واألنماط المناخ السكنية في سهل تهامة بمنطقة جازان عائشة علي محمد عريشي. أستاذ المناخ المشارك جامعة جازان مستخلص البحث يعد المس

النسخ

1 واألنماط المناخ السكنية في سهل تهامة بمنطقة جازان عائشة علي محمد عريشي. أستاذ المناخ المشارك جامعة جازان مستخلص البحث يعد المسكن احد أهم الركائز األساسية لإلنسان فهو المكان الذي يأوي إليه بقصد ال ارحة النفسية, كما أنه المكان الذي يحميه من الظروف والمخاطر والمؤث ارت البيئية, ويعد المناخ من أهم العوامل المؤثرة في نمط وشكل المساكن, ونظ ار للتباين المناخي على سطح األرض الذي تولد عنه أقاليم مناخية متباينة, مما أنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على األنماط السكنية التي تأثرت بدورها بالمتغي ارت الثقافية والفكرية في النطاق المناخي المحيط مما جعل األنماط السكنية تعد انعكاسا للمتطلبات المناخية سواء كان ذلك في مساكن بسيطة أو متطورة. يقع سهل تهامة في الجزء الجنوبي الغربي للمملكة ويمتد من ساحل البحر األحمر إلى حافة المرتفعات الجبلية الواقعة شرقا, ويتميز السهل بالمناخ شبه المداري حيث ترتفع درجة الح اررة والرطوبة على مدار العام, ويعد المدى الح ارري ضئيال ليس فقط بين شهور الصيف والشتاء بل أيضا بين الليل والنهار. وقد مرت األنماط السكنية في سهل تهامة بمرحلتين. تمثلت المرحلة األولى في األنماط السكنية القديمة التي كانت سائدة قبل التغير االقتصادي واالجتماعي للمنطقة, والتي كانت ترتبط ارتبطا وثيقا بالظروف المناخية, وقد تميزت فيها المساكن بالبساطة واالنسجام المباشر مع الظروف المناخية المحيطة بها من جهة ومع احتياجات السكان من جهة أخرى, إذ اعتمدت األنماط السكنية آنذاك على الخبرة المحلية في تطوير النسيج العم ارني من خالل المعالجات المناخية التي لم تكن وفق مخططات مسبقة, 1

2 إذ عكست تلك الثقافة أنماط سكنية تتوافق مع بيئة المنطقة وظروفها المناخية من خالل أنماط المساكن المنفتحة على الخارج. أما المرحلة الثانية من األنماط السكنية فهي األنماط السكنية الحديثة التي ارتبطت بعصر التنمية حيث تغيرت معها األنماط السكنية وفق اعتبا ارت جديدة مع دخول خدمة الكهرباء واالعتماد على مخططات سكنية مسبقة ومواد البناء االسمنتية والمستوردة والبيوت الزجاجية مما جعل الثقافة السكنية تتجه نحو األنماط السكنية المغلقة والمتجهة إلى الخارج. تتمثل أهمية الد ارسة في تحليل مدى توافق األنماط السكنية القديمة والحديثة مع الظروف المناخية لسهل تهامة, مع التركيز على األنماط السكنية الحديثة التي تعد المعالجات العم ارنية بها وفقا لظروف المناخ ضعيفة جدا. الكلمات المفتاحية: المناخ األنماط السكنية المعالجات المناخية - سهل تهامة. 2

3 Climate and housing styles in Tihama plain - Jazan Province Ayisha Ali Mohammed Arishi. Associate Professor - Jazan University aiarishi@jazanu.edu.com Abstract. Housing is one of the most important fundamentals of human life, because, it is the place that protects man from natural influences. Patterns and shapes of housing have been effected by climate variability in different countries. The Tihama plain is located in the southwestern part of Saudi Aribia, it is characterize by high temperature and humidity during the year. Housing styles in the Tihama plain have undergone by two phases. The first phase consisted of old housing styles, which related to the climatic conditions. That reflected simplicity and harmony with local climatic environmental, and based on local experience in climate treatments. The second, phase is related to the modern housing, which is based on modern building materials. The rapid growth in housing during the past years makes climate treatments very weak. The aim of study is to analysis the climate treatments in old and modern housing styles, with emphasis on modern housing. Keywords: Climate - Housing Styles - climate treatments Tihama plain 3

4 المقدمة. يعد المناخ أهم العناصر البيئية تأثي ار في المسكن الذي هو احد الركائز األساسية التي ترتبط بحياة اإلنسان في أي مكان على سطح الكرة األرضية, حيث يلجأ إليه ويقضي به معظم أوقاته, ولذلك حرص اإلنسان عبر العصور أن يكون له مسكنه مبنيا وفق اعتبا ارت هامة تحقق له ال ارحة النفسية المالئمة للحياة, مثل الحماية من الظروف المناخية والمخاطر البيئية الخارجية. وقد انعكس التباين المناخي على سطح األرض وما تولد عنه من أقاليم وبيئات مناخية متباينة بشكل مباشر وغير مباشر على صياغة أشكال وأنماط سكنية متباينة وفقا للتغي ارت الثقافية والفكرية لإلنسان في ظل الظروف المناخية المحيطة سواء كان ذلك في نمط المساكن البسيطة والتقليدية أو في نمط المساكن الحديثة والمتطورة. ويقع سهل تهامة في منطقة جا ازن في الجزء الجنوبي الغربي للمملكة, ويتميز هذا السهل بظروف مناخية مميزة عن باقي مناطق المملكة حيث يغلب عليه المناخ شبه المداري, الذي يتسم بارتفاع درجة الح اررة وكذلك الرطوبة النسبية المرتفعة على مدار العام, كما يعد المدى الح ارري ضئيال ليس فقط بين شهور الصيف والشتاء بل أيضا بين الليل والنهار, وقد شهد هذا السهل نموذجين من األنماط السكنية, األنماط السكنية القديمة التي سادت قبل التغير االقتصادي واالجتماعي للمنطقة, وقد اعتمدت تلك األنماط السكنية على عامل الثروات الطبيعية المتوفرة من المواد الخام من جهة وكذلك عامل المناخ السائد في سهل تهامة من جهة أخرى إضافة إلى عامل الخبرة المحلية, هذه العوامل الثالث استطاعت أن تسهم في تطوير النسيج العم ارني من خالل المعالجات المناخية في االنماط السكنية حيث يتم ممارسة األنشطة اليومية في إطار هيكل اجتماعي أثر في أساليب تصاميم المساكن وفق الظروف المناخية السائدة. وعندما دخلت منطقة جا ازن عصر التنمية في المجاالت االقتصادية واالجتماعية خالل الثالثين السنة الماضية تالشت األنماط السكنية السائدة آنذاك, وحلت محلها أنماط سكنية جديدة جاءت تلبية لمتطلبات السكان المعيشية والسكنية التي ارتبطت بالتغي ارت االقتصادية واالجتماعية الحديثة, حيث برزت أنماط سكنية جديدة وحديثة معتمدة بشكل كلي على مخططات مسبقة, ومواد مستوردة مثل الحديد واالسمنت والزجاج, وفي ظل التسارع نحو أنماط سكنية حديثة والنظرة التجارية في بناء المساكن, وكذلك ضعف الكفاءات الهندسية في التصاميم المعمارية المدركة للظروف المناخية السائدة برزت أنماط سكنية تعتمد بشكل أساسي على الطاقة الكهربائية مما جعلها مريضة بيئيا من حيث التهوية واإلضاءة وال ارحة النفسية في حال انقطاع التيار الكهربائي, إضافة إلى زيادة االستهالك من الطاقة الكهربائية خاصة خالل شهور الصيف. 4

5 تسعى هذه الد ارسة إلى تحليل مدى مواءمة األنماط السكنية القديمة والحديثة للظروف المناخية السائدة في سهل تهامة, مع التركيز على األنماط الحديثة التي أصبحت حاليا السائدة كواقع سكني وتجربة سكنية غير ناضجة وغير متوافقة مع ظروف سهل تهامة المناخية, إضافة إلى توضيح سبل المعالجات المناخية التي تتطلبها هذه المساكن. أهمية الد ارسة. تعود أهمية هذه الد ارسة في كونها من الد ارسات القليلة التي اهتمت بالعالقة بين المناخ واألنماط السكنية, وقد ركزت تلك العالقة على سهل تهامة في منطقة جا ازن الذي شهد في السنوات األخيرة تغي ار كبي ار في الثقافة السكنية, وذلك من أنماط سكنية تقليدية تعتمد على المواد البيئية الخام التي شكلت مساكن متوافقة مع الحياة االجتماعية في ظل الظروف المناخية السائدة, إلى أنماط سكنية جديدة معتمدة على موارد حديثة ومخططات سكنية مسبقة لم تتوافق إلى حد كبير مع الظروف المناخية السائدة. لذا فإن هذه الد ارسة تعد بمثابة دعوة المصممين المعماريين إلى تصميم المخططات السكنية في سهل تهامة بمنطقة جا ازن وفقا للخصائص المناخية, إضافة إلى دعوة السكان إلى زيادة الوعي بأهمية م ارعاة الظروف المناخية عند تصميم المساكن, وذلك من أجل الحصول على مساكن ذات تصاميم مناسبة توفر ال ارحة النفسية لسكانها. أهداف الدر اسة. تهدف الد ارسة إلى تحليل مدى توافق األنماط السكنية القديمة واألنماط السكنية الحديثة مع الظروف المناخية لسهل تهامة في منطقة جا ازن, وفي ضوء هذا الهدف العام تنبثق األهداف اآلتية: تحليل األنماط العم ارنية القديمة ومدى توافقها مع الظروف المناخية السائدة. تحليل األنماط السكنية الحديثة, والمشكالت التي تواجهها فيما يرتبط بتكيفها مع الظروف المناخية المحلية. استخالص مجموعة من األساليب والمعايير والمعالجات المعمارية المناخية التي ينبغي تطبيقها في المساكن الحديثة للوصول إلى مساكن مريحة ومالئمة لل ارحة النفسية والفسيولوجية للسكان. 5

6 منطقة الد ارسة. أطلق العرب اسم تهامة على المنطقة الواقعة بين جبال الحجاز شرقا وساحل البحر األحمر غربا, وهي سهل منبسط بصفة عامة ممتد بشكل شريطي من الشمال إلى الجنوب, وتبدأ تهامة من جنوب جدة, ويزداد اتساعها كلما اتجهنا جنوبا نحو منطقة جا ازن. ويقع سهل تهامة في منطقة جا ازن بين دائرتي عرض 15 و 45 شماال, ويصل طوله إلى 170 كم بمحاذاة ساحل البحر األحمر, بينما يبلغ اتساعه ما بين 40 إلى 45 كم )السرسي والعريشي, 1995 م, ص 13 (, ويشغل حوالي 47 من مساحة منطقة جا ازن, )شكل 1(. ويشمل سهل تهامة المنطقة التي يت اروح ارتفاعها بين مستوى سطح البحر و 200 متر, حيث يتميز السهل بارتفاعه التدريجي كلما اتجهنا شرقا وتعترضه أحيانا تالل قليلة االرتفاع. ويمكن تمييز ثالثة مظاهر تضاريسية في سهل تهامة وهي أحواض الوديان والخبت والسباخ, وتمثل أحواض الوديان سهول واسعة تكونت على جوانب األودية, وترجع غالبيتها إلى تجمع رواسب الم اروح الفيضية الناتجة من الهبوط المفاجئ لألودية من سفوح جبال عسير شديدة االنحدار إلى السهل الساحلي بطئ االنحدار, وتتكون من مواد طميية ومفتتات مختلفة األحجام نقلتها المياه الجارية من المرتفعات إلى أسفل السهل, أما الخبت فيشكل غالبية مساحة سهل تهامة ويتمثل في األ ارضي السهلية الواقعة بين الوديان, ويتكون في الغالب من التربة الرملية, في حين تعد السباخ سهول ذات تكوينات ملحية تمتد بمحاذاة خط الشاطئ وتغطي بعض أج ازئه الكثبان الرملية باإلضافة إلى القباب الملحية ذات األهمية االقتصادية )المخطط اإلقليمي لمنطقة جا ازن, 2008 م, ص 8 (. ويتميز مناخ سهل تهامة بأنه شبه مداري, حيث ترتفع معدالت درجة الح اررة والرطوبة النسبية معظم فصول السنة, كما تتسم بصغر المدى الح ارري اليومي والذي ال يتجاوز في الغالب 11 درجة مئوية, ويصل المعدل الشهري للح اررة إلى 30 م, كما تت اروح الرطوبة النسبية بين 61 إلى 79, وتتميز بهبوب الرياح الموسمية, والتي ينتج عنها سقوط األمطار الصيفية والتي تزداد غ ازرة كلما اتجهنا شرقا نحو المرتفعات, وكذلك الرياح الغربية التي يزداد نشاطها في فصل الصيف حيث موسم هبوب العواصف الرملية والت اربية, مما يزيد من قساوة المناخ في سهل تهامة, والذي أنعكس تأثيره على المساكن. وتتوزع أغلب مساكن في سهل تهامة على جوانب األودية في شكل تجمعات عم ارنية متتابعة, حيث يالحظ تعامد معظم القرى مع شاطئ البحر األحمر وفقا لمجاري األودية, مما يزيد من خطورة التوسع العم ارني في بطون األودية والتي قد يترتب عليه عواقب وخيمة حال جريان السيول الفجائية, وخاصة في المجاري التي ال تشهد جريان منذ سنوات طويلة مما يجعل السكان يتجاهلون خطورتها ويبنون مساكنهم في وسط المجرى المائي. 6

7 اإلج ارءات المنهجية. 1: مصادر البيانات: وتتمثل في كل من المصادر األولية والد ارسة الميدانية وذلك كما يلي: أ_ المصادر األولية: تتمثل في مختلف اإلسهامات العلمية التي ك تبت عن منطقة الد ارسة أو موضوع الد ارسة في مجال تأثير المناخ على المساكن. ب- الد ارسة الميدانية: تم االعتماد عليها الستكمال النقص في البيانات وللحصول على بيانات ترتبط بموضوع ومنطقة الد ارسة, وتتمثل األساليب الميدانية التي تم االعتماد عليها في اآلتي: شكل )1( موقع سهل تهامة في منطقة جا ازن. المصدر: باستخدام برنامج Arc map اعتمادا على و ازرة الشؤون البلدية والقروية, 2017 م. 7

8 المقابالت الشخصية: مع بعض كبار السكن من سكان سهل تهامة للتعرف على خصائص األنماط السكنية القديمة, كما تمثلت في استطالع أ ارء بعض المهندسين المعماريين في بعض المكاتب الهندسية في سهل تهامة, للتعرف على مدى تطبيق المعالجات البيئية. أسلوب االستالنة: وتحت هذا األسلوب تم تصميم استبانه ألصحاب المساكن, وقد تم االعتماد في توزيعها على ما نسبته %5 من حجم المساكن الحديثة بسهل تهامة, باستخدام طريقة التوزيع العشوائي على أصحاب المساكن, وقد بلغ إجمالي ما تم توزيعه من استبيانات حوالي 500 استبانة, وبعد الفرز واستبعاد االستبانات غير المستوفية الشروط تم االعتماد بالد ارسة والتحليل على حوالي 425 استبانة مستوفية الشروط. وهو ما يتناسب مع الوقت المخصص للبحث. 2: منهج الد ارسة. تم استخدام كل من منهجي االستق ارء واالستنباط في إطار إقليمي يتمثل في وصف العناصر المناخية وتأثيرها على المساكن. الد ارسات السابقة. هناك العديد من الد ارسات التي تناولت العالقة ما بين المناخ واألنماط السكنية, ومنها: o د ارسة علي العريشي ) 1982 م( تحت عنوان "جغ ارفية منطقة جا ازن اإلقليمية" حيث تناولت الد ارسة االنماط العم ارنية بمنطقة جا ازن من حيث أنواعها وخصائصها والعوامل المؤثرة فيها, وقد تم تناول خصائص هذا النمط من حيث مواد البناء ومناسبتها لظروف حياة السكان في المنطقة, ثم النمط العم ارني الحديث في المدن والمتمثل في المساكن الخرسانية. د ارسة, 1993(shaweshم(, A عن تأثير المناخ الحار والجاف على المساكن مع مقارنة بين تصميم المساكن التقليدية o والحديثة في مدينة غدامس بليبيا, وقد توصلت الد ارسة إلى أن تصميم المساكن التقليدية تزود الساكنين بأعلى درجة من ال ارحة, بينما المساكن الحديثة فقد صممت بأقل المعالجات نحو المؤث ارت المناخية الحارة. 8

9 د ارسة, 2000(Priantoم(, B عن العمارة التقليدية في اندونيسيا, والتي تناولت طريقة تصميم المباني السكنية بطريقة تستطيع o التكيف مع الظروف المناخية في النطاق االستوائية, كما تناولت أنواع العمارة التقليدية في اندونيسيا, وتأثير الرطوبة واألمطار على المساكن والتي أدت لتفرد العمارة في البيئة االستوائية الرطبة. د ارسة, 2004(Kamalم( K عن التصاميم المناخية للمساكن التقليدية من أجل تلبية متطلبات المعيشة الحديثة, حيث أشار o البحث إلى أن أغلب المساكن بماليزيا قد صممت بوعي بيئي تتوافق مع الظروف البيئية المحلية, ولكن هذا الوعي البيئي لم يعد مطبقا في المساكن الحديثة التي لم تقدم ال ارحة السكنية, وقد أوصت الد ارسة بتبني األنماط التي صممت في إطار فهم أعمق للبيئة. o د ارسة عائشة العريشي ) 2008 م( عن العواصف وتأثيرها على التنمية في منطقة جا ازن, حيث تعرضت الد ارسة في أحد فصولها لتأثير العواصف على المساكن, والتي أوضحت أن المساكن في منطقة جا ازن تتأثر بالعواصف الرملية في ظل غياب وعي لدى السكان عن اتجاه الرياح وتوجيه النوافذ ومادة البناء والطالء, كما تناولت تأثير العواصف الرعدية على المساكن. د ارسة عبدالمطلب علي ) 2009 م( التي تناولت تأثير الظروف المناخية على تشكيل عمارة جنوب الوادي بمصر, حيث هدفت o الد ارسة إلى معرفة تأثير المناخ على النمط العم ارني التقليدي والحديث بمدينة الخالدة باقليم الوادي الجديد, وقد خلصت الد ارسة إلى العديد من التوصيات مثل استخدام النسيج العم ارني المدمج وتوجيه المباني نحو الداخل واستخدام األفنية الداخلية وزيادة البرو ازت والتكسي ارت إضافة إلى زيادة الغطاء النباتي. o د ارسة عبدالحق الدميني وغسان حلبوني ) 2010 م( بعنوان اثر العوامل المناخية في تشكيل العمارة التقليدية في مدينة صنعاء, حيث هدفت الد ارسة إلى معرفة مدى انسجام العمارة التقليدية وتناغمها مع الظروف المناخية, وقد توصلت الد ارسة إلى أن العوامل المناخية قد لعبت دو ار فاعال في تشكيل محددات التصاميم المعمارية للمدينة. وبذلك استطاعت تلك المباني أن تتوافق مع رغبة السكان وارتياحهم السكني. 9

10 o د ارسة نزهة الجابري ) 2012 م( تحت عنوان أنماط السكن الريفي بمنطقة جا ازن بين الثوابت التاريخية والمتغي ارت الجغ ارفية, وقد تناولت العوامل الجغ ارفية المؤثرة على المسكن الريفي, وكذلك أنماط السكن الريفي ومحدداته الطبيعية والبشرية في المنطقة الجبلية من منطقة جا ازن, وقد خلصت الد ارسة إلى أن الت ارث المعماري القديم بالمنطقة يعكس خبرة سكانها في مواجهة تحديات البيئة الطبيعية, كما يعكس اللمسة الفنية لألشكال المعمارية ومواد البناء المحلية. لقد تناولت الد ارسات السابقة العالقة ما بين المناخ والمساكن في بيئات مختلفة ضمن المناخ الحار الجاف أو الرطب باعتبار أن المناخ بعناصره المختلفة يعد أحد أهم العوامل التي يجب م ارعاتها عند التصاميم المعمارية من أجل الحصول على مساكن تقدم ال ارحة النفسية لساكنيها, وتأتي هذه الد ارسة ضمن منظومة تلك الد ارسات, إال أنها تركز على سهل تهامة بمنطقة جا ازن الذي يتميز بظروف مناخية تتمثل في الح اررة والرطوبة المرتفعة كما شهد هذا السهل تغي ار كبي ار في مجال الثقافة السكنية من مساكن تقليدية متوافقة مع ظروف السهل البيئية والمناخية إلى أنماط سكنية حديثة تفتقر بشكل كبير إلى المعالجات المعمارية المناسبة لظروف البيئة المناخية لسهل تهامة, حيث لم تتوافر د ارسات جغ ارفية في مجال المناخ التطبيقي تهتم بهذا الجانب. 10

11 التحليل والمناقشة. أولا: امننماط السكنية القديمة س سهل تهامة واصاهصها المامارية س التكيف ما البيهة المنااية. لقد جاءت األنماط السكنية القديمة كاستجابة لظروف البيئة المناخية التي ترتبط ارتباطا وثيقا بظروف سهل تهامة في إطارها الذاتي المعتمد على المواد الخام المحلية وتوظيفها عم ارنيا وفق الظروف المناخية السائدة حيث تميزت تلك األنماط بالبساطة وانسجامها المباشر مع ظروف البيئة المحيطة من جهة ومع احتياجات السكان من جهة أخرى, إذ أن تلك المساكن كانت تعكس في تصميمها وتشكيلها عبر الزمن تجارب وخب ارت طويلة كمحاوالت للوصول إلى مساكن تتناسب مع ظروف سهل تهامة في ضوء عاملين هما: أ. ما يتوفر بالبيئة من مواد خام, إذ أن جميع المواد الخام المستخدمة في البناء هي خامات محلية مرتبطة بالبيئة المناخية, من خالل ما أفرزته تلك البيئة من غطاء نباتي تم توظيفه في بناء تلك المساكن, وبالتالي تتميز خامات بقلة تكلفة وسهولة ووفرة مواد البناء المستخدمة, إضافة إلى توافقها مع ظروف سهل تهامة المناخية. ب. إن ما يتميز به سهل تهامة من ظروف مناخية قد صاغ أشكال وأنماط سكنية مميزة, حيث جاءت تصاميم تلك المباني واتجاهاتها تهدف إلى المنفعة السكنية حيث تطورت مع تلك المنفعة السكنية أساليب العيش في تلك األنماط السكنية لتصبح متوافقة مع البيئة المناخية. وقد تمثلت المساكن القديمة س امننماط امنتية: 1. نمط مساكن الاشش: يعد هذا النوع من األنماط السكنية األكثر شيوعا واستخداما في سهل تهامة سواء في المدن أو القرى, وقد ظل هذا النمط قائما إلى دخول المنطقة عصر التغير والتطور العم ارني منذ منتصف التسعينات, ويعد هذا النمط من األنماط المنتشرة في سهل تهامة, ويتميز بخصائص في التصميم والمعالجات المعمارية جعلت منه نمطا متالئما مع الظروف المناخية لسهل تهامة من ح اررة مرتفعة ونسبة رطوبة عالية معظم أيام السنة. 11

12 وذلك في ضوء ما يبذل من جهد بشرى لدى سكان سهل تهامة يعكس في االهتمام من حيث الشكل الخارجي والداخلي واأللوان, إضافة إلى الفناء المرتبط بمداخل تلك المساكن األمر الذي يعكس االنفتاح في األنماط السكنية حيث أن نسبة الف ارغ العم ارني أكثر بكثير من نسبة الكتلة العم ارنية )العريشي, 1982 م, ص 92 (, إضافة إلى ما تميز به هذا النمط من تقسيمات وظيفية ترتبط باستخدامات أج ازء المسكن وفقا لظروف الطقس بين الليل والنهار, وقد استطاعت مساكن العشش أن تتميز بمعالجاتها المعمارية الخاصة, والتي يمكن إيضاحها في اآلتي: - الموقع: كان ينظر للموقع عند بناء المسكن كمعالجة معمارية للتكيف مع البيئة من ناحيتين هما الموقع الطبوغ ارفي للم اركز العم ارنية التي كانت تتوافق إلى حد كبير مع جريان األودية التي تجري في سهل تهامة بشكل متوازي من الشرق إلى الغرب, حيث جاء توزيع الم اركز العم ارنية موزعة على حواف األودية في األماكن المرتفعة التي تكفل للمساكن حماية من السيول والفيضانات. أما عن موضع المسكن داخل القرية أو التجمع العم ارني فكان يتم اختيار موضع المسكن داخل حدود الدار الواحدة في المكان المرتفع واذا كانت أرض الدار منخفضة فيتم رفعها عن المنطقة المحيطة بها, ثم يتم بناء المسكن بهدف ابقاءه بعيدا عن تجمعات مياه األمطار. - اتجاه المبنى: يتم م ارعاة توجيه المدخل الرئيس للمبنى بشكل رئيس نحو الشمال أو الجنوب مع وجود فتحة جانبية في االتجاه الغربي الذي يعد الجهة الرئيسة لهبوب الرياح, وفتحة جانبية أخرى متعامدة عليها تسمح بمرور تيار هوائي داخل العشة لتجديد الهواء وتقليل نسبة الرطوبة, وناد ار ما تجد المدخل الرئيس للمسكن تجاه الشرق وذلك تفاديا لإلشعاع الشمسي. - تصميم المسكن ومواد البناء: يتم تصميم مسكن العشة على شكل مخروطي )شكل - 2 أ( يصل ارتفاعه أحيانا إلى 8 أمتار, بشكل يمنع وصول الح اررة من اعلى إلى األسفل, ثم يغطى المبنى من الخارج بالحشائش, ثم يتم ربطها بالحبال المفتولة لحفظها من الرياح والعواصف وكذلك األمطار, وبعد االنتهاء من بناء المسكن يتم عزله من الداخل بمواد جيدة العزل ضعيفة التوصيل للح اررة مثل الطين بهدف عزله عن الح اررة الخارجية وكذلك منع دخول مياه األمطار والغبار, ويتميز البيت بوجود فتحتين فتحة رئيسية نحو الشمال أو الجنوب وأخرى جانبية نحو الغرب. 12

13 وقد أشار العديد من كبار السكن بأن تقسيم استخدام العشة كان يتم سابقا وفقا لظروف الطقس اليومية من خالل 3 تقسيمات الستخدامات المسكن, إذ أنه خالل الفترة الصباحية تستخدم األسرة المنطقة الجانبية للمسكن والتي يطلق عليها "العقاب" وذلك لوجود الظل حيث أن الشكل الهرمي المحدب لسقف العشة يعطي فرصة لتكون ظالل على الجهة المعاكسة التجاه الشمس, وفيه تمارس األسرة أنشطتها إلى حوالي الساعة 11 صباحا حيث يختفي ظل المسكن, مما يجعل األس رة تتحرك نحو داخل البيت وتبقى إلى ال اربعة عص ار, بعد ذلك تتجه األسرة مساء إلى الجلوس على المصطبة األمامية للمسكن والتي يطلق عليها الكابة, حيث يتم البقاء والنوم ليال إلى الفترة الصباحية. كما يتميز المسكن بوجود الحاجز الذي يعمل كجدار بين الفتحة األمامية والفتحة الخلفية بهدف توفير الظل. كما يقوم السكان بز ارعة أشجار الفل أو الحنى أو بعض أشجار الفاكهة في المنطقة األمامية للمسكن أو الجانبية بهدف تلطيف اجواء المنزل. )شكل 2 -أ(. 2. نمط مسكن الاريش. ويأتي هذا النمط في المرتبة الثانية بعد نمط مسكن العشش ولكن بشكل محدود ومقتصر على المساجد والمدارس أو مدارس الكتاتيب أو مجالس لمن لديهم القدرة المالية في بناء العريش, ويتم تصميم هذا النمط بشكل مستطيل بطول يصل إلى 6 أمتار وعرض 4 أمتار, ويستخدم في بنائه مواد البناء المحلية من أخشاب وحشائش )شكل 2 -ب( ويأخذ العريش فتحة رئيسة أمامية سواء اتجاه الجنوب أو الشمال وأخرى جانبيه نحو الغرب حيث الرياح السائدة. وللعريش قدرة عالية على تصريف مياه األمطار وذلك يرتبط بطبيعة السقف الجملوني الشكل الذي يميل من الجانبين. 3. نمط مسكن الطين )الم د م ك (. وهو من األنماط القليلة النادرة المنتشرة في سهل تهامة ودائما ما يكون مخصصا للمساجد واإلدا ارت الحكومية آنذاك, حيث يأخذ شكل المستطيل بطول يصل ما بين -8 7 أمتار, وعرض ما بين 3 4 متر, ويستخدم الطين والقش الممزوج بالطين حيث ترتفع الجد ارن إلى حوالي 3 أمتار بسمك يصل إلى 80 سم )علي العريشي, 1982 م, ص 89 (, ثم يسقف باألخشاب بشكل مرصوص ويوجد بهذا النمط أيضا فتحتين فتحة رئيسية من الشمال أو الجنوب وأخرى جانبية نحو الغرب حيث الرياح السائدة. )شكل 2 -ج(. 13

14 وقد تالشت األنماط السكنية القديمة التي كانت سائدة في سهل تهامة بشكل كبير وأصبحت ال تمثل سوى مجسمات ت ارثية كما هو الحال في القرية الت ارثية بجا ازن, إذ أصبح يطلق على مجسم العشة اسم البيت التهامي أو البيت الجي ازني أو كمجسمات جمالية عند مداخل المدن كما هو الحال في المدخل الغربي لمدينة أبو عريش, ويعود تالشي تلك األنماط إلى األسباب اآلتية: - النمو االقتصادي الذي شهدته المنطقة كغيرها من مناطق المملكة وما نتج عنه من تحسن في المستوى المعيشي مما جعل تلك األنماط غير متوافقة مع التغي ارت االقتصادية واالجتماعية التي تمر بها المملكة. - عدم مناسبة تلك األنماط للتمديدات الكهربائية وقابليتها لالشتعال بسرعة, إذ أنه عند الحريق تعمل النار على القضاء على عش ارت المساكن بسبب طبيعة مواد البناء لتلك المساكن. - عمر تلك المساكن قصير مقارنة مع المساكن الحديثة. - ال تتوفر بتلك المساكن الخصوصية الكاملة وكذلك األمان من الحيوانات والحش ارت واللصوص. وعلى الرغم من أن تلك األنماط العم ارنية لم توفر بالضرورة كل تلك المتطلبات المتاحة مقارنة بنظيرتها من األنماط العم ارنية الحديثة, إال أنها كانت توفر م ازيا بيئية سكنية متفوقة من ناحية التكيف المناخي وذلك بما توفره من منفعة ح اررية باستخدام وسائل التهوية الطبيعية. 14

15 شكل )2( األنماط السكنية القديمة. )أ( العشش )ب( العريش )ج( مسكن الطين )المدمك( المصدر: الد ارسة الميدانية. 15

16 ثانيا: بروز امننماط السكنية الحديثة. لقد شهدت منطقة جا ازن بشكل عام وسهل تهامة بشكل خاص خالل الثالثين سنة الماضية تغي ار كبي ار في األنماط السكنية وذلك من أنماط سكنية ترتبط بالبيئة كاستجابة للظروف المناخية إلى أنماط سكنية حديثة لها خصائصها المعمارية المنقولة والتي نجدها في كثير من األحيان تبتعد عما يتميز به سهل تهامة من ظروف مناخية سائدة. ولقد ساعد دخول البترول كقوة اقتصادية في المملكة على حدوث كثير من التغي ارت في مجاالت عديدة, ومن ضمن ذلك ما حصل من تغير في األنماط السكنية, إذ شكلت طبيعة هذا التغير تحوال كبي ار في الخصائص السكنية من أنماط سكنية تقليدية معتمدة اعتمادا كامال على البيئة ومواردها المحلية, إلى أنماط سكنية معتمدة على مخططات مسبقة ومواد بناء وتقنيات مستوردة مما برز معه وجود أنماط سكنية ال تتوافق في تصميمها المعماري مع البيئة المناخية وانما جاءت نتيجة لتلبية احتياجات السوق العقاري المتمثلة في رغبة المستثمرين ورجال األعمال في االستثمار في المجال العقاري من جهة, وغياب الوعي البيئي بالظروف المناخية من جهة أخرى, األمر الذي جاء على حساب االهتمام ب ارحة اإلنسان وتكيفه مع البيئة. إن األنماط السكنية الحديثة بما شهدته من تغي ارت متسارعة من خالل ما توفر لها من أساليب وتقنيات حديثة, انتشرت بشكل كبير ليس فقط في المدن الحضرية الكبرى وانما أيضا في القرى والهجر الصغيرة. وقد جاءت تلك التغي ارت المتسارعة بتأثير عدة عوامل منها: - زيادة اإلنفاق على أعمال البناء مما جعل سوق العقار أكثر جذبا وأكثر ربحا للمستثمرين من أصحاب رؤوس األموال وغيرهم. - النمو السكاني في المملكة ومنطقة جا ازن بشكل خاص وما تولد عن ذلك من نمو االحتياجات السكنية. - ارتفاع دخل الفرد وتغير مستوى المعيشة للسكان مما جعل السكان يتسارعون في تغيير أنماط السكن القديمة وابعادها واحالل أنماط سكنية جديدة. - إتاحة القروض العقارية المقدمة من الدولة لبناء مساكن. - وجود المخططات السكنية المقدمة من الدولة كدعم لذوي الدخل المحدود والنازحين من الشريط الحدودي. 16

17 إن هذا التغير في األنماط السكنية في منطقة جا ازن بشكل عام وبسهل تهامة بشكل خاص نحو أنماط سكنية حديثة تجعلنا أمام تجربة ال ت ازل غير ناضجة وال ت ازل بعيدة جدا عن االعتبا ارت البيئية المناخية, وتشير العديد من الد ارسات السكانية بالمملكة إلى أن المسكن السعودي ال ي ازل في حالة ديناميكية مستمرة, وأنه من خالل قوانين البناء أصبحت الهوية المعمارية للمساكن مشتركة في جميع مناطق المملكة, وأن تلك القوانين وان كانت تهدف إلى تأمين الحد األدنى من المتطلبات األمنية والجمالية للمسكن إال أنها أغفلت الجانب الديناميكي والبيئي الذي تتميز به كل بيئة عن بقية البيئات العم ارنية األخرى. وفي ظل ظهور الكثير من المكاتب الهندسية التي ال تمتلك الخبرة المعمارية, وكذلك غياب الوعي البيئي لدى أصحاب المخططات في تطبيق األساليب المعمارية المناخية, فقد أصبحت المساكن الحديثة تغفل عن الكثير عن مبادئ اقتصاديات الطاقة وكذلك التأثي ارت البيئية الح اررية مما جعلها تعتمد بشكل كامل على الطاقة الكهربائية في توفير االحتياجات المنزلية المت ازيدة لحل مشكلة الكفاءة الح اررية المنخفضة لتلك المساكن, إذ تشير بيانات )شركة الكهرباء في منطقة جا ازن, 2017(, إلى أن ما يقارب %70 من الطاقة الكهربائية موجه الستخدام السكني. إذ أنه في حالة انقطاع التيار الكهربائي تصبح تلك المساكن طاردة لسكانها, حيث ال توفر ال ارحة النفسية لقاطنيها, كما أن اإلس ارف في استهالك الطاقة الكهربائية داخل المساكن قد جعلها مساكن مريضة بيئيا وتعاني من ملوثات األجهزة الكهربائية داخل تلك المساكن. المشكالت المنااية التس تواجه امننماط السكنية الحديثة. أ. مشكلة تحديد مواقا المسكن. يعد الموقع من أهم العوامل التي تحدد البيئة الطبيعية التي تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على األنماط العم ارنية, حيث أن عدم االهتمام بخصائص العناصر المناخية في تصميم المساكن, بإنشائها في مواقع غير مناسبة على سبيل المثال, قد تكون له نتائج سلبية في المستقبل, 17

18 ويمكن تقسيم األنماط السكنية الحديثة في سهل تهامة بمنطقة جا ازن وفقا لموقعها الجغ ارفي إلى صنفين: - الصنف األول: ويتمثل في المساكن التي جاء بديله للبيوت الشعبية )العشة( ويتواجد هذا النوع من المساكن في األحياء القديمة من القرى والمدن حيث يتم إ ازلة العشش ومن ثم بناء المساكن الحديثة مكانها وهذا بطبيعة الحال قد أدى إلى مشكالت ترتبط بالموقع البيئي والمناخي لتلك المساكن, إذ أن تلك المساكن قد بنيت بدون تخطيط مما جعلها تتميز بالعشوائية وبالطرق الملتوية والزحام والتلوث ج ارء األتربة والغبار وكذلك تكدس النفايات, كما أن بعض من تلك المساكن قد بنيت أما في مواقع منخفضة بالقرب من مجاري السيول, أو بالقرب مواقع تقترب من مناطق تجمع الكثبان الرملية. والسمة السائدة لهذه المساكن أنها عبارة عن منازل مكشوفة يتكون المسكن بها من غرف متباعدة يفصلها فضاء خارجي حيث ينفصل مكان الطبخ عن مكان الطعام وكذلك مكان النوم عن دو ارت المياه, مما يجعلها عرضه للظواهر الجوية الموسمية كالعواصف الرملية والت اربية مما يسهم في الحد من حركة السكان وخاصة بعد الظهيرة وذلك لتحاشى األض ارر الصحية للغبار نتيجة الجلوس في األماكن المكشوفة من المنزل مثل األحواش والمجالس الخارجية. - الصنف الثاني: ويتمثل في المساكن التي جاءت وفق مخططات هندسية ذات تنظيم معماري حيث الشوارع النافذة, إال أن هذه المساكن تواجه مشكالت بيئية خاصة ما يرتبط بالعوامل المناخية, حيث أدى التطور والنمو السريع في الطلب على المساكن إلى تغيير كثير من استخدام األ ارضي الز ارعية إلى استخدامات سكنية أقيمت عليها المباني, إذ أصبحت األ ارضي الز ارعية المخططة ألجل السكن توفر دخال كبي ار يفوق المردود من االستخدام الز ارعي لتلك األ ارضي, وهذا التغير في االستخدام الز ارعي إلى سكني جعل تلك المخططات السكنية عرضة للفيضانات ج ارء السيول واألمطار إذ يشهد سهل تهامة العديد من الكوارث حيث تداهم السيول تلك المساكن. كما تبرز مشكلة تحديد الموقع في تحويل كثير من مجاري السيول في األودية التي أقيمت عليها سدود خرسانية, بحجة أن تلك السدود سوف تمنع الفيضانات عن تلك المخططات السكنية. ومهما كانت القناعات والمبر ارت بأن تلك المساكن في مأمن من مياه السيول إال أن الجانب التخطيطي في المجال العم ارني يرفض تلك القناعات, إذ أن تلك المخططات تعتبر في خطر طالما موقعها في مجارى األودية والذي يجعلها عرضه لمداهمتها بالسيول. ومنها على سبيل المثال مخطط حي الشواجرة بجا ازن والمخططات المجاورة والتي تقع بمجرى وادي جي ازن ووادي ضمد. 18

19 ب. مشكلة ضاف تطبيق الماالجات المامارية المرتبطة بالبيهة المنااية. على الرغم من تأثير النواحي االجتماعية واالقتصادية على المساكن إال أن التأثير المناخي يعد األقوى مما يتطلب التكيف معه, ويرى أكثر من %60 من عينة الد ارسة أن أصحاب المخططات المعمارية ليس لديهم وعي بتأثير العناصر المناخية على المباني, حيث تفتقر المخططات السكنية للتصاميم التي تؤخذ بعين االعتبار المعالجات المعمارية التي تقلل من قوة تأثير المناخ على المساكن, وبالتالي تعرضها للعديد من المشكالت, والتي يمكن توضيحها كاآلتي: - مشكالت ترتبط باإلشااع الشمسس والح اررة. تشير البيانات المناخية كما سبق من تحليل الخصائص المناخية لسهل تهامة, إلى ارتفاع درجة الح اررة وطول فترة اإلشعاع الشمسي, ومع ذلك نجد غياب المعالجات المعمارية فيما يخص أشعة الشمس والح اررة, وتتضح هذه المشكالت في اآلتي: - أن اتجاهات المباني غير محددة وغير متوافقة مع سطوع الشمس والح اررة, حيث وجد ما نسبته %54.6 من المباني باتجاه الشمال والشرق, وهذين االتجاهين هما المقابالن ألشعة الشمس وخاصة خالل شهور الصيف, ومع ارتفاع األشعة والح اررة ال يوجد معالجات معمارية تساعد في تخفيف أشعة الشمس والح اررة مثل الكاس ارت, حيث يؤكد %76 من عينة الد ارسة أن استخدام الكاس ارت غير مطبق في سهل تهامة. - عدم التحكم في عدد النوافذ واألبواب واتجاهاتها وفقا للظروف المناخية ويعود ذلك إلى ضعف الوعي لدى مالك المساكن بالظروف المناخية من جهة وكذلك التكلفة المالية التي تجعل المالك يعجزون عن تطبيق تلك المعالجات. - تتسم المباني الحديثة بضعف استخدام الزجاج المزدوج )شكل 3 -أ(, إذ وجد ما نسبته %92.3 من المساكن ال يتوفر بها مثل تلك المعالجات التي تساعد في الحد من تأثير الح اررة بداخل المساكن. - يعد اإلف ارط في استخدام الواجهات الزجاجية المسطحة للمباني من المشكالت التي بدأت تبرز في سهل تهامة, والتي جاءت كنظرة تجارية على حساب المعالجات المعمارية )صورة 1(, ويؤكد %97 من عينة الد ارسة أن هذه الواجهات الزجاجية بعيدة عن الثقافة المحلية وال تتوافق مع بيئة سهل تهامة الحارة, وذلك لما تسببه من مشكالت نتيجة انعكاس األشعة على الشوارع والمباني المجاورة إضافة إلى التكلفة المالية في البناء. 19

20 - أن أغلب المساكن مصممة نحو االنفتاح إلى الخارج, ويؤكد ذلك %92 من عينة الد ارسة, ومن أهم المشكالت التي تواجه هذه المباني اعتمادها على أسلوب التهوية الصناعية المعتمدة على الطاقة الكهربائية, وعدم وجود ما يسمى بالفناء الداخلي )شكل 3- ب( والذي يعد من األساليب الفاعلة المتبعة في التهوية في المناطق الحارة وذلك بما يوفره من معالجات معمارية مثل التهوية واإلضاءة والجمال المعماري لوجود مسطحات خض ارء ونافو ارت في هذه األفنية. - عدم استخدام المالقف )شكل 3 -ج( والتي تحد من تأثير الح اررة داخل المسكن وخاصة في المباني التي تستخدم واجهات زجاجية, والمالقف عبارة عن ممر هوائي أرسي يرتفع فوق مستوى السقف العلوي للمبنى )علي, 2009 م, ص 19 (. - أن أغلب المساكن الحديثة في سهل تهامة تعتمد على مواد بناء حديثة مثل اإلسمنت والحديد والبلك الخرساني, وهذه المواد كما هو موضح في الجدول )1( لديها قدرة عالية على نقل الح اررة, وقد اتضح من خالل الد ارسة أن ما يقارب %87 من المساكن قد استخدمت البلك الخرساني الغير معزول, وبمواصفات عرض 20 سم, مما جعل جد ارن تلك المباني تمتص الح اررة بسرعة كبيرة خالل النهار وتخزن طاقة ح اررية تشعها أثناء الليل, وبالتالي تقلل من كفاءة استخدام أجهزة التكييف وتزيد من استهالك الطاقة الكهربائية بهدف التبريد. كما يالحظ من الجدول أن الحديد الذي يستخدم كمادة أساسية في بناء المساكن الحديثة بسهل تهامة هو أكثر المواد في قيم التوصيل والسعة الح اررية. - أن الخرسانة الجاهزة المستخدمة في أسقف المباني لم يتم معالجتها وفقا لظروف المنطقة المناخية. ويشير )محمد الكبيسي, 2009 م, ص 42 ( إال أن الد ارسات واألبحاث التي أجريت في المختب ارت العلمية المختلفة تظهر أنه ال يوجد تطبيق صحيح يحدد طرق ومعالجة بناء اإلنشاءات الخ ارسانية في البلدات الحارة, هذا التجاهل عن تأثير الطقس على الخرسانة يفقدها قسما كبي ار من ممي ازتها األساسية من نقص في المقاومة وحدودية في الديمومة. ومن أهم المعالجات التي يمكن استخدامها لتقليل تأثير الح اررة على االسمنت والحديد استخدام المواد العازلة لتقليل التوصيل الح ارري وتبادل الطاقة بين المسكن والبيئة الخارجية, حيث تمنع دخول أكثر من نصف الح اررة المتوقعة وبالتالي توفير استهالك الطاقة الكهربائية داخل المساكن بنسبة تت اروح بين 30 %50 كما يجب أن تكون مواد العزل لها القدرة على مقاومة الحريق أو تكون لها خاصية اإلطفاء الذاتي, ومن المعالجات المناخية كذلك استخدام مواد بديلة في األسقف كالخشب والبليسترين. كما أن استخدام الوان فاتحة في األسقف يعد من أبرز المعالجات المناخية والتي تسهم في تقليل الطاقة الح اررية الممتصة. 20

21 - أن مساكن سهل تهامة تتسم بالسقوف المسطحة بنسبة %92, مما يجعلها أكثر عرضة لألشعة والح اررة. وتتمثل أهم المعالجات التي يمكن تطبيقها للتقليل من تأثير األشعة الشمسية تصميم األسقف المائلة وكذلك استخدام األسقف والحوائط المزدوجة )شكل 3 د(, أو زيادة امتداد السقف للخارج بشكل يظلل النوافذ واألبواب بحيث تسمح بدخول األشعة عندما تكون ازوية ارتفاع الشمس قليلة )شكل 3 ه(, وكذلك زيادة ارتفاع المباني, وزيادة سمك الجد ارن. شكل )3( بعض المعالجات المعمارية إلي يمكن تطبيقها للتقليل من تأثير اإلشعاع الشمسي والح اررة على المباني في سهل تهامة بمنطقة جا ازن. )أ( الزجاج المزدوج )ب( الفناء الداخلي )ج( المالقف 21

22 )د( األسقف والحوائط المزدوجة )ه( كاس ارت الشمس المصدر: إعداد الباحثة باالعتماد على العديد من الم ارجع )بتصرف(. 22

23 جدول )1( السعة الح اررية والتوصيل الح ارري وفقا لمواد البناء. مواد البناء الكثافة السعة الح اررية التوصيل الح ارري كغم/م 103/3 جول/م 3 /كغم )بالمليون( واط/م 2 /م اإلسفلت االسمنت الحجر االجر الطين الخشب الحديد الزجاج الجبص البوليسترين الفلين المصدر: html.post_03-blog/03/world.blogspot.com/ )بتصرف(. 23

24 صورة )1( نماذج من المباني التي نستخدم واجهات زجاج المصدر: الد ارسة الميدانية. - مشكالت ترتبط بالرياح والاواصف الغبارية. يعد اتجاه الرياح السائدة ضمن أهم العوامل الطبيعية التي يجب أخذها بعين االعتبار عند تصميم الشوارع والمم ارت بين صفوف المساكن حيث أن الطرق المتعرجة تعيق حركة الرياح وتحد من سرعتها وبالتالي تحد من انتشار الغبار, كما يجب االهتمام باتجاه الرياح السائدة أيضا في التصميم الخارجي والداخلي للمساكن, وقد تبين من الد ارسة الميدانية اآلتي: - ضعف االستفادة من اتجاهات الرياح عند البناء إذ أن أكثر من نصف المباني )%54.6( تتوافق اتجاهات مداخلها مع اتجاه الرياح. إضافة إلى ضعف االستفادة من الرياح من خالل التحكم في تحديد حجم النوافذ واألبواب. ومن أهم المعالجات المناخية للتغلب على هذه المشكلة الحرص على أن تكون اتجاهات مداخل المساكن عكس اتجاه الرياح السائد, واالتجاه المناسب في سهل تهامة لتقلل بقدر اإلمكان من كمية الغبار التي تصل للداخل هو الجنوب. 24

25 - أن التقسيمات الداخلية للمباني السكنية ال تتم وفق اعتبا ارت اتجاهات الرياح, فعلى سبيل المثال توجد غرف المعيشة في وسط المسكن بعيدة عن األط ارف حيث التهوية واإلضاءة, كما أن دو ارت المياه والمطابخ في أغلب المساكن ال ي ارعى في توزيعها اتجاهات الرياح وانما تتوزع داخل المساكن بشكل غير محدد وذلك وفق الف ارغات المتوفرة في مخطط المسكن مما ينتج عنه تلوث وروائح داخل المساكن. - أن بعض المساكن في سهل تهامة ال تأخذ بعين االعتبار البعد عن مصادر التلوث الهوائي, حيث نقاء الهواء داخل المساكن له تأثير على صحة و ارحة السكان, ومن أبرز الظواهر الجوية التي تؤثر على هواء المساكن في سهل تهامة بمنطقة جا ازن العواصف الرملية والت اربية والتي يطلق عليها محليا )الغبرة( مما يتطلب أخذها بعين االعتبار عند تصميم المساكن داخليا وخارجيا, تفاديا لما يمكن أن تؤدي إليه من تأثي ارت سلبية على مختلف عناصر المسكن, كالدهان واألبواب والنوافذ والغرف واألثاث و الغرف ومختلف األجهزة الكهرباء...الخ. ومن المشكالت التي تخلفها العواصف الرملية والت اربية على المساكن في سهل تهامة خالل فصل الصيف نقص التهوية, نتيجة لتلوث الهواء الخارجي باألتربة والغبار, والذي يضطر السكان إلى غلق النوافذ واألبواب تفاديا لدخول الهواء الملوث إلى الداخل. - وقد تبين من الد ارسة ضعف وعي السكان بمدى مالءمة حجم النوافذ حيث يوجد ما نسبته %98 من جملة البيوت ال تتحكم في فتحات النوافذ في حي %2 فقط هم من لديهم وعي بأهمية التحكم في حجم النوافذ, األمر الذي يتطلب أهمية توعية السكان بضرورة م ارعاة عدد وحجم نوافذ المساكن بحيث تكون قليلة وضيقة حتى ال تسمح بدخول كمية كبيرة من األتربة والرمال إلى داخل المسكن. - وتنعكس مشكلة موسمية العواصف الرملية والت اربية عند التفكير في إنشاء النوافير أو المسابح وسط فناء المسكن, حيث أن أغلبية السكان في سهل تهامة بمنطقة جا ازن يؤكدون أن موسمية الغبار تحد من رغبتهم في تصميم مسبح أو نافورة في فناء المساكن, نظ ار لما يترتب عليها من تلوث هوائي يتطلب الحاجة المستمرة إلى تجديد المياه إضافة إلى ما تؤدي إليه ذ ارت األتربة من انسداد لتمديدات المياه. 25

26 - كما أن لموسمية العواصف الرملية والت اربية تأثير واضح على أثاث المساكن وخاصة ف رش األ س ر ة والوسائد المحشوة بريش الطيور والسجاد بأنواعه, ولذلك تأثير واضح على التحف وأدوات الزينة داخل المنزل فقد تؤدي إلى تلفها أو زوال ألوان صباغتها. كما ينتج عن تلوث هواء المساكن بالغبار إلى صدأ المعادن التي تدخل في تركيب العديد من األجهزة الكهربائية المنزلية مما يؤدي إلى سرعة تعطلها والحاجة إلى تبديلها, كما ينتج عن احتكاك حبيبات التربة والرمال تآكل المعادن التي تدخل في تركيب العديد من األجهزة. - وللغبار في سهل تهامة تأثير أيضا على لون ومادة طالء المساكن, والذي يتم غالبا بعيدا عن الرغبة الشخصية, حيث يفضل أغلب سكانها اختيار اللون الطيني "البني الفاتح", وذلك ألن األتربة والرمال تت اركم على الطالء ويؤدي ت اركمها على األلوان الفاتحة إلى فقدان نصاعتها ويصبح شكلها مشوها )االحيدب, 2004 م, ص 136 (. كما أن العواصف الرملية والت اربية غالبا ما تؤدي إلى تقشر الدهانات وخدش طالء جد ارن المسكن من الخارج, ونظ ار لتأثر لون الطالء بما تحمله العواصف الرملية والت اربية من شوائب فإن معظم السكان في منطقة جا ازن يتوقفون عن البناء عند الوصول إلى مرحلة الطالء وذلك حتى ينتهي موسم الغبار ألن األتربة قد تلتصق في الدهان المستخدم في الطالء إذا لم يكن جافا مما يؤدي لتغير لونه وجعل ملمسه خشنا. - ومما يضاعف التأثير السلبي لسرعة الرياح في موسم الغبار وجود تجمعات كثبان رملية في مناطق متفرقة من سهل تهامة, والتي تؤثر سلبا على المناطق المساكن المجاورة والتي غالبا ما تغطى أسوارها بالرمال عقب موسم الغبار, مما يضطر السكان إلى ا ازلتها بالج ارفات, كما حدث في 2004 م 6/6/ حيث تعرض سكان قرية المقالي الواقعة جنوب غرب مدينة صامطة إلى العديد من المشاكل نتيجة عاصفة رملية أدت إلى زحف األتربة والرمال نحو الجد ارن الخارجية للمسكن لتعيق حركة الدخول, ولذا نجد أن معظم السكان الذين يسكنون قرب تجمعات الكثبان الرملية يفكرون باالنتقال فور تحسن أحوالهم المادية خوفا من التأثير الذي يمكن التعرض له عند زحف الكثبان الرملية إلى مساكنهم كما هو الحال في معظم قرى الشريط الساحلي الواقعة قرب تجمعات الكثبان الرملية مثل قرية البيسري والجروب. 26

27 - وتتمثل المعالجة المناخية لمشكلة الغبار في إنشاء أسوار من األشجار بشكل طولي ومتعامد مع اتجاه الرياح السائدة "الغربية والشمالية الغربية" مع م ارعاة ارتفاع األشجار وكثافة المصدات والمسافات بين األشجار واتجاه الرياح السائدة. باإلضافة إلى زيادة الغطاء النباتي بعمل أحزمة كثيفة من األشجار في مواجهة اتجاه الرياح السائد المحملة باألتربة, وذلك لتلطيف درجة ح اررة الهواء وتنقيته قبل دخوله إلى المباني )شكل 4 -أ(. - مشكالت مرتبطة بالرطوبة وامنمطار والسيول. تعد الرطوبة واألمطار من العناصر المناخية التي يجب أن تؤخذ في االعتبار عند تصميم المساكن, وقد تبين من الد ارسة اآلتي: - أن معظم المساكن ال تستخدم مواد مضافة للخرسانة المستخدمة لمقاومة الرطوبة, كما وجد أن ما نسبته %27 فقط من أصحاب المساكن من يستخدم مواد طالء ذات مواصفات مقاومة للرطوبة, بينما %73 ال يستخدمها, ونتيجة لذلك نجد أن معظم مساكن سهل تهامة وخاصة في مدينة جا ازن قد تأثرت بالرطوبة من خالل تقشر مادة الطالء الخارجي )صورة 2(. - أن تصميم النوافذ ال يتناسب مع ارتفاع الرطوبة بسهل تهامة, ومن المعالجات التي يمكن استخدامها لتقليل تأثير الرطوبة إضافة الستخدام مواد الطالء الخارجية العازلة للرطوبة تصميم النوافذ من طبقتين بينهما مادة عازلة تمنع نفاذ الرطوبة, وقد تبين من خالل الد ارسة أنه ال يطبق هذه المعالجة أكثر من %10 من مساكن سهل تهامة. ترتبط مشكلة األمطار بعدم توفر شبكة متكاملة لصرف لمياه األمطار قرب المساكن, لذلك تغمر مياه األمطار المناطق المنخفضة - وتت اركم في بعض الطرق والميادين وتبقى المياه المتجمعة اركدة حتى تتبخر أو تسحب بواسطة وايتات "صهاريج", مما يؤثر على المساكن في المناطق القريبة حيث تسبب تصدع المباني وحدوث هبوط بالتربة, ومن خالل نتائج االستبانة يتضح أنه ال توجد شبكة صرف لمياه األمطار في المساكن, مما يؤدي لتجمع المياه في مداخل المنازل التي ال ت ارعي الميول في تصميمها, وعلى سبيل المثال ما حدث في 1412/7/9-7 ه حيث هطلت أمطار غزيرة على قرية العالية قرب مدينة بيش ونتج عنها دخول المياه إلى المنازل وتلف األثاث مما أضطر أهلها إلى مغادرتها. 27

28 - أن لألمطار تأثير على أسقف المساكن المستوية التي تساعد على تجمع مياه األمطار فوقها مما يشكل ثقال على المسكن, كما قد يؤدي تجمع المياه على األسقف الخرسانية المستوية إلى تآكل األسياخ التي بداخلها مؤدية مع مرور الزمن إلى حدوث تشققات وبالتالي تتسرب المياه إلى الداخل. ومن أبرز المعالجات التي يمكن تطبيقها بناء األسقف مائلة ولو بدرجة بسيطة بشكل يسمح بتصريف مياه األمطار )شكل 4 -ب(, - أن الحرص على نظافة االسطح والتأكد من عمل فتحات تصريف المياه )الم ازريب( في موسم األمطار )شكل 4 -ج(, يعد من أهم المعالجات المعمارية التي يمكن استخدامها لتفادي تجمع المياه على األسطح, مما قد يؤدي إلى تسريبها داخل المسكن واحداث مشاكل في األسقف الداخلية. - أن كبر حجم النوافذ وزيادة عددها يساعد على تسرب كمية أكبر من المياه نحو الداخل وخاصة إذا كانت في الجهة المواجهة للرياح, وترتبط قوة هذا التأثير وفقا لمادة الصنع ومادة الطالء إضافة إلى شكل التصميم. كما أن لألمطار تأثير على مادة صنع بعض مكونات المسكن مثل أسوار المساكن ومقابض األبواب والنوافذ نظ ار لتأثرها بالصدأ عند تعرضها للبلل. ومن أبرز المعالجات التي يمكن تطبيقها طالء الجد ارن بمواد مقاومة المتصاص المياه وتسربها, وال يطبق هذه المعالجة أكثر من %15 من عينة الد ارسة, ومن المعالجات ايضا احكام تركيب النوافذ واألبواب لمنع تسرب المياه. تؤكد نتائج الد ارسة أن %95 من مساكن سهل تهامة ال تستخدم مانعة الصواعق )شكل 4 -د(, رغم أهميتها في الحد من المخاطر - الناتجة عن الصواعق وخاصة عندما يتم تشغيل بعض األجهزة الكهربائية المعتمدة على أجهزة استقبال تساعد على جذب الشحنات الكهربائية من الصاعقة إليها مما يعرض السكان والمساكن إلى الخطر. - تتمثل مشاكل مساكن سهل تهامة الواقعة قرب مجاري األودية في أن السكان كثي ار ما يتناسون األخطار الناتجة عن السيول, ويتعايشون مع وضع بيئي مؤقت فيتوسعون في بناء مساكنهم في بطون األودية, أي في مناطق الخطر, إما لعدم المعرفة بإمكانية الخطر الن بعض األودية في منطقة جا ازن تتعرض لجريان سيلي في فت ارت متباعدة, واما لظروف اقتصادية متدنية كما هو الحال في قرية الخوبة الواقعة شرق منطقة جا ازن على وادي خلب, والتي تعرضت جميع مساكنها الواقعة على حافة الوادي إلى سيل جارف عام 1998 م سمي سيل السبت لوقوعه يوم السبت, والذي أدى الكتساح جميع المساكن وترك آثا ار تخريبية واضحة ولم تنجو إال المساكن الواقعة في المناسيب المرتفعة والتي ال تصلها مياه السيل )العريشي, 2008 م, ص 257 (, 28

29 وكذلك ما حدث يوم الثالثاء الموافق / 2003 م 8/5 حيث تعرض سهل تهامة بمنطقة جا ازن إلى عاصفة رعدية تعد األقوى من نوعها منذ 70 عاما حسب ما ورد في السجالت المناخية منذ بداية التسجيل إضافة إلى ما أفاد به كبار السن بالمنطقة, وقد استمرت األمطار تتساقط بغ ازرة شملت معظم أج ازء المنطقة مما أدى إلى جريان السيول بمعظم أودية المنطقة استمر لمدة ثالثة أيام ومن أهمها وادي بيش, ونتج عن ذلك أن كمية المياه المتدفقة عبر العبارة الجنوبية على الطريق العام كانت تفوق الطاقة االستيعابية لتصريف المياه مما أدى إلى تدفق المياه فوق الطريق العام باتجاه مساكن الحي الجنوبي )و ازرة الداخلية, مديرية الدفاع المدني بمنطقة جا ازن, 2003 م, ص 32 (. ومما أدى إلى زيادة قوة التأثير على معظم المساكن عدم وجود نظام بناء بمواصفات تحافظ على الميول مما أدى إلى عزل - المحافظة وق ارها عن بقية محافظات المنطقة, و ازد من خطورة ذلك أيضا التصرفات الخاطئة من قبل السكان مثل رمي المخلفات وسط المجرى مما يؤدي إلى انسداده, إضافة إلى إقامة حواجز ت اربية "العقوم" بغرض رفع منسوب الماء ليصل إلى األ ارضي الز ارعية مما يؤدي إلى حجز المياه وارتفاع منسوبها وبالتالي تغمر المساكن المجاورة. 29

30 صورة )2( تقشر طالء أحد مباني سهل تهامة في منطقة جا ازن. المصدر: الد ارسة الميدانية. 30

31 شكل )4( بعض المعالجات المناخية الي يمكن تطبيقها للتقليل من تأثير الرياح المتربة واألمطار في سهل تهامة بمنطقة جا ازن. )أ( الغطاء النباتي )ب( ميالن األسقف )ج( إنشاء الم ازريب )د( مانعة الصواعق المصدر: اعداد الباحثة باالعتماد على عدد من الم ارجع )بتصرف(. 31

32 اامسا: النتاهج والتوصيات. النتاهج. - أن أنماط المساكن التقليدية القديمة المتمثلة في نمط العشش والعريش والمدمك رغم ما كانت توفره من ارحة نفسية لساكنيها آنذاك, إال أنها أصبحت غير مالئمة مع التغي ارت الثقافية واالجتماعية والعم ارنية التي تشهدها المنطقة, مما أدى إلى عزوف السكان عنها. - أن المساكن الحديثة كأنماط سكنية جديدة تعتمد اعتمادا كليا على مخططات تعتبر بعيدة عن واقع المنطقة وظروفها المناخية. - ضعف الوعي لدى السكان وأصحاب المخططات العم ارنية, وكذلك النظرة التجارية وضعف الخبرة لدى المكاتب الهندسية بالظروف المناخية, جاء على حساب ارحة السكان حيث تفتقر المساكن للمعالجات المعمارية التي تتوافق مع ظروف المناخ الحار الرطب الذي يميز سهل تهامة. - تتمثل أهم المشاكل المناخية في سهل تهامة بمنطقة جا ازن أثناء تصميم المساكن في ارتفاع درجة الح اررة معظم شهور السنة, حيث تضاعف شعور السكان باالنزعاج وعدم ال ارحة, وتعرض المساكن إلى اجهاد ح ارري ازئد يتطلب العديد من المعالجات المناخية كالتهوية الطبيعية من خالل األفنية الداخلية والمالقف وكاس ارت األشعة الشمسية. - يعتبر الشكل المعماري والطالء الخارجي للمساكن من أهم الخصائص التي تتأثر بالرطوبة وهطول األمطار في سهل تهامة مما يتطلب استخدام معالجات معمارية خاصة كميل األسقف واستخدام الم ازريب ومواد الطالء المقاومة للرطوبة. - تفتقر معظم مساكن سهل تهامة إلى استخدام الزجاج المزدوج كمعالجة معمارية في تقليل تأثير الح اررة والرطوبة على المساكن. أن أكثر من %90 من مساكن سهل تهامة تفتقر للمعالجات حدوثها في موسم األمطار. المعمارية التي تقلل من من التأثي ارت السلبية للصواعق والتي يكثر - - تعد زيادة الغطاء النباتي قرب المساكن في سهل تهامة من أهم المعالجات المناخية لما لها من تأثير إيجابي في حماية المحيط الخارجي للكتلة العم ارنية حيث تصفي الغبار والملوثات التي تنقلها الرياح. 32

33 - أن سوء اختيار موقع المساكن في القرى الممتدة بالبناء حول مجاري األودية قد يؤدي إلى مضاعفة التأثي ارت السلبية للظواهر الجوية, إذ يجعلها أكثر عرضة لمخاطر السيول والتي غالبا ما تكون فجائية. - تبرز قوة تأثير الرياح في المساكن القريبة من تجمعات الكثبان الرملية في موسم العواصف الرملية والت اربية, والتي تعتبر من أهم الظواهر الجوية التي تحتاج إلى معالجات عم ارنية في سهل تهامة بمنطقة جا ازن مثل توجيه مداخل المساكن باتجاه معاكس التجاه الرياح السائدة. إن اعتماد الشكل المت ارص والمتقارب للمباني في سهل تهامة يعد من أهم المعالجات المعمارية التي تقلل من التأثي ارت السلبية - للظواهر الجوية, إضافة إلى قلة الفتحات في الجد ارن الخارجية. 33

34 التوصيات - الحرص على أن يكون التخطيط الحديث المعماري للمساكن في سهل تهامة بمنطقة جا ازن له طابعه الخاص الذي يتالءم مع ظروف سهل تهامة التي تميزه عن باقي مناطق المملكة. فرض أنظمه حكومية تمنع إنشاء المساكن في المناطق التي تتعرض للظواهر الجوية, كمجاري األودية ومناطق تجمع الكثبان - الرملية. مع إعداد خطة إست ارتيجية مناسبة لتحديد األنشطة الوظيفية بهذه المناطق. - توعية أصحاب المكاتب الهندسية بأهمية إنشاء المخططات الهندسية المتوافقة مع بيئة سهل تهامة, بشكل يضمن تهيئة بيئة سكنية مريحة ومتوافقة مع متطلبات السكان. - الحرص على توعية السكان بأهمية تطبيق المعالجات المعمارية التي تقلل من التأثي ارت السلبية للعناصر المناخية, كاعتماد الشكل المتقارب والمت ارص للمباني وكذلك الفناء الداخلي المكشوف واستخدام المواد العازلة للح اررة والرطوبة في جميع مسطحات المبنى الخارجية. - أهمية استخدام الغطاء النباتي بكثافة عالية في سهل تهامة لما لها من تأثير ايجابي في خفض درجة الح اررة وتنقية الهواء. - إج ارء المزيد من الد ارسات البحثية التطبيقية عن تأثير الظواهر الجوية على المساكن كظاهرة الغبرة والسيول والكثبان الرملية. - إنشاء وحدة محلية بمنطقة جا ازن لد ارسة الطاقة المتجددة التي تزخر بها المنطقة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية بهدف استغاللها في التنمية العم ارنية. - توظيف التقنيات الحديثة وأجهزة اإلنذار المبكر حول الظواهر الجوية كالسيول وذلك قبل حدوثها بوقت مبكر, للتخفيف من قوة تأث ارتها السلبية على السكان والمساكن. 34

35 الم ارجا. - الم ارجا الاربية. األحيدب, إب ارهيم سليمان. ) 2004 م(. البيئة واإلنسان, مشكالت وحلول. الطبعة األولى. الناشر المؤلف, الرياض. الدميني, عبد الحق, وحلبوني, غسان. ) 2010 م(. أثر العوامل المناخية في تشكيل العمارة التقليدية في مدينة صنعاء اليمن..1.2 مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية, المجلد 26, العدد األول. 3. الرئاسة العامة لألرصاد وحماية البيئة.) 2002 (. تقرير م ارقبة الجفاف, التوقعات الفصلية ( من يوليو إلى سبتمبر 2002 م(, اإلصدار التاسع. مركز المعلومات والوثائق العلمية, إدارة المناخ. السرسي, مجدي. العريشي, علي محمد. ) 1995 م(. جغ ارفية الز ارعة في منطقة جي ازن. مكتبة األنجلو المصرية, القاهرة. العريشي, على محمد. ) 1982 م(. منطقة جي ازن: د ارسة في الجغ ارفيا اإلقليمية. رسالة ماجستير غير منشورة, كلية العلوم.4.5 االجتماعية, جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية, الرياض. 6. العريشي, عائشة علي. ) 2008 م(. تأثير العواصف الرملية والت اربية والعواصف الرعدية على التنمية البيئية في منطقة جا ازن. رسالة دكتو اره غير منشورة, جامعة الملك خالد, أبها. 7. علي, عبد المطلب محمد. ) 2009 م(. تأثير المناخ على تشكيل عمارة جنوب الوادي بمصر "مدينة الخارجة بالوادي الجديد بالصح ارء الغربية كمثال", مجلة العلوم والتكنولوجيا, المجلد 14, العدد األول. 8. الكبسي, محمد حمود. ) 2009 م(. العمارة الحديثة في اليمن وعالقتها بالعمارة التقليدية. المؤتمر الهندسي الثاني, كلية الهندسة, جامعة عدن, الجمهورية اليمنية. 9. و ازرة الشؤون البلدية والقروية, وكالة الو ازرة لتخطيط المدن.) 2008 م(. المخطط اإلقليمي لمنطقة جا ازن. التقرير الفني الثاني, المعلومات األساسية واألوضاع ال ارهنة, )المجلد األول( الد ارسات الطبيعية والبيئية والعم ارنية. 10. و ازرة المياه والكهرباء, ( م(. العناصر المناخية في محطات جي ازن, بيانات غير منشورة. 35

36 11. و ازرة المياه والكهرباء. ( م(. ملخص األمطار السنوي للمحطات التابعة لمنطقة جا ازن. إدارة تنمية موارد المياه, شعبة الهيدرولوجيا. 12. و ازرة المياه والكهرباء, شركة الكهرباء في منطقة جا ازن, ) 2017 م(. بيانات غير منشورة. 13. و ازرة الداخلية, المديرية العامة للدفاع المدني ) 2003 م( تقرير عن هطول األمطار وجريان السيول بمحافظة بيش والقرى المجاورة بمنطقة جا ازن. بتاريخ 1424/6/15-6/8 ه. مديرية الدفاع المدني بمنطقة جا ازن. 14. الهيئة العامة لألرصاد وحماية البيئة, ) 2017 م(, بيانات مناخية غير منشورة. 36

37 - الم ارجا امننجليزية. - Shawesh, A. (1993); The impact of hot-dry Climate on Housing; A comparative Study between Traditional and Contemporary Houses, with Special Reference to Ghadames City, Libya. Journal. 46-pp 42,of Libya, vol Prianto, E, Bonneaud, P. (2000); Tropical-Humid Architecture in Natural Ventilation Efficient Point of View. A Reference of Traditional Architecture in Indonesia. International Journal on Architectural Science, Volume 1, Number 2, p Kamal, K. (2004); Climatic design of the traditional Malay house to meet the requirements of modern living. The 38th International Conference of Architectural Science Association ANZASCA. Launceston.. Tasmania - Oppong, R, O. Building Material Preferences in Warm-Humid and Hot-Dry Climates in Ghana