Artical History Received/ Geliş Accepted/ Kabul Available Online/yayınlanma 13.06.2012 20.07.2012 01.00. 2012. New Trends and their Implications for International Relations: Religious and Cultural Approaches االجتاهات التنظريية اجلديدة و انعكاساهتا على العالقات الدولية: ادلقاربة الدينية و الثقافية مجال بن مرار أستاذ حماضر قسم "ب" جامعة اجلياليل بونعامة مخيس مليانة ادللخص أفرزت التحوالت السياسية و الدولية رتلة من التعقيدات و التغ تات سواء يف العالقات الدولية أو النظم السياسية أو يف الب ت اإليديولوجية و ادلفاىيمية إف ظاىرة األزمات ىي إحدى حقائق العالقات و عامل اليو يتميز ابدلتغ تات السريعة اليت أسفرت على توترات شىت النارتة عن اختالؿ توازانت القوى الكربى مع سعي القوى األخرى إىل حتقيق مزيد من االستقاللية و النمو ما أدى إىل صراعات عنيفة و حتالفات متعددة التوجهات و دتخض عن ذلك أزمات عادلية و إقليمية و زللية متعددة الوجوه ذات طبيعة ومتعددة راجع إىل تغييب ادلنظرين لعامل الثقافة زمنية و مكانية مركبة و الدين كمستوى حتليل و أتث ته يف العالقات الدولية و ركز ت على ادلصا ف و األمن يف مقارابهتم و يف ىذا الصدد ربط ب ت العودلة و عودة الدين من زاويت ت: تسارع العودلة وإفرازاهتا واقتصاداي وثورة االتصاالت حيث ربطت اجلماعات الدينية يف العامل العامل ادلعاصر أصبح وحدة متقاربة سياسيا واجتماعيا و ثقافيا ابت أاي من كياانتو ع رضة ألزمات و أبرزىا التغ تات العادلية اليت أخلت مبوازين 402
القوى العادلية و اإلقليمية أوجب رصدىا و حتليل حركتها و اجتاىاهتا و من مث العمل على التكيف مع ادلتغ تات و حتريك الثوابت و قوى الفعل ادلختلفة ذات التأث ت السياسي و االقتصادي و االجتماعي و كذلك الثقايف واحلضاري. الكلمات ادلفتاحية: ادلقاربة العالقات الدولية توازف القوى العودلة. Abstract The political and international transformations have produced a number of complexities and changes, both in international relations and political systems or in ideological and conceptual structures. The phenomenon of crises is one of the realities of relations. The world today is characterized by rapid changes that have resulted in various tensions resulting from imbalances of major powers, With the other powers seeking to achieve greater independence and growth, which led to violent conflicts and multioriental alliances, resulting in global crises, regional and local multifaceted nature of time and spatial complex and multiple, due to the absence of theorists of the factor of culture and religion Km The analysis and its impact on international relations focused on the interests and security in their approaches. In this regard, globalization and the return of religion were linked from two angles: the acceleration of globalization and its repercussions and the revolution of communication, where religious groups were linked in the world; the contemporary world became a politically, Culturally, any of its entities has become vulnerable to crises, most notably the global changes that have upset the balance of power, global and regional, necessitated monitoring and analyzing its movement and direction, and thus working to adapt to the variables and move the constants and different forces of action with political, economic and social influence. Aa, as well as cultural and civilization. Keywords: Approach, International Relations, Balance of Power, Globalization. قامت سلسلة متوالية من واضعي النظرايت عرب كتاابهتم مبحاوالت إلثبات أف توازف القوى يوفر األسس اليت ي ب ت أي فهم للعالقات الدولية و منها: كتاب " السياسة ب ت األمم" 1948 للكاتب " ىانز ج. مورغنتو و كتاب " اجملتمع الفوضوي" 1977 للمؤلف " ىيديل بوؿ" و كتاب "نظرية السياسة الدولية " للكاتب " كينيث ف. ولتز" وكتاب: "مأساة سياسات القوى الكربى" 2001 للمؤلف " جوف ج. م تشاؽلر". 403
ادلدخل: إف التحوالت ما بعد احلرب الباردة و انعكاساهتا على مستوى الدويل و تغ ت ادلفاىيم فقد دتثلت طبيعة وزلتوى التحوالت االنتقاؿ من حالة الصراع االيديولوجي ب ت الكتلت ت الشرقية و الغربية إىل التنافس االقتصادي فقد تنبأ رواد مدرسة هناية االيدولوجيا يف منتصف اخلمسينيات من القرف ادلاضي بروز النزاعات و الصراعات على ادلستوى الدويل خاصة اذلوية الوطنية و تغ ت اخلارطة اجليوسياسية يف أورواب الشرقية ويدعم ذلك التصريح الرئيس الوالايت ادلتحدة األمريكية "جورج بوش" أثناء أزمة اخلليج الثانية "أبف نظاما دوليا جديدا بدأ يف التشكل و يقو على اح تا القانوف الدويل و تسهر على زتايتو أمم متحدة فعالة" فقد ساد أبف حرب اخلليج الثانية دتثل احلد الفاصل ب ت نظا قدمي و نظا دويل قيد التشكل نظا دويل جديد يف إطار إرادة و مصا ف و تصورات الطرؼ ادلنتصر حيث يلح "ىنري كيسنجر" على أف الوالايت ادلتحدة األمريكية ستبقى طرفا يف اللعبة الدولية الكربى لكن فقط إذا كانت يف موقع يؤىلها إلعادة صياغة قواعد ىذه اللعبة وفق ما ينسجم مع صاحلها.)ىنري كيسنجر ىل حتتاج أمريكا إىل سياسة خارجية 2002 ص 77 (. طبيعة الدور الوالايت ادلتحدة األمريكية يف النظا الدويل اجلديد فقد يتخذ شكل اذليمنة و السيطرة ادلطلقة إنطالقا من ادلقومات القوة االقتصادية و العسكرية و القيمية اليت تنفرد هبا الوالايت ادلتحدة األمريكية أو يكوف ىذا الدور يف صيغة قيادة نظا دويل جديد تساىم يف تنشيطو و تتحمل اجلزء األكرب من أعبائو ومسؤولياتو رلموعة من الدوؿ تتقاطع مع الوالايت ادلتحدة األمريكية يف القيم و األىداؼ و التصورات. إف ىذا الوضع اجلديد يؤدي إىل إعادة النظر يف ادلقارابت النظرية و التفس تية للمرحلة اجلديدة و منها: تغ تات البنيوية بناء نظا دويل. تغ تا جوىراي يف وحدات و متغ تات التحليل أي مستوى التحليل يف العالقات الدولية. تنازؿ الدولة عن كث ت من وظائفها و اختصاصاهتا لفواعل داخلية و خارجية و ذلك من أجل حتقيق ادلزيد من الفعالية و العقالنية يف الشؤوف الداخلية و تدعيم روابط االعتماد ادلتبادؿ على ادلستوى الدويلهتلهل مبدأ السيادة. 404
إف اجتاه الدولة إىل حتقيق الرفاه االجتماعي إنعكس على طبيعة و زلتوى السياسة اخلارجية حيث كسر التفرقة التقليدية ب ت الشؤوف الداخلية و الشؤوف اخلارجية حيث أنو غ ت ميزاف القوة ب ت ما يسمى ابلسياسة العليا مسائل السيادة و األمن و السياسة الدنيا الشؤوف االقتصادية و االجتماعية لصا ف األخ تة و من حيث أنو قلص بشكل كب ت مستوى مراقبة و ىيمنة الدولة على ادلستوي ت الداخلي و اخلارجي. بروز فواعل ذلا دور يف البيئة اخلارجية كالشركات ادلتعددة اجلنسيات اليت أدت إىل خلق أظلاط جديدة من االستهالؾ و حتوؿ الوالء من الدولة القومية إىل التنظيمات فوؽ قومية. أف هناية الصراع اإليديولوجي مالئمة القوة العسكرية تقليص أدى إىل بروز احلروب الالدتاثلية عديدة منها : الصوماؿ أفغانستاف العراؽ. الدور العسكري و قد برىنت بعض النزاعات على عد و ذلك لطبيعة النزاعات يف حد ذاهتا و األمثلة و قد شكل الرأي العا الداخلي و الدويل اعتبارا آخر يف تراجع مكانة ادلتغ ت العسكري حبيث تعرضت الوالايت ادلتحدة األمريكية إىل عدة انتقادات بسبب التدخالت العسكرية يف الصوماؿ ىاييت البوسنة العراؽ أفغانستاف و ذلك حبكم عد شرعية عمليات التدخل من جهة و عد ارتباطها ابدلصا ف احليوية لوالايت ادلتحدة األمريكية. ىيمنة الفكر الواقعي أدى إىل تفعيل العامل العسكري ليتبلور نقاش واسع يف األوساط األكادؽلية و الرمسية حوؿ طبيعة العدو الذي ؽلكن أف يشكل خطرا على ادلصا ف احليوية لوالايت ادلتحدة األمريكية يف القرف الواحد و العشرين. أف مسالة العدو مبثابة ادلكو ف الرئيسي النسق الفكري األمريكي الذي من خاللو تتم عملية إضفاء الشرعية على السلوكيات و عليو دعمت نزعة صناع القرار يف الوالايت ادلتحدة األمريكية على استعماؿ القوة حبكم اقتناعهم بضرورة زعامة و ىيمنة على التفاعالت ما بعد احلرب الباردة. زايدة أعلية الدور الثقايف و الدي ت أد ى إىل ضرورة ملحة ألف النظرايت و النماذج اليت ط ورت أفرطت يف ال تكيز على أعلية العوامل السياسية و االيدولوجيا و العسكرية و أعللت إىل حد كب ت ادلتغ تات الثقافية والدينية و ذلك من خالؿ أعلية االعتماد ادلتبادؿ ب ت اجملتمعات اليت عجلت بضرورة البحث عن مقارابت و األطر النظرية مناسبة لتفس ت التفاعل و ال تابط ب ت األمم يبدو أف الدولة ال تتحكم إال بنسبة 405
ضئيلة منو ذلك أف ادلسائل الدينية و الثقافية انتقلت لتحتل مركز االىتما يف النظا الدويل و ىو ما يفسر ادليوؿ ادلتزايد لتوظيف العامل الدي ت و الثقايف للقوى الكربى. ظاىرة االنتشار خاصة األزمات االقتصادية برىنت على عجز الدوؿ و احلكومات عن التحكم يف انعكاساهتا لذلك فإف القوة مل تعد موزعة ب ت الدوؿ بل ىناؾ قوى و فواعل أخرى تتقاسم معها القوة وعليو ضرورة االىتما هبذه احلقيقة عند بناء ادلقارابت النظرية لتفس ت الظواىر. إف مسائل اخلالؼ و النزاع ب ت الدوؿ يف عدة ادلسائل ىو أف الفواعل غ ت حكومية ال ؽلكن أف تتجرد من والءاهتا الفكرية و القومية و العقائدية. دور و مكانة ادلتغ ت األخالقي أي ال تكيز على ضرورة التقيد ابدلبادئ األخالقية و قد ساعد على إعادة إحياء ىذا االجتاه هناية الصراع اإليديولوجي و اهنيار الكتلة الشرقية شلا ساىم يف ىيمنة مبادئ و قيم النموذج الغريب عودلة النموذج الغريب على التفاعالت الدولية و مت بروز مسألة األخالؽ يف العالقات الدولية من خالؿ طرح قضااي: حقوؽ اإلنساف حقوؽ األقليات احلرايت الفردية ادلمارسة الدؽلقراطية و غ تىا من القيم اليت تعد مبثابة احلدود اليت ال غلب جتاوزىا يف سلوكيات الدوؿ الداخلية و اخلارجية و هبذا الصدد يرى "جورج شولتز" أف اإلعالف عن االستقالؿ الوالايت ادلتحدة األمريكية كاف مبثابة وضع و تقدمي رلموعة من ادلبادئ و القيم األخالقية العادلية. توجهات العودلة:.I إف الرغبة الوالايت ادلتحدة األمريكية يف نشر نظامها اخلاص و مبادئها إىل سلتلف أضلاء العامل تستقي قوهتا و مشروعها من ادلبادئ األوىل لنسق الفكري األمريكي البعد الربوتستانيت الدي ت حيث ساد االعتقاد لديها أف مبادئها و قيمها اإليديولوجية و العقائدية ىي مبادئ ألالىية ال ختطئ و على أساسها بعثت األمة اجلديدة اليت اختارىا هللا لقيادة العامل إىل مستقبل زاىر. و رغم اذليمنة األمريكية على ىذا النظا إال أنو ؼلتلف من حيث الفواعل و من حيث أسس و مقومات القوة يرى "ج.جوزيف اني" يف كتابو:"مفارقة القوة األمريكية" أف القوة يف عصر العودلة الذي دتيزه الثورة يف ادلعلومات موز عة مثل لعبة الشطرنج بثالثة أبعاد و ىي : الرقعة العليا العسكرية: أحادية القطب تتفوؽ الوالايت ادلتحدة األمريكية على رتيع الدوؿ. )01 406
02( الرقعة الوسطى االقتصادية: متعددة األقطاب: الوالايت ادلتحدة األمريكية+أورواب+الياابف= 3/2 من اإلنتاج العادلي. 03( الرقعة السفلى العالقات فوؽ قومية: و اليت تعرب احلدود بدوف أف تسيطر عليها احلكومات فهي موز عة على نطاؽ واسع ب ت رلموعة من التنظيمات. II.صراع احلضارات: يروف أصحاب ىذا الطرح أف العوامل احلضارية سوؼ هتيمن على التفاعالت الدولية يف ادلستقبل و أ ف شكل العامل يتحدد نتيجة تفاعالت ب ت سبعة أو ذتانية حضارات أساسية. ( Huntington, Samuel The Clash of Civilisation, 1993.) إف االتفاؽ على معاي ت وقيم مش تكة إلدارة العالقات ب ت اجملتمعات و عقلنة و تقييد سلوكيات حكوماهتا اخلارجية أمر صعب حىت لو سلمنا أبعلية التحوالت اليت وقعت يف العالقات الدولية يف ف تة ما بعد احلرب الباردة و بضرورة تطوير األدوات ادلنهجية و النظرية لفهم حقيقة األوضاع ادلعقدة..III االجتاهات النظرية التكوينية )ما بعد الوضعية(: تتميز احملاوالت التنظ تية التكوينية ابلنسبية )Relativity( يف بناءاهتا و التعددية )Pluralism( يف تركيزىا على فهم الظواىر السياسة الدولية. و من ىذه االجتاىات التنظ تية ما بعد الوضعية لدينا: النظرية االجتماعية النقدية: و ىي نظرية حتسب على التيار ادلاركسي على ادلتغ تات العتمادىا.1 االجتماعية و الثقافية و على ادلادية التارؼلية وفق ادلنهج اجلديل. ترى النظرية إمكانية خلق رلتمع ما بعد السيادة الذي يقو على أسس معيارية و أخالقية و ىدؼ النظرية عقلنة سلوكيات و شلارسات االجتماعية الدولية اذلادفة إىل إحداث حتوالت عميقة يف العالقات االقتصادية و الطبقية على ادلستوى الداخلي و اخلارجي و من روادىا " ماؾ ىوفماف" و ىو من مدرسة فرنكفورت اليت ترفض مفهو الفوضى الدائمة حسب التفس ت ادلدرسة الواقعية. 407
أ. و ادلالحظ أف جل ادلفكرين ليسوا أمريكي ت منهم: " ىابرماس" فقد تبنوا ادلادية التارؼلية وفق ادلنهج الدايلكتية ىربرت ماركوز" "ماكس ىوركهاير" "يورغن عالقة جدلية صراعية ب ت فئات اجملتمع و حتديد طبيعة العالقات االجتماعية و أظلاط القوى على أساس عاملي الثقافة و االيديولوجيا و عليو ىناؾ اجتاى ت ؽلثالف االجتاه ادلاركسي يف ىذا الصدد و علا: صنف يركز على مفهو ادلادية التارؼلية و ؽلثل ىذا االجتاه كل من: "أنطونيو غرامشي"و "إريك ىاسبو". ب. صنف يستند إىل ادلاركسية البنيوية و ؽلثل ىذا االجتاه كل من: "آلتيسار"و "بولنزار". الصنف األوؿ الذي ؽلثلو "أنطونيو غرامشي" و الذي يتمحور حوؿ دور الثقافة و االيديولوجيا يف حتديد أشكاؿ و طبيعة العالقات االجتماعية أساس كل شيء و جوىر كل فكر. و أظلاط صراع القوى و بذلك ينتقدوف ادلنهج ادلاركسي الذي يعتقد أف ادلادة ىي 2. النظرية البنائية: تعترب اجلسر الرابط ب ت االجتاىات التفس تية و ما بعد وضعية التكوينية و ترجع أصوؿ النظرية البنائية إىل الفيلسوؼ االيطايل "جيونباتستا فيكو" فهو يرى أف العامل الطبيعي من خلق هللا لكن العامل التارؼلي ىو من صنع االنساف. و يعترب "نيكوالس أوانؼ" أوؿ من استعمل مصطلح البنائية يف كتابو:"عامل من صنعنا" منتقدا فرضيات وأفكار الواقعية "والتز"و "ألكسندر واند" الذي لقب أبب البنائية و اليت يعتربىا منهج للعالقات الدولية ويف تض مايلي: أف الدوؿ ىي الوحدات األساسية للتحليل. تذااتنية InterSubjectivity الب ت األساسية للنظا القائم على الدوؿ. تتشكل ىوايت و مصا ف الدوؿ يف إطار نسق م تابط بفعل الب ت االجتماعية ضمن النظا. 408
ينظر البنائي ت للواقع نظرة تذااتنية ألنو حصيلة ذلك االتصاؿ االجتماعي الذي يكفل لو تقاسم بعض ادلعتقدات و القيم و تركيز البنائية على عصر اذلوية Identity كمسألة جوىرية بعد احلرب الباردة وكيفية التعامل اذلوايت مع الطريقة اليت تستوعبها الدوؿ و تستجيب دلطالبها. أمثلة ذلك: بروز قضااي األقليات و حتوؿ الصراع :من صراع ب ت الدوؿ أثناء احلرب الباردة إىل صراع داخل الدوؿ بعد احلرب الباردة. قضااي اإلرىاب و حتوؿ الصراع: من صراع االيديولوجي أثناء احلرب الباردة إىل صراع حضاري بعد احلرب الباردة..IV نستنتج من ذلك: أف صناع القرار يلعبوف على أواتر االنتماءات العرقية و الثقافية و ىو ما يوضح وجود عدة فواعل و ليس فاعل واحد و وحيد يف النظا الدويل بعد احلرب الباردة و لفهم و إبراز أفكار و معتقدات الفاعل ت الذي أقحموا أنفسهم يف النزاعات و الصراعات الدولية يرى البنائيوف يف اختبار ما يوجد الكرايت البليار و ىو عكس التصور الواقعي للوصوؿ إىل إدراؾ تصور معمق بشأف الصراعات ابالعتماد على أتث ت األفكار و الوعي اإلنساين حسب البنائية ألف الواقع االجتماعي ليس وحدة مادية خارج الوعي اإلنساين ألف كينونتو مرىونة بكينونة البشر. الدين و قضااي العالقات الدولية: عودة الدين أسبابه: كاف االعتقاد الشائع لدى الناس عموما و يف الغرب خصوصا يف بداية القرف العشرين أف الدين سيموت وؼلرج هنائيا من حياة الناس االجتماعية و السياسية ة العالقات الدولية اليت كانت سائدة يف ف تة اإلمرباطورايت الكربى. 409
فقد كانت االكتشافات العلمية و التطورات التقنية و التكنولوجيا ادلتالحقة وما ترتب اجملاالت الصناعية و الثقافية و انتشار قيم ادلنفعة و اللذة و األفكار الداروينية على تطبيقاهتا يف و بروز العلم و الفلسفة و مناىجو النقدية القادرة على تفس ت الظواىر الكونية بعيدا عن الالىوت و بروز الدولة القومية العلمانية اليت تقو على قاعدة الفصل ما ب ت السلطة الزمنية و السلطة الروحية و حتررىا من منظومة القيم على الدينية اليت حتدد ذلا سلوكها و نشوء العالقات الدولية و القانوف الدويل و مواثيقها و مؤسساهتما على منع التأث تات العرقية أو الدينية فيما أغري البعض بنسياف الدين و قد تعززت االجتاىات اليت ترى أف الدين أصبح من بقااي ظالمات ادلاضي وأنو سيعرؼ اضلدار متسارعا يف أعماؽ الظاىرة االجتماعية اليت بدأت يوما ما زلكومة مبنظور دي ت مطلق " الدين األسطوري".)سيمجموند فرويد مستقبل الوىم تررتة: جورج طرابيشي ب توت: دار الطليعة ص 13 (. زادت ىذه الثقة ب تاجع و انداثر الدين أما العلم احلديث و تطبيقاتو و دفع البعض إىل رفض الفكر العقائدي و التشكيك يف كل ما ؼلالف العقل ادلادي. )أوجست كونت بنية الثورات العلمية تررتة: قاسم حداد ب توت: ادلركز العريب لل ترتة 2007 ص 45 (. و أظهر العلم القدرة على منح اإلنساف الرفاىية و السعادة و أسرار الكوف خاطفا األعلية الوظيفة للدين قدؽلا بعد إف كانت قيمتو كامنة بشكل أساسي يف فهم و تفس ت الظواىر الكونية و العامل على طريقتو الغيبة يف غياب العلم احلقيقي الذي يستند على ادلالحظة و التجارب احلسية و اعتماد العقل الوسيلة الوحيدة للمعرفة واستنباط احلقائق و القوان ت ادلفسرة للظواىر. و ساعلت أخطاء و استبداد ادلؤسسات الدينية الغربية اليت كانت حترص على احملافظة على سلطتها اإلذلية ادلف تضة ابستعماؿ الدين و استغاللو للمعاقبة العلماء الفالسفة و قمعها للعلم ابسم الدين زاد من سخط الناس و دعوهتم لالنعتاؽ و التحرر و حفز ذلك لنهوض الثورات ضد ادلؤسسات الدينية و على رأسها الكنيسة و قد كانت الثورة الفرنسية ىي األبرز إذ قضت على السلطة الكنيسة و أقصتها من اجملاؿ الزم ت. )برىن غيلوف نقد السياسة و الدين ادلركز الثقايف العريب الدار البيضاء ص 28 (. و بقيا الثورة الروسية الشيوعية 1917 اليت أنكرت الدين دتاما و اعتربتو يعمل ضد مصا ف اجلماى ت. )مايكل لوىف ادلاركسية و الدين تررتة: بش ت السباعي ب توت: سلسلة دروس ماركسية 1988 ص 26 (. 410
يف مراحل اتلية أدى بروز فلسفات دنيوية احتلت الصدارة يف ملهمات اإلنساف و تقدير ظرؼ حياتو وتربير وجوده بدفع الناس للتخلي عن الدين كمصدر للقيم و االنتماء و اإلذلا و النظر إليو من منظور كمعطى رجعي و ظالمي و ابتت احلكومات و احلركات االجتماعية تعرؼ من خالؿ انتمائها إلحدى اإليديولوجيات والفلسفات ادلادية العلمانية الكربى: الرأمسالية الشيوعية الفاشية السلطوية اليت ىيمنت على اجلداؿ السياسي و شكلت خريطة التحالفات يف العالقات الدولية و النزاعات العادلية و طرحت أظلاطا ؽلكن للدوؿ أف تنسج على منواذلا لتنظيم سياساهتا. )صمويل ىنتغتوف أمريكا األان و األخر من ضلن اجلدؿ الكب ت تررتة: عثماف اجلبايل ادلركز العادلي للدراسات و أحباث الكتاب األخضر بنغازي 2006 ص 398 (. أسهمت احلداثة و قيم التحديث يف زايدة غربة الدين فاألفكار التنويرية اليت أصبحت تؤسس قناعات الناس على العقالنية و ادلادية و تدش ت مركزية اإلنساف الكونية و تركيز السلطة االجتماعية و السياسية داخل أجهزة زلكمة و حترير تقاليد ادلمارسة السياسية و ادلشاركة العامة من ما اعتربتو وىم وخرافة و أتسيس القيم و النواميس و جعلها علمانية صرفة ال ختضع ألية عقيدة أو موقف مع ت عمقت من االبتعاد عن الدين و الدعوة إىل ذلك و عد التناىي من سطوتو و أساط ته و حتويلو يف ظل احلداثة جملرد مؤسسة تضاؼ للمجتمع ادلدين. )فتحي تريكة رشيدة ال تيكي فلسفة احلداثة ب توت: مركز اإلظلاء القومي 1992 ص 9 (. و ساير معظم ادلفكرين و الفالسفة و العلماء نظرية إقصاء الدين فكانت من ب ت القناعات اليت مل يرؽ إليها كث ت من الشك لدى مفكري القرف التاسع عشر إف ادلكانة اليت كاف ػلتلها الدين قد عدت شيئا من ادلاضي اعترب "ىيغل" مثل مفكري العصر األنوار قبلو إف العقل بدقتو ادلفهومية قد ختطى الدين و صور "فيور ابخ" يف كتابو "جوىر ادلسيحية يف عا 1841" عالقة اإلنساف ابإللوىية على أهنا لعبة قوية زلصلتها الصفر و رأى إف اإلحلاح على اإلؽلاف و التقي ينقص من دفعة الغاايت اإلنسانية.)سلوى اخلطيب نظرة يف علم االجتماع ادلعاصر مطبعة النيل 2001 ص 476 (. كارؿ ماركس حاوؿ تطبيق نظريتو يف الصراع على الدين الذي رأى أنو يستخد إلابحة عد ادلساواة والتمييز ب ت الطبقات و يضفي طابع الشرعية على الفروؽ الطبقية يف اجملتمع عن طريق خلق الوعي الزائف لدى الناس الدين كوعي زائف معناه قبوؿ الناس لشيء يكوف ضد مصاحلهم فإذا ما اقتنع الفرد مببادئ تضر مبصلحتو الشخصية و يستفيد منها اآلخروف ففي ىذه احلالة يعترب ىذا الشعور شعورا زائفا ألنو ؼلد أغراض اآلخرين وىذا 411
ما يؤديو الدين دلصلحة الطبقة ادلسيطرة لذلك رأى ماركس الذين سلبيا ابعتباره يسعى للحفاظ على اجملتمع على ما ىو عليو و ال يشجع على التغي ت وال يعا ف مشاكل الظلم و عد ادلساواة و لكنو ػلاوؿ أف ؼلفف من معاانة األفراد و آالمهم بوعدىم الثواب يف اآلخرة. )سلوى اخلطيب نظرة يف علم االجتماع ادلعاصر القاىرة: مطبعة النيل 2001 ص 477 (. ىذا ما يقتضي يف عرؼ ماركس إلغاء الدين كسعادة وعلية من أجل سعادة البشر الواقعية و احلق والسياسية اليت ختلق السماء و الدين و الالىوت " فالدين أفيوف الشعوب". أما "نيتشو" فقد أعلن "موت أخالقية العبيد أو منظومة أولئك الذين لويوال.)فريدريك 1938 ص 76 (. اعتقاديو اإللو" على لساف زرداشتست أحد أبطاؿ كتبو و وصف ادلسيحية أبهنا عامية مبتذلة تالء اخلانع ت و اجلبناء ومل يقرظ من ب ت شلثلي ادلسيحية سوى وجدوا متعة ابلغة يف وقوفهم أما زلاكم التفتيش اليت كانت أتمر حبرقهم مثل اغناطيوس نيتشو ىكذا تكلم زرداشتت تررتة: فيلكس فارس أما ماكس فيرب الذي أىتم بدراسة الدين و عالقتو النظم السياسية و اإلسكندرية مطبعة جريدة البص ت أفرد مبحثا لدراسة الدين و عالقتو ابلرأمسالية اع تؼ أف االيدولوجيا العلمانية ستحل زلل الدين كمصدر الشرعية و الفعل االجتماعي يف رلتمعات القرف العشرين. فقد أبدوا ادلفكرين القرف العشرين ثقة متزايدة من أف العلم سيطيح ابلدين و ػلل زللو ورلد ىؤالء ادلفكرين العقل و قدموه على العقيدة كمصدر للفهم البشري و اعتقدوا بشكل واسع أف البشرية تتحرؾ إىل مرحلة العقالنية و الرباغماتية و العلمانية و أوضح "سيجموند فرويد" احمللل النفسي يف كتابو: "مستقبل الوىم" إف العقائد الدينية غ ت قابلة للتدليل...وال تتالء مع كل شيء اكتشفناه حوؿ حقيقة العامل و أهنا ببساطة ضالؿ و أوىا. )صمويل ىنتغتوف أمريكا األان و اآلخرين من ضلن اجلدؿ الكب ت تررتة: عثماف اجلبايل بنغازي ادلركز العادلي لدراسات و أحباث الكتاب األخضر 2006 ص 399 (. و على مستوى حتليل العالقات الدولية فإف العلماء و ادلنظرين جتاىلوا الدين وأتث ته يف العالقات الدولية يف مقارابهتم وركزت أدبيات العالقات الدولية على االىتما ابدلصا ف و األمن أتث تا منهم بوثيقة وستفاليا اليت منعت 412
وحدات اجملتمع الدويل من جعل الدين معيارا لعالقاهتا وتبعا لذلك فإف نظرية العالقات الدولية قد جتاىلت الدين دتاما وساعلت ادلركزية الغربية يف العلو االجتماعية ىي األخرى يف عزؿ الدين عن العلو ابعتبارىا مركزية ال تع تؼ هبذا ادلكو ف الدي ت و أسهم ذلك بدوره يف زايدة إبعاد الدين من العالقات الدولية. وخالفا لكل التوقعات و النظرايت اليت تنبأت ابنقراض الدين انقلب الوضع يف الربع األخ ت من القرف العشرين وجد انبعاث شامل لألدايف تقريبا وقد ظهر جليا يف كث ت من الدوؿ فقد ظلت احلركات الدينية ظلوا كب تا وكسب األنصار حىت يف أكثر البالد علمانية كأورواب مثال اليت برزت فيها أصوات ال تعارض مكتسبات عصر األنوار وال ترفضها ولكنها ال تستطيع إعلاؿ مشكلة الدين عن طريق طرده من الساحة ال ؽلكن أف يدو ىذا الطرد إىل األبد. )فتح ال تيكي رشيدة ال تيكي فلسفة احلداثة ب توت: مركز اإلظلاء القومي 1992 ص 10 (. ويف الوالايت ادلتحدة األمريكية اليت دتتلك ترااث حداثيا علمانيا أخذ دور الدين يف التنامي للدرجة اليت دتوضع معها يف أجندة السياسات الداخلية و اخلارجية وصوال إىل صعود اليم ت الدي ت إىل سدة ادلؤسسات السياسية الكربى مع تويل بوش االبن رائسة الوالايت ادلتحدة األمريكية العا 2000 و خلص تقرير كمي شامل حوؿ األدايف يف العامل إىل نتيجة صرػلة مفادىا إف معظم دوؿ العامل و أغلبية سكاف العامل ؽلروف حبالة انبعاث دي ت ىذا االنبعاث أثر بشكل كب ت على الدوؿ الشيوعية سابقا وآسيا الوسطى و القوقاز و كذلك أمريكا الالتينية و الشرؽ األوسط و إفريقيا و الص ت و جنوب شرؽ أسيا وقد شجع ىذا االنبعاث العلماء على نشر مؤلفات )من ب ت ىذه ادلؤلفات كتاب: جيل كيبل يو هللا 1992 كتاب: ىاريف كوكس دعوة إىل هللا و كتاب: بي تجر العودة إىل سحر العاملالدين و كتاب: اوليفية إعادة األسلمة كتاب: رودين ستارؾ هناية العلمنة و كتاب: االن توبولوجي أرنست غلر مقارنة العلمنة و كتاب: حدود العلمانية جوف كينن و كتاب: ادلسألة الدينية يف القرف الػ 21 جورج قر و كتاب: دعوة هللا للمؤلف ت: جوف ميكلتوبت و ولدريج 2009 ( تتحدث عن العودة مثل: أثر اإللو مسألة الدولة العلمانية و تقهقر العلمانية و عودة هللا.) صمويل ىنتغتوف أمريكا األان و اآلخرين من ضلن اجلدؿ الكب ت تررتة: عثماف اجلبايل بنغازي ادلركز العادلي لدراسات و أحباث الكتاب األخضر 2006 ص 398 (. 413
V.مقارابت حتليل العالقات الدولية ما بعد احلرب الباردة: جتلي ىذا االنبعاث الدي ت يف الصعود ادلفاجئ اذلوايت الدينية و انتشار األصوليات و مركزية األدايف يف بعض النزاعات يف العالقات الدولية و حضور الدين بكثافة يف ادلقارابت التنظ تية الثقافية مرحلة ما بعد احلرب الباردة أ. لفهم ديناميكية التفاعل الدويل و ترتبط عودة األدايف و انبعاث ادلقدس يف اجملتمعات و يف السياسة العادلية و بروز الظاىرة الدينية و نزوعها العادلي إىل عوامل متباينة يصعب إدراكها و حتديدىا رتيعا كما يصعب إقامة دتفصل بينها فعودة ادلقدس ذلا مداخل متعددة حتاوؿ تفس تىا: ب. عودة ادلقدس تقاس اليو كردة فعل على احلداثية و مناىضة ذلا ابسم الرجوع إىل ادلتعايل ادلطلق كأساس أوؿ ميتافيزيقي فاحلداثة يف ظل ردة فعل ىذه اإلنساين أو اجلذر الدي ت الروحي لإلنساف مسؤولية عن اجتثاث اجلذور األصلية للوجود فاحلداثة مبا ىي جتاوز للقروف الوسطى و تب ت العقالنية والعلمنة جعلت من اإلنساف مقياس كل شيء ونقلت األدوار اإلذلية لإلنساف وسعت تبعا لذلك لتحريره من الالىوت كخطوة أوىل لتحريره ىو و بعقالنيتها اإلنسانية لتشمل ادلتخيل و الوىم و العقيدة و سطوتو االجتماعية و تعلقو اإلظلاء القومي 2004 ص 89 (. الفر دانية النزعة األسطورة الصارمة سعت احلداثة لتوسيع مفهو القدرات وابعدت الدين و مت إقصائو عن شلارسة مع السياسات العادلية. )عساؼ الرزلي أزمة احلداثة الغربية ب توت: مركز اليت أصبحت تسري يف معظم اجملتمعات اإلنسانية بفعل اهنيار البنيات االجتماعية التقليدية لالندماج و التضامن )العائلة اجلماعة...( و أزمة منظومة ادلرجعية على مستوى العادلي سياسيا و إيديولوجيا و فكراي و عليو دخلنا عصر الفر دانية الفرد ابمتياز حبيث أنو كلما تقدمنا ضلو العادلية يصبح األفراد البد و أما اشتداد وطأة أكثر أعلية و أكثر قوة وطغياف الفرد ىو ما يبشر بزواؿ اجلماعة لذلك كاف اإلحساس و الفر دانية ابلوحدة و تفكك العالقات االجتماعية اللجوء واالحتماء ابلدين حيث أصبحت الدايانت مبثابة أحزمة أمن ضد القلق و اخلوؼ فالناس أصبحوا يشعروف ابلضياع و من احلرماف من شبكة العالقات االجتماعية اليت تعطي مع ت لوجودىم يف ىذا العامل و ىذه احلركات الدينية سواء اليهودية أو اإلسالمية أو ادلسيحية دتنحهم ىوية وتعيد تنظيم العالقات االجتماعية ادلقطوعة بينهم و جتمعهم مرة أخرى عندما ؽلارسوف الطقوس و الشعائر الدينية 414
ت. نفسها. )دمحم سعدي مستقبل العالقات الدولية من صراع احلضارات إىل أنسنة احلضارة و ثقافة السال ب توت: مركز دراسات الوحدة العربية 2006 ص 93 (. ؽلكن تفس ت عودة الدين بنهاية كدوؿ االستقطاب اإليديولوجي ب ت الشيوعية و الرأمسالية كنظم قيم وليس فقط و يؤكد "جورج قر" الباحث يف األدايف إف اهنيار اإليديولوجيات العلمانية الكربى ادلكرس ابختفاء ادلاركسية فتح الباب أما عودة الدين كبديل قادر على ملء الفراغ و تقدمي منظور متماسك للشعوب و الدوؿ لتحقيق أمنها االقتصادي و السياسي و االس تاتيجي فمع اهنيار الفلسفات ادلادية الكربى فإف األحاسيس و ادلشاعر اجتهت ألىم ادلوارد الرمزية اليت ال تزاؿ ابقية و تعطي مع ت للعامل ومع األدايف اليت دائما ما جتيب على األسئلة الكربى و الغامضة و ادلقلقة و ىو ما كانت تؤديها اإليديولوجيات )جورج قر ادلسألة الدينية يف القرف الواحد و العشرين تعريب: خليل أزتد خليل ب توت: دار الفرايب 2007 ص 55 (. ث. عودة األدايف حلقل السياسة العادلية ارتبطت ج. مع هناية الربع األخ ت من القرف العشرين مبحاولة استخدا الدين كأداة لكبح رتاح الشيوعية و نفوذ االحتاد السوفييت يف تلك الف تة خاصة بعد احلرب العادلية الثانية يف دوؿ العامل الثالث عموما و يف دوؿ العامل اإلسالمي خصوصا كأيديولوجيا علمانية إحلادية الطابع و يف سبيل ذلك بذلت الوالايت ادلتحدة األمريكية جهدا كب تا يف دعم ادلظاىر اإلسالمية واجلماعات الراديكالية يف أفغانستاف و مولت ابلتنسيق مع دوؿ أخرى بعض اجلماعات ادلتشددة دينيا يف كل من اإلسال و ادلسيحية. يزامن ادلفكر الفرنسي "جاف برااير" و يربط ب ت العودلة و عودة الدين من زاويت ت: األوىل ىي أنو مع التسارع اذلائل للعودلة و إفرازاهتا التقنية و وسائل االتصاؿ و الفضائيات و االن تنت و التقانة االلك تونية و الشبكية فإف اإلنساف قد وقع فريسة للقيم ادلادية و االستهالؾ الرقمي و غابت الطبيعة اإلنسانية مع اإلنساف التق ت و اإلنساف الصانع و اإلنساف االقتصادي و مت اختزاؿ اجلوىر اإلنساين يف األبعاد االستهالكية ادلادية و جاءت عودة ادلقدس لتقد لإلنساف بعده الغائب بفعل آليات العودلة " البعد الروحي اإلنساين" أما الزاوية األخرى اليت ترتبط فيها العودلة ابنبعاث و عودة األدايف فتتمثل يف إف الظواىر الدينية اجلديدة مل تزدىر إال بنمو ثورة االتصاالت حيث ساعدت على ربط اجلماعات الدينية بعضها البعض و أفسحت ذلا اجملاؿ لالستفادة من منتجات ثورة ادلعلومات لبث رسالتها إىل أكرب عدد 415
ح. خ. من اجلمهور و قد أدى ذلك النتشار األدايف خارج معاقلها التارؼلية. )فرانك جي تشنر األصولية الكوكبية يف:العودلة الطوفاف أ اإلنقاذ ب توت: مركز دراسات الوحدة العربية و ادلنظمة العربية لل ترتة 2004 ص 98 (. ترتبط عودة الدين يف أحد وجوىها كذلك ابالنفجار الثقايف بعد احلرب الباردة إذ يؤكد "برتراف ابدي" أنو بعد عجز النظا الدويل و اإلقليمي و النموذج القومي الغريب يف حتقيق العادلية بدأت بنية النظا الدويل يف احلد من االجتاه ضلو التكاملية و السعي لتحقيق الذاتية فبدأت أزمة اذلوايت اليت أخذت تزداد شيئا فشيئا و اليت بدت من خالذلا التكافالت الدينية دقيقة و منظمة يف منح ىذه اذلوية معناىا فاذلوية الدينية اليت بعد الدين أساسها تكاد تتحكم يف عامل اليو. )برتراف ابدي كلود مسوتس 43 (. و يش ت "جورج قر" إىل تنامي الشعور ابلتمايز الثقايف يف عامل قد ابت واضحا فيو أعلية ىذه التمايزات كذلك احلن ت للجذور احلضارية لدى الثقافات غ ت الغربية فثمة اجتاىات ضلو عودة األدايف ألصوذلا اآلسيوية و إحياء الثقافة اذلندوسية يف اذلند و عودة األسلمة ألوجو احلياة العامل اإلسالمي.)جورج قر ادلسألة الدينية يف القرف الواحد و العشرين تعريب: خليل أزتد خليل ب توت:دار الفرايب 2007 ص 70 (. يؤكد "ىنتغتوف" أف الدين ىو العامل األكثر دتييزا وفصال ب ت الناس ويف أتكيد ومنحهم اذلوية وىو يف ذلك يتفوؽ على العرؽ و االثنيات.)صمويل ىنتغتوف صدا احلضارات 1996 ص 77 (. وىو ما جعل "ىنتغتوف" يضعو كعامل زلوري يف تصنيف احلضارات كأقد العوامل دوف التاريخ اليت ذلا دورا أعمق يف إعطاء فوارؽ ب ت الشعوب و اذلوايت. مسات البعد الديين يف العالقات الدولية: انبعاث األدايف يتصل ابلنمو لعدد من الدؽلقراطيات حوؿ العامل بنهاية القرف والنمو الدؽلقراطي إىل توسيع العشرين أدى ىذا التوسع و رلاالت احلرايت األساسية للمواطن ت ضمن البناء اذليكلي القانوين للنظم السياسية ضمن ىذه احلرية اليت مشلت الصحافة و التجمع كانت حرية التدين ىي األبرز وذلك ألهنا مبثابة الركيزة األوىل إلطالؽ ابقي احلرايت كحق إنساين أصيل يرتبط ابلتطور السياسي دلسألة حقوؽ اإلنساف يف العالقات الدولية ابلرغبة يف فهم أعمق لقضااي التطرؼ و اإلرىاب. )ديريك ايتش ديفس تطور احلرية الدينية 2006 ص.) 33 416
الدؽلقراطية ىيكلة تستوعب الفوارؽ الدينية يف حالة وجود رلموعة من االلتزامات الدينية ادلختلفة و رمبا أمكن القوؿ إف الدؽلقراطيات الصاعدة ساعلت يف ما ؽلكن تسميتو بتدويل حقوؽ اإلنساف الدينية. وراء عودة الدين إىل الساحة ىو الصراع ادلفاىيمي حوؿ دور األدايف يف حياة البشر فاحلداثة العلمانية الغربية تعترب الدين نظاما من ادلعتقدات الشخصية ادلرتبطة ابلفرد و اليت ال مكاف ذلا يف اجملاؿ العا سواء على ادلستوى السياسي أو الثقايف أو األخالقي يف ح ت صلد عدة دايانت تقد نفسها كنمط حياة يتداخل فيو الشخصي ابلعا و الفردي ابجلماعي و لذلك يكوف الدين فاعال سياسيا اجتماعيا ثقافيا لو دور مهما يف اجملتمعات غ ت الغربية. )دمحم سعدي مستقبل العالقات الدولية ص 96 (. وعليو كاف البد من رد االعتبار للمجاؿ الدي ت ضمن ادلتغ تات الدولية ألف التوازف األم ت العادلي ال يستقيم إال أبخذ بع ت االعتبار مطالب و نداء األدايف و ىو ما انتبو إليو "ىنتغتوف " عندما أوضح أف الدايانت ستكوف ضمن أشكاؿ الصراع يف فكرة احلضارة العادلية الشاملة ادلوحدة فهو يؤكد أف الدين أصبح يف العامل احلديث قوة مركزية أساسية حتفز و تعبئ الطاقات. )صمويل ىنتغتوف صدا احلضارات 1996 ص 86 (. يعتقد البعض أف الطبيعة التغ تات اليت طالت العالقات الدولية مع هناية احلرب الباردة و بروز عصر العودلة و التقنية و جتاوز مرحلة احلداثة إىل ما بعد احلداثة أدى لظهور فواعل جديدة فاعلة يف الساحة الدويل و العادلية جراء تراجع دور الدولة القومية فيما ع رؼ أبزمة الدولة القومية اليت كانت لف تة الوحدة الوحيدة األساسية اليت يفسر من خالذلا النظا الدويل الذي كاف يعرؼ مبجتمع الدولة غ ت أف ىذه الفرضية ابتت غ ت صامدة يف الوقت الراىن.) برتراف ابدي كلود مسوتس مصدر سابق ص 08 (. فأصبحت األمور خارج السيطرة بل أف دور ادلنظمات غ ت حكومية ابتت أقوى يف مواجهة الدولة و مصدرا من مصادر اذلوية و ىذا ما أدى إىل تغ ت و بروز والءات غ ت التقليدية و تطورىا و انتشارىا عرب القومي و قد أصبحت اجلماعات الدينية أحد أىم الفاعل ت الذين انفسوا دور الدولة يف الوظائف التقليدية اليت كانت ضمن إطار الدولة القومية و ىو ذىب إليو "ىنتغتوف" عندما قلل من دور الدولة يف الصراعات و التفاعالت الدولية ادلستقبلية رغم تداركو الحقا أف الدوؿ ستظل ىي أقوى القوى الفاعلة يف الشؤوف الدولية. 417
انتعاش األدايف تزامن مع ظلو ثورة االتصاالت و بروز العودلة اليت أنتجت ظواىر اجتماعية و ثقافية سلتلفة ويرد "طارؽ م تي" ظاىرة عودة الدين إىل ظهور النمط االستهالكي ادلوحد يف العامل حىت إف ىناؾ عدد من علماء االجتماع يقولوف أف بعض احلركات الدينية يف الغرب يتعامل معها الناس على نفس النمط الذي يتعاملوف من خاللو مع السلع االستهالكية. الصعود اإلسالمي كأحد ظواىر عودة ادلقدس بعض الباحث ت يعتربه حالة خاصة نظرا لقوة أتث ته و تنامي أدواره يف السنوات األخ تة ويردونو جلملة عوامل متعددة ساعلت يف بروز األصوليات اإلسالمية و رتاعات اإلسال السياسي و اكتساحها الساحة و حضورىاكفاعل على الصعيد الدويل. من ادلمكن حتديد عدد من الفرضيات النظرية اليت حتاوؿ تفس ت ىذا الصعود للحركات و اخلطاب اإلسالمي و ليست ىذه الفرضيات معزولة عن بعضها حبيث تشكل رتيعا اخلطاب البحثي حوؿ الربوز اإلسالمي ادلعاصر. الفرضيات الداعمة للمقاربة الدينية: الفرضية األوىل: تعطي األولوية لألسباب السياسية و ترى يف النمو ادلتزايد للطلب على اإلسال تعب تا عن إخفاؽ احلركة القومية العربية فالنمو ادلتسارع ذلذه احلركات ارتبط ابىتزاز األفكار اترؼلي يف مواقع القوى السياسية التقدمية اليت ارتبط امسها ابلتحديث القومية العربية و ما أدت إليو من تراجع االجتماعي و العقائدية احلديثة يف ىذا السياؽ يرى "فؤاد عجمي" إف فشل النخب العلمانية القومية يعود يف جزء أساسي منو إىل الطريقة اليت حتالفت هبا طلب ما بعد االستعمار مع الغرب إببعاد الدين أو استخدامو ألغراض السلطة و يرى "فيشر" يف ىذا االستغالؿ و الفشل أحد العوامل الرئيسية وراء بروز اجلماعات ادلسلحة اليت استخدمت الدين اإلسالمي ويقوؿ: أف اإلسالمية رد فعل على فشل الليربالية الساذجة اليت سارت ثالثينيات القرف العشرين و اش تاكية العامل الثالث اليت سادت يف الستينيات و السبعينيات و يقد بروز اإلسال كنتاج لعد قدرة النخب العلمانية اليت خلفت األنظمة االستعمارية األوروبية على حتقيق أماؿ شعوهبا و تطلعاهتا. )اشرؼ عثماف دمحم احلسن الدولة يف الشرؽ األوسط العريب: دراسة يف تناقضات ما بعد الدولة جامعة أ درماف اإلسالمية 2009 ص 88 (. األمة رسالة دكتوراه غ ت منشورة قسم العلو السياسية 418
يربط البعض اإلسالمي فنجد أيضا ظهور األصوليات الدينية اإلسالمية أبزمة العقائدية القومية و أزمة التحديث يف العامل الباحث ت يستخدموف فرضية أف احلركات القومية و الوطنية و ىي دتثل بذلك على ضلو أكثر حتديدا نقدا للنموذج اليت بكلمة واحدة نتاج إخفاؽ رلتمع احلداثة. الثانية: الفرضية حتيل مسألة االنبعاث اإلسالمي إىل مداخل اجتماعية اإلسالمية ما ىي إال نتاج إحباط وعود اخلطاابت حاولت اخلطاابت أتسيسو أهنا تربط ب ت ظلو احلركات اإلسالمية و تفاقم األزمة االقتصادية يف اجملتمعات اإلسالمية و تربز احلركات اإلسالمية كرد فعل على التحوالت السريعة من ىذا ادلنطلق فإف الصعود اإلسالمي االقتصادية يعرب عن تفاقم التناقضات االجتماعية اليت أدت إليها ىذه التحوالت ونوعا من القلق النابع عنها. )اشرؼ عثماف دمحم احلسن الدولة يف الشرؽ األوسط العريب: دراسة يف تناقضات ما بعد الدولة اإلسالمية 2009 الثالثة: الفرضية 89(. ص السياسي ىناؾ من يرى أف األمة رسالة دكتوراه غ ت منشورة قسم العلو السياسية جامعة أ درماف خاصة حبالة الصعود الدي ت اإلسالمي بواسطة اجلماعات الراديكالية و رتاعات اإلسال اإلعال العادلي الغريب ساىم يف تضخيم و صناعة رموز متطرفة أكرب من حجمها احلقيقي حلاجة الوالايت ادلتحدة األمريكية لعدو اف تاضي بعد احلرب الباردة فكاف من سوء حظ اإلسال وادلسلم ت أف يفرض عليهم ىذا الدور خصوصا أف الوالايت ادلتحدة األمريكية بعالقاهتا الوثيقة ابألنظمة العربية العلمانية تستطيع ترويض ىذه الرموز. )قاسم جسار االلك تونية أكتوبر 2004 ص 22 (. صناعة التطرؼ: مولود واحد أابء متعددين رللة كتاابت الفرضية الرابعة: ذات العامل اخلارجي تستند إىل أخرى ذات مفارقة و ىي أف احلمالت اليت تشن ضد اإلسال بدعوى نشر الدؽلقراطية يف إشارة لسياسات اإلدارة األمريكية يف العامل اإلسالمي أسهمت يف تعزيز دورة و تعزيز دائرة ادلؤمن ت بو حيث تسبب من انحية يف دتسك اجملتمعات اإلسالمية ادلستهدفة بدينها وخلفت دعاية رلانية لتوسيع دائرة ادلعرفة ابلدين اإلسالمي لدى من غلهلو على اجلانب آخر فاف زتلة العداء لإلسال يف الغرب أدى إىل إقباؿ كب ت على شراء نسخ من القرآف الكرمي ادل ترتة للتعرؼ على اإلسال شلا أدى إىل عملية عكسية ابعتناؽ الكث تين لإلسال. 419
ىناؾ رلموعة من اآلراء تقو على العالقات ب ت العمليات االقتصادية و دالالهتا السياسية فإف "مس ت أم ت" يربط ظهور احلركة اإلسالمية مبنطق التوسع الرأمسايل "فاحلركة اإلسالمية ذترة إلخفاؽ الرأمسالية يف األطراؼ وتعب تا عن فشلو" فهو ال ينظر إليها على أهنا التعب ت اإليديولوجي و السياسي عن فئات اجتماعية مستلبة فحسب و إظلا يلحق هبا كل القوى و الفئات اليت تتسم بصفات شلوجة يف ذلك القوى الكمومربادورية. )مس ت أم ت ما بعد الرأمسالية ادلتهالكة ب توت: دار الفارايب (. 67 2003.VI الدين و قضااي العالقات الدولية: أصبحت احلقبة اليت ينظر فيها إىل العالقات الدولية ابعتبارىا احلقل الفعلي لعمليات الدوؿ ادلستقلة وتفاعالهتا اخلارجية قد تراجعت فالعالقات الدولية أصبحت جزءا من اىتمامات العب ت و فاعل ت كثر ختطوا حدود الدوؿ القومية اليت مل تعد صاحلة يف الوقت الراىن لفرضية أساسيتها و مركزيتها يف التفاعالت السياسية الدولية. )ديت ت سنغهاس الصدا داخل احلضارات: التفاىم بشأف الصراعات الثقافية تررتة: شوقي جالؿ القاىرة: منشورات مكتبة األسرة مصدر سلسلة العلو االجتماعية 2009 ص 85 (. ىؤالء الفاعل ت اجلدد بدءوا التحرؾ على الساحة الدولية يف قضااي مهمة و حساسة يف العالقات الدولية كانت زلسومة بفعالية الدولة القومية و ذلم اىتمامات متنوعة و تصورات فكرية عن العامل و ىذه الرؤى ذات أتث ت عميق يف االس تاتيجيات الدولية و حركية السياسة الدولية و ابت ينظر إىل الفاعل ت اجلدد على أهنم جزء أساسي فاعل ال ؽلكن جتاوزه يف العالقات و األوضاع الكونية و اإلقرار حبضور فاعل ت جدد مهم ت كانت من نتائجو تعدد قضااي العالقات الدولية و تعقدىا فقد كاف االعتقاد الشائع أف بنية العالقات الدولية اليت فواعلها الدوؿ و ادلنظمات الدولية تتحدد يف قطاعات التفاعل الثالثية: االقتصاد الدويل و التجارة الدولية و ما يتبعها من نقل السلع و اخلدمات و االستثمارات و احلروب اليت تقع ب ت الدوؿ ذات سيادة و التبادؿ الثقايف و االجتماعي ب ت الدوؿ و لذا فإف قضااي العالقات الدولية اضلصرت يف شؤوف السال و احلرب و ال تتيبات الدولية القانونية والتسلح لكن هناية احلرب البادرة اليت دفعت ابلفاعل ت اجلدد و بشكل غ ت منتظر بقضااي اعتربت من صلب اىتمامات العالقات الدولية فلم تعد اليو مسألة األخالؽ شأان فرداي و ال داخليا و ال تدور األخالؽ يف الشؤوف ادلتعلقة ابلقيم احمللية فقط لكن دخلت األخالؽ يف قضااي السياسة العادلية و يف احلرب و السلم و السياسيات اخلارجية و برزت كموضوع عادلي مفروض يف ال تتيبات الدولية الواجب مناقشتها. والتنمية و الفقر 420
و بدأ الناشطوف الدوليوف اجلدد يف جعل كل من ىذه القضااي يف صدارة االىتمامات الدولية ىؤالء الفاعل ت اجلدد عرب الوطني ت اختطفوا األدوار اليت كاف يقو هبا اجملتمع ادلدين العادلي و الدوؿ القومية أصبحوا بطرقهم و أدواهتم اخلاصة فعال ت يف بناء أدوار خاصة هبم يف قضااي العالقات الدولية ىؤالء الفاعل ت يشملوف التجمعات الفكرية الدولية و ادلنتدايت و ادلنظمات الدولية غ ت احلكومية و رجاؿ األعماؿ و احلركات االحتجاجية و الشركات ادلتعددة اجلنسيات و احلركات االثنية و الفاعل ت الثقافي ت و القيادات ذات الكاريزما الدولية. )مارسيل م تؿ العالقات الدولية ادلعاصرة تررتة: مس ت انفعة ص 5251 (. و أىم ىؤالء الفاعل ت الدينية و اليت بفضل ضعف السياسة الدولية أضحت ذات والذين أخذوا ذلم أدوارا ابرزة يف العالقات الدولية ىم اجلماعات أو ادلنظمات االيدولوجيا و الدولة القومية و العودة الكب تة للدين و الثقافة إىل فعل التأث ت يف أتث ت نشط أصبحت معو تشكل حتداي خط تا ابلنسبة للحكومات و العالقات واإلس تاتيجية الدولية. )تيمزار مسيث رؤى يف التطور االجتماعي تررتة: مس ت الشيكلي القاىرة: سلسلة عامل ادلعرفة 2005 ص 65 (. ىذه اجلماعات و ادلنظمات الدينية تعمل يف قضااي العالقات الدولية بطرؽ متعددة فهي تعمل كجماعات ضغط سياسي كما يف حالة اللويب اليهودي يف الوالايت ادلتحدة األمريكية مثال و الذي يعمل على تركيز السياسة األمريكية جتاه الصراع مع الفلسطيني ت دلصلحة ضماف أمن إسرائيل و يف ىذا الصدد تعد التوصيات اليت تصدرىا اللجنة األمريكية للجمعيات اليهودية يف مؤدترىا السنوي من قبل صناع القرار األمريكي مبثابة ادلوجو لسياسة أمريكا حياؿ السال يف الشرؽ األوسط و السياسات ادلرتبطة بقضااي مكافحة اإلرىاب. )جوىاف م تشهاؽلر اللويب اليهودي و سياسة الوالايت ادلتحدة اخلا رجية 2001 ص 15 (. و على ضلو ما تفعل أيضا اجلماعات اذلندوسية كجماعات ضاغطة ابجتاه سياسة النهد اإلقليمية جتاه كل من ابكستاف و القضية الكشم تية و النزاع احلدودي اذلندي الصي ت و اليت تعرب ىذه اجلماعات أهنا مسائل مرتبطة ابلعقيدة اذلندوسية ألهنا تتعلق ابألرض و لذلك دائما ما أتخذ الوزارات اجلماعات يف اذلندية ادلتعاقبة حساب ردود أفعاؿ ىذه أي خطوة جتاه القضااي كما ؽلكن النظر إىل الضغط الذي دتارسو اجلماعات اإلصليلية يف الوالايت ادلتحدة األمريكية بطريقة مباشرة يف قضااي حساسة يف السياسة األمريكية الداخلية و اخلارجية أيضا اجلماعات الدينية و ادلنظمات الدينية تعمل كجماعات تعبوية لفرض رؤيتها على العالقات الدولية انطالقا من طاقتها الذاتية 421
غ ت احملدودة ادلتجاوزة للحدود و نطاؽ الدولة القومية فاجلماعات اإلسالمية الراديكالية استطاعت مثال أف تصنع تعبئة شعبية إسالمية جتاه قضااي العامل اإلسالمي تتجاوز نطاؽ الرؤية الرمسية للمؤسسات الدينية و الدوؿ اإلسالمية ذاهتا كما أهنا بقيت على مبدأ رفض التطبيع الشعيب رغم أف احلكومات تتجو ضلو التطبيع مع إسرائيل كما أف الكنيسة الكاثوليكية ذلا دورا ابرزا يف العمل الدويل التعبوي فقد اضطلعت بوظيفة ادلعارضة يف أمريكا الالتينية على مذىب الىوت التحرير وتعبئة الناس للخروج ضد النظم الديكتاتورية بعد مؤدتر بوبيال ادلطراين. )برتراف ابدي ماريكلود مسويش مرجع سابق ص 50 (. وقد ساعلت الكنيسة الكاثوليكية يف أورواب الشرقية يف تعبئة اجلماى ت ضد األنظمة االش تاكية وصوال إىل اهنيار ادلعسكر الشرقي و سقوط الشيوعية و كما سعت احلركات اإلحيائية اذلندوسية مبجهودىا التعبوي إبضفاء الشرعية على ادلمارسات و السياسات اذلندية ادلضادة لتغريب الثقايف و يف انتهاج اذلند سياسة متشددة ضد األدايف األخرى ادلسيحية و اإلسال يف شبو القارة اذلندية. 422
اخلامتة: اجلماعات الدينية دتتد أدوارىا يف العالقات الدولية إىل أبعد من الضغط و التعبئة حيث تعمل يف بعض األحياف كأطراؼ مباشرة يف صنع السياسة الدوؿ و العالقات الدولية و تلوين األحداث الدولية بصبغتها الدينية لذلك تصبح واحدة من أطراؼ العالقات الدولية. دتتلك اجلماعات الدينية و الثقافية وسائل متعددة تؤثر هبا على قضااي العالقات الدولية سواء ابألمواؿ أو الدبلوماسية و منظمات اإلغاثة و منظمات تعمل يف رلاؿ النزاعات و ىناؾ حىت بعض القادة العادلي ت ينضووف حتت سلطتها الروحية و ابلتايل لديها سلطة التأث ت الروحي على توجهاهتم و أفعاذلم و سياساهتم. كما أف التنظيمات دتتلك كوادر بشرية مؤىلة علميا تدير نشاطهم السياسي و اإلعالمي و شبكة اتصاالت متعددة اخلدمات و متطورة ففي الوالايت ادلتحدة األمريكية توجد حركة مسيحية زلافظة متنامية القوة لديها شبكة واسعة من زلطات اإلذاعة و التلفزيوف ادلسيحية اليمينية ادلنتشرة يف كل أضلاء الدوؿ لديها درجة عالية من التنظيم السياسي الذي اكتسبتو ردا على ىجو مدرؾ على القيم التقليدية و على مكانة الوالايت ادلتحدة األمريكيةكبلد الرب. )نبيل احلمد جنوح اإلمرباطورية: احلروب التوسعية عماف: دار اجملد 2006 ص 118 (. إف دتتع ىذه ادلنظمات و التنظيمات بوسائل ىائلة من خالؿ التطور التق ت و العلمي حولت ىذه اجلماعات إىل فاعل ت أكثر حركية و قدرة على جتاوز القوميات و احلدود اجلغرافية و طرح أنفسها بصورة مباشرة على أجندة العالقات الدولية اليت أخذت تتأثر آبرائها و مواقفها و اس تاتيجياهتا. كما أف ىذه اجلماعات دتتلك سلطة الفتوى لتؤثر هبا على العالقات الدولية من خالؿ توجيو األحداث السياسة الدولية عرب سلطة الفتاوى الدينية اليت تطاؿ االستعانة ابألجنيب أو قضااي الدعم األمريكي إلسرائيل اليت هتدد ادلقدسات اإلسالمية و تنتهك حقوؽ األبرايء كما أف فتاوى تدعم القيا بعمليات حربية و استشهادية ضد مصا ف الدوؿ الغربية أو دتتد ىذه الفتاوى لتشجيع ادلقاومة ضد اذليمنة الغربية و مقاطعة دلنتجاهتا وقد اعتادت بعض اجلماعات ادلسيحية إطالؽ بعض الفتاوى اليت أثرت على رؤية بعض القيادات السياسية يف العامل لبعض القضااي يف السياسات اخلارجية و كمثاؿ على ذلك الوالايت ادلتحدة األمريكية فقد دعا "ابت روبرتسوف" احلكومة األمريكية إىل عد تقدمي أي منح لضحااي إعصار تسوان مي ابعتباره عقاب إذلي دلا يرتكب من فساد يف 423
األرخبيل االندونيسي األمر الذي أثر على تصويت نواب الكونغرس األمريكي لصا ف ادلساعدات اليت كانت اإلدارة األمريكية تنوي تقدؽلها كمنح إغاثة لألرخبيل ادلنكوب و قد كانت مساعلة الوالايت ادلتحدة األمريكية أقل شلا توقعتو احلكومة االندونيسية و اليت أثرت على الوضع اإلنساين شلا دعا بعض الدوؿ و ادلنظمات الدولية بنقد القرار األمريكي. أصبح من ادلؤكد أف اجلماعات و التنظيمات غدت ذات سلطة فاعلة و حضور دويل يف قضااي العالقات الدولية مبا دتلكو من سلطة أتث ت و موارد فضال عن االس تاتيجيات يف السياسة العادلية منها رلاالت و قضااي رئيسية يف العالقات الدولية لتشمل العالقات اخلارجية للدوؿ الكربى إىل ادلؤدترات العادلية اليت تعقدىا األمم ادلتحدة ك تتيبات قانونية دولية ختص بعض القضااي ذات الصلة ابلدوؿ كما أهنا تدخلت بقوة يف االقتصاد العادلي و أوضاع حقوؽ اإلنساف و قضية التسلح و األمن يف العالقات الدولية. قضااي التأث ت ذلذه اجلماعات تتعدد يف العالقات الدولية فهي أوال تعمل عل تضم ت القضااي الدولية بعدا أخالقيا قيميا يستمد أصولو من األدايف و نصوصها الالىوتية بعد االعتقاد الشائع أف األخالؽ ليست جزءا من الشؤوف العادلية و ترتبط فقط بقضااي احلرب و السلم لذلك رأت بضرورة تدين السياسات العادلية أو إعادة االعتبار أخالقيا لبعض القضااي و إدخاؿ بعض ادلسائل الشخصية يف النقاش الدويل رغم عد أعميتها يف ادلاضي يف السياسة العادلية فاجلماعات الدينية كانت وراء اعتبار ادلسائل الشخصية و األخالقية ذات حيز يف العالقات الدولية و اعتبارىا جزء من االس تاتيجيات الكونية فقد انلت نصيبا من النقاشات و انعقدت ذلا ترتيبات دولية رعتها األمم ادلتحدة و شغلت حيزا من النقاش و التداوؿ و كاف ابرزا فيها االختالفات الدولية على بعض نصوصها انطالقا من اخللفية الدينية لكل بلد. ويرصد خرباء السياسة اخلارجية الضغط الذي أصبحت دتثلو اجلماعات الدينية و الثقافية على الدوؿ لتب ت سياسات خارجية ذات صيغة أتخذ اعتبارىا ادلسائل الدينية و الثقافية ففي السياسة الدولية توجد دوال تعتمد على التصورات الدينية و الثقافية يف سياساهتا اخلارجية مثل ابكستاف و إيراف و ادلملكة السعودية و الفاتيكاف والوالايت ادلتحدة األمريكية. 424
ادلراجع: اشرؼ عثماف دمحم احلسن ) 2009 (. الدولة يف الشرؽ األوسط العريب: دراسة يف تناقضات ما بعد الدولة األمة )رسالة دكتوراه غ ت منشورة( قسم العلو السياسية جامعة أ درماف اإلسالمية. أوجستكونت )2007(. بنية الثورات العلمية )تررتة: قاسم حداد( ب توت: ادلركز العريب لل ترتة. برتراف ابدي ) 1998 (.كلود مسوتس انقالب العامل: سوسيولوجيا ادلسرح الدويل ) تررتة: سوزاف خليل( القاىرة:دار العامل الثالث. برىاف غيلوف نقد السياسة و الدين ادلركز الثقايف العريب الدار البيضاء. تيمزار مسيث )2005(. رؤى يف التطور االجتماعي ادلعرفة. )تررتة: مس ت الشيكلي( القاىرة: سلسلة عامل جورج قر )2007(. ادلسألة الدينية يف القرف الواحد و العشرين )تعريب: خليل أزتد خليل( ب توت: دار الفرايب. جوىاف م تشهاؽلر )2001(. اللويب اليهودي و سياسة الوالايت ادلتحدة اخلارجية. ديت ت سنغهاس )2009(. الصدا داخل احلضارات: التفاىم بشأف الصراعات الثقافية ) تررتة: شوقي جالؿ( القاىرة: منشورات مكتبة األسرة مصدر سلسلة العلو االجتماعية. ديريك ايتش ديفس )2006(. تطور احلرية الدينية. سلوى اخلطيب )2001.( نظرة يف علم االجتماع ادلعاصر مطبعة النيل. مس ت أم ت )2003(. ما بعد الرأمسالية ادلتهالكة ب توت: دار الفارايب. سيمجموند فرويد )1973(. مستقبل الوىم )تررتة: جورج طرابيشي( ب توت: دار الطليعة. صمويل ىنتغتوف )2006(. أمريكا األان و األخر من ضلن اجلدؿ الكب ت )تررتة: عثماف اجلبايل( ادلركز العادلي للدراسات و أحباث الكتاب األخضر بنغازي. صمويل ىنتغتوف ) 1996 (.صدا احلضارات و إعادة صنع النظا العادلي )تررتة: طلعت الشايب( ب توت مركز اإلظلاء الدويل. عساؼ الرزلي )2004(. أزمة احلداثة الغربية ب توت: مركز اإلظلاء القومي 425
فتح ال تيكي رشيدة ال تيكي )1992(. فلسفة احلداثة ب توت: مركز اإلظلاء القومي. فرانك جي تشنر )2004(. األصولية الكوكبية يف:العودلة الطوفاف أ اإلنقاذ ب توت: مركز دراسات الوحدة العربية و ادلنظمة العربية لل ترتة. فريدريك نيتشو )1983(. ىكذا تكلم زرداشتت )تررتة: فيلكس فارس( اإلسكندرية مطبعة جريدة البص ت. قاسم جسار )2004(. صناعة التطرؼ: مولود واحد أابء متعددين رللةكتاابت االلك تونية أكتوبر مارسيل م تؿ العالقات الدولية ادلعاصرة ) تررتة: مس ت انفعة(. مايكل لوىف )1988(. ادلاركسية و الدين )تررتة: بش ت السباعي( ب توت: سلسلة دروس ماركسية. دمحم سعدي )2006(. مستقبل العالقات الدولية من صراع احلضارات إىل أنسنة احلضارة و ثقافة السال ب توت: مركز دراسات الوحدة العربية. نبيل احلمد )2006(. جنوح اإلمرباطورية: احلروب التوسعية عماف: دار اجملد. ىنريكيسنجر )2002(. ىل حتتاج أمريكا إىل سياسة خارجية. Samuel Huntington, The Clash of Civilisation, 1993. 426