ليتا تايلر باحثة أولى في شؤون باإلرهاب ومكافحة اإلرهاب تر د في اآلونة األخيرة أنباء قاتمة من جبهات اإلرهاب ومكافحته. ش ن متطرفون العديد من الهجمات المرو عة على عامة الناس بدعم من الجماعات المسلحة أو دونه. قتل االنتحاريون والمسلحون مئات األشخاص وجرحوا آالفا آخرين منذ أواخر 2015. من ملعب في باريس إلى مقهى في دكا ومن فندق في باماكو إلى شاطئ للمصطافين في ساحل العاج. من احتفال في مكتب حكومي بكاليفورنيا إلى ملهى ليلي للمثليين في فلوريدا ومن مطاري بروكسل واسطنبول إلى حديقة في الهور. على شاطئ البحر في مدينة نيس دهس رجل واحد بشاحنة بضائع 85 شخصا يحتفلون بيوم الباستيل. رغم أن تنظيم "الدولة اإلسالمية")"داعش"( يتراجع في ساحات القتال في الشرق األوسط على ما يبدو وقت كتابة هذا المقال إال أن آالفا من أعضائه شرعوا بالعودة إلى ديارهم في جميع أنحاء العالم بمن فيهم من يحمل خيبة أمله أو من عقد العزم ربما على تنفيذ هجمات في بالده. ربما لم يغادر بعض أعضاء "داعش" بالدهم أساسا. تواصل جماعات مسلحة أخرى هجماتها القاتلة على المدنيين بما فيها "حركة الشباب" في الصومال وفروع تنظيم "القاعدة" مثل "تنظيم القاعدة في بالد المغرب اإلسالمي". ال يزال األشخاص الذين يوصفون ب "الذئاب المنفردة" والمتعاطفين الذين ليس لديهم دعم مباشر من المجموعات المتطرفة المسلحة يشكلون تهديدا قويا. تتبنى عشرات الحكومات مجموعة من قوانين مكافحة اإلرهاب وتدابير منفصلة عن أي عمليات عسكرية مخطط لها أو محتملة استجابة لهذه التحديات الهائلة. تتحمل الدول مسؤولية حماية سكانها من األذى ولكن عديد من هذه القوانين والتدابير الوطنية األخيرة هي إما فضفاضة بشكل خطير أو م بهمة أو متطفلة. بدال من توفيرها قدر أكبر من األمن تعر ض هذه القوانين والتدابير الحقوق األساسية لخطر االنتهاك وسجن األشخاص على وجه الخطأ وتنفير األقليات التي يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في المساعدة على الحد من الهجمات اإلرهابية. يبرز اليوم تطوران رئيسيان مترابطان: انتشار قوانين مكافحة اإلرهاب التي يستهدف كثير منها ما يسمى "المقاتلين اإلرهابيين األجانب" وإعالن حاالت الطوارئ لمكافحة التهديدات اإلرهابية. هرعت الحكومات في حاالت كثيرة إلى اتخاذ هذه التدابير في أعقاب هجمات مأساوية دون نقاش يذكر وهو األمر الذي تبين تجربة الماضي أنه يخلق خطرا جديا من أن تصبح اإلجراءات االستثنائية هي القاعدة السائدة دون رقابة عامة كافية أو النظر في تأثيرها على المدى الطويل. أولئك الذين يمكن أن يتحملوا جريرة التدابير الفضفاضة جدا أو المبهمة لمكافحة اإلرهاب ليسوا فقط المتهمين
باإلرهاب ولكن المتظاهرين السلميين والصحفيين والمعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق اإلنسان وأعضاء الجماعات العرقية أو الدينية أيضا. كثير من الذين يتعرضون لخطر االستهداف ظلما أو للوصم االجتماعي هم من المسلمين في العمليات التي تنفذ ضد جماعات إسالمية مسلحة. تصاعدت كراهية األجانب ومعاداة اإلسالم في الدول الغربية والتي أثارها جزئيا شخصيات سياسية تستغل هجوم اإلسالميين المتطرفين وأزمة الالجئين العالمية التي شردت الماليين ال سيما من البلدان ذات األغلبية المسلمة مثل سوريا وأفغانستان والصومال بما يهدد بمزيد من الخلط بين المسلمين والمتطرفين المسلحين. رغم ذلك فكثير من ضحايا الهجمات المسلحة اإلسالمية مسلمون وعديد من الالجئين يفرون من فظائع الجماعات المسلحة المتطرفة مثل داعش. هناك دليل ضعيف - إن وجد - يشير إلى أن الالجئين أو طالبي اللجوء يشكلون خطرا أمنيا أكبر من المجموعات األخرى كما الحظ المقرر الخاص لألمم المتحدة المعني بمكافحة اإلرهاب وحقوق اإلنسان. يمكن لعديد من اإلجراءات األخيرة لمكافحة اإلرهاب أن تصون األمن وتحمي القيم األساسية إن س نت ون فذت بشكل صحيح. إال أنها غالبا ما تصاغ أو تنفذ بطرق قد تؤثر على سيادة القانون وحقوق اإلنسان بما فيه في الدول ذات الحكومات الديمقراطية التي يجب أن تكون في طليعة حماتها. تشمل قوانين ولوائح مكافحة اإلرهاب في عدد متزايد من البلدان واحدا أو أكثر من أحكام "المقاتلين اإلرهابيين األجانب". أظهرت أبحاث "هيومن رايتس ووتش" أن 47 بلدا على األقل مرر قوانين "المقاتلين اإلرهابيين األجانب" منذ عام 2013 في أكبر موجة من إجراءات مكافحة اإلرهاب منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ضم ت عديد من قوانين مكافحة اإلرهاب السابقة بنودا مشابهة وإشكالية بنفس القدر مثل توسيع سلطات الشرطة واالستخبارات دون ضمانات قانونية كافية. تفاقم هذه الموجة الثانية احتماالت سوء المعاملة. الدول التي سن ت قوانين جديدة لمكافحة اإلرهاب أو شددت تلك الموجودة مسبقا هي: الجزائر النمسا أستراليا البحرين بلجيكا البوسنة والهرسك البرازيل بلغاريا الكاميرون كندا تشاد الصين الدنمارك مصر فرنسا ألمانيا إندونيسيا إيرلندا إسرائيل إيطاليا األردن كازاخستان كينيا كوسوفو ليبيا مقدونيا ماليزيا المغرب هولندا نيوزيلندا النرويج باكستان بولندا البرتغال روسيا السعودية صربيا إسبانيا السويد سويسرا طاجيكستان تونس أوغندا اإلمارات المملكة المتحدة الواليات المتحدة وأوزبكستان. تسن عديد من الدول هذه التدابير لالمتثال لقرار مجلس األمن 2178 لعام 2014 والذي يهدف لوقف "التهديد الحاد والمتزايد" الذي يشكله "المقاتلون اإلرهابيون األجانب" في الداخل والخارج. يطلب القرار 2178 الذي عملت الواليات المتحدة على صياغته في المقام األول من جميع الدول األعضاء في األمم المتحدة محاكمة مجموعة من األفعال على أنها "جرائم جنائية خطيرة" مثل التدرب مع مجموعات إرهابية أجنبية أو القتال لديها أو التجنيد في صفوف هذه المجموعات أو تمويل عملياتها. قد رت الواليات المتحدة في أكتوبر/تشرين األول 2016 أن 40 ألف مقاتل أجنبي من أكثر من 120 بلدا ذهبوا إلى سوريا خالل السنوات الخمس السابقة رغم أنه يبدو أن هذه الموجة قد انحسرت.
يشوب القرار 2178 إغفال خطير فهو ال يحد األفعال التي يمكن أن تعتبرها الحكومات "إرهابا" أو أن شخصا ما "إرهابيا" وهما تعبيران ال يوجد لهما تعريف قانوني عالمي. ترك هذا اإلغفال للحكومات حرية صياغة قوانين مفتوحة خطيرة يمكن استخدامها لتجريم أنشطة مسموحة دوليا من بينها االحتجاجات السلمية وإبداء اآلراء االنتقادية وحرية التنقل والدين. يعر ض هذا أيضا ضمانات المحاكمة العادلة والحق في الخصوصية وحتى الحق في الحياة للخطر. يمكن لتدابير "المقاتلين اإلرهابيين األجانب" أيضا تعريض المساعدات اإلنسانية للخطر من خالل تجريم توصيل المساعدات المحايدة والعالج الطبي الضروري للحياة على يد المتطوعين األجانب والمنظمات غير الحكومية. تتعارض القوانين الفضفاضة والمبهمة مع المبدأ األساسي في القانون الدولي لحقوق اإلنسان الذي ينص على وجوب صياغة القوانين بدقة وبشكل مفهوم لضمان عدم استخدامها تعسفيا ولكي يعرف الناس أي أفعال قد تشكل جريمة. عدد كبير من األجانب الذين ينضمون إلى جماعات مثل داعش هم من األطفال في سن المراهقة بمن فيهم بعض الذين ج ندوا قسرا. تثير كيفية تطبيق الدول لقوانين "المقاتلين اإلرهابيين األجانب" قلقا خاصا في مثل هذه الحاالت. يعتبر تجنيد األطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما جريمة حرب. على الحكومات عموما معالجة مسألة الجنود األطفال قبل كل شيء على أنهم ضحايا يحتاجون إلى التأهيل واإلدماج االجتماعي وليس االعتقال والمالحقة القضائية. ينبغي أيضا معالجة مسألة البالغين الذين لم تشمل أفعالهم في الخارج التدخل المباشر في العنف المسلح بإدراجهم في برامج إعادة إدماج بدال من السجن الجنائي. يمكن لهذه البرامج أن تشمل مراقبة المشتبه بهم شريطة أال تنتهك التدابير الخصوصية بشكل مفرط وأن تخضع لمراجعة فعالة. سن ت دول من بينها أستراليا والبرازيل وكندا والصين ومصر وإسرائيل والسعودية وتونس قوانين مكافحة اإلرهاب لتجريم األنشطة غير العنيفة التي ال ترقى إلى الدعم المادي أو المشاركة مثل ترديد نشيد جماعة محظورة أو المشاركة في احتجاجات ضد الحكومة. شمل تعريف الصين ل "اإلرهاب" في يناير/كانون الثاني 2016 مصطلحا يمكن أن يعطي معنى "نشر" و"مناصرة" في آن وهو ما يمكن أن يكون أداة جديدة لتجريم الفكر أو التعبير. يخلق قانون كندا لمكافحة اإلرهاب لعام 2015 جريمة تتمثل في القيام عن علم وبي نة ب "الدعوة أو الترويج الرتكاب جرائم اإلرهاب بشكل عام" دون تعريف مصطلح "جرائم اإلرهاب بشكل عام". تتضمن قائمة الجرائم في القانون اإلسرائيلي لمكافحة اإلرهاب لعام 2016 التعبير عن الدعم لجماعة مصنفة إرهابية بأعمال مثل التلويح بأعالم الجماعة أو ترديد نشيدها وهي أعمال يعاقب عليها بما يصل إلى السجن 3 سنوات كحد أقصى. تجرم الدول أيضا جرائم "تمجيد" اإلرهاب أو هي صع دت من استخدام هذه الجرائم بغض النظر عما إذا كان هذا الثناء يرقى إلى التحريض. في فبراير/شباط 2016 اتهمت محكمة إسبانية محرك ي دمى اثنين ب "تمجيد االرهاب" لتنظيمهما
عرض كرنفال تضمن مشاهد عنف وعرض دمية تحمل الفتة تشير إلى "تنظيم القاعدة" و"جماعة إيتا" الباسكية المسلحة. أسقط القاضي التهم بعد 4 أشهر ولكن س جن المذكوران 4 أيام وم نعا من مغادرة البالد. في أعقاب هجمات "تشارلي إبدو" طبقت فرنسا قانون "تمجيد" اإلرهاب الموجود مسبقا في قانون العقوبات الفرنسي على نطاق واسع وأدانت 385 شخصا عام 2015. في 4 حاالت على األقل استجوب المد عون أطفاال بعضهم ال يتجاوز عمره 13 عاما بسبب استخدامهم مقوالت لداعش على وسائل التواصل االجتماعي وخالل مشادات مع الشرطة. تشمل عديد من تدابير "المقاتلين اإلرهابيين األجانب" فرض حظر السفر وي نفذ في أحيان كثيرة بتعليق صالحية جوازات السفر وبطاقات الهوية الوطنية ألشخاص يشتبه في نيتهم السفر إلى الخارج لالنضمام أو التدرب مع جماعات تعتبرها الحكومة منظمات إرهابية أجنبية. تتراوح فترة التعليق عموما بين 6 أشهر وسنتين. ال تقيد المملكة المتحدة المغادرين فحسب إنما أيضا عودة المواطنين والمقيمين الذين يشتبه أن سفرهم له عالقة باإلرهاب إذا رفضوا المشاركة في برنامج نزع التطرف. سن ت تونس ومصر حظر سفر شامل إلى الخارج على الذكور تحت سن 35 و 40 على التوالي. استخدمت دول بما فيها مصر وكينيا مثل هذا المنع من السفر لمنع شخصيات معارضة وأكاديميين من السفر فضال عن أعضاء المجتمع المدني المدعوين إلى ورش تدريبية. قد يكون لحظر السفر ما يبرره في بعض الحاالت إال أن الحظر الشامل قد ينتهك الحق الدولي في مغادرة اإلنسان لبلده أو العودة إليه ويمكن أن يضر أفراد أسرة المشتبه به. ما يثير القلق بشكل خاص هو حقيقة أن عديدا من الدول ال تفرض موافقة قضائية مسبقة لحظر السفر أو تعليق جوازات السفر وبطاقات الهوية. تمرر دول أيضا قوانين ت مك ن من سحب الجنسية من مزدوجي الجنسية المدانين بجرائم تتعلق باإلرهاب. يسمح "قانون الوالء األسترالي" الذي صدر في ديسمبر/كانون األول 2015 لسلطات الهجرة بسحب الجنسية األسترالية من مزدوجي الجنسية الذين ال تتجاوز أعمارهم 14 عاما دون الحاجة إلى إدانة جنائية إذا رأوا أن الفرد شارك في جرائم إرهاب خطيرة في الخارج. من بين الدول األخرى التي مررت قوانين التجريد من المواطنة: النمسا أستراليا البحرين بلجيكا كندا هولندا والمملكة المتحدة. يؤكد القانون الدولي على أن لكل شخص الحق في التمتع بجنسية ما. في حين تسمح معظم الدول بسحب الجنسية فقط إن كان الشخص المعني يحمل جنسية ثانية تسمح المملكة المتحدة بسحب الجنسية من المواطنين البريطانيين المجن سين الذين ال يحملون جنسية أخرى ما يخلق مخاطر انعدام الجنسية. أفادت تقارير أن البحرين سحبت الجنسية من أكثر من 300 شخص منذ عام 2012 من بينهم نشطاء مجتمع مدني وصحفيين وشخصيات دينية عديدة اعتمادا على تعديل عام 2014 لقانون مكافحة اإلرهاب والذي يسمح للسلطات بسحب الجنسية من البحرينيين الذين "سببوا ضررا للدولة" أو فشلوا في "واجب الوالء لها" مخلفة العديد منهم بال جنسية حسب التقارير.
بلجيكا وكندا والصين وفرنسا وإسرائيل وباكستان وبولندا وروسيا وتونس هي من بين الدول التي وسعت سلطات الشرطة أو المخابرات فيما يتعلق بقضايا اإلرهاب مع عدم وجود رقابة كافية في كثير من الحاالت. يسمح قانون مكافحة اإلرهاب الكندي لعام 2015 ل "جهاز االستخبارات األمنية الكندية" بتعطيل األنشطة إذا رأى أنها غير قانونية وحتى بانتهاك ميثاق البالد للحقوق والحريات إن حصل جهاز االستخبارات على أمر قضائي في جلسة سرية. يسمح القانون البولندي لمكافحة اإلرهاب لعام 2016 بمراقبة األجانب لمدة تصل إلى 3 أشهر دون أمر من المحكمة. كما يخول قائد قوات األمن المحلية بإصدار أوامر للقناصة بإطالق النار للقتل لمنع هجوم وشيك على حياة أو صحة اإلنسان أو عند إنقاذ رهينة عندما تكون البالد في أعلى مستوى تهديد. ال تتيح مبادئ األمم المتحدة ألجهزة الشرطة استخدام القوة المميتة إال كحل أخير إلنقاذ حياة اآلخرين. يثير القانون البولندي القلق من أن يصدر القائد أمر القتل دون تحديد أن هناك خطر وشيك على حياة إنسان. مررت فرنسا منذ عام 2013 عديدا من القوانين التي تشر ع السلطة الواسعة للمراقبة الرقمية على أسس استهداف أو كإجراءات مراقبة شاملة على حد سواء. قد يضطر مزودو خدمات اإلنترنت لتثبيت "صناديق سوداء" على شبكاتهم للبحث في حركة المرور بأكملها عن أنماط "مشبوهة" غير محددة. ال تفرض هذه القوانين ضمانات كافية ضد سوء استخدام تدابير المراقبة وال تتطلب غالبا موافقة قضائية مسبقة. كما سن ت روسيا والصين قوانين مراقبة شاملة. تستمر الواليات المتحدة والمملكة المتحدة في جمع بيانات مئات الماليين من مستخدمي اإلنترنت في جميع أنحاء العالم كل يوم بعد 3 سنوات من كشف الم بل غ األمريكي إدوارد سنودن ألول مرة عن هذه االنتهاكات الجماعية للخصوصية. لم تكن اإلصالحات في الواليات المتحدة عام 2015 كافية وال إصالحات سلطات المخابرات المقترحة في المملكة المتحدة حتى وقت كتابة المقال. إلى جانب التدابير التي تحظر سفر "المقاتلين اإلرهابيين األجانب" إلى الخارج سن ت دول منها أستراليا وكندا وفرنسا وليبيا والمملكة المتحدة أو استمرت في استخدام الحبس االحتياطي أو تدابير "التقييد" تجاه المتهمين باإلرهاب والتي تقيد بشدة تحركاتهم في بالدهم. رغم تعهد الرئيس األمريكي باراك أوباما لدى توليه منصبه عام 2009 بإغالق السجن العسكري األمريكي في خليج غوانتانامو فحتى وقت كتابة هذا المقال ال تزال الواليات المتحدة تحتجز عشرات األفراد هناك دون تهمة وألجل غير مسم ى. تحد تدابير الحبس االحتياطي وأوامر التقييد حرية الناس بسبب االشتباه بأنهم قد ينوون ارتكاب عمل إجرامي في المستقبل وليس ألنه مشتبه بهم أو أدينوا بارتكاب جريمة في الماضي. ت فرض هذه التدابير على أساس عتبة أدنى من األدلة من تلك المطلوبة لإلدانة الجنائية وفي بعض الحاالت على أساس معلومات استخباراتية قد يصعب على المتهم الطعن فيها. قد تكون أوامر التقييد مسموحة في ظروف استثنائية دقيقة التعريف مثل وجود دليل واضح على وجود
تهديد محتمل لكن استخدامها الروتيني ينتهك القانون الدولي لحقوق اإلنسان. تشمل أوامر التقييد عادة حظر التجوال والحبس المنزلي المشدد والنقل الداخلي القسري والقيود المفروضة على مكان الصالة للمستهدفين أو من يمكنهم زيارتهم أو المواقع اإللكترونية التي يمكنهم االطالع عليها وحتى المواد االستهالكية التي يمكنهم استهالكها. يتعرض المشتبه في صلتهم باإلرهاب بشكل متزايد إلى فترات احتجاز قبل توجيه االتهام أو المحاكمة تتجاوز المنصوص عليه في المبادئ التوجيهية الدولية. ي حتجز المعتقلون في بعض الحاالت بمعزل عن العالم الخارجي. تقتضي المعايير الدولية مراجعة قضائية "فورية" لالحتجاز وعموما في غضون 48 ساعة ألن الفترات األطول تزيد خطر التعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. تشاد ومصر وفرنسا وماليزيا وبولندا والسعودية وإسبانيا وتونس هي من بين الدول التي تستخدم االحتجاز قبل توجيه االتهام أو المحاكمة بشكل مفرط. تسمح تشاد باالحتجاز قبل توجيه االتهام لمدة 30 يوما قابلة للتجديد مرتين. يسمح "قانون منع اإلرهاب" الماليزي لعام 2015 باالحتجاز السابق للمحاكمة لمدة تصل إلى عامين مع تمديد لمدة سنتين قابلة للتجديد إلى أجل غير مسمى. يسود اتجاه آخر هو استخدام محاكم أو إجراءات خاصة للمتهمين باإلرهاب تضرب بعرض الحائط معايير سالمة إجراءات المحاكمة الدولية من خالل عقد جلسات مغلقة بمبرر ضعيف أو بال مبرر وتقيد حقوق المشتبه بهم باستشارة محام أو معاينة األدلة المقدمة ضدهم أو استجواب من أدلوا بشهادة ضدهم. حاكمت المحاكم المصرية مئات المشتبه بهم اإلسالميين في محاكمات جماعية قال محامون إنهم حرموا من الحق في المرافعة أو استجواب شهودهم خاللها. تجمع تشاد ومصر وباكستان والسعودية واإلمارات والواليات المتحدة بين إجراءات بتهم تتعلق باإلرهاب وعقوبة اإلعدام. أعدمت باكستان والسعودية منذ أواخر 2015 عشرات األفراد بتهم اإلرهاب بما يشمل بعد محاكمات لم تستوف المعايير الدولية الواجبة. أعدمت تشاد 10 رجال عام 2015 في يوم واحد بعد إدانتهم خالل مداوالت قضائية سرية. واصلت الواليات المتحدة محاكمة المعتقلين في غوانتانامو بلجان عسكرية ال تفي بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. يواجه 6 من 7 رجال متهمين حاليا عقوبة اإلعدام. طلب قرار مجلس األمن الدولي رقم 2178 أيضا من الدول "تعزيز الجهود" بهدف "مكافحة التطرف العنيف" ويشار إليه أحيانا ب "منع التطرف العنيف" في أنشطة تعليمية واجتماعية وغيرها. يمكن للجهود المبذولة لثني األفراد عن االنضمام إلى أو دعم الجماعات اإلرهابية باإلضافة إلى جهود مكافحة
اإلرهاب أن تكون موضع ترحيب إذا هي ن فذ ت مع مراعاة واحترام حقوق اإلنسان. مع ذلك يصنف القرار 2178 "منع التطرف" باعتباره "عنصرا أساسيا" في "مكافحة التطرف العنيف" دون اشتراط انطواء السلوك "المتطرف" على العنف أو العنف المقصود. يثير هذا مخاوف من فرض قيود صارمة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات السلميتين بما فيها الحريات األكاديمية والتدين. بعد هجوم يوم الباستيل في نيس بفرنسا استخدم رؤساء البلديات على طول شاطئ الريفييرا "مكافحة التطرف العنيف" كمبرر لحظر "البوركيني" )لباس سباحة مستوحى من "البرقع"( بحجة احتمال "االنتماء لألصولية الدينية". نقضت محكمة هذا الحظر رافضة صحة أي صلة بين المالبس وتهديدات األمن القومي ولكن النقاش ال يزال محتدما. انت قد برنامج "مكافحة التطرف العنيف" القديم في المملكة المتحدة بسبب نهجه الفضفاض والذي تضمن مراقبة الشرطة لمناطق تقطنها أغلبية من المسلمين في مدينة بريطانية. فرضت المملكة المتحدة عام 2015 واجبا على المدارس االبتدائية والجامعات ومقدمي الرعاية الصحية ب "منع" التطرف العنيف. ظهرت تقارير تفيد بأن المدارس والجامعات تلقي الشبهات على أنشطة مشروعة األمر الذي يهدد بوجود تأثير سلبي على الحريات األكاديمية. توجه بعض تعليمات برامج "مكافحة التطرف العنيف" في الواليات المتحدة تعليمات لالختصاصيين االجتماعيين والمدرسين والعاملين في مجال الصحة العقلية والشخصيات الدينية وآخرين بتقديم تقارير عن الشباب الذين يعتقد أنهم يتجهون نحو التطرف بناء على معايير مثل "تصور الشعور بالظلم" أو " التعبير عن اليأس وعدم الجدوى" أو" االتصال بمجموعة ذات هوية خاصة )العرق أو الجنسية أو الدين أو األصل القومي(". اعتمدت مصر وإثيوبيا وفرنسا ومالي وتونس وتركيا أواخر 2015 على اإلرهاب كذريعة لسن أو تمديد حالة الطوارئ. تزيد بعض هذه التدابير الطارئة سلطات الحكومة بشكل كبير في البحث واالعتقال ومراقبة األفراد وإغالق المؤسسات مثل أماكن االجتماعات ودور العبادة وحظر التجمعات العامة وحرية التعبير. يسمح القانون الدولي بفرض قيود على الحقوق والحريات األساسية أثناء األزمات الشديدة مثل تلك التي تهدد حياة األمة. ومع ذلك يجب أن تكون القيود مؤقتة وغير تمييزية ومحدودة للغاية في نطاقها. بعض الحقوق غير قابلة لالنتقاص بما فيها الحق في الحياة وعدم التعرض للتعذيب أو المعاملة الالإنسانية أو المهينة والشرعية والمساواة أمام القانون وحرية الفكر والضمير والدين. انتهكت عديد من التدابير في ظل حاالت الطوارئ هذه المبادئ. أعلنت إثيوبيا في أكتوبر/تشرين األول 2016 حالة طوارئ شاملة ل 6 أشهر بعد حملة قمع شنتها الحكومة في منطقة أوروميا المضطربة التي قتل فيها 500 شخص على األقل في احتجاجات كانت إلى حد كبير غير عنيفة خالل العام الماضي. وصفت الحكومة المحتجين ب "اإلرهابيين" أو أنهم يعملون مع "جماعات إرهابية في الخارج". اعت قل حتى وقت كتابة هذا المقال 1600 شخص خالل حالة الطوارئ باإلضافة إلى عشرات اآلالف اآلخرين المحتجزين في مناطق احتج فيها السكان على سياسات الحكومة العام الماضي. تلق ت هيومن رايتس ووتش تقارير غير مؤكدة عن عمليات قتل غير قانونية واعتقاالت جماعية ونهب منازل وأعيان تجارية من قبل قوات األمن. ح جب وصول الهاتف المحمول إلى شبكة اإلنترنت وتوقفت صحيفة "ستاندرد أبابا" وهي واحدة من قلة تبقت من المنشورات المستقلة في إثيوبيا عن نشر نسختها المطبوعة بسبب قيود حالة الطوارئ. كما واصلت إثيوبيا اعتقال
عشرات من زعماء المعارضة والصحفيين والمعارضين بموجب قانونها لمكافحة اإلرهاب الفضفاض لعام 2009. رد ا على محاولة انقالب في يوليو/تموز 2016 فرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالة الطوارئ حتى يناير/كانون الثاني عام 2017 لسحق ما وصفه بأنه "منظمة فتح هللا اإلرهابية" في إشارة إلى أنصار رجل الدين المقيم في الواليات المتحدة فتح هللا غولن الذي اته م بتدبير محاولة االنقالب الفاشلة. استخدم أردوغان سلطات الطوارئ العتقال أكثر من 40 ألف شخص بينهم جنود ورجال شرطة وقضاة وأعضاء في النيابة العامة وصحفيين ومعلمين لالشتباه في تورطهم في االنقالب أو االنتماء إلى "منظمة فتح هللا اإلرهابية". استخدمت حكومة أردوغان أيضا سلطات حالة الطوارئ في قمع النشطاء األكراد والمسؤولين المنتخبين من المعارضة ووسائل اإلعالم تحت ستار مكافحة اإلرهاب. ت مدد سلطات الطوارئ أيضا الحبس االحتياطي )قبل توجيه اتهامات( من طرف الشرطة للمشتبه بهم باإلرهاب من 4 أيام إلى 30 يوما وي حرم المعتقل من مقابلة محاميه لمدة 5 أيام وتزيل ضمانات حاسمة ضد التعذيب. لذلك ظهرت مزاعم التعذيب وغيره من ضروب إساءة معاملة المعتقلين بعد إعالن حالة الطوارئ. فع لت فرنسا قانون الطوارئ بعد هجمات باريس في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015 ومددته حتى يناير/كانون الثاني 2017. بدا أن هناك تمديدا آخر على األرجح في وقت كتابة المقال. يخول القانون الشرطة بمداهمة المنازل والبنايات وتفتيش األمتعة والمركبات واالستيالء على بيانات من أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة دون موافقة مسبقة من سلطة قضائية. كما تسمح لوزير الداخلية بوضع األفراد تحت اإلقامة الجبرية بتهم مبهمة مثل اعتبارهم "متطرفين" وأيضا من دون موافقة قضائية مسبقة. وث قت هيومن رايتس ووتش أعمال تفتيش تعسفي وتمييزي وإقامة جبرية لمسلمين في ظل حالة الطوارئ. استخدمت تونس حالة الطوارئ التي أعلنت عام 2015 بعد سلسلة من الهجمات المتطرفة المسلحة لف ض احتجاجات بدت سلمية ضد مشروع قانون لمنح الحصانة لمسؤولين حكوميين سابقين بتهمة الفساد. كما احتجزت 139 شخصا على األقل في منازلهم إلى أجل غير مسمى ودون تهمة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2015 كما كشف تحقيق ل هيومن رايتس ووتش. تسلم الشرطة أوامر االعتقال شفويا وليس كتابة مما يصعب على الشخص المعني الطعن على حبسه أمام المحاكم. تذرعت مصر باإلرهاب كسبب الستمرار حالة الطوارئ في شمال سيناء منذ عام 2014 وسهل ذلك على الجيش والشرطة تنفيذ االعتقاالت التعسفية وآالف عمليات اإلجالء الجماعي وهدم المنازل بما ينتهك القانون الدولي لحقوق اإلنسان. *** يمكن للقوانين الموجهة وبرامج الوقاية أن تكون أدوات هامة لمواجهة التحديات الملح ة والعابرة للدول التي تشكلها الجماعات المتطرفة المسلحة. لكن الموجة األخيرة من التدابير الشاملة لمكافحة اإلرهاب في جميع أنحاء العالم تشير إلى أن العديد من الحكومات لم تتعلم الدرس من "الحرب العالمية على اإلرهاب" المدمرة التي شنتها الواليات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. بينما تشير دول عديدة اآلن إلى حقوق اإلنسان في مبادراتها لمكافحة اإلرهاب
تعتمد قوانينها وسياساتها على اإلفراط البالغ واالستغناء إلى حد بعيد عن المراجعة القضائية والمراقبة الالزمة لمنع سوء المعاملة. على الدول األعضاء في األمم المتحدة الضغط على مجلس األمن للحد من األفعال التي تعتبر "إرهابا" في قرارات مثل القرار 2178 كخطوة رئيسية نحو عكس هذا االتجاه والتأكد من أنها تتفق تماما مع القانون الدولي لحقوق اإلنسان وقانون الالجئين والقانون اإلنساني الدولي )قوانين الحرب(. ينبغي على سبيل المثال أن تستبعد هذه التعاريف األعمال التي تفتقر إلى عناصر القصد الجنائي إلحداث الوفاة أو اإلصابات البدنية الخطيرة أو أخذ الرهائن لخلق حالة من الذعر إلثارة استجابة الحكومة أو طرف ثالث. على الهيئات اإلقليمية مثل االتحاد األوروبي واالتحاد األفريقي القيام باألمر نفسه. على الحكومات بدورها أن تلغي فورا أو تراجع التدابير الفضفاضة أو الم بهمة المتعلقة ب "المقاتلين اإلرهابيين األجانب" و"مكافحة التطرف العنيف". وعندما تواجه تهديدات غير عادية بشكل يستدعي إعالن حالة الطوارئ فعليها الحد من نطاق ومدة سلطات الطوارئ بما هو ضروري حقا لمعالجة األزمة وعليها أن تدعو الدول األخرى لتحذو حذوها. من واجب الحكومات االستجابة الفعالة للهجمات ولكن ال ينبغي أن تأتي االستجابات الفعالة على حساب حقوق اإلنسان األساسية. الردود المسيئة ليست غير قانونية فقط إنما أيضا تؤدي إلى نتائج عكسية إذ هي تستعدي السكان المحليين في الوقت الذي ينبغي أن تسعى الحكومات إلى توحيد المجتمعات ضد التهديدات المسلحة المتطرفة.