وزارة التعليم العالي والبحثالعلمي الجامعة المستنصرية كلية اآلداب قسم الفلسفة الوجود اإلهلي يف فلسفة كانط النقدية رسالة تقدمت بها الطالبة: زينب وايل شويع إىل جملس كلية اآلداب اجلامعة املستنصرية وهي جزء من متطلبات نيل شهادة املاجستري آداب يف الفلسفة إشراف أ.م.د. أمحد شيال غضيب 0212 1341 ھ
اخلامتة بعد أن وصلنا إلى نهاية المطاف..فيما يخص بحثنا هذا,أصبح من الضروري, أن نحصي مجمل النتائج العامة,لكي نختم بها هذا البحث, وتتمثل هذه النتائج باالتي: 1 إن موضوع الوجود اإللهي, له أهمية كبيرة جدا بالنسبة للعقل البشري, سواء في المجال اإلنساني بصورة عامة أم في المجال الفلسفي, ففي المجال اإلنساني على نحو عام, أثبتت بقايا المعابد والهياكل وأماكن العبادة المختلفة منذ أقدم العصور, إن اإلنسان منذ أن وجد على األرض اهتم بالوجود اإللهي لكي ينسب له أسباب وجود الطبيعة بظواهرها المختلفة من العواصف واألمطار والبراكين...الخ, وكذلك للبحث عن سبب وجوده أيضا ( بغض النظر عن القول بتعدد اآللهة أو أنواعها المختلفة في تلك الحقبة الزمنية المبكرة, فمنهم من كان يعبد الشمس أو القمر أو الكواكب... الخ, ما يهمنا هو وجود بوادر تقول بضرورة التواجد اإللهي بالنسبة لإلنسان ). أما في المجال الفلسفي فقد اهتم الفالسفة بموضوع الوجود اإللهي, ومنذ ظهور أولى بواكير التفلسف, فقد رأينا كيف اهتم هزيود وهوميروس بوجود اآللهة وعالقتها بالطبيعة وباإلنسان, وكان لهم تنظير حول تلك المسائل. 2 بعد نضوج الفلسفة اليونانية على يد كل من أفالطون وأرسطو, أصبحت اإللوهية أكثر تنظيما من قبل, ذلك بعد أن ص قل العقل اإلنساني وتعدى المرحلة الميثولوجية التي كان يمر بها, وعلى الرغم من انه لم يرد مفهوم ( هللا ) بتلك التسمية الواضحة, بسبب طبيعة العصر الذي كان يعيش فيه كل من أفالطون وأرسطو, ( حيث أطلق أفالطون تسمية الصانع على هللا, بينما اسماه أرسطو المحرك األول ), إال أن مفهوم الكائن الالمتناهي بوصفه سبب وجود الكون بما فيه من موجودات, قد قطع شوطا كبيرا في المجال الفلسفي, حيث عدت اإللهيات ضمن مبحث الميتافيزيقا, واعتبرت من اشرف العلوم, الن شرف العلم من شرف
موضوعه, وهللا هو اشرف الموجودات. 133 3 في العصر األوربي الوسيط, أصبح للتفلسف طريقة تختلف عما سبقها, فبسبب سيطرة المسيحية كديانة وكفكر, أصبح كل شيء من وجهة نظر فالسفة ذلك العصر يرتبط ارتباطا مباشر بالوجود اإللهي, بمعنى آخر فان الفلسفة المسيحية الوسيطة في جوهرها ليست إال محاولة للتوفيق بين العقل والنقل, بين طريق الوحي وطريق التعقل, بين الوجود اإللهي والوجود اإلنساني, وبذلك فقد كان للعنصر الديني السيطرة الكاملة على زمام األمور في تلك ال حقبة, وطبعا من الجدير بالذكر إن فالسفة ذلك العصر أقروا بوجود اله واحد ال شريك له, وذلك بحكم الديانة المسيحية التي ينتمون إليها والمستمدة من كتاب هللا المنزل ( التوراة (. 4 تختلف أراء ومواقف الفالسفة, بحسب اختالف العصور التي يعيشون فيها, وطبعا هذا الكالم ينطبق على فالسفة العصر الحديث بشكل كبير, الن العصر الحديث الذي أعقب عصر النهضة شهد تغييرا كبيرا في كافة مجاالت العلم والمعرفة اإلنسانية وكان البد من أن تلقي كل تلك التغييرات بظاللها على الواقع الفلسفي لتلك الح قبة, وبالتالي فأن فالسفة العصر الحديث أرادوا تغيير المبادئ التي استندت إليها الفلسفة الوسيطة, وكان من بين األمور األساسية التي أرادت الفلسفة الحديثة تغييرها وتخليصها من آثار العصر السابق, كانت هي األمور الميتافيزيقية, التي غلب عليها الطابع الديني المستند إلى عقائد المسيحية, بمعنى آخر فأن الفالسفة المحدثين أرادوا تخليص الفلسفة من سيطرة الدين والكنيسة التي سادت لمدة طويلة, وتبعا لذلك نجد في تلك المرحلة الجديدة إعطاء األولوية للعقل في تفسير األمور. 5 أما عن كانط, فيلسوف كونجسبرج, الفيلسوف النقدي, فقد كانت له أراء مختلفة عن فالسفة عصره, حول المشكالت الميتافيزيقية, ببساطة انه حاول وضع حلول ( ضمن نسق فلسفي متكامل األبعاد ) للمشكالت الميتافيزيقية السيما مشكلة الوجود اإللهي, وذلك برفض الميتافيزيقا التقليدية و تأسيس ميتافيزيقا جديدة قائمة 134
على مبدأ النقد, لتخليص الميتافيزيقا مما علق بها من اآلراء القطعية الدوجماطيقية التي سادت لمدة طويلة جدا, وأثقلت كاهل العقل بأسئلتها ذات األبعاد الواسعة وإجاباتها المحدودة. وصفوة القول فهنالك عامالن كان لهما األثر المباشر على كانط بشأن ما ذكرناه أعاله, وهما : أ النزعة التقوية التي ترعرع فيها كانط, والتي تلقاها على يد والدت ه وأستاذه في الجامعة, والتي كانت تؤكد على رفض المواقف الدينية الدوجماطيقية المتطرفة ورفض كل أشكال الطقوس والعبادة الخارجية, والدعوة إلى إحياء المسيحية الخالصة وتقديسها للواجب األخالقي, وبذلك نلحظ تأثر كانط الكبير بتلك النزعة في بداية حياته, وكذلك نالحظ بأن مواقفه الفلسفية التي جاءت في وقت متأخر من حياته أيضا متأثرة إلى حد ما بتلك النزعة, بمعنى أن فلسفة كانط )السيما الدينية ) هي ترجمة فلسفية للنزعة التقوية. ب العصر الذي عاش فيه كانط, هو األخر كان له تأثيره على فكر كانط, فقد اطلع القارئ ( لبحثنا هذا ) إن كانط عاش في عصر التنوير, ذلك العصر الذي اعتبره الكثير من الباحثين بمثابة انجالء لكل مفاهيم العصور السابقة, وبزوغ عصر جديد, وكان كانط فيلسوف التنوير األول, حيث استندت فلسفته النقدية في جوهرها إلى المشروع التنويري وخصوصا فيما يتعلق بالمشكالت الميتافيزيقية. 6 وجود هللا بالنسبة لكانط لم يكن مجرد موضوع أو مشكلة يمكن حلها بمجموعة من اآلراء والمواقف الفلسفية, وإنما كان موضوع الوجود اإللهي بالنسبة لكانط موضوع ذو أبعاد فلسفية والهوتية كبيرة, وما يدل على كالمنا هذا, هو الطرح الكانطي لتلك المشكلة, حيث نجد انه ما من كتاب من كتبه النقدية, قد خلت من ذلك الموضوع. 135 7 تناول كانط في كتابه النقدي األول ( نقد العقل المحض ) موضوع الوجود اإللهي بوصفه مشكلة الالهوت العقلي النظري, وكانت من أهم مهامه في ذلك
المجال هو نقد الالهوت العقلي, فقد نقد كل األدلة العقلية في إثبات وجود هللا, وسعى إلى إثبات عدم قدرتها على تحقيق هدفها في الوصول إلى الموجود األسمى. 8 نقل كانط مشكلة وجود هللا, من العقل النظري إلى العقل العملي, بعد إثبات عدم قدرة العقل النظري في الوصول إلى معرفة ذلك الوجود ( الن العقل اإلنساني محدود بالظاهر فقط وال يمكنه أن يصل إلى الشيء في ذاته ) ولذلك حاول كانط أن يجد حل لمشكلة الوجود اإللهي في المجال العملي للعقل, وتمثل ذلك الحل في اعتبار إن مشكلة الوجود اإللهي, إحدى مسلمات العقل العملي عن طريق كتاب ه ( نقد العقل العملي ), أي إن المشكالت الميتافيزيقية الكبرى والمتمثلة ب ( الحرية وخلود النفس ووجود هللا (, أحالها كانط من مشكالت للعقل النظري إلى مسلمات للعقل العملي, وبالتالي فقد اثبت كانط وجود هللا عن طريق تحقيق القانون األخالقي, بمعنى انه ال يمكن إثبات وجود هللا إال عن طريق الخير األسمى. 9 ثم عاد كانط مرة أخرى في كتابه النقدي الثالث ( نقد ملكة الحكم ) لكي يقر بأن مشكلة الوجود اإللهي ال تقع ضمن مجال الغائية الطبيعية بل تقع ضمن مجال الغائية األخالقية. 11 نالحظ من كل ما تقدم بأن موضوع الوجود اإللهي هو من الموضوعات األساسية التي حاول كانط من خاللها ربط مشروع ه النقدي التنويري بأقسام ه الثالث, نقد العقل المحض والعملي والغائي. 136