يف هذا العدد سوريا: فر ص تعزيز حقوق ا إلن سان فى واقع يزداد قتامة 4 ال تتوقف التحديات التي تواجه حركة حقوق اإلنسان في سوريا عند طبيعة النظام االستبداد

النسخ

1 يف هذا العدد سوريا: فر ص تعزيز حقوق ا إلن سان فى واقع يزداد قتامة 4 ال تتوقف التحديات التي تواجه حركة حقوق اإلنسان في سوريا عند طبيعة النظام االستبدادي القمعي التي أصابت بالوهن احلياة السياسية والفعاليات املدنية فهنالك أيضا غياب الثقافة الدميقراطية وتأثيرات أمراض العمل السري واملشكالت الداخلية التي تعاني منها مؤسسات حقوق اإلنسان. وإدارة نقاش معمق وصريح حول هذه التحديات وفرص وإمكانات تخطيها من شأنه أن يفتح آفاقا أكثر رحابة لتعزيز دور املنظمات السورية. حقوق ا إلن سان فى العامل العربي فى مواجهة الهجوم امل ضاد! 6 املوجة الرابعة للتحول الدميقراطي فشلت في اجتياز املياه اإلقليمية للعالم العربي واستسلمت أمام القالع العربية احلصينة. ما هى مالمح انحسار املوجة الرابعة وكيف جنحت النظم العربية في التعاطي مع تفاعالت هذه املوجة التي انطلقت منذ تفجيرات سبتمبر 2001 وأية سيناريوهات سترسم مستقبل هذه املنطقة ذلك ما يحاول أن يجيب عليه بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة. اوسية س العدد 79 ي صدرها مركز القاهرة لدرا سات حقوق ا إلن سان CIHRS هيئة علمية م ستقلة العنوان شارع 9 ر ستم - جاردن سيتي- الدور العا شر شقة -50 القاهرة تليفون: فاك س: رئي س التحرير ع صام الدين حممد ح سن املراجعة اللغوية عثمان الدلنجاوي غالف وت صميم ه شام ال سيد املدير بهي الدين ح سن امل ست شار ا ألكادميي د. حممد ال سيد سعيد مدير الربامج معتز الفجريي 11 الثوابت واخلطوط احلمراء: ثقوب يف ثوب ا إل صالح املغربي املتابع ألوضاع الصحافة املغربية البد وأن يقر بأنها تعيش خالل العقد األخير وضعا أفضل مبا ال يقارن مع سنوات القمع السياسي. لكن ذلك ال يخفي بواعث القلق التي تزايدت مؤخرا من العودة إلى توظيف النصوص العقابية والقضاء في تقليص احلريات الصحفية واستهداف األقالم األكثر جرأة في جتاوز اخلطوط احلمراء. حرية العتقاد الديني ل ينبغي أان تغتال با سم ال شريعة ا إل سالمية 13 ال يجوز حرمان املتحولني عن اإلسالم أو الذين اختاروا معتقدا دينيا غير معترف به من إظهار معتقدهم الفعلي في األوراق الرسمية. وال يستند إكراه أولئك األشخاص على أن يدونوا بهذه األوراق بيانات تخالف رغباتهم املعلنة إلى أي قانون مصري وال يجوز التذرع في ذلك مبقتضيات الشريعة اإلسالمية. حق ال شعب التون سي أان يتطلع اإىل جمهورية ثانية وعقد اجتماعي 14 خمسون عاما على جمهورية بورقيبة و 20 عاما من حكم زين العابدين بن علي ال متنع من التطلع إلعالن جمهورية ثانية تتأسس على الشراكة في السلطة والتداول عليها وإعالء دولة القانون واملؤسسات وإحداث قطيعة مع أساليب اجلمهورية األولى التي كرست نظام احلزب الواحد وتوظيف كل أشكال اإلكراه والتزوير لصاحله في مقابل تقويض أية مظاهر للتعددية. ذلك ما يتناوله الكاتب التونسي احلبيب احلمدوني. امللك فاروق: اإن صاف حلقبة عمد نظام يوليو اإىل ت شويهها 16 ملاذا حظى مسلسل امللك فاروق بأكبر شعبية جماهيرية هل هو تعاطف وحنني للملكية وعهدها أم هو تعبير عن سخط املصريني على نظام يوليو الذي يعد النظام احلالي امتدادا تاريخيا له أسئلة طرحت على مؤلفة العمل الدرامي وعدد من الكتاب والباحثني في التاريخ. العدد 79 دي سمرب 2007

2 العدد 79 دي سمرب 2007

3 فلتتناغم اجلهود فى مواجهة خمطط خنق املجتمع املدين حق املواطنن يف تكوين اجلمعيات ا ألهلية هو فرع من حرية الجتماع ويتعن أان يتمخ ض عن ت صرف اإرادي حر ل تتدخل فيه اجلهة ا إلدارية وي ستقل عنها. بتلك العبارات أعلنت احملكمة الدستورية العليا انحيازها الصريح حلق اجلمعيات األهلية في ممارسة أنشطتها بحرية وباستقالل بعيدا عن أشكال الوصاية والهيمنة التي متارسها احلكومة على العمل األهلي عبر سلسلة من التشريعات املتتالية التي ظلت وال تزال- متارس دورها املقيت في محاصرة العمل األهلي وتفتح مجاال واسعا للتدخالت التعسفية من قبل احلكومة ليس فقط في الترخيص بإنشاء اجلمعيات بل في سلب اختصاصات أعضاء أي جمعية وصالحيات مؤسسيها وهيئاتها املنتخبة سواء في وضع نظامها األساسي أو تعديله أو في طرائق إدارة عملها اليومي ونظام عقد اجتماعات هيئاتها القيادية وقواعد انتخاب تلك الهيئات وحق اجلمعية العمومية في اختيار من تراه لعضوية هذه الهيئات بل وحق هذه اجلمعيات في الدخول في ائتالفات أو احتادات أو شبكات سواء على املستوى الوطني أو على املستويني اإلقليمي والدولي فضال عن التحكم في الترخيص لهذه اجلمعيات وفي جمع التبرعات أو احلصول على منح خارجية تدعم مشروعاتها وأنشطتها ناهيك عن إطالق يدها في حل أي جمعية أو حل مجلس إدارتها أو جتميد بعض أنشطتها دون أن تتاح الفرصة ألعضاء اجلمعية في تصحيح األوضاع التي تدفع بجهة اإلدارة إلى مثل هذه التدخالت الفجة التي تؤول إلى املوت البدني للجمعية مبا ينطوي عليه مثل هذا اإلجراء من عقاب جماعي ألعضاء اجلمعية وكل املستفيدين من رسالتها. كان ذلك حال القانون رقم 153 لسنة 1999 الذي قضت احملكمة الدستورية العليا ببطالنه في غضون أشهر قالئل من صدوره وقد خاضت منظمات حقوق اإلنسان وعدد من اجلمعيات األهلية معارك ضارية في مواجهته عصام الدين محمد حسن على مدى عامني اشتبكت خاللها مع املسودات املتتالية للمشروع وفضحت مرامي املشروع وأوجه العوار الدستوري الذي تعتريه مثلما فضحت أيضا محاوالت احلكومة لإليحاء بأن القانون جرى صياغته بصورة دميقراطية في إطار من احلوار والشراكة مع مؤسسات املجتمع املدني خاصة بعد أن انتقت وزارة الشئون االجتماعية في ذلك الوقت عددا من رموز العمل األهلي وضمتهم إلى جلنة وهمية للصياغة باعتبارهم ممثلني ملؤسسات املجتمع املدني ثم قدمت احلكومة مشروعا آخر للبرملان! ومع ذلك فإن القانون احلالي رقم 84 لسنة 2002 والذي حل محل القانون 153 لسنة 1999 جاء نسخة طبق األصل من القانون ذاته الذي أبطلته احملكمة الدستورية العليا. التعديالت تتجه اإىل ا أل سو أا: لقد كانت وال تزال- منظمات حقوق اإلنسان تسعى وتتطلع إلى تشريع جديد يعزز حرية العمل األهلي واستقالليته في ضوء املعايير الدولية املتعارف عليها في املجتمعات الدميقراطية وفي ضوء املبادئ واملعايير التي شارك في وضعها وصياغتها نشطاء املجتمع املدني سواء على املستوى اإلقليمي أو في مصر أو حتى باحترام نصوص الدستور املصري الذي لم يضع حظرا على حرية إنشاء وتأسيس اجلمعيات سوى تلك التي يكون نشاطها معاديا لنظام املجتمع أو سريا أو ذات طابع عسكري. ودعت هذه املنظمات مرارا إلى االحتكام إلى مواد القانون املدني التي أجهزت عليها حقبة يوليو واستعاضت عنها بسلسلة القوانني املشبوهة ابتداء من القانون 32 لسنة 1964 ووصوال إلى القانون احلالي وجميعها يكرس فلسفة الوصاية والهيمنة واإلحلاق مبؤسسات املجتمع املدني بأجهزة السلطة التنفيذية. واآلن فإن احلكومة تتجه إلى تعديل القانون احلالي وبنوايا معلنة إلحكام اخلناق على هامش احلرية احملدود الذي تتحرك فيه مؤسسات املجتمع املدني سواء في إطار القانون أو حتى بااللتفاف على بعض أحكامه بالغة التعسف. نقول ذلك ليس فقط من خالل املعلومات احملدودة التي تتسرب حول التعديالت املقترحة وليس فقط ألن احلكومة قد ارتأت هذه املرة أن تتحرر متاما من ذلك السيناريو الهزلي الذي أدارت به مسرحية الشراكة مع مؤسسات املجتمع املدني في إعداد قانونها رقم 153 لسنة 1999 واكتفت هذه املرة بزعمها مشاركة بعض قيادات املجتمع املدني فيما تسميه ب جلنة احلكماء. فاألهم من ذلك أن الشروع في تعديل القانون يأتي وسط أجواء لم يعد خافيا فيها على أحد أن احلكومة تتجه وبصورة حازمة نحو اإلجهاز بصورة كلية على مختلف أشكال احلراك السياسي واملجتمعي مدعومة في ذلك باستمرار االختالل الفادح في موازين القوى لصاحلها في الداخل في مواجهة القوى املتطلعة للدميقراطية واحلرية واإلصالح من جانب ويقترن بذلك من جانب آخر بتراجع للضغوط اخلارجية التي انطلقت بدعاوى مقرطة العالم العربي وباسم محاربة اإلرهاب. وقد جتلت هذه اإلرادة السياسية لالنقضاض على هوامش احلرية جتسيدها خالل العامني األخيرين في الصدام مع اجلماعة القضائية وناديهم والتوسع في استخدام قانون الطوارئ وقانون األحكام العسكرية في مالحقة اخلصوم وتقدميهم للقضاء العسكري االستثنائي وفي اإلجهاز على الضمانات الدستورية للحرية واألمان الشخصي والضمانات التي حتمي حرمة املنازل واحلياة اخلاصة وضمانات احملاكمة العادلة واملثول أمام القضاء الطبيعي عبر التعديالت الدستورية األخيرة وفي التنكيل بالصحافة احلزبية واخلاصة عبر سلسلة متالحقة من أحكام احلبس لم تعرفها مصر من قبل وطالت في غضون شهر واحد تقريبا خمسة من رؤساء حترير تلك الصحف والعديد من الصحفيني العدد 79 دي سمرب 2007

4 فضال على رئيس حزب معارض بسبب ما نشرته صحيفته. وفي اإلطار ذاته أجهزت احلكومة في غضون الشهور القليلة املاضية على مؤسستني حقوقيتني بارزتني وهى دار اخلدمات النقابية والعمالية التي تأسست قبل نحو 17 عاما وجمعية املساعدة القانونية حلقوق اإلنسان التي تأسست عام وإذا انتقلنا إلى ما هو متاح من معلومات بشأن التعديالت التي تنوي احلكومة إدخالها على القانون احلالي يبدو واضحا للعيان أن التعديالت تبقي بصورة كاملة على مختلف النصوص التي تكرس الهيمنة على العمل األهلي ولكنها تضيف إلى ذلك: 1- نزعة أكثر تشددا جتاه أية أشكال للتنظيم القانوني للجمعيات أو املنظمات غير احلكومية التي ال تنضوي حتت مظلة قانون اجلمعيات وهو ما يشير بوجه خاص إلى املنظمات التي نشأت كشركات غير هادفة للربح سواء كانت شركات للمحاماة أو للبحوث أو لالستشارات أو الصحة أو غيرها حيث تتجه النية في التعديالت املقترحة إلى أن أي جماعة يدخل في أغراضها نشاط اجلمعيات يتعني عليها توفيق أوضاعها في إطار قانون اجلمعيات حتى لو اتخذت شكال قانونيا آخر وإال اعتبرت منحلة بقوة القانون. ويضيف التعديل املقترح هنا وميتنع على أي جهة تسجيل هذا الكيان وحل املسجل منها. 2- ال تكتفي التعديالت املقترحة باإلبقاء على نظام الترخيص املشروط في إنشاء اجلمعيات وما يقترن به من قيود إجرائية وتعسفية بل إن هناك توجها أكثر تعسفا وذلك بالتخفف من التزام احلكومة طبقا للقانون احلالي- بقيد اجلمعية في السجل اخلاص بالقيد حتى لو كان لديها اعتراض على النظام األساسي أو بعض مؤسسي اجلمعية. 3- النزوع إلى تقليص حق اجلمعيات في اختيار مجاالت عملها وحصرها في ثالثة ميادين فقط بل وقيد حق املؤسسات األهلية في إدراج األنشطة في نظامها األساسي مبدى تناسب حجم املال املخصص لهذه املؤسسة مع هذه األنشطة وهو ما يضفي صعوبات مستقبلية على إمكانية تعديل نظامها األساسي وإدراج أنشطة إضافية إذا ما جنحت في تدبير املوارد الالزمة لها. 4- التلويح باستدعاء بعض مواد القانون 32 لسنة 1964 سيئ السمعة التي تفاخرت احلكومة من قبل باستبعادها في القانون احلالي من قبيل حظر إنشاء جمعيات بعينها إذا كانت هنالك جمعيات قائمة في النطاق اجلغرافي ذاته تقوم بأنشطة مماثلة ملا تعتزم اجلمعيات اجلديدة إدراجه من أنشطة في نظامها األساسي. 5- ال تكتفي التعديالت باإلبقاء على صالحيات احلكومة التدخل الواسع في تفاصيل العمل اليومي للجمعيات بل متنح صالحيات إضافية لالحتاد العام للجمعيات حتوله ألن يكون ممثل احلكومة ورقيبها في عدد من اإلجراءات التي يتعني مبوجب التعديالت أخذ رأيه فيها بل ألزمت اجلمعيات بأن تفيد االحتاد بالقرارات التي تصدر عن مجلس اإلدارة أو اجلمعية العمومية. 6- تضيف التعديالت مداخل أكثر تنوعا حملاصرة اجلمعية بعقوبات إضافية تصل إلى إيقاف النشاط وحرمان أعضاء مجلس اإلدارة من الترشيح لدورتني متتاليتني وذلك إذا ما امتنعت اجلمعية عن متكني جهة اإلدارة مبراجعتها وإذا انتقلت إلى مقر جديد من دون أن تخطر اإلدارة. 7- تفتح التعديالت بابا واسعا الختراق اجلمعيات وإغراقها بعضويات ميكن أن تلعب دورا مناوئا لرسالة اجلمعية أو لصالح أجهزة األمن مستفيدة من خبرات احلكومة التونسية في تقويض املنظمات املستقلة من داخلها وذلك من خالل حظر األخذ بنظام العضوية املغلقة في أي جمعية. ما العمل ندرك أنه حتى في أكثر التحليالت تفاؤال فإن الفرصة غير سانحة باملرة إلحداث قطيعة حقيقية مع فلسفة الهيمنة واإلحلاق التي كرستها قوانني اجلمعيات املتالحقة. وفي أحسن األحوال فإن منظمات حقوق اإلنسان والقوى املتطلعة لتعزيز دور املجتمع املدني ينبغي أن تعمل معا لقطع الطريق على مزيد من الوصاية والهيمنة على مقادير العمل األهلي دون تكريس فلسفتها والترويج لها. كما ينبغي التخفف من األوهام التي قد تبدد طاقات الكثيرين في ممارسة نوع من الضغوط حلفز وزارة التضامن االجتماعي على إدارة حوار أو الدخول في نوع من الشراكة الزائفة حول تعديل القانون لن تقود عمليا إال إلى إضفاء املشروعية على املخطط احلكومي لتطويق العمل األهلي على النحو الذي جرى خالل احلوار حول تعديل املادة 76 عام 2005 وصوال إلى التعديالت الدستورية األخيرة والتي انتهى احلوار حولها إلى اعتماد ما سبق طبخه مع جتميله بتقدميه باعتباره نتاجا حلوار وطني. ولذا رمبا يكون من صالح املجتمع املدني وكذلك الشخصيات -التي حتاول من خاللها احلكومة أن توحي للرأي العام بأن املجتمع املدني يشارك في وضع التعديالت- أن يبادروا باالنسحاب من تلك اللجنة املزعومة وأن يعلنوا صراحة للرأي العام موقفهم من اجلرمية التي يخطط لها باسمهم داخل الغرف املغلقة على النحو نفسه الذي سبق متريره في قانون اجلمعيات األهلية 153 لعام 1999 وكذلك في التعديالت البائسة التي أدخلتها احلكومة على قانون األحزاب قبل أكثر من عامني وادعت أنها نتيجة حلوار أحزاب املعارضة مع احلزب احلاكم. إن فرص درء املخاطر احملدقة بالعمل األهلي أو قطع الطريق على بعضها يقتضي التمسك الصارم أكثر من أي وقت مضى باألسس واملبادئ التي تكفل حرية العمل األهلي واستقالليته والتمسك باملعايير الدولية املتعارف عليها في املجتمعات الدميقراطية لضمان حرية تكوين اجلمعيات وهو ما يقتضي بالدرجة األولى فضح الفلسفة واألسس التي يقوم عليها القانون برمته مبا في ذلك التعديالت التي تعتزم احلكومة إدخالها على هذا القانون. كما أن التخلي عن املعايير الدولية حلرية التعبير واحلق في التجمع وفي تكوين منظمات غير حكومية ال يفيد إال في املساهمة في تعبيد الطريق أمام مشروع قانون خلنق املجتمع املدني. إن املستفيد الوحيد من حسن النوايا والطوايا في هذه املناسبات هم الذين أنهوا مشروعهم خلنق منظمات املجتمع املدني ويبحثون فقط عن الوقت املناسب لتمريره وسط زفة دميقراطية زائفة. إن منظمات املجتمع املدني ال تبدأ من فراغ فعبر سنوات طويلة من العمل املتواصل في مواجهة القيود القانونية على العمل األهلي جنحت في بلورة األسس واملبادئ التي تؤمن استقاللية العمل األهلي ودميقراطيته ولديها من الدراسات القانونية ما يكفي فضال على مشروع قانون بديل للجمعيات األهلية سبق أن تبناه بعض أعضاء البرملان. إن إحداث قطيعة مع الفلسفة التي تكرس الهيمنة على القطاع األهلي هى معركة طويلة األمد متليها مسئوليات الدفاع عن احلريات وحقوق اإلنسان وبينها حق تكوين اجلمعيات وفقا لألسس واملعايير العاملية. فلتكثف منظمات املجتمع املدني جهودها من أجل فضح املؤامرة التشريعية اجلديدة على أوسع نطاق ولتسعى لكسب قطاعات أوسع من الرأي العام داخل القوى واألحزاب السياسية مبا في ذلك احلزب احلاكم- ومن بني صفوف البرملانيني واملنابر اإلعالمية املستقلة واملعارضة واحلكومية. ولتسعى أيضا الستثمار مختلف اآلليات الدولية واإلقليمية املتاحة في البرهنة على استخفاف احلكومة بااللتزامات واملعايير الدولية التي تزعم القبول بها ولتسعى إلى حفز مزيد من تضامن املنظمات الدولية واملجتمع املدني العاملي في التصدي لتلك الهجمة. *اعتمد هذا املقال كورقة موقف باسم مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان. العدد 79 دي سمرب 2007

5 أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز مرك ز القاه رة يح صل على جائزة اجلمهورية الفرن سية حلقوق ا إلن سان اخلارجية الفرن سية توجه انتقادات حادة للحكومة امل صرية فاز مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان بجائزة اجلمهورية الفرنسية حلقوق اإلنسان لعام 2007 وقد أعلنت نتيجة اجلائزة التي حصل عليها املركز تقديرا لألنشطة التي يقوم بها املركز في مجال تعزيز حريات الرأي والتعبير وحوار الثقافات. تسلم اجلائزة بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة في احتفالية خاصة نظمتها احلكومة مبقر وزارة اخلارجية الفرنسية في العاشر من ديسمبر الذي يوافق الذكرى التاسعة واخلمسني لصدور اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان. خالل االحتفال وجهت راما ياد وزيرة الشئون اخلارجية الفرنسية نقد ا صريح ا لقيام احلكومة املصرية بإغالق دار اخلدمات النقابية والعمالية التي حازت جائزة اجلمهورية الفرنسية حلقوق اإلنسان عام 1999 وصدور حكم بسجن منسقها كمال عباس. قالت راما وهي مسلمة من السنغال إنه ملن دواعي األسف أنه قد جرى اضطهاد عدد من الذين كرمتهم اجلائزة من قبل. وضربت أمثلة لذلك من مصر وإيران ذاكرة أسماء املنظمات واألشخاص الذين تعرضوا لالضطهاد. وقالت إن الصمت هو أكبر حليف لالضطهاد.. وفرنسا لن تصمت ولن تنسى من كرمتهم وستواصل التدخل لدى حكوماتهم من أجل رفع الظلم عنهم. مضيفة أن فرنسا عليها مسئوليات خاصة ألن اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان ولد في باريس وجرى التوقيع عليه هنا. ونوهت الوزيرة بتمكن راجي الصوراني مدير املركز الفلسطيني حلقوق اإلنسان )غزة( من حضور االحتفال. وكانت إسرائيل قد فرضت على راجي قيود ا متنعه من مغادرة غزة حلضور أي اجتماعات عربية أو دولية في أي مكان وتدخلت فرنسا وحصلت على تعهد إسرائيلي بالسماح له بالعودة إلى غزة. وكان قد جرى خروج راجي من غزة إلى األردن في السيارة الدبلوماسية اخلاصة بالقنصل الفرنسي الذي رافقه حتى عبوره احلواجز اإلسرائيلية ووصوله نقاط األمن األردنية. أعلنت راما أن فرنسا ستمنح خالل الفترة املقبلة اهتماما أكبر بحقوق اإلنسان خاصة أن العام املقبل هو عام احتفاالت الذكرى الستني لإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان كما أن فرنسا ستتولى رئاسة املفوضية األوروبية في يوليو املقبل. وقد أثنى بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة على كلمة الوزيرة الفرنسية كما حي ا شجاعة التصريحات التي كانت قد أدلت بها صباح يوم االحتفال وانتقدت فيها زيارة الرئيس الليبي لفرنسا في اليوم العاملي حلقوق اإلنسان محاوال في ذلك أن يغسل يديه من دماء ضحاياه! قال بهي للوزيرة لقد كنت في ذلك تتحدثني باسم السجناء السياسيني في ليبيا وأعرب بهي عن تطلعه إلى أن يكون هذا التصريح بداية إلدماج حقوق اإلنسان في السياسة اخلارجية الفرنسية. وقد اهتم عدد من الصحف والقنوات التليفزيونية الفرنسية في تغطيتها لالحتفالية بإبراز تعليق بهي على كلمة الوزيرة. أضاف بهي في كلمته خالل هذا االحتفال: إنه لشرف كبير أن يتسلم اجلائزة من البلد الذي شهد ميالد مبادئ احلرية واملساواة واإلخاء ثم اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان. ذلك البلد الذي كان من 75 عام ا ملجأ ملؤسسي أول منظمة مصرية حلقوق اإلنسان الذين هربوا حينذاك من اضطهاد حكومة إسماعيل صدقي املتعاونة مع االحتالل البريطاني. كان على رأس املؤسسيني املفكر محمود عزمي. وأكد بهي أنه من املفارقات املدهشة في هذا السياق أن تقوم احلكومة املصرية عام 2007 بإغالق منظمتني حلقوق اإلنسان إحداهما هي دار اخلدمات النقابية والعمالية التي حازت جائزة اجلمهورية الفرنسية حلقوق اإلنسان عام كان جويل تروفال رئيس اللجنة القومية الفرنسية حلقوق اإلنسان الذي افتتح االحتفال قد انتقد أيض ا في كلمته حترش احلكومة املصرية بدار اخلدمات النقابية والعمالية ومنسقها كمال عباس. وقال إن اللجنة ستنشر خالل عام 2008 كتاب ا بعنوان يجب أال ننسى عن أنشطة املنظمات التي حصلت على اجلائزة وإن الكتاب سيضم أيض ا معلومات من السفارات عن العوائق التي تعرضت لها بعض هذه املنظمات. جدير بالذكر أن جلنة التحكيم اخلاصة باجلائزة - التي تأسست عام كانت قد تلقت هذا العام 119 ترشيح ا من 50 دولة اختارت من بينها مركز القاهرة ومنظمات من الصني وبيال روسيا وهاييتي وبنني. مركز القاهرة ي شارك فى ت أ ا سي س شبكة دولية لتفعيل دور املنظمات غري احلكومية فى جمل س حقوق ا إلن سان شهدت العاصمة البرازيلية ساوباولو اإلعالن الرسمي عن تأسيس شبكة مجلس حقوق اإلنسان وهى الشبكة التي شارك في تأسيسها مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان بالتعاون مع عدد من املنظمات الدولية واإلقليمية. ويستهدف تأسيس هذه الشبكة تيسير التعاون والتنسيق فيما بني املنظمات غير احلكومية داخل مجلس حقوق اإلنسان باألمم املتحدة. وتضم اللجنة التوجيهية للشبكة -إلى جانب مركز القاهرة- املنظمات الدولية واإلقليمية التالية: مبادرة حقوق اإلنسان بالكومنولث دائرة حقوق اإلنسان مشروع االئتالف الدميقراطي منتدى آسيا مراقبة حقوق اإلنسان معهد املجتمع املفتوح ومؤسسة اخلدمة الدولية حلقوق اإلنسان. جاء ذلك خالل االجتماعات التي شهدتها العاصمة البرازيلية يومي الثاني والثالث من نوفمبر برعاية منظمتي كونيكتاس ومؤسسة اخلدمة الدولية حلقوق اإلنسان وبحضور 30 منظمة غير حكومية من مختلف مناطق العالم. وهى االجتماعات التي استهدفت تقييم مشاركة املنظمات غير احلكومية في فعاليات وآليات مجلس حقوق اإلنسان باألمم املتحدة خالل عامي والتخطيط لعام وقد أدار مركز القاهرة خالل هذه االجتماعات ورشة تفكير حول سبل تفعيل مشاركة املنظمات غير احلكومية من دول اجلنوب. جدير بالذكر أيضا أن مركز القاهرة كان قد شارك في اجتماع على مستوى اخلبراء في أواخر أكتوبر املاضي بالعاصمة األملانية برلني للنظر في اآلفاق املستقبلية ملجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم املتحدة وسبل تفعيل الهياكل املستحدثة باملجلس األممي. وقد تقدم مركز القاهرة خالل االجتماعات مبداخلتني رئيسيتني: األولى حول تقييم التحالفات االستراتيجية بني الدول األعضاء باملجلس األممي والثانية حول مشاركة املنظمات غير احلكومية واملؤسسات الوطنية حلقوق اإلنسان واملجاالت االستراتيجية ألنشطتها داخل مجلس حقوق اإلنسان. أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار املركز أخبار أخبار املركز أخبار العدد 79 دي سمرب 2007

6 فرص تعزيز حقوق اإلنسان في واقع يزداد قتامة حتت عنوان اآلليات الدولية واإلقليمية للدفاع عن حقوق اإلنسان والصعوبات والتحديات أمام حركة حقوق اإلنسان في سوريا. شهدت القاهرة في الفترة من 4-2 نوفمبر 2007 مداوالت ورشة العمل التدريبية التي نظمتها الفيدرالية الدولية حلقوق اإلنسان وذلك بالتعاون مع مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان واملنظمة املصرية حلقوق اإلنسان. شارك في أعمال الورشة لفيف من نشطاء حقوق اإلنسان في سوريا وعدد من اخلبراء العرب واألجانب. استهدفت أعمال الورشة هدفني أساسيني: ا ألول: إثارة نقاش معمق وصريح حول وضع حركة حقوق اإلنسان في سوريا والوقوف على التحديات واملشكالت األساسية التي تواجهها في عملها وبحث فرص وإمكانيات جتاوز تلك املشكالت والتحديات. الثاين: متكني املنظمات السورية ونشطائها من التعرف بصورة أكبر على اآلليات األساسية حلماية حقوق اإلنسان من خالل األمم املتحدة وأجهزتها وكذلك اآلليات املتاحة من خالل االحتاد األوروبي واتفاقيات الشراكة األورومتوسطية. وقد استهلت الورشة أعمالها ببحث تأثير التطورات اإلقليمية والدولية على وضع حقوق اإلنسان في العالم العربي والتي حتدث خاللها بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة مؤكدا أن العالم العربي يشهد بصفة عامة وبشكل خاص خالل العامني األخيرين حالة تراجع وانحسار ما اصطلح على تسميته باملوجة الرابعة للتحول الدميقراطي التي بدأت من بعد تفجيرات احلادي عشر من سبتمبر مشيرا أنه على الرغم مما أتاحته الضغوط اخلارجية واحلراك الداخلي من فرص النتزاع بعض املكتسبات احملدودة للغاية واملتفاوتة من بلد آلخر فإن آمال التحول الدميقراطي سرعان ما انتكست وبدأت في االنحسار في الوقت الذي انطلق فيه الهجوم املضاد من جانب نظم االستبداد لتقويض هامش احلريات في عدد غير قليل من البلدان العربية وفي مقدمتها مصر والبحرين وتونس وسوريا. والحظ بهي في هذا السياق تراجع ديناميكية حركات التغيير في العالم العربي وانتقالها إلى وضع دفاعي وتعاظم قوى اإلرهاب بصورة تفوق ما كانت عليه قبل تفجيرات 11 سبتمبر وتغلغله في مناطق جديدة مثل املغرب وعودته إلى مناطق كان قد انحسر عنها مثل مصر واجلزائر وأشار كذلك إلى تزايد املخاوف من حتول بعض البلدان إلى ساحة لالقتتال الداخلي واحلروب األهلية وذلك في ظل تصاعد التوترات والعنف الذي يكتسي طابعا طائفيا أو دينيا أو مذهبيا وتصاعد دور امليلشيات املسلحة والتي متزج في عملها بني أجندات ذات طابع عشائري وطائفي وسياسي. والحظ بهي أن الهجوم املضاد على فرص التحول الدميقراطي قد اقترن بتراجع اهتمام املجتمع الدولي بالدميقراطية وإعطاء األولوية للمصالح األمنية واالستراتيجية على حساب اعتبارات املقرطة وحقوق اإلنسان. وكذلك الدور الذي تلعبه احلكومات للحد من فعالية ودور املجلس األممي حلقوق اإلنسان واملساعي احلكومية لتقليص صالحياته. وأكد أن فرص التأثير على التطور الراهن الذي تشهده املنطقة يتطلب بشكل أساسي استعدادا لبذل جهد أكبر بشكل جماعي من قبل نشطاء حقوق اإلنسان واملجتمع املدني على الصعيدين احمللي واإلقليمي وعلى الشركاء الدوليني وينبغي أن تعطي أولوية قصوى لورشات التفكير والفهم اجلماعي تساعد على التوصل الستخالصات واضحة تتعلق باخلطط وسياسات العمل املستقبلية. كما تقتضي مواجهة هذه التطورات مزيدا من اجلهد لتعزيز فرص العمل املشترك ومن أجل إطالق أفكار واجتهادات خالقة في مواجهة الظروف املعاكسة التي لن يفلح معها إعادة إنتاج البرامج واألنشطة التقليدية. التحديات يف سوريا وحول التحديات التي تواجه حركة حقوق اإلنسان في سوريا أكدت املناقشات وجود مستويني للمعوقات واإلشكاليات األول ويتصل بالبيئة اخلارجية التي تؤثر إلى حد كبير على عمل املنظمات ويرد في هذا اإلطار: أوال: طبيعة البنية التسلطية لنظام احلكم والتي ال تسمح بأي حراك ما لم يكن مرتبطا بالسلطة نفسها وبتوجيهاتها. عالوة على توظيف الدستور السوري في تقويض التعددية وبشكل خاص من خالل اعتبار البعث احلاكم هو احلزب القائد في النظام السوري فضال على تكريس هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتني التشريعية والقضائية. كما أشير أيضا إلى أن ضمانات احلريات العامة في الدستور غالبا ما يجري تعليقها وتقييدها بنصوص قانونية جائرة فضال على استمرار حالة الطوارئ منذ عام 1963 والقيود الهائلة بقانون اجلمعيات والتي جتعل من إنشاء أي جمعية رهنا مبوافقة جهات أمنية. أما الثاني: فهو يتصل بالضعف الشديد للحياة السياسية في ظل عقود متتالية من االستبداد والقمع. وكذلك الضعف الشديد لقوى املعارضة السياسية وعلى الرغم من أن ربيع دمشق قد أعطى زخما للحراك الثقافي عبر املنتديات وأثمر في االنتقال بالعمل السياسي من السرية إلى العلنية إال أنه ميكن القول إن العمل السياسي املعارض والفعاليات املدنية افتقرا بدورهما إلى برنامج أو رؤية واضحة املعالم ولم تستطع املعارضة أن تطور خطابها السياسي بل إن قراءة املعارضة ملسار ربيع دمشق اتسمت باملبالغة وهو ما أدى بها إلى طرح قضايا لم تتهيأ بعد النخبة السياسية واملجتمع لالشتباك معها. وأشارت املداخالت كذلك إلى أن افتقاد النخبة السياسية الثقافة الدميقراطية قد فاقم من تأثير أمراض العمل السري التي وجدت تعبيراتها في سيادة السلوك اإلقصائي داخل صفوف املعارضة وتبادل االتهامات. والحظ العديد من املشاركني انتقال بعض هذه األمراض إلى داخل صفوف احلركة احلقوقية ذاتها. وقد رصدت املداخالت عددا من املشكالت الداخلية الذاتية حلركة حقوق اإلنسان في سوريا من أبرزها: 1- ضعف البناء املؤسسي للمنظمات احلقوقية في مقابل غلبة الشخصنة على إدارة هذه املنظمات. 2- غياب التخطيط سواء على املدى املتوسط أو الطويل. 3- مشكالت اخللط بني العمل احلقوقي والعمل احلزبي. 4- االفتقار إلى املوارد البشرية الكافية والعجز عن جتنيد موارد بشرية جديدة وبشكل خاص في أوساط الشباب وانعكاس ذلك على ضعف طاقات العمل التطوعي. 5- االفتقار إلى املوارد املادية واالفتقار إلى املهنية واالفتقار إلى تقسيم عمل واضح ما بني مكونات احلركة احلقوقية. سبل الدعم وقد تبنت الورشة العديد من األفكار واملقترحات التي من شأنها تدعيم حركة حقوق اإلنسان في سوريا من أهمها: 1- التأكيد على ضرورة تنوع أساليب ومناهج وأدوات العمل واالرتقاء بتقسيم العمل والتخصص مبا يتيح تلبية احتياجات احلركة في عدد واسع من املجاالت تشمل: نشر ثقافة حقوق اإلنسان بناء القدرات رصد انتهاكات حقوق اإلنسان تقدمي املساعدت القانونية لضحايا االنتهاكات البحث والتحليل واستثمار وتوظيف اآلليات الدولية واإلقليمية حلماية حقوق اإلنسان. 2- في إطار تلبية االحتياجات املؤسسية واالرتقاء باألداء املهني أكدت املناقشات: - ضرورة إعطاء أولوية في التدريب إلدارة املنظمات غير احلكومية والتخطيط االستراتيجي وآليات التشبيك والعمل اجلماعي. وضرورة أن تولي العدد 79 دي سمرب 2007

7 منظمات حقوق اإلنسان اهتماما أعلى بقضايا املرأة واألقليات والفئات املهمشة والعمل بشكل متوازن فيما بني احلقوق املدنية والسياسية واحلقوق االقتصادية واالجتماعية واالنفتاح بدرجة أكبر على املنظمات النسائية واملنظمات املعنية بحقوق األقليات وتبني برامج وفعاليات جاذبة للشباب وحافزة لتضامن األوساط الفنية واألدبية وضرورة تعزيز التشبيك والشراكات احمللية واإلقليمية والدولية واالنفتاح على املجتمع املدني العاملي. واستثمار مختلف الوسائط اإلعالمية املتاحة سواء في نشر ثقافة حقوق اإلنسان أو التعريف بانتهاكات حقوق اإلنسان. 3- فيما يتعلق بفرص استثمار اآلليات الدولية واإلقليمية أكد املشاركون على ما يلي: - على الرغم من اإلقرار بتواضع الضمانات التي يوفرها امليثاق العربي حلقوق اإلنسان وافتقاره إلى آلية فعلية حلماية حقوق اإلنسان مقارنة باآللية األفريقية أو اآلليات الدولية واإلقليمية األخيرة ينبغي العمل على محاولة تفعيل هذه اآللية العربية أخذا في االعتبار موافقة سوريا على امليثاق العربي حلقوق اإلنسان. وأكدت املناقشات في هذا اإلطار على ضرورة مواصلة اجلهود مع املنظمات العربية واإلقليمية والدولية من أجل تطوير هذه اآللية وتفعيلها ودعوة اجلامعة العربية إلى االنفتاح على منظمات املجتمع املدني وتفعيل دور مفوضية املجتمع املدني باجلامعة. - أكدت املداخالت على ضرورة أن تعمل املنظمات السورية على استثمار اآلليات الدولية املتاحة عبر األمم املتحدة وخاصة فيما يتعلق ب: دعوة احلكومة السورية لرفع حتفظاتها على بعض نصوص االتفاقيات الدولية التي انضمت إليها وكذلك اتخاذ اإلجراءات والتدابير التي متليها هذه االتفاقيات للموافقة على اختصاص الهيئات التعاهدية بالنظر في الشكاوى املقدمة من األفراد والدول. استثمار آلية تقدمي التقارير إلى الهيئات التعاهدية في إثارة أوسع حوار مجتمعي حول أوضاع حقوق اإلنسان سواء بدعوة احلكومة ملشاركة منظمات املجتمع املدني في مناقشة التقرير احلكومي والتعليق عليه وإعداد تقارير الظل مبشاركة أوسع عدد من املنظمات التي لديها استعداد الستخدام تلك اآللية. وقد أكدت املداخالت في هذا الصدد على أن انخراط املنظمات احلقوقية في آلية إعداد تقارير الظل ميكن أن يوفر فرصا أكثر رحابة لتقاسم األدوار فيما بينها وتعزيز فرص العمل املشترك. أكدت املناقشات أهمية الدور الذي ميكن أن تلعبه املنظمات السورية في التعاون مع املنظمات الدولية واإلقليمية في تعزيز دور مجلس حقوق اإلنسان باألمم املتحدة ومحاصرة املساعي احلكومية لتسييسه ودعم االقتراحات الرامية لتفعيل نظام اإلجراءات اخلاصة حلماية حقوق اإلنسان باألمم املتحدة وصياغة ووضع القواعد التي تتيح للمنظمات غير احلكومية أن تلعب دورا فعاال بصدد نظام املراجعات الدورية لسجل حقوق اإلنسان في الدول املختلفة عبر املجلس األممي حلقوق اإلنسان. آالية اإقليمية فيما يتعلق باستثمار اآلليات اإلقليمية على مستوى الشراكة األورومتوسطية أكدت املداخالت: إن الشراكة األورومتوسطية تكتسب أهميتها اخلاصة كفضاء إضافي لتعزيز حقوق اإلنسان بالنظر إلى ضعف إن لم يكن غياب آلية إقليمية حقيقية حلقوق اإلنسان على املستوى العربي وأن الشراكة تفتح مجاال ملؤسسات املجتمع املدني للدخول في حوار مباشر مع احلكومات األوروبية ويتعني التأثير على الطرفني سواء في دعم حقوق اإلنسان داخل البلدان العربية املختلفة أو في مواجهة السياسات األوروبية التي قد تغل ب اعتبارات األمن واملصالح االستراتيجية على اعتبارات حقوق اإلنسان. كما ينبغي أن يؤخذ في االعتبار أن االحتاد األوروبي ميكن أن يشكل العبا سياسيا قويا على املستوى الدولي وان ميارس ضغوطا ولو محدودة نسبيا جتاه سلوك اإلدارة األمريكية ومن ثم يتعني على منظمات حقوق اإلنسان استثمار الديناميات املتاحة عبر هذه الشراكة كداعم مباشر ملنظمات حقوق اإلنسان وفي تسييل احلوار ما بني املنظمات غير احلكومية واحلكومات حول قضايا حقوق اإلنسان الكونية واإلقليمية واحمللية. ودعا املشاركون إلى استثمار التفاوض حول توقيع اتفاق الشراكة مع سوريا بربط التوقيع من جانب االحتاد األوروبي بتبني سوريا ملبادرة فعلية لتحسني وضعية حقوق اإلنسان غير أن املشاركني أكدوا أن توقيع االتفاق -على كل األحوال- سيفتح بدوره مجاال حلفز سوريا على مراجعة سياساتها في هذا املجال. وأكدت بعض املداخالت على أن إحراز أي تقدم حقيقي في وضع منظمات حقوق اإلنسان في سوريا يقتضي تناغم جهود املنظمات الدولية واإلقليمية والعربية حلفز سوريا على اتخاذ إجراءات ضرورية إلحداث انفراجة سياسية حقيقية يندرج في إطارها إنهاء حالة الطوارئ وتصفية ملف االعتقال السياسي وإنهاء القيود على منظمات حقوق اإلنسان واملجتمع املدني. شدد العديد من املداخالت على أهمية الدور الذي ميكن أن تلعبه املنظمات السورية حال توقيع االتفاق في صياغة خطة العمل املشتركة مبوجب االتفاق مبا يضمن إدراج اإلصالحات الضرورية في مجال حقوق اإلنسان في خطة العمل. جانب من أعمال الورشة ينبغي و ض ع حد نهائي مل سل س ل قمع احلراك ال سيا سي فى سوريا دعا مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان السلطات السورية ألن تبادر وعلى نحو عاجل باإلفراج الفوري غير املشروط عن النشطاء واملعارضني السياسيني الذين استهدفتهم أجهزة األمن السورية خالل ديسمبر.2007 واعتبر مركز القاهرة أن استمرار اعتقال هؤالء األشخاص يضفي على سجل حقوق اإلنسان في سوريا مزيدا من القتامة خاصة أن السلطات السورية قد عمدت إلى الشروع في هذه احلملة من االعتقاالت في العاشر من ديسمبر الذي يواكب االحتفاالت العاملية بالذكرى التاسعة واخلمسني لصدور اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان. ومن ثم يتعني النظر إلى هذه االعتقاالت باعتبارها جتسد املدى الذي ذهبت إليه السلطات السورية في ازدراء قيم حقوق اإلنسان واالستخفاف الصارخ بالتزاماتها الدولية في هذا املضمار وعلى وجه اخلصوص العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية الذي صادقت عليه احلكومة السورية منذ عام الحظ املركز في بيان أصدره في السابع والعشرين من ديسمبر أن السلطات السورية قد أقدمت على هذه االعتقاالت بعد أيام قليلة من انعقاد املجلس الوطني الئتالف القوى السياسية واملؤسسات املدنية املوقعة على وثيقة إعالن دمشق من أجل التغيير الوطني الدميقراطي وقد شارك في اجتماعات املجلس نحو 160 من رموز املعارضة السياسية ونشطاء املجتمع املدني. وأكد البيان أن استمرار اعتقال العديد من النشطاء البارزين -دون أن توجه لهم أية اتهامات- ال يعكس سوى إصرار السلطات السورية -دون سند من القانون- على جترمي منتقديها وعلى قمع املطالبني باإلصالح وبالتغيير الدميقراطي بصورة علنية وسلمية وعبر عن التضامن الكامل مع املعتقلني السوريني الذين ال يزالون رهن االعتقال وفي مقدمتهم الدكتورة فداء أكرم احلوراني التي انتخبت رئيسا للمجلس الوطني إلعالن دمشق والدكتور وليد البني والدكتور ياسر العيتي اللذان اختيرا أميني سر املجلس الوطني وأعضاء األمانة العامة باملجلس الوطني والدكتور أحمد طعمة والكاتب علي العبد اهلل والكاتب أكرم البني وجبر الشوفي. ودعا إلى اإلفراج الفوري غير املشروط عن هؤالء املعتقلني وعن جميع سجناء الرأي الذين يقبعون داخل السجون جراء احملاكمات اجلائرة ووضع حد نهائي ملمارسات االعتقال التعسفي وترهيب النشطاء السياسيني واملدافعني عن احلريات وحقوق اإلنسان. وشدد مركز القاهرة على ضرورة أن تتضافر مختلف جهود الهيئات الدولية واإلقليمية من أجل وضع حد نهائي جلميع السياسات القمعية التي تنتهجها السلطات السورية بحق النشطاء والسياسيني واملتطلعني إلى احترام حقوق اإلنسان وإطالق احلريات السياسية في هذا البلد الذي غابت عنه نسمات احلرية عقودا طويلة وال يزال يرزح حتت طائلة األحكام العرفية وقانون الطوارئ اجلاثم على صدور السوريني لنحو 45 عاما دون انقطاع. العدد 79 دي سمرب 2007

8 فى مواجهة الهجوم امل ضاد يعيش العالم العربي على فوهة بركان نتيجة للتفاعل امللتهب اجلاري بني عدة عوامل: جماعات اإلرهاب التي ازداد نفوذها وانتشارها والعنف املتصاعد الطائفي السني/ الشيعي والتطرف الديني املتزايد التأثير سياسيا ومجتمعيا واالستبداد السياسي املتعاظم وصوال لتعميق ركائز الدولة البوليسية في بعض الدول واالستهداف املتزايد لدعاة الدميقراطية وحقوق اإلنسان في سياق تدهور نوعي أكبر في وضعية حقوق اإلنسان ككل. لم يكن الوصول إلى هذه احملطة حتميا إال بفضل عدة عوامل على رأسها انكسار املوجة الرابعة للتحول الدميقراطي في العالم العربي. بعد فشل ثالث موجات عاملية للتحول الدميقراطي في اجتياز السواحل املنيعة للعالم العربي خارت قوى املوجة الرابعة واستسلمت أمام القالع العربية احلصينة على الرغم من أن املوجة الرابعة عند توجهها صوب سواحل العالم العربي حازت قوة اندفاع هائلة صوب هذه املنطقة بالذات وذلك بسبب هجمات 11 سبتمبر وتفجيرات مدريد ولندن وما ترتب عليها من وضع خطط أوروبية خاصة سياسة اجلوار وأمريكية مبادرة الشراكة ودولية منتدى دول الثمانية للمستقبل وتخصيص وضخ أموال لهذا الغرض مباليني الدوالرات. مالمح انح سار املوجة الرابعة: تراجع اإلرادة السياسية لالحتاد األوروبي فيما يتعلق بسياسة اجلوار في العالم العربي األمر الذي انعكس في وضع خطط عمل ثنائية هى أقرب للوثائق األدبية التي ال يترتب عليها التزامات عملية ملموسة. تخلي منتدى الدول الثمانية من أجل املستقبل عن هدفه الرئيسي في أن يكون منتدى للحوار املتكافئ بني احلكومات العربية واملجتمع املدني للتأثير امللموس على عملية اإلصالح ليصبح منتدى للخطابات اإلنشائية ولم يكتف املنتدى بتهميش دور منظمات املجتمع املدني بل سمح للحكومات باملشاركة في متثيلها أو في اختيار من ميثلها! حتول مبادرة الشراكة األمريكية إلى مجرد ذراع مالية ضخمة لضخ األموال حتت عناوين مقطوعة الصلة -في بعض األحيان- بأهداف املبادرة خاصة في ظل عزوف أغلبية املنظمات ذات املصداقية عن التعامل املالي مع املبادرة أو مع وكالة التنمية الدولية األمريكية. أو بإهدارها في برامج عدمية املغزى بسبب التشخيص السياسي اخلاطئ لطبيعة النظم العربية السائدة باعتبار عدد منها يرغب في التحول للدميقراطية أو بسبب خشية إثارة غضب أنظمة حليفة تقدم خدمات أمنية وسياسية حيوية. تراجع كبير أقرب لالنهيار- في أداء القوى الداعية لإلصالح من داخل املجتمعات العربية بينما لم يفلح احلراك السياسي خالل العامني املاضيني في خلق وقائع جديدة مؤثرة على عالقات القوى املختلة بشكل هائل لصالح النظم االستبدادية في العالم العربي. عوامل خارجية: غير أن األمر لم يكن تراجعا فلم تتوافر منذ اللحظة األولى لإلعالن عن املبادرات الدولية املتوالية إلصالح العالم العربي اإلرادة السياسية الكافية للدفع بهذه املبادرات بعزم لتحقيق أهدافها ويرجع ذلك لألسباب التالية: عدم حسم الصراع بني أولوية املصالح األمنية ألوروبا وأمريكا في العالم العربي التي تتطلب احلفاظ على استقرار النظم احلالية في أغلب البلدان العربية- وبني األولوية اجلديدة املعلنة بعد 11 سبتمبر للتحول نحو الدميقراطية على حساب استقرار هذه النظم. حدة االنقسام بني أوروبا والواليات املتحدة ليس فقط حول مشروعية مشروع غزو العراق ولكن أيضا حول الفكرة املركزية ملشروع اإلصالح الدميقراطي للعالم العربي أي الربط الوثيق بني تعاظم مخاطر اإلرهاب واالفتقار للدميقراطية وأيضا حول خريطة الطريق نحو اإلصالح. على الرغم من أن الواليات املتحدة األمريكية كانت األكثر اندفاعا وضجيجا في تبني شعار اإلصالح الدميقراطي فإنها كانت أكثر انقساما من أوروبا حول صواب وأولوية الهدف. وقد عانت اإلدارة األمريكية فصاما مستحكما فهى تدعو الحترام حقوق اإلنسان في العالم العربي من ناحية وترتكب بالتوازي عددا من أكثر جرائم حقوق اإلنسان فظاظة في جوانتنامو وأبو غريب وغيرهما! تستخدم السجون السرية في الدول التي تدعو لدمقرطتها بهي الدين حسن مبادرة ال شراكة ا ألمريكية حتولت اإىل ذراع مالية لفتح ا ألموال حتت عناوين مقطوعة ال صلة باملبادرة بالنهار في تعذيب احملمولني بطائرات CIA إليها النتزاع االعترافات منهم في الليل!. لعب التقييم اخلاطئ لطبيعة أغلبية النظم العربية احلاكمة واعتبارها متلك إرادة لإلصالح وليست مناوئة له دورا مهما في إهدار حتقيق املستهدف بالدعم املادي لقوى اإلصالح ومنظمات املجتمع املدني. فقد ذهب قدر كبير منه إلى حكومات ومؤسسات ومنظمات حكومية بوهم أنها تنفق في أنشطة تدفع بعجلة اإلصالح أو ذهبت في برامج مستوردة من جتارب دول على طريق التحول الدميقراطي )كوسط وشرق أوروبا( وال تصلح في دول استبدادية معادية للدميقراطية. مثال ذلك برامج تنشيط املشاركة السياسية واالنتخابية ومراقبة االنتخابات وتطوير النظم االنتخابية وغيرها من البرامج التي تركز على اجلوانب التقنية للعملية الدميقراطية ولم تترك أثرا ألن الشعوب ال تعتبر نفسها طرفا فهى ال تثق بالنظم الراهنة وال باالنتخابات التي تديرها هذه النظم. حقيقة األمر إذن أن موجات الدميقراطية كانت خائرة القوى حتى قبل أن تصل إلى السواحل العربية لذلك فإنه مع عودة أوروبا والواليات املتحدة إلى مواقع ما قبل 11 سبتمبر فإن املوجة الرابعة لم تخلف وراءها أي تغير مادي ذي مغزى على األرض أو حقيقة إصالحية دستورية أو تشريعية أو مؤسساتية أو تغيرا في عالقات القوى. لقد كان أفضل إجناز لهذا التحول املؤقت في احلديث الدولي عن اإلصالح في العالم العربي هو في ممارسة الدور الكابح بشكل مؤقت- ومن وقت آلخر للقبضة األمنية في بعض البلدان )مصر وسوريا والسعودية باألساس( مما أدى بشكل مؤقت أيضا- لتوسيع الهامش السياسي املتاح للجدل العام ولالحتجاج في الشارع )مصر فقط( ووسائل اإلعالم لفترة قصيرة. وعندما طوى املجتمع الدولي أوراقه وأدار ظهره عادت القبضة األمنية لتمارس سطوتها التي ال يحدها سقف. إن أفضل تعبير عن مدى خواء املشروع األمريكي لدمقرطة العالم العربي هو أن الدولة التي راهن عليها هذا املشروع لقيادة التحول الدميقراطي في املنطقة أي مصر هى نفسها التي قادت ببراعة هجوما مضادا ومنظما على الصعيد احمللي واإلقليمي والدولي وحتولت هى نفسها من خالله إلى دولة أكثر قمعية واستبدادا مما كانت عليه عند تدشني املشروع األمريكي! العدد 79 دي سمرب 2007

9 عوامل داخلية: ميكن القول إن الشروط الرئيسية للتفاعل الداخلي مع املوجة الرابعة للتحول الدميقراطي لم تكن متوافرة وذلك نظرا لعدم توافر مقومات قاعدة مجتمعية لإلصالح. فقد افتقرت النظم احلاكمة عموما لإلرادة الالزمة للشروع باإلصالح السياسي ولذا انصرف كل جهدها خالل عامي إلى السعي لتخفيف الضغوط اخلارجية والداخلية عليها وامتصاصها والعمل على تعزيز التناقضات الداخلية في اجلبهات األخرى في الداخل واخلارج والتحالف مع الشيطان من أجل قطع الطريق على اإلصالح. إن املهارة الفائقة التي أدارت بها النظم العربية احلاكمة -بقيادة مصر- هذه األزمة املصيرية تستحق أن تدرس كنموذج في علم إدارة األزمات ولو كانت هذه النظم تدير مجتمعاتها ب %5 فقط من هذه املهارة رمبا ما كانت حتتاج أي إصالح! أبرز مالمح مناورة النظم العربية احلاكمة هى: الزعم بأنها قد غيرت جلدها وأنها قررت أن تتجاوب مع دعاوى اإلصالح. )مؤمتر القمة العربية في تونس في مايو 2004 الذي تضمن ألول مرة في تاريخ جداول أعمال القمم العربية قضية اإلصالح والدميقراطية وتنظيم حكومتي اليمن ومصر مؤمتري صنعاء واإلسكندرية لإلصالح العربي في يناير ومارس 2004 اللذين انتهيا بوثائق ألقتها النظم العربية في سلة املهمالت بعد أن أدت وظيفتها في امتصاص ضغوط املجتمع الدولي. رفع شعار اخلصوصية الثقافية للمجتمعات العربية وأن اإلصالح يأتي من الداخل فقط األمر الذي انتهى عمليا برفض دعاوى اإلصالح سواء جاءت من الداخل أو اخلارج. رفع شعار التدرج أن التحول للدميقراطية احتاج في املجتمعات مئات األوروبية السنني األمر الذي انتهى في املمارسة عدم إلى العربية التقدم خطوة واحدة لألمام بل العودة بعض في للخلف مصر مثل البلدان وسوريا والبحرين. وثائق ا إل صالح التي تبنتها احلكومات العربية أالقيت فى سلة املهمالت بعد أان أادت وظيفتها يف امت صا ص ضغوط املجتمع الدويل تقدمي عروض أكثر إغراء ألوروبا وأمريكا خلدمة مصاحلها األمنية في املنطقة خاصة مع بروز حتديات أمنية إقليمية جديدة مع انهيار املشروع األمريكي في العراق ووصول حماس للحكم في فلسطني وصعود إيران كقوة إقليمية وتفاقم مخاطر تصدير اإلرهاب. ولكن هذه العروض لم تنطو عمليا على املساهمة اجلادة في وضع حد نهائي ألي نزاع. فاالستراتيجية املشتركة للنظم العربية كانت دائما احلرص على إبقاء النزاعات اإلقليمية ساخنة بحيث حتافظ على استمرار هاجس األمن القومي متقدا دائما وقابال للتوظيف مع الشعوب ونخبها السياسية والثقافية إلبقاء اهتمامها مركزا على العدو اخلارجي وبالتالي الدعم غير املباشر ملشروعية استمرارها دون تغيير. البارع التوظيف كفزاعة لإلسالميني لتثبيط حماسة الدعوة لدى سواء لإلصالح املجتمع الدولي أو لدى النخب السياسية احمللية واليسارية الليبرالية والقومية. والعلمانية إذكاء مشاعر العداء ا إل صالح الدميقراطي مل ي شكل أاولوية را سخة لدى القطاع ا ألو سع من النخب خارج احلكم الديني للغرب وانتهاز مناسبة أزمة الرسوم الدامناركية إلشعال مواجهة سياسية وإعالمية وشعبية كبيرة لم تتورع حتى عن تسهيل االعتداء على السفارات وحرقها مبا يساعد على صرف االنتباه عن التناقضات احمللية وتوجيهه نحو املخاطر اخلارجية التي تستهدف اإلسالم. رفع أعالم حقوق املرأة عالية خفاقة وتنظيم عدد هائل من االجتماعات واملؤمترات ألجلها بحضور السيدات األوائل في الدول العربية وبرعاية اجلامعة العربية في أغلب األحيان. إن تقدمي التنازالت في هذا املجال ال ينعكس مباشرة على طبيعة النظام السياسي وموازين القوى فضال على أنه يساعد على تخفيف الضغوط الدولية املطالبة باإلصالح فهى على األقل حتصل على شيء ما! و أاخريا تواصل كل أشكال القمع البوليسي والتشريعي واإلداري واإلعالمي خالل عامي اإلصالح مبا في ذلك تكثيف حمالت االغتيال املعنوي عبر وسائل اإلعالم للرموز السياسية اجلديدة الصاعدة. املجد لل سفاحني: بيد أن النخب غير احلاكمة في العالم العربي لم تكن أيضا مؤهلة لالضطالع بقيادة عملية اإلصالح فهى تعاني تاريخيا ولعدة عقود متصلة من القمع املنهجي املنظم مبساعدة أو تواطؤ املجتمع الدولي- األمر الذي أدى ألن تصبح دائما محدودة العدد هشة ومنقسمة على نفسها إلى درجة التشرذم ويسهل دائما التالعب السياسي واألمني بها. لم يكن اإلصالح الدميقراطي أولوية راسخة لدى أي قطاع ذي شأن من هذه النخب التي تتنازعها أولويات أخرى في فلسطني ولبنان والعراق بشكل خاص أو في املواجهة مع الغرب بشكل عام. ومن ثم لم يكن مثيرا متاما للدهشة أن جند أقساما نشيطة من هذه النخب تقف في صف املواجهة األمامي مع النظم احلاكمة في بالدها حول قضايا الدميقراطية وحقوق اإلنسان- ولكنها تساند في اللحظة نفسها النخب احلاكمة املعادية لإلصالح في سوريا ولبنان والسودان وغيرها ثم تقيم سرادقا للعزاء في عدة عواصم عربية تكرميا للشهيد السفاح صدام حسني بعد إعدامه! لقد كان سلوك رموز وأقسام مهمة من هذه النخب مثيرا للسخرية والنفور األخالقي فهى تولول على غياب الدميقراطية في بالدها وتطعنها في الظهر في وضح النهار في بالد أخرى! تصرخ باكية دفاعا عن حقوق اإلنسان املستباحة في بالدها بينما متجد السفاحني في بالد أخرى وترفعهم ملرتبة األبطال التاريخيني! تستنجد بالعالم لوضع حد لالغتصاب اجلماعي للنساء املسلمات في البوسنة وتستنكر أن يهب العالم لنجدة النساء املسلمات الالئي يتعرضن لالغتصاب في دارفور! لقد كانت هذه املواقف املتناقضة مزدوجة املعايير املفتقرة ألية جاذبية أخالقية إحدى أبرز العقبات أمام إمكانية توسيع القاعدة املجتمعية لإلصالح. ومن أبرز نقاط الضعف في تكوين هذه النخب هو هشاشة املكون احلقوقي في الوعي السياسي ألقسام منها األمر الذي جعل بعضها ينزلق لتبني بعض أمناط اخلطاب احلكومي املعادي حلقوق اإلنسان أو لرفض تبني قضايا حقوقية حيوية في برامج عملها مثل قضايا األقليات الدينية أو العرقية أو حقوق املرأة أو حرية الفكر واالعتقاد واإلبداع األدبي والفني وهو ما كان له تأثير سلبي على قدرتها على توسيع قاعدة الدعم املجتمعي لها. ومن املفارقات املثيرة للتأمل في هذا السياق أن حركة كفاية في مصر جتنبت تضمني برنامجها املطالب احليوية املشروعة لألقباط ولم يفلح اختيارها قبطيا على رأسها وهو تطور لم تعرفه مصر من قبل- في جتسير هذه الفجوة وجذب دعم األقباط لها. كما لعب الفشل املزمن لهذه النخب في التوصل حلل توافقي خالق حول قضية العالقة بني الدين والدولة في أن تصير الدميقراطية خطرا -في نظر أقسام أخرى من هذه النخب- ال يقل عن مخاطر استمرار نظم االستبداد احلالية بل قد يفوقها نظرا الحتمال أن تأتي الدميقراطية باإلسالميني للحكم. هذا النمط من التناقضات واملفارقات مكن النظم احلاكمة دائما من التالعب السياسي واألمني بأقسام حيوية من تلك النخب وضرب بعضها ببعضها اآلخر وخلق فجوة ثقة دائمة بني بعضها البعض يستحيل معها حتقيق توافقات ذات طابع استراتيجي قادرة على الصمود حتى لبضعة أسابيع مقابل القدرة دائما على إقامة حتالفات تكتيكية قصيرة األمد بني النخبة احلاكمة وأقسام متغيرة من النخب غير احلاكمة في مواجهة األقسام األخرى. في ظل هذه العوامل الداخلية واخلارجية العدد 79 دي سمرب 2007

10 فشلت املوجة الرابعة للتحول الدميقراطي في اجتياز املياه اإلقليمية للعالم العربي. وال شك أن الفشل الذريع ملشروع دمقرطة العراق من خالل غزوه واحتالله كان له تأثير كابح إضافي على اإلرادة املترددة للمجتمع الدولي وعلى التفاعالت الداخلية باملنطقة. في حقيقة األمر لم يكن هناك أكثر إجراما وحماقة من غزو العراق سوى الطريقة املستهترة والالمسئولة التي أدارت بها اإلدارة األمريكية عملية إعادة بناء قدرات العراق بعد إسقاط نظام صدام حسني. كما لعب تفاقم مأساة الشعب الفلسطيني خالل الفترة نفسها -نتيجة الدعم األمريكي السياسي والدبلوماسي املطلق للسياسة اإلسرائيلية الذي بلغ آفاقا غير مسبوقة- دورا حيويا في تقويض ما بقى من مصداقية ملشروع دمقرطة العالم العربي خاصة بعد التحفظ األوروبي/ األمريكي على نتائج االنتخابات البرملانية الفلسطينية األخيرة التي كانت األكثر نزاهة وحرية في العالم العربي! انتفا ضة الوحل: غير أن األمر لم يتوقف عند انحسار املوجة الرابعة بل إن هجوما مضادا بدأ يحل محل املوجة املنحسرة من أبرز مالمحه: تعاظم قوى اإلرهاب في العالم العربي وإقامتها قاعدة أساسية لها في بلد جديد هو العراق وعودتها إلى مصر مع توطنها في منطقة جديدة متاما )سيناء( وظهور خاليا تابعة لها قامت بعمليات متفاوتة العنف في بلدان جديدة أخرى )سوريا واملغرب وتونس واجلزائر ولبنان وغزة( مع استمرار النشاط املتقطع للخاليا النائمة في السعودية واليمن. الصعود العنيف للهوية الطائفية واملذهبية في املنطقة وانتقال التوتر الطائفي السني/ الشيعي إلى مستوى احلرب األهلية املتقطعة في العراق وانعكاسات ذلك في تصاعد التوتر الطائفي في املنطقة وخاصة البحرين والسعودية ولبنان وسوريا ومصر. وعالوة على االحتماالت الوشيكة ألن ينتقل العراق إلى مرحلة احلرب األهلية املتواصلة األكثر دموية التي تقود للتقسيم فإن حربا من نوع آخر بدأت في اليمن بني اجليش اليمني واحلوثيني )زيديني أقرب للشيعة( في منطقة صعدة ألسباب طائفية مذهبية وسياسية. فضال على مخاطر الندالع حرب أهلية جديدة في لبنان ألسباب جتمع بني االعتبارات اإلقليمية والسياسية والطائفية. توسع ظاهرة امليليشيات اخلاصة التي تشكل مزيجا فريدا من انشقاقات حلقية من فصائل نظامية -تفتقر ألي جدول أعمال سياسي- وعصابات البلطجة والنهب وعصابات املرتزقة التي تنفذ عمليات اخلطف أو القتل باألجر وغيرها )منوذج العراق وفلسطني(. تزايد الدعم الشعبي للقوى املعبرة عن اإلسالم السياسي -على ضوء إفالس وفساد النظم السائدة وإغالق الطريق أمام أي بدائل أخرى- مبا يحمله ذلك من جدول أعمال رمبا أكثر ظالمية. وانعكاس ذلك في ميل احلكومات العربية املتزايد لصبغ نظمها االستبدادية بالدين مثال مصر وسوريا ولدعم مشروعيتها السياسية التي تتآكل تدريجيا منذ زمن طويل. تشديد القبضة القمعية مبستويات تفوق ما كان متبعا قبل طرح املبادرات الدولية. مثال سوريا ومصر التي اعتمدت عددا من أخطر التعديالت الدستورية التي يترتب عليها ألول مرة توفير حماية دستورية للسلطات القمعية االستثنائية التي تتمتع بها أجهزة األمن بعيدا عن احملاسبة القضائية فضال على توسيع غير مسبوق في دور القضاء االستثنائي وخاصة العسكري على حساب القضاء الطبيعي. هزمية قوى اإلصالح في إيران بعد انتهاء والية خامتي وصعود القوى األكثر محافظة ومقاومة للحداثة والدميقراطية واألكثر استعدادا لتوظيف الهوية الطائفية في مشاريعها اإلقليمية. متغريات ظالمية إن املؤشرات السالف اإلشارة إليها تعني أن املنطقة العربية يتنازعها سيناريوهان األقل مرارة فيهما هو التعايش اليومي لفترة ليس لها سقف زمني معروف مع توتر طائفي ساخن )في اخلليج والسعودية( يرتفع في بعض األحيان إلى عنف دموي متقطع )في العراق واليمن( وتوتر عرقي وسياسي ساخن في جنوب السودان يرتفع إلى عنف دموي متقطع في دارفور جنبا إلى جنب مع نظم حكم بوليسية أو تتجه القبضة القمعية فيها نحو مزيد من التشدد والعنف. أما السيناريو األكثر مرارة فهو ينطوي على تفاعل معطيات السيناريو السابق لينتج حروبا أهلية في العراق ولبنان وفلسطني واليمن والسودان )في حالة أن يتوجه اجلنوب نحو االنفصال وهو االحتمال املرجح( وانعكاسات دموية ال تقل مرارة في سوريا واخلليج والسعودية على األقل. غير أن السيناريو احملتمل حلرب أهلية متواصلة في العراق بني أغلبية شيعية وأقلية سنية قد يستدعي دعما أكثر وضوحا للسنة من جانب مصر والسعودية وهو سيناريو متوقع أيضا للبنان- وفي املقابل تدخال إيرانيا عسكريا مباشرا ورمبا تركيا أيضا إذا ما توصل األكراد في شمال العراق إلى االستقالل مبصيرهم بعيدا عن املتحاربني من العرب السنة والشيعة. فضال على حروب أخرى محتملة ال صلة لها بالتناحرات الداخلية العربية/العربية مثل قصف أمريكي أو إسرائيلي إليران إلجهاض املشروع النووي اإليراني أو جوالت جديدة من احلروب اإلسرائيلية/ العربية الواردة في أي وقت وخاصة مع لبنان أو سوريا أو كلتيهما. هذا السيناريو يعني أن املنطقة العربية ستصير بركانا يغلي ويقذف بحممه امللتهبة في كل اجتاه ومن املرجح أن املدى الذي ستصله هذه املقذوفات يتجاوز حدود املنطقة. ليست هناك فرصة ملنع انحدار املنطقة إلى هذا الدرك مالم يسارع املجتمع الدولي إلى بلورة مبادرة أكثر شموال وعزما لإلصالح متزج في حزمة واحدة بني مقتضيات التحول الدميقراطي واحترام حقوق اإلنسان ومكافحة اإلرهاب والتطرف الديني والفساد واإلنفاذ الفوري للحل العادل للمسألة الفلسطينية ووضع بعض الدول الفاشلة كالعراق- حتت وصاية األمم املتحدة كمرحلة انتقالية )منوذج ناميبيا قبل االستقالل(. غير أن ذلك يتطلب أيضا ارتفاع النخب احلاكمة وغير احلاكمة في العالم العربي إلى مستوى التحديات اخلطيرة املطروحة. إن األمواج الهادرة القوية تخترق احلواجز وتكتسح الشواطئ أما املوجات الضعيفة املتهالكة فال تستثير إال القاع الراكد معكرة املياه بلونه. إن املوجة الرابعة للدميقراطية لم تنحسر فحسب بل جذبت معها إلى أعلى وحل القاع الذي انتفض لالنتقام! هذه املتغيرات الظالمية والسيناريوهات املخيفة احملتملة تتطلب إعادة تأمل في استراتييجات ومهام وبرامج منظمات حقوق اإلنسان احمللية واإلقليمية والدولية العاملة في املنطقة وكذلك األطراف األخرى ذات الصلة. وحتى في حالة التباين أو االختالف حول صورة املستقبل غير البعيد فإنه من املؤكد أن واقع احلال في أغلبية دول املنطقة قد اختلف كثيرا وخاصة مع اآلمال الوردية التي أنعشها الربيع الكاذب في الرهان ا ألمريكي على م صر فى قيادة التحول الدميقراطي انتهى اإىل أان تقود م صر الهجوم امل ضاد إن اخلطط والبرامج التي وضعت من أجل حفز عملية اإلصالح وتنشيطها قد جتاوزها الزمن ومكانها هو األرشيف لتخلي مكانها خلطط وبرامج جديدة تساعد على كبح الهجوم املضاد واإلصالح بالطبع ولكن في سياق سياسي آخر ومختلف متاما. من ال ينتبه لهذا التغيير اجلوهري فإنه سيلقى مصير الشخص الذي يطلق زغاريد الفرح واالبتهاج غير مدرك أنه يسير في جنازة! 10 العدد 79 دي سمرب 2007

11 دفاعا عن حرية التعبري وحرية املعتقد أداة فعالة لتجرمي الرأي دفاعا عن حرية التعبري وحرية املعتقد العدد 79 دي سمرب لم تشأ احلكومات العربية أن تبقي على الهامش احملدود جلدل اإلصالح الذي عرفته املنطقة قبل عامني فقد تصاعدت حاالت سجناء الرأي في الدول العربية بشكل ملحوظ وتوالت الضربات األمنية على نشطاء املجتمع املدني واإلصالحيني وقد حفز األنظمة على ذلك عودة قضايا األمن بقوة إلى الصدارة في سياسات الشرق األوسط على حساب قضايا احلرية وتخفيف املجتمع الدولي من خطابه حول اإلصالح في العالم العربي. تستخدم األنظمة العربية استراجتيات متشابهة لقمع حرية الرأي والتعبير من بينها اللجوء املنهجي إلى مواد قانونية شديدة الغموض والعمومية تخضع في تأويلها وتطبيقها ألمزجة السلطات األمنية. هذه احلزمة من النصوص القانونية تعد سمة مشتركة ب نى عليها الكثير من قضايا الرأي في الدول العربية حيث تعمد معظم قوانني العقوبات إلى جترمي التعبير السلمي عن الرأي باستخدام عبارات مثل تهديد النظام العام العمل على تقويض الدستور إهانة رئيس اجلمهورية أو العائلة املالكة إهانة املقدسات الدينية نشر معلومات كاذبة من شأنها املس بسمعة البالد وغيرها من نصوص مشابهة. يساعد احلكومات على إنفاذ مثل هذه النصوص غياب استقالل السلطة القضائية وتبعية النيابة العامة للسلطة التنفيذية والتوسع في استخدام القضاء االستثنائي املهيمن عليه من السلطة التنفيذية مثل محاكم أمن الدولة أو احملاكم العسكرية. و تصنف عادة هذه القضايا باعتبارها جرائم متس أمن الدولة من الداخل أو اخلارج. ساعدت الظروف األمنية غير املستقرة في املنطقة في أعقاب أحداث 11 سبتمبر على سن تشريعات جديدة ملكافحة اإلرهاب اعتمدت تعريفات فضفاضة لإلرهاب ميكن مبقتضاها جترمي أي نشاط سياسي أو حقوقي سلمي مثلما يحدث في تونس واملغرب والبحرين وقطر. ينما تستخدم دول أخرى مثل سوريا ومصر القوانني االستثنائية منذ عقود طويلة والتي متنح صالحيات شبه مطلقة للسلطات األمنية في االعتقال اإلداري وانتهاك احلقوق الدستورية معتز الفجيري بذريعة حماية األمن العام فاحلكومة املصرية مثال لم تكتف بقانون الطوارئ بل حتى أقدمت -في إطار التعديالت الدستورية األخيرة- على إدخال بنود ملكافحة اإلرهاب في مواد الدستور نفسه في سابقة فريدة في التقاليد الدستورية العاملية وهذه املواد تشبه إلى حد كبير قانون الطوارئ بل تفوقه في فرضها قيودا على احلقوق واحلريات العامة املشمولة بحماية الدستور. وتعتبر سوريا النموذج األخطر في اعتقاالت الرأي حيث صدرت في األشهر األخيرة سلسلة من األحكام بالسجن في حق عدد من الناشطني السياسيني واحلقوقيني ومن أبرزهم كمال اللبواني والذي عوقب بالسجن ملدة 12 عاما بعد إدانته بتهمة دس الدسائس لدى دولة أجنبية لدفعها للعدوان على سوريا وهى التهمة التي وجهت إليه بعد لقائه بعدد من منظمات حقوق اإلنسان ووسائل اإلعالم ومسئولني حكوميني في أوروبا والواليات املتحدة األمريكية. كما اتخذت السلطات السورية إجراءات تأديبية ضد الذين وقعوا على إعالن دمشق-بيروت الذي دعا إلى وقف التدخل السوري في شؤون لبنان ومن أبرز هذه احلاالت احلكم بالسجن ملدة خمس سنوات على احملامي أنور البني وثالث سنوات للناشطني ميشيل كيلو ومحمود عيسى وذلك بعد اتهامهم بالعمل على إضعاف الشعور القومي وإيقاظ النعرات الطائفية واملذهبية. وفي تونس حكم على الصحفي محمد عبو بالسجن ثالث سنوات ونصف السنة في عدة تهم من بينها نشر كتابات من شأنها اإلخالل بالنظام العام و التشهير بالسلطات القضائية وذلك على خلفية نشر مقاالت ضد ممارسات التعذيب في السجون التونسية. ولعل القضيتني األبرز في مصر اآلن هما قضية الصحفية هويدا طه التي اتهمت بنشر أخبار كاذبة من شأنها املساس بسمعة البالد وذلك جراء قيامها بإعداد فيلم وثائقي لقناة اجلزيرة عن التعذيب في أقسام الشرطة والقضية األخرى للمدون كرمي عامر الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات بعد اتهامه بازدراء األديان وذم رئيس اجلمهورية كما صدر في حق رئيس حترير جريدة الدستور حكم باحلبس ملدة عام بتهمة إهانة رئيس اجلمهورية. كما يواجه الشيعة والبهائيون من حني إلى آخر اضطهادا أمنيا باستخدام مواد ازدراء األديان. وفي اجلزائر يعاني الصحفي محمد بن شيكو من سلسلة من الدعاوي القضائية ضده على خلفية انتقاداته للحكومة وفي البحرين يتم التحرش األمني والقضائي بعدد من نشطاء حقوق اإلنسان بتهم ذم الذات امللكية. وفي السودان برزت قضية الصحفي عثمان ميرغني الذي مت اعتقاله بسبب انتقاده وزير العدل وذلك باستخدام إحدى مواد قانون العقوبات التي تتيح للنيابة العامة اتخاذ ما تشاء من إجراءات وتدابير حلماية النظام العام وقد أتاحت هذه املادة أيضا تعليق صدور صحيفة السوداني املستقلة والتي صدرت مرة أخرى الحقا. وفي السعودية كانت احلالة األشهر في السنوات األخيرة محاكمة ثالثة من اإلصالحيني عام 2004 على خلفية مبادرتهم بإصدار عريضة تدعوا إلى إدخال إصالحات سياسية ودستورية في اململكة وقد اتهموا بالتحريض على الفتنة وعصيان ولي األمر. وعلى الرغم من أن املغرب شهد نقلة مهمة في مجال اإلصالحات الدميقراطية فإنه في العامني األخيرين جلأت السلطات املغربية إلى استخدام القوانني ذاتها في محاكمة وحبس عدد من الصحفيني والناشطني. سجناء الرأي في العالم العربي في أمس احلاجة إلى تضامن ودعم املجتمع املدني العاملي كما أنه من الضروري أن تضع احلكومات التي تربطها اتفاقات تعاون دولي مع حكومات املنطقة العربية وخاصة االحتاد األوروبي والواليات املتحدة األمريكية موضوع سجناء الرأي على قائمة أولوياتها. إن املناخ الذي يعمل فيه املدافعون عن الدميقراطية في العالم العربي يزداد صعوبة وستظل هذه االنتهاكات في التزايد طاملا غابت اإلرادة السياسية لدى حكومات املنطقة في توسيع فضاء حرية الرأي والتعيير والذي بدونه لن يكون هناك فرص لتطور دميقراطي حقيقي. *نشر هذا املقال بنشرة اإلصالح العربي بنافذة مؤسسة كارنيجي للسالم الدولي

12 دفاعا عن حرية التعبري وحرية املعتقد بني التحرير وإعادة إنتاج اهليمنة دفاعا عن حرية التعبري وحرية املعتقد أكدت دراسة حديثة أصدرها مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان أن ثورة املعلومات والدخول في عصر األقمار الصناعية والفضائيات ودعاوى إعادة هيكلة وتطوير قطاع اإلعالم السمعي واملرئي التي عرفتها بعض البلدان العربية في السنوات األخيرة لم يترتب عليها إحداث قطيعة مع إرث الهيمنة واالحتكار املفروضني من قبل احلكومات العربية على اإلعالم السمعي واملرئي على وجه اخلصوص ومن ثم تتضاءل -إلى حد كبير- فرص االنتقال إلى إعالم تعددي حر ومستقل كما تعرفه املجتمعات الدميقراطية. وشددت الدراسة على أن حترير قطاع البث السمعي واملرئي لن يتأتى مبعزل عن حترير مختلف الوسائط اإلعالمية وإطالق حريات التعبير ومراجعة مختلف القيود التي تفرضها احلكومات العربية على حرية تداول املعلومات واآلراء واألفكار وعلى حق اإلعالميني في النفاذ إلى املعلومات وبثها. الدراسة التي صدرت في أكثر من 400 صفحة حتت عنوان اإلعالم في العالم العربي بني التحرير وإعادة إنتاج الهيمنة استهدفت بالدرجة األولى إلقاء الضوء على وضعية البث اإلعالمي السمعي واملرئي في كل من مصر واألردن واملغرب وحتليل التوجهات واألفكار التي اتخذتها أو أعلنت عنها هذه البلدان حتت دعاوى حترير قطاع البث وإعادة هيكلته ومعرفة إلى أي مدى تتماشى هذه التوجهات مع املعايير والقواعد التي عرفتها املجتمعات الدميقراطية لضمان حرية البث اإلعالمي!. أكدت مستخلصات الدراسة أن الهوة ال تزال واسعة للغاية بني ما عرفته هذه البلدان من تطورات محدودة وبني ضمانات حرية اإلعالم في البلدان الدميقراطية ولفتت النظر إلى وجود قواسم مشتركة حتاصر حرية اإلعالم يستوي في ذلك املغرب الذي دخل منذ منتصف التسعينيات مسارا لالنتقال الدميقراطي ارتفع معه سقف التوقعات حول فرص حترير اإلعالم مثلما يصدق أيضا على األردن الذي يجري تسويقه باعتباره نظاما يقترب من معايير احلكم الرشيد التي تقتضي إطالق احلريات اإلعالمية وتدعيم قواعد الشفافية واحملاسبية. ال يختلف األمر في مصر التي شهدت في السنوات األخيرة أكبر ضجيج حول مطالب اإلصالح الدميقراطي وحراكا لم تألفه من قبل أسهم -ولو بصفة مؤقتة- في انتزاع هامش أوسع حلرية التعبير وإن بقيت املنظومة التشريعية املعادية للحريات كفيلة بقمع هذه احلرية عند اللزوم وهو ما شهده العام األخير على وجه اخلصوص وتبدت بعض مظاهره الصارخة - التي رصدتها الدراسة- في احملاكمة العسكرية لبرملاني معارض بسبب آرائه املعلنة عبر بعض الفضائيات وإدانة مراسلة قناة اجلزيرة بسبب إعدادها فيلم وثائقي عن التعذيب وسجن مدون ملدة أربع سنوات بدعوى ازدراء األديان وإهانة رئيس اجلمهورية فضال عما تشهده األيام األخيرة من هجوم وحتريض صارخ على الصحافة املستقلة وعقوبات بالسجن استهدفت أربعة من رؤساء حترير الصحف املستقلة واحلزبية. أكدت الدراسة أن أهم القواسم املشتركة التي تعوق حرية اإلعالم في عاملنا العربي وفي البلدان الثالثة على وجه اخلصوص تتمثل في: اتساع نطاق التجرمي بصورة تفوق بشكل هائل القيود املقبولة في املجتمعات الدميقراطية على حرية اإلعالم وحرية التعبير فضال على نزوع املشرع إلى املعاقبة على هذه اجلرائم بالعقوبات السالبة للحرية والحظت الدراسة في هذا اإلطار أن املغرب قد قلص من نطاق تطبيق هذه العقوبات وإن لم يفض ذلك إلى قطيعة نهائية معها وفي حني لم يشهد األردن تطورا ذا شأن في مجال احلد من تلك العقوبة فإن الوعود الرسمية املعلنة في مصر بشأن إلغاء عقوبة احلبس انتهى بها األمر إلى تعديالت مبتسرة للغاية تبقي على تلك العقوبة -في الغالب األعم- في النصوص التي جترم حرية الرأي والتعبير وتداول املعلومات. اتساع دائرة القيود الصارمة على حق اإلعالميني في احلصول على املعلومات إذ بات االستثناء هو إباحة نشر املعلومات. تنامي الضغوط املجتمعية املناوئة حلرية اإلعالم بفعل سمات الثقافة السياسية السائدة ذات الطابع احملافظ وبفعل تصاعد نفوذ وتأثير تيارات اإلسالم السياسي التي غالت في توظيف الدين والتقاليد االجتماعية في إثارة حمالت مناوئة حلرية اإلعالم. والحظت الدراسة أن صعود تيارات اإلسالم السياسي يدفع احلكومات بدورها إلى مسايرة خطاب هذه التيارات بل رمبا املزايدة عليه مبا يقود إلى تصعيد الضغوط على احلريات اإلعالمية. أكدت الدراسة أن اخلطوات التي شهدها األردن واملغرب على مدى السنوات اخلمس األخيرة فيما يتعلق بإعادة هيكلة قطاع اإلعالم املرئي واملسموع وكذلك األفكار التي طرحتها احلكومة املصرية والتي لم تترجم بعد إلى تشريع نافذ تنطلق في مجملها من الفلسفة ذاتها التي كرست هيمنة احلكومات العربية على هذا القطاع منذ االستقالل وعلى مدى عدة عقود. أشارت الدراسة في هذا الصدد إلى أن إنشاء مجالس أو هيئات لتنظيم هذا القطاع كما هو حادث في املغرب واألردن وكما تبشر به احلكومة املصرية عبر ما أعلنه وزير اإلعالم من نوايا إلنشاء اجلهاز القومي لتنظيم البث السمعي واملرئي ال يرقى بأي حال إلى ما عرفته املجتمعات الدميقراطية التي أناطت مهمة تنظيم هذا القطاع إلى هيئات تتمتع باستقالل مالي وإداري عن احلكومة وعن أي حزب. بيد أن واقع احلال في املغرب واألردن يشير إلى أن هذه الهيئات تخضع لسيطرة السلطة التنفيذية على تشكيلها وعلى 12 العدد 79 دي سمرب 2007

13 تسيير أمورها بشكل كبير. وفي مصر فإن النوايا املعلنة تخضع اجلهاز املزمع إنشاؤه إلشراف وزير اإلعالم الذي من املنتظر أن يتولى بنفسه رئاسة مجلس إدارة هذا اجلهاز وفي إطار هذه التوجهات املعلنة فإن مجلس إدارة اجلهاز سوف يغلب على تشكيله واختيار أعائه االرتباط الوثيق بالسلطة التنفيذية. وعلى الرغم من أن الدراسة تشير إلى دخول البلدان الثالثة مجال البث اخلاص فإنه لوحظ أن ذلك لم يقترن بإعادة النظر في النهج احلكومي املتمثل في االستئثار مبجال البث العام واحتكاره وتوجيه محتوى برامجه. ولفتت الدراسة النظر إلى أنه حتى في ظل األفكار التي طرحتها احلكومة املصرية حول حترير مرفق البث العام اململوك للدولة فإن التصريحات الرسمية لوزير اإلعالم أكدت أن محطات البث املختصة باخلدمة اإلخبارية ستبقى حقوق امللكية فيها حكرا على الدولة وهو ما يعني استمرار احتكار الدولة لعملية البث السياسي وتوجيهه في اإلطار الذي يخدم أغراضها. وطالبت الدراسة في توصياتها بإعادة تنظيم قطاع البث السمعي واملرئي مبا يلي: 1 -وضع حد نهائي لسيطرة احلكومات واحتكارها ملجال البث العام مبا يضمن حتول هذا القطاع إلى مؤسسات خدمة عامة للجمهور وتتميز باالستقاللية على مستوى اإلدارة والتمويل والبرامج. 2 -إخضاع إدارة وتنظيم قطاع البث السمعي والبصري إلى مجالس وهيئات تنظيمية تتمتع باالستقاللية املالية واإلدارية جتعلها مبنأى عن ضغوط السلطة السياسية وينبغي أن متنح هذه الهيئات صالحيات تقريرية وتنفيذية. 3 -تفوض الهيئات التنظيمية لقطاع البث بسلطة منح ترخيص البث وفقا لقواعد ومعايير واضحة ومنضبطة يحددها القانون وأن يجري تطبيق هذه القواعد في إطار من الشفافية والعلنية لضمان عدم التحيز. 4 -ينبغي أن يحظر مبوجب القانون أي شكل من أشكال الرقابة املسبقة على محتوى البث ومضمونه وتتولى الهيئات التنظيمية مهمة متابعة ومراقبة ما يبث لضمان االلتزام بالشروط املوضوعة بالقانون أو التي يتضمنها ترخيص البث وعلى وجه اخلصوص لضمان التزام وسائل البث باحترام التعددية الفكرية والسياسية والثقافية والقيود املقبولة على حرية التعبير وفقا للقانون الدولي. شارك في إعداد الدراسة الباحث املغربي عبد الكرمي العبدالوي والباحث واحملامي األردني محمد قطيشات وعصام الدين محمد حسن الباحث مبركز القاهرة والذي أشرف أيضا على حترير الدراسة بصورتها النهائية.»كان لقاوؤنا ا ألول مع ال سلطات املغربية للمرة ا ألوىل منذ عام بالتحديد وقد أاظهرت رغبة جدية يف احلوار. أاما اليوم فن شعر ب أاننا قد خدعنا اإل أاننا ن أا سف ب شكل خا ص ل صالفة ال سلطات التي تد عي ا إل صالح من جهة وت سجن ال صحفين وتفر ض الرقابة عليهم من جهة أاخرى! بهذه الكلمات التي استهل بها األمني العام ملنظمة»مراسلون بال حدود«السيد روبير مينار خطابه املوجه إلى امللك محمد السادس ميكن تلخيص وضع حرية الصحافة في اململكة املغربية وهو األمر الذي يجعل من السمعة اجليدة التي حظيت بها اململكة خالل السنوات املنصرمة في مجال احلريات واإلصالح السياسي بحاجة للتدقيق واملراجعة. في نهاية عام 2002 كان امللك محمد السادس وفي خضم موجة اإلصالح التي اعتالها بتصريحاته قد أسبغ على الصحفي وصفه ب الفاعل األساسي في احلياة العامة الوطنية و شريك ال محيد عنه في بناء الصرح الدميقراطي كما اعتبر أنه ال سبيل لنهوض وتطور صحافة جيدة دون ممارسة حلرية التعبير. وعلى العكس من ذلك فإن تقرير مراسلون بال حدود يشير إلى أنه منذ ذلك احلني تعر ضت 34 مؤسسة إعالمية على األقل للرقابة وحكم على 20 صحفيا بعقوبات بالسجن مبوجب قانون الصحافة والقانون اجلزائي أو حتى القانون املناهض لإلرهاب!. وعلى حد وصف مراسلون بال حدود فقد سقطت احلكومة املغربية في اختبار حرية التعبير في عام 2007 مدللة على ذلك بقائمة االنتهاكات التي مورست ضد الصحفيني وضد حرية التعبير في املغرب. بدأ العام 2007 مبصادرة املجلة ثقوب يف ثوب اإلصالح املغريب رجب سعد طه األسبوعية نيشان من دون استئناف كما تسبب ملف بعنوان النكت: كيف يسخر املغاربة من الدين واجلنس والسياسة بسجن الصحفيني إدريس كسيكس وسناء العاجي ملدة ثالثة أعوام مع وقف التنفيذ فضال على غرامة تبلغ درهم بتهمتي اإلساءة إلى الدين اإلسالمي و نشر وتوزيع كتابات منافية لألخالق واآلداب. وبعد بضعة أشهر أحيل صحفيان آخران يعمالن في املجلة األسبوعية الوطن اآلن إلى احملاكمة بسبب نشرهما مذك رة صادرة عن أجهزة االستخبارات إذ استدعي كل من عبد الرحيم أريري ومصطفى حرمة اهلل لالستجواب في 17 يوليو 2007 واحتجزا ملدة ثمانية أيام أدينا على إثرها استنادا إلى املادة 571 من القانون اجلزائي. وفي نهاية احملاكمة التي لم يستمع فيها القاضي بشكل كاف ملطالب الدفاع حكم على مصطفى حرمة اهلل بالسجن ملدة ثمانية أشهر فيما حكم على مدير النشر عبد الرحيم أريري بالسجن ملدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ. وفي أغسطس 2007 متت مصادرة املجلتني األسبوعيتني نيشان و تيل كيل إثر نشر افتتاحية عل ق فيها الصحفي أحمد رضا بنشمسي على خطاب العرش الذي ألقاه امللك وهو ما أدى إلى اتهامه باإلخالل باالحترام الواجب للملك استنادا إلى املادة 41 من قانون الصحافة. وقد قرر رئيس محكمة الدرجة األولى في الدار البيضاء تأجيل محاكمة أحمد بنشمسي إلى 19 آذار/مارس وفي حال إدانته قد تصل عقوبته إلى السجن ملدة خمسة أعوام مبوجب املادة سالفة الذكر. وفي 30 أكتوبر 2007 صدر حكم قضائي بحق املصور ومدير الوكالة الدولية للصحافة واالتصال AIC Press مراد بورجى بسجنه ملدة شهرين مع وقف التنفيذ العدد 79 دي سمرب

14 بتهمة املس باالحترام الواجب ملوظف رسمي أثناء ممارسته وظيفته فضال على تسديد غرامة وقدرها 2500 درهم )225 يورو( وتعويض وقدره 2000 درهم )180 يورو( للشرطي صاحب الشكوى. أما في 30 نوفمبر 2007 مت إجبار مدير النشر في صحيفة جورنال إيبدومادير علي عمار على تغيير عدة صور في الصفحة األولى والصفحات الداخلية من املجلة وكانت نسخة املجلة قد خصصت ملفا مهما ألعمال فنانني مغربيني مستوحاة من لوحة الرسام الفرنسي غوستاف كوربيه أصول العام. وجتدر اإلشارة إلى أن اللوحة املغربية قد سحبت من معرض في املكسيك بناء على طلب السفير اإليراني الذي اعتبرها اعتداء موجها ضد الدين اإلسالمي. يذكر أن جلنة حماية الصحفيني كانت قد الحظت في تقريرها عن حرية الصحافة في املغرب الذي أصدرته قبل نحو أربعة أشهر أن السلطات تستغل املالحقات القضائية التي تبادر بها أطراف أخرى باإلضافة إلى تسييس القضاء في قمع الصحافة/ كما تستخدم أساليب ضغط أخرى مثل االمتناع عن نشر اإلعالنات في صحف معينة واستخدام وسائل اإلعالم احلكومية ملهاجمة منتقديها وأيض ا التخطيط ملظاهرات ضد الصحف اجلريئة التي تنتقد احلكومة ومسئوليها. ولم يفت جلنة حماية الصحفيني في تقريرها تأكيد أن الصحافة املغربية املطبوعة تقدمت لألمام منذ تسعينيات القرن املاضي وخاصة في مجال املطبوعات اخلاصة إذ يبلغ عدد الصحف اليومية 17 صحيفة إضافة إلى عشرات الدوريات باللغتني العربية والفرنسية وتعرض هذه املطبوعات وجهات نظر احلكومة واملعارضة وآراء مستقلة وهناك بضع مطبوعات على األقل تنشر تعليقات سياسية كان من شأنها أن تتسبب لكاتبيها بالتعذيب أو االختفاء أو مبصير أكثر خطورة في عهد سابق. على الرغم من اهتمام مسئولني حكوميني والعديد من الصحفيني املغاربة الذين التقوا مبمثلي جلنة حماية الصحفيني- بالتقليل من شأن القيود املفروضة على الصحافة ووصفهم وضع الصحافة بأنه أفضل مما كان عليه في سنوات القمع السياسي إال أن العديد من الصحفيني قد عبروا عن قلقهم إزاء مظاهر تقليص احلريات الصحفية التي مت اكتسابها خالل العقد املاضي وذلك من خالل استهداف األصوات األكثر جرأة في وسائل اإلعالم. نزاهة الق ضاء: يذكر التقرير أن دستور املغرب الذي مت وضعه عام 1996 ينص على أن القضاء يجب أن يكون مستقال عن السلطتني التشريعية والتنفيذية ولكن في الواقع يوجد اعتقاد منتشر على نطاق واسع بأن القضاء يسوده الفساد حتى كبار املسئولني احلكوميني مبن فيهم املسؤلون الذين التقت بهم جلنة حماية الصحفيني أقروا بصراحة بوجود مشاكل في هذا الصدد وقال أحد الوزراء إن أحد أهم املشاكل التي هى بحاجة إلى حل في املغرب اجلديد تتعلق بنزاهة القضاء وهو ما أكده وزير آخر خالل مقابلة أجرتها معه صحيفة املساء اليومية املستقلة )املغربية( في شباط )فبراير( 2007 بقوله على القضاة أن يستمعوا إلى ضمائرهم وليس إلى الهاتف النقال!! وقال محامون للجنة حماية الصحفيني إن القانون املغربي ال يشترط على املدعني في قضايا التشهير إظهار تعرضهم للضرر كما أن القانون ال يطالب القاضي بشرح األسس التي استند إليها في حتديد التعويض وهو ما يجعل القضاة أحرارا في فرض أي مبلغ للغرامة طاملا أنه ال يتجاوز املبلغ الذي يطالب به املدعي! أوضح يونس مجاهد األمني العام للنقابة الوطنية للصحافة املغربية للجنة حماية الصحفيني أنه من السهل على وزارة الداخلية أن تتدخل في جميع القضايا التي تعرض على احملاكم فليس هناك استقالل للقضاء. ووفقا لعدد من الصحفيني فإن وزارة الداخلية تقف وراء حاالت مضايقة الصحفيني العديدة مبا في ذلك القضايا املسيسة في احملاكم وحمالت التشهير ضد مراسلون بال حدود: السلطات املغربية تدعي اإلصالح ثم تسجن الصحفيني! الصحافة في بعض الصحف. ويجرم قانون الصحافة الصادر عام 2002 كل من أخل باالحترام الواجب للملك وأصحاب السمو امللكي األمراء واألميرات و كل من مس بالدين االسالمي أو باملؤسسة امللكية أو بالوحدة الترابية كما يعاقب القانون بالسجن وبغرامة مالية نشر ما تعتبره السلطات املغربية خبرا زائفا أو إخالال بالنظام العام وتصل العقوبات القصوى إلى السجن ملدة خمس سنوات كما تتمتع احلكومة بسلطة إلغاء ترخيص أي مطبوعة وتعليق الصحف ومصادرة أعداد الصحف التي تعتبر تهديدا لألمن العام وتوفر التعبيرات املطاطة التي يتسم بها القانون وسيلة فعالة ملعاقبة -أو ردع- الصحافة الناقدة. آامال معلقة: وال تبدو أن املسودة اجلديدة لقانون الصحافة ميكن أن تشكل خطوة كبيرة لألمام على حد وصف بعض املسئولني احلكوميني فهى تبقي على معظم القيود الواسعة املوجودة في القانون احلالي. وهناك عقوبات بالسجن على العديد مما يسمى املخالفات الصحفية ويرد في مسودة القانون أيضا زيادة على الغرامات قد تصل في أقصاها إلى مليون درهم )أي ما يعادل دوالر أمريكي(. وأكثر ما يثير قلق جلنة حماية الصحفيني في مسودة القانون اجلديد أنها تنص على تأسيس مجلس وطني للصحافة يتألف من 15 عضوا يعينون من قبل امللك والصحفيني والناشرين وللمجلس سلطة منع الصحفيني من مزاولة مهنتهم وفرض عقوبات اقتصادية على الصحفيني الذين ينتهكون ميثاق شرف لم يتم حتديده حتى اآلن. وقد أنهت جلنة حماية الصحفيني تقريرها بالقول: ينبغي على قادة املغرب ترجمة أقوالهم إلى أفعال إلظهار التزامهم املعلن بنشر الدميقراطية وحرية الصحافة توفر املراجعة اجلارية لقانون الصحافة حاليا فرصة مناسبة للحكومة املغربية إلنهاء اإلجراءات التي تسمح بسجن الصحفيني أو منعهم من العمل كما توجد حاجة إلى إصالح القضاء إلنهاء املالحقات القضائية املسيسة واحليل القذرة وبعد كل شئ فإن القضاة الذين يصدرون أحكاما أثناء تغيب الدفاع من قاعة احملكمة يجعلون إعالن املغرب عن دعمه للتحديث وسيادة القانون عبارة عن شعارات فارغة من أي مضمون. 14 العدد 79 دي سمرب 2007

15 دفاعا عن حرية التعبري وحرية املعتقد طالبت هيومن رايتس ووتش واملبادرة املصرية للحقوق الشخصية احلكومة املصرية بأن تتيح لكل املواطنني تسجيل دياناتهم الفعلية عند إلزامهم بذكر الديانة في الوثائق الرسمية. وأضافت املنظمتان أن املمارسات التمييزية للحكومة -واملتمثلة في عدم السماح سوى بتسجيل إحدى ثالث ديانات وفي حرمان املتحولني عن اإلسالم من إثبات ديانتهم احلقيقية- تنتهك طائفة كبيرة من احلقوق وتتسبب في قدر هائل من املعاناة. وفي تقرير من 98 صفحة يحمل عنوان هويات ممنوعة: انتهاك الدولة حلرية املعتقد قامت هيومن رايتس ووتش واملبادرة املصرية للحقوق الشخصية بتوثيق امتناع مسئولي وزارة الداخلية بشكل منهجي عن السماح للبهائيني واملتحولني عن اإلسالم بتسجيل معتقدهم الديني احلقيقي في بطاقات حتقيق الشخصية وشهادات امليالد وغيرها من الوثائق الضرورية. وال يستند املسئولون في هذه السياسة إلى أي قانون مصري وإمنا إلى تفسيرهم للشريعة اإلسالمية. ومتتد آثار هذه السياسة إلى نواح عديدة من احلياة اليومية لألشخاص املتأثرين بها مبا في ذلك اختيار الزوج أو الزوجة وتعليم األطفال بل حتى إجراء أبسط التعامالت املالية وغيرها من التعامالت. يشير التقرير إلى أن مسئولي وزارة الداخلية يتذرعون بحظر الشريعة اإلسالمية ألي»ارتداد«عن الدين باعتبار هذا حجة لرفض طلبات تغيير الديانة حتى بالنسبة للمصريني الذين يولدون مسيحيني ثم يتحولون لإلسالم وبعدها يرغبون في العودة إلى املسيحية. ويوثق تقرير»هويات ممنوعة«األسلوب االنتقائي الذي تنتهجه احلكومة املصرية في استخدام الشريعة من أجل تبرير حرمان بعض املواطنني من حقوقهم التي يكفلها لهم القانون املصري وقانون حقوق اإلنسان الدولي بشأن حرية االعتقاد الديني دومنا تفرقة أو عقوبة. استندت مادة التقرير إلى أكثر من 40 مقابلة مع الضحايا واحملامني والقيادات الدينية واملجتمعية فضال على دراسة املبادرة املصرية للحقوق الشخصية مللفات 304 دعاوى قضائية أقامها الضحايا وذووهم وكذلك قرارات احملاكم العليا والقوانني ذات الصلة باملوضوع. ال ينبغي أن تغتال باسم الشريعة اإلسالمية وروى عديد من املصريني متت مقابلتهم أثناء إعداد التقرير كيف حاول مسئولو وزارة الداخلية تهديدهم أو رشوتهم لكي يختاروا اإلسالم كديانة ضد رغباتهم املعلنة. ويشير التقرير إلى أنه على حني تدعي احلكومة املصرية ويؤيدها في ذلك بعض أحكام احملاكم أن إثبات الفرد العتناقه البهائية أو تغيير ديانته من اإلسالم إلى أي ديانة أخرى يعد من قبيل»إظهار معتقد يحرمه اإلسالم وعليه فإنه يجوز منعه بدافع احلفاظ على النظام العام. غير أن املوقف احلكومي يصطدم مع ما ذهبت إليه اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان في األمم املتحدة التي أكدت أنه ال يجوز ألي دولة فرض قيود على حرية أي إنسان في إظهار دينه بدافع احلفاظ على»النظام العام«استنادا إلى مرجعية دينية وحيدة حتى وإن أصدرت قرارا باعتبار هذه املرجعية هى الدين الرسمي للبالد. الحظ التقرير أن اآلباء واألوصياء البهائيني يجدون أنفسهم مكرهني على أن يوقعوا على إقرار يقضي بأن أبناءهم ليس لديهم مانع من االمتحان في مادة التربية الدينية اإلسالمية أو املسيحية في املدارس العامة األمر الذي يخالف ما ذهبت إليه اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان من أن تعميم تدريس دين بعينه في التعليم العام ال يتماشى مع حرية املعتقد الديني مبوجب العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية ما لم يتم توفير إعفاءات أو بدائل غير متييزية تراعي رغبات اآلباء واألوصياء القانونيني في تعليم أبنائهم املعتقد الديني الذي يختارونه. واعتبر التقرير أن سلوك احلكومة الرافضة إلظهار املعتقد الديني الفعلي في األوراق الرسمية يعني أنها تقول للمواطنني»إذا لم تكذبوا عندما نطالبكم بالكشف عن معتقداتكم فسنحرمكم من أوراق إثبات الشخصية التي ال غنى عنها لكم في تسيير حياتكم اليومية في هذا املجتمع«. أكد التقرير أن ادعاء احلكومة أن سياساتها احلالية تتفق مع مقتضيات الشريعة اإلسالمية ال يجد له أساسا من الصحة ففي حني يجمع علماء املسلمني على أن ترك اإلسالم معصية كبرى يجرمها الدين فليس ثمة اتفاق فقهي دفاعا عن حرية التعبري وحرية املعتقد مماثل على أنه ال يجوز للدولة أو يجب عليها إنزال عقوبة دنيوية أو مدنية على تاركي اإلسالم إلى املسيحية أو أي معتقد ديني آخر. وإذا كان هنالك إجماع بني علماء املسلمني على أن البهائية تعد خروجا أو ردة عن اإلسالم فإن القرآن الذي كفلت نصوصه حرية االعتقاد لم يقصر تلك احلرية على أتباع الديانات الثالث املعترف بها. التو صيات: وإلى جانب مطالبته احلكومة املصرية بحذف خانة الديانة من وثائق حتقيق الشخصية فقد تضمنت التوصيات اخلتامية للتقرير مطالبة احلكومة مبا يلي: 1- اتخاذ إجراءات فورية لضمان أن تسجيل أي هوية دينية ألغراض السجل املدني البد أن يعكس -على نحو صحيح- املعتقد الديني احلقيقي للمواطن مهما كان هذا املعتقد دون وقوع أي عواقب مدنية أو جنائية عليه وفقا اللتزامات مصر باحترام احلق في حرية املعتقد الديني مبقتضى القانونني املصري والدولي. 2- إسقاط التهم عن أي شخص متت إدانته جنائيا بسبب حصوله على وثائق حتقيق شخصية مزورة ال لشئ إال لرفض احلكومة السماح له بإثبات تغيير ديانته. 3- إصدار تعليمات لوزارة الداخلية بوقف ممارسة الضغوط على املواطنني للتحول إلى اإلسالم أو لقبول اتخاذ هوية دينية على غير إرادتهم ومعاقبة املسئولني الذين يقومون مبثل هذه املمارسات. 4- إطالق حمالت إعالمية لنشر الوعي العام مبشاركة املجتمع املدني بهدف تعزيز التسامح الديني والتأكيد على املساواة في حقوق املواطنة وتوضيح أن حتول الفرد عن اإلسالم أو اعتناقه ألي ديانة أخرى بخالف اإلسالم أو املسيحية أو اليهودية ال يجب أن يستوجب عقوبات مدنية أو جنائية. 5- املوافقة على طلب املقرر اخلاص لألمم املتحدة بشأن حرية الدين واملعتقد والذي لم يتم الرد عليه منذ تقدميه عام 2005 بالقيام بزيارة إلى مصر لدراسة أوضاع احلريات الدينية وصياغة التوصيات الالزمة ملناهضة التمييز على أساس الدين ومناهضة التعصب الديني. العدد 79 دي سمرب

16 بعد 20 عاما من حكم بن علي.. من حق ال شعب التون سي اأن يتطلع اىل جمهورية ثانية وعقد اجتماعي عديد من الفالسفة اإلغريق وخاصة منهم أفالطون في جمهوريته وأرسطو في كتابه عن السياسة شددوا على أن يتم التعاطي مع السياسة باعتبارها فنا وكفاءة ال باعتبارها حوزة خاصة يقصى منها اجلمهور الواسع. واستلهم منهم القديس الروماني أوغستني مفهوما للجمهورية بوصفها مجموعة من البشر حك مت بينها القانون واملصالح املشتركة وضرورة احملافظة عليها للفائدة اجلماعية. ثم جاء مفكرو عصر التنوير ليحو لوا الناس من رعايا إلى مواطنني يقوم بينهم تعاقد اجتماعي- مدني يفتح املشاركة أمام كل الطاقات اإلنسانية ويسعى إلى االستفادة منها جميعا. ثم تواترت إعالنات ومواثيق حقوق اإلنسان لتؤكد أن الناس يولدون أحرارا ويتمتعون باحلقوق نفسها ولهم كلمتهم في كل ما يعنيهم من شؤون وال ينبغي ألحد أن مينعهم من املشاركة احلرة في السياسة من أجل تكريس مواطنتهم الكاملة واختيار احلاكم واختيار منط احلكم. وإذا كان الناس أحرارا وكانت املشاركة مسموحا بها فمعنى ذلك أن نظام احلكم ينبني بالضرورة على االنتخاب واالنتخاب معناه لغة: اختيار نخبة من مجموعة واسعة العدد وهو ما يؤدي إلى مشاركة اجلمهور بصورة فعلية في احلكم أي إلى ما اصطلح عليه باجلمهورية. وعلى هذا الدرب سارت املجتمعات احلديثة في الغرب وتخطت حكم الفرد واحلكم الذي يدور في فلك الروابط الدموية والعصبية أو الذي يستمد شرعيته من اإلله. أما عندنا -نحن الشرقيني- فقد سعى رواد اإلصالح من أمثال خير الدين واألفغاني والكواكبي إلى أن يستلهموا كمسلمني- ما أمكن من املبادئ الكبرى للجمهورية كما اتضحت معاملها وأسسها في الغرب وعيا منهم بأن مدخل النهضة احلقيقي هو إصالح النظام السياسي الشرقي القائم على استبداد الفرد وأجهزته من جهة واستعباد الناس وإلغاء حقهم في املشاركة من جهة أخرى. ووجدت هذه األفكار صداها في بدايات القرن العشرين في الثورة الدستورية في إيران ولدى الليبراليني في مصر وتركيا وفي بالد الشام. وقد كان ممكنا االستفادة من الفرصة التاريخية الكبرى التي مثلها إلغاء اخلالفة اإلسالمية بوصفها شكال سياسيا يعيق احلداثة ويحول دون تطوير أنظمتنا السياسية وفكرنا السياسي غير أن تكالب القوى االستعمارية على املنطقة وإسنادها لألنظمة السياسية التقليدية وتنصيبها لعمالء يخدمونها ويحفظون مصاحلها أجهض كل إمكانية الغتنام هذه اللحظة الفارقة. استقلت دولنا وتواصل بعضها على األنظمة املوروثة نفسها من احلقبة االستعمارية أو مما قبلها أو مما قبل قبلها. بينما أفلحت دول أخرى في جتاوز األنظمة القدمية وبناء جمهوريات مثلما حدث في تونس حيث ألغيت امللكية ومت اإلعالن عن ميالد اجلمهورية يوم 25 يوليو من عام 1957 أي بعد عام ونيف فقط من االستقالل. والسؤال الذي يطرح نفسه :هل عاش حقا التونسيون على امتداد خمسني عاما في ظل جمهورية.. وما نصيبهم منها بلغة أخرى: هل تأسست عندنا جمهورية باملعنى املستفاد من الفكر السياسي احلداثي قبل 1957 كان يحكمنا نظام البايات القائم على احلكم الفردي االستبدادي وعلى توريث احلكم في العائلة املالكة من األصول إلى الفروع. احلبيب احلمدوني عصو سابق بالهيئة املديرة للرابطة التونسية حلقوق اإلنسان قبل 1957 أس ر املنصف باي الذي عرف بوطنيته الصادقة لبعض املقربني منه بأنه ينوي إلغاء النظام امللكي وتعويضه بآخر جمهوري لكنه أزيح ونفي إلى خارج تونس حيث مات. وقبل 1957 نزل األمر العلي بإحداث املجلس القومي التأسيسي وحتديدا في ديسمبر وكانت النية تتجه نحو إقامة ملكية دستورية. بعد 1957 أصدر احلكم اجلمهوري اجلديد دستورا مث ل نقلة نوعية في غاية األهمية إذ نص على أن النظام هو جمهوري ووضع ضوابط للحكم واعترف بحقوق للجميع حكاما ومحكومني- وحدد واجباتهم ومت جتاوز احلكم االعتباطي املتنصل من كل املوجبات واملعايير. وبكل تأكيد فهذا الدستور هو نقطة حاسمة حتسب لفائدة النظام اجلمهوري. وبعد 1957 تتالت االنتخابات الدورية الرئاسية والبرملانية والبلدية. ومبدأ االنتخاب في ذاته يعد نقطة ايجابية حلساب هذا النظام. وبعد 1957 أيضا وفي يوم 7 نوفمبر من سنة 1987 أزيح الرئيس األسبق إذ امتد به املرض وطالت شيخوخته واهترأ النظام في آخر عهده وتزايدت املخاطر على اجلمهورية ذاتها. وأكد احلاكمون اجلدد متسكهم بالنظام اجلمهوري وجتاوز أخطاء العهد السابق. وقد رأت النخب احلية ذلك -مبدئيا- أمرا إيجابيا وظلت تنتظر النتائج في أرض الواقع. مسيرة كهذه في قراءتها العامة كان من املفروض أن تتكرس فيها ركائز اجلمهورية وقيمها لينتج الشعب حياته السياسية بنفسه وفقا ملبادئ اجلمهورية كما ترسخت في الغرب فيفرز في النهاية سلطة تعبر عن ماهيته وتلبي طموحاته ويتجسد فيها معنى املواطنة ومتارس فيها السياسة كفن وكفاءة. وفي الواقع وإذا نظرنا إلى هذه املسيرة منذ بداياتها إلى اليوم والوقائع التي حكمتها والنتائج التي أفرزتها فإننا نعثر على احلقائق التالية البارزة: - نص الدستور منذ إصداره خو ل لرئيس الدولة أن يجمع بني يديه سلطات كثيرة على حساب السلطتني التشريعية والقضائية وحتى على حساب سائر أجهزة السلطة التنفيذية ذاتها وهو ما حد من فعالية هذه السلطات وجعل اجلمهورية تعود القهقرى لتتقاطع مع احلكم الفردي البائد وعدم الفصل بني السلطات الذي ينقض في العمق كينونة اجلمهورية. - لم يحدد الدستور عدد واليات الرئيس إلى أن جاء بورقيبة في أواسط السبعينيات ليعلن الرئاسة مدى احلياة ويوقف مبدأ انتخاب الرئيس. وجاء السابع من نوفمبر ليلغي هذا املبدأ وهو العنصر األهم الذي أعطاه الشرعية التي يبحث عنها. ثم حددت الواليات بدورتني ليتم االرتداد بجرة قلم - ولو كانت عن طريق االستفتاء- عما ورد في البيان وينقح الدستور ليفتح سقف الدورات إلى ما ال نهاية لتعود اجلمهورية إلى الرئاسة مدى احلياة ويقبر مبدأ التداول السلمي على السلطة ذلك الوتد الذي ال تستقيم خيمة اجلمهورية إال به. ينقح الدستور ويعفى رئيس الدولة من كل مسئوليه عن أفعاله أثناء فترة حكمه وبعدها أمام أي من الهيئات الدستورية والقضائية وهو ما يعني حصانة الفرد وعلويته على القانون وعلى جميع املؤسسات وقداسته. وفي هذا رجوع إلى عصور ضاربة في غياهب التاريخ بينها وبني اجلمهورية ما ال يحصى من األزمان. - ما فتئت القوانني املتعارضة مع مبادئ الدستور تسن الواحد تلو اآلخر ليتم التضييق على حرية التنظم وتأسيس األحزاب واجلمعيات وحرية الرأي والتعبير ليغلق الباب أمام كل نفس مستقل ومخالف للتوجهات الرسمية وما ميثله من ضغط ممكن للحد 16 العدد 79 دي سمرب 2007

17 من هيمنة الدولة وأمام املنافسة السياسية املدنية للوصول إلى السلطة ويحرم املواطنني من حقوق أساسية ال معنى للجمهورية بدونها. - رغم املطالبة املستمرة بإنشاء محكمة دستورية مستقلة تراقب دستورية القوانني من أجل ضمان احلقوق واحلريات الواردة في الدستور عبر إعادة النظر في القوانني املتعلقة باحلريات والتي هي في أغلبها غير دستورية فإن هذه املطالبة لم جتد اآلذان الصاغية وأي معنى للجمهورية بدون ضمانات دستورية - انطالقا من هذه القوانني وعلى امتداد خمسني عاما متت مالحقة اآلالف من أجل ممارسة حقوقهم والتنكيل بهم ومحاكمتهم كي يلجموا أفواههم ويلزموا قوقعاتهم ويعيشوا على الهامش وعلى الكبت واحلرمان. أي جمهورية هذه التي تقوم على املالحقة والتنكيل واإلقصاء ملنع التمتع باحلقوق - خمسون عاما والبالد يحكمها حزب واحد أحد إلى احلد الذي تداخلت فيه هيئاته مع أجهزة الدولة تداخال شديدا ولم نعد نفرق فيه بني املسئول في احلزب واملسئول في الدولة. وحتى التنفيسات التعددية التي متت حتت تأثير األزمات املختلفة واملناخات الدولية الضاغطة كانت جد محسوبة كما يحسب قياس اخلامت في أمنلة اليد. وإذا انتفت التعددية احلق فهل تظل اجلمهورية ذات داللة - خمسون عاما واالنتخابات تقع فيها كل أشكال اإلكراه والتزوير وتوظيف إمكانات الدولة لفائدة احلزب احلاكم. فكانت النتائج من«ال إمساك وال تشطيب«إلى %99 فاصل كذا إلى ذر الرماد على العيون. وجمهورية ال تقوم على اإلرادة احلرة ألبنائها في الترشح واالنتخاب وال تقوم على حياد اإلدارة هل من صلة لها باملفهوم الصحيح للجمهورية هذه هي حال جمهوريتنا على امتداد خمسني عاما. وهي في اجلوهر ذات سمات واحدة في كل األحقاب. وهذه احلال تشعرنا باحلاجة امللحة إلى إعالن اجلمهورية الثانية التي تقطع بصورة حاسمة مع أساليب اجلمهورية األولى هذه اجلمهورية التي تتأسس على الثوابت الراسخة والقيم الرفيعة ملفهوم اجلمهورية. وهذه اجلمهورية الثانية تستوجب -في تقديري- مراجعة الدستور في اجتاه إرساء املبادئ اجلمهورية احلقيقية التي تنبني على مبدأ تشريك اجلميع في ممارسة السلطة والتداول عليها واالعتراف باحلرية واملواطنة واملساواة جلميع التونسيني. كما تستوجب إحياء فكرة امليثاق الوطني الذي ظهر في أواخر الثمانينيات والذي كان باإلمكان أن يوفر أرضية عمل وجتميع ناجعة لكنه ولد ميتا بغاية االتفاق على جملة املعايير والثوابت املبدئية السياسية واملدنية واألخالقية التي تؤثث بشكل فعلي دولة القانون واملؤسسات وتقدس الدستور وتخضع له جميع القوانني وترسي الدميقراطية وتؤصل قيم احلرية والتسامح والتآزر واملساواة وتكافؤ الفرص بني التونسيني بال استثناء وفي كل املجاالت حتى نتذوق طعم اجلمهورية ونقتنع مبا قاله عباقرة اإلنسانية من أن السياسة فن وكفاءة ال إقطاعا خاصا يقصى منه اجلمهور الذي تتشكل منه اجلمهورية في مدلولها األصيل. الûشبكة ا ألورومتوSسطية ت ؤƒكد تراجع اأولويات ا إلUصالح حلùساب اعتبارات ا ألمن والتجارة أعربت اللجنة التنفيذية للشبكة األورومتوسطية حلقوق اإلنسان عن قلقها إزاء تصاعد العلميات اإلرهابية مجددا في العالم العربي وحذرت من مغبة التذرع مبواجهة اإلرهاب لتبرير االنتهاكات اخلطيرة واملنهجية حلقوق اإلنسان وزيادة وتيرة املضايقات والقمع الذي يطال املدافعني عن حقوق اإلنسان في العالم العربي. ونددت اللجنة التنفيذية في هذا اإلطار بحمالت الشرطة والتدخالت اإلدارية التي تتعرض لها املنظمات غير احلكومية واملدافعون عن حقوق اإلنسان. وشددت على ضرورة احترام حكومات الشراكة حلرية واستقالل نشطاء املجتمع املدني وضمان أمنهم وسالمتهم اجلسدية. وطالبت مؤسسات الشراكة وحكومات ومؤسسات االحتاد األوروبي بأن تضع حماية نشطاء املجتمع املدني على رأس األولويات في جميع احلوارات واملفاوضات مع البلدان العربية املنضمة للشراكة وذلك تطبيقا للمبادئ التوجيهية لالحتاد األوروبي اخلاصة باملدافعني عن حقوق اإلنسان. جاء ذلك في ختام اجتماعات اللجنة التنفيذية التي عقدت في جلوبلجانا في سلوفينيا خالل الفترة من سبتمبر غزة.. كيان معاد! وفي االجتماع ذاته جددت اللجنة التنفيذية إدانتها للحصار املفروض من قبل السلطات اإلسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية. وقد عبرت اللجنة -بشكل خاص- عن قلقها البالغ إزاء قرار سلطات االحتالل اإلسرائيلي باعتبار قطاع غزة كيانا معاديا األمر الذي يتوقع معه مزيد من تدهور األوضاع احلياتية للسكان داخل القطاع. ودعت اللجنة االحتاد األوروبي لبذل كل مساعيه من أجل رفع احلصار عن الشعب الفلسطيني. حمامات الدم ومن ناحية أخرى فقد عبرت اللجنة التنفيذية عن قلقها الشديد من تنامي العنف والنزاعات بني الطوائف الدينية في اإلقليم والتي ميكن أن تؤدي إلى تقسيم بلد كالعراق. وشددت على أن كامل اإلقليم يتحمل تبعات حمامات الدم التي يشهدها العراق في أعقاب التدخل العسكري املدمر من جانب الواليات املتحدة األمريكية وحلفائها. ونددت اللجنة باالغتياالت السياسية في لبنان التي تستهدف تعميق الفرقة الدينية واإلخالل باألمن بشكل دائم في لبنان بفعل التدخالت اخلارجية املتعددة. وسجلت اللجنة التنفيذية أسفها الشديد من أن اإلصالحات السياسية لم تعد تشكل أولوية فيما يخص الشراكة وأنه قد مت التخلي عنها لصالح االعتبارات األمنية والتجارية األمر الذي اعتبرته اللجنة يشكل تشجيعا خطيرا للنزعات االستبدادية في املنطقة. انتهاكات وا سعة النطاق حلرية التعبري فى البحرين حذرت 49 منظمة محلية وإقليمية ودولية من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان- من استمرار التدهور اخلطير حلرية التعبير في مملكة البحرين وطالبت هذه املنظمات السلطات البحرينية بأن تضع حدا لالعتداءات املتواصلة على حرية التعبير وإلغاء القوانني التعسفية التي جتافي االلتزامات اململوكة مبوجب انضمامها لعدد من الصكوك األساسية حلقوق اإلنسان وبخاصة العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية. جاء ذلك عبر البيان املشترك الذي أصدرته هذه املنظمات في الثامن من نوفمبر وتضم قائمة املوقعني على هذا البيان -إلى جانب عدد من املنظمات البحرينية- العديد من املنظمات احلقوقية في مصر واألردن ولبنان وبريطانيا واملكسيك وكولومبيا وسريالنكا والواليات املتحدة وتركيا ونيبال وأذربيجان وبلجيكا. أشار البيان إلى أن انتهاكات حرية التعبير في البحرين قد شملت حق البث وتداول املعلومات في قضايا الشأن العام على املواقع االلكترونية واحلق في طبع وتوزيع املطبوعات األكادميية والفنية والوثائقية واحلق في مشاهدة أفالم سينمائية عامة سواء تسجيلية أو درامية أو خيالية فضال على احلق في التعبير عن الرأي من خالل الضغوط على الكت اب والصحفيني واملدونني واحلق للمدافعني عن حقوق اإلنسان في النفاذ إلى وسائل اإلعالم. أوضح البيان أن السلطات البحرينية دأبت في اآلونة األخيرة على اتخاذ تدابير صارمة ملنع النشطاء من الوصول للجمهور عبر وسائل اإلعالم وحجبت عددا واسعا من املواقع اإللكترونية كما حظرت طباعة ونشر روايات وكتب وثائقية وتاريخية وحرمت اجلمهور من مشاهدة عدد من األفالم فوق كل ذلك جتري محاكمات للكتاب والصحفيني بسبب ما يكتبونه أو ينشرونه. العدد 79 دي سمرب

18 ال سالم.. وال تنمية دون معاجلة ق ضايا حقوق ا إالن سان يف دارفور بعد خمسة أعوام من اندالع النزاع في دارفور ال يزال املدنيون هدفا ألعمال العنف. ومن بني أكثر من مليوني شخص اضطروا للنزوح هربا من االقتتال والهجمات املباشرة على القرى والبلدان في اإلقليم فإن املدنيني القالئل الذين يحاولون العودة إلى أراضيهم يتعرضون للهجمات ويبعدون بالقوة. كما أن العاملني باإلغاثة اإلنسانية وعناصر حفظ السالم يتزايد تعرضهم للخطر وال تزال ميليشيات اجلنجويد املدعومة من قبل احلكومة وبعض فصائل املتمردين في اإلقليم يواصلون نهج العنف الذي يدفع مغبته املدنيون. وعلى الرغم من الضمانات التي تقدمت بها احلكومة السودانية فقد فشلت في إنهاء الهجمات املتفشية على املدنيني واالنتهاكات اجلسيمة حلقوق اإلنسان التي تقع مصحوبة باإلفالت من العقاب. كما فشلت احلكومة في إحكام سيطرتها على ميليشيات اجلنجويد وفي نزع أسلحتها ووصل األمر حد استخدام احلكومة في هجماتها طائرات حتمل ألوانا أو عالمات لألمم املتحدة وبعثة االحتاد األفريقي في السودان. ذلك ما أكدته رسالة وجهتها 22 منظمة عربية وأفريقية ودولية إلى ممثلي احلكومات العربية عبر االجتماع الذي عقدته جامعة الدول العربية في اخلرطوم في أكتوبر 2007 والذي استهدف مناقشة األزمة في دارفور وسبل تقدمي املساعدة اإلنسانية وإعادة البناء والتنمية في اإلقليم. اإهانة للمجتمع الدويل أوضحت املنظمات في رسالتها أن االنتهاكات الواسعة حلقوق اإلنسان تتم في ظل إفالت يكاد يكون كامال من العقاب إذ رفضت احلكومة التعاون مع احملكمة اجلنائية الدولية ورفضت تسليم الشخصني اللذين أصدرت احملكمة أوامر اعتقال بحقهما. وأشارت املنظمات العربية والدولية إلى أن أحد املطلوبني من قبل احملكمة وهو أحمد هارون ال يزال يشغل منصب وزير الدولة للشئون اإلنسانية في دارفور!! وعني مؤخرا عضوا في جلنة مسئولة عن النظر في الشكاوى واالنتهاكات حلقوق اإلنسان! أما الثاني وهو على قشيب الذي كان رهن االحتجاز في السودان فقد أطلق سراحه مؤخرا تصوير : زياد محيي الدين طبقا ملا أعلنه وزير اخلارجية السوداني وهو األمر الذي اعتبرته الرسالة مبثابة إهانة مروعة للمجتمع الدولي وأشارت الرسالة إلى أنه على الرغم من قبول حكومة السودان لقوة حفظ السالم التابعة لألمم املتحدة واالحتاد األفريقي في دارفور فإن احلكومة فشلت في تسهيل نشر هذه القوات وانتهجت سلوكا مراوغا فيما يخص تشكيل هذه القوات. وطالبت الرسالة دول اجلامعة العربية بأن تأخذ بعني االعتبار في اجتماعها قضايا حقوق اإلنسان مشيرة إلى أنه ال أمل في سالم وأمن دائمني دون معاجلة هذه القضايا. ودعت الرسالة إلى انتهاج خطوات محددة من أجل: 1- مطالبة جميع األطراف املنخرطة في الصراع بااللتزام بقواعد القانون الدولي اإلنساني والقانون الدولي حلقوق اإلنسان مبا في ذلك إنهاء الهجمات على املدنيني واالستخدام غير املشروع أللوان وعالمات األمم املتحدة وبعثة االحتاد األفريقي على الطائرات. 2- التوقف نهائيا عن دعم ميليشيات اجلنجويد املسلحة واتخاذ اإلجراءات الكفيلة بنزع أسلحتها. 3- وضع حد لسياسة اإلفالت من العقاب ودعوة احلكومة السودانية لاللتزام بالتعاون الكامل مع احملكمة اجلنائية الدولية وتبني وتنفيذ إصالحات تشريعية ترمي إلى تعزيز النظام القضائي في السودان. 4- اتخاذ اإلجراءات والتدابير الالزمة لتسهيل نشر قوات حفظ السالم املختلطة في السودان. وقع على الرسالة املنظمات اآلتية: الفيدرالية الدولية حلقوق اإلنسان هيومان رايتس ووتش البرنامج العربي لنشطاء حقوق اإلنسان اجلمعية املصرية للنهوض باملشاركة املجتمعية جمعية شباب البحرين حلقوق اإلنسان دار اخلدمات النقابية والعمالية الشبكة العربية ملعلومات حقوق اإلنسان جلان الدفاع عن احلريات الدميقراطية وحقوق اإلنسان في سوريا املبادرة املصرية للحقوق الشخصية مركز البحرين حلقوق اإلنسان املركز السوري لإلعالم وحرية التعبير مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان مركز الندمي للعالج والتأهيل النفسي لضحايا العنف مركز دمشق لدراسات حقوق اإلنسان منتدى الشقائق العربي حلقوق اإلنسان اليمني املنظمة العربية لإلصالح اجلنائي املنظمة املصرية حلقوق اإلنسان املنظمة الوطنية حلقوق اإلنسان )سوريا( املنظمة السودانية ملناهضة التعذيب منظمة ستاند سيراليون حتالف دارفور البرت شبكة الالجئني واملشردين داخليا في غرب أفريقيا. 18 العدد 79 دي سمرب 2007

19 »امللك فاروق«.. إنصاف حلقبة عمد نظام يوليو إىل تشويهها فيإطارمحاولةفهماألسباب التي حملت املصريني بصفة خاصة لإلعجاب مبسلسل امللك فاروق عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق اإلنسان لقاء فكريا في إطار صالون ابن رشد يوم الثالثاء املوافق 20 نوفمبر 2007 حتت عنوان: ملاذا حظي مسلسل امللك فاروق بهذا النجاح.. إعادة اكتشاف للملكية أم سخط على ثورة يوليو!. طرح بهي الدين حسن مدير املركز في بداية اللقاء عدة تساؤالت قد شغلت الرأي العام حول سر جناح مسلسل تاريخي يتحدث عن فترة سياسية لم نعاصرها وكيف أنه على الرغم من امتناع التلفزيون املصري من إنتاجه وعرضه فإنه حظي بأكبر شعبية جماهيرية األمر الذي يثير التساؤل حول ما إذا كان إعجاب املصريني خاصة باملسلسل يكشف عن نوع من التعاطف واحلنني للملكية وعهدها ليس فقط لشخص امللك وإمنا أيضا للعديد من الزعامات الوطنية التي عاصرت هذه احلقبة التاريخية املهمة وما إذا كان املسلسل قد كشف عن سخط املصريني على نظام يوليو والنظام احلالي باعتباره امتدادا تاريخيا له أم ال. من جانبها استبعدت د. مليس جابر مؤلفة املسلسل أن يكون جناحه بسبب احلنني للملكية مؤكدة أن البعد اإلنساني للشخصيات التاريخية هو الذي منحها مصداقية. موضحة أيضا أن احلراك السياسي الذي كان موجودا آنذاك وطبيعة الزعامات السياسية يعد مبثابة احملرك األول الذي جذب اجلماهير نحو متابعته. أضافت أن املسلسل استطاع أن يكشف األساطير التي اختلقها إعالم الثورة كما أعاد اكتشاف احملاكمات التاريخية للزعامات السياسيةفارضاتساؤالتمنقبيل: م ن ي حاكم من وبأي شرعية وما هي عقلية من ي حاك م...إلخ. أكدت املؤلفة أنها لم تكن معنية بالقيام بأية إسقاطات على الواقع احلالي وإمنا كانت معنية فقط بتغيير وجهة نظر املشاهدين حول هذه الفترة التاريخية املهمة وكيف كانت املقررات املدرسية إبان الثورة تدرس أن ثورة 1919 فشلت الهتمامها باحلرية السياسية على حساب احلرية االجتماعية!! وهو أمر غير صحيح تاريخيا. في املقابل أكد صالح عيسى رئيس حترير صحيفة القاهرة أننا أمام أجيال مصرية متتالية ممسوحة الذاكرة التاريخية وأن املسلسل شكل حتديا لهذه الذاكرة وأصاب البعض إما بالصدمة أو بالدهشة كما استطاع أن يعمق من إحياء الشوق للحرية ال امللكية كما أظهر املسلسل طبيعة احلراك السياسي املأسوف عليه اآلن مع التركيز على إبراز أمناط الدميقراطية والتعددية احلزبية وكيف أنه كان هنالك أغلبية حتكم وأقلية تعارض ومل ك له سلطات إذا حاول أن يتخطاها يجد من يقف في وجهه لصالح سلطة الشعب. أما عن سبب هذه الصدمة والدهشة فيؤكد بأنه وقر في ضميرنا خطأ أن النظم امللكية مستبدة بالضرورة ألنها ملكية وأن النظم اجلمهورية دميقراطية بالطبع فقط ألنها جمهورية في حني أن ثمة العديد من النظم اجلمهورية االستبدادية وفي املقابل ثمة نظم ملكية ليست استبدادية مما يفضي إلى قناعة موضوعية بأنه ليس املهم طابع احلكم ولكن آليات اشتغاله وميكانيزم تنفيذه. من جانبها اعتبرت الكاتبة اللبنانية د. دالل البزري أن مصر كان بها مناخ مهيأ بالفعل ومنذ قرابة عشر سنوات ومن منطلقات وطنية لنقد احلقبة الناصرية وإعادة النظر في د. محمد حلمي عبد الوهاب من اليمني: د. عماد أابو غازي د.ملي س جابر بهي الدين ح سن صالح عي سى د. دلل البزري املسلمات اخلاصة باحلقبة امللكية موضحة أن الصدمة التي أحدثها املسلسل رمبا تعد ضربا من االستعداد النفسي لقبول املزيد من املراجعات التاريخية املماثلة. مؤكدة في ختام حديثها أن السبب الرئيسي لنجاح املسلسل أنه منح املشاهد صورة عن مصر أحلى بكل املقاييس من صورتها الراهنة ليس فقط على مستوى الدميقراطية والتعددية احلزبية وإمنا أيضا على مستوى احلضارة والتمدن وجمال العمران. من ناحيته أعرب الدكتور عماد أبو غازي الباحث في التاريخ والوثائق أنه لم يستغرب مطلقا احلماس الذي واكب املسلسل وتاله فيما بعد وذلك لعدة أسباب من بينها: أن الدراما التاريخية جذابة بطبيعتها ولها جمهورها اخلاص وتشد املشاهد وتلفت انتباهه بدرجة أكبر رمبا من الدراما االجتماعية أيضا ألن األعمال الدرامية برأيه- تعد بدرجة ما مبثابة تأريخ مواز للحركة األكادميية إذ متثل الدراما بالفعل مصدرا للمعلومات التاريخية. وفي سرده للفوارق والقواسم التي تفصل أو تربط بني الكتابة التاريخية والدراما التلفزيونية أكد أبو غازي أن التحيز قاسم مشترك ما بني الطرفني فكاتب الدراما متحيز بطبعه واملؤرخ أيضا متحيز هو اآلخر وأن املوضوعية واحلياد التام مجرد أسطورتني. كما وضح أن العديد من األعمال الدرامية التي عرضت مؤخرا أعادت رسم صورة مغايرة ملا هو مستقر عادة في األذهان ومنها -على سبيل املثال- مسلسل بوابة احللواني حملفوظ عبد الرحمن والذي قدم صورة جيدة للخديوي إسماعيل بعيدا عن التشويهات املوروثة منذ عهد الثورة. وعن سر جناح املسلسل أكد أبو غازي أن ثمة حنينا داخل املصريني بالفعل ورغم عوامل التشويه وزيف مقررات التاريخ التي تقفز من محمد فريد ومصطفى كامل إلى الضباط األحرار هذا احلنني إلى احلياة النيابية واحلراك السياسي وإنصاف هذه احلقبة املنسية عن عمد -إن صح التوصيف- يطفو على السطح من فينة ألخرى. العدد 79 دي سمرب