قراءة يفكتاب : السقوط من الداخل.. ترجمات ودراسات في المجتمع األمريكي تأليف / د. حممد بن سعود البشر عرض : حممد حيان احلافظ ( جملة البيان العدد ) 48 ص 13-13 حترص جملة البيان على عرض بعض الكتب والدراسات املتميزة يف خمتلف فنون املعرفة مما يفيد القارئ وينوع ثقافته ويؤصل وعيه وقد سبق أن نشرت البيان عرضا لكتاب آخر للمؤلف نفسه بعنوان )يوم أن اعرتفت أمريكا باحلقيقة( جاء فيه أن مثل هذه الدراسات وإنكانت موجهة أصال للشعب األمريكي إال أهنا مفيدة لنا معشر املسلمني فإن دراسة واقع اجملتمعات الغربية اليت هلا عالقات متشابكة مع عاملنا اإلسالمي هلا أمهية بالغة من عدة جوانب لعل أبرزها : رصد ظاهرة تأثر الضعيف بالقوي وظاهرة التقليد عموما إضافة إىل استشراف مستقبل هذه األمم ورصد زمن أفول تلك احلضارات مما يشد أزر املسلمني بعامة ويدفع املسلمني ممن يعيشون يف تلك اجملتمعات إىل االستفادة من الواقع املرتدي يف عرض دين اإلسالم ولعله يكون عامل جناة هلم إن آمنوا به كما أهنا تكشف كيف أن عقالء تلك اجملتمعات حيذرون بين قومهم من خطر السقوط ملا هم عليه من احنرافات بينما خيرج من بني قومنا من يعمل جاهدا ليل هنار بإغرائنا بشىت الوسائل حىت نسري وفقا لتلك الفلسفات املادية والنفعية يف احلياة جهال منهم ورمبا جتاهال ليسهموا بتغريب جمتمعاتنا وربطها بالتبعية والتقليد وهيا نتصفح معا هذا العرض املوجز هلذا الكتاب. بانتهاء احلرب الباردة واهنيار االحتاد السوفيييت وحتلل اهلياكل التنظيمية للكتلة الشرقية ازداد سطوع جنم الواليات املتحدة يف مساء السياسة الدولية وذهب كثري من املراقبني إىل اعتبارها القوة العظمى يف العامل مستدلني على ذلك بالدور الذي لعبته يف حترير الكويت من االحتالل العراقي عام 3993 م
بيد أن فريقا آخر من احملللني والباحثني يف جمال العالقات الدولية يرون أن الواليات املتحدة وإن كانت تتمتع يف الوقت احلايل مبقومات القوة العظمى إال أهنا حتمل يف ذاهتا بذور اضمحالهلا ففيها من عوامل الضعف االقتصادي واالجتماعي والتعليمي والسكاين واإلداري ما يكفي الحندارها قريبا وهزميتها يف املنافسة اآلتية من كل من االحتاد األورويب واليابان ويأيت كتاب )السقوط من الداخل األضواء على نقاط الضعف املوجودة.. ترجمات ودراسات في المجتمع األمريكي( ليسلط يف كل من الدولة واجملتمع يف أمريكا وما مييز هذا الكتاب عن غريه : أنه شخ ص ع ل ل اجملتمع األمريكي استنادا إىل شهادات أمريكية مهمة هلا وزهنا ومكانتها العلمية والكتاب يقع يف )381( صفحة ويتضمن )6 ) دراسات اخلامسة منها أعدها املؤلف دراسة شخصية له يف موضوعها أما األخريات : فإن دور املؤلف فيها قد اقتصر على ترمجتها إىل العربية وتقريبها ومتتاز هذه الدراسات يف جمملها بأهنا متثل انعكاسا صادقا حلقيقة اجملتمع األمريكي وليست انطباعات شخصية ملؤلفيها كما أهنا معززة باألرقام الدراسة األوىل : يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة واجلداول اإلحصائية املوثقة هي دراسة أجنزها باحثان أمريكيان مها : جيمس باترسون و بيرتكيم تناولت واقع اجملتمع األمريكي يف شىت مناحي احلياة من دينية وسياسية وثقافية واقتصادية وإعالمية ومتتاز الدراسة بأهنا تصف مالمح اجملتمع األمريكي من خالل لقاءات ميدانية أجراها املؤلفان مع عينة كبرية من الشعب األمريكي وأهم احلقائق اليت تضمنتها الدراسة ما يلي فقدان ثقة املواطنني يف قياداهتم السياسية والدينية وذلك بسبب غياب - القدوة وأدى ذلك إىل اختالط املعايري وعدم احرتام تعاليم الدين ألهنا خاطئة حسبما ظهر هلم احلياة الشخصية لعامة الشعب األمريكي تتسم بالنفاق فهم يظهرون خالف -
! ما يبطنون هذا باإلضافة إىل الكذب الذي أصبح عادة يف حياة الفرد األمريكي انتشار الزنا حيث تشيع اخليانة الزوجية هناك فأكثر من ثلث - األمريكيني املتزوجني كانت هلم أو ال يزالون مرتبطني بعالقات جنسية غري... شرعية وغالبية الشعب األمريكي تؤمن بأن االتصال اجلنسي مع شخص آخر... غري الزوج أو الزوجة جائز ومباح كثرة جرائم القتل واالنتحار واالغتصاب فنسبة من ارتكبوا جرائم - بأنواعها املختلفة يصل إىل % 19 من جمموع الشعب األمريكي وعدد جرائم القتل بلغ )52 ) ألف جرمية سنوي ا ونتيجة لذلك : ينفرط عقد األمن ويتضاعف عدد السجناء وتتزايد حاالت عقوبة اإلعدام. الدراسة الثانية : الجديد نحن القوة األولى : أين تقف أمريكا وأين تسقط في النظام العالمي أصدر هذا الكتاب )أندرو شابريو( يف عام 3995 م كشف فيه املؤلف مواطن الضعف ومالمح االهنيار يف بنية اجملتمع األمريكي السياسية واالقتصادية والتعليمية واالجتماعية.. وغريها وذلك يف سياق تفنيده ملقولة : إن الواليات املتحدة األمريكية هي القوة العظمى األوىل يف العامل تلك املقولة اليت وردت على لسان الرئيس األمريكي السابق )جورج بوش( بعد انتهاء حرب اخلليج الثانية ويرى املؤلف أن الواليات املتحدة هي القوة األوىل من حيث مؤشرات القوة االقتصادية والعسكرية إال أن عوامل الضعف والتدهور تسري يف الوقت ذاته يف شىت القطاعات فمثال : حتتل الواليات املتحدة املرتبة األوىل يف اإلنفاق على الشؤون الصحية إال أهنا الدولة األوىل يف عدد الوفيات واملوت اجلماعي لألطفال الرضع وقد عقد املؤلف مقارنة بني الواليات املتحدة و )34( دولة صناعية أخرى هي : أسرتاليا والنمسا وبلجيكا وكندا والدامنارك وفنلندا وفرنسا وأملانيا وأيرلندا وإيطاليا واليابان وهولندا ونيوزيلندا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا وبريطانيا
مث استعرض املؤلف بعد ذلك بشكل أكثر تفصيال مظاهر الضعف يف الواليات املتحدة األمريكية بوصفها دولة واليت تشمل خمتلف القطاعات السياسية واالقتصادية والعالقات االجتماعية فبالنسبة للقطاعات السياسية : يرى املؤلف أن ثقة الشعب األمريكي يف احلياة السياسية مهزوزة وذلك نظرا ملا يراه من فساد سياسي وأخالقي يتجلى يف إنفاق بعض املرشحني لعضوية الكوجنرس ماليني الدوالرات على محالهتم االنتخابية ومن مؤشرات الضعف السياسي يف الواليات املتحدة : تضخم مديونيتها لألمم املتحدة وعدم قبوهلا لتوصيات منظمات وجلان حقوق اإلنسان وضآلة مسامهتها يف قوات حفظ السالم التابعة لألمم املتحدة حيث حتتل املرتبة الثامنة عش رة يف هذا اجملال ويف االقتصاد : يالحظ أن الواليات املتحدة حتتل املرتبة األوىل يف العامل يف عدد املليونريات بينما تضم يف الوقت ذاته أكرب نسبة من األطفال البائسني الذين يعيشون فقرا مدقعا حيث يعيش م خ س األطفال األمريكيني وع م شر املواطنني البالغني يف فقر مدقع كما يوجد بالواليات املتحدة ما يقرب من ثالثة ماليني مواطن بال سكن %86 من املواطنني السود و 32 % من أصول إسبانية أو برتغالية أو أمريكية التينية ويف جمال الدفاع : تعترب الواليات املتحدة هي الدولة األوىل يف العامل من حيث اإلنفاق الدفاعي ولكن هذا يأيت على حساب جماالت أخرى كالرعاية الصحية والتعليم والضمان االجتماعي ويف املقابل : تعاين الواليات املتحدة من عجزكبري يف امليزانية العامة حبيث وصل العجز يف عام 3993 م إىل ما يقارب بليون دوالر ويف عام 3995 م وصل إىل )165 ) بليون دوالر (279) أما الديون اخلارجية : فقد وصلت إىل )811 ) بليون دوالر وهذا فقط جزء من املديونية العامة للدولة اليت تصل إىل )5 5 ) ترليون دوالر ويف التعليم : يالحظ ارتفاع معدل األمية حيث يبلغ عدد األميني ( 53 مليونا كما يتدىن مستوى التحصيل العلمي يف صفوف الطالب وبالنسبة لنسبة
العلماء إىل املواطنني فإهنا 22 لكل 3111 يف الدول املتقدمة األخرى مواطن وهي دون النسبة املوجودة ويف جمال احلياة االجتماعية : تقع يف الواليات املتحدة أكثر من عشرين ألف جرمية سنوي ا مبعدل جرمية واحدة كل 52 دقيقة وتتصدر الواليات املتحدة قائمة الدول الصناعية يف عدد حاالت االغتصاب املسجلة رمسي ا أما جرائم تعاطي املخدرات : فعددها مليون جرمية سنوي ا وتتزايد فيها حاالت تعاطي الكوكايني واملاراجوانا كذلك تشيع يف اجملتمع املمارسات اجلنسية غري الشرعية إذ تصاب! فتاة واحدة من بنيكل عشر فتيات بني سن ال 32 وال 39 بأعراض احلمل نتيجة املمارسة اجلنسية غري املشروعة كذلك حتتل الواليات املتحدة املرتبة األوىل من بني الدول الصناعية يف عدد حاالت اإلصابة باإليدز ولقد مات بسبب هذا املرض أكثر من 311.111 أمريكي وقبل حلول عام 3991 م أصيب أكثر من 841.111 أمريكي باملرض نفسه. الدراسة الثالثة : مساواة دولة من شعبين : البيض والسود.. تمييز وانفصال وعداء وعدم وهي بقلم الربوفسور )أندرو هيكر( وصدرت يف عام 3995 م وقد تناول فيها قضية التمييز العنصري يف الواليات املتحدة بني املواطنني البيض واملواطنني السود وانعكاساهتا على اجملتمع األمريكي حيث استعرض املؤلف املتاعب واملضايقات اليت يتعرض هلا السود من ق ب ل البيض على املستوى الشعيب وعلى املستوى املؤسسي حيث حتدث املؤلف عما أمساه ب )العرقية املؤسساتية( اليت قد حتدث يف الكنيسة أو اجلامعة أو الشركات التجارية أو الدوائر الرمسية احلكومية كاملباحث الفيدرالية ومديرية أمن )لوس أجنلوس( كذلك تناول املؤلف موقف كل من احملافظني البيض والليرباليني من السود وذكر املؤلف أن السود ال يزالون يواجهون مضايقات من جراء وضع العقبات أمام توظيفهم وخيتم البحث بإثارة نقطة على صعيد العنصرية السياسية تتمثل يف كون عملية االقرتاع يف
االنتخابات تتم وفقا لألصل العرقي للمرشح مبعىن أن كثريا من الناخبني البيض يف الواليات املتحدة يصوتون للمرشح األبيض بينما يصوت السود لصاحل املرشح األسود. وننتقل إىل الدراسة الرابعة وعنواهنا : السقوط التراجيدي.. أمريكا عام 0202 م وقد أصدرها اجلنرال املتقاعد )هاميلتون هوز( يف عام 3995 م وهو رجل أمريكي شغل عدة مناصب عسكرية مهمة يف بالده والكتاب يتناول اخلصائص العامة للمجتمع األمريكي يف شىت مناحي احلياة : السياسة واالقتصاد والصحة والتعليم واملخدرات واجلرمية واألخالق مع تركيز واضح على الفساد السياسي يف احلكومة والدستور والقانون اجلنائي ويرى املؤلف أن العامل مل يعد ينظر إىل الواليات املتحدة باعتبارها قوة فريدة يف العامل وأن أهم علل اجملتمع األمريكي : تردي األخالق ويظهر ذلك يف املمارسات اجلنسية الشاذة كما يتحدث املؤلف عن اجلرمية والقانون اجلنائي األمريكي فيذكر أن معدالت اجلرمية قد ارتفعت وذلك بسبب فساد القانون اجلنائي األمريكي إذ يوجد تساهل كبري يف إصدار األحكام القضائية على اجملرمني كذلك يعاين اجملتمع األمريكي من عجز يف امليزانية وتضخم املديونية نتيجة للفساد السياسي واالقتصادي وعجز احلكومة عن إجياد حلول ملشكالت تعاين منها البالد مثل : مشكلة اجلرمية واملخدرات والعجز يف امليزانية وارتفاع الضرائب وتردي النظام التعليمي والعنصرية وخيتم املؤلفكتابه بالتعبري عن قلقه على الواليات املتحدة اليت لن تستمر طويال يفكوهنا القوة العظمى الوحيدة يف العامل وذلك مرده إىل االحنطاط األخالقي الدراسة اخلامسة : واهنيار القيم علىكافة املستويات : اجملتمع والكوجنرس والقضاء. البيت األبيض.. تسييس الشذوذ في وضح النهار وهي ملؤلف الكتاب الذي نعرض كتابه )حممد بن سعود البشر( تناول فيها حركة الشواذ جنسي ا يف اجملتمع األمريكي وازدهار نشاطهم يف عهد الرئيس األمريكي احلايل )بيل كلينتون( حيث إهنم ساندوا محلته االنتخابية ولذلك كافأهم
بعد تنصيبه بأن اعرتف مبطالبهم ووعد بالعمل على تلبيتها يف رسالته اليت بعث هبا إليهم وهم يتظاهرون أمام البيت األبيض يف السادس والعشرين من أبريل م ويذكر املؤلف أن ظهور فئة الشاذين جنسي ا يرجع إىل عقد السبعينيات 1993 أما نشاط هذه الفئة فقد امتد ليشمل جماالت عديدة من احلياة السياسية واالجتماعية والثقافية واإلعالمية والرتفيهية ويذكر املؤلف أن من أهم وأخطر أسباب ظاهرة الشواذ جنسي ا يف اجملتمع األمريكي : التغلغل اليهودي يف مراكز القوى السياسية واالجتماعية يف اجملتمع األمريكي وما سببه من )شذوذ( حضاري يف واقع احلياة االجتماعية يف أمريكا فليس صحيحا أن احلركة اليهودية موجهة ضد املسلمني فقط وإمنا هي حركة هتدف إىل تدمري األخالق وانتشار الفاحشة وهدم مبادئ الدين للمجتمعات الغربية أيضا فهم أحد أسباب طغيان املادية واالحنطاط األخالقي الذي نشاهده اليوم يف عامل الغرب الدراسة السادسة : ليست للبيع بأي ثمن.. كيف نحفظ أمريكا ألطفالنا وهي ل )روس بريو( رجل األعمال األمريكي الشهري الذي رشح نفسه النتخابات الرئاسة األمريكية 3995 م وهزم فيها أمام مرشح احلزب الدميقراطي (بيل كلينتون) يناقش هذا الكتاب املشكالت اليت تعاين منها الواليات املتحدة األمريكية اليوم مع اهتمام واضح بالوضع املرتدي لالقتصاد األمريكي الذي يعزوه يف األساس إىل فساد احلكومة والكوجنرس ويذكر )بريو( أن أمريكا هي أكثر الدول الصناعية عنفا وأن نظام التعليم فيها هو أقل األنظمة التعليمية كفاءة مقارنة بأنظمة التعليم يف الدول الصناعية ويذكر أيضا أن هناك غالء فاحشا يف اخلدمات الصحية كما أن عالمات التصدع واالهنيار بدأت تظهر على الطرق السريعة واجلسور واألنفاق ويلوم )بريو( الساسة األمريكيني لعدم جديتهم يف تطبيق الفلسفة الرأمسالية وانشغاهلم بدال من ذلك بفرض القوانني وزيادة معدالت الضرائب ومجع األموال لتمويل احلمالت السياسية وعن الد ين العام : ذكر )بريو( أنه بلغ أكثر من..
أربعة تريليونات دوالر وأن ديون الواليات املتحدة قد زادت مبقدار ثالثة تريليونات خالل اثنيت عشرة سنة فقط وهو ما يعين : أن الزيادةكانت مبعدل (تريليون واحد لكل فرتة رئاسية ) وعن البطالة يف الواليات املتحدة قال بريو إن الشركات الكربى هناك أخذت يف تقليص حجمها وتقليل كميات إنتاجها وتسريح بعض مستخدميها مما أدى إىل ارتفاع معدالت البطالة حيث فقد اجملتمع األمريكي أكثر من 311 ألف وظيفة يف القطاع الصناعي اخلاص( وخيتم بريوكتابه باحلديث عن فقر األطفال يف بالده حيث يذكر أن م خ س أطفال أمريكا يعيشون يف مستوى الفقر املعروف دولي ا. ( الكتاب من منشورات دار العاصمة بالرياض )