SOCIAL INTEGRATION AND MUSLIM MINORITY OF SRI LANKA (A STUDY IN THE PERSPETIVE OF OBJECTIVES OF SHARIA H) Mohamed Ibrahim Mohamed siddeek Department of qura n and sunnah studies, international Islamic university, Malaysia. siddeeki@hotmail.com ABSTRACT: The study focuses on the clarification of the concept of social integration and its principles in the perspective of the objectives of shaia h, its primary goals consist of preserving religion, soul, mind, progeny, money and establishment of the security of life through the social integration. The concept of social integration is a thought of leading to bring the Islamic society to the origin of Islamic religion which harmonizes with nature of things by virtue of being the religion of nature (Dheen al- Fitrah), also leading to create a broad minded community which generalize the religion of Islam for all races being with different languages, colors and ideologies, until to be isolated the imaginations and fabrications of some extremists and racists about the Islamic religion, that it contains the extremism, racism, intolerance and narrow minded on the color, race, or geographic. And the concept of integration leads to bring the mind set of acceptance of others under the humanitarian circle regardless of religion, sex, color, language according to the sharia h limitations. Therefore, the concept of social integration between human families is considered as the basic principles of Islam. The study, therefore, has attempted to highlight the relationship between the objectives of the Shari ah (maqasid al-shari ah) and social integration as the latter is an essential component of the social system and its development. The research analyzes the position of Muslim minority of Sri Lanka and the impact effected by them in the sphere of social integration. Keywords: integration. Social. Objectives. Sharia h. Sri Lanka. االندماج االجتماعي واألقلية المسلمة السريالنكية -دراسة مقاصدية- مستخلص البحث: تتركز الدراسة على إيضاح مفهوم االندماج االجتماعي ومبادئه في وجهة نظر مقاصد الشريعة اإلسالمية وأن من أهم غاياتها المهمة الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال وإقامة األمن والجوار وتحقيق الحياة األمنية والتعايش السلمي باالندماج االجتماعي اإليجابي وهو فكرة تقود المجتمع اإلسالمي إلى أصل هذا الدين وحقيقته التي تنسجم إلى طول الخط مع طبيعة األمور بحكم كونه دين الفطرة وتجعله مجتمع ا مفتوح ا لكل األجناس واألعراق واأللوان حتى ينعزل خيال البعض وافترائاتهم عن هذا الدين من التطرف والعنصرية والتعصب واالنغالق على لون أو جنس أو جغرافي وترشد إلى دمج اآلخرين وقبولهم تحت دائرة اإلنسانية بغض النظر عن الدين والجنس واللون واللغة بعدم تجاوز الحدود الشرعية وضوابطها فتعد فكرة االندماج االجتماعي بين عائلة البشر من أساسي ات اإلسالم فتهتم الدراسة بإبراز العالقة والترابط بين المقاصد الشرعية واالندماج االجتماعي الذي يعتبر عمود ا هام ا للنظام االجتماعي وتطوير المجتمعات موض ح ا على موقف أقلية مسلمي "سريالنكا" في االندماج االجتماعي مع من حولهم واألثر الناتج الذي تولد بسسب تخلفهم وتقاعسهم على معرفة مفهوم االندماج وتطبيقه. فحسب طبيعة الدراسة سيتبع الباحث المنهج االستقرائي بتتبع النصوص التشريعية المتعلقة باالندماج االجتماعي وبيان عالقته بالمقاصد الشرعية مع مراعاة الموقف لألقلية المسلمة السريالنكية ووجهة نظرها في االندماج مع اآلخرين وتختم الدراسة باإلبراز على أهمي ة االندماج وضرورة االبتعاد من الفكرة الوراثية التقليدية فيه لألقلية المسلمة السريالنكية والرجوع إلى فكرة متفتحة تعد من أهم غايات الشريعة ومقاصدها. الكلمات األساسية: االندماج االجتماعي المقاصد الشريعة سريالنكا. المقدمة 599
الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد. فإن من خصائص الشريعة اإلسالمية أنها توصف بوصف الشمولية التي تستغرق إنسانية النزعة والهدف وعالمية األفق فهي التي تستهدف بعلم مقاصد الشريعة وهي من أجل العلوم وأنفعها إذ به تتضح حقيقة الشريعة وسماحتها وحكمتها في تشريعها العام والخاص ومن أهم غايات المقاصد الشرعية الحفاظ على الدين والنفس والعقل والنسل والمال وإقامة األمن والجوار. وهي مرتبطة إرتباطا قويا ومباشرا بنظام االجتماع اإلسالمي وال تنحصر بالعبادات وأحكامها كما يقول الشيخ ابن قيم الجوزية: "فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل فالشريعة عدل هللا بين عباده 46 ورحمته بين خلقه وظله في أرضه ". فعلى هذا أن االندماج االجتماعي متعلق بالمقاصد التشريع العام التي تهتم بربط العالقات الطيبة وإصالح المجتمع وتنظيمه واستقرار األمن لدى أبناء المجتمع كما يشير الشيخ العالل الفاسي في تعريفه للمقصد العام للشريعة اإلسالمية: "هو عمارة األرض وحفظ نظام التعايش فيها واستمرار صالحها بصالح المستخلفين فيها وقيامهم بما كلفوا به من عدل واستقامة ومن صالح في العقل وفي العمل وإصالح في األرض واستنباط لخيراتها وتدبير لمنافع 47 الجميع ". وهذا الذي مستدل باآليات القرآنية التي تدل على معنى التعايش السلمي هو الحياة األمنية والعيش المطمئن والبراءة من العيب واآلفات والجور والظلم لدى أقوام أديانها وألوانها وأجناسها وأشكالها مختلفة وتعيش في قرية أو دولة وهذا هو قول هللا : }ع س ى ا ه لل أ ن ي ج ع ل ب ي ن ك م و ب ي ن الهذ ين ع اد ي ت م م ن ه م م و دهة و ا ه لل ق د ير و ا ه لل غ ف ور ر ح يم { )سورة الممتحنة اآلية 8( وقوله تعالى:}و ل و ش اء ر ب ك آل م ن م ن ف ي األ ر ض ك ل ه م ج م يع ا أ ف أ ن ت ت ك ر ه النهاس ح تهى ي ك ون وا م ؤ م ن ين {. )سورة يونس اآلية: 99(. واليرجى هذا إال باالندماج والشركة والعالقة الصادقة مع الناس وأن اندماج المسلم مع األقوام التي حوله يعد أمرا ضروريا بوصف أنه حيوان اجتماعي ومسؤول خ هصصه هللا بالخالفة والدعوة إليها وقدوة بإظهار القيم والمحاسن التي انبنت على الحضارة المرموقة اإلسالمية وليس هو مستعصي ا على الذوبان واالنحالل باألفكار والحضارة التي تعادي على محاسن السالم وال هو متجاوز ا الحدود والضوابط الشرعية التي خط ها اإلسالم للتعامل مع الغير. فمتى ينعزل المجتمع اإلسالمي من هذه الفكرة األصيلة التي ثبتت من أهم غايات ومقاصد الشريعة فيواجه المشاكل والتحديات ويبث الفساد والتخلف واالنحطاط فيهم وفيمن يتولوا أمرهم فوفق الترابط بين المقاصد واالندماج االجتماعي الذي يعتبر عمود ا هام ا للنظام االجتماعي والحياة األمنية يتطلب واقع األقلية المسلمة السريالنكية إلى معرفة ماهية الشريعة ومقاصدها وأهمية االندماج االجتماعي في ظاللها ودورهم وإسهاماتهم تجاه المجتمع والدولة كقوم أقلية تعيش وسط مجتمع أغلبية مختلفة األجناس واألديان واأللوان واللغات. فحسب طبيعة الموضوع يرك ز الباحث على إبراز مفهوم االندماج االجتماعي وأهميته في ضوء مقاصد الشريعة اإلسالمية وكذلك سيقدم التحديات التي يواجهها مسلمو 48 "سريالنكا" في تحقيق االندماج االجتماعي وتحقيق التعايش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين في دولة "سريالنكا ". أهمية الموضوع إن التحديات والمشاكل التي يواجهها أقلية مسلمي "سريالنكا" تبرز أهمية هذا الموضوع وهم أقلية تعيش وسط المجتمع البوذي األغلب وأقوام مختلفة األديان من البوذية والنصرانية والهندوسية وهم كغيرهم من األقليات في العالم كله يواجهون كثيرا من االنتقامات والمشاكل التي تمارسها األغلبية والحكومة خاصة بعض المنظمات المتطرفة في دولة 49 "سريالنكا" مثل "بوذوباالسينا " )BBS( وهي تقوم بانتهاك حقوقهم الدينية مثل هدم المساجد وإحراقها ومنع الحجاب ومنع تمييز األطعمة بختم الحالل وغيرها حتى يقول بعض الباحثين المدققين: "هذه بداية إجراءات إبادة المسلمين من 46 600 ابن قيم الجوزية محمد بن أبي بكر إعالم الموقعين عن رب العالمين التحقيق: طه عبد الرحمن سعد )القاهرة: مكتبة الكليات األزهرية ط 1 1388 ه/ 1968 م( ج 3 ص 2. 47 عالل الفاسي مقاصد الشريعة اإلسالمية ومكارمها )دار الغرب اإلسالمي ط 5 1993( ص 45 46. سريالنكا": هي دولة تقع في جنوب قارة أسيا في المحيط الهندي وإلى جنوب شبه جزيرة الهند وهي جزيرة خضراء تبلغ 48 مساحتها المربعة حوالي "62 705 كم" وعاصمتها "كولمبو" وعدد سكانها حوالي 20 مليون نسمة من أجناس متنوعة من البوذيين Centralوالهنود Bank of Sri والمسلمين وغالبية سكانها بوذي ون ونسبتهم %76 والهنود %14 والمسلمون %. 10 انظر: lanka, Sri Lanka Socio-Economic Data 2010, vol. 33, 2010, 4. وهي منظمة بوذية أسست في عام 2012 م مقرها الرئيس عاصمة سريالنكا SENA) :(BODU BALA "بوذو باال سينا" 49 "كولمبو" مؤسس هذه المنظمة الرهبانان البوذيان: "كيراما ويماال جوذي" و"جاالجودا أتا ناناسارا تيرار". وهي منظمة مشهورة حاليا تظهر شعارها بحماية الديانة البوذية وتقوم بعدة من اإلجراءات ضد اإلسالم والمسلمين. انظر: موقع: شوهد في ديسمبر 2014 22 م. http://en.wikipedia.org/wiki/bodu_bala_sena
50 "سريالنكا" وتصفيتهم مثل ما يفعل في "بورما" حاليا. فواضح أن معظم هذه المشاكل والمأساويات بسبب التعصب العرقي البوذي ألمثال الحركات المذكورة وغيضها الشديد على اإلسالم والمسلمين ولكن هناك إجراءات بعض المسلمين أنفسهم وموقفهم ومعرفتهم عن اإلسالم تسبب لزيادة هذا السوء وازدياد البغض والكراهة الشديدة على اإلسالم والمسلمين من أهمها: تقصيرات المسلمين في فهم حقيقة اإلسالم ومحاسنه ومقاصده وغاياته وأهمية االندماج مع من حولهم وأسسه تحت الحدود الشرعية وكيفية تنظيم الحياة االجتماعية مع غير المسلمين وكيفية التعايش معهم. فتهتم هذه الدراسة على توضيح مفهوم االندماج االجتماعي في ضوء المقاصد الشرعية اإلسالمية. المنهج المتبع في الدراسة المنهج االستقرائي: وذلك باستقراء وتتبع النصوص التشريعية المتعلقة باالندماج االجتماعي وبيان عالقته بالمقاصد الشرعية مع مراعاة الظروف والمواقف لألقلية المسلمة السريالنكية فيه مع ذكر أوجه العوائق على تطبيقه. المبحث األول: مفهوم االندماج االجتماعي وأسسه. معنى االندماج إن اصطالح "االندماج" أصله ورد من لفظ "دمج" الذي يدل على معنى "دخل فيه واستحكم 52 "االنطواء والستر" كما يقال: "أدم ج ت الح بل إذا أدر ج ت ه وأحك م ت ف ت ل ه ". 51 ". ويستعمل بمعنى أما أن اصطالح "االندماج" فالحظ بوجهات النظر المختلفة وال يزال يناقش بالفقهاء المعاصرين من أبعاد مختلفة باسم "فقه االندماج" ولكن المعنى المراد الذي في صدد هذا الموضوع هو جعل المجتمع اإلسالمي مجتمع ا مفتوح ا لكل األجناس واألعراق واأللوان حتى ينعزل خيال البعض عن هذا الدين من العنصرية والتعصب واالنغالق على 53 لون أو جنس أو جغرافي ودمج اآلخرين وقبولهم تحت دائرة اإلنسانية بعدم تجاوز الحدود الشرعية وضوابطها. ويوض ح األستاذ عبد المجيد النجار معنى االندماج والشراكة مستدال بقول هللا و : ك ذ ل ك ج ع ل ن اك م أ همة و س ط ا ل ت ك ون وا ش ه د اء ع ل ى النهاس و ي ك ون ال هرس ول ع ل ي ك م ش ه يد ا )سورة البقرة اآلية: 143( على أن المراد بالشهادة في هذه اآلية تبليغ المسلم ما عنده من خير مادي أو معنوي للناس والعمل على أن ينفعهم بذلك الخير والتعاون على البر والتقوى يعني مد المسلم حبال التوافق مع من يعيش معهم من الناس ليشتركوا جميعا في إنجاز ما فيه لهم مصلحة مشتركة وكل هذا واجب على المسلم إزاء المجتمع الذي يعيش فيه بقطع النظر عن اختالفه معه أو اتفاقه في المعتقد أو 54 في الثقافة أو العرق. إذن فإن معنى االندماج يدل على معنى شامل من التسامح والتقارب والتساكن والتكامل والتالقي والتجانس ومن ذلك قول هللا : }ي ا أ ي ه ا النهاس إ نها خ ل ق ن اك م م ن ذ ك ر و أ ن ث ى و ج ع ل ن اك م ش ع وب ا و ق ب ائ ل ل ت ع ار ف وا إ هن أ ك ر م ك م ع ن د ا ه لل أ ت ق اك م إ هن ا ه لل ع ل يم خ ب ي ر{)سورة الحجرات اآلية: 13( فطبيعة حياة بني اإلنسان وتعامل بعضهم مع بعض والتعايش بينهم سنهة كونية رغم كون أجناسهم وأديانهم مختلفة. المبحث الثاني: عالقة المقاصد باالندماج االجتماعي إن لعلم مقاصد الشريعة تعريفات مختلفة حسب تطوره وتقسيماته وأشير هنا إلى تعريف ابن عاشور رحمه هللا- حسب تقسيمه مقاصد التشريع العام ة ومقاصد التشريع الخاص ة. وقد عرف اإلمام ابن عاشور لمقاصد التشريع العام ة: "هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها بحيث ال تختص مالحظتها بالكون في نوع خاص 50 Latheef Farook, Muslims of Sri Lanka Under Siege, 1 st edn, (Sri Lanka: printed by Addictive International, 2014), p-210 51 انظر: الرازي محمد بن أبي بكر بن عبد القادر مختار الصحاح تحقيق: محمود خاطر )بيروت: مكتبة لبنان د.ط 1415 ه/ 1995 م( ص 218. 52 انظر: ابن فارس أبوبكر أحمد بن فارس بن زكرياء معجم مقاييس اللغة تحقيق: عبد السالم محمد هارون )بيروت: دار الفكر ط 1 1399 ه/ 1979 م( ج 2 ص 299. 53 انظر: عبد القادر خالد محمد من فقه األقليات )هذا بحث أصدره كتاب األمة من دولة قطر العدد: 61 في شهر رمضان 1418 ه/ 1998 م( ص 25. 54 انظر: النجار عبد المجيد فقه المواطنة للمسلمين في أوروبا )باريس: لجنة البحوث بالمجلس األوروبي لإلفتاء والبحوث ط 1 2009 م( ص 27. 601
من أحكام الشريعة. فيدخل في هذا: أوصاف الشريعة وغايتها العامة والمعاني التي ال يخلو التشريع عن مالحظتها. 55 ويدخل في هذا أيضا معان من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع األحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها ". وقد أبرز اإلمام على مفهوم علم المقاصد ومجاالته وعلق المقاصد بالتنظيمات الكونية وعالقتها مع الناس كما أشار األستاذ الطاهر الميساوي: "علم مقاصد الشريعة عند ابن عاشور متصل اتصاال وثيق ا ببحث آخر ذي خطورة 56 بالغة وهو البحث في نظام االجتماع اإلسالمي ". وال يخفى على أحد أن التركيز على مقاصد الشريعة على مستوى األمة هو بأعلى المرتبة من المراتب المقاصدية وأولىها باعتبار أنواع المقاصد وتقسيماتها التي تتحقق بحفظها وتقديمها وهي المقاصد العامة والضروريات وهذا ما يجب أن يأخذ مكانته الالئقة المستحقة فقد الحظ ابن عاشور رحمه هللا - أن تقديم مصالح األمة أوجب من رعاية األفراد وهو الذي يعتبر أول من اهتم بالفكرة المقاصدية للنظام العام في أصول النظام االجتماعي وإصالح المجتمع ومصالحها في اإلسالم وحول هذا المعنى يقول فضيلته: "استقراء أدلة كثيرة من القرآن والسنة الصحيحة يوجب لنا اليقين بأن أحكام الشريعة اإلسالمية منوطة بحكم وعلل راجعة للصالح العام للمجتمع 57 واألفراد"... ". ويالحظ أن هناك الكثير من الفقهاء المعاصرين من يسمي المقاصد الخمسة مباشرة "النظام العام" في الشريعة اإلسالمية باعتبارها فكرة ضابطة تستغرق كل عناصر النظام العام األساسية في الجماعات مهما اختلف نظامها السياسي 59 58 أو االجتماعي. واألمر الذي يدفع إلى تقرير أن مصالح اإلنسان هي روح المقاصد الشرعية بحيث تكون المقاصد والمصالح هي الغاية من الشريعة واألسرار التي وضعها الشارع في كل حكم من أحكامها. فإن مقاصد الشريعة تتجه إلى اإلنسان لتحميه وتحفظه ومن ثم لتضمن له األمن الذي يحتف على المجتمع باالندماج االجتماعي والتعايش السلمي ويصلح حياته في الدنيا وكل ما يضمن له الفوز في اآلخرة ومن هنا يكتسب 60 الحديث عن مفهوم المصلحة الشرعية أهمية خاصة. فمن ثم اهتم اإلمام عالل الفاسي للمسألة االجتماعية أهمية كبيرة في تفكيره وتنظيره وقال الشيخ العالل الفاسي: "إن غاية الشريعة هي مصلحة اإلنسان كخليفة في المجتمع الذي هو منه وكمسؤول أمام هللا الذي استخلفه على إقامة العدل واإلنصاف وضمان السعادة الفكرية واالجتماعية والطمأنينة النفسية 61 لكل أفراد األمة ". فأينما ابتعد القوم بمعرفة هذه الغاية والمقاصد األساسية لهذه الشريعة الغراء في رى أثر هذا النقص في هذا المجتمع وينشأ هناك أمراض اجتماعية تزيل األمن والسالمة فواضح أن قوم الم يحتل فكرة المقاصد ولم يطب قها فال يرجى منهم حياة أمنية تنتج باالندماج االجتماعي. المبحث الثالث: مشكلة االندماج االجتماعي بين المسلمين وغير المسلمين في "سريالنكا" وحلولها. إن العالقة االجتماعية بين المسلمين وغير المسلمين البوذيين األغلبية في دولة "سريالنكا" كانت قوية تأدي إلى تحقيق 62 التعايش السلمي بينهم والحياة األمنية منذ طلوع اإلسالم هناك ألن المسلمين تمت عوا بحياة سعيدة باإلسالم وفهموا مقاصده ومحاسنه وجعلوا حياتهم حسب قيمه العليا ولم يهتم وا بتجارتهم وبيع بضاعتهم وشرائها فقط بل كانوا نموذج ا لآلخرين وطب قوا جميع واجباتهم وتكاليفهم تجاه مواطنين في وطن كما تشاهد عليها الدكتوراه: "لونا ديواراجا" بأن 63 عالقة العرب مع السريالنكيين لم تكن محدود ا بالتجارة فقط ولكنهم تبادلوا عالقة الديانة والثقافة وهي تحاول بهذه العبارة بأن المسلمين عاشوا قوم ا دعوي ا وأنموذج ا يتبع بهم. فلذلك الملوك البوذييون القدامى كانوا يرح بون المسلمين بالفرح والسرور ووف ر لهم جميع التوفيرات األساسي ة للسكن وعي نوهم في المناصب العالية المهم ة التابعة للحكومة 55 602 إسماعيل حسني نظرية المقاصد عند اإلمام محمد طاهر بن عاشور )األمريكا: المعهد العالمي للفكر اإلسالمي د.ط 1415 ه/ 1995 م( ص 116. 56 انظر: تحقيق الميساوي محمد الطاهر لكتاب ابن عاشور "مقاصد الشريعة اإلسالمية" المرجع السابق ص 67 57 المرجع نفسه ص 190. 58 زحيلي وهبة الفقه اإلسالمي وأدلته )دمشق: دار الفكر ط 4 ( ج 1 ص 92. 59 عبد النور بزا مصالح اإلنسان مقاربة مقاصدية )أمريكا: المعهد العالمي للفكر اإلسالمي ط 1 سنة 2008( ص 36 60 منحود مصطفى محمود األبعاد السياسية لمفهوم األمن في اإلسالم )القاهرة: المعهد العالمي للفكر اإلسالمي 1417 ه( 1996 ص 269. 61 المرجع نفسه ص 11. ليس هناك دليل علمي قوي من المصادر األصلية التاريخية إلثبات تاريخ أول وصول لإلسالم أو المسلمين في "سريالنكا" وهناك 62 آراء مختلفة من بين المؤرخين في هذا األمر ولكن بعضهم أثبتوا دخول اإلسالم فيها منذ طلوعه بسب عالقة العرب التجار والبحارة العرب من الحضارمة وغيرهم دخلوا اإلسالم حينما ظهر اإلسالم في الجزيرة وحملوه إلى األماكن التي يسافرون إليها ويتعاملون معها وقامو بالدعوة إلى الدين اإلسالمي وأخبروا عن محاسنه وأوصاف الرسول الذي ظهر في بالدهم. انظر: النمر عبد المنعم تاريخ اإلسالم في الهند )القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب ط 2 1990 م( ص 60. 63 Lorna Devaraja, The Muslim of Sri lanka: One Thousand Years Of Ethnic Harmony, 900-1915, (Colombo: The Sri Lanka Islami Foundation 1994), P230.
وجعلوهم مستشارين لهم في العالقات التجاري ة الخارجي ة والعالقات السياسي ة لها وعي نوهم المحاسبين الخاصين لهم 64 والمسؤوليين عن المال. إال أن هناك منذ السنوات المؤخرة التزال تزداد من بعض الصراعات والنزاعات التي تشتت العالقات االجتماعية وتترأس بالتباغض والتناحر والتنازع حتى أدت إلى خسارات فادحة من قتل عدة أبرياء من المسلمين وإحراق 65 المساجد والبيوت والمحالت التجارية للمسلمين في حادثة "آلوتجاما" و "بيروواال" فمن أين بدأت هذه المشاكل وما هي البواعث التي فسدت وال تزال تفسد العالقات االجتماعية واالندماج االجماعي والتعايش السلمي الذي نض ر وجوه أبناء "سريالنكا" منذ أقدم العصور بال أي فوارق دينية وجنسية ولغوية ولونية وجواب هذه األسئلة يقدم من نواحي مختلفة مثل التعصب العرقي البوذي وادعاء الهندوكية القومية واللغوية واألرضية والتعصب الوراثي التقليدي باسم اإلسالم وغيرها. الحلول إن العالج المناسب لهذه المشاكل العرقية الراهنة ال يصل إلى أيدي المسلمين حتى يعترف المسلمون تقصيراتهم من جانب التعصب الوراثي التقليدي باسم اإلسالم من قبل بعض المسلمين في تحقيق العالقات االجتماعية باالندماج والشركة مع غير المسلمين حسب الضوابط الشرعية وأن سلبيات بعض المسلمين وتقصيراتهم في فهم اإلسالم ومقاصده وتطبيقه تعد من أهم الوسائل في زيادة هذا السوء وازدياد البغض والكراهة الشديدة على اإلسالم والمسلمين وأن المسلمين قد نسوا واجباتهم وحقوقهم كمجتمع إسالمي أقلية وال يعرفون حد األقلية وحقوقهم في دولة غير إسالمية تجاه أكثرية غير مسلمة ونسوا وضعهم وواقعهم الحالي أمام الحركات العنصرية غير المسلمة التي تبذل أقصى جهدها على إزالة عالمة اإلسالم وشعاره فهناك نظرة خاصة لإلسالم في األقلية المسلمة التي تعيش في الدول غير اإلسالمية وتوسع العلماء اجتهاداتهم فيها باسم فقه األقليات ولكن مسلمي "سريالنكا" مبتعدون من هذه الفكرة وأمثالها وأن معظمهم ال يهتمون بالواقع ومطلوباته وال يتفكرون عن الخصوصي ات والرخص لهم كقوم أقلية ونظرة الشريعة في المستجدات والنوازل بل يتبعون اإلسالم بفكرة تقليدية موروثة من الذين لم يثقفوا ولم يتخذوا الفكرة السديدة اإلسالمية وليس عندهم أي فكرة عن االندماج االجتماعي اإليجابي ويظهرون حب اإلسالم بالتعصب العشوائي مثل ما يظنون أن غير المسلمين كلهم نجس وال يشاركون في حفالتهم العادية واليأكلون أطعمتهم الخالصة من النجس وال يؤذنون لهم أن يشاركوا في حفالتهم وفي البرامج اإلسالمية وال يدخلونهم في المساجد ويظنون أن أديان غير المسلمين وملتهم معادية على اإلسالم بأكملها ومستحقة للمحاربة عليها وال يتنازلون ألي سبب من عمل بسيط يعتبر مستحبا أو سنة في اإلسالم. فوفق هذه الحقائق اإلسالمية ومقاصدها يجب على مسلمي "سريالنكا" أن يعرفوا أن اإلسالم دين متكامل يشمل جميع نظم الحياة اإلنسانية المختلفة حسب االحتياجات الفطرة المقبولة بالعقول السليمة والشرع ومنها النظام االجتماعي الذي يختلف عن سائر النظم االجتماعية في العالم وهو الذي يورد األمن واألمان والتعايش السلمي ووسيلتها األساسية االندماج االجتماعي حسب نظام الشريعة وضوابطها. الخاتمة: توصل الباحث إلى بعض النتائج في ختام الدراسة التي تبحث عن عالقة المقاصد بالتعايش السلمي والعراقيل والبواعث التي يواجهها مسلمو سريالنكا في إثباته والحلول من هذه المشاكل في ضوء المقاصد وهي ما يأتي: تركيز الباحث على توضيح مفهوم االندماج االجتماعي باألدلة الثابتة من القرآن والسنة. إبراز ماهية المقاصد وعالقتها باالندماج االجتماعي بتوضيح الغاية األساسية للمقاصد هو جلب المصالح ودرء المفاسد. إظهار بعض المشاكل والتحديات التي يواجهها مسلمو "سريالنكا" بسبب فساد العالقات االجتماعية واالندماج االجتماعي. تقديم الحلول المناسبة لهذه المشاكل وفق األسس التي يقدمها المقاصد لتحقيق العالقات االجتماعية بوسيلة االندماج اإليجابي مع األقوام. -1-2 -3-4 المصادر والمراجع 64 Ameer Ali, Muslim in Sri lanka in the Sixteenth and Seventeenth Centuries, in Muslim of Sri lanka, edited by shukri,(sri Lanka: Jamiah Nallemiya Institution,1986), p130-131 65 M.I.M.Mohideen, Anti- Muslim Riots In Alutgama And Beruwala- 15 june2014, P6 603
القرآن الكريم ابن عاشور محمد الطاهر. ) 1420 ه/ 1999 م(. )ط 1 (. عمان: دار النفائس. مقاصد الشريعة اإلسالمية. تحقيق ودراسة: محمد الطاهر الميساوي. ابن عاشور محمد الطاهر. ) 1426 ه/ 2005 م(. أصول النظام االجتماعي في اإلسالم. )ط 1 (. القاهرة: دار السالم. ابن فارس أبوبكر أحمد بن فارس بن زكرياء. ) 1399 ه/ 1979 م(. معجم مقاييس اللغة. )ط 1 (. تحقيق: عبد السالم محمد هارون. بيروت: دار الفكر. إسماعيل حسني. ) 1415 ه/ 1995 م(. نظرية المقاصد عند اإلمام محمد طاهر بن عاشور. )د.ط(. األمريكا: المعهد العالمي للفكر اإلسالمي. الجوزية ابن قيم محمد بن أبي بكر. ) 1388 ه/ 1968 م(. إعالم الموقعين عن رب العالمين. )ط 1 (. التحقيق: طه عبد الرحمن سعد. القاهرة: مكتبة الكليات األزهرية. الرازي محمد بن أبي بكر بن عبد القادر. ) 1415 ه/ 1995 م(. مختار الصحاح. )د.ط(. تحقيق: محمود خاطر. بيروت: مكتبة لبنان. الزحيلي وهبة. )د.ت(. الفقه اإلسالمي وأدلته. )ط 4 (. دمشق: دار الفكر. شكري زاويتي محمد. المقال بعنوان:.http/www.tfpb.org. التعايش بين األديان كيف ولماذا د. بتاريخ 28/12/2011 م على موقع: شوقي أبو خليل. ) 1417 ه/ 1997 م(. اإلسالم والتفاهم والتعايش بين الشعوب. )ط 1 (. بيروت: دار الفكر المعاصر. عبد القادر خالد محمد. ) 1418 ه/ 1998 م(. من فقه األقليات )هذا بحث أصره كتاب األمة من دولة قطر العدد: 61. عبد النور بزا. ) 2008 م(. مصالح اإلنسان مقاربة مقاصدية. )ط 1 (.أمريكا: المعهد العالمي للفكر اإلسالمي. الفاسي عالل. ) 1435 ه/ 2015 م(. دفاع عن الشريعة. )ط 1 (. القاهرة: دار الكلمة للنشر والتوزيع. منحود مصطفى محمود ) 1417 ه/ 1996 م(. األبعاد السياسية لمفهوم األمن في اإلسالم. )د.ط(. القاهرة: المعهد العالمي للفكر اإلسالمي. النجار عبد المجيد. ) 2009 م(. لإلفتاء والبحوث. فقه المواطنة للمسلمين في أوروبا. )ط 1 (. باريس: لجنة البحوث بالمجلس األوروبي المراجع األجنبية: Ameer Ali. (1986). Muslim in Sri lanka in the Sixteenth and Seventeenth Centuries, in Muslim of Sri lanka, edited by shukri, Sri Lanka: jamiah nallemiya institution. Central Bank of Sri lanka, Sri Lanka Socio-Economic Data 2010, vol. 33, 2010, 4. Haris.H.L.M. (2013). Sahevalvum Satiyeppaduttuvethetkane Aalosenaikelum Walikaddelum. (1 st edn). (Co-existence- Realizing for the Suggestions and Guidelines), Colombo: wisdom publisher. Latheef farook. (2014) Muslims of Srilanka under Siege. (1 st edn). Sri lanka: Printed by Addictive International. 604
Lorna Devaraja. (1994). The Muslim of Sri lanka: one thousand years of ethnic harmony, 900-1915. (1 st edn). Colombo: the srilanka islami foundation. الشبكات اإللكترونية: http://www.slmuslims.com/index.php?option=com_content&view=article&id=435:dr-mam- شوهد في التاريخ: -01-2015 03 shukry&catid=9976:ulema-profiles-local&itemid=113 شوهد في ديسمبر 2014 22 م http://en.wikipedia.org/wiki/bodu_bala_sena 605