رئي س جمل س االدارة رئي س التحرير فخري كرمي ملحق ثقايف ا سبوعي ي صدر عن جريدة املدى WWW. almadasupplements.com العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - ال

النسخ

1 رئي س جمل س االدارة رئي س التحرير فخري كرمي ملحق ثقايف ا سبوعي ي صدر عن جريدة املدى WWW. almadasupplements.com العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 m a n a r a t جوزيف كونراد

2 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان جوزي ف كون راد س ينمائيا جوزيف كونراد واملولود با سم جوزيف تيودور كونراد كورزينوف س كي )يف 3 كان ون الأول م ن ع ام 1857( ه و كاتب بريط اين بولن دي ويعت ب ر واحدا م ن اأعظم الروائيني الذين كتبوا باللغة النكليزية. منح اجلن س ية الريطانية يف عام 1866 لكنه كان يعتر نف سه دائما بولنديا. على الرغم من أانه مل يتكلم النكليزية بطالق ة حتى اأ ص بح يف الع ش رينات من عم ره فقد كان ذو أا سل وب ن ث ري رائ ع حي ث ا ستطاع بو ض وح جلب احا سي س غريبة عن اللغة النكليزية ل أالدب النكليزي. كت ب كونراد رواي ات وق ص صا والعديد منه ا كان يتعلق بالبح ر وكانت ت صور جتارب وحمن النف س الب شرية يف و س ط هذا الكون الغام ض واملج رد من العواطف. وعلى الرغ م م ن أان أاعمال كون راد حتوي عنا صر م ن املذهب الواقع ي للق رن التا س ع ع شر اإل ان ه يعتر م ن أاوائل احلداثيني. أا سلوبه النري و شخ صياته الالبطولية كانت له ا الأث ر على الكث ي ر من املوؤلف ي ني مثل تي ا س ايليوت و سلمان ر شدي. العدي د م ن اأعمال ه أالهم ت خمرج ي الأف ل الم ليعي دوا ج وزي ف ك ون راد صياغته ا يف ع دة أاعمال لهم. ا ستخ دم كونراد يف ذروة الإمراطوري ة الريطانية جتارب ه البولندية واخلا صة يف الأ سطول ي ني التجاريني الريط اين والفرن سي ليخلق ق ص ص ا ق ص ي رة وروايات تعك س اجلوان ب الأوروبية امل سيط رة عل ى العامل ويدخ ل بعمق م ستك شف ا النف س الب شرية. ولد كون راد يف بردي شي ف التي هي جزء م ن اأوكرانيا لكنها كان ت تتبع سابقا للمملكة البولندية قبل عام 1793 لوال د كات ب ومرتج م ونا ش ط سيا س ي. لعب ت أا سرته دورا هام ا يف حماولة ا ستعادة ا ستق ل الل بولندا. مل يكن جوزي ف كون راد طالبا جيدا لكنه ب رع باجلغرافيا ويف ع ام 1871 قرر أان ي صب ح بحارا وعلى الرغ م من اأنه مل يكم ل تعليمه الثان وي اإل أان ه اأ صبح طليق ا بالفرن سية وببع ض الالتيني ة والأملانية واليونانية. وبعد ان ضمامه ل أال سط ول التجاري الريطاين متك ن اأخرا كونراد من احل ص ول عل ى اجلن سي ة الريطانية ع ام ومن خ ل الل رحالت ه البحري ة إاىل العدي د م ن الأماك ن خلق كون راد الكث ي ر م ن شخ صياته الت ي إاما قابله ا أاو سمع عنه ا. ويف ع ام 1894 توق ف كونراد ع ن الإبحار نظرا ل س وء صحت ه ومليوله للكتاب ة وللخو ض يف غمار هذه املهنة الأدبية كت ب كونراد عن الن ضال من اأج ل ال ستقالل وعن الراء اخل ص ب واملدمر باآن معا للطبيع ة ال ستوائية وعن كاآبة احلياة الب شرية. كان اأ سلوبه يف ت صوير امل شاعر ي شوبه ال شك وال سخرية فقد كان ح سا سا للغاية مغرورا متحفظا وانفع ايل. عان ى طوال حيات ه من سوء حالت ه ال صحية والعقلي ة وكانت لدي ه أاعرا ض الكتئاب وق د حاول عام 1878 النتحار ب سبب تورطه الكبر يف الديون. مل يع رف اإل القلي ل م ن العالق ات العاطفي ة احلميم ة قب ل زواج ه ع ام ع ب ر كون راد ع ن ارتيابه من الدميقراطي ة بكونه ا هدف ا بح د ذاته حل ل كل امل شاكل وكان يعتق د أانه نظرا ل ضعف الطبيع ة الب شرية والطابع الإجرامي للمجتمع فاإن الدميقراطية تقدم فر صا ل ح صر لها للدمياغوجيني والدجالني. تويف كون راد يف 3 اآب عام 1924 يف منزله بانكلرتا اإثر نوبة قلبية. من اأهم أاعماله الروائية: منب وذ اجل زر - قل ب الظ ل الم - ل ورد جي م- الإع صار- العميل ال سري - حتت أانظار عيون غربية - الن صر- خط الظل - سهم من ذهب - طبيعة اجلرمية. و من أاعماله الق ص صية: ال شري ك الأ س ود- احلمق ى- البحرة- قاع دة التطور - العودة - غا سبار رويز. اأما اأ شهر الأفالم التي اقتب ست عن أاعماله فهي: لورد جيم عن روايته لورد جيم بطولة املمثل بيرت اوتول عام املتجول عن روايته املتجول بطولة املمثل العاملي انطوين كوين عام الروؤي ا الآن للمخرج ال شه ي ر فران سي س فورد كوبول و بطول ة النجم مارلون براندو عن رواي ة قلب الظالم عام.1979 العمي ل ال س ري( عن روايت ه العميل ال س ري من بطولة النجم الفرن سي جرار دوبارديو عام )غابرييل( عن روايته العودة عام إن الفكرة القائلة باستغناء الخطاب السيناميئ عن الخطاب الروايئ بعد استقرار التقنيات الجديدة ال ميكنها أن تسو غ عودة السينام باستمرار لروائع القصص العاملية بطريقة تجعلها تجتاز كل الحدود التي قي دت الرواية سنوات طويلة لتكون ذلك الفن األقرب إىل وجدان الجمهور. ففي الوقت الذي أنبهر املشاهدون فيه بتقنيات وموضوعات أتاحت لخيالهم حرية أكرب يف التصورات الذهنية وتأمل العامل املتحول أبدا طورت السينام احتامالت التناقض مع مسعاها ذاك. فام حققه فلم مثل )حرب النجوم WAR )STARS للمخرج"جورج لوكاس"يف أواسط السبعينيات ال ميكن أن يحققه أي فيلم حديث من النوع نفسه فثمة اجرتاح خيايل ومهارة تقنية كانت اليق بعرصها آنذاك فضال عن التخمة التي سببتها أفالم من ذلك الطراز الهوليودي دون أن تطور أي محتوى جديد أو تحظى بصفة امتياز باستثناء بعض األفالم بالطبع. احمد ثامر جهاد من هنا لن يكون غريبا أان تعود"هوليود"اأو غره ا م ن سن ة لأخ رى للبح ث ع ن سيناريوه ات ذات م ست وى ف ل ال جت د خم ر جا له ا سوى الأعم ال الأدبية املكتوبة الت ي تتمي ز بجاذبي ة كب ي رة يف اأو س اط الق راء واملهتم ي ني. ويف أاحي ان أاخ رى حت اول توظي ف ق درات وم ؤوث رات عالي ة لتق دمي الق ص ص الرومان سي ة ب ش يء من الإث ارة والت شوي ق كم ا ح ص ل يف الفيل م ال شهر"تايتنك"ال ذي ن ال شعبية فاقت كل الت صورات. ضمن هذا املناخ املوجه ل صناعة الأفالم كان املخرج )بيبيان كادرون( قد قرر املغامرة مع الروائ ي صع ب اله ضم )جوزي ف كونراد( باختيارواحدةمنق ص صهالطويلةوالرائعة هي" أاميي فو سرت"التي ظهرت يف جمموعة ق ص ص"الإع ص ار 1903 "ليحو له ا اإلى فيل م سينمائ ي عنوان ه:" SWEPT "FROM THE SEA وبنف س احل زم اخت ار املخرج"كادرون"ل ل الأدوار الرئي سي ة بع ض املمثل ي ني ال شباب اأمثال: را شي ل وايز بدور أامي ي وفن سنت براي ز بدور"يانكو"اإ ضافة اإىل املمثل ة احلائ زة عل ى الأو سكار"كاثي بيت س"بدور ال سيدة"وافر". ميكن الق ول اأن ن صي ب أاعمال"كونراد"يف ال سينم ا قليل ج دا بالقيا س لباق ي الكتاب م ن جيل ه ذل ك لل صعوب ة الت ي ينف رد بها"كونراد"وبالأخ ص أاعماله الكبرة: [ لورد جيم قلب الظلمة - زجني نار سي س نو سرتوم و ] جت در الإ ش ارة اإىل اأن املخرج"فران سي س ف ورد كوبول" أاقتب س ع ن رواية"قل ب الظلمة"فيلم ه ال سينمائي ال شهر"الر ؤويا الآن". إان ذل ك الغمو ض ال ذي يل ف شخ صيات"كون راد"و يوؤطر مواقفها في عقد املغزى منه ا جعله مث ارا لختالف وا ضح بني النقاد الذين منهم من يجده"غر مفهوم ول م ست ساغ"ومنه م من يذهب يف الجتاه املعاك س لرى )انه متقدم عل ى ع صره اإىل حد بعيد( على حد قول اإدوارد سعيد. أان فه م روائي مبوا صفات"كونراد"اإجمال سيحت اج اإىل ثقاف ة عالي ة وت ذوق رفي ع ليو ضع يف املكان املنا سب له. "اندف ع نحو البحر" فلم املخرج "كادرون" و ض ع كل ذلك جانب ا لي صنع ن سق ا اإن سانيا وجمالي ا عايل اجلودة حمافظ ا يف الوقت نف س ه عل ى جوه ر احلكاي ة وتاأثره ا العاطف ي وم ستخدم ا اأق ص ى الطاق ات الأدائي ة ملمثليه. وحتى يك ون عمال مكتمال ونا ضج ا عم د املخ رج لختي ار الأمكن ة ال ساح رة يف الت صوير فكان للبحر سطوته الناف ذة وتاأث ي ره اخلا ص كمرك ز لل ش د والتوت ر سيم ا اأن الفتاة"اميي"م سكون ة بهاج س البح ر وهبات ه. وع ي ني ال ص واب اأن ي عد"كونراد"بنظ ر النق اد اف ض ل م ن كتب" أادبيات البحر". ت دور ق ص ة الفيل م ح ول حياة"امي ي فو سرت"الت ي اأودعها اأهلها للعمل لدى عائلة ثري ة ومتنف ذة يف القري ة دون اأن متكنه ا حياته ا تلك من الرتباط احلميم مع اأفرادها أاو م ع بقي ة النا س يف تل ك القري ة الت ي كانت"اميي"بالن سب ة لهم مو ضعا لل سخرية والتهك م وال شته اء مث ل لغ ز عج زوا عن تف سره فاحتقروه. ويف حياتها كانت"اميي فو سرت"فت اة ب سيطة لكنه ا غريبة و ساحرة يف الوقت نف سه. تب داأ اأح داث حياته ا بالنب ض الفعلي لدى و ص ول نب اأ ع ن سفين ة غارق ة ت صط دم اأ شالوؤه ا ب شواط ئ القري ة الإنكليزي ة. سفين ة حمطم ة مل ينج و م ن ركابه ا سوى"يانكو"ال ش اب الق ادم م ن الري ف الرو س ي وال ذي سيغ ي ر حياة"اميي"فيما بع د. كان"يانكو"ق د فقد وعي ه اأثر احلادث امل روع هذا فظ ن النا س أانه جمن ون لكنه اأ س ت رتد وعيه وعافيته بعد اأن رعته شخ صية م ؤوث رة وم ستقل ة ه ي"د. كيندي"الذي كان مبثابة"ال شخ صية ال ساردة"يف الفيلم. عنده ا تن ش أا عالق ة ح ب عنيفة جتت از كل املحرمات والتقاليد بني"اميي ويانكو"الذي ي أالفه ا منذ اللحظ ات الأوىل مثلما تعده هي ك إاح دى هب ات البحر ذل ك ال ذي ل ينازعه أاح د يف حبه ا ل ه. تتط ور ه ذه العالق ة لتنته ي بال زواج الذي يتح ول اإىل كابو س مبر ض"يانكو"وموته بعد اأن تعر ض مل شاكل كث ي رة جعلته منبوذا م ن اأهايل القرية. كان موت"يانكو"اأعالنا لقدر غام ض ل يرحم. ي ظه ر الفيل م بو ض وح ب شاع ة ال روح املحافظ ة لالإنكلي ز وتعامله م البغي ض مع"الآخر"حي ث ن رى يف تفا صيل خمتلفة كي ف عزلوا"اميي"عن جمتمعهم وحاربوها بكل الو سائ ل فما كان اأمامها اإل اأن وجهت حبه ا للبحر ال ذي مل يكن ع شيق ا كافيا لها. إان تط ور أاحداث الفيلم حاف ظ على عنا صر الت شويق والرتقب وتنامي اإيقاعه مبو سيقاه الرائعة التي منحت لقطاته الكثافة الروحية الدال ة اإ ضاف ة جمالي ة اإ ضاءت ه الذكي ة وزوايا ت صويره البليغ ة التي ساعدت على جت سيد احلدث امل أا ساوي وجتلت يف املناخ املوح ش والغربة املوجعة التي هيمنت على قرية ملعونة تلتهم م سراتها. إان ك ال من"اميي"و"يانك و"اأدركا اختالفهما عنالآخرينوغربتهمايفجمتمعليكرتثاإل ل أالحقاد والأوهام ال ساذجة. فكان لهما فر صة أان يتوحدا يف ذات تواجه ال ستالب باملحبة متى م ا ا صطدمت بعيون م ن زجاج خالية من الرحم ة جعلت"اميي"تقول"ليانكو"يف اأح د م شاه د الفيلم: إانن ي اآكل معهم واأعمل معه م لكنن ي ل اأعي ش معهم اأب دا 00 لذلك كان مت سكه ا عنيفا بع شيقه ا الغريب وهي الفتاة غر ال شرعي ة املحكوم عليها بخطيئة اأبدية اقرتفها الأب والبن مع الأم. اإن الق راءة الفاح ص ة للغ ة الت ي ي ستخدمها"كونراد"في ص ور به ا الأ شي اء ويحك م عليه ا جتعل م ن ال ض روري جدا رب ط الأح داث ب أابعاده ا امليتافيزيقي ة والأخالقية العميقة. رمب ا جن ح ه ذا الفيل م إاىل ح د كب ي ر يف حتم ل اأعب اء معاجلة"الن ص الأدبي"والتاأكي د عل ى براع ة ا ستخ دام العنا ص ر الفيلمي ة مبه ارة شدي دة خ ل الل حماكاة"الكلم ة املكتوبة" سينمائي ا اأو ب إايجاد املعادل املو ضوعي واجلمايل لها من م ستودع"ال صورة ال سينمائية". اأم ا بالن سب ة لنظرة تقي س الإب داع الفني من زاوية املفا ضلة ب ي ني الأجنا س املختلفة فيمكن ا ستعادة قول الناقد )الرت فولتون( ومفادها:"م ع اأن الفيل م ل ميكن اأن يحاكي الرواية حم اكاة تامة يف م ساأل ة الأ سلوب اإل اأن ه ي ستطيع اأن يظ ل اأمينا على الرواية من وجوه اأخرى.."

3 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان كوبوال وقلب الظالم في "الرؤيا اآلن" فراس الشاروط م ن من ا ل يذك ر فيل م )الر ؤوي ا الن( الفيلم الكبر الذي اث ار الكثر من الق ضايا الفكرية والن ساني ة وامل ستم د م ن رواي ة )قل ب الظالم( جلوزيف كونراد. هذا الروائي الذي ظل يبح ر يف قلب بحور الظلم ات بحثا عن ال ذات الن ساني ة الت ي دفن ت يف العماق وم ن روايات ه الكب ي رة رواي ة )الل ورد جي م( وقد ص درت له ا طبعة جدي دة ضمن من ش ورات وزارة الثقاف ة يف سوري ا ق ام بالرتجمة معني المام حتت وي هذه الرواية كث ي را من فك ر واخالقيات كون راد املرتبطة بنقطت ي ني مهمت ي ني هم ا احلقيقة الت ي كانت لدي ه تعني اخالقيا المانة وفنيا الواقعية ثم الطبيعة الريئ ة التي كانت صفة مالزمة له كتب كون راد )ان الفنان مثل العامل واملفكر يبح ث عن احلقيقة ولكن بينما يتوجه الول والث اين اىل قابليتنا للت صدي ق ينزل الفنان اىل اعم اق م ن ذاته تل ك املنطق ة املوح شة م ن ال ضغط( وي ضي ف )ان ن داء الفنان اقل ارتفاع ا واك ث ر عمق ا واقل و ضوح ا واكر حتري كا للوجدان وا سرع للن سي ان من نداء املفك ر او العامل لك ن اثره يبق ى لالبد(. انه ل يبح ث عن اخلال ص الفردي كاملالح التائه لكن ه يبح ث عن احلقيق ة.. كاملفك ر والعامل وبكلم ات اخ رى ان ه يع ي دوره كفنان يف آالية املجتمع يقول )ان مهمتي هي ان اجعلكم ت رون ول ش يء اك ث ر م ن ذل ك( لن ما هو اللورد جيم في قلب االعصار اكر من ذل ك يخرج عن مهام الكات ب وم سوؤوليته لي صبح م س ؤوولي ة فئ ات وق وى اخ رى. ومن جه ة ثانية فان هاج س احلقيق ة لديه حتول اىل واقعي ة فني ة م ن طراز فري د ا سماه ا اح د الدار سني لفن ه الروائي )الواقعي ة ال سيكولوجي ة( وي سميها د. طه حمم ود طه صاحب م ؤو س سة جيم س جوي س )الواقعية الرومانتيكية( فما يبدو للوهلة الوىل و صفا خارجيا مليئا بالتفا صي ل اجلزئية لل شخو ص او امل شاهد ه و يف حقيقت ه مدخ ل كون راد اىل اعم اق ال شخ صي ات ونف سياته م و سلوكهم فو صفه ل يرتك انطباعا ب أان العامل املادي املح سو س مع زول عن ع امل النف س الب شري ة. ويعتقد الناق د الفرن س ي )البري س( ان )روايات ه ت سع ى اىل خلق تاأثر خل ف حياة سطحية( وي ضيف ب ان )هذا يعد اكت شاف ا لالنطباعية قب ل ان تتبل ور نظري ة بع د ع ام 1920( وحت ى رمزيته وت ص وره الخالقي لال شياء فانه ا ل تكون فاعلة ال بقدر ما تكون واقعية فرمزيت ه تغذيها على ال دوام ا صوات ت سمع وا شي اء تلم س وت رى او تب داأ بالظه ور. ومي ضي احد الدار س ي ني لفنه بالقول )حقيقة الو ص ف الكون رادي القائم عل ى الواقع هو الذي يعطي قيمة قد توازي حذق د ستوف سكي وايغال ه اىل قلب النف س الب شرية يرجع اىل شجاعته وحبه للمغام رة وا ستعداده الكبر للتفتي ت واعم ال ال سكني بحثا ع ن احلقيقة وكل هذه المور يفتقدها كونراد الذي يكتفي باملراقب ة ثم )يجع ل القراء ي رون ول شيء اك ث ر من ذلك( ويب دو كون راد بريئا يخ شى مالم سة ال شياء ويكتفي بالو صف التف صيلي لالج واء الت ي تخيم فيه ا روح ال ش ر ولعل املث ال الق وى على ذلك ه و و صفه للحفالت اجلماعية التي تقدم فيها الطقو س والقرابني الب شري ة لالل ه البي ض )كورت ز( يف رواية )قل ب الظالم( تقول فرجيني ا وولف التي مل متت دح اح دا م ن معا صريها س وى كونراد )لق د كان ابن ا للقرن الع شرين قب ل ان ي صل القرن( ان ا سم كونراد يرتبط مع ا سم هرني جيم س باعتب ار انهما اول م ن ار سيا دعائم الرواي ة احلديث ة يف انكل ت رتا. ف ان كونراد ه و روائي مرحل ة التفتت الكام ل الذي ميز اوجها عدي دة يف حياة القرن الع شرين هكذا يقول ارنولد كيتل عن ه وهو هنا لي س معنيا بتحدي د الزم ان بق در م ا هو معن ي باغناء املث ال بالدللت الت ي بداأت تتبل ور يف هذا الق رن. ويف اعم ال كون راد تنتف ي مالم ح الثقة والكم ال التي كانت متي ز ادب الع صر الفكتوري و صو ر يف املقابل اخلواء الداخلي لالف راد وارخ للق ضاي ا اخلا س رة وك ش ف الوجه القب ح ل ستعمار ال ذات الن سانية.. لق د وظ ف كون راد كل المكاني ات املتوفرة لديه وخا صة ثراءه اللغوي وب سرته النافذة وقدرته املده شة على الو صف يف خلق اجلو ال ذي تتحرك داخ ل اطاره شخو ص العمل الفن ي واحداثه.. فجو رواي ة )اللورد جيم( هن ا مكفه ر يلفه الظ ل الم ل تلتم ع فيه سوى ال سن ة الله ب ول ي رى في ه س وى احلطام حميد المختار وي زاد و ص ف كون راد تعقيدا لتحي ط بكل ال دللت الت ي توحي بالقرتاب م ن كورتز يف رواي ة )قل ب الظ ل الم( وت زداد اللف اظ تعقي دا ويعل و رنينها لتخلق مع ادل داخليا للعا صفة يف ق ص ة )الع صار( ويلعب البحر دورا فع ال يف معظ م اعمال كون راد. ورغم انه مل يكن يحب ان ي سمى )كاتب بحر( ال ان تل ك حقيقة ت سحب نف سها حتى على نف سيات شخو ص ه فه م يب دون و س ط ذل ك املحيط املائ ي كتجريد ملجتمعاتهم الت ي قدموا منها كما يف زجني الرنج س ولورد جيم يبدون هناك وكاأنهم يف معمل للك شف عن نف سياتهم فبالن سب ة لكونراد مل تك ن صورة البحر هي ال ص ورة الرومانتيكي ة التقليدي ة بل كانت جت سي دا ملاأ س اة الوح دة الفردي ة حي ث يواجه الن سان الطبيعية الثائرة وجها لوجه جم ردا م ن كل معطياته الجتماعي ة فتبدو لديه كل المور جم سمة وكل املواقف حا سمة وي زداد الح سا س بالذنب نتيج ة البتعاد عن املجتمع الذي يقوم ع ادة با صدار احلكم عل ى ال سلوك والت صرف ات. والمر املهم هنا يف ادب كون راد هو ابتكاره للعقدة املزدوجة للرواي ة و سرها على اكر م ن م ستوى كما يف نو سرتوم و وقل ب الظ ل الم ول ورد جيم ويقوم ال سل وب الذي يقود اىل هذا التكنيك عل ى الغ راق يف الو ص ف التف صيل ي اىل جانب اعتماده على تعدد رواة احلدث الواحد ليوؤ س س على جتريبية النماذج املهمة ويبقي احلقيق ة الوحيدة يف قل ب التجربة الفردية غام ضة وحمرة لقد ظل كونراد حتى النهاية يكت ب بلغ ة انكليزية وقلب بولن دي وبقيت حقيق ة كونه بولنديا توؤث ر على اكر ميزاته الدبية خ صو صية. مثلم ا ع د فيل م )الع راب( بجزئي ه الأولني للمخ رج فران سي س ف ورد كوب ول الفيل م الأمث ل ل سل سلة اأفالم اجلرمي ة نظرا حلبكة ال سيناريو ودقة الإخراج وروعة الأداء فان فيل م كوبول الآخ ر )الروؤيا الآن( ه و اأي ضا ع د الفيلم الأمثل لأفالم احل رب ل ستخدامه املتمي ز مل ساق ط ال ض وء والظ ل وحلرفية الإخراج و أاداء ممثليه املبهر مبا فيها الدقائق الع ش ر الأخ ي رة الت ي يظه ر فيه ا )مارلون بران دو( وكذل ك لرحلة اجلن ون التي اأخذ فيه ا كوب ول طاقم ه الإنتاج ي اىل اأحرا ش الفلب ي ني فكان ت النتيج ة اآلف الأمت ار م ن املادة اخلام ت صل اىل )6( ساعات. كان كوبول اأمامها م شدوها وحائرا لتلتب س احلرة عليه اأكر اأمام نهاية الفيلم التي غرها مرارا حتى اأو صلها اىل النقطة الأخرة التي شاهدناه ا ))اأردت اأن اأق دم فيتن ام نف سها(( هك ذا ص رح ))لقد صنعن ا الفيل م بالطريقة نف سه ا التي صنعت بها اأمري كا احلرب كان هنال ك الكث ي ر م ن طاق م العم ل الكثر من النق ود الكثر م ن الأجهزة الكث ي ر من كل ش يء وروي دا روي دا احتوان ا اجلن ون كن ت اأعتق د انني اأ صن ع فيلما ع ن احلرب وظه ر يل ان الفيل م ه و ال ذي ي صنعني(( انه اأح سا س الهزمية الذي يظهر عند النخب املثقف ة عقب كل هزمي ة ان ساني ة وبدل من الع ت رتاف بذلك فان ه يحول الواق ع الغارق يف البوؤ س اىل قانون ب شري عام لذلك مل نر يف الفيل م منت صرا اأو مهزوم ا رغم ان روح الهزمي ة تغل ف اجل و الع ام ص ورة حرب خا س رة يوؤيدها جن ود منهكون ب ل ال اإميان بالن ص ر ول بالعدال ة التي يدافع ون عنها ل ذا مل يحل ل كوب ول ومل يبحث ع ن جذور اخل وف الذي تلب س املارين ز ول باملوت بل ت رك اإح سا س ال ذل الن ساين كق در يت سرب اىل روح املتلقي. فيلم"الروؤي ا الآن"ه و وقفة تاأم ل على اأزمة احل ض ارة المريكي ة اأك ث ر مم ا ه و شاهد على ف ت رتة تاريخية حمددة حكاي ة اأخالقية فل سفي ة خلفيته ا فيتن ام الت ي حترتق مع ذل ك فهو فيلم ملحمي مه م حني يقارن باأفالم احل روب الت ي اأنتج ت قبل ه وحت ى الت ي اأنتجت بع ده اذا ا ستثنينا فيلمي ستانلي كوبريك" س ت رتة مليئ ة بالطلق ات" وفيل م ترن س مالك"خ ط رفي ع احمر" ل ذا كان موقف البنتاغون موقف ال ضد عك س الأفالم التي ي شرف عليه ا البنتاغون وميولها ماديا ولوج ستي ا ون ستطي ع ان نع رف ذل ك من خالل تعليق البنتاغ ون نف سه على سيناريو كوب ول عندم ا تق دم ب ه طالب ا للم ساع دة بدعمه م اللوج ست ي ))هنال ك القلي ل م ن املنط ق يف تق دمي امل ساع دة لفيل م فل سفته هجائي ة ويتناول فك رة اجلندي المريكي املري ض نف سي ا البنتاغ ون يرف ض ب شدة املهم ة التي ار س ل بها الكاب ت ن ويالرد مع الأوام ر ال ص ادرة له بت صفي ة الكولونيل كرتز لأن ه اأن شق عن القي ادة المريكية وانه لو حدث لأحد الكولونيالت ما حدث لكرتز ف اأن القي ادة الع سكرية ستحاول اإعادت ه للمعاجل ة الطبية ب دل م ن اإعدامه لذلك فان تق دمي امل ساعدة تعني املوافقة على فكرة الفيلم و أاحداثه(( "الروؤيا الآن"يكت سب اأهميت ه م ن حمت واه الن ساين فه و يرتك املتلق ي يف دوام ة الت س اوؤلت مول دا ه ذه ال شحنة العجيبة من امل شاعر الن سانية. بن ى كوبول فيلم ه على العديد م ن امل صادر الأدبي ة والفني ة وكاأن ه يف رحل ة درا س ة بحثية عن عبثية احلرب والهزمية والن سان اخلا سر فيها دوما فجميع النقاد اأدركوا منذ البداي ة اأن فيل م )الر ؤوي ا الآن( ه و اقتبا س لرواي ة جوزي ف كون راد )قل ب الظ ل الم( جاع ل ال منها الهيكل الأ سا سي للفيلم لكن قبل الرواية وم ع املدخل الفتتاحي للفيلم ن سمع ح شرجات )روجر ووترز( وفرقته doors( ) the ي ص رخ باأغنيت ه العبثية (.)this is the end بالإ ضاف ة اىل فرقة doors( )the ورواية كون راد فهنال ك ص دى لق صيدت ي ت. س. إاليوت )الأر ض اليباب( و )الرجال اجلوف( وبع ض من س فر )الر ؤويا( اآخر ف صول الكتاب املقد س ال ذي كتب ه القدي س يوحن ا كم ا نتلم س بع ضا من ف صول كتاب ي النروبولوجي ا )الغ ص ن الذهبي( جليم س فري زر و )م ن الطق س اىل الق صة اخليالية( جل س و ستون. اأراد كوب ول اأول أان ي س ب ر غ ور روح جي ل ع صره املناه ض للحرب واملوت املجاين مع واحد م ن أاه م الرم وز الثقافي ة المريكية )روج ر ووت رز( ال ذي واج ه نف س ه ذات صب اح ع ب ر امل راآة م ستن شقا جرع ة زائدة من الكوكائيني حالقا حليت ه مبت سما للقدر وم رددا آاخ ر كلمات ه )املوت( قب ل ان يرتك نف س ه للذة امل اء يف مغط س احلم ام للموت اجلمي ل خملف ا وراءه جمموعة م ن اأغاين التمرد كانت نهايت ه نهاية حقبة دراماتيكية تت س اوق م ع دراماتيكي ة احل رب ولعنتها فكان ت الأغني ة بخلفيتها املفتت ح و صوت ووت رز ياأت ي من بعي د اأ شبه بقدي س يرتل موعظته الخرة )اإنها النهاية يا صديقي الوحيد انها النهاية( كانت اخللفية وكان ت املفتت ح لطائ رات ضخم ة ب دت كطي ور عمالق ة وه ي حت رق غاب ات الفيتناميني ه ذا امل شهد الذي سيعل ق علي ه لحقا العقي د كيل جور وهو ي ستمع ملو سيقى )فاغرن(: )اأحب رائحة النابامل يف ال صباح.( م ص در كوب ول الآخر هو بني ة الفيلم فق د اأراد ان يلب س اأغني ة روجر ووترز هي كال فكان ت رواي ة )قل ب الظ ل الم( جاع ل ال من ال راوي )ماريو( ال ذي ي سرد علينا مغامراته الكئيب ة يف سعيه لإيجاد كرت ز الغام ض اىل الراوي )ويالرد( يف مغامرت ه )الكافكوي ة( من اأج ل الو صول اىل كرتز الغام ض الذي مترد على ال سلطة وتخط ى احل دود احلم ر ل ذا كان لبد من التخل ص منه. كان ت رحلة )ويالرد( الت ي تت شابه مع رحلة )ماري و( اىل قل ب اجلحيم )وهن ا ا ستعارة ثانية لرحلة )فرجل( اىل قلب اجلحيم ذاته( تختل ف معه ا باأه م عن صري ن م ن عنا صر البن اء الدرامي )الزمكاني ة( فبطل جوزيف كونراد مل يحدد تاأريخه بدقة لكننا ن ستطيع ان نتوج س ذل ك اإنه ا كان ت اأواخ ر القرن الثام ن ع ش ر يف الف ت رتة الت ي نه ض ت به ا اأوربا صناعيا عر شركاتها ل ستعمار العامل الناه ض ونه ب خرات ه ام ا امل كان فكان أافريقي ا الن س ان الول ال ذي وج د نف س ه حت ت رحمة الرجل الأبي ض واإىل اأمد بعيد اأما كوبول فقد ح دد مكانه يف اأدغال فيتنام وزمانه يف القرن الع شرين. يف امل شاهد الأوىل نتابع ويالرد يف حجرته ال ضيق ة اخلانق ة يف فن دق ب ) سايغ ون( ميار س متاري ن ريا ضية قات ل ال بها الوحدة الت ي يعي شه ا قب ل ان يرمتي ف وق سريره خممورا متحطم ا نف سي ا وج سماني ا واملروح ة بري شاته ا تط رد احل رارة الت ي تبع ث بامل كان وكاأنه ا مروحي ة حت ص د روؤو س الفيتنامي ي ني ويالرد كوبول هنا هو التج سيم لكلم ات مارلو كونراد: )كان هنالك شيء ينذر بال سوء كاأين س أاقوم بعمل خارج ع ن ال ص واب( يقتح م حجرت ه يف الفندق اثن ان من اأفراد اجلي ش المريكي ويقودانه اىل مكت ب يب دو اأك ث ر غمو ضا م ن حجرته الفندقي ة فيها جرنالت م ن اجلي ش يكلف مبهمة سرية خا صة ال سر اىل مقر املتمرد الكولوني ل كرتز الذي كون جي شه اخلا ص متحدي ا الع سكرتاري ا المريكي ة فار ض ا سلطت ه على سكان املنطق ة لذلك يجب قطع دابر التم رد ومثلما يقوم مارلو برحلته اىل قل ب الظالم ي ستقل وي ل الرد قاربا مع رجاله لتنفيذ املهمة يف قلب اجلحيم. مل ي ص ور كوب ول هزمي ة اأمري كا بق در ما ص ور لن ا هزمي ة الن س ان - فمثلم ا كانت ال صناع ة ا ستعب اد يف الق رن الثام ن ع شر كان ت ال صناعة نف سه ا اداة للموت يف القرن الع شري ن- ورغ م ان ه اأعل ن اأن فيلم ه هو )فيتن ام نف سه ا( ومثلم ا اأ ص اب اجلن ون اجلي ش المريك ي واأخذ بالقت ل واحلرق كان ت احل رب نوع ا آاخ ر م ن اجلن ون بال اأ سب اب وا ضح ة أاو حت ى خمفي ة ل ذا كان جنون كرتز بال مغزى اأو مرر وهي عك س رحلة )مارلو( الوا ضحة املعامل والق صدية. ق صائ د ( إاليوت( م ن جهة أاخ رى منبع اآخر يعط ي لأف كار كوب ول وفيلم ه غن ى اأكر وبع دا فل سفيا اأك ب ر وتاأثرا صوري ا اأ شد )الأر ض اليب اب( الت ي كتبه ا إالي وت بع د احل رب الكونية الوىل والتي راح ضحيتها شب اب أاوربا مل تغير كث ي را من وجه اأنظمة احلكم فكانت النتيجة حرب م ستعرة اأخرى مل تكن بعي دة ب سنواتها ع ن الأوىل اإليوت هنا يرثي جيل اأوربا شبابها اخلا سر يرثي احلا ض ر البائ س مثلما يرثي املا ضي املجيد وامل ستقبل املظلم. تب داأ ق صي دة إالي وت م ن حا ض ره احلزين اىل ما ضي ه املوح ش باأ ساط ي ره ورموزه ليعود مرة أاخ رى للحا ضر املدين ال شوارع اخللفي ة اجلوع الفق ر الق ذارة اجلموع التي ت سر على غ ي ر هدى وكاأنها تقاد حتى يف سالمه ا نح و حتفه ا روؤية اإلي وت هذه نح و امل ستقب ل ل تب دو عل ى مالحمه ا اأي تغير نحو الأف ضل وك أانها قدر حمتوم كتب على الن سان. )كوب ول( وجد يف روؤية )اإلي وت( الفل سفية للنهاي ة الب شري ة طريق ا ملناق ش ة احل رب وويالتها وك أانها لعنة وقدر فلم يلجاأ لتقدمي نتائج م ستخل صة عنه ا فكانت صور اإليوت ال شعرية التي ن ست شعر بفوتوغرافيتها عندما نقر أاه ا كان ت حيوية ومتحرك ة بتكوينات حرفي ة عن د كوب ول خ صو ص ا يف م شه د النهاي ة حلظ ة و ص ول وي ل الرد اىل املوقع الذي يتمركز فيه كرتز وجنوده يف اخللفية ن سمع اأ صوات انفجارات ويف مقدمة الكادر نغ رق يف ال ضب اب الذي تنك ش ف من خالله وجوه ملطخ ة بالطني وال ذل جموع تنظر اىل العدم نحو الفراغ عراة ق سوة ورعب وكاأنن ا يف جمتمع بدائي ولنقراأ هذا املقطع من اإاليوت: مدينة زائفة يف ال ضباب البني لفجر شتائي تدفق ح شد على ج سر لندن ح شد غفر م ا خط ر يل أان امل وت ق د أاب اد مث ل ه ذه الكرة صعدت تاأوهات ق سرة ومتقطعة و سم ر كل أامرئ عينيه اأمام قدميه وتدفقوا صعودا فوق التلة. أامل يقل يف مقطع اآخر من الق صيدة: اأور شليم واأثينا وال سكندرية فيينا ولندن كلها خيالت واأوهام

4 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان م ق دم ة "ال ع م ي ل ال س ري" لجوزيف كونراد ترجمة: ميادة خليل بداية العميل الرسي: املوضوع املعالجة الغرض الفني ورمبا كل دافع آخر ي حفز الكاتب عىل أن ميسك بقلمه ي عزى كام أظن اىل مرحلة رد فعل عقيل وعاطفي. الحقائق الفعلية هي ما بدأت بها هذا الكتاب باندفاع وكتبتها دون توقف. وعندما حان الوقت املحدد إلرساله وعرضه عىل القر اء وجدت نفيس أ وب خ عىل إصداره. بعض التوبيخ كان شديدا واآلخر كان مالحظة محزنة. مل أحصل عليها نصيا لكني أتذكر متاما االستنتاج العام الذي كان بسيطا جدا وكذلك دهشتي من طبيعته. كل هذا يبدو قصة قدمية جدا اآلن! رغم أنه مل مير وقت طويل عىل ذلك. يجب أن أقول أين كنت محافظا عىل الكثري من براءيت الفطرية يف العام يبدو يل األمر اآلن أن حتى أي شخص ساذج قد يتوقع أن بعض االنتقادات سوف تستند عىل أساس البيئة البائسة والفساد األخالقي يف القصة. هذا اعرتاض جاد بالتأكيد لكنه مل يكن شامال. يف الحقيقة يبدو من املبتذل تذكر القليل جدا من التأنيب بني الكثري جدا من اإلعجاب املنطقي واملتعاطف وأثق بأن قر اء هذه املقدمة لن يبادروا اىل وضعها جانبا بسبب خيالء مجروح أو نزعة طبيعية اىل الجحود. أفرتض أن القلب الخري ميكنه أن يعزو خياري ببساطة اىل تواضع طبيعي. رغم أنه ليس التواضع بالضبط ما جعلني أنتقي التأنيب لتصوير حالتي. ال عىل اإلطالق ليس التواضع. لست متأكدا متاما من تواضعي لكن أولئك الذين قرؤوا أعاميل حتى اآلن سيمنحونني ما يكفي من الحشمة الذوق اللباقة أو ما شئت ملنعي من تأليف أغنية لشهريت من كلامت أناس آخرين ال! الدافع الحقيقي الختياري يكمن يف ميزة مختلفة متاما. وهو أن لدي ميل لتربير ترصيف دامئا. لي س للدف اع عن ه لتري ره. لي س ال صرار عل ى اأين كن ت على ح ق لكن بب ساطة لتو ضي ح أان لي س هناك نية سيئة أاو سخرية م سترتة يف حقيقة دوافعي فيما يتعلق بح سا سيات الب شر الطبيعية. ه ذا الن وع م ن ال ضعف خطر فق ط حني ي عر ض املرء اىل جمازف ة أان ي صبح ممال بالن سبة للعامل عموما لي س مهم ا دوافع اأي ت صرف علن ي لكن املهم هو تبعاته. رمبا يبت س م املرء ويبت سم لكنه لي س حيوان جتارب. الإن سان يح ب الو ضوح. ينف ر من التف سرات. حت ى اأنا سوف أا ستم ر م ع م ا ينا سبن ي. م ن الوا ض ح اأين ل أاحت اج اىل كتاب ة ه ذا الكتاب. مل اأك ن بحاج ة اىل التعامل مع ه ذا املو ض وع ا ستخ دام كلمة مو ضوع س واء مبعنى الق ص ة نف سه ا اأو يف اأك ب ر وح دة من تعب ي ر خا ص يف حي اة الب شر. اأعرتف بهذا متام ا. لكن فكرة ال سهاب يف املو ض وع جم رد قب ح اإذا كان ذلك من اأج ل ال صدمة اأو حتى ملفاجاأة قر ائي بب ساطة من خالل تغير الواجهة مل يدخ ل كل هذا يف راأ س ي اأبدا. يف صياغة ه ذه العبارة أاتوق ع لكي اأك ون صادقا )لي س من اأج ل اإثبات اأ سلوبي اخلا ص عموما فح سب ولكن من اأجل املنطق الذي ميكن لأي أاح د أان يدركه( اأن معاجلة الق ص ة بالكامل غ ضبها امل له م والرحمة والحتقار ال ضمن ي اأثبت مو ضوعيتي بالن سبة للف س اد واخل سة الكامن ة بب ساطة يف الظروف الظاهرية للحالة. الب دء برواية"العمي ل ال سري"اأعق ب مبا ش رة سنت ي ني م ن النهم اك ال شدي د يف مهم ة كتاب ة تل ك الرواي ة ال صغرة "نو سرتومو"باأجوائها الالتينية الأمريكية الق ص ي ة واخل صو صي ة العميقة ل"م راآة البحر. اأول جهد اإبداعي مكثف افرت ضت أانه سيبقى دائما اأكر شراع يل واملحاولة ال صريحة الثانية لك شف النقاب عن حلظة حميمية اأعمق اجتاه البحر والتاأثرات التي شك لت ن صف حياتي تقريبا. واأي ضا كانت مرحلة ا ستح ضار ل شعوري بحقيق ة الأ شي اء م ن خالل خيال ق وي ج دا وا ستعداد عاطف ي مرحلة فيه ا كل حقيق ة وموؤم ن باحلقائق كما كان ت جعلني اأ شعر )وبعد انته اء املهمة( كما لو اأين قد ت رك ت وحيدا بال هدف بني ق ش ور الحا سي س و ض عت يف عامل من قيم ثانوية أاخرى. ل اأعل م ما اإذا كنت قد شعرت حق ا بحاجة لتغير تغير يف خميلت ي يف روؤيت ي ويف سلوك ي العقل ي. يف الواق ع اأعتقد اأن تغيرا يف مزاج ي الأ سا سي قد س رق م ن وعيي على حني غفلة. ل اأتذكر اأي حادثة حمددة. مع النتهاء من"مراآة البحر"بوع ي كامل تقا سمته بعدل مع نف س ي وقر ائي يف كل سطر من ذل ك الكتاب مل اأ ست سلم لف ت رتة ا سرتاح ة بائ سة. وبعد ذلك وبينم ا كنت ل اأزال عل ى ح ايل اإذا ج از التعب ي ر ودون التفك ي ر متاما يف اخل روج ع ن اأ سلوب ي يف البحث ع ن اأي ش يء قبيح ج اءين مو ضوع"العمي ل ال سري" اأعن ي الق صة على ش كل ب ض ع كلم ات قالها صدي ق يف حدي ث عفوي عن الفو ضوي ي ني اأو بالأح رى الن شاط ات الفو ضوية كيف حتد ث عنها ل اأذكر الآن. اأتذك ر م ع ذل ك مالحظة عن العب ث الإجرام ي للق صة باأكمله ا العقيدة الأحداث العقلية وعن اجلانب التافه للت صنع شبه املجنون باعتباره خداع وقح ي ستغل ماآ سي موؤث رة و سذاج ة عاطفي ة جلن س ب شري حري ص دائما وب ش كل ماأ ساوي على تدمر ذاته. ه ذا ما جعل ذرائعها الفل سفي ة ل ت غتف ر بالن سب ة يل. يف الوق ت احلا ض ر م رورا بحالت معين ة نتذك ر الق صة القدمي ة ملحاولة ن سف"املر ص د امللك ي * تفاه ة ملطخة بالدم اء لأبله ن وع كان من امل ستحي ل فهم من شئه ب اأي طريقة معقولة اأو حت ى غ ي ر معقول ة من التفك ي ر. لكن ه ذا الغ ضب ل ميك ن اأن ت سيطر علي ه ذهنيا باأي طريق ة كانت لذا ظل امل رء يواج ه حقيق ة تفج ر رج ل اىل اأ شالء م ن اأجل ل ش يء اأبعد ما تكون عن فك رة الفو ضوية اأو غرها. كما اأن اجل دار اخلارج ي للمر صد ل يظهر اأك ث ر من ال ضرر الأ ضعف للحادث. و ضح ت كل هذا ل صديقي الذي ظل صامتا لبع ض الوقت وبع د ذلك اأب دى راأيه بعفويت ه املميزة واأ سل وب العامل ب كل ش يء:"اأوه ه ذا الرج ل كان شب ه اأحم ق. اأخته انتح رت بعد ذلك"كانت ه ذه بالطبع الكلم ات الوحيدة الت ي تبادلناه ا مع ا مفاج اأة عظيمة يف ه ذا النموذج غ ي ر املتوقع من املعلوم ات اأبقتني حمبط ا للحظة وبداأ صديق ي فجاأة احلديث عن ش يء آاخر. مل يخطر يل فيما بعد سوؤال ه عن كيفية تو صله اىل ه ذه املعرفة. اأنا متاأك د من اأنه لو راأى مرة واح دة يف حياته خلفية رجل فو ضوي لأ صبح ذلك كل جمال عالقته مع عامل اجلرمي ة. كان عل ى اأي حال رج ل يحب احلديث ع ن كل اأ صن اف الب ش ر ورمبا جمع تل ك احلقائق الإعالمية من م صادر غر مبا شرة من الكن ا س من ضاب ط شرطة متقاعد من رجل غام ض بع ض ال شيء يف النادي الذي يرتاده أاو حتى من رئي س الوزراء يف حفلة ا ستقبال عامة اأو خا صة. فيم ا يتعلق بالطبيعة التو ضيحية ل ميكن أان يكون هناك ش ك على اأي ح ال. ي شعر املرء كما لو اأن ه خرج من غابة اىل سه ل لي س هن اك الكثر لراه لكن ه سيح صل على الكثر م ن ال ضوء. ل لن ترى الكث ي ر وب صراحة لفرتة طويل ة مل اأحاول حت ى اأن اأت صور اأي شيء. ما تبقى كان جمرد انطب اع تاأويلي. بقي مر ضيا لك ن بطريقة سلبية. وبعد ذلك بحوايل اأ سبوع تقريبا اأجنزت كتابا مل يحقق اأي شه رة ح سب علم ي كان بالأح رى ملخ ص لذكريات املفو ض امل ساع د يف ال شرطة رجل ب ارع ب شكل وا ضح م ع نزعة دينية قوية يف شخ صيته ع ني مبن صبه يف وقت العتداءات بالديناميت يف لندن يف ذلك الوقت نهاية عقد الثمانين ات. الكتاب كان م شوقا اىل ح د ما متحفظ جدا ب كل تاأكي د ون سي ت الآن اجلزء الأكر م ن حمتواه. مل يت ضم ن الك شف عن احلقائق ب ل كان ين سجم مع املظهر اخلارج ي لها وهذا كل شيء. مل اأح اول حتى شرح ملاذا أا سرين مقطع صغر من حوايل سبعة سطور ين سخ فيه الكات ب )اأظن اأن ا سمه أاندير س ون( حوار ق سر ع قد يف رواق جمل س العموم بع د عدة أاعمال عنف فو ضوية غر متوقع ة مع وزي ر الداخلية. اأظن اأن ه كان ال سيد ويليام هارك ورت يف ذل ك الوق ت. كان متوترا ج دا وامل سوؤول كان يعت ذر ب ش دة. العبارة الت ي تداولها ه وؤلء الثالثة والت ي لفت ت انتباه ي كانت مالحظ ة ال سي د هاركورت الغا ضب ة:"كل ه ذا جي د ج دا. لك ن فكرتك ع ن ال سرية يب دو اأنها تتوقف عل ى حرا سة وزي ر الداخلية يف مكان مظلم"خ صو صي ة كافية مل زاج ال سيد دبلي و. هاركورت لك ن لي س ت ذا اأهمي ة بحد ذاته ا. يجب اأن يك ون هناك على أاي حال نوع من اجلو العام للحادث ككل لأين فجاأة شع رت باحلما س. و أاعقب ذلك يف عقلي م ا يفهمه طالب الكيمي اء ب شكل اأف ضل من ما ي شب ه اإ ضافة قطرة صغرة ج دا م ن العن ص ر ال صحي ح تعج ل عملي ة التبلور يف اأنبوب اختبار يحتوي على قليل من حملول عدمي اللون. يف البداي ة كان الأم ر بالن سب ة يل جم رد تغي ي ر فكري اإزعاج خمي لة هد أات فيها اأ شكال غريبة حادة يف خطوطها العري ض ة لكنه ا حبي سة النق ص تظه ر وجتذب النتباه مثل بلورات تت شكل باأ ش كال غريبة وغر متوقعة. ينهار اأحده م ليتاأمل م ا قبل احلادثة املا ض ي جنوب أامريكا ق ارة اأ شعة ال شم س اجلافة والث ورات الوح شية البحر امل ساحة ال شا سعة من املياه املاحلة مراآة جتهم وابت سامة ال سم اء الق ارة العاك سة ل ضوء العامل. وبع د ذلك م شهد بل دة هائل ة تق دم نف سه ا بلدة غريب ة سكانه ا اأكر من س كان بع ض الق ارات ويف قوتها ال صناعي ة كما لو اأن هناك لمب الة لتجهم وابت سامة ال سم اء وح ش مفرت س م ن نور الع امل. كان هناك جم ال كاف لو ض ع اأي ق صة عم ق كاف لأي عاطف ة تن و ع كاف لأي ب ني ة وغمو ض كاف لدفن خم سة ماليني كائن حي. وب شكل ل يقاوم اأ صبحت البلدة هي اخللفية لفرتة لحقة م ن التاأمل العمي ق والتجريبي. ك شف ت يل خاللها صور ذهني ة ل نهاية لها يف اجتاه ات خمتلفة. سوف ي ستغرق الأمر عدة سن وات لتجد الطريق ال صحيح! كان يبدو كما لو أانه ا ستغرق سن وات! ببطء تعاظمت اإدانة عاطفة الأموم ة لل سيدة فرلوك حت ى حتولت اىل شعور ملتهب بين ي وبني تلك اخللفي ة لو نته برغبت ه ال سرية وتلقيت من ه يف املقابل بع ض صبغته الكئيبة. اأخرا برزت ق صة وين ي فرلوك كاملة م ن أايام طفولتها وحت ى النهاية ل زال ت غ ي ر متنا سقة م ع كل شيء ما زال ت يف امل ستوى الأول كم ا كانت لكنه ا جاهزة الآن للتعام ل معها. كانت م ساألة ثالثة اأيام تقريبا. ه ذا الكتاب هو تل ك الق صة اخت ص رت اىل مقدار ي سهل التحكم به م سارها ب أاكمله ي ل مح ويتمحور حول الوح شية الالمعقول ة لنفجار غرينت ش بارك. كان لدي مهمة هناك ل ن أاق ول شاقة بل من اأك ث ر املتع صعوبة. لك ن كان لبد م ن القيام بها. كان ت رغبة ملحة. اجتمع ت ال شخ صيات حول ال سيدة فرلوك وارتبط ت ب صورة مبا شرة اأو غر مبا شرة ب شعورها املاأ ساوي باأن"احلياة ل تتوقف طويال لتت أامله ا هي نتيجة هذه احلاجة املل حة جدا. شخ صيا لي س ل دي اأي شك بواقعي ة ق صة ال سي دة فرلوك لكن كان يج ب التخل ص من غمو ضها يف ه ذه البلدة الهائلة كان لب د م ن خل ق م صداقية ل اأعن ي م صداقي ة ت شبه روحه ا لكن ت شبه ظروفها لي س كمث ل عقليتها لكن كمثل اإن سانيته ا. يف سبي ل بيئة ل تخلو م ن الألغاز كان علي اأن اأقات ل بقوة كي اأحافظ على م سافة بيني وبني ذكريات عزلت ي وامل ش ي ليال يف أارج اء لندن يف شباب ي خ شية اأن تندف ع وتطغي عل ى كل صفحة من الق ص ة كتلك التي تظهر الواح دة تلو الأخرى ح سب مزاج جاد يف ال شعور والتفكر يف كل مرة اأكتب فيها سطرا يف حياتي. يف هذا ال ص دد اأعتقد بكل تاأكي د اأن"العميل ال سري"عمل حقيقي متام ا. حت ى الغر ض الفني املج رد الناجت م ن تطبيق أا سل وب ساذج عل ى مو ضوع من هذا الن وع صيغ بتاأن وباعتق اد جاد م ن اأن املعاجل ة ال ساذج ة وحدها سوف ت سم ح يل بق ول كل م ا اأ شعر واأرغب يف قول ه ب سخرية اأو بلط ف عل ى حد س واء. اإنها اإح دى قناعات ي القليلة بخ صو ص كتاباتي وه و اأن اتخاذ هذا احلل الذي األفته يعن ي بالن سب ة يل تنفيذه ب شكل صحيح حت ى النهاية. كم ا هو احلال مع ال شخ صيات الت ي كانت ضرورة ملحة للحال ة حالة ال سي دة فرلوك برزت اأم ام خلفية لندن منه ا اأي ض ا ح صلت عل ى تل ك القناعات ال صغ ي رة التي يع ول عليه ا بدرجة كب ي رة أام ام جمموعة م ن ال شكوك اجلائرة التي تطارد باإ صرار كل حماولة للعمل الإبداعي. عل ى سبي ل املثال ال سي دة فالدمير نف سه ا )التي كانت لعب ة عادلة لعر ض كاريكاتوري(. كنت ممتن ا ل سماع اأن رج ل ال من ذوي اخل ب رة يف العامل ق ال:"اإن كونراد يجب أان يك ون عل ى ات صال مع ه ذه الطبق ة الجتماعية واإل فاإنه ميتلك حد س ا رائعا بالأ شياء. لأن ال سيدة فالدمير كانت"لي س ت معقول ة يف التفا صي ل فق ط لكنه ا اأي ضا حمقة متاما يف املبادئ. أابلغني زائر من اأمريكا بعد ذلك أان كل اأنواع الالجئني الثوريني يف نيويورك سيعتقدون اأن م ن كتب الكتاب هو شخ ص ع رف الكثر عنهم. يبدو يل ه ذا الكالم ثن اء رائعا جدا اإذا اأخذن ا بعني العتبار كما ه و احلال مع احلقائق القا سية اأين راأيت هذا الثناء أاقل أاهمية من أاول اقرتاح قدمه يل صديق مثقف للرواية. رغم ذل ك لي س لدي شك باأن هناك حلظ ات مرت بي اأثناء كتاب ة الكتاب كنت فيها ثائرا متطرف ا ل اأريد القول اأكر اقتناع ا منهم لكن بالتاأكيد أاين ا ستعدت هدفا اأكر تركيزا م ن اأي هدف حققه أاي أاحد منهم ط وال حياته باأكملها. ل اأقول هذا للتباهي. أانا بب ساطة أاهتم بعملي. يف ما يتعلق بكل كتبي كنت دائما أاهتم بعملي. أاهتم به بخ ضوع كامل. وه ذه العب ارة اأي ض ا لي ست تباهي ا. ل ميك ن اأن اأعمل بطريقة أاخرى خمتلفة. التظاهر ي شعرين بامللل. القرتاحات فيما يخ ص بع ض شخ صيات الق صة املحرتمة للقان ون أاو املتمردة على القانون عل ى حد سواء جاءت من م ص ادر خمتلفة رمبا من هنا وهن اك بع ض القر اء قد يتعرفون عليها. ال شخ صيات لي ست غام ضة جدا. لكني ل س ت معنيا هنا باإ ضفاء ال شرعي ة على اأفعال اأي اأحد من ه وؤلء النا س وحتى بالن سبة لوجهة نظري العامة حول ردود الأفع ال الأخالقية كما ب ي ني املجرم وال شرطة كل ما اأجروؤ على قوله ه و أان الأمر يبدو بالن سبة يل على الأقل قابال للت صديق. اثنت ا ع ش رة سنة انق ض ت منذ اإ ص دار الكت اب مل تغر موقفي. مل أاندم على كتابته. يف الآونة الأخرة اأجرتني الظروف التي ل عالقة لها بالجتاه العام لهذه املقدمة على جتري د هذه الق صة م ن رداء سخرية اأدبية غا ضبة كلفني الكثر لأن سجم فيها ب شكل لئق منذ سنوات. كنت مكرها اإذا جاز التعب ي ر على مراقبة عظامها العارية. اأعرتف اأن هذا قد صنع هيكال عظميا مروعا. لكن مع ذلك اأود تو ضيح اأن رواية ق صة ويني فرلوك حتى نهايتها الفو ضوية من التحطي م اجلنون والياأ س الت ام وروايتها كما رويتها هنا مل اأق صد منه إا ساءة ل مرر لها مل شاعر النا س. ج. ك. 1920* * يف 15 فرباير 1894 بالتحديد تعر ض املر صد ملحاولة اعتداء أارهابية. * صدرت رواية"العميل ال صري"لأول مرة يف عام 1907 مل يكتب كونراد هذه املقدمة حينها حتى عام 1920 عندما ن شرت الرواية كجزء من طبعة ضمت أاعماله. عن احلوار املتمدن

5 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان دافع الكتاب ة لدى جوزي ف كونراد ستبق ى العملي ات الذهني ة للخل ق الفن ي غام ض ة دون ش ك مامل يك ن ثمة حاف ز لها. ولن أاخ ذ جوزيف كونراد مثال فلقد انق سمت حيات ه اىل مرحلت ي ني )حيات ه البحري ة احليوي ة املتنوع ة واحلي اة الدبي ة غ ي ر املث ي رة يف لن دن..( وهك ذا كان اذن فم ا ال ذي دفعه للكتابة وملاذا كتب بالذات باللغة الجنليزية وهو البولندي الأ صل!. اإن اللغ ة القومي ة جلوزي ف كون راد ه ي البولندية. ولغت ه الثانية هي الفرن سية التي تعلمه ا وهو يف اخلام سة م ن عمره على يد مربي ت ه ومل يتعل م اللغ ة الجنليزية اإل يف الثالث ة والع شرين م ن عمره عندم ا التحق بالبعثة التجارية الريطانية. ولي س ثمة ما يدل عل ى اأن ه كتب شيئا باللغة البولندي ة لق د ق ض ى شطرا م ن حياته مع وال ده يف املنف ى. ومل ميل ك فر ص ة كافي ة لإ ستخدامها. وعندما كان بحارا وكتب كثرا عن البحر وجد تلك اللغة عاجزة عن التعبر الفن ي. م ن جان ب آاخ ر كان يجي د اللغ ة الفرن سية بطالقة. وغالبا ما تظهر يف اعماله الإ صطالح ات الفرن سي ة وب ش كل ملح وظ يف عمله"الل ورد جيم"وب ش كل متناث ر يف مذكراته" سجل شخ صي"وذكر فورد اأن اكر جمل كونراد التي متتاز بال صعوبة والتعقيد كانت ت رتج م مبا شرة عن الفرن سية. صحيح اأن ف ورد كات ب س ي رة غ ي ر معتمد بي د اأن ه كت ب الكث ي ر يف إاطرائ ه. وعندم ا ص ور ف ورد نف سه مع كونراد وهم ا يتحدثان اللغة الفرن سي ة ويتعلم ان قطعا ادبية م ن اعمال فلوب ي ر وموبا س ان ويحفظانه ا ع ن ظه ر قل ب ويرتجمانها اىل اللغة الجنليزية فاإن ب صم ات تل ك العمال كانت جلي ة يف بع ض اعم ال كونراد باللغة الفرن سي ة. وكما يقول الفرن سيون: اإن ها تعبرات عامة كافية لإظهار حب كونراد للغتهم.. وتبقى احلقيقة أانه كت ب باللغة الجنليزية. واثار يف ذل ك ده شة كبرة يف شروع حياته الدبي ة. وظه رت ل ه مقال ة يف: North American Review كتبه ا ال س ي ر هي وف كليف ورد ع ام 1900 ذك ر فيه ا اأن كون راد يتم رن عل ى الختي ار ب ي ني اللغتني الفرن سي ة والجنليزي ة وقد عان ى كونراد من سوء الفهم هذا. وا ضط ر اأن ي صح ح س وء الفه م ه ذا يف"مالحظ ة املوؤل ف"يف مذكراته" سج ل شح صي"حي ث يذك ر: يف حقيق ة الم ر اأن مقدرت ي عل ى الكتاب ة باللغ ة الجنليزي ة هي مق درة طبيعي ة اكت سبتها من ذ ولدتي فان ا امتلك م شاعر الغراب ة وم شاعر القدرة الفائقة اللت ي ني ورثتهم ا وا صبحتا جزءا من كي اين ومل تك ن اللغ ة الجنليزي ة بالن سبة يل م س أال ة اختي ار او تنب. وفك رة الختيار مل تدخ ل ذهني اب دا أانه ت ب نب ح سب نعم هن اك ت ب نب. ولكنن ي ان ا امل تبن ى* م ن اللغة الجنليزي ة امللهم ة. وق د خرج ت مبا شرة م ن مرحل ة التلعثم الت ي جعلت من ي جزءا كامال له ا. واإن ا صطالحاته ا التي اوؤمن بها كان له ا تاثر كب ي ر على مزاج ي وا سلوبي و شخ صيتي.فالعم ل ال ذي اخرن ا عن ه كان غام ض ا وغام ض ا ج دا بحي ث ل ميكن شرحه. وعن د اخلو ض يف اللغ ة مرة اخ رى ادرك كون راد بع د ح ي ني حدي ث البح ارة الذين ميت ازون بالق وة والعافية. واللغ ة الدبية الت ي اكت سبها من كتبه املجل دة التي حتوي اعمال شك سب ي ر وبايرون التي اقتناها اثناء مغادرت ه فل سط ي ني. ويف البح ر كل م ا يق ع بني يديه. فف ي رواية"زجني الرنج س"جند سنغلتون يقر أا بولوار ليتون الذي هو عبارة ع ن صورة كونراد نف سه. كما التقط روايات كتبتها م سز هرني وود وم س برادون. ف ضال عن قراءته صحفا وجمالت ل ح صر لها. ق ال كون راد م صحح ا لل س ي ر:"اإن اللغ ة الفرن سية هي لغة"بل ورية"بيد اأن فورد صاغ الفكرة بطريقة اخرى"اأن حتفظ كونراد على اللغ ة الجنليزي ة كان ين صب عل ى اأن لي س ثم ة مفردة اجنليزية لها معنى واحد ذلك اأن جمبع املفردات الجنليزية هي و سائل لثارة عواطف غر وا ضحة املعامل. ورمبا يته م فورد اللغ ة الجنليزي ة للدفاع ع ن نف سه اكر من الدفاع عن كونراد ولي س ثم ة شك اأن اللغة الجنليزي ة تعر ض روؤية كون راد املعق دة ع ن احلي اة. وابت داءا من كتبه املبك رة اىل ادوارد غارنيت Garnet. Edward يقول كونراد:"كل اخليالت... وكل صورة تطف و بغمو ض ه ي يف بح ر م ن ال ش ك وحت ى ال شك نف س ه ضاع يف ع امل مل ت سر اغواره بعد انه عامل حمر..". ومثل هذه الروؤيا غر وا ضحة املعامل حتتاج اىل مفردات غر وا ضحة املعامل هي الخرى وهذا ي شرح تو ضيح كونراد. اإنها اللغة التي نيفل. ا.ج. نيوهاوس ترجمة: خضير الالمي تبنته! ولي س هو الذي تبنى اللغة. يف الف صل الرابع من" سجل شخ صي"يو ضح لنا كونراد امرا حمققا: كيف اأنه كتب روايته الأويل"املاي ر املجنون"الت ي تظه ر قدرت ه اخليالية بتوظيف ذكرياته. فف ي يوم م ا التقط قلم ه لي ش رع بالكتابة وبني :"لي س ثمة عالم ات جنون جميلة"ومل يك ن م ن عجالة م ن اأم ره ليع وم يف كتابة حيات ه. واذا كان ق د ع ام فاإن ه ل ب د واأن تك ون حماولت ه الوىل الت ي م ن املمكن ان تو صف مبزاج من اخل ض وع التام للبالدة. كان يفك ر يف املاي ر ورمبا ب سب ب ال ضباب املتع دد الأل وان يف تل ك اللحظ ة ال ذي يحج ب حم ل اقامته يف بي سب ورو غاردنز والت ي ت شبه متام ا املنطقة املحيط ة باملرفاأ ال ذي يبع د اربع ي ني ميال ع ن نه ر بورتني حي ث شاهد اول مرة الرج ل قبل سنتني من كتابته" سج ل شخ ص ي "وق د سمع به كون راد كثرا قبل ان يلتقي ه وكان غالبا م ا يبحر نحو ال ش رق. كان الرجال ي سرون اىل"املاير"وهم يبت سمون كان رجال غريبا يحتف ظ ب اأوزة مع ه. وه و مدي ر منج م الفح م ال ذي ل ميك ن العم ل في ه ب سب ب وج ود ا شباح شري رة يف داخل ه. ومع هذا كان رج ل ال ناجح ا بتف وق وعل ى ا ستعداد لتو ضي ح احلقيق ة وق د راآه كون راد لنه عندما كانت سفينته حتمل مهرا صغرا ذلك امله ر الذي تارجح وفق د توازنه و سقط حال يف املياه اطار صواب املاير ووىل هاربا يف الغاب ة ومل يخرج منها. وحتدث بطريقة غر مبا شرة متجنبا الجاب ات الوا ضحة. ومرة دعا كونراد لدعوة ع ش اء ووجد كونراد اأنه من امل ستحي ل اأن يعتذر. وكان املالك الوحيد ل س رب الأوز يف ال ساح ل ال شرق ي م سوؤول ع ن وجود اربعة ع شر جزءا حلد الن" سجل شخ صي 87". وق د ق رر كون راد بو ض وح عندم ا ش رع بالكتابة ان يك و ن يف ذهنه صورة دقيقة عن املاير حيث يرتدي قمي صا قطنيا خفيفا دون اكمام و سروال ف ضفا ض ا خمططا باللونني الأزرق والأخ ض ر ل ه شع ر ا س ود تتناث ر خ ص ل منه عل ى جبهت ه" ". هذه هي نقطة شروعه. وقد اعرتف فوكرن اأنه قد كتب ق صة م شابهة له. "الق صة بالن سبة يل تبداأ عادة بفكرة واحدة او ذك رى او صورة ذهني ة وكتابة الق صة بب ساط ة تب داأ بالبح ث ع ن تل ك اللحظ ة لت شرح بعد ذلك كي ف حدثت وماهو ال سبب ال ذي يعق ب ذلك.. وق د اكد كون راد ال شيء ذاته:"اإنن ي اكتب"باجتاه التق اط حادثة او م شهد اراه. )غوردان 103( هذه امل شاه د جلية وغالب ا ماير سم كونراد صوره ا ويخطط بيان يا له ا يف خمطوطته ث م يق رر تاليفه ا روائ ي ا واحيان ا يقط ع الكتاب ة لي ش رع واقع ة ام ا مبف رده او مب ساع دة زوج ه. وا ستخ دم برو س ت مثل ه ذه اللحظ ات م ن الذكري ات )النثيالت( والزم ن. وق د صنف:"البح ث ع ن الزم ن املفقود"بال صور.)كان ت املزهري ات مث ال جيدا هي جت ش ذا املا ضي( ويربط اللحظات بامت داد انف صالها. ويف قطع ة م شهورة يف اجلزء الول حل ل الطريقة الت ي ا ستخدمها يف اآخر حياته. طعم الب سكويت La Petite Moderation ال ذي اعتادت عمته ان تقدمه ل ه عندما كان صغرا ج دا يتذكر كل هذا بتفا صيله طيل ة حياته املا ضية. وخارج مثل ه ذه الذكريات صاغ برو س ت عاملا فنيا متكامال متام ا مثل ورقة توت م صنوعة من فت ات منقوع يف امل اء. الأ سل وب الياباين!. متتد ثم تنحني ترت دي الثياب ذات الألوان والأ شكال املميزة الوان اا ألزهار والبيوت والنا س ال وان ثابت ة وممي زة. وكذلك مع كون راد وذكرياته املرئية حيث تنمو رواياته من خاللها. اذن كي ف تبنى الرواية ح ول م شهد يعتمد على الذكرى ويف مو ضوع املاير فاإن البناء الروائي قد بد أا بعد سنتني من اللقاء املنع ش معه. ثم ا ستمر العم ل به بعد اربع سنوات. ويعلمنا كونراد ماذا كان يدور يف ذهنه عن املاي ر يف ذلك الزمن. كان غالب ا ما يفكر به. وق د ع ب ر بطريقة خا ص ة اأن ه كان م سكونا باملاي ر.. كان يظن ه رج ل ال قد اخف ق رجال ج اء الي ه اول مرة م ن على شف اه الرجال جم رد م ن الهيب ة ع ن طري ق البت سام ة الغريبة للرجال ا سمك هو قب ضة ريح تطفو ف وق مي اه خط ال ست واء. هذا ه و حتليله ل شخ صية املاير الت ي توح د بها حينما ابتداأ بالكتابة. "اتدث ر م ع املاي ر بعب اءة ملكي ة يف خط ال ست واء وا ض ع يف ف راغ ال ص وت ذل ك ال ص دى املرح..) سجل شخ ص ي 88( فاإذا كان يف حق ول بهيجة ف اإن املاير يعاين اإن تلك ال صورة هي حتري ف قا س وا ستخفاف بجدارت ه. وكون راد هنا ل ميل ك ال جوابا واحدا"انن ي اوؤم ن ب ك طريق ة وحي دة متكنن ي من ت صديقك.. فانت دائما رجل غر حمظوظ ايها املاي ر ل شيء ابدا ي ستحقك! والذي جعل من ك شخ صية حقيقي ة ن سبيا ذلك انك مت سك به ذه النظرية ال سامية بقوة المي ان والعج اب الثابتتني..) سج ل شخ صي 88(. وهن ا يبل غ ارتي اح كون راد الت ام يف اأن املاي ر كان رج ل ال ق د اخفق. ولكن ه يوؤمن بدون اهن زاز اأن احلياة قد خذلته واذا كان املاير"متلب سا"كون راد بعد اول لقاء له معه فيج ب على كون راد ان يق ضي ع دة ساعات مع شبحه. فقد اعطاه الثيمة التي لزمته اىل آاخرعب ارة كتبها يف رواي ة املاير. ومتنحنا شاه دا ع ن صورت ه يف شخ صي ة هاي ست يف رواية Victory الت ي متثل شخ صية وال ده. وتزودن ا مبعلوم ات ع ن شب اب كون راد. ومن مذك رات كورزينيو سكي ذلك الر ستقراط ي واملوه وب املط ارد صاحب القي م املثالي ة املنف ي املحطم ال ذي وافاه الج ل يف وار ش و. وعندم ا فك ر كون راد مبوك ب اجلن ازة ال صام ت احلا ش د والتي كان ت جنازة والدته برهان ا لرجل لي س ثمة ش ك يف اخال ص ه للفك رة ال سائ دة فك رة بولندا حرة.. وقد و ضع كونراد فكرة الإخفاق تلك بطريقة ل تتناق ض م ع الخال ص ال صائ ب لفكرة وال ده. وعك ف على كتاب ة املاير مل دة اربع سن وات ون ص ف وقد صاحبت ه املخطوطة يف زيارت ه اىل عمت ه يف رو سيا وحتى يف ذهاب ه اىل الكونغ و ث م اىل ستانلي فو س. وق ال كون راد يف ه ذا الوقت أان ه مل يطرد الكت اب من ذهن ه ابدا حتى عندم ا كان على و ش ك و ض ع اللم س ات الأخرة ل ه ) سجل شخ ص ي 68( والرواي ة ب ش كل ا سا س عن رجل خ ذل نف س ه وغ در با ستقامت ه وهي اول رواية لكونراد ي ستقر ابطاله على ار ض صلبة. و سمح كثرا لرجل عجوز يدعى توم لنغ ارد أان يتخذ ق رارا مهما له ب دل من ان ي صنف ه هو بطريقت ه يف احلي اة خمدوعا بري ق ث روة لنغ ارد املحتمل ة. )ويعلمن ا كونراد اأن ه كان موهوبا بخيال قوي وفاعل ور أاى م ا ي شبه ضياء مذه ل ال لبنايات براقة هائل ة. وق د قب ل الرث شريط ة ان يتزوج ابن ة لنغ ارد ال س وداء املتبن اة. وم ن هذه الغلط ة اخل ام ب رزت كل م صائب ه التالية بالغة الذروة اثر هجره تلك الفتاة. فالوحي الذي سببت ه بالأ سا س قوة الذكرى املرئي ة للماي ر وعامل ه جع ل كون راد يبني ق صته ع ن فكرة اخل داع النف س ي. ورواية املاي ر املجن ون ه ي اول رواي ة م ن ع دة روايات لكونراد تتعامل مع ال سقوط. اعل ن كونراد بيانا مك شوفا ع ن اهمية خلق رواية )الوكي ل ال سري( ع ب ر ع شر سنوات وظهرت الرواية عام 1907 بيد اأن )مالحظة امل ؤول ف( تخرن ا أانه ا ك تب ت ع ام 1920 ويبدو اأنن ا توهمنا اأنها شبيهة متاما باملاير املجن ون وتعر ض اي ض ا وم ضة اخرى يف عملية الغمو ض يف اخللق الفني. وتعلمن ا الرواي ة اي ض ا كي ف اأن كون راد كان يتناق ش مع فورد عن جن ون الفو ضى م رورا باحلالت اخلا صة ف إانن ا ن ستح ضر الق ص ة القدمي ة ملحاول ة طع ن )غرينو ش اوبزرفيت وري( وا ش ار كون راد اأن العتداء"الإهان ة"ل ميك ن أان يك ون سلطة العق ل يف اي ة ح ال م ن الح وال وال ذي يعني اأنه من امل ستحيل اأن ن سبب اي دافع او معن ى اىل ما ي سمى بع دم الإح سا س بجزء من العنف بي د اأن فورد شرح احلادثة بهذه الكلم ات.. اوه! اأن ذلك ال شخ ص كان ن صف جمنون! وانتح رت شقيقته بعد ذلك.. وهذا اعطى كونراد الإ شارة الوىل لكتابة م شروع رواية. اإن ا ضاءة ه ذه الكلمات ا شعرته كما لو ان ه مي ش ي خ ارج الغابة للو ص ول اىل ال سه ل. ومكث مل دة ق سرة يتاأم ل الكلمات واحلادثة بطريقة سلبية. وبع د ا سب وع ص ادف ان ق راأ ) ضاب ط ال شرط ة( وفج أاة ا صيب كون راد مبا ي شبه ال صعقة من خالل قراءته ل سطر عادية قليلة من احلوار. وب شكل خا ص تلك التي عب ت عن نزوة الغ ضب التي ادت اىل اعتقاله: )كان ذل ك جيدا متاما ولك ن فكرتك ال سرية تب دو قميئ ة باحلف اظ عل ى املن زل ال سري بالظلمة.( واع ت رتف كون راد اأن ل شيء يث ي ر الذكرى يف ه ذه املفردات )هن اك نوع م ن الأجواء يف احلادث ة كلها لأن كل ما شع رت به فجاأة ا ستفزين ونت ج يف ذهني ما قد يفهمه طالب كيمياء من ن سبة ا ضافة قطرات صغرة جدا لرت سي ب م واد بلوري ة يف انبوب ة اختبار حتوي بع ض التحاليل التي ل لون لها ) سجل شخ صي 110( وتبع ذلك فقرتان ت شرحان ما قد حدث بني ذل ك املو ضوع وكتابة الرواية. فالفق رة الوىل ت صف الن شاط املرئي للعقل. والثاني ة ت ص ف التبني التدريج ي لتوحيد الفكرة. ويبدو لنا م ن الف ضل اأن نقتب سهما كاملتني: )بدا يل يف باديء الأمر حتول ذهنيا اإزعاجا له دوء اخلي ال ال ذي يف ا شكال ه الغريبة حد ة يف خطوط الر سم ونق صا يف الدراك ظاهرا ومعلنا النتباه مثلما تفعل البلورات با شكاله ا الغريب ة غ ي ر املتوقع ة. وي سقط املرء يف التامل قبل وقوع الظاهرة وحتى ما ض ي امركا اجلنوبية و سطوع ال شم س والث ورات الهائج ة للبحر امت داد وتو سع املي اه مر آاة ابت سام ات وتعبي سات ال سماء وانعكا س ات ض وء العامل ث م رواية مدينة هائل ة تق دم نف سه ا ا ضخ م مدين ة وباكر كثاف ة سكاني ة من بع ض الق ارات وي صنع ان سانه ا الالمب ايل بابت سام ات وتعبي سات ال سم اء الأكل الوح شي ل ض وء العامل. ثمة ف ضاء مت سع لو ضع أاي ة ق صة متتاز بالعمق لأي ة عذابات. مل ساح ات كافي ة لأي انطالق فني. ظالم كثيف يت س ع لدفن خم سة ماليني خملوق وملدة ثالثة اأيام ح سب..( اأما الفقرة الثانية:)واأ ضحت املدينة بطريقة ل تق اوم خلفي ة لزم ن ق ادم م ن التج ارب والت أام ل الت العميق ة نار ل ح ص ر لها ت فتح امام ي يف خمتل ف الجتاه ات وت ستغرق سنوات لتتلم س الطريق ال صحيح.. وببطء ينمو بزوغ فجر عذابات الأم م سز فرولوك وتتح ول تلك العذاب ات اىل لهب بيني وبني تل ك اخللفية"الر ض"تخ صبه ا باحلما س ة ال سري ة وتت سل م منه ا قتام ة لونه ا ويف النهاي ة فاإن ق صة ويني فرلوك ستكمل بجد الطريق منذ ايام الطفولة وحتى النهاية..( وال شيء املفيد هنا هو امل سافة التي اقرتبنا منها من النقطة التي شرع بها كونراد. وثمة انطباع ان اولي ان: التفج ر والرجل ن صف املجن ون ال ذي انتح رت شقيقت ه ح اول كون راد اأن يتخيل ار ضي ة لهما يف البداية ص ور لن ا ج سام ة وعن ف عدائي ة القارة وثاني ا قراءت ه ملذك رات ) ضاب ط ال شرطة( املت ضمن ة مول د مدين ة ل مبالي ة مدينة ل ت شب ه مدن القارة. مدينة م ن صنع الن سان خلقت طبقات املجتمع املرتبط معا يف ظالم ل معنى له, فال بد اذن على كونراد ان يدفن ق صت ه يف ذلك الظالم.. م ن وجهة اي نظر وباجت اه اي ة نهاية ه ذه ه ي النقطة التي ادركه ا كون راد ولي س ص ورة اخرى انها ص ورة امل ر أاة املت سلط ة. املدين ة العظيمة ذات املالب س اخللفي ة ويف ال ص دارة ترز املا س اة ال شخ صي ة لعائل ة فرل وك. وق د تو ص ل كونراد اىل هذه النقطة اما ما تبقى فه و تكنيك الرواية وم ا اطلق عليه كونراد التنا سب الكلي. كاتب من اململكة املتحدة املقال عن صحيفة ال guardian الربيطانية ال صادرة العام ٢٠٠٥.

6 11 10 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 بعد موت كون راد بفرتة طويلة حاول النق اد أان يعيدوا بن اء ما أاطل ق عليه"خلفيت ه البولندية"والتي مل يجد اإل قليل منه ا طريقه اإىل أادبه ومل يك ن بالإمكان فهم املعنى املح ر لأدب ه ب سهول ة وحت ى و إان وجدن ا معلوم ات كثرة ع ن جتاربه واأ صدقائ ه و أاقارب ه البولنديني ف إان ه ذه املعلوم ات ل تكف ي لتف س ي ر ال شعور بع دم الراحة والت شن ج اللذين ميزا عمل ه الأدب ي. و يف النهاية ندرك أان م ا أاثر يف عمله هما املنفى والإغ ت رتاب اللذان ل ميكن اإ صالحهما. وكلما ح اول أان يروي شيئا بطريقة متكاملة تك ون النتيج ة دائم ا وكاأنها أاق رب ل ش يء كان يريد أان يقول ه فالق ول كان دائم ا ي أاتي مت أاخرا بع د أان يكون قد ف ات الأوان له ذا القول أان يك ون مفيدا. وت دور اأحداث ق صة" إامي ي فو سرت"الت ي كانت من اأك ث ر ق ص صه ب ؤو سا حول رجل شاب من أاورب ا ال شرقية تنحطم سفينته وهو يف طريق ه اإىل أامري كا وينته ي به املطاف ك زوج لإميي الت ي كانت حمبة جدا له لكنها عاجزة عن التعبر. ويبقى ه ذا الرجل غريبا ول يتعلم اللغة قط وحتى بعد أان يرزق ه و و إاميي بطفل ل ي ستطي ع أان ي صبح جزءا من العائلة الت ي كون ه ا معها. وعلى فرا ش املوت وه و يتمتم بلغة غ ي ر مفهوم ة تخطف إاميي الطفل من ب ي ني يديه و ترتكه حلزن ه الأخ ي ر. ومث ل ق ص ص كون راد الأخ رى يكون الراوي شخ صا متعاطفا مع اأحداث الق صة حيث الطبيب كان على معرفة بالزوج ي ني ومع ذلك مل ي ستطع أان يحرر ال زوج من عزلت ه مع أان كون راد ي شعر الق ارئ باأنه كان ينبغ ي عل ى الطبيب أان يفع ل ذلك. وم ن ال صعب قراءة ه ذه الق صة دون أان يفكر الق ارى ب أان كونراد كان يخ شى امل وت بهذه الطريق ة ل عزاء له وحي دا يتحدث بلغة ل ميكن لأحد اأن يفهمها. أاول م ا ينبغي العرتاف ب ه هو ال شعور بفق دان الوطن واللغ ة يف امل كان اجلديد وه ذا الفقدان هو م ا صوره كونراد بق سوة شديدة على اأنه اأمر موؤمل و ظامل ول ميكن ال شفاء منه أاو تعوي ض ه. لذلك وجدت نف سي عر ال سنني اأقراأ و أاكتب عن كون راد وكاأمنا هو قاعدة ثابتة لتجاربي الت ي م ررت به ا. و ل سنوات طويل ة وج دت نف سي اأمر بنف س الأ شي اء من خالل عملي وحياتي ولكن با ستمرار م ن خ ل الل كتاب ات الآخري ن. وبقي الأم ر كذل ك اإىل أان أادرك ت فج اأة شعور امل وت والفناء اللذي ن كان يجب أان أادركهم ا من قبل وذل ك يف خريف عام 1991 عقب فح ص طب ي ب شع. وج دت نف سي وعندما ب دت النهاية و شيكة ج دا اأحاول أان اأفهم حيات ي. وبعد عدة اأ شهر من حماولة تقب ل و ضعي اجلديد وجدت نف س ي أاكتب ر سالة طويلة مف صل ة لوالدتي التي كانت قد ماتت من ذ سنتني تقريبا. وكانت ر سالة د شن ت فيه ا حماولة متاأخرة لأفر ض سردا عل ى حياة تركتها نوعا ما دون احلديث عنها حياة ت سر ب صورة غ ي ر منظمة ومبعرة دون مرك ز. لقد كان عملي يف اجلامعة حمرتما وكان يل عدد ل باأ س به من املوؤلفات واكت سب ت سمعة ل أاح سد عليها حيث كن ت اأدعى" أا ستاذ الإرهاب"ب سب ب كتاباتي و ت صريحات ي وكوين نا شطا فيما يتعل ق بالق ضي ة الفل سطينية وال ش رق الأو سط اأو الق ضاي ا التي مت س بامل سلمني اأو من هم ضد الإمريالية. ولكنن ي مل اأحاول يوما أان أاجم ع هذه الق ضايا معا. كنت مهوو سا بالكتابة واكره الإجازات فنادرا ما اأخذت اإجازة وكن ت أاقوم مب ا أاقوم به دون القلق م ن أامور مثل فقدان القدرة على الكتابة أاو الكتئاب أاو ن ضوب الأفكار. و أادرك ت فج اأة أان كون راد م ر مب ا كن ت أاع اين من ه با ستثن اء أان كون راد كان أاوروبيا ت رك موطنه الأ صلي بولن دا واأ صب ح رج ل ال إاجنليزي ا فالنتق ال بالن سب ة له كان نوع ا م ا داخ ل نف س العامل. أام ا أانا فق د ولدت يف القد س وع شت طفولت ي املبكرة هناك وبع د عام 1948 اأ صبح ت عائلت ي كلها لجئ ة يف م صر. وم ع ذلك تلقيت معظ م تعليمي يف مدار س ال ستعم ار التي كانت للنخبة فقط وه ي مدار س حكومية أا س سها الريطانيون لتن شئة جي ل من الع رب له عالقة طبيعي ة مع بريطاني ا. وكانت آاخ ر مدر س ة التحقت بها قب ل أان اأغادر ال ش رق الأو سط يف طريق ي اإىل الولي ات املتح دة هي كلي ة فكتوريا يف م ص ر التي أا س ست لتعليم اأبن اء الطبقة احلاكمة والعرب القادمني من بالد ال ش ام والذين كانوا سيحكمون بالدهم بع د مغ ادرة الريطاني ي ني مثل املل ك ح سني مل ك الأردن وعدد من الأردنيني وامل صريني وال سوريني وال سعوديني الذي ن اأ صبحوا فيما بعد وزراء ور ؤو س اء وزراء ورجال اأعمال بارزين بالإ ضافة اإىل شخ صيات براقة مثل مي شيل شلهوب الذي اأ صبح يعرفه اجلميع فيما بعد على ال شا شة با سم عمر ال شريف. ويف اللحظ ة الت ي ي صب ح فيه ا الإن سان طالب ا يف كلية فكتوريا يتلقى لئحة النظ م والقوانني التي حتكم جميع يف كتششايب األول "جوزيششف كونششراد وأدب السششرية الذاتية" الذي نششر قبل أكرث مششن ثالثني عامششا ويف مقايل"تأمششالت يف املنفى"الذي نر عششام 1948 اتخذت من"كونراد"منوذجا لشششخص كانششت حياته وعمله كالرحالة الششذي أصبح فيام بعد مؤلفا مشششهورا يكتب بلغة اكتسششبها ومع ذلك مل يستطع أن يتخلص من شعور االغرتاب يف وطنه الجديد والذي يف حالة كونراد االستثنائية كان معجبا به أيضا. أجمششع أصدقاء كونراد عىل أنششه كان راضيا عن كونه إنجليزيششا مع أنه مل يتخلص من لهجتششه البولندية الحادة ومزاجه الغريب الذي مل يكن إنجليزيا عىل اإلطالق. ويف اللحظششة التي يدخل فيها املرء إىل كتاباته ال يسششعه إال أن يالحظ الشششعور بعدم االنتامء وعدم اإلستقرار والغربه. ومل يكن بإمكان أي شخص أن ميثل قدر اإلقتالع والتيه أفضل منه كام مل يكن بإمكان أحد أن يسششخر من الجهد الذي قد يبذله إنسان وهو يحاول استبدال هذا الوضع بظروف أخرى أكرث من كونراد حيث يدخششل الراوي"مارلو"إىل قلب الظالم ليكتشششف أن"كورتز"بطششل الرواية مل يكن فقششط موجودا عىل الجزيرة قبله وإمنا أيضششا كان قادرا عىل قول الحقيقة الكاملة. لذلك عندما يروي مارلو تجاربه الخاصة فإنه مل يسششتطع أن يكون دقيقا وأنتهى به األمر بأن يروي أكاذيب وهو يعلم أنه هو نفسه ومستمعوه يدركون ذلك. إدوارد سعيد يكتب ع ن ع ال م ك ون راد النواح ي يف املدر سة مثل طبيعة الزي املوحد الذي يجب علينا اأن نرتدي ه والأدوات التي نحتاجها للريا ضة و أايام العطل املدر سي ة و مواعيد احلافلة وغر ذلك من الأمور. و كان اأول قان ون يزخ رف الكت ب املدر سي ة هو"اللغ ة الإجنليزي ة هي لغ ة املدر سة وم ن يتحدث بلغ ة أاخرى سيتعر ض للعقاب"علما باأن ه مل يكن هناك اأي طالب لغته الأم ه ي الإجنليزية. وكان جميع امل دراء واملدر سني يف املدر س ة اإجنليز بينم ا كان الطلبة اأرم ن أاو يونانيني اأو اإيطالي ي ني اأو يه ودا اأو اأت راكا ول كل منه م لغ ة تنبذها املدر سة ب ش كل صريح. وبالرغم من ذل ك كله كنا جميعا اأو معظمن ا على الأقل يتحدث باللغ ة العربية وعدد كبر من ا كان يتحدث باللغت ي ني العربية والفرن سي ة لذلك كنا نلج اأ للحديث بلغة م شرتكة كتحد ملا كنا ن شعر باأنه تقييد ا ستعماري غر عادل. كانت القوة الريطانية المريالية عل ى و شك الإنتهاء عقب احلرب العاملي ة الثانية ومل يكن ه ذا الأمر خافيا علينا م ع اأنني ل اأذكر اأن اأحدا من طالب جيل ي ح اول اأن يع ب ر ب ص وت م سم وع عن ه ذا الأمر الو شيك. بالن سب ة يل كان هن اك تعقي د اآخر وهو اأن ه بالرغم من ك ون وال دي فل سطيني ي ني - اأمي م ن النا ص رة ووالدي م ن القد س ف اإن والدي كان ق د ح صل عل ى اجلن سية الأمريكي ة خ ل الل احل رب العاملي ة الأوىل عندما خدم يف س ل الح اجلو بقيادة بر شنج يف فرن س ا. يف البداية كان قد غ ادر فل سط ي ني ومن ثم غ ادر املقاطع ة العثمانية عام 1911 عندم ا بل غ س ن ال ساد سة ع ش رة لتف ادي القتال يف بلغاري ا حي ث ذه ب اإىل الولي ات املتح دة و در س وعم ل هن اك لع دة سن وات قب ل اأن يع ود اإىل فل سطني يف ع ام 1919 لي ش ت رتك يف م شروع م ع ابن عمه. عالوة على ذلك ا س م عائلتي العربي" سعيد"الذي ارتبط بال سم الريطاين"ادوارد")كانت اأمي معجبة باأمر ويلز يف عام 1935 وهي ال سنة التي ولدت فيها( لذلك كنت طالبا يلفت الإنتباه ب شكل اأزعجن ي دائما خالل ال سنوات الأوىل من حياتي طفل فل سطيني يلتحق مبدر سة يف م صر ويحمل ا سما إاجنليزيا وجواز سفر أامريكيا ولي س لديه هوية من اأي ن وع. ومما جعل الأم ر اأكر سوءا ه و اأن لغتي الأم العربي ة ولغة املدر سة الإجنليزية كانتا ممتزجتني ب شكل معق د. مل اأك ن اأمي ز ما هي لغت ي الأوىل ومل اأك ن اأ شعر بالراحة جت اه اللغتني مع اأين كنت اأحل م باللغتني. ويف كل م رة اأقول جملة اإجنليزية اأجد نف سي أارددها بالعربية والعك س صحيح. فكرت بكل هذه الأمور خالل الأ شهر التي تلت الت شخي ص الطب ي الذي ب ي ني يل ض رورة التفكر بنهاي ات الأمور ولكنن ي فعلت ذل ك بطريقة مميزة. وج دت نف سي وكما ه و متوقع من موؤلف كتاب"بدايات" أافكر باأيامي الأوىل يف القد س والقاه رة و ضه ور ال شوير القري ة اجلبلية يف لبنان التي كنت أاكرهه ا وي صر والدي على اأن نق ضي ف ص ل ال صيف هناك. وجدت نف س ي اأعي ش ورطة الكتابة ع ن سنوات حياتي الأوىل و شع ور ال شك وعدم النتماء و شع وري باأنني دائما اأقف يف الزاوي ة اخلط أا يف مكان يب دو وكاأنه ينزلق من ب ي ني يدي خا صة واأن ا اأحاول اأن اأح دد اأو اأ صف املكان. وكنت دائما ا ساأل نف سي ملا مل تكن حياتي ب سيطة واأن اأكون م صريا ب شكل كامل اأو اأن اأكون اأي ش يء اآخ ر ب شكل كام ل واأل اأكون م ضط را ملواجهة الأ سئل ة القا سي ة اليومي ة التي تق ود اإىل كلمات توحي بغي اب الأ صل املح دد. و أا سواأ م ا كان يف حالتي والذي تفاق م ع ب ر ال سن ي ني العالق ة املتحارب ة ما ب ي ني اللغتني الإجنليزية والعربية وهو ال شيء الذي مل ي ضطر كونراد اأن يع اين منه مبا اأن طريقه كانت من بولندا اإىل اإجنلرتا ع ب ر فرن سا وبالتايل كانت ضمن ح دود اأوروبا. تعليمي كان اإجنليزيا متاما للحد الذي كنت أاعرف فيه عن اإجنلرتا وتاريخ وجغرافية الهند )مقررات اإجبارية( اأكر مما كنت اأعرف في ه عن تاريخ وجغرافية الوطن العربي. وبالرغم م ن اأنني در ست لكي أافكر كطالب املدر سة الإجنليزي اإل اأنن ي تدربت اأي ضا م ن قبل اأ ساتذتي عل ى الوعي باأنني دائم ا الغريب"الآخر غ ي ر الأوروبي"و بالت ايل علي اأن اأع رف مكانت ي واأن ل اأطمح ب اأن اأ صب ح بريطانيا يوما م ا. واخلط الفا صل م ا بيننا وبينه م كان لغويا وثقافيا وعن صري ا وعرقي ا. ومم ا زاد الأم ور تعقي دا ه و اأين ول دت وعمدت عل ى تراتيل مثل"اإىل الأم ام اأيها اجلنود امل سيحيون"و"م ن جب ال جرينالن د اجلليدية"الت ي تركتن ي فري س ة اإح سا س املعتدي واملعت دى عليه يف اآن واح د. ف أان تكون اأ سود و أاجنليكيا يف نف س الوقت ي شبه حالة من احلرب الأهلية التي ل تنتهي. عن كتاب خيانة املثقفني ترجمة ا سعد احل سيني "قلب الظالم" لجوزيف كونراد: رواية االستعمار المرجعية بامتياز اإذا كان الراح ل اإدوارد سعي د ق د وج د كرا ي ساجلون ه وغالب ا ع ن ح ق يف كتابات ه ال سيا سي ة ومنه ا بخا ص ة كتاب ه»املوؤدل جال ست ش راق«ف اإن نوع ا م ن الإجم اع كان ي س ود م ن ح ول كتابات ه الأدبي ة النقدي ة واملو سيقي ة بحي ث اعت ب ر رائ دا كب ي را من رواد النق د العاملي يف الق رن الع شرين. وهو به ذه ال صف ة اأفرد جل وزف كون راد اأكر من ن ص مهم رابط ا اأدب ه بالكولونيالية ما جعل كتاب ة سعيد تعتر يف مقدم ة النقد الأدبي ما بع د الكولونيايل. وبالطبع كانت رواية»قلب الظلمات"لكونراد يف مركز القلب من ن صو ص سعيد يف هذا املجال. ونعرف على اية حال انه من جون فورد اىل اأور سون ويلز ومن جون بورمان اىل ستانلي كوبريك حلم بع ض كبار عباقرة الفن ال ساب ع يف القرن الع شرين باأن يتمك ن الواح د منهم يوم ا م ن حتويل هذه الرواية اىل فيل م سينمائي. بل كان من بينهم م ن كت ب ال سيناريو فعال كم ا كان من بينهم م ن اأم ن ج زءا من الأم وال الالزم ة لالإنتاج وب داأ ي ستع د لذل ك فع ل ال ح ي ني وج د امورا حت ول بينه وبني تنفيذ حلم ه. وهكذا لعقود طويل ة من ال سنني ظلت ق ضي ة»اأفلمة«رواية جوزف كونراد ه ذه واحدا من اأكر الأحالم ال سينمائية ا ستحالة. وظ ل الو ض ع عل ى ذل ك النح و حت ى ج اء فران سي س فورد كوب ول اأواخر ال سبعينات ليحقق احلل م ولكن يف شكل م وارب: نقل اح داث الرواي ة م ن اأفريقي ا اإىل جن وب شرق ي اآ سي ا )فيتن ام حتدي دا ( وجع ل احل رب الفيتنامي ة خلفية لتل ك الأحداث. صحيح اأن منا ص ري اأدب كونراد الأنقياء ا ست اءوا م ن ه ذا لك ن كوبول اأك د لهم ولغره م مع هذا ان نق ل الرواية من مكان اآخ ر جاء تاأكي دا لكونيته ا ولأن روحها تنفع ل كل م كان وزم ان. ومل يك ن كوب ول بعيدا م ن ال ص واب يف فر ضيت ه ه ذه. وم ن هن ا اعت ب ر ذل ك الفيلم واح دا من أاف ض ل النماذج يف التعام ل ال سينمائي مع ن ص اأدبي كبر. والفيل م املعني هنا ه و بالطبع»يوم القيامة الآن"الذي اعت ب ر ب صرف النظ ر عن عالقته برواية كون راد واحدا من اأعظم الأفالم التي حققت عن احل رب الفيتنامية ب ل واحدا من أاف ضل اأفالم احلروب يف تاريخ ال سينما. وهنا اذ ن ضع جانبا فيلم كوبول ل بد من ان نت ساءل: ما ال ذي كان كل اأولئك ال سينمائيني يرون ه يف ن ص»قل ب الظلمات"عن ص را جذاب ا لكي ي حو ل الن ص اىل فيلم سينمائي واجل واب البديه ي ه و: كل ش يء البع د الب ص ري والأح داث والبعد الروح ي وقوة ال شخ صي ات جمتمعة يف بوتق ة واحدة. ذلك ان»قل ب الظلمات"تعتر النم وذج الأكمل ملا ينبغي ان يكون عليه فن الرواية. ن ش ر ج وزف كون راد روايته ه ذه يف العام 1906 وكان عل ى اب واب عام ه اخلم س ي ني. وهو يف»قلب الظلمات"كما يف الق سم الأعظم م ن رواياته ال سابقة عليها والتالية لها عك س يف العم ل جتربته ال شخ صية كبحار تنقل من بل د اىل اآخ ر وم ن ق ارة اىل اخ رى يعي ش بنف سه مغام رات ا ستثنائي ة وي سمع باأذنيه اغ رب احلكاي ات. ويف ه ذا الأط ار تنتم ي»قل ب الظلم ات«اىل ذل ك الع امل ال سحري: عامل احلك ي الذي ير سم ال شخ صيات ويحكي املغامرات م ن دون ان يعرف حتى الراوي ما اذا كان ال ذي يرويه قد حدث حقا او انه بني حكائيا من خالل التواتر والرتاكم. تدور اأحداث»قلب الظلم ات"يف قلب الأدغال الإفريقي ة وبطله ا ه و البحار مارل و الذي ينادي ه من ذ طفولت ه نه ر ر أاى صورته على خريطة جلزء من القارة الإفريقية و سحره فيه غرائب ه وكون جمراه يتخذ شكل افعى تت سلل و س ط الأدغ ال. لحق ا حني ي شب ذل ك الفتى وي سر بحارا يتمكن من اإقناع شركة ت ستغل اأرا ض ي تل ك املنطق ة الإفريقي ة ب اأن ت سلمه قيادة مركب يتوىل نقل العاج من قلب الأدغال اىل املرافئ عر ذلك النهر. وهكذا ع ب ر سل سلة من املغام رات والكوارث والكوابي س يتمك ن مارلو م ن الو صول اىل حل م طفولته: قل ب الأدغ ال الإفريقية حيث مقر ال شركة... لكن ه يجد الفو ضى تعم املكان واأخ ل الق النا س و س ط صم ت مري ع يبدو وك أان ه صم ت انتظ ار ش يء م ا سيح دث ل حمالة. ويف خ ضم ذلك يكت شف مارلو اختفاء كورت س مندوب ال شركة يف املنطقة فيوا صل رحلت ه و سط ب ل الد الع اج تطلع ا اىل العثور عليه. وهكذا فيما مارلو على املركب ي سر به ف وق مياه النهر يتولد لديه اح سا س ب أانه بات خ ارج العامل وخارج الزمن او بالأحرى ك أانه يف سف ر اىل بدء اخلليقة. وم ع هذا ل يفوته ان يج د يف ال ص راخ البدائ ي ال ذي يطلق ه ال س كان املحلي ون م ن حوله عل ى جانبي النهر مالمح ان سانية نقية تبدو»كحقيقة فرغ ت من كل ما هو دنيوي اأو زمني«. ويف نهاية الأمر ي صل مارلو و صحبه اىل امل كان الذي تبني له م ان كورت س موجود في ه حق ا فيواجهه م م ا يعترون ه اأروع كابو س واجه وه ط وال رحلته م: ان سكان املنطقة الأ صليني ل يريدون ابدا ان ي سمحوا للبي ض با ستع ادة كورت س لأن ه ذا لي س اأ س ي را لديه م كما كان يخي ل اىل بع ضهم بل انه ص ار بالن سبة اإليهم اأ شبه بالوثن املعبود وه و ما كان اأ خ ب ر به مارلو سابق ا لكنه اآثر يومه ا األ ي صدق ه. ام ا الآن فه ا ه و أام ام احلقيق ة الكابو سية. فما العم ل اإن كورت س كان و ص ل على سجيته ا ص ل ال اىل هذا املكان متطلع ا اىل التب ش ي ر ابراهيم العريس فيه بالدين امل سيحي يف او ساط ال سكان كفعل امي ان منه لكنه وجد نف سه ب دل من اأن ي ضم ال س كان اليه يف معتق ده ين ضم هو اليهم يف معتقداته م بادئا مبجاراته م يف رق ص ليلي طقو س ي وج د نف سه ينج ر اليه طوع ا ومن دون ان ي درك اول ان ه به ذا يخ ون الر سالة الت ي كان آال على نف س ه تاأديتها. صحيح انه اذ تنبه لحق ا اىل ما حدث له حاول ان يهرب م رات وم رات لكنه كان احيان ا يخفق ويف احيان اخ رى ي ستنكف من تلقائ ه. لقد عا ش صراع ا عنيفا يف داخله. ام ا الآن فاإنه يائ س متاما مل يعد يعرف من هو ول ماذا يريد. انه مري ض ومنهك بل على و شك ان ميوت. لذلك يرف ض ت رك الغابة ومرافق ة مارلو يف رحلة الع ودة. غر ان ه ذا الأخر يتمك ن من نقله اىل الق ارب بالق وة و سط سخ ط ال سكان املحلي ي ني ودع وات ن سائه م. واإذ ميوت كورت س يف خ ضم ذلك كل ه يعر مارلو عل ى حزم ة ر سائ ل ب ي ني متاع ه يتبني ل ه اإنها ر سائ ل كتبها كورت س خلطيبته لكن ه مل ير سله ا اأب دا. واإذ يع ود مارل و اىل احل ض ارة يتطل ع اىل لق اء اخلطيبة واإعطائها الر سائ ل. لكنه اذ يجدها مغرمة بكورت س ول ت زال يف انتظ ار عودت ه ي ستنك ف عن اخبارها بحقيق ة امر الرجل مكتفي ا ب اأن يوؤكد لها ان كورت س مات وهو يلفظ ا سمها. تعت ب ر»قل ب الظلم ات"اىل جان ب روايت ه الأخ رى»ل ورد جيم"ا شه ر واأجم ل ما كتب ج وزف كون راد ) ( الكات ب الإنكلي زي ذو الأ ص ل البولن دي اذ انه عر فيه ا ع ن ق وة ر سم ه م ن ناحي ة للطبيعة ولعالق ة الإن س ان به ا وم ن ناحي ة ثاني ة ل إالن سان يف عواطف ه وم شاعره اخلفية. ففي»قل ب الظلمات"ع رف كون راد كي ف ير س م الطبيع ة ك شبك ة م ن امل شاع ر الت ي حتي ط بن ا وت س ر حركاتن ا وه ي متمتع ة بحياة خا ص ة به ا م ن ال صعب ان جن د يف داخلنا ق وة حقيقي ة لل سيط رة عليها. وم ا كورت س هن ا سوى دلي ل عل ى سيط رة الطبيعة على الإن س ان. وكون راد كان يع رف ه ذه العالقة ب ي ني الإن س ان والطبيع ة ه و ال ذي عاي ش الأدغال والبح ار منذ سن مبكرة. فهو اذ تيتم بع د ولدت ه يف اأوكراني ا وكان يف العا شرة من عم ره وجد نف سه ب سرع ة على من سفن جتاري ة بحارا بني بحارته ا. ومن ثم اأتيح له ان ي صبح بح ارا على سفن جتارية انكليزية ما مك ن ه يف الع ام 1886 م ن احل صول على اجلن سية الريطانية. وهو ظل يخو ض غمار البحار حتى العام 1894 حيث تقاعد من صرفا اىل الكتاب ة فاأجنز حتى رحيله العام 1924 ثالث ي ني كتاب ا و ص ف يف معظمه ا مغامراته يف البل دان والبحار والق ارات او ا ستوحاها ب أا سل وب غرائبي كان هو ما ساهم يف حتقيق روايات ه جناح ا ما بع ده جناح. وم ن اأبرز اعمال ه اىل م ا ذكرنا»الإع ص ار"و«يف اآخر اللفاف ة«وغرها من اعم ال كان هدف كونراد الدائم فيها البحث عن حقيقة الإن سان وعالقته بالكون ولكن يف قالب روائي م شو ق دائما. عن صحيفة احلياة

7 13 12 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 جوزيف كونراد يفضح اإلمبريالية بروايات إنكليزية النوم بعد التعب.. امليناء بعد البحار العاصفة.. الراحة بعد الحرب.. املوت بعد الحياة.. كلها تبعث الكثري من الرسور.. هذه هي الكلامت التششي كتبت عىل شششاهدة قششرب الششروايئ البولندي جوزيششف كونراد أحد عظامء فششن الرواية يف القرن ال 19 وبدايششات القرن ال 20 الذي عاش حيششاة مليئة بالتعقيد والغرابة كام يطلعنششا عليها كتاب"غافني غريفث"الصادر عن وزارة الثقافة السششورية تحششت عنوان"جوزيف كونراد.. أبحرت السفينة الطويلة غورويث كرمير متعرثة يف بحر السلتيك. محركاتها تهدر وقد التف رشاع مبساحة قدم مربع وانطوى ساكنا عىل قمة الصواري. وتأرجح صارياها عىل صفحة األفق مثل بندول رسيع اإليقاع. وكنت قد انضممت إىل صف من البحارة الشاحبني الجامثني عىل درابزين السفينة يف مواجهة الريح. وتأرجحت كتلة من الزبد قليال أمام وجهي ثم انطوت مبتعدة مرة واحدة. وبحلول الوقت الذي تقيأت فيه للمرة الثالثة فوق جانب السفينة بدا يل"البحر النبيذي الداكن كام ورد يف شعر هومر شبيها متاما مثل حوض كبري من القيء. في البحر.. مع جوزيف كونراد وائل شعبو س ي رة موجزة"مبين ا التالزم م ا بني حياته و إابداعه.ويبني امل ؤولف اأن كونراد ولد ضمن عائل ة بولندي ة برجوازية لك ن ذلك مل مينع من ولدته عليل ال صح ة ومل يجتز ال سابعة م ن عم ره حتى اأ صب ح لطيما وعب ث القدر مع ه مرة اأخ رى فلم يعطه اإل سن وات اأربع ليعي شه ا يف كنف والد مثق ف ثائر ومرتجم ع ن الفرن سية فكانت ه ذه ال سن وات كفيلة يف ب ذر ح ب املعرفة وروح املغام رة فيه ثم ق ام خاله بتعه ده اإل اأن كون راد وما اإن بلغ ال سابع ة ع شرة حت ى عافت نف س ه املتمردة البق اء حت ت و صاية خال ه ال ذي ا ست شعر حاج ة تل ك ال روح للحري ة ف شجع ه عل ى اخلروج م ن ظله والرحي ل نحوما تتوق له نف سه من بحث ومغامرة متكفال إاعانته ماديا. وي ضيف غريفيث اأن كون راد أابحر عند اأول فر صة إاىل مر سيليا ويف هذه الرحلة البحرية جذبه عامل البحارة الطيبني اخل شنني وعامل الإبح ار املليء بالث ورة والطاقة واللهو مبا فيه من تنظي م وق سوة فعمل بح ارا متدربا يف ع دة سف ن اإل أان هذه الف ت رتة من حياته كمت درب وما حايثها من جت ارب يف تهريب ال س ل الح والتبط ل واملقام رة اخلا س رة بل والنتحار الفا شل مل تكن اإل مرحلة متهيدية للو ص ول بحياته اإىل انعطاف ة جديدة حني ح ص ل عل ى فر صة عم ل يف إاح دى ال سفن التجاري ة لالإمراطوري ة الريطاني ة فعلى الرغ م م ن ع دم معرفت ه الإنكليزي ة اإل اأنه ا ستطاع م ن خالل نهمه املعريف و شخ صيته العملي ة اأن يكت س ب اللغ ة الإنكليزي ة وطباع اأهله ا اجلدية ال صارم ة متدرجا يف الرت ب حت ى ب ات ربانا.ويو ض ح املوؤل ف اأن ال سف رات العاب رة للمحيط ات وف ت رتات ال سرتاح ة املطول ة بعد الرح ل البعي دة شكل ت اأمام كونراد فر صة لتجلي طاقاته الإبداعية فبعد سبع سن ي ني م ن بداي ة اإبحاره ا ستط اع وخ ل الل قراءات كث ي رة وحي ز جي د م ن التاأم ل والتفك ر أان ينجز اأوىل رواياته"حماق ة اأوملاير"وبع د اإنهائه ا كت ب م ستب ش را لإح دى الأر ستقراطي ات اللواتي ك ن يدعم ن الأدب والأدباء.."يوؤ سفن ي اأن أابلغك بوفاة ال سيد كا سر اأملاي ر يف الثالث ة من هذا ال صب اح انتهى الأمر.. كل اأولئ ك الأ شخا ص الذي ن تكلم وا يف اأذين وحتركوا أامام عيني اأ صبحوا جمرد جمهور م ن الأ شب اح.. يتال ش ى م ع شم س ه ذا النه ار ال ساطع اإمن ا الكئيب"وقد لقت هذه النطالق ة الأدبية ا ستح سان النقاد ما أاعطى لكون راد دفعا معنويا ب ل وماديا لال ستمرار يف الكتابة.وهك ذا تتال ت الروايات وتتاىل صداه ا اجلي د وم ا كان لكون راد اأن يعرف ب اأن روايت ه الأ شهر"قل ب الظالم" ستك ون ملهمة فيلم فرن سي س كوب ول الأهم"القيامة الآن"ال ذي انتقد فيه الإمريالي ة الأمريكية وحربها الأثيم ة يف فيتنام فهذه الرواية من اأهم روايات الأدب الكولونيايل التي ف ضحت فظاعة ال ستعمار الأوربي يف اأفريقيا والتي عاينه ا كونراد أاثناء ترحال ه يف هذه القارة وهو رغم انتمائه ال صلب لالإنكليز اإل اأنه هزاأ بكيبلنغ اأح د أاهم روائيي اإنكلرتا الذي دافع ع ن اأبن اء جلدته يف حربهم م ع الهولنديني عل ى اأر ض جن وب اأفريقي ا عندم ا رد عليه بقوله: اإن كن ت ساأ صدق كيبلنغ حني قال اأن هذه احل رب خي ضت من اأج ل الدميقراطية فهذا اأمر مثر لل ضحك.ويرى غريفث صاحب ال سرة أان الكتابة عند كونراد مل ت صبح فقط م ص در رزق ب ل واجب ا مفرو ض ا عليه من نف سه فجولته حول العامل وما عاين وعا ش من جتارب ل ميكن بالن سبة له اأن تبقى جمرد ذكريات ي سرت سلها أاثناء جل ساته وم سامراته بل يج ب اأن تكون ومب راآة عبقريته مرجعا معرفي ا جمالي ا يك ش ف للنا س جانب ا مهما من حقائق املرحل ة التاريخية التي عاي شها. ويب ي ني املوؤل ف اأن ه ذا الواج ب ا ستجل ب تبع ات كث ي رة على ج س د وعقل كون راد ملا كان يتحم ل م ن ضغ ط نف س ي يف ا ستيالد م ا تلقح يف نف سه من ح الت وفكر وم شاعر وذلك ما أاو صله اىل النهيار الع صبي ورمبا اجلن ون فق د ذك ر يف أاح د ر سائله:"اأعتقد اأن م ا اأنا فيه ي سمون ه اجلنون"لكنه جنون العبق ري اله اذي باأخيل ة ت ستك شف حقائق م ا يف عقل ه ويف احلي اة لدرج ة التماه ي م ع الأف كار وال شخ صيات الت ي يبدعها فقد كتبت زوجته اإىل نا ش ره بعد اإنتهاء كونراد م ن رواية"حت ت اأنظ ار غريبة"..الرواي ة اأ صبح ت جاه زة.. املخطوط ة موج ودة اأ سفل ال سرير وهو يعي ش ممتزجا بامل شاهد ويحاور ال شخ صيات حتى كونراد قال لأحد اأ صدقائ ه عن د نهاي ة رواي ة اأخرى"اأ شع ر كم ا لو اأين عدت من جهن م واأنظر اإىل حياة الأ شخا ص برعب".لقد اأ صبح كونراد ملهما للعدي د من كتاب الرواي ة الأنكلواأمريكية ما بعد الكولونيالية مث ل فوكرن.. همنغواي.. وول ف حت ى أان ت. س.اإليوت ب داأ ق صيدته النقدي ة الإن سانية"الرج ال اجلوف"باآخ ر كلم ات بطل"قل ب الظالم"الفظاع ة.. الفظاع ة.. فه ذه التجرب ة الأدبي ة الهام ة الت ي خلفها كونراد جاءت من ر ؤوية سيا سية اجتماعي ة ثاقب ة ا ستط اع به ا الك شف عن املنظومة احلقيقية التي ترمج وفقها ال سلطة الإن سان هذه الروؤية يلخ صها له غريفث:"اإن املثاليات واملعتق دات ل ت ستطيع اإنقاذ الفرد واملجتم ع لأن امل شاعر التي تتحك م بالب شر ه ي الأناني ة والهو س بال ذات وفوقهم ا الك ره املر ضي للحقيقة فم ا فتئت حتذيرات رئي س العمال يف رواية"نو سرتومو"ب ساأن مراع اة ال سلط ة الت ي ل ترح م للم صال ح املادي ة يف ال ش رق الأو س ط وكذل ك ك شف ه يف رواية"العمي ل ال سري"عدم قدرة الدول املتمدنة على فهم الإرهاب العنيف وحماربته ب شكل فع ال ماثلة اأمامنا.لق د اعتمد غريفث كات ب ه ذه ال س ي رة الت ي ترجمه ا للعربية توفي ق الأ سدي يف قراءته لهذا املبدع املنهج البني وي التكوين ي يف فه م حي اة كونراد واإبداع ه منطلق ا م ن الو ض ع الجتماع ي املوؤث ر نف سي ا وعقليا على اإبداع ات الكاتب وم ا م ر ب ه يف تربيت ه وزواج ه وعالقت ه ب اأولده واأ صدقائه اإ ضاف ة اإىل روح الع صر ال ذي كان يعي ش في ه ع ص ر الكولونياليات الأوروبية املتوح شة التي هاجمها يف معظم رواياته. مايا جاسانوف* ال شع ور بالبوؤ س يح ب الل وم. ولذلك ملت جوزي ف كونراد ال ذي جلبتن ي ق صته اإىل هن ا. وكان كونراد قد اأم ضى قب ل اأن ين شر روايت ه الأوىل يف الع ام 1895 نح و 20 عام ا يف العمل كتاجر بح ار غالبا على من ال سف ن امل ساف رة ويتن اول ن ص ف اأعمال ه الأدبي ة بالتم ام والكم ال -مب ا فيها"قل ب الظلمة"و ل ورد ج يم"و ال شريك ال سري - ق ص ص البح ارة وال سفن والبح ر. وتلوح ه ذه الأ شي اء يف اأف ق خرته ب ش كل كبر حتى اأنن ي عندما كنت اأج ري بحثي لو ضع كتاب عن حياة كونراد وزمنه شعرت باأن من ال ضروري اأن اأ سافر يف البحر أانا نف سي. كنت قد ع ب رت البحر م سبقا م ن ال صني اإىل اإجنل ت رتا على م ت ن سفينة حاوي ات عمالقة متعقب ة طريق ا تاريخي ا واإمن ا م ع ت رف الن وم يف سري ر كبر احلجم وم اء ساخن عل ى م دار ال ساع ة وكتلة هائلة م ن املعدن بحج م بناية"اإمباي ر ستيت"تف ص ل بين ي وب ي ني ال دوار الذي ي سب ب الغثي ان. لكنني كلما ق راأت اأكر عن كون راد اأدركت اأن علي رك وب سفينة طويل ة القامة مث ل تلك التي كان كون راد يعرفه ا اأك ث ر م ا يك ون واأن اأخت ب ر طرقها الفريدة يف التح رك والعمل والكالم. ال سفني ة ذات ال صاري ي ني كوروي ث كرمير الت ي يبل غ طوله ا 134 قدم ا م سجلة على أانها" سفين ة شراعي ة تعليمي ة وه ي توف ر التدري ب العمل ي لط ل الب الكليات يف املالح ة والبيئ ة البحري ة. وق د وف ر يل م شغلوها"جمعي ة التعلي م البحري"بك رم ركوب ا جماني ا م ن املحط ة الأوىل لرحلة"كوروي ث كرمير"ال صيفية على طول ساح ل الأطل سي يف اأوروبا م ن كورك اإىل بريتاين. بقويل"رحلة"ل اأق صد رحلة متعة. وبالن سبة لالثني ع شر طالبا النابهني الذين ركبوا معي يف ك ورك كان ه ذا مع سك را تدريبي ا على قارب عائ م. ومبوجب التعليم ات ال صبورة الت ي يقدمه ا ثالث ة ع شر م ن اأف راد الطاقم املحرتف ي ني انغم س الط ل الب يف ج دول زمن ي صارم على مدار ال ساع ة من واجبات ترجمة/ عالء الدين أبو زينة املراقب ة و ش د ورف ع احلب ال ون شر وطي الأ شرع ة وتنظي ف الأطب اق والأر ضيات. وكان وا يتعلمون عن احلبال متام ا كما فعل كونراد قبل 140 عاما. م ن ال صع ب التفك ي ر يف مه ارة اأق ل صل ة بالي وم م ن معرفة الف رق بني حب ل شراعك العلوي من حبل الزاوي ة الدنيا من ال شراع. واحلقيقة هي اأن ه ذه املهارات كانت ت صبح عتيق ة الط راز ويعف و عليه ا الزم ن حتى عندما ذهب كونراد اإىل البحر يف سبعينيات القرن التا س ع ع شر. كانت ال سف ن البخارية العابرة للمحيطات ه ي التي ت صنع الطريق اإىل امل ستقب ل: كان ت اأكر و أا س رع واأكر موثوقية. احتاج ت البواخ ر اإىل املهند س ي ني ب دل من صانعي الأ شرعة ورجال اإ شعال النار الذين يجرف ون الفح م إاىل املراج ل ولي س اإىل البح ارة اخلبرين ذوي راحات الأيدي التي اخ شو شن ت من ك ث رة م سك وط ي وتوجيه الأ شرع ة. ولأن البواخ ر كان ت له ا طاق ة شحن اأعلى بكثر م ن ال سفن ال شراعية فاإن العدد الكلي لل سفن الريطانية -والوظائف- هبط ت كله ا مع ا حت ى بينم ا كان حج م التجارة يتزايد. لكن كونراد توىل با ستمرار منا صب اأقل م ستوى من رتبته املعتمدة على طرق غر مريحة وباأجور رديئة. بحل ول بدايات الق رن الع شرين اأ صبح عدد البواخ ر يف وق ع دد ال سف ن ال شراعي ة يف البحار العليا وذهب"ع صر ال شراع"اإىل قاع الذاك رة مثل ج د ة حمبوبة. ون ش ر كونراد رثاء من نوع ما يف كتاب مقالت يدعى"مراآة البحر") 1906 (. وتطف و ال سفينة ال شراعية عل ى صفح ات ذلك الكت اب مثل شب ح عتيق ل خيوط العناك ب ولعاب ال شم س والذي ي ستمد"قوته من روح العامل ذاتها. لكن كون راد مل يكن ينطوي على جمرد حنني ف ارغ. كان ي درك اأن التق دم التقن ي مع كل فوائ ده التي ي ب ش ر بها اإمنا ياأت ي مع كلف اجتماعي ة واأخالقي ة. كان ت شغي ل سفين ة شراعي ة يعن ي امتالك"حرف ة. كان علي ك اأن تراق ب الطبيع ة وتف سره ا واأن تتكيف وتتفاع ل مع الظ روف سريع ة التغر واأن تطي ع بال سوؤال واأن تق رر بال شكوك واأن تكد بال توقف. وتنط وي هذه احلرفة ضمنا على اأكر من جم رد قب ضة من املهارات اإنها رمز لكيفية العي ش. اإنها تعني حتول سفينة مبح رة اإىل"زمال ة اإىل جمتم ع صاغت ه القيم امل شرتكة. يف املقاب ل اأ ص ر كون راد عل ى اأن"رك وب باخ رة حديث ة ح ول الع امل لي س ل ه نف س ميزة احلميمية مع الطبيعة. اإنه"ل ينطوي على حلظ ات عظيمة م ن الثق ة بالنف س اأو حلظات لي ست اأقل عظم ة من ال شك والبحث عن القلب. اإنه يفتقر اإىل"اخل صي صة الفنية ل صراعك وحيدا مع شيء اأكر منك بكثر. يف كل م رة يبداأ فيها كونراد ق صة عن سفينة شراعي ة ميكنك اأن تكون متيقنا من اأن شيئا م ا سوف يح دث خطاأ. وكان ت الأمور كذلك بالن سبة ل ه بالتاأكيد. يف الع ام 1890 حني كان م ن ي صب ح م ن الأ صع ب العث ور على وظيفة جي دة وق ع كونراد عق دا ملدة ثالث سن وات م ع شرك ة بلجيكية ليك ون قبطانا للق وارب البخاري ة يف نه ر الكونغو. وكان الأوروبي ون يف ذلك الوقت يعترون ال سفن البخاري ة حمركات للح ض ارة: اإنها الو سيلة الت ي فتح ت داخ ل أافريقي ا اأم ام املنتجات واملثل الغربية. لك ن كونغ راد سرع ان م ا اكت ش ف مبج رد و صوله الكونغو اأن خطاب احل ضارة والتقدم يخفي ان نظام ا ا ستعماري ا مو سوما مبطلق اجل ش ع والعنف املروع. وبع د رحلة واحدة فقط اإىل أاع ايل النهر ا ستق ال م شمئزا."كل شيء هنا طارد بالن سبة يل. النا س والأ شياء و إامنا النا س فوق كل ش يء. وعاد كونراد اإىل أاوروب ا يف قب ضة اكتئاب شبه انتحاري ومل يبح ر اأب دا يف نف س ذل ك الطري ق مرة أاخرى. أاع اد كونراد صياغة جتربت ه يف رواية"قلب الظ ل الم") 1899 ( الت ي ي ص ف فيه ا قبطان متقاعد شاريل مارل و رحلته اإىل أاعايل نهر يف أافريقي ا حت ى ي عيد وكي ل ال مارق ا ل شركة تعمل يف جتارة العاج. و شيئا ف شيئا ي سجل مارلو النفاق والعنف الذي بال معنى للن شاط الأوروبي. وعند إاح دى النقاط يف الطريق ي سم ع م ا يعتق د اأن ه صرخ ات ح رب م ن ال ضفاف لكنه يدرك بعدئذ اأنها عويل:"ل سبب ما مالأت نظ رة صغرة اإىل القارب البخاري اأولئ ك املتوح ش ي ني بح زن بال ح دود. كان ذلك لأنهم يعرف ون اأن القارب البخاري ي عر ي حقيقة اإخ ضاعهم. قرب نهاية الرحلة يتوقف مارلو يف كوخ اإىل جانب النهر ويكت شف م ن بني كل الأ شياء كتاب ا."كان ذلك ل قية غ ي ر غادية. كان عنوانه )بح ث يف بع ض خ صائ ص البح ارة( من تاألي ف رجل ا سم ه تاور تاو س ون -اأو ا سم من ه ذا القبيل- الأ ستاذ يف بحرية جاللته و كان يف ال ست ي ني م ن العمر" م ن بقاي ا الع ص ر الذهب ي لل شراع. وي ضي ع مارلو يف صفحات الكتاب كما لو اأنه يف"خمدع صداقة قدمي ة متين ة. لقد"جعلني اأن س ى الغابة وخل ق ذلك"الإح سا س اللذيذ ال ذي ي صنعه عث ورك على ش يء حقيقي بطريق ة ل ميكن إانكاره ا. ومل تك ن لذلك الكت اب الإر شادي اأهمي ة عملي ة بالن سب ة لبح ار يف الكونغو لكنه ذك ر مارلو ب شيء اأك ث ر اأ سا سية: اأخالق ال شراع التي كان ينا ضل من أاجل التم سك بها يف عامل ال سفن البخارية الوح شي. عندما كن ت اأ سر مرتنحة على دكك ال سفينة كوريث كرمير انقلب ت معدتي. ووجدت من ال صعب اأن اأثني على حما س كونراد لل سفينة ال شراعي ة. كان ت سفينت ي مقب ض ة رطبة مظلم ة و ضيق ة. واإىل جان ب ذل ك وبينم ا كان املحرك يزعق بال توقف مل تكن الأ شرعة ت أاخذن ا اإىل أاي م كان. كانت مياه البحر تزبد مثلم ا تظه ر الرغوة عل ى كوة اآل ة الغ سيل. رك زت اأنظ اري عل ى حب ات امل اء ال صدئ ة وهي تتجمع عل ى سقف سريري. وبناء على اأول ن صيح ة م ن زمي ل األ صق ت شيئا على العوار ض ليلتقط القطرات. ث م جاء اله دوء. توقف املحرك ع ن الزعيق. وا ستق رت عين اي وركبت اي ومعدت ي كلها يف نف س اجل س د الكام ل امل ستق ر. وعندما صعدت فوقا اإىل ال سط ح راأيت فريقا مفعما باحليوية من الطالب وهم يرفعون الأ شرعة. وم ضينا بعد ذلك بق وة الطبيعة والع ضالت وبف ضل حرفة ان صقلت على مر القرون. ترجل ت من"كوروي ث كرمير"وق د اأ صبحت اأعرف اأ شياء مل اأكن لأقدرها بغر ذلك. تعلمت اأن علي ك حت ى تظل عل ى امل س ار ال صحيح ف وق القمة اأن تراق ب الأفق اأكر مما تراقب البو صلة. تعلمت اأن الأ شرعة توازن ال سفينة اإىل ح د جع ل ال سف ن البخارية الت ي تقطع املحيط ات ت ستمر يف حمل اخل رق القما شية م ن اأج ل ال ستق رار بع د وق ت طوي ل من ا ستخدامها من اأج ل القوة الإ ضافية. تعلمت كيف اأجع ل نف سي ثابتة ع ن طريق التاأرجح مع حرك ة ال سفين ة مث ل املوائ د املائلة يف الرده ة والت ي كان ت تتاأرج ح بجموح مع حرك ة ال سفينة يف حني مل تتح رك الأطباق والأكواب من مكانها قيد اأمنلة. جعلن ي الإبح ار يف م سارات كون راد وعلى اأعقاب ه اأفك ر م ن جدي د يف فك رة التق دم والتق ادم. عندم ا اأ سم ع النا س يقول ون اإن كل ش يء ق د تغر ( أاو ينبغي ل ه( يف الع صر الرقم ي اأ صبح ت اأنظ ر إاىل املحي ط. اإن اقت صاد القرن احلادي والع شرين يعتمد اأكر من أاي وقت م ضى على ال سفن التي حتمل 90 يف املائ ة من التجارة العاملية. ويعني إار سال البيانات"اإىل الأثر"يف الع ادة اإر سالها عر الكوابل املمدودة على ق اع البحر متاما مثل التلغراف. يرين ا املحيط اأي ضا ح الت الإخفاق وحالت التقدم. اإنه امل كان حيث يغرق اآلف الالجئني وه م يحاولون الو ص ول اإىل الزده ار. إانه املكان حي ث تزدهر العبودي ة والقر صنة يف وجه القانون احلدي ث. اإنه املكان حيث تقوم الكيميائيات ال صناعي ة والبال ستيك بتلويث وتدمر النظم البيئية. وهو امل كان حيث يجعلنا الكوك ب ندفع مع ارتف اع م ستويات البح ر وبطريقة تتجاوز حت ى خيال كون راد نف س ه ثم ن احت ضاننا الوق ود الأحفوري بدل من الحتفاظ باملنافع طويلة الأجل لع صر ال شراع. *اأ ستاذة التاريخ يف جامعة هارفارد والتي ت ضع كتابا عن حياة وزمن جوزيف كونراد. عن / )نيويورك تاميز( عن جريدة الغد الردنية

8 15 14 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العدد ) 3623 (ال سنة الثالثة ع شرة - الأربعاء )13( ني سان 2016 العمي ل الس ري...رواية لجوزيف كونراد ترجمة احمد الزبيدي manarat WWW. almadasupplements.com ن ش رت الهيئة العامة لق ص ور الثقافة - م صر حت ت اإ ش راف ال ش اع ر رفع ت س ال م رئي س سل سل ة آافاق الرتجم ة )م شروع املئ ة كتاب( روايت ي ني مرتجمتني م ن الرواي ات العالمات يف اأدب م ا بع د ال ستعم ار الطري ف اأنه ا اأع ادت ن شر - اأول - رواية النيجري ت شنيوا اأت شيبي»الأ شياء تتداعى«ثم اأحلقتها برواية»قل ب الظالم"للروائ ي الإنكلي زي البولندي الأ ص ل جوزي ف كون راد برتجم ة جدي دة اأجنزه ا ال شاع ر واملرتجم مدحت ط ه وهو ال شيء نف سه الذي فعلته يف»الأ شياء تتداعى«الت ي ج اءت بتوقي ع الروائ ي واملرتج م عبدال سالم اإبرهي م يف سيا سة جديدة ت سعى اإليه ا ال سل سل ة م ن تق دمي ترجم ات كامل ة للن صو ص م ن لغاته ا الأ صلي ة ولي س من طريق و سي ط. يف الواقع اأن رواي ة اأت شيبي»الأ شياء تتداع ى«كانت الر د العملي ضد تلك الأقوال التي ترد دت يف داخل»قلب الظالم"عن الن ور الذي حتتاجه الق ارة الأفريقية وكذلك ع ن املدني ة املزيف ة الت ي حملها ر س ل العامل الأبي ض فت شيبي حم ل روايته ب كل ما ينفي مزاع م تل ك الإمريالي ة والتي اد ع ت بهتانا وزورا اأنه ا ج اءت بها اإىل الق ارة املوغلة يف الظ ل الم. فقد م ت شيبي - كم ا ذكرت من قبل يف مقال ة عن الأ شي اء تتداعى -»لوح ة كرنفالية للع ادات ال ش عبي ة واملعتق دات الأ سطوري ة واملناح ي الجتماعي ة الت ي تعمده ا قبيل ة الإيب و كت أاكيد له ذه الهوية الت ي سعت وفود التب ش ي ر والر ج ل الأبي ض لتفتيتها كما عمل م ن جان ب اآخ ر لعر ض الأباطيل كاف ة التي ساقه ا الر ج ل الأبي ض لعر ض مرراته يف ت سويق الحتالل«. حال ة التناق ض الت ي يب دو عليه ا موق ف كونراد من الإمريالي ة وامل نق سم بني راف ض لنتهاكاته ا وب ي ني موؤي د لدوافعه ا يف ذات الوقت مبعث ه اخللفية الطبقي ة التي أاتى منها كونراد حي ث العرق النبيل الذي ينتمي اإليه فق د اأ صب ح الأب امل حاف ظ املتحم س لوطن ه ثائرا قومي ا ضد الهيمنة الرو سي ة على بولندا أام ا الأم فه ي تنتمي بحكم موطنه ا إاىل عائلة بورف سك ي الإقطاعية. ه ذا التكوين كما يبدو م نق سم ا عل ى نف س ه فوف ق م ا يق ول تري اإيغلت ون يف كتاب ه )الأيديولوجي ا والنق د(»فقد اندجمت الأر ستقراطي ة ب صورة فع الة مع الطبقة الر و سي ة احلاكمة تاركة طبقة اأ شراف الأر ض م ن اأمث ال عائل ة بروف سك ي وعائلة كون راد اأي ضا تتد ب ر أامره ا يف التخل ص من الن ي ر الإمري ايل لق د كانت ه ذه الطبقة يف طموحه ا لال ستقالل القومي ويف افتقارها يف الوق ت نف س ه اإىل الهيمن ة الجتماعي ة ب سبب الإمريالي ة الرو سي ة م ت رتد دة يف احت ضان الو سيل ة الق صوى - اأي الثو رة - التي ميكنها م ن خالله ا فق ط حتقي ق ال ستق ل الل«. كانت ممدوح فر اج الن ابي "ق ل ب ال ظ ل الم" ل ج وزي ف ك ون راد... جريمة ب ال ح دود ه ذه اخللفية حا ض رة يف الرواي ة بل كانت عام ل ال مهما يف هذا التناق ض الذي تبدو عليه الرواي ة حي ث ال ش يء ونقي ض ه متحق ق ان داخلها فمثلما هو يدين هذا الغزو والحتالل من جانب اجلن س الأبي ض ويراه جرمية على ح د تعبره ف»احل صول عل ى ممتلكات الآخر ال ذي هو يف نظره كان سببا يف هذا الحتالل ب سب ب ظهوره م مبوق ف ال ضعي ف ميث ل جرمي ة ب ل ال ح دود«. اإل أان دفاع ه ل يلبث اأن يتح ول اإىل إادانة لهوؤلء ال سود الذين و صفهم باأو ص اف وح شية وقا سي ة واأن ضعفهم كان سببا لهذا ال ستغالل. حال ة التناق ض وا ضح ة اأي ض ا يف ص ورة الر سال ة الت ي كتبه ا اإىل صديق ه كانيتغه ام غراه ام )ع امل الجتم اع( يف شب اط 8 )فراير( رد ا على اإعجاب الأخر مبا مت ن شره م ن الر واية يف جملة»بالك وود«حيث ن شرت م سل سل ة يف اأع داد ) شب اط واآذار - مار س وني سان - اأبريل 1899( والتي جاء فيها»اأكاد اأط ي ر فرح ا فاأ ص ل اإىل ال سم اء ال سابعة لأن قل ب الظالم أاعجبتك حت ى الآن. إانك تباركني فع ل ال ولكن آامل يف األ تلعنني بعد ذلك لل سبب نف س ه بقيت حلقتان م ن الرواية الفكرة فيها مغلق ة يف مفاهيم ثانوية لدرجة أانك حتى أانت قد ل تلتقطها. واأي ض ا عليك اأن تتذكرين أانني ل اأب داأ بالفك رة املج ر دة إانني اأب داأ ب صورة حمد دة... حتى الآن تتفق النغمة مع معتقداتك - ولكن م اذا بعد «. ما الذي ميكن اأن ي فهم من مغ زى هذه الر سالة غ ي ر أان كونراد يف عمله اأك د فكرة راق ت للجمي ع اإل أانه غل فه ا بفكرة أاخرى مناق ضة للفكرة الظاهرية فكرة كونراد الظاهري ة ه ي نقمته عل ى الإمريالي ة لكن الفكرة الأكر عمقا هي تريره هذا الغزو ك أانه يقد م اله وة بني ال ستعمار كفكرة وال ستعمار كممار س ة: اأي فكرة نقل احل ضارة اإىل أافريقيا والنهو ض ب أاهلها من جان ب والواقع املزري للفكرة يف املمار سة م ن جانب اآخر كما تقول ر ضوى عا شور يف درا ستها عن الرواية )قلب الليل/ صيادو الذاكرة(. العجيب أان جوزيف كون راد قبل ن شر روايته م سل سلة يف جملة بالكوود اأر سل اإىل صاحبها قائ ل ال :»العن وان ال ذي أافك ر في ه ه و»قل ب الظالم«ولكن الرواية لي ست قامتة اإن الفكرة التي تكم ن وراء الن ص وتري ره هي جرمية غي اب الكف اءة والأنانية ال صرف ة يف العمل اجلاري يف أافريقيا من أاجل النهو ض بها ونقل احل ض ارة اإليه ا«. به ذا املعنى ميك ن اعتبار ن ص كون راد ض د ال ستعم ار اأو ك شف زيف الدع اءات ال ستعماري ة اأو حت ى التخل ص م ن الآث ار الكابو سي ة لرحلت ه اإىل الكونغو كم ا ت رى ر ض وى عا ش ور يف درا سته ا عن الرواية. عل ى م ست وى الن ص التناق ض حا ض ر من خ ل الل ر صد كون راد للف ضائ ح الت ي ارتكبها الرج ل الأبي ض حتى اأن البع ض من فظاعة املناظ ر الت ي سرده ا كون راد داخ ل روايته اأعل ن أان الرواي ة تدي ن الإمريالي ة كما فعل»اإي ان وات"بقول ه اأن قلب الظ ل الم واحدة من اأقوى الن صو ص التي تدي ن الإمريالية وقد جتل ى ه ذا يف و صف ه حال ة ال ص ور املرعبة الت ي كانت تبث ها ال س فين ة احلربي ة يف نفو س س كان القارة»كان ت ال س فين ة احلربية ت طلق الن ار على الق ارة باأكملها وه ي م نت صبة على امتداد الأر ض اخلاوية ت طل ق يف كل مكان يف ال س ماء ويف املياه لتبدو لغزا غام ضا وما كان من م سو غ ل سلوكها هذا«اجلملة الأخرة تظه ر إادانته الكاملة للفعل. وق د تاأخذ الإدانة شكال آاخر يتمثل يف العرتاف باأنهم»قد كانوا غ زاة وعندما تكون غازيا ف إان ما حتتاجه هو الق وة الهمجي ة ففط... لق د كان سلب ا مفعما بالق وة... ينتهي اإىل جرمية ب ل ال حدود«وقد يظه ر يف بع ض الأحي ان تعاطفه م ع هوؤلء ال س ود»فهم لي سوا اأع داء ولي سوا جمرمني ول ينتم ون بع د الآن اإىل اأبن اء الأر ض وما ه م اإل اأ شباح س ود جت س د املر ض واجلوع فينطرح ون يف مكان م ظلم ضارب اإىل العفن وق د جيء بهم من جميع اجله ات امل نعزلة عن ال س اح ل وفق ا لعقود اتف اق قانوني ة بكل ما تعني ه هذه الكلمة من معنى فتاهوا يف اأماكن غر مالئمة لطبيعته م وحاجياتهم ليتناولوا طعاما غر م أالوف ما سب ب لهم املر ض فغدوا غر صاحل ي ني للعم ل حينذاك سم ح لهم باأن يزحفوا بعيدا طلبا للرحمة«. لكن هذا التعاطف ل يلب ث اأن يتال شى مع ت صويره هوؤلء الب شر ب ص ور يف غاية الغرابة فهم ك»النمل«تارة وتارة أاخرى ي صفهم ب»هوؤلء املتوح شني«اأو ب»الزنوج املتوح ش ي ني«اأو»اأبال س ة الأر ض«اأو حت ى ب»ق وى الظالم"وق د ي ضف ي على طبيعته م ص ور م ق ز زة كما ي ت رتاءى يف هذه ال ص ورة»وواح د من ه ذه املخلوقات متكئ على يديه وقدميه واجت ه على أاطرافه الأربعة نح و النه ر لي ش رب فب داأ يلع ق امل اء بيده ثم جل س قبالة ال شم س عاقدا ساقي ه اأمامه وبعد وقت ق سر ت رك ر أا سه ال ص ويف يرتاخى ليتدىل على عظم ص دره«بل اإن الأر ض التي يعي شون عليها ل ت سلم فهي»لي ست كالأر ض«والرج ال»مل يكون وا ب ش را... لق د ولول وا وقف زوا كال ضف ادع وداروا ب سرع ة ح ول أانف سهم وظهروا بوجوههم الب شعة البغي ضة واأك ث ر ما كان قبيحا ه و التفكر يف طبيعتهم الب شري ة«ويف موته م ميوت ون كالذب اب. الو صف الوحيد الذي يخلو من العن صرية هو و صف املر أاة فقط. وم ع كل هذا فه ذه الأو صاف الت ي دلت على طبيع ة الزن وج يف املقاوم ة اأك دت رف ضه م ه ذا الرجل الأبي ض الذي مه د له يف ا ستهالل الرواي ة بقول ه:»فق د س ل ك جميع ه وؤلء ذلك املج رى املائ ي شاهرين سيوفه م ويف أاغلب الأحي ان م صابيحه م اإن ه م ر س ل الق وة م ن الياب سة حاملني قب سا من النار املقد سة«... الرواية يف خطها ال س ردي ت سرد أاجواء رحلة مارل و يف اأع ايل نه ر الكونغ و وه و ي سر خلف ص وت كورتز. وقد ج اءت ا سرت سالت مارل و يف احلكاي ة لت شي ب شعور م ا نحو ما فعله جن سه الأبي ض الذي ميثله يف هذه البالد ال سوداء ممث ال يف شخ صية كورتز الراأ سمايل كورت ز ال ذي كان ي س رق الع اج ب ل و ص ل ب ه الأم ر اإىل اأن يحي ط ق صره باأوت اد فوقها روؤو س ب شرية سود مف صولة ع ن اأج سادها لب ث الرعب واخل وف يف نفو س القبائل من ناحي ة وكن وع م ن التمائ م والتعاوي ذ من ناحي ة أاخرى. مارلو يف س رده ي خي ل لك باأنه يداف ع ع ن نف سه من ذ اقتحم هدوءه م فكاأنه يقف اأم ام حمكمة يدافع عن نف س ه:»لقد كنت اأجت و ل ب ل ال ه دف واأزعجك م اأثن اء عملك م واأ سبب لك م التاأخر وقمت باجتياح منازلكم وذلك لأنني كنت أاحمل ر سالة سماوية جلعلكم اأنا س ا متح ضري ن لقد كان ذلك وقت ا جميال ولكني سرعان ما شع رت بامللل بعد ا سرتاحة طويل ة وكان عل ي اأن اأبح ث بع د ذل ك ع ن سفين ة وكان ذلك براأي ي اأ صعب عمل قمت به ولك ن ال سف ن مل تعرين اأي اهتم ام وحتى اأنا نف س ي سئم ت اأي ضا من تلك اللعب ة«. لكن ما ال ذي عاد به من ه ذه الرحلة املنهكة اجلواب ل ش يء سوى ه ذه الكلمات الدال ة على عمق املا ساأة للجانب ي ني الأفريقي الذي يعي ش و سط ه ذه الأهوال والأوروبي الذي اأراد من رحلته ال ستغ ل الل فاأ صابت ه اللعن ة والرع ب والتي نطق بها كورتز»الرعب الرعب...!«. فكرة ال ستحواذ التي كانت ت سيطر على كورتز حت ى يف حلظ ات الحت ضار مل تف ارق ل سانه فرتد دت عل ى ل سانه عبارات مث ل )خطيبتي/ عاج ي/ حمطت ي/ نه ري/ ملكي( وق د تبدو فكرة النتقام متغلغلة يف وجدانه منذ اأن اأقدم اب ن شي خ القرية على قت ل فار سلف ي ني الر بان ال سابق بعد صراع ه مع الرجل العجوز. ف شل كون راد يف اأن يكون الإمري ايل الليرايل اأو حت ى يبي ض صفح ة ال ستعم ار التي ل تزال عواقبه ا حا ض رة يف تل ك البالد الت ي اد عوا زورا اأنه م يلقنوه ا املدني ة ومل تك ن سوى مدني ة ماك رة ل سل ب خراته م وقبله ا س ل ب ح رياتهم. عن اخبار الدب امل صري يف عام 1907 قرر جوزيف كونراد وبتحول مث ي ر وملفت لالنظ ار ان ينتقل م ن كتابة احلكايات عن البح ار والغابات اىل تاأليف رواي ة مل تعل ن ع ن ولدة جن س ادب ي جدي د م ن رواي ات اجلا سو سي ة املثرة فح سب ولكنه ا ستك ون مبثاب ة نب وءة يرتدد صداه ا ملا سي شه ده القرن احلادي والع شرين م ن نزاعات دولية وموجات ار هابية. وعل ى الرغ م م ن ان رواي ة )العمي ل ال سري(حظي ت با ستح س ان كب ي ر عن د صدوره ا فانه ا مل حتقق مبيع ات جيدة طيلة حياته لق د ك شفت الرواية عن الوجه القبي ح والكري ه للطبيع ة الب شري ة و امتزج ت ال ص ورة القبيح ة الطاغية على اغلب شخ صيات الرواية مع ا سلوب ال سرد الراق ي لتوؤل ف كتاب ا ش كل حتدي ا لعامة النا س ولك ن وعل ى ا سا س ه ذا اعرتف النق اد باهميتها وقد صنف ت جملة املكتبة املعا ص رة الرواي ة يف املرتب ة 46 لف ضل الرواي ات يف الق رن الع شرين ويوما بعد ي وم يتزاي د ع دد الق راء الذي ن يتفق ون معي ب ان الكتاب اف ضل م ن رائعة كونراد الخرى"قلب الظالم." تتح دث الرواية عن )ادولف فرلوك(وهو شخ ص انكلي زي بدي ن م ن ام فرن سي ة كان يعم ل مل دة 11 عام ا كجا سو س لبل د جمه ول ال س م وال ذي يب دو ان املق صود ه و رو سي ا وينخرط يف جماع ات ثورية وفو ضوية وطبق ا مللف ه الوظيفي فان ه مت زوج من ام راءة ا صغر سن ا منه تدعى )وين ي( الت ي تعي ش م ع امه ا واخيه ا امل صاب مبر ض التوحد ويك سب دخله من العمل يف مبيعات حمل سيئ ال سمعة يبيع املواد الباحي ة ومواد ممنوع ة. وب سبب الحب اط ال ذي سبب ه تنام ي خط ورة اجلماع ات الفو ضوي ة وال شرتاكي ة يف اج زاء م ن بريطانيا فقد ص درت الوامر اىل ف ي ر لوك من مراجع ه العليا بان يعالج مو ض وع املجموع ات الرهابية تق وم منظم ة )م ستقب ل الروليتاريا(بتفج ي ر مر صد غرينت ش ال صرح العلمي الريطاين الرائع وكان الهدف من ذلك احداث فو ضى كافي ة جلعل البل د يتخذ مواق ف مت شددة على ال صعيد العاملي. ولك ن ذلك النفج ار تكون له اث ار جانبية غرمتوقع ة تغ ر احلي اة املريح ة الت ي صنعها فرلوك لنف سه بالرغم من حماولته التاأث ي ر ب ش كل فع ال يف س ي ر التحقيقات التي جتريها ال سلط ات حول النفجار اما زوجت ه ويني فتقرر ان حتقق العدل بيدها ملواجه ة الطبيعة املتوح ش ة لزوجها على الرغ م م ن العواق ب الوخيمة الت ي كانت بانتظارها وعل ى الرغ م م ن ان الرواي ة تتطل ب بال ش ك جه دا لقراءتها فان)العمي ل ال سري( ه ي واحدة من اف ضل الروايات يف اململكة املتحدة فرغم كونها تركز ب شكل مثر حول مو ض وع التفجر على وج ه اخل صو ص ال ان كون راد ي ستك ش ف الطبيعة العابثة واملبتذل ة الكامن ة يف ال شر ويقودن ا اىل الركان والزواي ا املظلم ة املوج ودة يف قل وب الب ش ر والت ي ل تخ دم اي غر ض يف نهاية املط اف. وبالرغم من ان فرلوك يج ذب النتب اه اىل الفل سف ة الفو ضوي ة لتباعه ف ان الهج وم بح د ذات ه حيل ة سيا سية ولي س اعالنا ايديولوجيا وكان كونراد حذرا جدا يف عدم الوقوف بجانب اي م ن امل شارك ي ني املقرف ي ني واملثري ن لال شمئزاز يف تلك اللعبة املقرفة. ويف احلقيق ة ف ان كون راد يب دو مهتم ا اك ث ر بكث ي ر ب ش اأن الوق وع يف التط رف وال ذي يو صلن ا اليه التوظي ف ال سيا سي لل ش رور الب شرية وبا ستخدام ه ل سلوب بن اء احلبك ة يف الرواي ة بالتنق ل يف الح داث الزمنية ذهاب ا واياب ا مايجعل الق ارئ ي شعر بذات الغ ض ب وخيبة المل ال ذي يتملك شع ور ويني ح ي ني تغرق يف ظلماتها ن ستطي ع ان نرى انف سنا نقف اىل جانبها متام ا فال ضحاي ا يتوقون لبع ض من العدالة وهم يواجهون العيب اقدارهم الدنيئة. رئي س جمل س الإدارة رئي س التحرير رئي س التحرير التنفيذي علي ح سني الخراج الفني خالد خ ضري التدقيق اللغوي حممد حنون طبعت مبطابع م ؤ س سة املدى لالعالم والثقافة والفنون

9