسة األنشطة االقتصادية. أما ما تعلق بأنواع الرضائب والتي تم حرصها يف الرضائب الفالحية والتجارية إيمانا منا بأن الدولة املركزية كانت دولة تجارية تقوم عىل احتكار الطرق عرب التوسع وإزاحة كل املتنافسني فكان ذلك موضوع الفصل الثالث من هذا الباب. انطلق البحث يف هذا الفصل من الرغبة يف رسم صورة تقريبية للسلط السياسية موضوع العرص فبعد أن تم رصد السياسة الرضيبية يف الفالحة والتجارة وتبني أنها سياسة نشطة تهم مختلف مراحل هذه الدول بشكل جعل التجاوزات الجبائية هي القاعدة عملي ا رغم كل املحاوالت املتقطعة واملتباعدة لتحسني األوضاع وقصد تمويل العمليات العسكرية وأداء رواتب الجند واملوظفني وحاجيات البالط ذلك ما دفعنا إىل دراسة آثار هذه السياسة عىل هذين القطاعني بحيث كان الفالح والتاجر مجرد مصدر للمال ووعاء للرضائب وهوما كبل نشاط هذين القطاعني ودفع أفراد املجتمع إىل النزوح وإخالء األرض بسبب الضيق الناتج عن اإلجحاف مما قلص من فرص املنافسة وحافز الربح وضيع عىل الدولة إمكانية تطوير اقتصادها وتنمية قدراتها اإلنتاجية مادام استحصال الرضائب يف األسلوب والطريقة كان رسيع التنفيذ وسهل االستخالص. وتمشي ا مع تحديد عالقة الدولة بمجال الجباية وسعي ا نحو معرفة امتداد عالقة الدولة باملجال الرضيبي اتسع مجال البحث يف الفصل األخري من هذا الباب نحو اإلقطاع الجبائي ومقدار حضوره عند السلط السياسية الوسيطية ما دامت الدولة مرتبطة بالقبائل املؤسسة وبحاجتها إىل التحالفات التي بإمكانها تدعيم سلطتها وهوما كان يدفعها يف تصورنا إىل اإلقطاع الجبائي. ومن مدار البحث وحصاد مساءلة النصوص تبني أن هذه السلط املركزية قد سنت اإلقطاع الجبائي وذلك بغرض الحفاظ عىل والء الجند واستيعاب قبائل عدة ضمن النسيج املخزني وتحويلها إىل دائرة سلطوية تسهل مراقبتها من جهة ومن جهة ثانية استمالة املتنطعني واملنتزين قصد التخفيف من غلوائهم لذلك رجحنا أن يكون أسلوب اإلقطاع الجبائي قد ساد يف غالبية مراحل دول العرص الوسيط. أما الباب الثاني والذي يحتوي عىل أربعة فصول فقد استهدفنا معرفة طبيعة العالقة التي تجمع فيما بني املجال الرضيبي والسيايس واإلداري واالجتماعي. سعينا يف الفصل األول من هذا الباب والذي اتخذ عنوان "أثر الرضيبة يف املجال السيايس" إبراز أثر الرضيبة عىل املجال السيايس فمن خالل التتبع أمكن القول بأن الرضيبة كان لها الدور الفعال يف توجيه وتنميط الحقل السيايس فااللتزام بالرضائب الرشعية والتي تواكب ميالد السلطة السياسية كان يعني التفاف القبائل والرشائح االجتماعية حول السلطة الجديدة وبالتايل مدها باملرشوعية الداعمة لها سياسي ا واجتماعي ا هذا الوضع قلما عرض أطروحة ١٥١
يصمد يف وجه الحاجات املادية للدولة والحكام بعد تحقيق الغاية واملرام مما يدفعها إىل سن رضائب جديدة تتفاوت يف أحجامها وقيمتها وتتجاوز الوعود املؤسسة وهوما ينبئ برتهل هذه املرشوعية وتآكل مقومات وجودها واستمرارها لتعمل املرحلة األخرية من عمر الدولة عىل العودة إىل الفوىض الرضيبية بشكل قد يدفعنا إىل عدها حلقة دورية قارة وهيكلية نمطت حقل املرشوعية وفسحت املجال لعصبية صاعدة تقتات عىل املنطلقات نفسها التي أسهمت يف أفول السلطة السابقة. لم يتوقف أثر الرضيبة عند هذا املستوى بل تعداه إىل املجال االجتماعي وذلك من خالل املواقف التي اتخذتها بعض فئاته خاصة الفقهاء واملتصوفة هذا اإلشكال هو الذي حاولنا تحديد مالمحه يف الفصل الثاني من هذا الباب والتي صيغ عىل الشكل التايل "بعض مواقف الفقهاء واملتصوفة من الرضائب املستحدثة". أبان البحث فيما يخص مواقف الفقهاء يف التجربة املرابطية واملوحدية عن قلة وضعف ناتجني عن طبيعة هاتني السلطتني والنعدام نصوص يمكن أن تفند ما توصلنا إليه يف وقت تميزت التجربة املرينية بظهور العديد من الفقهاء الذين واجهوا وجابهوا السلطة علنا يف القضايا التي لها ارتباط باملجال الرضيبي كدراهم اإلعانة والتحبيسات. أما املتصوفة فشكلت الواجهة املالية ساحة نضالية أكدوا فيها معانقتهم لقضايا املجتمع ومشاكله موظفني يف سبيل ذلك الكرامة والرمز هذه املواقف دفعت السلطة إىل ابتداع طرق حاولت بوساطتها الحد من سلطة الفقهاء واملتصوفة وتراوحت هذه األساليب بني الشدة واللني واالحتواء والتطويع. وإذا كان الفصالن األول والثاني من هذا الباب قد مكننا من اإلمساك ببعض مفاتيح موقف املجتمع من الرضيبة فإن الفصلني املواليني ينهضان بالبحث يف الجانب اإلداري التنظيمي ورد فعل املجتمع عامة من الرضيبة لذا حاولنا االهتمام يف الفصل الثالث بالجهاز اإلداري واملايل املرابطي واملوحدي واملريني عرب معرفة خصائص هذا الجهاز ومميزاته القمينة بكشف العالقة الجبائية التي تؤلف فيما بني السلطة واملجتمع سواء كانت عالقة محكومة بقواعد ورشوط منصوص عليها رشع ا أو مرهونة بالحاجات التاريخية واملادية للسلطة الحاكمة. تباينت املادة املصدرية التي وجهت مسار البحث من خالل طبيعة املعطيات التي قدمتها بشأن كل تجربة لذا حاولنا اللجوء إىل املقارنة يف بعض األحيان تجاوزا لهذا الخلل فاإلدارة املرابطية افتقرت للضمانات الكافية للحديث عنها باعتبارها مؤسسة قائمة سواء تعلق األمر باختصاصات مسئويل هذا الجهاز عماال كانوا أو والة أو مرشفني كما أن سري هذه اإلدارة وكيفية تنظيمها واملناطق الجبائية بادية وحارضة واملقادير املستحصلة وطرق الجباية املستعملة استعصت عىل البحث لطبيعة مصدرية. أما ما تعلق باإلدارة املالية املوحدية فمن خالل الرصد والتتبع أمكن الحديث عن مالمح ومعالم إدارية تجد مظهرها يف وجود مرشف عىل املستوى املركزي ووايل وعامل جهوي ا باإلضافة إىل وجود مسؤولني مساعدين يف املرىس والرب عكس التجربة املرينية التي أعوزتنا املادة املصدرية يف تبني مظاهر هذه اإلدارة إال ما تعلق بإدارة املرىس والتي طبعها تنظيم محكم تبع ا العتماد الدولة عىل الرضائب املستخلصة من التجارة املرفئية ولوجود مادة مصدرية مهمة ساعدتنا يف رسم بعض من مالمح هذا اإلدارة. غري أن تباين املعطيات املتعلقة باإلدارة املالية زمن املركزيات السياسية لم يمنع من أن يسمه تشابه كبري يف طبيعة الخلل الذي ميز سري هذه اإلدارة ذلك أن هذه السلط كانت تفتقر زمني ا ومكاني ا إىل درجة ثابتة من القوة والتنظيم وهوما كان يدفعها لنهج أسلوب إنفاق اتجه نحو قطاعات إنتاجية عابرة كالحروب والعطاء والبناء ذلك ما شكل عائق ا بنيوي ا عرقل سري اإلدارة املالية وكبح إمكاناتها يف توفري مورد مايل من شأنه دعم استقرار الدولة وتوفري العدة الالزمة ملواجهة مستلزمات امرباطورية مرتامية األطراف ال تستطيع أن تضمن مرتكزات دائمة. صورة امتدادات أثر الرضيبة عىل مناحي الحياة ال يمكن أن تكتمل من دون رصد أثر الرضائب يف املجال الخاص باملوقف االجتماعي الذي تجسد يف مجمل الثورات التي عرفتها الفرتة قيد الدرس وهو ما تم تأطريه يف الفصل األخري من هذا الباب. تبني يف مرحلة أوىل أن مصادر البحث قارصة عن تقديم مادة أولية كفيلة بتتبع الثورات االجتماعية وتأطري أسبابها وانطوت يف السياق ذاته عىل تباين واضح فيما يخص معطياتها املتعلقة باملرابطني واملوحدين واملرينيني إال أن ذلك لم يمنعنا من نرى أن رد الفعل االجتماعي تجاه السلطة السياسية الوسيطية كان محكوم ا بالتقبل التنظيمي القائم عىل مرشوع الرسالة املؤسسة مليالد السلطة وجوهر الفتح االجتماعي أي األساس الذي تفرض عليه الرضائب سواء من خالل أسلوبها يف الجباية أو عرب وجوه رصفها لذا كانت القبائل تثور وترفع راية العصيان عندما يتباين السلوك الجبائي مع املنطلقات التي أسست للمرشوع السيايس ودعمته لذا تحاول عرب األسلوب الثوري العنيف أن تتحلل من الرابط الذي يجمعها بالسلطة الحاكمة وهو الرضيبة وإن كنا نعي بأن هذا األخري ال يعد الصيغة الوحيدة الدافعة للعصيان القبيل وظهور بؤر االنتزاء ومحاوالت االستقالل أمام هذا الوضع لم تكن السلطة لتتورع يف تنظيم حمالت ذات لبوس ديني وبدافع رضيبي تتخذ يف غالبيتها طابع ا تغريمي ا وانتقامي ا يف أحيان أخرى بهدف ضمان التدفق املايل والرضيبي وتثبيت و"إدامة" التبعية السياسية. عرض أطروحة ١٥٢
إن الفصول التي كونت متن هذا العمل قد سمحت لنا باستنتاجات حكمتها رؤيتنا للموضوع واملنهجية التي أسهمت يف سبك تصوراته وهي استنتاجات تبقى منفتحة وقادرة عىل التكيف مع املعطيات املعرفية واملنهجية ومع النقد البناء وغري منساقة بشكل ال ينسجم وروح املتون التي اعتمدناها قاعدة مرجعية لعملنا خاصة وأن انعدام دراسات دقيقة حول املوضوع ال يسمح لنا بالتأسيس والذهاب بعيدا يف تحليالتنا ورسم حدود دقيقة لحقيقته التاريخية وإذا تعذر علينا تقديم عمل يف مستوى الطموح الذي يقتضيه البحث العلمي الرصني املؤطر برشوط مناسبة ومساعدة فعىل األقل حاولنا تقديم عمل قد يجد موقعه يف مستوى قصد الحقيقة بمعناها التاريخي وأن يكون أقل سوء ا وأكثر تحفيز ا لغرينا بغية تجاوز أخطاءه كما قال األستاذ املرحوم الجابري. خالصات واستنتاجات حاولنا يف هذا العمل اتخاذ موضوع الرضيبة منطلق ا وأفق ا للتحليل والتفكري عىل الرغم من أن اإلنتاج املصدري -داخل الثقافة اإلسالمية عموم ا- لم يتم تحقيقه ونرشه ثم إخضاعه لرضورة البحث وفق الحاجيات املعرفية واملنهجية التي يفرضها السؤال وتقتضيها الرشوط الحضارية لذا كانت الحاجة ماسة إىل بناء املوضوع عرب تكوين متن من الوثائق ذات الطبيعة املختلفة والتي ال تتحدد بحدود أو تتعني بحقيقة أو توصف بيقني فبدا أن أقىص ما نروم الوصول إليه هو الرتجيح والشكل االفرتايض القابل للرد والتأييد استناد ا إىل خلفية معرفية ومنهجية قوامها طبيعة النصوص التي شكلت إطار ا مرجعي ا لألطروحة والتي يمكن أن نسمها بخاصيتني: خاصية أوىل وتهم املصادر التي عنيت بالجهاز الترشيعي الرصف واتخذت صفة األبدية واالستمرارية املطلقة ونخص بالذكر كتب األحكام والخراج واألموال. أما التي اهتمت برأس املجتمع ونفت قاعدته وتتصدرها كتب اآلداب السلطانية وهذه العينة من املصادر لم تؤسس لوعي قادر عىل االستجابة ملتطلبات وحاجيات الواقع بقدر ما استكانت إىل فلسفتها يف تطويع الواقع لخدمة أغراضها النظرية والترشيعية والتربيرية. خاصية ثانية وتنضوي تحت لوائها الحوليات التاريخية وكتب الجغرافيا والنوازل وهذه النوعية وإن نهلت من الواقع فقد تغاضت عىل تموجاته وظواهره الخلفية والتي ساهمت يف توجيه العديد من الوقائع واألحداث فكان أن تميزت بتماثل معطياتها وبصعوبة تأطري وقائعها زمني ا. انطالق ا من حصاد الحصيلة املصدرية واملعرفية تناولنا يف الباب األول قضايا إشكالية تهم املنظور العام للموضوع الذي نحن بصدده منها منظور الثقافة اإلسالمية للمال من خالل الفصل األول وتبني من خالل متابعة بعض املصادر املؤسسة لهذه الثقافة أنها لم تستطع أن تؤسس وعي ا موضوعي ا يستجيب ملضمون األحداث والوقائع التاريخية التي ساهم املال يف نسج وتحريك خيوطها بل واعترب املال مقوم ا مهم ا كان له األثر الكبري يف توجيه التاريخ اإلسالمي عموم ا بدء ا بعملية الفتح وما قدمته من غنائم ومرور ا بأنظمة الخراج والرضائب وصوال إىل أهمية املداخيل التي وفرتها سواء تجارة الداخل أو الخارج. لذا كانت الثقافة اإلسالمية أسرية وعي يتجاوز الزمن ويعلو عليه بغرض أن ينسجم مع اإلطار املعياري الديني الذي يؤسس ألداتية املال وصيغته الدنيوية ويمكن أن نعترب ابن خلدون من الذين حاولوا أن يصوغوا معالم نظرية يف الرضائب انطالق ا من أهميتها وزمن وقوعها وبأشكال التأثريات التي تحدتها يف املجتمع أو عىل مستوى عالقة الرضيبة بمرشوع الدولة التأسييس أو تراجع وإسقاط سلطتها وهيبتها. ويف مستوى ثاني ويف ما يتعلق بالفصل الثاني من الباب األول والذي تأطر ضمن إشكالية املصطلحات الجبائية وأنواعها تبني أن الرضائب تختلف يف التسميات وال تتوحد بالرضورة يف املعنى خاصة وأن هناك أنواع ا من الرضائب يرتبط ميالدها وظرفيتها التاريخية باملناخ العسكري مما يجعلها رضائب سيادة تبغي القضاء عىل حالة الفوىض وتكريس سلطة الدولة بما يعني ذلك من توحيد النسيج الرضيبي وسيادة الدولة ذات الطابع املركزي كما أن الحقبة موضوع الدراسة أبانت عن تواجد أنواع كثرية من الرضائب اختلفت تسمياتها باختالف وتنوع أغراضها ونشاطها غري أنها عىل وجه اإلجمال شكل من أشكال الحقوق املقدمة للدولة نظري الحماية وتوفري سبل ممارسة أنواع األنشطة االقتصادية الفالحية والتجارية وعرض أنواع السلع واملري يف األسواق. وحاول الفصل الثالث من الباب االول أن يرصد أنواع الرضائب مركز ا اهتمامه عىل الرضائب الفالحية والتجارية التي سادت خالل فرتة حكم الدول التي سادت املجال املغاربي يف العرص الوسيط ليخلص هذا الرصد إىل تعدد وتنوع هذه الرضائب التي كرست أسلوب الدولة يف عدم خلق فرص املنافسة وحافز الربح وتكبيل النشاط الفالحي والتجاري عىل السواء بأنواع من الرسوم التي انعكست بشكل جيل عىل تآكل املنتوج جعل الدولة تعجز عن تطوير اقتصادها مثلما لم يستطع الفالح والتاجر تنمية مواردهما. وفيما يتعلق باإلقطاع الجبائي والذي كان محور اهتمامنا يف الفصل الرابع أمكن الحديث عن السياسة اإلقطاعية عند دول العرص الوسيط انطالق ا من سيادة اإلقطاع الجبائي الذي ميز سياسة هذه الدول استناد ا إىل أن هذا النوع من اإلقطاع كان مرهونا ببنية السلطة نفسها والتي قامت عىل أساس قبيل وطبيعي أن يتمخض عن ذلك إقطاع جبائي خاصة وأن اإلقطاع يف املرحلة قيد الدرس قد افتقر إىل عنرص التمليك والترصف الحرين وهوما يعني أن هذا النوع من اإلقطاع عرض أطروحة ١٥٣
حركته الحاجة املاسة للمال من طرف الدولة مادامت هي املالك األسمى لألرض. ويف ضوء ما تم رصده من املعطيات أمكن تأطري الفصل االول من الباب الثاني ضمن العالقة التي تجمع بني الرضيبة واملجال السيايس فأبان هذا الرصد أن الرضيبة وجهت الحدث السيايس منذ املراحل األوىل للسلطة السياسية فكان أسلوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر الذي رافق ميالد هذه السلطة ال يكتيس بعد ا ديني ا رصف ا بقدر ما كان وسيلة للتدخل يف شؤون السلطة الحاكمة عرب إسقاط املكوس واملغارم. وخالل جميع مراحل الدولة كان ألسلوب إسقاط املغارم دور يف كسب مرشوعية السلطة سياسي ا واجتماعي ا وأي تحول عن هذا املسار كان يعني تصدع السلطة وبداية تعفن مقومات وجودها بشكل دفعنا إىل اعتبار الرضيبة بنية وجهت املسار السيايس واالجتماعي ونمطت حقل املرشوعية وكأن التغيري كان تغيري أحداث ووقائع ال تغيري بنى وقوى اقتصادية. وفيما يخص موقف املجتمع من الرضائب أمكن تأطري الفصل الثاني من الباب الثاني وفق موقف بعض الفقهاء واملتصوفة من الرضائب املستحدثة. فبالنسبة للمرحلة املرابطية ساد املوقف الصويف بمواقفه املعلنة والواضحة من الرضائب أمام الفقه الذي انغمس يف الحياة السياسية املرابطية وظل حضوره باهت ا فيما يخص موقفه من الرضائب املحدثة باستثناء إشارات قليلة. أما يف العرص املوحدي فيكاد موقف الفقهاء يكون غائب ا أمام املتصوفة الذين جعلوا من الرضائب واجهة نضالية اكتست طابع املواجهة مع السلطة من خالل معانقتها آلمال وطموحات مختلف الرشائح االجتماعية. عىل أن العرص املريني تميز باملوقف الجاد للفقهاء واملتصوفة من مسألة الرضائب املحدثة وذلك راجع باألساس لقوة هذين التيارين من جهة وغياب املرشوع الديني واملقوم العقائدي يف ميالد السلطة املرينية. غري أن موقف املجتمع لم يقترص عىل الفقهاء واملتصوفة فحسب بل تعداه إىل مختلف الرشائح االجتماعية وهذا كان موضوع الفصل الثالث من هذا الباب فتبني أن الثورة غطت جميع مراحل الدول الوسيطية وحاولت أن تضفي عليها مسوح ا عدة بهدف رشعنة وجودها غري أن اللبوس الرضيبي كان ذا أثر كبري يف إذكاء نارها وأوارها. فإذا كانت ثورات مرحلة البداية أي مرشوع التأسيس تهفو إىل قياس وتقييم شعار العدالة الرضيبية والرشعية أساس ا فإن مرحلة الدولة طبعتها الثورات املؤطرة برفض منطق السلطة يف تدبري املسألة الرضيبية عرب املستوى اإلداري املؤسساتي وذلك ما توضحه ثورات األندلس يف العهد املرابطي أو الثورات التي استعر أوارها يف العرص املوحدي والتي كانت موشومة برفض أسلوب اليد الثقيلة للدولة أما ثورات مرحلة التأسيس يف العرص املريني فقد أبانت عن رفض السلطة املرينية والتي قامت عىل العنف الرضيبي مقابل األمان. وفيما يخص املراحل األخرية من عمر املركزيات الوسيطية فقد شابتها ثورات حاولت التخلص من التبعية الرضيبية مستغلة يف ذلك انفراط وأفول ظل الدالة رافضة تأدية الرضائب معرتفة بالسلطة الدينية رافضة وجوه رصف هذه الرضائب التي خصصت لتمويل الجيش واستخدامه لقمع وسحق القبائل العاصية من أجل ضمان مزيد من الرضائب. استناد ا إىل ما تم استخالصه من موقف املجتمع وعالقته بالسلطة عرب املستوى الرضيبي تبني أن لألسلوب اإلداري دور يف ذلك فكان لزام ا علينا أن ندرس اإلدارة املالية لدى املركزيات الوسيطية التي أوضحنا فيها أن املسألة الرضيبية تتطلب وجود مؤسسات ذات سلطة يتم استخدامها بفعالية بغرض تأمني املوارد املالية وضمان استمرار تدفقها فاتضح أن هذه املؤسسة ال تحرض بالوزن نفسه وبالتنظيم عينه عند جميع املركزيات وتتباين مستويات فعاليتها انسجاما مع مراحل هذه السلط فالتجربة املرابطية عانت من ضمور هذه املؤسسة أمام فعالية الحضور الوازن للقبائل والعسكر يف تسيري دواليب هذه اإلدارة يف مقابل وضوح بعض معالم هذه املؤسسة عند املوحدين من خالل دار اإلرشاف بالرغم من االعتماد عىل القبائل وقوة الجيش. أما التجربة املرينية فكانت هذه املؤسسة تغيب لصالح طبيعة السلطة ومنطقها يف التوزيع واإلقطاع وذلك يف غالبية مراحلها وإذا كانت عناوين املصادرة والعزل وبعض أسماء اإلداريني وبعض األرقام توحي بوجود إدارة خاصة عند املرابطني واملرينني فإن ذلك ال يضمن الحديث عن مؤسسة قائمة الذات تتوزع املجال الرتابي عامة عكس التجربة املوحدية التي أبانت عن مستوى إداري فعال تجىل يف اإلرشاف وتنظيم املوانئ غري أن هذه التجارب الوسيطة شابها عطل كبري تجىل يف طموح املخزن للتواجد يف أنحاء عديدة والذي كان يوازيه قصور يف امتالك األدوات اإلدارية التي تخول له ذلك فعملية الفتح-الغز ولم يوازيها تأطري إداري وتنظيم ترابي. وباملقابل عانت األجهزة اإلدارية املالية من األعطاب نفسها عىل مستوى وجوه الرصف واإلنفاق وعىل مستوى األسس التي يمكن االستناد إليها يف بناء الرضيبة وعىل فلسفة إصالح النظام الرضيبي عرب تسهيل قبوله من طرف املجتمع وتحسني مردوديته. عرض أطروحة ١٥٤
ISSN: 2090 0449 Online UIF Universal Impact Factor, [0.1101]. AIF Arab Impact Factor for Arabic Scientific Journals, [0.88]. ({â٧٨٠øfîjl)ëç fö]í u» ŞŠ Êæ Ú íþ ^ÏÚí ] ملف العدد ا ستاذ مساعد التاريخ الا سلامي قسم التاريخ كلية الا داب الجامعة العراقية جمهورية العراق < << امتاز عصر المماليك (١٢٥٠-١٥١٧) بكثرة عدد الرحالة سواء كانت للعلم أم للتجارة أو للحج والعمرة وغيرها بسبب التسهيالت التي منحتها دولة المماليك فضال عن تأمين الطرق والمرافق العامة التي تخدم ذلك. لذلك ت ع د كتب الرحالت مصدر ا مهم ا في دراسة أحوال البلدان والتعرف على مقدراتها وطبيعة عيشها فضال عن المظاهر الحضارية فيها. ذلك أن هذه الكتب تكون أصدق وأقرب للواقع كونها تالمس الحياة العامة من خالل التجوال والترحال والوصف الدقيق لمعالم الحياة هناك. ورحلة البلوي هي واحدة من تلك الرحالت المهمة التي سلطت الضوء على الحياة العامة في مصر وبالد الشام في ظل دولة المماليك البحرية وعكست الواقع الطبيعي للمظاهر الحضارية دون زيادة أو تكلف. وفي هذه الدراسة نحاول أن نعرف مدى مصداقية وصف البلوي للمدن المصرية والشامية بمعنى هل كان وصفه نابع ا من مشاهداته أم نقال من رحالة آخرين كذلك التعرف على مدى دقة الوصف الذي وصف به المدن مقارنة بغيره من الرحالة ومن بين األمور التي نبحث عنها في هذه الرحلة هي مدى التطور العلمي والثقافي الذي عاشته مصر وبالد الشام في ظل المماليك وما هو دور السالطين في ذلك أخير ا وليس آخر ا معرفة أهمية كل من مصر وبالد الشام عند البلوي بمعنى هل البلدين كانا باألهمية نفسها عنده أم ال وما هي األسباب التي أدت إلى تفضيل البلد على األخر كل هذه األسئلة االفتراضية نحاول جاهدين لإلجابة عليها من خالل التمعن والتدقيق في وصف البلوي ومقارنته بما وصفه رحالة معاصرين له أو متأخرين كي نصل إلى رؤية واضحة حيال أهمية الرحلة وتميزها عن غيرها. تاريخ استلام البحث: تاريخ قبول النشر: مايو ٠٢ ٢٠١٧ يوليو ٠١ ٢٠١٧ التاريخ الا سلامي الرحلة والرحالة عصر المماليك الا سكندرية القدس القاهرة DOI 10.12816/0045100 عمار مرضي علاوي "مصر وفلسطين في رحلة البلوي (ت. قبل ٧٨٠ ه) دراسة مقارنة".- العدد السابع والثلاثون سبتمبر ٢٠١٧. ص ١٥٥ ١٧٣. دورية.- السنة العاشرة- م ق د م ة قائال ( ٢ ) "وجمع الله األندلس على قوم من خيار األمة ممن الجهاد شأنهم والفلح معاشهم والنجدة شهرتهم والى سعد بن عبادة سيد أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبهم". وفيما يخص قيام دولتهم فإن الضعف العام لدولة الموحدين وكثافة هجمات النصارى على األندلس حفز محمد بن يوسف للخروج لمقاتلتهم وأظهر شجاعة األمر الذي أدى إلى مبايعته باإلمارة سنة ٦٢٩ ه (٣ (. وعلى الرغم من أنه قطع البيعة البن هود إال أنه خلعها ودخل مدينة غرناطة سنة ٦٣٥ ه فبايعه أهلها واتخذ المدينة عاصمة (٤) لدولته. قبل التطرق إلى السيرة الشخصية والعلمية للرحالة البلوي ال بد من إلقاء نظرة على عصره ومدى أثره على نتاجه العلمي المتمثل بالرحلة والتأليف. عاش البلوي في دولة ملوك بني نصر أو ما يعرف ببني االحمر في األندلس (٦٣٥ ٨٩٧ ه) وهم ينتسبون إلى مؤسس دولتهم محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن حسين بن نصر بن قيس األنصاري الذي كان يعرف بالشيخ وابن األحمر فسميت الدولة باسمه (١ (. وأشاد ابن الخطيب بنسبهم وأثرهم في توحيد األندلس ١٥٥