رقم 1 أبريل / نيسان 2009 الملخص التنفيذي األخبار الجيدة فقط من فضلك : قانون اإلعالم اإلماراتي الجديد يستمر في تقييد الصحافة تنظر اإلمارات العربية المتحدة حاليا في مراجعة قانون اإلعالم. إذ أنه في 20 يناير/كانون الثاني 2009 أصدر المجلس الوطني االتحادي السلطة التشريعية اإلماراتية مشروع قانون وقام بصياغته المجلس الوطني لإلعالم. ومشروع القانون في الوقت الحالي في انتظار توقيع الرئيس شيخ خليفة بن زايد آل نھيان. وفيما ي عد مشروع القانون خطوة إيجابية وھامة لألمام تم إدخالھا على القانون القائم فإنه ما زال يعاني من قيود غير قانونية على حرية التعبير وكذلك أوجه تقييد حكومية غير قانونية ومرھقة على ترخيص وتسجيل وعمل وإدارة وسائل اإلعالم. وقد تم تبني قانون اإلعالم اإلماراتي المعمول به حاليا في عام 1980 وھو نظام قاس يزيد من تقييده أن تطبيقه االنتقائي الطابع ال يخفف من آثاره السيئة. والقانون ي نظم نشر جميع األفالم والمقاالت العلمية واألعمال الموسيقية والوثائق الخاصة باألخبار وأغلب األشكال األخرى المعروفة لوسائل التعبير العام الم سجلة. ويقيد القانون من التعبير عبر مطالب خاصة بالتسجيل وفرض قيود على المحتوى مما قد يؤدي إلى حبس المخالفين. وقد أدى القانون لترسيخ اإلحساس بالخوف من العقاب جراء التحدث ضد موقف الحكومة من أي اعتبارات سياسية أو أخالقية أو اقتصادية ودفع بالصحفيين في اإلمارات وغيرھم من أعضاء المؤسسات اإلعالمية األخرى إلى الوقوع أسر حالة من الرقابة الذاتية والقلق والخوف. وتعالج بعض األحكام الواردة في القانون اإلعالمي الجديد بعض أوجه القصور في القانون الحالي وإلى حد ما فھي تعكس تصور الحكومة الم علن وطموحھا الذي أفصحت عنه إزاء تطوير حرية اإلعالم في اإلمارات. ومن ثم فإن بعض األحكام في قانون اإلعالم الجديد ت عد خطوة ھامة لألمام في سياق عملية اإلصالح. على سبيل المثال ال ي عرض القانون الجديد الصحفيين لعقوبات جنائية (مثل الحبس). وھذا قطعا أحد أوجه التحسن لكن على الحكومة أن تبذل المزيد بأن ت عد ديباجة للقانون تشمل النص على القطيعة التامة مع العقوبات الجنائية بحق الصحفيين جراء األنشطة اإلعالمية. باإلضافة إلى أن القانون الجديد يقلل من أعداد الجرائم التي يمكن للمؤسسات اإلعالمية أن ت سأل عنھا. والقانون الجديد يوجه المؤسسات الحكومية أيضا إلى تيسير تدفق المعلومات إلى اإلعالم والرد على طلبات المؤسسات اإلعالمية الخاصة بالمعلومات. واألھم أن القانون الجديد الذي لم يصدر بعد يوفر للصحفيين الحرية من اإلكراه على كشف مصادرھم مما يعكس التزام الحكومة إزاء حق الصحفي في حماية مصادره وفي ھذا الصدد على األخص فإن تدابير الحماية في القانون الم نتظر تفوق مثيالتھا في أنظمة ديمقراطية أخرى عديدة أكثر تقدما منھا الواليات المتحدة. إال أن ثمة بعض األحكام المنطوية على القصور التي تعتور القانون الجديد الم نتظر إصداره قريبا. إذ ھي األحكام ال تتصدى بالدرجة الكافية ألوجه قصور في القانون الحالي وتخفق في االلتزام بالمعايير الدولية لحرية التعبير. وتشمل ھذه المثالب 1
قيودا على المحتوى مثيرة للقلق تتعرض بالتضييق لحرية التعبير وتفرض غرامات مبالغ في تقديرھا وتفرض متطلبات ترخيص قاسية. والقيود المفروضة على المحتوى ترمي إلى إعاقة محاولة انتقاد الحكومة إذ أنه في أحكام قانونية فضفاضة ومبھمة يحظر القانون المنتظر النشر الذي يضلل الرأي العام و"يضر باالقتصاد الوطني" أو "يتعرض" إلى المسؤولين الحكوميين. وھذه الحماية للمسؤولين العامين من االنتقاد ت خالف المبادئ األساسية للقانون الدولي لحقوق اإلنسان التي تقتضي أن تكون حرية الصحافة أوسع وليست أضيق فيما يتعلق بالموضوعات الخاصة برجال السياسة والمسؤولين الحكوميين. ومما يثير القلق أيضا الفقرات المبھمة التي تحدد من يحكمه القانون وما ھي المعايير التي يجب أن يلتزم بھا واألحكام التي تفرض نظام ترخيص مزعج لبعض وسائل اإلعالم (منھا فقرة خاصة بأن تمنح وسائل اإلعالم مبالغ تأمين ضخمة للحكومة) وأحكام خاصة بإشراف الحكومة على إلحاق الصحفيين والمحررين بالعمل. وليست ھذه األحكام بمثابة تدخل غير قانوني من الحكومة في حق الصحفيين في اإلمارات في التعبير بحرية عن أفكارھم وآرائھم في أي موضوع يختارونه فحسب بل ھي أيضا محاولة ال مبرر لھا للتحكم في استقالل اإلعالم. وينبغي أن ي صر الرئيس على مراجعة السلطة التشريعية للقانون المنتظر بحيث يصبح متسقا مع متطلبات القانون الدولي. وھذه خطوة ھامة على مسار حرية اإلعالم في اإلمارات العربية المتحدة. خلفية ت عد اإلمارات العربية المتحدة المركز اإلعالمي الرئيسي للخليج إذ تخدم الطلب القوي على وسائل اإلعالم في شتى أنحاء 2 1 المنطقة. وتصدر في اإلمارات 12 صحيفة يومية وكل منھا تطبع عشرات اآلالف من النسخ يوميا. ويوجد في اإلمارات مستخدمون لإلنترنت مقارنة بعدد السكان أكثر من أية دولة أخرى في الخليج وھؤالء المستخدمون يلجون على عدد ھائل من 3 وسائل اإلعالم اإللكترونية. وفي عام 2000 تم إنشاء مدينة دبي اإلعالمية وھي منطقة حرة على مشارف المدينة. والمؤسسات التي تعمل داخل ھذه المنطقة التي تشمل مؤسسات إعالمية محلية ودولية ال تخضع عادة لقوانين اإلعالم 4 اإلماراتية. وقد نقلت منافذ إخبارية وإعالمية كثيرة عملھا في الخليج إلى المنطقة الحرة ومنھا رويترز وميكروسوفت وميدل 5 إيست بيزنس نيوز. إال أن نشر الصحف اإلماراتية ووسائل اإلعالم اإللكترونية وغيرھا من األنشطة اإلعالمية اإلماراتية تتم خارج المنطقة الحرة ومن ثم فھي عرضة لقيود قانون عام 1980 المشددة على حرية اإلعالم. 1 انظر: 2008, August, UAE: Media hub strategy, Oxford Analytica Daily Brief Services, http://www.oxan.com/display.aspx?itemid=db144725 2 انظر: الزيارة في 16 مارس/آذار 2009). United Arab Emirates, Arab Press Network, http://www.arabpressnetwork.org/newspaysv2.php?id=144 3 انظر: 2006, December, Consumer confidence in ecommerce grows steadily in the UAE, Al Maktoob Group, http://www.maktoobgroup.com/press-2-184-consumer_confidence_in_ec.htm 4 (تمت أنشطة الشركات في مدينة دبي اإلعالمية الحرة ھي باألساس محكومة بالقانون االتحادي للطباعة والنشر رقم 15 لعام 1980. إال أن حكومة دبي مسموح لھا إصدار تراخيص خاصة لمؤسسات في المنطقة الحرة عبر مذكرة تفاھم مع الحكومة االتحادية تسمح لمؤسسات المنطقة الحرة بالعمل بموجب متطلبات دبي الخاصة بالترخيص واألقل تقييدا. ومشروع قانون اإلعالم الجديد يبدو أنه ال يغير من ھذا الترتيب. انظر: Company: Media Query: Setting up in Dubai Media City, informational brochure from Al Tamimi and Advocates and Legal Consultants, undated, http://www.zu.ac.ae/library/html/uaeinfo/documents/dubaimediacity.pdf (تمت الزيارة في 16 مارس/آذار 2009). 5 انظر: (TBS), Dubai Media City prepares for next phase, Transnational Broadcasting Studies http://www.tbsjournal.com/archives/fall01/dubai.html (تمت الزيارة في 16 مارس/آذار 2009) 2
6 وبموجب القوانين اإلماراتية القائمة فقد قامت الحكومة في مناسبات عديدة بتجريم وتغريم وإغالق منافذ إعالمية أبدت االنتقاد للحكومة. ولجنة حماية الصحفيين وھي منظمة غير حكومية أمريكية أفادت في عام 2008 بأن محكمة أبو ظبي أيدت ح كم 7 "ذم وقذف" ضد صحيفة اإلمارات اليوم اليومية مما أدى إلى تجميد نشر الصحيفة لمدة 20 يوما وتغريم رئيس تحريرھا سامي العريمي 8 20 ألف درھم (5445 دوالر أمريكي) طبقا لتقارير صحفية محلية. وكان قد كشف تقرير أصدرته الصحيفة في أكتوبر/تشرين األول 2006 9 أدلة على إعطاء شركة إماراتية ھرمونات لخيول سباق محلية. وفي سبتمبر/أيلول 2008 أيدت محكمة استئناف ح كم السجن لمدة عام و 70 ألف درھم (19 ألف دوالر) غرامة بحق مالك 10 موقع Majan.net ألنه رفض مسح تعليقات تنتقد مسؤول حكومي. وفي سبتمبر/أيلول 2007 حكمت محكمة على مراسلين 11 إعالميين بالسجن لما رأته تغطية تنطوي على التشھير. وبعد ذلك قام رئيس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم بإصدار قرار 12 يعد فيه بأال تسجن الحكومة الصحفيين جراء أنشطتھم المھنية. وغياب الوضوح إزاء ما إذا كان قرار رئيس الوزراء له سلطة القانون الم لزم أم ال بقي الصحفيون في حالة مستمرة من القلق وعدم اليقين إزاء العقوبات التي قد يتعرضون لھا. كما ضايقت الحكومة وھددت الصحفيين وغيرھم من العاملين باإلعالم باتھامات زائفة ال عالقة لھا بقانون اإلعالم لعام 1980. وھذه االتھامات يمكن أن تكون خطيرة للغاية وقد تشمل عقوبتھا السجن بل وحتى اإلعدام. ووصفت ھيومن رايتس ووتش بعض ھذه اإلساءات وغيرھا في تقريرھا السنوي العالمي لعام 13 2009 في الفصل الخاص باإلمارات العربية المتحدة. وفي يونيو/حزيران 2005 على سبيل المثال اتھمت الحكومة ناشط حقوقي معروف ھو حسن الدقي باغتصاب مدبرة منزل. وأثارت االتھامات الشكوك بما أنھا صدرت بعد شھرين من إنشاء الدقي لموقع Emirates" "PRO اإللكتروني. وبعد اختباء الدقي حكمت المحكمة عليه غيابيا باإلعدام في محاكمة تمت عام 2005 ولم يدعم فيھا الدليل الوارد من الطب الشرعي االتھام طبقا ألقوال ناشط حقوقي محلي ومحامي اطلع على األدلة. 6 منھا قانون اتحادي رقم 15 لعام 1980 الخاص بالطباعة والنشر. 7 ليس من الواضح إن كانت اإلدانة بناء على قوانين الذم والقذف اإلماراتية أو بناء على قانون النشر لعام 1980. 8 Attacks on the Press in 2008: Middle East/North Africa Developments, Committee to Protect Journalists (CPJ), February, 2009, http://www.cpj.org/2009/02/attacks-on-the-press-in-2008-mideast-developments.php.(2009 9 المرجع السابق. 10 انظر: 2009, February, 2008 Human Rights Report: United Arab Emirates, U.S. Department of State, http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2008/nea/119129.htm 11 انظر: 2007, November, UAE ruler s decree save journalists from jail, AFP, http://afp.google.com/article/aleqm5hu1ygaxjccrrmq6yzsnx_rr4c42a 12 13 المرجع السابق. ھيومن رايتس ووتش التقرير العالمي 2009 الفصل الخاص باإلمارات العربية المتحدة: (تمت الزيارة في 16 مارس/آذار http://www.hrw.org/en/worldreport/2009-18 3
كما فصلت الحكومة اإلماراتية من رآتھم على خط صدامي بالحكومة في آرائھم. في مايو/أيار 2007 فصلت الحكومة 83 معلما من مناصبھم بسبب االشتباه في تعاطفھم مع التيار اإلسالمي. وفي مايو/أيار 2008 ودون إبداء تفسير اعتقلت الشرطة سالم عبد الله الدوسري وھو أستاذ دين جامعي ي شتبه بأنه يؤيد التيار اإلسالمي واحتجزته مدة ثالثة أشھر في مركز للطب 14 النفسي. وحتى المؤسسات اإلعالمية في المنطقة اإلعالمية الحرة في دبي ليست حرة من التدخالت الحكومية المسيئة. ففي يونيو/حزيران 2008 وطبقا لمدير محطة لقناة جيو نيوز الباكستانية المتلفزة فقد ھدد مسؤولون إماراتيون محطة جيو نيوز بالطرد ما لم 15 تكف عن بث برنامجين سياسيين يناقشان جھود إعادة القضاة الذين فصلھم برويز مشرف الرئيس الباكستاني السابق. كما أوقفت السلطات اإلماراتية مؤقتا بث القناة الفضائية في نوفمبر/تشرين الثاني 2007 أثناء فترة حكم الطوارئ في باكستان 16 والسبب المفترض ھو أن ھذا تم بناء على ضغوط من إسالم آباد. وللحكومة اإلماراتية كامل الحق في محاولة إصالح قوانينھا اإلعالمية القائمة وھذا القانون المنتظر صدوره خطوة ھامة على ھذا المسار. وثمة حاجة ماسة لإلعالم الحر من أجل بيئة صحية وحيوية لتبادل األفكار والمعلومات والتوجھات الضرورية الستمرار المشروع اإلماراتي الوطني التطويري. لكن القانون المنتظر صدوره يعاني من أوجه قصور جسيمة. وأمال في جذب 17 االنتباه إلى األحكام القاصرة في القانون المنتظر فإن ھيومن رايتس ووتش تعرض التعليقات اآلتية. ونلفت االنتباه في البداية إلى أن تعليقاتنا غير شاملة على اإلطالق فقد ركزنا على بعض النقاط بعينھا. وتدعو ھيومن رايتس ووتش الحكومة اإلماراتية إلى ضمان احترام قانون اإلعالم الجديد لمعايير حرية التعبير الدولية وضمان تقدم اإلمارات نحو حرية اإلعالم. توصيات بشأن المراجعات على القانون الم نتظر صدوره القيود على المحتوى اإلعالمي توصية: يجب تعديل قانون اإلعالم اإلماراتي بحيث يصبح متفقا مع القانون الدولي لحقوق اإلنسان الذي يكفل حرية التعبير وھذا بواسطة إلغاء القيود على انتقاد الحكومة اإلماراتية. توصية: يجب تعديل قانون اإلعالم اإلماراتي بحيث يصبح متفقا مع القانون الدولي لحقوق اإلنسان الذي يحمي حرية التعبير بواسطة السماح بنقاش األزمة االقتصادية في اإلمارات. 14 المرجع السابق. 15 انظر: 2009, February, 2008 Human Rights Report: United Arab Emirates, U.S. Department of State, http://www.state.gov/g/drl/rls/hrrpt/2008/nea/119129.htm 16 UAE Inches Toward A Freer Media Zone, Forbes.com, August 12, 2008, http://www.forbes.com/2008/08/11/dubaimedia-uae-cx_0812oxford.html انظر: 17 (تمت الزيارة في 26 مارس/آذار 2009). أمد المجلس الوطني لإلعالم ھيومن رايتس ووتش بأحدث نسخة من مشروع القانون ألغراض التحليل في 14 مارس/آذار 2009. 4
و[ 18 يكفل الدستور اإلماراتي حرية التعبير والصحافة. وھذه الضمانات مكفولة أيضا بموجب القانون والعھد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ورد فيه أن "لكل إنسان حق في حرية التعبير... الدولي لحقوق اإلنسان. [ في التماس مختلف ضروب المعلومات واألفكار وتلقيھا ونقلھا إلى آخرين". وبينما اإلمارات العربية المتحدة ليست دولة طرف في العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية فإنه بمثابة مصدر آمر ودليل توجيھي يعكس الممارسات الدولية الفضلى. وال تسمح المعايير الدولية المقبولة بالقيود على المحتوى إال في أضيق الظروف مثل حاالت التشھير أو الذم ضد األفراد أو الكالم الذي يھدد األمن الوطني. والقيود يجب أن تكون م عرفة بوضوح ومحددة وضرورية ومتناسبة مع المصالح المشمولة بالحماية. على سبيل المثال المادة 19(3) من العھد الدولي ورد فيھا أن ممارسة الحق في حرية التعبير يمكن أن تخضع لبعض القيود الضرورية "الحترام حقوق اآلخرين أو سمعتھم أو لحماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة". والقيود الواردة في المادة 19(3) يجب أال ت فسر إال في أضيق الحدود. على سبيل المثال المصطلحات من قبيل "األمن القومي" و"الصحة العامة" تعني الحاالت التي يوجد فيھا خطر داھم وفوري يتھدد األمة. ويمكن للحكومة أن تفرض القيود فقط في حالة فرضھا بموجب تشريع قائم على أن تفي بالمعيار الخاص بكونھا "ضرورية في مجتمع ديمقراطي". ويستتبع ھذا أن يكون التقييد ردا على حاجة عامة ماسة وأن يكون متفقا مع القيم الديمقراطية الخاصة بالتعددية والتسامح. والقيود "الضرورية" يجب أيضا أن تكون متناسبة أي أن تكون متوازنة ومتناسبة مع الضرورة التي تتطلب فرض القيد. وقد تكرر ذكر لجنة األمم المتحدة 19 لحقوق اإلنسان ألھمية التناسب. وفي معرض تطبيق القيد فعلى الحكومة أال تستعين بوسائل تقييدية أكثر من المطلوب. وقانونية القيود الحكومية على حرية التعبير ونشر المعلومات ھي إذن عرضة العتبارات التناسب والضرورة. من ثم فعلى سبيل المثال يمكن للحكومة أن تحظر حيازة ونشر اإلعالم ألسرار عسكرية لكن القيد على حرية التعبير لحماية األمن القومي 20 "ال ي سمح به إال في حاالت الضرورة السياسية والعسكرية والتھديد لكامل األمة". وبما أن القيود المفروضة على حماية األمن القومي لھا القدرة على التقويض الكامل لحرية التعبير فإن "ثمة متطلبات حازمة على وجه خاص يجب تطبيقھا لدى الضرورة (التناسب) 21 إزاء أي قيد". والتنظيم الحكومي للمحتوى الخاص بالتعبير خارج ھذه التوقعات الضيقة يخرق بشكل غير قانوني حرية التعبير المكفولة دوليا وي عد تضييقا على خطاب العلمي والفني واالجتماعي. وعلى األخص فإن القيود المبھمة التعريف الخاصة بحرية التعبير مثل تلك الواردة في قانون اإلعالم اإلماراتي المنتظر ي رجح أن ت ردف بالتطبيق المسيئ والتمييزي. وكثيرا ما تستخدم الحكومات أنظمة قانونية مبھمة اللغة والصياغة كأداة لمنع االنتقاد العام للمسؤولين الحكوميين والسياسات الحكومية. ومثل ھذا الشكل من التطبيق يمنع االطالع بشكل مفيد والمعلومات الھامة من االنتشار واالنتقال إلى دائرة الرأي العام وھو يعوق حق المواطنين في الطعن في نشاط حكومتھم. وحق انتقاد المرء لحكومته له أولوية خاصة في ضمانات الحماية الواردة في القانون الدولي بما أنه الحق األكثر احتماال للتصدي للمضايقات واإلساءات وأوجه الحرمان التي قد تبذلھا أي حكومة. 18 19 دستور اإلمارات العربية المتحدة مادة 30. انظر على سبيل المثال فالديمير بتروفيتش البتيسفيتش ضد بيالروسيا بيان رقم 1997/780 من لجنة حقوق اإلنسان. انظر أيضا : Richard Fries, "The Legal Environment of Civil Society," The Global Civil Society Yearbook 2003, Centre for the Study of Global Governance, London School of Economics, 2003, chapter 9 20 انظر: نوفاك تعليق على العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية صفحة 355. 21 المرجع السابق صفحة.357 انظر أيضا : Human Rights Watch, No Room to Breathe: State Repression of Human Rights Activism in Syria, October, 2007, http://www.hrw.org/ar/node/10648/section/7 5
وعلى النقيض من متطلبات القانون الدولي فإن المادة 32 من القانون الم نتظر إصداره تعاقب بقسوة من ينتقد الحكومة إذ تفرض غرامة قدرھا خمسة ماليين درھم (1350000 دوالر أمريكي) بحق من "تعرض" لشخص أعضاء المجلس األعلى لالتحاد أو أولياء عھودھم. وطبقا لصحفيين يعملون في اإلمارات فإن حجم ھذه الغرامة الھائل ي رجح أن يؤدي إلى منع اإلعالم 22 من أداء واجبه بشكل متسق خشية السقوط ضحية ھذه الغرامة. وتعارض ھيومن رايتس ووتش أي نظام للتغريم في أنظمة اإلعالم القانونية لكن المشكلة ت عد جسيمة للغاية حين تكون الغرامات ھائلة ومتطرفة. والغرامات بھذا الحجم تكفي إلغالق المطبوعات وتعريض األفراد لإلفالس ماليا. والتباس المادة 32 يفاقم من المشكلة. فالصحفيون ال يفھمون الكثير من صياغة المادة المبھمة أو ما ي عد من قبيل "التعرض" للمسؤولين الحكوميين بشكل غير قانوني وال يوجد تفسير أو تعليق يحدد أي أنواع االنتقادات ت عد من قبيل التعرض غير القانوني. ومثل ھذه الصياغة الملتبسة تؤدي إلى التفسير الحكومي التعسفي وفي وجود المحاكم التي ثبت مشاركتھا في أعمال 23 تقييد حرية التعبير والنتيجة ستكون استمرار حالة القلق والرقابة الذاتية والتطبيق التعسفي للقانون في اإلمارات. ويبدو القانون م صمما لحماية الحكومة من مساءلة الرأي العام واالنتقاد وإعاقة تحقيق الصحفيين وتقويض دور اإلعالم كجھة رقابية عامة. ويقول الصحفيون إن التشريع الم نتظر صدوره لن يفعل الكثير للتخفيف من ثقافة الرقابة الذاتية المتجذرة في اإلعالم اإلماراتي. وقال أحد الصحفيين ل ھيومن رايتس ووتش: "الصحفيون ال يريدون إزعاج السلطات ألن لدى السلطات القدرة على إغالق الصحيفة أو جعل حياتھم في منتھى الصعوبة". وأضاف: "والصحف خائفة وحذرة بشأن ما تكتبه... واللغة الفضفاضة المبھمة والغرامات [في القانون المنتظر] 24 لن ت حسن من ھذا الوضع". وعزل المسؤولين العامين عن االنتقاد ھو خرق للمبدأ األساسي في القانون الدولي لحقوق اإلنسان القاضي بوجوب أن تكون حرية الصحافة أوسع وليست أضيق فيما يخص التعبير إزاء رجال السياسة والمسؤولين الحكوميين. ورجال السياسة وغيرھم من الشخصيات العامة يتخلون عن جزء من حقوقھم الخاصة في نظافة السمعة والخصوصية بقبولھم مناصبھم وعليھم من ثم تحمل المزيد والمزيد من التدقيق المشدد على سلوكھم. ومبادئ جوھانسبرغ الخاصة باألمن القومي وحرية التعبير وإتاحة المعلومات (1995) التي تستند إلى القانون الدولي لحقوق اإلنسان ومبادئه تنص على أنه "يجب أال ي عاقب أي إنسان جراء انتقاد أو إھانة األمة أو الدولة أو رموزھا أو الحكومة أو ھيئاتھا أو المسؤولين العامين أو أمة أجنبية أو دولة أجنبية ورموزھا وحكومتھا وھيئاتھا". ولجنة الدول األمريكية لحقوق اإلنسان ركزت على ھذا المبدأ في تقريرھا الخاص بازدراء القوانين: "في المجتمعات الديمقراطية يجب أن تكون الشخصيات السياسية والعامة أكثر وليست أقل عرضة للتدقيق واالنتقاد... بما أن ھؤالء األشخاص 22 23 24 أبدى الصحفيون عدة مرات ھذا اإلحساس أثناء مقابالت أجريت معھم. مقابلة ھيومن رايتس ووتش لثمانية صحفيين أجانب ومحليين يعملون في اإلمارات في 25 و 26 مارس/آذار 2009. انظر: 2008, January, UAE's media still has to face its biggest challenge: Its own censorship, Gulf News, http://archive.gulfnews.com/indepth/pressfreedom/sub_story/10183416.html مقابلة ھيومن رايتس ووتش مع صحفي في اإلمارات في 25 مارس/آذار 2009. 6
يقعون في صميم مناقشات الرأي العام ويكشفون أنفسھم طواعية للتدقيق العلني ومن ثم فيجب أن يبدون درجة أعلى من التحمل 25 لالنتقاد". وقد فرضت المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان ضمانات حماية قوية على نحو خاص تستھدف حرية الصحافة والصحفيين وغيرھم من العاملين في مجال اإلعالم. وتراجع المحكمة العقوبات الصادرة بحق الصحافة على ضوء ما تدعوه "الدور البارز للصحافة في الدولة المحكومة بسيادة القانون" وحق الرأي العام في تلقي المعلومات واألفكار. وحرية الصحافة تكفل للرأي العام إحدى أفضل سبل استكشاف وتشكيل الرأي بشأن األفكار والسلوكيات الخاصة بالشخصيات السياسية. وبشكل خاص فإنھا تمنح السياسيين فرصة التأمل والتعليق على ما يخص الرأي العام ومن ثم ت مكن الجميع من المشاركة في النقاش السياسي الحر 26 وھو صميم مفھوم المجتمع الديمقراطي. ولھذه األسباب يجب أن يكفل قانون اإلعالم اإلماراتي المزيد من الحماية لحرية التعبير بغض النظر عن درجة "التعرض" أثناء تغطية أخبار رجال السياسة والمسؤولين الحكوميين. والمادة 32 الم راجعة في قانون اإلعالم الم نتظر صدوره غير كافية في حد ذاتھا. وكخطوة ثانية يجب تعديل كامل قوانين اإلمارات وأنظمتھا وممارساتھا التي تقيد من حرية التعبير مع التركيز بشكل خاص على قوانين التشھير في اإلمارات وھذا فيما يتعلق باستخدام الشخصيات العامة لھا لحماية أنفسھم من االنتقاد. وال يبدو أن قانون اإلعالم المنتظر ي عدل من عرضة المؤسسات اإلعالمية لقضايا التشھير والذم والقذف التي قد ترفعھا شخصيات عامة. والتحليل الكامل لھذا الموضوع ومراجعة قوانين التشھير في اإلمارات لھو مما يقع خارج نطاق ھذا العرض الموجز وإن كان على اإلمارات أن ت عدل من قوانين التشھير فيھا بحيث ي ستبعد منھا أوجه التعبير التي توجه للشخصيات العامة ال سيما العاملين بالحكومة. والقيود الخاصة بالمحتوى في القانون الم نتظر ال تقتصر على األحكام التي تحمي المسؤولين العامين من االنتقاد. فالقانون المنتظر يسعى أيضا لخنق النقاش الدائر حول االقتصاد الذي ي رى "ضارا " و"مضلال ". والمادة 33 من القانون ت جرم بمقدار 500 ألف درھم (136 ألف دوالر) كل من "نشر أخبارا مضللة للرأي العام على نحو يضر باالقتصاد الوطني للدولة". ورغم وجود ح كم مماثل لھذا في قانون النشر لعام 1980 فإن المادة 33 من القانون المنتظر ستكون ذات أثر أوسع بكثير نظرا لألزمة االقتصادية اإلماراتية غير المسبوقة التي تسبب فيھا اإلفراط في االستدانة وانفجار فقاعة سوق العقارات وتراجع أسعار النفط. وقد تراجعت أسعار العقارات بنسبة بلغت 30 في المائة في دبي على سبيل المثال وتراجع مؤشرا البورصة الوطنيين DFM وADX بمعدل %72 و %47.5 على التوالي في عام 27 2008. وقد فرضت الحكومة ضغوطا ھائلة على الصحفيين كي 28 تمنعھم من مناقشة حقائق ھذا التراجع. وألن المؤشرات االقتصادية كثيرا ما تتقلب بحيث ال يمكن التنبؤ بھا بشكل دقيق فقد Report on the Compatibility of "Desacato" Laws with the American 25 26 27 لجنة الدول األمريكية لحقوق اإلنسان التقرير السنوي 1994 Convention on Human Rights, OEA/Ser L/V/II.88, Doc. 9 Rev (1995). Desacato laws (معروف أيضا باسم قوانين االزدراء) تم استخدامه في عدة دول في أمريكا الالتينية للعقاب على أوجه التعبير التي ت عد مھينة أو مھددة للمسؤولين العامين. اللجنة انتھت إلى أن ھذه القوانين ال تخدم أي غرض مشروع وال تستقيم مع حرية التعبير في المجتمع الديمقراطي. كاستيلس ضد إسبانيا ح كم بتاريخ 23 أبريل/نيسان 1992 سلسلة أ رقم 236 فقرة 43. انظر: Dubai property prices decline, Dubai Chronicle, January, 2009, http://www.dubaichronicle.com/news/analisys/dubai-property-prices-decline-4107 28 انظر: Press pressure? Journalists sense chill from Emirates press authorities as bad news heats up, Associated Press, March, 2009, http://news.uk.msn.com/uk/article.aspx?cp-documentid=14684657 7
أبدى الصحفيون خشيتھم نشر األخبار االقتصادية بما أنھا قد ت عتبر 29 "م ضللة". وقالت مراسلة بنكية ومالية ل ھيومن رايتس ووتش إنھا فيما يمكنھا فھم اھتمام الحكومة اإلماراتية بمنع التقارير اإلخبارية بشأن االقتصاد التي ال أساس لھا من الصحة فإن الصياغة المبھمة للمادة 33 من شأنھا أن "تؤثر على الصحفيين السيئين والمحترفين 30 على حد سواء". وأضافت: "يجب أن يكون ھناك قانون أكثر تحديدا إذا أردنا منع [ھذه المقاالت التي ال أساس لھا من الصحة] من اإلضرار باالقتصاد. وكل موضوع يمكن أن يؤثر على االقتصاد. فإذا كتبت موضوع عن الديون غير المسددة في البنوك فسوف يضر باالقتصاد لكن ال يعني ھذا أنه يجب عدم الكشف عن ھذا الموضوع". وبدال من عقاب الصحفيين على المقاالت "المضللة" فينبغي على الحكومة أن تحاول أن تشجع على التغطية الدقيقة والمسؤولة عبر زيادة شفافية الحكومة واستعدادھا للكشف عن معلومات اقتصادية دقيقة حسب ما ذكر الصحفيون. وقال صحفي آخر ل ھيومن رايتس ووتش: "باعتباري صحفي ھنا فمن الصعب للغاية الحصول على معلومات دقيقة عن االقتصاد أو عن أي شيء آخر". وتابع: "يخشى المسؤولون الحكوميون التحدث إلى وسائل اإلعالم من ثم يعتمد الكثيرون من ا على معلومات غير مؤكدة وعلى الحديث غير المسموح بنشره إلى الناس... وال يخدم ھذا مصلحة أحد على النحو الواجب ال الح كام وال الصحفيين وال 31 الرأي العام". وبالتضييق على النقاش حول األزمة االقتصادية يستمر القانون الم نتظر في الحفاظ على نسق قمع الحديث عن القضايا التي ت رى حساسة في اإلمارات ويخرق الحق األساسي في حرية التعبير. وھذا القيد الوارد في المادة 33 من شأنه أن يقوض من صحة وصدق الصحافة ويفرض الضغوط على المنافذ اإلخبارية كي تصبح أبواقا للحكومة تبث األنباء اإليجابية. وخوفا من الغرامات الفادحة فسوف ت منع المعلومات من بلوغ األسواق والشركات وعناصر المجتمع المدني. فضال عن أن غياب التعريف الموثوق لمصطلحات مثل "مضللة" و"ضارة" في المادة 33 لھو مما قد يؤدي إلى التفسير غير الصحيح والتطبيق المنطوي على اإلساءة. ومنع نشر الحقائق االقتصادية األساسية قد يؤدي إلى زيادة اإلضرار باألسواق اإلماراتية وقد يطيل من مدة تراجع مؤشرات األسواق ويؤدي لخفض مستوى المعيشة لسكان اإلمارات. والقانون الم نتظر يجب أن ي عدل بحيث يشجع على الشفافية في األسواق ويبرھن على كفالة الحقوق المعترف بھا دوليا في التعبير الصحفي بإلغاء القيود من المادة 33 على تغطية أنباء االقتصاد. 29 30 31 المرجع السابق. مقابلة ھيومن رايتس ووتش مع صحفية في اإلمارات 25 مارس/آذار 2009. مقابلة ھيومن رايتس ووتش مع صحفي في اإلمارات 25 مارس/آذار 2009. 8
متطلبات إجرائية للمؤسسات اإلعالمية توصية: يجب تعديل القوانين اإلماراتية بحيث تنسجم مع المعايير الدولية بإلغاء المعوقات غير القانونية الخاصة ببدء المنظمات اإلعالمية العمل في اإلمارات. والمعوقات غير القانونية تشمل عملية الترخيص التي ال تتمتع بالشفافية ومبلغ التأمين الباھظ الذي يمثل عبئا كبيرا. توصية: يجب تعديل القانون اإلماراتي بحيث ينسجم مع المعايير الدولية بواسطة إلغاء أجزاء القانون التي تسمح بإغالق أو إلغاء أو سحب تراخيص اإلعالم. متطلبات الترخيص لمؤسسات اإلعالم ليست بالضرورة غير متسقة مع القانون الدولي ال سيما حين ال تتسم عملية الترخيص بالتمييز. لكن يمكن للحكومة استخدام القانون المنتظر صدوره في أغراض تمييزية إذا لم يتم تعديل القانون. المواد 6 إلى 8 و 18 و 22 من القانون المنتظر ورد فيھا قواعد للترخيص بأن يكون لدى المؤسسة خاصية الطباعة الدورية ولديھا دار للطباعة أو معدات بث إذاعية مرئية. ومتطلبات الترخيص الناجح تشمل على سبيل المثال أن يكون صاحب الترخيص مواطن إماراتي 32 وليس له سجل جنائي واألھم أن يوافق عليه المجلس الوطني لإلعالم. ومن المقلق أن ھذه المواد لم تذكر بوضوح المعايير التي سيطبقھا المجلس الوطني لإلعالم في موافقته على أو رفضه منح تراخيص اإلعالم مما يمنح الحكومة سلطة مطلقة في تحديد من يستحق أو ال يستحق نشر أو بث المعلومات في اإلمارات. باإلضافة إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان المشارك المتوقع دخوله عالم اإلعالم يمكنه الطعن في رفض منح الترخيص في المحكمة أم ال رغم أن المجلس الوطني لإلعالم ذكر أن الحق في الطعن في أي من قراراته أمام القضاء م تاح. ومن غير المبشر أيضا أنه يبدو أن القانون الجديد ي شجع على عملية ترخيص مطولة تمتد لمدة قد تصل إلى 180 يوما وبعد 180 يوما إذا لم يتلق المتقدم بطلب الترخيص الرد "يعتبر ھذا بمثابة قرار بالرفض". ويبدو من ھذه الصياغة أنھا إذن عملية مطولة وقد ال تنتھي بالتوفيق حتى إذا كان ينبغي لھا ھذا. وھذه المشكالت يصاحبھا أيضا احتمال التعسف واإلساءة في أثناء إجراءات الترخيص في خرق للعھد الدولي الذي قال إن "كل إنسان" يحق له الحق في حرية التعبير 33 "بأي قالب يختاره". وفيما يحق للحكومة المطالبة بترخيص وسائل اإلعالم الخاضعة الختصاصھا بشكل منظم فإنه من سوء استخدام السلطات ومن غير القانوني التدخل في حرية الصحافة لكي تحدد تعسفا ودون معايير واضحة وموضوعية من يستحق ومن ال يستحق الترخيص والعمل. وترك ھذه السلطة المطلقة على اإلعالم في أيدي الحكومة ھو بمثابة دعوة لإلساءة ويشكل ھذا خرق اللتزام الحكومة باحترام الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة. كما يطالب القانون المنتظر تطبيقه 34 بتقديم تأمين نقدي بمبلغ غير محدد ويمكن اختصام الغرامات منه. وبناء على المبلغ 32 33 34 في عام 2006 استبدل المجلس الوطني لإلعالم بوزارة اإلعالم بصفته الھيئة الحكومية المسؤولة عن الشؤون اإلعالمية. العھد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية مادة 19 تم تبنيه في 16 ديسمبر/كانون األول 1966 قرار جمعية عامة رقم 2200A U.N.T.S. 171 (XXI), 21 U.N. GAOR Supp. (No. 16) at 52, U.N. Doc. A/6316 (1966), 999 دخل حيز النفاذ في 23 مارس/آذار 1976 مادة.19 القانون االتحادي في شأن تنظيم األنشطة اإلعالمية 2009 مادة 9. 9
المطلوب فقد يمثل التأمين عائقا ال يمكن اجتيازه يقع على عاتق المؤسسة الراغبة في البدء في النشر والبث. وھذه الصعوبة يفاقم منھا مطالبة القانون الجديد بأنه إذا خصمت الحكومة الغرامة من مبلغ التأمين فعلى المؤسسة اإلعالمية المعنية أن ت كمل مبلغ التأمين المخصوم منه خالل 30 يوما. ونظرا ألن الغرامات قد تبلغ 5 ماليين درھم (1350000 دوالر أمريكي) فإن إعادة التمويل خالل شھر ھو مطلب غير منطقي إطالقا. وأحكام التأمين النقدي ھذه سيكون لھا أثر تمييزي على مؤسسات اإلعالم والصحافة الصغيرة التي تعمل بشكل مستقل عن تمويل الشركات أو مصادر الثروة األخرى. وفرض ھذه المتطلبات المالية الشاقة الباھظة سيؤدي إلى غياب األصوات المستقلة عن دائرة صناعة األخبار والمعلومات واآلراء التي كانت لتتوفر في اإلمارات لوال ھذا المطلب. والمادة 38 تضم ح كما قانونيا خطرا على نحو خاص مما يسمح بالمخالفات الفردية التي قد تؤدي إلى عقاب منظمة إعالمية بأسرھا. والقانون المنتظر يمنح الحكومة اإلماراتية سلطة تجميد إصدار ترخيص الصحف ومحطات اإلذاعة والقنوات التلفزيونية مؤقتا إذا انتھك حامل الترخيص ح كما من أحكام القانون. وبموجب المادة 38 فإن المراجعة القضائية مطلوبة لتجميد ھذه التراخيص. إال أنه بموجب ح كم تابع للمادة 39 فإن المجلس الوطني لإلعالم يمكنه أن يوقف مؤقتا تراخيص أي نشاط إعالمي خارج نطاق الصحف واإلذاعة والتلفزيون ألي فترة بال أجل مسمى وألي سبب (ال توجد حاجة لتحديده) ودون مراجعة قضائية. وھذه السلطة تقتصر فقط على شرط أن تكون ھذه اإلجراءات الخاصة بالتجميد في حالة "الضرورة". وقدرة الحكومة على تجميد أو إلغاء تراخيص اإلعالم حسب ھواھا ال تستقيم مع المتطلبات الخاصة بحرية اإلعالم. والمشكلة كبيرة إذا عرفنا أنه ال توجد إمكانية للمراجعة القضائية وال توجد معايير مذكورة إللغاء التراخيص كما ھو مذكور في المادة 39. والمطلب الوارد في المادة 38 بأن المخالفة الفعلية للقانون ال ت لطف كثيرا من المخاوف بأن يتم استخدام قانون اإلعالم بشكل ينطوي على التحيز أو سوء االستخدام لدى تطبيقه. وأي انتھاك مھما كان قليل أو غير ذات أھمية يمكن أن يسمح بتجميد ترخيص المؤسسة اإلعالمية من قبل الحكومة اإلماراتية. من ثم يجب إلغاء المادتين 38 و 39 من قانون اإلعالم المنتظر إصداره. واألحكام الخاصة بالتجميد مثيرة للقلق ألعضاء الجماعة اإلعالمية في اإلمارات في الوقت الحالي. وفي مقابلة مع ھيومن رايتس ووتش أوضح محمد يوسف رئيس جميعة الصحفيين اإلماراتيين الحاجة إلى: "[إلغاء] األجزاء من القانون المنتظر التي تدعو إلى إغالق أو منع أو إلغاء التراخيص الخاصة بالصحف. ومثل ھذه األحكام تشمل العقاب الجماعي ومن ثم فھي محظورة بموجب القانون المحلي والدولي وحتى الشريعة اإلسالمية. 35 أيضا ". وھذه األجزاء من القانون تشمل عقاب جميع العاملين وأسرھم ويجب تعديل القانون المنتظر صدوره بحيث يعالج مصادر القلق ھذه. 35 مقابلة ھيومن رايتس ووتش مع رئيس جمعية الصحفيين اإلماراتيين محمد يوسف 3 مارس/آذار 2009. 10
العقوبات توصية: يجب إضافة ديباجة للقانون تذكر صراحة وجوب عدم معاقبة الصحفيين بالحبس أو غير ذلك من العقوبات الجنائية جراء ممارسة حقھم في حرية التعبير على النحو الوارد في أحكام القانون الدولي ذات الصلة. تدابير الحماية الدولية لحرية التعبير مقصود بھا تطمين المتحدثين إعالميا إلى أنه باستثناء في أضيق الظروف الموصوفة عاليه لن يتعرضوا للمسؤولية القانونية سواء مدنية أو جنائية. وخشية المرء التعرض للعقاب ال سيما العقوبات الجنائية ت جمد اإلعالم وتھدد تقدم المشروع الوطني. وعلى ضوء استعداد اإلمارات السابق لحبس المشاركين في التعبير بحرية فإن القانون الجديد إن لم ي بين فيه جيدا فسوف يستمر في تعريض المؤسسات اإلعالمية النعدام ثقة ويقين في األوضاع بمعدل ھائل. ويجب إضافة صياغة إلى مشروع القانون نفسه إلى الديباجة تشير إلى التراجع بشكل واضح عن العقوبات الجنائية بحق الصحفيين على النحو الم بين في القانون الدولي. ومن شأن ھذا المنھج أن يكون متسقا مع القانون الدولي وأن يعكس قرار الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي أصدر تعليمات 36 بأال "يتم سجن أي صحفي ألسباب متصلة بعمله". وأية عقوبة سواء مدنية أو جنائية تلحق بممارسة الحق في حرية التعبير تعارض القانون الدولي المقبول والممارسات الفضلى الدولية باستثناء في أضيق الظروف. والمشكلة جسيمة بشكل خاص حين يكون من المحتمل فرض عقوبة بالسجن جراء ممارسة حرية التعبير. وللحفاظ على سالمة العمل اإلعالمي فمن الضروري أن يفھم الصحفيون أنھم محميون من الحبس. وعلى الحكومة اإلماراتية أن ت علن ھذا األمر بوسيلة رسمية. إدارة الحكومة لشؤون اإلعالم توصية: يجب تعديل قانون اإلعالم اإلماراتي بحيث يصبح متفقا مع المعايير الدولية إلزالة أي أوجه للرقابة الحكومية على قرارات االستقدام للعمل في المؤسسات اإلعالمية. الحق في حرية التعبير يشمل الحق في تنظيم وإدارة وتشغيل المنافذ اإلعالمية بعيدا عن التدخل الحكومي. والقدرة على تكليف العاملين بالعمل واستقدامھم تعكس رؤية المؤسسة ويجب أال تتدخل الحكومة في رؤية المؤسسة بإشرافھا على اإللحاق بالعمل. والقانون المنتظر يمنح سلطة مطلقة للمجلس الوطني لإلعالم بأن ينظم "إلحاق أي شخص للعمل محررا أو كاتبا أو مراسال أو 37 مذيعا أو معدا أو مخرجا ". وللمجلس سلطة "وضع الشروط والضوابط" لقرارات اإللحاق بالعمل. وھذه السلطة عرضة لسوء استخدامھا بشكل خاص. على سبيل المثال يمكن للحكومة استخدام ھذه السلطة كأداة للتمييز وعقاب الصحفيين الذين يتحدثون ضد الحكومة برفض السماح لھم بالعمل. ويمكن للحكومة دفع المؤسسات اإلعالمية إلى التخفيف من محتوى موضوعاتھا التي تنشرھا وتبثھا باستخدام سلطتھا الرقابية على اإللحاق بالعمل كعامل ضغط أو بالتھديد بحرمان المؤسسة من أن تلحق بالعمل لديھا مذيع أو صحفي مھم. وسجل اإلمارات الخاص باإلساءات يشير إلى أن ھذه االحتماالت 36 انظر: Journalists cannot be jailed for work, says UAE Prime Minister, Newswatch Desk, September, 2007, http://www.newswatch.in/features/178 37 القانون االتحادي في شأن تنظيم األنشطة اإلعالمية 2009 مادة 10. 11
واقعية. والسماح لألحكام القانونية المعرضة لسوء استخدامھا بأن تصبح قانونا نافذا قد تعرض سالمة المجتمع اإلعالمي اإلماراتي للخطر. ويجب تعديل القانون المنتظر إصداره تبعا لھذا المنطق. 12