فكر حر وإبداع جديد aljadeedmagazine.com ثقافية عربية جامعة تصدر من لندن AL JADEED يوليو/ مت وز 2017 العدد 30 األدب العربي باإلنكليزية أدب األطفا ل ماذ

النسخ

1 فكر حر وإبداع جديد aljadeedmagazine.com ثقافية عربية جامعة تصدر من لندن AL JADEED يوليو/ مت وز 2017 العدد 30 األدب العربي باإلنكليزية أدب األطفا ل ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل العدد - 30 يوليو/ مت وز 2017

2 aljadeedmagazine.com محمد خياطة هذا العدد مؤسسها ونارشها 2014 الزبيدي نوفمبر/تشرين الثاني هيثم رئيس التحرير نوري الجراح مهند عرايب في هذا العدد تفتتح»الجديد«نقاشا صريحا حول أدب األطفال العرب. ما يكتب لهم وما ال يكتب. ما ي نتج من ثقافة وما تحمله إليهم المطبعة العربية من أعمال تنشر وتتوجه إليهم تحت عنوان»أدب األطفال«أو»ثقافة الطفل«. يشارك في هذا النقاش باحثون متخصصون ومبدعون يكتبون لألطفال وأصحاب رأي من المثقفين الذين يتابعون ظاهرة الكتابة لألطفال. المساهمات المنشورة جاءت من أقالم عربية من مصر العراق سوريا اليمن فلسطين السودان عمان تونس وغيرها. وهي بمثابة قراءات ومراجعات تتضمن نقدا فكريا وتقييما للتجربة العربية في صناعة ثقافة الطفل. علما أن الجديد ستبقي هذا الملف مفتوحا في أعدادها المقبلة لنشر المزيد من المساهمات النقدية في الموضوع. وال نخفي أننا نتطلع إلى أن تتطرق الكتابات المنتظرة إلى جوانب أخرى تضيف أكثر من بعد وأكثر من سؤال يتصل بالكتابة لألطفال وقضاياها الكثيرة من لغة الكتابة وموضوعاتها إلى الصياغات واألفكار والتطلعات التي تحملها إلى األطفال. وهو ما يترجم خطة المجلة في نقد أحوال الثقافة العربية والكشف عن التطورات الحاصلة في األدب والفكر. وإلى جانب ما يحفل به العدد من مقاالت وإبداعات شعرية وقصصية وحوارات أدبية وعروض ومراجعات نقدية لإلصدارات األدبية والفكرية الجديدة عربية وأجنبية في العدد ملف نقدي حول ما نشر في العدد الماضي تحت عنوان»موت الحقيقة-مابعد اليسار واليمين والشرق والغرب والديمقراطية«شارك فيه عدد من الكتاب وحمل عنوان»موت الحقيقة أم موت الخرافة«. وهي مقاالت بعضها يعل ق على األفكار من باب االختالف في الرأي وبعضها اآلخر من باب االتفاق معه والرغبة في توسيع أفق النقاش حول القضايا المطروحة. وكان ملف»موت الحقيقة«أثار بعض النقاش والجدل على صفحات التواصل االجتماعي وهو ما يبش ر بنقاش أوسع يطال األيديولوجيات وظاللها واألفكار والخرافات الفكرية التي حكمت قرنا وأكثر من الصراع الفكري والسياسي في ثقافات العالم وحكما الثقافة العربية. و«الجديد«تعتبر أن هذا الملف يجب أن يبقى مفتوحا من أجل تطوير نقاش عربي يقرأ ويحلل بحرية وسعة أفق الظواهر المختلفة المتصلة بصعود وسقوط األيديولوجيات بما في ذلك تلك األفكار التي أنتجتها وستنتجها هذه العملية النقدية المفتوحة. أخيرا تجدر اإلشارة إلى أن العدد احتوى على حوار هو لألسف األخير مع رائد الترجمة األدبية من العربية إلى اإلنكليزية دنيس جونسون ديفز الذي رحل مؤخرا في مصر التي اختارها وطنا ثانيا. وكان ديفز أول من ترجم قصصا وروايات لنجيب محفوظ وعشرات األدباء العرب منذ أربعينات القرن الماضي المحرر مستشارو التحرير أزراج عمر أحمد برقاوي عبد الرحمن بسيسو خلدون الشمعة خطار أبو دياب أبو بكر العيادي ابراهيم الجبين رشيد الخيون تحسين الخطيب مفيد نجم التصميم واإلخراج والتنفيذ ناصر بخيت رسامو العدد: محمدخياطة مهندعرابي سهيلبدر سعادمردمبيك بكريالدوغري رشوانعبدلكي سمانخوام مايسةمحمد حسينجمعان بطرسالمعري خالدالبوشي نوارحيدر فؤادحمدي جيانحنا جونيسمعان عمرانيونس أملبشير التدقيق اللغوي: عمارة محمد الرحيلي املوقع عىل اإلنرتنت: الكتابات التي ترسل إىل»الجديد«تكتب خصيصا لها ال تدخل املجلة يف مراسالت حول ما تعتذر عن نرشه. تصدر عن Al Arab Publishing Centre المكتب الرئيسي )لندن( UK 1st Floor The Quadrant Hammersmith Road London W6 8BS Dalia Dergham Al-Arab Media Group لالعالن Advertising Department Tel: لمراسلة التحرير االشتراك السنوي لالفراد: 60 دوالرا. للمؤسسات: 120 أو ما يعادلها تضاف إليها أجور البريد. ISSN العدد - 30 يوليو/ مت وز لوحة الغالف للفنان جان حنا 2

3 كلمة ثقافة تحطيم األجنحة ماذا نكتب لألطفال ونحن نعتبرهم كيانات قاصرة نوري الجراح التكوين الثقافي للطفل عفت بركات ماذا نكتب وكيف نكتب للطفل العربي عايدي علي جمعة قص تستطيع أن تدعوني مخمل 42 رشا عباس مقاالت بعيدا عن العشوائية يسري عبدالغني عبداهلل مدو نات الفلوجي 56 عواد علي 118 لماذا ال عقل عربيا حرا وال إبداع كبيرا عبدالرزاق بالحاج مسعود لكل أمة أسطورتها محمد محمد مستجاب في أكل الس حب جابر السالمي نقد الوعي التاريخي لدى المؤرخين المسلمين أحمد برقاوي براءة األطفال وقتامة المستقبل زهور عبداهلل الثرثرة حاجة إنسانية قيس مجيد المولى النص العربي واآلخر الغربي خلدون الشمعة معركة األلسنة خالف اللسان واختالف اإلنسان هاني حجاج ملف/ أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب لهم عبدالرحمن بسيسو كاتب األطفال يسير على حد السيف هويدا صالح حوار دينيس جونسون ديفز ترجمة األدب العربي يعقوب الشاروني دهشة القص سجال/ موت الحقيقة ما بعد اليسار واليمين والشرق والغرب هل ول ى عهد اليسار واليمين حميد زناز فكر حر وإبداع جديد أصوات الك ذ ب بو ص ف ه ع ن فا أحمد إسماعيل إسماعيل كتب عالم جديد وقاس: نهاية العولمة عودة التاريخ نظرة قاتمة لمستقبل العولمة إبراهيم قعدوني القهوة مرادفا للبطش واالستعمار أدب الكولونيالية المعارضة في ثوب ساخر هالة صالح الدين األخيرة مهند عرايب أدب الشغف من الشاطر حسن إلى حياتنا الجنسية في 18 عاما هيثم الزبيدي الطفولة العربية في مصحات المستقبل وارد بدر السالم أدب الطفل في هامش الكتابة مفيد نجم أن ن حل م الطفل بكل شيء محمد آيت ميهوب احتضار األيديولوجيات ومحنة اليسار العربي محمد حياوي ثقافة االختالف أحمد سعيد نجم شعر الرفض العظيم وسيلة للخالص الحركات االجتماعية المعاصرة انطالقا من مفاهيم مدرسة فرانكفورت عم ار المأمون بوهوميل هرابال في عزلته الصاخبة جدا جامع المعرفة المهووس ينتصر على الدولة البوليسية عواد علي ثقافية عربية جامعة المحتويات العدد - 30 يوليو/ تم وز احك لصغارك حكاية شعبية جوخة الحارثي قصص األطفال العربية النشأة والتطور إيمان سند ن ه ر ع ل ى ص ل يب ن وري الج ر اح يمكنك اآلن العودة إلى النوم سامر أبو هواش من هم الالجئون كتاب عن الوضعية القانونية لالجئين في فرنسا ليلى العمري المختصر كمال بستاني أدب األطفال أزمات داخل األزمة عماد البليك الكتابة للطفل بين الخيال والتربية غرفة خرساء محمد ناصر المولهي يوميات 157 غالف العدد الماضي يوليو/ حزيران 2017 أسماء عواد بعد جولة نهارية مبهمة ثقافة األطفال في عصر السيولة الرقمية 62 فاروق يوسف لطفية الدليمي 108 العدد - 30 يوليو/ مت وز رسالة باريس نظريات المؤامرة والجهل اإلرادي أبو بكر العيادي

4 ثقافة تحطيم األجنحة مهند عرايب ماذا نكتب لألطفال ونحن نعتبرهم كيانات قاصرة يبدو مشروعا أن تقودنا المغامرة مع اللغة إلى كتابة قصص يصعب تصنيفها إن كانت لألطفال حقا أو هي لهم ولغيرهم ولكن من هل هم األطفال هل هم فقط الصبيان والبنات اللواتي والذين تتراوح أعمارهم ما بين 4 سنوات و 14 سنة أظن أن هذا التعريف بليد بعض الشيء. ورغم أن هذه الفئات العمرية هي فئات معتمدة من قبل من يسم ون بكت اب األطفال المحترفين وفي ثقافتنا العربية لدى هؤالء الكتاب قاموس قار من الموضوعات يلتزمونه أثناء الكتابة كوصفة العطار فإن الكتابة اإلبداعية من طبيعتها أن تتمرد على هذا التصنيف وتلك الوصفة. وكل تصنيف أو وصفة نهائية يأسران المغامرة ويحد ان من حرية اللغة وسيرورتها المتدفقة كنهر في غابة. لنقل إذن إن المغامرة اإلبداعية من طبيعتها أن تأبى االنصياع لهذه الخطة وبدال من ذلك تقترح على الطفولة أن تحتل مساحة أوسع من عمر الكائن. *** هل يغير في وعينا شيئا لو نحن عرفنا مثال أن يوجين يونسكو صاحب التجربة الطليعية في مسرح العبث لديه قصص لألطفال هائلة في عبثيتها الطفولية قصص غير تقليدية أبدا قصص تليق باألطفال بأرواحهم الحرة واستعداداتهم الخالقة لالنفتاح على الطرائف واللطائف والجماالت المفاجئة التي يذخر بها الوجود وتنعم بها النفوس غير المشوهة. *** لطالما تخيلت أن ما يمكن أن يتلقاه الطفل من قصص نكتبها له نحن الكبار هو بالضرورة غير ما يمكن أن يتلقاه الكبار منها. هذا عن الرسائل التي يحملها النص أما الحبكة والصياغة وغير ذلك من عناصر القص وفنونه فشرطها األول هو اإلمتاع. هل أنتظر من قارئ أن يوافقني على هذا لكن ما المانع أن نتوص ل إلى خالصة من هذا القبيل لم ال يخلص قارئ إلى شيء ويخلص آخر مع النص نفسه إلى شيء مختلف عنه إلى هذه الدرجة أو تلك أظن أن هذا لو كان ممكنا حقا في قصص ما سيكون مثيرا للتفكير فاألدب الكبير عادة ما يمنح نفسه مع كل قارئ بطريقة فريدة. العلة غالبا فينا نحن الكبار الذين ابتعدنا عن مالعب طفولتنا وخبراتنا الطفولية وبتنا أساتذة ومعلمين وتربويين ممل ين ونماذج أبوية. إن لم نقل بتنا آباء قساة مفرطين في الخوف من حرية الوعي وطالقة الخيال مأسورين في قوالب اجتماعية صارمة جعلت من نفسها زنازين لألجنحة. *** ما يؤسف له أن ثقافتنا العربية ليست فقط ثقافة استبداد سياسي ولكنها ثقافة عمياء مجتمعيا فهي ال تلحظ كيانات األطفال وال تعتبر نفسها معنية بهم حقا ولو ع نيت بهم فإنما على سبيل إخضاعهم لمشروعها التربوي ذي الطبيعة البطرياركية. ثمة باستمرار إن في االجتماع أو الكتابة إمالءات تلقين إطالق. وعلى الطفل لو ظهر في الصورة أن يخضع لكل لذلك كله. ليس ثمة حوار ليس ثمة إنصات ليس ثمة تفهم لخصوصية عالم الطفل أو احترام ألولوياته وبالتالي ما من حضور مستقل له وال اعتراف بعالمه. فعالمه عالمنا نحن ولكن في محل أدنى من ذواتنا وأدنى من ذاته. لذلك فإن الذين يكتبون له ويسم ون أنفسهم كت ابا لألطفال عادة ما يكونون كت ابا تساقطوا من دروب الكتابة للكبار كتابا فشلوا في إقناع الكبار بمواهبهم فلجأوا إلى الكتابة لألطفال أي سقطوا من عالم الكبار ووجدوا أنفسهم في أحضان الصغار. وها هم يكتبون لهم! علينا أن نتخيل اآلن أي كارثة هي هذه! وكم من الجرائم ارتكبت بحق الطفل في ثقافتنا العربية على أيدي أولئك الذين يسم ون أنفسهم كتابا لألطفال! *** نحن نعرف أن عددا من الشعراء والكتاب العرب المتمكنين كتبوا خالل مرحلة أواخر القرن الماضي لألطفال. ولكن هل كتب هؤالء انطالقا من شعور وتوج ه وتطل ع صادر عمن يكتب لنفسه عندما يكتب للطفل أن نكتب للطفل إنما نحن نكتب ألنفسنا. التأمل في التجارب العالمية الجذابة في الكتابة لألطفال تمنح هذا االستنتاج. لكن ال شيء من هذا في الثقافة العربية السائدة. *** أخيرا لعل أهم تجربة في التأسيس للكتابة لألطفال في الثقافة العربية لم يجر تجاوزها إلى اآلن من قبل الكتابة الشائعة هي تجربة كامل الكيالني الذي كتب في األربعينات والخمسينات والستينات قصصا لألطفال استلهم فيها األساطير اإلغريقية والخرافات العربية القديمة والنثر الحكائي العربي الموجود في ألف ليلة خصوصا واستلهم القصص العالمية الشهيرة نفسها. وأظن أنه ترجم وكتب معا. النموذج الحكائي والسردي الكالسيكي الذي قدمه الكيالني يجعلني أعتبره مؤسس السرد القصصي الشيق لألطفال في الثقافة العربية. طبعا هناك من كتب بعده في مصر والعراق وسوريا ولبنان خصوصا. على أن المالحظة األساسية على جل ما كتب الحقا لألطفال أنه لم يجتذب ذائقة األطفال ولم يساير تطو رهم الذهني وبالتالي فهو لم يحضر كما يجب في نلك الذائقة ولم يسهم في التأسيس لتيار جديد في الكتابة لألطفال. فنحن نجد كتابا مفردين لكن ال نجد تيارا للكتابة رغم كثرة المد عين الذين يطبعون وينشرون لألطفال. واليوم هناك بالمقابل من يكتب بطلب من المطابع ووزارة التربية والتعليم تشتري هذه الكتب بمناقصات هذه جريمة كبرى يشترك فيها السوق التجاري مع وزارات التربية والتعليم العربية نوريالجراح لندن حزيران/ يونيو 2017 *** بداهة نتوقع من كاتب األطفال أن يعمل مع اللغة والمعاني بطرائق جد مبتكرة وإال كيف يمكن لنصه أن يشع بقيم الحرية والعقل والشجاعة وحب الصداقة واحترام الطبيعة وحب االكتشاف والعمل الجاد والشغف بالمعرفة والرأفة بالكائنات الصغيرة والخيال الطليق. يفض ل أال نخشى أبدا على األطفال من ظهور هذه القيم في النصوص التي نكتب لهم. ولكن كيف يمكننا أن نفعل *** ال مناص أمامنا من إعادة النظر بوعينا في الظواهر المختلفة المتعلقة باألطفال وباألدب الذي نكتب لهم. العالم يتغير واألطفال يتغيرون. درجة وعي األطفال والفتيان بعالمهم وما يحيط به وبأنفسهم وما تستشعره وتختبره صارت أكبر لكن ثقافتنا ال تتزحزح عن أحكامها وقيمها ومسل ماتها التقليدية نحو كل شيء وكذلك نحو األطفال وثقافتهم. *** أنظر إلى الثقافة التي ينتجها العالم ألطفاله ألق نظرة على ما ينتج في أوروبا لألطفال شيء مذهل. انتهى عصر التلقين في أوروبا منذ القرن ال 19 وفي القرن ال 21 األطفال يشاركون في صنع ثقافتهم لكن هذا يحدث في ثقافة ال تخاف من أطفالها. ثقافة تأخذ على عاتقها اإلنصات لألطفال وليس نهرهم وقمعهم وإسكاتهم كلما حاولوا البوح بما عندهم. يجب على العرب أن يبادروا إلى تحرير أذهانهم من الخوف ليتمك نوا من تحرير ذهنية الطفل من الخوف وترك المجال له ليخرج من الصمت. على العرب أن يكف وا العرب عن الترويج لثقافة السكوت. *** ال بد من مواجهة حقيقة أن ثقافتنا الموجهة إلى األطفال تقوم على المحافظة والخوف وعلى رغبة غريبة بإبعاد الطفل عن التجريب واالستنتاج من التجارب والخبرات الفعلية. وهذا يدفع إلى طرح السؤال مرارا: ما الذي يجعلنا جزعين من فكرة وصول األطفال إلى معرفة الحقائق بعضها على األقل لماذا نخاف على األطفال من وعيهم بأنفسهم لماذا نريدهم أن يكونوا أقل من إمكانات مل كتها لهم فطرتهم وأخرى يمكن لهم أن يمتلكوها عن طريق التجربة لماذا نخاف عليهم من طالقة الخيال لماذا نحرمهم من حرية التفكير ومن حقوقهم في التعبير عم ا يجول في خواطرهم لماذا نميل إلى الحجر على عقولهم وخبراتهم وأسر تجاربهم في كيان طفولي نريد له أن يكون قاصرا ليس ثمة ما يمكن أن يحد من خيال الطفل أكثر من تربيتنا الركيكة الخائفة على األطفال ومنهم والتي تريد منهم أن يكونوا صورا منا ونسخا عنا. العدد - 30 يوليو/ مت وز

5 مقال لماذا ال عقل عربيا حرا سهيل بدر وال إبداع كبيرا محاولة في تفكيك العطالة السياسية واإلبداعية العربية عبدالرزاق بالحاج مسعود هل نستطيع في قلب هذا المنعطف الدموي السريالي الذي تمر به المنطقة العربية أن نفك ر بحد أدنى من الرصانة لنفهم حقيقة ما يحدث وما يمكن أن تؤول إليه أوضاع العرب في أفق منظور ضمن التاريخ العربي الخاص والتاريخ اإلنساني العام وهل هناك فائدة ترجى من التفكير في موضوع أشبع بحثا وتنظيرا في ظل هذا االنفالت الجنوني لمشاريع التعص ب القاتل ولليقينيات محكمة الغلق التي ال ينفذ إليها ضوء العقل وال تكترث لحقائق الواقع والتاريخ كيف نفعل حتى ال نسقط في ردود األفعال السهلة من قبيل التنظير لإلحباط واليأس واالستسالم لجاذبية النهاية التي تغري أعدادا متزايدة من الشباب المقدم على الموت إم ا انتحارا يائسا مباشرا أو غرقا في قوارب الحلم العبثي بأوروبا أو تطو عا في تنظيمات السلفية االنتحارية أو من قبيل التنظير للقبول اليائس بعودة االستبداد بعد أن نجحت الدوائر الراعية لالستبداد في تحويل الثورات إلى فوضى دموية زه دت الشعوب في حرية طالما حلمت بها وناضلت من أجلها وفي األخير لماذا لم تنتج لحظة الحرية االستثنائية التي أتاحتها الثورات األخيرة قبل االنقالب عليها لحظة وعي تاريخي عربي جماعي بضرورة التقاط»اإلشارات الروحية العميقة«التي أرسلتها»إنساني تهم«المهدورة منذ قرون ال أقول للعودة إلى التاريخ بل للدخول إليه من باب جديد بمالمح جديدة في نظري عالقة بشعور لألمر»قهري«تتوارثه أجيال العرب العرب اليوم يعجزون عن التحو ل من»جماعة تؤمن إلى إنسانية تفك ر«على بشعوبها وحكمتها بالقمع والتعذيب والتنكيل ولم تحق ق أي ا من الشعارات/ وعقولهم ومالمحهم وال ليمارسوا طقوس الحزن التي يقيمون لها مواسم الحضاري الشامل ما الذي جعل العرب من بين أغلب عشري تي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي نحو مهام بحثي ة نظرية منذ خروجهم الدرامي من األندلس )جن ة حد عبارة فتحي المسكيني. المشاريع التي أسست عليها شرعي تها و«أعيادا«أدمجوها في»عقائدهم«شعوب األرض يصلون إلى هذه الحال ثبت أنها -على ضرورتها وأهمية دورها التاريخ( بعد سلسلة حروب وظ ف فيها )وحدة حرية اشتراكية تنمية تحديث وعباداتهم بل ليواجهوا متطل بات بقائهم من الهامشية والغربة عن المسار اإلنساني في خلخلة الرؤية التقديسية للتراث الغرب الشعار الديني وصوال إلى حملة نابليون بونابرت على مصر ثم االستعمار محاولة في فهم خلفيات المشهد العربي المتفجر تقد م لحاق بركب الحضارة ( ثم بسبب هذه االنقالبات الدموية والهمجية على قيد الوجود اآلن وهنا وينطلقوا خفافا نحو مستقبل ممكن ومتاح العام ويقفون على حافة االندثار لإلجابة عن هذا السؤال القديم األزلي والماضي عموما- لم تفلح في إحداث القطيعة اإلبستيمية ( كما نظ ر لها المباشر والتقسيم ثم قيام دولة الكيان نحن اليوم أمام انهيار ثوابت االجتماع ثورات الشعوب في كل من تونس ومصر ستكفيهم رقعة صغيرة من العقل نوشك أن نسقط في تكرار أدبيات ميشال فوكو صاحب حفريات المعرفة( الصهيوني على أرض عربية ذات التاريخي العربي وتحل ل درامي للروابط وليبيا واليمن وسوريا. الخال ق يقفون عليها لو أنهم يجرؤون مفك ري عصر النهضة وزعماء واإلصالح والنفسية الضرورية لتحقيق االستقالل خصوصية دينية ثم االستقالالت المؤسسة لكيانات سياسية نشأ أهلها بعد قرنين من محاوالت التحديث ويلقون عنهم في هب ة خيال شجاع )األفغاني وعبده ورضا والكواكبي المعرفي عن الماضي واالنتماء الكلي المشو هة وصوال إلى صدمة العولمة على شعور»مرضي«بنقص أصلي في والنهوض ومن مقاومة االستعمار ومن واحدة أسلحة الحروب القديمة )أسلحة وخيرالدين وشكيب أرسالن ثم للتاريخ الحي. والثورات. هذا الشعور القهري خل ف في شرعي تها وبانتماء»حزين«واضطراري النضال الديمقراطي ضد االستبداد الطائفية والمذهبية والقبلية والدين سالمة موسى وشبلي شميل ( أو هذه المدرسة الفلسفية المنفتحة البنية النفسية العميقة للعرب شعورا إليها بدعوى أنها من نتائج التقسيم التي آلت إلى هذا االنفجار التاريخي واأليديولوجيا.( التي لم ينتبهوا إلى أن نرد د ببب غاوية غبية أطروحات على أسئلة السياسة وعلى المسألة ب«واجب الثأر«لهزائم تاريخية متتالية االستعماري )بمقتضى اتفاقية سايكس الشامل هل نستطيع أن نأمل في قدرة صديدها يسيل على أجسادهم ويطمس مفك رين معاصرين )الجابري وأركون الديمقراطية تحديدا انتهت سياسيا ورفضا عنيدا لمغادرة وهم التمي ز بيكو( ثم بسبب ما نشأ في ظل دولة العرب على االستقرار في نقطة ثابتة على قلوبهم ويمنع عنهم السمع والبصر وحنفي وتيزيني ومرو ة والعروي ( إلى االنسحاب من الشأن العام والتسليم الحضاري المكتسب واألبدي بمقتضى االستقالل الناقص وحتى الصوري من التاريخ اإلنساني الهادر ال ليحصوا والحس والخيال. مم ن وج هوا جهودهم وجهود أجيال بغلبة االستبداد وانتهت دعوتها إلى بشارة إلهية»كنتم خير أمة «. عند البعض من أنظمة قهرية استبد ت خساراتهم وهزائمهم التي تثقل ذاكرتهم كيف انتهى العرب إلى هذا العجز من الشباب الجامعي العربي خالل»تجديد التراث«وتثويره إلى نبش قبور العدد - 30 يوليو/ مت وز

6 مقال التاريخ المي ت/الحي وإيقاظ المارد كل أمم الدنيا وأنهم ضحايا مؤامرة العربي مع تاريخه وتاريخ العالم ومع لماذا لم يعد العرب قادرين على بلوغ ال يعدو أن يكون تفسيرا ال نهائيا لمتن كان هذا في مرحلة ثانية من التاريخ التراثي في هيأة»كائن سلفي خرافي«استعمارية دائمة ومتجددة تستهدف الكون والوجود. سنحاول اإلجابة على لحظة أبي العالء كلحظة إبداعية نهائي. بل األخطر أنها حو لت التفق ه بما العربي ففي كتاب»أوروبا واإلسالم على صورة»دراكوال«أحيى كل فتن مقد راتهم المادية )الثروات واألرض( سؤال بسيط: لماذا ال يحضر العرب في متحر رة في بعض ذراها من كل أنواع هو سقف التفكير طقسا عبادي ا دينيا صدام الثقافة والحداثة«)من ص 33 التاريخ وانقساماته ومعاركه المذهبية والثقافية )الدين والتاريخ( لمنعهم من المشهد اإلبداعي العالمي بنصوص كبرى السلطة والتقليد أو لحظة التجل ي ال يدخله إال»حفظة«المتون القديمة حتى ص 39( يتناول جعي ط فكرة مهمة المدم رة ويكاد اآلن يغلق أمام شعوب إنجاز وحدتهم القومية التي تتوقف تستطيع التأثير على المخيلة اإلنسانية الصوفي الفلسفي لدى الحالج وابن عربي البارعون في ترديدها بأمانة. األمانة في جد ا تنفي عن الحضارة اإلسالمية صفة المنطقة أبواب المستقبل بما يحدثه من رعب وبما يفتحه من أبواب واسعة أمام عليها وحدها نهضتهم ودونها ال يمكن أن يؤد وا للعالم رسالتهم»الخالدة«التي بفضل طاقتها الرمزية العالية وشحنتها»الفلسفية«الكونية التي ال تفقد من وجالل الدين الرومي والنف ري وغيرهم من الصوفيين الذين وس عوا الطاقة النقل هي سقف العلم. هذا التفق ه الديني اقتضى تفق ها لغوي ا الجمود الكل ي. فقد عرفت في مرحلة أولى قبل تصل ب الطوق الديني الفقهي أشكال جديدة من االحتالل العسكري المباشر. )الالفت أن أصل قصة دراكوال تقول إن جسد اإلنسان الشرير يظل لن يستقيم حال العالم من دونها. ولكن الركون إلى هذا التفسير الميتاتاريخي ينتهي دائما بأصحابه إلى استمراء دور وهجها شيئا حين تنتقل بالترجمة إلى لغات أخرى لماذا لم يعد العرب قادرين على إنتاج نصوص أدبية إبداعية كبيرة الرمزية لل غة وأبدعوا بأقدار متفاوتة )إذ لم تتحر ر أغلب المدارس الصوفية من المرجعية الفقهية ومن الدوران حول لفهم اللغة التي نطق بها النص وشر ع طقوسا تؤد ى بها. وشيئا فشيئا أصبحت اللغة نفسها طقسا دينيا ال يمكن االقتراب اللغوي حركية فكرية حرة إلى حد بعيد ومنفتحة على التراث الفلسفي اليوناني الذي حفظته وخص بته ونقلته لإلنسانية سليما بعد الموت ويخرج من قبره في الضحية المستهدفة أبدا والمغلوبة على )في الرواية والشعر أساسا وهو مجال فكرة و«تجربة«النبو ة( شعرية فلسفية منه وممارسته إال بشروط وضمن دون أن تنجح في توطين العقالنية ليال محد دة ليالحق األحياء ويتغذ ى أمرها وإعفاء الذات من القيام بمسؤولية اهتمامي هنا( تستطيع االنتماء بجدارة إنسانية محورها الذات الفردية الحر ة ال»قواعد«صارمة. لم تعد العربية لغة العلمية والفلسفية في البيئة الثقافية على دمائهم ويثير الرعب إلى أن تتم مساعدته في إيجاد الراحة األبدية عن وجودها. إلى التراث اإلبداعي اإلنساني وقد كانوا لفترة طويلة يحد دون وجهة الخيال الجماعة المنضبطة المغلقة سيظل دور البنية األبوية للمجتمع تفكير حر منفتح على مستجدات الحياة وعلى أسئلة الوجود أو على األقل كان الدينية التي ظل ت طاردة للفلسفة والعقل تماما كالالهوت المسيحي الذي طريق أساليب قاسية مثل الحرق(. البشري ويصنعون المعنى اإلنساني والفكر العربيين مهم ا في تفسير حالة هذا المسار العام الذي فرضته»السلطة سينشأ العلم والفلسفة األوروبية في وكما أننا ال نستطيع االطمئنان إلى المشترك المفتوح على الجوهري والمطلق العجز العربي عن مغادرة حالة التخل ف مواجهته وحتى المقاربات الفلسفية إجابتين قديمتين ثبت قصورهما عن في اإلنسان ما الذي عط ل الفعالية الحضاري الشامل. البنية»اإليمانية«للنص الديني فقد كانت تفكيرا فيه اإلحاطة بالمأزق الوجودي العربي فإننا ال نستطيع االطمئنان أيضا إلى التفسير االختزالي الذي يهرع إليه جزء من النخب ومن الجماهير في رد هذا الفشل العربي المستدام إلى»طبيعة«بدوية راسخة في»جينات«العرب تجعلهم معادين أبدي ين للتحض ر وغير قابلين للتغي ر )هذا التفسير تبن ته المدرسة االستشراقية االستعمارية وكذلك عالم االجتماع العراقي علي الوردي الذي رأى في الجزيرة العربية خز ان بداوة ال يكف عن إنتاج كل شروط االرتداد عن الحضارة التي ما إن تنشأ على ضفاف نهري العراق إال وزحف عليها بدو الجزيرة وأجهضوها(. هذا التفسير يغلق دائرة التاريخ في وجه ديناميات الفعل سؤال بسيط: لماذا ال يحضر العرب في المشهد اإلبداعي العالمي بنصوص كبرى تستطيع التأثير على المخيلة اإلنسانية بفضل طاقتها الرمزية العالية وشحنتها»الفلسفية«الكونية التي ال تفقد من وهجها شيئا حين تنتقل بالترجمة إلى لغات أخرى الفنية لدى العرب وأصاب خيالهم بفقر ال تخطئه عين الدارس المقارن بين اآلداب والفنون العالمية ومثيلتها»العربية«لماذا أغلب )وأقول أغلب ألنني سأعود لبعض االستثناءات التي تحتاج تفسيرا يخص ها( أعمال أدبائنا وشعرائنا مباش رة وتعليمية وخالية من الرمزية العالية التي تجعلها تجد د طاقتها الداللية والجمالية كل ما تقادمت أو تفح صتها عين متمر سة بخبرة فنية جمالية كونية لماذا أغلب روايات أدبائنا عدا استثناءات عابرة )نجيب محفوظ أساسا( ال تعدو أن تكون محاكاة تسجيلية شبه مباشرة لوقائع سياسية واجتماعية وأغلب ما ينظمه شعراؤنا )عدا محمود درويش في أواخر تجربته وخصوصا في الجدارية المانعة للتفكير مؤسسة على ثالوث تاريخي أخضع كل فعاليات االجتماع العربي من الفرد إلى األسرة إلى المجتمع. العربي يستبطن سلطة اهلل كما صاغها»األصوليون«واألسرة وعلى رأسها المرأة تكر س سلطة األب الذي يمارس سلطانه بلغة دينية مقد سة والحاكم/ السلطان يبسط هيمنته على المجتمع بتفويض غيبي مقد س والمجتمع يعيد إنتاج دورة الهيمنة والخضوع لسلطة»األب«الضامن للحقيقة التي ال نتصور العالم خارجها. وهنا يأتي دور»العلوم«التي أنشأها العرب لترسيخ الحقيقة المؤسسة الجتماعهم التاريخي. فكان علم األصول )أصول الدين والفقه( وعلم التفسير تسييجا للتفكير في الدين سيظل دور البنية األبوية للمجتمع والفكر العربيين مهم ا في تفسير حالة العجز العربي عن مغادرة حالة التخل ف الحضاري الشامل. البنية»اإليمانية«المانعة للتفكير مؤسسة على ثالوث تاريخي أخضع كل فعاليات االجتماع العربي من الفرد إلى األسرة إلى المجتمع وتأويال عقالنيا ولسانيا وأنتروبولوجيا له. تم ترذيل التفلسف كتفكير عقالني إال ما يت صل بالحجاج الكالمي المنافح عن الدين في أصوله»المجمع«عليها واألغرب أنه تم ترذيل الشعر في مرحلة الحقة ألنه يشو ش على بالغة النص القرآني مع بعض المرونة»االنتهازية«مع القديم منه ألنه وسيلة لتثبيت»المعنى اللغوي«األصلي كما جاء في لسان العرب. وهو لسان لم يكن ينطق إال شعرا موزونا تسهيال للحفظ وتحفيزا للذاكرة الشفهية في غياب تقليد الكتابة ال ألن اللغة العربية شعرية بطبعها كما يسارع إلى التقرير بعض النق اد ولو أنهم قالوا إن اإلنسان شاعر بطبعه لكان أصوب اإلنساني المفتوح على المفاجئ والممكن ومحمد الماغوط أساسا وبعض األسماء بقواعد نهائية تكر س تفسيرا لغويا شاعر بمعنى أنه يحمل قصيدته الداخلية وغير المبرمج سلفا وعلى قوانين التغي ر التي تحكم تاريخ المجتمعات. وحتى ال أسترسل في استعراض مختلف المشهد اإلبداعي العربي: لماذا ال يسهم العرب في صناعة المعنى اإلنساني الشبابية التي تبدع في قطيعة شكلية ومعنوية عن»التراث«الشعري العربي( مجر د رجع صدى للمنجز الشعري العربي قاموسيا جامدا للنص المؤس س )الوحي(. وحت ى المدرسة المقاصدية في الفقه ال تعدو أن تكون توسيعا محدودا ضمن البطريركية«على اللغة وكان على حفظة النص أن يحفظوا أصول لغته فعادوا إلى الخاصة التي يترن مها بصوت أو بصمت أو ينوحها أو يعزفها أو يتهج اها حروفا ال تشبه حروف الجماعة إال في شكلها المقاربات المنهجية المفس رة للتخل ف نأتي إلى العالقة المفصلية بين التحو الت القديم مطع ما بمفردات وتقنيات مسقطة نفس األصول لتأويلية تطبيقية للفقه البوادي منبع تلك اللغة وحفظوا أصول ولكنها أبدا ال تكر ر صورة من الصور العربي أكتفي بسوق المقاربة النقيضة السياسية التي تجري على أرض العرب من قراءات شعرية مترجمة أوروبية تالحق تحو الت الحياة الالنهائية. هذه الكلمات في قواميس قاومت تجد د اللغة المستقر ة في خزائن الذاكرة الجماعية. للرؤية االستشراقية االستعمارية منذ قرون والمسألة اإلبداعية التي أساسا يثبتون بها حداثة»شكالنية«ال النزعة التأصيلية في التفكير اإلسالمي ورفضت لزمن طويل استقبال كل كلمة لذلك ال يكون الشعر الحق وكل الفن إال والقائلة بأن العرب مستهدفون من دون نتعر ف فيها على تفاعالت العقل والخيال قيمة إبداعية لها. انتهت إلى رسم حدود نهائية لتفكير ال تجد لها أصال في لغة أهل البدو. طفرة خيال حر ال يستنسخ قديما بل العدد - 30 يوليو/ مت وز

7 مقال يقتنص المعاني الغائمة التي يحدس الناس وجودها وال يمسك بطرفها إال للمشهد اإلبداعي اإللكتروني يستطيع التقاط أضواء تتألأل من هنا وهناك منبئة مباشرة نجيب أن ما حدث لم يكن كافيا ألن المجتمعات العربية اليوم سهيل بدر المبدعون الخال قون. عن ثورة خيال شبابي عربي متحر ر تعيش مخاضا عميقا وعنيفا جوهره لذلك نقول بأسف حزين إن أغلب الشعر من سجون التقليد ومنتبه النفعاالت انفجار متزامن لكل عقد التاريخ العربي العربي الحديث ال يزال يرزح تحت الحياة اإلنسانية المعولمة إلكترونيا بما دفعة واحدة بفعل ارتفاع الغطاء الذي ثقل الظل الطويل الالنهائي لل سان يجعلها جزءا أصيال من المشهد اإلبداعي كان يضبط حركة األفكار واألفراد العربي القديم الذي جعل نهاية شعري ته العالمي الصاخب ال رجع صدى لتاريخ والجماعات. انفجار كشف عن صراعات بالغة معت قة قح ة تمتح من القاموس البداوة الذي تتسر ب سلطته النفسية تراجيدية تشق المجتمعات العربية: القديم وتظهر اط العا موسوعيا على )البطريركية( واللغوية )البالغة والبحور( صراع بين انتماء واقعي ماد ي تفرضه غريب اللفظ وحوشي ه إلثبات جدارة والدينية )األصول( إلى كل زوايا العولمة المعلوماتية والرأسمالية المالية انتساب للغة طقس سي جتها وجم دتها اجتماعنا العربي الحالي. وتشابك متزايد في حياة كل شعوب بحور الشعر وأوزانه وقوافيه وإيقاعه العالم من جهة ومن جهة مقابلة انتماء وموسيقاه البدوي ة. حت ى التجارب التي ثقافي نفسي تاريخي مسكون بتثبيت بش رت بشعر حر جديد لم تنجح في أركان الهوية في صورتها األصلية التخل ص من أمرين قاتلين للشعر: الصور البالغية القديمة الجاهزة التي تتسر ب إليها من الشعر القديم الذي يثقل ذاكرتها أو من النصوص التراثية المرجعية وخاصة النص القرآني الذي تعتبر مقاربة بالغته عنوان تمك ن واقتدار وما هي إال عنوان كسل وفقر في الخيال. األمر الثاني هو تسابق شعراء الحداثة إلى إثبات االطالع على التراث األسطوري اليوناني وإلى توظيف طاقته الرمزية بطريقة مدرسية تعليمية استعراضية تفقد القصيدة وهجها الذاتي الفردي الداخلي الفو ار الذي وحده يضمن لها إنسانيتها وخلودها. صراع بين انتماء واقعي ماد ي تفرضه العولمة المعلوماتية والرأسمالية المالية وتشابك متزايد في حياة كل شعوب العالم من جهة ومن جهة مقابلة انتماء ثقافي نفسي تاريخي مسكون بتثبيت أركان الهوية في صورتها األصلية المؤسسة على وهم تمي ز أصلي وأبدي المؤسسة على وهم تمي ز أصلي وأبدي مدعوم بوحي ج ر د من طاقاته التأويلية الالمحدودة لصالح فهم فقهي اكتمل وانتهى وأنهى معه الحاجة إلى العقل. الشخصية العربية تشق ها ازدواجية مؤلمة بين الرغبة في التمت ع بثمار ورفاه حضارة العقل والعلوم وبين عقدة ذنب وشعور باإلثم نتيجة التبن ي العملي لنمط حياة الغرب المتفو ق على حساب تعاليم الدين الداعية إلى عدم التشبه ب«الكف ار«. صراع بين فئات اجتماعية أقلية ولكنها نافذة ومتحك مة بمفاصل االقتصاد العربي التابع عضويا ووظيفيا لالقتصاد المعولم وتمنع االنتقال نحو الحرية لست عدمي ا ألنكر وجود إشراقات فنية التي تهد د امتيازاتها واحتكاراتها وبين مضيئة في ليل الخيال العربي الراكد جماهير واسعة تحلم بالعدالة والحرية نجحت في التخل ص من شكالنية البالغة والكرامة الوطنية وهي تعلم اآلن بعد مقولة عقلية بل يحر ضنا على استشراف مقو مات الوجود العربي بعد كل هذا التأويلية الحدسية التي تصالح بين الحرفية الفارغة والتقطت بحدس تجربة التكلفة الباهظة لهذا الخيار بديل تتفاعل خمائره في ثنايا هذه أرى أن أرضية تاريخية دنيا توف رت الحس والخيال اإلنساني الحر. هذا إبداعي بكر وحر وجديد انفعاالت الذات العربية )بمعنى الجغرافيا الثقافية( مابعد الصدمتين أمام هذا العجز البنيوي الدرامي للمخي لة الوطني التحر ري وتعلم افتقادها لطبقة سياسية موح دة حول رؤية وطنية التحو الت الزلزالية التي ترج اجتماع العرب وعقلهم. للتجر ؤ على بلورة نموذج تفكير جديد قد ينجح في شحذ ما يسميه جيورجيو النموذج الفكري وحده يمكنه أن ينتج فيما قد تنتج»هوية«)على ما في هذه في راهنها اإلنساني المفتوح ولكنها العربية الذي يجعل العرب خارج المسار جامعة لهذا المشروع التحر ري الطموح فبعد هذا التيه السياسي والفكري أغامبن»شجاعة اليأس«ويدفع العرب الكلمة من فخاخ قاتلة( دينية/أخالقية إشراقات قليلة جدا ومحشورة في اإلنساني العام سياسة وإبداعا نتساءل والمغامر زمن توح ش استعماري بعضه والروحي وبعد كل الجهد التنويري نهائيا نحو االنتماء الحقيقي إلنسانية مفتوحة على الفكر اإلنساني الكوني زوايا معت مة من المشهد الثقافي النقدي عن حقيقة الفرصة التي أتاحتها الثورات مقن ع وبعضه سافر. والتحديثي العربي المتعث ر وبعد تتوح د رغم كل الحروب التي تحرق واجتماعا سياسيا مدنيا يحفظ حقوق بما ال يمنحها فرصة االمتداد واالنتشار العربية األخيرة في بداياتها وهل كانت ملحمة النضال السياسي الشبابي في مساحات كبيرة منها وفي مقد متها اإلنسان وكرامته وحريته ويفتح للعرب والتبلور النهائي كتيارات كبرى يمكن تلك الرج ة العنيفة التي أطاحت بسلطة خاتمة مواجهة االستبداد التي كل فت أجياال المساحة العربية. هذا النموذج الفكري باب المستقبل. أن نطمئن إلى قدرتها على النفخ في جمرة الخيال العربي المنطفئة. فالمتابع الحاكم الطاغية وبقدسي ته كافية لبدء مسار التحر ر الحقيقي الشامل هذا الوضع التراجيدي العربي يكاد يدفعنا إلى اليأس لوال أن اليأس ليس عربية متالحقة أثمانا كبرى وبعد هذا االنفجار التاريخي الذي يعصف بكل ال يمكن أن يقفز على لحظة الوضعانية العلمية العقالنية المفتوحة على اللحظة كاتب من تونس العدد - 30 يوليو/ مت وز

8 مقال نقد الوعي التاريخي لدى المؤرخين المسلمين سامن خوام قراءة إبستمولوجية أحمد برقاوي بات من المتفق عليه أن اإلسالم ليس مجرد دين أقام القطيعة مع الوثنية العربية. بل هو حضارة جديدة كلية. أجل إنه تقدم تاريخي علمي أدبي تقني جمالي شاركت في صنعه أقوام متعددة كونت النسيج السكاني للدولة العربية-اإلسالمية حتى انهيارها. ولما كنا بصدد ما سميناه الوعي التاريخي من حيث كشفه كوعي مؤرخين إسالميين فإن ا طرحنا على أنفسنا فض هذه المسألة انطالقا من الكشف عن الكتابة التاريخية التي ازدهرت في الحضارة اإلسالمية. فمع اإلسالم راح المؤر خون بالظهور وكان من الطبيعي أن تكون الكتب التي تؤر خ للرسول الكريم هي األولى. ثم توالت كتب التاريخ التي تسرد لتاريخ الكون واألمم والفتوحات والدول والحروب والصراعات والملوك. ولقد ترك لنا المؤرخ اإلسالمي مادة تاريخية في غاية الثراء صالحة للنظر ال في الوقائع فحسب بل في األفكار والوعي واألماكن واالتجاهات السياسية واأليديولوجية. ذلك أنه لم يترك ما هو قابل للتأريخ إال قد أثبته. وإن أول مظهر من مظاهر الوعي التاريخي للمؤرخ اإلسالمي هو اتحاد الرواية بالحدث والنقل عن الرواة في تسلسلهم الزمني وذلك لتأكيد صحة رواية ما أو لإلشارة إلى االختالف في الروايات. وفي كل األحوال ظلت الرواية الشفاهية أو الكتابية الطريقة األكثر حضورا في إيراد الخبر. يعني أن التاريخ هو إخبار خبر هذا يتناوله الرواة ويثبتونه في وهذا ما عطل البحث في معقولية الحدث ذاته إذ األولوية للرواية وليس النبي صلى اهلل عليه وسلم تدعوه إلى نفسها وكانت امرأة ذات شرف وكان هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة سلبية. أنه راو يروي عن رواة ويقول نقال عن الكتب فابن هشام يروي عن ابن إسحاق إلى معقولية الحدث التاريخي. كل قريش حريصا على نكاحها وقد ومن حديث ابن حبيبة عن داوود بن فحين تحدث السيوطي في تاريخ أقوال والراوي نوعان: راو يروي عن المتوفى )151 ه( والطبري المتوفى ولهذا من النادر أن تجد حضورا للشك بذلوا األموال لو طعموا بذلك فدعت الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن الخلفاء عن إسالم عمر قال: قال النووي سلفه وراو يروي بوصفه شاهد عيان سنة ( 310 ه( يروي عن ابن هشام في الوعي التاريخي للمؤر خ المسلم أباها فسقته خمرا حتى ثمل. ونحرت عمها عمرو زوجها رسول اهلل صلى اهلل والنووي فقيه ذو مكانة. وبعد أن أورد وإن كانت الغلبة للصنف األول. والسيوطي المتوفى سنة )911 ه( يروي إال في حاالت قليلة مرتبطة بالشخوص بقرة وخلقته بخلوق وألبسته حلة حبرة عليه وسلم وأن أباها مات قبل الفجاء«. ما قاله النووي من أن عمرا قد أسلم بعد والحق أن استمرار الرواية ناتج عن عن سابقيه وهكذا. ذات المكانة الدينية. ولقد استخدم ثم أرسلت إلى رسول اهلل صلى اهلل عليه )الطبري تاريخ األمم والملوك مجلد 2 أربعين رجال وإحدى عشرة امرأة قال: غياب التاريخ الكتابي فليس هناك في ص 282(. لقد دحض الواقدي برواية الطبري قصة والحق أن استمرار الرواية طريقة في التأريخ هو استمرار للشفاهي فالشفاهي المؤرخ المسلم تلميحات دالة على الشك ك: زعموا ويزعمون وقيل دون أن وسلم في عمومته فدخلوا عليه فزوجه فلما صحا قال: ما هذا العقير وما هذا وقيل بعد تسعة وثالثين رجال وعشرين امرأة وقيل بعد خمسة وأربعين رجال تاريخ العرب مرجع مكتوب منذ العصر الجاهلي وحتى القرن األول ولم يصلنا صار مكتوبا في سفر متعدد المجلدات وهذا الحجم الكبير من الكتب التأريخية ينسب الزعم أو القيل ألحد بعينه. هذا كي يظل الراوي عنصرا مهما من عناصر العبير ما هذا الجبير قالت زوجتني محمدا بن عبد اهلل قال: ما فعلت: إني من يقول أن خديجة قد سقت أباها الخمر عبر رواة بأسمائهم. أما القائلون وإحدى عشرة امرأة. )السيوطي- تاريخ الخلفاء القاهرة ص 108(. على األقل مثل هذا األثر. حتى الشعر العربي والذي هو النص األكثر حضورا ما كان ليكون إال بسبب استمرار تثبيت الروايات حول حدث واحد. ومن النتائج المترت بة على بقاء الرواية أن صحة الحدث.»فزعموا«و» قيل «ال تشير إلى أحد بعينه فظل الزاعم والقائل مجهولين. لم أفعل هذا وقد خطبك أكابر قريش فلم أفعل. قال الواقدي: وهذا غلط والثبت عندنا فال أسماء لهم وذلك كي يحرم الخبر من أهم عناصره أال وهو أسماء الرواة وتسلسلهم. مجرد أن ينسب الخبر إلى النووي فهو إذن يفضل روايته وما أن قال: قيل: فإنه ضمنا يشكك بما قيل. في تاريخ الثقافة العربية اعتمد تدوينه في عصر التدوين على الرواية الشفاهية ولهذا رأى البعض أن القرآن الكريم هو صدق الحدث ظل مرتبطا بصدق القول مثال على ذلك رواية زواج الرسول المحفوظ من حديث محمد بن عبداهلل فالرواية عن شخص صريح االسم وذي إن السؤال األبرز هنا: ترى هل كان صاحب النص المكتوب الوحيد الذي دو نه كت اب المتواتر عن السلف فصحة وقوع الحدث الكريم من خديجة حيث نقرأ: وقال بن مسلم عن أبيه عن محمد بن جبير مكانة هي الصادقة أما عن مجهول كتاب التاريخ مؤرخا أم راويا والحق الوحي. ناتجة من صحة الروايات وعدد الرواة. الواقدي»ويقولون أيضا أرسلت إلى بن مطعم ومن حديث ابن الفرقاد عن فهي المشكوك فيها حتى وإن كانت غير أنه كان راويا أكثر من كونه مؤرخا. ذلك ولم تنته عملية التأريخ عبر الرواية إذ العدد - 30 يوليو/ مت وز

9 مقال ظلت المسألة في التاريخ هي اإلخبار تاريخ قديم جدا اعتمد أيضا على رواة لمرحلة ما قبل اإلسالم بدءا من تاريخ فحدثني موسى بن هارون قال حدثنا إساف بن يعلى ونائلة هي بنت زيد اإلسالمي لم يكتف بسرد الواقعة بل نقال عن الرواة الثقاة المتسلسلين من تناقلوا الخبر بينهم وبين الخبر الذي البشرية وحتى آخر ملوك بني إسرائيل عمرو بن حماه قال: حدثنا أسباط عن من جرهم وكان إساف يتعشق نائلة أصبغ عليها حلة أسطورية وأل ف رواية األقرب حتى األبعد حتى شاهد العيان رووه مئات السنين. وبالتالي لم يكن بل إن بعض المؤرخين األوروبيين السدي باإلسناد الذي ذكرته قيل: كان في أرض اليمن فأقبلوا حجاجا فدخال أوردها بمعزل عن امتحانها ألن وعيه األول أو الراوي األول. الراوي شاهدا دائما على الحدث. المعاصرين ما زالوا يرجعون إلى التوراة إبراهيم كثير الطعام يطعم الناس الكعبة فوجدا غفلة من الناس وخلوة باألساس لم يصل إلى مستوى الوعي وهذا ال يعني اتفاق الرواة أو شهود العيان لرصد تاريخ المنطقة ولكن مع تعامل ويضيفهم. فبينما هو يطعم الناس إذا في البيت ففجر بها في البيت فأصبحوا التاريخي الصرف. كما يروى عنهم بل إن تسلسل الرواية حتى الراوي األخير أو الشاهد أبقى على التاريخ بين األسطورة والواقع إذا كانت األسطورة متخيال إنسانيا جديد وتحريره من األسطورة. وإذا كان هناك ما يبرر عودة المؤرخ اإلسالمي بشيخ يمشي في الحرة فبعث إليه بحماره فركبه حتى أتاه أطعمه فجعل فوجدوهما مسخين فأخرجوهما فوضعوهما فعبدتهما خزاعة وقريش وكثير من الوقائع الصحيحة قد تعرضت لمثل هذه األسطرة فمقتل الحسين بن االختالف وبخاصة في الجزئيات أو ألحداث ال تنتمي إلى المعقول وال إلى للتوراة مرجعا فإن العودة إليه اآلن بعد الشيخ يأخذ اللقمة يريد أن يدخلها فاه ومن حج إلى البيت بعد من العرب«.)ابن علي غير مشكوك به إطالقا وال يشك التواريخ واألمثلة كثيرة جدا. الواقع المحكوم بعالقات سببية واقعية الكشوفات األثرية وفك رموز اللغات فيدخلها عينه وأذنه ثم يدخلها فاه فإذا الكلبي- األصنام ص 9(. أحد أن قتله كان بكربالء. ولكن القصة موضوعية فإن المؤرخ العربي-اإلسالمي القديمة وتطور مناهج البحث التاريخي دخلت جوفه خرجت من دبره وكان ورواية كهذه ترد في أغلب كتب التاريخ التي رويت عن قتله قد أردفت بأسطورة الحضور األسطوري إذا كانت األسطورة متخيال لوقائع لم يكن قادرا على التمييز بين األسطورة والواقع دائما وتعامل مع األساطير على ليس له ما يبرره إطالقا. أجل لقد انتقلت أساطير التوراة إلى إبراهيم قد سأل ربه عز وجل أال يقبض روحه حتى يكون هو الذي يسأله الموت. اإلسالمي. ويقول عن العز ى نقال عن الرواة أن العز ى وذلك ليعلى أكثر من شأن الحسين ولتضفى على مقتله مسحة تراجيدية حدثت رغم تناقضها مع قوانين الحياة أنها وقائع حدثت فعال. كتب التاريخ العربي-اإلسالمي بوصفها فقال للشيخ حين رأى من حاله ما رأى: كانت شيطانة تأتي ثالث سمرات ببطن كونية فلنستمع إلى السيوطي يقول والطبيعة والمجتمع فإن المؤرخ والسبب األرأس أن وعيه التاريخي لم تاريخا ووقائع دون أي إعمال للنقد بهذه ما بالك يا شيخ تصنع هذا قال: يا نخلة وحين ضربها خالد الضربة الثالثة»ولما قتل الحسين مكثت الدنيا سبعة اإلسالمي قد تعامل مع األساطير بوصفها ينفصل عن وعيه الديني ولهذا تعامل األساطير. وآية ذلك أن المؤرخ اإلسالمي إبراهيم الكبر قال: ابن كم أنت فزاد فإذا هي حبشية نافشة شعرها واضعة أيام الشمس على الحطيان كالمالحف وقائع ال يرقى إليها الشك وبخاصة حين إضافة إلى وعيه الديني بالعالم لم يجد على عمر إبراهيم سنتين فقال إبراهيم: المعصفرة والكواكب يضرب بعضها يؤرخ المسلم لتاريخ ما قبل اإلسالم. أمامه إال هذا المرجع ليسد الفراغ في إنما بيني وبينك سنتان فإذا بلغت ذلك بعضا وكان قتله يوم عاشوراء وكسفت فالمشكلة تكمن بأن قصص القرآن الكريم معرفة تاريخ المنطقة هذا من جهة صرت مثلك قال: نعم قال إبراهيم: الشمس ذلك اليوم واحمرت آفاق والتي هي قصص األنبياء السابقين على الرسول الكريم عوملت كوقائع ال يستطيع أي مؤرخ أن يكشف داللتها الرمزية فقط. ومع ذلك فإنا ال نشهد امتحانا ما بصدق الراوي أو الرواية أو حقيقة وجود الراوي نفسه. ففي كتابه»عبد اهلل بن سبأ أساطير أخرى«يمتحن السيد مرتضى العسكري روايات سيف بن عمر ويستخلص أن سيف بن عمر في رواياته عن حروب الردة قد اختلق معارك وأبطاال وشعراء كما اختلق أراضي ذكر وقوع الحوادث انتقلت أساطير التوراة إلى كتب التاريخ العربي- اإلسالمي بوصفها تاريخا ووقائع دون أي إعمال للنقد بهذه األساطير. وآية ذلك أن المؤرخ اإلسالمي إضافة إلى وعيه الديني بالعالم لم يجد أمامه إال هذا المرجع ليسد الفراغ في معرفة تاريخ المنطقة وألنه اعترف باليهودية كدين سماوي من جهة ثانية إلى الحد الذي تعامل مع أكثر ملوك»إسرائيل«بوصفهم أنبياء. فهذا الطبري ينقل عن التوراة حرفيا تسلسل البشرية عن آدم فشيت بن ادم عاش»تسعمئة سنة وإثني عشرة سنة«. وعاش أنوش بن شيت»تسعمئة سنة وخمس سنين«وعاش قينان بن أنوش»تسعمئة سنة وعشر سنين «وعاش مهالئيل بن قينان»ثمانمئة سنة وثالثين سنة«وهكذا )انظر الطبري مرجع سابق ط 1 ص ثم قارن مع التوراة في الكتاب المقدس ص ص اللهم اقبضني إليك قبل ذلك فقال الشيخ فقبض روحه وكان ملك الموت«. والقصة نفسها يوردها أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري المعروف بالثعالبي والمتوفى سنة )427 ه( في كتابه قصص األنبياء والمسمى عرائس المجالس في الصفحة )16(. وإذا كنا قد أبرزنا سبب العودة إلى التوراة ألسطورة التاريخ فإن األمر لم يتوقف عند هذا السفر فقد ظل الخيال األسطوري حاضرا في وعي المؤرخ العرب في سرد تاريخ اإلسالم نفسه. فلقد أمدنا ابن الكلبي بكتاب مهم مقتل الحسين بن علي غير مشكوك به إطالقا وال يشك أحد أن قتله كان بكربالء. ولكن القصة التي رويت عن قتله قد أردفت بأسطورة وذلك ليعلى أكثر من شأن الحسين ولتضفى على مقتله مسحة تراجيدية كونية السماء ستة أشهر بعد قتله ثم الزالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله وقيل : إنه لم يقلب حجر بيت المقدس يومئذ إال وجد تحته دم عبيط وصار الورس الذي في عسكرهم رمادا ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها مثل النيران وطبخوها فصارت مثل العلقم وتكلم رجل في الحسين بكلمة فرماه اهلل بكوكبين من سماء فطمس بصره«. )السيوطي تاريخ الخلفاء ص 207(. وقائل يقول: إن هذا قليل من كثير فكتب التاريخ العربي اإلسالمي أر خت.) عليها واختلق رواة عنهم كسهل بن»األصنام«حيث أر خ لوجود األصنام عند لمراحل طويلة وهي عديدة جدا. يوسف وعروة بن مزية والمس. لكن العودة إلى التوراة لم تمنع المؤرخ عرب الجاهلية وطقوس عبادتها وعالقة هذا صحيح ولكن حضور مثل هذا وقد روى عن سيف الطبري وياقوت العربي من إعمال خياله األسطوري إلى قبائل العرب بأصنامها ومازال هذا الوعي على قل ته ليشي بنمط من وابن حجر وابن األثير وابن خلدون جانب أساطير التوراة فالتوراة مثال ال الكتاب مرجعا مهما في هذا الشأن. غير يديها على عاتقها تصرف بأنيابها«.)ابن التفكير قد يفسد حتى الوقائع التي وعبد المؤمن وأن أحدا من هؤالء لم يشك بروايات سيف بن عمر. مع التوراة والقرآن الكريم كمرجعين تاريخيين التوراة بما تتضمنه من تذكر موت إبراهيم إال في سطور قليلة حيث بات شيخا مشبعا باأليام أنه لو ث كتابه بسرد أساطير حول هذه األصنام أي ظل وعيه التاريخي مختلطا الكلبي األصنام ص 25(. فوجود األصنام في الكعبة واقعة حدثت فعال. والمالحظ أنه كلما بعد الزمن عن األصل صار المؤرخ أقرب وفي كل األحوال لم يعمل المؤرخ العربي أساطير حول العالم وحول تاريخ اليهود أما خيال المؤرخ العربي فقد أضاف بوعيه األسطوري. تاريخية صحيحة وكذلك تحطيم إلى الواقعية وزالت الحوادث المتخيلة عقله في نقد الرواية بل تعامل معها والقرآن بما يتضمنه من قصص األنبياء.»فلما أراد اهلل تبارك وتعالى قبض روح فحين يتحدث عن الصنمين: إساف األصنام بأمر الرسول الكريم إذ من ومضى الحديث عن الشخوص ذات كحجة لصدق الخبر. ومما يزيد الطين فالتوراة شكلت مرجعا أساسيا لدى جمع إبراهيم صلى اهلل وعليه وسلم أرسل ونائلة يورد األسطورة المعروفة والتي الطبيعي أن تحطم األصنام بعد فتح المكانة الدينية التي يمكن أن يسبغ عليها بلة أن المؤرخ اإلسالمي وهو يحكي عن المؤرخين اإلسالميين وهم يؤرخون إليه ملك الموت في صورة شيخ هرم. تفيد بأن»إسافا رجل من جرهم هو مكة وانتصار المسلمين. لكن المؤرخ المؤرخ طابعا أسطوريا. العدد - 30 يوليو/ مت وز

10 مقال الوعي التاريخي والمعقولية نقصد بمعقولية الوقائع التاريخية تلك بني ساعدة يبايعون سعد بن عبادة بلغ الخبر إلى أبي بكر وعمر فجاءا إليهم أقرب الناس إلى الرسول القضية قضية سلطة تشرع دونها السيوف وليس من إذن حسمت الخالفة أوال بين شيوخ قريش وأفخاذها ثم بين شيوخ قريش يفقدوا هذه األعداد الكبيرة من المقاتلين وظلوا قادرين على الملك والحياة ففي عموما أو األفراد انطالقا من هذه النظرية المسبقة وبخاصة إذا عرفنا التي يقبلها العقل ومنطق العقل والواقع نفسه. ولهذا يكون فهم التاريخ فهما ومعهم أبوعبيدة وخطب أبوبكر وأكد أن عشيرة رسول اهلل أحق بأمره. واقترح المعقول أن تحل بهذه البساطة. لميعملالمؤرخ اإلسالميخيالهالتاريخي واألنصار والتاريخ الالحق يدلل على أن قريشا سعت ألن يظل الملك بيدها معركة الجمل وصفين وحدهما تتحدث األخبار عم ا يقرب من مائة ألف قتيل. أن المؤرخ عموما هو دائما متهم شاء أم أبى فكيف إذا تأملنا وضع المؤرخ معقوال إذا تطابق مع معقولية الواقع الحباب بن المنذر أن يكون من األنصار ليفهم كيف آلت الخالفة ألبي بكر ويفسر والصراع على السلطة بقي داخل قريش فإذا عرفنا أن جيش علي يوم الجمل قبل قرون وبخاصة المؤرخ اإلسالمي نفسه إني هنا ال أتحدث عن األسطورة أمير ومن قريش أمير رفض عمر هذا -عبر احتماالت عقلية- هذا األمر. بالذات والمؤسسة العسكرية التي نشأت كان ثالثة عشر ألفا وعلى فرض أن عدد الذي تقاذفته أهواء االنقسامات الدينية التي أتيت على ذكرها سابقا بل عن االقتراح أشار أبوبكر إلى عمر ليبايعه الرسول الكريم يحج حجة الوداع أثناء الفتوح كانت تحت قيادة القرشيين الطرف المقابل كان يساوي عدد جيش وانحيازاته السلطوية الوقائع نفسها من حيث فهمها. من حيث كشف جملة األسباب المتبادلة فرفض كما رفض أبوعبيدة البيعة منه بايعا أبا بكر ثم بايعه األوس ثم أقبل ويلقي خطبته المشهورة وكان المرض قد اشتد عليه ثم بعد اشتداد المرض في الغالب وقد حددت الحاجة إلى دولة مركزية الصراعات على السلطة علي فيكون المجموع ستة وعشرين ألفا فهل يعقل أن يقتل خمسة عشر ألفا يظهر االنحياز األيديولوجي في أكثر من مفصل أساسي من مفاصل الحكم التي تجعل من الواقعة نفسها معقولة من حيث معرفة األسباب الجوهرية التي الناس يبايعون أبا بكر لكن سعدا رفض البيعة وقيل إنه لحق بالشام وأن الجن خرج للناس وأعطاهم وصاياه وسأله الحاضرون عن مغسله وعن الكفن وعن والتي كانت الصراعات على الخالفة أحد التعبيرات عن هذه الحاجة. في معركة الجمل ( انظر: الطبري د ع ص.) اإلسالمي حيث أظهر المؤرخ اإلسالمي موقفه األيديولوجي بأكثر من مظهر. ولدت الواقعة التاريخية. قتلته. الصالة عليه وعم ن يدخله القبر وطلب ال نهدف في هذا المقال إلى فهم التاريخ لنأخذ مقتل عثمان والذي تجمع أكثر فالتاريخ العربي-اإلسالمي منذ الدعوة وحتى انهيار الدولة العربية مرورا لندع مقتل سعد فهذا أمر من قبيل دواة وقرطاسا ليكتب لهم كتابا ال يضلون من بعده. اإلسالمي وتفسيره حسبنا القول إن الحوادث في هذا التاريخ لم يعمل الروايات على سرده بشأنه ولنأخذ واقعة الغالم حيث يورد المؤرخون بالفتوحات وقيام الدولة األموية والعباسية والدويالت األخرى ينطوي إذن كانت قريش واألنصار يعرفون قرب انتقال الرسول الكريم إلى الرفيق الوعي التاريخي اإلسالمي فيها الفهم كمقتل عمر وعثمان والفتوحات وانتصار المسلمون القصة التالية: دخل أصحاب محمد وأشاروا عليه أن يعين محمدا على وقائع تاريخية ال حصر لها تاريخ يمتد إلى أكثر من سبعة قرون ويمتد إلى قارات ثالث واشتركت في صناعته أمم وشعوب شتى وقائع هي من الثراء بحيث يصعب على الباحث الواحد امتالكه وفيه من االنتصارات والهزائم والفتن ما يكسر رأس الباحث عن األسباب والنتائج. والحق أن المؤرخين المسلمين قد سج لوا لنا وقائع كثيرة صغيرة وكبيرة لكن التاريخ ظل بمجمله سرديا تاريخ إجابة عن سؤال كيف جرت الحوادث أو الوقائع ال لماذا جرت على النحو فمن المعروف مثال أن أكبر حدث في تاريخ اإلسالم المبكر بعد وفاة الرسول إن أحدا لم يقف عند رواية التحكيم ورفع المصاحف موقفا شاكا باستحالة هذه الحادثة أو قصة عمرو بن العاص الذي ثب ت معاوية كما يثب ت الخاتم في يده وصمت أبي موسى األشعري وكأن الذي حسم قصة الصراع هو االختالف بين سلوك الداهية وسلوك التقي األعلى وبالتالي فإن مسألة خالفته ال بد وأن طرحت في هذه اللحظة من حياة الرسول وال بد أن شيوخ قريش وعلى رأسهم أبوبكر وعمر وعثمان وأبوعبيدة قد اتفقوا على الخالفة وهم يدركون أن طالبيها كثر واستقر رأيهم على أن يتولى أبوبكر الخالفة العتبارات كثيرة أهمها: أنه قرشي أوال ثم أنه أقرب الناس إلى الرسول الكريم فضال عن هيبته في الجاهلية واإلسالم فقد كان من رؤساء قريش ناهيك أن شيوخ قريش لهم تجربة في الحكم سابقة في دار الندوة ولن يقلل تعيين أبي بكر من سلطانهم وال بد أنهم اتفقوا مع األوس على هذا األمر وإال لماذا بايع األوس أبا بكر ولم الفرع األموي في الصراع على الخالفة بل إن المؤرخ اإلسالمي قد حشد ما هب ودب في كتب التاريخ فلم يقف عند الوقائع الحاسمة األساسية بل راح يسرد ما هو ثانوي من قصص حصلت مع هذا الخليفة أو ذاك أو مع هذا الصحابي أو ذاك وهكذا من هنا نفهم لماذا تتألف كتب التاريخ العربي واإلسالمي من مجلدات ضخمة عنصر الشك فيها شبه غائب. إن أحدا لم يقف عند رواية التحكيم ورفع المصاحف موقفا شاكا باستحالة هذه الحادثة أو قصة عمرو بن العاص الذي ثب ت معاوية كما يثب ت الخاتم في يده وصمت أبي موسى األشعري وكأن تاريخ بني أمية في السلطة قد كتبه أعداء بني أمية الذين ذكروا القارئ دائما أن إسالم أبي سفيان وولده معاوية قد جاء بعد الفتح ليظهروا رقة إسالمهم ولهذا تجد اللغة نفسها التي تتحدث عن بني أمية ليس فيها إال قليل من االستحسان والمديح وكثير من اإلدانة بن أبي بكر بدال من أن أبي سرح فكتب عهده ووال ه فخرج محمد بن أبي بكر ومن معه إلى مصر فلما كان على مسيرة ثالثة أيام من المدينة إذا هم بغالم أسود على بعير يخبط البعير خبطا وكان رجل يطلب ويطلب فقال له أصحاب محمد: ما قصتك وما شأنك كأنك هارب أو طالب فقال له رجل: هذا عامل مصر قال: ليس هذا أريد وأخبر بأمره محمد بن أبي بكر فبعث في طلبه رجال فأخذه فجاء به إليه فقال: غالم من أنت فاقبل مرة يقول: أنا غالم أمير المؤمنين ومرة يقول أن غالم مروان حتى عرفه رجل أنه لعثمان فقال له محمد إلى من أرسلت فقال إلى عامل )ص( هو نشوء الخالفة وتكوين الدولة ينتصروا لسعد أما الحديث عن أن أبا الذي حسم قصة الصراع هو االختالف مصر فقال: بماذا قال برسالة قال لقد استدعى المؤرخ هذه اللحظة بكر قد أشار إلى عمر وإلى أبي عبيدة بين سلوك الداهية وسلوك التقي. معك كتاب قال: ال ففتشوه فلم يخرج وتحدث عن نشوء الخالفة ويسرد األسطورة للحدث لكن أحدا من ليبايع أحدهما بالخالفة وامتناعهما عن لم يقف أحد عند عدد القتلى في المعارك وكان معه أدوات ففتشوا األدوات الطريقة التي صار فيها أبوبكر خليفة للمسلمين بعد الرسول الكريم والقصة المؤرخين لم يتساءل كيف تأت ى ألبي بكر أن يصبح خليفة رسول اهلل من ذلك فهذا نوع من التورية ليس إال أو أن الحادثة كلها مشكوك فيها. التي جرت بين اإلمام علي وخصومه موقف الناقد فإذا أضفنا شهداء الفتح الوعي التاريخي في إهاب الوعي األيديولوجي فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرج فجمع محمد من كان معه من معروفة للجميع أوردها جميع المؤرخين أين استمد أبوبكر قوته هل األمر مجرد والحق أن مبايعة أبي بكر خليفة وشهداء حروب الردة وقتلى الصراعات ليس من باب القول الجديد اعتبار المهاجرين واألنصار وغيرهم ثم فك المسلمين متفقين على الوقائع التي تمت نقاش ينتهي بأن يبايع عمر أبا بكر وكفى -سلطانا - هو دفاع قريش عن الملك فمن على الملك أيام األمويين والعباسيين التأريخ ملوثا دائما بالوعي األيديولوجي الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك في السقيفة. اهلل المؤمنين شر القتال ثم يتقاطر ذا الذي يتصور أن يكون الملك من غير والقتلى من الخوارج فسنحصل على وليس الوعي األيديولوجي هنا سوى محمد وفالن وفالن فاقتلهم وأبطل هذا الحدث الكبير يبدو بسيطا جدا : الناس على أبي بكر للمبايعة لماذا لم قريش وقد ظلت الخالفة في قريش عشرات األلوف من الذين قضوا ترى االنحياز والنظر إلى التاريخ نظرة تعبر كتابه. وقر على عملك حتى يأتيك رأي األنصار اجتمعوا في السقيفة سقيفة يفكر المتناقشون بعلي خليفة وهو مئات السنين كم كان عدد العرب المسلمين آنذاك حتى عن موقف مسبق ومحاكمة الوقائع ويحبس من يجيء إلي بتظلم منك العدد - 30 يوليو/ مت وز

11 مقال يأتيك رأي في ذلك إن شاء اهلل تعالى فلما قرأوا الكتاب فزعوا فرجعوا إلى المدينة وختم محمد الكتاب بخواتم نفر كانت معه ودفع الكتاب إلى رجل منهم وقدموا المدينة فجمعوا طلحة والزبير وعليا وسعدا ومن كان من أصحاب محمد )ص( ثم فضوا الكتاب بمحضر منهم وأخبروهم بقصة الغالم وأقرأوهم الكتاب فلم يعد أحد من أهل المدينة إال حنق على عثمان وزاد ذلك من كان غضب ألبن مسعود وأبي ذر وعمار بن ياسر حنقا وغيظا. وقام أصحاب محمد )ص( ولحقوا بمنازلهم.. وحاصر الناس عثمان سنة خمس وثالثين وأجاب عليه محمد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من الصحابة ثم دخل على عثمان ومعه الكتاب والغالم والبعير فقال علي : هذا الغالم غالمك قال: نعم قال والبعير بعيرك قال: نعم فأنت من كتبت هذا الكتاب وقال له وحلف باهلل: ما كتبت هذا الكتاب وال أمرت به وال علم لي به قال علي: فالخاتم خاتمك قال: نعم. فكيف يخرج غالمك ببعيرك وبكتاب عليه خاتمك وال تعلم به فحلف باهلل ما كتب هذا الكتاب وال أمر به وال وج ه هذا الغالم إلى مصر قط. وأما الخط فعرفوا أنه خط مروان وشك وا في أمر عثمان وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى.. إلى آخر رواية القتل. لندقق في هذه الواقعة المتحان صحتها إذ يبدو لي أنها مختلفة اختالفا كليا. أوال : ال يعرف عن عثمان أنه ذو أخالق ماكرة أو أنه يميل إلى العنف والغدر. ثانيا : ما هذا الغالم النكرة الذي يحمل الكتاب وال اسم له فهل يعقل أن يكون للخليفة وأمير المؤمنين غالم نكرة أسود ال يعرفه أحد في المدينة التي يعرف الناس فيها بعضهم بعضا. ثالثا : إذا كان عثمان يهدف إلى ذلك المكتوب في الكتاب أليس أولى به أن يرسل برسالة شفهية بدل أن يضع ختما على رسالة مكتوبة رابعا : إذا كان الخليفة قد حلف يمينا باهلل أن ال علم له بذلك فلماذا الشك برجل يحلف باهلل كعثمان )هذا إذا افترضنا أن الغالم يحمل رسالة مختومة بختم عثمان(. خامسا : إذا كان مروان هو فعال من كتب الكتاب وكان عثمان ال علم له بذلك أليس نوعا من الخيانة من مروان لعثمان وكان أولى بعثمان أن يعاقب مروان أو يجعل اآلخرين يعاقبونه )تاريخ الخلفاء- ص ص ( إذن القصة كلها مختلفة. لكن المؤرخين -وهم ميالون- إلدانة عثمان اخترعوا هذه القصة إليجاد مبرر أيديولوجي-أخالقي إضافي لمبررات قتل عثمان لم يقل أحد من المؤرخين المسلمين إن مقتل عثمان مظهر من مظاهر الصراع على السلطة والثروة. أو تأمل القصة التالية: وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن جبلة سحيم قال: دخلت على معاوية بن أبي سفيان -وهو في خالفته- وفي عنقه حبل وصبي يقوده فقلت له: يا أمير المؤمنين أتفعل هذا فقال: أسكت فإني سمعت رسول اهلل )ص( يقول: من كان له صبي فليتصاب له قال ابن عساكر: غريب جدا. هل يمكن تصديق قصة كهذه عن معاوية ترى هل بقي لمعاوية أن يطبق هذا الحديث ليكون قد أتم العمل بوصايا الرسول الكريم. وما قول ابن عساكر أن األمر غريب إال تأكيد الختالق هذه الحادثة للنيل من معاوية. والحق أن تاريخ بني أمية في السلطة قد كتبه أعداء بني أمية الذين ذكروا القارئ دائما أن إسالم أبي سفيان وولده معاوية قد جاء بعد الفتح ليظهروا رقة إسالمهم ولهذا تجد اللغة نفسها التي تتحدث عن بني أمية ليس فيها إال قليل من االستحسان والمديح وكثير من اإلدانة والتشويه. إذ قيل عن يزيد بن معاوية قوال ال يمكن لعاقل أن يقوله»وكان سبب خلع أهل المدينة له أن يزيدا أسرف في المعاصي وأخرج الواقدي أن عبداهلل بن حنظلة بعد الغسيل قال: واهلل فأخرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من المساء إنه رجل ينكح أمهات األوالد والبنات واألخوات ويشرب الخمر ويدع الصالة«. )تاريخ الخلفاء للسيوطي ص.)309 وكما تعرض تاريخ حكم بني أمية لوعي أيديولوجي كذلك خضع تاريخ الخوارج هو اآلخر لموقف سلبي مسبق في وقت أجمع المؤرخون على إصدار أحكام ايجابية على تاريخ آل البيت. بإمكاننا أن نعرض أمثلة مثيرة تؤيد وجود العقبات األيديولوجية الكثيرة أمام الوعي التاريخي المطابق بدءا من تاريخ الحياة الجاهلية وانتهاء بتاريخ الدول اإلسالمية المتعاقبة. وبعد: لم نقصد أبدا محاكمة المؤرخ العربي وفق معيار المنهج أو المناهج التاريخية المعاصرة لنعطه عالمة الصفر إنما قصدنا إلى تبيان مستوى الوعي التاريخي اإلسالمي وطبيعته هذا ألن الراهن العربي لم يقم قطيعة على وعي كهذا. فإذا كان المؤرخون العرب يكتبون اآلن تاريخ المرحلة الجاهلية واإلسالمية مبتعدين عن مثالب الوعي التاريخي اإلسالمي فإننا ما زلنا في مدارسنا ندرس تاريخنا -في الغالب- انطالقا من قصص التاريخ كما أوردها مؤرخونا القدامى. ناهيك عن أن العربي والمسلم عموما مازال يستمع إلى هذه القصص في أكثر من محفل ومكان وفضائية عبر أحاديث الجمعة وخطبها وعبر البرامج الدينية المتنوعة وعبر الدعاة الجدد والقدامى مم ا يعزز الوعي القديم بالتاريخ والطابع األسطوري له. كاتبمنفلسطينمقيمفي اإلمارات سعاد مردم بيك العدد - 30 يوليو/ مت وز

12 مقال الغربي واآلخر العربي النص الدوغري بكري الحديثة القصة في تراثية مؤثرات الشمعة خلدون األثير المصطلح المثاقفةAcculturation ذلك عن الكالم إلى يقود أن بد ال متمايزين أدبين بين المواجهة عن الباحث يتكلم أن غير أخرى. ثقافة على معينة )حضارة( أو ثقافة تمارسه الذي التأثير إلى يشير والذي الثقافية األنثروبولوجيا دارسي لدى أو الثقافة تلتهم أن نتائجه من يكون أن يتعين ال واآلخر الذات بين حوار فهي دائما. االتجاه وحيدة ليست»المثاقفة«ان منها. شأنا أقل حضارة أو ثقافة األعظم )الحضارة( الشرق بين فالعالقة ذلك ومع والغربأدتبدورهاإلىنشوء متباينين مفهومين إلى ينتميان أدبيين فياألدبالعربيوالغربي. مبارك زكي كالدكتور آخرون نقاد فيه يف كتابافياألدبقبلأنيكونمؤلفا اذإ التي االستشراق بظاهرة يسمى ما ىلإ ينتمي قصصي شكل هناك أوال: التاريخ. أهملناجوانبهااإليجابيةوأردنااالقتصار سأطلق القديم العربي األدب ساللة الموسوعي القصصي الشكل ثانيا :هذا نأ بد فال ضية ر الم تجلياتها رصد على»الجنس مصطلح تجاوزا عليه مفهوم في أساسيا محورا يعتبر الذي المركزية النزعة ظاهرة إزاء أنفسنا نجد به Encyclopedicألصف الموسوعي«Genre األدبالعربيالكالسيكيوجدطريقهإلى باعتباره الشرق دراسة أي األوروبية»األغاني«ألبيالفرج كتبا منطرازكتاب أعمال خالل من الحديث الغربي األدب الجانب هذا باستمرار. المغاير»اآلخر«و«نشوار دريد ابن وأخبار األصفهاني إرفينغ األميركي هما قصصين كاتبين لا بالسالح»المثاقفة«المدجج من المذاكرة«للتنوخي وأخبار المحاضرة خورخي Washingtonواألرجنتيني Irving نأ أود وإنما السياق هذا في يهمني عربيا مصطلحا ذلك من بدال أستدعي األندلسي حزم البن الحمامة«و«طوق األدبية األجناس من مزيج على تشتمل عام Jorgeفي Luis بورخس. Borges لويس واشنطن األميركي الكاتب 1832 أصدر منمصطلحاتأبيحيانالتوحيدي هو باعتباره سواه على»المقابسة«أؤثره يه بما»المثاقفة«عن للتعبير يصلح والقصائد. المروية والقصص كاألخبار يتطابق الذي الموسوعي الشكل وهذا ويكون والتاريخ األدب مفهوم فيه»قصصالحمراء«ويعترف إرفينغكتابه»نفحالطيب«ألحمدبن إرفينغانكتاب محمدالمقريالذيترجمإلىاالنكليزية غرناطةاستمعإرفينغإلىمجموعةمن»ماتيوخيمينيز«رواةالحكاياتومنهم هدج مصدرها أخبارا له روى الذي دحا علم وعندما غزوه. إلى فيسارعون التمثال بأن المسلمين البحريين القادة مصنوعمنالذهبالخالص أمربإنزاله يبرع طبيب زاره وعندما منه. ينفذون رصم من جاء أيوب بن ابراهيم اسمه اهيف درس أن بعد األقدام على سيرا ينطوي واآلخر الذات بين حضاري حوار يختلف أدبا والتاريخ تاريخا األدب فيه فيعام 1840 والذييعتبرالمصدرالعربي اهأرق انه قال عام مائة قبل ولد الذي النحاس من انه له فتبين وتحطيمه أصبح»السحر«ومنها السوداءالعلوم نم قبس بين للتبادل مشروع على جذريا عنمفهومالقصة Fictionكماتقدمه االسالمية العربية اسبانيا عن الوحيد ىلإ يشير السحر عن عربي كتاب في نا األمر في والغريب بالذهب. المطلي ىنب فقد البالط. في الناهي اآلمر بمثابة اخرى. ثقافة من بقبس العربية الثقافة يف الكالسيكية األدبية األجناس نظرية ةدام منه استمد الذي المصدر هو مدفون. بكنز تتعلق مغربية حكايات تحطيم بعد توقفت القراصنة غزوات بإصبعه يشير كان سحريا طلسما له كانت ربما المعنى بهذا و«المقابسة«موقت التي النظرية وهي الغربي األدب.ل. إ أشار الحمراء«.وقد»قصص كتاب هذه عنوانها: الحمراء قصص إحدى التمثال. المراقبة برج من يراه عندما العدو إلى ةملك بها من تحيط التي قريبة بالهالة وسيكولوجية اجتماعية افتراضات على»الماضي كتابه. E.L في Ranelagh رينالغ Theبل Arabian العربيAstrologer المنجم بطلالقصةهوالملكالمغربيابنحبوس الطبيعية الحواجز فوق يعلو الذي يوحنا االسباني صكها Contraferentiaالتي عم المعيارية القوانين صيغة اكتسبت فلؤم أول كان إرفينغ أن المشترك«إلى ةعبرم منارة الى محددة إشارة هناك إن غرناطة مملكة حكم Abenالذي Habuz قائده فيسارع بغرناطة المحيطة منتصف Jahnفي of Segobia الشقوبي الزمن. مرور أميركييرحلبحثا عنقصصواساطير فيقادش كانيعتليهافارسيتوكأعلى نم لمنافسيه التصدي عليه كان والذي هجوم أي إلحباط رضوان العسكري لتدشين الميالدي عشر الرابع القرن النقاد بعض تعامل فقد السبب ولهذا ىلإ ذهب لقصصه.لقد اساسا يعتمدها عصابيدهاليمنىبينماتشيريدهاليسرى الطامعين.ومماجعلاألمرأشدسوءا ان ةصق»على الكاتب يعلق المدينة. على أوروبا بين حوارا»مؤتمر«يكرس فكرة حسين طه كالدكتور المحدثين العرب غرناطةفوقعاسيرالسحرالماضيهناك السكان اعتقد وقد طارق. جبل إلى ةيؤر دون تحول بجبال محاطة غرناطة»المنجمالعربي«هذهبالقولانالعناصر بالقلم. السيف يستبدل والعرب القصصي الشكل هذا مع زيدان وجرجي وحصلعلىترخيصمنحاكمها يسمح ريذن كان التمثال ان العرب المسلمون سوبح ابن فاضطر يتقدم وهو العدو الرئيسيةفيهاشرقيةواضحةوالتحتاج نأ أود»المقابسة«هذه عملية إطار في»األغاني«كتاب هنا ومثاله الموسوعي لهبأنيقطنفيقصرالحمراءلمدةثالثة الطلسم بمثابة كان وانه ونحس شؤم إلىبناءالبروجلمراقبةتحركاتاألعداء. فلؤم بأي أو الطيب بنفح التذكير إلى جنسين بين المثاقفة جوانب بعض أسبر ىأر بينما التأريخ. في مؤلف انه على شهور بينأياروتموزمنعام وفي الشاطئ إلى القراصنة به يهتدي الذي يذلا المنفذ يجدون دائما كانوا انهم إال مصادرها. لنا تنكشف حتى للمقري آخر مت وز يوليو/ - 30 العدد 22

13 مقال هوانالقصة إالانمايشيرإليهالمصدر إخبارية عناصر على اعتمدت التي واألشخاص األماكن كأسماء تسجيلية ىلإ أقرب هي األداء في طريقة تنتهج تنتمي التي الكتب اعتمدته الذي النص إلىساللةاألدبالعربيالقديمكاألغاني»واشنطن قارئ فإن ولهذا الطيب. ونفح اهسفن الحيرة في يقع أن بد ال إرفنغ«وابن األصفهاني قراء واجهها التي والمقري والتوحيدي والجاحظ خلدون يف كتابا يقرأ هل المحدثين: النقاد من ةجاح يتعدى ال هدفها قصة أم التاريخ االستمتاع. حب أ إلى يعود الحيرة سبب إن الواضح من مرين: ينطلق الحديث العربي الناقد إن األول: األجناس في كالسيكية نظرية من الثيمة على تنويع بمثابة هي األدبية الرئيسيةالتياعتمدهاأرسطوفيالقرن الميالد. قبل الرابع نم ينطلق ال نفسه الناقد والثاني:إن التي الحديثة األدبية األجناس نظرية تحاول أي بحتة وصفية بأنها تتسم مفروضة تحديدات إعطاء تجنب بأن لنا تسمح فإنها وبالتالي مسبقا مقامة باعتبارها»المقامة«نصنف ريغ أو ناقصة قصة باعتبارها وليس ابتك نقرأ بأن أيضا لنا مكتملة.وتسمح الطيبنفح و»األغاني«غرار على نذإ لنقل الخاصة. طبيعتها ضوء في دارأ إرفنغ لواشنطن الحمراء قصص إن دق يفعل لما منه وعي عن ربما صاحبها التاريخية األخبار منوال على نسجت المبثوثةفيالشكلالقصصيالموسوعي ذلك حصيلة فما المقري لدى مالحظتان: التساؤل هذا على ردا تبرز العرب النقاد أن هي األولى المالحظة القدامىلميكترثوابالقصصالتيلمتكن والرواة. والزمان المكان بأسماء موثقة يكون أن ينبغي والخبر خبر فالتاريخ تاريخا باعتباره وهو وموثقا مسندا المالح المعرفة. مصادر من مصدر وأدبا أنفسهم النقاد هؤالء أن هي الثانية ظة المخترعة بالحكايات كثيرا يكترثوا لم لا باعتبارها وليلة ليلة ألف غرار على اهنلأ أو موثق تاريخي سند على تعتمد موثقة. تاريخية حقيقة مع تتطابق ال واشنطن عالقة المنظور هذا في هي ما األوروبي الغربي بالتراث إرفنغ عالقته لنا تكشفت أن بعد واألميركي العربي. بالتراث دلو الذي إرفنغ واشنطن اعتبر لقد ماع في عام 1783 وتوفي في بنيويورك نأش بالشرق مفتونا رحالة 1859 وكان يف األوروبيين الرومانسيين الكتاب كل أميركي كاتب أول بمثابة المرحلة تلك األنثروبولوجيون يرى التي المثاقفة عملية ان يف البحث باب في تدخل والعالقة الثقافي التاريخ وأخرى غازية ثقافة بين تكون أن يمكن مغزوة دائما حاجة ال إذ متبادلة. نأ حجما األكبر للثقافة األصغر الثقافة تبتلع األوروبي والتقدير االعتراف على يحوز يه فما األميركي. األدب تاريخ في بأوروبا. إرفنغ عالقة استمدها العربي«.التي»المنجم قصة إن نا تلبث لم العربي التراث من إرفنغ قيرط عن الروسي التراث إلى تسللت شعرا نظمها»بوشكين« الذي نأ من الرغم على إنه goldenإال cockerel ناك العربي المنجم أن يذكر بوشكين المغاربة قبعات غرار على قبعات يعتمر نود القصة يقدم المسلمين Saracenفإنه فهناكالقيصردودون خلفيتهااألندلسية. Dodonالذييحكمبلدا اليسميهبوشكين باالسم.وهناكأيضاتمثالالفارسالذي ليراقب بغرناطة مرتفع على ينتصب كيد إلى بعد فيما وليستحيل األعداء دقو بالقيصر. يفتك أن يلبث ال ذهبي قامريمسكيكورساكوفبتلحينالثيمة وهكذا»الديكالذهبي«. نفسهافيأوبرا العربي األدب بين مثاقفة بعملية صرنا واألميركي وأخرىبيناألدباألميركي»أمامسخريةمزدوجة«: والروسي نقف فقدأصبحإرفنغاألميركيممثال للثقافة الشرقية وبوشكينالروسيالذييرفض بالمصدر االعتراف السوفيات النقاد قيرط عن وصلته التي لحكايته العربي»ممثال للثقافةالغرب الوسيطاألميركي: ية!«. نم آخر مستوى إلى اآلن ننتقل دعونا أدبين:عربي بين المواجهة أو التفاعل لب حديث. التيني وأميركي كالسيكي بدأ بين مواجهة أدق بتعبير لعلها نيبو العرب عند الخبر فن يمثله قديم الحداثة حركة إلى )نسبة حداثي كاتب Modernism (أرجنتينيهوخورخيلويس Borges. بورخيس والمفارقةفيتجربةبورخيساألميركي طليعي تنويع بمثابة انها هذه الجنوبي االميركي إرفنغ واشنطن تجربة على بطبيعة يعود ال هذا ان إال الشمالي. الحال إلىوجودعالقةتأثروتأثيربين مصادرهما أن من يتأتى وإنما الكاتبين فيالتراثالعربيالكالسيكيمتشابهة إنلمنقلمشتركة. يف بورخيس األرجنتيني الكاتب ولد وتلقى آيرس بونس عام 1899 بمدينة العربية تعلم حيث أوروبا في علومه المجالت في األولى كتاباته ونشرت العالمية الحرب بعد الطليعية االسبانية بيانا عام 1921 أصدر وفي االولى. الفنية تجربته تكريس فيه أعلن أدبيا مث بيرون حكم خالل اضطهد للتجريب. شغلمنصبمديرالمكتبةالوطنيةوقام الرغم وعلى االنكليزية. اللغة بتدريس الكامل بالعمى مصابا أصبح أنه من يف علم أبرز ظل فإنه وفاته قبل تقريبا الالتينية. أميركا أدب الناشرين 1961 جائزة عام في نال االيرلندي الكاتب مع باالشتراك الدولية مؤسسة منحته كما بيكيت. صمويل السنوية جائزتها البريطانية»إنغرام«إلسهامه:«المتميز 1966 تقديرا عام عن سنوات وقبل الحديث«األدب في جامعتي من الفخرية الدكتوراه منح صحيفة ووصفته وكولومبيا أوكسفورد اللغة في كاتب»أعظم بأنه: التايمز اليوم«. االسبانية ىدل القصة فن بين العالقة رصد ويمكن نم العرب لدى الخبر فن وبين بورخيس ضمنمنظورنقديتحددهاالعتباراتال تالية: أطلق طليعيا جنسا بورخيس ابتكر أوال : القصة بين يجمع اسم Ficcionوهو عليه جمد بعملية يقوم باألحرى أو والمقالة والتار األدب بين أو والخبر القصة بين يخ. الفني اآلداء أسس بأن أزعم أن وأحب استفادت قد األدبي الجنس هذا في العربي. القصصي التراث تجربة من ددع على التراثية التجربة هذه وتشتمل بورخيس ابتكار تميز التي العناصر من ثيح من سواء الطليعي األدبي لجنسه عالقةاألدببالتاريخعلىصعيدالثيمة بالخبر القصة عالقة حيث من Themeأو األداء. نمط صعيد على كاتبا نفسه بورخيس يطرح ثانيا : نأ يعتبر هو أو»كوزموبوليتيا «عالميا ريغ عال جمهور يخاطبه الذي الجمهور ةرتفب محدد غير )أي زمني وغير محلي معينة(. تاريخية ىلع تعتمد ما كثيرا الكتاب فمادة ولهذا فلأ كانت وقد وإسالمية. عربية مصادر وكتب العربية األخبار وكتب وليلة ليلة األثيرة المصادر من اإلسالمي التاريخ ذلك: على تدل كما لديه قصصه. بعض - ا ملا بهذا المباشرة تصريحاته بعض - ب عنى. تشير التي النقدية التقويمات بعض - ج والثقافية. الفكرية مكوناته إلى أدب عشر الثامن القرن منتصف في ثالثا : بدلأا على وليلة ليلة ألف تأثير ظهور المقاييس تعد فلم أوروبا في والنقد المقاييس هي األوغسطي للعصر الفنية الكاتب على يكون عندما التاريخية الدقة بين يختار أن مقطع تأثير وبين الحرفية المضمونية قيمته أو ما نأ عليه فان أواألدائية ألن استعداد على يكون التاريخية. بالدقة يضحي لا بورخيس تجربة ان غير اذه مثل وجود على تعتمد المفترض التعارض ىدأ وهذا النقدي. التقييم في السائدة بالدراسات االهتمام تزايد إلى بدوره السرد وطرق والفولكلورية الشرقية سيرة من واإلسالمية العربية القصصي وخبر. وتأريخ يف يتمثل كما بورخيس أدب ويشكل هيف مزج الذي الطليعي للجنس ابتكاره رثلأا على بارزا مثاال والقصة الخبر بين بالرومانسية االهتمام تجدد أحدثه الذي العصر بمقاييس االهتمام وتناقص واألدب النقد قبل من الفنية األوغسطي لآلداب الواعي وااللتفات األوروبيين الشرقية. عملية ان األنثروبولوجيون يرى رابعا : البحث باب في تدخل التي المثاقفة ثقافة بين والعالقة الثقافي التاريخ في نوكت أن يمكن مغزوة وأخرى غازية األكبر للثقافة دائما حاجة ال إذ متبادلة. األصغر.وهذا الثقافة تبتلع أن حجما والتأثر التأثير عالقة ان بجالء يوضح نمو دائما. بضعف قوة عالقة ليست اإلسالمية العربية المؤثرات ان البديهي فيفنبورخيسالقصصيت خرجمفهوم كتعبير السلبية صورته في المثاقفة قوية لثقافة السياسية السيطرة عن رصنع أن ذلك منها. أضعف ثقافة على االختيارالشخصيلدىبورخيسيلعب عالقته أسس تحديد في هاما دورا بالثقافةالعربيةاإلسالمية. نلآا مجالنا ان أرى ال حال أية وعلى البحثفيالتاريخالثقافي وإنماسنعمد إلستقصاء األدبيالمقارنسبيال إلىالنقد العالقةبينفنبورخيسالقصصيوبين فنالخبرالعربي. نيب نميز أن ينبغي المنطلق هذا ومن ثالثةمستوياتمنعالقةالمواجهةبين واإلسالم العربية الثقافة وبين بورخيس ية. بأضعف ويتعلق األول: المستوى أدبيتين ثقافتين بين العالقة أنواع والمقصود Reflection االنعكاس وهو وموضوعات أسماء ظهور باالنعكاس التاريخ من مستمدة أو وإسالمية عربية. بورخيس أدب العربيواإلسالميفي بالتفاعل الثاني:ويتعلق المستوى أدبيتين. ثقافتين بين Interaction السمات العالقة تلك من والمقصود الفني Texture بالنسيج المتعلقة االسلوبية The Tale of the الذهبي الديك حكاية في مت وز يوليو/ - 30 العدد 24

14 مقال أبرزها ان إلى نشير أن يمكن والتي الخبر فن مع متفاعال بورخيس بلورة الفنية وبين التاريخية الحرفية بين الحدوث. إمكانية على القائمة القصصية الفرج ألبي األغاني كتاب ان كما 356 (ه( عام المتوفىفي االصفهاني الدوغري بكري ىلإ )نسبة رياضي العرب ألسلوب عند نع إلبعادنا الماضي يستخدم»ال فهو: بعصي الذي للكتاب نموذج أفضل يمثل إبالغية طريقة القص يعتبر رياضيات( المنظورات عن إلبعادنا وإنما الحاضر مأ تاريخا أم أدبا كان إذا ما الجزم فيه. المعاصر الصحفي الخبر الماضي بين نميز تجعلنا التي الوهمية. معا األثنين بالتأثير ويتعلق الثالث: المستوى قيقحت أجل من يلجأ ولكنه والحاضر«. باتك األغاني كتاب ان مبارك زكي يرى دشأ من هي التأثير وعالقة Influence فيبحث التاريخ على االعتماد إلى ذلك نا أيضا ويرى تاريخ. كتاب ال أدب النقدي بالمعنى وتألقا بروزا المستويات واألبطال المعروفين غير األبطال عن ككتاب األغاني كتاب على االعتماد المقارن. للبحث وصور أقنعة إيجاد محاوال الثانويين يف زيدان بجرجي أدى قد التاريخ في ولنأعمدإلىاالقترابمنهذاالمستوى للحداثة. هطو العربية«اللغة آداب»تاريخ كتابه أدوات يتطلب ألنه نظرا العالقة من بين المفترض التعارض يصبح وهكذا طحلا إلى األربعاءحديث في حسين يف متوفرة ليست والبحث السبر في هنإ بل وهميا. شيئا والتاريخ األدب الدولة عصر في الجماهير أخالق من الثقافي بالتاريخ وتتعلق السياق هذا رركي مزيج إلى بورخيس لدى يستحيل كلذ بأن الحكم على وحملها العباسية بالنقد تتعلق ما قدر واألنثروبولوجيا التراث في الخبر تجربة طليعي بأداء ومجون. وفسق شك عصر كان العصر األدبي. العربي. مبارك زكي بين االختالف يشير أال ولكن تصنيف في زيدان وجرجي حسين وطه األدبوالتاريخ يرىالنقداألدبيمنذأرسطواناألحداث الكتابإلىانعداموجودحدفاصلبين»األغاني«تجربة في والتاريخ األدب لباق غير نحو على أي جزافا تحدث»فنالشعر«للحدوث.وقدبينفيكتابه ىلع المأساة تعتمد ان األفضل من ان الجمهور ان ذلك األسطورة. أو التاريخ ثدح أنه يعلم بما للقبول استعداد على ةصقب للقبول مستعد هو مما كثر أ فعال موقتو الخيال. نسج من انها الجلي من مفاده افتراض على أرسطو نظرية فوخ من المأساة جمهور عواطف ان ةدقع طريق عن إثارتها يمكن ال وشفقة بإمكان الجمهور يعتقد ال حوادث من نم ان أرسطو رأى فقد ولهذا حدوثها. للحدوث قابلة الحوادث تكون أن األهم ابتكار أهمية كانت إذا األدبي لجنسه بورخيس بين فيالمزج تكمن األدب وبين والقصة الخبر األغاني فإن والتاريخ نم إليه ينظر أن يمكن على معاصر نقدي منظور لما مبكرا نموذجا يقدم انه تأثر سواء بورخيس فعله معه تفاعل أو باألغاني التراث في األخبار كتب من وسواه العربي وإذاكانتأهميةابتكاربورخيسلجنسه األدبيتكمنفيالمزجبينالخبروالقصة وبيناألدبوالتاريخ فإناألغانييمكن رصاعم نقدي منظور من إليه ينظر أن هلعف لما مبكرا نموذجا يقدم انه على تفاعل أو باألغاني تأثر سواء بورخيس العربية المؤلفات من سواه مع أو معه نأ المقارن البحث على يتوجب مما يثبتهأوينفيه. ومنالمفيدأننذكرهنابمايراهالمفكر )1936- أونامونو المعاصر االسباني لألدب الواسع المفهوم إلى مصادره في ميداني في تراث من فيه بما العربي بحثنا في سنرى كما والفلسفة التاريخ لمصادربعضقصصه.وقدسبقللدكتور»مناهجالدراسة شكريفيصلفيكتابه أيضا.. األدب من هي أخرى آفاق إلى اهنع أشاح األدبي التاريخ سير ان غير إليها.وكان ملتفت غير وتركها لها مهمال أفقرنا اننا االهمال هذا نتائج أقرب من األدبألننااقتصرنافيهعلىهذاالقصيد يلبثأنأعدفيالجامعةمحاضراتهعن سويدنبرغوبليكوالصوفيينالصينيين )الفليلةولي والبوذيةواللياليالعربية لة.( بارنستون ويليس ويسترجع - ب تثدح قد تكون أن من التصديق أو يعالج Historia التاريخ ان من 1864( اعد ان واقتراح«ونقد األدبية:عرض اآلفاق وبين بينه نصل فلم الفني والنثر األعوام في بورخيس مع ذكرياته فعال. السجلالسطحيلألحداثالعظيمة وان لألدب الواسع المفهوم هذا إلى للعودة الفلسفة أو التاريخ في الواسعة الفكرية الكاتب ان إلى فيشير ) ( معناه ما يرى أرسطو فإن أخرى وبعبارة Intrahistoria يسميه بما االهتمام علينا ديرن التي النظرية»في بقوله: العربي نادرا.«إال التصوف أو أعماله لبعض قراءة بعد الكبير والشاعر راتخي أن الكاتب على يكون عندما انه الفضل يرجع الذي دريد ابن أخبار إن الثقافة نسيج يشكل الذي التاريخ أي بجي األدبية الدراسة عليها تقوم ان»تحدث بنيويورك«الشعري»المركز في وبين الحرفية التاريخية الدقة بين المضمونية قيمته أو ما مقطع تأثير ينفلا النثر في محاوالته عن الكشف في بدلأا بين حاجزا تضع مباركال زكي إلى للناس.إن اليومي التأريخ يحدده الذي صياغة يشكل يكاد هذا أونامونو رأي أنننتقلباألدبمندائرتهالضيقةإلى الخاص معناه من أعني دوائره أوسع بعضمصادربورخيس سيرة»مقالة المسماة مقالته في - أ اليوناني العالمين عن مسهب نحو على واإلسالميفيمنطقةآسياالصغرى«. ىلع يكون أن عليه فان األدائية أو القصة ترى فهي ولهذا التاريخ. وبين العرب عند الخبر تراث فعله لما نظرية هذه منه نفهم فال العام معناه إلى ناك انه إلى بورخيس«يشير ذاتية«بورخيس: ان إلى بارنستون ويشير - ج التاريخية. بالدقة يضحي ألن استعداد ىلع الخبر صياغة في وتعتمد خبرا نيب الحدود فيه تنعدم الذي التراث ذلك الشعرية القصائد وهذه النثرية النماذج يف ساعات خمس لمدة ويكتب يقرأ باستمرار االسبانية اللغة»يشحن ىلع تعتمد ال بورخيس تجربة ان غير المعروفين وغير المعروفين األبطال التاريخ. وبين األدب وهذه والخطب التوقيعات وهذه دحأ في سنوات وذلك تسع طوال اليوم والموضوعية األسلوبية بالخصائص المفترض التعارض هذا مثل وجود بورخيس. فعل كما تماما دوعي بورخيس فإن أمر من يكن ومهما كلذ نتجاوز ولكننا والكتب الرسائل ملو يعمل. حيث الوطنية المكتبة فروع وليلة«. ليلة للكتاباالنكليزوأللف مت وز يوليو/ - 30 العدد 26

15 مقال يبلأ»األغاني«كتاب يكن لم إذا - د»مشكلة«: اسم عليها وساديس( وفيليس/ رشاد ابن وحتى رواية على االقتصار الرياضي األسلوب وليلة. دمشق والحريةالنقد خلدون الشمعة )ص ( 1977 تاريخي الفرجاالصفهانيدقيقا كمصدر طليطلة في اكتشف انه نتخيل»دعونا كتابه من عشر الحادي الفصل يكتب التاريخ. كتابة في الشأن هو كما الحدث هيف ويعود بالجن المتعلق الخبر 3- Ranelagh E. L. «The Past we share» فإنالسببفيذلكيعودإلىانالمؤلف بالعربية نصا تتضمن الورق من رقعة فيه أعلن الذي التهافتتهافت ومنخصائصهأيضا عدموجودأوصاف القرآن إلى الالتيني األميركي الكاتب London 1979 صنلا ليشحن ال الخبر أسلوب يستخدم هنا القديمة الخطوط دارسو أعلن )تهافت مؤلف الغزالي للناسك خالفا زائدةتعرقلأوتعيقعنصرالتشويقفي أخرى. إسالمية ومصادر الكريم يف الشأن هو كما الحدوث بإمكانية بنغيلي«حامد»سيد يد بخط مكتوب لاإ تعرف ال األلوهية الفالسفة( ان تبلور الذي للمنحى خالفا وذلك القصة هيف ويعتمد بالنسناس المتعلق الخبر 4- السابق المصدر القارئ ليجعل إنما و األوروبية القصة»دون ثرفانتس منه استمد الذي تتعلق التي تلك للكون العامة النواميس القصصي الفن من كبير جزء اتجاهه في ومنها تراثية عربية مصادر على المؤلف كتابي في النقطة هذه تفصيل أنظر تاريخا. وأصبح وقع بحدث مجابها لطبلا ان نقرأ النص ذلك في كيشوته«. بالفرد. تتعلق وال باألنواع األوروبيين. لدى وليلة. ليلة ألف في نقدية دراسة والعنقاء:»الشمس لب ذاتها.. اللعبة إلى بورخيس ويلجأ اسبانيا طرقات في تجول شائع هو )كما نم بطيئة بوثوقية يكتب رشد ابن كان نم مستويات ثالثة ثمة أن ذكرت لقد والعنقاء الرخ بطائري المتعلق الخبر 5- ص 61 والتطبيق«. والنظرية المنهج دوجو ال شخصيات يخلق ما كثيرا إنه الجميع وتحدى ورمح بسيف مسلحا ريغ فضاء ثمة»كان اليسار«. إلى اليمين مصادر وبين بورخيس بين العالقة مادته الكاتب يستمد الذي الخرافيين حسين كتاب مناقشة معرض في وذلك معروفة غير ولكنها موجودة هي أو لها نم عدد بعد سبب( يكتشف ما لغير ناك نبع خرير صوت منه يتصاعد مرئي آسيا في اإلسالمية العربية الثقافة العربي. والتأريخ األدب من المنهج ضوء في»دراسات مروة: ةيصخش في جاء كما مشهورة غير أو»ابنحقانالبخاري«الملكالعظيمسابقا النقطة هذه عند رجال. قتل انه المعارك رزحن أن هي والمشكلة الجذاذة. تنتهي الجزيرة من أجداده جاء الذي رشد ابن مياهه«! الستمرار ممتنا العربية والتفاعل االنعكاس هي الصغرى والتأثير. تراث على بورخيس إطالع يظهر 6- المتعلق الخبر في المسلمين المتصوفة دمشق الواقعي«white. j. E. Manchip, «Anthropology», London 1967 لاإ أمامه يبق ولم جيوشه طوقت والذي نود فعل رد سيكون كيف نحدس أو مصادر بعض عن الحديث ولدى هنع قرأ الذي الخرافي»السيمرغ«بطائر البحر. إلى ينهزم أن بورخيس«مع»محادثات كتابه وفي كيشوته«. بورخيس: يسميها التي القصة وفي األغسطيةوالشرقية النزعة هي معروف هو كما األغسطية تعرضت واإلسالمية العربية بورخيس ريغ خاص. بشكل التفاعل لمستوى للشيخ الطيرمنطق كتاب في المؤلف العطار. الدين فريد وأخبار المحاضرة»نشوار كتاب كان ربما هأدل ٣٨٤ التنوخي علي ألبي المذاكرة«وب «قول بورغين ريتشارد المؤلف يورد األغسطي العصر إلى تنتسب التي الفنية بتجربة المتعلق األول المستوى ان هذهاألخبارالتيتشكلجزءا ملموسا من العرب. عن الخبر فن في كتاب رخيس«: الحياة الكالسيكيةفي الفترة يمثل الذي األسماء ظهور على يقتصر ال االنعكاس والتراثية واألسطورية التاريخية المادة بمحاولة الشبيهة المحاوالت من الثانوية. الشخصيات أفضل إنني»الحق ىلإ االصطالح وينسب ما. ألمة األدبية يف واإلسالمية العربية والموضوعات اعتمدها التي اإلسالمية العربية الخبر بين المزج مجال في بورخيس نع أكتب فإنني ذلك أفعل لم إذا أو وأ شكسبير أو إمرسون أو سبينوزا رئيسية الشخصيات هذه ثرفانتس. تجعلها بطريقة أعالجها ولكنني بدال الكتب من الخارجة كالشخصيات مشهوري رجال شخصيات تكون أن من ن«. بشخصيات بورخيس يفعل وهكذا العربي الفيلسوف كشخصية عربية نبا»بحث قصة في رشد ابن الشهير يف المعتصم الخليفة شخصية أو رشد«المعتصم«. من قصة:«االقتراب يتلا الصورة أو األمثولة في يقرر إنه بل شخصية أن»مشكلة«عنوان لها وضع عربي. أصل ذات كيشوتدون كتاب يكن لم إذا الفرج ألبي»األغاني«كمصدر دقيقا االصفهاني يف السبب فإن تاريخي المؤلف ان إلى يعود ذلك لا الخبر أسلوب يستخدم بإمكانية النص ليشحن الشأن هو كما الحدوث وإنما األوروبية القصة في مجابها القارئ ليجعل تاريخا وأصبح وقع بحدث -م أغسطس 27 (ق. الروماني االمبراطور نم لك عهده في اشتهر الذي م( 41 ب. انكلترا وفي وأوفيد. وهوراس فرجيل بوب من كل فترة االصطالح هذا يغطي درايدن. إلى يصل حتى وإديسون بطرق تحتفي التي األغسطية ومقابل الشرقية النزعة الكالسيكي تبرز األداء دقو وليلة«. ليلة»ألف في تتجلى التي»الليالي»ألفليلةوليلة«أو كانلترجمة العربية«إلىاآلدابالغربيةاألثرالواضح علىاكتشافاألدباألوروبيفيالنصف قرطل عشر الثامن القرن من الثاني ولمقاييس الفني االداء في مختلفة ررحم إن بل األدبي. النقد في مغايرة ىلإ يشير العالمي لألدب كاسل موسوعة داوم ظهور إلى ذلك يتعدى وإنما أدبه مباشرة مأخوذة وميثولوجية تاريخية تحوير دون اإلسالمي العربي التراث من الخيالية«قصصي.ولعلكتاب«الكائنات هومنأبرزالكتبالتيتسنىلنااإلطالع التراثية المادة إلنعكاس وكان عليها. العربيةاإلسالميةفيه سواءعلىصعيد ىلع او الخرافة صعيد على أو التاريخ الشديد وضوحه االسطورة صعيد ةعسب يجزم أن الباحث يستطيع بحيث العربي التراث على بورخيس اطالع االطالع. هذا وبدقة اإلسالمي وه الخيالية««الكائنات كتاب إن والقصص األخبار من مجموعة التراث كتب من المقتطفة والحوادث ثيحب والتعدد التنوع من هي بورخيس تذكرنابرأيالناقداإلنكليزيجيمسآربي يقولآربي: فيمسألةمصادربورخيس. االعتراف في دائما سريع بورخيس»إن يستطيع أحد يوجد ال انه ذلك بمصادره. مه با ادعاءاألصالةفياألدب.فكلالكت الىحدبعيدأوقريبن ساخأمناءللروح عليا أسطورية ألنماط وشراح مترجمون قبل«. من قائمة كانت مسألةاألصالةواألصيل هكذاتصبحقضيةالمثاقفة أوالمواجهة نيب العالقة أو متمايزين أدبين بين الوسيط العصر إلى يعود عربي تراث ممثال حديث شمالي أميركي أدب وبين المعروف الناقد أسماه ما والقصة والصمتاللغة كتابه في جورجشتاينر Language& أنظر: الفيثاغورثي. بالجنس Silence, London, 1969 Lemon, Lee «Approaches to انظر: Literature», New York, 1968 شتاء عدد المقارن االدب مجلة أنظر: اوريغون جامعة منشورات 1977 Barnstone, Willis,»Real& Imaginary»History in Borges الرابع القرن في الفني»النثر أنظر: ص 246 األول«الجزء الهجري السابق المرجع The Aleph & باإلنكليزية: كتابه أنظر Other stories Burgin, Richard, «Conversations دماح سيد اسم كان إذا ما ندري وال ساعدت العربية( )الليالي مع اإللفة ان الوسيط واألوروبي اإلسالمي العربي حداثي جنوبي أميركي وأدب بإرفنغ with Borges» New York, 1970 نود مؤلف ان يقول الذي بنغيلي األوروبي األدب في عام اتجاه بروز على التالية األمثلة منها نختار والمعاصر يتجاوز بحثا ببورخيس ممثال Modernist»The Book of Imaginary Beings«هل منه شخصيته استمد قد كيشوته طريقة يستعير رشد«ابن»بحث القصة في البنية باكتمال االهتمام نحو بورخيس: مصادر بعض عن تكشف التي ومفهوم المقارن األدب علم أطره في المغربي أو األندلسي التاريخ في وجود»االسناد«التاريخيالتيتميزتبهاكتب خاللالقرنينالثامنعشروالتاسععشر. الثالث«األرجل ذي»الحمار خبر 1- ليرتد القومية واآلداب العالمي األدب ودبي يجعله ما يخترع بورخيس ان أم مطلعها: في فيقول العربي التراث وهكذاتبلورلدىبورخيسنوعمناألداء الطبري. إلى بورخيس فيه ويعود صميم إلى األصول.. في التشكيك إلى ةبعل في يستمر لكي تاريخية حقائق»كانأبوالوليدمحمدبنأحمدبنمحمد الفنيالذييعتمدعلىاألسلوبالرياضي المسمى الخرافي الكائن خبر 2- واألصيل. األصالة مسألة والتاريخ. األدب بين الحاجز تحطيم حبصي لكي قرنا األمر )استغرق رشد بن المختزل ويتصلاتصاال وثيقا بفنالخبر يف مصادر على يعتمد وهو»البهموت«قلطأ التي حكايته في بورخيس يقول وافزيز أفيروس الطويل االسم هذا اذه خصائص ومن العربي. التراث في ليلة وألف اإلسالمية العربية الميثولوجيا لندن في مقيم سوريا من ناقد مت وز يوليو/ - 30 العدد 28

16 مقال معركة األلسنة رشوان عبدليك خالف اللسان واختالف اإلنسان هاني حجاج»التأويل إحياء لثقافتنا بل ال إحياء دون تأويل. لهذا كان التأويل في خدمة الثقافة العامة ال خدمة نص مفرد. ثقافتنا العربية ال سبيل إلى أن تعرف معرفة نامية دون هذا النشاط. إن العقل العربي ظلم أكثر من مر ة. وهذا يعني في الحقيقة فقرا في القراءة. كذلك ظلم النقد العربي والبالغة العربية التي مازالت محتاجة إلى تأويل. فالتأويل هو طريقنا إلى الحياة«. هكذا يقول األستاذ الدكتور مصطفى عبده ناصف في مقدمة كتابه»نظرية التأويل«الذي يحاول فيه شرح عملية التأويل على أساس أنها أهم عملية من عمليات التفكير. بل على أساس أن الحياة نفسها ليست إال تكرارا مستمرا من عملية التأويل وأنه ال سبيل لخدمة الشخصية العربية إال بالتأويل ألنه عطاء لوجودنا وإثراء لماضينا وحاضرنا. والقراءة المجهرية التي قام بها القدماء في صبر لهذا التأويل والتدقيق لما أرخه الحكماء للثقافة العربية التي أو لت الثقافة اليونانية والفارسية وما أو له الشعر لكبريات المعاني أوضحت معالم ثقافتنا العربية واإلسالمية. وإن كانت النهضة الفكرية في العالم العربي ال تعرف العناية بأصول التأويل إال قليال إال أن القدماء قد عرفوا أن خدمة التأويل هي خدمة الشخصية القومية وخدمة التطو ل وأسموه قديما باسم»أصول الفقه«. التأويل ال يبحث عن إجابات حازمة جازمة بل إننا في هذا العصر في حاجة ماسة إلى التخفف من الحدة والصراحة وإن القراءة األولى للنص كثيرا ما تجعل القارئ يقع في فخ االنطباعات األولى ومحاولته البحث عن أخطاء وخصومات ومن ثم عدم القدرة على استيعاب عالقات ومبادئ كثيرة وفهم النص والناس وأنفسنا. وإذا كانت القراءة األولى غير واعية وعاجزة فإن من واجب يظهر تأثير الفينومنولوجيا على التأويل. البيئة المعاصرة عرفت البنية والعالقات تنفصل عن اإلحساس بالمسؤولية كما أن فكرة الواجب ليست فكرة دخيلة بل االختالف تجعل التفاهم أعمق وأصح. والحوار هو الوجود المتبق ي. والمعنى على قائمة مسارد موح دة حتى في البلد العربي الواحد وتكون مرجعية الواحد ألسني وآخر في داخل القطر الواحد«)المصطلح األلسني العربي وضبط التأويل أن يدفع الغرض بغرض آخر أن والتفكيك ولكنها لم تعرف معرفة منظمة فكرة أصيلة تفهم في إطار التساؤل في الحقيقي للفهم هو حوار التأويل الحوار منهم مستقلة تماما لتحويل الكلمات المنهجية أحمد مختار عمر مجلة عالم يتشكك فيما يثير في نفسه ثم يطرح واسعة مواقف الفينومونولوجيا. إطار تقارير معدة مسبقا. بعيدا عن التفرد والتلذذ باستعمال التي درسوا بها الطب والعلوم باإلنكليزية الفكر المجلد العشرون العدد الثالث 1989 ص.)5 تساؤالت عديدة مثال حقه بغرض المشكلة الحقيقية هي أن العالم العربي الكلمات الذي يطغي علينا وقتا بعد وقت. والالتينية إلى مصطلحات عربية يكفي الوصول إلى الحقيقة الثابتة وذلك اآلن ال يقرأ الفينومنولوجيا بمثل ما يقرأ التأويل هو أننا مطالبون بأن نؤدي أن يكون لها معنى وأن تكون مفهومة و لد علم األلسنية في الستينات من لغرض أهم وهو خدمة الشخصية القومية وخدمة التطور ومسيرة الحياة. البنية والعالقات والتفكيك. إن الفينومنولوجيا تتساءل عن توجيه ما يجب علينا وأن نثير في الدوائر األدبية المعاصرة قضية الواجب وال الكتابة والمصطلح لم ت حسم المعركة بين أنصار الكتابة وغير عامية لتدخل ضمن التيار المتدفق اليومي من اإلضافات حتى تصير تلك القرن العشرين كاتجاه جديد في حقل الدراسات اللغوية استدعى بدوره بالطبع الحياة مستمرة ولكن على أي أساس إن أصول البحث واسعة متشعبة الثقافة أو توجيه فكرة اإلحساس بالتاريخ أو توجيه اإلحساس بالوجود أو نفضل عليها أحاسيس أخرى من قبيل الدهشة والنزوة واإلثارة. فالتأويل في باللغة العربية القديمة والمصطلحات الجديدة المعاصرة مع كثرة ما يتدفق المقالة ابنة يومنا هذا بدورها مرجعا للطبيب الكاتب الجديد غدا.»ولوال أن ضرورة تحقيق شبكة من التعريفات والمصطلحات لضبط مفاهيمه وتصنيف جليلة باإلضافة إلى أن النهضة الفكرية ال تقبع في أبنية لدينا تعسفية من صنع خدمة النمو والتفاعل حيث نسينا فكرة على المطابع وعلى شبكة اإلنترنت كل كثيرين ممن يقد مون المفاهيم األجنبية ظواهره. وكان أول من أطلق لفظ الحديثة في العالم العربي ال تعرف الذات المتعالية علينا وعلى المجتمع. التفاعل وأولينا االهتمام بفكرة الحذف يوم من إدخال مصطلحات مستجدة في لفظ عربي يقرنون المصطلح العربي»لسان«على الدراسات اللغوية هو العناية بأصول التأويل والبحث ودروس يجب أن نتخلى عن جزء من أنفسنا والتفضيل والمغالبة. وال تعني كلمة أحيانا يكون كل قوامها أنها راقت بنظيره األوروبي لغمض فهم المصطلح الفارابي في»إحصاء العلوم«ثم ابتكر البدايات درس اإلمعان. وإذا أتيح للنهضة حتى يمك ننا منهم نص أو إنسان هذا الواجب أو المسؤولية أن ننفرد بالتفسير في نغمها لصاحبها دون أن تتوفر لها العربي على الكثيرين ولكان هذا أبوحيان النحوي مصطلح»علوم اللسان المعاصرة أن تواصل النهضة التأويلية واجب يخدمنا ألن كال من ا إنسان نص والتحليل بل تعني الجدل واالختالف. شروط المصطلح على سبيل المثال المصطلح عامل تفريق ال تجميع وما كان العربي«ليسمي به علوم اللغة قبل أن األولى لكي تشق لنفسها طريقا أخرى وبحاجة إلى الفهم. التأويل إذن نهوض فاالختالف في ذاته هو سعي إلى توافق عندما يكتب األطباء مقاالتهم العلمية هناك حد أدنى من االتصال بين ألسني ي يعد ابن خلدون في مقدمته فصال فإنه من المحتم وكنتيجة تلقائية أن بالواجب وهي متعة حقيقية ال يمكن أن أفضل. إننا نختلف كي نفهم. والفطنة إلى بالعربية في المجالت فإنهم ال يتفقون ق طر عربي وألسني ي ق طر عربي آخر بل بعنوان»في علوم اللسان العربي«. يقف العدد - 30 يوليو/ مت وز

17 مقال خلف علم اللسان بالضرورة فهم أصحابه عن الثقافة التي تحتاج بدورها إلى األيديولوجية النصي ة والتدقيق في األلفاظ خاصة في حين أن اهتمام المختصين بهذه المسألة من الفنون األخرى أقل. 1 يقدم الشاعر بشرا أفضل )من ا( وهذا ما فعله هومير وهذا ما فعله أيضا الشعراء هذا. وأما المحال الكذب فأن تقول: سوف أشرب ماء البحر أمس«وهذا )هي المعرفة اللغوية أو قواعد إنتاج الكالم وفهمه أو اآللة المولدة كما يسميها تعريف محدد واضح ربما كان تعريف على الرغم من أن المنطق بديهي فإننا الصورة واللحن يمكن التعبير عنهما في التراجيديون. يحدد مفهوم السالمة وعالقتها باللفظ تشومسكي( الجمل المستقيمة المحالة البريطاني إدوارد بيريت هو أكثرها نادرا ما نناقشه: الطبيعي أن ما له معنى كلمات»يجب«أن تكون مفهومة في 2 يقدم الشاعر بشرا يشبهوننا وهذا والمعنى من جهة والقياس واالستعمال والجمل غير المستقيمة في القياس إحاطة بأغلب األفكار والتعريفات التي هو المستمر والمهيأ للجدل والتعديل وما ترابطها أما النص المكتوب فهو هذه ما فعله كليوفون )الشاعر الذي تقدمه من جهة أخرى. فهناك المستقيم الحسن واالستعمال ومن ثم جاء التمييز المطلق صاحبته»الثقافة أو الحضارة بمعناها عداه يسقط في هو ة سحيقة. والفكرة المرحلة نفسها. على الرغم من ذلك البالغة كمبدع للمآسي ومقترب من والمستقيم القبيح والمستقيم المحال بين اللفظ والمعنى ومعنى ذلك أن اللفظ اإلثنوغرافي الواسع هي ذلك الك ل هي أن نفترض وجود كتلة كلي ة ربما إن استخدام التصنيفات التعريفية في الكوميديا(. وتمكن صياغة هذه المعاني بشكل آخر إذا تم تحديده أو تفسيره باللجوء إلى الم رك ب الذي يشمل المعرفة والمعتقدات بحجم العالم الملموس من جانبنا تمثل الموسيقى أو في الرسم أو غير ذلك يثبت 3 يقدم الشاعر بشرا أسوأ من ا. وهذا أكثر وضوحا على النحو التالي: اعتبارات تخص المعنى فالتحليل هو والفن واألخالق والقانون والعرف معاني الكلمات والمواقف والنصوص أن انتشار هذه التصنيفات في الفنون غير ما فعله هيجيمون دو ثاسوس )نظن المستقيم الحسن هو السليم في القياس تحليل معنوي أما إذا حدث التحديد وكل المقدرات والعادات األخرى التي يكتسبها اإلنسان من حيث هو عضو في ونسأل: أين تذهب كل األشياء المقابلة عديمة المعنى إال إذا كنت تفترض أصال اللفظية ليس أقل من انتشارها في مجال األدب. وال يمكن كذلك تفسير االختالف أنه مؤلف المحاكاة المأساوية( ونيكوشاريس )مؤلف ديلياد محاكاة واالستعمال جميعا المستقيم القبيح هو السليم في القياس والتفسير على اللفظ دون أي اعتبار للمعنى فهو تحليل نحوي والخلط المجتمع«. وبعد فالعلوم األلسنية ليست أنه ال وجود إال لما له معنى! طبعا هذه من خالل االعتماد على خصوصية ساخرة لإللياذة( وشعراء الهزل بصورة وغير السليم في االستعمال. بينهما كما يقول الدكتور عبدالرحمن حسب هذا التعريف م قتصرة على الفرضية سوف تفترض بدورها أن تكت ل الوسيط اللفظي: ارتكزت مسألة وضع أكثر عمومية. المستقيم المحال فهو سليم في القياس الحاج صالح يعتبر خطأ وتقصيرا وقد المصطلحات التقنية والفنية بل أوسع األشياء عديمة المعنى وشغلها لحيز من التعريفات دائما على األجناس األدبية تجب اإلشارة إلى أن أرسطو لم يحافظ واالستعمال غير سليم من حيث المعنى. بنى على ذلك النحاة أن اللفظ هو األول من ذلك فهي محصلة تراث الوجدان التفكير يجعلها ذات معنى لكن دعنا من وقلما طرحت بالنسبة إلى أجناس غير على هذا التقسيم الثالثي إذ اختفى معان تمكن صياغتها صياغة رياضية ألنه المتبادر إلى الذهن أوال ثم يفهم منه البشري الملفوظ لمجموعة من البشر أدبية أو لنشاطات خطابية شفهية على الصنف األوسط وهذا ما يتركنا مع المعنى ويترتب على ذلك أن االنطالق في بقعة محددة على سطح األرض. كما الرغم من أنه في هذين المجالين ت الحظ التقسيم الثنائي الذي أصبح كالسيكيا. في التحليل يجب أن يكون من اللفظ يمكن جمعها بشكل مستقل عن األفراد فهي كالثقافة ت كتسب بالممارسة الحياتية والتعو د وهي ليست فطرية أو غريزية كما أنها تظهر في شكل مادي مكتوب وشكل المادي من خالل األفكار والقيم. يقول الخبير االستشرافي تيري جودان في كتابه المهم»2100: أوديسا األنواع«الصادر في العام 1993»تهدف اللغة إلى االتصال وتهدف أيضا إلى التواري عن االتصال فجدران برلين الجديدة ماثلة في الرؤوس. جدران من الكلمات غير مرئية وممنوعة تعو ض الحدود التي كانت قائمة«. إن علوم االقتصاد واالجتماع والجيوسياسية تتوفر على قاموس لغوي خاص بها مطالبون بأن نؤدي ما يجب علينا وأن نثير في الدوائر األدبية المعاصرة قضية الواجب وال نفضل عليها أحاسيس أخرى من قبيل الدهشة والنزوة واإلثارة. فالتأويل في خدمة النمو والتفاعل حيث نسينا فكرة التفاعل وأولينا االهتمام بفكرة الحذف والتفضيل والمغالبة يوميا تمييزات متعددة. في الواقع التمييزات النوعية )المتعلقة بالجنس والغاية واألسلوب( موجودة في كل أحاديثنا عن الممارسات الثقافية: في كل لحظة يحدث أن نميز لحنا معينا عن آخر ومقاما موسيقيا عن غيره ومنظرا طبيعيا عن طبيعة ميتة أو عن لوحة تاريخية ولوحة تكعيبية عن كاريكاتير ودراسة فلسفية عن خطبة وعظية أو مرجع رياضيات عن كتيب في الشطرنج واعترافا عن مجادلة أو عن رواية وكلمة روحية عن دعابة وكلمة حب عن تهديد عن وعد أو وعيد. من هنا يأتي هذا السؤال: هل التصنيف هو تحديد أول للمعاني أما بالنسبة إلى التمييز بحسب الطرق فإنه أيضا ثنائي ألن أرسطو يميز بين السردي والمسرحي حيث اشتهر األول عبر الملحمة والثاني عبر التراجيديا والكوميديا. اللفظ والمعنى يميز»سيبويه«بين السالمة الراجعة إلى اللفظ والسالمة الخاصة بالمعنى وكذلك يمي ز بين السالمة التي يقتضيها القياس )أي النظام العام الذي يميز لغة عن لغة أخرى( والسالمة التي يفرضها االستعمال الحقيقي للناطقين وذلك في قوله في باب»االستقامة من الكالم واإلحالة«:»فمنه مستقيم حسن ومحال ومستقيم لم ت حسم المعركة بين أنصار الكتابة باللغة العربية القديمة والمصطلحات الجديدة المعاصرة مع كثرة ما يتدفق على المطابع وعلى شبكة اإلنترنت كل يوم من إدخال مصطلحات مستجدة أحيانا يكون كل قوامها أنها راقت في نغمها لصاحبها في أبسط أحواله وهو االنفراد )ينطلق النحاة األوائل في تحليلهم للغة من»االسم المفرد«باعتباره النواة أو األصل الذي تفرعت عنه أشياء أخرى. وقد أطلق الخليل بن أحمد الفراهيدي في نظريته الخليلية على هذا المفهوم مصطلح»االسم المظهر«)المضمر( كما أطلق عليه ابن يعيش والرضي اإلسترباذي«مصطلح»اللفظة«. والغرض من المعاني الملفوظية في اللسانيات الخليلية عمادها التوقف واالبتداء فهي أقل ما ي نطق به مما ينفصل في سكت عنده وال يلحق به شيء. أو ي ب ت د ئ فال يسبقه شيء. فما ينفرد وينطلق أو ما ينفصل ويبتدئ هو يتضم ن آالف الكلمات. وإن لغة كاملة كذب ومستقيم قبيح وما هو محال صفة االنفراد. ومما تنبغي اإلشارة إليه مثل اإلنكليزية والفرنسية والصينية والتامول والماندارين تتوف ر على نحو الموضوعات والطرق نذكر مقارنة أرسطو بين األجناس بحسب كذب فأما المستقيم الحسن فقولك: أتيتك أمس وسآتيك غدا وأما المحال أن كل وحدة لغوية قابلة لالنفصال عم ا قبلها أو ما بعدها من الوحدات بمعنى ستين ألف كلمة. فالسيارة الواحدة هذا اآلن ألنه سيعقد األمور أكثر دعك من الصنفين المتبقيين وهما الموضوعات فأن تنقض أول كالمك بآخرة فتقول: مجردة وهي معان لم يتوصل إليها أن كل وحدة لغوية يمكن االبتداء بها تتوفر على ألفي قطعة وتضم أجنحة السوق التجاري أكثر من عشرة آالف أننا بسهولة يمكن أن نقول إن اجتماعها في كل خفي هو ما له معنى وال يعني والطرق. على أساس أن التمييز بحسب الموضوعات متداخل هو أيضا سيميائيا أتيتك غدا وسآتيك أمس. وأما المستقيم الكذب فقولك: ح م ل ت الج ب ل وشربت ماء المحدثون في اللسانيات ما عدا تشومسكي عندما ميز بين الجمل والوقوف عليها حسب موقعها في الكالم فمن األلفاظ ما ينفصل ويبتدئ مثل: سلعة استهالكية أما اللغة فتلهث خلف هذا أنها»ذات«معنى! يبدو أن التساؤالت )وهو مهم أيضا بالنسبة إلى العروض البحر ونحوه وأما المستقيم القبيح فأن النحوية )القواعدية( والجمل غير»الرئيس«في نحو قولنا:»جاء الرئيس«كل صنف لوضع تعريف أدق! المتعلقة بما يمكن أن تحصل عليه مسألة المرسومة وللرقص.. الخ( وحدد ثالثة تضع اللفظ في غير موضعه نحو قولك: النحوية فالمتكلم السامع المثالي في و«الرئيس جاء«. ومنها ما ينفصل وال معنى المعاني قد تقلق المشتغلين باألدب أصناف شعرية بصورة خاصة: قد زيدا رأيت وكي زيد يأتيك وأشباه لغة ما يدرك من خالل قوانين محددة يبتدئ مثل ضمير»تاء الفاعل«و«نا العدد - 30 يوليو/ مت وز

18 مقال المضاف إليه في نحو قولنا:»خ ر ج ت» و«كتاب نا«. ومنها ما يبتدئ وال ينفصل مثل حرف الجر في نحو قولنا:»في التأني السالمة«. ومن األلفاظ ما هو أدق لكنه أوسع منها من خالل تعاقب زيادات قبلية وبعدية عليها دون أن تفقد وحدتها أو تنفرد فيها أجزاؤها فال تخرج عن كونها لفظة بعينها )أي قطعة واحدة(. وسم ى النحاة هذه القابلية للزيادة يمينا ويسارا»التمكن«والحظوا أن لهذا التمكن درجات تترتب كاآلتي: أ- المتمكن األمكن الذي يحمل معناه بداخله وال يحتاج إلى غيره ويتمثل في اسم الجنس المنصرف كرجل وفرس وشجرة. ب- المتمكن غير األمكن ويتمثل في الممنوع من الصرف. ج- غير المتمكن وال أمكن ويتمثل في االسم المبني. وانطالقا من التصور السابق لمفهوم اللفظة يحدد الدكتور عبدالرحمن الحاج صالح اللفظة االسمية تحديدا إجرائيا كما يلي: أ- التحويل بالزيادة والتعاقب هو الذي يحدد الوحدات في النظرية الخليلية. ب- كل الوحدات المحمولة بعضها على بعض بعمليات التحويل هي نظائر للنواة من حيث أنها وحدات تنفرد أوال ومتفرعة عنها بالزيادة ثانيا. ج- الوحدات المحمولة بعضها على بعض تكو ن مجموعة ذات بنية تسم ى في االصطالح الرياضي بالزمرة de( structure )groupe كما في العالج الرقمي للنصوص على طريقة الخوارزمات )نسبة إلى العالم الرياضي العربي الخوارزمي )ت بعد 232 ه( وهي عبارة عن سلسلة من العمليات الجزئية المتناسقة التي يتم بها إجراء العمل على الرتاب والتي يمكن أن تساعدنا مستقبال مساعدة كبيرة لفهم مجرى العمليات الكالمية وكيفية انتظام العلم باللغة وكيف يمكن إدخال بعض هذه المعلومات واستعمالها في العمليات على الرتاب. ولقد ع ر ف سيبويه هذه الوحدة وعب ر عنها في مواضع متفرقة من»الكتاب«بعبارة»كاالسم الواحد«أو»بمنزلة االسم الواحد«ومن ذلك مثال قوله عندما تعرض لموضوع النعت: فأما النعت الذي جرى مع المنعوت فقولك: مررت برجل ظريف قبل فصار النعت مجرورا مثل المجرور ألنهما كاالسم الواحد. أما الكلمة عند النحاة األوائل فهي أدنى عنصر تتركب منه»اللفظة«إذ تحدد بالموضع الذي تظهر فيه في داخل المثال )الحد(. وعلى هذا فالكلمة كاصطالح نحوي ليست دائما مورفيما أقل ما ينطق به مما يدل على معنى بل هي العنصر الدال الذي يمكن أن مفهوم الموضع وكذلك المثال ال يوجد مثلهما في اللسانيات الغربية إطالقا وهو الفارق األعظم الذي يفترق فيه النحو العربي عن اللسانيات الغربية الحديثة. لقد جعل الخليل وسيبويه النظام اللغوي كله أصوال وفروعا والفرع هو األصل مع زيادة يحذف من )اللفظة( دون أي ضرر أو تغيير للعبارة كالحذف لحرف الجر من لفظة»بالرجل«. وهكذا فإن خروجه ال يسبب اختفاء االسم. أما العنصر الدال الذي إذا ح ذ ف أو استبدل بشيء آخر أدى إلى تالشي العبارة التي يدخل فيها»كالنون«في»ن ذ ه ب» و«نعود«و«التاء«في»اف ت ع ل «فهذه مورفيمات وليست كلمات ألنها عناصر من مكونات الكلمة فهي داخلة في صيغتها وليس لها االستقالل النوعي الذي للكالم. هذا األسلوب في تحليل الكالم واكتشاف البنية الشاملة للكمية الكبيرة من األنحاء قد بناها النحاة األولون على عدد من المفاهيم والتصورات وعدد من األساليب في عالج الكالم فالنحاة العرب ينطلقون من اللفظ في ظاهره ولكن ال يتناولون الكالم تفصيال جملة جملة وقطعة بعد قطعة فيقابلون بينها إلظهار الفوارق من حيث صفاتها الذاتية كما هو الشأن عند أصحاب النظرية البنيوية )االنطالق في التحليل من ظاهر الكالم فقط( بل يحملون هذا النحو على ذاك حتى يظهر الترتيب والنظم )ال الصفات الذاتية فقط(. وبناء عليه فإن مفهوم الموضع وكذلك المثال ال يوجد مثلهما في اللسانيات الغربية إطالقا وهو الفارق األعظم الذي يفترق فيه النحو العربي عن اللسانيات الغربية الحديثة. لقد جعل الخليل وسيبويه النظام اللغوي كله أصوال وفروعا والفرع هو األصل مع زيادة أي مع شيء من التحويل ويحصل ذلك بتفريع بعض العبارات عن عبارات أخرى تعتبر أبسط منها وبالتالي أصوال لها. ويبين ذلك النحاة العرب باللجوء إلى منهج علمي هو ما يسمونه حمل الشيء على الشيء أو إجرائه عليه بغية اكتشاف الجامع الذي يجمعها وهو البناء الذي يجمع بين األنواع الكثيرة من الجمل كما توضحها المتتاليات من الجمل التي أوردها سيبويه في كتابه: مررت برجل راكب وذاهب مررت برجل راكب فذاهب مررت برجل راكب ثم ذاهب مررت برجل راكع أو ساجد )بمنزلة إما وإما ( -مررت برجل راكع ال ساجد )إما غلط فاستدرك وإما نسي سامن خوام فتذكر( الخ. فينطلقون في ذلك من أبسطها وهي التي تتكون من عنصرين»عمر منطلق«فيحملون عليها جمال أخرى تكون فيها زيادة بالنسبة إلى الجملة البسيطة بحيث تظهر بذلك كيفية تحو ل النواة بالزوائد وهي في الحقيقة مقارنة بنيوية أساسها تطبيق مجموعة على مجموعات أخرى طردا وعكسا. فالمذكر مثال أصل والمؤنث فرع والمفرد أصل والمثنى والجمع فرع عليه والمكب ر أصل والمصغ ر فرع عليه والجملة المبنية للفاعل أصل للجملة المبنية للمفعول. قال الخليل يوما وسأل أصحابه»كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا الكاف التي في لك والكاف التي في مالك والباء التي في ضرب فقيل له: نقول باء كاف فقال لهم: إنما جئتم باالسم ولم تلفظوا بالحرف. وقال: أقول ك ه وب ه فقلنا: ل م ألحقت الهاء فقال: رأيتهم قالوا: ع ه فألحقوا هاء حتى صي روها يستطاع الكالم بها«. لم يقتصر الفكر النحوي الخليلي في تحليالته للغة وتفسير ظواهرها على الجوانب الشكلية )اللفظية( فحسب حسب دراسة الدكتور محمد صاري بهذا الشأن بل تجاوز ذلك إلى الجوانب الوظيفية اإلبالغية فتحدث النحاة عن الكالم الذي تحصل به الفائدة وعن معاني النحو وما يتيحه لصاحب الخطاب من طرق متنوعة للتعبير عن المعاني المقصودة. فمادة الدراسة النحوية عندهم هي الحديث )ال الحكم( من حيث هو تبادل لفظي ذو فائدة يتم بين قطبين أساسيين هما المتحدث والمتحدث إليه. ولقد ربط»سيبويه«والنحاة األوائل عند وصفهم للغة بين كل ظاهرة من الظواهر الصرفية والنحوية )اإلفرادية والتركيبية( بما يمكن أن تؤديه من معنى ال من حيث اللغة ولكن من حيث البالغة والفائدة. وأوضح دليل على ذلك هو اهتمامهم )أي النحاة( بمفهوم الجملة وتمييزهم الصريح والحاسم بين الكالم كبنية والكالم كخطاب ومن الجوانب التي اهتمت بها النظرية الخليلية الحديثة تنبيه الباحثين إلى مفهوم الجملة وما يقتضيه التصور العربي لها. إذ يخطئ في رأيه من يعتقد أن»الكتاب«الذي العدد - 30 يوليو/ مت وز

19 مقال اشتمل على أمهات المسائل اللغوية والذي شهد له العلماء بالنضج واالكتمال خال من مفهوم الجملة. فخلو الكتاب من المصطلح ال يعني بالضرورة خلو ه من المفهوم كما أن خلو كتاب سوسير من كلمة بنية ال يعني أبدا إهماله لمفهوم البناء فاستعماله لمصطلح نظام يتضمن مفهوم البنية. حقيقة إن سيبويه لم يستعمل مصطلح جملة ولكن العلماء الحظوا أنه يسميها كالما وإذا دقق القول استعمل مصطلح»الكالم المستغنى«ويقصد به: قطعة الكالم المستقلة لفظا ومعنى والتي يحسن بالمتكلم أن يسكت عند انتهائها ألنها تشكل وحدة تبليغية يستفيد بها المخاطب علما معينا فمقياس الجملة المفيدة أو عالمتها عند سيبويه هو الفائدة )اإلفادة(. اللغة األدبية اللغة األدبية من ناحيتها تساعدنا على تشكيل صور خيالية في أذهاننا وصور جميلة بغض النظر عن المعنى اللقطة قد تكون بالغة العنف أو مثيرة للشجن أو حتى مذهلة للحواس بيد أن الجمال هو الغاية التي نرتئيها كوسيلة لغاية أعلى هي االنسجام مع مفردات الكون ذاته. ويرى المفكر اإلنكليزي رامان سيلدن أن الشكليين الروس كانوا أكثر اهتماما بالجوانب الشكلية وأكثر إمعانا في مسألة وضع أساس علمي لنظرية األدب أما النقاد في العصر الحديث قد جمعوا إلى االهتمام بالتنظيم اللغوي المتألق للنص األدبي تأكيدا واضحا لالنفصال بين المعنى األدبي والتصورات العقلية المنطقية إذ أن التركيب المتشابك المعقد للنص بمثابة تجسيد الستجابة إبداعية إلى الحياة ذاتها هذه االستجابة ال يمكن اختصارها في عبارات منطقية أو تلخيصات واضحة على سبيل أن خير الكالم ما قل ودل أما الشكليون الروس الرواد فقد نظروا إلى المضمون اإلنساني نظرة واقعية تسقط في أي مهمة أدبية وتجعل منه مجرد سياق تفرضه نتيجة عمل الوسائل األدبية فكل نص ينطوي على اختالف وهذا االختالف ال يكون من قبيل التفرد وإنما نتيجة حتمية للخاصية النصية نفسها فكل نص يرجع بطريقة ما إلى البحر الالنهائي المتمثل في النص المكتوب من قبل بواسطة اإللحاح على إشارة معينة أو معنى بعينه ذات الشيء تقوم به الرواية الواقعية فهي تقدم نصا منغلقا على معنى محدد ولكن هناك نصوصا أخرى تدفع القارئ دفعا على إنتاج المعاني ألن األنا القارئة هي ليست إال»حشد من نصوص«فال النقاد في العصر الحديث قد جمعوا إلى االهتمام بالتنظيم اللغوي المتألق للنص األدبي تأكيدا واضحا لالنفصال بين المعنى األدبي والتصورات العقلية المنطقية إذ أن التركيب المتشابك المعقد للنص بمثابة تجسيد الستجابة إبداعية إلى الحياة ذاتها نختلف في التفسير إال الختالف أساليبنا في القراءة فأنا كقارئ أترجم الشفرة التي بها كتب النص فيتحقق المعنى وإال ظل غامضا مستغلقا على الفهم. وينطوي اتجاه الفينومينولوجيا )فلسفة الظواهر( إلى التركيز على الدور األساسي للقارئ في تحديد المعنى واالسم مشتق من الكلمة اإلغريقية التي تعني ظهور األشياء هذا الظهور يتبد ى في صفات األشياء وجوهرها من خالل انعكاسها على محتويات وعينا هذا الوعي الذي ال بد هو واع بشيء وهذا الشيء ال بد هو واقع. وهكذا يكون العقل اإلنساني )على المستوى الفردي( هو مركز كل معنى ومصدره ومعجم تفسيره وعليه فإن الكلمات التي تنضم إلى بعضها لتنظر إلينا من فوق الصفحات المطبوعة هذه الكلمات ال تمثل الموضوعات الفعلية بل الكالم اإلنساني في تناسق أدبي. ثمة أساس لالعتقاد بأن تأثير الخط بوصفه خطا في التصوير هو أنه صورة بديلة للمس كما أنه بديل عن العاطفة. وبعض فالسفة الجمال يميلون إلى استخدام تعبير تسر ب االنفعال )Empathy( في وصف مصدر المتعة التي يحسها الناظر إلى الخطوط في فن التصوير إنه ذلك الميل من النفس لتمارس في توتراتها العصبية وحركاتها االبتدائية ما تلحظه من أشكال خارجية. وهكذا جاء األدب! فنحن نكاد نتحرك في الواقع مع الخطوط المرسومة في الصور األدبية أقول صورا ألن األدب قد اتخذ لنفسه عدة طرائق منها الرواية والشعر والقصة القصيرة والمسرحية. فاإليقاع المكسور من الصورة األدبية يكسر فيض إدراكنا الحسي وتدفق شعورنا كما يكسر استجابتنا الدفعية الحركية. والخط المسرحي السلس المتماوج يفك التوتر وييس ر إدراكنا وردود أفعالنا التي ال تستبين لنا تماما كما أنه يجلب لنا السرور والبهجة كما يقول أروين أدمان في كتابه»عن الفنون واإلنسانكما أننا في األدب نعيش في صفحات القصة نفس حياة شخصياتها المتخيلة هكذا في فن التصوير ربما أمكن القول بأننا نعيش حياة الخطوط المرسومة في اللوحة أو المحفورة على الرخام«. كاتبمنمصر مايسة محمد العدد - 30 يوليو/ مت وز

20 شعر ن ه ر ع ل ى ص ل يب خ م س ق ص ائ د حسني جمعان ن وري الج ر اح ل م أاك ن ف ي د م شق و ص ل ت إ ل ى ن ه ار ي ع ل ى ح ص ان ق ت يل و ص ل ت و ر أ يت الن ه ر م ح ت ر ق ا واأل ش ج ار ه ار ب ة ع ل ى ال و اد ي الس م اء أ ط ب ق ت ع ل ى األ رض وال ف ت ى الص ر يع س د ب ق ام ت ه ب اب ا لب يت. *** ل م أ ك ن ف ي د م ش ق ع ن د م ا ج اء الز ل ز ال ل م أ ك ن ف ي ج ب ل و ل م أ ك ن ف ي س ه ل ع ن د ما ت ر ج ف ت األ رض و ت ش ق ق ت ص ور ه ي و ال ه واء ك ان ت ي د ي اله ام د ة ت ن ب ض ف ي أ ر ض أ خ ر ى ر ع د ة خ ف يف ة س ر ت ف ي ج س د ي و ض اء ت ي ر ق ة ف ي ص د غ ي ال ج اف أ ه ي الر س ال ة ت س ق ط ف ي ب ر يد ي أ م الر ب يع ي ت ق ل ب ف ي أ ر ض ب ع يد ة. *** ل م أ ك ن ف ي د م ش ق ل م أ ك ن ف ي ش ار ع و ل ف ي م ت ج ر ل م أ ك ن ف ي م ح ط ة و ل ف ي ش ر ف ة ت ط ل ع ل ى ق ط ار ل م أ ك ن م س ر ع ا و ل م ب ط ئ ا أ ب ع د م ن ي د ي ك ن ت وم ن ع ين ي ال غ ريق ة ف ي الز م ن ر اق دا ع ل ى ق ل ق ف ي ت راب ال م وع د و ي د ي ت ن ز ف. *** لم أ ك ن ف ي د م ش ق ل م أ ك ن ف ي د م ش ق. *** وال ن م ن آخ ر األ ر ض أ س م ع الس اقية ت ن ت ح ب ف ي ال ب س ت ان و ال ه واء ي ص ف ل ل ج ب ل م ر ث ي ة ال ب ن ف س ج ه ا ق د م ض ى ال و ق ت وم ا ف ي ض ف ت ي و ق ت ع ل ى األ ر ض س وى د م ال ف ت ي ان ي ه ص ر ه الغ ر وب و ص ب اي ا الص يف ي ن د ب ن ال ب ن ف س ج ف ي الظ الل. ه ا ق د م ض ى ال و ق ت ه ا ق د م ض ى ال وق ت و ك ل ص ب ي ف ي س رير ك ان غ ي م ة ف ي ك ت اب. ق ال ت الش آم ي ات للن ه ر : خ ذ أ س او ر ن ا ي ا ن ه ر وآت ر ك لن ا ق م ر ال ب ن ف س ج ف ي و ش اح الص يف و ب ك اء ال ع ن د ل يب ف ي الس اق ي ه. م ن أ ن ت ي ا ب ر د ى أ ن ب ع ي ف ل ق الص خ ر ل ي ط وف بال ك أ س ور اء ز ه ر ة ه ار ب ة أ م ابن ل ن ج ار د م ش ق ي و ي د اك الص ل يب. ه ا ق د م ض ى ال و ق ت و ل و ق ت ف خ ذ أ س م اء ن ا ي ا ن ه ر ق ال ت ال م ر ي م ات و آت ر ك أ س او ر ن ا ل ت ل م ع ف ي ن ش يج الن ه ر و ق ال ت الش آم ي ات ل لن ه ر : ن ح ن آل ه ة ال ب ن ف س ج العدد - 30 يوليو/ مت وز

21 شعر أ م ه ات ال ح ز ن رب ات ب ي وت ط اف ف يه ا ال ج ن د و م ات ف يه ا ال ه واء ف م ن أ ن ت ف ي ح ز ن ن ا ي ا ب ن ف س ج م ن أ ن ت ي ا ب ر د ى أ ن ب ي ت ائ ه ف ي ش ع اب ت ائ ه ة أ م أ ن ت ح ال ق ي ز ي ن ح اج ب الص يف و ف ي غ ام ض الص يف ق ال ت ال م ر ي م ات للط ف ل : ق م ي ا ح ب يب ي ال ج ن ود أ س ر وا ف ي ال ب س ات ين خ ي ول الر يح وغ ي وم ب أ ج ن ح ة م ن الت وت ي اء ت ه يم ع ل ى ال و اد ي خ ي ول ب أ ع ر اف د ا م ية ت ص ه ل ب األ ب و اب والد م ش ق ي ون ي خ ر ج ون م ن ال ب ي وت و ي ه يم ون و ر اء الن ه ر و و ر اء ه م ت خ ر ج ال ب س ات ين. و ف ي ب ا حة ال م ع ب د ال ذ ي اب ت ن ى ن س ل آرام ف ي أ ن ق اض ه م س ج دا ب د ن ان ير ع ب د ال م ل ك ب ن م ر و ان ع ر اف ون ب ع يون س م ل ت ي ق ر أ ون الل و ح و ي ت ل م س ون ف ي الش ق وق ن ز يف ال ح ج ر. ل ن ه ار ف ي د م ش ق و ل ش م س ف ي ال ج ب ل و ف ي ن ز يف الن ه ر ت ت د ف ق األ س م اء. أ ق ب ل ي ي ا غ ي وم آن ص ر ف ي ي ا غ ي وم ع ن د ص خ رة»آذ ك ر ين ي«ف ي ل ج ة الر يح ت ق ف الم ر ي م ات ح ار س ات»ال ه ام ة «ك ل م ر ي م ة ب ن ف س ج ة م ص و ح ة و ح ض ن ك ل م ر ي مة.. و ف ي ن ش يج الص وت ط ي ات م ب ل ل ة ب أ د ع ي ة و أ ح ج ب ة و ص ب ي ان م ع ال ك ت ان. و ك ل ص ب ي ف ي ل ف اف ة ك ان غ ي م ة ف ي ت راب. والن ب ع د الس ف ي الش ر ف ات ي ت و ر د الص م ت و ي ن ز ف ال ك ت ان م ن أ ن ت ي ا ب ر د ى أ إ له ه ار ب ف ي د ع اء ام ر أ ة أ م م د ين ة م ش ر ع ة األ ب و اب ل ل غ ز اة! أ ص و ت ي ه و ي م ن ح ن ج رة ش ط ر ت أ م ش ب ان س ب ع ة ي ن ت ح ر ون ع ن د ص خ ر ة ك ان اس م ه ا )آذ ك ر يني( أ ذ ك ر ين ي ي ا د م ش ق و ل ت ت ر ك ين ي و ح يد ا م ع ال خ ش ب و ال م س ام ير أ خ اف أ ن أ ن ام و ت ه ر ب م ن ي د ي ن ج م ة الص ب ح. و آذ ك ر ين ي ي ا د م ش ق ح ت ى ل و ص ر ت ص خ رة ي س م ون ه ا: )آذ ك ر ين ي( و ل ت ت ر ك ين ي أ ص ير غ ي م ة م ن ال غ ب ار. أ ن ا ب ر د ى الص غ ير ال ه ار ب ب ر د ى ال ذ ي س ر ق الش ع اع م ن ال ب رق لم أ ك ن ج ن د ي ا ف ي ر وم ا و ل ن ه ر ا م ن الذ ه ب ل ك ن ن ي ش ف ة ال غ ريب و ع ط ش ال ف ر د وس و د م ي ال ذ ي ف ل ق الص خ ر ع ن س و ر ة ا لك ه ف ي ت د ف ق ال ن وي ه ل ك ف ي ص ح راء الع ر ب. فبراير/ شباط 2017 م ي ت اف ي ز ي ق ك م م ر ة ف ي ن ه ار غ ر يب ود ع ت األ ر ض م ن ط ر يق و و ج د ت ن ف س ي ر اج ع ا ع ل ى ط ر يق م ب ت ه ج ا وم س ر ور ا و م ع ي ف ي ي م يني ل و ح الن ه ار إ ل ى ع اص م ك ان ت األ ر ض ش ار د ة م ع الر يح وم ق ب ل ة م ث ل غ ي م ة ع ل ى ح ص ان. الن ز ول م ن ق ل ع ة ف ي ج ب ل ع ن د م ا ن ز ل ن ا و ر أ ين ا ال غ ر وب ي م ر ح ف ي الس ه ل و ب ين ح ف يف أ و ر اق الش ج ر و ب ك اء ال ح ص ى ف ي الن ه ر ك ان الش ع اع ي ن ت ف ض و ح ب ي ب ات الض وء ت س اق ط. ال ح ص ان أ ش ع ل ب ق وائ م ه ن ج وم الن ه ر والموت ي ح ر س ال م غيب. ك ن ت ر اج ع ا م ن أ ط ال ل ف ي م د ين ة و ك ن ت ف ي أ م س الط ريق إ لى د م ش ق. و ف ي ال م س اف ة ب ي ن س راب ي ن ت ر ك ن ا ال م س اء ي ل ه و ف ي أ ر ج وح ة و ن ز ل ن ا م ن ق ل ع ة ي ح ر س ها ه و اء ط ائ ش و ف ت ي ان ب اب ت س ام ات ف ات ن ة أ م وي ون ق ل ب ه م الز م ن ف ي الت راب م ع ال آلليء. و ف ي و اق ع ة أ خ رى ك ان ت الش م س ت ت م رغ ف ي خ ض ر ة ال ح ص ى والن ه ر ي ه يم بع ر ف ال ح ص ان. لندن آذار 2017 )م ون ول وغ( ك يف أ ه ر ب ف ي م وكب و أ ن ا ب ال ج ن اح ين.. ن ه ر ع ل ى ص ل يب الص بي ت ح ت س م اء م ائ ل ة وم ك س ورة العدد - 30 يوليو/ مت وز

22 شعر ص ر خ ة و ح ط ام ا و ج ن اح ين م ه ش م ين ف ي ص ن د وق ز ج اج ي إ ن م ا ي د ي م ل و ي ة و م خ د ر ة ع ن د ع ن ق ي و ك ت ف ي ال م ب ت ه ج ة ب ال واج ب ت ن ز ف أل ظ ل أ س م ع ك ل م ات ق ل ب ي.. أل ن ك أ ن ت ي ا ش ام إ يل م ن ي ت ق د م الم وك ب و ف ي ي د ك اس م ك ال ه ار ب ب ر د ى. *** ال غ ب ار ي ح م ل الص اع دين إ ل ى ال ج ب ل ي ص ل ال غ ج ر و م ع ه م ال م س ام ير و ق ائ د ال م ائ ة و ف ي ي د ه ال م ط ر ق ة والش اه د ب ل س ان م ق ط وع و ت ل ك ال ت ي ر ق ص ت و أ ق س م ال م ل ك أ ن ل ي ر د ل ه ا ط ل ب ا.. أل ت م ك ن م ر ة أ خ ر ى م ن ن ز ع ي د ي م ن ال خ ش ب و ال م س ام ير والن ز ول م ن ال ه ض ب ة وال ع ود ة إ ل ى ال ب يت ب ق م يص خ ف يف و ق ل ب م ر اه ق. ل ئ ال أ ر د د م ر ة أ خ ر ى ك ل م ات ك ال ت ي و ق ع ت ف ي ف م ي:»إ يل ي إ يل ي... ل م ش ب ق ت ن ي!«*** ر ج ائ ي م ح ط م و ل أ ر ج و ال ي وم ش يئا ك م ا أ ر ج و ال خ ر وج م ن الش ام. س أ ت ر ك ق م ر ي و م ق ب ر ت ي و ح ط ام ب ي ت ي ل ص ب ي ة ي ب يع ون ال ه واء م ق اب ض األ ب و اب و ي ش ت ر ون ال ب ن اد ق. أ ه ذ ا م وك ب ق د يم ف ي ك ت اب م م ز ق أ م ص ب اح ف ي أ ن ق اض م دين ة د م ر ه ا س ط ر ف ي ك ت اب! *** س أ ن ت ظ ر الص ورة ع ن د م شق ال غ ر يق ة ت ح ت س م اء أ ن ز ل ت ر س ل ه ا ل ن ق اذ ن ه ر ه ار ب ف ي ال ب س ات ين.. إ يل ي إ يل ي ل ت خ ر ج ب ه ذ ا الن ه ر م ن ال م د ين ة. II و م ن ق ب ل ع ن د م ا ك ن ت م ن ف ي ا ف ي ن يق وس يا و ك ن ت أ ن ت ظ ر ط ائ رة ت ح م ل ن ي إ ل ى ال م ج ه ول ك ي ف أ ن س ى أ ن ك أ ع ر ت ن ي د ر اج ت ك الن ار ي ة أل ت م ر ن ع ل ى ال ه ر وب م ن غ س ق األ ب و ة إ ل ى ش وار ع ت م ر ح ف يه ا ش م س ل ع وب ت ار ك ا و ر ائ ي ع و يل ط ف ل و ل د ق ب ل س اع ة ف ي م س ت ش ف ى ي ون ان ي ف ي ج و ار ح ان ة ف ي ج ز ير ة. *** ك م م ر ة س ي ب ك يني م ص يري ق ال ظ ل ي أ ن ا الو اق ف ال ن م ذنبا ف ي ج وار ام رأ ة ص غ يرة و ض ع ت للت و ط ف ال ش ام ي ا ب ع ين ين ز ر ق او ين أ س م ي ن اه إ ي ك ار وس. أ خ ر ج ت ه م ن ج ر اب و ر م ت ه ف ي ج ر اب. ف ي ذ ل ك ال ي وم أ ي ض ا أ خ ف يت ي د ي ال م ج ر ح ت ين م ن س ق ط ة ع ل ى ال س ف ل ت ب ع د ن ه وض ال ه واء ع ل ى األ ك م ة ك ح ص ان ه ائ ج ل ك ن ن ي ل م أ ف ل ح أ ب دا ف ي إ خ ف اء ن د ب ة ت ر ك ت ه ا ف ي ج ب ين ي ح ص اة ن ز ق ة. د ي د ال وس ك ن ت ب ص ن د ل ص يف ي والن د ب ة ف ي ج ب ين ي س ط ر ف ي ق ص يد ة. ال ب ح ر ي ن ه ض م ن و ر اء األ ش ج ار و ي م أل الس اح ل بال ق و ار ب وال غ ر ق ى. لندن 2016 حسني جمعان العدد - 30 يوليو/ مت وز

23 قص تستطيع أن تدعوني مخمل رشا عباس مايسة محمد كان الذي كسر هو الذي نج ى. آمين. اسمي غير مهم. عمري 24 سنة. تستطيع أن تدعوني مخمل. تفك ر وأنت تنظر إلي أن ك ال تطيق أن أكون ابنة لك أو صديقة البنتك. ال يمكن ألحد لومك على ذلك. يبدأ األمر من الوشوم. تلك المنتشرة على كامل ذراعي والتي تشو ه بعضها مع الوقت أو حاولت تشويهها عامدة خصوصا تلك التي كانت أسماء شب ان أحببت هم فيما مضى. بعضها مكتوب بلغات ال أعرفها. لم أخطئ يوما في تمييز نظرات االحتقار عندما ت وج ه إلي. بالتأكيد ال تريد أن تكون لك ابنة ت شبهني. قمامة بيضاء. لست حت ى نمطا من الفتيات اللواتي يمكن أن ترغب بهن أنت نفسك كحماقة ت بد د بها اكتئاب منتصف العمر. أتفه م ذلك وال أشعر باإلهانة. اسمي غير مهم. عمري 20 سنة. بدأت بدراسة الترجمة في الجامعة. مللت الدراسة منذ الشهر األو ل فك رت في أن أغي ر الفرع ولكن الوقت كان قد تأخ ر فاخترت أن أترك الجامعة وأصبح ممث لة. رغم أن ذلك بدا وكأن ه سهل في البداية ولكن ني لم أنجح فيه يوما. حدث ذلك من قبل عندما ظننت أن ني موهوبة في الرسم ثم رسبت في امتحان ك لي ة الفنون. كان والدي ي نظ ف أرض البيت عندما عدت إلى المنزل بوشم جديد على شكل نمر احتفاال بقراري أال أعود إلى الجامعة مجد دا. استمع والدي إلي وهو يراقب موقع الوشم المتور م. قال إن ني بدأت أشابه أم ي فيما أفعله وإن ذلك ي خيفه. قلت له إن العمل في التمثيل يجني الكثير من الربح وإن ني سأجعله مرتاحا. ندمت فيما بعد صحيح أن ني بت أغيب عن البيت ألي ام دون أن ي سأل وأتذر ع برحلة إلى مدينة أخرى للقاء مخرجين وإجراء اختبارات تمثيل ولكن ه وفي كل مر ة يرى أحد أغراضي م رميا على أرض البيت وهو ينظ فه كان يبدأ بالصياح متمن يا أن أتركه يعيش وحده وقائال إن ه يريد أن يتزو ج مجد دا. ثم يهدأ ويسألني متى سأكون قادرة على جلب نقود إلى المنزل. بت أتمن ى أن يعود إلى زوجته الثانية لينسانا مر ة أخرى كما حدث عقب رحيل أم ي. حاول كثيرا وقتها أن يعرف صلتنا بذلك الرحيل. المر ات القليلة التي أبدى فيها اهتماما بحياتي كانت عندما يستغل غيابي عن الغرفة ليفت ش هاتفي الجو ال في غفلة عن زوجته الجديدة ليعرف إن كنت على تواصل مع والدتي. مع ذلك أتمن ى أن تعود تلك األي ام عوضا عن جلوسه هنا طيلة الوقت ومراقبته لي. اسمي غير مهم. عمري 27 سنة. سأكون ممتن ة إذا قد مت لي سيجارة. هل تعرف لماذا أبدو هكذا الفرق بيننا هو أن ك تمتلك جذورا ضاربة في األرض. ألجل ذلك تبدو نظيفا وابتسامتك جميلة هكذا وأبدو غير جديرة بالثقة. كان الذي كسر هو الذي نج ى. يكاد ذلك يكون قانونا. عندما كنت أوب خ كيافعة كان يقال لي إن ني نبت شيطاني ال جذر لي. لم يكن ذلك جارحا. كنت أراقب ما حولي ألعرف السبب الذي يجعلني هكذا بعيدة عن األلفة وعن أي اشتباك عميق عن الحميمية التي أراها تدور فيما هو حولي بحيوية متجن بة إي اي. كنت أرى جذورهم جي دا تلك التي تضرب في مرآة المنزل حيث تقف فتاة مستطلعة مظهرها قبل أن تخرج وحيث يظهر أقارب وإخوة وأصدقاء في كل زاوية بمعرفة تام ة حول كل ما ينبغي فعله كل ما ينبغي قوله كانوا يبدون متدر بين على ذلك يا للغرابة متدر بين على حوار الحياة اليومية والخصام وابتياع األغراض المناسبة كانت الحميمية تسري بي سر في تلك القنوات المتشابكة كل ها لم أكن ألقى بالترحيب حت ى عندما كنت أحاول نسخ ما أراه لم أكن سي ئة في ذلك ولكن تلك األرض لم تكن أرضي كنت أرى بوضوح كيف أن ني ل فظت منها ولم أنبت كما خصومي أصحاب الجذور أولئك الذين استطاعوا انتزاع كل شيء رغبت به. مر وقت طويل قبل أن أعرف منذ عهد قريب فقط أن الذي كسر هو الذي نج ى وأن أوسمتي كانت في جيبي منذ أن و لدت عندما بت أراهم بتصل بهم في األتربة الوسخة عناصر بخسة حين تحر كت األرض لتنقلب إلى داخلها كان المجد للنبت الخبيث وحده الذي تناثر بخف ة مع الريح. فليتبارك اسم الرب ولتقع كلمته على الدنيا كضربة سيف كان المجد لي لعنصري الطائش األزرق للعين الزائدة القبيحة التي ف تحت في صدري وم نعت طويال من اإلشارة إليها إال كندبة. كانت القيامة قد حل ت وكانت األرض لي. وصلت إلى هذه المدينة قبل عام. ظننت أن ني سأشعر باأللفة أخيرا مع المسوخ كلهم الذين يعيشون في المكان أشباهي. ظننت أن ني لن أكون غريبة كما كنت في البلد ولكن ذلك لم يحصل. هل تعرف كم هو مستحيل أن أجد عمال قد يرون مظهري طريفا اللون األزرق في شعري أقراط الوجه والوشوم لكن ال أحد قد يكل فني بعمل. أستطيع طبعا أن أرتدي ليوم مقابلة العمل ثيابا نظيفة وأخفي ذراعي تحت أكمام طويلة ولكن ليس هذا هو القصد. إن ما هذه الهيئات و جدت لنمي ز بعضنا ولئال نبذل جهدا في التعامل مع م ن هم عبء علينا. نحن بال جذور هذه هي القص ة. لم يكن األمر يوما سهال ولذلك أنا هنا. أشعر بالبرد حقا من الوقوف في الطريق والتحد ث إلى الناس المسرعين جدا. اسمي غير مهم. عمري 17 عاما. تستطيع أن تدعوني مخمل. كنت وحدي في البيت. هاتفت أبي ألطلب نقودا كي أبتاع طعاما. طلب من ي المرور دون أن تعلم زوجته فأغلقت الخط ونزلت إلى الحديقة. جلست هناك قليال وحاول شب ان جالسون أن يرسلوا لي سالما مع ولد متسو ل مع علكة قد مها لي. قمت بسرعة وأسرعت إلى ركن آخر في الحديقة حيث و ض عت ألعاب األطفال. اخترت مقعدا خشبيا فارغا ألجلس عليه. بعد ذلك بدقائق جلست بجانبي امرأة سمراء محج بة نحيلة وطويلة تبدو في األربعينات. تبدو ذات جذور عميقة للغاية وال تحتاج إلى رأي أحد في حياتها. العدد - 30 يوليو/ مت وز

24 قص أخرجت من كيس نظيف سندويشة فالفل وقسمت لي نصفها. يوما إلى المنزل أن ني حكيت للغرباء مشاكل المنزل. عزمت مر ة على الر د وتغيير صوتي والكذب عليها على الهاتف قائلة إن الر ق م خاطئ. كانت هي كما توق عت. سألت عن ي. وعوضا عن المضي في خط تي اد عيت أن ني شقيقة لي. قالت سائلة عن ي: هل تخرج كثيرا من البيت سكت فنادت ني باسمي اسمي غير مهم. أغلقت السماعة ونزلت من المنزل. اسمي غير مهم. عمري 26 عاما. تستطيع أن تدعوني مخمل. الحارس العمالق ليس م ن أخرج معه مع ذلك ال تجر ب أن تلمسني في أثناء عملي كي ال يرميك خارجا. في نهاية األمر ر ميت أنا خارجا. ذلك كل ه من أجلها اسمها غير مهم أيضا. اقتنعت أن ها الشخص المناسب لي وكانت نقطة بيضاء وحيدة في كل السوء الذي يجري. كان لها أنف مدب ب طريف المظهر. لم تكن قادرة على التعامل مع ذلك الزبون الذي أخذ يناديها كل دقيقة بذريعة الطلبات ليتحدث إليها وي حرجها. كان وجهها الشاحب يحمر واستطعت أن أرى كم هي متشن جة بسببه. توج هت إلى الطاولة دون ترد د كنت أتلم س الس ك ين الصغيرة في جيب ردائي.»هل لمسك الزبون يا مخمل «. لم أجب على سؤال مديرة الحان ة طلبت من ي مديرة الحانة أن أترك العمل. لم أعد أرى تلك التي ط ردت من أجلها بعد ذلك. تحد ثت إليها مر ة بعد سنوات وعلمت أن ها عادت إلى منزل أهلها ثم تزو جت واآلن لديها أوالد كثيرون وحلوون يملؤون عليها المنزل. كانت قد ضربت بجذورها في أرض مباركة وكنت ال أزال أركب الريح معل قة إلى قب ة الدنيا من وشومي الشوهاء وشعري األزرق. اسمي غير مهم. عمري 30 عاما. تستطيع أن تدعوني مخمل. أمضيت من الوقت أكثر مم ا يلزم وأنا أحاول الحديث مع أحد في الخارج وكان القطار األخير قد غادر اليوم. ليست هذه المر ة األولى التي سأمضي الليلة فيها في الطريق. شققت طريقي بصعوبة بين سيول المطر كان ذلك أكثف هطول رأيت ه منذ سنوات طويلة لم يكن صباغ الشعر البخس الذي أستخدمه قادرا على الصمود طويال. عمري 30 عاما واسمي غير مهم. في دنيا الصقيع كنت س أاسم ى نبية أحمل الوحشة على كتفي افتداء لآلخرين في الم د ن المخد رة وتقطر قص تي طالء شعر أزرق على طول الطريق. من هذا األثر ستنبت أسطورتي أخيرا من قلب األرض مقاعد خشبية زرقاء للضال ين ال ي تلف لون ها المطر يجلس عليها بانتظارك أناس ي خرجون من أكياسهم البيتية النظيفة ما ي ؤك ل ويسألونك بإلحاح عن ر ق م منزلك. آمين. خجلت بشد ة ألن دموعي انسكبت وحدها وبغزارة منذ أن وضعت ها في فمي. كان الخبز دافئا واألقراص ساخنة بعد. بدا أن هذه المرأة ذات جذور حقا كما تخي لت فهي لم تغمرني بأي شفقة. انتظرت حت ى أهدا قليال لتقول لي دون أن تسألني عن شيء إن ها تعمل في دورة لمحو األمية في الريف وإنني يجب أن أعمل لئال أشعر بالسوء ولذلك يمكنني العمل معهم. سألت ني عن أهلي وقلت لها إن هم مسافرون. بدا لي أن ها استاءت من ذلك وطلبت ر ق م هاتف منزلنا. انزلقت بشكل غريب ألن أعطيها إي اه دون أن أزو ر ر ق ما كما كان يمكنني أن أفعل بسهولة. شكرت ها وذهبت إلى البيت نادمة سأواجه مصيرا أسود إذا عرف أهلي أن ني أبوح بمشاكل المنزل لسي دة غريبة في حديقة. تمني ت أال تت صل ولكن ها ات صلت. اسمي غير مهم. عمري 26 سنة. تستطيع أن تدعوني مخمل. ال تلمسني إذا أردت أال ت طر د خارج الحانة الحارس العمالق ينتظر تسليته اليومية من خالل الزبائن الذين يفقدون السيطرة ويلهو بجر هم خارج الحانة بإذالل. تستطيع أن تنظر كما تشاء إلي أو إلى زميالتي هنا. قيل لي إن علي أن أبتسم لك وأن أتحم ل دعاباتك الجنسية ريثما آخذ الطلب ولكن ك ال تستطيع لمسي وإال سيحملك الحارس العمالق إلى الخارج. أحمل سك ينا صغيرة في طي ات ردائي لم أستخدمها بعد. ينادونني هنا مخمل أنت أيضا تستطيع أن تناديني كذلك. اسمي غير مهم. عمري 30 عاما. تستطيع أن تدعوني مخمل وأن تقد م لي سيجارة. أحب التدخين كثيرا ولكن ني ال أملك النقود دائما لشراء العلب. عندما ألف السجائر يدويا فإن محتوياتها تقع قبل أن أدخ نها وتشتعل الورقة فقط وحدها بسرعة. ال تخف هناك مكان أستطيع النوم فيه لدى أقرباء يقيمون في هذه المدينة. ولكن ني أشعر بالحرج ألن ه ليس منزلي وال أدفع أجرته لذلك أفض ل أال يراني أصحابه خالل النهار وأال أعود إلى هناك إال بعد أن يناموا. الساعة اآلن الحادية عشرة ولم يتبق وقت طويل حت ى أتمك ن من العودة. أنا ال أعمل في البغاء كما ظننت لكن ني أحب هذه المالبس وحسب أحب هذه المباهج المزي فة الصغيرة وحس ها المصطنع السوقي. رغم أن ني أشعر باإلطراء لسؤالك ما إذا كنت أقد م خدمات جنسية وأحترم وحدتك ولكن لألسف كل ما أستطيع فعله هو أن أحكي لك قص تي لتشعر أن ك عشت تجربة خاص ة. أطلب فقط مقابل ذلك أن تقد م لي سيجارة أدخ نها ريثما يأتي الباص وأتمك ن من الذهاب ألنام اليوم. اسمي غير مهم. عمري 17 عاما. تستطيع أن تدعوني مخمل. رن الهاتف كثيرا. كنت أخشى أن أرد أردت أن أوحي لمرأة الحديقة التي أظن أن ها المت صلة أن هذا المنزل قد ه جر فقط ولن يرد أحد يوما. عل ها تتوق ف بذلك عن االت صال وال تكتشف أم ي إذا عادت سجال موت الحقيقة أم موت الخرافة كاتبةمنسوريامقيمةفيبرلين منمجموعةقصصيةتصدرعن»منشورات المتوسط«في هذا الملف ثالث مقاالت عربية تعقب على بعض األفكار المطروحة في مقاالت الملف المنشور في العدد الماضي من الجديد تحت عنوان موت الحقيقة مابعد اليسار مابعد اليمين مابعد الشرق والغرب والديمقراطية. وهي بالتالي مقاالت تنطلق مباشرة من المكتوب والمنشور في العدد المذكور وبعضها يعلق على األفكار من باب االختالف في الرأي أو االتفاق معه. والواقع أن ملف موت الحقيقة أثار بعض النقاش والجدل على صفحات التواصل االجتماعي بين مؤيد لألفكار المطروحة ومعارض لها. وهو ما يبش ر بنقاش أوسع يطال األيديولوجيات وظاللها واألفكار والخرافات الفكرية التي حكمت قرنا وأكثر من الصراع الفكري والسياسي في ثقافات العالم وحكما الثقافة العربية. وألجل ذلك يمكن لهذا الملف أن يبقى مفتوحا. فكل مساهمة في قراءة ونقد األفكار التي تطرحها المقاالت تبقى مرحبا بها وذلك من باب الرغبة في تطوير نقاش عربي حر يقرأ ويحلل الظواهر المختلفة المتصلة بصعود وسقوط األيديولوجيات بما في ذلك األفكار التي تنتجها هذه العملية النقدية المفتوحة بطرس املعري قلم التحرير العدد - 30 يوليو/ مت وز

25 سجال هل ول ى عهد اليسار واليمين سامن خوام فرنسا نموذجا حميد زناز لم يعد الكثير من الفرنسيين يؤمنون ال باليسار وال باليمين إذ لم يدع فشل نيكوال ساركوزي اليميني ثم فرنسوا هوالند اليساري خالل العشرية السابقة مجاال للشك في تصدع القطبية الثنائية القديمة وبات الفرنسيون يبحثون عن بديل آخر كفيل بإخراجهم من األزمة متعددة األبعاد. وهو العرض الذي بدأ في بنائه إيمانويل ماكرون لبنة لبنة منذ حوالي 3 سنوات حينما وصل إلى قصر اإلليزيه كمستشار للرئيس هوالند ثم توليه للوزارة وإعالن ترشحه والقيام بحملته حتى الفوز بالرئاسة تحت شعار»يمين ويسار معا«والذي استقطب أغلبية الناخبين منذ قيام الثورة الفرنسية واالنقسام بين اليمين واليسار يهيكل الحياة السياسية في بلد الفلسفة والنقاش السياسي الساخن تحت تسميات مختلفة وإن لم يعرف تحت تسمية يسار/يمين سوى مع قضية دريفوس الشهيرة. فهل ينجح الرئيس الجديد إيمانويل ماكرون في تجاوز هذا الصراع األيديولوجي الذي تربت عليه األجيال الفرنسية المتعاقبة بعد ما فشل في ذلك كثير من قبله كحزب الحركة الديمقراطية المتحالفة معه برئاسة فرنسوا بايرو وزير العدالة وحافظ األختام في حكومته اليوم ومن قبله ميشال روكار الوزير األول في عهد الرئيس فرنسوا ميتران وما معنى شعاره»يمين ويسار معا«وقت يجد فيه الناخبون الفرنسيون أنفسهم في في حيرة من أمرهم ويكفر جل هم باالقتراع ويهاجر الكثير منهم نحو اليمين واليسار المتطرفين وفي وقت يحتضر فيه الحزب االشتراكي وحزب الجمهوريين اليميني المرتكز عليهما االستقرار السياسي التداولي منذ والدة الجمهورية الخامسة في فرنسا سنة 1958 وفي وقت تتأزم فيه الحياة االقتصادية واالجتماعية واألمنية أصبح أغلب الفرنسيين ينظرون بريبة إلى ذلك الصراع المزمن بين اليسار واليمين ويعتقدون أنه صراع أيديولوجي عقيم بات من مخلفات الماضي إذ لم يعد يعقد عليه أي أمل في حل المشاكل المتجددة التي تطرحها الحياة المرقمنة والمعولمة. وفي الحقيقة ما يجري في فرنسا على المستوى السياسي ما هو إال انعكاس لما يحدث على مستوى العالم المتقدم )األبررة أو أوبريزيشن(. ومع ذلك يبقى عجز علماء االقتصاد مزمنا في القدرة على التنبؤ باألزمات وتبعاتها السياسية واالقتصادية والمالية وال أحد بإمكانه التنبؤ بما سيكون عليه العالم في المستقبل القريب. وقد تجلت األزمة الشاملة عبر أزمة 2008 المالية التي ال تزال تأثيراتها مستمرة على المجتمعات الغربية وقد امتدت إلى الحياة االقتصادية بشكل عام ومس ت أفكار وتصورات الناس وساهمت في زعزعة هوياتهم السياسية التقليدية وكل ذلك بسبب عجز الحزبين المتداولين على الحكم الحزب االشتراكي وحزب اليمين بمختلف تسمياته المتتالية على إيجاد صيغة ما للوصول إلى الشروع في إصالحات اقتصادية وسياسية فرنسا في أشد الحاجة إليها. ومن هذا المعطى ينبغي تحليل النقد الموجه ل«أفول«كل واالنتخابي األكثر نجاحا وإقناعا في المتسابق إيمانويل ماكرون الذي بات يمثل أمل مجموعات اجتماعية كثيرة متناقضةالمصالحوالمشارب تراهنعلى حيادهاأليديولوجي لتكييف بلدهم فرنسا مع الرأسمالية الجديدة وتوجيهها نحو معينة تتو ج بتحالف واسع يسير البلد حسب معايير النجاعة الحيادية كما هو الحال في المؤسسة االقتصادية بعيدا عن القناعات والعواطف أم ال يتعدى األمر مجرد وهم إجماع سرعان ما يتالشى أمام قوة الواقع كله فإن لم يكن هذا العالم أمام نهايته فهو يعيش مع من اليمين واليسار. لم يعد الكثير من الفرنسيين يؤمنون ال ليبرالية اجتماعية على الطريقة األسكندنافية. بعد الثورة الفرنسية في 1789 كان النواب المدافعون عن بداية األلفية دخوال إلى عالم جديد تهيكله شبكات التواصل باليسار وال باليمين إذ لم يدع فشل نيكوال ساركوزي اليميني في حقيقة األمر لقد اقتنع الفرنسيون في أغلبيتهم بوجوب التقدم والثورة يحتلون يسار قاعة الجمعية الوطنية بينما ومختلف المنتجات الذكية. ثم فرنسوا هوالند اليساري خالل العشرية السابقة مجاال بناء كيان سياسي آخر يكون وراء استراتيجية منفتحة على كان معارضوهم الذين يحن ون للنظام القديم والملكية تعيش الديمقراطيات في قلب مرحلة ال تزال تبحث لها عن للشك في تصدع القطبية الثنائية القديمة وبات الفرنسيون الجميع وقد يكون مزيجا بين اليمين واليسار في مرحلة أولى والكنيسة يجتمعون في يمين القاعة ومن هنا جاءت تسمية تسمية فهل هي في أزمة بالمعنى الذين يعطيه الفيلسوف يبحثون عن بديل آخر كفيل بإخراجهم من األزمة متعددة ولكن دون أن يكون توفيقا أوتوماتيكيا بينهما. اليمين واليسار. فأين يجلس نواب التحالف بين اليمين أنطونيو غرامشي للكلمة إذ يرى بأن األزمة وضع يموت األبعاد. وهو العرض الذي بدأ في بنائه إيمانويل ماكرون لبنة تعيش فرنسا إعادة تركيب للمشهد السياسي وعودة أخرى واليسار قيد التشكل بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون وحركة فيه القديم ويجد فيه الجديد صعوبة في الظهور وقد لبنة منذ حوالي 3 سنوات حينما وصل إلى قصر اإلليزيه لطبيعة النقاش بين اليسار واليمين ال تكون مبنية على»إلى األمام«تتساءل صحافية فرنسية هل يجلسون على تنتج عن ذلك العسر ظواهر مرضية يتمظهر فيها الخوف كمستشار للرئيس هوالند ثم توليه للوزارة وإعالن ترشحه مخلفات الصراع الطبقي القديم وإنما على التعارض الجديد اليمين أم على اليسار هل يقفون في رواق القاعة وعلى والحيرة والقلق. وعموما فالمراحل االنتقالي ة هي في والقيام بحملته حتى الفوز بالرئاسة تحت شعار»يمين بين الذين يحلمون بعالم موح د والذين يريدون المحافظة طرافة األسئلة فهي تشير إلى قدوم مرحلة جديدة تتطلب نظر المفكر اإليطالي وجه من وجوه األزمات. هي مرحلة ويسار معا«والذي استقطب أغلبية الناخبين إذ عندما يكون على الخصوصيات الوطنية والثقافية. بكلمات أخرى سيكون تسييرا فرنسيا للغموض. الثورة الصناعية الرابعة مرحلة الذكاء االصطناعي مرحلة التلميذ جاهزا يظهر المعلم كما يقول البوذيون في أمثالهم. التعارض بين الفردية الليبرالية والقومية المحافظة. العبر-إنسانية مرحلة انفجار التجارة التقليدية والخدمات وهكذا وجدت الرأسمالية المعولمة تعبيرها السياسي ولكن يبقى السؤال مطروحا: هل يمكن الوصول إلى براغماتية كاتب من الجزائر مقيم في باريس العدد - 30 يوليو/ مت وز

26 سجال مناقشة لملف»موت الحقيقة«احتضار األيديولوجيات ومحنة اليسار العربي سامن خوام محمد حياوي ماذا بعد تبدد فكرة اليمين واليسار وانعكاساتها على الشرق المحترق والغرب المتململ في خضم األزمات االقتصادية وتنامي الحركات الشعبوية المتطرفة وهل ستنبثق نظريات بديلة من شانها طمأنة العالم وإعادة البشرية إلى مسارها وكيف سيكون المستقبل بعد أن تهاوت نظريات االقتصاد السياسي الكبرى في الغرب وأد ت بالتالي إلى انهيارات ارتدادية مهولة رديفة لها في الشرق في ضوء تهاوي األيديولوجيات الشمولية كالشيوعية واالشتراكية وتصد ع فكرة اليمين واليسار فاسحة المجال النفالت مفاهيم العنصرية والفاشية الجديدة وتراجع قيم الخير والتسامح التي تأس ست على مدى قرون من النضال االجتماعي والفكري وانتشار روح األنانية السياسية والنظريات الشوفينية التي ال تعير أدنى اهتمام لتطلعات الشعوب وتوقها للعيش بكرامة وال ترى سوى أفق مصالحها الضيقة ت رى ما الذي تبق ى من النظريات السياسية واالقتصادية التي كانت قائمة وكيف نفهم مفردات الصراع المدمر الذي نشهده هذه األيام والذي أدى النتشار العنف والتطرف والقتل والتشريد وتخريب األوطان وتهجير الماليين مما اصطالحا النيوليبرالية معتقدين بأن ها تسببت في األزمة ال شك فيه أن االعتدال يتراجع ويندحر بشكل وتركت الحكومات المنتخبة ديمقراطيا غير قادرة على ملحوظ أمام اليمين المتطرف لكن هل هذا يعني تلقائيا موت اليسار من المؤكد أن الديمقراطية االستجابة. بينما يلوم آخرون االتحاد األوروبي الذي يقولون االجتماعية المعتدلة تعيد تكوين نفسها على شكل حركات إنه غير ديمقراطي ويقو ض السيادات الوطنية للبلدان جديدة خرجت من رحم اليسار نفسه ومن شأنها أن تحدث األعضاء. وبموجب هذا التفسير فقد أضعف ثقة الناخبين فرقا كبيرا في حياة الناس في حال نجاحها وفي حال بحكوماتهم المنتخبة ديمقراطيا ودفعهم لدعم األحزاب اليمينية واليسارية المتطرفة. عملت معا من أجل وقف تغو ل اليمين المتطرف. لقد فشلت نظرية االستقطاب للوسط في العقدين األخيرين يعتقد الباحث والمفك ر االجتماعي البريطاني أنتوني غيدنز لما بات يعرف بالمحافظين الجدد أو النيوليبرالية التي في كتابه»الطريق الثالث: تجديد الديمقراطية االجتماعية«استندت بالدرجة األساس إلى مبادئ العولمة بعد أن أن الحل يكمن في استعادة السيادة الوطنية واالقتصادية سقطت في التطرف واعتماد مبدأ القو ة في فرض ما سم ي لجميع البلدان في عالم متعدد األقطاب جغرافيا وسياسيا. باتفاقيات التجارة الحرة التي حاولت أن تكون فوق القوانين يجب علينا الخروج من أطر االتحاد األوروبي المالية التي سنتها األنظمة الديمقراطية لهذا فإن ما يحدث في واالقتصادية الخروج من البنك الدولي اليونان على سبيل الواقع ليس استقطابا للمركز أو الوسط بقدر ما هو بداية المثال يجب أن تتوقف عن دفع الفوائد للبنوك ينبغي على جميع البلدان التي تريد السيادة الوطنية أن تخرج من جميع انهيار الرأسمالية العالمية برمتها. تعيش أوروبا التي هي مثلنا األعلى افتراضا اليوم شبه هذه المنظمات العالمية«. فوضى سياسية واقتصادية وتحقق أقوى اقتصادياتها نموا وعن سؤال كيف يجب أن نفهم طبيعة وإمكانيات التطرف باهتا في حين أن البلدان األضعف مثل اليونان والبرتغال السياسي اليوم يقول غيدنز»عادة يعتقد السياسي تكافح من أجل االنتعاش والنهوض من االنتكاسات. ومن الراديكالي بأنه يقف على اليسار ويعارض المحافظين الناحية السياسية فإن األمور أسوأ من ذلك إذ أن خيبة األمل المتخلفين. لكن في الوقت الحاضر تحول اليسار إلى موقع لدى المؤسسات األوروبية والمحلية والنخب في مستويات الدفاع في حين أصبح اليمين راديكاليا بدعوته للتعامل قياسية ويتزايددعم األحزاباليسارية واليمينيةالمتطرفة مع سياسات السوق الحرة بغض النظر عن عقبات التقاليد واألعراف التي تقف في طريقه«. مما يخلق حالة من عدم االستقرار السياسي. لكن من هو المالم في هذه الفوضى في الواقع يلقي الكثير هذه األفكار والطروحات وغيرها الكثير حاولت نخبة من المحللين والخبراء االقتصاديين اللوم على ما بات يسمى من الكت اب والمحللين العرب مناقشتها في ملف»موت الحقيقة«.. ما بعد اليمين واليسار والشرق والغرب الذي ن شر في العدد ال 29 من مجلة»الجديد«بشكل متفاوت واجتهادات تحليلية عميقة تراوحت بين استلهام المتغير السياسي الكبير الذي حصل في أعقاب االنتخابات الفرنسية األخيرة والتمظهرات الجديدة لما يمكن تسميته باليسار العربي الجديد الذي صب بعض المشاركين في الملف جام غضبهم عليه منطلقين من تحالف الحزب الشيوعي السوري الموحد مع النظام السوري في الوقت الذي حاولت األحزاب والحركات اليسارية العربية األخرى النأي بنفسها عن مثل تلك الموبقاتوانتهاجبعضالمواقفالبراغماتيةفيقراءةواقعية لموازين القوى الجديدة في المجتمعات العربية أمام تنامي المد اإلسالمي المتصاعد. وفي الوقت الذي دعت فيه الكثير من الطروحات إلى ضرورة دعم حركات المجتمعات المدنية من بين ما طرحته من حلول تناست مثل هذه الدعوات أن اليسار العربي بتمظهره الجديد المتمثل بالحركات الشبابية التي تعتمد وسائل التواصل االجتماعي في تحركاتها الثورية واإلصالحية ومجاميع المثقفين الثوريين تستند بالدرجة األساس على بقايا اليسار العربي نفسه وال أقصد هنا اليسار العربي التاريخي الذي فقد شرعيته الجماهيرية نتيجة لخطل قياداته وعدم قدرته على التأقلم مع واقع مابعد انهيار االتحاد السوفييتي والمعسكر االشتراكي. الملف يقد م طروحات فكرية عربية بشأن سؤال اللحظة الراهنة ماذا بعد تبدد فكرة اليمين واليسار وانعكاساتها على الشرق المحترق والغرب المتململ في خضم األزمات االقتصادية وتنامي الحركات الشعبوية المتطرفة وهل ستنبثق نظريات بديلة من شانها طمأنة العالم وإعادة البشرية إلى مسارها وكيف سيكون المستقبل بعد أن تهاوت نظريات االقتصاد السياسي الكبرى في الغرب وأد ت بالتالي إلى انهيارات ارتدادية مهولة رديفة لها في الشرق وهل ثم ة مخرج ما للبشرية وما هو تأثير هذا الواقع الجديد على عالمنا العربي الممزق بين أنظمة الحكم الدكتاتورية وحركات التطرف اإلسالمي العدد - 30 يوليو/ مت وز

27 سجال الشمعة يؤكد على أن العالم مابعد الحداثي يدش ن واقعا افتراضيا مغايرا للواقع الذي نعرفه وفي هذا السياق المراوغ يطرح السؤال المهم من يملك فكر التقدم وصناعته اليسار المهزوم أم اليمين المسيطر بحكم األمر الواقع الكاتب والمفك ر العربي خلدون الشمعة يعتقد بأن احتضار اليمين واليسار ليس حدثا عابرا أو مصادفة وفي الوقت الذي يعيب فيه على العرب اقتصار نظرتهم على الجانب السياسي منه يؤكد على خطورة فكرة الدين -كمعرفة سماوية كما لو كان بديال معرفيا للعلم. الشمعة يؤكد على أن العالم مابعد الحداثي يدش ن واقعا افتراضيا مغايرا للواقع الذي نعرفه وفي هذا السياق المراوغ يطرح السؤال المهم من يملك فكر التقدم وصناعته اليسار المهزوم أم اليمين المسيطر بحكم األمر الواقع ويضرب مثاال في الحال السوري كأسوأ ما في نظرية مابعد الحداثة. ويخلص في النهاية إلى أنه ليس من المستغرب خالفية مفاهيم مابعد الحداثة تلك. وفي حال عملية احتضار مفهومي اليمين واليسار يرى الشمعة استحالة تفسير الواقع االجتماعي طالما هو قائم على فكرة الحداثة. وعلى الرغم من أن ني أتفق معه في معظم ما طرحه إال أن ني ألتقط ما ذهب إليه بشأن فكرة الدين كمعرفة سماوية يمكن أن تكون بديال معرفيا للعلم أوال لتفردها كفكرة وثانيا لتماسها المباشر بما نحن فيه من واقع عربي مترد طالما شك لت الحركات اإلسالمية الراديكالية محر كا ألحداث الفوضى وقفزا على تطلعات الجماهير ومصادرة لثوراتها ولعل المثال السوري الدامي خير دليل على هذه اإلشكالية الخطيرة فبعد أن أفرغ النظام هنا وعلى مدى عقود من التسلط والقمع الحياة السياسية من محتواها األيديولوجي وحو ل األحزاب السياسية إلى كانتونات كارتونية تدور في فلكه لم تجد الثورة السورية الفتية في سنواتها األولى أي قوى سياسية مؤهلة في الداخل األمر الذي تركها مكشوفة الظهر تماما أمام تكالب الحركات اإلسالمية الراديكالية التي حاولت أن تبدد المفهوم الوطني للثورة ومحاولة طرح البديل اإلسالمي للنظام القمعي لوال إصرار القوى الثورية والجماهير في الداخل على مواصلة الفعل الثوري على الرغم من فداحة التضحيات. وهو تماما ما ذهب إليه الكاتب اللبناني خط ار أبوذياب الذي يصف األزمة عربيا على أن الحلم الذي كان يراود صن اع الثورة العربية تبد د نسبيا تحت ضغط الوقائع الصعبة فبعد أن انبهر العالم بقدرات الجماهير في القاهرة ودرعا وحمص وصنعاء وبنغازي وأصبح مثاال ي حتذى النتفاضات الكرامة عاد ذلك المشهد الثوري المبهر للتراجع أمام لعبة المصالح اإلقليمية والدولية نتيجة لعدم وجود أحزاب حقيقية تمتلك مشروعا تغييريا األمر الذي أوصل ذلك المتغي ر إلى مأزق الصراعات العنيفة والتفك ك المجتمعي. ويخلص الكاتب إلى القول بأن نجاح حركة»إلى األمام«الفرنسية التي أطلقها إيمانويل ماكرون في إيصال مؤسسها إلى سد ة الرئاسة يدلل على أن مثل هذه الحركات الجديدة بدأت تنتصر على األحزاب التاريخية التقليدية ومثل حركة»إلى األمام«الفرنسية هناك حركة»النجوم الخمس«في إيطاليا وحركة»بوديموس«في إسبانيا وحركة»اليسار الجديد«في اليونان وغيرها من الحركات التي تشك ل ثورة حقيقية على المفاهيم القديمة في عالم السياسة والفكر لكنه يغفل بدوره أيضا حقيقة أن أغلب هذه الحركات قامت على بقايا اليسار األوروبي أو حطامه وهو ما سأعود إليه في مكان آخر من هذه المقالة. وفي الوقت الذي يشيد فيه الكاتب التونسي أبوبكر العيادي بفوز إيمانويل ماكرون»الذي لم يمض على تأسيسه لحركته الجديدة إلى األمام سوى سنة واحدة«كدليل على تغير المعادلة السياسية في فرنسا وعجز أحزاب اليمين واليسار عن تلبية الرهانات الوطنية ويخرج بمحصلة مفادها أن تلك األحزاب بدأت منذ أواخر القرن الماضي تفقد قاعدتها في أوساط الطبقة العمالية الصناعية لكن ه لم يوضح لنا أسباب هذا المتغير وفيما إذا كان تغير نمط العالقات االقتصادية وتنامي النزعة االستهالكية لدى المجتمعات هو السبب أم نمط اإلنتاج وطغيان معايير السوق والنمو المتسارع لتدخل التكنولوجيا في عمليات اإلنتاج. وفيما يتعلق باألوضاع في العالم العربي يقول الكاتب»التقدميون في تونس مثال ال يجدون حرجا في التعاون مع إخوان النهضة في تسيير شؤون الدولة بدعوى الترفع عن االنتماءات الحزبية الضيقة«ويضيف العيادي قائال»الثابت أن اليسار العربي في عمومه لم يغادر صفوف المعارضة وبالتالي ال يمكن الحديث عن ثنائية اليمين واليسار كما أن القل ة القليلة التي ما تزال تنتمي إلى اليسار إن ما تجتر أحالم الفردوس الذي لم ينعم به حتى دعاته من البلشفيين وأتباعهم وتستحلي دور المعارضة األزلية«. وفي الوقت الذي يعيب العيادي على قوى اليسار أو بقاياه تعاملها مع اليمين الراديكالي المتمثل بحركة النهضة التونسية يعود ويتهمها بالركون في خانة المعارضة على الرغم من أن الكثير من الحركات اليسارية العربية أو القريبة من اليسار حاولت وتحاول قراءة الواقع السياسي واالجتماعي الجديد مابعد األنظمة الدكتاتورية قراءة براغماتية من نوع ما نظرا لفقدانها قواعدها الجماهيرية ومكانتها التاريخية أمام انتشار التدين والمد اإلسالمي المصحوب في أغلب األحيان بالتطرف والمدعوم في أغلب األحيان أيضا من أجهزة المخابرات الغربية نظرا لتقديمه التنازالت واستعداده للحفاظ على مصالح الغرب والقبول بإسرائيل كحقيقة واقعة وهذا بالضبط ما ذهب إليه الكاتب العراقي عامر عبد زيد حين تحدث عن الدور األميركي في اختالق حروب وفوضى في العالم الثالث وإنعاش تجارة السالح للتخلص من أزمة الضغوط االقتصادية المستعصية التي يعاني منها وخطورة هذه السلوكيات الناتجة عن كونها تتمظهر على شكل دعم للتحول المدني في ظاهرها لكن ها في حقيقتها تشجع الحركات الراديكالية الدينية وتدعمها لتحل محل الدكتاتوريات العسكرية التي جاءت في أعقاب الحركات القومية العربية ودعوات االستقالل. أما الكاتب السوري إبراهيم الجبين فيعتقد بأن عصر مابعد الحداثة بصيغته المعروفة أعلن بشكل قاطع نهاية األيديولوجيا التي سيحل محلها نمط جديد يحمل طابعا فكريا مختلفا. لكن ه يكرر أيضا ما تقدم من طروحات تلخصت بعجز األحزاب التاريخية المعروفة عن إشباع الحاجات األساسية للجماهير وفقدانها التمايز في خطابها األيديولوجي بعد أن ذابت الفوارق بين اليمين واليسار بسبب طغيان مفاهيم العولمة وانهيار نظريات التخطيط االقتصادي أمام نظرية اقتصاد السوق. أماالكاتبالعراقيعوادعليفيعتقد بأن ثنائية اليمين واليسار في عالمنا العربي بدأت في السنوات األخيرة تشهد تحالفات مع الحركات واألحزاب اليمينية الراديكالية المتمثلة باإلسالم السياسي وهي تحالفات قائمة على المصالح متجاهلةالتنازالتعنالمبادئواأليديولوجيا ضاربا المثال في تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع اإلسالميين ولم يحد د بدورة أو يشخ ص تلك المبتدئ واأليديولوجيا التي بش ر الجميع بانتهاء عصرها وعدم صالحيتها لنمط العالقات االقتصادية والسياسية الجديدة وإذا كنا نعيب على أحزاب اليسار تمسكها بجانب المعارضة وعدم فاعليتها وتقصيرها في مواكبة المتغيرات الجديدة فلم نعيب عليها في الوقت نفسه محاوالتها الخروج من هذا المأزق وقراءة الوقائع مثل حركة»إلى األمام«الفرنسية هناك حركة»النجوم الخمس«في إيطاليا وحركة»بوديموس«في إسبانيا وحركة»اليسار الجديد«في اليونان وغيرها من الحركات التي تشك ل ثورة حقيقية على المفاهيم القديمة في عالم السياسة الجديدة قراءة براغماتية كما قلت سابقا ويذك ر الكاتب في السياق ذاته بموقف األمين العام للحزب الشيوعي السوري )الموحد( حنين نمر الذي حابى النظام الدكتاتوري بتقديم ما أسماه الذرائع التضليلية والتسويفية للمذابح البشعة التي يرتكبها بشار األسد بحق الشعب السوري وغضه الطرف عن التحالف االستراتيجي ثالثي األضالع بين ذلك النظام وإيران وحزب اهلل اللبناني. وهنا أيضا أسمح لنفسي باالختالف معه فيما طرحه ذلك ألن الحزب الشيوعي السوري تحديدا ومنذ زعامة خالد بكداش عرف بالخروج عن المسار الديمقراطي لليسار وكثرة االنشقاقات في صفوفه وهيمنة الفردية على قيادته وبالتالي هو ال يصلح مثاال أو نموذجا لليسار العربي وثمة فرق بين اليسار العربي التاريخي الذي ع رف بالعجز والتخاذل وخذالن الجماهير واليسار العربي الجديد المتمثل بحركات المجتمع المدني ومجاميع الشبان الثوريين والمثقفين الرافضين للرضوخ لألمر الواقع والذين ركبوا موجة الحداثة الثورية وما بعدها في توظيف وسائل التواصل االجتماعي لتثوير المجتمعات ولعل المالحظة نفسها تنطبق على ما طرحه الكاتب السوري جادالكريم الجباعي حين يقول»لعل الجديد في أزمة اليسار بوجه عام واليسار العربي بوجه خاص هو السقوط األخالقي الذي أصاب معظمه«والذي يتجلى فيما أسماه»كلبيته وسينيكته«وال مباالته بالكارثة اإلنسانية التي حل ت بسوريا على سبيل المثال وتعاطفه مع الحك ام المستبدين والقادة الشعبويين والسلطويين تحت شعار المقاومة والممانعة ومناهضة اإلمبريالية والصهيونية والرجعية. ويخلص إلى القول بأن نا نراهن اليوم في سوريا والعالم أجمع على ثالثة ممكنات واقعية المجتمع المدني والتحوالت الديمقراطية والحركات االجتماعية السلمية أي أن نا نراهن على المكنات األخالقية لألسرة والمجتمع المدني والنظام الديمقراطي والحركات االجتماعية السلمية بدال من اليسار األيديولوجي المتهافت والمتحالف مع السلطة. كاتب من العراق العدد - 30 يوليو/ مت وز

28 سجال ثقافة االختالف سعاد مردم بيك تعليقا على ملف»مابعد الحقيقة«المنشور في العدد 29 من مجلة الجديد بخصوص مفهومي»اليسار«و«اليمين«والنظر فيهما على ضوء نتائج االنتخابات الفرنسية األخيرة التي أتت بمانويل ماكرون المرشح الموصوف بأنه مرشح الوسط أو بالرجوع إلى الموضوع الذي صار اآلن عتيقا وهو االنتخابات األميركية التي أتت بدونالد ترامب بدال من هيالري كلينتون فإن األنسب هو معاملة ذينك المفهومين باعتبارهما مفهومين اعتباطيين ونسبي ين وقابلين للتبادل أنظر إلى الحماسة الهائلة التي صاغ بها جان جاك روس و موقفه المناهض للتنوير في رسالته األولى عن العلوم والفنون وأنظر إلى اليقين الكل ي الذي بنى كانط من خالله موقفه المضاد في إجابته الشهيرة عن سؤال»ما التنوير «. وفي الحالتين تجد اليقين الكل ي هو هو أحمد سعيد نجم الكتابة في القضايا النظرية المعاصرة أكانت فلسفية أم أدبية في زمننا هذا من أشق الكتابات وأبعدها عن أي يقين. وإذا كن ا اعتدنا فيما مضى كي نكتب وكي تكون لكتاباتنا داللة ما أي أن يكون لها مذاق ومغزى الحياة المعيشة أو المرجو ة أن نستند إلى نظريات أو أفكار أو مواقف أو وجهات نظر أو ر ضى واطمئنان داخلي ين أو س م ذلك ما شئت إن كان ذلك قد حدث وهو ما كان قد حدث بالفعل فإن ذلك قد صار اآلن وراءنا وما بقي في مواجهتنا نحن وما نكتبه غير الفراغ والم حال! الخمسة األخيرة من عمر البشرية ك ل في مضماره في تشييد النظريات الفلسفية واالجتماعية واألدبية نجد نتاجهم وقد صار اآلن حطاما يتكد س فوق بعضه البعض. واألدهى أن تحط م تلك النظريات لم يتم من جر اء فعل مبني للمجهول بل كان نتاجا طبيعيا للب نى الفكرية لتلك األنساق والرضى واالطمئنان الداخلي هما هما. رغم جميع ما كانت قد أسبغته على نفسها من طابع كل ي أين اختفى ذلك كله وما عمق الحفريات التي علينا أن ومن اعتقاد من أنها محص نة بذلك من عوادي الزمن! ننبش عنها وفيها كي نصل إلى القيعان المجهولة التي ضرب وهكذا فما كان قد انبنى بحماسة شديدة وبرضى واطمئنان لنا رضانا واطمئنان نا الداخلي موعدا عندها داخليين قد راح في الربع األخير من القرن العشرين يتهاوى نسأل وفي مواجهتنا السؤال الذي ما انفك يعترض كل كتابة بالحماسة والشد ة ذاتيهما اللتين سبق أن رافقتا مسيرة راهنة كما لو كان شجى في الحلق في عصرنا هذا المسم ى تشييد الفكر الغربي منذ»الكوجيتو«الديكارتي وصوال إلى»الديالكتيك الهيغلي-الماركسي«. ال بل إن هذه األخيرة نالها كتابات م ن ذكرنا قاد في بعض نتاجاتهم ثم في نتاجات من عصر»مابعد الحداثة«: أما نزال قادرين إلى اآلن على التنظير وإنتاج األفكار ومن ثم البناء إيجابا أو سلبا على ما سؤال الوجود عند هيدغر. أي أن»الروح الفاوستية«ألهل الشمال األوروبي التي كانت قد ب ن ت هي ذاتها التي أخذت النصيب األوفر من عملية النقد والتفكيك. فجرى تفنيد جميع مسل ماتها وباألخص بعد أن تكش ف بأن الوعود الوردية أتى بعدهم إلى سفسطة ونقد على النقد وإلى لعب باللغة على اللغة بغية تحقيق التمي ز والعثور على جديد ينسف جديدا أنتجناه وإن كان الجواب باإليجاب وهو ما ال نعتقده فبم تهدم ما كان قد انبنى. للمشروع الماركسي لم تثمر في التجربتين الرئيسي تين سبقه دون أن يجري إعطاء الجديد الفائت فرصة تمك نه من يفك ر واحدنا اآلن وهنا في»عصر المجتمع االستهالكي«إن فذاذة وألمعية المنظ رين المنق بين أو الهد امين إن أحببت الروسية والصينية إال عن مآس وندوب في مصائر ووجدان أن يتحقق هو أو الناس من جديدي ته! أو»المجتمع مابعد الصناعيعصر العولمة واإلنترنت الذين اشتغلوا في الستينات والسبعينات من القرن العشرين الذين كان الخطاب الماركسي قد توج ه لهم أو ل ما توج ه. وبسبب من الرطانة التي باتت تطبع كثيرا من األبحاث والثورة الرقمية«عصر الهجرات والتهجير و«اإلرهاب«على تفكيك مكو نات العقل األوروبي الحديث وفضح إن ما توصل إليه أولئك المفكرون الالمعون أمثال فوكو ودريدا المكتوبة مؤخرا والخوف على الجانب اآلخر من أن نجد بكافة أشكاله ومسمياته. مروي ات»عصر التنوير«و«الثورة الفرنسية«وتفكيك»المركزة ودولوز وألتوسير وغيرهم من وضع لجميع النظريات وكافة أنفسنا نحن والخواء وجها لوجه قد شك ال على الدوام عوامل ما»اإلبستمولوجيا«أو األساس المعرفي الذي يمكن أن ننطلق منه أو نتكئ عليه بعد أن غدت معظم إن لم نقل كل األوروبية«التي فسرت تاريخ العالم ومسيرته التاريخية انطالقا من التحقيب األوروبي ومن أن أوروبا هي مستودع أشكال الخطاب التي تداولها البشر منذ أفالطون إلى اآلن بين قوسين إلى حين االنتهاء من فحص التعارضات القاتلة في إحباط ال تشج ع على المضي قدما مع لعبة الروليت الفكرية تلك إلى آخر أشواطها اللعبة التي يجري فيها تجريب هذا نظريات العلوم االجتماعية ومن ضمنها الفلسفات ونظريات أروع وأسمى ما أبدعه البشر في العلوم والفنون واآلداب القلب من بنيتها جميعها. فإن لم ينجح فذاك! األدب حطاما أو»سرديات زائفة«حسب تعبير الفيلسوف هي أمر ال يمكن أن يتطرق إليه الشك. ولقد بدا األمر في حينه كما لو أنه الفوضى الممه دة ليوم ب ي د أن فضيلة االط الع على تلك األفكار في تنوعها الفرنسي جان فرانسوا ليوتار والواقع أن ه ما من شيء إال وناله نصيب أو آخر من القيامة إال أن قسما كبيرا مما ك تب أيامذاك قد بات اآلن وجرأتها أنها تدفع إلى إيقاظ األسئلة في دواخلنا وتحف زنا فهكذا وبعد أن ج ه د عباقرة العالم وفالسفته في القرون التهديم. وباألخص الدعاوى الزائفة للعلم الوضعي وكل يات في حكم المسلمات ومما العودة عنه. غير أن عمق ووعورة على طرحها. ومنها مثال ما ب ت أطرحه بيني وبين نفسي العدد - 30 يوليو/ مت وز

29 سجال هذان مفهومان أشد خطورة وحساسية من كل ما حكيناه حتى اآلن. إذ برغم كل جهود العولمة العالمية وبرغم جميع التبدالت السياسية والنظرية التي شهدناها في العقود الماضية فقد ظل الشرق شرقا والغرب غربا بخصوص موضوع الحتم والصيرورة اإلجبارية أكان ذلك في التاريخ أم في الفكر أم في األدب أم في أي شيء آخر وباألخص في ميدان النظريات. فهل كان وجود كانط ضروريا من أجل أن يوجد هيغل وهل وجود هيغل ضرورة لوجود ماركس إن كان كانط قد بنى صرحه الفكري على عدم إمكان أن يتعرف عقلنا على»الشيء في ذاته«فهل يفترض ذلك بالضرورة مجيء شوبنهور داحضا ذلك ومؤكدا أن»قوة اإلرادة«هي الشيء في ذاته الذي عمي كانط عن رؤيته أو أن يأتي بعدهما نيتشه فيخط ئ االثنين ويرى أن األهم من هذا وذاك هو»إرادة القوة«. إن كان هيغل قد رأى أن»الشيء في ذاته «قد تحقق بكماله في الفلسفة التي أوجدها ورآه على هيئة»فكرة مطلقة«أو»روح«و جدت بعد توهان طويل تجس دها األخير في شخص نابليون أو في»الدولة البروسية«التي اعتبرها أسمى أنظمة الحكم السياسية التي يمكن للبشر أن يعرفوها أو يطمحوا لتشييدها. هل من ضرورة أو سببي ة تحت م أن يأتي ماركس فيقلب الجدل الديالكتيكي الهيغلي رأسا على عقب ويجعل الفلسفة تصعد من األرض إلى السماء بدال من بقائها مهو مة هناك بعيدا عن قبضة البشر. بل ما الذي كان يمكن أن يحدث لو أن ه و س ماركس بفن الشعر وقد كان في مقتبل حياته شاعرا استحكم في تالفيف مخ ه فأعطانا بدال من»رأس المال«دواوين شعرية مألى باليأس من إمكان خالص البشر على غرار ما قد نقرأه عند بودلير أو ريلكة أو مالرمية! لست أريد من هذا أن أقلل من األهمية الكبيرة لتراث»الماركسية«. غير أن النضج الفكري والتحرر من اإلمالءات أيا كان مصدرها يفترض منا أن ننزع من بين ما نؤمن به فكرة»الحتمية«. فمضمار األفكار البشرية يقع في إطار الجهد الفكري البشري نفسه وهو جهد ي خطئ ويصيب ويكون حينا عرضة لهذا المزاج وحينها آخر لمزاج آخر أو لمصادر تأثير أخرى. وأما بخصوص مفهومي»اليسار«و«اليمين«والنظر فيهما على ضوء نتائج االنتخابات الفرنسية األخيرة التي أتت بمانويل ماكرون المرشح الموصوف بأنه مرشح الوسط أو بالرجوع إلى الموضوع الذي صار اآلن عتيقا وهو االنتخابات األميركية التي أتت بدونالد ترامب بدال من هيالري كلينتون فإن األنسب هو معاملة ذينك المفهومين باعتبارهما مفهومين اعتباطيين ونسبي ين وقابلين للتبادل فيما يتعلق باألعراف السياسية السائدة في كل بلد. إنهما مفهومان يدخالن في صميم لعبة تداول الحكم بين األحزاب السياسية وباألخص في البلدان العريقة ديمقراطيا. وبالتالي فإن أي أحكام قيمة بصددهما تعتمد بدرجة كبيرة على المنظور الذي ي ريان من خالله. فما هو يسار هنا قد يكون يمينا هناك. والعكس بالعكس صحيح. أما بخصوص»الشرق«و«الغرب«فهذان مفهومان أشد خطورة وحساسية من كل ما حكيناه حتى اآلن. إذ برغم كل جهود العولمة العالمية وبرغم جميع التبدالت السياسية والنظرية التي شهدناها في العقود الماضية فقد ظل الشرق شرقا والغرب غربا وإال فكيف نفس ر إن نح ينا موضوع المصالح السياسية المتباينة للدول جانبا حالة العداء التي ال أفق في األنظار لزوالها بين روسيا والغرب. ٣ كيف وبعد أن نستنفد كل ما لدى السياسة والمصالح من قول نستكمل نقص الصورة إن لم نستكملها عبر التمع ن في اختالف الطرفين تاريخا ولغة ودينا وموقعا جغرافيا وهذا في جوهره هو ما يجعل اتفاقهما شبه متعذر ويجعل كآل منهما ينظر إلى اآلخر باعتباره مغايرا وينتمي إلى دائرة حضارة أخرى. وإذا ظللنا في إطار الفكرة ذاتها فإن موضوع الهجرة والمهاجرين إلى أوروبا قد يشكل هو اآلخر مصدر قلق بالغ لعموم األوروبي ين وهو مسؤول مسؤولية كبيرة عن تصاعد التأييد لألحزاب الشعبوية األوروبية التي تعزف على وتر المخاطر التي قد يسببها وجود اآلخر المغاير على نسيج المجتمع األوروبي. وبالطبع فهذا ال يلغي وجود قطاعات واسعة من األوروبيين ما تزال تتعاطف مع المهاجرين وتتفه م الظروف التي قادتهم إلى ركوب المخاطر. وأخيرا فأستشهد بما قاله ذات يوم الناقد األيرلندي المتمي ز تيري إيجلتون من أنه إن كان من غير المرج ح أن يقتل البشر بعضهم البعض إذا اختلفوا حول تقييم قصيدة لبودلير أو قصة إلدجار آالن بو إال أنهم قد يفعلون ذلك إن اختلفوا حول أنواع الطعام )كما يحدث في الهند ( أو أنماط اللباس )كما حدث في شواطئ فرنسا( أو على آداب المشي في الشوارع أو أي من هذه األشياء التي قد تبدو بسيطة في ظاهرها إال أنها في الجوهر هي الثقافة التي يرى كثيرون أنها تمي زهم عن اآلخر المغاير. كاتب من فلسطين مقيم في اإلمارات سعاد مردم بيك العدد - 30 يوليو/ مت وز

30 قص مدو نات الفلوجي فصل من رواية عواد علي قررت أن أحتفل بعيد»الفلنتاين«في شقتي على الطريقة اليابانية حيث العيد للرجال فقط لكن من دون أن تدل لني امرأة بتقديم هدية. ابتعت زجاجة فودكا ألمانية تسطل الحصان إذا أتى على نصفها وكيلو لحم خروف صغير إلعداد طبخة»تشريب«عراقية مع بصل أبيض وفجل ومخل ل مدب س على الطريقة النجفية. وبينما كنت أحض ر متطلبات الطبخة وفد علي إبراهيم من دون موعد رفقة فتاتين إحداهما صديقته الشخصية اسمها ياسمين أمازيغية من أصل جزائري والثانية اسمها بردى من أصل سوري صديقة ياسمين. جاء ثالثتهم يحمل كل منهم ضمة ورود حمراء وزجاجة نبيذ معت قة. وكان إبراهيم قبل ذلك بأسبوعين قد ترك عمله في نيس وعاد إلى نورنبيرغ بسبب خالف حدث بينه وبين رئيسه في الحديقة. من حسن طالعي أن السيدة شارلوته صاحبة الشقة كانت في سويسرا آنذاك. قالت لي إنها ذاهبة لقضاء بعض الوقت مع ابنتها المقيمة في جنيف. وطلبت مني أن أودع إيجار الشقة الشهري في حسابها البنكي. قلبت زيارة إبراهيم ورفيقتيه المفاجئة ما استقر يت عليه من قرار تعيس فلم أجد ب د ا من أن أدعوهم إلى سهرة في مطعم أو في مرقص لكنه أصر على أن نحتفل في الشقة. وتطو عت الفتاتان إلعداد عشاء لذيذ الطعم وخفيف مما تحفل به الثالجة. حين عر فني إبراهيم إلى صديقته ياسمين قال إنها نهمة للشعر والزهور تتخي ل وجود عالقة سرية حميمة بينهما أما بردى فتباهت بأنها مغرمة بالموسيقى وقراءة الروايات ومفتونة بأعمال إيزابيل الليندي مستهامة بشخصيتها ألنها غادرت بلدها مثلها هاربة من جور نظامه الدكتاتوري وعاشت تجربة الغربة والوحشة والتشر د. سر ني ذلك جدا فقلت لنفسي»هذا أول خيط يربطني بها«لذا أردت أن أخصص الليلة األولى لمعرفتها عن كثب. بعد انتهاء السهرة آوى إبراهيم وصديقته إلى سريري وقد ثمل كالهما ودهمهما النعاس بينما بقينا أنا وبردى نتجاذب الحديث على وقع رذاذ المطر في الشرفة المزججة المغبشة ونتطلع إلى القطرات التي تنزلق في الجهة األخرى في خيوط ثخينة مثل الدموع. رويت لها ماضي وروت لي ماضيها كل متها عن مدينتي الفلوجة وكل متني عن مدينتها حلب قائلة إنها غادرتها عام 2011 رفقة أمها وأخويها الصغيرين إلى الحدود التركية بعد استشهاد والدها برصاص القوات األمنية في حي»الصاخور«خالل مشاركته في مظاهرة ضد النظام وتمك نت األسرة بمساعدة مهر بين من الوصول إلى مدينة»ك ل س«في تركيا ومنها إلى مدينة»غازي عنتاب«ثم إلى إسطنبول حيث حصلت على اللجوء إلى ألمانيا واستقر ت في نورنبيرغ. وهناك التقت شابا الجئا من ليبيا أاعجب بها وطلب يدها للزواج فلب ت طلبه من دون ترو لكنها سرعان ما اكتشفت أنه ذو ميول شاذة فساورتها مشاعر القرف منه وهجرته عائدة إلى أسرتها ثم انفصلت عنه بعد مدة قصيرة. وحين حد ثها عن ي إبراهيم أبدت رغبتها في التعر ف علي أمال في أن أكون الرجل الذي تتنف سه ويمأل حياتها ويطمس ذكرى طليقها التافه. ساقنا الحديث تلك الليلة أيضا إلى النكبة التي تعر ضت لها مدينتها قبل بضعة أشهر فدمعت عيناها وهي تتذكر أقرباءها وصديقاتها الذين دم رت البراميل والصواريخ الموجهة منازلهم فوق رؤوسهم وأخذت تعدد أسماء بعض ممن ماتوا تحت األنقاض فقلت لها إنها ال تختلف عن نكبة مدينتي قبل ثالثة عشر عاما الفرق الوحيد بينهما أن حلب هاجمها سف اح الشام في حين أن المحتلين األميركان هاجموا الفلوجة. حض رت لنا ياسمين مساء اليوم التالي وجبة غذاء سحرية توقظ شياطين الجسد مع د ة من شرائح الباذنجان ومخلوطة مع مكو نات أخرى مثل الثوم والبصل والفليفلة الخضراء وبعض التوابل قائلة إنها وصفة قديمة يعود أصلها إلى إمام سقط على األرض مغشي ا عليه من اللذة حين قد مت له محضي ته هذه الوجبة! تعلقت سريعا ببردى واألصح أنها لذعت شغاف قلبي ففك رت في إنهاء عزوبيتي بها. وكنت أمن ي نفسي منذ أيام الدراسة الجامعية بأن أرتبط بامرأة سورية بعدما قرأت نصيحة تقول»إذا بدك تعيش عيشة هنية تجو ز وحدة شامية«. وأين أجد أفضل من بردى فهي حسناء صبيحة الوجه هيفاء القوام تصغرني بأربع سنوات وحاصلة على الجنسية األلمانية. غادر إبراهيم وصديقته إلى نورنبيرغ صباح اليوم الثالث ومكثت بردى معي بإلحاح مني. اتصلت بصاحبة المكتبة التي تعمل فيها وأقنعتها بمنحها إجازة من دون راتب. عشرة أيام كانت كفيلة بأن يفهم أحدنا اآلخر ويغوص في أعماقه ويبوح بأسراره ويكتشف خصاله ورغباته الخاصة ما يغضبه ويصد ع رأسه وما يمأل صدره حبورا ويبعث في نفسه بهجة وجدتها وهي تسترسل في البوح عم ا يعتمل في داخلها تحلم برجل حقيقي يوقظ األمنيات جميعها بين يديها ليؤكد لها أنها أهم النساء وأجمل النساء وأكثر النساء حضورا في حياته رجل يعرف كيف يقرأها مثل كتاب نادر ذي نسخة واحدة فقط وليس كجريدة ت قرأ على مصطبة في رصيف ثم سرعان ما ت ترك ليتالقفها آخرون. قالت لي إنها ال تحب في الرجل: الخيانة والكذب والبرود العاطفي والبخل واألنانية والعصبية أو المزاجية. حين انتهت أيام إجازتها شعرت بالحسرة انقضت سريعا وكأنها العدد - 30 يوليو/ مت وز

31 قص ساعات وليست أياما. لم يكن بوسعها المكوث أطول من تلك المدة تعمل السيدة فادية بدوام جزئي في شركة لأللبسة النسائية. بسبب تعاملها اليومي معها في العمل في حين صرت أنا منذ وكنت قد أتممت ثالثة كؤوس نبيذ مترعة وأكلت بما فيه الكفاية خشية أن تفقد وظيفتها بالرغم من أنها كانت متلهفة للبقاء معي. صحيح أن هذه المهنة بعيدة عن تخصصها لكن الحياة كما ترى وصولي إلى ألمانيا أفض ل الكتب اإللكترونية وقد دأبت على وشعرت بدوار في رأسي. قلت لشارلوته: وفي لحظة إلهام رائعة قالت لي قبل سفرها بساعتين: أوسع من أن يسجن المرء نفسه في زاوية ضيقة منها. تحميلها من اإلنترنت بانتظام وفي غضون ثالث سنوات خز نت - آن لي أن أغادر. - ما دمت لست مرتبطا بعمل لم ال ترافقني إلى نورنبيرغ تلك الليلة لم تكن مثل أي ليلة أخرى. فاجأتني بردى بأن رغبتها أكثر من ألف كتاب. لكنها بدال من أن تطلق سراحي نهضت من مقعدها وسارت حتى وقع سؤالها على رأسي كما لو أنه صاعقة. ألم يكن حري ا بي أن في مجيئي إلى نورنبيرغ كان وراءها سر خبأته عني وحين تطل ع وضعت الكتابين مع الالبتوب وبيجامتي وأشيائي اليومية في صارت خلفي وأحاطتني بذراعيها من الخلف وأسندت ذقنها إلى أكون أنا صاحب هذه الفكرة أو الرغبة يا للغباء! فعال ما الذي إليها الجميع قالت لي ببشر: حقيبتي الصغيرة وأقفلت باب الشقة. أثناء ذلك كانت مالكتها رأسي وقالت بصوت يشوبه تهت ك: يدعوني إلى عدم مرافقتها ليس لي في هانوفر ما يلزمني على - عندي لك وظيفة رائعة. السيدة شارلوته تنتظرني أمام باب شقتها في الطابق األرضي - أتمنى أن تقضي الليلة بين ذراعي وتلغي فكرة سفرك نهائيا. البقاء فيها»ال ولد وال تلد«كما يقول المثل العراقي وسيغفر فغرت فمي مذهوال وهتف إبراهيم: ألخذ المفتاح. امرأة أكبر مني بنحو ثالثة عقود أدبرت أنوثتها انتفضت وأجبتها: لي إبراهيم حتما رفضي ذات يوم دعوته لالنتقال إلى مدينته. سأقول له»الحب يا صاحبي مغناطيس وليس لي حيلة في اإلفالت منه«. لم يكن باستطاعتي طبعا أن أصف ي أموري في هانوفر خالل وقت قصير وأرافق بردى إلى نورنبيرغ لذلك أجلت مشروع الرحيل النهائي إلى وقت آخر ووضعت حاجاتي األساسية في حقيبتي واستقلينا القطار المسائي الهابط إلى الجنوب. بلغ القطار نورنبيرغ قبيل منتصف الليل فإذا بها أقل بردا من هانوفر وسماؤها صافية تنتشر على سطحها بلورات صغيرة مضيئة أشبه بيراعات متوهجة. وجدنا إبراهيم ينتظرنا في المحطة بسيارته الجميلة أوبل أسترا. أوصل بردى إلى بيتها أوال ثم صحبني إلى شقته. وقبيل ذلك أخبرني بأنه وجد وظيفة في مزرعة بأطراف المدينة وسيباشر عمله بعد أيام. - يا الله! مفاجأة عظيمة. هل هي وظيفة مريحة - مريحة جدا سيهتز لها طربا. - أنا أيضا سأهتز معه ولكن أفصحي عنها. - سيشتغل معي في المكتبة. صفقت كفي بكفها وقلت: - ما أروعك! لماذا لم تبشريني من قبل - لم أتأكد من األمر إال اليوم بعد أن ترك مساعدي األفغاني العمل. - متى أستطيع أن أباشر - حين تسو ي أمورك في هانوفر وتقيم هنا. قال إبراهيم: - ستشاركني في شقتي إلى أن تتزوج. سافر غدا وال تجلب معك سوى حاجاتك الشخصية. ابتسمت السيدة فاديا ابتسامة رضا وألقت نظرة خاطفة إلى وذهبت بل ة جسدها. حييتها باسمها وسل مته لها فنظرت إلي بعينين غائرتين في محجريهما وقالت: - دعوتك مرات عديدة إلى احتساء كأس معي فلم تستجب ل م ال تفعلها للذكرى هذه المرة شعرت بالحرج فوافقت على الدعوة لكن ي اشترطت: - كأس واحدة فقط لئال يفوتني القطار. - اجعلهما كأسين ال يزال الوقت مبك را أمامك أربع ساعات ماذا ستفعل في المحطة - ال شيء. تبعتها إلى داخل الشقة فتركتني في الصالة واتجهت إلى المطبخ. أذهلتني أناقتها وتناسق أثاثها ولوحاتها الجميلة التي تزي ن جدرانها وتماثيل البرونز الصغيرة والتحف النحاسية المرصوفة على أرفف ذات أشكال مستطيلة ومربعة فوق الموقد. - مستحيل كيف في انتظاري وظيفة هناك وقد شحنت أغراضي كل ها. - أعو ضك بأحسن منها. أقم معي في شقتي من دون أن تدفع يورو واحدا. هببت مسرعا وقلت لها: - آسف سيدة شارلوته يجب أن أذهب. حد قت إلي بغضب وقالت: - أعرف أنك ال تطيقني ألنني يهودية. اذهب إلى العاهرة العربية التي تنتظرك هناك لكني متأكدة من أنك سترجع إلي كالكلب. هيا خذ حقيبتك وارحل. صعقني رد ها. لم أكن أعلم إطالقا أنها يهودية وتساءلت في دخيلتي وأنا أغادر شقتها على عجل»كيف عرفت أنني على صلة بفتاة عربية «بقيت أفك ر في األمر طوال الطريق التي قطعتها بردى ثم قصدت المطبخ وعادت بعد لحظات حاملة زجاجة بقيت واقفا أانعم النظر إليها بانتظار أن تنتهي شارلوته من إعداد سيارة التاكسي إلى المحطة وأخيرا توصلت إلى قناعة بأن مساء اليوم التالي المصادف آلخر سبت في شهر شباط دعتنا أخرى من نبيذ مولر ووضعتها على المائدة وخاطبتني قائلة : المائدة. بعد دقائق كان كل شيء جاهزا : إضاءة رومانسية السيدة التي تسكن في الشقة المجاورة لشقتي هي التي أخبرتها بردى أنا وإبراهيم وياسمين إلى عشاء مع أسرتها فاستقبلتنا - أنت محظوظ بابنتي. موسيقى هادئة زجاجة نبيذ أحمر معت ق قدحان فاخران وستة فقد رأت بردى تخرج وتدخل رفقتي مر تين أو ثالث خالل األيام أم ها السيدة فاديا الداالتي بحفاوة بالغة. بدت في غاية اللطف فتشج عت وأجبتها: أطباق من النقانق وشرائح اللحم مع صلصة الخردل والتاتار العشرة التي أمضتها معي وسمعتنا نتكلم العربية في المصعد. والكرم أعدت لنا الكبة الحلبية واألوزي وأطباقا من التبولة - سأكون محظوظا أكثر إذا تكر مت بقبولي عريسا لها. وطاجن البطاطا وفطيرة تفاح ويخنة الخضار واللحم وسلطة استقل يت القطار المسائي نفسه ومن نافذتي ألقيت نظرة وداع والباطرج وسلطة الشمندر. أكلت بنهم كما لو أني لم أذق الطعام نظرت إلي متهللة الوجه وقد الحت عليها أريحية السرور وقالت: جزر. هتفت باستغراب: إلى هانوفر التي خم نت أنني لن أراها ثانية نكاية بشارلوته. اللعنة منذ يومين. كان لذيذا إلى درجة ال ت صد ق وقد فتح شهيتي له - تكرم افتح الزجاجة لنشرب نخب الخطوبة. - هيه سيدة شارلوته! ماذا تفعلين هذه وجبة عشاء دسمة عليها ماذا أفعل بها وهي امرأة مهلوسة نضب معين شبابها نبيذ مولر الرائع. فاجأتنا به بردى ورفعت كأسها قائلة : أطلقت ياسمين زغرودة تردد صداها في البيت فيما سحبت وليست كأسين. وذوى عودها - نخبكم أصدقائي. غطاء الزجاجة على وجه السرعة ومألت الكؤوس إلى أصبارها. - ول م ال لقد جهزتها عصر اليوم لي ولك. بعد نصف ساعة شعرت بالنعاس فأحنيت مقعدي إلى الخلف لم تحد ثني بردى عن أم ها قبل تلك األمسية التي امتد ت حتى وما إن انتهينا من ارتشافها حتى طفرت من مقعدي وقب لت رأس - لكن وقتي ال يسمح. وأرخيت جسمي واستسلمت إلغفاءة حلمت خاللها أنني ترج لت الفجر إال على نحو عابر. قالت لي فيما بعد إنها تعم دت ذلك السيدة فاديا ثم احتضنت بردى وطبعت قبلتين على وجنتيها - هل أنت على موعد مع فتاة في المحطة من القطار في محطة نورنبيرغ وما إن سرت بضع خطوات حتى - ال. لتجعلني أكتشف شخصيتها بنفسي. كانت محقة في ذلك فقد فصاحت ياسمين بجذل: لمحت رجال وامرأة ينتصبان تحت مجموعة قناديل صاطعة اكتشفت أن السيدة فاديا نوع نادر من النساء حليمة الطبع - ما أجمل أن تتحقق الرغبات دفعة واحدة. مباركة هذه الليلة. - إذن استمتع معي لعلك تعود مر ة أخرى. يرفع كل منهما مظلة اتقاء للمطر الذي كان ينهمر بغزارة. ظننت وقورة النفس ذات سلوك عذب وعقل متنور بما فيه الكفاية صف يت أموري في هانوفر خالل ثالثة أيام وحشرت مالبسي - اعذريني سيدة شارلوته لن أستطيع أن أمكث أكثر من ساعتين. أول األمر أنهما بردى وإبراهيم لكنني حين اقتربت منهما اكتشفت ال يمكن للمرء إال أن ي عج ب بشمائلها التي كأنها ع صرت من ق طر وحاجاتي األساسية في حقيبتين وشحنتهما إلى عنوان إبراهيم. - ال بأس ساعتان كفيلتان بإيصال المرء إلى الجنة. أن الرجل هو الحارس األميركي في سجن أبو غريب والمرأة هي الم زن وطيبة قلبها المسبوك من الذهب المصف ى. ثقافتها مزيج لم تكن عندي مكتبة ألحير بأمرها باستثناء روايتين إلزابيل - هل تؤمنين بوجود جنة شارلوته. وما إن صرت أمامهما مباشرة حتى انفجرا بضحكة من تحصيل أكاديمي وحكمة شعبية ال تنفصم عراه. حاصلة على الليندي عثرت عليهما صدفة في خزانتي إحداهما بعنوان»الحب - الجنة التي يصنعها البشر ال اإلله. مزلزلة من دون أن يحفال بي وكأنهما ال يعرفاني البت ة فوضعت شهادة جامعية في علم االجتماع ولها باع طويل في أحوال والظالل«والثانية»حصيلة األيام«تذك رت أنني اشتريتهما - وأين توجد حقيبتي فوق رأسي واجتزتهما على عجل شاعرا باضطراب الناس. وقد أسر تني بأنها لم تتحكم بنمط حياة بردى بل تركتها من مكتبة في إسطنبول تبيع كتبا عربية ونسيت أن أقرأهما - توجد حيثما يمتلئ قلب المرء بالحب والسعادة. شديد يستولي على كياني. تختاره بنفسها مع قليل من اإلرشاد الذي يصونها. منذ عدة سنوات فاحتفظت بهما لبردى التي تفض ل قراءة الكتب الورقية ربما اقتنصت نظرة إلى ساعة الحائط فوجدتها تشير إلى الثامنة مساء استيقظت عقب ساعة مع توقف القطار في إحدى المحط ات. العدد - 30 يوليو/ مت وز

32 قص تنفست بعمق أخذت أستعيد الحلم الذي رأيته محاوال العثور على تفسير الجتماع الحارس وشارلوته في مكان واحد لكني لم أتوصل إلى أي تفسير. وفي األخير قررت أن أتخل ص من عبء المحاولة بإخراج رواية»الحب والظالل«من الحقيبة وقراءة بعض فصولها. عندما توقف القطار في المحطة األخيرة كانت السماء ترش مطرا خفيفا. هبطت مسرعا وعل قت حقيبتي على كتفي وهرولت صوب البوابة. في منتصف المسافة التفت ال إراديا إلى المكان الذي كان يقف فيه الحارس وشارلوته. لم ألمح شيئا بالطبع فقلت لنفسي»كان ذاك حلما «. وجدت إبراهيم وبردى كما في الرحلة السابقة ينتظرانني في موقف السيارات لكن تصحبهما ياسمين هذه المر ة. فتحت الباب الخلفي ودلفت إلى جوار بردى وغادرنا المحطة. انقطع المطر بعد بضع دقائق وأخذت الغيوم تنقشع عن سماء المدينة. أدارت ياسمين مفتاح الراديو فصدح بمقطوعة»انعدام الوزن«لفرقة ثالثي مانشستر وهي موسيقى تبعث على االسترخاء والنوم. وحين بلغت المقطوعة جزءها األخير المؤل ف من نغمات ودندنات خفيضة شبيهة بالتراتيل البوذية أراحت بردى رأسها على كتفي. أدركت أنها مجهدة فبقيت مستكينا كالتمثال أستنشق عطرها. اصطحبتني إلى بيتهم هذه المرة لكنها خجلت أن تدعوني إلى النوم في غرفتها بالرغم من أننا أصبحنا مخطوبين رسميا فأدخلتني إلى غرفة أخويها وطلبت من أكبرهما شادي أن يخلي لي سريره وينام على األريكة في غرفة المعيشة. رافقت بردى صباح اليوم التالي إلى المكتبة وتعر فت على صاحبتها أنجليكا شنايدر. كانت سيدة لطيفة مهذ بة توحي مالمح وجهها بالطيبة والحنان وقد أسر تني بردى بأنها متخصص ة في األنثروبولوجيا الثقافية وذات ميول يسارية ومتعاطفة مع ضحايا اإلرهاب والحروب في عالمنا العربي حتى أنها بادرت إلى نشر نعي مؤثر غير مسبوق لضحايا مدينة حلب في صحيفة محلية على غرار النعايا التي ينشرها األهل ألحبائهم الذين يفقدونهم. قالت لي أنجليكا وأنا أصافحها: - أخبرتني بردى بأنك حاصل على الماجستير ما تخصصك بدا صوتها خشنا نوعا ما فحدست أنها ربما تكون مدخنة. قلت: - درست ملحمة جلجامش دراسة تأويلية. - أوه! ملحمة جلجامش! األوديسا البابلية! - هل قرأت ها - طبعا قرأتها كان اكتشاف معظمها من نصيب األثريين األلمان. - يسعدني ذلك وسأحد ثك عن تأويلي لها. أشرق وجهها بابتسامة ودودة ودعتني إلى مكتبها. ضي فتني بقطعة شوكوالته وسحبت لنفسها سيجارة من علبة دخانها وشرعت تدخن. بعد هنيهة أخذت تسألني بعض األسئلة وحين أخبرتها بأنني من الفلوجة انبهرت وقالت: - الفلوجة! أتذك ر مأساتها على يد األميركان الغزاة. لقد شاركت المئات هنا في مظاهرة غاضبة ضد المذبحة التي ارتكبوها. كيف هي اآلن - ال يزال وضعها سيئا حتى بعد تحريرها من داعش تشهد تفجيرات بين حين وآخر وجدرانها مشو هة بثقوب الرصاص والناس فيها قلقون على مستقبلهم. - هل تفك ر في العودة إليها يوما ما - قد أزورها فقط. لم يبق لي فيها سوى الذكريات. أاسرتي انتقلت إلى مدينة أخرى منذ سبع سنين. - ال بد أنها ذكريات أليمة. - بعضها أليمة وبعضها اآلخر بطعم هذه الشوكوالته ما برح ينعش وجداني. إنه تعبير شاعري ل م ال تؤلف كتابا عنها - كتبت بعض المدونات عنها. - دعك من المدونات أكتب عنها كتابا وج د مترجما جيدا يترجمه إلى األلمانية. - ومن سينشره - أنا أساعدك. لي صديق ناشر يمكنني إقناعه بنشره. سر ني رد ها فقلت: - أعدك سيدة أنجليكا بأن أنجزه في غضون أشهر. - ال تتعج ل أكتبه على مهل افضح فيه فاشية األميركان وشركاءهم الخونة الذين نص بوهم حك اما على بلدكم. - سأفعل سأفعل. - ستقد م بذلك خدمة جليلة لبلدك الذي أنتج نشيد البحث البشري عن الخلود! شحنتني كلماتها بحماسة شديدة إلنجاز الكتاب. وقبل أن أغادر مكتبها سألتها: - متى يمكنني أن أزاول عملي في المكتبة تبس مت وقالت: - اآلن. شعرت بدفقة فرح عارم تجتاحني فعب رت لها عن امتناني وعدت إلى بردى كأن في حوزتي كنزا ثمينا. كانت منشغلة باستالم ثمن الكتب التي اقتناها عدد من الزبائن لكني لم أنتظر أن تفرغ من عملها بل دنوت منها وعانقتها وأخذت أمطرها بالقبالت على مرأى الجميع فشرعوا يتطل عون إلينا بنظرات تخامرها الدهشة. كاتب من العراق خالد البويش العدد - 30 يوليو/ مت وز

33 يوميات جولة نهارية مبهمة فاروق يوسف حسني جمعان كنت أجلس في مقهى»الحياة حلوة«الذي يقع على ضفة قناة رسمه ابن دلفت )فيرمير( يظهر متقطعا من خالل تفاصيل جسدها.»سنغل«وهي القناة األقرب إلى مركز مدينة أمستردام»دام«. لم من بين ساقيها المفتوحتين وحول ذراعيها وخصرها ورقبتها أكن متعبا وال أشعر بالعطش لكن أعجبتني فكرة أن يجلس المرء من خالل خصالت شعرها. بيوت التجار الهولنديين رجال البحار في مقهى يحمل اسم»الحياة حلوة«. يمكنها أقصد الحياة أن البعيدة أبواب وشبابيك وساللم وقوارب ومياه ال تكف عن الهذيان. تكون حلوة وأنت تجلس في الجزء الخارجي من ذلك المقهى زخارف الزمن القوطي باروك وروكوكو وستائر من دمشق وسجاد وهو يرسل حشراته لتقرص الهواء. أعجبتني فكرته. راقبت جمله بعد جولة عبثية بين مقاهي وحانات وأزقة العاصمة يعود هذا في انتظار أن تقبل عاملة المقهى. ستسألك عما تود أن تشربه. من فارس وحرير من الصين. حياة مترفة وإن كانت ضيقة بسبب الهوائية. صنعت تلك الجمل من حولي مساحة مخرمة هي أشبه الرجل وحيدا إلى غرفته من غير أي فكرة عن حياة محتملة تقع»إكسبرسو كبير«ستقول وتعود بعدها إلى النظر متأمال األجزاء ضيق المكان. كانوا يسطون على أمتار من البحر في مغامرة العيش بلعبة الكلمات المتقاطعة. أصعد عموديا فيخذلني الرجل حين يمتد خارج الموسيقى. مثلما خرج يعود. نايه يخفق في كل مرة يحاول السفلية من المارة. معنى الوقت يكمن هناك. كان النهار مشمسا. المزدوج بين مملكتي المياه واليابسة لتكون الحياة حلوة. أفقيا وبالعكس. دانتيال من الهواء. لم يكن الرجل ينظر إلي وال إلى فيها أن يقول شيئا مختلفا. الحكاية تتكرر كل يوم لكن الرجل ال حقيبة نسائية كبيرة خضراء تسد المشهد. أخضرها ال ت رى درجته كانت الحياة تمر بين فخذين ورديين. فيما صاحبة الحقيبة أي شخص آخر من الجالسين خلفي. كان كمن يرعى خرافا خيالية يتكرر. نحن ال نتكرر. فقد ال تكون الحياة حلوة لو أنني عدت إلى الشفافة في الطبيعة إال نادرا. فيها الكثير المتشظي من األصفر الخضراء كانت تبتعد عن منضدتي وهي ال تزال تتحدث من خالل عيناه تنظران إلى السماء وفمه في الناي.«صياد عواصف«قلت أمستردام في المستقبل وجلست في مقهى»الحياة حلوة«وربما القليل المنضبط من األزرق. كان نديم كوفي في وقت سابق قد تلفونها النقال. كانت تصغر وهي تبتعد فيما تظهر مشاهد فيرمير لنفسي وأنا أحاول أن أصف أو أختصر المشهد الذي صرت معنيا قد تكون الحياة يومها أحلى. م ن يدري حين تركت المقهى كنت حدثني بانبهار عن تقنية دافنشي وهو يرسم وجه ويدي الموناليزا. أكثر وضوحا. فقدت اهتمامي بها حين اكتشفت أن عاملة المقهى به وحدي من غير أن يترك أثرا على أحد سواي. أشرت إلى الرجل متأكدا من أنني سأهتدي إليه بيسر غير أنني بعد شارعين صرت قال»لقد وضع رسام عصر النهضة األخضر أوال ثم وضع بعد ذلك كانت تقف إلى جوار منضدتي. لم أكن قد سمعتها تسألني عم ا أرغب بيدي رغبة في استضافته فتوقف عن النفخ. عاد فيرمير إلى أفكر بقلق بجغرافيا المدينة. لون البشرة. اللون األخير وحده ال ينتج إال شمعا. األخضر كان أساسيا في اختراع لون اللحم الحي الذي لم يكن تمثيليا. السر في شربه غير أنني افترضت أنها فعلت ذلك فقلت لها مباشرة»إكسبرسو كبير«ابتسمت الفتاة بحياء وقالت»لقد سألتك هل أنت واجهات القرن السادس عشر. اقترب الرجل مني كما لو كان يرغب في مصافحتي غير أنه لم يصافحني. كانت يده اليمنى ال تزال من الحبر إلى الماء وبالعكس الذي لم يكتشفه أحد من الرسامين إال مؤخرا«كان هناك أخضر مرتاح في مكانك هل تحتاج إلى مظلة تقيك حرارة الشمس «. ممسكة بالناي الذي لم يكن سوى قصبة صغيرة. قلت له»اجلس كنت أتأمل صورا لورقيات من زاووكي )رسام صيني 1921( دافنشي إذن وهو األخضر الذي لم نعرفه من قبل في الوقت الذي مرت الحياة إذن سريعا. أثناءها لم تكن حواسي تعمل. اعتذرت من فضلك. الحياة حلوة«ابتسم بصرامة وسحب كرسي ا وجلس. حين سمعت ضربات خفيفة على باب البيت. ضربات خفيفة مثل كان الكثيرون ينظرون بصخب إلى أزرق إيف كالين. غير أن أخضر من الفتاة. لم أسمعك. لم أرك. لم أشم رائحتك. كنت هناك في أخبرني أن الموسيقى فن صعب فهم الموسيقى هو األصعب. وأنه همس ناعم حتى خ يل إلي أن هناك قطة ضائعة صارت تحك دافنشي كان خفيا. بالغته صنعت لونا للبشرة لم يتمكن مخترعو العالم الذي اقترحته على نفسي. ما بين صاحبة الحقيبة الخضراء لم يكن يوما ما موسيقيا غير أنه يفهم الموسيقى وأنه قر ر أن يعل م جسدها بالخشب. حين فتحت الباب رأيت رجال صينيا. صار األصباغ الصناعية من الوصول إلى معادالتها الكيماوية. وفيرمير مرت جوقات سنونو. رفعت يدي مستسلما وأنا في حالة الناس فهم الموسيقى من خالل اإلحساس بها نفسيا. أخبرني أن يحدثني بالصينية فصرت أضحك. لم يغضب الرجل بل أوضح لي اقتربت المرأة التي تحمل حقيبة خضراء من منضدتي. سنتمتران اعتذار. حين ابتعدت الفتاة كان فيرمير واضحا كله. بيوت القرن الكثيرين يسيئون فهم مهمته ومع ذلك فإنه مصر عليها.»تخيل باإلنكليزية أنه كان يسأل عن صديقه.»وماذا قلت «سألته. قال على األكثر كانت تفصل بين يدي النائمة باستسالم على المنضدة السادس عشر على حافة القناة مثلما تركتها يداه. لقد اختفت صورة العالم لو لم يظهر باخ«قال لي وصمت متجهما. جانبيا»اسم صديقي«قلت له مستغربا»كل هذه الجملة الطويلة هي اسم وبين فخذها العاري. بالنسبة إليها أقصد تلك المرأة التي صارت الحقيبة الخضراء. لم يكن لدي أي شعور باألسى أو الفقدان. كانت نظرت إليه. كان حزينا. صديقك «لم يجب على سؤالي بل اكتفى بأن انحنى بتهذيب حقيبتها الخضراء تسد أمام عيني مشهد القوارب والبيوت الحياة ال تزال حلوة. أنا في أمستردام. في نهار شمس ه رائعة. حين جلبت الفتاة فنجان قهوتي طلبت منها أن تجلب للرجل ما وهو يقول»آسف. أزعجتك. يبدو أنني قد أخطأت البناية«وذهب. والعابرين لم يكن سؤال الحياة مستلهما من اسم المقهى الذي لم المارة يتركون ظاللهم ويمشون. ال يزال الوقت مبكرا للتفكير في يرغب في شربه. قال لها مفخما الحروف»إكسبرسو صغير«بعدها حين عدت إلى زاووكي صرت أنظر إلى رسومه بطريقة مختلفة. تقرر بعد أن تجلس فيه فهي قد تجهل اسمه. كانت الحياة حلوة النوم. هناك متسع للتسكع المتفائل. يكفي أنني أجلس بهدوء ودعة التفت إلي وقال»الموسيقى تحتاج إلى وضوح في الحواس«تغيرت. بالنسبة إليها بسبب الشورت القصير الذي كانت ترتديه. بسبب في انتظار قهوتي لكي يكون العالم من حولي جميال. فجأة وقف وصمت ثانية. لم أكف عن النظر إليه. غير أنه كان مصر ا على أن زاووكي نفسه ال يقول إال جمال طويلة لكن بنغم تقفز درجاته من ذلك الشورت كان الجزء األكبر من جسدها حرا. درس من شأنه أن أمامي رجل يبدو محترما معلما متقاعدا رب أسرة تخرج أبناؤها يكون عبارة عن دراسة جانبية لرجل يجلس في مقهى. كان وحيدا لوحة إلى أخرى. صيني يقلد الطبيعة. يفعل بروية ما تفعل. ال يعطل عمل ماكنة التفكير بالجسد باعتباره واقعة حسية. استدارت من أرقى الجامعات. رجل ببدلة رمادية قديمة غير أنها نظيفة ولم بالرغم من أنني دعوته للجلوس إلى جانبي. ما أن شرب الرجل يتلصص عليها وال يستولي على جزء منها وال يمارس عليها سطوته. المرأة وهي تمد يدها بانفعال داخل حقيبتها الخضراء لتخرج هاتفا تكن رثة. لم يتأخر في وقفته الصارمة. أخرج من جيبه نايا وصار قهوته حتى نهض وانحنى لي باحترام ملقيا علي تحية الوداع إنه يتعلم منها. تلميذها وهي أمه حين الوالدة. مرضعته ومربيته نقاال كان يرن. جرسه ذكرني بسوني إركسون فيما أطلقت مؤخرتها ينفخ فيه. كان ينفخ الهواء متقطعا بصعوبة. لم يخرج أي نغم. ما بعد أن شكرني.»كنت نبيال«قال ومضى في طريقه. صرت أنظر في السنوات األولى لنشأته ومعلمته حين تتسع هوامش حواسه العنان لخيالي للتفكير في التماثيل اإلغريقية. كان المشهد الذي من هفيف وال حتى طنين. كان الرجل في أرقى حاالت اندماجه إلى ظهره وأنا أفكر بنوع الحياة الحلوة التي تنتظره كل مساء. ويكبر العالم. كنت أظن في الماضي أن الرسام الصيني يكتفي العدد - 30 يوليو/ مت وز

34 يوميات بالخالصات. كأن يدعوك إلى أن تشم العطر لتتخيل شكل الزهرة. األميركي سي تومبلي رسم الزهرة ليوهمنا بعطرها. الصينيون يرسمون الزهرة باعتبارها الجزء المرئي الممكن من خيال الطبيعة. لكنهم ال يزعمون أن العطر صار ممكنا ألن الزهرة صارت جاهزة للنظر. ال تزال المسافة طويلة. يمكنك أن تتعلم بهدوء أن ترى مثلما أن تشم مثلما أن تتذوق مثلما أن تنصت. الجملة طويلة إذن. بين حروفها يتنقل األلم. حبريات زاووكي ذكرتني بتبقيعية الشاعر الفرنسي هنري ميشو ) (. من حيث المبدأ فإن ميشو قد تعلم كيف يكون صينيا. غير أنه كان ضجرا. يومها كانت الصين غارقة في المخدرات. كان ميشو يرسم ليجد مركبا. يأوي إلى شمس ضالعة بين مناديل الوداع. يتمهل لينام في الليلة التي لم تحل بعد. الغد عن النافذة. كنت ذات مرة أمشي في الغابة فأوقفني حطاب وسألني»لم كل هذا المطر «كانت فأسه نائمة قرب جذع الشجرة وعيناه تلمعان وسؤاله لم يكن مفهوما. ليكن. قلت لنفسي ال بد من وهم. ال بد من سبب للذهاب باالستفهام إلى حافاته. قلت الطبيعة تتماهى مع ما ترثه من بداهات غير أنها ال تستسلم بيسر للخديعة. ليكن ذلك السؤال مركبا. لم كل هذا المطر اآلن بالذات. ولكن ما معنى اآلن في التاريخ ال شيء يمكنه أن يكون حاضرا. ولكن هل هناك طبيعة مطلقة للحبر تقنيته. نوع من الماء المنخفض بالعاطفة. علينا أن نسبقه بالخيال. وإال فإن الفشل سيكون في انتظارنا. بقعة الحبر ال يمكن التحكم بها. سلطتها ال ت رى. الماء نفسه يتسرب بين عروق الصفحات تحت البشرة في القبلة بين شفتين في المخدة بين فكرة وأخرى. الحجر الذي ولد صامتا يمكنه أن يتغذى على الماء أيضا. يمكنه أن يتكلم. في الرسم كما في الحياة هناك من يرث دائما. ولكن م ن يرث م ن يمكنك أن ترث ماء ولن تكون صينيا. يمكنك أن ترث صينيا حينها ستكون ماء. الحطاب الذي سألني عن المطر كان يعرف أن المطر لن يكون إرثا. زاووكي يفكر بطريقة مختلفة تماما. بالنسبة إليه فإن المطر ليس احتماال تصويريا. ما من لقطة لي حتفى بها وما من مشهد لي رى. الرسوم تمطر. كان الحطاب يتساءل عن مطر بعينه. ذلك المطر الذي ي شعره بالضجر. كان يجلس مستسلما على حجر صامت من غير أن يفكر برسوم صينية ي مكنها أن تضعه في سياق جملة طويلة ال تنتهي ينسى من خاللها ضجره. لم أخبره بأن الضجر يمكنه أن يكون ممتعا أحيانا. أخبرني أن المطر يعبث بالزمن.»مضى على لقائنا ساعتان هما دقيقتان من عمر المطر«أللمطر عمر صرت أسأل نفسي. في المائيات والحبريات يعيش المطر طويال. يمد نهاره على مناضد المقاهي ليلتقي ليله باعتباره حارسا وفيا. كان زاووكي واحدا من أسباب شغفي بالرسم. كنت أظنه شخصا قابال لالختفاء في أي لحظة. مثلما الرسم باعتباره وهما. سنجد البئر بعد مترين. يقول البدوي وهو يقصد بعد نهارين طويلين مثل عصا. لقد تأخرنا. ستكون الطبيعة سواها. يترك الحطاب مكانه على الحجر. حين يختفي يكون الحجر قد ابتل وام حت هيأة الحطاب. لم يبق إال شبحه. يلذ لي أن أدرس شكل الورقة في الشجرة. ورقة كبيرة كما لو أنها خ لقت لكي ت درس. أندس في خضرتها وأنسل إلى عروقها وهناك أصبح خفيفا أملس وناعما. أمتزج بخضرتها المركبة مبتهجا بجلوسي المشمس عند ينابيعها. يكون هذياني حينها بمثابة جملة طويلة ي مكنها أن تكون ملخصا لخرافة قديمة. إن سقطت في الخريف الورقة تلهم حياة مؤهلة لالنبعاث في كل لحظة. إنها هي. حياتي التي تركتها تحت المطر. لن يسمعني زاووكي وهو يمسد بفرشاته الحبر بحنان على سطح الورقة. هناك كائنات مرحة تغادر النوم لتو ها. تخرج من الحديقة إلى العمل. يتثاءب الحجر. كم كنت شقيا لتصل إلى المدخنة. هذه صورتك وقد أحاطت بها الغيوم. ستبتل يا صديقي. ستعلو مثل فقاعة. تمر من بين األغصان. ضحكتك تبرق وأسنانك آهلة ببقايا الرائحة. بين قوسين ستضع المطر. والخريف هو اآلخر بنفسجي وبرتقالي كما تراه وكما ي عيدك إلى نفسك. تحب الرسم ألنه يصفك. بل قل إنه ينصفك. سأعود دائما إلى حبريات زاووكي ألغرق في البحيرة. كان الوقت يمر. حلزونه يسعى بين وسادتين فيما الدرب تهذب خطوات العابرين. ترك الحطاب على الحجر أثرا منه سيمحوه المطر. ولكن ذلك األثر سيذهب مباشرة إلى الرسم. ما من شيء يذهب هدرا. أجدك في الفراشة أيتها اليرقة. أجدك في العسل أيتها النحلة. أجدك في الحجر أيها الطريق. الرسم يفتح األبواب بين الحدائق السرية. ننزلق غامضين مثل المالئكة كما لو أننا خ لقنا ضيوفا عابرين. نصمت من أجل الكالم ونتكلم من أجل الصمت. كنا نرتجل أناقتنا الفائضة من أجل أال تشعر الغزالة بالغربة. جسد على جسد ويدان نافرتان وصوت يطبق على الشفتين.»كنا نلهو«يقول المغن ي فال تصدقه. كانت كلمات النشيد تقص األوراق لتحر ر الشجرة من أمومتها. كان هنالك شيء ناقص في زقورة أور في جنائن بابل المعلقة في هرم خوفو في الغانج في سور الصين العظيم في خزانة بترا في معبد باخوس ببعلبك. شيء ناقص يبقي الباب مواربا. هنالك ما لم ي قل بعد. ال يكتفي الرسم باألبخرة. يمكننا أن نكون جميلين في لحظة النقص تلك لكن ليس إلى األبد. الحبر وهو ماء يمكنه هو اآلخر أن يكون إنسيا. كاتب وشاعر من العراق مقيم في لندن سعاد مردم بيك العدد - 30 يوليو/ مت وز

35 حوار دينيس جونسون ديفز ترجمة األدب العربي عندما التقيته للمرة األولى كان ذلك سنة 2007 وكان قد تجاوز عامه الرابع والثمانين وتعليق ا على سؤالي الفضولي حول السر في طول العمر والصحة قال لي بابتسامة متسامحة»أخطط ألن أعيش 95 سنة«ثم أضاف»أنت أيض ا يمكنك أن تفعل ذلك خلق اهلل أجسامنا لتعيش أكثر من 100 سنة ولكننا نستهلكها سريع ا«. كان عمري وقتها 34 سنة وجدت أن الرحلة طويلة إلى حد مذهل فسألته»ماذا في عمرك الطويل تنظر إليه اآلن بعين الرضا «فابتسم بخجله المعتاد وقال»كل شيء«ثم صمت قليال وأضاف»تقريب ا«. ومنعني خجلي وقتها من اختبار ما تخفيه هذه الكلمة شديدة الداللة من أسرار. ال شك في أن رحيل»زعيم حركة الترجمة من العربية إلى اإلنكليزية«دينيس جونسون ديفز في عمر مقارب لما حدده لنفسه قبل 10 سنوات ليس أكثر من مصادفة إال أن حديثه كان نابع ا عن قناعة شديدة بمنطق الفكرة هذه القناعة أظنها انعكست في أدق تفاصيل حياته على ما يبدو وقد الحظت وقتها أنه في عز حر مدينة خليجية كأبوظبي يرتدي قميص ا فوقه بلوفر صوف وفوقهما جاكت صوف كذلك بينما أشعر بالحر تحت قميصي الكتاني»النص كم«وفي ظني أن الرجل -رحمه اهلل- كان يخطط للعيش طويال ويطبق قناعته بدقة. والواقع أن البريطاني دينيس جونسون ديفز المولود عام 1922 هو صاحب أول ترجمة إنكليزية للقصة العربية في تاريخنا الحديث وقد كان ذلك عام 1946 عندما ترجم مجموعة صغيرة تضم مختارات من أعمال محمود تيمور ونشرها على نفقته الخاصة في القاهرة في وقت لم يكن أحد يعرف فيه شيئا عن العربية إلى حد أن المستشرقين أنفسهم كانوا يعد ونها واحدة من اللغات الميتة! وينسب لدينيس الفضل في تعريف العالم باألدب العربي الحديث عبر ترجمته للمرة األولى مختارات من أعمال رواد النهضة األدبية أمثال محمود تيمور وتوفيق الحكيم ويحيى حقي ثم الطي ب صالح ونجيب محفوظ وتوفيق يوسف عو اد وغسان كنفاني وغيرهم الكثير. وقد قدم دينيس خالل الستين عام ا الماضية إلى قراء اإلنكليزية أكثر من 25 مجلد ا عن العربية شملت األدب رواية وشعر ا وقصة إضافة إلى نصوص ودراسات إسالمية. كما انشغل خالل سنواته األخيرة بإنشاء مكتبة قصص لألطفال باإلنكليزية يستقيها من مصادر عربية في محاولة لسد النقص الكبير الذي كان يراه في هذا الجانب. قلم التحرير الجديد: دينيس أنت بريطاني الجنسية كندي المولد ما الذي قادك إلى عالم اللغة العربية وآدابها لتنتمي من ثم بصورة جارفة إلى هذا العالم دينيس: هناك مجموعة من المصادفات قادتني إلى دراسة اللغة العربية فرغم أنني بريطاني الجنسية إال أنني ولدت في كندا وعشت طوال سنوات طفولتي وصباي خارج إنكلترا التي زرتها للمرة األولى وعمري 12 سنة قضيت سنوات الطفولة األولي في القاهرة ومنها انتقلت إلى وادي حلفا بالسودان ثم شرق أفريقيا وهناك أصبت بمرض الدوسنتاريا ورحلت إلى لندن التي لم أحبها ولم أرغب في العيش فيها بسبب البرد الشديد وهربا من مدينة الضباب قررت دراسة اللغة العربية. الجديد: لماذا اخترت العربية تحديدا للهروب من ضباب لندن دينيس: مصادفة أخرى.. على أن اختياري هذه المرة كان فيه قدر من التحدي سوف أشرحه لك كنت أعرف العربية وأنا في السودان أفضل من اإلنكليزية رغم أنني كنت قد درست الالتينية واليونانية في المدرسة إال أنهما كانتا بالنسبة إلي من اللغات الميتة ولم أكن أرغب في دراسة لغة ميتة أخرى. عندما العدد - 30 يوليو/ مت وز

36 حوار عاد والدي إلى لندن عمل سكرتيرا لمنظ مة السيارات وكان علي أن أدرس وأواصل دراستي لدخول جامعة كامبردج وقد حاولت ذلك في سن مبكرة فرفضت الجامعة قالوا إن علي أن أبلغ 18 سنة حتى ي سمح لي بدخول الجامعة وقد توص لت والدتي معهم إلى تسوية فدخلت في سن 16 سنة وخالل ذلك الوقت الفاصل دخلت مدة سنة في مدرسة اللغات الشرقية في لندن ودرست العربية وذلك في سنة 1937 وهكذا اخترت العربية ودرستها في جامعة كامبريدج. فكرة التحدي الجديد: هذه بمثابة مصادفات أيضا ولكن أين يكمن التحدي دينيس: واجهتني صعوبات شديدة في التعلم عانيت األمر ين في التعامل مع قواعد النحو والصرف وخالفه وكرهت أسلوب دراسة اللغة العربية في كامبريدج فتركت الجامعة والتحقت بهيئة اإلذاعة البريطانية»بي بي سي«على اعتبار أنني ملم باللغة العربية وهو ما ثبت عدم صحته فمن أول يوم دخلت أستوديو األخبار سنة 1940 لم أفهم كلمة واحدة من النشرة العربية. والحقيقة أن الفضل في قدرتي على استكمال التحد ي وتجاوز األمر وصوال إلى تحسن عالقتي باللغة العربية وقدرتي على الفهم والتعبير بها يعود إلى زمالئي في اإلذاعة وقتها وكان معظمهم من المصريين فقد احتضنوني وشعرت أنني دخلت جامعة ثالثة كانت أشبه بكوخ فيه أكثر من عشرين عربيا وأنا البريطاني الوحيد بينهم. هل تريد مزيد ا من التحدي كنت أعيش وسط عشرين عربي ا ال يكف ون عن الكالم باللغة العربية فقررت التعلم منهم مباشرة كنت أكتب كل كلمة جديدة في نوتة وخصصت أخرى لكتابة الشعر والزجل وثالثة لألقوال المأثورة والحكم واألمثال باللغة العامية المصرية كل ليلة كنت أنصت وأسأل عن معاني الكلمات ومع الوقت أصبحت أكثر فهم ا للغة العربية فأصبحت ألول مرة قادر ا على نطق جمل كاملة ثم بحثت عن روايات أو قصص قصيرة مكتوبة باللغة العربية وتعر فت على أفضل من كتب القصة القصيرة من وجهة نظري وهو محمود تيمور الذي ترجمت بعض أعماله ونشرتها الحق ا. كرهت أسلوب دراسة اللغة العربية في كامبريدج فتركت الجامعة والتحقت بهيئة اإلذاعة البريطانية قرأت قصص ا لمحمود تيمور وروايات لتوفيق الحكيم والحقيقة أدركت أن ثمة نهضة الجديد: وصفت منذ قليل اللغتين اليونانية والالتينية بأنهما من اللغات الميتة عندي فضول لمعرفة صورة اللغة العربية في الغرب وقتذاك دينيس: كان ذلك الوقت وقت فوران االستشراق وكان المستشرقون يعتبرون العربية لغة ميتة وكانوا ال يتكلمون بها. أذكر أن المستشرق نيكلسون وهو أحد أكبر المستشرقين في تلك األيام وله كتب كثيرة عن التصوف اإلسالمي لم يكن يتقن العربية ولم يكن يلقي السالم باللغة العربية على أحد من ا وكان اإلقبال على تعلم اللغة العربية ضعيفا جدا أذكر أن عدد الطلبة الذين كانوا يتعلمون اللغة العربية في الجامعة وقتها لم يزد على 3 أفراد أنا أولهم ومواطن إنكليزي آخر ثم»أبا أبيان«الذي تولى وزارة الخارجية اإلسرائيلية بعد ذلك. لويس عوض الجديد: وكيف دلفت إلى عالم الترجمة دينيس: مجموعة مصادفات أخرى قادتني إلى هذا العالم..»لم يكن يوم ا من ضمن مخططاتي أن أكون مترجم ا والذي حدث أنني خالل فترة عملي باإلذاعة البريطانية التي صادفت أيام الحرب العالمية الثانية اط لعت على نماذج من األدب العربي وقرأت قصص ا لمحمود تيمور وروايات لتوفيق الحكيم والحقيقة أدركت أن ثمة نهضة في هذا المجال وصدمتني هذه الحقيقة وأدهشني أن كل المستشرقين ال يهتمون سوى بالماضي وكأن ال حاضر في هذا المكان. بعد انتهاء الحرب سنة 1945 سافرت إلى مصر وكان لصديقي لويس عوض الذي تعرفت إليه في جامعة كامبردج دور في اندماجي بالوسط األدبي والحياة الثقافية حيث تعرفت على األدباء الكبار من أمثال طه حسين ويحيى حقي ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم وغيرهم. وبدافع من رغبتي في عمل شيء جديد بخالف معظم المستشرقين الذين يديرون وجههم للحقيقة قمت بترجمة مجموعة قصصية لمحمود تيمور ونشرتها على نفقتي الخاصة وصدرت عن دار النهضة في مصر عام منذ ذلك التاريخ بدأت عالقتي الجادة باألدب العربي وبدأت أفك ر بشكل منهجي تجاه األمر وراودتني أفكار مشاريع نف ذت بعضها مثل ترجمة مجموعة قصصية لكت اب من شتى البلدان العربية فترجمت لعبدالملك نوري وفؤاد التكرلي من العراق ومن لبنان ليلى بعلبكي ومن سوريا عبدالسالم العجيلي ومن السودان الطيب صالح وعدد أكبر من األدباء المصريين بحكم معيشتي بينهم وتوالت الترجمات بعد ذلك. الناشرون اإلنكليز الجديد: ال تخلو عالقتك بنجيب محفوظ من مصادفات وطرائف فأنت أول من ترجم أدبه إلى اللغة اإلنكليزية وقد الزمك اعتقاد لفترة طويلة أن أول قصة ترجمتها لمحفوظ هي قصة»زعبالوي«ولك في ستينات القرن العشرين. لكن األمر لم يكن كذلك دينيس: نعم كان ذلك سهوا عجيبا فقد ذكرني نجيب محفوظ من خالل أن أول قصة ترجمتها له كانت خالل عام 1946 من مجموعته»همس الجنون«. بعد ذلك قمت بترجمة مجموعة كاملة من قصصه وبعد حصوله على نوبل ترجمت له قصصا أخرى. الطريف أن نجيب محفوظ كان كلما التقاني يقول لي»ترجم لي رواية أنت ترجمت لي بعض القصص وحسب.«. وكنت أقول له يا نجيب يا حبيبي لو ترجمت لك رواية من سينشرها لي والواقع أن رواية»زقاق المدق» لنجيب محفوظ هي أول رواية عربية حديثة. هي الرواية األولى التي قرأتها لمحفوظ كان ذلك في بداية أربعينيات القرن العشرين وشرعت بالفعل في ترجمتها ولكني لم أتممها ترجمت ثلثها وتوق فت عن العمل ألنني كنت متأك دا أن ال أحد سينشرها لي. الناشرون اإلنكليز كانوا كالغنم ال أحد يريد أن يجازف مع األدب العربي ولم يكن أي من الناشرين هؤالء على علم بوجود نهضة أدبية وثقافي ة عربية. يعرفون القرآن وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة وهكذا. الجديد: ما الذي شجعك على استكمال ترجمة الرواية إذن دينيس: ترجمت»زقاق المدق» بدافع الحب ون شرت أول األمر في بيروت ثم أخذتها سلسلة»أراب أوثر«author( )Arab التي اضطلع بها تريڤور ليجاسيك. ثم ن شرت بعد ذلك في العالم. لم تكن مشكلة ترجمة األدب العربي الحديث أنه مجهول بالنسبة إلى الغرب فحسب لكنهم هناك لم يكونوا راغبين في معرفة أشياء أخرى عن هذا العالم. حتى أن بعض مشاهير المستشرقين كان يصف اللغة العربية بالميتة فهي لغة دراسة وليست لغة أدب وحياة. المصادفة والتحدي الجديد: يعيدني هذا التصور إلى ثنائية المصادفة والتحدي في حياتك. إذن كان نوع ا من التحدي أن تكون المهتم الوحيد -في ذلك الوقت- بترجمة أدب ال يرغب أحد في معرفة شيء عنه دينيس: لم تكن المشكلة في الغرب فقط فالحكومات العربية لم تكن مستعدة لدفع مليم واحد لترجمة األدب العربي إلى اللغات األوروبية. وألعترف اآلن أن أول مجموعة قصص عربية ترجمتها ونشرت سنة 1966 عن أوكسفورد يونڤرستي برس press( )oxford university هذه الترجمة وتلك الفرصة للنشر حصال بالصدفة. الجديد: أنك صاحب منظومة المصادفة والتحدي بال منازع. دينيس: لحسن الحظ تعرفت إلى مسؤول كبير كان صديقا لموظف كبير في مطبعة جامعة أوكسفورد أعجبته فكرة المجموعة على اعتبار أنها جديدة ولم يسبقني إليها أحد هذه المجموعة ضمت قصة»زعبالوي«لنجيب محفوظ وهي قصة ممتازة جدا وقصصا ليحيى حقي. وقد ساهم نشر هذه المجموعة في فتح الباب قليال على األدب العربي فبعد صدورها اتفقت مع دار نشر لندنية شهيرة )Heinemann( على إعداد سلسلة تحت اسم»مؤلفون عرب«وتحملت على مسؤوليتي الخاصة األمر حيث لم يكن أحد يعرف شيئا عن اللغة العربية. في هذه السلسلة ترجمت للطيب صالح ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وترجمت مجموعة شعرية لمحمود درويش. وبعد عامين أغلقت الدار بسبب اإلفالس. الطريف أن نجيب محفوظ كان كلما التقاني يقول لي»ترجم لي رواية«كنت أقول له يا نجيب يا حبيبي لو ترجمت لك رواية من سينشرها لي بشكل عام كان مستحيال في األربعينات والخمسينات والستينات من القرن الماضي أن تجد أحدا ينشر أي شيء مترجم عن اللغة العربية أضف إلى ذلك أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك مترجمون فأنا أول من قام بترجمة األدب العربي الحديث إلى اللغة اإلنكليزية. الجديد: لك رأي في موضوع استخدام العامية والفصحى في الحوار الروائي من خالل النماذج العدد - 30 يوليو/ مت وز

37 حوار التي اطلعت عليها هل لك أن تتحدث في هذا دينيس: كان نجيب محفوظ يبر ر استخدامه الفصحى في الحوار الروائي بكونها اللغة التي يتكلم بها ويقرأها العرب كافة ويرى أن استخدام العامية المصرية إن كان يسه ل على المصريين معالجة وتخيل الحوار بلغتهم اليومية المألوفة فإنه يمكن أن يكون سبب ا في نفور بعض القراء من الجنسيات العربية األخرى. أعتقد أن العامية يمكنها أن تضيف الكثير للرواية إذا ما تمت باحتراف رغم أنني مثال لم أتمكن من استكمال رواية للكاتب العراقي فؤاد التكرلي بسبب استخدامه للعامية العراقية التي ال أجيدها إال أن ذلك لم يغي ر من قناعتي بأن تلك العامية قد أضافت إلى العمل. وثائق اجتماعية الجديد: أنت حقيقة الرائد األول بال منازع لحركة ترجمة األدب العربي الحديث إلى اللغة اإلنكليزية. من هذه الزاوية وددت لو عرفت منك أمرين األول رأيك في حال الترجمة من العربية إلى اإلنكليزية واللغات األخرى اآلن واآلخر رأيك في مستوى األدب العربي وموقعه بين اآلداب األخرى دينيس: بالطبع األوضاع تغي رت ولكن أعتقد أن األعمال المترجمة حاليا إلى اللغة اإلنكليزية هي في مجملها قائمة على رغبات وأهواء ومعارف شخصية بمعنى أنه ال يوجد اهتمام حكومي باألمر وال يوجد تصور له. فمثال ال أظن أن وزارة الثقافة المصرية لديها برنامج لترجمة األدب المصري وإذا حدث وأن ذهبت إليهم -كما ينصحني األصدقاء- ال أظن أن وزارة الثقافة المصرية لديها برنامج لترجمة األدب المصري تعرفت على يحيى الطاهر عبداهلل وأحببته كشخص وككاتب وترجمت له لكي أحصل على ترشيحات بأعمال للترجمة سأخرج من هناك بأسماء أصدقاء المسؤولين في الوزارة وبدون أن يدفع لي أحد شيئا! في ما يتعلق باألدب وقيمته الجمالية فرأيي أن كل اإلنتاج من القصص القصيرة والروايات والمسرحيات في اللغة العربية مقي د بمجال وتقاليد العالم العربي ولذلك فهو عند ترجمته للغات أخرى يصبح الفت ا لالنتباه كوثيقة اجتماعية أكثر منه إنجاز ا أدبيا. الجديد: هل ينطبق هذا الحكم القاسي على أدب نجيب محفوظ الحائز على نوبل دينيس: أعتقد أن أبرز ما تميز به نجيب محفوظ هو اهتمامه بالعنصر االجتماعي بصورة كبيرة. البساطي وعبدالله الجديد: لكنك ترجمت لروائيين وكت اب قصة عرب كثيرين من منهم لفت انتباهك شخصي ا دينيس: في األجيال األحدث تعرفت على يحيى الطاهر عبدالله وأحببته كشخص وككاتب وترجمت له مجموعة قصصية. كان يحيى الطاهر عبدالله شخصية عذبة وموهوبة وإنسانا طي با وكريم الخلق وال يمكن لك إال أن تحترمه وتحب ه رغم عدم حصوله على ما يستحق من شهرة. وأذكر أن ني طلبت من توفيق الحكيم أن يساعدني في إصدار ترجمة لمجموعة قصصية ليحي الطاهر عبدالله عن طريق أصدقائه في المؤسسات الثقافية المصرية وبالفعل أرسلني إلى وكيل وزارة وقتها وعندما أخبرته برغبتي قال ساخرا : يحيي الطاهر الصعلوك فأجبته: نعم هو صعلوك لكنه موهوب وهذا هو المهم في نظري. ولم ت طبع المجموعة. هناك أسماء أدبية عديدة في مصر الفتة لالنتباه لكن ني أخص بالذكر محمد البساطي فهو كاتب القصة القصيرة الموهوب وإبراهيم أصالن وقد ترجمت لهما ولغيرهما من األدباء العرب الكثير. أحببت معظم من ترجمت لهم فأنا أترجم ما أحب ولدي ترجمات لقصص أكثر من 80 كاتبا عربيا معظمهم من مصر وتجد بعض من أحب في ترجمتي األخيرة التي ضمت مختارات قصصية لثالثين كاتبا عربيا من المحيط إلى الخليج من نجيب محفوظ إلي أمينة زيدان وبينهما يوسف إدريس خيري شلبي إدوار الخراط جمال الغيطاني إبراهيم أصالن محمد البساطي محمود الورداني محمد المخزنجي سلوى بكر يوسف أبورية عبده جبير سعيد الكفراوي هناء عطية عبدالعزيز المسدي عبدالله باخشوين إبراهيم الكوني فؤاد التكرلي بثينة الناصري محمد خضير عاليه ممدوح زكريا تامر إبراهيم صموئيل إبراهيم دارغوثي محمد زفزاف سلمي مطر سيف حنان الشيخ وغالب هلسا. عين المترجم الجديد: عرفت عنك دقتك الشديدة في التعامل مع النصوص التي تختار ترجمتها بدء ا من مرحلة االنتقاء مرور ا بعملية الترجمة وهو األمر الذي تسب ب لك في عدد من المواقف الطريفة مع روائيين في قامة محفوظ والعجيلي. مثال من أبرز تلك المواقف ما رويته عن اكتشافك تغير اسم البطل في واحدة من قصص نجيب محفوظ دينيس: أذكر أنني خالل ترجمتي لواحدة من قصص نجيب محفوظ انتبهت إلى أن اسم البطل قد تغير في منتصف القصة وظل كذلك إلى نهايتها والغريب أن هذا األمر حدث في قصة مطبوعة أكثر من طبعة وحين نقلت األمر لنجيب ضحك وطلب مني أن أعتمد اسم البطل كما ورد في بداية القصة. ومرة أرسلت خطابا لصديقي الدكتور عبدالسالم العجيلي نبهته فيه إلى أن السورة القرآنية التي تضمنتها قصته هي سورة )النصر( وليست سورة )الفتح( كما ذكر العجيلي في سياق القصة. ما يشبه ذلك أمور كثيرة وما يثير غيظي هو كيف لم يفطن إلى مثل هذه األخطاء أصحاب األعمال أو أحد ممن سمعوا أو اطلعوا على القصة أو تعرضوا لها بالنقد والتحليل أعتقد أن في األمر ما يشبه التساهل وهو في رأيي عائد إلى غياب التقدير المادي لحركة اإلبداع. ترجمة األحاديث الجديد: سبق لك أن شاركت مع الباحث عزالدين إبراهيم في مشروع ترجمات من المكتبة اإلسالمية هل لك أن تعطي بعض التفاصيل في هذا الصدد دينيس: جمعتني عالقة صداقة مع عزالدين إبراهيم الذي التقيته ذات مرة مصادفة على متن طائرة حين كان يعمل في قطر وكنت وقتها ممثال لبعض الشركات هناك تعارفنا وأبدى إعجابه بترجمة لي لمسرحية توفيق الحكيم. بعد ذلك بفترة وعندما زرته في اإلمارات وكان قد صار مستشارا ثقافيا للراحل الشيخ زايد أثيرت في الجلسة فكرة ترجمة نصوص من المكتبة اإلسالمية والحقيقة أنني كنت دائما ضد فكرة الترجمة المشتركة ولكن ي تعاملت بشكل أكثر مرونة مع هذه القناعة ألن ترجمة األحاديث النبوية تحتاج إلى دقة متناهية ودراية كبيرة باللغتين والدكتور عزالدين متمكن من اللغة اإلنكليزية إضافة إلى ثقافته ودرايته اإلسالمية. وبالفعل أنجزنا معا»األربعون القدسية«و«األربعون النووية«و»الكلم الطيب«البن تيمية ويتضمن مشروعنا عدد ا من المختارات التي من المنتظر أن تثري المكتبة في هذا المجال. الجديد: هل تعتقد أن مثل هذه الترجمات إلى اإلنكليزية يمكن أن تسهم في الخطاب الحضاري بين العرب والعالم دينيس: الحقيقة لم يأت هذا االختيار من جانبي تلبية لتلك الحاجة ففي اعتقادي أن قارئ اللغة اإلنكليزية ليست لديه أي رغبة في توسيع نطاق معرفته عن اإلسالم فهو باألساس غير مهتم باإلسالم. وما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 هو مجرد تنامي الرغبة في معرفة»التطرف اإلسالمي«. والحادث كما أراه أن العالمين الغربي واإلسالمي يتبادالن الجهل باآلخر فيما بينهما وفي اعتقادي أن مشكلة البالد العربية أنها ال تملك تصورا لما تريد أن أنجزت مجموعة من الكتب الموجهة لألطفال استقيتها من مصادر عربية قارئ اللغة اإلنكليزية ليست لديه أي رغبة في توسيع نطاق معرفته عن اإلسالم العدد - 30 يوليو/ مت وز

38 حوار تفعله وربما ال تعرف باألساس ماذا تريد أن تفعل. واقع صادم الجديد: انطالقا من تركيبتك الفريدة وخبرتك الطويلة في وال توجد صدقية في مكافأة المبدعين. ال أحد يقرأ واإلقبال على معارض الكتب لمجرد الزيارة وتزجية الوقت الكت اب يدفعون لنشر أعمالهم وال أحد يشتريها مستوى التعليم متدن كثيرا ومن النادر أن تجد أديبا يتكلم ارتجاال باللغة العربية مشروع لألطفال الجديد: يبدو أن إحباطك الشديد من عالم الكبار هو دافعك وراء االهتمام بأدب الطفل في الفترة األخيرة ولعل ه الراشدين واستكملت البحث في التراث العربي الحكائي مختار ا من مصادره المتعددة قصص ا أعدت صياغتها لعدم إيماني بجدوى الترجمة الحرفية. كما على خلفية قناعتي تلك أنجزت مجموعة من الكتب الموجهة لألطفال استقيتها من مصادر عربية مثل»حكايات ألف ليلة وليلة«و«نوادر جحا«و«رحالت ابن معرفة الثقافتين هل لديك أي مقترحات تساعد في عالج هذا الفصحى حتى أساتذة الجامعات إضافة إلى أنهم ال يتقنون السبب في إطالقك مشروع ا قصصي ا أن لدي قناعة أن الكتاب أهم من وسائل بطوطة«كما أنجزت نصا آخر لألطفال األمر النطق باللغة اإلنكليزية. كما أن غالبية األدباء المحدثين ال خاص ا بالطفل العربي باللغتين العربية اإلعالم األخرى رغم كل التطورات عن ابن بطوطة نفسه كرحالة وهو كتاب دينيس: ما أعرفه هو أن هذا الجهل يزداد يوم ا بعد يوم. في يعرفون اللغة اإلنجليزية عكس القدامى. وأظن أن الحل يكمن واإلنكليزية يستمد مادته من التراث الحديثة وأعتقد أن جمهور هذه الكتب طويل نسبيا وكتاب آخر من التراث األربعينات من القرن العشرين مثال عندما ذهبت إلى مصر لم في الحوار على أن يكون هذا الحوار بين أناس من لحم ودم العربي ربما يضم طالب مدارس اللغات والسياح السوري وكتبا أخرى. يكن األمر بهذا السوء وكان هناك أناس متنو رون أمثال لويس ألن القنوات الفضائية ووسائل اإلعالم األخرى على الرغم من دينيس: ربما كان في هذا بعض الصواب. فضال عن السوق األميركية التي يتعين عوض ويحيى حقي ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم وطه دورها المهم في متابعة أخبار العالم فإنها فيما يبدو غير منتبهة وفي كل األحوال قمت بوضع كتاب عليها البحث في تحسين جوهر العالقة حاوره في أبوظبي: وليد عالءالدين حسين. اليوم ال يوجد أمثال هؤالء وقد اختفى نظام البعثات إلى أهمية أن يكون لها دور في عالج هذا الجهل. لألطفال باإلنكليزية عن الغزوات والخلفاء بين العرب والعالم من خالل الثقافة. حياة مفعمة بالحرية طفولتي في وادي حلفا دينيس جونسون ديفز طفلتان يف مروي- السودان )نادر رسور( وصلت إلى إنكلترا قادما من أفريقيا وعمري 11 سنة فأنا مولود وانتهى األمر.. والسبب أنني عشت طفولة في بيئة مختلفة.. في كندا سنة 1922 ورحلت مع عائلتي طفال إلى القاهرة فإلى كانت طفولتي غريبة ففي وادي حلفا ومصر مثال كنت وحيدا لم وادي حلفا في السودان ثم إلى أوغندا بعد ذلك إلى إنكلترا يكن هناك أطفال إنكليز غيري.. وفي السودان كان كل أصدقائي التي لم أحبذ العيش فيها أبدا.. عندما جئت إلى ما كان ينبغي من العرب وكنت أتقن العربية في ذلك الوقت أكثر من إتقاني أن يكون وطني في األحوال الطبيعية.. لندن كانت مشاعري اإلنكليزية.. لكن الذي ال يعرف أن يقرأ ويكتب العربية ينساها. وحواسي وتصوراتي وما أحب وأفض ل وأرفض قد تشكلت لم أسعد بهذا االنتقال.. في إنكلترا يتحدثون عن المسرح والفن والحضارة..وفيالسودانكانعنديحماروفيأوغنداكانعندي بسكليت.. في السودان كنت أركب الحمار بفرح كبير.. وكانت لي صور في النيل على ظهر مركب.. حياة بسيطة بدائية لكنها رائعة الجمال فهي حياة مفعمة بالحرية. في إنكلترا حشرت في مدرسة كلها أوامر وضوابط ونواه صارمة.. وكان الضرب ينزل بنا.. كانوا يضربوننا بقسوة في ذلك الوقت. لذلك كرهت المدرسة واشتقت إلى الحياة الحر ة والعفوية في أفريقيا.. ولك أن تتخيل المصاعب النفسية التي تحل بالطفل والناشئ في المدرسة الداخلية.. من الصباح إلى الليل وهكذا.. واستطعت أن أهرب بمعجزة.. ففي تلك الفترة من حياتي لم أكن شاطرا في األلعاب الرائجة بين األقران.. كنت أجيد السكواش.. مع أن جميع الذين يلعبونها كانوا أكبر سن ا من ي.. لكن الناظر حرمني من اللعبة ألنني دون سن ال 16 سنة. والدي الذي لم يكن يهتم بالرياضة.. زعل.. وقال للناظر: إذا لم تترك ابني يلعب السكواش سأخرجه من المدرسة. فقال له الناظر: لن أسمح له بممارسة اللعبة ما دام صغيرا.. وهذا مخالف للقواعد وال نستطيع تغيير القوانين من أجل ابنك! كانت معجزة ووقعت فقد كنت أحلم لليال طويلة بالخالص من هذه المدرسة.. فإذا بوالدي الذي كان محاميا يومها يتسبب بخالصي من تلك المدرسة. *** جاء والدي إلى لندن ليعمل سكرتيرا لمنظمة السيارات. أما والدتي فكانت تهتم بالكتابة.. وقد كتبت ونشرت بعض األعمال األدبية. وقد اهتمت هي بدراستي فقد كان علي أن أدرس وأواصل دراستي لدخول جامعة كامبردج.. وقد حاولت ذلك في سن مبكرة.. فرفضت الجامعة.. قالوا إن علي أن أبلغ 18 سنة حتى ي سمح لي بدخول الجامعة وقد توصلت والدتي معهم إلى تسوية فدخلت في سن 16 سنة.. وخالل ذلك الوقت الفاصل دخلت لسنة في مدرسة اللغات الشرقية في لندن ودرست العربية وذلك سنة عندما كنت ما أزال في إنكلترا أذكر أننا كنا نسافر أمي وأبي وأنا بالسيارة ونمضي أسبوعين في فرنسا مثال.. نشاهد الكنائس.. وكان هذا ممال بالنسبة إلي.. قلت لهم مرة أعطوني الفلوس وأنا أسافر إلى مصر. وذات مرة فوجئت بأمي وأبي يوافقان وكان عمري 14 سنة فقط.. وها هما يسمحان لي بالسفر إلى مصر في تلك السن.. رحت وسكنت في منطقة السكاكيني ولما رجعت وجدت لي أما جديدة.. والغريب أن أمي قالت مرة ألبي أن الصديقة الفالنية مسكينة فلنأخذها معنا في رحلة.. وهو ما حصل.. وخالل تلك الرحلة بدأت عالقة بينها وبين أبي.. كانت أمي طيبة القلب ولم تفكر أن شيئا من هذا القبيل يمكن أن يحدث. دخلت في العائلة ونسفتها عدت إلى مصر.. كما قلت.. ولم أجد عائلتي! *** في أفريقيا لم تكن هناك أي عنصرية من الناس نحو المختلفين عنهم لونا أو ثقافة أو تكوينا. عدت إلى وادي حلفا مرات كثيرة لكنني لم أذهب إلى كامباال حيث عشت سنوات.. أيضا.. إنما زرت زنجبار.. ومن زنجبار سافرت إلى كينيا حيث كنت مرة في مدرسة داخلية وهناك التقيت الناظر.. وسألني: أنت كنت هنا قلت نعم.. كنت هنا من سنة 1926 إلى 1932 فاستغرب كثيرا.. لكنني سعدت وكنت أعتقد أن مدرستي كبيرة جدا.. كانت لها ضخامتها في ذاكرتي ومخيلتي.. ولما دخلت إليها وجدتها أصغر بكثير مما كنت أتصور. تلك كانت السنوات السعيدة في حياتي. العدد - 30 يوليو/ مت وز

39 محمد عرايب ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل كم من الجرائم ترتكب باسمكم أيها األطفال. هل يحق لنا أن نطلق مثل هذه الصرخة بينما نحن نطالع تلك الكتابات السقيمة التي كتبت ونشرت في مجالت وكتب عربية وأطلق عليها كتابها وناشروها مصلح أدب أطفال قصة وقصيدة وخاطرة وغيرها مما يكتب وينشر في الورق العربي المطبوع ويتوجه به أصحابه إلى األطفال العرب في هذه الجغرافيا وتلك بالمقابل هل هناك على مدار قرن عربي مضى منجز يمكن أن يعتد به بوصفه أدب أطفال عربي حديث منذ أن برزت كتابات كامل الكيالني الذي يعتبر رائد الكتابة للطفل في العربية تشير المدونة األدبية العربية إلى أن عددا من الشعراء والكتاب العرب الممتازين كتبوا لألطفال خالل الربع األخير من القرن الماضي. ولكن هل كتب هؤالء كمن يكتب لنفسه عندما يكتب للطفل التأمل في التجارب العالمية المعتبرة في الكتابة لألطفال تمنح االستنتاج بأن كاتب األطفال هو أول من يتمتع بكتابته بسحرها وطرافتها وجاذبيتها وقدرتها على التأثير البليغ بقارئها. فهل حدث شيء من هذا في الثقافة العربية السائدة الموجهة إلى الطفل. في هذا الملف تفتتح الجديد نقاشا صريحا حول أدب األطفال العرب. ما يكتب لهم وما ال يكتب. ما ينتج من ثقافة وما تحمله إليهم المطبعة العربية من أعمال تنشر وتتوجه إليهم تحت عنوان أدب األطفال أو ثقافة الطفل. يشارك في هذا النقاش باحثون متخصصون ومبدعون يكتبون لألطفال وأصحاب رأي من المثقفين الذين يتابعون ظاهرة الكتابة لألطفال. والمساهمات المنشورة هنا هي بمثابة قراءات ومراجعات تتضمن نقدا فكريا وتقييما للتجربة العربية في صناعة ثقافة الطفل. علما أننا سنبقي هذا الملف مفتوحا لمزيد من المساهمات النقدية في الموضوع قلم التحرير العدد - 30 يوليو/ مت وز

40 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب لهم محمد عرايب عبدالرحمن بسيسو كيف ن ك ت ب لألط ف ال تأسيسها أو تقاعست عن توفير ما ي ؤ م ن وتتباين بقدر ما تتمايز اإلجابات عنها كيف ن ك ت ب لألط ف ال تبد أا اإلجابة عن بقاءها واستمرارها وتطورها. واألمر في وتتباين وذلك ألن تنو ع الغايات والر غبات هذا الس ؤال باالنطالق من تمييز الكتابة كل حال ال يتوق ف على الن يات الط يبة واألهداف والمضامين وتباين المتلقين اإلبداعية الم و ج هة لألطفال عن غيرها من مجاالت الكتابة وحقولها فالكتابة وحدها أو على مضمون الرسالة أو موضوعها مثلما ال يتوق ف على طريقة وتعدد طرق الكتابة وأساليبها لدى الكتاب والمبدعين تفضي إلى تعددية الفتة في كتابات واألدب آداب والث قافة ثقافات 3 تناول الموضوع أو إرسال المضمون أو اإلجابات وفي الخيارات اإلبداعية. والل غة لغات واألسلوب أساليب. وينطلق إيصال المغزى أو على طريقة تحديد وفيما يتصل بأدب األطفال وبالر سم هذا الفرض المؤص ل من فهم اجتماعي ونفسي ولغوي وجمالي م تكامل وم تداخل الجهة الواقفة على الط رف اآلخر من الرسالة )العالقة( فحسب بل إن ه يتصل الفني أو بالكتابات والر سومات الم و ج هة لألطفال فإن المبدع يتوق ف أول ما فالكتابة في المحصلة الن هائية وفي أغلب بذلك ك ل ه م ن دمجا وم ت فاعال ويتخط اه إلى يتوقف عند البحث عن إجابة عن الس ؤالين الحاالت هي رسالة ثقافي ة ذات موضوع الن اتج الك ل ي والص ورة الن هائية للرسالة أي المتصلين بالرغبة-الن ي ة وبالفحوى- ي وج هها م ر س ل إلى م ت ل ق ولهذه الر سالة للعمل األدبي بما يحمله من إشارات ورموز المضمون ومن المرج ح أن ن ي ة المبدع أن إشارات وفحوى فهي تتكون من متتاليات وبنى دالة تحمل مدلوالت وعالقات وبما يبثه عبرها أو ي ومئ إليه من معان ومدلوالت. ي ح م ل رسالته مضمونا ما أو مغزى م عي نا ال تنفصل بأي حال عن المتلقين الذين ومغزى أي أننا إزاء ثالثة أطراف ويتوقف األمر ك ل ه على قدرة المرسل على يتوج ه إليهم برسالته وال عن موقفه من م ن خ رطين في عالقة تفاعلية:»م ر س ل» اكتشاف اإلجابات الص حيحة عن جملة من موضوع رسالته أو عن وجهة نظره إزاء و»رس الة» و»م س ت ق ب ل «. تنتفي هذه العالقة حين يغيب أحد األسئلة لعل أهمها ما يلي: لماذا أنا راغب في توجيه رسالة ثقافية وما هو فحوى هذا الموضوع أو رؤيته الك ل ية للعالم كما أنها ال تنفصل عن هدفه من كتابة الرسالة أطرافها والغيبة أو التغي ب فعالن يتصالن هذه الرسالة ولمن سأوج ه الرسالة وما وتوجيهها مثلما ال تنفصل عن األسلوب أو نحو أو آخر في تكييف مضمون الرسالة على المستويات االجتماعية والفكرية مع الس مات األسلوبية للكتابة التي ت وائم باإلنسان بالمرسل وبالمستقبل )الم ت ل ق ي( كما أن الر سالة تتصل باإلنسان م ر س ال هي أبرز خصائص هذا المتلقي الذي أرغب في الت واصل معه وفي إفادته وإمتاعه الطريقة التي سينتهجهما في كتابة هذه الر سالة. واختيار أسلوبها وطريقة إيصالها وذلك ألن اإلنسان هو األسلوب وألن األساليب والثقافية والن فسية والل غوية والت خ يل ي ة. وحين يدرك المبدع تفاصيل الواقع الطفل الذي يود م خاطبته. حين ينجح الكاتب في إدراك هذه الس مات وم س ت ق ب ال ومن هنا فإن انتفاء العالقة أمر وكسب تأييده لوجهة الن ظر التي تحملها إن تحديد المتلقين وتعر ف خصائصهم تتعد د وتتالقى بقدر تعد د البشر وتالقيهم. االجتماعي الذي تعيشه هذه الفئة من من خالل ثقافته الواسعة واط العه يقر ره طرفاها وحين ندرك أن المرسل هو رسالتي وكيف أان ج ز رسالتي بما ي حقق وإدراك مستوياتهم االجتماعية والمعرفية إذا عثر المبدع على إجابة صائبة واضحة األطفال ي س ه ل على نفسه عملية إدراك المعرفي العميق على ما تتطل به الكتابة المبادر إلى إقامة العالقة ألنه راغب في ح س ن إيصالها وي ؤ م ن قدرتها على إمتاع والتعليمية وخلفياتهم الث قافية وتلمس ودقيقة عن الس ؤال الخاص بالدوافع الس مات المشتركة بين أفراد هذه الفئة وما قد يستوجبه موضوع الر سالة المراد إيصال فحوى رسالة ما إلى متلق بعينه أو إلى مجموعة متلقين يتعم ق إدراكنا لحقيقة أن المسؤولية األعظم في بناء هذه المتلقي وإفادته وكسب تأييده وتحفيزه على البحث عم ا ي عز ز انتماءه الفاعل لوجهة نظر أو رسالة صارت تنتمي إليه مشاعرهم وأحاسيسهم ومكو نات مخيلتهم وطبيعة أسئلتهم وطريقتهم في إدراك العالم ورصيدهم الل غوي من الكامنة وراء رغبته في الكتابة لألطفال يكون قد حد د هدف الرسالة انطالقا من دوافعه نحو كتابتها ويكون في الوقت العمرية-االجتماعية على المستويات األخرى ويستطيع بالتالي أن ي ح س ن اختيار موضوع رسالته ومضمونها أو توجيهها وعبر إطاللته الش املة والم رك زة على عالم الطفل بتعد د مجاالته يكون قد ف ت ح الط ريق واسعا أمام اختيار مادة العالقة والمحافظة عليها وتطويرها إنما تفتح هذه األسئلة أبواب العملية اإلبداعية مفردات وتراكيب يؤثر على نحو حاسم نفسه قد فتح باب اإلجابة عن الس ؤال أن ي ع د ل موضوعا ومضمونا سبق له أن الكتابة وتجميعها وتصنيفها وتقييمها في تقع على المرسل المبدع ألنه هو م ح ف زها على وسعها وهي ال تت صل باألعمال في تحديد مضمون الر سالة وفي طريقة الثاني فيذهب من فوره إلى تحديد الفئة اختارهما وذلك بما يتالءم مع األسئلة ضوء معايير تنبع من إجاباته عن األسئلة والبادئ بفتحها والم ط ال ب بتوفير إمكانات اإلبداعية الم و ج هة لألطفال فحسب بل إيصال هذا المضمون وذلك في اتصال العمرية التي يتوج ه إليها وإلى تعر ف التي يتشو ق األطفال لمعرفة إجاباتها التي التي حد دناها قبل قليل وهي اإلجابات المحافظة عليها وتنميتها وألنه هو وحده إنها ت ص د ق على العملية اإلبداعية عموما يتناغم مع رؤية الكاتب وي واش ج م وق ف ه الخصائص والسمات التفصيلية التي تتواءم مع أعمارهم وبطريقة يتوخ ى التي ينبغي تدقيقها بالر جوع إلى قاعدة الم ال م على فشلها إن عجزت رسالته عن غير أن هذه العملية اإلبداعية تتمايز االجتماعي والث قافي الل ذين ي س ه م ان على تمي زها عن غيرها من الفئات وال سيما فيها المبدع تكييف أسلوبه بما ينسجم معلومات مرجعية م و ث قة وموثوقة العدد - 30 يوليو/ مت وز

41 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف تتضم ن استنتاجات ذات مصداقية علمية تكتبا في بدء تجربتكما الكتابية على لتفح ص أحداث طفولتنا على نحو وضمائرهم كيفية تعامل الش خصيات مع الم ض ي عة على نحو أعمق وأسمى. في آخر الد يماس أو لنقل»في نهاية الن فق أو تقدم فروضا مؤص لة أو وقائع هي أقرب إلى الحقائق المؤك دة وذلك للت أكد من صلة اإلجابات بموضوع الر سالة ومن األقل لألطفال الذين تتناسب أعمارهم مع المرحلة العمرية التي تستطيعان تذك رها بجالء فلذلك أن ي س ه ل عليكما األمر. استرجاعي تأم لي بحيث نتمك ن من تحديد ما كان ينبغي أن نفعله أو نشعر به أو نفك ر فيه. وليس ذلك بأي حال ما ينبغي األوضاع الص عبة أو الحاالت اإلشكالية التي ت واجهها وتشعر أن ها م طالبة بإيجاد حل لألزمات الن اجمة عنها أو بعبور طريق ربما يهجر الط فل أو الطفلة الحي أو المحيط الذي تعر ضا فيه لالنتهاك وربما يحصالن على مساعدة أشخاص آخرين الم ظ ل م» كما يقول معظم الن اس في أغلب الظ روف واألوضاع الص عبة! ولكن هل لهذا الض وء أن ينبثق بصيصه أو يشرق نوره مواءمتها للمتلقي ومن قدرتها على خدمة الهدف الم ت و خ ى تحقيقه عبر رسالة تعتمد عندما تنهمكان في كتابة مشهد في قص ة أو رواية تذك را وضعا مماثال مررتما به في أن نقوله للطفل فحذار من االنزالق نحو هاوية الوعظ واإلرشاد ولنستبعد تماما ي ف ض ي إلى تجاوزها. ربما يقع انتهاك لحق ما من حقوق اإلنسان أو تتهيأ لهما ظروف م س اعدة. ورب ما يلج أا أطفال أو أشخاص آخرون من فئات ع مري ة بمعزل عن رؤية الش خصية القص ص ي ة للعالم وعم ا ينبغي عليها بذله من جهد اإلمتاع واإلفادة في آن معا. طفولتكما واستعيدا االنفعاالت والمشاعر واألفكار التي دفقت في نفسيكما من منظور الش خص الر اشد عندما نكتب من وجهة نظر طفل أو طفلة ص غ يري الس ن الط بيعية أو المدنية أو السياسية أو الث قافية أو االقتصادية أو االجتماعية أخرى ممن تعر ضوا العتداء من أي نوع كان إلى الش رطة ألخذ ما يتوج ب عليها وتحفيز م ثابرين يحيالن هذه الرؤية إلى واقع في الواقع! كيف ن ف ك ر كاألطفال جر ائه أو إزاءه ووظ فاها جميعا إلكساب محدودي الت جربة! ولنتذك ر دائما أن تأويل أو تن تهك قيمة معينه من القيم اإلنسانية أخذه من إجراءات تكفل حماية ح ق وق إن توسيع إطار تناول الموضوع ي ف ض ي إلى هل تذكرين كيف كانت الطفلة التي ك ن ت ها تصرفات شخصيات القص ة أو الرواية أي وضع أو حال قابل للت بد ل مع تغي ر الثابتة والمتأص لة في فطرة البشر ولكن الن اس عبر إنفاذ القانون أو ربما يرفعون توسيع نطاق الجمهور المستهدف أو القر اء في الخامسة من ع م ر ك مثال وهل تذكر وردود أفعالهم حياة تنبض بالحياة العمر ومرور الز من فإذ يمكن لطفل في فعل االنتهاك أو االعتداء أي ا كانت طبيعته مظلمتهم إلى جهة تستطيع مساعدتهم المحتملين والعكس دائما صحيح. ولذلك كيف كان الطفل الذي ك ن ت ه في الثامنة وص د ق ي ة وإقناعا. ولكن تذك را أن الشروع الثالثة أن يتشاجر مع صديق له ثم ينسى وآثاره ليس هو الشيء الوحيد الذي يجري وتعويضهم عم ا لحق بهم من أذى وضرر فإن تناول الموضوع الخاص أو المحلي من ع مرك مثال وهل تذكران كيف كانت ما حدث قبل أن يتخل ص من الت راب الذي في حياة م ن ت ه ك الح ق وق أو في حياة أو حت ى الوطني بوصفه مرتكزا أو نقطة يومها تجري األمور هل يذكر أي منكما ما الذي كان يرغب فيه ويتوق إليه أو يرغب عل ق بثيابه فإن طفال في الثالثة عشرة من عمره لن يستطيع الن وم إن هو ف ق د صداقة الم ن ت ه ك ة ح ق وق ه الم عت د ي أو الم ع ت د ى عليه الجالد أو الض حية وذلك ألن وراء انطالق نحو آفاق أوسع وذات صلة عميقة بالقيم اإلنسانية العليا وبالمآزق الحياتية عنه ويتحاشاه وهل يمكنكما استرجاع ما كنتما تفك ران فيه يومها وما كنتما تخافانه أو تخشيان وقوعه هل لكما أن تستعيدا ضحكاتكما القديمة والبكاء هل أنتما مستعدان لفعل ذلك وغيره مما يصب في مجرى استعادة مراحل الطفولة وعيشها من جديد إن رغبتما في الكتابة لألطفال فلن يكون بوسعكما إال أن تفعال ذلك وأن تكونا ق اد رين على الحفر عميقا في أعماقكما كي تستنهضا مكنون الطفولة الكامن فيهما! إن حاول أحدكما كتابة قصة م ص و رة أو أي شكل من أشكال أدب األطفال وصيغه الم تنو عة أو سعى إلنجاز كتاب من أي نمط من أنماط كتبهم الثقافية العديدة ليست الك ت ب التي تعرض المناظرات الخالفية أو تتناول الموضوعات الس اخنة القابلة للجدل تناوال نظريا هي أفضل الك ت ب بالن سبة إلى األطفال وإنما تلك التي تعرض أمام أبصارهم وعقولهم وضمائرهم كيفية تعامل الش خصيات مع األوضاع الص عبة أو الحاالت اإلشكالية التي ت واجهها وتشعر أن ها م طالبة بإيجاد حل طفل آخر بسبب شجار وسيمكث الل يل ك ل ه مؤر قا ي فك ر في كيفية االندماج مع األطفال اآلخرين من جديد! ولعل ها تكون فكرة جيدة أن تمكثا بعض الوقت مع أطفال من المرحلة العمرية التي تكتبان لها ويمكنكما فعل ذلك من خالل زيارة األقارب أو مدرسة الحي أو حديقة الحي )إن وجدت بالط بع( أو مؤسسة من مؤسسات الطفولة التي يقيم فيها األطفال أو يأتونها لممارسة أنشطة معينة أو المكتبات العامة أو غير ذلك من أماكن. وال شك في أن مثل هذا الن شاط سي م ك ن ك م ا من مراقبة األطفال وهم يتفاعلون بعضهم مع بعض ومن اإلصغاء إلى محاوراتهم ومن مالحظة تصرفاتهم وحركاتهم وردود كل نتيجة أسبابا وخ ل ف ك ل قص ة قص ة! ال شك في أن وقوع فعل االنتهاك ال يؤث ر على الش خصي ة الم ن ت ه ك ة حق و قها فحسب وإن ما على م ن ت ه ك الح ق وق أيضا غير أن الذي يختلف هو طبيعة التأثير أو آثار الفعل ونتائجه. فقد ي ف ض ي فعل االنتهاك إلى إنهاك الش خصية م ن ت ه ك ة الح ق وق )التي أقدمت على ارتكاب فعل انتهاك الح ق وق( وإلى هز كيانها من أساسه بحيث ي ح د د هذا األمر منذ بدء الكتاب )أو القصة( الحالة الم د م رة التي تهيمن على هذه الش خصي ة والتحوالت التي أصابت هويتها فحو لتها إلى ما يقترب بدرجة أو بأخرى من نقيض هويتها األصلية كإنسان. هذا من جهة أولى ومن جهة ثانية ينبغي ألن القص ة تنهض في ص لبها على قراءة معم قة لمشاعر الش خصيات وعلى ت ق ص م تعد د الجوانب لألسباب التي أفرزت النتائج البادية أو المتوق ع ظهورها في مسار الس رد الق ص ص ي وتوالي األحداث وعلى عرض فني لكل ذلك فإن ها تثير مشاعر القر اء وتحف ز تفكيرهم وتقلقهم والت اريخية التي واجهها والتي ي مكن أن ي واجهها البشر أينما كانوا وألي ثقافة أو دين أو عرق أو لون أو جنس أو جنسية انتموا يدفع القص ة إلى الس مو على الز منية واآلنية مع االستمرار في تأكيد انتمائها إلى المكان وتعزيز بقائها في الز من وذلك ألنه يلج بها رحاب اإلنسانية أو العالمية تأسيسا على خصوصي تها ومحليتها المنفتحة على هموم البشرية بأسرها وعلى آفاق الحياة. هكذا تحصل القص ة على جمهور أوسع ألنها تنهض على قيم أعمق وأبقى وتؤس س لنفسها دائرة اهتمام أعم وأشمل. ليس الس مو على الز منية واآلنية خروجا من الز من وإنما هو إيغال في امتداداته ولذا فليس له إال أن يتذك ر جانبا من طفولته أفعالهم بحيث تستطيعان معرفة ما يهم هم للقصة أن ت رك ز على كيفية تجاوز الطفل يتوج ب على الكاتب أن ي عالج موضوع وأن يعيشه من جديد! فمن الض روري وما ال يلتفتون إليه وذلك في تناسب مع أو الش خص الذي استهدفه االنتهاك أو قصته أو مقالته أو بحثه بطريقة زمنية والجوهري أن تتذكرا ما كنتما تفك ران فيه خصائص المرحلة العمرية التي يندرجون االعتداء أو الفقد اله و ي ة الت عسفي ة التي تاريخية مالئمة كي ي خ ل ص إلى بث رسالة وأن تستعيدا مشاعركما القديمة من أجل أن تعيشاها مجددا في نص القصة أو في في تفسير أحداث طفولتكما من منظور ضمنها. ف ر ض ت ق س ر ا عليه جر اء ذلك وأن ت ب ي ن كيفية نمو ه إلى ما هو أبعد من كونه طفال ولكن المهم بالن سبة إلى قصة تتناول مثل هذه القضايا الس اخنة أو الخالفية أو التي ضمنية )الق ص ة( أو م عالجة ظاهرة )المقالة والبحث وغيرهما من األنماط واألشكال تفاصيل الكتاب بجميع مكوناته! اإلنسان الراشد الذي أنتما عليه اآلن الك ت اب ة في م وض وع ات خ الفي ة أو شخصا تعر ض لالنتهاك أو االمتهان تتقل ص دائرة المهتمين بها إلى حد ربما ال الكتابية العلمية والمنهجية( للوصول إلى جميعنا يتذك ر جوانب معينة من طفولته وثمة مراحل أو أحداث نتذك رها على نحو سي ف ق د القص ة تلك الص دقية وذلك اإلقناع! وتلك غلطة يقع فيها كت اب عديدون حين ي ف س ر ون أحداث الطفولة من منظور الكبار ليست الك ت ب التي تعرض المناظرات الخالفية أو تتناول الموضوعات الس اخنة القابلة للجدل تناوال نظريا هي أفضل أو اإلعاقة وكيف عثر في نفسه على ما م ك نه من أن ي ج د بنفسه ولنفسه في نفسه وواقعه جوانب تستحق العناية ودوافع ي ساعد على ترويج الكتاب هو أن تتمك ن الش خصية من استعادة ثقتها بنفسها ومن الس عي الدؤوب إليجاد حل لمشكلتها خ الصة مؤداها أن الموضوعات أو القضايا أو المشكالت التي كانت ساخنة أو خالفية في الماضي لم تعد كذلك اآلن ألن البشر أكثر وضوحا من غيرها. وأنت ككاتبة واعدة وأنت ككاتب واعد م طال ب ان أن فتحاشيا ارتكاب هذه الغلطة! إن مرور الز من لكفيل بأن ي ت يح لنا فرصا الك ت ب بالن سبة إلى األطفال وإنما تلك التي تعرض أمام أبصارهم وعقولهم ت ح ف ز الفعل اإليجابي المفضي إلى استعادة الذ ات وإعادة صوغ اله و ي ة الم س ت ل ب ة أو ولتجاوز مأزقها. ينبغي للقصة أن تحمل مغزى ضمنيا مؤداه أن هناك بصيص ض وء قد وجدوا حلوال حاسمة لها وع ب ر وا الط رق المؤدية إلى تجاوزها وكذلك هو الحال العدد - 30 يوليو/ مت وز

42 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف بالنسبة إلى موضوعات الحاضر وقضاياه ومشكالته ألنها ستصبح بجهد البشر الش خصيات أو يفصح عن جوانب خ ف ي ة في بناء القص ة ومسار أحداثها أو غير ذلك الوقت ع د إليها أو عودي إليها واشرع أو اشرعي في مراجعتها وتدقيقها. وإضافة نوار حيدر ووعيهم المنفتح على القيم اإلنسانية من أمور ومكونات فنية وفكرية ذات داللة إلى الت ركيز على الل غة واألسلوب وغير ومعاني الوجود ماضيا ي س ت ع اد تأم له كي ومغزى ذلك من جوانب تتصل بالمراجعة بالتدقيق ت س ت ل ه م دروسه! وبالنسبة إلى الفئة العمرية المستهدفة وألن القص ة تنهض في ص لبها على قراءة معم قة لمشاعر الش خصيات وعلى ت ق ص الجزئي أوال ثم الكل ي سل نفسك أو سلي نفسك األسئلة األساسية التالية: أصال بالقص ة أو المقالة أو البحث ينبغي م تعد د الجوانب لألسباب التي أفرزت هل الشخصية واقعية هل تشعر وتفك ر للكاتب أن ي راعي خصائصها ومحد داتها النتائج البادية أو المتوق ع ظهورها في مثل أي طفل في سنها هل هي التي تروي فغالبا ما يتض م ن الك ت اب الموج ه للق ر اء من الفئة العمرية المتوس طة األحداث واألسباب الجذرية التي ألقت بالش خصية مسار الس رد الق ص ص ي وتوالي األحداث وعلى عرض فني لكل ذلك فإن ها تثير مشاعر القر اء وتحف ز تفكيرهم وتقلقهم. القص ة وهل ترويها من منظورها الخاص ووفق وجهة نظرها ورؤيتها للعالم هل ت د خ لت كمؤلف أو كمؤل فة للقص ة تدخال في مأزقها الر اهن أو الد وامة التي تعصف وحت ى أولئك الذين لم يشعروا أبدا بمثل مباشرا أو غير مباشر في مسار أحداثها بها اآلن وذلك دون إغراق في سرد تلك األحاسيس ولم تجتحهم مشاعر هل فرضت وجهة نظري على الطفل تفاصيل كثيرة أو تقديم عرض تصويري كالتي اجتاحت بطل القص ة ينهمكون )الش خصية الرئيسية أو الر اوي( ودفعته م ف ص ل بل بإلماح وامض. في متابعة ما يجرى في انتظار حدوث ما إلعادة تأويل األحداث أو تفسيرها بحسب لنقارب ما أشرنا إليه للت و بمثال توضيحي موجز: طفل ش ر د بسبب انفصال والديه وزواج كل منهما من شخص آخر ي واصل رؤيتي أنا الش خص الر اشد للعالم هل بدت الش خصية الر ئيسية بريئة جدا طاهرة جدا نقية جدا وصافية جدا وذلك األب إدمان المخدرات التي فر قت شمل األسرة يجد الطفل ملجأ عند أقارب له في مدينة بعيدة يحدث أن ي ق ت ل األب في حادث غامض تستدعي الش رطة الط فل كي يتعر ف على جثة أبيه )هل من الص ائب أن تفعل الش رطة ذلك ( وبينما هو واقف أمام جث ة أبيه المشو هة تماما )أفي هذا عنف زائد بالن سبة إلى طفل( نتعر ف على جوانب عديدة من جوانب عالقة االبن بأبيه قبل تشت ت األسرة وبعده أي في الماضي القريب وذلك من خالل آلية االسترجاع أو الت داعي. ولعلنا نكون قد عرفنا بعض نتائج هذا الماضي من خالل توح د الط فل وعدم قدرته على بناء هل فرضت وجهة نظري على الطفل )الش خصية الرئيسية أو الر اوي( ودفعته إلعادة تأويل األحداث أو تفسيرها بحسب رؤيتي أنا الش خص الر اشد للعالم هل بدت الش خصية الر ئيسية بريئة جدا طاهرة جدا نقية جدا وصافية جدا وذلك على الر غم من أن المأساة التي ألم ت بها قد لو ثتها على الر غم من أن المأساة التي ألم ت بها قد لو ثتها ودفعتها ألن تكب ر بسرعة وقبل األوان هل تمت عت الش خصية الر ئيسة بخصائص تعويضية ممي زة أسهمت في تمكينها من تجاوز مأزقها أو على األقل دفعتها للتحر ك في اتجاه يفضي إلى تجاوزه س لي نفسك وسل نفسك أيضا هل بدت الش خصية الش ريرة الم ن ت ه ك ة الحقوق أو الش خصيات الش ريرة المعتدية شخصيات شيطانية على نحو كلي م ط ب ق أم أنها ظل ت مسكونة بجوانب إنسانية مكبوحة أو م ي ت ة وعند اإلجابة عن هذا الس ؤال تذك ر وتذك ري أن الش خصيات الش ريرة إعادة الوضع إلى حالته األصلية الس لمية الس ليمة أو إلى تعويض البطل وأسرته الشخصية الر ئيسة والشخصيات الخي رة الش ريرة مسط حة ذات ب ع د واحد أم هي بداية قصة جديدة عقب نهاية هذه القصة بحيث يشعر أن القصة التي قرأها ليست صداقات ورفضه اإلذعان لنصائح أقاربه ال تعدم كونها شخصيات إنسانية إنها أو جماعته البشرية عم ا لحق بهم من أذى نامية متطو رة ذات أبعاد متعد دة وهل إال قطعة من نهر الحياة الجاري التقطها ومدر سيه وإرشاداتهم إلى غير ذلك من أحداث ومعطيات وممكنات أسهمت في تعيش معنا في هذا العالم ال تصعد إلينا من الجحيم األرضي وال تسقط علينا من وضرر. وعليه تذك را دائما أن الش خصيات الش ريرة ليست ود ية وليست م تجانسة الحوار متيبس جامد أم هو حيوي سريع الوقع بحيث أن ه يسهم في الكشف عن الفن وأعاد إنتاجها ليدرجها في عالمه إن شعرتما أن ك ما تملكان الر غبة والموهبة بناء القص ة وإطالق الس رد. ولكن ماذا ي ف ر ج ك ر ب البطل وما ي ب د د قلقهم عليه أعالي الس ماء! أبدا ولذا فإن ها ال ت ص ل ح بتاتا ألن ت وضع أبعاد جديدة في الش خصيات وفي دفع وتتوافران على القدرات والمهارات التي بشأن الموت فكرة أو حقيقة إنسانية يتكر ر حدوثها واقعا في كل حين أليس بل رب ما يكونون أكثر تأثرا من غيرهم وأكثر تلهفا على إيجاد حل مالئم وحاسم وتذك را أيضا أن الش خصيات الش ريرة تؤدي دورها في القصص على نحو مالئم تماما في مركز القصة إال إذا كانت كذلك وهل لها أن تكون! القص ة إلى األمام وهل نهاية القص ة تناوئ مسار األحداث وتنأى عن الص دقية تؤهلكما لكتابة قصة تنهض على فكرة خالفية ساخنة ومثيرة للجدل فال من المالئم تناولها في سياق هذه القص ة للمشكلة! حين تكون خ ص م ا عدوا م ن ت ه ك ا للح ق وق وأخيرا سال نفسيكما هل الحبكة ملف قة واإلقناع أم هي نهاية طبيعية لمسار تترد دا أبدا في فعل ذلك ولكن هل على نحو ي ضيء تجليا جديدا أو ممي زا لها ودائما عند االنتهاء من كتابة القصة أو عدو ا ي ساعد عدو ا آخر على انتهاكها أو زائفة أم أصلية متأصلة في واقع م ح و ل األحداث وخصائص الش خصيات وحركة ستعمال بأقصى طاقتكما على إتقانها يعكس تناول ه مكونات جوهرية في ه وي ات وعقب االبتعاد عن مسو دتها الن اجزة بعض عامال مضادا يعط ل الحلول المفضية إلى إلى فن وهل الش خصيات بما في ذلك الص راع وهل يستطيع القارئ أن يتصو ر ناقد من فلسطين مقيم في براتشسالفا العدد - 30 يوليو/ مت وز

43 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف كاتب األطفال يسير على حد السيف الكتابة للطفل بداية التنمية المستدامة محمد عرايب هويدا صالح منذ أن بدأت مشواري اإلبداعي كروائية وكاتبة قصة قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما وأنا أسأل نفسي كيف يمكن أن نكتب أدبا للطفل يجمع له كل مكو ناته الثقافية في النص السردي دون أن ن غر به عن الواقع المعيش ويظل سؤال الهوية الذي تتصارعه عناصر التراث وعناصر الحداثة سؤاال محيرا مستحقا للطرح والمناقشة الجادة من قبل المعنيين باألمر فهل أطفالنا في العالم العربي مكتوب عليهم طوال الوقت أن نعود بهم للتراث لنمتح منه نصوصا ونقدمها لهم دون أن ندرك أنهم يعيشون في القرن الحادي والعشرين ويتعاملون مع منتجات معرفية حداثية يوف رها لهم عالم الميديا الجديد كيف يتصو ر كت اب األطفال أنهم يعد ون دون أن يدروا أطفاال للعيش في األلفية الثالثة بما فيها من طفرات معرفية مخيفة وهم يعتنقون الفكر النكوصي الراديكالي الذي يقد م التراث فال تفارق كتاباتهم ما ط رح في كتب التراث وخاصة»كليلة ودمنة«وكذلك الحكايات التراثية الشفاهية ينكر أهمية استعادة عناصر ال أحد التراث التي هي جزء أصيل التراث تقع في مآزق عديدة مثل السطحية والمباشرة والصيغ الوعظية وكأنهم إن غاية الثقافة تكمن في إعداد اإلنسان المدرك لحقيقة وجوده والواثق بقدرته من هويتنا الثقافية لكن ثمة أسئلة يجب يتصو رون أن وعي الطفل لن يتمك ن من على التغير نحو األفضل القادر على أن نطرحها على أنفسنا ونحن نفك ر في الفهم إال عن طريق المباشرة فمعظم كت اب أن يعيش اللحظة الراهنة في سالم مع الكتابة لألطفال من أهمها: كيف تتم هذه األطفال يعجزون عن الفهم العميق لنفسية العالم وما يحتاجه وطن يسعى للتنمية االستدعاءات في النصوص السردية الطفل وال يحترمون مستوى ذكائه وال المستدامة لإلنسان يبدأ بأن يلتفت لألدب المقدمة للطفل هل يستعيدها ك ت اب يعرفون أن طفل اليوم قد صار أكثر وعيا الموجه للطفل أن يؤمن القائمون على هذا األطفال كما هي دون االشتغال عليها من من طفل األمس ولذلك فإنهم ال يقد مون الوطن أهمية تنمية المشاعر الوطنية من أجل تنمية الوعي وهل يدرك الك ت اب له مفاهيم قادرة على إثارة مخيلته خالل االستثمار في اإلنسان فالثقافة تمثل أهمية كتابة الحكاية التراثية من زاوية ومساعدته على أن يكون إنسانا قادرا على الخيار األول لدى األمم المتحضرة في سلم رؤية مختلفة ومغايرة تمك نهم من تمرير ما التصالح مع الذات وقبول اآلخر المختلف القيم لما لها من أبعاد اجتماعية واقتصادية يريدون من قيم تغذ ي العقل وتنم ي الوعي كي يصبح فاعال وقادرا على التعامل مع وسياسية فعلى الدولة التي تعي ما ي نت ظر كلما قرأت قصة»سندريال«أو»ليلى مفردات الحياة اليومية المختلفة. كما منها أن تعكف على إعداد مواطنيها منذ والذئب«في نصوص حداثية وال تفارق أن الكتابة للطفل يمكن أن تساعده على أن يكونوا أطفاال من خالل رعاية ك ت ابها النظرة التراثية أقول المفروض أن يغيروا تحسين أدائه وتهذيب وجدانه لما تثير فيه وتهيئة المناخات الالزمة لهم ليتفرغوا احتياج واقعنا العربي إلى ثقافة حقيقية للطفل ولماذا ال يكتب له»لم أصل بعد و«الحورية الصغيرة«وغيرها من روائع من نهايات هذه القصص أو تخطيطها من العواطف اإلنسانية النبيلة من خالل للكتابة لألطفال. واعية وقادرة على إعداد مواطن مثقف إلى مستوى هذه العبقرية«. إن الكاتب كتبه. الدرامي ويقدموا للصغار نظرة نسوية مواقف شخصيات القصة أو المسرحية صحيح أن عهد الثقافة الشمولية قد انتهى ومتحضر. النرويجي هانز أندرسن كان يكتب القصة وبعد كل هذه السنين من التردد قررت أن تنتصر للمرأة وال تجعلها تابعة ومنقادة وال التي يقرؤها الطفل أو يسمعها أو يراها ولم يعد منتظرا من الدول إنتاج الثقافة هل من حق كل من امتلك موهبة اإلبداع والرواية والمسرحية والشعر وحين سئل أنشر ما كتبت من قصص لألطفال. تمتلك الوعي الذي يجعلها تقر ر مصيرها ممثلة فيندمج مع شخصياتها ويتفاعل بشكل شامل لكن -على األقل- يمكن لدولة السردي أو الشعري أن يكتب للطفل هل عن كتابة األطفال قال ربما أمتلك الجرأة كانت أول رواية كتبتها عن مصر القديمة أليس من هذه القصص يتربى الوعي معها. بل إننا عبر القصص يمكن أن نعز ز ما أن ترعى مثقفيها وكت ابها حتى يتمك نوا يصبح قادرا على الوصول إلى عقل الطفل يوما لكنه أخذ هذه الخطوة بعد ذلك مصر الفرعونية عن طفل كان يعيش في الذكوري أو الوعي النسوي. داخله مفاهيم العلم والمعرفة والتأمل من إنتاج خطاب ثقافي واع وغير موجه في خطاب سهل ال يصل إلى حد المباشرة بسنوات ليكتب لنا أعظم كتب األطفال الدولة المصرية القديمة ويتردد على»بيت حتى القصص الحداثية العادية التي تنطلق والتفكير إضافة إلى ما يمكن أن نعز زه من في ذات الوقت. ندرك جميعا في هذه عميق ال يصل إلى حد الغموض وأشهرها في العالم ومن بينها»البلبل«الحياة«يتناول معارفه في الفلك والعلوم دراميا من الواقع دون أن تعتمد على قيم االنتماء والوطنية. اللحظات الحرجة من عمر الدول العربية قال تولستوي يوما حين س ئ ل عن الكتابة و«مالبس اإلمبراطور«و«بائعة الثقاب«ويتعلم النحت والتصوير ويساعد والده العدد - 30 يوليو/ مت وز

44 ملف في ورشة الرسم التي يملكها وحينما يأتي الغرباء ويغتصبون الوطن يقر ر أن يترك بيت الحياة ويذهب للبحث عن حل يقاوم به الغرباء. ويحدث أن يخرج في رحلة من الجنوب إلى الشمال حيث يكون الغرباء وهي رحلة تشبه رحلة أحمس طارد الهكسوس. صحيح أنني كنت مهمومة بقضية كبرى بالنسبة إلي لكن نبل القضية لم يأت على حساب الفن لم أهمل جماليات الكتابة ألنني فقط أكتب قضية كبرى بل حرصت أن أقدم هذه القضية النبيلة في بناء فني وجمالي يمت ع الطفل ويحقق الحد المتوقع من الجماليات. وكذلك األمر بالنسبة إلى بقية قصصي فإنني معنية بالمقام األول بأن أقدم للطفل مفهوما أو قيمة تستحق أن تخلد في كتاب دون أن تتعارض مع المفاهيم المعرفية والمنطقية. أذكر يوما أن ني قرأت في قصة لكاتب ما أن الزرافة أكلت أرنبا وفي هذا النص مغالطة منطقية ال يمكن أن نمررها بحجة الخيال فاألرنب ليس في الدورة الغذائية للزرافة فكيف أكتب للطفل نصا وبحجة الخيال أهدم له قيمة معرفية علمية كما أنني قرأت يوما نصا لكاتب يتحدث فيه الطفل بطل النص بعنصرية ضد المعاقين فاألم في حوارها في النص تقول إنها»تقول لألعور يا أعور في عينه«أليس في هذا النص هدم لقيمة الحفاظ على اآلخر المختلف وينال منه ما هي القيمة التي يسعى كاتب نص مثل هذا أن يوصلها للطفل بأن نسر ب إليه دون أن ندري أن قول»يا أعور«لألعور هو دليل على الصراحة أليس في هذا تعليم الطفل قيمة سلبية كما أنني قرأت يوما قصة لكاتب مغربي ال أتذكر اسمه وكانت القصة عن دجاجة قر رت يوما أن تصير ديكا وبدال من أن يجعل الكاتب الدجاجة تنجح في مشروعها جعلها تفشل في ذلك فشال ذريع ا بل جعل الدجاجات يسخرن منها ويعايرنها بهذا الموقف ويقلن لها نحن خلقنا اهلل دجاجات ضعيفات والديوك يحموننا أليس في هذا النص دون أن يدري الكاتب ترسيخا لثقافة ذكورية تنال من المرأة ومن قيمتها في المجتمع وهل من حقنا -بعد ذلك- أن نتساءل من أين تأتي العنصرية ضد النساء في مجتمعاتنا العربية من هنا تأتي صعوبة الكتابة للطفل ألننا كثقافة عربية تمتلئ مفرداتنا اليومية وأمثالنا الشعبية -دون أن ندري- بمقوالت عنصرية وطائفية تنال من المختلف. هل يعي كت اب الطفل أن من الواجب عليهم أن ينقوا لغتهم وينق حوها ويج نبوها كل مقولة يمكن أن تنال من اآلخر المختلف إن كاتب األطفال يسير على حد السيف أو يسير على صراط رفيع مرتفع وعليه أن يحفظ كلما قرأت قصة»سندريال«أو»ليلى والذئب«في نصوص حداثية وال تفارق النظرة التراثية أقول المفروض أن يغيروا من نهايات هذه القصص أو تخطيطها الدرامي ويقدموا للصغار نظرة نسوية تنتصر للمرأة وال تجعلها تابعة ومنقادة توازنه وإال وقع لو مال يمينا أو يسارا فهل بالفعل يعي كتابنا خطورة المسؤولية الملقاة عليهم هل يفكرون في كل جملة يكتبونها وينق ونها من شوائب التفكير الجمعي الكامن في الالوعي إنني لو كتبت قصة»ليلى والذئب«منطلقة من القصة التراثية سوف أجعل ليلى فتاة واعية ومختلفة وال تنخدع بالذئب الذي يتخف ى لها في مالبس جدتها علي أن أصوغ ليلى أخرى تمتلك الوعي الذي تكشف به حيل الذئب وال تنخدع به ألن النساء يجب أال ينخدعن طوال الوقت بل يجب أن يمتلكن الوعي للخروج من المكائد والفخاخ المنصوبة لهن. كذلك أتمنى أن أكتب قصة رادوبي أو سندريال ساعتها سوف أجعل رادوبي أو سندريال تسحر األمير ليس بجمالها فقط بل بحجة منطقها وقوة شخصيتها سوف أجعلها تذهب للحفل بإرادتها وأن تقاوم زوجة أبيها التي تهم شها. لن أدع الجنية الطيبة هي التي تقدم لها الحل. بل يجب أن ينبع الحل من داخلها وليس من قوى عليا. إن ني أتمنى أن أمتلك رؤية وفلسفة تشتغل على مساحات الوعي التي ترقى بمستوى الفكر للطفل العربي. فلسفة تنبني على أن األدب الموج ه للطفل ليس هو فقط األدب الذي يعنى بالحكايات والقصص فقط. بل إن هذه الفلسفة إلى جانب القصص والحكايات والروايات تشمل الثقافة التي يمكن أن توج ه لألطفال والناشئة أي الثقافة في معناها األشمل والتي تتضمن محاور ومناحي المعرفة في شتى مجاالتها كاألدب والفن والعلوم والفلسفة والفكر. فبناء رؤية لدى الطفل ال يتأت ى فقط بسرد حكايات بل بتقديم جرعة مبس طة من المعرفة في شت ى المجاالت. إنني أتمنى أن يكتب الكاتب العربي برؤية تنبني على فلسفة العلم ليس العلم المتخصص وإنما آليات التفكير العلمي في البحث عن المعرفة فالمعرفة هي الهدف األسمى ألن العلم متخص ص وضيق أما المعرفة فواسعة وشاملة وذلك كي يكون بوسعنا أن نخلق قارئا يتمك ن من قراءة األدب والعلوم والفلسفة وعلم الجمال فيصبح مؤهال ألن يتمتع بالتفكير الناقد. كاتبة من مصر محمد عرايب العدد - 30 يوليو/ مت وز

45 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل الطفولة العربية في مصحات المستقبل محمد عرايب وارد بدر السالم من»خرافات أيسوب«وحتى اليوم مرت قرون على ما يسمى نقديا أو اصطالحيا ب«أدب الطفل«حينما كان مثل هذا األدب وليدا غير مكتمل المعالم وال يتوفر على صورة أساسية لهيكليته الفنية ومن تلك الخرافات األيسوبية حتى هذا الزمن اإللكتروني المتطور يكون الزمن طويال وكفيال ببلورة الكثير من المفاهيم والمقترحات لتطوير هذا النوع العالمي الذي يهتم بالطفولة أداء شعريا ونثريا تعليميا وتربويا ومن ثم صناعة تفر قه عن أدب الكبار في سردياته وشعرياته العميقة األكثر صلة بالحياة. وعبر هذه الفترة الزمنية المتداخلة كثيرة المتغيرات التي تطورت مفاهيمها األدبية والثقافية والصناعية ورؤيتها الجديدة للحياة بعد الثورتين الزراعية والصناعية وصوال الى الثورة اإللكترونية فائقة الخيال لن يبقى أدب الطفل بمعزل عن كل هذه المتغيرات الحاسمة تأليفا وتوثيقا وصناعة ك تبية شهدها العالم منذ تلك البواكير االبتدائية وحتى هذا الزمن المنشغل بثورات تقنية وصناعية وتأليفية على مستويات أكثر نضجا وأهمية. لذلك يبدو مثل هذا األدب الذي ما يزال البعض يعتقده هامشيا ذا أهمية كبيرة في رصف أرضية ثقافية رصينة له بكل متفرعاتها التربوية والتعليمية والعلمية فالموضوع الجيلي بهذه التسمية موضوع حساس ل ما له أهمية في إعداد أجيال تغذيها الثقافة بمعناها العلمي الشامل وتؤسس لها قاعدة جبارة في الحياة وترصيف العوامل اإليجابية في روح الطفولة بحكمة ومسؤولية وهو نشاط تعليمي يندرج ضمن األسس التربوية الصحيحة لتنشئة جيل قادر على أن يتحول في مستقبله إلى قاعدة بناء وتأسيس منطلقات فكرية عظيمة الشأن. حتى الثالثينات من القرن العشرين لم يكن أدب الطفل العربي شائعا بهذا المفهوم االصطالحي بل كانت الكتابة التعليمية هي التي يمكن أن نؤشرها عبر الترجمة وهي السائدة في صحافة الثالثينات العربية كما تظهر حكايات الفونتين كإحدى االرتكازات التطبيقية ألدب الطفل العالمي والتي نهل األدب العربي منها كثيرا ترجمة وتأثرا في محاولة لتجريب هذا النوع األدبي الجديد وإطالع القارئ العربي في تلك الفترة التأسيسية على هذا النمط الغربي الذي اهتم بثقافة الطفل وإن بشكله التعليمي- التربوي المبس ط وهو ما درجت عليه بعض األدبيات السائدة في تلك الفترات على يد مبدعيها الكبار وهم قلة قليلة توزعت اهتماماتها على تعددية األجناس األدبية إلى حد ما. وحتى الحرب العالمية الثانية ومع إعالن حقوق الطفل عن الجمعية العامة لألمم المتحدة دخل مصطلح أدب الطفل إلى حيز القراءة واالهتمام وهو أمر فيه تفصيالت كثيرة ال نعتقد أن األدب العربي مع نهضته األولى كان بعيدا عنه بالرغم من خروجه )الوطن العربي( مقس ما سياسيا وتداخلت فيه أهواء السياسة على نحو صريح وخضع لسلطات استعمارية احتاللية متعاقبة غير أن الثابت هو أن مجمل األدب العربي تفاعل مع مستحدثات اآلداب العالمية بعد الحرب تلك التي أث ر ت األدب العربي بالترجمات وأغنت حيويته بالكثير من المدارس األدبية ومنهجيات النقد وشيوع الثقافة الشعرية والبحثية والسردية العدمية الوجودية بطريقة كبيرة وال شك أن من بينها وضوح أدب الطفل كمصطلح له رسمته الشخصية التي ت عنى بالطفل والذي ي عنى بدوره بسيكولوجية الطفولة وتنميتها االجتماعية والتربوية والثقافية بعيدا عن خضوعها أليديولوجيات فكرية وسياسية وحزبية ضيقة األفق. المسرد في هذا الموضوع شائك وفيه من التفصيالت الشيء الكثير ال سيما ونحن في قرن العولمة والثورة الثالثة بحسب تعبير توفلر التي جاءت بمتغيرات ال حصر لها على األصعدة كلها ومن بينها المتغيرات التي طرأت على الثقافة اليومية والعامة لكن يبقى أدب الطفل العربي على وجه الخصوص مرهونا بسياسات ثقافية كثيرة ال تفترق من بعيد أو من قريب عن السياسات الدولية مثلما ال تفترق عن جملة العوامل المتعلقة بالميديا وآفاقها الكبيرة واإلنفوميديا والمعلوماتية إلى اإلعالم التفاعلي والثقافة التفاعلية واألدب التفاعلي الذي استثمر كل هذه المعطيات الجبارة لصناعة الحياة بثقافاتها المتعددة ونزوعها إلى الحركة المثالية للتجديد واجتراح طرائقها األسلوبية والفنية مستفيدة من كل هذه اآلليات المتفاعلة التي تديم نبض الثقافة. ففي عصر الصورة مثال أمكن اختزال الكثير من معاناة الكتابة وتحشيدها الذي ال طائل من ورائه في كثير من األحيان فالصورة التلفزيونية وما شابهها هي األكثر تأثيرا في عصر متسارع النبض والخطوات ولقطة الفوتوغراف حكاية كاملة عن فيض من الدموع وركام من األسى ومعطيات التواصل االجتماعي ثبت أنها األكثر التصاقا بالحياة اليومية واألسرع في التأثير ونقل الحقيقة مهما اختلفنا في تفسير الكثير منها بانجذاباتنا السياسية والدينية والفكرية وهكذا سنجد في أدب الطفل العربي ومع هذه اآلفاق الجديدة وما رافقها -عربيا - من هيجان عاصف تحت مسم يات الثورات العربية في الربيع األسود المعروف وتداخل األهداف وامتزاج الح راب والبنادق بطريقة فوضوية سنجد فوضى المقاييس األدبية بانزواء هذا اللون األدبي فال يمكن استشفاف حتى اآلن ما يمك ننا من استشراف انطالقات جدية في ثقافة الطفل العربي بالرغم من توفر المادة الخام لهذا األدب الذي يعنى باألجيال الجديدة على مختلف فئاتها العمرية. فأزمة الحاضر العربي بصراعاته المستفحلة مذهبيا وطائفيا وقوميا وعسكريا أنتجت وتنتج أجياال خائفة يلف ها الرعب وتسودها األمية والجهل بسبب الهجرة الداخلية والخارجية واليتم والفقر وغموض المستقبل ما يشك ل خرقا نفسيا فظيعا في هذه الشرائح الغض ة التي رأت وترى سيول الدماء أمامها وحولها وفيها وهي األجيال التي انتبهت قبل هذا الغزو األيديولوجي الصعب إلى أفكار التكنولوجيا والعقل اإللكتروني ومدارس الكومبيوتر لكن»الصورة«الفذة الرهيبة قلبت كل معطيات الواقع ووضعته أمام همجية القرن الحادي والعشرين الجديد بطريقة معكوسة غير قابلة للهضم في كثير من التفسيرات المتاحة. أدب الطفل العربي الذي يعاني من هذا الشرخ ال يمكن أن يعود إال بعودة الحياة المدنية وكت اب الطفولة مدعوون لمعالجة الحالة المريضة في أوصال المجتمع الذي خضع إلى تغيير كبير في مناهجه الدراسية بتلقين ديني متطرف كما يحصل اآلن في العراق بإشاعة صورة عن غيرها واستبدال القديم بالجديد الموج ه إلى قديم أيضا لكن بطريقة احترافية مقصودة وهذا المحو العدد - 30 يوليو/ مت وز

46 ملف سينتج بدوره أجياال تتمرس في الكراهية والحقد وال ترى غير صورة القديم المتجدد بآليات أكثر عصرية وأكثر تصميما على زرع أفكار من دون غيرها. هذا األمر الذي نخشاه أن ينتشر في سوريا واليمن وليبيا بوصفها دوال تعاني من الضغط العسكري متعدد االتجاهات والنوايا فتغيير المناهج الدراسية للصغار والفتيان وكل ما يقع في باب الطفولة تحت بند التغيير المشكوك بصحته أمر خطير سيذهب بقوافل الطفولة إلى مصحات نفسية مستقبلية ال يمكن السيطرة عليها وتقييم نتائجها ما لم تسع عناصر كثيرة ينبغي لها أن تشترك في تأسيس مرجعيات توجيهية وكتابية يضطلع فيها أكاديميون وجامعات ومراكز بحث نفسية ومنظمات مجتمع مدني وناشطون في مجاالت ثقافية مختصة ليقفوا على حجم األهوال الكبيرة المنتظرة أمام أطفال المستقبل. وهذا يعني أن كت اب األطفال عليهم أن يستوعبوا قبل غيرهم دروس الحاضر بتأسيس رد ات فعل عربية وعالمية إلنقاذ الحياة من دعوات المتطرفين والتكفيريين والدعوة إلى محاربة الجهل والفكر السلفي والغيبي واالنطالق بالطفولة إلى آفاق أكثر جماال وخياال وبراءة. في موضوعة أدب الطفل العربي يجب أن تأخذ اتحادات األدباء والكت اب في الوطن العربي أدوارها التاريخية في الندوات والمحاضرات وتشجيع التآليف األدبية في القصة والشعر والرواية والمسرح وإنشاء قواعد إعالمية ضخمة تربوية وتثقيفية وشعبية وإنشاء صروح ثقافية من المجالت والصحف والبرامج التلفزيونية واإلذاعية وكل ما له صلة بتنمية حياة الطفولة العربية في هذا الواقع الذي استشرت فيه روح العداء والكراهية إلى حد ال نجهل نتائجه المستقبلية. محمد عرايب كاتب من العراق العدد - 30 يوليو/ مت وز

47 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف أدب الطفل في هامش الكتابة محمد عرايب مفيد نجم الكتابة للطفل لم تزل تشكل مغامرة بالنسبة إلى الكاتب العربي نظرا لحداثة هذه التجربة وبالتالي غياب التقاليد والخبرة التي يمكن االستناد إليها في تطوير وتعزيز هذا النوع من الكتابة. إن هذه اإلشكالية التي يعيشها الكاتب واألدب العربيين تكشف عن الخلل الحاصل في منظومة هذه الثقافة وتطلعاتها لبناء قيم جمالية وفكرية يجري التأسيس لها من خالل االهتمام الحقيقي بأدب الطفل وثقافته. غياب هذا االهتمام المدروس والجد ي بثقافة الطفل يكشف عن مفارقة حقيقية في اهتمامات الكاتب وعمل المؤسسات الثقافية العربية إذ يعد الطفل هو األساس الذي يجب االنطالق منه في بناء عقل ووجدان وقيم اإلنسان في إطار أي مشروع للتنمية الثقافية العربية. إن محدودية تجارب الكتابة للطفل عربيا وعجزها عن تأسيس قيم خالل العقود الماضية إما تتوقف عن المتابعة واستكمال مغامرتها أو تظل تراوح عدد الكتب الخاصة بأدب الطفل مع تراجع اهتمام الكاتب العربي بأدب الطفل أدبية جمالية وفكرية ترتبط بجملة من مكانها دون أن أفق ينفتح على المستقبل وغياب الحوافز المادية والمعنوية التي األسباب الموضوعية لعل أهمها غياب والجديد. هنا يمكننا أن نتوقف عند تجربة تشجع هذا الكاتب على مغامرة الكتابة االهتمام الجدي بهذه الثقافة نظرا الفتقاد المجالت الموجهة للطفل باعتبارها تختزل للطفل. هذا الواقع يمكن تلم سه من خالل العمل الثقافي ومؤسساته المسؤولة لرؤية واقع ثقافة الطفل واالهتمام بأدبه. لقد محدودية عدد كتب الطفل المنشورة من متكاملة للعمل الثقافي الجاد. عجزت أغلب هذه المجالت عن مواصلة قبل المؤسسات الثقافية العربية أو من قبل في ظل هذا الواقع ومع التركيز على صدورها نظرا لغياب الدعم المادي لها مؤسسات النشر العربية الخاصة التي لم الجانب الدعائي للثقافة كانت ثقافة وحاجتها المستمرة إلى التطوير فنيا وفكريا تجد في نشر هذا الكتاب ما يحقق لها الربح الطفل تأتي في نهاية اهتمام وتوجهات مع غياب الكت اب المتخصصين في مجاالت المطلوب في سوق الكتاب العربي. هذه المؤسسات. لذلك فإن التجارب األولى الكتابة للطفل. في حين عجز ما تبقى من للكتابة للطفل لم تستطع أن تحقق االختراق هذه المجالت عن النهوض بأدب الطفل تراجع مستويات القراءة المطلوب في مشهد الكتابة األدبية بالصورة واكتساب انتشار أوسع بسبب غياب الكاتب إلى جانب ما سبق هناك عامالن آخران ال واإلبداعية في الحياة الثقافية العربية خاصة من قبل األسرة وإدراكها ألهميتها األطفال عن اللغات العالمية دون أن يكون التي تحقق تراكم الخبرة المطلوبة للنهوض المختص واالهتمام الحقيقي بتطوير ثقافة يقال ن أهمية من حيث تأثيرهما في ضعف حتى اآلن بسبب غياب هذا االهتمام في تنمية عقل وشخصية الطفل وتهذيبه. هناك في الغالب اختيار مدروس لترجمة بهذا الجنس األدبي. الطفل وأساليب اجتذابه ومخاطبته باللغة االهتمام بأدب الطفل وثقافته أولهما المأمول. لقد شكلت جميع هذه األسباب عامل تثبيط تلك الكتب بصورة تتناسب مع الحاجات إن عجز هذه التجارب عن تأسيس قيم واألسلوب اللذين يتناسبان مع حاجاته تراجع مستويات القراءة ألسباب متعددة على مستوى آخر يظهر غياب دور للكاتب العربي دفع به إلى قلة االهتمام النفسية والعقلية والثقافية للطفل العربي جمالية وفنية وفكرية تأخذ في حسابها النفسية والعقلية والروحية. اقتصادية وثقافية تتصل باألزمات المدرسة الواضح في تعزيز ظاهرة القراءة بأدب الطفل خاصة وأن هذه الكتابة ودون أن تتوفر الجوانب الفنية التي خصوصية الكتابة للطفل سواء على إن مجرد استذكار العديد من أسماء هذه االقتصادية واالجتماعية التي تعيشها وتوسيعها باعتبارها جزءا من المنهاج العربية محكومة في الغالب بمحددات تغري الطفل باإلقبال على القراءة نظرا المستوى اللغوي أو التخييلي ساهم في المجالت التي توقفت عن الصدور خالل المجتمعات العربية وبالتالي قلة اهتمام والخطة الدراسية. إن التشجيع على ثقافية ومعنوية يفرضها الواقع الثقافي للكلفة المادية التي تتطل بها عملية تزيين تقلص عدد التجارب التي تعنى بأدب العقود الماضية يكشف عن حالة التراجع مؤسسات النشر العربية التي تبحث عن القراءة وتعزيزها عند الطفل تبدأ من هذه والقيمة األدبية التي يحددها هذا الواقع هذه الكتب بالصور والرسوم خاصة أن الطفل خاصة وأن ثمة خصوصية فنية الواضحة في االهتمام بثقافة الطفل وأدبه الربح المادي بنشر كتاب الطفل. يرتبط هذا المرحلة التأسيسية الهامة لكي تتحول كما يحصل اآلن بالنسبة إلى الرواية وقبل هذه الد ور تسعى من أجل تحقيق الربح وجمالية يجب أن يتوافر عليها هذا الكتاب بينما تزدهر أنواع أخرى من الكتابة بحثا الواقع أيضا بغياب الجوائز العربية الخاصة القراءة إلى قيمة معنوية وأدبية في ذلك إلى الشعر. األعلى ما يعني أن يترت ب على المؤسسات الجتذاب الطفل وإغرائه باإلقبال على عن الشهرة والمنفعة واالنتشار. بالكتابة إلى الطفل ما ينعكس سلبا على حياة الطفل وهكذا فإن غياب الخطط إزاء هذا الواقع اتجهت بعض مؤسسات الثقافية الرسمية القيام بهذا الدور لسد هذا القراءة. شلقد ترافق هذا التراجع في دور المجالت توجهات الكت اب العرب خاصة وأن الكتابة المدروسة وغياب المكتبات التي تلب ي هذه النشر العربية الخاصة بثقافة الطفل وأدبه النقص لكن هذا آخر ما تفكر به. كل هذا جعل محاوالت الكتابة للطفل الخاصة بالطفل مع تقلص واضح في للطفل لم تتمكن من انتزاع مكانتها األدبية الحاجة جعل القراءة تعتمد على مبادرات إلى سد هذا النقص من خالل ترجمة كتب كاتب من سوريا مقيم في برلين العدد - 30 يوليو/ مت وز

48 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف أن ن حل م الطفل بكل شيء محمد عرايب عر ف سانت بوف الشعر بأنه»ليس أن تقول كل شيء بل أن تجعل النفس تحلم ويهب الرسم النص فضاء ملو نا حيويا رقراقا مشك ال من ماء وتراب ممتدا بين محمد آيت ميهوب بكل شيء«. وهو لعمري أنسب تعريف يمكن تقديمه ألدب الطفل. الكتابة للطفل هي أن نجعل الطفل يحلم بكل شيء أن سماء وأرض يعطي الطفل االنطباع بأنه ال يجلس حين يقرأ إلى كرسي وطاولة بل يترب ع على بساط طائر يأخذه في كل نساعده يسير المساعدة على أن يفت ق مرة يقرأ فيها قصة إلى مملكة الدهشة من أكمام الحاضر أرحب اآلفاق لإلشراف إلى العالم برا وبحرا شعرا ونثرا قديما عندما كنت صغيرا كنت أستحث السنوات على أن تجري سراعا فأكبر ويتحقق الحلم الذي كان يراودني منذ طفولتي بأن على اآلتي وأن يتدر ب على البحث عن وجديدا أسطورة وعلما أفراحا وأتراحا أصير كاتبا كبيرا. كنت في شغل شاغل عن طفولتي أراها مجر د ممر حتمي للوصول إلى مرحلة الكهولة غمضة عين ثم وجهه القادم وأن يحسن تأم ل الهنا قريته لهوا وجدا. أجدني قد وصلت إلى زمني وغدوت الكاتب الذي ينشر مؤلفاته بين الناس فيتهافت عليها القر اء. لذلك كثيرا ما كنت أجلس مدينته وطنه حتى يكون قادرا على أن وال يهم إذا استطاع الكاتب أن يعرج بقارئه مجالس الكبار وأقرأ ما يقرؤون وأخوض في األحاديث التي فيها يخوضون وأنشغل بالقضايا التي بها ينشغلون. يرى الهناك المدن البعيدة العالم وأن الطفل هذه المعاريج أي موضوع يطرق يتيق ن منذ الصبا أن الكنز العجيب الذي وأي نمط من أنماط الكتابة للطفل يقصد. عندما كبرت فعال وتخط يت لكنني عتبة األربعين الكئيبة هذا عالوة على ما تتطل به الكتابة للطفل من براعة وثقافة اجتماعي ة وبسيكولوجي ة على أن الناظر في السواد األعظم مم ا ينشر لألطفال يتبي ن بيسر اختالل الخال ق مع النص الذي يقد م إليه ومن ثم يتعامل هؤالء الكتاب مع الكتابة للطفل عليه أن يبحث عنه هو كيانه ينحته نحتا وأن يتحس س رويدا رويدا طريقه إلى اآلخر شرطا أساسيا الكتمال األنا فسواء كتب في الخيال العلمي أو وظ ف أسطورة من األساطير أو عالج قضي ة اجتماعية أو استلهم شخصي ة تاريخية اكتشفت أن أشد األعمال حمقا أن يكبر عالية ومن خبرة عميقة بالحياة واإلنسان. التوازن بين هذين المطلبين وطغيان بوصفها فعال هي نا سهال ال يتطل ب مجهودا وأن يوث ق صالته منذ الطفولة األولى فإن األهم أن ينجح في أن يجعل من ذلك اإلنسان وأن أعظم الخيانات ذنبا أن يغادر وعلى هذا النحو فليست الكتابة لألطفال الهاجس التربوي على الهاجس الجمالي. وبذال كبيرين. بالفن والعلم ويعتبرهما سبيله في الحياة الموضوع مرقاة إلى أن ييس ر على الطفل المرء الطفل الذي فيه ويتنص ل منه. وهكذا كما يعتقد الكثيرون تزجية للوقت وسعيا فأغلب النصوص المكتوبة لألطفال تكاد الطفل ال يحتاج إلى الحكمة والموعظة ومنجاة اإلنسانية من الجهل والتعصب. اكتشاف ما يمكن أن ينبثق عن أي موضوع رحت أستعيد الطفل البعيد وأتقفى خطاه نحو الربح السهل وال تمرينا في الكتابة تكون دروسا مباشرة فج ة تقريري ة جاف ة المباشرة فما يمتلكه من حساسي ة وفطنة ذلك ينبغي على من يكتب لألطفال أن كان من معان ثوان ال تحد وما يمكن أن وأتدارك ما فاتني من قربه ومعرفته. ولم القصصي ة يشرع فيه مبتدئ م ا في انتظار يتقمص فيها المؤل ف دور الواعظ فيتوج ه وتفكير منطقي يجعله قادرا على فهم تكون له في الوقت نفسه مهارة الساحر يختفي خلف الكون القصصي من أكوان يكن من سبيل لي إلى ذلك إال األدب. هو أن يمتلك أداته القصصي ة فيكتب للكهول. إلى الط فل بخطاب تعليمي تلقيني ال الرسائل مهما تلف عت بالرمز واإليحاء. وشأن وخف ة المهر ج ووقار الحك اء وثالثتهم أخرى كثيرة. الذي صرفني عنه صغيرا وهو الذي يعيدني على العكس من ذلك تماما ينبغي على من تمث ل الماد ة الحكائي ة فيه إال مبر را لسوق الكاتب الذي يجعل الخطاب المباشر سبيله يحب هم الطفل ويطمئن إليهم. عليه أن كل موضوع قادر على أن ينجب نصا جميال إليه كبيرا. فرحت أقرأ الكتابات الموج هة تهي أ ليكتب لألطفال أن يكون وراءه رصيد الموعظة تلو األخرى وحشو المعلومات إلى التواصل مع الطفل كشأن الفيلسوف يكون ساحرا يحسن تصريف األشكال بشرط أن يوف ق في أن يبعث في القارئ للطفل وألبنائي علي في ذلك فضل كبير واشتغلت بالبحث في األدب الموج ه إلى مهم من الكتابة للكهول وحذق لفنون القص يمك نانه من حسن تطويع أدواته بطريقة نمطي ة آلية وال تمث ل اللغة إال أداة للتبليغ والتواصل ووعاء يحوي الخطاب اليوناني ديوجين يحمل مصباحه المضيء يتجو ل به نهارا ونور الشمس ساطع يبحث والموجودات وتغيير أوضاعها والتالعب بهوي اتها األولى وعليه أن يكون مهر جا الطفل حين يفرغ من القراءة اإلحساس بأنه قد وضع العالم في جيبه وأضحى الطفل ووضعت في ذلك ثالث دراسات عن الفني ة واالهتداء إلى أيسر السبل إلى التربوي التعليمي فتأتي في الدرجة الدنيا عن الحقيقة. على أن ديوجين كان يسير أخف من الريح وأرشق من الظل يستطيع يستطيع أن يخرج الشمس أو القمر في طه حسين وغسان كنفاني ونافلة ذهب مخاطبة القارئ الصغير. الصفر من األدبي ة عارية قفراء من الصور بين الكهول بين أشخاص أعمت بصائرهم أن يتنق ل بالطفل بين األرض والسماء وأن خفية من أبويه ويتخذ منهما كج ة يباري وبعد ترد د تجر أت مؤخ را وكتبت رواية ولعل أبرز القضايا المتعل قة بالكتابة للطف ل التخييلي ة. العادة والحياة اليومية الرتيبة وبالدة يعبث معه باالتجاهات الست في سيل بها أترابه في الحي. لليافعين. ولعل ترد دي هذا إنما يعود في جزء كبير على اإلطالق هي قضي ة التوفيق بين مطلبين اثنين تعد المواءمة بينهما مقياسا ويبدو لنا أن وراء طغيان الجانب التربوي على الجانب الفني في أدب الط فل أسبابا الحس فاحتاج إلى المصباح المضيء نهارا. أما من يكتب لألطفال فيتوج ه إلى قارئ من الدوران والرقص والقفز وعليه أن يكون حك اء يتفن ن في نسج رداء الحكاية ولكن أليس ذلك هو حلم الكاتب أيضا أترانا ال نفعل حين نكتب إال العودة إلى منه إلى اعتقادي الراسخ بأن الكتابة لألطفال عمل صعب جد ا وكنت أجد في للنجاح في الكتابة للطفل: مطلب تربوي بيداغوجي تمث ل فيه الماد ة القصصي ة ثالثة هي أو ال تمس ك بعض الكت اب بتصو رات تقليدي ة عن التربية تعتمد ما زالت األواصر التي تشد ه إلى الوجود والطبيعة والقيم اإلنسانية المطلقة أواصر ويعرف أحسن المعرفة كيف يراوح بين الصمت والكالم وكيف يجعل من الحروف الطفل الذي أضعنا في زحمة األيام أليست الكتابة كل الكتابة هي اقتصاص من الزمن ضعف األعمال المكتوبة لألطفال التي تقع رسالة يسعى المؤل ف إلى تبليغها للطفل التلقين منهجا والتوجيه هدفا ثانيا قوي ة نقي ة بكرا تنبض حياة لم تطمرها أرواحا وأخيلة وأجسادا سوي ة يراها ومقاومة للموت باستدعاء الطفل وأحالم بين يدي دليال على عسر اإلبداع في هذا راجيا تحقيق غايات تربوي ة وأخالقي ة محاولة الكت اب وعوا بذلك وقصدوا أم حسابات الجزاء والعقاب والمواضعات الطفل ويسمعها ويمد إليها اليد ويسير الطفل المجال. وليس مرد هذا العسر إلى صعوبة نزول الكاتب الكهل إلى مستوى إدراك وحضاري ة نبيلة ومطلب فني جمالي ترتقي فيه الكتابة إلى مستوى الغاية لم يعوا ولم يقصدوا التقر ب إلى أولياء األطفال بالظهور أمامهم في مظهر من االجتماعية وإكراهات التعامالت المادية. فما من حاجة للكاتب إلى أن يرفع صوته إلى جانبها مرافقا غير هي اب وإن شملت العتمة غاب الحكاية. كل كتابة هي عودة الكهل الصارم إلى الطفل األو ل يتمد د على األرض الرملي ة الطفل الصغير كما هو االعتقاد الس ائد المقصودة لذاتها فيكون هدف المؤل ف يحرص على مساعدتهم في تربية أبنائهم وهو يخاطب الطفل بل عليه أن يهمس بناء على ذلك يكون النص الموج ه إلى يناجي السماء ويغوص بيده إلى أعماق بل لعلن ي أقلب المعادلة فأقول إن هذه تحسيس الطفل بقيمة النص في حد تربية حسنة وتغذيتهم بالقيم المثلى. وما من حاجة له إلى أن يعل م ويلقن بل األطفال نصا جمعا تتعد د فيه األجناس البحر يلقي إلى السحب المار ة بعض فواكه الصعوبة عائدة إلى عسر ارتفاع الكاتب ذاته وحض ه على اكتشاف مواطن اإلبداع أم ا ثالث األسباب فهو االستهانة بقدرات عليه أن يوحي بالفكرة و يلهم بالعبرة وما األدبية والفنون وتتزاوج في أعراس القصص. الكهل إلى مستوى الطفل اإلدراكي ورهافة الجمالي فيه بغية تنمية قدراته الذوقي ة الطفل العقلي ة والذوقية واعتباره مجر د من حاجة له إلى أن يقر ع الطفل بل عليه بهيجة يجد فيها السرد مكم ال له في حس ه وغنى رؤيته للعالم وشاعري ته الفائقة والخيالي ة والتعبيرية. متلق سلبي عاجز عن التفاعل اإليجابي أن يحلمه الشعر ويجد الشعر سندا في المسرح روائي وأكاديمي ومترجم من تونس العدد - 30 يوليو/ مت وز

49 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل احك لصغارك حكاية شعبية محمد عرايب جوخة الحارثي كنا صغارا وكنا نتحلق حول خالتي بعد العشاء لتحكي لنا عن السندريال العمانية التي شحذت أخواتها أقدامهن بالسكين ليالئمهن الحذاء السحري وعن نبوءة النبي سليمان للطير العجيب وعن قلب األم الذي خرج من جسدها ودق الباب إلنقاذ طفلها وعن البنت التي تنكرت في زي كلبة هروبا من السحرة ولما كبرت اكتشفت أن ما كان يسحرني في هذه الحكايات ليس بعدها الغرائبي وحسب وإنما أيضا إيقاعها اللغوي المنغم. أصوات كثر للتحذير من تعالت تقديم الحكايات الشعبية للطفل باعتبارها مليئة بالعنف واإلشارات الجنسية وال تالئم العصر ولكن من الضروري التمييز بدقة بين مدى استهداف الحكاية الشعبية لألطفال ومدى مالءئمتها لهم فالحكايات الشعبية ليست موجهة أساسا لألطفال لكنها تنوقلت -جيال بعد آخر- عن طريق النساء في البيوت وال شك في أن األطفال كانوا من المتلقين الرئيسيين لها وإن لم يكونوا المتلقين الوحيدين أو الجمهور المستهدف بالضرورة. وهكذا نجد األخوين جريم يطلقان على كتابهما الذي جمعا فيه القصص الشعبية ونشراه للمرة األولى عام 1812 عنوان»حكايات البيوت واألطفال«فاألسرة هي أهم عامل في نقل الحكايات الشعبية إلى الطفل. الحكاية الشعبية في غاية الغنى وهي تفتح اآلفاق وتوسع الخيال وحرمان األطفال المعاصرين من هذا الثراء هو حرمان من جزء أصيل من تراثهم. في معظم الحكايات الشعبية تشترك الحيوانات مع البشر في دفع أحداث الحكاية وتغيير مصائر أبطالها بل إن الشخصيات المانحة ذوات القدرات الخارقة تكون من الحيوانات مثل الثعبان في قصة البنت والثعبان والسمكة والديك المتكلم والحصان في سندريال العمانية والبقرة في قصة بقرة اليتامى واألحصنة والطيور والنمل في قصة الطحان. ولكن على الرغم من وجود هذه الحيوانات السحرية والكائنات األخرى في هذه القصص فإنه من غير الدقيق أن نقول بأنها تغرق الطفل في عالم عفا عليه الزمن من السحر والجان والتنانين إذ يجب أن نتبي ن أن أبطال الحكايات الشعبية هم البشر أساسا وغالبا الصبية والفتيات الصغيرات وهؤالء يقدمون تجرب ة الوجود البشري حين ي واج ه هذا الوجود بالتهديد والتحدي وما الجنيات والحيوانات الناطقة سوى شخصيات مساعدة لوصول األبطال من البشر إلى حظهم من اإلنسانية. يوضح تولكين أن حكايات الجنيات ال تحتوي فقط على األقزام والجنيات والسحرة والعمالقة والتنانين إنها تحتوي كذلك البحار والشمس والقمر الطعام والشراب ونحن البشر الفانين. معظم الحكايات الجيدة تكون عن مغامرات الناس في عالم محفوف بالمخاطر.. فال تعتمد أي حكاية على رواية تاريخية لألقزام نفسها مثال بل على رؤية خاصة للممالك المثيرة والمليئة بالمغامرة وأحد خواص هذه الحكايا أنها غير قابلة للوصف واالصطياد في شبكة الكلمات. فهذه الطبيعة الالواقعية أو السحرية للحكايات هي ما يحث خيال الطفل ويساعده على تنمية قدرته الذاتية في التخيل فالحكاية الشعبية ال تستند بشكل واضح إلى العالم الخارجي بالرغم من أنها تبدأ أحيانا بشكل واقعي منسوج من األحداث اليومية. ومن المعروف أن الخيال -حين يتم إحرازه في األدب- يقدم الشكل األكثر صفاء وقوة لهذا األدب. فإطالق الخيال ال يعني االفتقار إلى التحكم والنظام بل يدفع الطفل إلى التفكير واستخدام المهارات العقلية فالتخيل مهارة إنسانية طبيعية ومن العبث اتهام إذكاء التخيل في الطفل بإبعاده عن العقالنية فالطفل يتعرف الحقائق ولكنه ال يكون محصورا بما يستطيع فقط أن يراه. ولذلك أرى أن موقف عبد التواب يوسف من هذه القضية غاية في اإلجحاف إذ يقول م ستنكرا الخيال في الحكايات الشعبية»ثم يصد ق األطفال هذه الخزعبالت حين نلقيها في آذانهم ما جدواها وهم يكذبونها ويرونها مختلفة لم تحدث ولن تحدث«] 1 [ بينما ارتكاز الحكاية الشعبية على الغرابة والسحر هو الجزء األصيل والجوهري فيها الطفل يدرك بالضرورة أن الفتاة ال يمكن أن تتزوج ثعبانا ويتحول إلى أمير ولكن هذا اإلدراك بالذات هو الذي يعطي للقصة قيمتها الغرائبية والسحرية. أو كما يقول تولكين»إذا كان الناس ال يستطيعون التفريق بين البشر والضفادع فإن حكايات الضفادع-الملوك لن تنشأ أساسا«] 2 [. من ناحية أخرى فإن الحيوانات والطيور»الناطقة«في الحكايات الشعبية تكشف عن رغبة اإلنسان في التواصل مع الكائنات األخرى ونالحظ أنه من النادر أن تكون الحيوانات والكائنات األخرى هي األبطال في الحكاية بل هناك البشر األبطال والتفاعل قائم بينهم وبين هذه الحيوانات الناطقة. وفي معظم الحكايات الشعبية يبدأ البطل مغامراته من الواقع من البيت تحديدا ثم ما يلبث أن يجتذبه العالم المجهول يخوض مغامراته ثم يعود إلى الواقع إلى البيت غالبا إنها رحلة باتجاه الخارج باتجاه نمو الوعي. وإذا اتخذنا قصة سندريال أو»بديحتي«كما ت عرف في عمان فإننا نالحظ تقديم ه ا لجملة من الرسائل الخفية المبثوثة في النص فهذ القصة -مثل معظم القصص الشعبية- تركز على النمو الذاتي للبطل أو البطلة وعلى خوضه تجارب أليمة في سبيل الوصول إلى النضج والسعادة ولنتأمل مثال مسألة موت األم في الحكاية فموت األم دال على انفصال الفتاة عنها وعدم تشب هها بها على الرغم من الصلة الروحية بينهما تلك الصلة المتمثلة في تقمص روح األم ظاهرات طبيعية أخرى ذوات قدرات خارقة أي أن موت األم يعني انتفاء شخصيتها اإلنسانية اإليجابية لتحل محل ها شخصية غيبية تؤدي دورها تجاه ابنتها. فقد تذهب األم اإلنسان وتبقى روح ها لمساعدة ابنتها وتفوق قدرات األم الر وح إمكاناتها الواقعية بكثير بامتالكها بعد موتها قدرات سحرية. فالسمكة»البديحة«تساعد سندريال العمانية وتعتني بغذائها ونظافتها كما تصنع لها الحظ الحسن بلقائها بابن الوالي أو السلطان. أما سوء معاملة زوجة األب لسندريال فتكون سببا في النهاية لتحقيق السعادة للثانية فهي تتعلم مم ا ي سند إليها من أعمال وتعتمد على قوتها الذاتية التي يرمز لها بمساعدات قوى مانحة من الكائنات التي تعينها. بينما يكون موقف زوجة األب المتسامح مع ابنتها ذا أثر سلبي فتعتاد الكسل والخمول وال تستمع إلى صوت دوافعها الذاتية فينتهي األمر بكارثة. إن قوى الشر والعنف التي تواجه البطل تجسد الصراع الداخلي الذي يتحتم على الفرد أن ينتصر عليه في سبيل تحقيق ذاتيته وشخصيته المتكاملة وإن كانت الحكايات الشعبية تبدأ بالفقر والقسوة والموت فإنها كلها تقريبا تنتهي بالغنى والحب والحياة فهي تقدم العزاء والمواساة والتعاطف وتكشف للطفل أن الظروف السيئة ليست حتمية وال دائمة. فجميع الحكايات الشعبية تنتهي نهايات سعيدة ولوال الشر والعنف في سير األحداث لما كان للخير والفرح قيمة في نهايتها هكذا تقدم هذه القصص األمل للطفل فهي ال تنكر وجود األلم والقسوة والحزن بل إن إمكانية هذه األشياء ضرورية إلمكانية نقيضها. كما أن هذه الحكايات تقدم صورا للشر والسحر الذي يتحول إلى خير عن طريق الحب الصادق والرعاية ففي حكاية البنت والثعبان يبدو عرض الثعبان للبنت أن تتزوجه شيئا مرعبا ولكن البنت تثق بروح الخير في هذا الثعبان الناطق فما تلبث الثقة والمحبة أن تحو له إلى أمير جميل يغمرها بالحب والهدايا وكذلك في قصة األميرة والضفدع فانتصار األميرة على نفسها وتجاوزها لغرورها ووفاؤها بالوعد يحو ل الضفدع القبيح إلى أمير وسيم. والخالصة أن تقديم الحكاية الشعبية للطفل يفتح له آفاق التعلم بقدر ما يسمح به نموه فهي تخاطب الطفل بشكل رمزي وال تفرض واقعا ذا بعد واحد بل تثير خيال ه تاركة له حرية االختيار. إنها تترك الطفل يستنتج بنفسه ما يجب أن يفعله أو يختاره وتساعده على تخطي عقبة عدم نضجه دون الخضوع للبالغين على شكل أوامر ونواه مباشرة. روائيةوأكاديميةمنسلطنة ع مان العدد - 30 يوليو/ مت وز

50 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف قصص األطفال العربية النشأة والتطور نوار حيدر إيمان سند تأخر أدب األطفال العربى في الظهور بشكله الحالي مما يؤكد الصعوبات التي واجهته لكي يخرج إلى النور كما يؤكد حداثة االهتمام به كلون خاص من ألوان األدب يهتم بعالم الصغار برغم أن أول تسجيل في تاريخ البشرية ألدب األطفال يرجع إلى ثالثة آالف سنة قبل الميالد وقد وجد مكتوبا على أوراق البردي في مصر ويمثل قصة»جزيرة الثعبان«وهي قصة سفينة هبت عليها عاصفة فأغرقتها ولم ينج منها سوى بحار واحد )لذا تعرف القصة أحيان ا بالمالح الغريق( لفظته األمواج على جزيرة ليجد بها ثعبان ا فلما طلب منه العون في محنته استضافه الثعبان ملك الجزيرة حتى مرت سفينة قريبة سلط عليها الثعبان الريح لتدفعها إلى الجزيرة ورأى ربان السفينة البح ار فحمله معه وحم له الثعبان هدايا من الجواهر إلى ملك مصر. سجلت البرديات قصة»الملك كذلك خوفو«ثاني ملوك األسرة»ألف ليلة وليلة«وإلى حكايات أوروبا فقد تسر بت كذلك قصص األطفال المصرية األطفال األجنبية وأمر بترجمتها ليقرأها التالميذ المصريون. إال أن االهتمام بأدب لصديقه خليل مطران الشاعر واألديب يناشده السير مع ا في هذا النوع من األدب تزويد األطفال بالمعارف والمعلومات الدينية واالجتماعية والقومية فقد كان كتب بعض األناشيد والقصص ومحمد القيسي وإبراهيم نصراهلل وهؤالء من الرابعة القديمة وباني الهرم األكبر حين القديمة وامتدت إلى شعوب العالم في األطفال كاد يتالشى بعد وفاة رفاعة ويأخذ من أسلوب الغرب ونهج العرب أدب الطفل حينئذ جزءا من رسالة التربية كتاب القصة المتميزين. وكذلك ظهر في انتابه السأم يوما وأحس بالملل فاستدعى آسيا وأوروبا وقد استلهم وولت ديزني الطهطاوي إذ ت د ه و ر التعليم في مصر إلى ولكن»مطران«ترك ذاك لشوقي ثم أخذت والتعليم. ومن أهم ما ألف كامل الكيالني فلسطين بعض األدباء المهتمين بالطفولة أبناءه الصغار وطلب منهم أن ي س ر وا عنه Disney( )Walt السينمائي الشهير فكرته عن حد كبير حتى ظهر الكاتب محمد عثمان الدائرة تتسع لتظهر خالل أعوام ما قبل قصص: أصدقاء الربيع زهرة البرسيم في واألطفال أمثال الشاعر علي الخليلي الذي ويقصوا عليه أحسن ما عرفوه من القصص الكارتون وشخصياته من زيارة قام بها إلى جالل في حكاياته تحت عنوان»العيون الحرب العالمية الثانية أعمال قصصية االصطبل جبارة الغابة أسرة السناجيب أصدر مجموعات شعرية عن األطفال التي وقعت في عهود الملوك السابقين مقابر المصريين القدماء ورأى فيها قصص اليواقظ في األمثال والمواعظ«. لكنها مثل قصص»السوبرمان«ولم تكن ترتبط أم سند وأم هند الصديقتان مخاطرات أم وعبدالرحمن عباد له مجموعاته»ذاكرة وكان أول الصبية»خفرع«فقص على األطفال المصورة. أهملت نظر ا لركاكة أسلوبها وما تضمنته بالحياة المصرية والعربية كثيرا بل كانت مازن العنكب الحزين النحلة العاملة وقد العصافير«و»ذاكرة الزيتون«و»ذاكرة الملك قصة»التاج الفيروزي«وتاله أخوه وإذا كانت بدايات أدب األطفال ترجع من أخطاء وتاله جالل الكاتب بما قدمه ترجمات كاملة ونقال عن المجالت والقصص أكمل تلك المسيرة حامد القصبي. وفي البرتقال«وهي عبارة عن قصص تحكي األوسط فقص قصة»األمير المقضي عليه إلى فجر الزمان فإنه يمكن اعتبار القرن في كتابه»نظم الجمان من أمثال لقمان«األجنبية أيض ا إال أن ظهور محمد الهراوي لبنان فى فترة الحقة ظهر ك ت اب اهتموا الحياة بأصوات النباتات والطبيعة بالهالك«ثم جاء دور الثالث فقص على العشرين هو بداية كتابة وتسجيل أدب ولكن جاءت الحكايات أقرب إلى ذوق جعل هذا األدب يرتفع لألعلى: فقد كتب بأدب األطفال وعلى رأسهم كارمن معلوف واإلنسان الذي يعيشها. وفي العراق ظهر أبيه الملك قصة»الثور المسحور«. الطفل بمصر والعالم العربي حيث بدأ الكبار منها للصغار.»سمير األطفال للبنين«ثم»سمير األطفال وفي مرحلة الستينات من القرن العشرين االهتمام بالطفولة مع الشاعرين الكبيرين وإذا تأملنا ما وصل إلينا من الحكايات االهتمام بأدب الطفل مع إرسال أول وقد بدأ أدب الطفولة عند العرب بالفعل للبنات«وكتب لهم أغاني وقصص ا منها برزت حركة نشطة تعتني بمطبوعات الرصافي والزهاوي وكالهما له ثقافته المصرية القديمة لألطفال نجدها قد مرت بعثة عربية مصرية إلى أوروبا في زمن على يدي الشاعر أحمد شوقي في نظم»جحا واألطفال«و»بائع الفطير«. ومع األطفال من خالل»دار الفتى العربي«الخاصة وفيما بعد ظهر جيل من األدباء بمراحل التطور حتى وصلت إلى مرحلة محمد علي. وبدأ أدب األطفال يدخل الحكايات على أسلوب الفونتين الشهير الحرب العالمية الثانية وقبيل سنة هذه الدار التي كان لكثير من الكتاب الدور المهتمين باألطفال. النضج الفني من الحديث إلى الحكاية قلوب العرب وعقول هم عن طريق طلبة وفي هذه المجموعة القصصية التي )1952( أخذ كامل الكيالني ومحمد سعيد البارز في استمرارها ونهضتها منهم زكريا وفي دول الخليج العربي نجد اهتمام ا والقصة وهذا يدل على االهتمام الكبير البعثة العربية المصرية ونتيجة الختالط صدرت عام 1898 علم ا بأن شوقي لم العريان وغيرهما يهتمون بآداب الطفل تامر من سوريا الذي كتب قصصا لألطفال باألطفال إال أنه متفاوت من مكان إلى الذي كان يلقاه أدب األطفال عندهم من األدباء والشعراء العرب بأدباء وشعراء يكن المبتدئ في هذه الكتابات األدبية ويترجمون الكتب والقصص والمعلومات ترجم بعضها إلى لغات أجنبية. ومن الكت اب آخر حسب الظروف واإلمكانات المتاحة. ناحية كما يدل على الثروة الضخمة من الغرب. وكان أول من قد م كتاب ا م ت ر ج م ا على لسان الحيوان وإنما وجدت من ويصدرونها في سالسل أو مجموعات العرب في سوريا الذين أمدوا المكتبة ففي المملكة العربية السعودية حظي الحكايات التي كان يستمتع بها أطفال عن اللغة اإلنكليزية إلى األطفال هو رفاعة زمن الحضارات العتيقة )عربية وهندية سميت بأسمائهما واهتمت هذه المجموعة العربية بنتاجاتهم الشعرية والنثرية أدب األطفال بنصيب وافر من االهتمام المصريين القدماء. وكما أن القصص الطهطاوي فترجم ق ص ص ا ت عد من حكايات وغيرها(. فالحيوانات بصداقتها المتنوعة بنشر سالسل عربية ومحلية عن»ألف لألطفال سليم بركات وسليمان العيسى. ومن المهتمين باألطفال وأدبهم عبده خال المصري القديم للكبار قد اتصل وهاجر األطفال وأدخل قراءة القصص منهاج ا مع األطفال تشكل جسر ا فاعال وناطق ا ليلة وليلة«و«كليلة ودمنة«وكانت تكتب وفي األردن كان هناك عدد من البارزين وعبدالرحمن المريخي. وظهر في»ليبيا«إلى الحكايات الهندية والعربية وحكايات في المدارس المصرية واستعان بكتب في نقل المعرفة للطفل وقد كتب شوقي بلغة سهلة وحروف واضحة وكان هدفها أمثال الشاعر أحمد حسن أبوعرقوب الذي كاتبان اهتما باألطفال وقصصهم هما العدد - 30 يوليو/ مت وز

51 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل يوسف الشريف ومحمود فهمي وكذلك يأتي بالقصة على وجهها كأنه يتتبع معانيها وقد فاق عدد الكتب المنشورة لألطفال عاداتهم السيئة. الساحة بأسماء مبدعة وتثب ت شخصيتها معها بعالقة الصداقة وتهدف قصص وجه األدباء»في تونس«وجهتهم إلى وألفاظها وذلك طبق ا للمعجم الوجيز. فإذا خالل القرن العشرين مجموعة ما نشر من تعمل القصة على تقوية العالقات وهويتها. الحيوان إلى نقل معنى أخالقي أو تعليمي الكتابة لألطفال كتب محمد العروسي المطوي كثير ا من القصص الناجحة أردنا شرح ماهية القصة فيمكننا القول: إنها عبارة عن حكايات قصيرة تقدم دروسا كتب األطفال مجتمعة على مدى القرون السابقة ويرجع فضل ذلك لنظريات االجتماعية بين الطفل وبين األفراد المحيطين به. والقصة من فنون األدب النثرية ويمكننا أن نقسمها من حيث النوع إلى: أو حكمة أو تنقل مغزى أدبيا وهي تقوم بتعليم تلك الحقائق على أن تكون لهذه والقاضي الجيالني وترجم أحمد القديدي أخالقية وأكثر شخصياتها من الحيوانات التربية وعلم النفس التي أكدت على أهمية تقوي ثقة الطفل بنفسه عند أداء أدوار القصة السردية: وهي التي تعنى بسرد الحيوانات صفات جسمية سهلة اإلدراك قصص ا كثيرة ومتنوعة من اآلداب العالمية. أو األشياء الناطقة التى يمكنها التحدث ما تبثه القصص من قيم وتعاليم لألطفال القصة أو سردها. الحادثة وتوجيه الطفل إلى عنصر الحركة كالدجاجة الكبيرة والقطة السوداء وفي الجزائر أصدرت»الشركة الوطنية والتصرف كاإلنسان.. أو هي: حكاية تقوم كذلك تعمل على تعليمهم اللغة وتمثل كتب تنمي قدراته على التعبير عن نفسه وعن التي هي نوعان عضوية وذهنية وهما ويجوز أن تكون هذه الحيوانات متكل مة للنشر والتوزيع«كتب األطفال باسم على األحداث والصراع والعقدة والحل الصورة أول تقدم كبير في القرن العشرين المواقف التي يراها. تعمالن على تطور الفكرة الرئيسية نحو أو ذات صوت وحركات ألن الطفل في»سلسلة األدب«ك»سب ور«وغيرها. والذي والشخوص والزمان والمكان بهدف التعليم في أدب األطفال فقد اكتسبت الرسوم تتيح الفرصة أمامه للتمثيل ولعب األدوار. الهدف. هذا السن يميل إلى االعتقاد بأن الجماد ينظر في األدب العربي المعد لألطفال في واإلمتاع والتسلية.. ويعد الفن القصصي أهمية تعادل أهمية النص في فهم القصة تجعله يقد ر الكتاب ويتعرف عليه ويكون القصة الشخصية: وتوجه االهتمام األكبر والحيوان يتكلم. المغرب العربي الكبير يجد أنه تأخر بعض أكثر أنماط أدب األطفال انتشارا ويشمل واالستمتاع بها. ويمكننا هنا أن نذكر بعض عالقات طيبة معه. نحو الشخصية وما تتعرض له من مواقف. القصص التاريخية: وهي حكاية تشتق التأخ ر عن العراق ومصر والشام وذلك مجموعة من القيم واألخالقيات والمواقف مزايا القصة وما نستطيع إكسابه لألطفال تنمي قدرة الطفل على حل المشكالت. القصة )الفكرة(: وهي التي توجه اهتمامها أحداثها وشخصياتها من التاريخ وقد ألسباب عدة متداخلة تتمثل في محاولة المؤثرة في نفسية الطفل وشخصيته. وقد من خاللها: األكبر للفكرة ويأتي دور السرد في درجة تدور حول بطل تأتي الحوادث من خالل االستعمار طمس الهوية الثقافية والوطنية ات فق علماء الت ربية وع لماء الن فس على أن ه تثير القصة شغف المستمع من خالل وبذلك يمكننا التأكيد على أن القصة ليست تالية من األهمية. سيرته وقد تصور حادثة تاريخية معينة والقومية للشعب العربي. أفضل وسيلة لتربية األطفال على القيم طريقة العرض وفنون الحكي والصور أحداثا عشوائية متسلسلة إنما هي رسالة وهناك تقسيم آخر ألنواع قصص األطفال تبرز الشخصيات في إطارها ومن أمثلة من هنا نرى أن جل الدول العربية قد والمؤثرات.. توجيهية تسهم في توصيل معلومات هذا النوع القصص الوطنية وتاريخ حياة ساهمت مساهمة فعالة في تطوير أدب تعمل على تغذية الطفل وإمداده بالمفاهيم مفيدة إلى عقول غضة تفتح أبوابها أمام مشاهير الرجال والنساء. وبذلك تلعب األطفال وإن لم تكن الدول متساوية في األساسية والمعلومات والحقائق من خالل المفردة الجميلة والحدث الشيق والسرد القصص التاريخية دورا هاما في تنمية الرؤى والتوجهات وتحقيق األهداف. قصة األطفال وموقعها من أدب الطفل إذا نظرنا للقصة وموقعها من أدب األطفال نجد أنها تحتل بجدارة مكان الصدارة فيه حيث تبدأ رحلة الحكي مع األطفال ربما مواكبة ألغاني وأناشيد الهدهدة التي تقوم بها األمهات مع األطفال الرضع ثم تتطور عالقة الحكي ألن تكون قصة بداخلها أغنية كجزء مكمل فاألطفال يريدون الحكي وأساليبه الجذابة وخاصة لو كان يمثل الحكايات الخيالية بشخصياتها المحببة لألطفال وقصص الحيوان بما فيها من قيم يتم بثها طوال الوقت على أول من قد م كتاب ا م ت ر ج م ا عن اللغة اإلنكليزية إلى األطفال هو رفاعة الطهطاوي فترجم ق ص ص ا ت عد من حكايات األطفال وأدخل قراءة القصص منهاج ا في المدارس المصرية واستعان بكتب األطفال األجنبية وأمر بترجمتها ليقرأها التالميذ السرد. تقوي لغته وتعلمه حسن اإللقاء ومهارات التعبير وتغرس في نفسه الميل لإلطالع. تضعه فى مواقف متنوعة وتضيف إليه خبرات تجعله أكثر قدرة على مواجهة المواقف الحياتية فيما بعد. تحفز القصة خيال الطفل وتنمي ذكاءه وتربي ذوقه. تساعد على تكوين اتجاهات مرغوب فيها لدى األطفال. تعمل على تعديل سلوكيات األطفال من خالل تصرفات بعض الشخصيات المحببة إليهم في القصص. الممتع الذي يلعب دورا كبيرا في ترسيخ األحداث وتفاعلها وإحداث األثر المطلوب في عقول ووجدان األطفال. وال يفوتنا هنا توضيح اللبس الذي يقع فيه كم من الباحثين يخلطون فيه بين القصة والحكاية فثمة فرق جوهري بينهما فالقصة: موجهة للطفل وتأخذ بنظر االعتبار مراحل نموه وميوله ومداركه ولها قوانين بناء خاصة: )حدث شخصية حبكة عقدة نهاية( بينما نرى الحكاية: تمتلك هي األخرى قوانين خاصة )حدث منطقي أو غير منطقي شخصية أو عدة شخصيات ليست لها مالمح معينة زمان فاق عدد الكتب المنشورة لألطفال خالل القرن العشرين مجموعة ما نشر من كتب األطفال مجتمعة على مدى القرون السابقة ويرجع فضل ذلك لنظريات التربية وعلم النفس التي أكدت على أهمية ما تبثه القصص من قيم وتعاليم لألطفال الوعي القومي واالنتماء لدى األطفال. القصص الدينية: ويقصد بها كل ما هو مستمد من الكتب السماوية والتعاليم الدينية وسير الصحابة والتابعين.. وما يهتم بتنمية القيم والمبادئ الخلقية وزرع الم ثل العليا عند األطفال.. كذلك تهتم القصص الدينية بتعريف الطفل بربه وعقيدته وبواجباته الدينية. قصص الخيال العلمي: تهدف قصص الخيال العلمي بالدرجة األولى إلى تنمية روح االكتشاف عند األطفال وإعطاء إجابات ألسئلة الطفل وحب استطالعه فهو يسأل ويسأل ليعرف وإن لم يعرف لسانها.. ويشير الباحثون إلى أن اهتمام تعمل على زيادة الحصيلة اللغوية للطفل ومكان غير محد دين الشخصية تحكمها يلجأ إلى خياله.. وهنا يأتي دور القصص الطفل بالقصة وتحديده لما يناسبه منها وتجعله قادر ا على اإلتيان بجمل وتركيبات قوى خارجية قدرية مثل ما يحدث في العلمية أو قصص الخيال العلمي التي وشغفه بسماعها يبدأ في حوالي نهايات إبداعية تسبق عمره الصغير. األساطير مثال. صحيح قد يتوفر قدر من تحاول اإلجابة عن تساؤالته وتلبية السنة الثالثة من عمره تقريب ا. الديني ة والخلقي ة والتوجيهات السلوكي ة تعتبر القصة وسيلة تربوية حديثة البساطة والشاعرية في الحكي أو القص منها: حاجاته وتثري خياله بحقائق ووقائع تعريف القصة: والقصة هي الخبر. واالجتماعية وقد استخدمه القرآن الكريم للتخاطب مع عقول الصغار ومحاولة التقليدي إال أنها تختلف بنائيا عن فن قصص الحيوانات: ويعد هذا النوع من إيجابية. والقصص : الخبر المقصوص بفتح القاف. في إثارة دافعي ة التعل م لدى المسلم قال التوصل إلى فهم ميولهم ورغباتهم القصة. وصحيح أن التجارب األولى من أكثر القصص تشويقا للطفل وال سيما القصص والحكايات الشعبية: هي والقصص: بكسر القاف جمع القصة التي تعالى»ل ق د ك ان ف ي ق ص ص ه م ع ب ر ة ألو ل ي وحاجاتهم التي يصعب التعرف عليها القصة األوروبية قد اعتمدت على الحكاية: طفل المرحلة المبكرة )6-3 سنوات( القصص التي ينسجها الخيال الشعبي تكتب طبق ا البن منظور في لسان العرب. ٱ أالل ب اب» ]يوسف: 111[ وقال:»ف اق ص ص مباشرة. بساطتها شخصياتها المألوفة خيالها والسبب في ذلك كما يرى علماء النفس حول حدث تاريخي أو بطل يشارك في والقصة : األمر والحديث. واقتصصت الق ص ص ل ع ل ه م ي ت ف ك ر ون» ]األعراف: 176[. تستخدم القصة كأسلوب أمثل في معالجة عوالمها المدهشة إال أن قصة األطفال أن الطفل الصغير يشعر بسعادة كبيرة إزاء صنع التاريخ لشعب من الشعوب يستمتع الحديث: رويته على وجهه. والقاص: الذي األطفال من المخاوف وفي تصحيح استطاعت أن تقف على قدميها وتدخل الحيوانات الصغيرة وال سيما حين يرتبط الشعب بروايتها وتتوارثها األجيال. العدد - 30 يوليو/ مت وز

52 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف القصص الفكاهية: ويقصد بها الحكايات الهزلية المضحكة التي تبعث في الطفل السرور ويكون ذلك دون سخرية أو قصص الرسوم: وهي أنواع من القصص القصيرة تستخدم الرسوم والصور للتعبير عن حكاية بسيطة تهدف إلى تنمية القصة وتسلسلها وارتباطها فيما بينها بحيث يؤدي كل جزء إلى الذي يليه وهي نوعان: حبكة متماسكة وحبكة مفككة. الطريقة المباشرة: ويكون الكاتب فيها راوي ا. طريقة السرد الذاتي: وفيها يجعل الكاتب ثانيا: الرسومات يتطلب الكتاب المقدم للطفل أن يحتوي على الرسومات التي تتميز بالقيم الجمالية مراجع إبراهيم محمد عطا:»عوامل التشويق في القصة القصيرة لطفل ماقبل المدرسة«)القاهرة مكتبة النهضة ط (. خروج عن اللياقة واألدب. وينجذب األطفال إلى القصص الفكاهية وإلى الطرائف والنوادر ومنها ما تحمل م ثال ومبادئ أخالقية ومنها ما تنبه أذهان الخيال والسلوك السليم والعلوم المرغوبة واالستعداد للقراءة لدى األطفال الصغار. أما عن عناصر ومقومات قصة األطفال فيجب أن تتوافر في قصة األطفال معايير الحدث: هو مجموعة األعمال التي يقوم بها أبطال القصة وتكون في الحياة مضطربة ثم يرتبها القاص في قصته بنظام متسق لتغدو قريبة من الواقع ويمكن من نفسه إحدى شخصيات القصة ويسرد الحوادث بضمير المتكلم. طريقة الوثائق: وفيها يسرد الكاتب الحوادث بواسطة الرسائل أو المذكرات التشكيلية وأن تكون واضحة بما يتناسب مع عمر الطفل وأن تكون متفقة ومنسجمة مع النص وال ننسى في ذلك ألوانها حيث أنها تستحوذ على عيون األطفال حيث ابن منظور:»لسان العرب«)القاهرة دار المعارف ج 5 دون تاريخ(. أحمد جابر أحمد:»أثر استخدام القصة في تدريس التاريخ بالتعليم األساسي على تحصيل التالميذ وتنمية ميولهم األطفال وتدفعهم إلى التخيل والتفكير ومنها ما يشبع فيهم رغبات إنسانية نبيلة. واألطفال جميعا يرحبون بقصص الفكاهة ويقبلون على سماعها وقراءتها. وأبطالها عادة ما يكونون من الظرفاء أو البلهاء أو المغفلين أو األذكياء وهي سريعة الحفظ واالنتشار بسبب ما فيها من مفارقة كذلك فهي تحقق توازنا في الجانب الوجداني للطفل. قصص المغامرات: ويقصد بها قصص الرحالة والمغامرين والجغرافيين األوائل الذين اكتشفوا القارات والبحار والمدن كذلك مغامرات بوليسية ربما يقوم بها أطفال يماثلونهم في السن.. وتعلم هذه القصص األطفال حب االكتشاف والشجاعة واإلقدام.. كذلك تفتح لهم أبواب المعرفة فيطرقون كل العوالم التى يريدونها. القصص الخيالية: نوع من القصص يدور حول الكائنات األسطورية والجن والخوارق.. ويقوم البطل أو مجموعة األبطال باألعمال الخارقة لتحقيق العدل أو رفع الظلم عن المظلومين أو مساعدة الضعفاء تلك األعمال التي تستثير األطفال ليكونوا أخيارا مثل بطلهم القدوة.. القصص العلمية: وهي تدور حول بحث أساسية نطلق عليها عناصر أو ما يسمى بالمقومات األساسية للقصة وهي التي يمكن تحليلها وتقيمها في كثير من األحيان للخروج للحكم على مدى جودة القصة وعلى مدى مناسبتها للمرحلة العمرية وللطفل عموم ا ومن بين هذه المقومات األساسية للقصة ما يلي: الفكرة )الموضوع(: وهو ما يمثل الخطوة القصة ليست أحداثا عشوائية متسلسلة إنما هي رسالة توجيهية تسهم في توصيل معلومات مفيدة إلى عقول غضة تفتح أبوابها أمام المفردة الجميلة والحدث الشيق والسرد الممتع الذي يلعب دورا كبيرا في ترسيخ األحداث عرض الحدث من خالل القصة بالنوع التقليدي والمقصود به من البداية للنهاية والطريقة األخرى تنطلق من النهاية ثم تعود بالقارئ إلى البداية والظروف والمالبسات التي أدت إلى النهاية. أما الطريقة الثالثة: فيبدأ الكاتب الحوادث من منتصفها ثم يرد كل حادثة إلى األسباب التي أدت إليها. البيئتان الزمانية والمكانية: البيئة المكانية: هي الطبيعة الجغرافية التي تجري فيها األحداث والمجتمع المحيط وما فيه من ظروف وأحداث تؤثر في الشخصيات. البيئة الزمانية:هي المرحلة التاريخية التي تصورها األحداث. الشخصيات: ويقصد بالشخصيات هنا الكائنات التي تدور حولها األحداث وشخصية البطل في قصص األطفال محور أساسي في القصة يتوقف عليه اتجاه األحداث ونوعية الحل بل إنه يتوقف على وضوح شخصية البطل وجاذبيتها نجاح القصة. وأنواع الشخصيات فى القصة: شخصيات رئيسية: تلعب األدوار ذات األهمية الكبرى في القصة.. شخصيات ثانوية: دورها مقتصر على مساعدة الشخصيات الرئيسة أو ربط األحداث. وهي الوسيلة التي يرسم بها الكاتب جوانب البيئة والشخصيات. الحوار: هو األحاديث المختلفة التي تتبادلها شخصيات القصة وهو عامل مهم في نجاحها ألنه عنصر رئيسي من عناصر البناء الفني في القصة وهو يساعد في خلق التفاعل والمشاركة الوجدانية بين القصاص والمستمع والقارئ.. كما أنه يساعد على اإلحساس بالمتعة ال بالملل. الصراع: وهو التصادم بين إرادتين بشريتين ويكون نوع الصراع إما خارجيا بين الشخصيات أو داخليا ويمثل الصراع النفسي داخل الشخصية ذاتها. العقدة والحل: تأزم األحداث وتشابكها قبيل الوصول إلى الحل أو )لحظة التنوير( التي تعطي اإلشارات للحل ولعلنا هنا نتساءل: هل من الضروري أن يكون لكل عقدة حل واإلجابة هنا بال حيث أن هناك ما ي عرف بالنهايات المفتوحة التي تستدعي القارئ أن يضع النهاية بنفسه وبخياله. أما عن عناصر التشويق في قصص األطفال فتشمل: أوال: األسلوب عندما نقص على أطفالنا الصغار بعض القصص البسيطة فإننا بذلك نربط بين أن تلك الرسومات تخاطب بصر الطفل وعقله وخياله كما تناسب اعتماد األطفال على البصر في التعرف على العالم المحيط بهم وبذلك تصبح ذات أثر كبير في جذب األطفال إلى القصة. كما أنه من الضروري مراعاة األلوان والتشكيالت والوحدة الفنية للموضوع وعالقة كل ذلك بعوالم األطفال. ثالثا: جاذبية موضوع القصة من األهمية بمكان في قصة الطفل معرفة ميول األطفال واهتماماتهم وذلك عن طريق معايشة القصة لجمهور قرائها في محيط األسرة والمكتبات والمدارس والنوادي والمعسكرات وإذا كنا قد تحدثنا عن جاذبية الشكل القصص فإن هذا ال يمكن فصله عن درجة جاذبية موضوع القصة فال بد أن يكون موضوع القصة مثيرا الهتمام األطفال في العمر الذي يوجه إليه الكاتب قصته. وإذا كان هدفنا من كل ماسبق تقديم قصة عربية جيدة تليق بالتراث والتاريخ العربيين ومحاولة إلقاء الضوء على كل ما من شأنه تقريب هذا المنتج لفكر ووجدان الطفل من كلمة بليغة وفكرة مبدعة وصور ورسوم جذابة وأنشطة تجعل الطفل يفكر ويبتكر.. فنحن واثقون نحو مادة التاريخ«)جامعة أسيوط كلية التربية بسوهاج رسالة ماجستير غير منشورة 1987(. أحمد زلط:»أدب الطفولة«أصوله مفاهيمه رواده )القاهرة الشركة العربية للنشر والتوزيع 1990(. أحمد محمد عيسى حسن:»تقويم قصص األطفال فى مصر«)جامعة عين شمس كلية التربية رسالة دكتوراه غير منشورة.)1988 أحمد نجيب:»فن الكتابة للطفل«)بيروت دار اقرأ 1992(. السعيد الورقي:»القصة والفنون الجميلة «)اإلسكندرية دار المعرفة الجامعية.)1991 العربى بنجلون:»كتاب الطفل بالمغرب من «بببلوجرافيا شاملة )المغرب القنيطرة مطبعة معمورة.)2000 المعجم الوجيز:»القاهرة مجمع اللغة العربية 1991(. إيمان فتحي سند:»أثر استخدام المدخل القصصي في تدريس التاريخ لتالميذ الصف الخامس االبتدائي على تنمية بعض القيم الخلقية«)جامعة عين شمس كلية التربية رسالة ماجستير غير منشورة.)1998 تغريد محمد القدسي:»منذ نعومة أظفارهم«)أدب األطفال العربي الحديث في القرن العشرين«)الكويت الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية 1992(. عبدالفتاح أبو معال:»أدب األطفال-دراسة علمي أو نشاط أو اختراع وقع في عصر من العصور.. وهدف هذه القصص العلمية هو تزويد األطفال بالثقافة العلمية وأسلوب التفكير العلمي. القصص االجتماعية: نوع من القصص يتناول العائلة واألسرة والروابط األسرية والمناسبات االجتماعية المختلفة من األولى في طريق وضع قصة ناجحة ويجب اختيار الموضوعات التي تتناسب مع األطفال من حيث الخصائص التي تميز الطفولة في كل مرحلة من مراحلها المختلفة وأن يكون الموضوع الذي تتناوله القصة موضوعا قيما وجديرا بأن يقدم لألطفال. شخصيات نامية: تتطور مع األحداث. شخصيات ثابتة: ال يحدث في تكوينها أي تغيير وتبقى تصرفاتها ذات طابع واحد ال يتغير. األسلوب واللغة: السرد: وهو نقل األحداث من صورتها المتخيلة إلى صورة لغوية. متعة االستماع إلى القصة وبين إثارة االهتمام بموضوعها إذ ال بد من توافر إيقاع في الجمل والكلمات توافر أصوات محببة إلى األطفال وكذا الحركات التي تساعد على عملية السرد والتكرار في العبارات واأللفاظ. وال شك أن عنصر المفاجأة والغموض والمرح والحيوية تقدم من أن القصة الجيدة بدورها ستؤثر بشكل كبير على طفل اليوم ورجل المستقبل ستغير من سلوكه ووجدانه وتكسبه مهارات واتجاهات وقيما ولن تذهب مجهوداتنا هباء أبد ا.. فنحن نصنع القصة والقصة تصنع الطفل ذلك في حال جودتها ومناسبتها للطفل بالتأكيد. وتطبيق«)األردن عمان دار الشروق.)2000 على الحديدي:»في أدب األطفال«)القاهرة األنجلو المصرية 1995(. محمد مظهر عالم»أدب األطفال في األدب العربي الحديث«مقالة منشورة مجلة الداعي الشهرية العدد 12 السنة 38 أكتوبر 2014 جامو وكشمير(. أعياد واحتفاالت. البناء والحبكة: هو تتابع األحداث في وله ثالث طرق: عناصر هامة تثير شغف الطفل. كاتبة من مصر العدد - 30 يوليو/ مت وز

53 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف تعدد األسئلة وتعطل العقل محمد عرايب أدب األطفال أزمات داخل األزمة عماد البليك في الوقت الذي يكتسب فيه مجال الكتابة لألطفال حركة كبيرة على مستوى العالم الغربي إال أن الصورة في البلدان العربية ال تزال قاتمة ال يمكن فصلها عن محصلة إخفاقات الواقع العربي في الكثير من تفاصيل الحياة المتمظهرة بالتحديث. بل إن االهتمام بالطفل باعتباره جوهر المستقبل أمر يشوبه كثير من الشك باستثناء جهود مشتتة هنا وهناك سواء ألفراد أو مؤسسات تحاول رد االعتبار لهذا الكائن المبدع الخالق صعب القياد والتهيئة ال سيما في عصر يت سم بتعدد الوسائط وهي النقطة التي يمكن االنطالق منها لكي ندرك أن الكتابة للصغار ليست بالمسألة السهلة أن تكتب للطفل ال يعني األمر مجرد ورقة وقلم أو شاشة حاسوب كاإلنترنت والتلفزيون وألعاب الفيديو وغيرها باتت تستهوي الجيل الجديد لكن االتجاه نحو الوسائط الجديدة ال يعني أن الكتاب سوف يفقد مكانته المركزية في مسطحة ودماغ يحاول حفز خياالته أكثر من الكتاب كوسيط تقليدي إال أن تشكيل ثقافة الطفل على األقل على مدى لتعبئة المسطح. وهذا ما جعل كاتبا مثل حركة النشر والترجمة في مجال الكتابة زمني قريب وخصوصا في البلدان العربية الفرنسي ميشيل تورنييه الحائز على لألطفال تشهد توسعا رقميا في العديد التي تعيش مناطق واسعة منها في ظالل جائزة غونكور في 1970 يعتبر»القصص من البلدان المتقدمة فألمانيا على سبيل الماضي والتي تعاني مؤسساتها التعليمية المرصودة لألطفال هي في القمة األرقى المثال وخالل عام واحد )2005( شهدت من غياب البنيات األساسية من فصول من األدب«ولم يكن مستغربا أن تنال بيع حقوق ترجمات 1800 كتاب طفل وأدوات الدرس التقليدية دعك عن الكاتبة الروائية السويدية س لمى الغرلوف مقابل 569 رواية أدبية للكبار )المصدر: األدوات»األكثر حداثة«كالحاسوب. بل ) ( جائزة نوبل في زمن مبكر موقع دويتشه فيله( ويكشف التفاوت إن المشكلة تصل إلى حد افتقار كثير من )1909( بعد أن وضعت كتاب جغرافيا الرقمي في هذه اإلحصائية كيف أن أدب المؤسسات الجامعية إلى الوسائط التي لليافعين يعرف ببلدها يمكن تصنيفه بأنه الطفل ال يزال له فاعليته وتأثيره في عالم تعمل على لغة العصر. وحتى في الغرب في مقام أدب الطفل كذلك تمكن اإلشارة اليوم برقم»اكتساح«الوسائط الحديثة. فثمة تأكيد من قبل الدوائر المهتمة على لرواية»عالم صوفي«التي تبسط تاريخ لكن هذا ال يعني بشكل كبير أن الكتاب أال تخصم»الملتيميديا«من جاذبية الكتب بحث المشكلة والخروج بأفق جديد يعمل أن»األزمة«أكثر تعقيدا وذات تشعب الطفل والتي يالحظ ندرتها )شاركت أربعة الفلسفة للصغار وإن كانت الرواية تستهوي هو الوسيط األكثر استقطابا لذهنية الطفل التي تظل أكثر حميمية في عالقتها مع على تجاوز المعوقات وبالتالي استبصار مربك من حيث األسئلة المفترض اإلجابة بحوث فقط في المسابقة(. الكبار أيضا كذلك سلسلة روايات»هاري وسط طوفان»الملتيميديا«. ولعل االلتفات المتلقي وفي حفز الذهن وتشغيل الخيال الحلول الصالحة للتطبيق على الواقع عليها بهدف الخروج بأدب أطفال فاعل. تعدد األسئلة يعني مباشرة تشعب المشكلة بوتر«التي شغلت الناس وغزت السينما إلى قوة الوسائط الجديدة أد ى إلى توليد اإلنساني. الفعلي. ولعل الجائزة التي أعلنتها دولة قطر عبر األساسية إلى أكثر من مشكلة تحتاج إلى وصارت إحدى العالمات الجديدة على أن نوع من االهتمام األولي في العالم العربي بهذه المقدمات فإن العناية بأدب األطفال المجلس األعلى لشؤون األسرة والذي تأسيس»تراث تنظيري«حولها يمكن أدب الطفل إذا ما اشتغل عليه وفق رؤية بإمكانية التفكير في»تشكيل«الطفل عبر ال تعتبر ترفا أو لعبا في الزمن الضائع بل»األزمة«.. تعدد األسئلة تترأسه الشيخة موزة بنت ناصر المسند االنطالق منه إلى بناء قواعد ألدب جديد قادرة على معرفة ما الذي يرغب فيه التكنولوجيا بعيدا عن وسيط الكتاب كما مسألة جوهرية تتطلب المزيد من العناية تبدو»األزمة«بسيطة لكن بمجرد البحث والتي أنجزت دورتها األولى هذه السنة من ناحية المضمون/الطرح والكم. ومن الطفل بالضبط ألمكن التأثير به والتماهي نلحظ ذلك في كتاب»تكنولوجيا أدب بحثا وتنقيبا من حيث دراسة وتحليل في ثناياها بتتبع حركة النشر لألطفال تصب في إطار الخلوص إلى رؤى جديدة هذه المشكالت الفرعية على سبيل المثال معه ليس للصغار فقط بل للكبار أيضا. األطفال«للشاعر المصري أحمد فضل المشكالت التي تمر بها سواء من قبل في العالم العربي إضافة إلى الجهود في ترقية أدب الطفل ال سيما أن الجائزة ال الحصر: هل الكتابة لألطفال مجدية في شبلول والذي حاول فيه االقتراب من الممارسين ألدب الطفل والمهتمين بهذا العلمية في محاولة فهم الم شكل وأيضا جاءت في أكثر من محور ولم تكتف مواجهة الوسائط الجديدة كيف يمكن تحدي»الملتيميديا«أثر التكنولوجيا في أدب األطفال برصده المجال أو الدوائر األكاديمية التي يتطلب المؤتمرات والندوات التي عقدت في هذا بالقص حيث شملت المسرح والشعر توسيع دائرة النشر في المجال ما هي من المفارقات المدهشة أنه في الوقت للعديد من مواقع اإلنترنت التي خصصت منها موقعها الذي يفترض الحياد والرؤى اإلطار في العديد من العواصم العربية وكان التأكيد األوضح لمصداقية الطرح إشكاالت المطروح في السوق من حيث الذي يرو ج فيه إلى أن الوسائط الجديدة مضمونها لمخاطبة لألطفال. االستشرافية أن تقوم بدور جاد في سبيل في السنوات األخيرة سوف نصل إلى في جانب البحوث المخصصة لدراسة أدب المضامين واألسلوب واللغة وطرائق السرد العدد - 30 يوليو/ مت وز

54 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل الخ أي مستوى وصل إليه إخراج كتاب والركاكة والضعف في إثباتها إلى مدى تكشف عن هشاشة الوعي لدى هؤالء تنفك عن دائرة مشكالت واقع اإلنسان وهيئات مدنية.. الخ فسوف نصل إلى الطفل ما الذي يريده )هو( بالضبط الطفل في البلدان العربية وهي عملية بعيد خاصة أننا نعيش في عصر من أبرز الكت اب الذين غي بوا مركزيات مهمة في العربي في أزماته الالمتناهية في الحياة نتيجة مفادها أن المقترح في )االقتباس وليس ما الذي نريده )نحن( منه بيد أصعب عندما يتعلق األمر بالطفل بخالف سماته تعدد وسائط التأثير على الطفل. سبيل تطوير عملهم. كما تكشف أيضا أن وتجاه مشروع تحديث عالمه. فالكثير أعاله( يقدم طرحا لو أنه نف ذ واقعيا أن أي محاولة للخروج سوف تواجه الكتب المخصصة للكبار كيف نفهم عقل فإذا كان طفل األمس يولد وليس في الكتابة للطفل ليست درسا تعليميا أو ذات من المنظرين -باستثناء متنورين غير ولو بدرجة نسبية سيؤدي إلى تقهقر بالتقاطعات العامة في الحياة العربية تلك الطفل ونوجد نصوصا لها القدرة على البيت سوى الجدران األربعة وبعض األثاث مغزى»رسالي«فهي عملية أكثر تعقيدا من مؤثرين في الغالب- ينطلقون في وعي أدب األطفال أكثر مما هو عليه اآلن األنساق الثقافية واالجتماعية التي تثقل التماهي معه الخ. ففي الراهن فإن الرضيع يجد نفسه أمام مجرد االقتراحات المباشرة التي تصل حد الكتابة للطفل من المدخل التربوي وهو من تقهقر. ذلك ألن»األشكال المعينة ذاتها بالكثير من األسئلة المربكة والدوران إذا أخذنا أحد المشكالت الفرعية المذكورة عالم معقد من حيث األدوات والتفاصيل: السذاجة في كثير من القصص المخصصة مدخل يعكس مشكلة أكبر اتساعا في والغايات المحددة«التي يفترضها الم نظ ر في جدليات متأزمة ت لخ ص في سؤال سنجد أنها تتفرع هي األخرى لمجموعة تلفزيون جوال شاشة حاسوب ساعة لألطفال والتي تنتشر في األسواق الوعي الجمعي تتعلق بالتقاليد والقيم سوف تشك ل سلطتها المشفوعة بآليات مشروع النهضة العربية التحديث ذلك من األسئلة التشعبية فمثال فيما يختص إلكترونية.. الخ األمر الذي يجعل الطفل والتي يظن ناشروها أن مجرد األلوان التي تتصارع مع مظاهر وآليات التغيير الدفاع عنها وحمايتها وهو ما سيفرض السؤال الذي ما أنفك يعاد اجتراره منذ بسؤال النشر فإن كتاب األطفال أكثر تكلفة ومنذ سن مبكرة أمام أكثر من عنصر جذب والرسومات والورق المقوى لها القدرة على والتحديث في المجتمع العربي كذلك تيارا أحاديا في أدب األطفال يقوم على الربع األخير من القرن التاسع عشر والذي وبالتالي أعلى سعرا وهنا تتعقد»تفرعات بخالف والديه أو الجدة التي لعبت دورا جذب الطفل والتعايش مع خياله. فالكتابة يعكس المدخل نفسه جهل بعض هؤالء»أيديولوجية«معينة دون سواها وهو أمر عقد ته وقائع القرن العشرين بتضييق دائرة األزمة«ألكثر من مستوى األمر الذي تاريخيا في مرحلة من المراحل بوصفها للطفل كما يراها الكاتب الفلسطيني جميل المنظرين بالنظريات»األكثر حداثة«مرفوض بفهم جمالية التنوع والتضاد في الوعي الجمعي للعقل العربي األمر الذي يتطلب مشاركة من الحكومات ومنظمات أسست لفترة ما قبل»التدوين«في أدب السلحوت»هي أصعب فنون الكتابة«. وتأثيرا في مفهوم التربية اإلنسانية تشكيل المعرفة وأدوارها. عزز االغتيال القائم فعليا للذهن قمعه المجتمع المدني في دعم صناعة كتب األطفال وكانت لها فاعلية أكثر من أدباء فإذا كانت كتابة رواية الكبار تترك لكاتبها لألطفال ومن افتراض آخر ال يتعلق األمر ومنعه من القفز إلى مساحات جديدة من األطفال أيضا الترويج لثقافة الطفل عبر حرية التحرك والتجريب والتالعب باللغة بالجهل وإن ما بنفي الجديد اعتمادا على االبتكار والتماهي مع المعنى الجوهري مجال األدب دعم المؤسسات البحثية في والسرد فإن الكتابة للطفل ال تتطلب القديم في التراث المتوارث حول نموذج لفكرة أن تكون إنسانيا فاعال. بحث المشكلة تشجيع ممارسي الكتابة مجرد التركيز في الحبكة أو توليد قصة التربية الذي ينطلق من المبادئ الدينية بدرجة ثانية من تحرير الخيال والوعي لألطفال والراغبين في هذا المجال تنظيم المؤتمرات والندوات. وإذ كانت المشكلة ال تنتهي باقتراح الحلول النظرية فسوف أكتفي بطرح هذه األمثلة ألن المحك األساسي يقف عند التطبيق العارف.»األزمة«من الداخل.. الممارسون تنطلق واحدة من اإلشكاالت المباشرة في مجال أدب األطفال عربيا من ممارسي الكتابة للطفل أنفسهم وإذا كان من الصعب إطالق حكم عام يوص فهم بقصور ثمة شبه إجماع عربي على أن»أدب األطفال في البلدان العربية يرزح تحت وطأة التنظير والدعوات الخجولة«كما يؤكد الكاتب السوري غازي حسن العلي )صحيفة الثورة: 6 أبريل 2004( يظن كاتبها أنها مدهشة إنما تغوص إلى ما هو أعمق غورا في استنطاق المرئيات وعي الطفل كما أن هذا الفعل يتأسس عبر مراحل حياة الكاتب وتشك ل وعيه ال سيما في سنوات الطفولة التي تلعب دورا في إيجاد كاتب المستقبل كما في نموذج»السلحوت«نفسه الذي لعبت تجربة حياته كطفل فلسطيني عاش ويالت ومرارة الحروب والشتات دورا في فهمه إلمكانية رؤية الطفل الذي ظل يسكنه -من خالل الكتابة لألطفال- حتى بعد أن كبر في في تقاطعها مع شروط البيئة الثقافية واالجتماعية من محيط محلي إلى آخر على امتداد البلدان العربية فكثير من القيم يتم تعريفها في أكثر من مكان على أنها»إسالمية«في حين يتجلى من خالل الكشف العميق لها أنها ال تغادر الشروط المحلية المتوارثة في مكان معين ومنذ قرون بعيدة. ي عر ف عبد المجيد إبراهيم قاسم أدب األطفال على»أنه من الوسائل التربوية التي تعتمد على أشكال معينة وتهدف كيف يمكن توسيع دائرة النشر في المجال ما هي إشكاالت المطروح في السوق من حيث المضامين واألسلوب واللغة وطرائق السرد الخ أي مستوى وصل إليه إخراج كتاب الطفل في البلدان العربية فإن أي»أزمة«ال يمكن التخارج منها بشكل نهائي حيث أنها ت وج د مشكالتها وأزماتها المتفرعة باستمرار بيد أن المطلوب في الراهن يتعلق بفتح ثقب في جدار»الصمت«العربي تجاه الطفل. ثقب ال يعني الضجيج المرتفع وال فرض السيطرة أو الوصاية. وإنما تعليم األطفال االقتراب من الخطوط الرئيسية لكيفية بناء الذات اإلنسانية تحرير وعيهم تنمية قدراتهم الذهنية على التفكير الالخطي تحريرهم من أي قيود مثقلة توجه مساراتهم بتقعر. وإذا ما تحقق الوعي بماهية»الكتابة للطفل«فإن الواقع السن. فما لم تكن لدى الكاتب المقومات لغايات محددة«. وبتحليل هذا»التنظير«هذا ولو على مستوى بدائي فالمحصلة يعكس ظالال لهذا»القصور«الحادث فعليا الشخصية والنفسية ومنذ سن مبكرة فإن سنجد أنه ال يكتفي بمشكل تكريس»وعي وبدرجة أولية ستنعكس في توليد أجيال تبدأ بغياب رؤى تأسيسية ذات معرفة مجرد الرغبة وأيضا التدريب لن يصنعا الكتابة للطفل من المدخل التربوي«والذي ذات قدرات على رؤية مشكالت الحياة عميقة بالشروط العلمية لمخاطبة الطفل عبر السرد الشعر أو المسرح.. فالمبدأ اليوم. أبعد من ذلك فإن الدراسات العلمية كاتبا ناجحا في مجال األطفال. ينبغي تجاوزه. بل يتعدى ذلك إلى قراءة خاطئة تعمل على تنميط الكتابة لألطفال الخروج من»األزمة«بطرق غير مألوفة تبحث عن حل للمشكلة بشكل غير المكتسب والمتوارث. وهو الذي يتأسس عليه الوعي يقوم في الغالب الحديثة أثبتت أن الجنين في رحم أم ه»األزمة«من الخارج.. المنظرون بوضعها في»أشكال معينة«في إطار بالتالي فالمخرج من األزمة -تقريبا-»هدف«ال يعني الوصاية أو فرض»أشكال على تحييد الطفل والنظر عليه على أنه يبدأ في تشكيل عالقته بالعالم الخارجي إذا كانت للممارسين/الكت اب إشكاالتهم»غايات محددة«وهي مشكلة تعكس يقوم على مفهوم قال به الدكتور حسام معينة«من الوعي إذا ما تعزز لدى القائمين»ساذج«ال يفهم عليه أن يتعلم الكبير من خالل التفاعل مع المسموعات وأبرزها التي تعرضنا لها دون استفاضة فإن بعض -أيضا- جانبا من أزمة العقل العربي الذي الخطيب أن»الطفل ليس مشروع رجل«على نظم أدب األطفال اإليمان بما يقومون هو األعلم واألعرف واألكثر وعيا. هذه الموسيقى. المنظرين ألدب األطفال يمثلون جزءا من يسعى بطريقة شائعة إلى ترسيخ»سلطة«بل هو كائن له ذاتيته الخاصة وعالمه به وفي سبيل ذلك يعكفون بجدية على اإلشكاالت ناتجة عن بنية العقل العربي تذهب الكاتبة تغريد النجار إلى أن بعض»األزمة«بترويجهم لمفاهيم خاطئة عن أو»مركز«داخل أي نظام معين بهدف الذي ينبغي رد االعتبار له كما أن األفق التحرر من وطأة األمس وتلك الدعوات في نظرة الكبير للصغير والذي يتعامل الكت اب»يخاطبون األطفال من فوقية ماهية أدب األطفال دوره طريقته التي الهيمنة. فإذا ما تعاملنا مع أدب األطفال المستقبلي يتطلب نوعا من تحرير الخيال الخجولة القائمة في الراهن. مع الطفل على أنه»طينة«يسهل تشكيلها. معينة وكأنهم يعطونهم دروسا وهذا يشتغل عليها.. الخ وهي إشكاالت ناتجة على أنه نظام متكامل له منتجه ومستقبله العربي بالنسبة إلى الممارسين والمنظ رين وهي نظرية متوارثة تتسم بالتقليد خطأ«)استطالع عمان نت(.. وهي بهذا أيضا عن منظومة اجتماعية/ثقافية ال وروافده من دور نشر ومؤسسات بحثية على حد سواء أن يعاد التفكير في وعي كاتب من السودان العدد - 30 يوليو/ مت وز

55 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف بين الخيال والتربية محمد عرايب أسماء عواد في كل مرة أقدم فيها على الكتابة للطفل يراودني شعور بالرهبة وأنا على أبواب الكتابة لراشد صغير يشاركني الحياة ويشهد -مثلي- على ما يدور فيها من أحداث. هذا هو مصدر الرهبة أن تكتب لقارئ ال يمكن خداعه أو الكذب عليه قارئ يعي بأنه شخص مستقل يرفض الوصاية عليه يؤمن بحريته وحقوقه التي يعرفها ويطالب بها لكنه في نفس الوقت طفل صغير يحتاج إلى الحماية والرعاية فإلى أي منهم ستنحاز أثناء الكتابة إن تعرض الكاتب لمثل هذه اإلشكالية وانشغاله بها يجعله يكتب تحت بالطفل وباألخص أكثر الجهات التصاقا به وبعالمه عن قرب وهي المؤسسة التربوية أما التربويون فيرون أنه من حق الطفل أال نعرضه إلنهاكات فكرية تتنافى مع إحساس بالمسؤولية إن لم يكن أمام ويمكن أن نلخص هذه القضية في بعض قواعد التربية السليمة فال يمكن أن العالم فعلى األقل أمام ضميره الذي يحت م األسئلة: نسمح بمحتوى مغلوط أو غير الئق تربويا عليه أن يقدم أفضل ما لديه وهذا األمر هل يخضع أدب الطفل لنفس المعايير يحر ض على عنف أو كراهية. إن ترك األمر يقع في ضمير البشرية بأكملها وليس التي يخضع لها أدب الكبار بمعنى هل لكل من يكتب للطفل دون أن يكون مؤهال الكاتب فحسب. فهل يضمن هذا للطفل له الحرية كاملة في تناول أي قضية بال لذلك يفتح الباب لمحتوى ضار به ويرون نتاجا أدبيا مميزا أو باألصح هل هذا كاف حدود أو قيود هل ألدب الطفل هدف أنه من الواجب أن يخضع كل ما يكتب كي تمتلئ األرفف بكتب األطفال الرائعة تربوي يهتم بتنشئته ورعايته أم أن للطفل للتحكيم التربوي كي ال يصبح والمثالية التي يتوفر فيها كل ما نأمله الهدف الرئيسي هو إمتاع الطفل ومده العمل األدبي ساحة لتضمين التوجهات ألطفالنا بالخيال والدهشة فقط هذا ما يتصارع واإلسقاطات المتعددة لكل من يرغب يتعامل البعض مع الكتابة للطفل عليه التربوي ون واألدباء معا ولكل منهم في بث آرائه السياسة أو الفكرية فيصبح باستخفاف وينظرون إليها على أنها ذلك وجهة نظر تستحق أن توضع في االعتبار. الطفل عرضة للتشتت والصراع عندما النوع السهل من الكتابة الذي ال يحتاج ينتمي معظم كتاب أدب الطفل للمؤسسة يخضع أليدلوجيات وانتماءات متضاربة إلى مجهود أو وقت كبيرين ربما لهذا أيضا اإلبداعية -لو جازت لنا التسمية- التي في مرحلة عمرية تحتاج لتكوين قناعاته يستخف آخرون بكتاب الطفل ويتعاملون ترفض القيود أو الرقابة على الكتابة وهوياته بعيدا عن أي صراع. معهم ككتاب من الدرجة الثانية على ويرون أنه لكي يقبل الطفل على القراءة يحتاج الطفل إلى الرقابة المتخصصة لما اعتبار أنهم يقومون بعمل يمكن االستغناء عليك أن تقدم له إبداعا يليق بمخيلته يصل إليه من إبداع بحكم كونه صغيرا عنه. وليس المجال هنا للرد عليهم فقد وعمال يتصف بالجمال ما يحقق له الدهشة ال يستطيع الدفاع عن نفسه أو انتقاء ما تجاوز الوعي العام هذه القضية بكثير والمتعة وال يمكن أن يحدث هذا إال لو يتناسب مع عقله وفكره أو المبادئ التي كما أننا لن نناقش أيضا إقبال البعض على كان بعيدا عن النصح والوصاية وليست يجب أن ينشأ عليها فهو بحاجة إلى الكتابة للطفل لكونها سبوبة تجني ماال وظيفة اإلبداع أن يكون ممنهجا لصالح كتب تجنب روحه وخياله وعقله ويالت أكثر مما تجنيه ألوان أخرى من الكتابة مؤسسة تربوية أو سياسية أو اجتماعية الصراعات والحروب كي نبتعد به عن في المدرسة من مناهج وكتب خالية من بدائل مرضية تجمع ما بين وجهتي النظر من هذا الفخ والنجاة من المأزق عن طريق وأيضا لن نتعرض لمتطلبات الكتابة للطفل أو دينية بل ليس من الواجب أن تكون له منطقة الخطر بما ال يفقده الشعور بالسالم الدهشة والخيال ويهاجمون المؤسسة وهي مسؤوليتان متضاربتان تحمل صنع توليفة من هذا وذاك دون أن يطغي وال أهمية إللمام الكاتب باحتياجات النمو وظيفة من األصل بمعني أن الفن من أجل واألمان فلماذا ال يتعاون األدباء مع التربوية لقتلها اإلبداع والمبادأة فلماذا في طياتهما قيم متضاربة مثل الصدق أحدهما على اآلخر. فيقدم له صورة والمرحلة العمرية التي يكتب لها وغير الفن واإلبداع من أجل اإلبداع وال يمكن المدرسة من أجل صالح الطفل ال يقدمون بدائل إبداعية مناسبة للطفل الخيال الواقع المسؤولية الوصاية إبداعية صادقة غير مغلوطة ومليئة ذلك من إشكاليات يتحدث عنها الجميع أن يوصف العمل باإلبداع إال لو كان حرا إنها وجهة نظر تستحق الدراسة وإذا كان لماذا ال يوظفون اإلبداع لخدمة التربية المشاركة والحرية.. بالجمال والخيال واألمل. لكننا سنتناول قضية أخرى تؤرق المهتمين بال قيود أو رقابة. األدباء دائمو االعتراض على ما يدرس يطرح التربويون هذا السؤال في انتظار وقله قليلة من الكتاب يستطيعون الخروج كاتبة من مصر العدد - 30 يوليو/ مت وز

56 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ثقافة األطفال في عصر السيولة الرقمية نوار حيدر لطفية الدليمي األطفال كائنات بيولوجية فريدة في نوعها وعلى درجة عظمى من الخصوصية والتمي ز وي جم ع علماء نفس الطفولة والتطور البشري أن مصدر تلك الفرادة المقترنة بالطفولة يعود في معظمه إلى اللدونة الدماغية الفائقة لدماغ الطفل ومن الطبيعي أن تترت ب على هذه الخصيصة الفريدة مترتبات يمكن عد ها مزايا حصرية لألطفال دون سواهم وأهم تلك المزايا هي: القدرة الفائقة والسريعة للطفل في تشكيل أنماط دماغية جديدة قادرة على التكيف مع الخبرات غير المجر بة وتمثلها والتعامل معها بمرونة وصبر وشغف وهذه المزية الفريدة ال ت تاح في العادة لغير األطفال أو قد تكون متاحة لهم ولكن بثمن باهظ يخلو من عوامل اإلثارة والشغف ويغلب عليه القسر وتأدية الفروض والواجبات في سياقات بيروقراطية شديدة الوطأة. خصيصة أخرى مرتبطة باللدونة ثمة الدماغية الفائقة للطفل وأعني بها انفتاح الفضاء التخييلي لدى الطفل وعدم تقي ده بمحددات فيزيائية أو اجتماعية ضاغطة ويمكن فهم هذه القدرة الفريدة لدى الطفل من الطواعية الدماغية لديه في خلق تشبيكات عصبية يتعذ ر عد احتماالتها الممكنة وكل احتمال من تلك االحتماالت هو بمثابة فرصة لتخليق عالم تخييلي جديد. تأسيسا على المالحظات السابقة أود في المالحظات المحددة التالية إلقاء ضوء على بعض الموضوعات التي أراها ذات أهمية حاسمة في ثقافة الطفل الذي يعيش عصر السيولة الرقمية والمستحدثات الحاسوبية والتطبيقات المتعاظمة للذكاء االصطناعي : - أهمية الحكايات الشفاهية لألطفال: تبقى الحكايات الشفاهية المتواترة )سندباد حكايات األخوين غريم أليس في بالد العجائب..( ذات أهمية عظمى لمخيال الطفل وذائقته التصويرية وجهازه اللغوي الغض ومن الضرورة الفائقة أن ت روى هذه الحكايات على مسامع األطفال حت ى لو كانت مطبوعة في كتب ورقية ذات ألوان براقة جاذبة. يمكن لألب أو األم أو المعلمة القيام بدور الراوي في هذه الحكايات غير أن األم تبقى هي الراوية األفضل وبخاصة في وقت ما قبل النوم. إن تجربة سرد الحكايات الشفاهية على األطفال فريدة للغاية وذات دور عظيم في تثوير خيال الطفل وإثارة مكامن شغفه بالكلمات والصور المتخيلة األمر الذي ينعكس بالضرورة في ارتقائه البيولوجي والوجداني وينبغي دوما مقاومة الميل المتعاظم لجعل األطفال قارئين رقميين لهذه الحكايات اللذيذة على وسائطهم الرقمية. - ضرورة تجنب السرديات ذات المحموالت االرتكاسية والموغلة في النزعة القومية والشوفينية: ي الح ظ في ثقافة األطفال )وأدب األطفال بخاصة( إعالؤه شأن الحكايات المتوارثة التي تؤك د السمات القومية لكل جغرافية بشرية ويمكن عد هذه الظاهرة انعكاسا لنزعة تأكيد السيادة القومية وإعالء شأن األمة-الدولة غير أن عصرنا الحالي تفاقمت معضالته وتغو لت حتى شملت الكوكب األرضي برم ته ولم يع د مقبوال -أو حتى ممكنا - االنكفاء على الخصائص المميزة لكل جغرافية بشرية بعينها وتأكيد علويتها بالقياس إلى سواها من األجناس البشرية بل صارت الضرورة البراغماتية تفرض ترويج نمط من الثقافة الجمعية التشاركية التي تعمل في إطارها كل الكائنات البشرية للحفاظ على الموروث اإلنساني ومعالجة آثار المشاكل المهددة للجنس البشري بأجمعه. - ثقافة الطفل واألخالقيات العملية: ثم ة ميل عالمي متعاظم إلحالل نوع من األخالقيات العملية منذ وقت مبكر في ثقافة الطفل واعتبارها أمرا أجل شأنا وأكثر جدوى من الخطابات الوعظية ذات المحموالت الدينية أو الالهوتية التي تختص بجماعة بشرية دون غيرها ويراد من هذا األمر تخليق نوع من األخالقيات الجمعية التي ال تتحدد بمؤثرات الزمان والمكان والبيئة وتكون فاعلة في الوقت ذاته في التعامل المجدي مع المعضالت العالمية. يمكن في هذا المضمار إيراد أمثلة كثيرة على هذه األخالقيات العملية الجمعية: إشاعة ثقافة االحترام والتسامح والمساواة الجندرية احترام الثقافات البدائية ونزع المسلكية الشوفينية إزاءها تأكيد حق الحياة والتعليم والصحة لكل أفراد األرض المشاركة الفاعلة في الحمالت اإلنسانية لدعم أطفال المناطق الموبوءة أو التي تعاني ويالت الحروب أو الهجرة الناتجة عنها دعم المعرفة البيئية والسياسات الالزمة للتعامل مع المعضالت الكارثية التي تواجه كوكب األرض - ضرورة الموازنة الدقيقة بين القدرة التحليلية والقدرة الرقمية في ثقافة األطفال: من المعلوم أننا نعيش اليوم وسط بيئة صارت محكومة -بالضرورة- بهيمنة الوسائط الرقمية الشائعة ومعروف أيضا أن تلك الوسائط محكومة هي األخرى بقيود النظم الرقمية التي تعمل وفق خوارزميات محددة وقد أدى هذا األمر إلى خفوت القدرات التحليلية والفلسفية واالستعاضة عنها بنوع من القدرة الخوارزمية األقرب إلى متطلبات التنميط الجمعي التي يستلزمها االرتقاء بمنظومات الذكاء االصطناعي وال يغيب عنا أن خفوت الشغف التحليلي والفلسفي ينطوي على مخاطر عدة من بينها تراخي النزعة اإلنسانية وفقدان التواصل الحي مع اإلرث اإلنساني في شتى حقوله المعرفية وشيوع نوع مستحدث من العبودية الرقمية التي يسهل توظيفها من قبل الحكومات لخلق نوع من دكتاتوريات رقمية شديدة الوطأة وفي مواجهة ذلك ستحافظ الثقافة غير المنم طة رقميا على التراث اإلنساني وتعمل على االرتقاء المتواصل في المناطق الدماغية الخاصة بالقدرات التحليلية وتجنب االنكفاء في لج ة الخبرات المنم طة. - يمكن لثقافة الطفل أن تكون أداة من األدوات الفاعلة في تحقيق السالم العالمي وتخفيف حد ة النزاعات الدولية: من المعروف أن اإلرهاب الدولي وغياب فرص التسامح والتعايش الحقيقية يتغذ يان من حالة سوء فهم اآلخر وعدم االنفتاح على ثقافته الخاصة وقد أثبتت الجهود العالمية )األمم المتحدة مثاال ( وهنا كبيرا في إشاعة قدر مقبول من التسامح الدولي واالنفتاح الثقافي تجاه الثقافات المهم شة )حسب نموذج نظرية المركز-الهوامش( بسبب بيروقراطيتها وشيوع الفساد فيها وهنا يمكن لثقافة الطفل المبكرة أن تكون ترياقا مضادا لكل النزعات التهميشية واإلقصائية لآلخرين وبخاصة إذا ما اعتمدت نمطا من الحس اإلنساني الجمعي المتناغم مع تطلعات الشعوب في كافة أقاصي األرض. - دعم ثقافة األطفال وتطويرها هو العدد - 30 يوليو/ مت وز

57 ملف استثمار ناجح في المستقبل: ثمة جانب براغماتي ملح يتطل ب االرتقاء بثقافة األطفال وبخاصة في عصر شيوع الثقافة الرقمية وقرب سيادة منظومات الذكاء االصطناعي التي ستغزو جميع مرافق الحياة اإلنسانية. يمكن لثقافة تواز ن بين الجانبين التحليلي والرقمي ينشأ عليها الطفل أن تساهم في إمداده بالعد ة الالزمة للتعامل الناجح مع المستقبل وطرد الشعور بالضياع وعدم القدرة والتمك ن من التعامل الكفء مع المستحدثات الرقمية كما أن الثقافة المبكرة المتوازنة للطفل -مثلما يرى خبراء ثقاة- يمكن أن تبعده عن مخاطر االعتالالت المرضية )مثل مرض الزهايمر( وتمأل حياته شغفا وبهجة. - ثقافةالطفلوتعل ماللغاتاألجنبية: تنب هت السياسات التعليمية العالمية )بل حتى على مستوى العائلة( إلى الضرورة الفائقة الستثمار اللدونة الدماغية الهائلة لدى الطفل في ميادين محددة ومن أهم تلك الميادين هو التعل م المبكر لبضع لغات عالمية إذ تبدو قدرة األطفال غير محدودة تقريبا في تعل م وإتقان اللغات األجنبية وهو األمر الخليق بتعزيز قدرات األطفال ومنحهم مزايا تنافسية مشروعة من جهة كما يساهم في الكشف عن إطالالت مشروعة على الثقافات العالمية الشائعة خارج فضاء الثقافة المحلية للطفل. إن التعددية اللغوية للطفل ستقود حتما إلى شيوع ثقافة تقبل اآلخر والتسامح واحترام الخصوصيات القائمة على التمايز واالختالف في إطار من التالقح الثقافي والحضاري المتبادل. * اللدونة الدماغية Plasticity( :)Cerebral مفردة تقنية تشير إلى قدرة الدماغ على تخليق اشتباكات عصبية دماغي ة جديدة األمر الذي يؤدي إلى تخليق قدرات إبداعية جديدة. كاتبة من العراق مقيمة في عمان العدد - 30 يوليو/ مت وز

58 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل التكوين الثقافي للطفل محمد عرايب عفت بركات الطفل كائن اجتماعي يتأثر بما حوله وبالتالي فإن تشكيل المخزون المعرفي الثقافي له يصير رهانا نسعى لكسبه بوسائط تثقيف متعددة بعضها منسجم وإيجابي وبعضها غرضي وسلبي إلى جانب تطور المعارف وثورة االتصاالت وسهولة إتاحة المعلومات ما أدى إلى إلقاء مسؤوليات كبيرة على أجهزة ثقافة الطفل لالهتمام بنشر الثقافة مع الحفاظ على الهوية الثقافية وتعدد المؤسسات التي تساهم في تكوين ثقافة الطفل ومنها األسرة والمدرسة واألجهزة التابعة لوزارات الثقافة واإلعالم والشؤون االجتماعية والشباب ومن هنا فالمسؤولية جماعية تجاه االهتمام بثقافة الطفل وبالقدر الذي تتسق فيه جهود هذه األجهزة وتنسجم في قيمها وأساليبها يصبح التكوين الثقافي للطفل منطلقا لخلق الطاقات اإلبداعية وإثراء حياته وحياه مجتمعة. عن ثقافة الطفل فالحديث أمس واليوم يعني تطلعا نحو المستقبل وصناعة هذا المستقبل تنطلق مع هذه اللحظة الراهنة في ضوء تعدد المتغيرات العالمية والمجتمعية المعاصرة والتي أصبحت تؤثر تأثيرا بالغا على التعلم ونظم التنشئة االجتماعية بأبعادها المختلفة فيما يختص بإعداد األطفال إعدادا متينا. فإن هذا يضاعف من االهتمام البالغ بثقافة الطفل حيث تواجهه مالمح ثقافة مغايرة لثقافته. وفي مقابل ذلك نجد ترديا واضحا لطبيعة الخدمات الثقافية التي توج ه للطفل على المستويات الجغرافية أو النوعية )ذكر وأنثى( بحيث ظهر بكل جالء وجود اختالل واضح في توزيع مثل هذه الخدمات لصالح المناطق الحضرية واألغنياء وأصحاب رأس المال الثقافي مع وجود تمايز بين المدن واألرياف وبين المناطق الراقية والعشوائية. األدب وشخصية الطفل أوال: يمكن تعريف أدب الطفل بأنه نصوص إبداعية تحمل خبرات لغوية موجهة لألطفال تقصد بها التربية االجتماعية والنفسية والتربوية والفنية والجمالية فضال عن التنمية العلمية والفكرية واللغوية ومستويات التخيل وذلك من خالل تقديم خبرة لغوية تتناسب مع عمر الطفل ومستواه اإلدراكي بأسلوب جميل ومشو ق ومناسب. ثانيا: يستطيع أدب الطفل أن يشكل شخصية األطفال من خالل ما يقدمه من قيم تربوية وأخالقية ومعرفية واجتماعية ونفسية ولغوية وجمالية ويمكن تلخيصها باآلتي: - تربية األطفال تربية سليمة وصوال إلى مجتمع سليم. - تنمية الذوق األدبي والفني والجمالي تنمية الحاسة النقدية عند األطفال. - تقديم قيم لغوية سليمة وتنمية الثروة اللغوية للطفل وتشذيبها. - تحسين مخارج الحروف عند األطفال وتعليمهم أسلوب النطق السليم. - إطالع األطفال على البيئة المحيطة بهم وتقديم حزمة من المعارف في التاريخ والجغرافية والعلوم والطبيعة.. إلخ. - تقديم المعرفة العلمية على نحو شيق. - تقديم شخصيات تكون قدوة للطفل. - تقديم نماذج من التفكير السليم من خالل شخصيات قصصية أو مسرحية. - تنمية القدرات اإلبداعية لألطفال. - تهيئة الطفل كي ينهض بدور ايجابي في عالم المستقبل من خالل تشكيل إنسان فعال مفكر ومبدع قادر على التفكير والتخطيط والتطوير واتخاذ القرارات المناسبة في مختلف الميادين - تشكيل عادات اجتماعية سليمة. - تنمية قدرة الطفل على معرفة األشياء من حوله من خالل تنمية قوة مالحظته. - تنمية ملكة التحدث واإلنشاء والحفظ. كما أن األدب وسيلة هامة في عالج بعض األمراض النفسية كالخجل والعدوانية وغيرها. ومن أهم فنون األدب المؤثرة في الطفل»القصة«ألنها ال تقدم للطفل اإلمتاع والتسلية فقط بل هي قادرة على إشباع وتنمية خياله وقدرته على االبتكار وتنمية الذوق الفني والحسي لديه وإثراء لغته من خالل تزويدها بالمفردات والتراكيب والعبارات الجديدة وإكسابه اتجاهات اجتماعية جيدة من خالل المشاركة في األلعاب وكيفية التصرف في بعض المواقف وزيادة خبرات الطفل عن الطبيعة والعالم الخارجي المحيط به. وإلى جانب القصة أيضا لدينا الشعر والمسرح والرسم واأللعاب اإلبداعية وألعاب الذكاء وغيرها. كلها في النهاية تصب في نهر واحد أال وهو تنمية ذكاء الطفل وإكسابه ثروة لغوية ال بأس بها كما تلهمه القدرة على التعامل بتلقائية وفهم كبير لما يدور حوله. إذن فأدب الطفل هو األكثر تأثيرا واألكثر قدرة في تعليم الطفل من المناهج التعليمية ألنه ال يعتمد على التلقين والحشو الذهني كما يحدث في مجال التعليم. األطفال وقيم التسامح إن تنشئة الطفل وتربيته على االعتزاز بالهوية وعلى الشعور باالنتماء الحضاري واإلنساني مع التشبع بثقافة التآخي والتسامح واحترام وحب اآلخرين واالنفتاح على المجتمعات األخرى ونبذ التعصب بجميع أشكاله الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية هي مسؤولية الحاضنة األولى للطفل أي األسرة ومن ثم المدرسة والمجتمع بصورة عامة. ولتحقيق هذا الهدف ينبغي على كل من األسرة والمدرسة والمجتمع التركيز على تكوين شخصية استقاللية للطفل معتزة بنفسها وصادقة وواثقة ومتواضعة وبعيدة عن التعصب بجميع أشكاله. ولكي ينشأ الطفل على االستقاللية ويعتاد االعتماد على النفس وال يصاب باألمراض النفسية كالغيرة والحسد واالزدراء واالنتقام والتعصب يجب على اآلباء واألمهات أن يهتموا بهذا الطفل اهتماما بالغا منذ الصغر فيحاولوا أن ينم وا مقومات الشخصية عند طفلهم بالقدوة الحسنة. يجب عليهم أن يسلكوا معه بصورة يعتقد الطفل معها أنه ذو شخصية مستقلة وأنه عضو حقيقي في األسرة منذ نعومة أظفاره. ومن أسلم الطرق وأفضلها في تعزيز شخصية الطفل هي احترامه واالمتناع عن تحقيره وإهانته. ومن هنا ينبغي على الوالدين احترام الطفل في األسرة واالهتمام بشخصيته. وكلما التزم األبوان باحترام طفلهما والتسامح معه توج ه هو إلى اآلخرين بالحب واالحترام والتسامح كذلك. وإال قد تنمو لديه نزعة الكراهية والرفض لنفسه ولآلخرين. ويشمل دور األسرة أيضا اختيار الكتب ألبنائهم والتي تحترم كل هذه القيم فالكتاب أكثر تأثيرا على الطفل بما يحتوي من حكايا ورسوم قادرة على توصيل ما نريد أن نغرسه في الطفل ألن العمل اإلبداعي ال يحتوي التلقين والتوجيهات المباشرة واألوامر التي ينفر منها أطفالنا. وعلى الرغم من استحواذ الكمبيوتر واإلنترنت على عقول أطفالنا إال أن الكتاب الورقي الزال ينال مكانته فالطفل يميل إلى قراءة الكتاب الورقي ويتفح ص رسومه بدقة وينقد ويناقش ولديه عين ثاقبة أحيانا وال زال يتأثر بما يقرأ فال يصح أن نقدم له عمال إبداعيا يتكلم عن عدم التسامح مع اآلخر إن أخطا ونطلب منه أال يتأثر بمضمون الكتاب ويصفح عن صديقه الذي أساء إليه أو أن نقدم له عمال يوضح اإلصرار على الرأي مهما كان خاطئا وعدم تقبل الرأي اآلخر ونطلب منه أن العدد - 30 يوليو/ مت وز

59 ملف محمد عرايب يتقبل الرأي اآلخر.. فالطفل يتأثر بما يقرأ أكثر مما يوجه إليه بشكل مباشر..وال بد أن تراعي األعمال األدبية الموجهة للطفل هذه المناحي وأن نربي فيه ثقافة االختالف وتبادل اآلراء والثقافات والمفاهيم وعدم التعصب والتسامح مع الذات وقبول الوضع ككثير من األعمال التي أراها جيدة وتبث هذا في نفوس األطفال. كما يكسبه القدرة على التعبير بحرية وثقة كبيرة عن نفسه ألنه ال يجد في كثير من األحيان من يسمعه ويرد على استفساراته العديدة بسبب انشغال الوالدين في مناحي الحياةالعمليةوصراعاتهاوانشغالهمبإشباع احتياجات الطفل المادية التي ال تكون عوضا عن احتياجاته النفسية والروحية. فالحديث مع الطفل هام جدا ولقد طبقت ذلك كثيرا من خالل مشروعي مع األطفال في ورش الحكي وورش التخيل التي أفرزت مبدعين رائعين من األطفال الذين استطاعوا اكتشاف الجوانب االيجابية لديهم وظهرت مواهبهم على السطح بمجرد أن امتلكوا القدرة على التعبير عن الذات واكتشفوا جوانب عديدة في الحياة غير المفروضة عليهم في الكتب المدرسية. فورش الحكي وممارسة الطفل ألنشطته المختلفة تساعده على الحياة والخروج من الدائرة المغلقة التي يحكمها حوله األبوان بموجب الحرص على مستواه التعليمي غير أنه عندما يمارس هواياته تدفعه للنجاح أكثر وذلك ما أثبتته التجارب العملية معي من خالل عملي كمعلمة فالموسيقى والمسرح والكتابة والرسم كلها فنون قادرة على تفريغ الشحنات السلبية خارج عقل الطفل وإكسابه خبرات وطاقة ايجابية كبيرة تدفعه إلى التميز وحب الحياة بدال من وأدها داخله فتنتج لنا إنسانا مغيبا فارغا تسهل السيطرة عليه. كاتبة من مصر العدد - 30 يوليو/ مت وز

60 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف كيف نكتب للطفل العربي محمد عرايب عايدي علي جمعة تبدو الخطورة الكبيرة لمرحلة الطفولة وأثرها الكبير على اإلنسان بعد ذلك في مراحل حياته المختلفة. وقد كان لالكتشافات الكبيرة لعلم النفس دور كبير في معرفة هذه الحقيقة. ومن هنا تبدو العناية بالطفولة. ومن مظاهر هذه العناية بمرحلة الطفولة االهتمام بالكتابة لألطفال. فوجدنا اتجاها عالميا واضحا يتوج ه لألطفال. ولم يكن وطننا العربي ببعيد عن هذا التوجه. فظهر كت اب كبار كر سوا جانبا مهما وحقيقيا من إبداعهم لمخاطبة هذه الفئة العمرية إيمانا منهم بأحقي تها في الفهم ووجودها الحقيقي على خريطة الحياة. ومن ثم يثار السؤال ذو األهمية الفائقة وهو ماذا نكتب وكيف نكتب للطفل العربي وهنا من المهم لمن يتصدى لإلجابة على هذا السؤال أن يضع ذهبت إليه تحت الشجرة ووضعت قرونها في بطنه واستخرجت األطفال منه. إيجابي متفاعل للقصص التي ترويها األمهات والعمات والجدات إلى استقبال ثم أطلق العصفور على الفور. ومن هنا فإن مسألة اإلقناع للطفل تبدو ذات أهمية كبيرة. تصو ر الطفل. كما أن التركيز الكبير على تهيئة الطفل الطفل لكانت لدينا قصة مكتملة ومشوقة تكشف عن رؤية هؤالء األطفال للعالم. باعتباره ضرورة أن تكر س الكتابة للطفل يرى الدكتور عبدالوهاب بوحديبة أن سالب لها على الشاشة. وبدا طرزان رمز ويحدث اإلقناع من خالل اللغة التي تتم للمستقبل تجعل قيم الكبار وتصو راتهم هي ولكن ستظهر إشكالية حقيقية في هذا نفسها لكل ما يمكن أن يساهم بطريقة فعالة القرون لألم هنا هي المعادل التعويضي لرمز الرجل األبيض هو النموذج للبطل المخل ص مخاطبة الطفل بها. وهنا يبدو مهم ا بذل المهيمنة في الكتابة والنتيجة هي جعل الجانب وهي ما مدى حضور الجانب في تحرير الطفل العربي من القيود الرجولة عند الرجل وضرب هذه القرون فانبهر األطفال بهذا النموذج. الجهد الفائق من كل كاتب للطفل كي حلقة الطفولة حلقة في السلسلة العمرية األخالقي في عمليات التسجيل والمراقبة الحديدية للعالقات المكب لة والمنتهكة في بطن الثعلب/الرجل هو اعتراض من ويليق بالكتابة لألطفال في األساس احترام يكتشف اللغة التواصلية مع األطفال الذين لإلنسان. فيغيب االنغماس التام في مرحلة دون أخذ إذن من نقوم بالتسجيل لهم لحقوق اإلنسان. األم التونسية على قهر الرجل التونسي لها الطفل ألن الطفل قليل التجارب. وهذه يتوج ه لهم بالكتابة. الطفولة ذاتها. ومراقبتهم ولذا يجب النظر إلى طبيعة المشاكل فكانت النتيجة السعي الحثيث في تونس التجارب التي يتمتع بها الكبار ويتيهون بها وتبقى مسألة الشكل الكتابي الذي يجب ترى هل يسمح الكبار بمنح الفرصة كاملة فلو أخذنا رأيهم في التسجيل والمراقبة المهيمنة في الدول العربية بصورة عامة من أجل مساواة المرأة بالرجل. ألن األطفال على األطفال هي أحجار تقي د فتنة الدهشة تقديمه للطفل ألن هذا الشكل في غاية لألطفال لكي يكتبوا هم كتابتهم وكي فإن مرحلتهم العمرية ال تجعل من هذا الرأي وفي كل بيئة عربية بصورة خاصة. تلك الذين تشربوا هذه الحكاية منذ الصغر ما و التجريب للعالم الموجودة بقوة في نفس األهمية. وهنا تظهر مسألة التصوير الفني لما يخرجوا ما في نفوسهم على الورق فيصال نهائيا في الموضوع. المشاكل التي تكشف باألساس عن حاالت لبثوا أن أصبحوا كبارا فاعلين في المجتمع الطفل. والفنان الحق هو الذي يبذل كل يقدم للطفل أو الكتابة الفنية. ومن المالحظ سيظهر رأي يقول بأن الطفل عاجز عن ويجب االهتمام بوجود رقابة هادفة على قهر بصورة أو بأخرى لإلنسان العربي ألن ولهم كلمتهم. طاقته من أجل أن يرى العالم كطفل. أن اعتماد الكتابة على قصة سردية مكتملة الكتابة ولكن مواجهة هذا الرأي تتحدد ما يقد م لألطفال من برامج. فقد لوحظ في أطفال اليوم هم رجال الغد. ولذا يحسن في الكتابة للطفل العربي وهنا فإن الحوار التفاعلي الخالق مع له جانب كبير من شحذ عملية الفهم لدى من خالل عمليات التسجيل األمين ألفكار الكتابات التي تتحول إلى برامج لألطفال وهنا نستطيع أن نستشهد بتحليل مفكر االهتمام بالعالقات اإلشكالية الموجودة في األطفال هو األساس في أي كتابة لهم. ومن الطفل. وهذه القصة السردية المكتملة قد األطفال ورؤيتهم للعالم. في عالمنا العربي حضور العنف والدمار تونسي هو الدكتور عبدالوهاب بوحديبة المجتمع. وهذا االهتمام يكون من وجهة خالل هذا الحوار التفاعلي الخالق تبث قيم تكون في قالب قصصي أو قالب مسرحي ففي جانب الرسم مثال نجد خيال الطفل بصورة فائقة تجعل المهتم ين باألطفال في في كتابه»المتخيل المغاربي«)1994( نظر ثائرة وناقدة لكل ما هو مكر س للقهر. التسامح وحب العدالة والحفاظ على البيئة أو قالب شعري أو غير ذلك من فنون األدب يسجل انطالقا فنيا فائقا ولكنه يقمع من غاية القلق من هذه الكتابات المتحولة إلى لقصة من قصص األطفال التي كانت ويرى الدكتور مجدي يوسف في محاضرة والنظرة العلمية للكون وحب الوطن والعمل مع نصب فخاخ من األسئلة الشاحذة على التقاليد التي يتمسك بها الكبار. برامج. ألنها تبث قيم العنف الشديد في منتشرة في تونس حيث تحكي هذه له بعنوان»قصص األطفال العرب في عصر الدؤوب واحترام اآلخر. وهذه عملية تحتاج إعمال الطفل لعقله. وهنا نقترح بأن تظهر إلى النور مؤسسات نفوس بريئة وهذا البث ال يستطيع الطفل القصة -وهي قصة كانت منتشرة أيضا هيمنة ديزني«وهي المحاضرة االفتتاحية أن يتشر بها األطفال من تصر فات الكبار ويجب أن نعترف بأن ما يوج ه للطفل من مهمتها مراقبة األطفال من بعيد وتسجيل التخلص منه بسهولة حتى بعدما ينضج في ريف مصر عن ماعز تركت أوالدها في»مؤتمر أدب األطفال في العالم«بجامعة وليس من كالمهم. كتابة هو من صنع الكبار. وهنا تظهر إشكالية أفكارهم ورؤاهم عن العالم. ويكبر فتكون النتيجة ما نشاهده في عالمنا وأغلقت الباب عليهم وذهبت للسوق بعد ريجينسي بورج بألمانيا في عام 1996 أن وتحسن مالحظة أن لغة القمع والقهر حقيقية وهي أن الطفل ال يكتب للطفل وقد رأيت طفال في القرية كان يتحدث عن من عنف غير مبرر. أن أوصتهم بالحرص الشديد من فتح الباب الطفل العربي كان متفاعال بشكل إيجابي لألطفال تأتي بنتيجة عكسية. فقد رأيت وإنما الكبير هو الذي يكتب للطفل. أبيه الذي يملك طائرات كثيرة في الدور وفي النهاية يحسن لدى من يكتبون ألحد ألن الثعلب المكار سيلتهمهم إذا فعلوا كبير مع ما يقدم له من موضوعات وقصص طفال يحبس عصفورا في قفص وحينما ومن هنا فإن كتابة الكبير للطفل يكون الثاني من بيته وقد صد قه األطفال وكل لألطفال -من وجهة نظري- عدم التكيف مع ذلك. ولكن الثعلب المكار جاء وقل د صوت كانت األمهات تحكيها لألطفال مباشرة. يقال له»أطلق العصفور من القفص«كان منظورها المهيمن هو تهيئة الطفل ليكون طفل يتقر ب إليه كي يركب معه في الطائرة النظام القيمي السائد حتى ندع لألطفال األم وطلب منهم فتح الباب ففتحوه وهم ولكن ظهور التلفزيون الذي جاء بثقافة يرفض تماما. وحينما قيل له»أتحب أن رجل المستقبل. وهذا المستقبل هو تصو ر ويمر بها على الحقول. ولو تم تسجيل فرصة التجريب إلى أقصى درجة. يظن ونه أمهم فأكلهم. وحينما عرفت األم ديزني حول استقبال الطفل من استقبال ت حبس في حجرة وال تخرج أبدا«قال ال. الكبير له في لحظة الكتابة وليس الواقع أو الحوارات التي دارت حول ما قاله هذا كاتب من مصر العدد - 30 يوليو/ مت وز

61 أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل ملف بعيدا عن العشوائية محمد عرايب يسري عبدالغني عبداهلل المتابع لساحتنا الثقافية وإلصداراتها المتعددة يالحظ زخم ا كبير ا يتمحور في الكتب الخاصة بالطفل وفي واقع األمر فإن معظمهما لم يوفق في الوصول إلى المستوى المطلوب وذلك يعود إلى مجموعة من األسباب سوف نتناولها في هذه السطور إال أن هذا اإلنتاج بكل أسف جاء نتيجة لتهافت األدباء الشديد على الكتابة للطفل دون وعي أو فهم منا لمعنى الكتابة للناشئة وهذا خطر شديد يأتي من كون أن الكبير يستطيع التمييز بين ما يكتب له أما الصغير فهو يقرأ ما يقدم له دون فرز أو غربلة أو تمييز سواء أكان نافع ا أم ضار ا ومن هنا فإن الكتابة لألطفال ليست أمر ا سهال كما يعتقد البعض بل إنها كتابة شاقة وعسيرة تتطلب الكثير والكثير من كل من أراد أن يتصدى لها. للطفل معضلة شاقة الكتابة وأقصد بذلك أن لها أدواتها اإلحساس بالجمال وتذوقه ويقوي تقديرهم للخير والمحبة والحق والتسامح التطلع للنظام والتناسق والجمال ويقو ي نواحي التفكير وروح المعرفة ويحد د وشروطها وتقنياتها فإذا لم يكن المتصدي ويطلق العنان لخياالتهم وطاقاتهم المثل العليا للسلوك اإلنساني ويبني في للكتابة للطفل واعي ا بذلك قبل أن يشرع اإلبداعية ويبني فيهم اإلنسان واإلنسانية داخل الطفل اإلنسان بكل رقيه وسموه. في الكتابة أتى أدبه جاف ا وبعيد ا كل البعد وهذا هو المهم واألهم. في عصر كعصرنا نجد أن أطفالنا عن الطفل بل يكون ضار ا به. إن أدب األطفال شكل من أشكال التعبير يتعر ضون يومي ا للخطر والتشويه في عالم نعم نحن في حاجة ماسة إلى هذا األدب األدبي له قواعده ومناهجه سواء منها التكنولوجيا العجائبي الغر ائبي بوسائله واألدبية واإلنسانية وجميع ألوان الثقافة علينا أن نمدهم بعادة التفكير العلمي إلى مقولة أقولها دائم ا إن أدب الطفل ليس ولكن الحاجة ال تعني أن يدلي كل من هب ودب بدلوه في الكتابة للطفل فالعملية ما يتصل بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل ومع الحصيلة اللغوية واألسلوبية الخارجة عن السيطرة فأطفالنا مهد دون دوم ا لذلك تأتي ضرورة الكتابة لهم والفنون قدر الطاقة والمستطاع. 5 االهتمام بما نكتب للطفل كما لو كنا السليم المنظم ونوصلهم بركب الثقافة والحضارة والتمدين من حولهم بما يت فق عرض ا لألخبار وليس للتسلية وقتل الوقت بل إن مهمة هذا األدب هي تقديم تجارب ليست سبوبة أو سد فراغ بل هي سده للسن التي يوجه لها الكتاب أو ما يتصل بطريقة صحيحة فهم بحاجة اليوم أكثر نكتب للكبار فأطفالنا على وعي ودراية قد مع قيمنا وأخالقنا وثوابتنا في إطار البشرية من خالل المتعة والسرور وتنمية بأدب ناضج نافع يعود على أوالدنا بالنفع بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة عمرية أو من أي وقت مضى إلى كاتب حقيقي يفهم نتجاهلها نحن الكبار في بعض األحيان. مشو ق ممتع وأسلوب سهل واضح راق اإلحساس بجمال الكلمة وقوة تأثيرها والفائدة تربوي ا وأخالقي ا في آن واحد. ما يتصل بمسائل الذوق وطرائق التقنية معنى الكتابة للطفل كاتب مبدع يخرج ما بناء على ما ذكرناه آنف ا تصبح غاية جميل وهكذا يصبح أدب األطفال وسيلة وفهم التطور اإلنساني بطريقة أفضل هناك العديد من األمور التي يجب أن في صوغ القصة أو في الحكاية للقصة يكتبه من مادة الحياة نفسها ومن مخزونها أدب األطفال ليس مجرد إذكاء الخيال من وسائل التعليم والمشاركة والتسلية والكشف عن سر الجمال والحقيقة وتهيئة يدركها المتصدي للكتابة للطفل أهمها أن المسموعة. بعد أن يتفاعل بروحه وعواطفه معها فقط ال غير ولكنها تتعداه إلى تزويدهم وطريق ا إلى التعايش اإلنساني عن طريق الطفل للمستقبل األفضل على أن نعو ده يفهم معنى هذا النوع من الكتابة ومحتواه أدب الطفل دوره أن يطو ر الوعي وطريقة ولكن الموهبة وحدها ال تكفي! بل تحتاج بالمعلومات العلمية والنظم السياسية معرفة السلوك المحمود الذي أداته تكوين أن يقبل الحياة كما هي ويعيشها إلى أبعد إذ أنه كما يعلم الجميع هو علم قائم بذاته فهم الحياة ويعو د الناشئة على المعايشة إلى رصيد زاخر من التجارب والخبرات والعادات والتقاليد واألعراف االجتماعية العواطف السليمة ألطفالنا وأسلوب ا يكشف أعماقها دون يأس أو خوف. يشمل العديد من الجوانب منها النفسية السليمة مع اآلخر والتوافق مع الواقع والمعارف التي تصقلها وتدر بها وعليه والقيم األخالقية والعواطف الدينية به الطفل عن مواطن الصواب والخطأ في أقول لكم إن أدب الطفل أدب صعب والتربوية واالجتماعية والفنية. المعيش في نفس الوقت الذي يجب أن فإن نجاح كاتب األطفال مرهون بمقومات والوطنية واألهم تثبيت دعائم الهوية مجتمعه الذي يعيش فيه. المجال وكم هي عسيرة الكتابة فيه وذلك فالكتابة للطفل بحر واسع صعب العوم ينم ي فيه اإلدراك الروحي والمحبة لكل ما عديدة يمكن لنا أن نلخصها فيما يلي: في نفوس الناشئة لنرسخ داخلهم قيم إن مهمة من يتصد ى للكتابة للطفل مهمة ألنه يتطلب الكثير من المعارف والدراسات فيه إال لمن كان صاحب دربة وخبرة وعلم هو جميل وروح التفاؤل واألمل ويؤصل 1 اإلفادة من تراث البشرية ورصيدها الوالء واالنتماء والحب الحقيقي لبالدهم صعبة شاقة كما أكدنا ونؤكد على ذلك واألبحاث المعمقة في مجاالت الدراسات ومعرفة أدب الطفل يجب أن يستند على القيم ديني ا واجتماعي ا وإنساني ا ووطني ا الضخم من الخبرات والتجارب اإلنسانية. وأوطانهم. فليس دوره أن يقف عند العرض والكشف اإلنسانية واألدبية والعلمية وهنا يؤلمنا أن خبرة لغوية في شكل فني يبدعه الفنان ويعرف الصواب من الخطأ عن طريق 2 ذكريات الطفولة البريئة الجميلة النافعة أدب الطفل يجب أن يعلم أوالدنا آداب بل مهمته تقوية إيمان أوالدنا بكل نقول إن المحتوى المرجعي العربي في هذا خاصة لألطفال فيما بين الثانية والثانية الخبرات كما يعلم التفرقة بين الخير والشر المفيدة. وأخالقيات التعامل مع اآلخر واحترامه اإليجابيات التي يجب أن نعظمها بداخله المجال ليس بكثير ومن هنا تزداد المشكلة عشرة بحيث يعيشونه ويتفاعلون معه في الحياة التي يجب أن نفهمه كيف 3 سهولة اللغة والصدق في التعبير وتعليمهم العمل بروح الفريق بعيد ا عن وحتى ال يخدع الطفل فعلى الكاتب أن تعقيد ا وصعوبة. فيمنحهم المتعة والتسلية ويدخل على يقف عليها بأبعادها الماضية والحاضرة واألمانة في كل كلمة تكتب. الفردية واألنانية وفي الوقت الذي يصو ر الخير والشر والظلم واالستغالل نخاطب أدباءنا الذين يتصدون للكتابة في قلوبهم البهجة والمرح وينم ي داخلهم والمستقبلة ويشبع الحاسة الفنية ويروي 4 ضرورة التزو د بالدراسات العلمية يجب أن نوس ع فيه قاموس اللغة لديهم كما هي في المجتمع وكل ما ذكر يؤدي أدب الطفل من فضلكم وإحسانكم عليكم العدد - 30 يوليو/ مت وز

62 ملف محمد عرايب بالثقافة الشاملة الواسعة العميقة عليكم بتدريب أنفسكم على المعارف والمهارات التي يجب أن يتسلح بها كل من أراد أن يكتب ألطفالنا وال يصح بحال من األحوال أن نزج بأنفسنا عشوائي ا في هذا الحقل الشائك والشائق في آن واحد واعلموا أن طفل اليوم أصبح من الذكاء والفطنة واأللمعية بحيث لن نستطيع خداعه أو إقناعه بأمور كان جيلنا يقتنع بها ويقبلها راضي ا قرير العين. نعم اإلنتاج الغزير الموجود حالي ا في عالم الكتابة للطفل يكشف بكل أسف عن الكثير من العشوائية فمن يقرأ متفحص ا يشعر بأن أغلبيته يسوده القصور في العديد من الجوانب إما فني ا أو تربوي ا أو نفسي ا أو أسلوبي ا وهكذا بحيث يصبح من الصعوبة بمكان أن نعثر على عمل نقول معه لقد استجاب هذا العمل لكل المتطلبات التي نريدها أو نتمناها في أدب الطفل. وأشير أيض ا إلى عمليات النقل والتلخيص التي تجري عن لغات أخرى أو عن كتب صدرت بالعربية في العالم العربي كما يرى بعض المطلعين والمتابعين لحركة أدب الطفل لدينا. وختام ا نحن في حاجة ماسة إلى أدب أطفال يعبر عنا بصدق وأمانة فالمحفزات موجودة بكل أنواعها ولكن يبقى أن يتدرب كت ابنا األفاضل على الكتابة لألطفال ويبقى أيض ا أن نمنعهم عن الكتابة العشوائية السريعة فعليهم أن يفهموا أن مثل هذه الكتابة حتى تؤتي أكلها وتكون بحق ناضجة نافعة عليها أن توضع على نار هادئة بعد المعرفة الواعية بأصولها والوقوف على شروطها وإتقان أدواتها. تحية لكل كت اب األطفال في بالدنا ولكن نطلب منهم المزيد والمزيد حتى يقوموا بدورهم وبرسالتهم المنوطة بهم تجاه أجيالنا الصاعدة. باحث من مصر العدد - 30 يوليو/ مت وز

63 ملف أدب األطفال ماذا نكتب لألطفال كيف نكتب المستقبل لكل أمة أسطورتها محمد عرايب محمد محمد مستجاب لم أكن أفكر ذات يوم في الكتابة للطفل حماال بداخلي كلمة وبدأت التفكير في كتابة رواية للطفل على أساس شيئين أنطوان تشيكوف: الجحيم هو الكتابة للطفل. أساسيين أولهما البحث عن اسم جديد يرتبط في ذاكرة الطفل ظللت سنوات تاركا هذا األمر بعيد ا عن اهتماماتي وظلت عبارة مثلما حدثا لنا في الماضي ومثلما حدث للغرب في العصر الحديث تشيكوف سدا منيعا ال أستطيع عبوره لكن بين الحين والحين وثانيا يجب أن يكون االسم جديد ا وليس مستهلكا وأن أكتب كنت أقدم مقاال إلحدى المجالت المتخصصة لألطفال عن الحروف رواية وليست قصة لألطفال. األبجدية وما تحمله من أسماء وصفات مع العلم أن هذه الكتابات وعندما طرحت أفكاري على مجموعة من األصدقاء الذين يشرفون لم تكن تشبع ذاتي المتشوقة إلى عمل كبير للطفل. على أحد المجالت لألطفال البعض تحم س والبعض وضع الكثير إلى أن داهمني ذات يوم اسم رواية»هاري بوتر«لم تكن مداهمة من المعوقات أمامي حيث يعلمون أن الكتابة للطفل لن تصل بي لشخصي بقدر ما هو مداهمة للعالم أجمع ليصبح»هاري بوتر«ألي إنجاز في حياتي اإلبداعية. انقالبا عالميا في فن كتابة الحكايات لألطفال ما لبث أن اكتمل ولكن الكتابة ذاتها فعل وليست كلمات تتناقل في التجمعات أو بسلسلة من الروايات التي تحقق أعظم المبيعات وتدر الماليين من جلسات األصدقاء. الدوالرات ولم يلبث األمر أن تحولت تلك الروايات إلى سلسلة من وبدأت العمل على فكرة إحدى قصصي القصيرة التي تدور عن األفالم الشهيرة بأجزائها وليصبح»هاري بوتر«وكأنه إعالن من اختفاء قمر مدينة بغداد وماذا يفعل حينها شعب بغداد بداية الغرب على خلق أسطورته الخاصة. من السلطان والوزير إلى جميع الكائنات التي بدأت تشعر بالخطر أعلم أن الشرق قد خلق أسطورته منذ زمن بعيد هذا الزمن الذي الكبير من اختفاء القمر. كان فيه عالءالدين والمصباح السحري ورحالت سندباد وسيف بن كان العمل في البداية قصة قصيرة ما لبث أن بدأ يتسع ليصبح ذي يزن وقطر الندي وغيرهما الكثير صحيح أن كل ذلك أصبح رواية كبيرة لألطفال تحمل اسم البطل الذي يخوض رحلة هيئة الكتاب. لكني أتمني أن أراه بين يدي أن أتحدى»هاري بوتر«الكتابة للطفل لكن الغريب ووسط كل ذلك أن يطالب المركز بجزء من أسس وأعمدة الثقافة اإلنسانية لكن األجيال الجديدة ال تعرف أسطورية السترداد قمر مدينة بغداد.. وكان اسم»شق القمر«اسم كما كنت أفكر. آخر من الرواية. عنهم شيئا اآلن. الرواية والبطل. ومع نهاية عام 2012 علمت أن العمل سوف يطبع في النصف ابتسمت حينها ورفعت راية االستسالم»لهاري بوتر«وانحنيت لكن الغرب ال يعترف -أحيانا- بذلك بل يريد أن يصنع أسطورته وبالفعل انتهيت من كتابة الرواية لكن لم أعرف ما أفعل بها فقد األول من عام 2013 فرحت جد ا وبالفعل قبل أن ينتصف العام احترام ا لمقوله تشيكوف: الجحيم هو الكتابة للطفل. الخاصة ولم يفعل الغرب غير أن يخلق في بداية األلفية»هاري كانت خبرتي ضعيفة في هذا المجال وال أعرف طرق أبواب هذا مسكت العمل بيدي كان العمل من رسومات الفنانة الجميلة سحر لم يكن استسالما بقدر أن أعلم أن المعوقات كانت أكبر من ي ومن بوتر«. العالم سألت بعض العارفين باألمور فما كان منهم إال أن أخبروني عبداهلل وقد اتفقنا أن تكون الرسومات باألبيض واألسود كي ال أفكاري التي تبدو في أحيان كثيرة ساذجة. كان األمر لي خانقا ولم أقرأ سطر ا واحد من تلك الروايات التي أن طباعتها لدى دار نشر خاصة سوف يكلفني مبلغ ا كبير ا من المال نزيد األعباء على المركز وخرجت الرواية للنور بعد أكثر من خمس مع العلم وبعد كل ذلك أنني قد حولت خالل كل تلك السنوات أراها عند بائعي الجرائد وعلى ظهرها مبلغ كبير من المال ولم نظر ا للرسومات واأللوان وتكاليف الطباعة. سنوات أدور وألف أنا و«شق القمر«وننتظر أن نحارب»هاري بوتر«. هذا النص إلى مسرحية لألطفال وتوجهت به إلى مسابقة الهيئة أشاهد أي ا من األجزاء السينمائية وبداخلي إحساس بالغيرة ضخم واتجهت بالرواية للقطاع العام: المركز القومي لثقافة الطفل لكن كانت توجد مشكلة أكبر وهي أن المركز ال يبيع أعماله أي ال العربية للمسرح وكنت سعيد ا بأنها جاءت في قائمتها من أفضل تجاهها. والهيئة العامة للكتاب وحقيبة كبيرة محملة بملل االنتظار. يضع عليها سعر وبالتالي فهي توزع مجان ا سواء للمهتمين بهذا األعمال عام وكان السؤال الساذج: ما العمل وما الذي أستطيع تقديمه بعد أكثر من عام جاءني تليفون من إحدى موظفات المركز األستاذة المجال أو على التالميذ في المدارس مع أن بعض دور النشر لكن هذا لم يرضني. كما أنني قمت بعمل معالجة درامية لها وقمت أعلم أن الكتابة للطفل لدينا في مصر تمر بالكثير من المعوقات عبلة عزمي والتي تثني على الرواية فرحت جد ا واستبشرت خير ا الخاصة كانت تريد أن توضع على أرفف البيع لديها لدرجة أن بكتابة ثالث حلقات كي تنفذ في التلفزيون ولكن المعوقات كانت سواء في الكتابة أو النشر أو حتى على مستوي الميديا لكن هذا ولكني علمت أن األمور ال تأخذ بهذه السرعة بل لجان وميزانية الدكتورة فاطمة البودي الناشرة وصاحب دار العين قالت لي تلك أكبر أيضا. لم يفتر حماسي في التفكير في خلق أسطورتي الخاصة أنا لم وأعباء أخرى بيروقراطية أجهلها. الجملة: يعني يطبعوا العمل ويدفنوه. يبقي هنا سؤال يحيرني: إذا كنا نبحث عن طفل مصري جديد أقل أن أصبح مثل»هاري بوتر«لكني ال أنسى أن لكل منا أسطورته. المهم أن العمل تمت الموافقة عليه سواء في مركز ثقافة الطفل أو وهكذا انتهي جزء كبير من معاناتي أنا و«شق القمر«في رحلتنا مع ونعرف اهتماماته وما نقدمه له وما يريده وما يحلم به لماذا كل العدد - 30 يوليو/ مت وز

64 ملف هذه المعوقات بعد أن أصبح أطفالنا -وهذه وجهة نظري- ينقلون كل ما يأتي إلينا من الغرب سواء أجهزة أو ألعاب أطفال أو أفالم مقدمه لألطفال فلم يكن»هاري بورتر«فقط الذي جذب الكثير من أطفالنا فأصبحت أر:»أسبنش بوب«تلك اإلسفنجة العجيبة و«باز يطير«وصديقة»ودي الكاوبوي«وسامبا وموفاسا في األسد الملك وغيرهما الكثير. المشكلة تكمن هنا في قنوات االتصال مع الطفل المصري لدينا وهو أمر ال يقوم به كاتب أو دور نشر بل أجهزة سيادية لديها كل المقومات وطرق التواصل.رولدينا هنا أربع وزارات يجب أن تعي هذا بما لديها من إمكانيات للتواصل مع األطفال وهي: وزارة التربية والتعليم بما لديها من مدارس وفصول ومدرسين ووزارة الشباب والرياضة بما لديها من مالعب ومراكز شباب ووزارة الثقافة بما لديها من أفكار وعقول وقصور ثقافة ومكتبات ووزارة األعالم. كيف نقوم بتجميع كل تلك الوزارات في هدف واحد وهو الطفل المصري. والطفل المصري المقصود هنا سواء المتعلم أو المتسرب من التعليم أو أطفال الشوارع أو في الريف هذه مشكالت تبدو عامة لكن التجربة أثبتت ب عدنا كل البعد عن الشارع أو الملعب أو الفصل في مصر نعم توجد بالتأكيد محاوالت ولكن تبدو فردية ال تلبث أن تتالشى أو يحاصرها الروتين وضعف اإلمكانيات. وأتذكر هنا خالل مسابقة»سهير القلماوي«التي أطلقناها في لجنة ثقافة الطفل بالمجلس األعلى للثقافة في عام 2017/2016 أن الكثير من القصص التي جاءتنا من األطفال قصص منقولة من اإلنترنت أو شبة قصص فقد كانت تحتوي على مواعظ بالنسبة إلى مشكالت كبرى لمصر وكأن كل ما جاءنا عبارة عن برنامج»توك شو«ال يقدم إال فضائح فقط دون أن يقدم نصا أدبيا يثير شهية القارئ بل إن كثيرا من القصص المقدمة كان األبطال فيها أبطاال غربيين. ويعيد ا عن أرض الكتابة فنحن ما نلبث أن نطل بشخصية أسطورية أو جديدة تجذب الطفل فما نكاد نلقي بها أو ننساها وال نستطيع أن ننم يها متذكر ا هنا ما حدث مع بوجي وطمطم في ثمانينات القرن العشرين أو الطفل بكار في بداية األلفية وكأن كال منهم جاء وانتهي سريع ا أو دخل المتحف ولم يعد يتذكره أحد. الكتابة للطفل كتابة من الدرجة الثانية بالنسبة إلى القدرة على تحويل تلك األعمال للميديا حتى تستطيع أن تصل للطفل في كل مكان فإنني قد عانيت من فكرة أن الكتابة للطفل هي كتابة من الدرجة الثانية فإذا كان يوجد ممثل يحصل على أجره كامال في عمل للكبار فإنه لألطفال يحصل على نصف األجر وبالتالي هجر الكثير من الفنانين هذا المجال مكتفين بأن يقوموا بالتعليق بصوتهم المميز على أفالم غربية بطريقة الدبلجة مما جعل هذه األفالم بصوت ممثلينا محفوظة لدى أطفالنا بل توجد مقاطع كاملة يحفظها أطفالنا ويقومون بترديدها. من ناحية أخرى فقد شاهدت خالل العام الماضي هجوم ا كبير ا بسبب إلغاء مهرجان سينما األطفال لدينا وقد كان السبب في اإللغاء بسيط ا جد ا وهو أن الدولة المضيفة -مصر- ال يوجد لديها فيلم لألطفال تقوم بتقديمه أو بتمثيلها في المهرجان وبالتالي ما الداعي لقيام هذا المهرجان على أرضها فقامت ثورة من المستفيدين من المهرجان وقد كنا نحاول أن نوجه ميزانية المهرجان لعام واحد في اتجاه صنع فيلم مصري أو فيلمين يستطيعان أن يقدما مصر ليس في مسابقة المهرجان بل يكونا سفير ا لنا في الغرب. ولم يحدث حتى اآلن أن تم صرف تلك األموال لعمل هذه األعمال الفنية وكأنه عقاب للجنة التي قامت بإلغاء المهرجان لعام واحد. أكاد أقول إن عالم الكتابة لألطفال في مصر صعب للغاية وتوجد الكثير من المعوقات مع أنني أرى الكثير من الكتاب لدينا يستطيعون منافسة»هاري بوتر«وغيرها بأعمالهم فيوجد لدينا أمل فرح والدكتورة عفاف طبالة واألستاذة فاطمة المعدول واألستاذ يعقوب الشاروني والمبدعة سماح أبوبكر عزت وغيرهم إال أن أعمالهم ورغم حصولهم على الكثير من الجوائز الكبرى في الوطن العربي والعالم مثل جائزة أنا ليندا الدولية أو اتصاالت اإلماراتية أو جائزة الشيخ زايد فإن هذا لم يكن كافيا حيث ظلت تلك الكتابات داخل كتب غالية الثمن ال يستطيع كثير من األسر وأطفالهم أن يشتروها وبالتالي لم تمتد يد»الميديا«لدينا لتحويل تلك األعمال إلى أفالم أو مسلسالت للتلفزيون لألطفال وقد كان يمكن لهذه األعمال أن تقف أمام توغل الغرب بأساطيره وأعماله الخاصة. إن الكتابة للطفل في مصر والوطن العربي صعبة للغاية وأكثر من جحيم تشيكوف الذي توقعه. وأتمنى أن يوجد مشروع قومي عربي يقوم بجذب تلك األعمال وإخراجها من بين دفات الكتب وأن نراها ملموسة كلعب أطفال يحملها األطفال معهم أينما ذهبوا أو أعمال تلفزيونية ومسلسالت درامية وهذا ليس سهال كما أنه ليس مستحيال بأن تقوم هذه الجهات برعاية هذا المشروع لخلق أسطورة عربية جديدة في كل فترة زمنية ليستطيع أطفالنا السير خلفها كنموذج إبداعي وقومي وتراثي أيضا بما يساهم لهذه األجيال بأن تشعر باالنتماء ألوطانها العربية ومعرفة تراثها أو رؤية ما يقف أمامها من تحديات. ومع كل ما سبق سأظل مصمما على خلق أسطورتي الخاصة بالنسبة إلى الطفل المصري وأن أطلق «شق القمر«بأسطورته الخاصة في مواجهة»هاري بوتر«. كاتبمنمصر محمد عرايب العدد - 30 يوليو/ مت وز

65 ملف براءة األطفال وقتامة المستقبل زهور عبداهلل كلما نظرت إلى عيني طفلتي الصغيرة»سجى«ذات الستة األشهر وكلما رحلت في بحار براءاتها وسحر قسماتها المالئكية وبسماتها التي توزعها بسخاء على كل من اعترض محياها وبمداعبة أو )هدهد( أمامها بترانيم ونغمات ال تشترط بالطبع أن تفهم مفرداتها لتواجه كل شيء أمامها تقريبا باالبتسامات والرضا إال إذا كان األمر متعلقا بجوع أو غزاها النعاس فتراها باكية حزينة حتى يحقق مبتغاها. ارتسم كل ذلك أمامي كلما كلما شغلت تفكيري أسئلة حيرى لنا أمنا وثروات أي ا كانت عظيمة محفوظة في ظاهر األرض وباطنها وانتهجوا أشد فتكا ومن ينكر على اآلباء أيضا حقهم في أن يشاهدوا صغارهم وهم يلهون تفج ر عباب األمواج المتدفقة في بحر دروب الحياة الصعبة وابتعدوا عن عيش ويمرحون ويحلمون وتكبر أحالمهم معهم المجهول في آفاق المستقبل عن مصير الترف والرفاه ليوفروا ألبنائهم وأحفادهم في أجواء من األمن والرخاء وبعيدا عن مئات األطفال أمثالها في هذا الوطن وعن ما يجعلهم في مأمن من نكبات وتقلبات كل المنغصات واآلالم والحروب. الماليين في شتى بقاع العالم في ظل كل الزمن فماذا عسانا أن نترك نحن ألبنائنا ويقينا بأن من حق الجميع أن ينظر إلى ما يعيشه الكون اليوم من حرب وأحداث األبرياء الذين جاءت بهم األقدار إلى عالم المستقبل وعلى شفاهه بسمة أمل جميلة ومتغيرات ومستجدات لم تعد تستثني مادي جاف طغت فيه المصالح اآلنية وفي قلبه المرهق والمثقل باألعباء نبضة بالطبع طفال وال كهال وال امرأة. قصيرة األمد على كل ما سواها. حب صادقة وشعور نبيل في ضمان ولكم يبدو العالم قاتما وعبوسا ينذر بواقع وماذا سيجدون من ورائنا وقد أتينا على العيش الكريم لمن هم يعيشون اليوم في أشد كآبة وأكثر أنانية مم ا كان األولون كل شيء ودمرنا كل شيء حتى اآلثار عمر الزهور. ولكن كيف ونحن في زمان يعيشونه ومم ا نحن نعيشه اليوم وقد بتنا التي شيدها أسالفنا وتفننت أناملهم في تسحق فيه الزهور عنوة ويداس فيه على شفا حفرة توشك أن تنهار بنا إلى تشييدها برغم إمكانياتهم ووسائلهم غصن الزيتون وال شيء يعلو سوى لعلعة دهاليز وأنفاق مظلمة ال تعرف لإلنسانية التقليدية لم تسلم من مراهقتنا ولم تكتف الرصاص وضجيج المدافع التي تقتل وزنا وال تقيم للكائن اآلدمي أي اعتبار في فقط بعدم الحفاظ عليها بل وتدميرها الصغار مع أحالمهم وال تخلف إال الدماء سبيل تحقيق أهداف وأطماع مادية بحته عيانا. والخراب والدمار. وماذا عساه أن يحمل تخلو من العاطفة بل تأدها تحت أقدام لقد بات الكثيرون في هذه األرض لنا المستقبل في طياته ونحن نشاهد غول ال يعرف في الحياة إال مصالحه يتسابقون ويركضون ركض الوحوش من البشر اليوم من يهدد بعد ته وعتاده ومكاسبه الضيقة. في البرية لتأمين حياتهم ومصالحهم وجيوشه أمن األرض وحياة ماليين وإذا كان الكثير منا قد عاش طفولة بائسة على حساب مستقبل األبرياء القادمين.. الصغار والكبار غير مكترث بصرخات ولم يجد في الحياة إال العلقم ووجد نفسه كل شيء لم يعد بمنأى عن أيادي العبث شعوب العالم ومناشداتهم. ومنذ نعومة أظافرة ينحت في الصخر ويواجه صروف الليالي وشدائدها فإن ذلك والطيش والجنون حتى المياه الجوفية لم تسلم من ذلك العبث المسعور فباتت وكيف يمكن أن تطغى ترانيم األمل وبشائر الحياة على ويالت الحرب واليأس نوار حيدر ال يعني بأي حال من األحوال بأن أطفالنا مهددة بالنضوب. واإلحباط ونحن نعيش في عالم ما تزال أوفر حظا منا فلربما كانوا أتعس بكثير. أليس من حق أطفالنا أن تكتحل عيونهم مواويل الحروب والدماء واألشالء تطغى فآبائنا وأجدادنا وإن كانوا قد أجبرتهم بالحدائق والمتنزهات وأن يلهوا ويمرحوا على جمال الحياة ونسائم الحرية وشذى ظروفهم على عيش حياة قاسية ومالحقة في ظالل األشجار الوارفة وفي بيئة الحقوق اإلنسانية وماذا غدا أيها الزمن األرزاق كبارا وصغارا تحت مختلف نظيفة ال تهدد عوادمها وسمومها رئاتهم اآلتي. الظروف وأشد األحوال إال أنهم يقينا تركوا الصغيرة بأقسى العواقب وأشد األمراض كاتبة من اليمن العدد - 30 يوليو/ مت وز

66 حوار يعقوب الشاروني دهشة القص كثير من الكتب والمراجع يمكنها أن تعدد تلك السمات الواجب توافرها فيمن يكتب للطفل وكثيرة هي اإلرشادات التي ت بي ن أي موضوعات تستحق اهتمام كت اب األطفال وتلك الوصايا الموجهة لهم لكي ينتجوا أفضل ما يمكن إال أن الحديث مع يعقوب الشاروني أحد رواد هذا اللون األدبي يمكنه أن يضيف المزيد على وقع تجربة عقود خمسة دأب طيلتها على الكتابة للطفل وقد م خاللها أكثر من أربعمئة عمل موضوعها الرئيس هو الطفل. -تعكس أعمال الشاروني شغف ا ال يفارق ذلك الكاتب الثمانيني الذي ف ت ن بالحكاية منذ طفولته فظلت دهشة القص عالقة بحياته مثلما هي حاضرة في كتاباته ربما تلك الدهشة التي ال تفارقه وذلك الشغف بالمعرفة هو ما جعله دوم ا مواكب ا لما يحتاجه كل طفل في أن يترك عنان خياله ليخوض المغامرات ويكتشف الخبايا. -في»موسوعة أعالم الفكر العربي«يحضر وصف ألعمال الكاتب المصري يعقوب الشاروني بأنها»تتميز بالحس اإلنساني المرهف وقدرتها على جذب الصغار والكبار لمضمونها المعاصر المتصل بالمواقف الحياتية وما فيها من شخصيات نابضة بالحياة حتى يشعر القارئ بأنه يعرفها باإلضافة إلى حيوية الحوار الذي يجيد الشاروني إبداعه للتعبير عن حقيقة الشخصيات وتجسيد المواقف«. - كيف احتفظ الشاروني بذلك الطفل في أعماقه طيلة تلك السنوات وكيف نما معه شغف الكتابة للطفل منذ طفولته يسترجع الشاروني في بداية حديثه مع»الجديد«سنوات النشأة وعوامل التكوين يعود بذاكرته قبل ثمانين عام ا إلى ذلك الطفل الذي ترعرع وسط مناخ يحض على القراءة والتساؤل وحكايات الجدة التي ظلت عالقة بذهنه حتى أل ف منها كثير ا من القصص والقصص األولى التي كتبها في مدرسته االبتدائية وتعلقه بالقراءة الذي جعله يقتفي أثر المكتبات أينما وجدت لينهل من المعارف كافة. -ومن الطفولة والمراهقة إلى سنوات الشباب التي قر ر فيها أن يترك عمله بالقضاء ليتفرغ للكتابة ولينال العديد من الجوائز عن أعمال حفرت اسمه بارز ا في مجال أدب الطفل ورسخت بقوة لذلك اللون األدبي ثم لتترسخ خبرته كعميد ألدب الطفل..»الجديد«حاورت الشاروني في حديث عن راهن أدب الطفل في العالم العربي والمشاكل التي تعتري ثقافة الكتابة للطفل وسبل إنتاج كتابات أكثر صلة بواقع األطفال في العالم المعاصر الذي تحاصره التحديات من كل حدب وصوب. قلم التحرير الجديد: مؤخر ا صدر لك كتاب بعنوان»سينما األطفال في مصر والوطن العربي«تعرضت من خالله ألزمة إغفال الدول العربية ألهمية سينما األطفال.. إالم تعزو ذلك اإلهمال برأيك الشاروني: هناك عدد من المعوقات التي تحول دون إنتاج أفالم عربية موجهة للطفل العربي ومنها منافسة اإلنتاج األجنبي لإلنتاج العربي في مجال أفالم األطفال فتكلفة الحصول على أفالم األطفال المستوردة أقل بكثير من تكلفة إنتاج أفالم عربية وعلى وجه خاص أفالم الرسوم المتحركة. فضال عن قلة الكوادر الفنية العربية القادرة على تقديم أفالم أطفال جيدة فال يوجد في العالم العربي متخصصون في سينما األطفال إال في مصر وتحديد ا في مجال الرسوم المتحركة. هذا مع عدم وجود جهات معنية بإعداد الكوادر الفنية القادرة على تقديم أفالم أطفال ذات مستوى فني وتربوي جيد وقلة األماكن المخصصة لعرض أفالم األطفال وصعوبات تسويق أفالم األطفال العربية. يستلزم ذلك التعاون والتنسيق بين الدول العربية إلعداد كوادر سينما األطفال على المستوى العربي وأن تكون أفالم األطفال ضمن اتفاقيات التعاون المشترك العربي فانتشار فيلم الطفل بين بلدان الوطن العربي هو أحد الس بل لتكوين رأي عام موحد العدد - 30 يوليو/ مت وز

67 حوار بين األطفال مما يساعد على خلق أجيال تحمل سمات مميزة للشخصية العربية الموحدة والتي تكون على ع ل م بقضايا بعضها البعض وبمجريات األمور في كل منها. أخطار ثقافية الجديد: كيف كان لذلك الغياب في مقابل حضور لألفالم الغربية تأثيرات سلبية على الطفل العربي الشاروني: هناك أخطار ثقافية وتربوية عدة تحيط بعرض األفالم األجنبية على أطفالنا العرب ما يجعلنا نؤكد على ضرورة قيام صناعة أفالم أطفال عربية لمواجهة احتياجات األطفال وللحد من اآلثار السلبية لعرض أفالم األطفال األجنبية على الطفل العربي. فرغم قلة األفالم التي تم إنتاجها عربي ا إال أنها عانت من مشاكل كثيرة فلم يتم تقديمها باألساليب المناسبة للطفل وافتقدت للمواصفات التربوية التي تجعلها مناسبة لألطفال. لذا فهناك ضرورة تحتم وجود الخبراء التربويين بجوار الفنانين الذين يعملون في مجال إنتاج هذه األفالم وال شك أن هناك نقص ا في العالم العربي في عدد التربويين المتخصصين في تقييم وترشيد أفالم األطفال. ال للتسلط الجديد: بدأت باكرا في الكتابة للطفل فقد نشرت أول أعمالك عام هل يمكن القول بأن القصص التي ك تبت سواء من ق بلك أو بشكل عام في وقت سابق للطفل لم تعد صالحة لطفل هذا اليوم الذي باتت التكنولوجيا هوسه األول الشاروني: الكتابة لألطفال قبل 1960 كانت ت ركز على تأكيد القيم األخالقية والدينية والتربوية العامة مثل الصدق واألمانة والتضحية واإلخالص والتعاون واإليمان لكنها لم تتناول كثير ا من القضايا والقيم التي اكتشفنا أهميتها البالغة مثل االهتمام بسالمة البيئة والحرص على حقوق الطفل مثل الحق في التعلم واللعب وإبداء الرأي والتنبه إلى حقوق المرأة مثل حقها في التعليم والعمل وتحمل المسؤوليات خارج المنزل كذلك لم يكن هناك تنبيه لمختلف قضايا الثقافة العلمية فلم تكن هناك روايات خيال علمي أو أعمال أدبية لها خلفيات علمية ولم يكن هناك تنبيه إلى قضايا األطفال ذوي االحتياجات الخاصة أو الطفل العامل وأطفال الشوارع. لقد بدأت هذه القضايا تشغل المجتمع وبالتالي تشغل من يكتبون لألطفال بعد عام 1960 أو حتى بعد قبل تلك الفترة ال بد أن نحافظ على ما قدمه أدب األطفال من قيم يحتاجها المجتمع مع استبعاد ما يتعارض مع ما يجب أن نقدمه حالي ا لألطفال مثال : ال بد من استبعاد ما يقلل من شأن المرأة أو ما فيه سخرية من الطفل المعوق أو ما يؤكد التربية التسلطية التي تقتل اإلبداع أو التي تقاوم التغيير إلى األفضل في مختلف نواحي الحياة. قيم الكتابة هناك أخطار ثقافية وتربوية عدة تحيط بعرض األفالم األجنبية على أطفالنا العرب عند الكتابة لألطفال فإن الكاتب يتعامل مع عقول لم تتشب ع إال بالخيال الم نطلق الجديد: تكتب للطفل منذ ما يزيد عن خمسة عقود.. هل غيرت من طرق كتابتك للقصة باختالف المرحلة التي كتبت فيها وعلى أي أسس كان يتم التغيير إن وجد الشاروني: تنبهت مبكر ا إلى التغيرات االجتماعية وعالجتها في خلفية عدد كبير من أعمالي وأعتقد أنها ساهمت في تغيير وتصحيح كثير من توجهات األطفال والناشئة. ال بد أن أذكر أنه في عام 1980 فازت روايتي»سر االختفاء العجيب«بجائزة»أفضل كاتب لألطفال«1979 وكان بطل الرواية صبي ا عمره 12 عام ا م صاب ا بشلل األطفال في إحدى ساقيه ومع ذلك استطاع أن يحقق ما لم يقدر عليه الكبار عندما أنقذ صديق ا له سقط في بئر مقبرة فرعونية مجهولة. إنها قصة فيها الحبكة القوية والتشويق والمغامرة ودقة رسم الشخصيات لكنها بطبيعة شخصياتها ومكان حدوثها تؤكد قدرات من نطلق عليهم ذوي االحتياجات الخاصة كما تؤكد قيم االنتماء للوطن وقيمة اآلثار وضرورة المحافظة عليها كما تقدم ألبناء المدن طبيعة الحياة في الريف كل هذه قضايا ال نجد لها مكان ا في أدب الرواد قبل 1960 أو حتى قبل كذلك فإنه في عام 2014 فازت روايتي»سفن األشياء الممنوعة«بجائزة الدولة ألدب األطفال على مستوى الوطن العربي من دولة قطر وهي رواية خيال علمي. وفي عام 2016 فازت روايتي»ليلة النار«بجائزة المجلس العالمي لكتب األطفال بسويسرا وتدور كلها في منطقة عشوائية تكاتف أهلها لمواجهة كارثة احتراق السوق الذي يعتمدون عليه في معيشتهم. وقبل ذلك كانت لي رواية»كنز جزيرة عروس البحر«المترجمة إلى اإليطالية والتي تدور حول أهمية تنمية القدرات اإلبداعية لألطفال وتبين عدم سالمة التربية التسلطية. كل هذه الموضوعات لم يسبق أن طرقها أدب األطفال المصري والعربي قبل عام لمساواة بين الجنسين الجديد: في قصصك الموجهة للطفل ثمة اهتمام بتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن أدوار المرأة في المجتمع.. برأيك كيف يمكن أن يؤسس أدب الطفل لمحاربة التقاليد االجتماعية البالية وهل هناك سعي راهن لتحقيق ذلك الشاروني: في كتابات الرواد األوائل ألدب األطفال العربي تواجهنا بصراحة ووضوح صورة سلبية للمرأة الخاضعة المستسلمة التي ال رأي لها والتي يقتصر دورها على تلبية طلبات الرجل. ففي قصة»الفأرة البيضاء«لعادل الغضبان نجد القصة تؤكد على الطاعة العمياء باعتبارها فضيلة كذلك عندما نعود إلى قصة»خسرو شاه«لكامل كيالني يستوقفنا موقف المرأة الخانعة المستسلمة وإذا عدنا إلى قصة»جبل العجائب«لنظمي لوقا نجد بطلة القصة فتاة ال تتمنى سوى أن تتزوج الملك. في الكتب الحديثة والمعاصرة في مجال أدب األطفال تغيرت إلى حد كبير هذه الصورة السلبية للفتاة والمرأة التي قابلتنا في كتابات الرواد األوائل هناك الكثير من القصص التي تركز على قيم إيجابية ودور الفتاة القوية التي تواجه مشاكلها والقادرة على االختيار. تقدم القصص العربية الحديثة والمعاصرة لألطفال نماذج إنسانية حية لشخصيات من الفتيات والسيدات إيجابيات لهن مشاعر وأحاسيس وطموحات وأدوار في الحياة ال تقل عن أدوار الرجل وقد استفدن من قدراتهن إلى أقصى درجة لتحقيق نوع من المساواة بين المرأة والرجل. معرفة الكاتب الجديد: هناك اتجاه بارز لدى كتاب أدب الطفل نحو تعزيز القيمة المعرفية لدى األطفال ما قد يراه البعض منفرا للطفل من تلك الكتابات التي تمارس دور المعلم.. هل ترى ذلك الدور إيجابيا أم سلبيا وكيف يمكن تقنينه بشكل ال يفسد العمل األدبي الشاروني: مع اتساع مجاالت المعرفة أصبحت النصيحة تؤكد على أنه»على الكاتب أن يعرف جيد ا ما يريد أن يكتب عنه«وهذا يتطلب أن يجمع المؤلف كل المعلومات التي لها صلة بخلفية الرواية التي يكتبها سواء تعلقت هذه المعلومات بالمكان أو الزمان أو نماذج الشخصيات أو غير ذلك لكي يعايش في خياله كل عناصر روايته وكأنه قضى حياته معها فعال. وليس معنى هذا أن يستخدم المؤلف»كل«ما يحصل عليه من معلومات ويضعها في عمله األدبي بل يستخدم فقط ما يحتاجه ويكون ضروري ا لعمله على أن يدخل في صميم نسيج العمل الفني وال يكون م ق ح م ا عليه. لكنه يجب أن يعرف كل ما يمكن معرفته من معلومات تدور حول عمله الذي يكتبه حتى إذا لم يستخدم إال عدد ا قليال من هذه المعلومات. وعلى المؤلف أن يحاسب نفسه دائم ا لكي ال يضع في عمله األدبي من المعلومات إال ما هو م رتبط ارتباط ا عضوي ا بهذا العمل. وإذا كانت هناك حاجة فنية إلدخال معلومات فال بد من إدخالها عن طريق حوار أو في مقاطع صغيرة سهلة الفهم مختصرة تأتي وسط األحداث مع التجنب التام ألن تكون مفروضة على النص. ولعل هذا هو أحد مالمح الربط بين االنفجار المعرفي والثورة التكنولوجية والعلمية وبين األدب في السنوات األخيرة. فإذا حاول المؤلف أن يجعل من روايته مصدر ا للمعلومات فهذا ي خرج العمل فور ا من مجال الفنون األدبية وي دخله في مجال المقال الصحافي أو الدعاية أو ك تب المعلومات. وفي هذا فإن جوان آيكن الروائية اإلنكليزية التي حصلت على عدد من أكبر الجوائز في أدب األطفال تبدو نزعة الطفل إلى ح ب التكرار أكثر وضوح ا في التعبير اللغوي ال يتبنى الناشرون العمر المحدد الذي يتوجه إليه كل كتاب موجه لألطفال من أهمها جائزة الغارديان عن م جمل أعمالها عام 1969 تقول»أعتقد أنه يجب تجنب الرسالة األخالقية العدد - 30 يوليو/ مت وز

68 حوار الصريحة مثل تجنب الطاعون سواء كنت تخاطب صغار األطفال أو من هم في الثانية عشرة من عمرهم أو المراهقين لن يشكرك أي منهم ألنك اغتصبت وظائف اآلباء أو المدرسين الذين م ن وظيفتهم غرس المسؤوليات األخالقية واالجتماعية في األذهان فمن المفترض أن تكون الكتب من أجل المتعة«. مضمون الكتابة الجديد: ثمة منظومة قيمية لكل كاتب تظهر بشكل أو بآخر في عمله ويسعى لعرضها من خالل توجهه للطفل وهو ما قد يساهم بشكل فعال في توجيه الطفل وتشكيل سلوكه.. هل هذا يستدعي إعادة النظر من قبل تربويين ومتخصصين بخصوص المحتوى المقدم للطفل الشاروني: إننا في حاجة مؤكدة إلى حركة نقدية نشطة تتابع كل ما يصدر من أدب لألطفال سواء في مجال القصة أو الرواية أو المسرح أو الشعر أو األغاني أو الرسوم المقدمة لألطفال في كتبهم أو مجاالتهم وكذلك برامجهم في اإلذاعة والتلفزيون نقاد على دراية عميقة شاملة بأدب األطفال الموج ه إلى مختلف مراحل العمر وعلى دراية وثيقة بالقيم التربوية التي يجب أال يسيء إليها األدب والفنون المقدمة لألطفال ليس باعتبارها أعماال تربوية بل أعماال تلتزم بالقيم األدبية الفنية أوال قبل كل شيء لكن ال يجب أن نسيء إلى القيم األخالقية والتربوية السليمة واإليجابية. الخيال المنطلق الجديد: كثير ا ما يتردد الحديث حول صعوبة الكتابة للطفل مقارنة بغيرها من الكتابات.. هل تعتقد بذلك ولماذا الشاروني: الكتابة لألطفال بها صعوبات إضافية عن غيرها من األشكال اإلبداعية تتمثل فيما يفرضه الع مر المتدرج للطفولة وما تتطلبه كل مرحلة كاستخدام المحصول اللغوي المفهوم لتلك المرحلة وكذلك اختيار الموضوعات المناسبة لها ومراعاة القدرة على االستيعاب فيما يتعلق بطول العمل وعدد الشخصيات فيه وتناوله عقدة بسيطة أو عدة عقد أكثر تعقيد ا كلما تقدم العمر بالقارئ الصغير. أدب األطفال يتطل ب م راعاة بعض االعتبارات الخاصة باإلضافة إلى ما يتطل به األدب الناجح بوجه عام وفق الخصائص النفسية للطفولة وحسن اختيار المواضيع المالئمة مثل التركيز على قصص الحيوانات للسن الصغيرة وقصص الخيال للسن الم توسط وقصص البطولة للسن األكبر مع تجنب الموضوعات غير المالئمة للطفل مثل موضوعات العنف والجنس. عند الكتابة لألطفال فإن الكاتب يتعامل مع عقول لم تتشب ع إال بالخيال الم نطلق وهنا تأتي الصعوبة في التعر ف على أسلوب األطفال في التخي ل وكيفية إدراكهم للصور والكلمات التي ن قد مها إليهم. الكلمات واألعمار يمكن أن نحكي الحكاية الشعبية الواحدة في صياغات م ختلفة بما يناسب استعداد األفراد ما يقدمه أي طفل ال يهدف إال إلى التعبير عن نفسه الجديد: وما هي اللغة األفضل في الكتابة للطفل وهل تختلف باختالف المرحلة العمرية الشاروني: كثير من كتب األطفال والقصص الموجهة إليهم كتبت بمستوى فوق مستوى األطفال المكتوب لهم ومن ثم أصيب األطفال بالملل وعزفوا عن قراءة القصص وربما هذا راجع إلى افتقاد كتاب األطفال لمن يرشدهم إلى الم فردات والتراكيب التي يجب أن ي خاطبوا بها الع مر الذي يوجهون إليه كتاباتهم فيما تزخر اللغات األجنبية بقواميس لغوية لألطفال في أعمار مختلفة. الكتابة لألطفال تقتضي مراعاة الكاتب لبعض الخصائص األساسية في لغة الطفل العربي حتى يكون ما يكتبه سهال ومفهوم ا لألطفال ومنها االهتمام بالمحسوسات ال المجردات أما األفعال والحروف فال تظهر في لغة الطفل إال بعد األسماء المحسوسة. كذلك فإن الكلمات ذات المعاني الم جر دة مثل الحرية والكرامة ال تعني شيئا بالنسبة ألطفال الصف األول االبتدائي ومن العبث أن تشتمل المادة المقروءة لهم على شيء من ذلك. أيض ا الطفل بطبيعته تو اق إلى استخدام طاقاته النامية ولم ا كان المجال الذي ي مكنه أن يستخدم فيه هذه الطاقات محدود لضيق خبراته فليس أمامه إال أن ي عيد ما يألفه وي كر ره مرة بعد مرة. وتبدو نزعة الطفل إلى ح ب التكرار أكثر وضوح ا في التعبير اللغوي. هذا وللطفل طرائقه الخاصة في االستفهام والتعج ب واالستغاثة واألمر والنهي والرجاء والع تاب والتهديد واالستنكار والق س م وغير ذلك من المعاني وال بد من دراستها واالستفادة بها في أدب األطفال حتى يفهم الطفل ما نكتب ويشغف به. الجديد: ولماذا تغيب التصنيفات العمرية عن أغلب كتب األطفال الشاروني: ال يتبنى الناشرون العمر المحدد الذي يتوجه إليه كل كتاب موجه لألطفال الختالف المستوى القرائي بين أطفال دولة عربية ودولة عربية أخرى وكذلك اختالف المستوى القرائي بين منطقة وأخرى في الوطن الواحد. فمثال في مصر نجد أن أبناء العواصم مثل القاهرة واإلسكندرية يبدأ التحاقهم بالمدرسة االبتدائية في حوالي السادسة من أعمارهم بينما في المناطق الريفية وأطراف المدن يبدأ التحاقهم بالمدارس في السابعة أو الثامنة من أعمارهم وبالتالي يتذبذب المستوى القرائي بين عمر وآخر كلما انتقلوا من صف دراسي إلى آخر. ولحرص الناشرين على أن يتوجه الكتاب إلى من يستطيع مطالعته حتى إذا اختلف العمر الزمني للقارئ فإنهم بخبرتهم ال يكتبون على كتاب الطفل العمر الذي يتوجه إليه الكتاب. إنها إشكالية تتعلق بالواقع التعليمي في العالم العربي وليست إهماال من المؤلف أو الناشر. التراث األدبي الجديد: هل تعتقد بأن هناك حاجة ضرورية في الوقت الراهن لالستمرار في توظيف التراث العربي في الكتابة للطفل أم أن االنطالق من الواقع الراهن بات أولوية في الكتابة وأكثر جاذبية للطفل الشاروني: لعل أول القضايا التي تواجهنا عند بحث قضية االستفادة من مادة الحكايات الشعبية في كتابة قصص لألطفال هي مدى التزام كاتب األطفال بكافة عناصر الحكاية الشعبية وحقه بل وواجبه أحيان ا أن يغير فيها تحقيقا ألهداف الكتابة لألطفال. يقول عبدالحميد يونس أستاذ األدب الشعبي في كتابه»الحكاية الشعبيةمن خصائص الحكاية الشعبية أنها تتسم بالمرونة وأن هذه المرونة تجعلها قابلة للتطور بحيث ت ضاف إليها أو ي حذف منها أو ت عد ل عباراتها ومضامينها وعالقاتها على لسان الراوي الجديد تبع ا لمزاجه أو موقفه أو ظروف بيئته االجتماعية«. لهذا نرى أنه كما كان القاص يراعي وهو يروي قصصه شفاهة مستوى السامعين وبيئتهم واهتماماتهم وما يقبلونه وما يرفضونه كذلك فإنه عندما نعيد رواية القصص الشعبي لألطفال فإنه من حق كاتب األطفال أن يفعل ما فعله الراوي الشعبي من قبل وذلك بأن يراعي االعتبارات التربوية واهتمامات األطفال وبيئتهم وقدراتهم على االستيعاب. ومن مقتضى هذا أيضا يمكن أن نحكي الحكاية الشعبية الواحدة في صياغات م ختلفة بما يناسب استعداد األفراد في مختلف مراحل العمر لتقبلها واالستفادة منها في تكوين شخصياتهم وممارسة حياتهم اليومية وم عايشة القضايا واالهتمامات الم عاصرة. وكما يقول دير الين عن كتاب»حكايات األطفال والبيوت«لألخوين جريم وذلك في كتابه»الحكاية الخرافيةكان يعقوب جريم يطلب دائم ا لحكايته الخرافية أن تكون قدر اإلمكان ذات معالم كاملة وكم كان يود لو أنه استطاع أن ينشر الحكايات الخرافية في صورتها األصلية لو كان ذلك م ي س ر ا. ذلك ألنه كثير ا ما كان يجمع بين أجزاء كثيرة من الحكاية الخرافية ثم يقارن بعضها ببعض ويؤل ف بينها في شكل حكاية مكتملة بعد أن ي س ق ط كل ما هو بعيد عن بنيتها العضوية وبذلك يخلق من الصيغ العديدة غير الكاملة حكاية مكتملة«. يندر أن نجد أطفاال يمكن أن يقدموا أدب ا مناسب ا لغيرهم من األطفال كل طفل يمكن أن يصبح قارئ ا ال يشبع إذا استمتع في سن مبكرة باإلصغاء حب القراءة الجديد: كيف يمكن التأسيس لحب القراءة لدى الطفل العربي وكيف يمكن تأسيس ثقافة مستقبلية له في ظل طغيان ثقافة الصورة والنمط التكنولوجي النتقال المعلومات الشاروني: كل طفل يمكن أن يصبح قارئ ا ال يشبع إذا استمتع في سن مبكرة باإلصغاء إلى من يقرأ له فالقراءة بصوت مرتفع لصغار األطفال توقظ خيالهم وتعمل على العدد - 30 يوليو/ مت وز

69 حوار نمو مهاراتهم اللغوية بل تتضمن أكثر من ذلك فهي تهيئ األطفال ألن يقضوا مع المربين أوقاتا سعيدة يسودها الحب والمشاركة. الطفل الذي جعلناه يشترك معنا في االستمتاع بالكتب قبل سن الرابعة فإنه عندما يذهب إلى روضة األطفال يكون قد شاهد عشرات الكتب ومئات الرسوم وآالف الكلمات وعندئذ لن يجد صعوبات في تعامله مع الكتب والقراءة بعدما أصبح لديه محصول لغوي يساعده على فهم ما يسمعه وبذلك يكون أكثر قدرة على اإلصغاء والتركيز مع ما يسمع وما هو مطلوب منه وبتعبير آخر سيكون طفال جاهز ا ليقرأ وراغب ا في القراءة. األدب المترجم الجديد: هناك من يرى أن كثير ا من األدب المترجم للطفل يمثل اختراق ا ثقافي ا وتعبير ا عن أيديولوجية مغايرة لأليديولوجية العربية.. هل تتفق مع هذا الرأي وهل تعتقد بأن المحتوى المترجم المقدم للطفل يجب إعادة التدقيق فيه الشاروني: أصبحنا اآلن في القرن الحادي والعشرين بالنسبة إلى أدب األطفال في حاجة إلى اختيار روائع أدب األطفال في األدب العالمي لترجمتها إلى اللغة العربية وإلى الدقة في االختيار وإلى أمانة الترجمة في حرص شديد وجودة العبارة العربية المناسبة للطفل بحيث تدخل الترجمة في إطار أدب األطفال كما دخل النص األصلي في إطار األدب في لغته األصلية وهو ما بدأ فيه باهتمام كبير المركز القومي للترجمة التابع لوزارة الثقافة بمصر وغيره من مراكز الترجمة في العالم العربي. غياب النقد الجديد: مع تزايد عدد الكتابات المقدمة للطفل في الوطن العربي.. هل ترى أن النمو الكمي تقابله جودة كيفية وهل هناك اهتمام بنقد األدب المقدم للطفل ولماذا الشاروني: يأتي على رأس األولويات الهادفة لتحقيق تلك الجودة الكيفية االهتمام بتنمية مواهب األجيال الجديدة من الكتاب في مجال أدب األطفال وزيادة الخبرة بأساليب تنمية عالقة األطفال بأدب األطفال وذلك يتطلب مناقشات وحوارات حول األعمال العالمية التي كتبت في مجال أدب الطفل وتشجيع الكتاب على إعادة صياغتها في شكل أعمال مسرحية أو إذاعية أو تلفزيونية. تنمية المهارات لدى الكت اب في مجال أدب الطفل ال يمكن قصره على الدراسة فقط بل هناك ضرورة لتنمية التذوق للرسوم واإلخراج فضال عن ضرورة تنشيط الحركة النقدية ألدب األطفال التي تعطي صورة واضحة عما يقدم في مجال أدب وقصص األطفال مع بيان أوجه الخلل أيض ا. فرغم وجود عدد من األعمال النقدية إال أنه ال يمكن الزعم بأن الحركة النقدية مواكبة للكم الكبير المقد م من أدب األطفال في العالم العربي. الكتاب اإللكتروني الجديد: هل يمكن الحديث عن أدب إلكتروني لألطفال قادر على إزاحة نظيره الورقي ولماذا الشاروني: أعتقد أنه في العالم العربي لم يحدث االعتماد بشكل كامل على أجهزة الكمبيوتر في المدارس ومن ثم أستطيع أن أؤكد أننا ال نستطيع في الوقت الحالي االعتماد على مثل هذه األجهزة في عملية التعليم وال في عملية القراءة الحرة إذا قصدنا غالبية أطفالنا. قبل عشرين سنة في دول أوروبا وأميركا كانت هناك كتب قليلة جد ا تهدف التوج ه إلى سن ما قبل المدرسة إذ كانت لدى المسؤولين عن تقديم كتب األطفال مشكلة في الوصول إلى أفضل الوسائل في تقديم الكتاب لهذه المرحلة العمرية بما يضمن التفاعل مع الكتاب بمختلف الحواس عند الطفل. بعد أن تجاوز المؤلفون والمصممون تلك المشكلة فيما بعد بدأت ثورة حقيقية في تكنولوجيا ك تب صغار األطفال وهو ما زاد من اإلقبال غير المسبوق على الك تب الموج هة لسن ما قبل المدرسة نتيجة نجاح تلك الكتب من خالل األساليب واألشكال الجديدة في التعامل مع م ختلف حواس الطفل م نذ عامه األول. في مواجهة الظالم الجديد: برأيك.. هل أدب الطفل في العالم العربي قادر على أن يضطلع بدور ما في محاربة انتشار الفكر الغيبي والنكوصي في الدول العربية وكيف يمكنه ذلك الشاروني: كلما شغلنا خيال الطفل وعقله ووقته باالهتمام بالكتاب والمسرح والشعر واألغنية المناسبة وباأللعاب الرياضية وبالرحالت والزيارات للمتاحف والمناطق األثرية والتاريخية والطبيعية كلما ابتعد عن التفكير الغيبي والنكوصي. إن االهتمام باألنشطة داخل المدرسة التي ال يجب أن يقل الوقت المخصص لها عن 40 بالمئة من وقت اليوم الدراسي في المرحلة االبتدائية وسيلة من أهم وسائل حماية األبناء من أي أفكار أو تيارات غير مناسبة أو ضارة. إن اهتمام المدرسة بتكوين فرق المسرح والموسيقى واأللعاب الرياضية وجعل الرحالت جزء ا رئيسي ا من المنهج المدرسي والتركيز على دور المكتبة المدرسية وربط ما بها من كتب بالمناهج الدراسية هي من أولويات وسائل حماية أطفالنا ووضعهم على الطريق السليم والصحيح. األطفال يبدعون الجديد: هل يمكن الحديث عن إمكانية لغوية وتعبيرية وفكرية واستعدادات مجتمعية لجعل األطفال يسهمون جديا في صناعة ثقافتهم بأنفسهم أم أن هذا شيء متعذر وال يجب أن يدخل في تفكيرنا الثقافي الشاروني: ثقافة األطفال كما تتضمن ما يقدمه األدباء والفنانون لألطفال فإنها تتضمن أيض ا تحفيز األطفال على أن يعب روا عن أنفسهم بمختلف الوسائل من كتابة وفنون. لكن بينما ما يقدمه الكبار لألطفال من كتب ومجالت ومسرح وأغنية يتوجه دائم ا إلى جمهور األطفال المتلقي فإن ما يقدمه أي طفل ال يهدف إال إلى التعبير عن نفسه وليس من أهدافه أن يتوجه إلى متلق م ف ت ر ض. لذلك يندر أن نجد أطفاال يمكن أن يقدموا أدب ا مناسب ا لغيرهم من األطفال. لكن هذا ال يمنع إقامة مسابقات لألطفال في كتابة القصة أو الشعر أو الرسم لتنمية قدراتهم في مجال التعبير عن النفس وهو ما يمهد إلى اكتشاف الموهوبين وتنمية مواهبهم. استثناءات مغربية الجديد: هل تظن أن تعلقنا بالتراث الماضي على نحو مرض وفي صور ثابتة هو ما يجعل من ثقافتنا الموجهة إلى األطفال هي أيضا وعظية ماضوية بعيدة عن الخلق واالبتكار ومولدة لشخصيات خاضعة للبعد األبوي الطاغي في الثقافة العربية وهل هناك استثناءات يمكن تمييزها عن هذا النسيج تعلقنا بالماضي يحد من اإلبداع بوجه عام عندما يكون المناخ العام غير مشجع على اإلبداع إذا لم يعايش الكاتب قضايا عصره بعمق لن يفعل أي شيء الشاروني: تعلقنا بالماضي يحد من اإلبداع بوجه عام عندما يكون المناخ العام غير مشجع على اإلبداع ومثقل بالتراث القديم فهناك مشكلة ألن اإلبداع ليس سوى تقديم شيء جديد مخالف للسائد. التربية التسلطية هي السائدة ومن ثم فاألسئلة مجهضة دوم ا وغير مشروعة. ال نستطيع إنكار أهمية االهتمام بالقيم التربوية واألخالقية لكن ال بد من االنتباه للمتغيرات العصرية الراهنة والتقدم العلمي والتكنولوجي وأوجه التغير المجتمعي الراهن. العدد - 30 يوليو/ مت وز

70 حوار لألسف كثير من الكتاب ال يقرأون بشكل جيد عما يكتبون عنه وال يعايشونه بشكل جيد ويعاد اجترار القضايا القديمة دون وجود نظرة خاصة. االستثناءات قليلة أعتقد أنه في بالد المغرب العربي هناك ثمة استثناءات من هذا النسيج وأزعم أنني أحد هذه االستثناءات في مصر الهتمامي بقضايا العصر. كامل كيالني الجديد: في الثقافات األخرى الموجهة إلى األطفال هناك عالمات قديمة وحديثة أسماء باهرة: األخوان غريم هانز كريستيان أندرسون مارسيل إيميه وغيرهم. من تنتخب لهذا المصاف في الثقافة العربية الموجهة إلى األطفال اللغات األوروبية وغاب أصله العربي الشاروني: هناك عدد من األعمال األجنبية التي اعتمدت على أصول عربية مثل»ألف ليلة وليلة«و«كليلة ودمنة«و«السندباد البحري«. لكن ال علم عندي بأعمال انتقلت للثقافة األوروبية وضاع أصلها العربي. هناك أعمال لكامل كيالني ترجمها من اإلنكليزية إلى العربية وأضاف إليها نصائح وحكم مباشرة وتدريبات لغوية وهنا كانت اإلضافة منتقصة من قيمة العمل األدبي الذي ال يجب أن يكون هدفه األول هو تعليم اللغة أو توجيه نصائح مباشرة. الكاتب أوال الشاروني: أعتقد أن كامل كيالني هو االسم العربي الوحيد الذي أستطيع أن أضعه على مستوى الكت اب المذكورين في السؤال فهو معروف على مستوى العالم العربي واألجنبي أيض ا وله مكانته الكبيرة رغم العيوب التي تحدثت عنها في بعض كتاباته لقد نجح كيالني في خلق رأي عام يناصر ما يسم ى بأدب األطفال. ال علم لي الجديد: مؤخرا كتب خلدون الشمعة في مجلة»الجديد«مقاال مقارنا أثبت فيه أن قصة»اإلمبراطور العاري«التي كتبها هانز كريستيان أندرسون هي حكاية مغربية ترجمت إلى اإلنكليزية في القرون السالفة وضاع أثرها العربي.. هل لديك فكرة عن شيء مشابه انتقل من الثقافة العربية إلى ثقافة األطفال في الجديد: هل تظن أننا في حاجة إلى عقد ثقافي جديد أو )إعالن ثقافي( موجه إلى صناع ثقافة األطفال العرب يحميهم من غائلة الوقوع في شرك التطرف واألفكار العنصرية والخرافية عن اآلخر الشاروني: المسألة كلها تعتمد على الكاتب وليس على المواثيق الثقافية إذا لم يعايش الكاتب قضايا عصره بعمق لن يفعل أي شيء لقد أخرجنا العديد من المواثيق الثقافية لكنها كانت غير م فع لة وبال جدوى ينبغي على الكاتب أن يكون مهموم ا بتلك القضايا. ومن ثم يجب التركيز على تنمية الكاتب وأن يركز اهتمامه على معايشة مشاكل وقضايا مجتمعه والعصر الذي يعيش فيه. أجرت الحوار في القاهرة: حنان عقيل محمد عرايب العدد - 30 يوليو/ مت وز

71 قص في أكل الس حب فؤاد حمدي جابر السالمي وقد تبي ن لي بعد تأم ل وتفكير أن للس حب هيئة الحلوى الهالمي ة. الغرق بين أمواج عاتية من الر مل الحارق. بيد أن ني رسمت لها في عقلي صورا أخرى أكثر غرابة كإوز ة حلوة من البديهي بالن سبة إلى عابر الص حراء أن ينتظر بروز سراب المذاق أو وسادات بيضاء تطير وتنثر السك ر على البسيطة. وانبثاقه من جوف األرض القاحلة والحال أن ني لم أق ص تلك كنت أقتفي أثر الس حب كل ما وجدتني بين سماء وأرض ال سقف النظري ة من ذهني حت ى لمحت ضال تي. مستطيل أخضر متماوج يحجب عن ي رؤيتها وال استكناه أسرارها. أسارع للخروج من بسياج حديدي المع. والزلت أقترب في ترد د حت ى تبي نت أن ه مكان مكتبي عند انتهاء مناوبتي كمحر ر مقاالت بصحيفة رياضي ة المباراة المنشودة. خي مت يومين حذو الملعب أنتظر بدايتها. بدا وأختار أماكن هادئة لتأم ل الس حب هذا كل ما في وسعي أن لي أن الال عبين كبار السن بعضهم كانوا شيوخا بأزياء من حقب أفعله لكي أجزم بأن هذا العالم ال يزال رائعا ومنشرحا. وقد تم زمني ة مختلفة أمازيغ وعرب وقرطاجي ون ورومان وبيزنطي ون تكليفي بتغطية صحافي ة لمباراة كرة قدم في صحراء أفريقيا ووندال. يوم المباراة وبعد محاورة وجيزة مع فتاة قرطاجي ة عدا أن المعلومات الر سمي ة المتعل قة بالمباراة ضئيلة. كل ما وجدته ألفيتها واجمة تنتظر صافرة البداية أمكن لي معرفة هوي ة بعض في بيانات المهم ة أن ها مباراة تاريخي ة في صحراء أفريقيا الكبرى الال عبين. في الفريق األو ل حمل حن بعل برقة شارة القيادة شاغال جنوب مملكة نوميديا. فك رت أن ها فرصة سانحة لتأم ل سحبي خط ة رأس حربة وكان معه ماسينيسا وبربروس وأقتاوينوس المفض لة في مكان لم تسبق لي زيارته. وكذلك جنسريق وفالفيوس هرقل. ات خذ ابن خلدون مكانه في بعد سفر وجدتني أت بع إحداثي ات مكان المباراة في أرض رملي ة الفريق الثاني وعرفت مم ن كانوا معه ابن رشد وابن سينا وابن دافئة ال بشر فيها سواي وال ظل فيها إال ظل ي. بيد أن ني مصم م أبي الض ياف وابن بط وطة واإلدريسي. على الت قد م ووجدتني أرتحل من هضبة إلى أخرى ومن سهل إلى لم تطل فترة اإلحماءات كثيرا حيث عاد الال عبون إلى حجرات آخر. أخي م عند المساء وأشد الر حال صباحا. المالبس مسرعين تحدوهم عزائم ثابتة تحت هياج الجماهير كانت الص حراء المتأللئة برمالها الذ هبية قد ترامت أرجاؤها لبثت على اختالف هوي اتها. حينئذ تسل يت بمشاهدة الجماهير برهة مفك را»هذه الص حراء تحتويني وأعبرها ال أملك إال مواصلة المختلفة بمالبسهم المتباينة ولكناتهم الغريبة. وكنت في تأم التي الس ير فيها«هذا على األقل ما أفك ر فيه اآلن ليس إال. طويت تلك أبحث عن مكان مناسب لضمان المشاهدة والفرجة في تلك الخيمة القماشي ة وض بت أدباشي في الحقيبة شربت جرعتين الواحة غريبة األطوار. الثانية بحثا عن الس حب البيضاء التي تنثر السك ر على األرض فوق حتى وجدت ني أرتفع في الهواء طائرا مثل طيطوى مهاجر خفيفتين من الماء ثم يم مت بات جاه الش مال. بدأت المباراة وكنت حينئذ قد جانبت الملعب وصعدت تل ة صغيرة شربت كوب شاي وانهمكت في ملء ألبوم»بانيني«لكأس العالم أالحق سحبي البيضاء الجميلة فاخترقتها واندمجت معها ولبثت أثناء اجتيازي لهضبة من الكثبان الرملي ة تيق نت أن الس حب فأتيحت لي مشاهدة الملعب من عل نسيت أن أشير إلى أن حكم بصور الال عبين وشعارات رابطاتهم الكروي ة. حت ى أن ني لم أنتبه أقضمها بشغف وآكل منها ما أشاء حتى ألفيتني في عالم جديد التي ما انفكت تؤنسني طوال المسير قد تالشت واختفى لونها المباراة كان االيطالي»بيار لويجي كولينا«وفي حقيقة األمر لعودة المباراة إال عندما صاحت الجماهير بعد هجمة ضائعة ومدهش. األبيض. كان لذلك وقع سي ئ علي ربما ألنني اندمجت مع وحدتي أدركت إدراكا عميقا بأن ذلك الحكم هو األنسب إلدارة مثل هذه فعدت إلى المشاهدة بانتباه شديد. نظرت إلى األرض هناك حيث ملعب كرة القدم. كان الفريقان قد ككيمياء معدلة. كانت حقيبتي ثقيلة نسبي ا وضعت فيها حاسوبي المباريات ألنه وبكل بساطة»بيار لويجي كولينا«. تلب دت الس ماء بغيوم داكنة رغم أنها كانت تنبئ بمطر منشود. كانت مر ا إلى ركالت الترجيح. تقد م حن بعل برقة لتسديد الر كلة األولى المحمول بضع مجالت ثقافية وبعض الط عام والش راب. الخيمة مكثت أتابع المباراة باهتمام شديد أبارك المراوغات وأحي ي المباراة مستعرة ال أهداف تذكر غلبت عليها الثنائيات والر سوم وساد صمت رهيب. آنذاك لم أكن ألفو ت علي حفلة األكل ألن ني المطوي ة بين يدي كجثمان بارد آنذاك ازداد قلقي وعظمت المناورات وأتحم س للهجمات المرتد ة من الجانبين على أن ني لم التكتيكية. كنت في الفضاء الر حب بين سحبي المفض لة المتنق لة المتغي رة حيرتي. لعل من أتعس لحظات اإلنسان تلك الل حظة التي يكون أكن منحازا لفريق دون آخر. كان الط قس حار ا تكتسحه نسائم لمعت أرضية الميدان من جديد وأدركت أن الس ماء قد منحتني ونسيت أمر المقال الص حافي ربم ا سأراسل إدارة الت حرير فيها وحيدا في عمق صحراء حيث لم يكن هناك من أمر آخر يلهيه باردة متقط عة أوحى إلي ذلك بوهم يلوح ويختفي. مشهدا سخي ا لمشاهدة الس حب البيضاء فكانت سماء بهيجة وأعلمهم باستقالتي. حتما سيسألونني عن الس بب. سأخبرهم بأن عن سيرورة حياته سوى الحيرة. ومنذ بداية رحلتي الص حراوية ومن الس ابق ألوانه أن أتكه ن بالن تيجة فقد كان الالعبون مصم مين مبهجة. ومع هبوب ريح قوي ة أخذت الس حب في االبتعاد شيئا أكل الس حب في الفضاء أمر مدهش حق ا. لم أكن متأك دا من الن جاة ولو بنسبة ضئيلة فقد كان هدفي من على الفوز حتى كأنهم مثل الحديد المذاب ينصهر ويستوي فال فشيئا. بيد أن ني لم أكن ألفو ت علي مشاهدتها عن كثب. فتحت هذه الر حلة باألساس البحث عن مكان المباراة الت اريخي ة متفاديا تعرف لهم تعبا وال فتورا. وبين الش وطين انتظارا مني للفترة الخيمة القماشي ة وركضت في المنحدر الر ملي رافعا إي اها إلى كاتب من تونس العدد - 30 يوليو/ مت وز

72 أصوات الكذب بوصفه عنفا أحمد إسماعيل إسماعيل رشوان عبدليك كما أن الهدوء يسبق العاصفة وينذر بها وشدة العطش وجفاف العين مثال ينذران بمرض السكري كذلك الحال بالنسبة إلى الكذب الذي يسبق أمراضا كثيرة نفسية واجتماعية بل وسياسية يسبقها وينذر بأزماتها ولقد حذرت الشرائع السماوية وقبلها الحكمة لدى الشعوب القديمة من خطورة هذا النوع من األعراض ولقد عد ه اإلسالم من عالمات الساعة وح ر م صاحبه من الهداية»إن اهلل ال يهدي من هو مسرف كذاب«)سورة غافر اآلية 28(. وبعيدا عن الكذب المرضي الذي يصيب األطفال بشكل خاص أو الكذب المقصود إلصالح ذات البين بين وتحرسها أنظمته االستبدادية أو أحزابه الشمولية. ولقد وجد الكذب في هذه البيئة خير حاضنة له ليدخل في خبز المتخاصمين. فإن الكذب ي عد فعال من أهم وأخطر عالمات ساعة السياسة ممتزجا به أو بها امتزاج الماء بالطحين. أي مجال أو حياة. ولذلك تجده يظهر كوباء وينتشر كطاعون في في روايته البديعة»1984«يورد الروائي البريطاني جورج أورويل مجتمعات يحكمها ملوك قتلوا الشرعية واعتلوا العرش ولوثوا عبارات ويرسم مشاهد تكشف طبيعة الكذب الذي يمارسه الحزب الشرف. الشمولي وتداعياته الكارثية على الفرد والمجتمع ففي ص 251 على كل ما فيها ومحت ذلك الحدث من التاريخ. لتكرر ذلك بعد والقوة الشرائية لعملته حتى في أخبار الطقس حسب وصف أحد ففي هذه المجتمعات يكذب المضطهد خشية عقاب من يضطهده وخوفا منه ويلجا المض طهد بدوره إلى الكذب بوصفه سالحا نقرأ» ال بد لعضو الحزب أن يكذب متعمدا وهو يؤمن في قرارة نفسه بكذبه وأن ينسى أي حقيقة باتت غير مالئمة ومن زمن في صياغة تفاصيل صراع الخليفة علي بن أبي طالب وابنه الحسين مع خصومه األمويين. الشعراء لهم لم يصدقوا يوما فكان من الطبيعي والحال هذه أن يمسي الكذب طاعونا يعيشه المواطن ويتنفسه. مرادفا للعنف ليضمن دوام سيطرته على من يستغلهم. وبذلك الضروري أن يمارس ازدواجية التفكير ذلك أن المرء باستعماله ولقد توسل كثير من الدكتاتوريين هذا األسلوب في تعاملهم مع يكاد كل ما سبق من قول عن الكذب والساسة الكذابين أن يخص يتواطأ المجتمع بكل مكوناته أفرادا وجماعات على قبول الكذب هذه العبارة إنما يعترف بأنه يتالعب بالحقائق أجمع كل مرة يلجأ خصومهم. نجد ذلك مثال في مجريات الثورة الفرنسية وما فعله األنظمة المستبدة واألحزاب الشمولية أما أن تتوسل أحزاب ليصبح ملحها وليس ملح الرجال وحسب في حالة أشبه بحكاية فيها المرء الزدواجية التفكير طمس الحقيقة فإنه يطمس معرفة روبسبير بخصومه خير مثال وكذلك في دفاتر الثورة البلشفية وجماعات تزعم أنها معارضة لهذه األنظمة الوسيلة ذاتها إلى حد نهر الجنون التي يضطر الملك فيها إلى الشرب منه مثلما فعلت ما وهكذا دواليك حتى تتراكم األكاذيب وتجثم فوق الحقيقة «. الروسية ملهمة رواية جورج أورويل وما أقدم عليه ستالين من التبني وتشيع أكاذيب مماثلة ألكاذيب السلطات وأخرى من صنعها رعيته خشية تمردها عليه بحجة عدم سالمة عقله. وكما في الرواية المذكورة وفي واقع حال بلداننا الشرق أوسطية تصفيات ضد معارضيه وعلى رأس هؤالء المفكر تروتسكي الذي مثل: إن األمة انبعثت يوم ول د القائد الملهم والزعيم أو ميالد وإذا كان هدف من يلجأ إلى الكذب هو إيقاع األذى باآلخر بهذا فإن ماكينة السلطات المستبدة واألحزاب التي على شاكلتها مهد الدكتاتور لقتله الوحشي بالتشويه المنظم لسيرته وأفكاره. حزبه»الثورجي«! وإن خليفة ش وهد وهو يقاتل مع شيعته في القدر أو ذاك فإن الكاذب فردا كان أم جماعة أو سلطة ليس بمنأى الشمولية اليسارية منها واليمينية على حد سواء ال تنتج األكاذيب ولقد استعمل كل الطغاة هذه الوصفة كتميمة وطبقوها مدعومة حرب معاصرة! وإن النبي محمد يكافئ كل انتحاري على األرض عن تبعات كذبه إذ سرعان ما يقع هو اآلخر ضحية ما اقترفه لالستهالك الفردي المؤيد أو المعارض وحسب وال لالستهالك في بتقنيات محكمة في صياغة الكذب وتسويقه كالتقنية المكيافيلية بمشاركته تناول الطعام في السماء! ناهيك عن ممارسة التصفيات ليصبح الجاني والضحية في الوقت ذاته فمن الصعب ممارسة الزمن الحاضر فقط بل وهذه ظاهرة عجيبة تتحدى نواميس التي تدعو صاحبها إلى النطق بالحقيقة بهدف خداع أولئك الذين والقتل: قتل الرفاق بيد الرفاق ثم إعالن أسماء هؤالء الضحايا الكذب على اآلخرين كما تؤكد األلمانية حنة أرندت في مقال الطبيعة وقوانين العلم ومبادئه تنتجها من أجل الماضي أيضا. يعتقدون أنهم ليس عليهم تصديقها وأنهم من الذكاء والفطنة بصفتهم شهداء سقطوا دفاعا عن الشرف والوطن والتعتيم على لها بعنوان»السياسة والحقيقة«دون الكذب على الذات وبقدر وذلك من خالل إنكارها فعل تاريخي أو دور شخصية أو حتى بحيث يدركون متى وكيف يصدقون ما يروى لهم. الهدف الحقيقي للقتال. والتحالفات السرية مع جهات غير صديقة ما ينجح كذاب في كذبه تتابع أرندت بقدر ما يكبر االحتمال وجودها بل حتى وجود شعب كمقدمة لممارسة العنف تجاه هذا وإذا كانت موجة الديمقراطية في أوروبا قد دفعت الكذب وما وأكاذيب أخرى صغيرة وكبيرة يصعب حصرها ويطول ذكرها بأن يصبح هو اآلخر ضحية األكاذيب التي ي قدم هو بنفسه على الهدف ومن ثم تدميره. وهو عمل منظم ومدروس وليس طارئا أو يتبعه من عنف بعيدا عن شواطئها بعد أن قدمت ماليين القرابين أيقظت الفتن المذهبية والطائفية والعرقية.. وحتى االجتماعية اختراعها. إذ أن اآلخر المكذوب عليه سرعان ما يتعامل مع رد فعل آني. البشرية في أزمان خلت ضحية هذه اآلفة وأطماع صناعها لينحصر إلى درجة أمسى فيها الجار ال يأمن جاره. الكاذب بصفته الجديدة المتبناة ال الحقيقية يرافق ذلك عملية يخبرنا تاريخ الشرق القديم إن الفرس األخمينيين كان لهم قصب الكذب في سياساتها الخارجية: كذب على اآلخر وكذب معه أيضا. ال بد أن يكون ذلك كل ه من عالمات الساعة: ليست ساعة أو قيامة ام حاء ذاتي وموضوعي لمكونات شخصية الكاذب وخصائصها السبق في هذا المجال وذلك حين قامت إمارة برسا الفارسية فإن بلداننا وشعوبنا ما تزال تجتر التجربة المريرة ذاتها منذ زمن نظام سياسي فقط أو حاكم أو حتى معارضة وحسب بل ساعة وتلك أولى عمليات التدمير الذاتي لهويته وشخصيته وبداية بقيادة كورش بنشر األكاذيب أو تضخيمها حول آخر ملوك بعيد مذ تسلم حكام وقادة غير شرعيين سد ة الحكم بكذبة كبيرة ثقافة ومرحلة وجيل. تحول الجاني إلى ضحية. إمبراطورية ميديا التي كانت برسا تابعة لها وجعلت منه وحشا من اسمها الثورة أو االنقالب على عمالء االستعمار ووكالئه من الحكام أم ا الشعب فباق. وفي مقابل وقاحة الفرد في ممارسة الكذب يتجسد الكذب في أكلة لحوم البشر ورؤوسهم ثم انقضت عليه بعد أن لقت أكاذيبها البرجوازيين انداحت الكذبة واتسعت لتشمل مجاالت الحياة كلها: مجتمع القهر بشكل ممنهج وذلك وفق لوائح وضوابط تضعها تجاوبا لدى حاشيته التي كانت تهابه وابتلعت مملكته واستحوذت أخبار الحرب وأحوال السلم صادرات البلد ووارداته ميزانية البلد كاتب من سوريا يقيم في ألمانيا العدد - 30 يوليو/ مت وز

73 قص الثرثرة حاجة إنسانية جيان حنا قيس مجيد المولى كان يكفيني جليسي في الطائرة أن ال أادقق بوجوه اآلخرين فقد الجواز»ثيودورومانوليس«بعد أن كان اسمي»علوان عباس جفيت«وطفرت من فمي وقلت له للتندر وللفكاهة»وينك ووين زرابك «هو اآلخر ضحك وقبلني وقال: يمكن أنت ابن عمي.. فقلت له بصفة المثل أم بالتشابه وقد أثار حماستي وقلت له ابن وطنك واألوطان أقرب من األب واألم والنسب واالنتساب فاألوطان شيء جمعي يلخ ص وجودنا فرادى وكيانات وبدأت أسرد فلسفتي عليه في معنى األوطان والموت في الغربة وأوجزت له أحاديث عن السياب والبياتي والجواهري وسعدي ومعاناة المئات من األدباء والمثقفين ومعاناة هذا الشعب بأكمله مشفوعا بتاريخ االحتالالت ولم أجد ما ذكرت قد أثر به قيد أنملة ألنه يقاطعني بين الحين والحين بمفردة»صدق- أكو هيج«.. قال: في المطار أي مطار البصرة سأعطي رشوة للشرطي الذي سيختم جوازي وسأتصل عند هبوطنا في البحرين بابن أخي»شاب سبع«ويعمل»مع الجماعة«كان وجهه أصفر واآلن كالتفاحة أرسلوا لي صور ه إلى مالطا عبر اإلنترنت عندما ر ف ع الطعام سقطت حبيبات من الرز المحم ر على بنطاله وراح ينكتها نكتا بيديه تأملت بنطاله الجينز وكان ماركة»سبنسر«وكذلك حذاءه وبدأت أتطلع فيه»تي شيرته ذو عالمة الغولف- كاسكيت غطاء رأسه سواره الفضي وقالدته«وأنا أتناول الشاي بعد نظرة فاحصة قلت له مبتسما : كيف الحال يا ثيودورومانوليس شكال ويا علوان عباس مضمونا تصور يا أخي ال أعلم كيف هي البصرة اآلن أبنيتها شوارعها ناسها لكن أكيد.. أكيد أن الناس هناك ال زالوا طيبين نخيلها كم بقي منه وهل ال زالت ساحة أم البروم..ولكي أداري حرقته بغير المتوقع سألته : هل توفي شرهان كاطع قال لي والدي اهلل يرحمه كان يجلب لنا كاسيتات ريفية من محل تسجيالته ووجدتها فرصة أن أساله عم ن يتذكر من أصحاب الفكر واألدب في مدينة المدن وخاصرة العراق الدافئة فذكر لي من ذكر ولكنه رد علي : أخي لقد تركت البصرة منذ أكثر من عشرين عاما ويقولون العالم يتغير لكن البصرة لن تتغير هبطنا المنامة ليال في مطارها الذي أتقصده في جميع رحالتي وال بد أن أمر به.. استأذنني ثيودورومانوليس وذهب إلى w.c وجلست في إحدى كافيتريا المطار أتناول القهوة تعارف بي حال جلوسي مقدما لنفسه مباركته لها كونه سيجد بي على حد قوله أنيسا ألن لديه أحاديث يريد أن يتحدث بها وهو مشتاق للكالم ويكاد يختنق وبادرني على الفور وقبل إقالع الطائرة من أنه كان بحارا على ظهر سفينة عراقية ورست في العام 1986 في أحد موانئ البحر األبيض المتوسط حيث قرر حينها ترك السفينة وتسليم نفسه للسلطات المالطية طالبا حق اللجوء اإلنساني وبما أنه يمتلك مهارات بحرية فقد عمل على الفور في إحدى شركات المالحة مشرفا على الماكنات الضخمة التي تسير هذه األجساد العمالقة.. وكعادة األغلبية من المهاجرين فقد أحب إحدى المالطيات وتزوجها وأضاف لي والطائرة لم تقلع بعد بأنه يشكو حبها وخروجها اليومي إلى البحر ومداعباتها للبحر أكثر من مداعباتها أطفالها بل ونومها مدفونة في رماله وشكا لي ذهابها ألصدقاء لها وانتبهت إليه هذه المرة بعد أن تغي ر أسلوبه في طرح موضوعاته وبدا يتلفت وراءه كي ال يسمعه أحد ولكي أشجعه وأبين له اهتمامي بقصته تلك قلت له بأن لكل مجتمع من المجتمعات خصوصيته وإذا التقى الطرفان فإن الغلبة ستكون لمن يستطع أن يقدم المثال األفضل على صحة معارفه وقيمه وإنسانيته إزاء أي نقيض. قاطعني وقال: لكن ي قدمت لها المال واالحترام وإلى اآلن تذهب إلى البحر وتزور األصدقاء أدركت أن المسافة ما بين المجتمعات لن أستطيع تقليصها في ذهنه من مجتمع يحافظ على أرث قد يكون عفا عليه الدهر بل أكل الدهر عليه وشر ب وبين مجتمع يجد في أي ممارسة شكال من أشكال الحرية والتحرر من القيود. وبشيء من التودد قلت له: اذهب معها إلى البحر وادفن جسدك في رماله كما تفعل هي وست شفى من آالمك قال لي مشكلة أخرى قلت: أسردها وسأستمع كليا إليك فقد طويت الكتاب الذي كان مفتوحا في يدي ولم أجد بعد نفعا من قراءته بعد أن تيقنت أن ال مجال للهروب استأذنته قليال بعد أن وضع ت أمامنا أطباق الغذاء قال لي ليس لي صبر كي أنتظر دعني أتكلم تصور كيف سأنزل في مطار البصرة سألته وما الضير قال : إن جواز سفري جواز أجنبي واسمي هناك في مالطا وفي وبعد برهة جاء رجل وقف فوق رأسي مرتديا دشداشة بيضاء وعقاال وينتعل خفا وسألني»ها.. إشلوني ه سه«لم أصدق أن هذا ثيودورو وأعاد علي مقولتي: األوطان ال ت بدل قال تصور هذه الفكرة أتت في بالي وأنا في مالطا واشتريت هذه الحاجيات من أحد المحال القديمة في دمشق وحين سأنزل في مطار البصرة سينطبق علي المثل»ضاع أبتر بين البتران«اتصل بابن أخيه الذي مع الجماعة وأطمأن ساعتها وطلب لنفسه قهوة تركية ودار رأسه حين نظر إلى ساعته وقال: اآلن هي بالبحر استأذنته حين نودي على ركاب الطائرة المتجهة إلى الدوحة وقلت في نفسي حتى الثرثرة أحيانا حاجة إنسانية. كاتب من العراق مقيم في الدوحة العدد - 30 يوليو/ مت وز

74 كتب عالم جديد وقاس: نهاية العولمة عودة التاريخ نظرة قاتمة لمستقبل العولمة إبراهيم قعدوني ليست العولمة بالمفهوم الجديد طبعا فمنذ أواخر القرن التاسع عشر بدأت رؤوس األموال والبضائع تنتقل ب ح ري ة في جميع أنحاء العالم ولم يع د وجودها يقتصر على الحدود الوطنية للبلدان )على الرغم من وجود الرسوم واإلجراءات الجمركية التي ت نظ م حركتها( وقد ساعد في ذلك تطور وسائل النقل واالنخفاض الملحوظ في تكلفتها. وقد شملت تلك الحركة البشر أنفسهم إذ تصاعدت حركة الهجرة عبر المحيطات على نطاق أوسع بكثير مم ا نشهده اليوم. ثم جاءت الحرب العالمية األولى لتضع نهاية دراماتيكية لتلك الموجة من النشاط االقتصادي والبشري. إذن - وهي صورة العالم المترابط من العولمة خالل التجارة والتمويل والتكنولوجيا- تبدو وكأنها أحدث المفاهيم السائدة في العقود األخيرة كمنجز بشري حداثوي غير أن ه في عام 1909 وفي ذروة قوة اإلمبراطورية البريطانية كتب نورمان أنجيل أن العصر اإلدواردي للترابط االقتصادي جعل الحرب بين األمم مسألة عقيمة. فقد استخدمت الصين طريق الحرير لتحويل نفسها إلى قوة اقتصادية عالمية قبل»نسخة من األزمة المالية العالمية في القرن الخامس عشر«. كما استمر العثماني ون والفرس منذ القرن السادس قبل الميالد في بناء إمبراطوريات تجارية مزدهرة. استغرق األمر حتى الستينات من القرن العشرين كي تتعافى التجارة العالمية من ارتكاسات الحرب وتسترد حصتها من الناتج المحلي اإلجمالي العالمي. ومع سقوط جدار برلين في عام 1989 أصبح من المغري اإليمان بنوع من»نظرية العولمة التحررية«في ظل تنامي الترابط االقتصادي بين دول العالم قياسا بأي وقت مضى وذلك بفضل ما أتاحته شبكة اإلنترنت من انتشار سريع وشامل للرأسمالية الليبرالية. فهل يبدو العالم اليوم في طور تغي ر جوهري آخر في االتجاه ذلك ما يراه الخبير االقتصادي في مجموعة»إتش إس بي سي«المصرفية ستيفن كينغ في كتابه الجديد الصادر عن منشورات جامعة يال هذا العام بعنوان»عالم جديد قاسي«. في معرض كتابه الذي جاء في 290 صفحة من القطع المتوسط يذهب كينغ إلى اعتبار أن التقدم االقتصادي الذي تجاوز كاف ة الحدود ليس»حقيقة ال مفر منها«. وإذا ما كانت التكنولوجيا حتى اآلن قد ساهمت في تعزيز ظاهرة العولمة وتعميمها فإن من غير المؤك د أنها سوف تستمر على هذا المنوال في المستقبل. ولربما تقرر الشركات العالمية الكبرى استبدال العمالة الرخيصة في العالم النامي بالروبوتات من أجل العودة باإلنتاج إلى مواطنها األصلية مما قد يتسب ب في انهيار سالسل اإلمداد والتوريد العالمية كذلك األمر فقد فاقمت شبكة اإلنترنت من فجوة عدم المساواة داخل العديد من االقتصادات بحيث أن القوى العاملة الماهرة باتت تجني القدر األكبر من الفوائد مقارنة بتلك التي على قدر أقل من الخبرة لنشهد انقساما حاد ا بين من يملكون ومن ال يملكون. أم ا ظاهرة الهجرات الجديدة فقد ألقت بظاللها على السياسة العالمية والمحلية في كثير من البلدان محد ثة ردود أفعال سياسية على خلفيات اقتصادية وثقافية على السواء وقد تجل ت أبرز النتائج التي تمكن إحالتها لموجات الهجرة واللجوء الر اهنة بنهوض الشعبوية السياسية في غير مكان من العالم إذ بات هؤالء خيارا ومالذا لكثير من الناخبين وقد وصل بعض هؤالء إلى السلطة بالفعل في بعض البلدان فليس إذن انتخاب دونالد ترامب سوى إشارة إلى أن الناخبين المحليين قد ضاقوا ذرعا بالمسؤولية العالمية لبالدهم وباتوا يفض لون مبدأ»أميركا أوال«. كما أن المستقبل ربما ي نذ ر بتدف ق أكبر للمهاجرين ال سي ما في ظل معد الت النمو السكاني المرتفعة في أفريقيا وسعي المزيد من سك ان البلدان الفاشلة إلى الفرار منها أيضا سواء بسبب عواقب التغير المناخي أو بهدف تعزيز فرصهم االقتصادية ولربما نجد دول العالم المتقدم تفرض المزيد من القيود على الهجرة للحد من تدف ق هؤالء إليها كما فعلت أميركا في أوائل القرن العشرين حين منعت معظم اآلسيويين وأولئك الذين لم يتمكنوا من اجتياز اختبار محو األمية من دخول أراضيها. كذلك تلعب التحوالت الجيوسياسية دورا بارزا في هذا السياق فبعد عام 1945 كانت أميركا رائدة في مجال هندسة العولمة في العالم بل أصبحت الراعي الرئيسي لهذه الظاهرة ولكن وجاهتها تواجه اآلن تحديات على عد ة مستويات فالصين مثال أصبحت أكثر نفوذا في منطقة المحيط الهادئ وتقوم روسيا بدور أكثر نفوذا وحيوية في أوروبا الشرقية والشرق األوسط أيضا. كما أن أوروبا الغربية لم تع د تدعم أميركا في جميع القضايا بغير حساب وها هي اليوم تتبن ى موقفا مغايرا تماما لموقف دونالد ترامب بشأن تغير المناخ. والنتيجة كما يقول كينغ هي أن»الترتيبات التعاونية بين الدول«سوف تواجه المزيد من الصعوبات على نحو متزايد ومن المرج ح أن تطغى عليها الصراعات -االقتصادية على األقل- لنرى الكثير من الدول تدير ظهرها إلى الفضاء الدولي مولية اهتمامها باالقتصاد المحلي ولعل في إلغاء الرئيس األميركي دونالد ترامب التفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ )اتفاق تجاري مع آسيا( والفشل في االتفاق على جولة الدوحة للتخفيضات الجمركية العالمية ما يؤش ر إلى المنحى الذي قد تأخذه مجريات العالقات الدولية. غير أن المفارقة تكمن -بحسب ما يخلص إليه كينغ- بشيء من السخرية هي أن الحلول المحتملة للمشاكل التي ستواجه العالم سوف تقتضي تعاونا دوليا حتميا وهو األمر الذي سيشك ل عقبة أمام الشعبويات الصاعدة. كما يقترح كينغ أفكارا أخرى ربما تساعد في حل المأزق الذي تواجهه العولمة مثل كسر اليورو وإحداث منظمة عالمية إلدارة تدفقات رأس المال بين البلدان وضمان موازنتها أو حتى قيام عالم بال حدود إال أنه يخل ص إلى القول بأن تلك اإلجراءات إما أنها لن تكون كافية أو من غير المرجح أن تحدث أصال وهي نهاية قاتمة للغاية بالنسبة إلى اقتصادي معروف بالتفاؤل الدائم. ويختم المؤل ف كتابه بخطاب انتخابي م ت خي ل لآلنسة ترامب )من ساللة دونالد ترامب( في عام 2044 ت عر ب عن سعادتها لكونها أول مرش حة للرئاسة في تاريخ الجمهوريين ثم تتحد ث في معرض خطابها االنتخابي عن انهيار االتحاد األوروبي وانسحاب أميركا من الناتو وتتحدث عن خططها»لتحصين وحماية الواليات المتحدة األميركية من العالم المخيف وضمان التفوق العسكري على الصين«وت حب ذ أن تترك لروسيا وأوروبا والصين تسوية المشاكل العالقة في الشرق األوسط وال تنسى أن تمتدح روسيا على»نجاحها في تحقيق السالم بين الفلسطينيين واإلسرائيليين«والكثير من التنبؤات الساخرة التي ال تخل من الطابع التنب ؤي المليء بالمفارقات. في»العالم الجديد القاسي«يبحث ستيفن كينغ عميقا في التاريخ االقتصادي للعالم إلثبات أن العولمة قديمة ق دم الحضارة وعلى الرغم مم ا يعتقده فرانسيس فوكوياما حول»نهاية التاريخ«وانتصار األسواق الحرة فإن كينغ ي ب ش ر بعودة التاريخ وإن في تصو ر غير متفائل. كاتب ومترجم من سوريا مقيم في لندن العدد - 30 يوليو/ مت وز

75 كتب القهوة مرادفا للبطش واالستعمار أدب الكولونيالية المعارضة في ثوب ساخر هالة صالح الدين كتب كارل ماركس ذات يوم أن الفالسفة أو لوا العالم بطرق عدة بيد أن المهم هو تغييره. ال شك أن هناك من الكتب تلك التي ساهمت في تبديل وجه العالم هل بي ضته أم سو دته ذلك حديث آخر. نتذكر منها»جمهورية أفالطون«واحدا من أبرز الكتب الفلسفية والسياسية على مر التاريخ لما يحفل به من مبادئ الخير والشر وعدد من المفاهيم المحورية كالملك الفيلسوف وخلود الروح ونظرية األشكال. كتب»األمير«ليناصر الذرائعية في ميكافيلي عبارته الشهيرة»الغاية تبرر الوسيلة«ويبعث برسائل استراتيجية تسدي النصح لألمير كيف يتبوأ العرش وكيف يحافظ عليه. ماركس أيضا حفر عالمته في التاريخ ببيان الحزب الشيوعي بما ضمه من دعوة للطبقة اثلعاملة بالنهوض واستئصال الصراعات الطبقية. ومن بين أمهات الكتب مثل ت رواية»الحرب والسالم«لتولستوي ضميرا أدار بوصلة العالم. وكانت من فرط واقعيتها وتعمقها في االستقصاء النفسي لشخوصها أن اعتبرها النقاد أفضل رواية في تاريخ البشرية. أم ا رواية الكاتب الهولندي ملتاتولي»ماكس هافالر: مزادات القهوة في شركة التجارة الهولندية«)1860( فقد»قتلت الكولونيالية«-على األقل في إندونيسيا- وفقا لتقدير الروائي اإلندونيسي براموديا أنانتا توير في جريدة»نيويورك تايمز«. وقد أصدر مشروع»كلمة«للترجمة التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة هذه الرائعة الكالسيكية في العام الجاري. وترجمها إلى اللغة العربية األكاديمي السوري د. موسى الحالول. ملتاتولي اسم مستعار باللغة الالتينية ويعني»تحملت كثيرا «. اسم الكاتب الحقيقي هو إدوارد داوس دكر ) (. ت رجمت»ماكس هافالر«إلى أكثر من 40 لغة وفي خاتمة نسختها الهولندية يعدها المؤلف الهولندي جيه جيه أوفرشتيجن أعظم رواية أنتجتها هولندا على اإلطالق. قبضة المستعمر يح ضر في صدر الرواية»ماكس هافالر«الموظف الحكومي العامل في جزيرة جاوا بإندونيسيا. وينصب السرد على تجاربه التي نستشف منها أنها سيرة ذاتية لملتاتولي نفسه. فالرواية تتمحور حول ما عايشه لمدة ثمانية عشر عاما في جزر الهند الشرقية أثناء وقوعها تحت قبضة الهولنديين. عقب تلك الخدمة الطويلة يرفض رفضا باتا أن تأتي راحته أو راحة األوروبيين على حساب كرب المستعمرة. يخز ضميره حال المحليين المهين فيقف في وجه اإلساءة ولكن السلطة المطلقة ت فس د بشكل مطلق والمعار ض ال يلقى أي صدى من المحتل. يش ويه تاجر القهوة األناني ب تافوس دروخستوپل بسياط النقد ومعه يشتد وعينا ببراءة الكاتب وورطته. كما يعرقل دأبه المنتفعون مع أن السياسة الحكومية المعلنة هو أن عليه بحكم وظيفته أن يقي المواطنين شرور االضطهاد. ومثله مثل كل الشجعان ي سج ل مصيره النهائي بيده على نحو تراجيدي. بعد شد وجذب مع حكومة االستعمار يكابد حياة عارية من االستقرار والهدوء ثم يضطر إلى االستقالة ويعود إلى أوروبا عام 1856 رجال تحرر من خديعة الوهم السياسي. في أوروبا ال يهاب هافالر بطش االستعمار. وبقلم ساخر يميط اللثام عن أوضاع مقيتة تعيشها جاوا منتقما خير انتقام من طرده من وظيفته. وهو ال يدخر جهدا لشجب قهر فرضه سادة اإلندونيسيين وكذا الهولنديون على أهل البلد مستغال أدواته األدبية لفضح نظام بلده. معالجة سياسية واقتصادية تتألق في الرواية قصة حب الشابين سيدجاه وأديندا وفي ذيلها اتهام مرير لنظام االحتالل باالستغالل فيطالعنا الكاتب كشخصية ال تستسيغ القسوة قط كرجل ال تمسه النقائص تعهد أن يحمي األضعف واألقل حظا. سوف يتوقف القارئ في»ماكس هافالر«أمام سيل من العبر عن التضحية واإليثار. الحق أن الكاتب يصور هافالر -أي نفسه- مثاليا معلنا أن ما يعيبه فقط هو»الكرم وشرود الذهن«! ال يتقيد الكاتب بالقواعد السردية المألوفة حينذاك. إذ يحبك بنية تراتبية ويلجأ إلى عدد من الرواة على غير عادة كت اب عهده. نجده يكو م طبقات من القص فوق بعضها بعضا ضافرا نسخ معقدة من الحكي شبهها أحد النقاد بالبصلة! تستند الحبكة إلى األعمال الكاملة لماكس هافالر الذي يعمل مساعدا للمحافظ في جاوا. كان قد كتبها باأللمانية ويترجمها الطالب شتيرن الذي حل ضيفا على تاجر القهوة دروخستوپل في أمستردام. والتاجر هو من يسجل وجهة نظر مخالفة عن حال المستعمرة. يزوره يوما زميله السابق سيالمان ليطلب منه نشر مخطوطة تتضمن التجارب الحقيقية لماكس هافالر. كلها أحداث ي ش يها ملتاتولي بمسحة تهكمية تكسر قالب المرجعية اإلنسانية في الكتاب. يصف الموظف الحكومي بهدوء وبطء وحذر يحسده عليها الع ظائيات! غي ره من السواد األعظم يعد ونها آية من آيات الدماثة وضبط النفس والحكمة. يردف أن مالمح وجهه رقيقة تشي بقدر من التدريب الفكري ولكن نظرته تنم عن شيء بارد شيء أشبه»بجدول اللوغار ث مات«. يتابع الكاتب أن مظهره ليس كريها أو منف را ولكن المرء ال يملك إال أن يشك في أن»سأما خالج أنفه الضخم في ذلك الوجه حيث ال شيء يجري!«. القهوة البغيضة يرمي ملتاتولي تجار القهوة بأقذع التهم قائال إنهم يتخفون وراء مهنتهم وإنهم أف اقون يتكسبون من عمل ال يمت للشرف بصلة. تاجر القهوة البغيض دروخستوپل يعتبر نفسه من ملح األرض على حين أنه مثال حي على البرجوازية التافهة. يبرر بلسان معسول كل شر وكل خطيئة من جبنه إلى عشقه للمال إلى ش حه البالغ. هو أيضا راو يمهد الطريق لمنعطفات الرواية مدينا نفسه بنفسه. يفتح لنا كذلك سبيال للكوميديا قد ال يتوفر لنا بدونه. قيم برجوازية يكتب ملتاتولي من منظور المحكوم ال الحاكم. ففيما عدا مراسالت رسمية كتبها لموظفين حكوميين نافدي الصبر وأبرزت تأثرا بالقيم البرجوازية تفر د أسلوبه بتطويع لغة المواطن البسيط في مناجاته السياسية على عكس التقعر المنمق الطاغي على أغلب كتابات نظرائه في القرن التاسع عشر. ومع ذلك وقع في فخ الرتابة وبطء اإليقاع المميزين للروايات في عهده. يترجى»القارئ العزيز«أن يغفر له استطراداته الكثيرة ثم يقودنا في التو إلى انحراف آخر عن الموضوع! ما لنا نحن بما كان يقع في والية الملك وليام الفاتح! التماس عاطفي جاءت نهاية الكتاب مسرحية على عادة الكتب المغرقة في الفضيلة. يفرد المؤلف ذارعيه ويتفاخر بهدم منظوري عمله المتضادين. إذ يجيئنا صوته على بغتة وهو ي سقط قناعه مصرحا بأن الشخصيات من وحي خياله ليس إال. وبعدها يوجه التماسا عاطفيا إلى ملك هولندا بصفته رئيس الدولة راجيا إياه أن يتدخل لنصرة الحق وإنقاذ سكان جاوا. سرعان ما خلق هذا الكتاب عاصفة هوجاء عند نشره وجاءت للكاتب الشهرة من حيث ال يحتسب. وبمعالجته السياسية واالقتصادية الجريئة يطرح ثماره فاالحتالل ال يصمد أمام شهادة واحد من أهلها. استاء منه وقتذاك جمع غفير من السياسيين ومعهم الرأي العام الهولندي مما تطلب إصالحات فورية لرفع البؤس عن أهل البلد. كما استفز جدال أخالقيا حول النهب االقتصادي للمستعمرة الصغيرة كان من إحدى تبعاته أن خسرت هولندا إندونيسيا خالل الحرب. الضمير الغائب نلمح بين سطور»ماكس هافالر«أصداء أخالقية تدين الضمير القومي الغائب. كافح ملتاتولي نيابة عن الشعب اإلندونيسي وبقلم لم يهمل كبيرة أو صغيرة إال ويحللها لم يخل ف للمنافقين واالنتهازيين من أبناء جلدته فسحة لتبرير جرائمهم لي خرج لنا إضافة نوعية ألدب الكولونيالية الم عار ضة. وبروايته هذه صار ملتاتولي ممثال عن الضمير اإلنساني في كافة أرجاء أوروبا. ألهم حركات التحرر كالمفكرين األحرار واالشتراكيين والفوضويين. وال ريب أن حركة»التجارة العادلة«كانت نتيجة لهذا الكتاب وغيره من الكتب التي حفرت الذنب في قلب المحتل وحض ته على تعويض مستعمراته عما لحق بها من غبن وجور. كاتبة من مصر مقيمة في ليدز/بريطانيا العدد - 30 يوليو/ مت وز

76 كتب الرفض العظيم هذا العام عن جامعة تيمبل في الواليات المتحدة صدر كتاب»الرفض العظيم-هيربيرت ماركوز يرى ماركوز أن عفوية وطواعية المشاركة هي أساس عملية التغيير وأخيرا هل وسيلة للخالص والحركات االجتماعية المعاصرة«تقديم الناشطة والكاتبة األميركية الشهيرة أنجيال دايفس الكتاب المؤلف من نظرية ماركوز القائمة على أساس العفوية تحتوي القاعدة النظرية الكافية لتحويل الحركات االجتماعية المعاصرة انطالقا من مفاهيم مدرسة فرانكفورت خمسة أقسام يحوي إحدى وعشرين ورقة بحثي ة كتبها أبرز المفكرين الناشطين السياسيين واألكاديميين الذين ينتمون ألجيال مختلفة هذه األوراق تتمحور حول الحركات االجتماعية والسياسية التي شهدها العالم منذ عمليات االحتجاج هذه إلى حركات منظمة تتحول من مجرد رفض إلى مطالب جمعية هذه التساؤالت تعكس طبيعة القائمين عم ار المأمون عام 2011 في ضوء أفكار المفكر األلماني هيربيرت ماركوز الذي صاغ مفهوم الرفض العظيم ونظ ر لمفاهيم اليسار الجديد شارحا تقنيات التغيير االجتماعي والسياسي ضد بفعل الرفض وخصائصهم واآلليات التي اتبعوها إذ ال يتم التركيز فقط على الطبقة العاملة بوصفها لم تعد تحمل ذات التعريف الهيمنة السياسية في المجتمعات الصناعية المتطورة التقليدي بالمفهوم الماركسي فالرفض والرأسمالية. يمتد ليشمل الجماعات الفرعي ة والمهم شة والفئات التي يتم رفضها من الفضاء العام الخالص اإلنساني وتقنين عمليات حجبها لتأتي األبحاث في هاجر ماركوز إلى أميركا كحال الكثيرين من رواد مدرسة محاولة لجعل»الرفض«يتجاوز»الصرخة«فرانكفورت كثيودور أدورنو ووالتر بينجامين إبان صعود نحو بنى متماسكة قادرة على اإلطاحة بما النازي ة ويعتبر من المجددين للماركسي ة إذ تدور أفكاره هو قائم وطرح تصورات مغايرة. حول انتقاد الهيمنة الصناعية والرأسمالية على حياة األفراد وتحوليهم إلى أدوات لإلنتاج وفي ذات الوقت لالستهالك الربيع العربي وتتضح أفكاره هذه في أشهر كتبه»إيروس والحضارة«مقدمة الكتاب تبدأ بحادثة البوعزيزي الذي يرى فيه أن العقالنية التي تهيمن على حياة الفرد بوصفه الشرارة التي أشعلت االحتجاجات تكب له وتنفي حريته بوصفها تنتمي للمنطق األداتي الذي يخدم رأس المال ويهيمن على أفكار الفرد بحجة التنوير في المنطقة العربي ة إال أننا نالحظ غياب العمق في تحليل ما يحدث وخصوصا مستعيرا بذلك مفاهيم أدورنو ليطور هذه الفكرة في أن»الرفض العظيم«واالحتجاج في كتابه»إنسان البعد الواحد«الذي يرى فيه أن المجتمعات المنطقة ناشئ عن صراع ضد الدكتاتوري ة باريس- شهد القرن الحادي والعشرون حركات احتجاج عالمي ة بدأت بالربيع العربي وامتدت لتشمل عواصم العالم كباريس ونيويورك وغيرها حركات االحتجاج هذه ترفض أنظمة الهيمنة الدكتاتورية من جهة إلى جانب رفضها العميق للبنى الرأسمالية الحالي ة وهي دعوات إلعادة تشكيل الطبقات السياسية واالجتماعية واالقتصادية في سبيل تحرير اإلنسان ال فقط على صعيد األفكار بل على صعيد تقنيات توليد هذه األفكار والتي يتم تكريسها سياسيا لخدمة رأس المال عبر جعل الهيمنة النيوليبرالية تبدو»طبيعي ة«بوصفها جزءا من»التطور المنطقي للتاريخ«نافية أي فرصة للتغيير أو البدائل فحركات االحتجاج هذه ال تدعو لتعديل األشكال القائمة أو االندماج ضمن النظام بل ترفض حتى الصراع الحالي الزائف بوصفه نتاج هذه األنظمة ووليد تقنيات التالعب المرتبطة بها. الرأسمالية تلغي التفكير الجدلي لتجعل اإلنسان ذا اتجاه واحد فاقدا األمل بالتغير أشبه بنهاية التاريخ التي تتمثل بالشكل الرأسمالي الذي ال يمكن تغييره هذه األفكار يمكن الخالص منها عبر»الرفض العظيم«بوصفه تقنيات لالنعتاق من»البعد الواحد«والفكاك من النظام الرأسمالي وآثاره السياسية واالجتماعية مؤكدا على قيمة الفن الذي يرى فيه وسيلة لتحرير اإلنسان وتكسير القيود عن مخي لته وبناء احتماالت لحياة أفضل للجميع. الرفض اآلن الكتاب في البداية يناقش تغيير المفاهيم عن الوقت الذي عاصره ماركوز فالرأسمالية أصبحت تلب ي الرغبات األساسية لألفراد ومفاهيم الحراك االجتماعي والسياسي لم تعد ألسباب تتعلق بمقومات البقاء كما كانت في ظل المجتمع الصناعي فرغبات الفضاء الخاص تبنتها النيوليبرالي ة وأصبحت مسؤولة عنها إلى جانب تطور تقنيات الهيمنة األيديولوجية وأنظمة التالعب المرتبطة باإلعالم والصناعة الثقافي ة فالبحوث في الكتاب تقترح استراتيجيات وتطور أخرى في سبيل خلق التغيير الجذري في المجتمع في ظل المتغيرات الجديدة كوسائل التواصل االجتماعي واإلنترنت وتقنيات احتالل الفضاء العام جسديا وخصوصا أن حركات االحتجاج الحالية لم تتطو ر لتقديم سياسات للتغيير بل كانت رفضا غير ممنهج عبر إثبات وجود جسدي وخلخلة لألمن وعالقات السيطرة التي تمارسها الدولة للحفاظ على االتزان. اإلطار المنهجي تحاول األبحاث مساءلة مفاهيم ماركوز السابقة وإعادة تعريف النقاط المنهجية المرتبطة بها وذلك عبر طرح ثالث تساؤالت جوهرية تشكل اإلطار المنهجي لألبحاث هذه التساؤالت هي هل يفضل ماركوز الساخطين والمبعدين على أولئك المقموعين والمحرومين بوصف الفئة األولى هي الفاعلة في عملية التحرر في حين أن الثانية تحمل خصائص عرقي ة ال خصائص ثقافي ة تمنعها من الحراك وهل ال ضد الرأسمالية فقط بل ضد أنظمة قمع وهيمنة متكاملة بشكلها األشد وضوحا وفجاجة إذ ال يمكن مقارنة االحتجاجات في سوريا بتلك التي شهدتها الواليات المتحدة المتمثلة باحتالل وول ستريت أو ما حصل في باريس في ساحة الجمهورية وخصوصا أن مفاهيم الدولة واالنتماء والمواطنة ليست متماسكة في المنطقة العربي ة كحالتها في أوروبا أو الواليات المتحدة وهذا ما يترك الكتاب مفتوحا على تساؤالت ترتبط بطبيعة النظر إلى االحتجاجات في المنطقة العربي ة وخصوصا أن العنف الذي تمارسه فيها الدولة ممنهج والضحايا بأعداد هائلة. كاتب من سوريا مقيم في باريس العدد - 30 يوليو/ مت وز

77 كتب بوهوميل هرابال في عزلته الصاخبة جدا جامع المعرفة المهووس ينتصر على الدولة البوليسية نشر هرابال هذه الرواية بنفسه عام 1976 ولم ت نشر في دار نشر إال عام 1989 بسبب رقابة الدولة البوليسية وقتها. وهي تروي قصة رجل عجوز أبله يعمل في إتالف الورق في براغ يحفظ ويجمع أعدادا كبيرة من المخطوطات والكتب النادرة والمحظورة من خالل عمله. إنها حكاية جامع معرفة مهووس ينتصر على الدولة البوليسية التي أرادت أن تنتصر على المعرفة. كتبت صحيفة نيويورك تايمز عن هرابال قائلة إنه هرابال: تحدي الدولة لبوليسية باألدب عواد علي»صرخة ضد نهاية اإلنسانية وكتابه عزلة صاخبة جدا هو إنقاذ من الالمباالة القاتلة الفعالة في قتل الحرف أكثر من أشد آالت اإلتالف تعقيدا«. كما كتب أحد محرري صحيفة الغارديان أن»حكايات هرابال أطلقت عن الناس العاديين ثورة سينمائية في وطنه وأصبحت الحانة التي اعتاد على ارتيادها في براغ مزارا لكبار الشخصيات. أثبت هرابال أنه أسطورة زمنه«. ولد بوهوميل هرابال عام 1914 في مدينة برنو نتيجة عالقة عابرة بين أمه ماري وأحد شباب المدينة ثم تزوجت فرانتيشك هرابال محاسب مصنع»البيرة«في مدينة بولنا فحمل االبن اسمه ووجد فيه نعم األب. انتقلت أسرته فيما بعد إلى مدينة نيمبورك على نهر إل ب ه حيث تلقى تعليمه وأمضى سنوات يفاعته. وقد ظهرت تجارب هذه المرحلة في ثالثيته القصصية»بلدة على سيرته الذاتية الثالثية»أعراس في البيت«فيلم سينمائي نال جائزة األوسكار ألفضل من الرواية شاطئ النهر«وفي»البلدة التي توقف فيها الزمن«. و«خدمت ملك إنكلترا«لكنه لم ينشر أيا فيلم أجنبي عام كما أعيد اقتباس «أاسرع مباشرة إلى عملي إلى جبل من لم يبد هرابال اهتماما بالمدرسة وواجباتها بقدر اهتمامه من كتاباته حتى خمسينات القرن الماضي الرواية للسينما مرة ثانية في الواليات األوراق كما لو كنت آدم وهو يستلقي بالحياة الملو نة في معمل البيرة وبشقيق زوج أمه الذي ولم يتفرغ كليا لألدب حتى عام لكن المتحدة األميركية عام بين األعشاب ثم ألتقط كتابا. تنفتح عيناي أتى بقصد الزيارة فبقي أربعين سنة حتى وفاته وقد السلطات السوڤييتية في تشيكوسلوڤاكيا توفي هرابال في أحد مستشفيات براغ بعد على عالم غير عالمي ألنني عندما أشرع أطلق هرابال على أسلوبه في الحديث صفة»النهر منعته من النشر منذ عام 1970 فصار أن سقط من شرفة الطابق الخامس عندما في عملية قراءة أكون في مكان معلوم عن منشورات المتوسط في إيطاليا صدرت حديثا رواية»عزلة صاخبة جدا«للروائي التشيكي بوهوميل هرابال ترجمة منير عليمي. وي عد هرابال من أبرز األدباء التشيكيين في القرن العشرين. وصفه مواطنه الروائي الشهير ميالن كونديرا بأنه»أفضل كت ابنا اليوم كتاب واحد من كتبه يختصر كل ما عجزنا نحن جميعا عن تقديمه ألجل إنسان متحرر رغم كل ما نفعله بإيحاءاتنا واحتجاجاتنا الص اخبة«. المتدفق«وات بعه في معظم كتاباته ال سيما في قصته الطويلة»آالم العجوز ڤرتر«التي غي ر عنوانها ونشرها عام 1964 بعنوان»دروس رقص للكبار والمتقدمين«. بعد حصوله على الشهادة الثانوية عام 1935 انتسب هرابال إلى كلية الحقوق وصار يحضر في الوقت نفسه محاضرات تاريخ األدب والفن والفلسفة ولم يتمكن من إنهاء دراسته حتى عام 1946 بسبب إقفال الجامعة في فترة االحتالل النازي لبلده فعمل أثناء الحرب في ينشر بعض أعماله في مجالت المهجر ودور نشره. نشر عام 1975 مقالة في النقد الذاتي في مجلة»تڤوربا«في براغ أدت إلى التساهل معه رقابيا ولكن بحذر بالغ. وبعد تفكك المنظومة االشتراكية عام 1989 وقيام جمهورية تشيكيا صدرت مؤلفاته الكاملة بين عامي في تسعة عشر كان يطعم الحمام البر ي. وقد شك بعضهم في كون سقوطه انتحارا وليس حادثا ال سيما أن األسلوب قد ورد في مشهدين من أعماله. اعتمد هرابال في موضوعات رواياته وقصصه على أحداث من الحياة اليومية يتورط فيها أناس عاديون من دون أن تكون لهم سلطة على سير األمور أو قدرة ومختلف أكون مع النص نص مختلف ومذهل. علي أن أعترف أنني كنت أحلم أحلم بأرض ما بجمال عظيم. كنت في قلب الحقيقة. عشر مر ات في اليوم أتساءل أي إنسان غريب أنا أي هدوء ينتابني وأنا أنعزل مع ذاتي وأهرب من نفسي أذهب ناحية المنزل أجوب الشوارع في صمت. في هدوء رهيب أعبر والقطارات الخطوط الحديدية وفي شركة للتأمين وبائعا متجوال مجلدا عن دار نشر»خيال براغ«وبلغ على استيعاب ما يجري. ويتسم أسلوبه والسيارات واألرصفة في غيوم من الك ت ب ثم في معمل لصهر الحديد. وتعر ض عام 1953 لحادث مجموع ما ط بع من كتبه باللغة التشيكية بقدرة تعبيرية بصرية عالية وبميل إلى التي جئت بها وحملت ها في حقيبتي. أنا مؤلم اضطره إلى االنتقال إلى مستودع لجمع الورق حتى اليوم ثالثة ماليين نسخة كما الجمل الطويلة المتدفقة إلى جانب حس ضائع في أحالمي أحيانا أجتاز اإلشارات القديم. وتجلت تجارب هذه المرحلة في بعض أبرز أعماله ت رجمت بعض مؤلفاته البارزة إلى ثالثين فكاهي ساخر وساحر يعتمد كثيرا على الضوئية ألن حقيبتي مليئة بالك ت ب وأخاف السردية مثل»عزلة صاخبة جدا«. لغة وكان أحد أسباب شهرته عالميا هو شخصية»األحمق الحكيم«الذي تبدر عنه أن يستفسر أحد ما عن هوي تي فال أجيبه«. كتب في الثالثينات من القرن العشرين الجزء األول من تحويل روايته»قطارات مراقبة جيدا«إلى في اللحظات الحرجة أفكار في غاية العمق. كاتب من العراق مقيم في عمان العدد - 30 يوليو/ مت وز

78 كتب من هم الالجئون تكثر حاليا النصوص واألبحاث التي تتناول الالجئين وتصنيفاتهم إلى جانب محاوالت جوين سمعان كتاب عن الوضعية القانونية لالجئين في فرنسا تفسير سلوكهم وأسباب رحيلهم وخياراتهم المستقبلي ة إال أن أكثر التساؤالت المطروحة هي المرتبطة بسؤال»من هم الالجئون «ومحاولة اإلحاطة باألجوبة سواء كانت قانوني ة أو ثقافي ة أو اجتماعي ة هذا السؤال يرتبط حاليا ليلى العمري بأنظمة التشريع الدولية والداخلي ة في الغرب إذ تطورت هذه التشريعات على مر التاريخ المعاصر في سبيل احتواء الالجئين وإخضاعهم ألنظمتها هذه التساؤالت حول مفهوم الالجئين قانونيا نقرأها في كتاب»تعريف الالجئين«الصادر هذا العام عن دار ideésla vie des وفيه مجموعة من النصوص حول مفهوم الالجئين وتعريفاتهم القانوني ة على الصعيد الدولي من جهة وفي فرنسا من جهة أخرى التي شهدت اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان وتضمن حق اللجوء ضمن دستورها. غرباء أم الجئون يبدأ الكتاب بمقابلة مع مايكل أجير الباحث االجتماعي واألنثربولوجي أجرتها معه آن ماري ماديرا الباحثة في شؤون الالجئين ضمن القانون الفرنسي العام وفيها يناقش ويشير أن طلبات اللجوء و«الحكايات«سوريا كي تحصل على معاملة مختلفة تقام لالجئين سواء في فرنسا أو بجانب أجير مفهوم الالجئين ضمن نصوص القانون الفرنسي المقدمة إلى محاكم اللجوء يتم توليدها هذه التغيرات مرتبطة بطبيعة السياسة بالدهم األصلية أو حتى ضمنها ومدة والحق باللجوء ودور اتفاقية دبلن في ذلك إذ يتناول أجير خصيصا لنيل حق اللجوء أي هي تضافر الفرنسي ة وخصوصا أن»التهديد بالخطر سريان اتفاقية دبلن في هذه الحاالت التغيرات القانونية المرافقة لموجات الهجرات المختلفة المرتبطة بكل من تركوا بالدهم واتجهوا نحو فرنسا منذ جهود الفرد والمؤسسة المسؤولة عن إنجاز طلبه والمساعد االجتماعية ما يجعل الفرد الشخصي«المرتبط باللجوء في فرنسا يرى أن أغلب السوريين تركوا بالدهم خوفا وخصوصا أن البعض ي حرم من حق اللجوء فيها بسبب قصور القوانين الدولية في القرن التاسع عشر بوصفهم الجئين إلى جانب التعديالت القانونية المختلفة المرتبطة بذلك وخصوصا االختالفات خاضعا لخطاب قانوني ي نمذجه ليتم قبوله كالجئ عمليات النمذجة هذه تشكل عائقا من نظام دكتاتوري يد عي العلماني ة ومن نظام ظالمي آخر يتمثل بداعش وهذا ما المخيمات كحاالت موجودة في األردن ولبنان بالنسبة إلى سوريا أو المخيمات بين المصطلحات المرتبطة باألفراد»الغرباء«الذين يدخلون أحيانا لمن يستحق بوصف البعض لم يشهد يختلف عن الهجرات من المناطق األخرى الموجودة في أفريقيا كما في كينيا هذه أوروبا هل هم»الجئون«أم»منفيون«أم»مهاجرون«بعينيه أو يتعرض لما تمر به بالده وكأن كأفغانستان وإيران التي يهرب سكانها المخيمات تجعل حضانة الالجئ القانوني ة يشهد العالم أزمة الجئين تعتبر من األكبر منذ الحرب العالمي ة الثانية اآلالف يتركون بالدهم عابرين الحدود بأنواعها في سبيل الوصول إلى بر األمان وأحيانا دون حتى هدف الوصول إلى أي مكان مجر د الرحيل بعيدا عن أسباب الموت وطلبا للحياة الكريمة هذه الهجرات شكل ت صدمة للعالم الغربي وللدول المجاورة لبلدان الالجئين حيث تنوعت سياسية كل من تلك البلدان بين إغالق الحدود كليا ومنع دخول الالجئين أو وضع شروط متباينة في الشدة في سبيل قبولهم وتوطينهم ومنحهم حقوقهم المختلفة. مناقشا اإلحاالت والمعاني االجتماعية والقانوني ة المرتبطة بكل من هذه التصنيفات وخصوصا أن البعض يختار أن ينفي نفسه أو أنه يرفض النظام السياسي في بلده فيقرر الرحيل عنه لتكون الخسارة طوعي ة ال كحاالت الحروب والصراعات المسلحة. الالجئ الكاذب يناقش أجير الحقا مفهوم الالجئ الكاذب أي من يستغل تعريف الالجئ القانوني ليكذب عم ا حدث معه لينال حق اللجوء ما يترك القانون أحيانا هشا ويمكن استغالله سلبيا القانون يستهدف الناجين فقط من الموت المحت م أشبه بمفاضلة بين احتماالت الموت وعلى أساسها يتم نيل اللجوء. بين األحقية والتسامح تطرح باقي نصوص الكتاب عالقة فرنسا مع الالجئين قانونيا والتي تتغير بحسب األفواج الجديدة من الالجئين وخصوصا في ظل الثورة السورية حاليا ومقارنتها بالحالة الكمبودية سابقا إذ من نظام إسالمي وصراعات مسلحة وهذا ينعكس على حق اللجوء الدستوري التي تقدمه فرنسا والذي يندرج تحته المدافعين عن الحريات بوصف فرنسا تقدم قانونيا حق اللجوء لمن يدافع عن الحرية والعدالة ضد الطغيان وانتهاك حقوق اإلنسان وهو ما يختلف عن حاالت اللجوء األخرى المرتبطة باالنتماء الديني أو العرقي والميول الجنسية. هشة ومن السهل تجريده من حقوقه ما يخلق مشكلة أكبر بحاجة لتضافر دولي و إقليمي لحل ها وخصوصا أن الهجرات الجديدة ل«الالجئين«مختلفة عن تلك التي شهدتها أوروبا أثناء الحرب العالمي ة الثاني ة المرتبطة بهجرات اليهود فهي هجرات بيضاء أما المهاجرون اآلن فهم م س تعمرون سابقون وهاربون من أنظمة دكتاتورية خلفتها األنظمة اال ستعماري ة ما يجعل أنظمة االندماج أحيانا أشبه أحيانا بأنظمة ويؤكد شبه استحالة معرفة متى يكون»الالجئ«كاذبا أو أن تراتبي ة الحصول على اللجوء في ساكنو المخيمات تأهيل ذات جوانب عنصرية أو دوني ة. ال أي مدى عقالنية وتماسك حكايته وحقيقة تعرضه فرنسا تتغير فيما يتعلق بزمن الحصول يتطر ق الكتاب أيضا إلى حاالت أخرى من لخطر»يهدد حياته الشخصي ة«دفعه للرحيل عن بالده على األوراق القانونية إذ يكفي أن تكون اللجوء المتمثلة بقاطني المخيمات التي كاتبة من سوريا مقيمة في باريس العدد - 30 يوليو/ مت وز

79 كتب المختصر كمال بستاني العالم يرتد إلى الوراء خمسة عشر مفكرا من مختلف الثقافات يلتقون في كتاب بعنوان«عمران يونس مثلما صارت الصور والموسيقى واالنفعاالت تجوب الكوكب في وقت وجيز. ورغم وجود عصر االرتداد«للحديث كل من جهته عن دخول العالم في دوامة من مواقف متطرفة تستند إلى أيديولوجيات التقلبات عقب سقوط جدار برلين وتكذيب ما ذهب إليه فوكوياما في دينية وسياسية ال تنفك معتقدات البشر»نهاية التاريخ«. ذلك الحدث شكل نقطة فارقة بين عصرين عصر التوق تدلل عن أن تكون عوامل قيمية متضاد ة إلى عولمة تقر ب الناس بعضهم من بعض وعصر االنتكاس والعودة إلى بل إنها صارت تشترك بفضل العولمة في الوراء بظهور أحزاب يمينية متطرفة وأفكار ديماغوجية كالتي يمثلها الروحانية والكاريزماتية واألصولية ما ترامب والدعوة إلى استرجاع السيادة كما في البريكسيت البريطاني يشكل في رأيه حضارة واحدة تقريبا. هذه والنزوع إلى الفاشية واالستبداد كما في بعض بلدان أوروبا الشرقية الحضارة الواحدة تعاني من تفاوت فظيع كالمجر وبولندا والدعوة إلى العظمة والصفاء القومي على غرار ما ينادي على المستويين االجتماعي واالقتصادي به بوتين في روسيا ونارنرا مودي في الهند إضافة إلى حمالت كراهية وخوف هووي ولدا أشكال عنف غير واسعة لألجانب وجرائم عنصرية متكاثرة وتصل ب الخطب السياسية مسبوق ولكن المتسبب فيها لم يعد ذلك ورواج نظرية المؤامرة وعهد ما بعد الحقيقة والدعوة إلى إقامة جدران اآلخر بعد انخرام الحدود. عازلة. سلطة الناهبين الفاشية وسبل التعرف عليها»التعرف على الفاشية«ألمبرتو إيكو منذ بعد»ليوناردو وماكيافيلي«و«ما يستطيعه التاريخ«صدر له كتاب جديد من يحكم العالم»من يحكم العالم «كتاب جمع ثلة من»الناهبون في السلطة«كتاب جديد لعالمي االجتماع ميشيل بانسون هو مقال من جملة خمسة مقاالت كان بعنوان»صيف مع ماكيافيلي«يكشف لنا الصحافيين والكتاب تحت إشراف برتران وزوجته مونيك فيه توصيف صائب ألولئك الذين يستغلون السلطة الفيلسوف اإليطالي نشرها ضمن كتابه فيه عن حقيقة أن ماكيافيلي كان مؤرخا بادي األستاذ بمعهد العلوم السياسية ليس لنهب مقدرات بلدانهم فحسب بل لالستيالء حتى على مستقبلها.»خمس قضايا أخالقية«يتحدث عن تجذ ر وشاعرا ومسرحيا وفيلسوفا وعالما سياسيا بباريس ودومينيك فيدال المؤرخ انطالقا من الواقع الفرنسي وقادته الذين يعبدون المال أكثر من عبادتهم الفاشية في حياة البشر منذ القدم وهو ما قبل األوان يعشق الفنانين والمهندسين والصحافي المتخصص في القضايا أي أيديولوجيا أخرى يبين الزوجان باألدلة والبراهين كيف تحو ل المال يطلق عليه مصطلح»أور فاشية«)نسبة واألطباء ومصممي الخرائط مثلما يعشق الدولية يحاولون فيه اإلجابة عن السؤال: إلى سالح دمار شامل في أيدي أرستقراطية المال المتواطئة مع السلطة إلى مدينة أور التاريخية( بما يعني الفاشية األسفار التي أثرت تجربته. المفارقة أن من الذي يحكم العالم اليوم بعد نهاية بشكل يجعلها ت خضع كل قرارات الماسكين بالحكم إلى أهوائها وت كسب البدائية الخالدة التي ال تزال حاضرة رجال السياسة الذين صادفهم خيبوا ظنه الشيوعية وقيام عصر العولمة والثورة أولئك القادة المرتشين نوعا من االستهتار بكل القيم كما في مثال فرنسوا بيننا في لباس مدني أحيانا. والكاتب إذ فمهدوا له أسباب ابتكار أمير من ورق. الرقمية سؤال يبدو غريبا إلى حد يثير فيون الذي حافظ على ترشحه رغم االتهامات الخطيرة التي وج هت له يستحضر ذكرياته الخاصة تحت الفاشية والسؤال الذي يطرحه الباحث ليس لماذا تأويالت المؤمنين بنظرية المؤامرة ال سيما ومارين لوبان التي رفضت المثول أمام التحقيق ودونالد ترامب الذي حينما كان صغيرا وهو المولود عام 1932 ألف ماكيافيلي هذا الكتاب بل لمن كتبه. على الشبكة. ومن هنا كانت أهمية تحليل يرفض ما كان األميركان صادقوا عليه للمحافظة على البيئة. ألن المال يقوم بتحليل بنيوي ألربعة عشر نوعا من لألمراء أم للذين يقفون ضدهم ثم ما هو الميكانيزمات الكبرى للوقوف على خمس في شرعه أهم من طبيعة سليمة. الفاشية البدائية الخالدة غايته أن يساعد فن الحكم هل االستيالء عليه أم االحتفاظ معطيات حساسة في المنظومة العالمية األديان والعنف الناس على كشف أولئك المندس ين في شتى المواقع والمتخفين خلف ألف قناع به ثم ما الشعب هل يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه هي العادات الديني المؤسسات الدولية االقتصاد والعولمة وغض النظر عن جديد كلود حجاج أستاذ اللسانيات في الكوليج دو فرانس كتاب بعنوان»األديان والكالم والعنف«يتحدث فيه عن عالقته باللغة من جهة وعن وقناع فواجبنا كما يقول أن نميط اللثام عنهم ونوج ه إليهم إصبع االتهام كل يوم صدام الحضارات لن يقع مختلف أشكال الحكم. ويتبين أن الدول لم تعد وحدها التي تدعي السيطرة على العالم رغبته في فهم األسباب التي تقود البشر إلى اإليمان بإله من جهة ثانية. ثم في كل مكان من العالم حتى نمنع عودتهم صار مصطلح»صدام الحضارات«ألن العولمة خلقت التحرك وهزت العالقات ينتقل إلى البحث عن العالقة بين اللغة وعنف األديان تلك األديان التي إلى مراكز القرار. ملتقى مشتركا عند الحديث عن القضايا االجتماعية وولدت تبعيات جديدة إذ جاءت لتفس ر عالما غامضا ووجودا ملتبسا يفترض أن توح د البشر بدل أن تفرقهم وتؤلف بين قلوبهم عوض أن تجعلهم يواجهون بعضهم بعضا ماكيافيلي الخالد الجيوسياسية والدين والهوية الوطنية. في كتابه»حرب الحضارات لن تقع«يبي ن باتت الشركات متعددة الجنسية تتحدى السيادات الوطنية ما أوجد تشظيا في بشتى وسائل القتل. عبر خمسة فصول محكمة التوثيق يتناول عالم باتريك بوشرون جامعي وكاتب ومؤرخ الفيلسوف رفائيل ليوجييه أن تلك ليست الحكم وتشابك تبعيات معقدة. اللسانيات بالدرس والتحليل أديان التوحيد الثالثة وكذلك معتقدات الشرق األقصى وفلسفاته كالبوذية والزرادتشية والكونفوشيوسية وأستاذ محاضر بالكوليج دو فرانس متخصص في العصر الوسيط وفي عصر سوى خدعة أمام واقع الحضارة الشاملة المتولدة عن اشتداد المبادالت القارية. من االنحراف إلى الجهاد والهندوسية والطاوية بحثا عن العالقة بين العقيدة والعقالنية والعالقة النهضة ال سيما في إيطاليا وهو ما أه له فاالستعماالت التقنية والممارسات الغذائية»حي دان مراهقين«كتاب جديد لعالمة بين مفهومي الدين والعنف من خالل الكتب السماوية المعروفة. إلى رئاسة المجلس العلمي الفرنسي بروما والدروس الجامعية صارت ذات نمط موح د التحليل النفسي دانيال إبستاين هو حصيلة العدد - 30 يوليو/ مت وز

80 كتب المختصر رسالة باريس عملها السريري مع مراهقين معرضين لخطر التشدد عقب جنحة تقودهم أمام القضاء. ذلك أن مسار هؤالء المراهقين صار اليوم معروفا ففي غياب بنية اجتماعية وتربوية تنصت لمشاغلهم وتحسن توجيههم عادة ما يجنح هؤالء الفتية والفتيات إلى العنف والتشرد إلى أن يقعوا ضحايا رجال أو نساء يلقنونهم أيديولوجيا الكراهية والعنف ثم يوجهونهم إلى بقع التوتر فيتحولون من منحرفين إلى مجاهدين وإرهابيين. أهمية الكتاب ال تكمن في توصيف الظاهرة بعد أن أصبحت معروفة ولكن في سبل وقاية الشباب منها عبر فتح أبواب أمل كااللتحاق بالورشات الفنية والمساهمة في األنشطة الرياضية والثقافية والخضوع لعمليات تكوين تعليمية ومهنية للحصول على مؤهالت تسمح باالندماج في النسيج المجتمعي. السعي إلى موسوعة األنوار جديد الروائي اإلسباني عضو األكاديمية الملكية اإلسبانية أرتورو بيريث ريفرتي رواية عنوانها»رجالن طيبان«. رواية يأتلف فيها الخيال والحقائق التاريخية الموثقة تروي رحلة شاقة أداها رجالن طيبان إلى باريس للحصول على الموسوعة الفرنسية بأجزائها الثمانية والعشرين نزوال عند طلب األكاديمية الملكية اإلسبانية رغم أن تلك الموسوعة كانت محظورة في إسبانيا. يبرع الكاتب في تصوير تلك الرحلة الشاقة من مدريد إلى باريس ال سيما أن الطريق كانت محفوفة بمخاطر ليس أقلها قطاع الطرق ووصف الحياة الخليعة في مدينة باريس في أواخر القرن الثامن عشر بصالوناتها ومقاهيها ومكتباتها وتفسخ أهلها واضطراباتها السياسية. ولكن الصعوبات لم تزل بوصولهما إلى باريس إذ اكتشفا أن نسخ الموسوعة نفدت وأن جانبا من أعضاء األكاديمية اإلسبانية كان يعارض فكر األنوار فأرسل في أثرهما جاسوسا إلفشال العملية بشتى الطرق. دروس هايدغر األولى صدر مؤخرا كتاب بعنوان»نحو تحديد للفلسفة«جمع درسين أولين كان ألقاهما هايدغر عام 1919 في جامعة فريبورغ أي بعيد هزيمة ألمانيا حاول من خاللهما اإلجابة عن األسئلة: ما معنى التفلسف في زمن أزمة هل يكفي الرجوع إلى القيم للهروب من شد ة الحاضر ما هي الروابط بين الفكر والعلم والحياة هذان الدرسان يمثالن التعبير العلني األول لفكر يبحث عن كلمات ت نط قه ومنهجية للوصول إلى مجاله. وكان الشاب هايدغر يجادل معاصريه ال سيما أنصار كان ط الجدد عن مفهوم»الثقافة«التي فقدت جالءها بعد أعوام أربعة من العنف المدمر. من وراء نقد مصطلح الثقافة والقيم تبرز نية تقريب الفلسفة من المعيش في بعده اليومي الذي عادة ما تهمله نظرية المعرفة. وبصرف النظر عن الظرف التاريخي فإن الدرسين يعلنان بوضوح وبأسلوب بيداغوجي الحركات النظرية التي ستستعمل في»الوجود والزمن«أي عملية تفكيك للتقاليد الفلسفية وتساؤل عن معنى التاريخية وتحليل للحياة القلقة )التي ال تعرف ما ينقصها( وعودة إلى األشياء ذاتها بغض النظر عن اعتراضات العلم كرابط أساس بين الذات والعالم. عدو البيئة بعد»هومو إركتوس«)اإلنسان المنتصب( و«هومو هابيليس«)اإلنسان الماهر( و«هومو سابينس«)اإلنسان العاقل( ها نحن اليوم أمام مصطلح جديد هو»هومو ديتريتوس«)إنسان الفضالت( عنوان كتاب جديد للباحث باتيست مونساجون أي ذلك الذي يعيش في مجتمع الفضالت والبقايا والحطام وقد باتت كلها سمة إنسان هذا العصر حيث يكد س فضالته في مصب النفايات أو ينشرها على صفحات المحيطات أو يبثها في الجو في شكل هباءات ال مرئية. لقد كان اإلنسان في الماضي يردم فضالته أو يحرقها وصار اليوم يقلصها أو يعيد إنتاجها واستعمالها زاعما أنه يتخلص مما يسيء إلى البيئة بشكل قطعي ولكن ادعاءه يقول الكاتب كادعاء ذكور قبيلة»شاغا«الذين يزعمون أنهم ال يتبرزون أبدا. فبرغم الوسائل التقنية الحديثة ال تزال المؤسسات الصناعية تصنع عمى جماعيا. فهومو ديتريتوس الوجه المقنع لهومو إيكونوميكوس يوهم بأنه أنقذ كوكبنا ب«إلقاء الفضالت بشكل جيد«. كلنا أميركان»حضارة: كيف أصبحنا أميركيين«هو آخر ما صدر للفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه. يتساءل فيه عن الحضارة. ما هي كيف تنشأ وكيف تموت ويرى أن زوال الحضارة الفرنسية يساعد على اإلجابة عن تلك األسئلة. فمن خالل ال»سي آي إيه«إلى الراب ومن»بيت الورق«إلى»البارون األسود«ومن انتخاباتهم التمهيدية )برايمري( إلى انتخابات الفرنسيين )بريمير( نلمس تأثر الثقافة الفرنسية بالحضارة األميركية. بأسلوب طريف وساخر يربط دوبريه اليومي بتاريخ اإلنسانية الطويل ليذكر عالقة اليونان القديمة باإلمبراطورية الرومانية ويبين كيف أن انتقال الهيمنة يضيء لنا الحاضر بجالء. ذلك أن الحضارة في رأيه ليست سوى واقع متحرك. هي نظرة تأمل تنطلق ال محالة من الواقع الفرنسي المعيش في شتى تجلياته ولكنها تنطبق أيضا على شتى الثقافات التي تشهد غزوا أميركيا غير مباشر عن طريق السينما والموسيقى والرياضة واألكل واللباس والسجائر حتى ليصح القول من هذه الزاوية إننا كلنا أميركان. كاتبمنلبنانمقيمفيليدز/بريطانيا عامر العقيل قبلها نظريات المؤامرة والجهل اإلرادي تداول هواة المؤامرة سيناريو يخالف ما روته وسائل اإلعالم عن عملية شارلي إيبدو. وقبلها أيضا وضع الفرنسي تييري ميسان مؤسس شبكة فولتير أحداث الحادي عشر من سبتمبر موضع شك وألف كتابا بعنوان»الخديعة الكبرى«أكد فيه أال وجود ألي طائرة ضربت البنتاغون وأال وجود ألي إرهابي يقود الطائرتين اللتين قيل إنهما دم رتا برجي نيويورك وأن العملية كلها من تدبير أميركي. وقس على ذلك أحداثا أخرى يستعمل فيها أصحاب تلك النظرية حجاجا منطقيا متماسكا في أغلب الحاالت حتى ليصعب على اإلنسان العادي تكذيبه كما هو الشأن مع محاضرات فرنسوا أسولينو. ولكن قد يبالغون أحيانا حد الشطط كما حصل في زيلندا الجديدة حين استغل أحد المواطنين بندا دستوريا فأرغم رئيس الوزراء على االستظهار بما يدل على أنه آدمي وليس زاحفا متحو ال من سكان أبوبكر العيادي ما كاد الرئيس الفرنسي المنتخب إمانويل ماكرون يصعد المنصة التي أعد ت له قبالة هرم اللوفر ليلة فوزه بالرئاسة حتى تنادى القائلون بنظرية المؤامرة على شبكات التواصل االجتماعي ليؤكدوا أنهم رأوا في الشكل الهندسي للهرم البلوري الذي تنعكس عليه األضواء وفي قمته التي تعلو رأس الرئيس الشاب وفي حركات يديه وهو يتوجه إلى أنصاره ومناضلي حركته ما يقيم الدليل على أن الرجل واحد من جمعية المتنو رين )إل وميناتي( وهي فرقة سرية خيالية ينسب إليها تسيير العالم في الخفاء. الكواكب البعيدة متنكرا في هيئة آدمية ضمن مخطط يهدف إلى إخضاع الكرة األرضية واستعباد أهلها. وأذعن رئيس الحكومة عمال بأحكام الدستور فعرض نفسه على طبيب ثم بيطري أثبتا له أنه ال ينتمي إلى فصيلة الزواحف ال األرضية وال الماورائية. أو أنهم ينكرون حقائق علمية راسخة كالزعم بعد بطليموس بأكثر من ألفي عام بأن األرض مسطحة وأنها مركز الكون وأن الشمس هي التي تدور حولها كل يوم من المشرق إلى المغرب. كما يعتبرون االحتباس الحراري خدعة وأدوية التلقيح مؤامرة صيدالنية تقود إلى االنطوائية. أي أنهم يشكون في العلم أو ينظرون إليه كمجرد أيديولوجيا. والسبب ليس الجهل بل الجهل اإلرادي كما يقول الفيلسوف األميركي لي ماكنتاير. وال يهم أن يدحض الواقع اد عاءاتهم بل إن ذلك ال يزيدهم إال تشبثا برأيهم واإلمعان في الطريق التي سلكوها. في كتاب»عندما تخطئ نبوءة«الصادر عام 1956 وهو من كالسيكيات علم النفس االجتماعي قام ليون فيستنغر وهنري ريكن وستانلي شاشتر بتحليل ردة أفعال الذين يؤمنون بعقيدة ما إيمانا راسخا بعد أن يتضح زيفها. اشتغلوا على سلوك ن حلة ت دعى سيكيرس كانت تنذر بوشك تفجر طوفان يجرف العالم بأسره باستثناء المؤمنين الحق فتخل ت عن كل م رت خص وغال والذت بأماكن محددة سوف تأتي منها مراكب فضائية لتخل ص أفرادها ولكن لم يحدث شيء مما كانت تتوق عه. وبدل أن تعدل عن اعتقادها الزائف ازدادت اعتصام ا به ودعوة إليه. وهو ما اصطلح أولئك الباحثون على تسميته ب«التنافر المعرفي«أي في حالة التعارض بين العقيدة والواقع نحاول التكي ف بإنكار الواقع. وهو ما لخصه فيستنغر في قوله»إنسان ذو قناعات هو إنسان صعب تغييره. إن أعربت له عن اعتراضك أدار لك ظهره. وإن أريت ه وقائع وأرقاما سألك عن مصدرها. وإن استدعيت المنطق أجابك أن ذلك ال يعنيه«. قال قولته العدد - 30 يوليو/ مت وز

81 رسالة المختصر باريس تلك قبل أن يبتكر بيتر وازون مصطلح تعرض نفسها على كل مبحر في الشبكة الحدود. رغم أنها تقوم على ثنائية مانوية»انحراف تأكيد«للداللة على ظاهرة حتى من ال يرغب في االطالع عليها. وهو وعلى ما يسميه المتخصصون»انحراف إيثارنا المعلومات التي تسير في اتجاه ما يؤكده عالم االجتماع جيرالد برونر في قدرة اإلنسان على الفعل في العالم«. رؤيتنا للعالم وتجاهل ما يعارضها. كتاب جديد بعنوان»ديمقراطية الس ذ ج«فاألحداث الكبرى في رأي المؤمنين والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف وصل ففي رأيه أن نظريات المؤامرة واألخبار بنظرية المؤامرة وراءها بالضرورة أسباب األمر إلى هذا الحد في مجتمعات متقدمة الزائفة ليست جديدة ولكنها كانت في كبرى وما يتجل ى على السطح تتخذ صارت تستهين بالحقيقة وال تتورع عن الغالب محصورة في فضاءات راديكالية. قراراته في الخفاء قوى غيبية وتحر ك الحديث عن عصر»مابعد الحقيقة«أي أما اليوم فقد اجتاحت الفضاء العام ال خيوطه أياد مجهولة. وما زال ثمة من عصر يستوي فيه الشيء ونقيضه ويصبح سيما أن المدافعين عنها متحم سون أكثر يعتقد إلى اليوم أن بيرل هاربر ذريعة الكذب الفادح وسيلة لتبرير الفشل بدعوى من المواطنين العاديين لفرض وجهة أميركية لمحاربة اليابان وأن االتحاد المؤامرة كما فعل مؤخرا مرشح اليمين نظرهم. وعدم تماثل الحماس هذا يلعب األوروبي صنيعة الواليات المتحدة وأن فرنسوا فيون حينما أعلن عن وجود دورا حاسما في انتشار سرعة التصديق فالتر هالشتاين أحد اآلباء المؤسسين»مكتب أسود«في قصر اإليليزيه يديره إذ أن عددا قليال من المتحمسين يمكن ألوروبا كان رجل قانون كلفه هتلر بتصور الرئيس هوالند. أن يجد آلرائه صدى داخل اإلنترنت»أوروبا جديدة«مع موسوليني.. والجواب الذي يتبدى ألهل الذكر يكمن أكثر مم ا في الحياة االجتماعية. ألن يقول جيرالد برونر»إن ديمقراطية السذ ج في تغير وسيلة التوزيع والترويج عم ا اإلنترنت كما يقول ديمقراطية عجيبة أحد تحديات عصرنا الكبرى وليس لنا كانت عليه من قبل فبفضل اإلنترنت فهو يسمح لبعض مستعمليه بالتصويت من حل لمواجهتها إال بإعادة االعتبار لم تعد للناس آراء مختلفة بل صارت ألف مرة فيما ال يصو ت غيره أبدا. ولما إلى العقالنية كأساس لكل ديمقراطية«. لهم أحداث مختلفة حيث مكنت كان المؤمنون بنظرية المؤامرة يصو تون غير أن دان كاهان أستاذ علم النفس التكنولوجيا سائر سكان المعمورة من بانتظام فالكفة في صالحهم على الدوام. بجامعة ييل األميركية يذهب مذهبا آخر ممارسة عملية االتصال التي كانت حكرا على وسائل اإلعالم ولكنها في المقابل وبما أن هذه السوق المعرفية تسمح ألي كان بعرض خبر أو معلومة في الفضاء ففي رأيه أن المشكل ليس ألن الناس يفتقرون إلى العقالنية والمعرفة بل ألنهم شج عت رؤيتهم الضيقة للعالم بدفعهم العام فقد خلقت تنافسا مطردا تتسابق يستعملون العقل لتأكيد موقعهم داخل إلى البحث عن أشباههم في شبكات فيه األطراف لتقديم الجديد وزادت في المجموعة. وكلما كانوا أذكياء كانوا أقدر التواصل االجتماعي وبذلك خلقت سرعة انتشار المعلومات غير المنتخبة ما على إقامة الحجة لصالح موقفهم أي»قبلية جديدة«بعبارة الكاتب والصحافي ينعش إمبراطورية المعتقدات إذ صارت أن الذكاء عندهم يصلح قبل كل شيء الجنوب أفريقي فرهاد مانجو. ويكمن أساطير المؤامرة تظهر سويعات فقط بعد لتدعيم األفكار المسبقة. وهذا معناه أن أيضا في األيديولوجيا التي ال تزال تهيمن وقوع األحداث. وما يمنحه اإلنترنت لتلك المشكل ليس بالسهولة التي نتصور وأنه على العقول فالناس ال يزالون يقفون الميثولوجيات التآمرية هو زمن تخمر باق ما بقي في الكون وجود بشري. من القضايا حتى وإن كانت عن انقراض وحضانة محدود ما يجعل عدد المواضيع وصفوة القول إن من يرتابون من السلطات بعض األجناس والتصح ر وتغير المناخ التي يمكن أن تثير معتقدات وإشاعات يؤمنون بالمؤامرة بسهولة رغم مستواهم وفق انتمائهم األيديولوجي وكأن في ونظريات مؤامرة أكبر ويزيد بصفة التعليمي. فهم إما يشعرون بالعجز ذلك الموقف عالمة وفاء. وكل فريق على آلية كمية المعتقدات التي تشغل الفضاء سياسيا إزاء العولمة أو هم ال يعرفون من الشبكة يسعى إلى إلغاء كل من ال ينسجم مع رؤيته للعالم. االجتماعي. لقد عرفت أساطير التآمر المعاصرة كيف يتخذ القرار فعال عالوة على شعورهم بعدم الرضى عن الحياة التي يحيونها أمل بشري ثم إن العالم صار يعيش أزمة حقيقة تنم ي اإلمكانات التي تقدمها تكنولوجيات وعدم قدرتهم على تغييرها نحو األفضل بسبب اإلنترنت الذي لم يضاعف من كمية االتصال الحديثة لتضاعف انتشارها في ظل كساد اقتصادي مستحكم وأزمة األخبار الزائفة فقط بل أكسب حضورا غير مستغلة انخرام سوق المعلومات. وصرنا اجتماعية تستعصي على الحل. مسبوق للمحتويات التآمرية التي كانت نرى هيمنة أفكار خاطئة ورواجها في فيما مضى تتنقل بشكل سري كالبضائع شتى األوساط كحقيقة ال تقبل الجدل كاتب من تونس مقيم في باريس المهربة وأصبحت اليوم علنية تقريبا ألنها ما عادت تجد»رجال جمارك«يراقبون العدد - 30 يوليو/ مت وز

82 أدب الشغف هيثم الزبيدي من الشاطر حسن إلى حياتنا الجنسية في 18 عاما 160 هدهدة األم وروايتها لحكايات قصيرة لطفلها الصغير بين ومطالعة شاب يافع لعمل روائي ثمة 18 عاما تنتظر ما يملؤها من أدب قصصي ورسوم وكوميكس )القصص المصورة( ونصوص المغامرات والروايات المبسطة. خالل العقود األخيرة توسعت القائمة لتشمل ما يمكن تحويله من تلك القصص إلى أعمال بصرية متحركة للشاشة أو لأللعاب االلكترونية. إنها مهمة شاقة فعال. عقول األطفال تنمو بصورة متفاوتة مثل أجسادهم. وهم يمر ون بمراحل مختلفة. وما يعجبهم اليوم يكرهونه في الغد. واألسوأ في كل هذا أن من يكتب أدب األطفال عادة ما يكون في عمر بالغ وأن ما لديه من ذكريات عن طفولته وما كان يحبه وهو في تلك المراحل العمرية المتسارعة إنما هي صور انطباعية يعاد تشكيلها في عقله مرة بعد أخرى مثلها مثل الكثير من الذكريات التي يخز نها العقل بطريقته ويستعيدها كل مرة بزاوية مختلفة وصورة ثانية. الطفل أاذ ن تسمع أوال. عليك أن تجد ما ترويه له وينصت إليه تحريكا لخياله. القصص يجب أن تكون مثيرة ولكن بسيطة. تحتاج أن تكون القصة قصيرة وبحبكة ساذجة تترك له المجال ليكو نها في عقله البسيط. أذنه تحب التكرار أيضا لهذا نرى األطفال الصغار يطلبون إعادة رواية القصص. إنهم يركبون خيالهم الخاص ولهذا هم يعيدون اإلنصات لكي يركبوا القصة من على لسان األم أو الجدة مع شريط الخيال لديهم. الشاطر حسن يذهب معهم إلى األحالم. المشاغب جريق عليه أن يترب ى ويتعل م كيف تكون معاملة الكبار وأن يستمع إلى نصائحهم. الطفل عين ترى ثانيا. لم يصل إلى مستوى القراءة لكنه يجيد فهم الصورة. الكتب المصورة فيها القليل من الكالم والكثير من الصور. والراوية تحرك إصبعها وهي تقرأ لكي يربط الطفل بين ما يسمع وما ترى عيناه. الكاتب والرسام اللذان أعدا الحكاية ال بد أن يضعا هذا بنظر االعتبار. الطفل شغف ينمو ثالثا. ما إن يتمكن الطفل من ربط الصورة بالنص حتى تراه يذهب إلى القصص المصورة. ما أجمل تلك الفقاعات التي تحوم فوق رؤوس الشخصيات في القصص المصورة. إنها عالم كامل أشبه ما تكون بشريط أفالم. اسأل أي طفل/صبي عن الكوميكس وسترى ولعا وحبا كبيرا ال يضاهى مع األنماط األخرى من النتاجات األدبية. الكوميكس تشبه شغفه بالعالم بخروجها عن الحكايات البسيطة إلى دنيا تشبه الواقع حتى وإن ازدحمت بالخيال. ما العيب في أن يتمكن سوبرمان من أن يطير ما المشكلة في أن يحل تان تان والكابتن هادوك كل هذه األلغاز وهما يجوالن العالم مقالب سمير وتهته هي تصوير لمقالب البيت والشارع والمدرسة عنده. بطة اسمها بطوط تسوق سيارة. كل األبطال العظام يرتدون أقنعة لكي يخفون شخصياتهم الحقيقية في الواقع ويحمون أصدقاءهم من انتقام األشرار. الطفل/الصبي متذو ق رابعا. رب ما ال يتذو ق النص األدبي الروائي كما الكبار ولكن بالتأكيد سيستمتع في أن يقرأ نصوصا من المغامرات الحياتية أو البوليسية ويرسم في عقله صورة تشبه الكوميكس. سلسالت مثل»المغامرين الخمسة«أو»الشياطين 13«ترب عت في عقول الصبيان. هي من وجهة نظرهم على األقل أول تعر فهم على العالم الروائي. ما هي الرواية بالنهاية لهم ولغيرهم إنها نص يبدو لك كنافذة على مشهد ترسمه بعقلك. الصبي اليافع يحب المغامرات وتجتذبه. الكبير البالغ يذهب أبعد في سبر تفاصيل الحياة. الصبي ال يريد أن يعرف أكثر من أن تختخ في»المغامرين الخمسة«سمين وذكي وأن لوزة طريفة. والكبير يريد أن تتطو ر الشخصية وهو يتابعها روائيا وال يكتفي بانطباع أولي. الصبي ليس ساذجا ولكنه يبسط الفهم ويتعامل مع الشخصيات في القصص والروايات التي يقرأها كما يصنف زمالءه في المدرسة هذا محبوب وهذا متنم ر وهذا شاطر وذاك رياضي. المراهق تحركه الهرمونات خامسا. ها هو على أبواب البلوغ وينتظر أن يقرأ ما يشرح له هذه الخفقات في صدره. اآلن يسخر مما كان يسمعه ويشاهده ويقرأه ويتخيله قبل سنة. يريد أن يعرف )أو تعرف( عن العالم المعقد الذي يقف على أبوابه وال وقت لديه يضي عه في التسلية. قبل أن يقرأ رواية»الحرب والسالم«لليو تولستوي يريد أن يستكشف نفسه بمطالعة كتاب»حياتنا الجنسية«لصبري القباني. من دون فهم الشريط الزمني الذي يمر به الطفل والصبي والمراهق قبل أن يصبح شابا يستطيع أن يستطلع العالم الروائي المكتوب للكبار سيصبح من الصعب الحديث عن أدب لألطفال وستمتلئ مطبوعاتنا كما الكثير منها اآلن بكتب الوعظ االجتماعي والديني الصادمة لعقول غضة ت قحم إقحاما في قضايا كبرى وهي ما تزال في مقتبل فهمها لما يدور من حولها كاتب من العراق مقيم في لندن العدد - 30 يوليو/ مت وز