التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة Incitement to Murder in Islam Doctrinal Study Compared ملخص جابر الحجاحجة وسامية العلي Jaber AlHjahja & Samia Ali قسم الفقه وأصوله كلية الشريعة جامعة آل البيت المفرق األردن الباحث المراسل بريد الكتروني: jaber1970@aabu. edu.jo تاريخ التسليم: (٢٠١٢/٥/٣١) تاريخ القبول: (٢٠١٣/٣/١٧) يتناول البحث موضوع التحريض على القتل الذي موجبه القصاص وقد ھدف الباحث إلى بيان معنى التحريض وحكمه ووسائل التحريض من خالل تتبع آراء الفقھاء واستقراءھا من مظانھا وقد خلص البحث إلى أن وسائل التحريض ليست نوعا واحدا وإنما أنواع عدة أما عن عقوبة المح رض فقد جنح الباحث إلى رأي الجمھور القاضي بوجوب القصاص على المحرض نظرا لكون المكر ه والمكر ه مشتركان في القتل واالشتراك في القتل يوجب القصاص على الشريكين فالمكر ه المتسبب توفر فيه قصد القتل والمكر ه المباشر توفر فيه مباشرة القتل. Abstract الكلمات الدالة: التحريض القتل وسائل القصاص The research issue of incitement to murder, which aaqilah retribution, has the goal of the researcher to explain the meaning of incitement, and his rule, and means of incitement by tracking the views of scholars, as extrapolated from Mazanha The research found that the means of incitement is not one kind; but several types, but on the death induced by The cover of the researcher to judge public opinion on the punishment should be induced due to the fact that the impeller, the impeller taking part in the murder, to murder the two partners requires retribution, causing Valml provide the intended murder, and forced it directly provides direct killing.
١٣٤٦ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" المقدمة الحمد رب العالمين والصالة والسالم على أشرف األنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على نھجه إلى يوم الدين أما بعد: فإ ن الجريمة ظاھرة اجتماعية قديمة حديثة تتأثر في أسبابھا بالبيئة والظروف االجتماعية المحيطة باإلنسان والبيئة المحيطة ھي: مجموعة من العوامل الخارجية والتي تلعب دورا رئيسا في المساعدة على وقوع الجريمة وخاصة إذا كان لدى اإلنسان استعدادا داخليا للتأثر بھذه الظروف. ولھذا ي عد التحريض جريمة إذ أن الناس يبتكرون من فنون اإلجرام ووسائل التحريض ما ال يمكن حصره ومن المعلوم في الشريعة اإلسالمية أن الحوادث ال تنتھي في حد ث الناس من األقضية بمقدار ما يدور حولھم من أحداث. فرضية البحث ينطلق البحث من فرضية محددة ھي: اثر التحريض على المحرض. أھداف الدراسة.١ تھدف ھذه الدراسة إلى تحقيق األھداف اآلتية: إعطاء تصور لمفھوم التحريض ووسائله. ٢. بيان آراء الفقھاء قي حكم التحريض على الجريمة في اإلسالم. أھمية البحث تكمن أھمية البحث في دراسة آراء الفقھاء في حكم التحريض على الجريمة في الفقه اإلسالمي. حدود الدراسة يقتصر الجھد على: حكم التحريض ووسائله والتحريض على جرائم القصاص. منھج البحث وخطته اعتمد الباحث المنھج الوصفي القائم على استقراء الجزئيات الفقھية والمنھج التحليلي المقارن من خالل عرض اآلراء الفقھية من مظانھا وترتيب األدلة واالعتراضات والتوفيق بينھا من غير تعصب لرأي من اآلراء أو لمذھب من المذاھب.
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٤٧ الدراسات السابقة تناول بعض المعاصرين دراسة موضوع التحريض على الجريمة لكن غلب على دراساتھم الصبغة القانونية ومن ھذه الدراسات ١. التحريض على الجريمة ألحمد علي المجذوب القاھرة المطابع األميرية ١٩٧٠. ٢. جرائم التحريض وصورھا لمحمد عبد الجليل الحديثي ١٩٨٤. ٣. المسؤولية الجنائية في الشريعة اإلسالمية لمصطفى إبراھيم الزلمي دار وائل عمان. ٤. نظرية االشتراك في الجريمة لمحمود الزيني مؤسسة الثقافة الجامعة ١٩٩٣. وجديد ھذه الدراسة إنھا عرقت لغة واصطالحا وبينت حكم التحريض ووسائله كما أنھا استوعبت جل آراء الفقھاء من الصحابة والتابعين وآراء المذھب الفقھية المشھورة القديمة والحديثة وبينت أدلتھم ومناقشتھا واالعتراضات التي ترد عليھا والوصول إلى الرأي الراجح. خطة البحث يشتمل ھذا البحث على: مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة: المبحث األول: تحديد مصطلحات لبحث. المبحث الثاني: حكم التحريض ووسائله. المبحث الثالث: التحريض على جرائم القصاص. الخاتمة فيھا أھم النتائج التي توصل الباحث إليھا. المبحث األول: تحديد مصطلحات البحث وفيه مطلبان المطلب األول: مفھوم التحريض لغة واصطالحا التحريض لغة تطلق كلمة التحريض في اللغة ويراد بھا معان شتى منھا: ما ذكرته على سبيل التمثيل ال على سبيل الحصر.
١٣٤٨ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة".١ الحث واإلحماء: نقول: حرضه تحريضا : حثه على قتال وأحماه عليه..٢.٣ اإلفساد. نقول: ح ر ض الرجل نف س ه ي ح ر ض ھا ح ر ضا أ فسدھا ورجل ح ر ض وح ر ض أ ي فاسد مريض في الم ح ر ض الھالك م ر ضا الذي ال ح ي في ر ج ى وال ميت في وأ س منه. وحار ض إ ذا أ فسد بدنه وأ ش فى على الھالك وح ر ض ي ح ر ض وي ح ر ض ح ر ضا وح ر وضا ھلك يقال: ك ذ ب ك ذ بة فأ ح ر ض نفس ه أ ي: أ ھلكھا والحار ض : الفاسد في جسمه وعقله. التأليب من ألب وأل ب بينھم: أفسد وألب عليه الناس: حرضھم والتأليب: التحريض..٤ الح ض: نقول: ح ضه حضا أي: حثه وأحماه عليه..٥.٦ أمر واألمر: ضد النھي يقال: لي عليك أم ر ة مطاعة أي طاعتي وأتمرت ما أمرتني به: امتثلت وتقول: أمرته فأتمر وأبى أن يأتمر أي استبد. اإلكراه والتلجئة. نقول : وفي الفروق: ألجأته إلى الشئ اكرھته على فعل : المكره من فعل ما ليس له إليه داع وإنما يفعله خوف الضرر. فھذه األلفاظ جميعھا تفيد معنا مشتركا وھو: الحث واالكراه والتأليب واألمر. التحريض اصطالحا عرف التحريض بعدة تعريفات أھمھا (٩) الت ح ر يض : الت ر غ يب ف ي ال شي ء. الفيروز أبادي مجد الدين القاموس المحيط دار الجيل بيروت ط ( ١٣٧٧ ھ ١٩٥٨ م) ج ٢ ص ٦٥. ابن منظور محمد بن مكرم لسان العرب دار صادر بيروت ط ١ ١٣٣/٧. ابن منظور لسان العرب /١٣٣ ٧ الفيروز ابادي القاموس المحيط ٧٦/١. ابن منظور لسان العرب ج ١ ص ص ٢١٥ ٢١٦. الفيروز أبادي القاموس المحيط ج ٢ ص ٣٤٠ أحمد بن فارس بن زكريا معجم مقاييس اللغة تحقيق عبد السالم محمد ھارون دار الجيل بيروت ط ١ ( ١٤١١ ھ ١٩٩١ م) ج ١ ص ١٣٧. وجار الله الزمخشري أساس البالغة دار صادر بيروت ط ( ١٤١٢ ھ ١٩٩٢ م) ص ٢١. الجوھري إسماعيل بن حماد الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية دار العلم للماليين بيروت. ط ٤ ١٩٩٠ ج. /٢ ص ٨.٨٠ الفروق اللغوية ١ ج/ ص ٦٦. الجوھرة النيرة: (١٠٣/٦). (٩)
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٤٩.١ عرفه قلعه جي: ھو الحث على الشيء ومنه التحريض على القتل: الحث عليه..٢ وعند عبد القادر عودة: ھو إغراء المجني عليه بارتكاب الجريمة..٣.٤ وعرفه المشھداني بأنه: إغراء المجني عليه بارتكاب الجريمة والمفروض أن يكون اإلغراء ھو الدافع الرتكاب الجريمة. وعند الزيني: خلق فكرة الجريمة لدى شخص ثم تدعيمھا كي تتحول إلى تصميم على ارتكابھا. ويلحظ على ھذه التعريفات السابقة أنھا غير شاملة ألنھا قصرت التحريض على إحدى وسائله وھي اإلغراء ومن المعلوم أن التحريض يقع بوسائل عدة مثل: األمر واإلكراه واستغالل النفوذ واستخدام المال والوعد بالمناصب وغيرھا. أما القول: خلق فكرة الجريمة فالفكرة عادة تكون موجودة لكن ھناك وسائل وعوامل تساعد في إظھارھا أو تعجيلھا. أما القول: وينبغي أن يكون اإلغراء ھو الدافع الرتكاب الجريمة. فھذا يعني: وجود عالقة السببية بين التحريض وبين الجريمة المح رض عليھا بحيث يكون اإلغراء ھو السبب في وقوع الجريمة وھذا يتعارض مع كون التحريض جريمة مستقلة بحد ذاتھا لھا أركانھا ولھا عقوبتھا بمقدار ما تحدثه من ضرر في اآلخرين. التعريف المختار التحريض: ھو النشاط االيجابي الذي يقوم به المح رض بھدف دفع المح رض إلى ارتكاب الجريمة. فالنشاط: قيد في التعريف يشمل: مجمل األقوال واألفعال التي تصدر من المح رض ما دام يقصد به التحريض بحيث يكون ھذا التصرف ھو السبب المؤدي إلى ارتكاب الجريمة. االيجابي: حيث قيد نشاط المح رض بااليجابي ألن من الجرائم ما ھو سلبي كالترك ومنه ما ھو ايجابي كالتحريض أو المساھمة بشكل مباشر بصرف النظر عن حجم ھذه المشاركة ونوعھا. محمد رواس قلعه جي معجم لغة الفقھاء ضبط حامد صادق قنيبي دار النفائس ط( ١٣٧٧ ھ ١٩٥٨ م) ص ١٠٢. عبد القادر عوده التشريع الجنائي دار الكتب العلمية ج ١ ص ٣٦٧. محمد احمد المشھداني الوجيز في شرح التشريع الجنائي في اإلسالم الوراق للنشر والتوزيع ط ١ (٢٠٠٤) ص ٢٤٦. الزيني محمود نظرية االشتراك في الجريمة مؤسسة الثقافة الجامعة ١٩٩٣ ص ٢٣١.
ص( ١٣٥٠ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" المح رض: ھو الذي يقوم بتوجيه غيره الرتكاب الجريمة أو لزرع فكرتھا أو التخطيط لھا أو بدعم المباشر لھا وال فرق بين أن يكون المح رض شخصا أو مجموعة من األشخاص. بھدف دفع المح رض: فالمح رض يقصد من وراء نشاطه الذي يقوم به وقوع الفعل المعاقب عليه فإن لم يكن يقصد جريمة معينة فھو مسؤول عن كل جريمة تقع ما دامت تدخل في قصده المحتمل. المح رض: ھو الذي وقع عليه اثر نشاط المح رض سواء أكان المح رض شخصا أم جماعة. إلى ارتكاب الجريمة: المقصود األثر الناتج من فعل المحرض. المطلب الثاني: مفھوم القتل لغة واصطالحا القتل لغة : إزھاق الروح نقول: قتله قتال أي أ زھقت روحه فھو قتيل والمرأة قتيل أيضا إذا كان وصفا فإذا حذف الموصوف ج عل إسما وأ دخلت عليه الھاء نقول: رأيت قتيلة بني فالن. قال ابن منظور: قتل يقتل قتال أي: أماته بضرب أو بحجر أو بسم القتل اصطالحا.١.٢ ع رف القتل بعدة تعريفات منھا: القتل اصطالحا : ع رف القتل بعدة تعريفات منھا: عرفه الجرجاني: بانه فعل يحصل به زھوق الروح. وعرفه ابن عرفة بقوله: زھوق نفس بفعل ناجزا..٣ وعند الشربيني: ھو الفعل المزھق للروح..٤ وعرفه الزركشي: زھوق الروح بآلة صالحة. أو بأية علة. الرازي محمد بن أبي بكر مختار الصحاح ط ١٩٩٦ دار عمار عمان ص ٢٥٨. ابن منظور لسان العرب ج ١١ ص ٤٥٧. الجرجاني أحمد بن علي التعريفات دار الكتب العلمية بيروت ١٧٣). شرح حدود ابن عرفة: (٤٥٤/٢). الشربيني محمد الخطيب مغني المحتاج دار الفكر بيروت: (٤/٤). الزركشي محمد بن عبد الله شرح الزركشي على مختصر الخرقي تحقيق: عبد المنعم خليل دار الكتب العلمية ٢٠٠٢ م بيروت: (٢٧/٣).
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٥١ ويالحظ على التعريفات السابقة للقتل أن الموت عندھم ال يسمى قتال وال يعد من أنواع القتل وال يعد القتل قتال إال إذا حصل بفعل آدمي على الرغم من حصوله لإلنسان بفعل حيوان أو جماد أو بأمر معنوي كالعين ودليل حصول الفتل فيھا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ع ال م ي ق ت ل أ ح د ك م أ خ اه إ ذ ا ر أ ى أ ح د ك م م ن أ خ يه م ا ي ع ج ب ه ف ل ي د ع ل ه ب ال ب ر ك ة...). والعشق ودليل حصول الفتل فيه قول امرؤ القيس: أغرك مني أن حبك قاتلي وانك مھما تأمري القلب يفع ل فالفقھاء عند حديثھم عن القتل ال يقصدون ھذا النوع منه وإنما يقصدون القتل الذي يعد جناية داعية إلى المؤاخذة وترتيب العقاب عليھا. قواعد التفريق بين االشتراك في الجريمة والتحريض عليھا ھناك قواعد تفرق بين االشتراك في الجريمة والتحريض عليھا يمكن تقسيمھا إلى ثالثة أقسام: القسم األول قواعد تفرق بين االشتراك باالتفاق على الجريمة والت حريض عليھا أھمھا: القاعدة األولى: إرادة الجناة المشتركون في ارتكاب الجريمة متعادلة لتوجه كل واحد منھم إلى تحقيق الجريمة أما إرادة الم حرض تعلو على إرادة من يحرضه. القاعدة الثانية: في االشتراك في الجريمة كل شخص من الجناة مقتنع بارتكاب الجريمة ورأيه يصادف قبوال عند الشخص اآلخر أما الم حرض فھو الذي يبذل الجھد في إقناع من يحرضه ويخلق لديه الت صميم اإلجرامي ليرتكب الجريمة. النسائي سنن النسائي: ( ٦٠/٦ ) ابن ماجة السنن: (٢/ ١١٦٠) قال شعيب األرنؤوط: حديث صحيح. صحيح ابن حبان: (٤٧٠/١٣). الزوزني شرح المعلقات السبع مطبعة النقاء بغداد (٢٢).
) ١٣٥٢ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" القاعدة الثالثة: أالشخاص في االشتراك في الجريمة متعددون منھم الفاعل األصلي ومنھم الفاعل المعنوي ومنھم الشريك فالعقوبة لھؤالء األشخاص تختلق عن الم حرض ألنه لم يباشر الجريمة بنفسه بل بفكرته فقط وخلق الدافع اإلجرامي لدى غيره. القسم الثاني قواعد التفريق بين االشتراك بالت حريض على الجريمة والمساعدة عليھا اھمھا: القاعدة األولى: الت حريض يتحقق بالطرق المعنوية التي يتجه فيھا الم حرض إلى نفسية الفاعل فيؤثر عليه ليرتكب الجريمة "إن نشاط المحرض مضمون نفسي إذ يستعين بالوسائل النفسية لتنفيذ الجريمة التي يرغب في وقوعه" أما المساعدة تتحقق بالطريقة المعنوية بإرشاد الفاعل بمعلومات مسھلة لتحقق الجريمة أو بالطريقة المادية كإعطاء الفاعل اآلالت التي يحتاجه إلتمام الجريمة كالسالح في جريمة القتل أو المفتاح في جريمة سرقة الدار وغير ذلك. القاعدة الثانية الت حريض يكون سابق ا لوقوع الجريمة أما المساعدة تكون سابقة لوقوع الجريمة أو معاصرة لوقوعھا أو الحقة لھا بشرط االتفاق المسبق بين الشريك والفاعل على ذلك. القاعدة الثالثة: الت حريض فيه حث وإغراء فيسيطر بذلك على إرادة الجاني وخلق فكرة الجريمة في نفسه أما المساعدة ينحصر فعلھا في إعانة الفاعل على الجريمة والذي يتمتع بوجود الفكرة اإلجرامية عنده. القاعدة الرابعة: الم ح رض تنبعث منه الخطورة اإلجرامية لكونه المدبر للجريمة ومن حرضه تابع لتحريضه أما المساعدة الخطورة اإلجرامية تابعة لخطورة فاعل الجريمة التي يستمدھا منه. كامل محمد حامد أحكام االشتراك في الجريمة في الفقه اإلسالمي: (١٠٨) رسالة ماجستير جامعة النجاح الوطنية ٢٠١٠ إشراف الدكتور: مأمون الرفاعي منشورة على الموقع اآلتي: www.scribd.com للمزيد ينظر: عبد القادر عودة التشريع الجنائي: ( ٣٩٤/١ ) عوض محمد قانون العقوبات: (ص ٣٣ ) دار المطبوعات لجامعة االسكندرية ١٩٨٥ شويش ماھر عبد اإلحكام العامة في قانون العقوبات: (٢٦٧) جامعة الموصل ١٩٩٠ حسني محمد نجيب شرح قانون العقوبات اللبناني دار النقري بيروت.٤٥٤ ١٩٧٥ شويش اإلحكام العامة في قانون العقوبات: (٢٦٢). حامد أحكام االشتراك في الجريمة في الفقه اإلسالمي: (١٠٨) للمزيد ينظر: عبد القادر عودة التشريع الجنائي: ( ٣٩٤/١ ) عوض محمد قانون العقوبات: (ص ٣٣ ) شويش اإلحكام العامة في قانون العقوبات: (٢٦٥ حسني شرح قانون العقوبات: (٤٥٤).
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٥٣ القسم الثالث قواعد التفريق بين االشتراك باالتفاق على الجريمة والمساعدة عليھا: اھمھا: القاعدة األولى: االتفاق يعبر عن إرادة الجاني النفسية التي يرتكب بھا الجريمة أما المساعدة تتحقق بالتوجيه المعنوي للجاني في فعل الجريمة أو بالمشاركة المادية للفاعل. القاعدة الثانية: االتفاق سابق لوقوع الجريمة تتالقى فيه إرادة الجناة وترتبط على فعل الجريمة أما المساعدة تقع سابقة لوقوع الجريمة ومعاصرة لھا والحقة لھا بشرط االتفاق المسبق بينھم على ذلك. المبحث الثاني: حكم التحريض ووسائله وفيه مطلبان المطلب األول: التحريض على فعل المحرم محرم شرعا ودليله اآلتي: أوال : من القرآن الكريم.١ قال تعالى: (و ت ع او ن وا ع ل ى الب ر و ال تقو ى وال ت ع او ن وا ع ل ى اإلث م و الع دو ان). وجه الداللة: أمر الله عز وجل بالتعاون على الطاعة فالمقصود: أن تحاثوا على ما أمر الله عز وجل واعملوا به. وانتھوا عن اإلثم والعدوان أي ال يعين بعضكم بعضا على اإلثم وھو شامل لكل فعل أو قول يوجب إثم فاعله أو قائله والعدوان: ھو التعدي على الناس بما فيه ظلم. وقال تبارك وتعالى: (و ك ذل ك ج ع ل ن ا في ك ل ق ر ي ة أ ك اب ر مج ر م ي ھ ا ل ي م ك ر وا ف يھ ا و م ا يم ك رون إ ال ب أ ن ف س ھ م و م ا ي ش ع ر ون). وجه الداللة: األكابر: الرؤساء والعظماء وخصھم الله تعالى بالذكر ألنھم أقدر على الفساد والغدر وترويج الباطل بين الناس حيث كان كفار مكة ينفرون الناس عن إتباع النبي والمكر ھنا ھو الخديعة والغدر والحيلة والفجور والغيبة والنميمة. وكما كان المكر حامد أحكام االشتراك في الجريمة في الفقه اإلسالمي: (١٠٨) للمزيد ينظر: عبد القادر عودة التشريع الجنائي: ( ٣٩٤/١ ) عوض قانون العقوبات: (ص ٣٣ ) شويش اإلحكام العامة في قانون العقوبات: ( ٢٦٥ ) حسني قانون العقوبات اللبناني: (٤٥٤). سورة المائدة اآلية ٢. القنوجي فتح البيان ج ٣ ص ٣٢٩٣٣١. القرطبي الجامع ألحكام القرآن ج ٦ ص ٣٣. محمد نسيب الرفاعي تيسير العلي القدير الختصار تفسير ابن كثير مكتبة المعارف الرياض ١٩٩٨ م ج ٢ ص ٤. سورة األنعام اآلية ١٢٣.
١٣٥٤ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة".٢ غالبا ما يتم خفية قوبل فعلھم بالعذاب الشديد من الله عز وجل يوم القيامة. واآلية الكريمة واضحة الداللة على أن فعل الكفار ھذا ما ھو إال مثال واضح على التحريض كما أنھا ذكرت إحدى وسائله وھي التغرير. قوله الله سبحانه: (و ر ا ود ت ه ال ت ي ھ و في ب ي ت ھ ا ع ن ن ف س ه و غ ل ق ت األ ب واب و قال ت ھ ي ت ل ك ق ال م ع اذ الله إ ن ه ر ب ي أ ح س ن م ث واي إن ه ال يف ل ح الظ الم ون). وجه الداللة: تحدثت اآلية الكريمة عن محاولة امرأة العزيز إثارة حواس يوسف عليه السالم وإلھاب مشاعره ليزني بھا ولكنه أبى فما كان منھا إال أن اتھمته بأنه حاول اغتصابھا ودعت إلى معاقبته بالسجن أو التعذيب. والقرآن الكريم بإيراده ھذه القصة أكد حقيقة ھامة طالما غفل عنھا الناس وھي أن النساء لسن دائما المجني عليھن في الجرائم الجنسية وبالذات االغتصاب وإنما قد يحرضن على وقوعه بما يمتلكن من أساليب ووسائل اإلثارة لذلك يجب أن ال تؤخذ اتھاماتھن للرجال باالعتداء عليھن باعتبارھا حقائق ثابتة غير قابلة للنقاش أو البحث والتمحيص. ثانيا : من السنة النبوية.١.٢ أ. قال رسول الله : (م ن أ ع ان ع ل ى ق ت ل م ؤ م ن ب ش ط ر ك ل م ة ل ق ي الله ع ز و ج ل م ك ت وب ب ي ن ع ي ن ي ه آي س م ن ر ح م ة ر ب ه ). وجه الداللة: يعد القتل من الكبائر التي توجب العقوبة في الدنيا واآلخرة سواء أكان القتل مباشرة أم تسببا. فقوله: (ب ش ط ر ك ل م ة ) دليل على أن أي مساھمة في القتل أو أي تحريض عليه ولو كانت بكلمة كأن يشجعه على القتل بقوله: أقتل وھو من التحريض. تعاون اليھود مع أعداء اإلسالم وتحريضھم على القتال ومن ذلك: أن أبا سفيان ورجال من قريش قدموا المدينة بعد وقعة بدر لينتقموا من المسلمين ووصلوھا ليال فاستقبلھم سالم بن مشكم في بيته وأعلمھم أخبار المسلمين وأرشدھم إلى نقاط الضعف في حراسة المدينة فبعث أبو سفيان بعض رجاله فعاثوا القرطبي الجامع ألحكام القرآن ج ٧ ص ٥٢. سعيد حوى األساس في التفسير ج ٣ ص ١٧٣٠. القنوجي فتح البيان ج ٤ ص ٢٣٤. سورة يوسف اآلية ٢٣. احمد المجدوب المعالجة القرآنية للجريمة الدار المصرية اللبنانية القاھرة ط ١ ( ١٤١٨ ھ ١٩٩٨ م) ص ص.٩٦ ٩٥ النوري ابو المعاطي المسند الجامع ج ٤٢ ص/ ٢٢٥ ح: ١٣٧٤٥ شھاب الدين البوصيرى مصباح الزجاجة دار الجنان بيروت ٧٤/٢ القرطبي الجامع ألحكام القرآن ج ٦ ص ٣٣. ابن ماجة السنن: (٢ ٨٧٤) / وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة: (٢ ٧٣). /
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٥٥ فسادا في بعض نخيل المدينة وقتلوا رجال من األنصار وحليفا له فما أن علم بھم رسول الله حتى سار في طلبھم ولكن القوم فاتوه بعد أن من أزواد السويق. ب. إ ن كعب بن األشرف أغاظه نصر الله للمسلمين في بدر فذھب إلى مكة مغاضبا ومحرضا قريشا على رسول الله والمسلمين فأمر النبي بقتله عند عودته من مكة إلى المدينة. وجه الداللة في األمثلة السابقة: أن النبي عاقب المنافقين على تحريضھم على قتال المسلمين باعتبار أن تحريضھم على قتال المؤمنين وتأليبھم جريمة يستحق فاعلھا العقاب فلو لم تكن جريمة لما عاقب رسول الله عليھا. المطلب الثاني: ووسائل التحريض وسائل التحريض ال تنحصر بنوع واحد وال بنشاط معين وإنما لكل زمن أنشطته المبتكرة ووسائله الخاصة إال أن األمر ال يمنع من ذكر بعض وسائل التحريض أھمھا: أوال : اإليذاء الجسدي يعد اإليذاء باالعتداء على الجسد أو اإلطراف بالضرب أو القطع أو إذھاب المنفعة أو إزھاق الروح أو التشويه من وسائل التحريض على ارتكاب الجريمة خوفا على جسمه أو على أعضائه أو على منفعة أعضائه. ومن ذلك: أ ن رسول الله ل ق ي ع مارا ب ن ي اس ر و ھ و ي ب ك ي ف ج ع ل ي م س ح ال دم وع ع ن ه و ي ق ول: (أخ ذ ك ال م ش ر ك و ن ف غ ط و ك ف ي ال م اء ح ت ى ق ل ت ل ھ م ك ذ ا إ ن ع اد وا ف ع د (. وھذا مثال واضح على اإليذاء الجسدي حيث أن المشركين عذبوا عمارا بغطه بالماء مما أجبره على التظاھر بالكفر للتخلص من إيذائھم. فبين له النبي أن حكم الكفر ال ينطبق عليه ألنه مكره شريطة أن يكون قلبه مطمئن باإليمان لقوله وتعالى: (م ن ك ف ر ب ا من ب ع د إيم ان ه إ ال م ن أ ك ر ه و ق ل ب ه م ط م ئ ن ب اإليم ان). أنظر: صفي الرحمن المباركفوري الرحيق المختوم المكتبة العصرية بيروت ط ١ ( ١٤١٧ ھ ١٩٩٦ م) ص ٢٦٩. ابن ھشام السيرة النبوية تحقيق مصطفى السقا وآخرون دار الفكر عمان ج ٣ ص ٥٤ وما بعدھا. السويق ھو: طعام معروف مختار الصحاح الرازي( ٣٢٦ ). ابن ھشام السيرة النبوية ج ٣ ص ٥٤ وما بعدھا. محمد بن عمر الواقدي كتاب المغازي تحقيق مارسون جونس مؤسسة األعلمي بيروت ط ٣ ( ١٤٠٩ ھ ١٩٨٩ م) ج ١ ص ص ١٨٢. ١٨١ الزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨١. وابن قدامة المغني ج ٧ ص ١١٩. والرملي نھاية المحتاج ج ٧ ص ٢٥٨. وعلي حيدر درر الحكام ج ٢ ص ٦٦٠. ابن حجر أبو الفضل العسقالني الشافعي فتح الباري شرح صحيح البخاري دار المعرفة بيروت ١٣٧٩ ٣١٢/١٢. و ر ج اله ث ق ات م ع إ ر س اله أ ي ض ا و ھ ذ ه ال م ر اس يل ت ق وى ب ع ض ھ ا ب ب ع ض المصدر نفسه. سورة النحل اآلية ١٠٦.
١٣٥٦ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" ثانيا : التھديد (الوعيد) بإيقاع األذى.١.٢.٣.٤ يتحقق التحريض من خالل الوعيد بالقتل أو قطع عضو أو إتالف مال أو ضرب شديد أو طعن بذي حد أو اعتداء على األھل. ويشترط العتبار التھديد وسيلة ترفع المسؤولية عن المح رض الشروط اآلتية: أن يكون المح رض قادرا على إيقاع الضرر الذي توعد به باللصوصية ونحوه. كالسلطان والمتغلب أن يكون التھديد بأمر حال يوشك على الوقوع كأن يقول له: ألقتلنك أو لتفعلن كذا. فان كان التھديد غير حال كأن يقول له: أل ج و عن ك أو لتفعلن كذا. فال يعتد به ألنه يعطي المح رض وقتا إضافيا كافيا لتفادي الفعل. فال يجوز له اإلقدام على الفعل حتى يجيء من الجوع ما يخاف منه التلف. أن يغلب على ظن المح رض نزول الوعيد به إن لم يقدم على ما طلب منه. أن يكون مما يستضر به الطويل. ثالثا :الوعد بإعطاء المال أو األجرة ضررا كثيرا كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس الوعد بإعطاء المال من أخطر وسائل التحريض خاصة إذا استغل المح رض حاجة المح رض المالية. كأن يكون فقيرا ويحتاج المال أو مدينا دينا كبيرا يستغرق كل ماله. فقد سئ ل اإلمام ابن تيمية: عن رجل واعد آخر على قتل مسلم بمال معين ثم قتله. فأجاب: بأن على القاتل القود. ويعاقب الواعد بعقوبة تردعه وأمثاله عن مثل ھذا. رابعا : استغالل النفوذ يستغل بعض ضعفاء النفوس من ھم تحت إمرتھم فيجبروھم أو يضيقوا عليھم إلرتكاب معصية ومن ھؤالء يأتي: ابن المرتضى البحر الزخار ج ٥ ص ٩٩. وابن مفتاح المنتزع المختار ج ١٠ ص ٦ ٥ والزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨٢. والسرخسي المبسوط ج ٢٣ ص ٧٠. والقفال حلية العلماء ج ٧ ص ٤٦٩. محمد عليش شرح منح الجليل ج ٩ ص ٢٣. ابن مفتاح المنتزع المختار ج ١٠ ص ١٠٥. الزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨٢. ابن المرتضى البحر الزخار ج ٥ ص ٩٩. ابن قدامة المغني ج ٧ ص ١٢٠. انظر علي حيدر درر الحكام ج ٢ ص ص ٦٦١. ٦٦٠ ابن قدامة المغني ج ٧ ص ١٢٠. الشيخ نظام الفتاوى الھندية ج ٦ ص ١٢٧. ابن قدامة المغني ج ٧ ص ١٢٠. ابن تيمية الفتاوى الكبرى ج ٤ ص ١٧٩.
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٥٧.١.٢.٣.٤ السلطان: من المعلوم أن السلطان يملك من القوة والقدرة على إلحاق الضرر باآلخرين. ف ي ع د أمر السلطان على ارتكاب جريمة وإلحاق مفسدة باآلخرين دون سبب تحريضا على الجريمة. الزوج مع زوجته: للزوج سلطة على زوجته فيتحقق منه التحريض خاصة إذا ظنت الزوجة بأنه سيوقع بھا األذى كأن يخلو بھا في موضع ال تمن ع عنه. قال اإلمام مالك: (إذ ا ض ر ب ھ ا. أ و أ ض ر ب ھ ا ف اخ ت ل ع ت م ن ه أ ن ه ي ر د إل ي ھ ا م ا أ خ ذ م ن ھ ا) صاحب النفوذ األدبي يتمثل النفوذ األدبي في احترام االبن أباه أو طاعة الزوجة لزوجھا وغير ذلك فھو احترام من نفس الطرف اآلخر قد يجعله يتصرف بدوافع كثيرة وال يجرؤ على المخالفة. وھذا النفوذ إما أن يقترن بوسيلة اإلكراه أو ال يقترن بھا. فإذا اقترن بھا فصاحبه مكره كالزوج إذا ھدد زوجته أو األخ األكبر يھدد أخاه األصغر ففي ھذه الحالة يعتبر صاحب النفوذ مح رضا مستغال لنفوذه. أما إذا لم يھدد صاحب النفوذ صراحة وتوقع الطرف اآلخر األذى فصاحب النفوذ مح رض له. أما إذا لم يتوقع األذى وكان فعله طاعة ليس إال فتصرفه صحيح مستقل يصلح لترتب اآلثار على الفاعل نتيجة فعله ويتحمل مسؤولية العقاب عليه. خامسا : اإلغراء المادي (تقديم الھدية) الھدية للغير أو الوعيد بإعطاء المال والفرق بينھما: إن الھدية وسيلة تسبق الجريمة أما الوعد واألجرة فھي ال تكون إال بعد أن ينفذ المح رض ما طلب منه. وذلك الوعد واألجرة تعطى مع التصريح بطلب القيام بالجريمة. أما الھدية فال تصريح معھا وإنما ھي إقناع للمحرض بطريقة غير مباشرة وتقديم الھدية لشخص بھدف اإلعانة على الباطل ھي من الھدايا المحرمة على الجانبين المقدم لھا واآلخذ منه ويكونا مرتكبي الحرام ويجب رد الھدية إلى معطيھا. سادسا : التغرير التغرير لغة: من غرر واغتر بالشيء خدع به. والغرور: األباطيل وما اغتر به من متاع الدنيا. الشيرازي المجموع شرح المھذب ج ٥ ص ص ٢٨. ٢٧ ابن عابدين حاشية رد المحتار ج ٩ ص ١٨٢. عثمان التوزري الزبيدي توضيح األحكام ج ٣ ص ٧١ أبو الحسن الشولي المالكي البھجة على شرح التحفة ج ٢ ص ٧١ اإلمام مالك المدونة ٣١٧/٧. علي حيدر درر الحكام ج ٤ ص ٥٨٨. وظفر أحمد العثماني إعالء السنن تحقيق حازم القاضي دار الكتب العلمية بيروت ط ١ ( ١٤١٨ ھ ١٩٩٧ م) ج ١٥ ص ٧٢. ٦٩ الرازي مختار الصحاح ص ٢٣٤.
١٣٥٨ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" واصطالحا التغرير: ھو حمل الغير على التصرف الضار بإرادته واختياره بتزيين التصرف له وإقناعه به. فالذي يزرع الوھم في نفس الفاعل ويصور له الواقع على غير حقيقته بحيث لو لم يتم األمر وفق ھذه الصورة لما فكر الفاعل في ارتكاب الفعل واإلقدام عليه. وھذه الوسيلة تتطلب نشاطا قوليا من المح رض سابعا : وسائل اإلعالم المرئية والمقروءة المسموعة المقصود بوسائل اإلعالم المرئية: التلفاز والسينما واالنترنت. الكتب والمجالت خاصة إذا كانت مدعمة بالصور. فالقول من وسائل التأثير على اإلرادة. أما المقروءة فيقصد بھا: فھذه الوسائل تلعب دورا مھما في نشر الجريمة حيث يكمن الخطر في ھذه الوسائل في نشرھا أخبار مفصلة عن اإلجرام وكيفية ارتكابھا بصورة مبالغ فيھا حيث ينطوي ذلك على التشويق والحث بما توجده في نفس الشخص من الحوافز الباعثة على اقتراف أنماط مشابھة لتلك الجرائم المنشور عنھا. وأكثر ما تؤثر ھذه الوسائل في نفوس الشباب ممن ھم دون سن النضج الفكري فھؤالء أقل مقاومة لألثر السلبي الذي تحدثه تلك الوسائل وأكثر ميال للمغامرة واالندفاع. ومن المعلوم أن الشريعة اإلسالمية تمنع كل إعالم قولي أو فعلي يدعو إلى االنحراف أو يرغب فيه بأي وسيلة كانت. فنشر أخبار الجريمة ممنوع ألن ضرره المتمثل في إشاعة روح اإلجرام وتبصير المنحرفين بأساليب ممارسته أكبر من نفعه فھو ممنوع سدا للذرائع اللھم إال إذا كانت ھناك ضرورة تقتضي نشرھا كتوعية الناس من وسائل المجرمين واساليبھم المختلفة أو اعتبار نشرھا نوعا من العقوبات التعزيرية. ثامنا : إغراء الحيوان قد يستخدم المح رض الحيوانات المدربة كوسيلة لتحقيق الجريمة بحيث يكون بعيدا عن مباشرة الجريمة ويكون الحيوان ھنا ھو: الوسيلة والمباشر بنفس الوقت. ومثاله: لو أغرى به محمد سراج ضمان العدوان ص ٢٥٧. محمد علي السالم عياد الحلبي شرح قانون العقوبات األردني (القسم العام مكتبة بغدادي عمان ط ١. ( ١٩٩٣ م) ص ٢٩٢. عبد الحكم فودة الجرائم الجنسية ص ١٣٨. رمسيس بھنام المجرم تكوينا وتقويما منشأة المعارف مصر ص ١٥٠. وعلي الشرفي الباعث وأثره في التصرفات ص ١١٣. ١١١ علي الشرقي الباعث وأثره في التصرفات ص ص ١٢٢. ١٢١
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٥٩ كلبا عقورا أو ألقاه إلى أسد فقتله سواء كان في مضيق أو برية. وفي مثل ھذه الحالة فالعقوبة على المح رض ألن الحيوان ھنا كاآللة التي ال ينسب القتل إليھا. المبحث الثالث : التحريض على جرائم القصاص يقسم التحريض على جرائم القصاص إلى مطلبين وبيانھما االتي: المطلب األول: التحريض باإلكراه اإلكراه لغة: مصدر للفعل أكره ومجرده ك ر ه. ويعني القھر والمشقة يقال قام على ك ر ه أي على م شقة وأقامه فالن على ك ره أي أكرھه على القيام وأكرھه على كذا أي حمله عليه كراھا مما ينافي الرضا والمحبة. اصطالحا: ھو حمل الغير على ما ال يرضاه. واإلكراه قد يكون تاما أي (ملجئا) وھو ما يعدم الرضا ويفسد االختيار وھو ما يخاف معه تلف النفس أو التھديد بقطع عض و وقد يكون (غير ملجئ) وھو ما ال يخاف معه تلف النفس كالحبس مدة قصيرة والضرب غير المبرح. ومع اتفاق الفقھاء على أن اإلكراه إذا كان غير ملجئ وكان موضوعه االعتداء بالقتل فالعقوبة بالقصاص تقع على المباشر وحده. العاملي اللمعة الدمشقية ج ١٠ ص ٢٥. الھذلي شرائع اإلسالم ج ٨ ص ١٤٤. محمد عليش شرح منح الجليل ج ٩ ص ٢٣. اطفيش شرح كتاب النيل ج ١٥ ص ٢٢١. ابن منظور لسان العرب ج ٣ ص ٥٣٤. انظر الرازي مختار الصحاح ص ص ٢٩١. ٢٨٠ الزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨١. الزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨١. محمد بن احمد بن عرفه الدسوقي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير خرج آياته وأحاديثه محمد عبد الله شاھين دار الكتب العلمية بيروت ط ١ ( ١٤١٧ ھ ١٩٩٦ م) ج ٦ ص ١٨٧ البھوني كشاف القناع عن متن االقناع ج ٥ ص ٥١٧. الشربيني مغني المحتاج ج ٥ ص ٢٢٥ والشوكاني السيل الجرار ج ٤ ص ٢٦٤ والنجفي جواھر الكالم ج ١٥ ص ٣٠.
١٣٦٠ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة".١ إال أنھم اختلفوا في اإلكراه الملجئ وذھبوا لالتي: القول األول: يقتل (المكر ه) الحامل دون (المكر ه) والشافعية في رواية والزيدية. واستدلوا باآلتي: المباشر وبھذا قال أبو حنيفة قوله تبارك وتعالى: (ر ب ن ا و ال تح م ل ع ل ي ن ا إص را ك م ا ح م لت ه ع لى ال ذين م ن ق ب ل نا ر ب نا و ال تح ملنا م ا ال ط اق ة ل نا ب ه و اع ف ع ن ا و اغ ف ر ل ن ا و ار ح م ن ا أ ن ت م و الن ا ف ان ص ر ن ا ع ل ى ال ق و م ال ك اف ري ن) وقوله تعالى: (ف م ن اع ت د ى ع ل ي ك م ف اع ت د وا ع ل ي ه ب م ث ل م ا اع ت د ى ع ل ي ك م و ات ق و ا الله و اع ل م وا أ ن الله م ع ال م ت ق ين (. ووجه الداللة: إن معاقبة المكر ه على فعل لم يبق له فيه اختيار ھو تكليف بما ال يطاق وقد رفعه الله عز وجل عن عباده. ٢. قال النبي : (إ ن الله ت ج او ز ع ن أ مت ي ال خ ط أ و الن س ي ان و م ا اس ت ك ر ھ وا ع ل ي ه). وقال : (إنما األعمال ب الن ي ات و إ ن م ا ل ك ل ام ر ئ م ا ن و ى ف م ن ك ان ت ھ ج ر ت ه إ ل ى د ن ي ا ي ص يب ھ ا أ و إ ل ى ام ر أ ة ي ن ك ح ھ ا فھجرته إلى م ا ھ اج ر إ ل ي ه (. وجه الداللة: دلت األحاديث بعمومھا على أن اإلنسان مأخوذ بتصرفه إذا قصده ونواه بمحض اختياره وتوفر الرضا من جانبه. والمك ره إنما قصد التصرف إلنقاذ نفسه ولم يكن (٩) راضيا بحكم تصرفه فال يترتب عليه أثره ألنه أل جيء إليه. فالحديث ال يدل على رفع اإلكراه الزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨٦. الزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨٦ وعلي بن محمد بن احمد الرحبي السمناني روضة القضاة وطريق النجاة تحقيق صالح الدين الناھي مؤسسة الرسالة بيروت ط ١٩٨٤ م ج ٣ ص ١٢٨٤ ومحمد بن احمد الشاشي القفال حلية العلماء تحقيق : ياسين درادكه دار الباز مكة المكرمة ط ١٩٨٨)١ م) ج ٧ ٤٦٨ والكاساني بدائع الصنائع ج ٧ ص ٢٣٩. محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزه بن شھاب الدين الرملي نھاية المحتاج إلى شرح المنھاج دار الكتب العلمية بيروت ط ( ١٤١٤ ھ ١٩٩٣ م) ج ٧ ص ٢٥٨ ومحمد نجيب المطيعي المجموع شرح المھذب للشيرازي دار عالم الكتب الرياض ط ( ١٤٢٣ ھ ٢٠٠٣ م) ج ٢٠ ص ٢١٩. الشوكاني السيل الجرار ج ٤ ص ٢٦٤. سورة البقرة اآلية ٢٨٦. سورة البقرة : ١٩٤. الشوكاني السيل الجرار ج ٤ ص ٢٦٤. إبن حبان محمد بن أحمد أبو حاتم التميمي صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان تحقيق: شعيب األرنؤوط مؤسسة الرسالة بيروت ط ٢ ١٩٩٣: ( ٢٠٢/١٦ ح: ٧٢١٩) قال شعيب األرنؤوط: إسناده صحيح على شرط البخاري. البخاري محمد بن إسماعيل صحيح البخاري محمد زھير دار طوق النجاة ط ١ ١٤٢٢ ھ ١/١. انظر البھوتي كشاف القناع ج ٤ ص ٢٥٩٢. (٩)
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٦١ اإلكراه في نفسه وإنما يدل على رفع المؤاخذة والعقاب والقاعدة األصولية تقتضي بأن العفو عن الشيء عفو عن موجبه فكان موجب المستكره عليه معفو عنه بظاھر الحديث. وألن القاتل ھو المك ره من حيث المعنى وإنما الموجود من المكره صورة القتل فأشبه اآللة في يد المكره فينسب القتل إلى مستعمل اآلله وھو المك ره. من المعقول إن المكر ه (المباشر) ملجأ إلى ھذا الفعل واإللجاء يجعل الملجأ آلة للملجيء فيما يصلح أن يكون آلة له كما في إتالف المال فإن الضمان يجب على المكر ه (الحامل) ويصير المكر ه المباشر آلة حتى ال يكون عليه شيء من حكم اإلتالف. فكذلك في القتل ألن المكر ه يصح أن يكون آلة للمكر ه وتفسير اإللجاء ھنا أنه أصبح محموال على ھذا الفعل فإذا فسد اختياره التحق باآللة التي ال اختيار لھا فيكون الفعل منسوبا إلى من أفسد اختياره وحمله على ھذا الفعل فال يكون على المباشر شيء من حكم القتل. وألن معنى الحياة أمر ال بد منه في باب القصاص قال الله تعالى: (و ل ك م ف ي ال ق ص اص ح ي اة ي ا أ ول ي األ ل ب اب ل ع ل ك م ت ت ق ون ( واستيفاء القصاص ال يحصل بشرع القصاص في حق ال م كره وإنما في حق ال م كره دون ال مكره وإن كان اإلكراه ناقصا وجب القصاص على المكره بال خالف ألن اإلكراه الناقص يسلب اإلختيار أصال فال يمنع وجوب القصاص. علي بن ابي علي بن محمد اآلمدي اإلحكام في اصول األحكام كتب ھوامشه الشيخ ابراھيم العجوز دار الكتب العلمية بيروت لبنان ط ١ ( ١٤٠٥ ھ ١٩٨٥ م) ج ٣ ص ٥١١ و الكاساني بدائع الصنائع ج ٧ ص ١٧٩. الكاساني بدائع الصنائع ج ٧ ص ١٨٠. السرخسي المبسوط ج ٢٤ ص ٧٤. سورة البقرة اآلية ١٧٩. الكاساني البدائع ج ٧ ص ١٨٠ بتصرق يسير.
١٣٦٢ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" القول الثاني: يقتل المكر ه دون المكر ه الحنابلة و إلا باضية و إلا مامية..١.٢ واستدلوا بما يأتي: وبھذا قال زفر وبعض الشافعية وبعض قول الله عز وجل: (و ال ت ق ت ل وا الن ف س ال تي ح ر م الله إال ب الح ق و م ن ق ت ل م ظ ل وم ا ف ق د ج ع ل ن ا ل و ل ي ه س ل ط انا ف ال ي س ر ف ف ي الق ت ل إن ه ك ان م ن ص ورا ). قال قتادة: المقصود بالسلطان في ھذه اآلية ھو القود فللولي استيفاء القود من القاتل دون دون إسراف في القتل وإسرافه أن يقتل غير من قتل أو أن يقتل أكثر من قاتل وليه. والقتل في ھذه الحالة وجد من المكر ه حقيقة ح سا ومشاھدة وإنكار المحسوس مكابرة (٩) فوجب اعتباره منه دون المكر ه إذ األصل اعتبار الحقيقة وال يجوز العدول عنھا إال بدليل. قوله عز وجل: (و ال ت ق ر ب وا الف و اح ش م ا ظ ھ ر م ن ھ ا و م ا ب ط ن و ال ت ق ت ل وا الن ف س ال تي ح ر م (١٠) الله إ ال ب الح ق ذل ك م و صاك م ب ه ل ع ل ك م ت ع ق لو ن). والمقصود بالفواحش ھنا المعاصي وي حمل لفظ الفواحش على عمومه فيشمل جميع المحرمات والمنھيات سواء أكانت معلنة يطلع عليھا الناس أو ما كان سرا لم يطلع عليه إال الله عز وجل وھذا يشمل اإلكراه والتحريض. ثم أفرد قتل النفس بالذكر تعظيما ألمر القتل وأنه (١١) من أعظم الفواحش والكبائر فال يجوز القتل بأي حال من األحوال إال بسبب الحق. الزيلعي تبيين الحقائق ج ٥ ص ١٨٦ القفال حلية العلماء ج ٧ ص ٤٦٨ وابن قدامة المغني ج ٧ ص ٦٤٥. المطيعي المجموع ج ٢٠ ص ٢١٩. عالء الدين ابو الحسن علي بن سليمان بن احمد المرداوي اإلنصاف في معرفة الراجح من الخالف على مذھب اإلمام احمد بن حنبل دار الكتب العلمية بيروت ط( ١٤١٨ ھ ١٩٩٧ م) ج ٩ ص ٤٧٦. محمد بن يوسف اطفيش شرح كتاب النيل وشفاء العليل مكتبة االرشاد السعودية ط ٣ ( ١٤٠٥ ھ ١٩٨٥ م) ج ١٥ ص ١٨٥ خلفان السيابي سلك الدرر الحاوي غرر األثر وزارة التراث القومي سلطنة ع مان ط ( ١٤٠٩ ھ ١٩٨٨ م) ج ٢ ص ٤٠٢. النجفي جواھر الكالم ج ١٥ ص ٣٠. سورة اإلسراء اآلية ٣٣. عبد الحق بن عطية األندلسي المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز تحقيق عبد الله إبراھيم األنصاري وعبد الله السيد ابراھيم ط ١ ( ١٤١٨ ھ ١٩٨٧ م) ج ٩ ص ٧٢. محمد بن الحسن الطوسي التبيان في تفسير القرآن تحقيق وتصحيح احمد بن حبيب. قصير العاملي مكتب االعالم االسالمي ط ١ ( ١٣٠٩ ھ) ج ٦ ص ٤٧٤. (٩) الكاساني بدائع الصنائع ج ٧ ص ١٧٩. (١٠) سورة األنعام اآلية ١٥١. (١١) أنظر القنوجي فتح البيان ج ٤ ص ٢٧٥.
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٦٣ قال : (ال ي ح ل د م ام ر ىء م س ل م ي ش ھ د أ ن ال إ له إ ال الله و أ ن ي ر س ول الله إ ال ب إ ح د ى ث ال ث : الن ف س ب الن ف س و الث ي ب ال زان ي و ال م ار ق م ن ال دين الت ار ك ال ج م اع ة )..٣.٤.٥.٦ إن األصل في القصاص كونه على المباشر ألنه القاتل لغة وعرفا ( ٢ ). إ ن المباشرة تقطع حكم السبب كالحافر مع الدافع واآلمر مع القاتل فإذا اجتمع المباشر مع المتسبب أضيف الحكم إلى المباشر. إ ن المكر ه قام بالقتل ظلما الستبقاء نفسه عليه. القول الثالث: ال قصاص عليھما وليست نفسه أولى بالبقاء من نفس المجني عليه. وبھذا قال أبو يوسف والحنابلة في رواية. قالوا: أن من أكره على فعل شيء مما ال تبيحه الضرورة كقتل إنسان ففعله لزم القود والضمان ألنه أتى محرما عليه إتيانه وألن النصوص لم تبح لإلنسان أن يدفع عن نفسه ظلما بظلم غيره بالتعدي عليه بل أوجبت على اإلنسان دفع الظالم أو قتاله. لقوله عز وجل: (و ت ع او ن وا ع ل ى الب ر و الت ق و ى وال ت ع او نو ا ع ل ى اإل ث م والع د و ان. و ات ق وا الله إ ن الله ش د ي د الع ق اب). واستدلوا: أن المكر ه ليس ھو القاتل حقيقة بل ھو مسبب للقتل أما القاتل حقيقة فھو (٩) المكر ه ثم لما لم يجب القصاص عليه فألن ال يجب على المكر ه أولى. النسائي احمد سنن النسائي: دار الكتب العلمية بيروت ط ١ ١٩٩١: ( ٣٠١/٢ ح: ٣٥٢٠) مسند ابن أبي شيبه تحقيق عادل العزازي و أحمد بن فريد دار الوطن ١٩٩٧ م لرياض: ( ١٦٩/١ ح: ٢٤٤). النجفي جواھر الكالم ج ١٥ ص ٣٠. ابراھيم بن نجيم األشباه والنظائر على مذھب أبي حنيفة النعمان تحقيق ونشر مركز الدراسات والبحوث بمكتبة نزار مصطفى الباز الرياض ط ١ ( ١٤١٧ ھ ١٩٩٦ م) ج ١ ص ١٦٠. ابن قدامة المغني ج ٧ ص ٦٤٥ المطيعي المجموع ج ٢٠ ص ٢١٩. القفال حلية العلماء ج ٧ ص ٤٦٨. المرداوي اإلنصاف ج ٩ ص ٤٧٦. السرخسي المبسوط ج ٢٤ ص ٧٢٧٤. سورة المائدة اآلية. الكاساني بدائع الصنائع ج ٧ ص ١٧٩. (٩)
١٣٦٤ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" القول الرابع: يقتل كالھما (المكر ه) و (المكر ه) وھو رأي جمھور الفقھاء من: والشافعية والحنابلة والظاھرية. واستدلوا باآلتي: المالكية.١.٢ أن المكر ه والمكر ه ھنا متساويان فيقتالن معا ھذا لتسببه وھذا لمباشرته. أن المكر ه ال ي عذر باإلكراه وكذلك ال يعذر المكر ه بعدم المباشرة فالمكر ه تسبب إلى قتله بمعنى يفضي إلى القتل غالبا فأشبه إذا رماه بسھم فقتله. أما المكر ه فإنه قتل ظلما الستبقاء نفسه. المناقشة والترجيح بعد بيان أقوال الفقھاء وأدلتھم في التحريض باإلكراه على القتل نرى أن رأي الجمھور ھو الراجح كون المكر ه والمكر ه مشتركان في القتل واالشتراك في القتل يوجب القصاص على الشريكين إذا كان فعل كل منھما يوجب القصاص فالمكر ه المتسبب توفر فيه قصد القتل والمكر ه المباشر توفر فيه مباشرة القتل. ومما يؤيد ھذا قوله عز وجل: (و ال ت ق ت ل وا ا لن ف س ال ت ي ح رم الله إ ال ب الح ق) وقوله (٩) سبحانه وتعالى: (م ن ي ق ت ل م ؤ م نا م ت ع مدا ف ج زاؤ ه ج ھ ن م) ومن السنة قوله : (ال ي ح ل د م ام ر ىء م س ل م ي ش ھ د أ ن ال إ له إ ال الله و أ ن ي ر س ول الله إ ال ب إ ح د ى ث ال ث : الن ف س ب الن ف س و الث ي ب محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير خرج آياته وأحاديثه محمد عبد الله شاھين دار الكتب العلمية بيروت ط ١٤١٧)١ ھ ١٩٩٦ م) ج ٦ ص ١٩٠. الحطاب الرعيني مواھب الجليل ج ٨ ص ٣٠٧. القفال حلية العلماء ج ٧ ص ٤٦٧ والشربيني مغني المحتاج ج ٥ ص ٢٢١. المرداوي االنصاف ج ٩ ص ٤٥٣. وابن قدامة المغني ج ٧ ص ٦٤٥. علي بن أحمد بن سعيد بن حزم المحلى ج ٨ ص ٣٣٠. الدسوقي حاشية الدسوقي ج ٦ ص ١٩٠ والخرشي شرح الخرشي ج ٨ ص ٩ ومحمد عليش شرح منح الجليل على مختصر العالمة خليل دار الفكر ط ( ١٤٠٩ ھ ١٩٨٩ م) ج ٩ ص ٢٣. محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن رشد القرطبي األندلسي بداية المجتھد ونھاية المقتصد تحقيق وتعليق علي معوض وعادل احمد عبد الموجود دار الكتب العلمية بيروت ج ٢ ص ٥٧٩ والحطاب الرعيني مواھب الجليل ج ٨ ص ٣٠٧ والمطيعي تكملة المجموع ج ٩ ص ٢١٩. أنظر عيسى زكي شقرة اإلكراه وأثره في التصرفات مؤسسة الرسالة بيروت ط( ١٤٠٧ ھ ١٩٨٧ م) ص ٢٠٥.٢٠٩ سورة األنعام اآلية ١٥١. سورة النساء اآلية ٩٣. (٩)
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٦٥ ال زان ي ي س ل م ه ) و ال م ار ق م ن ال دين الت ار ك ال ج م اع ة ).. وقوله : (ال م س ل م أ خ و ال م س ل م ال ي ظ ل م ه و ال المطلب الثاني: التحريض باألمر.١.٢ التعريف باألمر األمر لغة يأتي بمعنيين: األول: يأتي بمعنى الحال أو الشأن ومنه قوله تعالى: (و م ا أ م ر أ م ر ف ر ع و ن ب ر ش يد) والثاني طلب الفعل على سبيل االستعالء يقال: لي عليك أمرة مطاعة أي لي عليك أن آمرك مرة واحدة فتطيعين وأمر فالن بالشيء أي طلب منه فعله وأتمرت ما أمرتني به: امتثلت. أما اصطالحا فقد استعمله الفقھاء بالمعنيين المذكورين. بأنه طلب الفعل على سبيل االستعالء. التحريض باألمر إال أن علماء األصول عرفوه الفرق بين التحريض باإلكراه والتحريض باألمر أن اإلكراه ال يكون إال ويكون معه الخوف أما األمر فال يلزم من وجوده وجود الخوف. وقد اختلف الفقھاء عند حديثھم عن األمر في جرائم القصاص على ما يقع على النفس وما دونھا بحسب كون المأمور مكلفا (بالغا عاقال ) أم ال إلى ما يأتي: النسائي احمد سنن النسائي: دار الكتب العلمية بيروت ط ١ ١٩٩١: ( ٣٠١/٢ ح: ٣٥٢٠) مسند ابن أبي شيبه تحقيق عادل العزازي و أحمد بن فريد دار الوطن ١٩٩٧ م لرياض: ( ١٦٩/١ ح: ٢٤٤). رواه البخاري في صحيحه كتاب المظالم باب أال يظلم المسلم المسلم وال يسلمه الحديث رقم (٢٤٤٢) ومسلم في صحيحه كتاب البر والصلة باب تحريم الظلم الحديث رقم (٢٥٨٤). ابن منظور لسان العرب ج ٤ ص ٢٧. سورة ھود اآلية ٩٧. ابن فارس معجم مقاييس اللغة ج ١ ص ١٣٧. الرافعي المصباح المنبير ج ١ ص ٢١. الزمخشري أساس البالغة ص ٢١ مجمع اللغة العربية المعجم الكبير مطبعة دار الكتب ط( ١٩٧٠ م) ج ١ ص ٤٦١ وزارة األوقاف الموسوعة الفقھية ج ٦ ص ٢٤٢. اآلمدي األحكام في أصول األحكام ج ١ ص ٣٦٥ ومحمد بن علي بن محمد الشوكاني إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول دار الكتب العلمية بيروت ط ١٤١٤)١ ھ ١٩٩٤ م) ص ١٤١ محمد بن محمد الغزالي المستصفى من علم األصول ومعه فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت دار األرقم بيروت ط ١٩٩٤)١ م) ج ١ ص ٦٣٥. محمد بن يوسف الجزري المعراج شرح منھاج الوصول إلى علم األصول للبيضاوي تحقيق شعبان محمد إسماعيل ط ١٤١٣)١ ھ ١٩٩٣ م) ج ١ ص ٢٩٥. الزرقاني شرح الزرقاني ج ٨ ص ١٨ والخرشي شرح الخرشي ج ٨ ص ١١ والدسوقي حاشية الدسوقي ج ٦ ص ١٨٧.
) ح ٢ ١٣٦٦ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة".١.٢.٣ أوال : المأمور مكلف: إذا كان المأمور مكلف فللفقھاء فيه أربعة أقوال القول األول: القصاص من المأمور فقط وبحبس اآلمر حتى يموت وھو قول زفر من الحنفية وھو رأي المالكية في حال أن اآلمر وجه األمر إلى غيره وبه قال سفيان الثوري واالمامية وبعض االباضية. واستدلوا باآلتي: قوله تعالى: (ف م ن اع ت د ى ع ل ي ك م ف اع ت د وا ع ل ي ه بم ث ل م ا اع ت د ى ع ل ي ك م وات ق وا الله و اع ل موا أ ن الله م ع المت ق ي ن). وجه الداللة: إن من شرط القصاص المماثلة بين فعل الجاني والعقوبة المقررة عليه واآلمر لم يعتد إال باألمر فكيف يقتص منه! إذ المماثلة غير متصورة في حقه إنما تتصور في حق المأمور (المباشر) فقط. قال تعالى: (و م ن ق ت ل م ظ ل وم ا ف ق د ج ع ل ن ا ل و ل ي ه س ل ط انا ). وجه الداللة: إن المراد بالسلطان ھنا استيفاء القود من القاتل (٩) حقيقة. ما روي عن النبي : (٩) والقاتل ھو المأمور حقيقة. (١٠) (م ن ق ت ل ل ه ق ت يل ف ھ و ب خ ي ر الن ظ ر ي ن إ ما أ ن ي ق ت ل و إ ما أ ن ي ف د ى). السرخسي المبسوط ج ٢٤ ص ٧٢. الحطاب الرعيني مواھب الجليل ج ٨ ص ٣٠٧ وعبد العزيز حمد آل مبارك االحسائي تبيين المسالك والدسوقي شرح تدريب السالك إلى اقرب المسالك دار الغرب اإلسالمي ط ١٩٩٥)٢ م) ج ٤ ص ٤٠٥. الزرقاني شرح الزرقاني ج ٨ ص ١٨ وابن رشد بداية المجتھد حاشية الدسوقي ج ٦ ص ١٩١. ج ٢ ص ٥٧٩. ابن حزم الظاھري المحلى ج ١٠ ص ٥٠٨. النجفي جواھر الكالم ج ١٥ ص ٣٢ والعاملي اللمعة الدمشقية ج ١٠ ص ٢٧. محمد بن يوسف اطفيش شرح كتاب النيل ج ١٥ ص ١٩٠ وبشر بن غانم الخراساني المدونة الصغرى وزارة التراث القومي ط( ١٤٠٤ ھ ١٩٨٤ م) ج ٢ ص ٣٥. سورة البقرة اآلية ١٩٤. ابن المرتضى البحر الزخار ج ٥ ص ٢٢٢. سورة اإلسراء اآلية ٣٣. السرخسي المبسوط ج ٢٤ ص ٧٢. (٩) البدر المنير ابن الملقن عمر بن علي بن أحمد تحقيق: : ٧٣٥ (١٠) مسند الصحابة في الكتب التسعة: (٦/ مصطفى أبو الغيط و عبدالله بن سليمان وياسر بن كمال دار الھجرة للنشر والتوزيع الرياض ط ١ قال األلباني : صحيح اإلرواء ) ٤ ٢٤٩ / و ٢٥٨ / ٧ و.٢١٩٨ ٢٠٠٤ م:.٤١١/٨
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٦٧.١.٢ وجه الداللة: إن الحديث جعل الخيار ألھل القتيل بين القتل وأخذ الدية من كل من يصدق عليه مسمى القاتل والمباشر المأمور ھو القاتل لغة وعرفا وعليه يلزمه القصاص دون اآلمر. القول الثاني: القصاص من اآلمر فقط ويفسق المأمور والزيدية وعلي بن أبي طالب وأبي ھريرة. واستدلوا بما يأتي: وھو قول أبو حنيفة قوله تعالى : (و م ن ق ت ل م ؤ م ن ا م ت ع مد ا ف ج زاؤ ه ج ھ ن م خ ال د ا ف يھ ا و غ ض ب الله ع ل ي ه و ل ع ن ه و أ ع د ل ه ع ذابا ع ظ يما ). وجه الداللة: ال جرم أن قتل النفس البريئة عمدا ال يوازي عند الله تعالى إال الشرك وخاصة إذا كانت مؤمنة مخلصة واآلية نص في ذلك حيث ذكرت الخلود في جھنم واللعنة والغضب وإعداد العذاب العظيم لما في ھذه الجريمة من ھدم لبنيان الله. قوله تبارك وتعالى: (إ ن ال ذ ين ي ك ف ر ون ب آيات الله و ي ق ت لون الن بي ين ب غ ير ح ق و يق ت لو ن ال ذين يأم رون ب الق س ط م ن الن اس ف ب شر ھ م ب ع ذاب أ ل يم). وجه الداللة: جمع الله عز وجل في ھذه اآلية بين صنفين للمشركين ھما: إنكار آيات الله عز وجل ال لشيء إال ألنھا حق وقتل األنبياء ألنھم حق وقيد القتل ھنا بأنه (بغير حق) لإلشارة إلى أنه كان بغير حق في اعتقادھم أيضا فھو أبلغ في التشنيع عليھم. فھم ملعونون في الدنيا واآلخرة ومعاقبون في اآلخرة. (٩) واألمر بالقتل ھو عمد وقصد من اآلمر فقط. ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ٥٠٨. الكاساني البدائع ج ٧ ص ١٨٠. ابن المرتضى البحر الزخار ج ٥ ص ٢٢١. ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ٥٠٨. سورة النساء اآلية ٩٣. مغنية التفسير المبين ص ٩٨. سورة آل عمران اآلية ٢١. انظر القنوجي فتح البيان ج ٢ ص ٢٠٨. مغنية التفسير المبين ص ٥٧. القطان تيسير التفسير ج ١ ص ٤١٢. وابن كثير تفسير القرآن العظيم ج ١ ص ٥٣٥ وسيد قطب في ظالل القرآن ج ٢ ص ٤٨٧. (٩)
١٣٦٨ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة".٣.٤ قول النبي : (ل ز و ال ال دن ي ا أ ھ و ن ع ل ى الله م ن ق تل م ؤم ن ب غ ير ح ق). وجه الداللة: دل ظاھر الحديث على أن اآلم ر ھنا مستحق لإلثم ألنه معين ومشجع وقد حكم بارتفاع القود عن المأمور إذا كان األمر صادرا من السلطان ألنه في حكم اإلكراه فالمكر ه ال يتمكن من دفع السلطان عن نفسه بطلب الغوث أو باللجوء لمن ھو أقوى منه ويتمكن من دفع غيره بقوة السلطان. القياس: قاس أبو ھريرة اآلمر بالقتل والمأمور به على حامل الھدية ومھديھا فلو أن رجال بعث ھدية مع عبده فإن من يصدق عليه اإلھداء ھو الرجل المرسل ال العبد المأمور بإيصالھا وكذلك األمر بالقتل فيصدق القتل على اآلمر ال المأمور. وقد رفض اإلمام ابن حزم ھذا القياس لوجود فارق بينھما فالمھدي يشكر ويحمد والقاتل يالم ويقتل. فھو قياس للشيء على ضده وھو باطل وإنما ھو تشبيه فقط. القول الثالث: يقتص منھما معا (اآلمر والمأمور) وبھذا قال المالكية (٩) والحنابلة في رواية والظاھرية والمشھور عند اإلباضية وبه قال قتادة والشافعية. (١٠) واستدلوا: أن رسول الله سمى نفسه قاطعا ليد السارق على الرغم من أنه لم يباشر القطع بنفسه وإنما تولى غيره القطع وثبت أن رسول الله قتل عقبة بن أبي معيط بالرغم من تولي غيره للقتل بأمره ولوال أمره لما أقدم على القتل أما المأمور فيعتبر قاتل ألنه باشر القتل فصح أنھما قاتالن فاستحقا العقوبة معا ( ١١ ). ابن ماجة محمد بن يزيد لقزويني سنن ابن ماجه تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي دار الفكر بيروت باب كتاب التغليظ في قتل المسلم ٨٧٤/٢ ح: ٢٦١٩ قال الشيخ األلباني: صحيح. والكاساني البدائع ج ٧ ص ٨٠. وابن المرتضى البحر انظر السرخسي المبسوط ج ٢٤ ص ٨٩. الزخار ج ٥ ص ٢٢١. ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ٥٠٨. المرجع السابق نفسه. الحطاب الرعيني مواھب الجليل ج ٨ ص ٣٠٧ والدسوقي حاشية الدسوقي ج ٦ ص ١٩١ والدردير الشرح الصغير ج ٤ ص ٣٤٥ والزرقاني شرح الزرقاني ج ٨ ص ١٨ والقرطبي بداية المجتھد ج ٢ ص ٥٧٩ واالحسائي تبيين المسالك ج ٤ ص ٤٠٥. النووي روضة الطالبين ج ٧ ص ١٦. المرداوي اإلنصاف ج ٩ ص ٤٧٦. ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ٥١١. محمد بن الكندي بيان الشرع نشر وزارة التراث القومي والثقافة سلطنة عمان ط ١ ( ١٤٠٨ ھ ١٩٨٨ م) (٩) ج ٢٩ ص ١٧٩. (١٠) أنظر ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ٥٠٨. (١١) ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ص ٥١١. ٥١٠
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٦٩.٥.١.٢.٣ أن ال عذر للمأمور باإلكراه وذلك ألن األمر ال يستلزم الخوف كاإلكراه وال لآلمر بعد المباشرة ألنه مختار لألمر. القول الرابع: التفصيل بين ما إذا كان المأمور يعلم بحرمة ما أمر به أم ال. وبھذا قال الشافعية والحنابلة وذلك كما يأتي: إذا كان المأمور عالما بحرمة ما أمر به فالعقوبة من قصاص أو دية وكفارة عليه وحده وليس على اآلمر سوى اإلثم وقيل يعزر. واستدلوا بما يأتي: أ. ب. أن المأمور غير معذور في فعله لقول النبي : (ال ط اع ة ل م خ ل وق ف ي م ع ص ي ة الله ع ز و ج ل). وقوله : (من أمركم من الوالة بغير طاعة الله فال تطيعوه) فالحديثان يدالن بمنطوقھما على عدم جواز الطاعة في المعصية. إن القاتل المباشر لو أمره غير ذي السلطة عليه ظلما فسواء علم بظلم آمره أم لم يعلم ألنه غير واجب الطاعة فال عذر له في قتله فوجب عليه القود. إذا كان المأمور غير عالم بحرمة ما أمر به كمن نشأ بغير بالد اإلسالم ولو عبدا لآلمر فظن أنه يقتله بحق فالعقوبة من قصاص أو دية وكفارة على اآلمر وحده وليس على ابن رشد بداية المجتھد ج ٢ ص ٥٧٨. المطيعي المجموع ج ٢٠ ص ٢١٩ والشربيني مغني المحتاج ج ٥ ص ٢٢٥ والنووي روضة الطالبين ج ٧ ص ٢٠. الشيرازي المھذب في فقه االمام الشافعي تحقيق وتعليق محمد الزحيلي دار القلم بيروت ج ٥ ص ٢٨. البھوتي كشاف القناع ج ٥ ص ٥١٨ وابن قدامة المغني ج ١١ ص ٥٩٩ والمرداوي االنصاف ج ٩ ص ٤٧٧ وبھاء الدين عبد الرحمن بن ابراھيم المقدسي العدة شرح العمدة تحقيق عبد الرزاق المھدي دار الكتاب العربي بيروت ط ١٤١٦)٢ ھ ١٩٩٥ م) ج ٣ ص ٥٧٥ وابن مفلح إبراھيم بن محمد المبدع شرح المقنع دار عالم الكتب الرياض ط ( ١٤٢٣ ھ ٢٠٠٣ م) ج ٨ ص ٢٢٣. النووي روضة الطالبين ج ٧ ص ٢٠ وابن قدامة المغني ج ١١ ص ٥٩٩. البھوتي كشاف القناع ج ٥ ص ٥١٨. أحمد بن حنبل مسند احمد تحقيق: شعيب األرنؤوط وآخرون الناشر: مؤسسة الرسالة ط ٢ ١٤٢٩ م: ( ٤٣٢/٦ ح: ٣٨٨٩). قال شعيب األرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين. مسند احمد: (( ٤٣٢/٦ ح:.(٣٨٨٩ رواه ابن ماجة في سننه كتاب الجھاد باب ال طاعة في معصية الله الحديث رقم (٢٨٦٣) وھو صحيح. الشيرازي المھذب ج ٥ ص ٢٨ والنووي روضة الطالبين ج ٧ ص ٢٠.
١٣٧٠ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" المأمور شيء معصية. وذلك أن المأمور معذور بسبب جھله حيث أنه أطاع فيما ال يعلم أنه كما أن المأمور ھنا كاآللة في يد اآلمر فيقتل اآلمر ويؤدب المأمور بما يراه اإلمام مناسبا ( ٣ ) مناسبا ( ٣ ) ثانيا : المأمور غير مكلف.١.٢.٣ تباينت أراء الفقھاء في ھذه المسألة وذھبوا إلى قولين: القول األول: أن اآلمر ھو المسئول عن الجريمة وعليه عقوبتھا سواء أكان اآلمر وليا أوأجنبيا وبھذا قال جمھور المالكية والشافعية والحنابلة واالباضية واالمامية (١٠) (٩) واالمامية والزيدية والظاھرية واستدلوا باالتي: أن المأمور ھنا كاآللة في يد اآلمر فالمأمور ليس له قصد صحيح لكونه غير مميز. فوجب (١١) القصاص على المتسبب به وھو اآلمر. قوة السبب وضعف المباشرة (١٢) فالبالغ العاقل أقوى تأثيرا من غير المكلف. (١٣) أن اآلمر في ھذه الحالة ھو القاتل القاطع الجالد الكاسر فالقود عليه وحده. المطيعي المجموع ج ٢٠ ص ٢١٩ والمقدسي العدة ج ٣ ص ٥٧٥ والشيرازي المھذب ج ٥ ص ٢٨ والشربيني مغني المحتاج ج ٥ ص ٢٢٥ والبھوتي الروض المربع ص ٥٣١. ابن مفلح المبدع ج ٨ ص ٢٢٣ والشربيني مغني المحتاج ج ٥ ص ٢٢٥. البھوتي كشاف القناع ج ٥ ص ٥١٧. محمد المغربي مواھب الجليل ج ٨ ص ٣٠٧ واالحسائي تبيين المسالك ج ٤ ص ٤٠٥ والدسوقي حاشية الدسوقي ج ٦ ص ١٦٠ والدردير الشرح الصغير ج ٤ ص ٣٤٥ والزرقاني شرح الزرقاني ج ٨ ص ١٨. النووي روضة الطالبين ج ٧ ص ٢١ والشيرازي المھذب ج ٥ ص ٢٨ والمطيعي المجموع ج ٢٠ ص ٢١٩. المقدسي العدة ج ٣ ص ٥٧٥ والبھوتي الروض المربع ص ٥٣١ وابن مفلح المبدع ج ٨ ص ٢٢٢ والمرداوي اإلنصاف ج ٩ ص ٤٧٦ وابن قدامة المغني ج ١١ ص ٥٩٨. الكندي بيان الشرع ج ٢٩ ص ١٧٩ واطفيش شرح كتاب النيل ج ١٥ ص ٣٠. النجفي جواھر الكالم ج ١٥ ص ٣٠. (٩) ابن المرتضى البحر الزخار ج ٥ ص ٢٢٢. (١٠) ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ٥١١. (١١) النجفي جواھر الكالم ج ١٥ ص ٣٠ ابن مفلح المبدع ج ٨ ص ٢٢٢ المقدسي العدة ج ٣ ص ٥٧٥ البھوتي الروض المربع ص ٥٣١ الشيرازي المھذب ج ٥ ص ٢٨. (١٢) المرداوي االنصاف ج ٩ ص ٤٧٦. النجفي جواھر الكالم ج ١٥ ص ٣٤. (١٣) ابن حزم المحلى ج ١٠ ص ٥١١.
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٧١ القول الثاني: ال قصاص على أي منھما وتجب الدية على عاقلة المباشرغير المكلف المكلف ويرجع بھا على عاقلة اآلمر ألن اآلمر جان في استعماله الصبي وأمره إياه بالقتل وھو الذي تسبب لوجوب الضمان على عاقلة الصبي فثبت لھم حق الرجوع بھا على عاقلته. المناقشة والرأي الراجح تبين من خالل عرض آراء الفقھاء في ھذه المسألة أن ال حاجة للتفريق بين األمر على ما يقع على النفس واألمر على ما يقع على ما دونھا حيث أن الفقھاء أعطوھا نفس الحكم. ثم أنھم اختلفوا إلى أربعة أقوال فالقول األول أن القصاص من المأمور فقط بالنظر إلى كونه المباشر للقتل. والقول الثاني يرى أن القصاص من اآلمر وال شيء على المأمور ألنه محمول على القتل فھو آلة لآلمر. أما أصحاب القول الثالث القائلين بإيجاب القصاص عليھما معا ) آلا م ر والمأمور) استندوا إلى أن األمر ال يصل إلى حد اإلكراه من الخوف واإللجاء فال عذر للمأمور بالتنفيذ وال لآلمر بعدم المباشرة. وآخرھا القول الرابع الذي فرق بين كون المأمور يعلم بحرمة ما أمر به أم ال فان كان يعلم بحرمة ما أمر به فالقصاص عليه وإن لم يعلم فالقصاص على اآلمر وحده ملتمسين له عذر الجھل. وأقواھا في نظري الرأي الثالث حيث أن إيجاب القصاص عليھما يحقق أھداف الشريعة اإلسالمية ومقاصدھا فقد غلظت أمر الدماء من أجل جبر القلوب وإنھاء األحقاد وإزالة آثار البغضاء التي سببتھا الجريمة في نفوس أھل المقتول. ومما يؤيد ھذا القول قول النبي : ح ق ) (ز و ال ال دن ي ا أ ھ و ن ع ل ى الله م ن ق ت ل م ؤ م ن ب غ ي ر ح ق ) وجه الداللة: دل الحديث على عظيم ذنب القتل وھذا يشمل كل من له عالقة بالقتل العمد سواء كان مباشرة أو تسببا. الدية: المال الذي ھو بدل النفس. الجرجاني التعريقات: (١٤٢). العاقلة: ھم ضمناء الدية ومحتملوھا من عصبات القاتل أوھم. عصبة الجاني الذين يرثون بالنسب أو الوالء ذا كانوا ذكورا مكلفين. الماوردي الحاوى: (٧٦٨/١٢). السرخسي المبسوط ج ٢٥ ص ١٨٥. رواه ابن ماجة في سننه كتاب الديات باب التغليظ في من قتل مسلم ظلما الحديث رقم (٢٦١٩) وھو صحيح.
١٣٧٢ "التحريض على القتل في اإلسالم دراسة فقھية مقارنة" وقد صدر عن مفتى مصر/فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف فتوى رقم ١٠١٥ جمادى اآلخرة ١٣٧٢ ھجرية والتي تنص على: أن التحريض على ارتكاب جريمة القتل المحرم بمعنى اإلغراء عليه ال شك أنه حرام شرعا للنھى عن قتل معصوم الدم بقوله تعالى: ) و ال ت ق ت ل وا الن ف س ال تي ح ر م الله إال ب الح ق و م ن قت ل م ظ ل وم ا ف ق د ج ع ل ن ا ل و ل ي ه س ل ط انا ف ال ي س ر ف ف ي الق ت ل إن ه ك ان م ن ص ورا ) قوله : ) ال ي ح ل د م ام ر ىء م س ل م ي ش ھ د أ ن ال إ له إ ال الله و أ ن ي ر س ول الله إ ال ب إ ح د ى ث ال ث : الن ف س ب الن ف س و الث ي ب ال زان ي و ال م ار ق م ن ال دين الت ار ك ال ج م اع ة ) وللوعيد الشديد عليه في قوله تعالى: {و م ن ي ق ت ل م ؤ م ن ا مت ع مد ا ف ج ز آؤ ه ج ھ ن م خ ال د ا ف يھ ا و غ ض ب الله ع ل ي ه و ل ع ن ه و أ ع د ل ه ع ذ اب ا ع ظ يم ا} ولعظم جرمه ورد في الحديث أن أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء وذھبت طائفة من األئمة إلى أنه ال توبة لقاتل وأن الوعيد الحق به ال محالة وأن القصاص في الدنيا ال يمحو عنه اإلثم في اآلخرة. والتحريض على القتل المحرم وسيلة إليه فيحرم بحرمته ألن للوسائل حكم مقاصدھا شرعا. وأما إذا كان التحريض مصحوبا بإكراه وكان المكره قادرا على تحقيق ما أوعد به وغلب على ظن المكره أنه لو لم يمتثل يلحقه ما أوعد به. فإما أن يكون اإلكراه ملجئا وھو ما كان بنحو التخويف بالقتل أو قطع العضو أو الضرب الشديد الذي يخاف منه تلف النفس أو العضو ويسمى اإلكراه التام ومنه كما ذكره الشافعية األمر الصادر من ذي سطوة اعتاد فعل ما يحصل به اإلكراه عند مخالفته فأمره كاإلكراه أو يكون غير ملجئ وھو ما كان بما دون ذلك من نحو الحبس والقيد والضرب الذي ال يخشى منه التلف ويسمى باإلكراه الناقص فإذا كان اإلكراه على القتل إكراھا ملجئا فالقصاص على المكره (اآلمر) عند أبى حنيفة ومحمد وال قصاص على المكره (المأمور) لكونه بمنزلة اآللة وعند أبى يوسف ال قصاص عليھما وعلى اآلمر الدية. و وعند المالكية والشافعية والحنابلة يجب القصاص من اآلمر لتسببه ومن المأمور لمباشرته وإن كان اإلكراه عليه إكراھا غير ملجئ فال قصاص على المكره (اآلمر) بل يقتص من المأمور باتفاق أئمة الحنفية وكذلك عند المالكية إن لم يكن اآلمر حاضرا وقت القتل فإن كان حاضرا اقتص منھما جميعا وعلى اآلمر في الحالين إثم التحريض مع اإلكراه. الخاتمة لقد توصل البحث إلى العديد من النتائج منھا: ١. التحريض: ھو النشاط االيجابي الذي يقوم به المح رض بھدف دفع المح رض إلى ارتكاب الجريمة. سورة اإلسراء اآلية ٣٣. النسائي احمد سنن النسائي دار الكتب العلمية بيروت ط ١ ١٩٩١: ( ٣٠١/٢ ح: ٣٥٢٠) مسند ابن أبي شيبه تحقيق عادل العزازي و أحمد بن فريد دار الوطن ١٩٩٧ م لرياض: ( ١٦٩/١ ح: ٢٤٤). النساء: ٩٣.
جابر الحجاحجة وسامية العلي ١٣٧٣ الفقھاء وإن لم يفردوا بابا خاصا للتحريض إال أنھم تناولوا المسائل الخاصة به أثناء حديثھم عن جرائم الحدود والقصاص والتعازير بشكل عام. التحريض على الجريمة يعتبر جريمة قائمة بذاتھا يستحق فاعلھا العقاب وان لم تقع الجريمة المح رض عليھا. إن موقف اإلسالم في العقاب على التحريض جاء وسطا فلم تحدد عقوبة بعينھا وإنما ترك ذلك للقاضي وفق ضوابط معينة ال يملك الخروج عليھا..٢.٣.٤ المصادر والمراجع ابن أبي شيبه. (١٩٩٧). مسند ابن أبي شيبه. تحقيق: عادل العزازي. وأحمد بن فريد. دار الوطن. الرياض. ابن حجر العسقالني. ( ١٣٧٩ ھ). فتح الباري شرح صحيح البخاري. دار المعرفة. بيروت. ابن مفلح إبراھيم بن محمد. (٢٠٠٣). المبدع شرح المقنع. دار عالم الكتب. الرياض. ابن منظور محمد بن مكرم. لسان العرب. ط ١. دار صادر. بيروت. ابن نجيم إبراھيم. (١٩٩٦). األشباه والنظائر على مذھب أبي حنيفة النعمان. ط ١. تحقيق ونشر مركز الدراسات والبحوث بمكتبة نزار مصطفى الباز. الرياض. ابن ھشام. السيرة النبوية. تحقيق: مصطفى السقا وآخرون. دار الفكر. عمان. الدار المصرية اللبنانية. ط ١. المعالجة القرآنية للجريمة. ( ١٤١٨ ھ). احمد. المجدو القاھرة. ابن حنبل أحمد. ( ١٤٢٩ ھ). مسند احمد. ط ٢. تحقيق: شعيب األرنؤوط وآخرون. مؤسسة الرسالة. أحمد علي. (١٩٧٠). التحريض على الجريمة. القاھرة. المطابع األميرية. المجذوب ابن فارس أحمد. (١٩٩١). معجم مقاييس اللغة. تحقيق: عبد السالم ھارون. دار الجيل. بيروت. الخراساني. بشر بن غانم. (١٩٨٤). المدونة الصغرى. وزارة التراث القومي. الزمخشري جار الله. (١٩٩٢/١٤١٢). أساس البالغة. دار صادر. بيروت. الجرجاني. أحمد بن علي. التعريفات. دار الكتب العلمية. بيروت. الجوھري إسماعيل الصحاح. (١٩٩٠). تاج اللغة وصحاح العربية. ط ٤. بيروت. دار العلم للماليين.