الزواج بين األديان وأهمية تقنينه في أندونيسيا احمد ملطوف سراج كلية الشريعة بالجامعة النور الجديد األسالمية بيطان بربالنجا جوى الشرقية إندونيسا الخالصة إن قانون الزواج الموضوع سنة 1974 لم ينظم أمور الزواج بين األديان تنظيما صريحا مؤكدا ومقتضى هذا األمر أنه إذا وقع هذا النوع من الزواج فال بد من أن يبد ل أحد الزوجين دينه فرا من معارضة القانون المطب ق مع أن الحرية الدينية من حقوق الشعب الذي يكفلها دستور الجمهورية فالمادة )1( من الفصل )2( من ذلك القانون يؤكد أن الزواج إنما يصح إذا عقد وفق أحكام الزوجين الدينية أو االعتقادية وإذا كان كذلك فكل دين في الحقيقة يفتح المجال إلى حد نسبي لمثل هذا الزواج إذن من المهم أن ينظم هذا الزواج تنظيما صريحا ليتوسل به إلى اليقين القانوني حيثما وقع في المجتمع األندونيسي التعددي. [Undang-undang No. 1 Tahun 1974 tentang Perkawinan tidak mengatur kasus perkawinan antar agama secara jelas dan pasti. Ketiadaan pasal yang mengatur masalah tersebut memaksa pasangan berbeda agama yang akan menikah untuk berpindah ke agama salah satu calon, apakah itu agama yang dipeluk oleh suami atau istri. Ini cukup aneh jika kita melihat prinsip kebebasan beragama yang dipandang sebagai hak asasi dan dijamin melalui UUD. Pasal 2 ayat (1) UU Perkawinan ini menegaskan bahwa perkawinan dipandang sah bila dilaksanakan berdasarkan agama dam keyakinan calon mempelai. Oleh karena itu, semestinya juga ada undang-undang yang mengatur model perkawinan beda agama demi kepastian hukum dalam konteks masyarakat Indonesia yang secara agama sangat majemuk. Tinjauan hukum
Ahmad Malthuf Siraj tentang problematika dan solusi terkait dengan masalah perkawinan beda agama dibahas dalam artikel ini dengan pendekatan multi aspek. الكلمات المفتحية: الزواج بين االديان اليقين القانوني قنون الزواج أ. المقدمة إن توحيد قوانين الزواج في أندونيسيا قد تم منذ أن وضع القانون رقم )1( لسنة 1974 وقبل تقنينه كان هناك شتى أنواع النظم التي تنظم أمور الزواج لمختلف أنواع المجتمع كذلك. فاألندونيسيون األقحاح ينطبق عليهم القوانين العرفية مع زيادة يسيرة للمسيحيين منهم بStaatsblad 74-1933 أما العرب والمشارقة غير أهل الصين فعليهم أيضا قوانينهم العرفية أما التي تطب ق على األوروبيين والصينيين فهي ما يسمى ب Burgerlijk Wetboek مع استثناءات قليلة للصينيين في اإلحصاء والبرامج 1 قبل عقد الزواج. هذا أما الزواج المختلط فالمحكوم به فيه هو قانون فريق الزوج. كان ذلك القانون الموضوع سنة 1974 قد سد إلى حد نسبي باب الحاجة إلى نظام ينظم أمور الزواج لجميع أنواع المجتمع في أندونيسيا إال أنه مع ذلك ال يمس جميع ما يتعلق بالزواج ومنه ما نحن بصدد البحث عنه وهو الزواج بين األديان أعني الزواج بين رجل وامرأة مختلفين د ينا. فهذا النوع من الزواج كان مذكورا في مشروع قانون الزواج في المادة )2( من الفصل )11( ولكن بما أن هذا المشروع فيه من المواد ما كان يثير معارضة المسلمين عليه أجريت عليه بعض التحويالت بل منه أيضا ما حذف ومن ضمن هذا المحذوف قانون الزواج بين األديان. وتلك المعارضة من المسلمين وقتذاك كانت تسبقها قبلها أوضاع دينية وسياسية كالتالي: األولى منها أن األحزاب السياسية اإلسالمية كانت تفشل في االنتخاب العام سنة 1971 وكانت الحكومة تقوم بتفريغ المجاالت السياسية عن اإلسالم كما لوحظ في تأكيدها على منع استخدام لفظ )اإلسالم( في حزب االتحاد والتنمية وليد توحيد األحزاب الدينية وهذه بالطبع مما يهدد كيان األمة اإلسالمية في الحياة الشعبية والوطنية. 1 ويرجونو بروجوديكورو Hukum Perkawinan di Indonesia )باندونج: )Sumur ص. 15-14. 220 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia الثانية أن المسلمين كانوا يقلقون من قضية التنصير التي بدأت تنتشر منذ السبعينات 2 فالكثير منهم اتهموا أن وراء ذلك المشروع أغراضا سر ية هي تسهيل األعمال والحركات التنصيرية في أندونيسيا 3 وكانت في ذلك المشروع أيضا إشارة قوية إلى أن الحكومة أرادت أن تجعل الزواج من األمور المدنية المجر دة دون أي عالقة مع األحكام والتعاليم الدينية أو-بعبارة أخرى-أرادت الحكمة أن تقوم بعلمنة الزواج. بجانب هذه العوامل الدينية والسياسية هناك أيضا ما يشجع المسلمين على االعتراض وهو أن ذلك المشروع في نظرهم قد خالف ما أجمع عليه في الفقه اإلسالمي القائم على الكتاب والسنة من تحريم الزواج بين األديان ال سي ما أنهم تمذهبوا مذهب اإلمام الشافعي وأن اآلصرة بين األديان في أندونيسيا أكثر ما كانت شكلية ال حقيقة. فهذا الصراع والجدال في وضع القوانين الزوجية أد ت فيما بعد إلى نقطة وفاق وهي ذلك القانون الموضوع سنة 1974 وكان الذي قر ر فيه هو الزواج المختلط فحسب أي الزواج بين المختلفين جنسية واحد منهما أندونيسي واألخرى أجنبية والعكس صحيح )الفصل 57(. 4 ولكن قد علمنا أن هذا النوع من الزواج المختلط بخالف الزواج بين األديان من حيث أن المتعاقدين في هذا األخير يتقيدان بأحكام دينية مختلفة إذ هما في األول ينضبطان بأحكام د و لية مختلفة. صحيح أن هناك نظاما ينظم أمور الزواج بين األديان قبل صدور القانون سنة 1974 وهو نظام الزواج المختلط Huwelijken/RGH( )Regeling op de Gemengde المدو ن في - 158 وIndonesihes 1898 Staatsblad Huwelijks Ordonantie Christen.Java, Minahasa, Amboina (Stb 1933 رقم 1936 jo 74 رقم )607 المعروف ب.HOCI والنتيجة من وجود هذا النظام أن الزواج بين األديان لم يكن مشكلة مع ق دة وأن تسجيله كان يتم عند تسجيل الزواج المختلط في مكتب التسجيل المدني. 5 إذن 2 عبد العزيز طابا Islam dan Negara dalam Politik Orde Baru )جاكرتا : Gema Insani Press )1996 ص..257 3 فيصل إسماعيل Islam in Indonesian Politics, A Study of Moslem Response to and Accept of the Pancasila رسالة للنيل على الدكتوراة من قسم الدراسات اإلسالمية في جامعة مونتريال بكندا سنة 1995 ص. 137. Undang-Undang Perkawinan 4 )سورابايا : Mas )Pustaka Tinta ص..21 5 سونارياتي حارتونو Politik Hukum Menuju Satu Sistem Hukum Nasional Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 221
Ahmad Malthuf Siraj تلك المشكلة المتصلة بالزواج بين األديان إنما حدثت بعد تطبيق قانون سنة 1974 الذي ال ينظم أمور هذا النوع من الزواج تنظيما صريحا مؤك دا وكذلك عند ثبوت قرار رئيس الجمهورية رقم )12( سنة 1983 عن تنظيم وتطوير تدريب التسجيل المدني وعقده المتعلق بتسجيل الزواج فإنه كما ذكر في الفصل األول منه أثبت لمكتب التسجيل المدني سلطة في تسجيل وإصدار الوثيقة لغير المسلمين 6 هذا كله أي عدم النظام عن الزواج بين األديان ال في قانون الزواج وال في تسجيله- يسبب عدم انضباط قانوني مما يجعل مكانة هذا الزواج الحكمية فيها من الغموض ما ال يخفى وأيضا فإنه يمه د السبيل لوقوع اإلكراه على الدخول في دين أحد الزوجين فر ا من المشكالت القانونية. بالطبع هذا يصادم ما قد ثبت في الدستور األساسي 1945 من أن الحرية الدينية من الحقوق األساسية المكفولة كما أنه يصادم أيضا ما قد قر ر في القانون رقم )39( سنة 1999 عن حقوق اإلنسان األساسية. ووقع ذلك أيضا في تنو ع إجراءات الزواج بين األديان بأن قام الزوجان مثال بالعقد مرتين مرة على دين الزوج ثم األخرى على دين الزوجة كما أنه وقع كذلك في ما يتعلق بتسجيل هذا النوع من الزواج الذي تواله مكتب التسجيل المدني بحيث أن الفصل )20( من قانون الزواج مثال مفهومه يجيز لموظف التسجيل أن يقوم بالتزويج بين األديان وتسجيله وكذلك الفصل )21( منه فإنه قر ر أن تلك اإلجراءات ال بد من أن تسبقها عمليات المحكمة الحكومية للحصول على قرار ملزم وبالمثل قد أكدت النشرة التي أصدرتها المحكمة العليا بتاريخ 20 أغوسطس 0807.No. MA/Pem 1976 من أن مكتب التسجيل المدني تاريخيا له سلطة في عقد الزواج بين األديان 7 فعدم االنضباط القانوني هذا يتطلب اهتماما كبيرا من جميع األطراف الختراع حل من الحلول من خالل مراجعة خلفيات ظهور هذه المشكلة في أندونيسيا. ب. تعريف الزواج بين األديان لقد حد د القانون رقم 1 سنة 1974 الزواج بأنه ارتباط روحي وجسدي بين رجل وامرأة كزوج وزوجة من أجل تكوين أسرة سعيدة خالدة قائمة على أساس اإليمان )باندونج : Alumni )1991 ص..147 6 المرجع السابق. 7 المرجع السابق ص. 148. 222 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia بالوحدانية األلوهية. 8 من هذا الحد يمكن استخالص بعض النقاط التالي: أ. الزواج هو رباط بين رجل وامرأة جسديا وروحيا كزوج وزوجة. ب. الهدف من الزواج هو بناء العائلة السعيدة ألبد اآلباد. ت. الزواج إنما عقد استنادا إلى مبدإ اإليمان باإلله الواحد. هذه النقاط توضح لنا رؤية القانون في حقائق الزواج التي تفرق بينها وبين غيرها من أنواع االرتباط المنحصر فقط على الجوانب الشكلية والعاري عن أهداف سامية في المستقبل البعيد وكذلك عن شعور إيماني باإلله الوحيد. أما الزواج عند الفقه اإلسالمي فهو عهد بلفظ التزويج أو النكاح أو المترجم منه يجيز التعامل الحر بين رجل وامرأة. 9 هذا التعريف أو نحوه نجده كثيرا في الكتب الفقهية مع اختالف في األلفاظ والمباني ال في المقاصد والمعاني. وكون الزواج ظاهريا جسديا عند هذا التعريف أظهر وأبين منه روحيا فهو يقتصر على غرض مؤقت فقط كأن ليس لديه أي شعور اإليمان بخالف تعريف مجموعة األحكام اإلسالمية الزواج بأن الزواج هو ميثاق غليظ لغرض اإلمتثال ألمر اهلل تعالى والعبادة له فإن 10 هذا التعريف فائض بشعور اإليمان. و سمي الزواج في الهندوسية ب Wiwaha ويتصف بكونه مقد سا مشروعا في حال القيام به وفق ما ورد في كتاب.Manawa Darma Satwa أما الهدف من الزواج في الدين الهندوسي فهو تحرير األباء واألجداد من فوهة النار سميت ب PUT وهذا 11 هو سر تسمية الولد من الزواج ب PUTRA الذي هو ذلك التحرير. أما البوذية فيمكن التعرف على أمور الزواج فيها من كتاب لها سمي Tripittaka ولألسف هذا الكتاب ال ينص على أمور الزواج نص ا تفصيليا صريحا بل إنما يتحدث كثيرا عن الفلسفة واألخالق. والبوذية في أندونيسيا غالبا تكون مرنة جدا ألنها دائمة التكيف مع الحياة في مجتمعات السكان األصليين. 8 قانون الزواج ص. 7 9.104 باونوه دالي Hukum Perkawinan Islam )جاكرتا : Bintang Bulan )1988 ص. Kompilasi Hukum Islam di Indonesia 10 )المحكمة العليا الدينية بجاوى الشرقية )1995 ص..20 11 أرسو سوسرو آتموجو و واسط أولوي Hukum Perkawinan di Indonesia )جاكرتا : Bintang Bulan )1975 ص..30-29 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 223
Ahmad Malthuf Siraj والبروتستانتية والكاثوليكية يمكن العثور على أحكامهما في الزواج في العهد القديم والجديد. فالعهد القديم يعر ف الزواج كصورة من صور التوجيهات واإلرشادات من اهلل بحيث أن الزوجين أظهر بعضهما البعض محبة اهلل في الحياة األسرية بينما العهد الجديد يعرف الزواج بأنه رباط دائم من المحبة والطاعة التي تحقق وتعب ر عن 12 عالقة المحبة مع المسيح والكنيسة نظرا إلى هذه التعاريف كلها يمكن استنباط مفهوم جوهري عن الزواج بأنه رباط روحي وجسدي بين رجل وامرأة على أساس المحبة والمودة بينهما لغرض بناء أسرة سعيدة خالدة وتجسيد العبادة لإلله األحد. أما الزواج بين األديان فلم يتعرض قانون الزواج لذكر تعريفه أصال بخالف الزواج المختلط ولكن لهذا الثاني مفهوم غير مفهوم األول. والمراد بالزواج بين األديان ها هنا هو الزواج بين رجل وامرأة مختلفين دينا مع جريان أحكام الدين على كل منهما. ج. الزواج بين األديان عند قانون الزواج قد سبق بيان أن قانون الزواج ال ينظم الزواج بين األديان بحيث أن الفصل )6( و) 7 ( منه الذي يتضمن بيان شروط الزواج لم يوجد فيه اشتراط التماثل الديني بين الزوجين فالذي اشترطه القانون هو موافقة الزوجين على الزواج وإذن الوالدين لمن يبلغ أحدا وعشرين من عمره وأن يبلغ الرجل تسعة عشر عاما على األقل والمرأة ستة عشر عاما من العمر. وبالمثل لم يذكر القانون اختالف الدين مانعا من موانع الزواج فالموانع التي ذكرت في الفصل )8( إلى )13( منه هي وجود عالقة ن س بية بسبب الوالدة أو الرضاع أو المصاهرة وبقاء العالقة الزوجية السابقة ووقوع ثالث 13 طلقات بين الزوجين وكل هذا ما دامت أحكام الديانات لم تحكم بما يخالفه. إذن القانون لم يشترط وجود التماثل الديني لصحة الزواج كما أنه لم يجعل اختالف الدين عائقا من عوائق الزواج. ومع هذا فإن المادة )1( من الفصل )2( من 14 القانون يؤكد أن الزواج إنما صح إذا أجري وفق أحكام كل من الديانات أو المعتقدات 12 المرجع السابق ص. 31-30. 13 قانون الزواج ص. 11-9. 14 المرجع السابق ص. 7. 224 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia وهذا يعني أن تتقيد صحة الزواج بما في ذلك الزواج بين األديان بأحكام كل من دين الزوجين. والمشكلة التي ألقت نفسها هنا هو ما إذا اختلفت أنظار كل من دين الزوجين. فمجموعة األحكام اإلسالمية مثال التي أصبحت مرجعا في المحكمة الدينية والتي تنطبق على المسلمين فحسب منعت في الفصل )40( منها عن الزواج من المرأة في إحدى أحوال آتية: أ. أن تكون المرأة متزوجة باآلخر ب. أن تكون في مدة العدة ت. أن تكون غير المسلمة وكذلك الفصل )44( منه نص أيضا على منع المسلمة عن أن يتزوجها غير المسلم. 15 استنادا إلى هذه الفصول علمنا أن مجموعة األحكام اإلسالمية أغلق الباب تماما للزواج بين المسلمين وغيرهم حتى وإن كان الفقه اإلسالمي نفسه لم يتخذ مثل هذا الموقف الحاسم لوجود اختالفات بين الفقهاء في هذه القضية مما لم يمك ن لنا أن نحكم برأي واحد غاض ا النظر عن آراء اآلخرين. د. الزواج بين األديان وأحكامها عند اإلسالم والديانات األخرى قس مت الشريعة اإلسالمية الزواج بين األديان إلى أقسام كالتالي: أ. الزواج بين المسلم والوثنية ب. الزواج بين المسلم والكتابية ت. الزواج بين المسلمة وغير المسلم فالقسم األول من هذه األقسام منع عنه اإلسالم بدليل قوله تعالى في سورة البقرة: )وال تنكحوا المشركات حتى يؤمن وألمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم والتنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير لكم من مشرك ولو أعجبكم أولئك 16 يدعون إلى النار واهلل يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه(. ولكن اختلف الفقهاء فيما يراد بالمشركين أو المشركات. فاإلمام ابن جرير المفس ر مثال ذهب إلى أن المراد هو المشركات العربيات فيجوز عنده أن يتزوج Kompilasi Hukum Islam di Indonesia 15 ص..33-32 16 البقرة : من اآلية 221. Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 225
Ahmad Malthuf Siraj المسلم من المشركات غير العربيات كنساء الصين والهند واليابان الآلئي ي ظن أن ل دياناتهن كتابا أو شبه كتاب. وقد أي د هذا المذهب رجل من رجال اإلصالح وهو محمد عبده. 17 والذي إليه مذهب أكثر الفقهاء هو منع الزواج من المشركات مطلقا عربية كانت أو غيرها كالهندوسيات والبوذيات ووالكونفوشيوسيات والزرادشتيات وغيرهن. أما القسم الثاني منها فجائز عند أكثر الفقهاء استدالال بقوله تعالى: )اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير 18 مسافحين وال متخذي أخدان(. 19 و المراد بأهل الكتاب هنا هو اليهود والنصارى سواء كانوا ذميين أو حربيين. أما الذين لهم شبه كتاب فاختلف العلماء فيهم هل دخلوا تحت مسمى أهل الكتاب أو ال على القولين. ومع هذا من العلماء-و منهم ابن عمر- من يقول بعدم جواز نكاح المسلم من الكتابية نظرا إلى أن في ديانتها أمورا شركية في اإليمان باهلل. 20 وقد اعترض على هذا القول ابن تيمية بأدلة نقلية وعقلية فإن أهل الكتاب عنده ليسوا من المشركين 21 بحيث أنهم في عصر النبي-و إن كان في اعتقادهم من الشرك ما هو جلي ظاهر كاعتقادهم أن عزيرا أو عيسى ابن اهلل كما ذكره اهلل في سورة التوبة-قد أطلق عليهم اسم أهل الكتاب. وكذلك قد جمع اهلل بين إباحة نكاح الكتابيات وبين حل طعام أهل الكتاب في آية المائدة السابقة ولو كان معلوما لديهم أن اليهود ذبحوا باسم 22 العزير والنصارى باسم المسيح. و قد قيل في القسم الثالث أنه قد أجمع العلماء على منعه مطلقا سواء كان الرجل غير المسلم كتابيا أو غيره تمش يا مع قوله تعالى المذكور أعاله. 17 محمد رشيد رضا تفسير المنار )القاهرة: دار المنار 1367 ھ( المجلد السادس ص. 188-187 و 190 و.193 18 المائدة :.5 ص. 19 95. وهبة الزحيلي تفسير المنير )دمشق : دار الفكر 1998( المجلد الخامس و السادس 20 علي الصابوني روائع البيان )دمشق : مكتبة الغزالي( المجلد األول ص. 287. 21 ابن تيمية أحكام الزواج )بيروت : دار الكتب العلمية 1988( ص. 190-188. 22 وهبة الزحيلي المرجع السابق ص 98. 226 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia أما الهندوسية والبوذية-اللتان لهما تعاليم متقاربة في األمور الزوجية-فمنعتا مطلقا عن الزواج بين األديان وال يصح الزواج عندهما إال إذا دان الزوجان بدين واحد وحيثما يقع في حين من األحيان ال يمكن اعتبار صحته بدون أن يدخل غير الهندوسي أو البوذي منهما في البوذية أو الهندوسية ووق ع على رسالة أسميت ب.Sudi Vadhani إذن هاتان الديانتان أك دتا على تحريم الزواج بين األديان إال إذا سبق 23 بالدخول فيهما. أما البروستنتانتية والكاثوليكية فحكمتا مبدئيا بأن الزواج بين األديان ليس مثاليا إذ الزواج المثالي هو ما بين الزوجين المتحدين دينا ألن غرض الزواج هو السعادة وتحقيقها في مثل هذا الزواج أمر في قمة الصعوبة بحيث أن الزواج عبارة عن رحمة اهلل لإلنسان في أعمق المحبة والشفقة بين رجل وامرأة فهو أمر أراده اهلل ومنه نشأت األسرة التي يجب عليها بوصفها الجماعة الصغرى في الكنيسة نشر رحمة اهلل ومحبته لإلنسان كافة. لهذا كله وضعت البروتستانتية شروطا يجب استيفاؤها في الزواج وهي: أ. موافقة الزوجين على الزواج ب. أال يرتبط كل من الزوجين ارتباطا زوجيا مع شخص آخر ت. أن يكون أحدهما على األقل بروتستانتيا ث. أن يكون أحدهما على األقل ينضم إلى الكنيسة البرونستانتية و مع ذلك علما بأن األمة البروتستانتية ال تعيش منفصلة عن األمم األخرى ال تمنع الكنيسة أمتها عن الزواج بين األديان كما أنها أباحت أيضا أن يعقد هذا الزواج في الكنيسة البروتستانتية بشرط أن يصر ح غير البروتستانتي من الزوجين برضاه به. أما الدين الكاثوليكي فشروط الزواج عنده هو: أ. موافقة الزوجين. ب. عدم العوائق عن صحة الزواج طبقا للقانون اإللهي ت. أن يعقد الزواج على نظام الكنيسة ومن العوائق التي تمنع عن صحة الزواج عند الكاثوليكية هي اختالف الدين. ولكن الكنيسة الكاثوليكية حاولت أن تعالج الموضوع معالجة واقعية فقررت أن 23 رسلي و ر. تاما Perkawinan Antar Agama Dan Masalahnya )باندونج : Pionir Jaya )1986 ص..30 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 227
Ahmad Malthuf Siraj األسقف له أن يرخ ص الزواج بين األديان في أحوال معينة ي توق ع فيها إمكان بناء أسرة سعيدة سليمة ويمكن كذلك أن تستمر التربية الكنائسية بعد الزواج. أضف إلى ذلك أيضا أن ذلكما الزوجين عليهما أن يتواعدا على أن غير الكاثوليكي منهما لن يصد اآلخر عن القيام بمتطلبات إيمانه الكاثوليكي وعلى أن الكاثوليكي منهما سيصمد االلتزام بما 24 قد آمن به من قبل وأخيرا أن يتواعدا كذلك على أن يربيا أوالدهما تربية كاثوليكية. إلى هنا يمكننا أن نستخلص نتيجة مؤقتة مما سبق فنقول إن لألديان في أندونيسيا وجهات نظر مختلفة حول الزواج بين األديان كما يلي: أ. اإلسالم فيه إشارة إلى منعه عن الزواج بين المسلمة وغير المسلم كتابيا كان أو ال. أما الزواج بين المسلم وغير المسلمة ففيه خالف. أكثر العلماء يذهبون إلى جوازه واآلخرون إلى منعه. ب. الهندوسية والبوذية منعتا مطلقا عن الزواج بين األديان. ت. البروتستانتية والكاثوليكية رأتا أن الزواج بين األديان ليس بمثالي ولكنه جائز عند األولى بشرط أن يصرح غير البروتستانتي من الزوجين برضاه عن عقد الزواج في الكنيسة البروتستانتية. أما األصل عند الكاثوليكية فهو عدم الجواز ولكن يجوز للمطران أن يأخذ بالرخصة في أحوال معينة. ه. مشكالت الزواج بين األديان في أندونيسيا قد سبق ذكر أن قانون الزواج في أندونيسيا لم ينظم أمور الزواج بين األديان تنظيما صريحا مؤكدا كذلك أيضا في نظام تطبيقه )قرار الحكومة رقم 9 لسنة 1975( بحيث أن هذا القانون إنما يؤكد على صحة الزواج بشرط عقده وفق أحكام كل من الديانات والمعتقدات فعل ق صحته على ما قد ثبت من األحكام في ديانات كل من الزوجين. ونتاج هذا األمر أن ليس هناك انضباط قانوني فيما يتعلق بمثل هذا الزواج واإلجراءات التي يعمل بها حتى اآلن هي تسجيل هذا النوع من الزواج في مكتب التسجيل المدني ألنه ليس هناك لجنة أخرى تقبل تسجيله ويعتبر هذا التسجيل نفسه من الشروط الرسمية اإلدارية أما مسألة صحته فموكولة إلى قرار كل من دين الزوجين مما يؤدي على عقد الزواج مرتين األولى على وفق القانون والثانية على 24 المرجع السابق ص. 29-26. 228 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia وفق الدين. هناك إجراءات أخرى إلى جانب تلك اإلجراءات وهي التي تكون عن طريق المحكمة فيما إذا رفض موظف التسجيل المدني. وقد أوضحت المادة )1( إلى المادة )4( من الفصل )21( من قانون الزواج أن الموظف إذا الحظ في الزواج ما يحظر عنه القانون فله رفض تسجيله مع تقديم بيان رسمي مكتوب عن ذلك الرفض وأسبابه. وللفريق المرفوض أيضا رفع هذا األمر إلى محكمة فيها ذلك التسجيل المدني 25 حتى تقضي بتأكيد ذلك الرفض أو بإبطاله فأمرت بعقد الزواج. وحيث ال يمكن القيام بكل هذه اإلجراءات فالغالب الواقع أن يخرج واحد من ذلكما الزوجين من دينه ثم ينتمي على كره منه إلى دين اآلخر مع أن الحرية الدينية مكفولة دستوريا وقانونيا. وهذا إن دل على شيء فإنما دل على أهمية تقنين هذا النوع من الزواج تقنينا صريحا ال سيما إذا أمعن ا النظر في المادة )1( من الفصل )2( من قانون الزواج فإنها ربطت صحة الزواج بأحكام دينية وقد علمنا أن الديانات المعترف بها في أندونيسيا تركت الفرصة مفتوحة إلى حد مختلف بينها للزواج بين األديان وكذلك دين اإلسالم بل هو أولى به لثروته بآراء العلماء المختلفة في هذا األمر. وهذا كله يفتح الباب للقول بأن اختالف الدين ليس بعائق عن الزواج ما دام تبرره أحكام كل من الديانات والمعتقدات. وقد اكتشف تاريخيا أن مشروع قانون الزواج بين األديان كان فيه من المواد ما يصح ح الزواج بين األديان فإن المادة )2( من الفصل )12( كانت تفصح عن أن 26 اختالف الجنسية والشعب والموطن والدين والنسب ليس كل هذا من عوائق الزواج لكن هذا الفصل كان يعترض عليه المسلمون لعوامل دينية وسياسية كما قدمنا. بجانب ذلك إن المشروع على سبيل اإلجمال كان يميل إلى تهميش بالدين وتسعى إلى إخراجه عن األمور الزوجية مع ترسيخ مفهوم الزواج المدني المجرد عن أي حكم ديني ولنا أن نالحظ هذا في المادة )1( من الفصل )2( القائلة بأن الزواج إنما يصح إذا عقد مطابقا للقانون أو لألنظامة الزوجية لكل من الزوجين ما لم تتعارض مع القانون مع اشتراط أن أجري هذا كله أمام موظف التسجيل المدني ثم ضبطه 25 قانون الزواج ص. 12. Sekitar Pembentukan Undang Undang Perkawinan 26 اإلدارة العامة للقانون و التقنين لوزارة العدل Departemen( Direktorat Jenderal Hukum dan Perundang-Undangan )Kehakiman ص..13 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 229
Ahmad Malthuf Siraj ذلك الموظف. 27 وعلينا أال نفصل بين هذا األمر وبين األوضاع السياسية التي صيغ فيها هذا القانون فإنه قد قررت نظرية من النظريات أن القانون ال بد من أن يؤث ر فيه السياق السياسي الذي شك له وهذا يعني أن سياسة الحكومة الحاكمة دائما أنتجت 28 القانون موفقا لمواقفها السياسية. من الدوافع التي تؤثر أيضا في في رفض الزواج بين األديان هو أن مذهب الفقه السائد في أندونيسيا هو المذهب الشافعي وهذا المذهب منع عن الزواج بين األديان حتى الزواج من الكتابية محتجا عليه بأن أهل الكتاب عموما دخلوا في المشركين باعتقادهم عقيدة التثليث ولهذا المذهب األثر العميق في صياغة مجموعة األحكام اإلسالمية المقررة في المحاكم الدينية. مشكلة الزواج في أندونيسيا تكون في غاية األهمية بمثابة أنها تمس قضية دينية ذات حساسية صحيح أن األحكام الدينية أكثرها تبيح هذا النوع من الزواج ولكن الذي دلت عليه الحقائق االجتماعية هو أن األمة اإلسالمية بوصفها األمة األكثرية التي تكو ن هذا الشعب وكذلك غيرها من بعض عناصر المجتمع ليسوا على استعداد كاف لقبول هذا الزواج ومن مسب بات هذا األمر عدم تمام المزج بين عناصر المجتمع وعدم العثور على مفهوم مثالي لنمط العالقات بين األديان في أندونيسيا بحيث أن تلك العالقات الحالية ما برحت شكلية رمزية تختفي وراءها احتماالت الصراعات واالحتكاكات التي لها قوى دم ارة من شأنها أن تتفجر في كل حين. أضف إلى هذه األسباب أيضا أن كثيرا من األفراد المتدينين ليس لديهم من اإللمام بتعاليم دينهم-خاصة التي تنظم العالقات بين األديان-ما هو كاف وم عين لدعم الجهود المبذولة في هذا الشأن أو بمعنى آخر إن تلك الدرجة المعرفية لدى األفراد ما فتئت ضعيفة جدا ال يمكن االكتفاء بها في غرس الوعي االجتماعي في الحياة مع أن هذا الدافع المعرفي العلمي في غاية األهمية لعمق آثاره وألنه أيضا كلما ازدادت معرفة شخص بدينه ازدادت أيضا معرفته بحقوق اآلخرين الدينية. 27 المرجع السابق ص. 10. 28 محمد محفوظ م.د Perkembangan Politik Hukum Studi Tentang Pengaruh Konfigurasi Politik Terhadap Produk Hukum di Indonesia )يوغياكرتا : )1993 رسالة الدكتوراه ص. 675. 230 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia مشكلة الزواج بين األديان في أندونيسيا لم يكن بد من النظر فيها نظرة كلية كما مث لنا قبل قليل ألن هذا النوع من الزواج ال يعني فقط التزويج بين شخصين مختلفين في الدين بل كذلك يقتضي أيضا جمع تعاليم الدينين المختلفين-سواء في األمور الالهوتية أم االجتماعية-في أسرة واحدة بوصفها أصغر الوحدات في الحياة االجتماعية. كانت سياسة النظام الجديد ال تمس المشكلة الجوهرية في ما يتعلق بنمط العالقات الدينية في أندونيسيا فإن أكثر ميولها كانت تجنح إلى التهميش والتقليل من دور التربية الدينية في الحياة االجتماعية وال تعي أن استيعاب القيم الدينية وزيادة فهم كل فرد في دينه سوف يقدر على تعزيز وترسيخ الوعي الجماعيى الحترام الحقوق الدينية فكان نتاج هذه السياسة نجوم ظواهر دينية قشرية ال حقيقية وبعد أن انهار النظام الجديد التسلطي جاء العصر اإلصالحي الذي ترجى منه قدراته على بناء العالقات الدينية المنسجمة والنابتة عن الوعي الجماعي كوليد لفهم وترسيخ التعاليم الدينية وفق المناهج الصائبة. و. تحليل مشاكل الزواج بين األديان 1. الزواج بين األديان: أنظار اإلسالم والديانات األخرى إنه قد سبق ذكر أن فقهاء المسلمين اختلفوا في حكم الزواج بين األديان وهذا االختالف في الحقيقة يرتكز في تحديد كل من المشركين وأهل الكتاب فالقرآن الكريم كمرجع أساسي في الديانة اإلسالمية قد أفصح عن نهي الزواج بين المسلمين والمشركين مطلقا ولكن مع هذا اإلفصاح هناك اختالف في تحديد مدلول لفظ المشرك فابن جرير الطبري مثال يذهب إلى تحديده بمشركي العرب مستدال بأنهم إلى جانب كونهم وثنيين عند نزول القرآن لم يكونوا يعرفون الكتاب المنزل من قبل وذهب اآلخرون إلى تعميم المراد فتناول العرب وغيرهم ممن يؤمنون باآللهة المتعددة سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو غيرهما. وبالمثل اختلفوا أيضا في مسمى أهل الكتاب مع تأكيد القرآن على جواز نكاح المسلم من الكتابية المحضة فمنهم من يقول بأن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ومنهم أيضا من يوس ع فأدخل فيهم أيضا األديان التي لها كتاب أو شبه كتاب كالمجوس والهندوسية والبوذية وغيرها. Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 231
Ahmad Malthuf Siraj هذا االختالف كله في الحقيقة منشؤه هو عدم اتضاح المراد من المشركين وأهل الكتاب ولكن الصحيح المقطوع به أن مدلول المشركين غير مدلول أهل الكتاب والعكس صحيح فإن آية البقرة وغيرها تفرق تفريقا بينا بينهما بحيث أن الشرك راجع إلى ممارسات العبادات واالعتقادات الوثنية وليس لها تعاليم صادرة عن الدين كما لوحظ ذلك في العصر الجاهلي عند العرب. أما أهل الكتاب فالمقصود بهم أولئك الذين قد عرفوا دينا من األديان الموجودة قبل اإلسالم كاليهودية والنصرانية ولو كانوا ال يعتقدون باإلله الواحد كما اعتقد اليهود أن العزير ابن اهلل أو النصارى أن عيسى ابن اهلل. أما غير هاتين من الديانات اآلخرى كالمجوس والصابئة-وهي الدين الذي يتبع سبل األنبياء القديمة أو الذي يعبد النجوم واآللهة-فدخلت أيضا في مسمى أهل الكتاب وقد أكد هذا األمر ما فعله النبي صلى اهلل عليه وسلم وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي اهلل عنهما من أخذ الجزية من المجوس والصابئين فسو وا هاتين الديانتين بسابقتيهما مع أن الجزية إنما أخذت من أهل الكتاب ال من المشركين ألن المسلمين م نعوا عن عقد الصلح بينهم. بجانب هذا الدليل الفعلي العملي هناك أيضا من الدليل القولي من النبي صلى اهلل عليه وسلم ما أمر بالتسوية بين المجوس والصابئين وبين أهل الكتاب. 29 والذي أكد عليه القرآن تأكيدا هو منع المسلمين عن عقد أي عالقة زوجية مع المشركين وإباحة زواج المسلم من الكتابية ال العكس أي زواج الكتابي من المرأة المسلمة. مفهوم أهل الكتاب اآلنف الذكر مفهوم فريد من اإلسالم ولم يوجد مثله قبله فإن هذا المفهوم يعترف بكيان الديانات اآلخرى ويمنحها حقوقا متساوية لتمرير الحياة وتطويرها وقد عب ر عن فردية هذا المفهوم جيريل جالس Glase( )Cyril قائال إن هذا االعتراف من اإلسالم بصحة الديانات األخرى غيره يعد من أعجب وأعظم الحوادث في تاريخ األديان 30 وكذلك برتراند راسل Russel( )Bertrand الملحد الناقد كان يعترف أيضا بامتياز اإلسالم بهذا المفهوم الذي يسهم في جعله دينا متسما بالتسامح وعدم التعصب مما يؤدي إلى تمكين الجنود المسلمين وتسهيلهم على توسعة 29 نور خالص مجيد Islam Agama Peradaban )جاكرتا : بارامادينا )1995 ص..80 30 جيريل جالس Islam The Concise Encyclopedia of )سان فرانسيسكو : Harper 1991( مادة أهل الكتاب. 232 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia 31 الفتوحات اإلسالمية في مناطق بعيدة واسعة. إضافة إلى ذلك إن مفهوم أهل الكتاب هذا قد عب ر عن مدى سماحة اإلسالم لعناصر خارجية بوصفها ضرورة االعتراف بالتعددية التي هي من سنن اهلل في األرض ومن انعكاسات هذه السماحة أن اإلسالم قد أذن الزواج بين األديان في أول مراحله التاريخية وهذه واقعة ال يمكن أن ينكرها أحد وجميع الجداالت والمناقشات التي تدور حول هذا الموضوع إنما هي في تحديد المراد من المشركين وأهل الكتاب لغرض تبيين موضع الجواز وقد أجمع العلماء مع هذه االختالفات على جواز نكاح المسلم من الكتابية وحرمة النكاح من المشركين وقد قيل أن اإلجماع قد حصل أيضا في منع الكتابي عن الزواج من المرأة المسلمة إال أن المالحظات التاريخية تقدم لنا حقيقة بإمكانها أن تفتح مجاال واسعا إلعادة المناقشات عن حكم الزواج من المشركين وتغلق كذلك فرصة القطع بتحريمه وهي أن زينب بنت الرسول صلى اهلل عليه وسلم 32 كان يتزوجها أبو العاص بن الربيع وهو غير مسلم ولو أسلم بعد ذلك بأمد بعيد. أما في سائر األديان فهذا النوع من الزواج لم يكن على قدر هذه الدقة والتفصيل من اإلسالم ألن كتب هذه األديان لم تنظم تنظيما تفصيليا وكانت القرارات التي تنظمه أكثرها يصدر عمن بأيديهم سلطة دينية حتى يمكن أن ي رخ ص فيه بسهولة ومع هذا كله فإن البحث الخاص المتعمق في تلك الكتب ال تزال محتاجة إليها فإنه من المأمول الرجوع إلى المصادر األصيلة الستنباط النظرات الدقيقة من كل األديان. 2. مشكالت الزواج بين األديان في أندونيسيا وإمكانيات تقنينه لقد أدى عدم تصريح قانون الزواج في تنظيم الزواج بين األديان إلى االضطراب القانوني وكذلك فصول أو مواد هذا القانون المتعلقة بهذا الموضوع فيها من كثرة االحتماالت ما يعوق عن الوصول إلى موقف اليقين القانوني. وال يمكن فصل هذا األمر عن خلفيات ظهور القانون واألنماط السياسية للنظام الجديد وكذلك عن أوضاع اجتماعية كانت تحيط به فإن ا قد علمنا باالط الع على مشروع هذا القانون أن حاكم النظام الجديد كان يحاول تأكيد أن اختالف الدين وغيره ليس من عوائق 31 برتراند راسل A History of Western Philosophy )نيويورك : and Simon Schuster )1959 ص..421-420 32 محمد بكر إسماعيل الفقه الواضح )القاهرة : دار المنار 1990( المجلد الثاني ص. 84. Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 233
Ahmad Malthuf Siraj الزواج ولكن بما أن هذا المشروع يتضمن من الحماسة العلمانية ما أخرج الزواج عن دائرة التعاليم الدينية وجعلها من األمور المدنية المحضة قامت األمة اإلسالمية معترضة عليه حتى ال مناص من أن اضطرت الحكومة إلى تقديم تنازالت حاصلها هو قانون الزواج المطبق اآلن. توضيحا لسياسية النظام الجديد القانونية التي أث رت على ذلك المشروع من الواجب أن نقدم هنا بعض النظريات المتعلقة بعالقة الدين والدولة وقد وجدت هناك ثالث نماذج على األقل في هذا الموضوع وهي: 1. النموذج التكاملي هذا النموذج يرى أن الدين والدولة شيء واحد فمجاالت الدين عنده تحوي المجال السياسي أو الدولة وكذلك الدولة فإنها مؤسسات سياسية ودينية في نفس الوقت فرئيس الدولة إذن صاحب السلطة السياسية والدينية. 2. النموذج التكافلي طبقا لهذا النموذج الدين والدولة متعلقان تعلقا تكافليا أي يحتاج بعضه بعضا فإن الدين يحتاج إلى الدولة للتطور والعكس صحيح الدولة تفتقر إلى الدين لتسير موافقة للتوجيهات األخالقية والروحية. 3. النموذج العلماني هذا النموذج رفض سابقيه التكاملي والتكافلي وعرض الفصل بين الدين والدولة واعتبرهما متناقضين فرفض هذا النموذج تأسيس 33 الدولة على دين معين أو في حد أدنى رفض تحديد الدين للدولة. كانت سياسة النظام الجديد تميل أكثر إلى النموذج العلماني وفهم الدين فهما ضيقا فالدين عندها عبادات فقط ال أقل وال أكثر فهو عندها ليس سبيل الحياة لهذا ليس من المستغرب أن يكون الدين على هامش دائما في النظام الجديد وهناك من الوقائع ما يقوي هذا المنظور كإخراج اإلسالم عن األحزاب السياسية مما يؤدي إلى إجبار األيديولوجيا بانشاشيال. وأيضا من الدوافع التي شجعت المسلمين على االعتراض الشديد على مشروع قانون الزواج-بجانب سياسية النظام الجديد تلك-هو أن األمة اإلسالمية كانت وقتئذ تتعرض على انهزام سياسي في االنتخابات العامة سنة 1971 و كان النظام الجديد يحاول جد يا على تهميش األحزاب اإلسالمية السياسية بكل وسيلة تساعد على ذلك ومنها توحيد األحزاب الذي يحوي اختالفات كثيرة في نفس الوقت كانت قضية 33 مرزوقي واحد و رومادي Fiqh Madzhab Negara )يوغياكرتا : LKiS )2001 ص. 28-24. 234 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia التنصير تنتشر مع وجود اختالفات تضر بالمسلمين ضررا كثيرا فهذه األوضاع تجعل المسلمين يتهمون الحكومة في إصدار مشروع قانون الزواج التي كانت إحدى فصوله تبر ر الزواج بين األديان بأنها أرادت دعم ومساعدة الحركات التنصيرية. زيادة على ذلك من الظروف التي تؤيد على عدم قبول الزواج بين األديان هو أن العالقة بين األديان في أندونيسيا ما زالت تتسم بكونها سطحية رمزية ولم تبلغ إلى درجة العالقة الحقيقية والجوهرية والناتج عن هذا األمر هو أن تكمن وراء هذه العالقة القوى الدمارة المفك كة ألسباب تالية: أ. حاكم النظام الجديد ال يفهم أهمية فهم ونشر األبعاد االجتماعية من التعاليم الدينية وخاصة حول العالقة بين الديانات المختلفة. والمنهج الصائب الذي كان ينبغي أن يراعى في مثل هذا السياق هو منهج التربية الدينية المنفتحة ال المنهج الشكلي السطحي. ولكن المؤسف أن الحكومة كانت تهتم أكثر بهذا المنهج األخير بإيجاد وتسهيل األنشطة الجماعية التي لم تعتمد على الفهم الحقيقي الصحيح. ب. حاكم النظام الجديد وضع الدين في كتلة من كتالت ما يسمى ب SARA التي تعتبر من القوى الدمارة والمشت تة التي ينبغي الحذر منها دائما. فالمبالغة من الحكومة في اتخاذ المنهج الصراعي في فهم العالقات بين األديان جعلت األديان نفسها في مواقف متعارض بعضها ببعض وينظر إليها دائما نظر تهديد مرعب من التفكك االجتماعي بغض النظر عن ما يحتوي عليه الدين من قوة الطرد المركزي وفي آن واحد القوى الجاذبية أيضا. إذن بسبب أن المجتمع األندونيسي لم يكن يفهمون فهما وافيا تعاليم دينهم التي تنظم العالقات االجتماعية بما في ذلك العالقات بين الديانات المختلفة وأيضا بسبب أن القوالب والمقاييس التي وضعتها حكومة النظام الجديد في بناء العالقات بين األديان تتسم بكونها رمزية شكلية بسبب هذين األمرين أصبحت العالقات بين األديان أكثر ما تميل إلى الشكلية والرمزية. وهذا الوضع االجتماعي بالطبع ال يالئم تبرير وتصحيح الزواج بين األديان. أضف إلى ذلك أيضا أن المذهب الشافعي المذهب الفقهي اإلسالمي والسائد في أندونيسيا يمنع عن الزواج بين األديان مطلقا ولو من الكتابيات محتجا بأن أهل الكتاب دخلوا في ضمن المشركين باعتقاداتهم الشركية المناقضة لعقيدة التوحيد. وقرار Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 235
Ahmad Malthuf Siraj مجموعة األحكام اإلسالمية الذي يطبق في المحاكم الدينية والذي يشترط االتحاد الديني لصحة الزواج يعكس عمق تأثير هذا المذهب في أندونيسيا. من األكيد أن تلك العوامل السياسية واالجتماعية تتحول وتتغير تحو ل العصور واألزمنة بحيث أن النظام السياسي األندونيسي قد تغير من كونه سلطويا ومغلقا تجس د في النظام الجديد إلى كونها حرا منفتحا يتسم به العصر اإلصالحي الذي جاء عقب النظام الجديد ومصححا له. وهذا االنفتاح والحرية ال غنى عنهما من أجل بناء الحياة المنسجمة والمليئة باالحترام المتبادل بين بين مختلف عناصر المجتمع التعددي في أندونيسيا وكذلك العناصر الدينية. فإن هذا النوع من الجو االجتماعي له قدرة على محو الشك والغيرة واالتهامات فضال عن إمكانات لحدوث الصراع الكامن في الحياة االجتماعية وبالمثل يكون الخطاب الديني-ومنه أيضا قضية المذاهب الفقهية- في عصر اإلصالح أكثر انفتاحا من سابقه مما يقتضي وجود احتماالت حول خطاب تصحيح وتنظيم الزواج بين األديان. من خالل التعر ف على المادة )1( من الفصل )2( من قانون الزواج الذي تقرر أن صحة الزواج إنما تعتبر على وفق مطابقته ألحكام كل من الديانات والمعتقدات وكذلك من خالل المراجعة على وجهات نظر األديان المتعددة في أندونيسيا التي أكثر ميولها إلى القول بصحتها من خالل هذين األمرين فالمنطق القانوني يقضي بحتمية الحكم على الزواج بين األديان بالصحة كما أنه ي لزم تنظيم هذا النوع من الزواج تنظيما واضحا قاطعا على خالف ما يجري اآلن. وإذا كان ذلك كذلك فالخطوات التي يتعين القيام بها هو تعديل قانون الزواج رقم )1( لسنة 1971 ونظام عقده وكذلك المرسوم الرئاسي الذي ينظم سلطة التسجيل المدني وغيره من القوانين ذات الصلة بالزواج حتى يتحقق من هذا كله الحتم القانوني. ز. الخاتمة إن مشاكل الزواج بين األديان سببها هو: 1. أن قانون الزواج لم يكن ينظمه تنظيما صريحا أكيدا. فرغبة النظام الجديد في ترتيب هذا النوع من الزواج كما وردت في مشروع قانون الزواج كانت تعتريها ردود فعل من المسلمين تنتهي أخيرا إلى رفض ذلك المشروع. وكان الذي يدفع حدوث هذا األمر أن ذلك المشروع تتضمن الروح العلماني الذي يريد فصل 236 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H
Al-Zawa>j bayna l-adya>n wa-ahammiyat Taqni>nih fi> Indonesia الزواج عن الدين كما يدفعه أيضا ظهور المخاوف من كيان األمة اإلسالمية في الحياة الشعبية بسبب انهزام األحزاب اإلسالمية في االنتخابات العامة سنة 1971 الذي تقارنه محاوالت لعدم تسييس اإلسالم. وينضم إلى هذه االسباب كلها سبب آخر وهو انتشار الجهود التنصيرية مما يتهم كون مشروع قانون الزواج بعضا من تلك الجهود. 2. أن العالقات بين األديان في أندونيسيا ما فتئت تتسم بأنها رمزية شكلية تكمن وراءها احتماالت الصراع التي من شأنها أن تصير من القوى الدمارة والمشتتة في حين من األحيان. 3. أن المذهب الفقه اإلسالمي السائد في أندونيسيا هو المذهب الشافعي وهذا المذهب منع من الزواج بين األديان حتى عن الكتابيات ألنهن من المشركات. 4. تماشيا مع انفتاح الخطاب اإلسالمي المعاصر ومع ازدياد المسلمين في قبول األفكار الحديثة فالزواج بين األديان في هذا العصر اإلصالحي ينبغي أن ينظم صريحا في القانون. Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H 237
Ahmad Malthuf Siraj المصادر ابن تيمية أحكام الزواج بيروت: دار الكتب العلمية 1988. علي الصابوني روائع البيان دمشق: مكتبة الغزالي د.س. محمد رشيد رضا تفسير المنار القاهرة: دار المنار 1367 ھ. محمد بكر إسماعيل الفقه الواضح القاهرة: دار المنار 1990. وهبة الزحيلي تفسير المنير دمشق: دار الفكر 1998. Daly, Peunoh, Hukum Perkawinan Islam, Jakarta: Bulan Bintang, 1988. Glasse, Cyril, The Concise Encyclopedia of Islam, San Francisco: Harper, 1991 Ismail, Faisal, Islam in Indonesian Politics: A Study of Moslem Response to and Acceptance of the Pancasila, Ph.D. Dissertasion, Montreal: McGill University, 1995. Kompilasi Hukum Islam di Indonesia, Surabaya: PTA Jawa Timur, 1995. Madjid, Nurchalish, Islam Agama Peradaban, Jakarta: Paramadina, 1995. Prodjodikoro, Wirjono, Hukum Perkawinan di Indonesia, Bandung: Sumur, tt. Rusli & R. Tama, Perkawinan Antar Agama dan Masalahnya, Bandung: Pionir Jaya, 1986. Russel, Bertrand, A History of Western Philosophy, New York: Simon and Schuster, 1959. Sekitar Pembentukan Undang-Undang Perkawinan, Jakarta: Direktorat Jenderal Hukum dan Perundang-Undangan Departemen Kehakiman, t.t. Sosroatmodjo, Arso & Wasit Aulawi, Hukum Perkawinan di Indonesia, Jakarta: Bulan Bintang, 1975. Thaba, Abdul Aziz, Islam dan Negara dalam Politik Orde Baru, Jakarta: Gema Insani Press, 1996. Undang-Undang Perkawinan, Surabaya: Pustaka Tinta Mas, tt. Sunaryati Hartono, Politik Hukum Menuju Satu Sistem Hukum Nasional, Bandung: Alumni, 1991. Wahid, Marzuki & Rumadi, Fiqh Madzhab Negara, Yogyakarta: LKiS, 2001. 238 Al-Ja>mi ah, Vol. 50, No. 1, 2012 M/1433 H