القرآن الكريم منهج في التحذير من الجاهلية )جملة امليزان للدراسات اإلسالمية والقانونية جامعة العلوم اإلسالمية العاملية. توجد موافقة بتاريخ 2017/8/7( إعداد د. عودة عبد عبد هللا* Odeh Abdullah أ. بالل عبد الرحمن سليم** Bilal Saleem * أستاذ مشارك قسم أصول الدين جامعة النجاح الوطنية فلسطين فلسطين أصول الدين جامعة النجاح الوطنية ** ماجستير 1
القرآن الكريم منهج في التحذير من الجاهلية ملخص البحث يقوم هذا البحث على د ارسة المنهج واضحا جليا من خالل وبطالنها. منهج القرآن الكريم في التحذير من الجاهلي ة. القرآن الكريم تحذير وقد ظهر هذا من سلوك الجاهلية وبيان زيفها ثم دعوة القرآن الكريم لإلع ارض عن الجاهلية والنهي عن التشبه بها. إضافة لوصف األمم الكافرة بالجهل كما كان الحال مع قوم نوح عليه السالم وقوم عاد وبني إس ارئيل. وأخي ار بيان ب ارءة األنبياء عليهم السالم من الجهل والجاهلية باعتبارها عنوانا للنكوص عن الحق واالنح ارف عن المنهج السليم. الكلمات الدالة: القرآن التفسير الموضوعي الجاهلية Quran's approach in the warning of JAHILIYYAH Abstract This research aims to study the Quran s approach regarding warning from ignorance. This approach has clearly presented through the Quranic texts which implemented sever warning of the ignorance era behavior. The Quran call to reluctant ignorance by describing former infidel Nations with ignorance, as the case of Noah s people peace be upon him, people of Add (the people of the prophet Hud, and the people of Israel. Finally, the research clarifies the virtuousness of the prophets, peace be upon them from ignorance which is considered as a deviation from the right approach. 2
القرآن الكريم منهج في التحذير من الجاهلية مقدمة الحمد هلل رب العالمين, والصالة والسالم على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد هللا, وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وبعد: إن الناظر بعين التأمل والتدبر في كتاب هللا تعالى يجد أن الجاهلية ليست مرحلة زمنية أتت وانقضت, وإنما هي تصو ارت وعقائد وأحكام وسلوك وأخالق وأوضاع بنيت على غير هدي السماء سست على الهوى والتقليد لآلباء واألجداد. وأ ومن خالل تتبع آيات الذكر الحكيم المتعلقة بالجهل والجاهلية وجود تبين حقائق مهمة, وضوابط للتصو ارت والقيم ال غنى للمسلم المعاصر عنها, وهو يعيش ويعايش الجاهلية المعاصرة بصورها المتعددة والمختلفة. ينطلق من وهذا البحث التي ذكرت القرآنية اآليات الجهل والجاهلية بغرض الوقوف على منهج القرآن الكريم في التحذير من الجاهلية ومسالكها وذلك من خالل تحليل الواقع المعيش واإلشارة إلى مظاهر الجاهلية فيه والتطرق إلى كثير من المجاالت التي المستها الجاهلية في هذا العصر وما يترتب على ذلك من نتائج وآثار سلبية ينبغي الحذر منها. الد ارسات السابقة: بعد البحث والتحر ي في الد ارسات القرآنية, وجدت بعض الد ارسات التي لها عالقة بموضوع الجاهلية في القرآن الكريم, ومن أهم ها: جاهلية القرن العشرين لمحمد قطب: تحد ث فيه مؤل فه عن مالمح الجاهلية الحديثة وانح ارف 1 تصو ارتها وفساد سلوكها وعرض ذلك كل حسب مجاله فبي ن انح ارف الجاهلية في السياسة واالقتصاد واالجتماع واألخالق وغير ذلك من المجاالت. 2 حكم الجاهلية ألحمد شاكر: تحد ث فيه مؤل فه عن بعض مظاهر الجاهلية في هذا العصر وربط كل مظهر بأعداء اإلسالم مشي ار إلى دورهم القوي في تشويه اإلسالم وطمس شعائره. 3
مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول هللا أهل الجاهلية لمحمود شكري اآللوسي: تحد ث فيه 3 مؤلفه عن بعض مظاهر الجاهلية مشي ار إلى السبب الرئيس و ارء ذلك والذي هو غياب الدين. 4 التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق, للدكتور صالح الخالدي: حيث تناول في الجانب التطبيقي في أحد فصوله موضوع الجاهلية كنموذج لتفسير المصطلح القرآني. أهمية الد ارسة: تكتسب هذه الد ارسة أهميتها من طبيعة الموضوع الذي تعالجه, ويمكن إجمال أهمية هذه الد ارسة في اآلتي: فهي د ارسة قرآنية بالدرجة األولى, القر آن الكريم كان إذ إن 1 إنها جاءت خدمة لكتاب هللا تعالى, المصدر األول واألساس والرئيس فيها. 2 إنها د ارسة واقعية هامة تكشف عن الداء وتقد م الدواء. ركاما 3 إنها جاءت لتزيل من الشبهات والتساؤالت حول مفهوم الجاهلية وتطبيقاتها في العصر الحديث. مشكلة الد ارسة: تحاول هذه الد ارسة اإلجابة عن األسئلة التالية: بموضوع 1 ما مدى اهتمام القرآن الكريم الجاهلية الذي سلكه المنهج القرآن الكريم في التحذير من الجاهلية 2 ما القرآن الكريم هذه القضية بكل جوانبها المتعددة 3 كيف عالج 4 كيف تابع القرآن الكريم اآلثار المترتبة على الجاهلية أهداف الد ارسة: تتلخص أهداف هذه الد ارسة باآلتي: 1 لفت األنظار إلى منهج الق آرن الكريم في التحذير من الجاهلية. 2 اإلفادة من هذا المنهج في حياة المسلم المعاصر. 3 التحذير من هذا الداء العضال حتى ال يستشري في المجتمع. 4
منهجية الد ارسة: اتبعت في هذه الد ارسة المنهج االستق ارئي التحليلي, وذلك من خالل جمع اآليات القرآنية التي تحدثت ص ارحة عن الجهل والجاهلية, ثم تحليل ود ارسة هذه اآليات وفق منهجية البحث في التفسير الموضوعي. وإني مقر واالستنباط, فإن كان صوابا وأتوب إليه. لم إذا الجهل في 1 ت عرفه" ولهذا أن هذا الجهد الذي قمت به هو جهد المق ل فمن هللا تعالى اللغة يدل على نقيض العلم قال زوال قيل: المتعلقة بالجهل فيقول: "الجهل جعل وقد ما بخالف ذلك هو بعض عليه فاسدا كمن يترك الصالة المتكلمين والثالث: الجهل على معنى فعل ثالثة بالعلم مقتضيا الشيء فله الحمد والمن ة, وإن كان الثاني فمني تمهيد وزوال أضرب: لألفعال بخالف األزهري: الغي األول: ما ولكنها محاولة للوقوف والتأمل و التدبر كالم في "والمعروف وحدي الع ر ب وأستغفر هللا الشيء جهلت 3 متعمدا". وقد وردت مادة )جهل( في 4 وتسع م ارت في السور المدنية. 2 بالرشد. ويبين ال ارغب األصفهاني المعاني وهو الجارية أن حقه خلو على يفعل القرآن الكريم أربعا وعشرين مرة. النفس غير سواء من النظام اعتقد وهذا العلم والثاني: فيه هو اعتقاد األصل اعتقادا صحيحا الشيء أو خمس عشرة مرة في السور المكية والمتتبع لورود مادة )الجهل( واشتقاقاتها في القرآن الكريم يرى أن استعمال هذه الكلمة كان يدور حول مجموعة من المعاني أهمها: شنا الموت وح هم وك م ة ل آ إ ل ه م الملئ ك ا نز ن و أن 1. نقيض العلم. كما في قوله تعالى: )ول لون ي ه ك نوا ل ؤم نوا إ ل أن آء ا لل 5 ولك ن أكث هم ). ش ي ك ش ء قبلا م ا عليه م ن إ س ائ يل ا ب ب زن او 2. الجهل السلوكي )السفه والخفة والطيش(. كما في قوله تعالى: )وج الوا يا هم ق ام ل صن أ قوم ي عكفون لع ة هم ءال ه ا ل م ا ها ك موس اجعل ل آ إ ل وا لع ا لحر فأت ) لون كم قوم ته قال إ ن 6. تكون أع ظك أن لك ب ه ع لم إ ن ل ن ما ليس سأ 3. المعصية. كما في قوله تعالى: )فل ت اآلثمين" 8 ٱ ل ه ل ي ( 7.قال السمعاني: "أي: إني أحذرك أن تكون من. م ن 5
ا ا عم ل م نكم ه من الر حة أن كم لع نفس ه رب ب 4. ضعف اإليمان. كما في قوله تعالى: )كت ه. صلح تاب م ن بعد ه وأ فأن غفور ر ح يم ( 9 الة ثم ه سو ا ءا ب ر وا ا ل ين كف ل 5. الجاهلية بمعنى الفترة التي سبقت اإلسالم. كما في قوله تعالى: )إ ذ جع. ا لم ي ة ح ي ة ف قلوب ه م ا لاه ل ي ة ( 10 ويأتي هذا البحث من أجل بيان منهج القرآن الكريم في التحذير من الجاهلية. وستتم معالجة هذا الموضوع من خالل المباحث اآلتية: المبحث األول التحذير من سلوك الجاهلية و أ عون سم كث هم ي كان أهل الجاهلية متفرقين تحكمهم اربطة القبيلة والدم ( أم ت سب أ ن أ لون إ ن هم إ ل كل ل سب يل 11 ض ) القوي يأكل الضعيف والغني يستحقر الفقير ل هم أ نعام ب يعق ازدهم الحروب يحتكمون لشهواتهم, ويتحيزون لحميتهم الجاهلية. فجاء اإلسالم العظيم ليخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور األديان إلى عدل اإلسالم وهذا األمر شهد به أهل تلك الفترة الذين كتب هللا عز وجل لهم الهداية فانتشلهم اإلسالم من بؤس الجاهلية إلى نعيم اإلسالم. هذه المعاني وردت على لسان جعفر ابن أبي طالب حينما قال لملك الحبشة: "أي ها الملك إن ا كن ا قوما أهل جاهلي ة نعبد األصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع األرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكن ا على ذلك حت ى بعث هللا إلينا رسوال من ا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى هللا لنوح ده ونعبده ونخلع ما كن ا نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة واألوثان. 12 وأمرنا بصدق الحديث وأداء األمانة وصلة الر حم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الز ور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد هللا وال نشرك به شيئا والصيام" بالصالة والزكاة وأمرنا من أجل ذلك حذ ر القرآن الكريم من الجاهلية وبي ن العواقب المترتبة عليها ذلك أن الجاهلية خروج من النور إلى الظلمة فبعد أن حر ر اإلسالم الناس من الجاهلية ونقلهم إلى جنة اإلسالم ونوره ثم هم يعودون إلى الجاهلية التي كانوا فيها وهذه قهقرة ال تكون من إنسان عاقل مدرك تماما لحقيقة ما يفعل. 6
وقد استخدم القرآن الكريم أساليب كثيرة وطرقا متنوعة في التحذير من الجاهلية وفي بيان خطرها فتارة ي ر ه ب منها وتارة ي ر غ ب في االبتعاد عنها وأخرى ي بين عواقب االنسياق و ارءها وفي غيرها يسرد قصصا ألناس سماهم القرآن الكريم )جاهلون( ثم كانت نهايتهم حسرة ووباال. كل تلك األساليب وغيرها استخدمها القرآن الكريم للتحذير من الجاهلية وبيان ذلك في المطالب اآلتية: المطلب األول: بيان بطالن أمور الجاهلية ذكر القرآن الكريم الجاهلية مشي ار إلى بطالنها وأن كل أمورها ازئلة وذلك في قول هللا عز وجل: آ إ ل هم قالوا ام ل صن أ قوم ي عكفون لع يا موس اجعل ل ا ها وا لع ت إ سائ يل ا لحر فأ ن ا ب ب زن او )وج لون عم ب اط ل م ا كنوا ي ا هم ف يه و ؤلء مت ب م كم قوم ته لون إ ن ه إ ن 13. ) قال هم ءال هة ا ل كم فبعد أن ذكر هللا عز وجل جاهلية بني إس ارئيل ووصفهم بالقوم الجاهلين تحدث عن بطالن ما هم فيه والبطالن كما يقول ال ارزي: "عدم الشيء إما بعدم ذاته أو بعدم فائدته ومقصوده والم ارد من بطالن 14 عملهم: أنه ال يعود عليهم من ذلك العمل نفع وال دفع ضرر". فأمور الجاهلية كلها أمور باطلة ال فائدة فيها بل إن عواقبها وخيمة تعود بالضرر على فاعلها من أجل ذلك قال النبي صلى هللا عليه وسلم: "أال شي ء من أ م ر ال ج اه ل ي ة ت ح ت ق د مي موض وع " ك ل أي 15 باطل 16 فإن الم ارد من الوضع تحت القدم اإلبطال". ا هم ف يه ( ؤلء مت ب م وقد توع د هللا عز وجل بتدمير أمور الجاهلية ومحقها فقال سبحانه: ( إ ن ه أي مهلك ومدم ر قال الطبري: "هللا مهلك ما هم فيه من العمل ومفسده ومخسرهم فيه بإثابته إياهم عليه 18 17 العذاب المهين" وقال ابن عطية: "متبر: أي مهلك مدمر ردي العاقبة". اء آ ب اه ه لن ع ل فج م م لوا م ن ع آ إ ل ما ع وهذه اآليات ي ؤك دها قول هللا عز وجل: )وقد من 19 نثوراا م ) أي أعمال البر التي كانوا يعملونها في الجاهلية فهي كلها ال أجر لهم فيها قال أبو السعود: "الم ارد به أعمال البر التي عملوها في الجاهلية فإنها في أنفسها حسنات لو قارنت اإليمان الستتبعت 20 أجورها وإنما بطلت لمقارنتها الكفر" وقال البغوي: "باطال 21 ال ثواب له فهم لم يعملوه هلل عز وجل". 7
وهذا األمر أكدته السنة النبوية ففي الحديث أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال: "من د ع ا ب د ع وى ال ج اه ل ي ة ف هو م ن ج ث اء ج هن م ق ال وا: ي ا ر سول هللا وإ ن صام وإ ن صل ى ق ال: وإ ن س مائ ه م ب ما سم اهم هللا ع ز وج ل ال مس ل م ين ال مؤ م ن ين ال مس ل م ين ب أ مس ل م ف اد ع وا أ ن ه صام وإ ن صل ى وز ع م 22 ع ب اد هللا ع ز وج ل ". فالنبي صلى هللا عليه وسلم جعل الد عوة إلى الجاهلية سببا لدخول النار حتى لو أن صاحبها كثير الصالة والصوم فإن دعوته للجاهلية قد أفسدت عليه صالته وصومه بل ونفت عنه صفة اإلسالم حتى مس ل م (. قال فيه عليه السالم: )وز ع م أ ن ه واآليات وإن كانت تتحدث عن أعمال الجاهلية إال أنها حملت بين طي اتها أيضا الوعيد ألهلها فكما أن أعمال الجاهلية باطلة وإن مآلها إلى زوال فإن أهلها أيضا يعيشون حياة باطلة وأنهم البد ازئلون قال اآللوسي: "والجملة تعليل إلثبات الجهل المؤكد للقوم وفي إيقاع اسم اإلشارة اسما إلن وتقديم خبر المبتدأ من الجملة الواقعة خبر لها وسم لعبدة األصنام بأنهم هم المعرضون للتبار وأنه ال يعدوهم البتة وأنه لهم ضربة الزب ليحذرهم عاقبة ما طلبوا ويبغض إليهم ما أحبوا ووجه ذلك أن اسم اإلشارة بعد إفادة اإلحضار وأكمل التمييز يفيد أنهم أحقاء بما أخبر عنه به بواسطة ما تقدم من العكوف والتقديم يؤذن بأن حال ما هم فيه ليست غير التبار وحال عملهم ليست إال البطالن فهم ال يعدونهما فهما لهم ضربة 23 الزب". المطلب الثاني: بيان ما في فتنة وابتالء من الجاهلية تحدث القرآن الكريم عن الجاهلية بوصفها فتنة وابتالء وأن هللا عز وجل قد كشف عنها من أجل ة غش ط آئ فةا م نكم وطآئ ف ا ي اسا ع ا ن ة ن أم عد الغم ن ب نز ل عليكم م التمحيص فقا سبحانه: )ثم أ ا م ا م ن ال ر م ن شء قل ل ل ة ي قولون ه ي ا لق ظ ن ا لاه ل ي غ هم تهم أنفسهم يظن ون ب ا لل قد أ ا مر ش ء ال ا ل يبدون ل ك ي قولون ل و ك ن ل ا م ن نفس ه م م ا مر ك ه لل يفون ف أ ا م ا قت لن إ ن ال ا ف ليه م الق تل إ ل م ض اج ع ه م ول بت ل ا لل م ا ل ين كت ب ع و كنتم ف بيوت كم ل ب ز ا قل ل هاهن ات الص دور ل يم ب ذ ا لل ع 24. ) ص ما ف قلوب كم و ل مح صدور كم و فبعد أن تحدث القرآن الكريم عن الجاهلية وخصص منها أم ار نفسيا كان دارجا في الجاهلية ا ف صدور كم ل ا لل م واستمرت رواسبه في بعض األف ارد في المجتمع اإلسالمي قال سبحانه: ( ول بت 8
ات الص دور ( إشارة منه إلى حكمة هللا عز وجل في الكشف ل يم ب ذ ص ما ف قلوب كم و ا لل ع ل مح و عنها. وهذه الحكمة تكمن في غربلة المجتمع من المنافقين الذين انبهروا بغيرهم من األمم وحاولوا تسريب بقايا من أمور الجاهلية في المجتمع اإلسالمي النقي فكشف هللا عز وجل عن س ارئرهم قال ابن الجوزي: "قال قتادة: أ ارد ليظهرها من الشك واالرتياب بما يريكم من عجائب صنعه من األمنة وإظهار س ارئر المنافقين وهذا الت محيص خاص للمؤمنين وقال غيره: أ ارد بالتمحيص إبانة ما في القلوب من االعتقاد 25 هلل ولرسوله وللمؤمنين فهو خطاب للمنافقين". فاهلل عز وجل كشف عن هؤالء الذين يظنون باهلل عز وجل ظن الجاهلية ليحفظ المجتمع اإلسالمي منهم قال اآللوسي: "والتمحيص تصفية وإنما فعله لحكمة تعم إذا أريد به الكشف والتمييز ويصح أن يقال: إن هذه الجملة مشعرة بأنه تعالى غني أيضا ومن هنا جو ز بعض المحققين كونها حاال من متعلق الفعلين أي فعل ما فعل لالبتالء والكشف والحال أنه تعالى غني عنهما محيط بخفيات األمور إال أنه ال يظهر حينئذ سر التعبير عن اإلس ارر والخفيات بذات 26 الصدور دون ذات القلوب". وهذه اآلية وإن كانت في واقعة مخصوصة في غزوة أحد 27 إال أن الحكمة مستمرة في كل وقت وحين ذلك ألن هللا عز وجل جعل اآلية عامة في كل سوء أدب مع هللا وفي كل أمر من أمور ات الص دور ( قال ال ارزي: "اعلم أن ذات الصدور هي ا لل عل يم ب ذ الجاهلية فأطلق القول بقوله: )و األشياء الموجودة في الصدور وهي األس ارر والضمائر وهي ذات الصدور ألنها حالة فيها مصاحبة لها وصاحب الشيء ذوه وصاحبته ذاته وإنما ذكر ذلك ليدل به على أن ابتالءه لم يكن ألنه يخفي عليه ما في الصدور أو غير ذلك ألنه عالم بجميع المعلومات وإنما ابتالهم إما لمحض اإللهية أو 28 لالستصالح". المطلب الثالث: إظهار ندامة من عمل بعمل الجاهلية أشار القرآن الكريم في معرض تحذيره من الجاهلية إلى ندامة من عمل بعمل من أعمال الجاهلية ا ن تص يببوا قوم نوا أ ي ب ت إ ف ب آءكم فاس ق ب ن نوا إ ن ج ا ا ل ين ءام ه وذلك في قول هللا عز وجل: )ياأي اد م ي لتم ن ع ا ف 29 م. ) تصب حوا لع الة ف ه ب 9
فاآلية وإن كانت تتحدث عن التوخي والحذر من الشائعات إال أن القارئ يفهم من خاللها, ندامة ة ( أي جاهلين قال ال ه ا ب من عمل بعمل جاهلي وذلك استنادا إلى قوله تعالى ( أن تص يببوا قوم 31 30 ال ارزي: "في تقدير حال أي أن تصيبوهم جاهلين" وقال اآللوسي: "ملتبسين بجهالة". والجهل في اآلية ليس الخطأ بل هو أعظم منه قال ال ارزي: "والجهل فوق الخطأ ألن المجتهد إذ أخطأ ال يسمى جاهال والذي يبني الحكم على قول الفاسق إن لم يصب جهل فال يكون البناء على قوله 32 جائ از ". وقد أشارت اآليات إلى أن من يعمل بعمل جاهلي البد وأن تكون عاقبته الندامة أخذا من قول هللا اد م ي لتم ن ع ا ف م ( قال ال ارزي: "بيانا ألن الجاهل ال بد من أن يكون على عز وجل: ( فتصب حوا لع فعله نادما... ( فتصب حوا ( أي فتصيروا آخذين في الندم متلبسين به ثم تستديمونه "33. وأشار أبو السعود إلى أن تركيب الحروف الثالثة )ن د م( في اآلية يشير إلى الدوام واالستم اررية ناد م ي(: مغتمين غما الزما متمنين أنه لم يقع فإن تركيب هذه األحرف في الندم قال أبو السعود: ") 34 الثالثة يدور مع الدوام". ومن اآلية الكريمة نالحظ استم ارر ودوام هذه الندامة ولقد أشارت السنة النبوية إلى عدم قصرها على الدنيا فقط بل إن الذي يعمل بعمل جاهلي يستمر به الندم في الدنيا واآلخرة قال عليه الصالة والسالم: "إ ن هللا ع ز وج ل ق د أ ذ ه ب ع ن ك م ع ب ي ة ال ج اه ل ي ة 35 وف خ ر ه ا ب اآل ب اء مؤ م ن تق ي وف اج ر ش ق ي و ل ي ك ون ن أ ه ون ع ن د هللا م ن ع د ت ه م م ن والن اس بنو آدم وآدم م ن تر اب ل ي ن ت ه ي ن أ ق وام ف خ ر ه م ب ر ج ال أ ال ج ع ال ن 36 37 ال ت ي ت د فع ب أ ن ف ها الن ت ن ". ففي الحديث إشارة إلى شقاء من دعا إلى جاهلية والشقاء سبب موجب لدخول النار ألنه مصطلح ا فس إ ل ب إ ذن ه فم نهم ش ق م ن ل ك ت أت ل ي قرآني استخدمه القرآن في أمر الدين قال سبحانه: )يوم ه يق شقوا ف ف 38 ا (: أي ش ) قال أبو السعود: ")فم نهم ش ق و ف ي ا ز هم ف يه ا ا ل ين ا ل ار ل م وس ع يد فأ 39 وجبت له النار بموجب الوعيد". 10
ن يه ن وفي الحديث أيضا إشارة إلى هوانه عند هللا ومن هان على هللا لم تشمله الرحمة قال تعالى: )وم ا ي ش آء ) ل م فع م ا ل م ن م كر م إ ن ا لل ي ا لل ف 40 قال القرطبي: "من أهانه بالشقاء والكفر ال يقدر أحد 41 على دفع الهوان عنه". المطلب ال اربع: إصدار األحكام الصارمة بحق من عمل عمال من أعمال الجاهلية من األساليب التي استخدمها القرآن الكريم في التحذير من الجاهلية وأعمالها أنه أعطى األحكام الصارمة بحق من يعمل عمال ينتسب إلى الجاهلية لبيان شناعتها فوصف الذين يدعون إلى حكم ن أ حس ن م ن م ة ي بغون و ا لاه ل ي الجاهلية بأنهم )كافرون ظالمون فاسقون( فقال سبحانه: )أفحكم ا ل 42 ). والفاء هنا للعطف على مقد ر يقتضيه المقام أي يتول ون عن حكمك ا لل حكما قوم يوق نون فيبغون حكم الجاهلية وتقديم المفعول للتخصيص المفيد لتأكيد اإلنكار والتعجيب ألن التولي عن حكمه 43 صلى هللا عليه وسلم وطلب حكم آخر منكر عجيب وطلب حكم الجاهلية أقبح وأعجب". ثم أصدر القرآن الكريم األحكام في حق من لم يحكم بما أنزل هللا فحكم عليهم بالكفر فقال سبحانه: نز ل ا لل فأولئ ك هم الكف رون ا أ كم ب م 44 ن ) ثم حكم عليهم بالظلم فقال سبحانه: )وم م ي ن ل )وم ) نز ل ا لل فأولئ ك هم الظال مون ا أ لم يكم ب م 45 م ن ل ثم حكم عليهم بالفسق فقال سبحانه: )وم ) اس قون نز ل ا لل فأولئ ك هم الف ا أ ي كم ب م 46. والمستعرض لتلك األحكام يرى أنها أحكام شديدة ال تكون إال بحق من انتهك أم ار عظيما ذلك هو استبدال حكم اإلسالم بحكم الجاهلية. من أجل ذلك أنكر هللا عليهم حتى حكم عليهم بأشد األحكام قال ابن كثير: "ينكر تعالى على من خرج عن حكم هللا المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من اآل ارء واألهواء واالصطالحات التي وضعها الرجال بال مستند من شريعة هللا كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضالالت والجهاالت بما يضعونها بآ ارئهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن ش ارئع شتى من اليهودية والنص ارنية والملة اإلسالمية وغيرها وفيها كثير من األحكام أخذها من مجرد نظرة وهواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم 11
بكتاب هللا وسنة رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم 47 هللا ورسوله فال يحكم سواه في قليل وال كثير". فالقرآن الكريم استخدم كل األساليب في التحذير من الجاهلية بما في ذلك أسلوبي )التوبيخ والتقريع( والذي تجل ى في إصدار أكبر حكم في اإلسالم وهو الكفر بحق من عمل بعمل من أمور الجاهلية ثم حكمي الظلم والفسق وهذا تقريع ما بعده تقريع. المطلب الخامس: بيان عقوبة من عمل بأعمال الجاهلية تحدث القرآن الكريم عن بعض مظاهر الجاهلية مشي ار إلى العقوبة المترتبة على فعل هذا العمل أو المحصلة لزيادة التحذير معق با ببيان العقوبة التي حصلت لمن كان قد عمل بعمل جاهلي وكل هذا في من الجاهلية وأعمالها. وعندما تحدث القرآن الكريم عن قوم لوط وأشار إلى العمل القبيح الذي كانوا يفعلوه ووصفهم بأنهم ا قوم يجهلون بي ن العقوبة التي أوقعها هللا عز وجل عليهم بسبب تلك الجاهلية فقال جل في عاله: ( ولوطا ن دون الن س آء ال ش هوةا م ج أتون الر كم ل ء ن نتم ت ب ص ون أ أ ت أتون الف اح ش ة و وم ه أ إ ذ قال ل ق ن قريت كم إ ن هم ن قالوا أ خر جوا ءال لوط م أ م ا ك ن ج واب قوم ه إ ل بل أ نتم قوم ته لون ف ا ليه م م طرا ا ع أ مطرن ا م ن الغ اب ر ين و اه ه قدرن ت أ هله إ ل امرأ اه و جنين ر ون فأ أناس يت طه 48. ) ر ين فس آء م طر المنذ وهذه العقوبة خاصة بقوم لوط وما نزل العذاب عليهم إال من أجل اقت ارف هذا العمل وكل من صنع صنيعهم فهو مستحق لذلك العذاب, وقد ذكر سبحانه أن العقوبة ليست بعيدة عن أناس فعلوا هذه ع يد ) 49. ا ه م ن ٱلظ ل م ي ب ب الفاحشة, فبعد ذكره سبحانه عذاب قوم لوط قال تعالى : ) وم وعندما تحد ث القرآن الكريم عن قوم عاد وأشار إلى جاهليتهم ذكر سبحانه العقوبة التي عاقبها هللا لت قد خ اف و ه ب ا ا لحق قوم ر نذ خ ا عد إ ذ أ عز وجل له بسبب تلك الجاهلية فقال سبحانه: )واذكر أ ظ يم قالوا وم ع ذ اب ي ليكم ع اف ع أخ ل تعبدوا إ ل ا لل إ ن ل ف ه أ م ن خ يه و د ي ي ا ل ذر م ن ب ا الع لم ع ند ا لل م آ إ ن كنت م ن الص اد ق ي قال إ ن ع دن ا ت ا ب م ا فأت ن ت ن ن ءال ه ا ع ن أف ك ا ل ن أج ئت ت ه م قالوا ود ي ست قب ل أ ا م أ وه عر ضا ا ر اكم قوما ا ته لون فلم غكم م آ أرس لت ب ه ولك ن أر أبل و 12
ا ا ا ها مر ر ب م ر ك شء ب أ ل م تد ذ اب أ ا ع عج لتم ب ه ر يح ف يه ا است ا ب ل هو م هاذ ا عر ض م مط رن المجر م ي وم جنز ى الق 50. ) ل ك ذ م ساك نهم ك يرى إ ل ف أصبحوا ل فهذا نوع آخر من العذاب لمن انتسب إلى الجاهلية أو عمل بأعمالها فقوم عاد استهانوا بنبيهم واسته أزوا به واستعجلوا العذاب فعاقبهم هللا عز وجل بالريح التي تحمل بين طي اتها العذاب األليم وتدم ر كل ما يقف في طريقها. ولما أخبر القرآن الكريم عن جهل اإلنسان حين رضي أن يأخذ أم ار ال طاقة له به أشار إلى عذاب ان ة لع ا الم رضن من أخذ أم ار ثم هو لم يلتزم بشروطه ولم يرعه حق الرعاية فقال سبحانه: )إ ن ا ع ا ا اإل نسان إ ن ه ك ن ظلوما ا و ح له شف قن م نه أ ا و ه ن يم لن ال فأب ي أ ال رض وا ل ب ات و الس ماو لع ال مؤم ن ي ات و المش ك ي و المش ك ت ويتوب ا لل اف ق المن ذ ب ا لل المناف ق ي و جهول لع 51 ) ك ن ا لل غفوراا ر ح يماا ات و والمؤم ن فعدم معرفة العواقب والرضى باألمر دون تنفيذه أمر جاهلي يوصف فاعله بالجهالة قال النسفي: 52 "جهوال حيث حمل األمانة ثم لم يف بها وضمنها ثم خان بضمانه". وقد استحق صاحب هذا الفعل العذاب ألنه خان ما وك ل إليه فلم يلتزم بوعده قال الشنقيطي: "د ل 53 هذا على أن الظلوم الجهول من اإلنسان هو المعذب والعياذ با لل ". وهكذا فكل عمل جاهلي وكل حضارة قامت على الجاهلية وكل أمة قامت على الجاهلية فمآلها إلى الزوال والبد وأن العقوبة هي مصيرهم يقول األستاذ محمد قطب: "كل جاهلية ذات حضارة كانت تظن أن حضارتها المنحرفة هي الخير والبركة واالرتفاع الذي ليس و ارءه ارتفاع وكانت النتيجة الحتمية 54 واحدة في النهاية انهارت تلك الحضا ارت أو تلك الجاهليات بحكم ما فيها من جاهلية وانح ارف". وقال في موضع آخر: "هناك حتميات في أقدار الناس حتميات حقيقية ألنها من صنع هللا ومن هذه الحتميات أن هذه الجاهلية ال تستطيع أن تبقى إلى األبد مسيطرة على أقدار الناس فإنها البد 55 ستنهار تنهار بحكم ما فيها من شر غالب". 13
المبحث الثاني الدعوة لإلع ارض عن الجاهلية المطلب األول: أمر هللا عز وجل للمؤمنين باإلع ارض عن الجاهلية دعا القرآن الكريم المسلمين إلى االبتعاد عن الجاهلية وحذ ر من الخوض في غياهبها أو التقرب أمر منها أو من أي عمل يتصل بها أو من أي إنسان ينتسب إليها فقال سبحانه: )خذ العفو و 56. ) ن ا لاه ل ي عر ض ع ب العرف وأ األصل في الداعية أن يدعو إلى هللا عز وجل وأال ي عرض عن أحد من خلقه إال أن هذه اآلية دل ت على أن هؤالء الجاهلين ال ينفع معهم أمر إال اإلع ارض ألن النبي صلى هللا عليه وسلم قد ابتدأ معهم أمر ب العرف.) بأمرين قبل اإلع ارض وهما: ( خذ العفو و فالنبي صلى هللا عليه وسلم قد أمرهم بالعرف وعفا عنهم في كل ما عملوه ثم لم ا لم يكن منهم استجابة أ ارد صيانة نفسه عنهم فأعرض عنهم قال ابن الجوزي: "هذا عام فيمن جهل فقد أمر بصيانة 57 ن عر ض ع النفس عن مقابلتهم على سفههم وإن وجب عليه اإلنكار عليهم" وقال الشوكاني: ")وأ ا لاه ل ي (: أي إذا أقمت الحجة في أمرهم بالمعروف فلم يفعلوا فأعرض عنهم وال تماريهم وال 58 تسافههم مكافأة لما يصدر منهم من الم ارء والسفاهة". فاألصل في اإلنسان المسلم عدم اإلع ارض إال أنه البد منه مع فئة الجاهلين ألنهم ال ينفع معهم العفو ولم يسمعوا ألمرهم بالمعروف بل استه أزوا وأعرضوا وعادوا فكان البد من معاقبتهم بالمثل 59 أمر ب العرف (: بكل قول حسن وفعل وكما قيل: )آخر الدواء ) قال السعدي: ")خذ العفو و الكي جميل وخلق كامل للقريب والبعيد فاجعل ما يأتي إلى الناس منك إما تعليم علم أو حثا على خير من صلة رحم أو بر والدين أو إصالح بين الناس أو نصيحة نافعة أو أري مصيب أو معاونة على بر وتقوى أو زجر عن قبيح أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية أو دنيوية ولما كان ال بد من أذية الجاهل أمر هللا تعالى أن يقابل الجاهل باإلع ارض عنه وعدم مقابلته بجهله فمن آذاك بقوله أو فعله ال 60 تؤذه ومن حرمك ال تحرمه ومن قطعك فصله ومن ظلمك فاعدل فيه". 14
واعلم أن هذه الخطوات: )العفو والدعوة ثم اإلع ارض( توجيه رباني ألهل الدعوة وقد نحاه رسول لما لم يكن منهم إال العداء والسفاهة هللا في مكة فقابل أذى الجاهلية بالحلم ثم أمرهم بالمعروف ثم 61 والجهالة كان منه أن أعرض عنهم ثم هاجر من بينهم وتركهم, واإلع ارض عن الجاهلية صفة من أهم الصفات التي دل ت عليها مقاصد الشريعة وقواعدها قال اإلمام القرطبي: "ثالث كلمات تضمنت قواعد الشريعة في المأمو ارت والمنهيات فقوله: )خذ العفو ( دخل فيه صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين وغير ذلك من أخالق المطيعين ودخل في قوله: ( وأمر ب العرف ( صلة عر ض األرحام وتقوى هللا في الحالل والح ارم وغض األبصار واالستعداد لدار الق ارر وفي قوله: )وأ عن ا لاه ل ي( الحض على التعلق بالعلم واإلع ارض عن أهل الظلم والتنزه عن منازعة السفهاء 62 ومساواة الجهلة األغبياء وغير ذلك من األخالق الحميدة واألفعال الرشيدة". من أجل ذلك كانت هذه اآلية جامعة لمكارم األخالق كلها حتى قال جعفر الصادق: "أمر هللا نبيه 63 صلى هللا عليه وسلم بمكارم األخالق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم األخالق من هذه اآلية". واآلية وإن كانت تخاطب النبي محمد صلى هللا عليه وسلم إال أنها عامة في كل المسلمين ألن خطاب النبي صلى هللا عليه وسلم خطاب ألمته قال اإلمام القرطبي: "وهذا وإن كان خطابا لنبيه عليه 64 السالم فهو تأديب لجميع خلقه". واإلع ارض له وقعه في النفس أكثر من غيره ألن اإلع ارض يكون بالترك واإلهمال وهذا األمر يتنافر مع النفس البشرية التي ال تحب العزلة فاإلنسان مدني بطبيعته فعندما يرى أ ناسا تنفر عنه فإنه سوف ي ارجع نفسه وقد ي غي ر تفكيره وسلوكه قال األستاذ سيد قطب: "واإلع ارض يكون بالترك واإلهمال والتهوين من شأن ما يجهلون به من التصرفات واألقوال والمرور بها مر الك ارم وعدم الدخول معهم في جدال ال ينتهي إلى شيء إال الشد والجذب وإضاعة الوقت والجهد وقد ينتهي السكوت عنهم واإلع ارض عن جهالتهم إلى تذليل نفوسهم وترويضها بدال من الفحش في الرد واللجاج في العناد فإن لم يؤد إلى هذه النتيجة فيهم فإنه يعزلهم عن اآلخرين الذين في قلوبهم خير إذ يرون صاحب الدعوة محتمال معرضا عن اللغو ويرون هؤالء الجاهلين يحمقون ويجهلون فيسقطون من عيونهم وي عزلون! وما أجدر 65 صاحب الدعوة أن يتبع هذا التوجيه الرباني العليم بدخائل النفوس!". 15
المطلب الثاني: بيان استجابة المؤمنين ألمر ربهم باإلع ارض عن الجاهلين ( فإن المؤمنين قد ن ا لاه ل ي عر ض ع وإذا كان هللا عز وجل قد أمر باإلع ارض فقال: )وأ التزموا بأوامر ربهم فأعرضوا عن الجاهلين حتى إن هللا عز وجل قد خل د هذا األمر على أنه من صفاتهم فقال ليكم ل ل م ع الكم س عم لكم أ ا ل ا و عم قالوا ل آ أ عرض وا عنه و غو أ سبحانه: ( إوذا سم عوا الل 66. ) غ ا لاه ل ي نبت ليكم ع م فالمؤمنون في هذا الموضع تركوا الجاهلين سالما منهم فقولهم هنا: ( س ل ( ليس تحية منهم بل بيانا منهم للمتاركة قال الزجاج: " 67 لم يريدوا التحية وإنما أ اردوا بيننا وبينكم المتاركة ". ليكم ( لها مقامها فهي بين المؤمنين تحية وهي شعار أهل اإلسالم فيما ع فهذه الكلمة: ( س لم بينهم وقد تكون مع غير المسلمين, أما مع الجاهلين فهي تعني اإلع ارض عنهم وتركهم قال الحسن 68 البصري رحمه هللا: "هذه الكلمة تحية بين المؤمنين وعالمة االحتمال من الجاهلين". وهذه اآلية بيان إلع ارض المؤمنين عن كل أمر باطل حتى قال هللا عز وجل مطلقا فيهم القول: نه عرضوا ع غو أ ( أي كل أمر باطل قال ال ارزي: "واللغو ما حقه أن يلغى وي ترك من ( إوذا سم عوا الل 69 العبث وغيره وكانوا يسمعون ذلك فال يخوضون فيه بل يعرضون عنه إع ارضا جميال ". فهم يعرضون عن كل أمر باطل وي سل مون أنفسهم منه وهذا من أدب أهل اإلسالم قال ابن عطية: 70 "والم ارد من هذا في هذه اآلية: ما كان سبا وأذى فأدب أهل اإلسالم اإلع ارض عنه". ولما كانت أمور الجاهلية كلها باطلة فإن هذا يستدعي أن يكون أهل اإلسالم أبعد الناس عنها من ( أي ال نريد غ ا لاه ل ي بت ن ليكم ل ع أجل ذلك وصفوا أهل اللغو بأنهم )جاهلين( وقالوا: ( س لم أن نكون منهم قال البغوي: "أي دين الجاهلين يعني ال نحب دينكم الذي أنتم عليه وقيل ال نريد أن 71 نكون من أهل الجهل" وهذا إع ارض عنهم. 16
المبحث الثالث النهي عن التشبه بالجاهلية أكرم هللا عز وجل اإلنسان بشريعة سليمة قويمة وأمره باتباعها ونهاه عن مخالفتها إلى سواها فقال هواء ا ل ين ل ي علمون ت ب ع أ ل ت ا و ب عه مر فات ش يعة م ن ا ل إ ن هم لن لن اك لع ع سبحانه: )ثم ج ) المت ق ي ل عض و ا لل و ول اء ب عضهم أ يغنوا عنك م ن ا لل ش يئا ا إون الظ ال م ي ب 72. والمقصود من هذه اآليات هو النهي عن اتباع أهل الجاهلية أو التشبه بهم ألنهم هم المقصودون 73 ( قال اإلمام الشوكاني: "هم كفار قريش ومن وافقهم" وقال النسفي: مون عل بقوله تعلى: )ا ل ين ل ي 74 "أي: وال تتبع ماال حجة عليه من أهواء الجهال ودينهم المبنى على هوى وبدعة". من أجل ذلك نهى اإلسالم عن التشبه بالجاهلية بل جعلها من أبغض األعمال إلى هللا وصاحبها من أبغض الناس إلى هللا عز وجل فقال عليه الصالة والسالم: "أبغض الناس إلى هللا ثالثة: ملحد في 75 الحرم ومبتغ في اإلسالم سنة الجاهلية ومط ل ب دم امرئ بغير حق لي ه ر يق دمه". فهذا الحديث صريح الداللة في النهي عن التشبه بالجاهلية قال ابن تيمية: "االبتغاء: هو الطلب واإل اردة فكل من أ ارد في اإلسالم أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية دخل في هذا الحديث والسنة 76 الجاهلية: كل عادة كانوا عليها فإن السنة هي العادة". وقد حر م النبي صلى هللا عليه وسلم التشبه بدليل قطعي الداللة حتى أنه جعل من تشبه بقوم فهو منهم قال عليه الصالة والسالم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد هللا وحده وال شريك له 77 وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم". فهذا حديث صريح في حرمة التشبه بالجاهلية قال ابن كثير: "والغرض أن هللا تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قوال وفعال وروى اإلمام أحمد وأبو داود: )من تشبه بقوم فهو منهم( ففيه داللة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم 78 وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا وال نقرر عليها". 17
والعلة في تحريم التشبه أن التشبه ي ول د نوعا من الحب والمواالة قال شيخ اإلسالم ابن تيمية: "المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة ومواالة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث 79 المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة". وقد أشار القرآن الكريم إلى حرمة التشبه فذكر نماذج من التشبه المذموم بالجاهلية فذكر التشبه في 80 سوء الظن باهلل فقال سبحانه: )يظنون با لل غ ي ا لق ظن ا لاهلية( وذكر التشبه بالجاهلية في ا ل 81 ) حكما قوم يوق نون فحكم ا لاه ل ي ة يبغون ومن أحس ن م ن ا لل التحاكم فقال سبحانه: )أ ة وذكر التشبه بالجاهلية في التبرج فقال سبحانه: ( وقرن ف بيوت كن و ل ت ب جن ت ب ج ا لاه ل ي 82 روا ف ف ) وذكر التشبه بالجاهلية في الحمية الممقوتة فقال سبحانه: )إ ذ جع ل ا ل ين ك الو ل 83 ة ). ا لاه ل ي ي ة ة ح قلوب ه م ا لم ي وهذه األمور األربعة ذكرها القرآن الكريم لتكون داللة على حرمة التشبه بمظاهر الجاهلية كلها فالقرآن الكريم لم يقصد الحصر بل أ ارد أن يذكر من العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل ال على سبيل الحصر إذ إن التشبه بالكافرين ال يقتصر على صورة واحدة, أو صور محدودة, فهناك صور وأشكال م ر ال ج اه ل ي ة ت ح ت شي ء من أ عديدة للتشبه المذموم من أجل ذلك قال عليه الصالة والسالم: "أال ك ل 84 ق د مي موض وع ". وفي إضافة األمور األربعة )الظن الحكم التبرج الحمية( إلى الجاهلية داللة على أن الحرمة إنما هي ألنها من أمور الجاهلية ألن إضافة المصدر إلى الصفة يفيد االختصاص قال اآللوسي : "هذا من إضافة الموصوف 85 إلى مصدر صفته ومعناها االختصاص بالجاهلية". فدل هذا على أن علة التحريم هي التشبه من أجل ذلك قال سيد قطب: "نهى عن تشبه في مظهر أو لباس ونهى عن تشبه في حركة أو سلوك ونهى عن تشبه في قول أو أدب ألن و ارء هذا كله ذلك الشعور الباطن الذي يميز تصو ار عن تصور ومنهجا في الحياة عن منهج وسمة للجماعة عن سمة ثم هو نهي عن التلقي من غير هللا ومنهجه الخاص الذي جاءت هذه األمة لتحققه في األرض نهي عن الهزيمة الداخلية أمام أي قوم آخرين في األرض فالهزيمة الداخلية تجاه مجتمع معين هي التي تتدسس في النفس لتقلد هذا المجتمع المعين والجماعة المسلمة قامت لتكون في مكان القيادة للبشرية فينبغي لها 18
أن تستمد تقاليدها كما تستمد عقيدتها من المصدر الذي اختارها للقيادة والمسلمون هم األعلون وهم األمة الوسط وهم خير أمة أخرجت للناس فمن أين إذن يستمدون تصورهم ومنهجهم ومن أين إذن 86 يستمدون تقاليدهم ونظمهم ". وإذا ما أ ارد اإلنسان أن يتحدث عن صور التشبه بالجاهلية في عصرنا هذا فإنه ال يستطيع أن يحصر األمور التي شاركنا الجاهلية فيها بل إن عادات الجاهلية صارت في مجتمعاتنا اإلسالمية مثاال يحتذى ويقتدى ورم از للتقدم والتحض ر وال يسع الناظر إال أن يستذكر حديث النبي صلى هللا عليه وسلم: "ل ت ت ب ع ن سن ن من كان ق ب ل ك م ش ب ر ا بشبر وذ ر اع ا ب ذ ر اع حتى لو د خ ل وا ج ح ر ض ب ت ب ع ت موه م قل ن ا: يا ر سول 87 للا ال ي هود والن صارى قال: ف من!". وهذا حقا ما يجري في هذه األيام يقول األستاذ أحمد شاكر: "فانظر ما يفعله المسلمون بل المنتسبون لإلسالم في عصرنا من التشبه بالكفار في كل شيء حتى ليزيد الوقاحة من الك ت اب أن والصغار باصطناع تشريع ي دخلوا شعائرهم أو ما يشبهها في عباداتنا وحتى ضربوا على أنفسهم الذلة أوروبة الوثنية الملحدة في قوانينهم المجرمة الكافرة أعاذنا هللا من الفتن وأعاد للمسلمين عقولهم 88 ودينهم". المبحث ال اربع وصف األمم الكافرة بالجهل وصف هللا عز وجل األمم الكافرة بأنها أمم جاهلة وهذا األمر قد يكون أشد وصف توصف به أمة إذ إن الجهالة الفردية ذم ما بعده ذم فكيف إذا كانت الجهالة عامة بحيث توصف بها أمة بأكملها. والمتأمل آليات القرآن الكريم يرى أن القرآن الكريم وصف أقواما كافرة بعينها بالجهالة فوصف قوم نوح بأنهم قوم يجهلون ووصف قوم لوط بأنهم قوم يجهلون ووصف قوم عاد كذلك بأنهم قوم يجهلون ووصف بني إس ارئيل بأنهم قوم يجهلون ووصف أكثر الكافرين والمشركين بالجهالة على وجه العموم وإليك بيان ذلك. 19
المطلب األول: وصف قوم نوح بالجهل قو ل هم م نوا إ ن ن ا ب طار د ا ل ين ءام آ أ وصف هللا عز وجل قوم نوح بالجهالة فقال سبحانه: )وم لون 89 ما ته. ) اكم قو ا أر ب ر ه م ولك ن وقد استحق قوم نوح عليه السالم هذا الوصف ألنهم خرجوا عن فطرتهم وغيبوا عقولهم وطلبوا من نوح عليه السالم أن يطرد المؤمنين قال ال ارزي: "إن العقل والشرع تطابقا على أنه ال بد من تعظيم المؤمن البر التقي ومن إهانة الفاجر الكافر فلو قلبت القصة وعكست القضية وقربت الكافر الفاجر على سبيل التعظيم وطردت المؤمن التقي على سبيل اإلهانة كنت على ضد أمر هللا تعالى وعلى عكس حكمه وكنت في هذا الحكم على ضد ما أمر هللا تعالى من إيصال الثواب إلى المحقين والعقاب إلى المبطلين وحينئذ أصير مستوجبا للعقاب العظيم فمن ذا الذي ينصرني من هللا تعالى ومن الذي 90 يخلصني من عذاب هللا أفال تذكرون فتعلمون أن ذلك ال يصح". وجهل قوم نوح هنا هو جهل حال ألنهم جهلوا عاقبة طرد المؤمنين قال اآللوسي: "ولكني أ اركم قوما تجهلون: أي بكل ما ينبغي أن يعلم ويدخل فيه جهلهم بمنزلتهم عند هللا تعالى وبما يترتب من المحذور على طردهم وبركاكة أريهم في التماس ذلك وتوقيف إيمانهم عليه وغير ذلك وإيثار صيغة الفعل للداللة على التجدد واالستم ارر وعبر بالرؤية موافقة لتعبيرهم وجوز أن يكون الجهل بمعنى الجناية 91 على الغير وفعل ما يشق عليه ال بمعنى عدم العلم المذموم. المطلب الثاني: بالجهل عاد قوم وصف وحال قوم عاد كحال سابقيهم قوم نوح فكما وصف هللا عز وجل قوم نوح بالجهالة فقد وصف قوم ا إ ن كنت ع دن ا ت ا ب م ا فأ ت ن ت ن ا ع ن ءال ه ن أ ف ك ا ل نوح بأن الجهالة هي شأنهم فقال جل في عاله: ( قالو ا أج ئتن لون اكم قوما ا ته لك ن أر د ق ي * غكم م آ أرس لت ب ه و أبل و إ ن ما الع لم ع ند ا لل 92. ) م ن ٱلص قال وأ ارد هود عليه السالم من وصف قومه بالجهالة أن يبي ن لهم بأن الجهالة هي شأنهم قال اآللوسي: "ولكن أ اركم قوما تجهلون: أي شأنكم الجهل ومن آثار ذلك أنكم تقترحون علي ما ليس من وظائف 93 الرسل من اإلتيان بالعذاب". 20
إال أن قوم هود لم يرتدعوا من توبيخ نبيهم لهم ووصفه لهم بالجهالة بل ظلوا مصر ين على جهلهم ( ليكون داللة لون وسفاهتهم وحماقتهم من أجل ذلك جاء الوصف لهم بصيغة المضارع ( قوماا ته راكم ق (: حيث بقيتم مصرين على لون على استم اررهم في الجهالة قال الشوكاني: ") ولك ن أ وماا ته 94 كفركم ولم تهتدوا بما جئتكم به". ولشدة جهل قوم عاد وشدة عنادهم باتوا يظنون أن إص اررهم على كفرهم مع علمهم بأنه باطل قه ار للرسول فأعرضوا عنه وتركوا دعوته ولكن هيهات هيهات قال األستاذ سيد قطب: "وأية حماقة 95 وأي جهل أشد من استقبال النذير الناصح واألخ القريب بمثل هذا التحدي والتكذيب ". ولك ن ومن أجل ذلك فس ر بعض المفسرين الجهالة في هذا الموضع باإلع ارض قال الواحدي: "). لون ا ته اكم قوما (: "وأنتم تعرضون" 96 أر المطلب الثالث: وصف قوم لوط بالجهل وقوم لوط كان لهم نصيب من الجهالة فقال هللا عز وجل فيهم: ( ولوطا ن دون الن س آء ب ال ش هوةا م ج أتون الر كم ل أء ن نتم تب ص ون أ ال فاح ش ة و ) لون ت ه 97. أتون ت وم ه أ ا إ ذ قال ل ق نتم قوم ل أ فقد سمى هللا عز وجل قوم لوط بأنهم: )قوم يجهلون( أي يجهلون أن هذا الفعل متناقض مع كل ع رف ومع كل دين قال سيد قطب: "هي ظاهرة غريبة في تاريخ الجماعات البشرية فقد يشذ أف ارد ألسباب مرضية نفسي ة أو لمالبسات وقتية فيميل الذكور إلتيان الذكور وأكثر ما يكون هذا في معسك ارت الجنود حيث ال يوجد النساء أو في السجون التي يقيم فيها المسجونون فت ارت طويلة معرضين لضغط الميل الجنسي محرومين من االتصال بالنساء أما أن يشيع هذا الشذوذ فيصبح هو القاعدة في بلد بأسره مع وجود النساء وتيسر الزواج فهذا هو الحادث الغريب حقا في تاريخ الجماعات 98 البشرية!". وجهالة قوم لوط ليست كجهالة سابقيهم بل هي أشد وأعظم وذلك ناشئ عن قباحة فعلهم من أجل نتم قوم ذلك حوت جهالتهم معان كثيرة وكل معنى من تلك المعاني تنطبق عليهم قال اآللوسي: ")بل أ 21
(: أي تفعلون فعل الجاهلين بقبح ذلك أو يجهلون العاقبة أو الجهل بمعنى السفاهة والمجون لون ت ه 99 أي بل أنتم قوم سفهاء ماجنون". فقوم لوط تجاوزوا كل الحدود واخترقوا كل األع ارق وخرجوا عن كل عادة بل وتج أروا على حدود لون (: متجاوزون لحدود هللا متجرؤون على نتم قوم ته هللا وانتهكوا حدوده قال السعدي: ")بل أ 100 محارمه". وحقيقة األمر فإن قوم لوط قوم جاهلون ألنهم لم يفرقوا بين الحسن والقبيح وبين األمر الالئق من (: تفعلون فعل من يجهل قبحها أو يكون سفيها ال يميز لون نتم قوم ته عدمه قال البيضاوي: ")بل أ 101 بين الحسن والقبيح". وقد تميزت جاهلية قوم لوط على غيرها من الجاهلية بأنهم أناس تفاخروا بجاهليتهم فقالوا للوط رون اس يت طه هم أن ن قريت كم إ ن لوط م 102. ) عليه السالم ومن آمن معه: )أخر جوا ءال وهذا رد يدل على عظم جاهليتهم قال سيد قطب: "وقولهم هذا قد يكون تهكما بالتطهر من هذا الرجس القذر وقد يكون إنكا ار عليه أن يسمى هذا تطه ار فهم من انح ارف الفطرة بحيث ال يستشعرون ما في ميلهم المنحرف من قذارة وقد يكون ضيقا بالطهر والتطهر إذا كان يكلفهم اإلقالع عن ذلك الشذوذ!! 103 على أية حال لقد هموا همهم وحزموا أمرهم وأ ارد هللا غير ما كانوا يريدون". المطلب ال اربع: وصف بني إس ارئيل بالجهل ا زن او بنو إس ارئيل قوم يجهلون ألنهم قابلوا نعم هللا عز وجل بالكفر به فقال فيهم جل سبحانه: )وج قوم هم ا ل م ا ها ك هم قالوا ياموس اجعل ل آ إ ل ام ل صن أ وا لع يعكفون لع ت إ سائ يل ا لحر فأ ب ب ن لون كم قوم ته ال إ ن 104. ) ق ءال هة والفعل الذي صدر عن بني إس ارئيل فعل ال يمكن أن يتخيله عقل ألن العقل السليم يرفض أن يجازي المحسن باإلساءة فكيف إذا كان قابله بالجحود قال البيضاوي: "وصفهم بالجهل المطلق وأكده 105 لبعد ما صدر عنهم بعد ما أروا من اآليات الكبرى عن العقل". 22
فهذه جهالة مشوبة بالجحد والعناد واالستكبار جهالة مصحوبة بالكفر باهلل عز وجل ربهم وخالقهم قال الشوكاني: "وصفهم بالجهل: ألنهم قد شاهدوا من آيات هللا ما يزجر من له أدنى علم عن طلب عبادة غير هللا ولكن هؤالء القوم أعني بنى إس ارئيل 106 أشد خلق هللا عنادا وجهال وتلونا". لذلك لم يقل ربنا جل سبحانه: من أي شيء جهالتهم بل جعلها جهالة عامة ألنها جهالة تتعلق بتوحيد هللا سبحانه والتي هي أساس كل جهل وفاتحة لكل أنواع الجهالة قال سيد قطب: " ولم يقل تجهلون ماذا ليكون في إطالق اللفظ ما يعني الجهل الكامل الشامل الجهل من الجهالة ضد المعرفة والجهل من الحماقة ضد العقل! فما ينبعث مثل هذا القول إال من الجهالة والحمق إلى أبعد الحدود! ثم ليشير إلى أن االنح ارف عن التوحيد إلى الشرك إنما ينشأ من الجهل والحماقة وأن العلم والتعقل يقود كالهما إلى هللا الواحد وأنه ما من علم وال عقل يقود إلى غير هذا الطريق... إن العلم والعقل يواجهان هذا الكون بنواميسه التي تشهد بوجود الخالق المدبر وبوحدانية هذا الخالق المدبر فعنصر التقدير والتدبير بارز في هذه النواميس وطابع الوحدة ظاهر كذلك فيها وفي آثارها التي يكشفها النظر والتدبر وفق المنهج الصحيح وما يغفل عن ذلك كله أو يعرض عن ذلك كله إال الحمقى والجهال ولو ادعوا 107 )العلم( كما يدعيه الكثيرون!". المطلب الخامس: وصف عامة الكافرين بالجهل لما وصف هللا عز وجل أمما بعينها بالجهالة ختم ذلك ببيان أن أكثر الكافرين يجهلون فقال شنا ع ليه م ك ش ء قب ح و وت هم الم ك م ئ ك ة و لا م ا كنوا ل ل آ إ له م الم ز ا ن ن ن و أ سيحانه: )ول لون هم يه كث ش آء ا لل و لك ن أ 108. ) ن ي ل ؤم نوا إ ل أ والجهالة العامة التي استوى كل كافر في النسبة إليها هي جهالة الحق وجهالة اإلتباع واالنقياد لون ه 109 كث هم ي (: أي يجهلون الحق". إليه قال القرطبي: ") ولك ن أ فهم لجهلهم اعتقدوا أن اإليمان بيدهم متى ما شاؤوا آمنوا وكيفما شاؤوا يؤمنوا إال أن هللا عز وجل بي ن لهم أن هذا من جهالتهم وأن اإليمان بيد هللا سبحانه يهدي من يشاء إليه ويصرفه عم ن يشاء قال سيد قطب: "ولكن أكثر هؤالء المشركين يجهلون أن ذلك كذلك يحسبون أن اإليمان إليهم والكفر 23
بأيديهم متى شاءوا آمنوا ومتى شاءوا كفروا وليس ذلك كذلك ذلك بيدي ال يؤمن منهم إال من هديته 110 له فوفقته وال يكفر إال من خذلته عن الرشد فأضللته". وهذه الجهالة هي التي تحول بينهم وبين إيمانهم باهلل عز وجل حتى كفروا به وتركوا االنقياد لدينه 111 قال الشوكاني: "جهال يحول بينهم وبين إد ارك الحق والوصول إلى الصواب". فاهلل عز وجل يعلم بسابق علمه األزلي أن هؤالء الكافرين لن يؤمنوا حتى لو أروا من اآليات ما هو العجب العجاب إال أن الكافرين يجهلون ذلك قال اآللوسي: "والمعنى أن حالهم كما شرح ولكن أكثر المسلمين يجهلون عدم إيمانهم عند مجيء اآليات لجهلهم عدم مشيئته تعالى إليمانهم حينئذ فيقسمون 112 باهلل تعالى جهد إيمانهم على ما ال يكاد يوجد أصال". وإذا كان هللا عز وجل قد وصف أكثر الكافرين بالجهالة إال أن الجهالة تشملهم جميعا جهالة الوصول إلى الحق وإد اركه إذ لو لم يكونا كذلك آلمنوا باهلل عز وجل خالقهم و ارزقهم والمنعم المتفضل عليهم والمستحق وحده للعبادة ولذلك قال البيضاوي: " أسند الجهل إلى أكثرهم مع أن مطلق الجهل 113 يعمهم". المبحث الخامس بيان ب ارءة األنبياء عليهم السالم من الجهل والجاهلية وإذا كان هللا عز وجل قد أثبت جهالة الكافرين والمشركين فإنه سبحانه قد نز ه الر سل عنها ونفاها عنهم بكل معانيها وأمرهم باالبتعاد عن أهل الجهالة بل ونهاهم عن الخوض معهم وهذا بيان ذلك. المطلب األول: ب ارءة نوح عليه السالم من الجهل ن هۥ ليس أمر هللا عز وجل نبيه نوح عليه السالم بأال يكون من الجاهلين فقال سبحانه: )قال ي نوح إ ن ت كون م ن ليس ل ك ب ه ع لم إ ن أع ظك أ ا ل ن م سأ ي ص ال ح فل ت م ل غ إ ن هۥ ع م ن أه ل ك ٱ ل ه ل ي (. 114 24
وهذه اآلية وإن كان ظاهرها النهي إال أن الم ارد منها النفي نفي الجهالة عن نوح عليه السالم قال ابن العربي: "وهذه زيادة من هللا وموعظة يرفع بها نوحا عن مقام الجاهلين ويعليه بها إلى مقام العلماء 115 العاملين" وقال ابن جز ي الكلبي: ")إن ) في موضع مفعول 116 الجاهلين وليس في ذلك وصف له بالجهل بل فيه مالطفة وإك ارم". من أجله تقديره أعظك ك ارهة أن تكون من ف ر ين 117 كن م ع الك ) فهي ال ت وأشار اآللوسي إلى أن هذه اآلية مثل قول هللا عز وجل: )ول ) ال يدل على كن م ع الكف ر ين ت تدل على أنه من الكافرين بل تنفي عنه ذلك قال اآللوسي: ")ول أنه كافر عنده بل هو نهي عن الدخول في غمارهم وقطع بأنه ذلك يوجب الغرق على الطريق البرهاني... وكأنه عليه السالم حمل مقاولته على غير المكابرة والتعنت لغلبة المحبة وذهول عن إعطاء التأمل حقه فلذلك طلب ما طلب فعوتب بأن مثله في معرض اإلرشاد والقيام بأعباء الدعوة تلك المدة المتطاولة ال ينبغي أن يشتبه عليه كالم المسترشد والمعاند ويرجع هذا إلى ترك األولى وهو الم ارد بقوله ن ت كون م ن ٱ له ل ي إ ن أ ع ظك أ 118. ") سبحانه: ( وقد يكون الم ارد من اآلية مفهوم الخالف بمعنى أنك إذا سألت ما ليس لك به علم فإنك سوف تكون من الجاهلين فال تسألن ما ليس لك به علم حتى ال تكون منهم قال سيد قطب: "إني أعظك خشية أن تكون من الجاهلين بحقيقة الوشائج والروابط أو حقيقة وعد هللا وتأويله فوعد هللا قد أ ول وتحقق ونجا 119 أهلك الذين هم أهلك على التحقيق". واآلية وإن كان الم ارد منها النفي إال أنها تحمل بين ثناياها النهي أيضا فهي نفت عن نوح عليه (: أي أنهاك ن ت كون م ن ٱ له ل ي السالم الجهالة ونهته أيضا عنها قال القرطبي: ") إ ن أ ع ظك أ عن هذا السؤال وأحذرك لئال تكون أو ك ارهية أن تكون من الجاهلين أي اآلثمين ومنه قوله تعالى: ؤم ن ي ب ا دا إ ن كنتم م عودوا ل م ثل ه أ ن ت أ 121 120 ) : أي يحذركم هللا وينهاكم". )يع ظكم ا لل المطلب الثاني: تنزيه يوسف عليه السالم عن الجهل يوسف عليه السالم دعا ربه أن يصرف عنه كيد النسوة اللواتي ارودنه عن نفسه ألنه إذا لم يصرف ب إ ل م م ا الس جن أح عنه كيدهن فإنه سيكون من الجاهلين قال تعالى حكاية عنه: ( قال رب هن أ أ كن من ا لاه ل ي و 122. ) ص ف ع ن كيد صب إ له ن ت ن إ له إول يدعون 25
وقد صرف هللا عز وجل عن نبيه يوسف عليه السالم كيدهن وهذا يقتضي أن يكون قد صرف عنه الجهالة ووقاه منها وأبعده عنها قال ال ارزي: "طلب من هللا سبحانه وتعالى أن يحدث في قلبه أنواعا من الدواعي المعارضة النافية لدواعي المعصية إذ لو لم يحصل هذا المعارض لحصل المرجح للوقوع في 123 المعصية خاليا عما يعارضه وذلك يوجب وقوع الفعل". ه ب والذي يؤكد أن هللا عز وجل نز ه نبيه عن الجهالة أن هللا عز وجل قال: )فاستج اب ل ر 124 ل يم ه ه و الس م يع الع يد هن إ ن ف ص ف عنه ك ) وهذا يقتضي أنه صرف عنه كل أمر محظور قبل هذه اآلية بما في ذلك كيد النساء والجهالة قال ابن كثير: "عصمه هللا عصمة عظيمة وحماه فامتنع 125 منها أشد االمتناع". المطلب الثالث: استعاذة موسى عليه السالم من الجهل ذكر القرآن الكريم استعاذة موسى عليه السالم من أن يكون من الجاهلين قال جل سبحانه: ) إوذ عوذ ب ا ا هز ا وا قال أ خ ذن ت ت ا قالوا أ رة ق ذبوا ب لل أن أ كون ن ت أمركم أ قال موس ل قوم ه إ ن ا لل ي م ن ا لاه ل ي(. 126 ففي استعاذة موسى عليه السالم دليل قطعي على ب ارءته منها إذ كيف يستعيذ باهلل من أمر ثم هو يفعله ولذلك قال األلوسي: "وقد نفاه عليه السالم عن نفسه قصدا إلى نفي ملزومه الذي رمي به... قل ر ب واالستعاذة باهلل تعالى من ذلك من باب األدب والتواضع معه سبحانه كما في قوله تعالى: )و اط ي ) ات الشي ز م أعوذ ب ك م ن ه 128 127 ألن األنبياء معصومون عن مثل ذلك" وقال ابن الجوزي: 129 "وإنما انتفى من الهزء ألن الهازئ جاهل العب". وقد دلت اآلية على كره موسى عليه السالم للجهل لدرجة أنه استعاذ باهلل عز وجه من أن يكون من أهله والنبي ال يستعيذ باهلل إال من شيء عظيم قال أبو السعود: "ألن الهزؤ في أثناء تبليغ أمر هللا سبحانه جهل وسفه نفى عنه عليه السالم ما توهموه من قبله على أبلغ وجه وآكده بإخ ارجه مخرج ماال مكروه و ارءه باالستعاذة منه استفظاعا له واستعظاما لما أقدموا عليه من العظيمة التي شافهوه عليه 130 السالم بها". 26
وأشار سيد قطب رحمه هللا إلى حكمة موسى عليه السالم في نفي الجهالة عنه وفي تقريعه لبني إس ارئيل على اتهامهم له بذلك فيقول: "كان رد موسى على هذه السفاهة أن يستعيذ باهلل وأن يردهم برفق وعن طريق التعريض والتلميح إلى جادة األدب الواجب في جانب الخالق جل عاله وأن يبين لهم أن ما عوذ ب ا لل ظنوه به ال يليق إال بجاهل بقدر هللا ال يعرف ذلك األدب وال يتوخاه: قال: )أ أ ن أكون م ن ا لاه ل ي (". 131 المطلب ال اربع: أمر محمد عليه السالم باإلع ارض عن الجاهلين ب نهى هللا عز وجل نبيه محمد صلى هللا عليه وسلم أن يكون من الجاهلين فقال سبحانه: ( إون ك ن ك هم ا ب أ ت ي ت ا ء ف ما ف ٱلسم سل و شآء ا لل ية ول و قا ف ٱ ل رض أ غ نف ن ت بت علي ك إ ع راضهم فإ ن ٱست ط ع ت أ كون ن م ن ا لاه ل ي ت ى فل 132 الهد. ) هم لع ل مع ولم يكتف هللا عز وجل بنهي نبيه بل وأمره باإلع ارض عن الجاهلين فقال جل سبحانه: )خذ 133. ) ن ا لاه ل ي عر ض ع أ العفو وأمر ب العرف و وهذا الخطاب من هللا عز وجل لنبيه بصيغة األمر يقتضي أن يقابل بالطاعة واالستجابة من النبي صلى هللا عليه وسلم والتوفيق واإلعانة من هللا عز وجل وهذا يعني أن النبي صلى هللا عليه وسلم منز ه عن الجاهلية بريء منها معرض عنها. ونهي هللا عز وجل عن الجاهلية وأمره باإلع ارض عنها ال يقتضي أن يكون فيه شيء منها بل كون ن م ن المقصود إبعاده عن جملة الجاهلين وتنزيهه صلى هللا عليه وسلم عنهم قال ال ارزي: ")فل ت ا لاه ل ي (: نهي له عن هذه الحالة وهذا النهي ال يقتضي إقدامه على مثل هذه الحالة كما أن قوله: اف ق ي المن تط ع الك ف ر ين و 134 ) ال يدل على أنه صلى هللا عليه وسلم أطاعهم وقبل دينهم )ول والمقصود أنه ال ينبغي أن يشتد تحسرك على تكذيبهم وال يجوز أن تجزع من إع ارضهم عنك فإنك لو فعلت ذلك قرب حالك من حال الجاهل والمقصود من تغليظ الخطاب: التبعيد والزجر له عن مثل هذه 135 الحالة وهللا أعلم". فهذه النماذج األربعة ما هي في الحقيقة إال تأكيدا لمبدأ سالمة األنبياء عليهم السالم من الجهالة وبيانا لب ارءتهم منها فما انطبق على نوح ويوسف وموسى ومحمد عليهم السالم ينطبق على األنبياء 27
كلهم ألن دعوة األنبياء واحدة دينهم واحد وربهم واحد وهدفهم واحد وعدوهم واحد فال بد أن يكونوا متشابهين في كثير من صفات الكمال البشري منزهين عما يشوب ذلك أو يعارضه أو يمنعه. بل إن بعض العلماء أشار إلى أن هذا األمر ينطبق أيضا على المؤمنين الصادقين أتباع األنبياء كون ن م ن فهم كذلك مبر ؤون من الجهالة ولذلك لما فس ر القرطبي قول هللا عز وجل: )فل ت ا لاه ل ي ( قال: "الخطاب له صلى هللا عليه وسلم والم ارد األمة". 136 الخاتمة بعد هذه الجولة مع منهج القرآن الكريم في التحذير من الجاهلية فإنه يجدر بنا أن نسج ل أهم النتائج التي تم التوصل إليها: مرتبط بثالثة للجهل اللغوي اإلطالق باالعتقاد مرتبط األول: أمور الجهل وهو الذهني 1 إن بالشيء. مرتبط والثاني: صورته. غير على األمر فعل وهو بالسلوك مرتبط والثالث: باالصطالح اإلسالم. مجيء قبل كانت التي الفترة وهي العرفي عد ة أساليب ذلك سبيل في وات بع وخطرها زيفها إلى وأشار الجاهلية من الكريم القرآن 2 حذ ر ومناهج كثير ليص د عنها ويبعد الناس عن مصائدها القرآن الكريم. 3 من سلوك الجاهلية من خالل: بيان بطالن أمور الجاهلية وبيان ما في حذر من الجاهلية فتنة وابتالء وإظهار ندامة من عمل بعمل الجاهلية وإصدار األحكام الصارمة بحق من عمل عمال من أعمال الجاهلية وبيان عقوبة من عمل بأعمال الجاهلية. 4 أمر هللا عز وجل المؤمنين باإلع ارض عن الجاهلية وبين استجابتهم لهذا األمر. 5 حذر القرآن الكريم من الجاهلية من خالل وصف األمم الكافرة بالجهل فقد ورد هذا الوصف بحق قوم نوح عليه السالم وقوم عاد وقوم لوط وبني اس ارئيل والكافرين عموما. الهوامش تهذيب اللغة تحقيق: محمد عوض مرعب )بيروت دار إحياء الت ارث األزهري أبو منصور محمد بن أحمد: 1 العربي ط 1 2001 م( 37/6. 28
2 3 الكفوي أبو البقاء أيوب بن موسى الحسيني: الرسالة 1419 ه 1998 م( 350/1. الكليات تحقيق: عدنان درويش ومحمد المصري )بيروت مؤسسة ال ارغب األصفهاني أبو القاسم الحسين بن محمد: المفردات في غريب القرآن تحقيق: محمد سيد كيالني لبنان دار المعرفة 102/1. 4 انظر: ص 225. 5 عبد الباقي محمد فؤاد: سورة األنعام اآلية 111. سورة األع ارف اآلية 138. سورة هود اآلية 46. 6 7 8 السمعاني أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار: المعجم المفهرس أللفاظ القرآن الكريم )القاهرة دار الحديث 1422 ه 2001 م( تفسير القرآن المعروف ب )تفسير السمعاني( تحقيق: ياسر إب ارهيم وغنيم عباس غنيم )السعودية الرياض دار الوطن ط 1 1418 ه 1997 م(.433/2 سورة األنعام اآلية 54. سورة الفتح اآلية 26. سورة الفرقان اآلية 44. 9 10 11 12 13 الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد: )بيروت مؤسسة الرسالة ط 9 1413 ه( 432/1. سورة األع ارف اآليات )138139(. 14 سير أعالم النبالء تحقيق: شعيب األرناؤوط, ومحمد نعيم العرقسوسي ال ارزي فخر الدين محمد بن عمر التميمي ال ارزي الشافعي: التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب )بيروت دار الكتب العلمية ط 1 1421 ه 2000 م( 183/14. 15 رواه مسلم. انظر: أبو الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري: صحيح مسلم تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي )بيروت( دار إحياء الت ارث العربي كتاب الحج باب ح ج ة الن ب ي صل ى هللا ع ل ي ه وسل م حديث رقم 886/2 1218 والحديث طويل جدا وهذه الجملة هي جزء منه. 16 النووي أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري: ط 2 1392 ه(.182/8 17 شرح النووي على صحيح مسلم )بيروت دار إحياء الت ارث العربي الطبري أبو جعفر محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن )بيروت دار الكتب العلمية( 46/9. 18 19 ابن عطية أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية األندلسي: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز تحقيق: عبد السالم عبد الشافي محمد )لبنان دار الكتب العلمية ط 1 1413 ه 1993 م( 448/2. سورة الفرقان اآلية 23. 20 أبو السعود محمد بن محمد العمادي: إرشاء العقل السليم إلى م ازيا الكتاب الكريم )تفسير أبو السعود( )بيروت دار إحياء الت ارث العربي(.368/3 21.365/3 22 البغوي أبو محمد الحسين بن مسعود: رواه أحمد والترمذي. انظر: أبو عبد هللا أحمد بن حنبل الشيباني: وعادل مرشد وآخرون )مؤسسة الرسالة ط 1 1421 ه معالم التنزيل تحقيق: خالد عبد الرحمن العك )بيروت دار المعرفة( مسند اإلمام أحمد تحقيق: شعيب األرنؤوط 2001 م( مسند الشاميين ح د يث ال ح ار ث األ ش ع ر ي ع ن الن ب ي 29
صل ى هللا عل ي ه وسل م حديث 17170 404/28 وقال الشيخ شعيب األرنؤوط: حديث صحيح. الترمذي أبو عيسى محمد بن عيسى: سنن الترمذي تحقيق: أحمد شاكر وآخرون )بيروت دار إحياء الت ارث العربي( أبواب األمثال باب ما مث جاء في ل الص ال ة والص ي ام والص د ق ة حديث 148/5 2863 وقال الترمذي: ح د يث ح سن صح يح. 23 اآللوسي أبو الثناء شهاب الدين محمود: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني )بيروت دار إحياء الت ارث العربي( 41/9. سورة آل عم ارن اآلية 154. 24 25 ابن الجوزي, عبد الرحمن بن علي بن محمد: ط 3, 482/1. ازد المسير في علم التفسير, )بيروت, دار الكتب العلمية, )1404 اآللوسي: روح المعاني 98/4. 26 27 28 _ ابن كثير, إسماعيل بن عمر: تفسير القرآن العظيم. 7 مج. ط: 2. بيروت: دار الفكر. 1970 م, )418/1 419(. ال ارزي: التفسير الكبير 41/9. سورة الحج ارت اآلية 6. ال ارزي: التفسير الكبير 104/28. اآللوسي: روح المعاني 147/26. ال ارزي: التفسير الكبير 104/28. المرجع السابق 104/28. أبو السعود: إرشاد العقل السليم إلى م ازيا الكتاب الكريم 118/8. وانظر: البيضاوي أبو سعيد عبد هللا بن عمر: 29 30 31 32 33 34 أنوار التنزيل وأس ارر التأويل )تفسير البيضاوي( )بيروت دار الفكر( 214/5. ع ب ي ة ال جاه ل ي ة : كبر وتجبر الجاهلية. قال الزمخشري: قوله»عبية الجاهلية«في الصحاح: رجل فيه عبية أى: 35 كبر وتجبر. وعبية الجاهلية: نخوتها. انظر: الزمخشري أبو القاسم محمود بن عمر الخوارزمي: الكشاف عن حقائق. 375/4 التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل تحقيق: عبد الر ازق المهدي )بيروت دار إحياء الت ارث العربي( أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد: الفائق في غريب الحديث واألثر, )لبنان, دار المعرفة ) تح وانظر : الزمخشري, 36 : علي محمد البجاوي محمد أبو الفضل إب ارهيم, ط 384/2. 2, الجعالن : هو حيوان معروف كالخنفساء. انظر : ابن منظور, محمد بن مكرم األفريقي : لسان العرب, )بيروت, دار صادر ) ط 1. 112/11, رواه أحمد وأبو داود والترمذي. انظر: أحمد: مسند أحمد مسند أبي هريرة حديث 349/14 8736 وقال الشيخ 37 شعيب األرنؤوط: إسناده حسن. أبو داود سليمان بن األشعث السجستاني: سنن أبي داود تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد )دار الفكر( كتاب األدب باب في الت ف اخ ر ب األ ح ساب حديث تفسير القرآن باب وم ن سور ة ال حج ر ات حديث 331/4. الترمذي: 5116 3270 39 سنن الترمذي أبواب 389/5. قال أبو ع يسى هذا ح د يث غ ر يب ال ن ع ر ف ه من حديث عبد للا بن د ين ار عن بن ع مر إال من هذا ال وج ه وع ب د للا بن ج ع ف ر ي ض ع ف ض ع فه يحيى بن مع ين و غ ي ره. 38 سورة هود اآليات )105106(. أبو السعود: إرشاد العقل السليم إلى م ازيا الكتاب الكريم 241/4. 30