تحليل السياسات الدولية فهم االقتصادات غير الرسمية في شمال أفريقيا: من القانون والنظام إلى العدالة االجتماعية ماكس غالين جويلية 2018 أكثر من نصف القوى

ملفّات مشابهة
صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( استثمارات اجلامعة الذاتية ) مركز مركز استثمارات الطاقة املتجددة االستثمارات مركز اإلمام للمالية واملصرفية ا

مخزون الكلنكر الرجاء قراءة إعالن إخالء المسؤولية على ظهر التقرير المملكة العربية السعودية قطاع المواد األساسية األسمنت فبراير 2017 ٣٠ ٢٥ ٢٠ ١٥ ١٠ ٥ ٠

الخطة الاستراتيجية ( 2015 – 2020 )

عناوين حلقة بحث

الوحدة األولى المالمح البشرية للوطن العربي عنوان الدرس : سكان الوطن العربي أوال :أكمل الجدول التالي: 392 مليون نسمة %5.3 %39.9 %60.1 عدد سكان الوطن ال

السيرة الذاتية للدكتور محمد شلال العاني

PowerPoint Presentation

المواصفات الاوربية لإدارة الابتكار كخارطة طريق لتعزيز الابتكار في الدول العربية

CME/40/5(b) Madrid, April 2015 Original: English لجنة منظمة السياحة العالمية للشرق األوسط اإلجتماع األربعون دبي اإلما ارت العربية المتحدة 5 أيار/مايو

مؤتمر: " التأجير التمويلي األول " طريق جديد لالستثمار لدعم وتنمية المشروعات القومية والشركات الصغيرة والمتوسطة تحت رعاية : و ازرة االستثمار و ازرة اال

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( مركز تنمية أوقاف اجلامعة ) إدارة األصول واملصارف الوقفية إدارة االستثمارات الوقفية إدارة إدارة األحباث وامل

تأثير اتفاقيتي الشراكة عبر المحيط الهادئ والشراكة في التجارة والاستثمار عبر الأطلسي على الدول العربية

نموذج السيرة الذاتية


Microsoft PowerPoint - Session 7 - LIBYA - MOH.pptx

حساب ختام موازنة السلطة المركز ة للسنة المال ة 2013 م قسم) 23 (:وزارة الصحة العامة والسكان فرع ( 02 ) :المعهد العال للعلوم الصح ة صنعاء

6 الجمهورية الج ازي رية الديمق ارطية الشعبية مديرية التربية لولاية الطارف و ازرة التربية الوطنية امتحان البكالوريا التجريبي في مادتي التاريخ والجغ ارف

WATER POLICY REFORM IN SULTANATE OF OMAN

16 أبريل 2019 االطالق الرسمي للجائزة

الجلسة الأولى: الابتكار والملكية الفكرية

المملكة العربية السعودية م ق س ..../1998

Morgan & Banks Presentation V

دبلوم متوسط برمجة تطبيقات الهواتف الذكية

اسم المدرس: رقم المكتب: الساعات المكتبية: موعد المحاضرة: جامعة الزرقاء الكمية: الحقوق عدد الساعات: 3 ساعات معتمدة نوع المتطمب: تخصص اختياري عنوان المق

1

PowerPoint Presentation

PowerPoint Presentation

Microsoft PowerPoint - د . ابراهيم بدران ، بوربوينت.ppt [Compatibility Mode]

اجيبي علي الاسئلة التالية بالكامل:

السياسات البيئية السياسات البيئية 1

Al-Quds University Executive Vice President Hasan Dweik, Ph.D. Professor of Polymer Chemistry جامعة القدس نائب الرئيس التنفيذي أ. د. حسن الدويك أستاذ

) باألالف ( )صفحة 1 من 28( (حتى أغسطس 2017) اليمن منطقة العمليات اإلنسانية في عدن - لمحة عن الوضع اإلنساني : يستعرض هذا الموجز المعلوماتي للمحافظات مع

حالة عملية : إعادة هيكلة املوارد البشرية بالشركة املصرية لالتصاالت 3002 خالل الفرتة من 8991 إىل مادة ادارة املوارد البشرية الفرقة الرابعة شعبة نظم امل

<4D F736F F D20C7E1CACDE1EDE120C7E1E3C7E1ED20E6C7E1DDE4ED>

Microsoft Word - Q2_2003 .DOC

الشركة الفلسطينية للتوزيع والخدمات اللوجستية المساهمة العامة المحدودة القوائم المالية المرحلية الموحدة المختصرة )غير المدققة( 03 أيلول 3300

PowerPoint Presentation

التعريفة المتميزة لمشروعات الطاقة المتجددة في مصر

التقريرالسنوي لمالكي الوحدات البيت 52 الفترة من يناير 2017 إلى ديسمبر 2017 تقارير الصندوق متاحة عند الطلب وبدون مقابل

Microsoft Word - 55

لــؤي أحمد المسـلم

دائرة التسجيل والقبول فتح باب تقديم طلبات االلتحاق للفصل األول 2018/2017 " درجة البكالوريوس" من العام الدراسي جامعة بيرزيت تعلن 2018/2017 يعادلها ابتد

. رصد حضور المرأة في وسائل اإلعالم المحلية 2017

لقانون العام للمساواة في المعاملة - 10 أسئلة وأجوبة

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2017 الـرقم الـــ

بجسكو بأعين الصحافة

نشرة توعوية يصدرها معهد الدراسات المصرفية دولة الكويت - ابريل 2015 السلسلة السابعة- العدد 9 كفاءة سوق األوراق املالية Efficiency of the Securities Mar

الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية

Project overview

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﻣﺎﺭﺱ 2018 الـرقم الــــق

Our Landing Page

brochure

1 مراجعة ليلة امتحان الصف السابع في الدراسات اإلجتماعية. ********************************************************************************* األول السؤا

مـــــن: نضال طعمة

السؤال الأول: ‏

Microfinance in Egypt: General study

ذذذذذذذذذ أهم المؤشرات االساسية لالقتصاد االردني MAJOR ECONOMIC INDICATORS OF JORDAN ادارة السياسات والدراسات االقتصادية Economic

PowerPoint Presentation

بسم الله الرحمن الرحيم

Microsoft PowerPoint - PRESENTATION ANSEJ - P2 Mr. Mohamed Cherif Boaoud.ppt

بنك بوبيان ش.م.ك.ع وشركاته التابعة المعلومات المالية المرحلية المكثفة المجمعة وتقرير م ارجعة م ارقبي الحسابات المستقلين للفترة من 1 يناير 2015 إلى 31

هللا مسب*** مداخلة السيد النائب مالل محمد فيما يتعلق بمناقشة الميزانيات الفرعية للقطاعات الحكومية التي تدخل ضمن اختصاصات لجنة البنيات األساسية والطاقة

حساب ختام موازنة السلطة المركز ة للسنة المال ة 2013 م قسم) 21 (:وزارة التعل م العال والبحث العلم فرع ( 3 ) :مستشف الكو ت الجامع

يونيو 17 يونيو 18 ديسمبر ديسمبر أغسطس 14 أغسطس 15 أغسطس 16 أغسطس 17 أغسطس البنك المركزي المصري التحليل الشهري للتضخم معدل التضخم: العام وا

واقع النفط

Diapositive 1

جامعة الشارقة كلية اآلداب والعلوم االنسانية واالجتماعية قسم علم ااالجتماع االمتحان النهائي للفصل الدراسي األول للعام الجامعي /1/ ا

توزيع املساقات الدراسية في برامج ماكاديمية على ماقسام العلمية )1( قسم القانون الدولي العام م املساق القانون الدولي العام التنظيم الد

المحاضرة الثانية عشر مقاييس التشتت درسنا في المحاضرة السابقة مقاييس النزعة المركزية أو المتوسطات هي مقاييس رقمية تحدد موقع أو مركز التوزيع أو البيانات

طور المضغة

األثنين الثالثاء األحد السبت األربعاء الخميس 2 1 اليوم الساعة ميكروبيولوجيا تطبيقية )عملى $ ) T311 التطور وديناميكية العشائر ( عملى ) ميكروبيولوجيا تط

الشريحة 1

المعهد الدولي للتدريب واالستشارات االردن يهديكم أحر التحيات واطيب االمنيات ويسره دعوتكم للمشاركة او ترشيح من ترونه مناسبا بالبرامج التدريبية التالية ا

الجامعة الاردنية:الصحة النفسية

وزارة التعليم العالي والبـحث العلمي

1

رسالة كلية التمريض: تلتزم كلية التمريض - جامعة دمنهور بتقديم سلسلة متصلة من البرامج التعليمية الشاملة إلعداد كوادر تمريضية ذوى كفاءة عالية فى مهارات ا

اﻟﺨﻄﺔ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻟﻼﺟﺌني وﺗــﻌﺰﻳــﺰ اﻟﻘـﺪرة ﻋـﲆ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷزﻣﺎت ٢٠١٨-٢٠١٧ اﺳﺘﺠـــــﺎﺑ ﺔ ﻟـﻸزﻣــــﺔ اﻟﺴــــــــﻮرﻳـﺔ التقرير السنوي للعام :2017 ملخص تنفيذي

جمعية زمزم للخدمات الصحية التطوعية بإشراف وزارة الشؤون االجتماعية تصريح رقم )411( نظام إدارة الجودة Quality Management System إجراءات الئحة تقنية املع

دليل ضريبة القيمة المضافة التأجير التمويلي

دليل المستخدم لبوابة اتحاد المالك التفاعلية

PowerPoint Presentation

Joint Annual Meetings of

نتائج تخصيص طالب وطالبات السنة األولى المشتركة بنهاية الفصل الدراسي الثاني 1438/1437 ه يسر عمادة شؤون القبول والتسجيل بجامعة الملك سعود أن تعلن نتائج

PowerPoint Presentation

استمارة تحويل طالب يتعلم في الصف العادي لجنة التنسيب إلى )التقرير التربوي( استمارة لتركيز المعلومات حول العالج المسبق الذي حصل علية الطالب\ة الذي يتعل

) NSB-AppStudio برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( ) برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( NSB-AppStudio الدرس األول ) 1 ( الدرس

RAK Chamber of Commerce & Industry Studies & Information Directorate غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة إدارة الدراسات والمعلومات 1122/21/21 مليار درهم حجم

المحاضرة العاشرة الجديده لالساليب الكميه في االداره الفصل الثاني لعام 1439 ه للدكتور ملفي الرشيدي يجب الرجوع للمحاضره المسجله لفهم الماده وامثلتها تحل

منحهما جائزة "الوسام الذهبي لإلنجاز": - Monitoring Media إتحاد المصارف العربية يكر م عدنان وعادل القص ار في القمة المصرفية العربية الدولية في باريس Ta

المرأة "عدوة نفسها"... الكوتا النسائية "في ذمة هللا" روزيت 22 شباط :45 المصدر: "النهار"الق انون والكوتا يا سادة.) االنترن

PowerPoint Presentation

الذكاء

العدد الثالث عرش يناير أهداف التنمية المستدامة: "تحويل عالمنا" باالبتكار Eng. Maritza VARGAS Independent Environmental and Sustainability Consu

ريكخراوي لي كو ل ينةوةو زانياريةكاني جةندةر Gender Studies and Information Organization (GSIO) منظمة الدراسات والمعلومات الجندرية تقرير نشاطات منظمة ا

I n t e r n a t i o n a l C o m p a r i s o n P r o g r a m 2011 ICP Classification

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

مقدمة حظيت الصناعة المالية اإلسالمية منذ انطالقتها باهتمام كبير من قبل المختصين والباحثين والمؤسسات العلمية الداعمة في سبيل تطوير أدواتها لمواكبة النم

الجامعة الأردنية

النسخ:

تحليل السياسات الدولية فهم االقتصادات غير الرسمية في شمال أفريقيا: من القانون والنظام إلى العدالة االجتماعية ماكس غالين جويلية 2018 أكثر من نصف القوى العاملة في شمال أفريقيا تعمل في االقتصاد غير الرسمي غالبا دون عقود أو نقابات أو ب ارمج تأمين اجتماعي. إن تقاطع التهميش االقتصادي والتأخر التنموي والتعس ف القانوني جعل من عمال المنطقة غير الرسميين رم از بالغا على حال العدالة االجتماعية في المنطقة تلتف حوله حركات االحتجاج االجتماعي. ليس القطاع غير الرسمي في المنطقة من بقايا عصور ما قبل الدولة الحديثة وال مجرد انتهاكات جنائية بل هو أحد السمات الجوهرية لنموذج التنمية االقتصادية المتبع حيث يوفر فرص عمل لماليين العاملين في ظل انسحاب الدولة وتعث ر نمو القطاع الخاص. يحتاج االشتباك المجدي مع االقتصاد غير الرسمي في المنطقة إلى ما هو أكثر من تطبيق القانون وفرض الض ارئب بما يشمل االستثمار في المها ارت والبنى التحتية والجمعيات وفي تنمية أكثر شموال للقطاع الرسمي.

المحتويات االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا... 2 مقدمة... 2 أكبر مشغ لي الكوكب... 2 االقتصاد غير الرسمي في ظل النموذج التنموي في المنطقة... 3 االقتصادات غير الرسمية والعدالة االجتماعية... 5 تنمية االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا... 6 ما و ارء االئتمان والض ارئب... 7 تنمية المها ارت والبنى التحتية وموارد الرزق... 7 دعم الجمعيات والنقابات غير الرسمية... 8 الحد من األنشطة غير الرسمية في القطاع الرسمي... 8 التشغيل في القطاع الرسمي والتنمية الشاملة... 8

االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا مقدمة أوائل عام 2018 حدث مشهد غير عادي في شرق المغرب حيث سار اآلالف من سكان مدينة ج اردة التي اشت هرت سابقا بمناجمها لمسافة 50 كيلومت ار عبر الريف المغربي وهم يغنون ويهتفون وي دينون تخلي الحكومة المغربية عن عمال مدينتهم. أتت المسيرة بعد ثالثة أشهر من االحتجاجات شبه اليومية التي تلت وفاة اثنين من عمال مناجم الفحم الحجري في المدينة حيث ما ي ازل السكان المحليون يعملون في المناجم التي هجرتها الحكومة منذ عقود في ظل غياب فرص تشغيل بديلة. وهم يعملون هناك بشكل غير رسمي ويخاطرون بحياتهم. قبل عام واحد فقط اندلع ح ارك احتجاجي آخر في المغرب إثر وفاة أحد العاملين في االقتصاد غير الرسمي. ففي أكتوبر / تشرين األول 2016 تعرض محسن فكري أحد باعة السمك غير الرسميين في الحسيمة للطحن حتى الموت في شاحنة نفايات بعد أن حاول إنقاذ محصوله الذي صادرته منه الشرطة وبعد جنازته أخذ أهالي الحسيمة بالنزول إلى الشوارع قبل أن تنتشر االحتجاجات في مختلف أنحاء شمال المغرب والتي استمرت لعدة أشهر وأدت إلى مئات حاالت االعتقال في سياق القمع العنيف الذي شن ته الحكومة المغربية على متظاهري الريف. ولعل أحد تفسي ارت الرد الحكومي العنيف هو النموذج الذي قدمه ح ارك احتجاجي آخر اندلع أيضا في شمال أفريقيا وبدأ أيضا بوفاة أحد الباعة غير الرسميين. ففي ديسمبر / كانون الثاني 2010 قام محمد البوعزيزي أحد باعة مدينة سيدي بوزيد التونسية بإض ارم النار بنفسه إثر مواجهة مع شرطية محلية متحوال بذلك إلى أحد أشهر الرموز الجامعة للثورة التونسية والنتفاضات عام 2011 التي عم ت المنطقة. ليس من الصعب العثور على سبب تحول عاملي االقتصاد الموازي إلى رموز احتجاجية في شمال أفريقيا في السنوات األخيرة. فاالقتصاد غير الرسمي يقع في قلب التحديات السياسية واالقتصادية الكبرى في المنطقة: فمن جهة يستوعب نسبة كبيرة من بطالة شباب المنطقة مقدما مثاال واضحا على عجز الدولة عن تعزيز التنمية الشاملة ومن جهة ي وض ع الذين يعيشون على هامش المجتمع تحت رحمة الشرطة واألجهزة األمنية. كما أنه يدخل في صلب الموضوعات التي أدت النتفاضات عام 2011: التفاوت االقتصادي والمساءلة والك ارمة والعدالة االجتماعية. ومع كثرة ما ك تب عن االحتجاجات والحركات الثورية في الشرق األوسط وشمال أفريقيا قلما جرى تناول االقتصاد غير الرسمي في المنطقة. األسوأ من ذلك أنه مع انهماك صناع السياسات اإلقليميين والمجتمع الدولي بتقلبات وانعطافات المشهد السياسي بعد 2011 قلما تغير شيء بالنسبة ألكثر من 50 مليون شخص يكسبون رزقهم من االقتصاد غير الرسمي. تسعى هذه الورقة لتوفير مقدمة وجيزة عن االقتصاد غير الرسمي في المنطقة وعن عالقته بالتنمية اإلقليمية والعدالة االجتماعية كما تسعى لتوفير سياق يشرح سبب تحول االقتصاد غير الرسمي إلى أكبر مشغ لي في شمال أفريقيا وما يعنيه هذا بالنسبة للمنطقة واألهم في أي اتجاه يسير ذلك كله. أكبر مشغ لي الكوكب بشكل عام يطل ق االقتصاد غير الرسمي على الدخل المتول د»دون تنظيم مؤسسات المجتمع في ظل بيئة قانونية واجتماعية يتم فيها تنظيم األنشطة المماثلة«. 1 يضم هذا القطاع االقتصادي المتنوع البائعين الجوالين وعم ال الرعاية والعت الين ولكن أيضا العمال الموظفين»خارج السجالت«في القطاع الرسمي وهي ممارسة شائعة بشكل خاص في قطاع ي البناء والتصنيع. في العادة ت ستبعد الممارسات غير المشروعة مثل تجارة المخد ارت أو األسلحة أو األدوية المزيفة من معظم تحليالت االقتصاد غير الرسمي. الكثير من العاملين في االقتصاد غير الرسمي يعملون لحسابهم الخاص لكن هناك أيضا من يملك موظفين وهناك من هو موظف في شركات رسمية أو غير رسمية. ما يجمع بين الجميع هو غياب بيئة عمل منظمة بشكل رسمي االفتقار إلى عقد عمل وعدم الوصول إلى مؤسسات القطاع الرسمي األساسية كالتأمين االجتماعي أو النقابات أو إعانات البطالة. 1 Portes and Castells, 1989: The Informal Economy: Studies in Advanced and Less Developed Countries, p 12. 2

يعمل أكثر من نصف القوى العاملة في منطقة شمال أفريقيا في االقتصاد غير الرسمي حيث تشير تقدي ارت منظمة العمل الدولية أن 60% من مجموع القوى العاملة في مصر والمغرب تعيش من االقتصاد غير الرسمي في حين تبلغ النسبة في تونس 53%. 2 اإلحصائيات بالنسبة للج ازئر أقل موثوقية لكنها تشير إلى وضع قريب جدا من الوضع في تونس. إال أن هذه األرقام ال تجعل المنطقة حالة شاذة. فالعمالة غير الرسمية تشمل نحو ثلثي العمالة غير الز ارعية في الجنوب األفريقي وأكثر من أربعة أخماسها في جنوب شرق آسيا. 3 إال أن شمال أفريقيا يبقى المنطقة األفريقية الوحيدة التي تفوق فيها حصة الرجال من إجمالي القوى العاملة في االقتصاد غير الرسمي حصة النساء 4 وهذا في سياق منطقة يعتبر معدل مشاركة الم أرة في قواها العاملة منخفضا أصال يبلغ وسطيا حوالي 24%. كذلك بالمقارنة مع جنوب آسيا أو أمريكا الالتينية فإن حصة التصنيع من قطاع شمال أفريقيا غير الرسمي أقل حيث تهيمن التجارة بشكل أساسي. كما يكتسي االقتصاد غير الرسمي أهمية خاصة كمشغ ل بالنسبة لشباب المنطقة: ففي تونس يعمل 60% من الرجال العاملين و 83% من النساء العامالت تحت سن األربعين في القطاع غير الرسمي. 5 من غير المستغرب إذن أن يكون االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا في حالة توسع. كان رد دول المنطقة على تنامي االقتصاد غير الرسمي هو الالفعل والذي اعترضته موسميا إعالنات السياسيين بدء»مكافحة االقتصاد غير الرسمي«حيث يجري التشهير بالعاملين فيه كقطاع طرق أو مرتكبين للتهرب الضريبي أو»المنافسة غير القانونية«. وال يحظى هذا الموضوع بأولوية كبيرة لدى المفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي والتي يبدو أنها تفترض خطأ أن قضية االقتصاد غير الرسمي يمكن عالجها في سياق إصالحات مؤسسية أخرى 6 حيث يمكن للمشكلة أن تتالشى لوحدها إذا صح التعبير. وبالعكس يقوم بالترويج للنظرة نفسها ممثلو مجتمعات البزنس الرسمي في المنطقة والذين يتعاونون مع م اركز االستشا ارت واألبحاث الدولية 7 إلعداد تقارير واسعة ومبتكرة إمبريقيا حول الخسا ارت الضريبية التي ي لحقها االقتصاد غير الرسمي وحول المخاوف التي يثيرها بشأن القدرة التنافسية للقطاع الرسمي وأخي ار حول صلته بالجريمة المنظمة واإلرهاب أو ميله عموما ل»اإلخالل بالنظام العام«. 8 وقد نتج عن غياب االشتباك السياساتي الجدي مع هذه القضية في مختلف أنحاء المنطقة إلى ت ازيد نفوذ هذه األصوات. تتطابق توصيات السياسات العامة الشائعة المقترحة من قبل مجتمعات البزنس المحلي أو االستشا ارت الدولية بشكل نموذجي مع أهداف السياسات العامة األوسع لمجتمع البزنس اإلقليمي حيث تتضمن توسيعا لشبكة ض ارئب الدولة بما يشمل االقتصاد غير الرسمي وتبسيط اإلج ارءات الضريبية وخفض معدالت الض ارئب وتوسيع ب ارمج القروض المصغرة وتشديد قبضة الشرطة على ش ارئح واسعة من العاملين في االقتصاد غير الرسمي. إن اللهجة واإلمكانات والتوصيات التي يقدمها هذا الخطاب السياسي تؤدي لوضع قضية االقتصاد غير الرسمي في إطار قضايا األمن والتهرب الضريبي ما ي بقيه بعيدا كل البعد عن قضايا العدالة االجتماعية والتهميش االقتصادي ومساءلة الدولة والتي طرح من خاللها الكثير من متظاهري المنطقة مسألة االقتصاد غير الرسمي. إلعادة مناقشة السياسات إلى هذه الموضوعات يلزم عرض موجز لتاريخ ظهور وتمد د االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا وللدور الذي يلعبه ضمن النموذج التنموي المت بع في المنطقة. االقتصاد غير الرسمي في ظل النموذج التنموي في المنطقة يرتبط تاريخ االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا بشكل وثيق بتاريخ عملية بناء الدولة ونماذج التنمية االقتصادية في المنطقة. إن جزءا أساسيا من االقتصاد غير الرسمي للمنطقة كان قائما قبل قيام البنية القانونية التي تجعله اآلن»غير رسمي«فبعض أساليب اإلنتاج الز ارعي والبيع بالتجزئة تطورت قبل نشوء الدولة القومية الحديثة في شمال أفريقيا ولم يحدث أن اندمجت بالكامل ضمن إطارها القانوني ما أبقى على حالتها غير الرسمية االفت ارضية. ال يمكن حتى اآلن لباعة األسواق األسبوعية الدو ارة في تونس مثال وهي مؤسسة عمرها حوالي قرن وال سيما في األرياف ي ف 7 يستحق معهد الحرية والديمقراطية )ILD( له ي ناندو دي سوتو إشارة خاصة هذا السياق. 8 De Soto, 2014: L économie informelle, comment y remédie,p. 23 2 ILO, 2018: Women and men in the informal economy: A statistical picture. Third edition 3 WIEGO Working Paper 2014: Statistics on the Informal Economy: Definitions, Regional Estimates & Challenges. ف لعقد مقارنات عالمية ث أك جدوى ي سياق التباين الواسع للوائح الناظمة للزراعة عادة ما يتم قياس العمالة ي غ الرسمية كنسبة مئوية من العمالة ي غ الزراعية دون أن ف ي ن يع ذلك أن األنشطة ي غ الرسمية ي الزراعة ليست واسعة االنتشار. 4 ILO, 2018: Women and men in the informal economy: A statistical picture. Third edition 5 African Development Bank, 2016: Social Protection and the Informal Economy in Tunisia 6 مع أن البنك الدو ي ل أصدر تقريرا موسعا حول هذە المسألة عام ف http://urlz.fr/7obz 2014 يبدو أن ي تأث ە ي هذە المسألة أقل بالمقارنة مع ي ن الفاعل ي ن السياسي ي ن المحلي. 3

أن يتقدموا بطلبات للحصول على تصاريح وما يصاحبه من وصول إلى المؤسسات الرسمية. مع تطور أنظمة اإلعانات الحكومية الضخمة وال سيما في الج ازئر وليبيا الغنيتين بالنفط وندرة التجارة البينية الرسمية إقليميا وارتفاع التعريفات الجمركية وكثرة القيود على الواردات خالل سبعينات وثمانينات القرن الماضي أخذت اقتصاديات التهريب الضخمة تعم المنطقة. فقد بدأ سكان المناطق الحدودية شمال المغرب بجلب البضائع األوروبية من جيب ي سبتة ومليلية اإلسباني ين أو البنزين المدعوم من الج ازئر وبيعه في األسواق غير الرسمية في كافة أنحاء اإلقليم. كما أخذت شبكات جنوب تونس تستورد السلع الليبية المدعومة مثل البنزين والمواد الغذائية األساسية في حين نظمت اتحادية قبائل أوالد علي سوق تجارة غير رسمية كبيرة على الحدود بين ليبيا ومصر. 9 في السنوات والعقود التالية ارحت دول المنطقة تتسامح إلى حد كبير مع هذه النشاطات حيث وفرت بعض الدخل لمناطق كانت مهمشة ضمن النماذج التنموية المتبعة بعد االستقالل والمركزة على االستثمار الرسمي في الم اركز المدينية الساحلية وقد أخمدت هذه الدخول الضغوط والدعوات االجتماعية الداعية لتوزيع الموارد بشكل أعدل. باإلضافة إلى ذلك أتاحت التجارة غير الرسمية عبر الحدود فرص تكس ب لنخب ذات ارتباطات سياسية كما وف رت مواد غذائية أساسية كانت الحاجة إليها شديدة في مناطق مثل شمال مالي 10 باإلضافة لتقديم المؤونة التي احتاجتها لليبيا أثناء فترة العقوبات الدولية. وال شيء يشرح دور االقتصاد غير الرسمي في المنطقة وكونه حصيلة جوهرية لنماذج التنمية اإلقليمية أكثر من تحول المنطقة نحو ب ارمج التكيف الهيكلي التي قادها صندوق النقد الدولي في ثمانينات القرن العشرين. فقد أدت اإلصالحات التي هدفت لتحديث الز ارعة في اإلقليم ولتقليص القطاع العام والحد من دور الدولة في االقتصاد إلى تبعات كبرى بالنسبة لسوق العمل في المنطقة. وفق رؤية اإلصالح الز ارعي بقيادة القطاع الخاص شرعت كل من مصر وتونس والمغرب بمجموعة من اإلصالحات شملت بيع م ازرع مملوكة للدولة ومكننة اإلنتاج الز ارعي وتحرير أسواق المنتجات واأل ارضي الز ارعية. نتيجة لذلك أخذ توازن األعمال الز ارعية بين ذوي الحيا ازت الصغيرة وكبار المالكين يميل لمصلحة األخيرين ما ساهم بدوره في تدهور لمستويات المعيشية في الريف 11 وفي تقليص قدرة القطاع الز ارعي على استيعاب الطلب الكبير على العمل من قبل أعداد السكان المت ازيدة. غادر الكثيرون أريافهم نحو أط ارف المدن وال سيما الشباب الذين ارحوا يبحثون عن عمل وبحوزتهم القليل من التدريب والقليل من أرس المال والقليل من العالقات داخل في المدينة. وقد وجد الكثير منهم ضال ته في االقتصاد الموازي إما كباعة جو الين أو كعمال بناء أو كعمال منزليين. شهدت مرحلة التكيف الهيكلي أيضا انخفاضا كبي ار في أعداد التعيينات في القطاع العام في مختلف أنحاء المنطقة وسط مخاوف من تور م البيروق ارطيات والنفقات العامة. إال أن هذا االنخفاض ضي ق واحدة من أبرز السبل التقليدية للتشغيل في القطاع الرسمي والتي كانت ذات أهمية خاصة بالنسبة للنساء. وفي تلك المرحلة بقي دور القطاع الخاص الرسمي في توفير فرص العمل بطيئا في أحسن األحوال. وقد جرت خصخصة مؤسسات القطاع العام في المنطقة جنبا إلى جنب تقريبا مع صعود طبقة رجال األعمال النافذين سياسيا والقادرين على االستفادة من دعم الدولة ناصبين حواجز كبيرة في وجه الوافدين الجدد إلى السوق ممن كان بإمكانهم توفير فرص عمل ضمن القطاع الرسمي. ومرة أخرى تمكن القطاع غير الرسمي السريع التوسع من التقاط حالة الركود تلك. من جهة أخرى أدى تفكيك المؤسسات العامة إلى جعل فرص التشغيل في القطاع غير الرسمي أكثر مباشرة. فالسجاد اليدوي لنأخذ مثاال واحدا كان لسنوات طويلة أحد الوجهات السياحية المفضلة في جنوب تونس وكان يجري إنتاجه إلى حد كبير ضمن مؤسسات القطاع العام منذ فترة ما بعد االستقالل. وقد جرى تفكيك واسع لهذه المؤسسات بحلول أواخر التسعينات لكن دون أن يتوقف اإلنتاج والذي انتقل بشكل كامل تقريبا إلى القطاع غير الرسمي حيث تقوم آالف النساء بصناعة السجاد في المنازل مقابل نسبة زهيدة من األجور السابقة لعامالت السجاد. 11 انظر: Hanieh, 2013: Lineages of Revolt: Issues of Contemporary Capitalism in the Middle East, Ch.4 9 انظر: Huesken 2017: The Practice and Culture of Smuggling in the Borderland of Egypt and Libya, in: Raffaella del Sarto & Asli Oykay (eds.), Contentious Borders: Sovereignty and Statehood in the Middle East and North Africa post-2011, International Affairs (2017) 93 (4): 897-915 10 انظر: Scheele, 2012: Smugglers and Saints of the Sahara Regional Connectivity in the Twentieth Century 4

وبينما شرعت بلدان شمال أفريقيا في مسار التكيف الهيكلي أخذت تتآكل»الصفقة السلطوية«التي وسمت العالقات بين الدولة والمجتمع منذ االستقالل والتي تلخصت بمقايضة الدعم والتشغيل الحكومي مقابل الدعم أو على األقل الصمت السياسي. ومع ت ارجع القطاع العام وعجز القطاع الخاص الصغير والمج أز سياسيا على توفير العمالة لألعداد السكانية المت ازيدة بسرعة في المنطقة غدا القطاع غير الرسمي بات ساعه وسعته التشغيلية عنص ار أساسيا من عناصر النموذج االقتصادي التنموي المت بع في المنطقة. ومن هنا فإن أولى دالالت الدور الحاسم الذي يلعبه هذا القطاع في المحافظة على االستق ارر وقبله على األنظمة والمذاهب االقتصادية السائدة في المنطقة يمكن العثور عليها في ب ارمج اإلصالح االقتصادي المعتمدة في الثمانينات قبل سنوات طويلة من وفاة محمد البوعزيزي ومحسن فكري. االقتصادات غير الرسمية والعدالة االجتماعية بعيدا عن مجرد توفير حل مؤقت لمشكلة غياب فرص العمل في المنطقة ساهم توسع االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا في إعادة هيكلة جذرية للعالقة بين دول المنطقة وغالبية قواها العاملة. فقد أدى إلى تذرير القوى العاملة إلى حد بعيد إاولى إهمال تدريبها وتطويرها إاوغفال حاجاتها األمنية ورس خ ديناميات بالغة التمييز بين الجنسين على مستوى الوصول والفرص ونقل جزءا كبي ار من سلطة التنظيم االقتصادي إلى األجهزة األمنية. وبالنتيجة أصبح القطاع غير الرسمي الحقل المركزي الذي يمكن من خالله فهم العدالة االجتماعية في شمال أفريقيا والتفاوض بشأنها إاوعادة بنائها. لقد أدى توسع القطاع غير الرسمي في شمال أفريقيا لنشوء قطاع خاص غير رسمي كبير ومذر ر ضعيف التواصل فيما بينه وعاجز عن صياغة مطالب سياسية منهجية. ومع أن االفتقار إلى الوضع القانوني الرسمي مث ل أحد العوائق الحاسمة أمام عمال القطاع غير المنظم لتشكيل النقابات والجمعيات إال أنه ليس العائق الوحيد. فنقابات العمال الرسمية في المنطقة ترفض عادة التعاون مع مجموعات ذلك القطاع مشيرة إلى افتقاره للعقود واألوضاع القانونية أو إلى انتشار العاملين لحسابهم الخاص فيه. كما ساهم تدن ي مستويات أرس المال االجتماعي وتباين المصالح والخوف من انتقام األجهزة األمنية في المزيد من عرقلة إنشاء الجمعيات. وقد حد هذا الواقع من قدرة العمال غير الرسميين على التفاوض مع صن اع الق ارر وعلى صياغة مطالب محددة واالنخ ارط في عمل جماعي من أجل تحقيقها. ولكنه من جهة أخرى حد أيضا من وصول صن اع الق ارر إلى المعلومات المتعلقة بالقطاع غير الرسمي وحالته مشكالته واحتياجاته. وقد أدى غياب الوضع القانوني والجمعيات إلى إقصاء االقتصاد غير الرسمي من مجموعة متنوعة من المؤسسات كالتعليم والخدمات المالية والضمان االجتماعي وعلى نطاق أوسع من جهود تنمية أرس المال البشري. فبينما يحصل عاملو االقتصاد الموازي على دخل يخسرون الكثير من جوانب»العمل الالئق«. وفي غياب تنظيم األجور فإن معظم األجور المتوفرة في االقتصاد غير الرسمي شديدة االنخفاض لدرجة أنها تسمى محليا»مصاريف جيب«تكفي لتدبر الحال ولكن ال تكفي لالدخار وال تكفي بتاتا لتغطية نفقة سيارة أو شقة أو زواج أو لتطوير أو توسيع العمل. كما يؤدي االفتقار إلى عقود عمل وخطط تأمين اجتماعي إلى مفاقمة العجز عن التخطيط للمستقبل. وقد نتج عن ذلك تخفيض ب ارمج التأمين االجتماعي في المنطقة وتحولها إلى»سلع نوادي«تتمتع بها أقلية من عمال المنطقة بدال من أن تكون خدمة شاملة لجميع المواطنين. باإلضافة إلى ذلك ال تقدم الوظائف غير الرسمية في المنطقة فرص التدريب أثناء العمل أو تنمية المها ارت اإلضافية التي من شأنها فتح آفاق جديدة للعمال وهي مسألة غالبا ما تضيع في المناقشات حول التعليم في المنطقة. أما الوصول إلى أرس المال فينحصر عادة في القروض المصغرة. ويقو ي غياب إج ارءات السالمة في أماكن العمل من مخاطر وقوع حوادث كما جرى في مناجم ج اردة. وهكذا رغم أن فرص العمل متوف رة في االقتصاد غير الرسمي إال أنها في كثير من األحيان ال تتضم ن االستحقاقات الرئيسية التي اعتاد على تقديمها القطاع الرسمي التقليدي: الك ارمة وفرص التنمية االجتماعية والترق ي االجتماعي. كذلك من المهم إد ارك الطابع الجنسوي الشديد التمييز في القطاع الموازي في المنطقة. عالميا تعمل عامالت االقتصاد الموازي في أكثر المهن هشاشة 12 وهنا ال تشكل منطقة 12 انظر: Meagher, 2010: The empowerment trap: gender, poverty and the informal economy in sub-saharan Africa. In: Chant, Sylvia, (ed.) The International Handbook of Gender and Poverty: Concepts,.Research, Policy 5

شمال أفريقيا أي استثناء فبينما يحتكر الرجال الم اركز األكثر ربحية في االقتصاد غير الرسمي وال سيما التجارة عبر الحدود غالبا ما تعمل النساء من المنازل في أنشطة التصنيع الصغير مثل النسيج والخياطة أو في اقتصاد الخدمة المنزلية. في المغرب مثال تضم الشركات غير الرسمية التي تديرها نساء وسطيا 1.8 موظف/ة وأرباحها تقل بنسبة 3.5 وسطيا عن أرباح الشركات التي يديرها رجال. 13 كما أن عامالت المنازل وغيرهن من العامالت في»اقتصاد الرعاية«تخسر العالقات االجتماعية وفرص الحصول على المعلومات واالنخ ارط في العمل الجماعي المرتبطة عادة بوظائف خارج المنزل. األهم من كل ذلك ربما أن النساء يتأث رن بشكل أكثر مباشرة بغياب المؤسسات الناظمة للعالقة بين البيت واالقتصاد غير الرسمي مثل إجازة األمومة أو ب ارمج التأمين االجتماعي. ورغم تكه ن بعض المحللين بالفائدة التي تجنيها النساء نتيجة المرونة المرتبطة بالوظيفة غير الرسمي ة إال أن عالقات العمل في االقتصاد غير الرسمي تميل في الواقع لترسيخ النوع الخطأ من المرونة أي مرونة صاحب العمل وليس مرونة الموظف. ومع أنه لم يتم تسييس العنف الذي تتعرض له العامالت في القطاع غير الرس م ي بالشكل الواسع الذي تسي س به عنف البوعزيزي وفكري وغيرهما إال أنه ال يقل حقيقية عنه. لقد أنشأت الهشاشة االقتصادية وغياب اللوائح الناظمة لشروط العمل ظروفا يمكن فيها للعنف أن يحدث دون أن يلحظه أو يردعه أحد. كما أن التحرش الجنسي منتشر بشد ة وال سيما في القطاعات التي تعمل فيها النساء تحت مشغ ل واحد كما في الخدمات المنزلية والز ارعة. أيضا تضاعف من تجربة اإلهانة والتهميش. واألسوأ من ذلك أنها ال تكف عن تقويض الثقة بين مختلف الفاعلين المعنيين وتفشل في توفير األساس إلعادة التفاوض على العالقة بين دول وعم ال المنطقة أو للحديث عن العمل والتنمية والعدالة االجتماعية. من الواضح أن هناك حاجة لمقاربة مختلفة. تنمية االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا من خالل هذه المناقشة الوجيزة للغاية حول دور االقتصاد غير الرسمي في البنية االقتصادية لشمال أفريقيا سرعان ما تتضح عبثية»مكافحة االقتصاد غير الرسمي«. إن أية مقاربة تركز على تطبيق القانون لن تقود فقط إللحاق المزيد من الضرر والحرمان بشريحة سكانية هي باألصل مهمشة إلى أبعد حد بل وستخاطر جديا باالستق ارر والسالم االجتماعي في المنطقة. األهم من ذلك أن عمليات تطبيق القانون مثل»تنظيف الشوارع«حيث تقوم قوات األمن بطرد الباعة غير الرسميين من قارعة الطريق لن تؤدي سوى إلى تغيير الموقع الجغ ارفي لالقتصاد غير الرسمي طالما أنها غير مصحوبة بإصالحات توفر بدائل مستدامة للوظائف غير الرسمية. ما و ارء االئتمان والض ارئب العديد من جوانب العالقة بين االقتصاد غير الرسمي ودول شمال أفريقيا يمكن تصو رها من خالل ما وصفته جوديث تيندلر»صفقة الشيطان«: م قايضة الدعم أو الصمت السياسي بالتساهل مع النشاط االقتصادي غير الرسمي في ظل استم ارر غياب أي محاوالت حكومية لتحويل أو تحسين عناصر االقتصاد غير الرسمي بشكل منهجي أو 14 لتطوير أوضاع أو مها ارت العاملين في هذا االقتصاد. وفي غياب است ارتيجية تجارية واقتصادية ينتقل جزء كبير من الحوكمة االقتصادية ل ل قطاع غير الرسمي إلى يد األجهزة األمنية وخاصة الشرطة. هذه العالقة ال تخلق فقط ما ال يعد وال يحصى من فرص الفساد حيث يشيع فرض تكاليف كبيرة على عاملي االقتصاد الموازي لكنها تركز االشتباكات القليلة ذات التوجه التنموي مع االقتصاد غير الرسمي في المنطقة على توفير القروض المصغرة ل»رواد األعمال«غير الرسميين معتبرة أن عدم وصولهم إلى االئتمان والخدمات المالية عقبة رئيسية تحول دون ترسيم مؤسساتهم. إال أن هناك أسباب وجيهة للقول بأن هذه المقاربة بحد ذاتها غير كافية كاست ارتيجية اقتصادية للتعامل مع االقتصاد غير الرسمي للمنطقة. بادئ ذي بدء معظم البحوث التي تناولت دور القروض المصغرة للمؤسسات الصغيرة أ جريت خارج السياق الثقافي والديني لشمال أفريقيا والتي ينظر فيها الكثير من الفاعلين إلى االئتمانات التجارية بعين الشك. األهم من ذلك أنها قائمة على افت ارض أن كل أو معظم المؤسسات غير الرسمية قابلة للتوسيع في حال توفر لها أرس المال اإلضافي. لكن العديد من األنشطة االقتصادية الموازية تكافح للبقاء على قيد الحياة وذلك ضمن قطاعات مشبعة للغاية كالبيع على قارعة الطريق أو هي متعارضة مع اإلطار القانوني 13 HCP Morocco, 2007: Enquête nationale sur le secteur informel 14 Judith Tendler, Small Firms, the Informal Sector, and the Devil s Deal IDS Bulletin [Institute of Development Studies], Vol. 33, No. 3, July 2002 6

الرسمي بشكل مباشر يمنع ترسيمها أو توسيعها بشكل معقول أو مربح. حتى في حالة المؤسسات الرسمية التي تحوز فيها القروض المصغرة على وجاهة اقتصادية ينطوي أخذ االئتمانات على مخاطر تجارية كبيرة كما أنه بأسعار الفائدة يشمل نقل رؤوس األموال خارج االقتصاد غير الرسمي. وعليه فإن توفير االئتمان هو في أفضل األحوال است ارتيجية جزئية للغاية. ومن المالمح األخرى لخطاب السياسات الحالي بشأن االقتصاد غير الرسمي في شمال أفريقيا الوعد القائل بأن»ترسيم«االقتصاد غير الرسمي سيقود فو ار وبشكل ملموس لتوسيع الدخل الضريبي لدول المنطقة. تد عي د ارسة أجرتها شركة روالند برجر لالستشا ارت لمصلحة االتحاد العام لمقاوالت المغرب أن الدولة المغربية حاليا تخسر سنويا 40 مليار درهم )3.6 مليار يورو( بسبب غياب الدخل الضريبي القادم من القطاع غير الرسمي. ومع أن ذلك أصبح من العناصر الشائعة جدا في تحليل سياسات االقتصاد غير الرسمي ثمة سببان على األقل لنكون حذرين للغاية من هذه المقاربة. أوال مجرد افت ارض أن تحصيل عائدات ضريبية كبرى من االقتصاد غير الرسمي ممكن ومرغوب وشرعي يدل على أن تعليق»صفقة الشيطان«والقيام بعملية إعادة توزيع كبرى للموارد ضمن المنطقة يمكن أن يحدث دون اضط اربات واسعة النطاق أو أن انعدام الثقة الناشئ عبر عقود من اإلهمال الحكومي يمكن التغلب عليه بسرعة من خالل وعود االستثمار واالئتمان. ثانيا تأطير االقتصاد غير الرسمي أساسا كمورد دخل محتمل لدول المنطقة يجعل من الصعب المناصرة من أجل حلول سياسات ستتطلب على األقل على المدى القصير تدخالت مكلفة. لكن بالنظر إلى االرتباط الوثيق بين االقتصاد غير الرسمي اليوم وعقود من االنسحاب واإلهمال الحكومي ال ينبغي أن يكون مفاجئا أن اإلصالح المجدي والمستدام لهذا القطاع خاصة مع السعي نحو العدالة االجتماعية سيتطلب استثما ارت حكومية. تنمية المها ارت والبنى التحتية وموارد الرزق قبل تخطيط أو تنفيذ الض ارئب على القطاع غير الرسمي في المنطقة ينبغي أن تركز سياسات الدول أوال على تطوير وتحسين المها ارت والبنى التحتية وموارد الرزق. فبدال من على اخت ازله إلى قطاع طرق ومتهربين من ض ارئب يجب إد ارك االقتصاد غير الرسمي على ما هو عليه قوة العمل الرئيسية في المنطقة وشريحة كبيرة من شبابها ومستقبلها التجاري. وتتمثل الخطوة األولى نحو عقد اجتماعي غير مبني على اإلهمال في التوسيع المنهجي لب ارمج التأمين االجتماعي نحو أف ارد االقتصاد الموازي. كما سيكون لتنمية المها ارت عبر ب ارمج تدريبية ال تتطلب صلة بالقطاع الرسمي دور حاسم في فتح بدائل جديدة لعمال القطاع غير المنظم وال سيما في المناطق الريفية التي كثي ار ما يغادر شبابها المدرسة في سن مبكرة بحثا عن فرص عمل في االقتصاد غير الرسمي. من شأن االرتقاء بالبنى التحتية التي يعمل ضمنها البائعون أو المصن عون غير الرسميين أن يؤدي ال إلى رفع كفاءتهم فحسب بل أيضا تحسين سالمة وك ارمة عملهم إاولى بناء الثقة بين إدا ارت الدولة والقطاع غير الرسمي. لقد حقق المغرب في السنوات األخيرة جهودا ملحوظة في هذا الصدد سواء من خالل برنامجه»أوتو أنتربرنور«الذي يقدم لقطاعات االقتصاد غير الرسمي شكال من أشكال الرسمية أو من خالل بناء األسواق وتحديث أكشاك البائعين الجو الين من خالل»المبادرة الوطنية للتنمية البشرية«. غير أن العديد من األسواق التي بنيت لتوفير موقع وبنية تحتية أفضل للباعة الجو الين بقيت فارغة حيث فض ل هؤالء البيع في مواقعهم القديمة وسط المدينة. يبرز هذا المثال الحاجة للمزيد من العمل على تقاطع االقتصاد الموازي مع الدولة لتطوير مشاريع داعمة لتنمية حقيقية لهذا االقتصاد. دعم الجمعيات والنقابات غير الرسمية ولدعم اإلنشاء والصياغة المشترك لمشاريع التنمية الشاملة ضمن االقتصاد غير الرسمي ينبغي تقديم المزيد من الدعم للمشاريع التي تساعد ش ارئح العاملين في االقتصاد غير الرسمي على إنشاء جمعيات ونقابات قادرة على صياغة احتياجات قطاعاتها وترشيح الوسطاء واالنخ ارط في العمل الجماعي. فمن المواقع المهم شة غالبا ينطوي تأسيس الجمعيات داخل االقتصاد غير الرسمي على تحديات كبيرة وغالبا ما يكون عرضة الستمالة السلطات الحاكمة. 15 ومع ذلك ثمة د ارسات حالة جيدة يبنى عليها. 15 Lindell, 2010: Informality and collective organizing: Identities, alliances and transnational activism in Africa Third World Quarterly 31(2):207-222. 7

16 تمثل اربطة النساء العامالت لحسابهن الخاص في الهند مثاال عالميا على األثر اإليجابي لجمعيات وروابط العمال غير الرسميين التي تحصل على وضعية نقابية. في تونس قام مشروع مشترك بين الجمعية التونسية للتصرف والتوازن االجتماعي )TAMSS( وبرنامج المبادرة التونسية للعمل الشامل )TILI( بتنفيذ مشاريع أولية لبناء جمعيات لصناع األحذية غير الرسميين في صفاقس والباعة غير الرسميين في بنقردان. وال حصر للفرص المتاحة في المنطقة للتوسع في مثل هذه المشاريع. الحد من األنشطة غير الرسمية في القطاع الرسمي سواء في القطاع العام أو الخاص. ليس بوسع المنطقة اتباع نموذج تنمية قائم على تحقيق نمو بال وظائف وليس بوسعها تقديم المزيد من التضحيات على حساب المهمشين اقتصاديا. إن الرمزية السياسية التي اتخذتها المواجهات بين الدولة وعاملي االقتصاد الموازي تثبت أن العالقة بين الطرفين هي بالفعل على وشك االنهيار. وهي العالقة التي يتردد فيها صدى مطالب حركات االحتجاج في المنطقة: الك ارمة والفرص االقتصادية والعدالة االجتماعية. لقد كان االقتصاد غير الرسمي منذ عقود طويلة أشبه بجدار صد اجتماعي يحمي نموذجا تنمويا يخدم نخبة صغيرة وال بديل عن نموذج تنموي أكثر شموال بعد أن أصبح هذا الجدار يضم غالبية القوى العاملة في المنطقة. عادة ما تفتقر تحليالت االقتصاد غير الرسمي في المنطقة إلى مناقشة الدور المهم لالقتصاد غير الرسمي ضمن قطاع المنطقة الرسمي. يتم ذلك غالبا عبر مؤسسات رسمية تستخدم عماال غير رسميين أو ال تزو د موظفيها بعقود رسمية أو ب ارمج تأمين اجتماعي. هذا أمر شائع خاصة بين المؤسسات والقطاعات المرتبطة بالنخب الحاكمة. يمكن اعتبار غياب الرقابة وتطبيق قوانين العمل في هذا السياق على أنه دعم غير رسمي لهذه القطاعات من قبل حكومات المنطقة األمر الذي يضر بشد ة بقواها العاملة. ومن المتوقع أن يكون اتخاذ إج ارءات صارمة ضد هذه الممارسات ودعم الشركات الصغيرة تحديدا ليس فقط في تسجيل نفسها رسميا ولكن أيضا في تسجيل موظفيها ودفع رواتبهم وتقديم الدعم الالزم لهم من مجاالت السياسات المتعلقة باألنشطة غير الرسمية األسرع تحقيقا للنتائج. التشغيل في القطاع الرسمي والتنمية الشاملة على أي است ارتيجية تتعلق باألنشطة غير الرسمية في شمال أفريقيا أن تتعلم من الب ارمج االقتصادية التي أدت لتوس ع االقتصاد غير الرسمي في المنطقة وأن تهدف إلى معالجة تركات اإلهمال الم ارفقة لهذه الب ارمج. ال يمكن ترسيم أو تحسين أو تنمية جميع قطاعات االقتصاد غير الرسمي في المنطقة. لذلك ورغم أهمية جميع خيا ارت السياسات العامة التي نوقشت أعاله إال أنه ال يمكن ألي منها أن يكون بديال كامال عن إنشاء فرص عمل رسمية ميسورة وكريمة والئقة 16 انظر: http://www.sewa.org 8

لمحة عن المؤلفين ماكس غالين هو مرشح دكتو اره في التنمية الدولية بكلية لندن لالقتصاد )LSE( متخصص في االقتصاد السياسي لشمال أفريقيا. يقوم بإج ارء بحث موس ع حول االقتصادات غير الرسمية والتهريب تحديدا جنوب تونس وشمال المغرب. حاصل على ماجستير في د ارسات الشرق األوسط المعاصر من جامعة أوكسفورد وكان باحثا مقيما في جامعة األخوين بالمغرب. لمتابعته على تويتر: @MaxGallien www.maxgallien.com الطباعة نشر مؤسسة فريدريش إيبرت مشروع إقليمي «فهم االقتصادات غير الرسمية في شمال أفريقيا: من القانون والنظام إلى العدالة االجتماعية» جويلية 2018 تونس- الجمهورية التونسية www.fes-mena.org جميع الحقوق محفوظة هذه الوثيقة غير مخص صة للبيع تصميم و طباعة www.magma-studio.tn