و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة أبوبكر بلقايد تلمسان كلية اآلداب واللغات قسم الفنون عنوان المذكرة الصناعة الجلدية في الجزائر صناعة الجلود بت

ملفّات مشابهة
الوحدة األولى المالمح البشرية للوطن العربي عنوان الدرس : سكان الوطن العربي أوال :أكمل الجدول التالي: 392 مليون نسمة %5.3 %39.9 %60.1 عدد سكان الوطن ال

6 الجمهورية الج ازي رية الديمق ارطية الشعبية مديرية التربية لولاية الطارف و ازرة التربية الوطنية امتحان البكالوريا التجريبي في مادتي التاريخ والجغ ارف

I n t e r n a t i o n a l C o m p a r i s o n P r o g r a m 2011 ICP Classification

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( استثمارات اجلامعة الذاتية ) مركز مركز استثمارات الطاقة املتجددة االستثمارات مركز اإلمام للمالية واملصرفية ا

الخطة الاستراتيجية ( 2015 – 2020 )

عروض التكو ن المتوفرة بمراكز التكو ن المهن لدورة سبتمبر 2018 وال ة تونس الوال ة نوع ة المركز رمز المركز المركز القطاع رمز االختصاص االختصاصات مستوى ال

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

السيرة الذاتية للدكتور محمد شلال العاني

المملكة العربية السعودية م ق س ..../1998

الاتصال الفعال بين المعلم والطالب

تقرير حول دراسة السلسلة التسويقية للتمور بدولة قطر 1. عدد النخيل و المساحة المزروعة و كمية االنتاج :

الجامعة الأردنية

جامعة الانبار – قسم ضمان الجودة والاعتماد - السيرة الذاتية لعضو هيئة تدريس

P 0103 مؤشر اإلنتاج الصناعي Indice de la Production Industrielle أكتوبر 2017 Octobre 2017 Indice De La Production Industrielle 2017 نوفمبر Novembre 20

دبلوم متوسط برمجة تطبيقات الهواتف الذكية

االبداع في صياغة المواقف المضحكة من خصائص الشخص ذو الذكاء: الفكاهي A. الذاتي B. اللغوي C. العاطفي D. االتصال الذي يتخذ فيه الفرد قراراته بناء على المع

WATER POLICY REFORM IN SULTANATE OF OMAN

مـــــن: نضال طعمة

الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية

اسم المدرس: رقم المكتب: الساعات المكتبية: موعد المحاضرة: جامعة الزرقاء الكمية: الحقوق عدد الساعات: 3 ساعات معتمدة نوع المتطمب: تخصص اختياري عنوان المق

مشروع قانون المحكمة الدستورية التقرير العليا الرابع والسبعون مشروع قانون مقدم من الحكومة تقرير لجنة الفصل التشريعى األول دور

وزارة التربية والتعليم مجلس االمارات التعليمي 1 النطاق 3 مدرسة رأس الخيمة للتعليم الثانوي Ministry of Education Emirates Educational Council 1 Cluster

10) série d'exercices chute libre d'un corps solide


ثنائي القطب ثنائي القطب س 4 مادة العلوم الفيزيائية الكهرباء مميزات بعض ثنائيات القطب غير النشيطة الجذع المشترك الفيزياء جزء الكهرباء مميزات بعض ثنائيا

مؤتمر: " التأجير التمويلي األول " طريق جديد لالستثمار لدعم وتنمية المشروعات القومية والشركات الصغيرة والمتوسطة تحت رعاية : و ازرة االستثمار و ازرة اال

نموذج السيرة الذاتية

عناوين حلقة بحث

المدة : 5 دقي. النش ط : ال راءة. المست ى : قس التحضير.. 9 عن ان الدرس : أربط بين الص الحرف ( (. رق ال حدة : الك ءا ال عدي : يتعرف ع الص ) ( المسم ع ث

1 مراجعة ليلة امتحان الصف السابع في الدراسات اإلجتماعية. ********************************************************************************* األول السؤا

ondelum

يونيو 17 يونيو 18 ديسمبر ديسمبر أغسطس 14 أغسطس 15 أغسطس 16 أغسطس 17 أغسطس البنك المركزي المصري التحليل الشهري للتضخم معدل التضخم: العام وا

CME/40/5(b) Madrid, April 2015 Original: English لجنة منظمة السياحة العالمية للشرق األوسط اإلجتماع األربعون دبي اإلما ارت العربية المتحدة 5 أيار/مايو

دائرة التسجيل والقبول فتح باب تقديم طلبات االلتحاق للفصل األول 2018/2017 " درجة البكالوريوس" من العام الدراسي جامعة بيرزيت تعلن 2018/2017 يعادلها ابتد

الا سم :... الشعبة :... ورقة عمل للصف الخامس في مادة الدراسات الاجتماعية والتربية الوطنية درس مجلس التعاون لدول الخليج العربية ) طبيعيا ( السو ال الا

جمعية زمزم للخدمات الصحية التطوعية بإشراف وزارة الشؤون االجتماعية تصريح رقم )411( نظام إدارة الجودة Quality Management System إجراءات الئحة تقنية املع

اجيبي علي الاسئلة التالية بالكامل:

استثمار ناجح و مستقبل آمن

مقدمة عن الاوناش

رسالة كلية التمريض: تلتزم كلية التمريض - جامعة دمنهور بتقديم سلسلة متصلة من البرامج التعليمية الشاملة إلعداد كوادر تمريضية ذوى كفاءة عالية فى مهارات ا

P 0103 مؤشر اإلنتاج الصناعي Indice de la Production Industrielle ديسمبر 2017 Décembre 2017 Indice De La Production Industrielle

P 0103 مؤشر اإلنتاج الصناعي Indice de la Production Industrielle جوان 2018 Juin 2018 Indice De La Production Industrielle

طور المضغة

حساب ختام موازنة السلطة المركز ة للسنة المال ة 2013 م قسم) 23 (:وزارة الصحة العامة والسكان فرع ( 02 ) :المعهد العال للعلوم الصح ة صنعاء

Mock-Geo12 T3 L علوم األرض - المستوى: الصف دقيقة اختبا ارت الفصل الد ارسي الثالث اق أر التعليمات أوال : 1. سجل بياناتك داخل مثلث ال

) NSB-AppStudio برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( ) برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( NSB-AppStudio الدرس األول ) 1 ( الدرس

P 0103 مؤشر اإلنتاج الصناعي Indice de la Production Industrielle ماي 1027 Mai 2017 Indice De La Production Industrielle 2017 Aout 7102 جوان Juin 7102

وضح أهمية وصف مظاهر التكوينات الجديدة فى التربة فى مجال مورفولوجيا الأراضى

REPUBLIQUE ALGERIENNE DEMOCRATIQUE ET POPULAIRE وزارة التعليم العالي والبحث العلمي Ministère de l enseignement supérieur et de la recherche scientifiq

Microsoft Word - 55

منحهما جائزة "الوسام الذهبي لإلنجاز": - Monitoring Media إتحاد المصارف العربية يكر م عدنان وعادل القص ار في القمة المصرفية العربية الدولية في باريس Ta

Microsoft Word - Ja doc

كلية الطب البيطري ملتقي التوظيف الثاني كلية الطب البيطري- جامعة الزقازيق األربعاء 7122/2/72 تحت رعاية رئيس الجامعة: أ.د/ أحمد الرفاعي عميد الكلية: أ.د

الشريحة 1

Al-Quds University Executive Vice President Hasan Dweik, Ph.D. Professor of Polymer Chemistry جامعة القدس نائب الرئيس التنفيذي أ. د. حسن الدويك أستاذ

المواصفات الاوربية لإدارة الابتكار كخارطة طريق لتعزيز الابتكار في الدول العربية

PowerPoint Presentation

الجلسة الأولى: الابتكار والملكية الفكرية

مرسوم رقم )82( لسنة 8102 بشأن حوكمة المجالس واللجان التابعة لحكومة دبي نحن محمد بن ارشد آل مكتوم حاكم دبي 3003 بعد االطالع على القانون رقم )3( لسنة بش

الشريحة 1

علم الأنسجة

Diapositive 1

Microsoft PowerPoint - د . ابراهيم بدران ، بوربوينت.ppt [Compatibility Mode]

. رصد حضور المرأة في وسائل اإلعالم المحلية 2017

جامعة عين شمس كلية التربية النوعية ة امتحان دور : ف نتيجة الفرقة : يناير األولى قسم تكنولوجيا التعليم الفرقة األولى العام الد ارسى : / ( عام

عرض تقديمي في PowerPoint

التقريرالسنوي لمالكي الوحدات البيت 52 الفترة من يناير 2017 إلى ديسمبر 2017 تقارير الصندوق متاحة عند الطلب وبدون مقابل

Microsoft Word - Q2_2003 .DOC

المحاضرة الثانية عشر مقاييس التشتت درسنا في المحاضرة السابقة مقاييس النزعة المركزية أو المتوسطات هي مقاييس رقمية تحدد موقع أو مركز التوزيع أو البيانات

Diapositive 1

مجلس أبوظبي للتعليم اختبارتجريبي لنهاية الفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 6102 / 6102 م مادة األحياء للصف الثاني عشر )L2( ===========================

PowerPoint Presentation

طبيعة بحته و أرصاد جوية

تأثير اتفاقيتي الشراكة عبر المحيط الهادئ والشراكة في التجارة والاستثمار عبر الأطلسي على الدول العربية

قررت وزارة التعليم تدري س هذا الكتاب وطبعه على نفقتها الريا ضيات لل صف االأول االبتدائي الف صل الدرا سي الثاين كتاب التمارين قام بالت أاليف والمراجعة

زيارة جاللة الملك محمد السادس إلى إفريقيا جاللة الملك والرئيس الغابوني يشرفان على إطالق أشغال إنجاز مركز للتكوين المهني في مهن النقل واللوجستيك بليبرو

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﻣﺎﺭﺱ 2018 الـرقم الــــق

جامعة الزرقاء المتطلب السابق : الكلية: العلوم التربوية اسم المدرس : د.محمد الشعار القسم: رياض األطفال موعد المحاضرة : عنوان المقرر: : تنمية ال

بسم الله الرحمن الرحيم

صفوت مصطفي حميد ضهير مدرسة الدوحة الثانوية ب أي خطأ طباعي أو إثناء التحويل من صيغة آلخري يرجي إبالغي به والخطأ مني ومن الشيطان أما توفيقي فمن هللا عرف

19_MathsPure_GeneralDiploma_1.2_2016.indd

مكثف الثالثة الوحدة البوابات املنطقية 1 هاتف : مدارس األكاد م ة العرب ة الحد ثة إعداد المعلم أحمد الصالح

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2017 الـرقم الـــ

استمارة تحويل طالب يتعلم في الصف العادي لجنة التنسيب إلى )التقرير التربوي( استمارة لتركيز المعلومات حول العالج المسبق الذي حصل علية الطالب\ة الذي يتعل

PowerPoint Presentation

وزارة التعليم العالي والبحثالعلمي الجامعة المستنصرية كلية اآلداب قسم الفلسفة الوجود اإلهلي يف فلسفة كانط النقدية رسالة تقدمت بها الطالبة: زينب وايل شو

سلسلة تمارين حول القوة المطبقة من طرف جسم نابض

نتائج بحث ميداني حول تأشير المواد والأشياء البلاستيكية المعدة للاتصال بالمواد الغذائية

MergedFile

PowerPoint Presentation

هللا مسب*** مداخلة السيد النائب مالل محمد فيما يتعلق بمناقشة الميزانيات الفرعية للقطاعات الحكومية التي تدخل ضمن اختصاصات لجنة البنيات األساسية والطاقة

PowerPoint Presentation

توازن جسم صلب خاضع لقوتين)تذكير(.I : عندما يكون جسم صلب في توازن تحت تاثير قوتين فان و )شرط الزم لتوازن مركز القصور G(. للقوتين نفس االتجاه.)شرط الزم

المحاضرة الثان ة عشر الساق The Stem تمهيد: تطرقنا في المحاضرات السابقة للحديث عن النباتات الا رضية التي انتقلت من الماء للحياة على اليابسة. بدأت النبا

وحدة ادارة المشروعات )المرحلة الثانية ) برنامج التطوير المستمر والتأهيل لالعتماد ملحق رقم )1 ) قائمة اآلالت والمعدات)حاسبات-طابعات-تكييف-أجهزة تخصصية-

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( مركز تنمية أوقاف اجلامعة ) إدارة األصول واملصارف الوقفية إدارة االستثمارات الوقفية إدارة إدارة األحباث وامل

الدرس : 1 مبادئ ف المنطق مكونات المقرر الرسم عناصر التوج هات التربو ة العبارات العمل ات على العبارات المكممات االستدالالت الر اض ة: االستدالل بالخلف ا

وزارة الرتبية الوطنية امتحان بكالوراي التعليم الثانوي الشعبة: تقين رايضي اختبار يف مادة: الرايضيات اجلمهورية اجلزائرية الدميقراطية الشعبية الديوان الو

P 0105 التجارة الخارجية باألسعار القارة سنة األساس 2010 سبتمبر 2018 Commerce extérieur à prix constant base 2010 Septembre 2018 نوفمبر Novembre 2018

النسخ:

و ازرة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة أبوبكر بلقايد تلمسان كلية اآلداب واللغات قسم الفنون عنوان المذكرة الصناعة الجلدية في الجزائر صناعة الجلود بتلمسان أنموذج ا مذكرة مقدمة لنيل شهادة ماستر في الفنون تخصص: د ارسات في الفنون التشكيلية إعداد الطالب إ إش ارف األستاذ الدكتور قريشي حسين. بلبشير عبد القادر - السنة 1028/1027 الجامعية:

ٱلر ن م ح ٱ لل م س ب ه هحي هم ٱلر

شكر وعرفان الحمد هلل رب العالمين والصالة والسالم على سيد المرسلين وبعد: الحمد هلل الذي امدني بقوته إلنجاز هذا العمل. اتقدم بخالص الشكر وبالغ التقدير لالستاذ الدك تور بلبشير عبد القادر الذي اشرف على هذا البحث في جميع مراحله ولم يبخل علينا بجهد او بعلم كما اتوجه بالشكر والعرفان للسادة الفاضل اعضاء لجنة المناقشة لقبولهم مناقشة هذا البحث. واخيرا ل يسعني إل ان اقدم كل الشكر والمتنان لكل من مد يد العون والمساعدة والتوجيه المخلص والراي السديد حتى اكتمل هذا العمل.

اإلهداء إلى الرحمة المهداة النبي محمد صلى هللا عليه وسلم اسأل هللا العظيم ان يسقيني من حوضه. إلى سبب وجودي واستمراري في الحيأة... إلى من استمد منه القوة كلمأ ضعفت واللين كل مأ قست إلى دنيتي. إلى روح ابي الطأهرة حشرني وإي أه يوم القيأمة: والدي الكريم إلى نبض قلبي إلى من هي في الحيأة حيأة... إلى من تحت قدميهأ الجنأن إلى من علمتني دومأ ان اجتهد ان انجح حبيبتي: والدتي الفاضلة. إلى قرة عيني مسكن روحي وملجأهأ إخوتي: زهية بوفاتح الصالح حمزة مصطفى جالل نور الهدى والكتكوته الصغيرة: فاطمة إلى من كأنت لي سند ا طيلة مشواري الجأمعي: عاشور نعيمة. إلى رفقأء دربي: بوزيد شعيب مصطفى رمضان صابر مختار محمد صالح. إلى زم الء ال دراسة اه دي ث مرة ج هدي

المقدمة

مقدمة تعد الصناعات التقليدية جزء ا هام ا من الثقافة المادية في ت ارثنا الشعبي ولعل ها اكتسبت هذه األهمية من كونها لصيقة بكل ما له عالقة بأوجه حياتنا المتنوعة والمتعددة على مر العصور. وانطالقا من هذه الفكرة فهي ترتبط بالضرورة ارتباك ا وثيقا بتاريخ اإلنسانية. ومما الشك فيه أن اإلنسان األول استطاع منذ ظهوره على وجه المعمورة أن يصنع لنفسه أدوات ومعد ات بسيطة شك لها من مواد مختلفة تعكس بحق بساطة معيشته فقد كان يعتمد بالدرجة األولى على كل ما يحبط به في بيئته الطبيعية كالحجر والطين والعظام والجلد وغيرها مستندا في ذلك على قواه العضلية ومها ارته الفنية حيث تمك ن مع تعاقب األزمنة من إشباع رغباته وميوالته المختلفة وارضاء متطلباته المادية ومن ثم استطاع أن يقو م حياته ويؤمن مسيرته التاريخية وهو ما يجعلنا نسل م بحتمية اإلنسان كمبدع حرفي. وتبعا لما تقد م يمكن القول بأن الصناعات التقليدية على عكس الكثير من المهن األخرى تعد أعرق وأقدم الصناعات تاريخيا فقد أثرت ببصماتها الواضحة على كل الحضا ارت التي عرفها اإلنسان عبر العصور المختلفة وعبر األوطان واألماكن. فالشعوب القديمة والحديثة قد تركت عد ة امثلة من منتجاتها تنفرد بها وتمي زها فمنهم من اشتهر بالنسيج أو الفخار ومنهم من انفرد بالنقش على الخشب أو النحاس ومنهم من اشتهر بصناعة الجلود وما يرتبط بها وهكذا. وعلى الرغم مما لهذه الحرف والصناعات من أهمية تاريخية وفنية واجتماعية واقتصادية باعتبارها تعكس البعد الحضاري لكثير من الشعوب فإن ها لم تلق القدر الكافي من العناية ولم تنل حظ ها من البحث والد ارسة والتحليل وقل ما وجدنا من الد ارسين وخاصة الج ازئريين من اهتم بها. فلما أتيحت لي فرصة البحث كان من الطبيعي أن اختار موضوعا خصبا ال ت ازل مجاالت البحث فيه واسعة وما كان حلمي يتحقق لوال إقبالي على د ارسة إحدى فروع الفنون التشكيلية وهي د ارسات فنون شعبية فوجدت فيه ما يلبي رغبتي على األقل في الكشف عن جانب منه فاستقر اختياري بعد تفكير طويل وامعان نظر على د ارسة في الصناعة الجلدية فوسمت بحثي بعنوان: '' فنون الصناعات التقليدية في الج ازئر صناعة الجلود بتلمسان أنموذجا '' أ

مقدمة قديما األوقات إن تلمسان إحدى المدن الج ازئرية المعروفة بفنها وتاريخها وقد استطاعت بفضلهما أن تتبوأ مكانة مرموقة بين مدن العالم. قال بياس :)Piesse( ''لقد كانت تلمسان في وقت من حيث كانت عبقرية الدول األوروبية في سبات عميق واألكثر تحض ار في العالم''. إحدى المدن األكثر تمد نا واستطاعت فوق هذا أن تستقطب عددا كبير ا من األنشطة خاصة تلك المرتبطة بالحرف والصناعات التقليدية الشيء الذي أه لها واقتصاديا يقصده الن اس من كل الجهات. في زمن ليس بعيد ا ألن تكون مركز ا تجاريا فمن أهم ما عرفت به هذه المدينة: صناعة النسيج وصناعة الز اربي وصناعة النحاس والفخار وصناعة الجلود والدباغة والصباغة وغيرها فكانت هذه الحرف مورد ا أساسا للرزق ثم مصدر ا لتجهيز بيوت هؤالء الحرفيين واألهالي بكل ما تصنعه أياديهم. وفي األخير نتوصل إلى طرح التساؤل الرئيسي التالي: ما مدى أهمية الصناعات التقليدية وخاصة صناعة الجلود في وقتنا الحاضر ولإلجابة على هذا التساؤل تندرج مجموعة التساؤالت الفرعية تمثلت في: 1- ما مفهوم الصناعة الجلدية وما هي أهم المنتوجات الجلدية القديمة 2- ماهي الحلول والسبل الكفيلة للنهوض بالصناعة التقليدية وخاصة الجلود 3- ما هي اهم الطرق السترجاع الصناعة الجلدية مركزها االجتماعي وقيمتها االقتصادية في المجتمع أسباب اختيار الموضوع: األسباب الموضوعية: الموضوع من ضمن موضوعات الثقافة الشعبية الهامة. محاولة اإللمام ببعض جوانب فنون الصناعة التقليدية إلث ارء المكتبة من جهة وتنمية قد ارتنا المعرفية من جهة أخرى. قلة الد ارسات المتعلقة بفنون الصناعات التقليدية عموما وصناعة الجلود خصوصا. - - - Louis PISESSE, Itinéraire de l Algérie, paris, Librairie HACHETTE, 1862, P238 239. ب

مقدمة األسباب الذاتية: كون الموضوع في التخصص ''فنون تشكيلية'' فيكون مجال الد ارسة في التشكيلية الفنون - ومن بينها الصناعات التقليدية. توسيع معارفي الشخصية في مواضيع الفنون التشكيلية. - - محاولة د ارسة هذا الموضوع بقالب جديد. - الرغبة في االطالع على الموضوع. الميل لد ارسة المواضيع التي لها عالقة بمجال الصناعات التقليدية. - أهمية البحث: الكشف عن ماهية فنون الصناعات التقليدية بصفة عامة وصناعة الجلود بصفة خاصة. إب ارز وتحديد موقف المجتمع الج ازئري من الصناعات التقليدية اليوم. معرفة األسس والمقومات التي تقوم عليها الصناعات التقليدية وخاصة الجلود. تشجيع النهوض بقطاع الصناعات التقليدية وكيفية استغالله في الوقت الحاضر وفي المستقبل. دور الصناعات الجلدية في دفع عجلة التنمية. - - - - - أهداف الد ارسة: يهدف هذا البحث إلى إيجاد الحلول والسبل الكفيلة للنهوض بالصناعة التقليدية. كما يهدف إلى استرجاع هذه الصناعة مركزها االجتماعي وقيمتها االقتصادية في المجتمع. - - المنهج المتبع: إن المنهج الذي وجدته صائبا لمعالجة هذا الموضوع قام على الوصف والتحليل والتنقيب الميداني لكل ما له عالقة بموضوعي فتمكنت من رصد عدد كبير من الوثائق والصور إضافة إلى اتصالي المستمر بمن بقي متمسكا بهذه المهنة. وقد ساعدتني هذه الرؤية على اكتشاف بعض الحقائق وجدتها سند ا لي في إنجاز هذا البحث فتوصلت من خالل ذلك إلى معلومات دقيقة واستبصا ارت جديدة أدت بي إلى استخالص بعض التعميمات حول هذه الصناعة مع بيان ج

مقدمة أسباب تدهور هذه الصناعة وتقديم الحلول المواتية والضرورية لتفعيل نشاطها ودفع حركيتها. كما أن ني وجدت نقسي مجب ار إلى الرجوع إلى التاريخ الثقافي واالنثروبولوجي لمدينة تلمسان ألعرف منه ما أمكن من معلومات حتى أتمكن من الوقوف على حالة الصناعة الجلدية ونموها وتطو رها. شرح تفصيلي لخطة البحث: لقد فرض علي المنهج المعتمد اإلتيان بخطة للبحث تمثلت في مقد مة وفصلين وخاتمة. ففي الفصل األول فقد تناولت فيه موضوع الصناعة الجلدية الحرفية التي كانت و ارء ازدهار المدينة في وقت من األوقات. وأحصيت فيه أهم النشاطات والفصل الثاني: خصصته لد ارسة الصناعات التقليدية بين التسويق الصناعي والسياحي فركز ت فيه على المنتوجات الجلدية الصناعية والنهوض بالصناعات الجلدية. وأنهيت هذا البحث بخاتمة أودعت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها وكذا أهم االقت ارحات التي من شأنها تحرك الصناعات الجلدية. وبناء على هذا ارتسمت خط ة هذه المذكرة كما يلي: مقدمة. الفصل األول: موضوع الصناعة الجلدية. المبحث األول: صناعة الجلود في تلمسان بين الصناعات األخرى مدخل. المطلب األول: النهوض بقطاع الصناعات التقليدية. المطلب الثاني: أهم الصناعات التقليدية بتلمسان. - - المبحث الثاني: الصناعات الجلدية )منطقة تلمسان نموذجا( مدخل. المطلب األول: مادة الجلد. المطلب الثاني: دباغة الجلد. المطلب الثالث: صباغة الجلد. د

مقدمة الفصل الثاني: الصناعات التقليدية المبحث األول: المنتوجات الجلدية القديمة مدخل. المطلب األول: أهم المنتوجات الجلدية القديمة. المطلب الثاني: عوامل ازدهار الصناعات الجلدية. المطلب الثالث: آفاق الصناعات الجلدية. المبحث الثاني: النهوض بالصناعات الجلدية مدخل. المطلب األول: عصرنة المنتوج الجلدي. المطلب الثاني: استغالل قطاع الصناعات الجلدية. المطلب الثالث: دور الصناعات الجلدية في دفع عجلة التنمية. خاتمة. قائمة المصادر والم ارجع. ملحق الصور. الفهرس. - - - - - ه

الفصل ا أ لول موضوع الصناعة الجلدية

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية نقل كل ها المبحث األول: صناعة الجلود في تلمسان بين الصناعات األخرى مدخل: تجدر اإلشارة هنا إلى أن الكثير من الصناعات التقليدية في مدينة تلمسان وان لم بقيت لعهد طويل حكر ا على فئة محددة ومحدودة من المجتمع وهي متمثلة في فئة الشيوخ رجاال ونساء كما أن ها انحصرت في الطبقة التي تفتقر إلى اإلمكانيات المادية األمر الذي يجر نا إلى التساؤل حول ديمومة هذه الصناعات وبقائها إذا ما رحل عنها أصحابها. وعلى أية حال فإن تلمسان قد ع ر ف ت منذ العهود األولى بتنوع كبير في الصناعات التقليدية األمر الذي جعل منها مركز ا تجاري ا واقتصاديا يأتيه التجار من كل حدب فاكتسبت بذلك أهمية بالغة في القارة االفريقية وخارجها وقد أد ى ذلك إلى إيجاد عدد كبير من الحرفيين منتشرين داخل المدينة حيث ال ت ازل إلى أي امنا ''كثير من األمكنة من أحياء وحا ارت وأسواق وأبواب وطرق وجوامع ب تلمسان تحمل اسم الحرفة أو الصناعة التي كانت قائمة بها في العهد القديم'' السيء الذي يد ل على اتساع رقعة الحرف وزيادة عددها. المطلب األول: النهوض بقطاع الصناعات التقليدية ال يخفى على أحد أن الصناعة التقليدية في الكثير من المدن الج ازئرية وتلمسان على وجه الخصوص عانت لسنين طويلة من قلة االهتمام والعناية ألن الجهات الرسمية تناست الدور الذي قد تلعبه هذه الصناعات في تنمية اقتصاد البالد. ولحسن الحظ كانت هناك بعض الرؤوس المفكرة من قيادات البالد التي أدركت الخطر الذي يحوم بقطاع الصناعات التقليدية والتي قد يهددها بالزوال واالنق ارض. وعلى هذا األساس قامت الدولة بجملة من اإلج ارءات التنظيمية من أهم ها إصدار النصوص التشريعية التي من شأنها هيكلة هذا القطاع وضبطه. ومن هذه النصوص القانون 69/11 الذي سمح بتأسيس عشرين )01( غرفة للصناعات التقليدية والخرف عبر المناطق الجغ ارفية الج ازئرية التي تسيطر فيها الصناعات التقليدية إذا الحاج محمد بن رمضان شاوش باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان عاصمة دولة بني زيان ديوان المطبوعات الجامعية الج ازئر الجزء األول ص 303. 7

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية أصبحت هذه الغرف تتمتع بصالحيات اعتماد وم ارقبة النشاطات التقليدية مع العلم أن هذا الدور كان في السابق من اختصاص المجلس الشعبي البلدي. كما سمح المرسوم 60/10 قبل ذلك بإنشاء وتحت وصاية الو ازرة المكلفة بالصناعة التقليدية الغرفة الوطنية للصناعات التقليدية للتنسيق بين كافة الغرف الجهوية. ومن المهام األساسية لهذه الوكالة الوطنية حماية كل ممارسة للصناعة التقليدية وتطويرها وترقيتها كما أن ها تمتلك امتيا ازت أخرى تكمن في ترويج وتسويق المنتوجات التقليدية في األسواق المحلية والدولية. وسمح هذا الجهاز التنظيمي والتشريعي ب: توضيح وتحديد وكذا الكيفيات التطبيقية والقانونية لممارسة أي صناعة تقليدية. تحديد أنماط التنظيم القانوني واالقتصادي للصناعات التقليدية. خلق أجهزة تسيير وم ارقبة قطاع الصناعات التقليدية )غرفة الصناعات التقليدية والحرف(. وضع سياسات تحفيزية للصناعات التقليدية من الناحية االقتصادية )جباية( ومن الناحية النوعية )ضبط األسعار والعالمة التجارية(. - - - - وقد ج معت كل هذه النقاط في م ج م ع للنصوص التشريعية والتنظيمية التي تحكم قطاع الصناعة التقليدية ون ش ر في شهر فيفري والى جانب هذه اإلج ارءات )0(.1666 التشريعية قامت الهيئات المشرفة على هذا القطاع بإد ارج بعض الصناعات التقليدية ضمن ب ارمج م اركز ومعاهد التكوين المهني وكل أمل في أن يكون هذه اإلج ارء حافز ا على انتعاشه من جهة والحد من مشكل ديمومة ممارسة الصناعات التقليدية وبقائها من جهة أخرى. الحاج محمد بن رمضان شاوش باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان عاصمة دولة بني زيان المرجع السابق ص 303. )0( المرجع نفسه ص 303. 8

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية كما يتواجد بتلمسان الغرفة الجهوية للصناعات التقليدية والحرف التي تقوم هي أيضا بتأطير وم ارقبة قطاع النشاط التقليدي من خالل تسجيل الحرفيين ومتابعتهم. وقد وضع مسؤولو هذه الغرفة تحت تصر ف هؤالء الحرفيين قاعة كبيرة تسمح لهم بعرض منتوجاتهم على أن تتكفل ببيع هذه المنتوجات بأثمان من تحديدها الشيء الذي يجلب لها بعضا من المداخيل ألن هذه الغرف تتمتع باالستقاللية المالية والمعنوية. وعلى هذا األساس غي رت الدولة من رؤيتها اتجاه قطاع الصناعات التقليدية حيث أولته عناية واهتمام ليس فقط بسبب ما يوفره ألصحابه من ارتباط تاريخي وثقافي بماضيهم ولكن لدوره االقتصادي والتنموي وخلق الفرص الوظيفية وقد عب ر عن هذه الفكرة الوزير المكلف بهذا القطاع سنة 1663 بقوله ''وهكذا قد ثبتت مكانة الصناعة التقليدية كقطاع بإمكانه المساهمة فعليا في خلق الثروات وامتصاص البطالة ورفع إي اردات الصاد ارت خارج المحروقات. لذلك ليس غريبا أن ت فرد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم د ارسة لهذا النوع من الصناعات أصدرتها سنة 1661 بعنوان ''الخطة القومية للنهوض بالصناعات التقليدية في الوطن العربي'' أكد ت فيها على أهمية الصناعات التقليدية وضرورة العناية بها وتوصل ت فيها إلى أن هذه الصناعات رغم أهميتها ما ازلت تحتل موقعا ثانويا في الكثير من البلدان العربية )0( وأن طاقات العاملين وامكانياتهم في هذا المجال لم تستغل االستغالل األمثل. وعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية من أجل النهوض بالصناعة التقليدية إال أن ها تشهد في السنوات األخيرة نوعا من الركود الذي مس الكثير من األنشطة ولعل ذلك يرجع إلى قل ة اإلقبال على ش ارء منتوجاتها لعدم الحاجة إلى مثل هذه األشياء التي تغيرت مع الزمن. Journée d étude sur l artisanat traditionnel : communication de monsieur le ministre du tourisme et de l artisanat, sidi Fredj, 15/11/1994. )0( ينظر: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الخطة القومية للنهوض بالصناعات التقليدية في الوطن العربي تونس ص 10. 9

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وال غ اربة في وجود بعض من الحرفيين الذين ال ي ازلون متمسكين بحرفهم على الرغم من أن ها تعد ذات مردود مادي فهم يعانون من مشاكل عديدة أكثرها مادية وقد يرجع سبب بقائهم في ممارسة إحدى هذه الصناعات إلى سببين اثنين: -1 طغيان الطابع الروحي العاطفي إذ أن الكثير من الحرفيين قد ورثوا صنعتهم من آبائهم ومن غير المعقول أن يتخلى االبن عن اإلرث الذي تركه أبوه حتى أن بعض العائالت التلمسانية ذات األصل األندلسي ''تعرف بنسبتها إلى حرفة من الحرف التي كانت ت ازولها في ذلك العهد كفخ ار وحص ار وسق ال وبن اي وهد ام ونق اش ونج ار إلى آخره''. -0 طغيان الطابع المعرفي حيث أن معظم الحرفيين ليست لهم د ارية بتخص صات أو مهن أخرى غير الحرفة التي يمتهنونها ولهذا يكون التخلي عنها أمر ا صعب ا إن لم يكن مستحيال. الحاج محمد بن رمضان شاوش باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان مرجع سبق ذكره ص 311. 01

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية المطلب الثاني: أهم الصناعات التقليدية في تلمسان حظيت تلمسان بسمعة كبيرة وشهرة عالمية لسنوات عديدة لما كانت تتمتع به من صناعات تقليدية على اختالف أنواعها هذه األخيرة كانت و ارء ازدهار وانتعاش المدينة لحقب طويلة األمر الذي جعل الحرفي يحتل مكانة محترمة في المجتمع التلمساني. ومن أهم هذه الصناعات: 1- الصناعة النحاسية: تعد هذه الصناعة من إحدى الحرف العريقة التي عرفتها الج ازئر منذ القدم فهي ذات جذور بعيدة في تاريخ البالد حيث أن وجود الحرفيين النحاسيين في الج ازئر يعود إلى العصور الوسطى. وأهم المدن التي اشتهرت بهذه الصناعة قسنطينة وتلمسان. يعود تاريخ وجود هذه الصناعة في مدينة تلمسان إلى عهد الموحدين حيث كان لحكامهم عناية كبيرة بمختلف الصناعات. وقد نلمس ذلك من خالل األواني واألدوات النحاسية التي كانت تصنع بالمدينة والتي ما ازل يحافظ عليها بعض التجار بمحالتهم والعائالت بمنازلهم. وكانت هذه الصناعة ارسخة في بعض األسر التلمسانية تتناقلها من جيل آلخر محافظة بذلك )0( على تقنيات الصنع القديمة فقد ''ترك النح اس المشهور بالمشور محمد بن قلفاط البنه )3( عثمان إرثا فنيا إلى غاية من الدقة'' ولكن هذه الحرفة قد اندثرت بذهاب أصحابها. )0( الصناعات التقليدية الج ازئرية و ازرة السياحة والصناعات التقليدية مديرية الصناعات التقليدية المؤسسة الوطنية لالتصال والنشر واإلشهار الج ازئر أفريل 1661 ص 01. المشور: المدينة التي ابتناها الزيانيون يوم كانت تدعى تلمسان ب )تاج اررت(. )3( TELEMCEN : au passé rapproché 1937 1962 ; Edition Gandini ; Avril 1997 ; p71. 00

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وقد شهدت هذه الصناعة التقليدية بالمدينة تطو ار كبي ار عبر مرور األزمنة ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن كل المصنوعات النحاسية حتى تلك التي كانت تستعمل في األغ ارض المنزلية اليومية قد ع نيت باهتمام أهالي المنطقة لما تتميز به من إتقان وجودة وخاصة الزخارف التي ازدتها جماال فالتلمسانيون ما ازلوا التجميل الداخلي لمنازلهم. إلى أيامنا يستعملون هذه األواني في 2- اللباس التقليدي: مما الشك فيه أن طريقة الل بس على مر العصور هي انعكاس لمدى التطور الذي لحقته الحضا ارت والشعوب فالزخارف التي تنسج على اللباس مثال قد تعطينا فكرة واضحة عن عادات وتقاليد بعض المجتمعات. وقد نالت تلمسان حظ ها من هذا التطور فاللباس التقليدي التلمساني ذو شهرة كبيرة في الج ازئر ألن ه يمتاز باالتقان والجودة ثم بالتنوع في استعمال الزخارف النباتية التي يدخل في تشكيلها الخيط الذهبي والفضي. ففي القرن السادس عشر مثال ''كان المسلمون واليهود على اختالف تقاليدهم كانوا يلبسون هذه الملبوسات في أيام األف ارح: الصدريات ذات اللون والمطروزة بالخيط الذهبي والقفطان والشواشي المخروطية.'' الرم اني TELEMCEN : au passé rapproché 1937 1962 ; p72. 01

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية اللباس التقليدي التلمساني واأللبسة التقليدية التي تشتهر بها مدينة تلمسان هي في حقيقة األمر من اختصاص النساء فهي على أنواع وأشكال عديدة ومن أهمها: القفطان : )0( القطيفة وتنفرد به المدينة دون غيرها من المدن الج ازئرية. ي خاط هذا اللباس من وهو قماش مخملي بحيث يطرز بالخيط الذهبي الذي تشكله أيادي النساء الماه ارت في زخارف في غاية من الدق ة والجمال. وهذا الل باس خاص بالعروس ترتديه يوم زفافها. )0( يقال القفطان أو القرفطان وهي كلمة تركية. من األقمشة المخملية الغالية الثمن. 01

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية القسنطينية: وهو لباس فاخر أصله من مدينة قسنطينة يصنع من القطيفة ويطرز أيضا بالخيط الذهبي. وهو عبارة عن لباس طويل يصل إلى أسفل األرجل على العكس من القفطان. الر داء: وهو من خصوصيات المدينة ينسج من قماش شفاف وخفيف جد ا ويشبه كثير ا ''الشاوية'' كما أن ه من المالبس الخاصة باألف ارح والمناسبات. الك اركو: وهو في األصل من الج ازئر العاصمة وألناقته وجماله استعملته النساء التلمسانيات وأصبح من األلبسة الشائعة في المدينة منذ زمن بعيد. يتكون من جزء علوي )المعطف( يصنع في الغالب من القطيفة ويطرز بالخيط الذهبي وجزء سفلي )السروال( يصنع من قماش حريري يدعى )المنسوج( نسبة لآللة التي تختص بصنعه وهي )المنسج(. وتستعمل التلمسانيات ألبسة أخرى ذات األصل المغربي لكن ها أصبحت منذ زمن بعيد من تقاليد المدينة فهن يرتدينها في األف ارح والوالئم. ومن بينها ''الب د ع ي ة'' و''الف وقية'' و''الت ح تية'' )0( لباس تشتهر به منطقة األو ارس. 01

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وقد يرجع السبب في ذلك إلى خفتها أو تأث ار بتقاليد النساء المغربية باعتبار أن مدينة و ج د ة المغربية تبعد عن تلمسان بأقل من مائة كيلومتر. 3- الصناعة النسيجية: تعد حياكة النسيج واحدة من اهم الصناعات التقليدية التي عرفها اإلنسان منذ عهود بعيدة فجذورها تضرب بعيدا في أعماق التاريخ. وقد احتلت بفعل أصالتها واهميتها مكانة مرموقة في كل المجتمعات. وقد كانت لعرب الجاهلية د ارية بصناعة النسيج بكل ما تحمله من خبايا وأس ارر فقد عرفوا كيف يتحكمون فيها الشيء الذي جعلهم ''يصنعون من األصواف واألوبار واألشعار أثاثا من مالبس وب سط وسجاجيد وغيره'' لقوله تعالي: ))ومن أصوافها وأوابرها وأشعارها أاثاث ومتاع ا اىل حني(( )0( وخاصة الخيام ألنهم كانوا في الغالب من البدو الرحل. ويذهب ابن خلدون إلى أبعد من ذلك فهو يقر ر بأن هذه الصناعة قديمة في الخليقة )3( ولقدمها تنسبه العامة إلى إدريس عليه السالم وهو أقدم األنبياء. وتلمسان إحدى المدن الج ازئرية التي عرفت هذه الصناعة منذ القدم على اختالف منتوجاتها. فباإلضافة لكونها ''مرك از تجاريا كانت معروفة كمركز انتاجي. وقد كان للصناعة النسيجية دور كبير في اكتسابها تلك السمعة الكبيرة حيث كانت تنتج أقمشة صوفية األكثر خفة واألكثر )3( متانة''. واضح الصمد الصناعات والحرف عند العرب في العصر الجاهلي المؤسسة الجامعية للد ارسات والنشر والتوزيع لبنان ط 1 1310 ه - 1616 م ص 33. )0( )3( سورة النحل اآلية: 11. ينظر: ابن خلدون المقدمة الجزء 0 تحقيق: عبد اهلل محمد درويش ط 1 1301 ه/ 0113 م ص 369. )4( TELEMCEN : Georges Marçais ; Librairaie Re mouard ; H.Laureus ; Editeur ; 1950 ; p93. 01

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وفي القرن ال اربع عشر ''يخبرنا ابن خلدون بأن حايك وبرنوس تلمسان كانا مطلوبين في )0( األسواق الغربية والمشرقية''. وقد وجد الفرنسيون عند دخولهم إلى تلمسان اكثر من خمسمائة )3( معمل نسيج. ولكن في سنة )3( المناول إال بقليل. 1613 أقر كل من ألفرد بال A.BEL و P.Ricard بأن األفقية المنتجة لألغطية واأللبسة ذات النعومة الشديدة لم يكن عددها يفوق المائة وفي السنوات األولى من استقالل الج ازئر شهدت هذه الصناعة انتعاشا كبير ا على المستوى الوطني وبتلمسان في عام النسيجية. 1691 على وجه الخصوص فالمناول ''قد ارتفع عددها من اثنين وثالثين إلى أزيد من ثماني مائة في عام ''1611 مختصة في صنع كل المنتوجات ومن أهم المنتوجات التي يصنعها النس اجون التلمسانيون الذين ما ازلوا يمتهنون هذه الحرفة: األغطية الصوفية مثل الحنابل والقطنية والب وراب ح إذ أن المدينة تنفرد بصنع نوعين منه وهما ''البطاني ة'' و''الح شايشي''. إال أن الطلب على ''البو اربح'' قل كثي ار ألن ه لم يعد من المفروشات الضرورية لجهاز العروس. )0( )3( )3( لحاف أبيض يستر كامل جسد الم أرة وتلبسه التلمسانيات عن خروجها من البيت. ابن خلدون المقدمة المرجع السابق ص 369. مبارك بن محمد الهياللي الميلي تاريخ الج ازئر في القديم والحديث مكتبة النهضة الج ازئرية الجزء 3 ص 319. المنوال هو آلة حياكة النسيج وهو عبارة عن آلة يدوية معقدة التركيب يدخل في تركيبها األلواح الخشبية وبعض الخيوط الدقيقة والحبال. وهو نوعان: أقي وعمودي. األول خاص بالرجال والثاني خاص البنساء. محمد تروزين صناعة المضفرات والمنتوجات الحلفاوية بالمنطقة السهبية من دائرة سبدو بوالية تلمسان المعهد الوطني العالي للثقافة الشعبية تلمسان 1663 ص 6. 01

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وهناك الجالبيب والب ارنس والمنشفات وممسحات األرض والفوطات إلى غير ذلك. واألهم من ذلك الحايك التلمساني الذي نال شهرة كبيرة في الج ازئر كلها فهو على نوعين: حايك الم ر ام وهو مصنوع من حرير دودة القز والنوع الثاني مصنوع من الخيوط االصطناعية وهو أقل جودة وثمنا. 4- صناعة الزرابي: من بين الصناعات التقليدية العديدة التي تدخل ضمن المنسوجات صناعة الز اربي. فقد احتل هذا المنتوج مكانة هامة في كل المجتمعات بسبب طول مدة إنجازه من جهة والى غالئه من جهة أخرى. والج ازئر قطر من هذه األقطار التي عرفت كيف تحافظ على هذه الصناعة حيث أن ها منتشرة في العديد من المدن وتنسب إليها ونذكر منها: زربي غرداية وبني يزقن وزربية النمامشة )تبسة وخنشلة( وزربية معديد )مسيلة وبرج بوعريريج( وزربية قرقور )سطيف(. 07

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية أم ا عن تلمسان فقد عرفت هي األخرى هذا النوع من الصناعة من عهود قديمة ف ''يحي ابن خلدون وليون اإلفريقي'' يخبرننا بأن ه في القرنين ال اربع عشر والسادس عشر كانت صناعة الز اربي نشاطا ذو أهمية بالغة لدى سكان المدينة''. ولكن بمجيء الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر حدث تطو ر تكنولوجي كبير في وسائل اإلنتاج فظهرت اآلالت الميكانيكية السريعة التي طغت على الصناعة النسيجية والز اربي على وجه الخصوص. وهكذا كان لظهور المعامل الممكننة في تلمسان أثر سلبي على هذه الصناعة حيث أن سرعة اإلنتاج أثرت على نوعية وجودة الزربية األمر الذي أد ى إلى ضعف السوق التلمسانية من جهة وغلى غلق عدد كبير من الورشات فكان لهذا الوضع انعكاس سلبي على الحياة )0( االجتماعية للمدينة. TELEMCEN : au passé rapproché 1937 1962 ; p69. )0( المرجع نفسه ص 01. 08

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية مدخل: المبحث الثاني: الصناعات الجلدية )منطقة تلمسان أنموذجا( مما ال شك فيه أن تاريخ استعمال الجلود يعود إلى عهود قديمة بل إن ه يرتبط ارتباط ا وثيقا ببداية اإلنسانية ولعل الظروف الطبيعية القاسية التي كان يعاني منها اإلنسان البدائي من حر وبرد وما شابه ذلك قد حركت ذكاءه وأيقظت مها ارته الفكرية حيث وجد لنفسه سبيال بأن اتخذ جلد الحيوان الذي يصطاده لباسا له ليقي به جسمه. فالصيد إذن كان أولى العمليات التي قام بها اإلنسان لكي يحافظ على أمنه وعلى سالمة عائلته من الحيوانات والوحوش وقد استعمل لحومها وأصوافها وجلودها على وجه الخصوص في حياته اليومية ألغ ارض نفعية. وعلى هذا األساس تعد الصناعة الجلدية فرع من فروع الد ارسات األثرية إذ أنها مرآة صادقة تعكس حضارة أي شعب من الشعوب وتبرز ذوق العصر كما تبين أهم طبقات المجتمع التي وجدت آنذاك مع أهم العادات والتقاليد التي توارثها األبناء عن آبائهم وأجدادهم. وبمرور األزمنة تطور اإلنسان وتحضر فاهتدى إلى تربية المواشي حتى يوفر لنفسه كميات أكبر من الجلود وقد تأك دت أهمية استعمال هذه المادة في المجتمعات كل ها وبصورة غير مباشرة من خالل اكتشاف األدوات والمعد ات التي تسمح بتحويلها وتصنيعها. وهكذا أصبحت الجلود على اختالف أنواعها ذات أهمية بالغة ومكانة مميزة في اقتصاد العديد من الدول المر الذي أد ى على ظهور مجاالت أخرى من اإلنتاج كصناعة المالبس واألحذية )الجاكيت والس ارويل والقفا ازت والقبعات( وكذلك األحذية والحقائب والمحافظ. وقد استخدمت الجلود أيضا في إنتاج أصناف عديدة كالوسائد وغيرها. من األثاث المنزلي كالمقاعد واأل ارئك والمفروشات ينظر: بو سليم صالح الصناعة التقليدية بمنطقة تيديكلت صناعة الفخار والجلود نموذجا د ارسة ميدانية فنية إثنوغ ارفية ص 11. 09

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية المطلب األول: مادة الجلد إن الجلد هو بشرة الحيوانات أو أدمتها أو فروها سواء كانت الثدية أو الزواحف أو الطيور أو األسماك والتي عولجت بطريقة محكمة تجعله صالحا لالستعمال وتدعى هذه العملية ''بالدب اغة''. وللجلد وجهان يختلفان في السمك وجه علوي يمثل نسبة قليلة من سمك الجلد ويغطيه الصوف او الوبر حيث أن وضعية الصوف على الوجه ونوعية البشرة يعطيان لكل صنف من الجلود طابعه المميز والوجه السفلي لحمي وأكثر نعومة وهو الجزء األهم في الجلد حيث يصل سمكه إلى أربعة اخماس من السمك اإلجمالي. ويذهب البعض إلى القول بأن الجلد موهوب بالحياة شأنه في ذلك شأن اإلنسان إذ ''أ ن الصن اع يؤكدون ذلك فمن المصطلحات التقنية التي يستعملها الدب اغون: الجلد يأكل ويشرب وينام وينشأ من الماء ويزخرف بعد نشأته''. ويجرنا الكالم إلى الحديث عن مدينة تلمسان فقد عرفت هذه المدينة صناعة الجلود منذ القدم ففي القرون الوسطى وخاصة في الفترة التي حكم فيها الزيانيون كان ''من جملة الصاد ارت )0( إلى الخارج الحبوب والزيوت والجلود والصوف'' وهذا دليل على أن مدابغ تلمسان كان يخرج منها كميات كبيرة من الجلود تفوق احتياجاتها المحلية. ولعل هذا ما أدى إلى تحفيز الحرفيين الذين هم على عالقة مباشرة بالجلود كالبلغاجيين مثال على االستق ارر بالمدينة. وألهمية هذه المادة وكثرة المهتمين بالصناعة الجلدية والمشتغلين بالدباغة وخاصة تلك الصلة الوثيقة التي تربط بين كل هذا الجمع من الحرفيين قد ساعد على التقائهم في مكان واحد تسهل من خالله العالقات التجارية حيث كان مقصدا لكل من له اهتمام بمادة الجلد والمصنوعات الجلدية. ولإلشارة فقط فقديما كانت هذه القوافل التجارية اآلتية من البالد البعيدة تحط بهذا المكان لش ارء ما تحتاجه من بضائع وتبيع ما أتت به من سلع وكان يدعى بسوق منشر الجلد ''وكان D. JEMMA, Les Tanncurs de MARRAKECH, Mémoires du C.R.A.P.E xix ; imp, ZABAN, Alger ; p55. )0( الحاج محمد بن رمضان شاوش باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان مرجع سابق ص 331. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية هذا السوق قرب جامع ابن البناء وهي تتبئنا عن وجود ثالثة طوائف من الصناع: الدب اغون )0(... والخر ازون... والسر اجون'' الذين كانوا ينتجون مصنوعات في غاية من الجودة واإلتقان. ولقد أحدث التطور التكنولوجي الذي صاحب الثورة الصناعية انقالبا كبي ار في كثير من مجاالت الحياة وخاصة الصناعات التحويلية. فابتداء من سنة 1611 أخذت البلدان المتقدمة في تصنيع مواد بالستيكية تشبه الجلد في كثير من خصائصه وألن المنتوجات المصنوعة من الجلد الطبيعي أضحت تعد الجلود الطبيعية مهمة كما كانت عليه. غالية الثمن فقد أصبح استعمال هذا البديل ام ار حتميا وهكذا لم أم ا تلمسان فقد عرفت استي ارد الجلد االصطناعي في فترة مبكرة من طرف بعض الحرفيين اإلسكافيين الذين استغلوا هذه الفرصة فانصرفوا عن حرفتهم وتوجهوا نحو المتاجرة بالجلود لتيقنهم من أن هذه النوعية من الجلود ستلقى رواجا كبي ار في األسواق المحلية والوطنية. وبالفعل لقد كانوا صائبين في تنبئهم إذ أن معظم المنتوجات الجلدية التي تباع في محالت أي تلمسان المدينة )3( من احذية وحقائب نسائية هي مصنوعة من هذا البديل الصناعي والمثير للدهشة أن هذه الجلود متينة وقوية وتكاد أفضل من بعض الجلود الطبيعية التي لم تأخذ حق ها من الدب اغة. كما ان انتشار الجلد الصناعي أدى بدون شك إلى انتشار المصانع الصغيرة الخاصة فتطور اإلنتاج وكثرت الورش وانخفضت األسعار. والبد من اإلشارة أيضا إلى ان سعر الجلود يرتكز على عدة عوامل من أهمها نوعية الجلد ومصدره وتبنى أسعار جلود الضأن على المساحة. والماعز على القطعة أم ا جلود األبقار فإنها تبنى )0( ال ي ازل هذا المسجد قائما إلى يومنا هذا. الحاج محمد بن رمضان شاوش باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان مرجع سبق ذكره ص 301. )3( زيارة قمت بها إلى محالت بيع األحذية )شارع ابن خلدون(. 10

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية المطلب الثاني: دباغة الجلود من المعلوم ان اإلنسان قد استعمل منذ القدم الجلود المدبوغة لثيابه واحذيته وكوخه الذي يأوي إليه مستخدما في ذلك أنواعا مختلفة من المواد. والدباغة ''هي دبغ اإلهاب بما يدبغ به واإلهاب هو الجلد من البقر والغنم والوحش ما لم يدبغ'' حيث يكتسب الجلد بعد دبغه ''زيادة في المقاومة وعدم التقلص في الماء الحار او األحماض الممد دة بالماء وال يفسد ويتعفن في األحوال الرطبة أو الحارة ألن الجلود: تتألف غالبا من مادة غروية تتأثر بكثير من المواد كالخمائر والبكتريا والمالح واألحماض والقلويات )0( والزيوت والدهون والخالصات الدباغية'. وقد وجدت حرفة الدباغة بتلمسان منذ عهود بعيدة ويبرز ذلك من خالل ما كانت تصد ره )3( من كميات وأنواع مختلفة من الجلود وهذا دليل على أن انتاجها من هذه المادة كان يفوق احتياجاتها المحلية. واذا كان هذا الكم من الجلود ينتج بالمدينة فإن ه البد من تواجد الدب اغين ودور الدباغة. وبالفعل كان بتلمسان في أوائل االحتالل الفرنسي أربعة دور للدباغة ''واحدة بحي )9( )3( القص ارين بأقادير وثانية على ضفة واد مشتكانة قرب الري اض الحم ار وثالثة بالقلعة )0( و اربعة بحي قباصة قرب مقبرة اليهود''. - )0( واضح الصمد الصناعات والحرف عن العرب في العصر الجاهلي مرجع سبق ذكره ص 031. دباغة الجلود وصناعة المواد المتعلقة بها ترجمة واعداد جعفر طه الهاشمي دار الصفدي دمشق 1311 ه 1661 م ط 1 ص 6. )3( )3( )9( )0( ينظر: الحاج محمد بن رمضان شاوش باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان مرجع سبق ذكره ص 331. أقادير: وهي تلمسان قديما. يوجد هذا الحي خارج باب الجياد. كانت متواجدة على أرض قراجة و ارء المسجد. يوجد هذا الحي شمال باب القرمدين. ينظر: الحاج محمد بن رمضان شاوش المرجع السابق ص 331. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وقد توقفت مدبغة أقادير عن النشاط الفعلي للدباغة منذ بداية التسعينات على إثر تدهور الحالة الصحية لمالكها ''السيد بن ب ارهيم قويدر'' وليس نتيجة تغيير مجرى العين التي توفر الماء كما يزعم البعض. )0( فالمياه ال ازلت تنساب من هذه العين على يومنا هذا. كانت وتجدر اإلشارة على أن ه لم يبق من م ارفق هذه المدبغة إال القليل فال ازئر قد يمر بجانبها من دون أن يلحظ وجودها فالح فر التي كانت تغسل وتدبغ فيها الجلود لم يعد لها أي أثر هي األخرى. أم ا ما تبقى منها فهي مجر د بيوت قديمة منها ما هو مستعمل لتخزين الجلود الخض ارء وأخرى لممارسة العمل اليومي. إن عدد العاملين بها اليوم ال يتعدى خمسة ولكن هم ال يمتهنون نشاط الد باغة. والملفت لالنتباه ان هذه الدور األربعة كانت متواجدة خارج المدينة والسبب في ذلك يرجع أساسا إلى وقاية السكان من التلوث وال ارئحة الكريهة التي تنبعث منها نتيجة استعمال مواد الدباغة والصباغة )النباتية أو الكيمائية( كما أن ها تمركزت بالجهة الشرقية من المدينة العتبا ارت مناخية من أهم ها الرياح الغربية التي تساعد على تجفيف الجلود وابعاد تلك الروائح عن المدينة. وقد كان لد ور الدباغة في تلمسان أهمية كبيرة ومكانة ممي زة إذ أن ها كانت تشغ ل عددا هائال من أبناء المدينة حيث أن ه إلى ''نهاية الثالثينيات من هذا القرن لم تكن توجد تقريبا عائلة بتلمسان ال يعمل أحد )3( تمد السر اج والخر از بالجلود والدر از أي القرن العشرين )3( أف اردها في الدباغة''. والى جانب ذلك كانت باألصواف ولهذا ع رفت الدباغة على أن ها ''أم الصنائع'' ألهمية منتوجها من حيث استعماالته العديدة والمتنوعة ثم لألهمية العددية لليد العاملة التي كانت تشغلها هذه الحرفة. نقادي سيدي محمد التصميم العم ارني لمدينة تلمسان وداللته االجتماعية رسالة ماجستير معهد الثقافة الشعبية تلمسان 1661 ص 199. )0( )3( )3( زيارة ميدانية قمت بها إلى عين المكان بتاريخ 0110/11/11. نقادي سيدي محمد المرجع نفسه ص 199. الحرفي الذي يمتهن حرفة النسيج واألصل أن الدر از تحريف لعبارة ''دار الطر از'' عن طريق اإلدغام. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وتجدر اإلشارة إلى المعل مين من الدباغين وغيرهم من الحرفيين كون وا ألنفسهم مجلسا داخل المدينة يهتم بشؤونهم ويتخذ جميع الق ار ارت الهامة التي تخص حرفة الدباغة وكان ي أرسه عضو من أعضائها يدعى ))أمين الطائفة(( وقد كان آخر امين الد باغين بتلمسان وذلك في أواخر الثالثينيات من هذا القرن أي القرن العشرين - السي د بريسكي المدعو ب ''النصيص'' إن ه كان على د ارية كاملة بأخالق ومها ارت المعل مين والصن اع من دباغين وخر ازين وكان يحتفظ بقائمة أسماء الحرفيين الذين يتعامل معهم يسج ل عليها مالحظاته )0( حول سلوكهم المهني واألخالقي وقد ات خذ أمين الدب اغين ''فندق الرم انة'' )3( يلتقي بداخله كل الحرفيين المستعملين للجلود. أم ا عن أسعار هذه المادة الجلود )3( - فكان الدال ل مق ار له حيث هو الضابط لها في السوق فعلى إثر اتصاله بهؤالء الحرفيين تتكون لديه نظرة حول سعر الجلود فيبل غ أمين الطائفة وهذا األخير يحدد السعر اليومي بعد استشارة المنتجين وقد كانت هذه الطريقة مطبقة على صناعات أخرى كصناعة المصوغ التي كان آخر أمين لها السي د ''محمد بن قلفاط'' وكان ي لقب ب ''أمين الفضة'' وهذا يدل أيضا على أن تلمسان اشتهرت أيضا بصناعة المعادن وخاصة النحاس ولكن لألسف الشديد لم يبق أي أثر لهذا النشاط بالمدينة فكل ما هو معروض بالمحال ت إن ما يجلبه أصحابه من مدن بعيدة كالج ازئر وقسنطينة اللتان ما ازلت تحفظ بحرفيين يعرفون أس ارر هذه الصناعة. وقد شهد القرن العشرين تطو ار كبي ار وسريعا للدب اغة وخاصة في البلدان التي أدركت قيمة هذا النشاط فأولته كل االهتمام والعناية واكتسبت بذلك سمعة عالمية. وهكذا أصبحت الدباغة صناعة بمعنى الكلمة شأنها في ذلك شأن الصناعات األخرى التي يعتمد عليها في نمو هذه البلدان اقتصاديا. )0( )3( )3( للجلد. نسبة لقصر قامته. توجد بهذا الفندق مصطبة كانت مخصصة لعرض الجلود وقد حول الفندق إلى مقهى. نقادي سيدي محمد التصميم العمراني لمدينة تلمسان ودالالته االجتماعية مرجع سابق ص 011. الدال ل: شخص يعينه األمين يحمل هذا الدال ل الجلد ويطوف به في السوق وعن طريق الم ازيدة يحدد السعر اليومي نقادي سيدي محمد المرجع نفسه ص 161. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وقد أمد التطور التكنولوجي الذي أحرزته هذه الدول دفعة كبيرة لهذه الصناعة حيث أصبحت مربحة سواء بإنتاج مواد نصف مصن عة أو بإنتاج جلود مدبوغة. وال ت ازل الدباغة إلى أي امنا تسج ل تطو ار وتقد ما بسبب اإلقبال الدائم على ش ارء المنتوجات الجلدية على اختالف أنواعها كاألحذية والحقائب والمحافظ واألحزمة وغير ذلك. وقد ارفق هذا التطور نمو في الصناعات الكيميائية المتعلقة بالدباغة من خالل انتاجها لمواد الد بغ والصباغة والصقل والتلميع وكذلك مساهمتها في تقد م طرق الدباغة وتحسين اإلنتاج ومن ثم تلبية مطالب الدباغين والعاملين في صناعة الجلود. وترجع كل ها إلى ثالث مجموعات هي: -1 خالصة النباتات الدباغية: استعملت الخالصات النباتية في الدباغة منذ عهود بعيدة فهي أقدم طريقة عرفتها اإلنسانية وال ازل الكثير من الحرفيين مثال يستعمل الطريق نفسها. والدباغة بهذه المواد تستغرق مد ة طويلة من الزمن تت اروح بين 3 في المغرب األقصى أشهر وفي 1 إلى بعض األحيان إلى أكثر من ذلك ولم تعد هذه الطريقة تطاق في يومنا هذا على الرغم من أن ها تجعل الجلود أكثر قوة وكثافة وثباتا أي ال تقبل التمدد. ولهذا فقد استخدمت لدباغة النعل وتبطين األحذية والتنجيد وصنع المحافظ واألحزمة وغير ذلك من المنتوجات. ويمكن أيضا تزيين وزخرفة هذه الجلود فيستعملها لتجليد الكتب مثال. ومن المواد النباتية المستعملة عادة في الدباغة هي خالصات نبات السنط )أي الميمو از( وشجر البلوط الفليني liege( )Chêne والكبرش الذي شاع استعماله في الدباغة التقليدية بتلمسان وغيرها. )3( )0( )quebracho( ول حاء الرم ان وت كا و ت )0( )3( دباغة الجلود وصناعة المواد المتعلقة بها مرجع سابق ص 6. الكبرش أو الكب ارشو: وهو التين الهندي. تكاوت نبات يستعمل في الدباغة اسمه العلمي.Tamarix articulata 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية والدباغة بهذه المواد تستلزم اتباع الطريقة التالية: العملية بشر الجلد Pelannage Déchaulage Conlitage Pickalge الدب غ الصباغة التطعيم طريقة الدباغة بالمواد النباتية جير رماد جير نزع الجير الحفظ المواد أحماض: مثل ملح الطعام. لحاء السنط لحاء البلوك الفليني لحاء الرم ان زيوت: مثل زيت الزيتون. لحاء الرم ان مثال -2 )2( الدبغ بالكروم :)Chrome( لقد ع ر فت الدباغة بالكروم منذ عهد مبك ر في القرن التاسع عشر فعوضت هذه الطريقة عملية الدبغ بالمواد النباتية وأصبحت في أي امنا األكثر استعماال ألن ها تقلص من الزمن الذي تتطلبه عملية الدباغة. فإذا كانت الدباغة بالمواد النباتية تتطلب شهو ار وفي بعض األحيان سنة إلى سنتين فإن الدباغة بالكروم )3( تتطل ب يوما أو يومين. إن الجلود المدبوغة بالكروم هي بالمقابلة مع الجلود المدبوغة بالنباتات رخوة وناعمة وقابلة للتمدد وهي تميل أيضا لتصبح أكثر ط اروة وليونة مم ا يجعلها مقاومة لالهت ارء باالحتكاك والثني ولهذا تستعمل هذه األنواع من الجلود في وجوه األحذية والقفا ازت والمالبس. Revne : Terre et Vie, N 42 ; Mars 2000. Sevteur de la Tannerie au Maroc par Mohammed Marzak. )0( الكروم مادة كيميائية ورمزه.Cr )3( ينظر: دباغة الجلود وصناعة المواد المتعلقة بها مرجع سبق ذكره ص 6. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية والدب اغة بهذه المواد تستلزم اتباع الطريقة التالية: طريقة الدباغة العملية بشر الجلد Pelannage Déchaulage Conlitage Pickalge الدب غ Basification صباغة + تطعيم بالكروم والمواد الكيميائية المواد الجير + سلفات الصوديوم الجير كبريتات األمونياك Confil : Enzymatique حمض الكبريتيك الكروم بيكاربونات صباغ كيميائي + زيوت كيميائية -3 مواد الدب غ المصنعة: التوازن الكيميائي الدب اغ االصطناعي خليط معقد جدا تعتمد خصائصه على مع خواص المواد الغروية التي تحتويها الجلود. وهي تستعمل مع مواد دباغية أخرى لتعديل فعلها كما أن لها استخدامات عديدة مساعدة لتقوية الجلود مم ا يجعلها ضرورية لصنع منتوجات جي دة وكذلك إنتاج أنواع خاصة من الجلود تسمح )0( بزخرفتها. ويمكن تصنيف المواد الدباغية المصن عة حسب تركيبها الكيميائي واستعماالتها الرئيسية )3( إلى ثالث مجموعات: المواد الدباغية الصناعية المساعدة. المواد الدباغية الصناعية المركبة. المواد الدباغية الصناعية البديلة. - - - Revne : Terre et Vie, N 42 ; Mars 2000. Sevteur de la Tannerie au Maroc par Mohammed Marzak. )0( ينظر: دباغة الجلود وصناعة المواد المتعلقة بها مرجع سبق ذكره ص 30. )3( المرجع نفسه ص 30 33. 17

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية وبغض النظر عن الخصائص الكيمائية لهذه األصناف الثالث فإن لكل مادة من هذه المواد خصائص دباغية تعمل على تحسين صفات الجلد وضبط نظام الدباغة ولهذا فهي تستعمل مع كل أصناف الجلود. ولكن السؤال الذي يبقى مطروحا هو: كيف تتم عملية الدباغة قبل اإلجابة على هذا السؤال البد من اإلشارة إلى أن الم ارجع التي تناولت طريقة دباغة الجلود في الج ازئر قليلة جدا المستعملة في المدابغ الج ازئرية إلى أن يصبح الجلد صالحا للصناعة. إن لم نقل أن ها منعدمة - لكن سبق وان ذكرنا بأن الطريقة هي الدباغة بالكروم ولهذا فإن نا سوف نتتبع أهم م ارحلها إن الجلود تصل عادة للمدبغة وهي معالجة بالملح ولكن ها بتأثير الرطوبة التي تت اركم في أليافها )مكونات الجلد( تكون معرضة لنمو البكتيريا والعفونة ولذلك يجب التعجيل بمعالجتها باتباع العمليات التالية: أوال: عمليات ما قبل الدباغة )تهيئة مادة الجلد(: التمليح: 1- كل الجلود التي تصل المدبغة تكون مطلية بالملح ألن هذه المادة تحافظ على الجلد وتمنعه من الفساد وبالتالي تنجح عملية دباغته. تستعمل طريقة الدبغ بالكروم في مدابغ جيجل والعامرية بوالية وه ارن. 18

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية 2- تشذيب الجلد: وأو ل خطوة بعد هذه العملية هي نفض الجلد بقوة إل ازلة الماء والملح العالق به ثم ي فرد بحيث تكون ناحية الشعر لألسفل وعندئذ ت قص الزوائد مثل الذنب وال أرس واألرجل والنواحي البارزة. ثم ي قلب الجلد بحيث يكون الجانب الذي به شعر لألعلى ويوضع بشكل طولي فوق لوح أو جذع خشبي ناعم. وعند ذلك يشق الجلد بواسطة سكين حادة من الرقبة حتى الذنب بشكل مستقيم وسط العمود الفقري إ ىل نصفين والغرض من هذا الشق تسهيل عملية معالجة الجلد فيما بعد. 3- الشطف والنقع: يجب أن تنقع الجلود أو تغسل في أسطوانات دو ارة باستخدام بعض المواد وذلك إل ازلة األوساخ والملح ال ازئد وإلعادة الجلد إلى طبيعته التي كان عليها بعد عملية السلخ. 19

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية 4- الحشو: تتم عملية الحشو في دن ان قال بة تحتوي على مادة الجير التي تسرع من إ ازلة الشعر والغرض من هذه العملية تطرية نسيج البشرة الدسم قبل عملية الدباغة. 5- إ ازلة الشعر وتنظيفه قبل الدباغة: ي ازل الشعر المتبقي بكشطه ميكانيكيا ثم يتم عصره بآالت ظاغطة تزيل جذور الشعر الدهنية وغير ذلك. 6- إ ازلة آثار الجير: تغسل الجلود بالماء وبعض األحماض الخفيفة حتى تختفي ك ل آثار الجير. 7- عملية التطرية: وهي جعل ألياف الجلد مرنة لتقبل مواد الدباغة واعطائه الخصائص المطلوبة عند عملية التشطيب واإلتمام. والضبط الدقيق لهذه الوظائف يعطي الجلد مظهر ا جذاب ا وملمسا مرغوبا وقوة ومرونة. 8- التحميض: وهذه آخر عملية تتم قبل المباشرة بالدباغة بالكروم وتتم أوال لمنع الطبقة السطحية للجلد من الدب غ بسرعة كبيرة. ثانيا: عملية الدبغ وما يليها 1- عملية الد بغ: وهنا يتحول اإلهاب إلى جلد مدبوغ بحيث يكون رطبا وأكثر قساوة. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية 2- التشطيب واإلتمام: بعد دباغة الجلد يجب أن يمر بعمليات أخرى متم مة حت ى يصبح جاه از لالستعمال والبيع والتصدير. وتختلف طبيعة هذه الم ارحل حسب نوع الجلد المطلوب وهذه الم ارحل هي: العصر: والقصد منه إ ازلة الس ائل من الجلود وجعلها ممطوطة ومشدودة حيث تمر ر فوقها مصقلة من الوجهين. الشق والتشريح: تشق الجلود السميكة إلى ش ارئح حسب السمك المطلوب بآالت خاصة. أم ا الطبقة التي تحتوي على ج اربات الشعر فإن ها تكون رديئة بسبب احتوائها على آثارها لسعات الحش ارت وندبات الخدوش. إعادة الدبغ: تتطلب بعض أنواع الجلود إعادة دبغها فيكون ذلك باستعمال مواد الدبغ النباتية أو المصن عة التي تجعل الجلد صالحا لالستعمال والتشكيل والصنع. الصباغ: وهو أن يعطى للجلد لون باستعمال أصباغ نباتية أو مصن عة. السوائل الدهنية: يفرغ سائل الصباغ ويضاف إليه السائل الدهني. فهذه المعالجة تجد د وتعيد الزيوت الدهنية الموجودة طبيعيا في الجلد والتي أزيلت خالل الم ارحل السابقة للدباغة. ويتألف السائل الدهني من زيوت مستعملة تعيد للجلد نعومته وط اروته ومرونته. 10

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية النشر والتجفيف: تعل ق الجلود على حوامل في غرفة دافئة ويفض ل أن يتم التجفيف بواسطة م اروح كهربائية مولدة للهواء الساخن حتى تطرد جميع الرطوبة من الجلود. التنعيم: من المحتمل أن توجد بعض األماكن تظهر جوانبها متكتلة أو تكون سماكتها غير متناسبة مع بقية السطح ويمك إ ازلة هذه الكتل بواسطة آلة تدعى دوالب الصنفرة. التشطيب النهائي: وهي آخر عملية يخضع لها الجلد حيث يستعمل في هذه المرحلة الطالء لتخضيبه وصبغه وصقله وتلميعه. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية نالحظ مم ا سبق أن الجلود تمر بم ارحل عديدة لدباغتها ويمكن تحديدها في ثالث م ارحل كبرى: مرحلة يكون فيها الجلد على اتصال دائم بالماء حيث يت م فيها الب ش ر والشطف والنقع والغسل. مرحلة تطرية الجلد ودبغه: ويتم فيها العصر والتجفيف وتطرية الجلد. مرحلة التشطيب: وهنا يعطي للجلد طابعه التجاري من خالل صباغته وتلميعه. - - - وعلى هذا األساس تبقى الجلود غالية الثمن باعتبارها تتطلب وقتا ومجهودا كبيرين تصنيعها وهذا يفس ر غالء المنتوجات الجلدية المصنوعة من الجلد الطبيعي. وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن هذه الصناعة الدب اغة بقدر ما لها من مي ازت إنتاجية واقتصادية بقدر ما لها من آثار سلبية على المحيط والبيئة فهي تلو ث المجاري المائية إذا ما لقيت نفاياتها بدون آية معالجة مسبقة إذ أن ها ترمي كميات كبيرة من المواد منها ما ينحل بسرعة مثل الدهنيات )الشحم( ومنا ما يطول انحالله مثل الشعر ومواد سا مة أخطرها ''الكروم'' المستعمل بكثرة في دباغة الجلود. ولهذا تقوم بعض البلدان المتقدمة بتصدير واألهم منتوجها نصف المصنع إلى بلدان فقيرة أو سائرة في النمو لدبغه بأقل تكلفة ممكنة من ذلك هو إبعاد خطر التلوث البيئي. أولي وقد وجدت الكثير من الدول حال لهذا المشكل إذا أن البعض منها يقوم كإج ارء بمعالجة المياه التي تطرحها المدابغ في مصانع أنشأت خصيصا لذلك على الرغم من ارتفاع تكاليف بنائها وتجهيزها. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية المطلب الثالث: صباغة الجلود: لقد عني الصينيون والهنود والفرس بصناعة األصباغ لما لها من أهمية في كثير من المجاالت باإلضافة الحياتية والمسلمون كذلك استخدموا األصبغة في تلوين منسوجاتهم وز اربيهم إلى األواني الخزفية والزجاجية والقاشاني والفسيفساء والزخارف الجصية والمصنوعات الجلدية على وجه الخصوص. والكتابية وقد كان للتقدم العلمي الذي توصل إليه المسلمون وخاصة في العلوم الكيميائية أثر كبير في تطور صناعة األصباغ. فاألصباغ على أنواع كثيرة منها المائية والفلزية والمستخرجة من مصادر طبيعية وأغلب هذه الصبغات مركبات فلزية وبعض هذه الصبغات توجد في التربة والصخور وهناك صبغات مأخوذة من مواد نباتية مثل الذيلة التي يستخرج منها اللون األزرق وقشور الرمان ونبتة الحن اء التي يستخرج منها اللون األصفر األشقر. أو مواد حيوانية كالقرمز الذي يعطي اللون القرمزي وهنا صبغات تؤخذ من قط ارن الفحم وهي ذات اللون األسود. أم ا صباغ اللك فيحض ر من عد ة مواد. وعلى تعرف الصبغة على أن ها ''عبارة عن مادة ملونة تستخدم م ذابة لتلوين األجسام المختلفة وهي تختلف عن المسحوق الملو ن الذي يضاف إلى الوسيط أو المادة ال اربطة ويكون ملو نا يغطي سطح )0( الجسم''. وحت ى تكون عملية الصباغة ناجحة فإن ه ينبغي استعمال الصبغة بكمية مقدرة ومحد دة بدقة وبعد هذه العملية تبدأ عملية تليين الجلد وترطيبه وتمليسه استعمل الحرفيون في ذلك الزيوت كزيت الزيتون. ولألصبغة دو ار ذو أهمية كبيرة في مجال تسويق المنتوج وقد الجلدي إذ أن ها تجعله اكثر جماال وزينة كما أن ها تعمل على حفظ طبقة الجلد السطحية من مؤث ارت الرطوبة والح اررة من خالل غلق المسامات الموجودة في الجزئيات الجلدية وبذلك يحفظ الجلد من المؤث ارت الطبيعية. وعلى ضوء ما تقد م البد أن ننوه بالدور الذي يلعبه اللون في تسويق جميع المنتوجات وعلى وجه الخصوص المشغوالت الجلدية فإلى جانب التنوع الذي ط أر على هذا المنتوج فإن فوزي سالم عفيفي نشأة الزخرفة وقيمتها ومجاالتها م ارجعة الدكتور مصطفى عبد الرحيم دار الكتاب العربي القاهرة مصر ط 1 1311 ه / 1660 ص 136. )0( عنايات مهدي فن الزخرفة على الجلد مكتبة ابن سينا القاهرة 1661 ص 11. 11

الفصل األول موضوع الصناعات الجلدية األلوان كذلك قد تعد دت أصنافها بحيث أصبح المستهلك في حيرة من امره الختيار ما يناسبه من بضاعة ولون. ولكن بالرغم من ذلك فإن تعد د األلوان جعل المنتوج الجلدي العصري وخاصة في البلدان األجنبية سريع التسويق والتصدير. 11

الفصل الثاني الصناعات التقليدية

الفصل الثاني الصناعات التقليدية المبحث األول: المنتوجات الجلدية القديمة مدخل: تعد الصناعة الجلدية إحدى الصناعات التي وسعها الفضاء الحرفي التلمساني. فبعد دباغة الجلود وجعلها صالحة لالستعمال ت صنع منها أشياء عديدة ومتن وعة ي ستفاد منها بالدرجة األولى ألغ ارض نفعية كاألحذية مثال وأخرى للزينة والزخرفة كالمفروشات والوسائد الجلدية باإلضافة إلى صناعة سروج الخيل وركائبها وتجليد الكتب. وما يدل على انتشار المنتوجات الجلدية في السنوات الماضية في تلمسان وجود عدد كبير من التجار الذين كانت لهم شهرة كبيرة في مختلف أنواع المصنوعات وخاصة الجلدية. المطلب األول: أهم المنتوجات الجلدية القديمة من أهم المصنوعات الجلدية التي اهتم الحرفيون في تلمسان بصناعتها منذ زمن بعيد وكانت سببا في شهرة المدينة في وقت من األوقات: أوال: البل غة :)Babouche( من بين المصنوعات الجلدية التي اشتهرت بها مدينة تلمسان والتي تكاد اليوم تندثر بحكم اإلهمال وعدم االهتمام بها صناعة البالغي. ولقد عرفت هذه الصناعة في التسعينيات ازدها ار كبي ار وشهرة تعد ت حدود البالد لما تتمي ز به من جودة ودقة من حيث تصميمها وطرزها. ففي ماض ليس بالبعيد كان أهل تلمسان من شيوخ وشب ان وأطفال يرتدون في المناسبات واألع ارس األلبسة التقليدية التي تزي نها البلغة فتزيدها جماال ورونقا. وهكذا تعد ''البلغة'' من العناصر التي تمي ز اللباس التقليدي التلمساني ف ش ك لها الكالسيكي لم يتغي ر منذ زمن بعيد. فالبلغة الرجالية تكون عادة صف ارء لدباغتها بلحاء الرم ان أو بيضاء. وكل حرفي ي المدينة متفقين على أن البلغة التلمسانية تختلف عن البلغة المغربية )الفاسية( ألن ها ذات مقد مة )Pointe( دائرية بخالف الفاسية التي مقد متها مدب بة )Pointue( ولكن تأثرهم واحتكاكهم بالحرفيين المغاربة أد ى بهم إلى صناعة هذا النوع من البالغي وشاع استعمالها بالمدينة. وقد تكون بألوان أخرى. لكن البلغة الصف ارء والبيضاء هي األكثر استعماال. 73

الفصل الثاني الصناعات التقليدية وتجدر اإلشارة إلى أن يطلق على بلغة تلمسان ''البورية'' نسبة إلى عائلة ''البوري'' المعروفة بصنع البالغي فهي قد توارثت هذه الحرفة جيال بعد جيل. وترتكز تقنية صناعة ''البلغة'' على مهارة الحرفي بالدرجة األولى ألن إنجازها يتطل ب الدقة واإلتقان. كما أن صعوبة استعمال الجلد األصفر القابل لالت ساخ تحت م على الحرفي أن يأخذ الوقت الكافي لصنع البلغة ألن ه يصعب إ ازلة األوساخ من هذا النوع من الجلود. ولهذا البد للحرفي في أن يحرس على بقاء يديه نظيفتين طوال مد ة الص نع. يصنع الجزء العلوي من البلغة من جلد الماعز المدبوغ بلحاء الرم ان أم ا الجزء السفلي المالمس مباشرة لألرض فهو مصنوع من جلد األبقار. يقوم الحرفي بتفصيل قطعتان مثلثتان من الجلد سواء باستعمال مقياس يكون عادة من الورق المقو ى ت خاط هاتين القطعتين بثالثة خيوط مختلفة: خيط من النيلون ممزوج بخيط من الحرير لضمان الخياطة المتينة ثم خيط آخر من الحرير وهو الوحيد الذي يبقى ظاهر ا في النهاية. وأخير ا ت لصق هاتان القطعتين مع الجزء السفلي بواسطة قطعة من الجلد وبطريقة ي تقنها الح رفي. أم ا الجزء السفلي من البلغة فهو مكون من عد ة عناصر فالقطع العليا منه )الورق وجلد الماعز( ت خاط لوحدها ثم ت لصق بالقطعة السفلى التي هي من جلد األبقار. أم ا آثار الخياطة التي تظهر عند االنتهاء من الص نع نتيجة إلصاق القطع مع بعضها فيتم إخفاؤها بصقلها بمادة الصابون. وتستعمل اليوم الجلود االصطناعية في صنع البلغة. 73

الفصل الثاني الصناعات التقليدية وأخير ا يقوم الحرفي بتشكيل منتوجه باستعمال القالب الذي يدخله في البلغة بحيث يبقيها لمد ة من الزمن إلى أن تأخذ شكلها النهائي الكالسيكي. أم ا األدوات المستعملة في صنعها فهي أدوات بسيطة تحتاج فقط لليد الماهرة التي ت حسن استخدامها. والملفت لالنتباه أن طغيان الجلد االصطناعي على الصناعة الجلدية قد أصاب حت ى البلغة إذ أن المتجو ل في محال ت بيع األحذية بوسط المدينة ي ل حظ أنواعا عديدة من البالغي فقد تفنن الحرفيون في صنعها حيث الطلب عليها مرتفع جد ا ألن أسعارها منخفضة مقارنة بتلك المصنوعة من الجلد الطبيعي. لكن هذا ال يعني أن صناعة البلغة التقليدية فقد توقفت فال ي ازل يسهر بعض الحرفيين على انتاجها رغم نقص الطلب عليها. ثانيا: الوسائد الجلدية :)Poufs( تعد الوسائد الجلدية من المنتوجات التي اشتهرت بها بالد المغرب فهي من العناصر األساسية التي تمي ز الصالونات التقليدية للمنازل التلمسانية ألن ها ذات ألوان ازهية وجذابة فقد تكون مصنوعة من لون واحد أو مزيج متناسق من األلوان. كما أن ها على أشكال مختلفة المرب عة والمستطيلة واألسطوانية. فمنها ومن خصوصيات هذه الوسائد أن ها كانت تخاط من بداية الصنع إلى اكتمال المنتوج باليدين إال أن الحرفيين أصبحوا في اآلونة األخيرة يخيطون كل األج ازء بآلة الخياطة من أجل ربح الوقت وانتاج كميات أكبر ما عدا الوجه العلوي الذي يدخل في صناعته أج ازء كثيرة ينظر: فوزي سالم عفيفي نشأة الزخرفة وقيمتها ومجاالتها مرجع سابق ص 151. 73

الفصل الثاني الصناعات التقليدية ولهذا فمعظم الحرفيين يستعينون بالنساء في تحضير هذا الجزء المهم من الوسائد. كما أن ها ت طرز بخيوط من الحرير أو قطع من الجلد الملو ن. فالحرفي يعب ر عن إبداعاته ومها ارته الفنية من خالل التنويع في زخرفة وتزيين هذه المصنوعات الجلدية فاألشكال الزخرفية التي نجدها في الجزء العلوي وتلك الموجودة في األج ازء الجانبية ت زخرف باستعمال جلود ذات ألوان مختلفة. تكون عادة مطروزة وألن طريقة الزخرفة هذه تتطلب وقتا كبير ا فقد اتخذ الحرفيون أسلوبا آخر في التنميق والتزويق فاستعملوا أوال الضغط بالتسخين petit( )Fer compression au ثم الخاتم أو الطابع )en relief( أو بارزة )en creux poinçon gravé( سواء المحفورة بنقوش غاترة )Poinçon( ثم استخدمت الصفائح المنقوشة على شاكلة قوالب balancier( )Estampage au ألن ها تسمح )2( بطبع أشكال وزخارف كبيرة وبسرعة فائقة ومن ثم تنقص تكلفة المنتوج الجلدي. وهنالك طريقة أخرى أصبحت كثيرة االستعمال في تلمسان من طرف الخرفيين القالئل الذين تعد هم المدينة فهم ي زخرفون منتوجاتهم عن طريق الطباعة بالطالء )Sérigraphie( مستعملين في ذلك نماذج جاهزة.)cliché( وهي طريقة سهلة وسريعة تسمح بالتنويع في الزخرفة وربح الوقت بالدرجة األولى إال أن من عيوبها أن ها تستعمل فوق الجلد االصطناعي فقط وأن ها تنمحي بسرعة عن طريق اللمس المتكر ر أو المؤث ارت الطبيعية. ت صنع الوسائد الصغيرة الحجم من جلد الماعز ولكن في حالة عدم توفره يعمد الحرفي إلى )3( إنجازها من جلود األبقار والغنم أم ا األدوات التي تستعمل في هذا النشاط البساطة فمها ارت الحرفي في استخدامها هي أساس هذه الصناعة. تبقى في غاية وتقنية صنع هذه الوسائد تتم أو ال برسم أشكال مختلفة على الجلد باستعمال أداة تسمى البيكار )compas( ثم ت قص هذه األشكال بطريقة محكمة ي ارعي فيها الحرفي االستغالل األمثل لمادة الجلد حت ى ال ي ضيع منها الكثير. ثم ت هيأ وتحض ر كل قطعة الجزء السفلي الجوانب الجزء العلوي دائري أو مرب ع على حدة ثم ت خاط هذه القطع الجلدية مع بعضها حيث ي ترك في )3( الجزء )الوجه( العلوي: يسم ى عند عامة الحرفيين ب ''الصارمة''. )2( Henri MAYEUX ; La Composition décorative, A. quantin Editeur, 1884, p273 274. أختام وقوالب وابرة كبيرة وسكاكين خاصة وأحجار للصقل وفرشاة تكون عادة من شعر الماعز. 04

الفصل الثاني الصناعات التقليدية الجزء السفلي تجويف يسمح بحشو الوسادة )بالصوف مثال( وت غلق برباط. أم ا ما يتبقى من الجلد )الجلد الضائع( يستخدمها الحرفي في صنع منتوجات صغيرة الحجم تصلح للتزيين أو اإلهداء أكثر من صالحيتها لالستعمال. بعض األدوات المستعملة في الصناعة الجلدية ثالثا: منتوجات جلدية أخرى تضم الصناعة الجلدية عدة نشاطات مهنية تختص بإنتاج أنواع مختلفة ومتنوعة من البضائع تستمد وجودها من أيادي بارعة بال حدود ومن تصو ارت ذكية وخيال رفيع وتقليد مبدع من أهم ها األحذية والحقائب والمحافظ واألحزمة وسروج الخيل باإلضافة إلى صناعة تجليد الكتب وغير ذلك من المنتوجات. 1- تجليد الكتب فهي حرفة ضاربة في عمق التاريخ حيث كانت لها خصائصها وطابعها التقليدي الذي كان يتواءم مع إمكانيات تلك المرحلة فقد كانت تستخدم الجلود لتجليد الكتب والمؤلفات التي كانت مقط عة أو مهترئة ليقوم الحرفي الماهر بترميمها واعادتها كالجديدة. ولقد عرف العرب هذه الصناعة منذ زمن بعيد فقد أولى المسلمون عناية واهتماما كبيرين لهذا الفن حيث ع م دوا أوال إلى تجليد المصحف الشريف والتفن ن في زخرفته لما لهذا الكتاب من أهمية روحية وعقائدية وثانيا ك تب الفقه ثم تليها أصناف أخرى في شتى 04

الفصل الثاني الصناعات التقليدية ميادين العلم. ''ونتيجة لنهضة فن الكتاب تطو رت صناعة التجليد عند المسلمين بحيث أصبح لها شكل ممي ز منذ القرن السابع هجري''. وقد اعتبر ''عمل المجل د متم ما لعمل الخطاط إذ وقعت عليه مسؤولية حفظ أو ارق الكتاب من التلف والعناية )2( عليه زخرفة جلد الكتاب ولسانه بمظهره الخارجي بحيث يتالءم مع قيمة الكتاب ومحتوياته. كما وقعت )3( بل تعد تها إلى باطن الغالف وقسم ا من أو ارقه''. وقد كانت ''طريقة اللسان في التجليد العربي الذي غايته حماية األط ارف األمامية للكتاب )4( معروفة قبل اإلسالم وبدايته''. ولقد انتقل أسلوب تجليد الكتب العربي إلى المغرب ثم إلى إسبانيا والى إيطاليا عن طريق التجارة المغربية عبر صقلية حيث ''نجد في صناعة التجليد األوروبية المختلفة كثير ا من لمسات الصناعة العربية وزخارفها'' و ''يعترف جملة من المستشرقين بالتحسينات الفنية في صناعة التجليد األوروبية التي تعل موها عن العرب واشتملت هذه التحسينات على إحالل الورق المقو ى محل الخشب كمادة داخلية لجلد الكتب والكتابة المذهب ة على الجلد )5( بواسطة أداة محماة''. وأو ل تجليد استعمل فيه التذهيب في الغرب يرجع تاريخه إلى عام يبي ن بأن العرب كانوا السب اقين في هذه الصناعة. 1251 م وهذا ما 2112 )2( )3( )4( فوزي سالم عفيفي نشأة الزخرفة وقيمتها ومجاالتها مرجع سابق ص 151. ال ي ازل األوروبيون يستعملون هذه الطريقة في تجليد مؤلفاتهم. فوزي سالم عفيفي المرجع نفسه ص 151. ص 32. محمد حسين جودي ابتكارات العرب في الفنون وأثرها في الفن األوروبي في القرون الوسطى دار المسيرة )5( المرجع نفسه ص 14. المرجع نفسه ص 32. 04

الفصل الثاني الصناعات التقليدية فتجليد الكتب إذن هو ''عملية فنية تقنية تجري بهدف تماسك الصفحات مع بعضها البعض ومن ثم حمايتها وحفظها لكي تبقى على شكلها األصلي'' الجلد. وهذا ما يفس ر بقاء المخطوطات بواسطة غطاء من العديدة التي ي حتفظ بها في المكتبات العامة وقد نعثر عليها في مكتبات خاصة عند بعض العائالت التلمسانية التي توارثتها جيال بعد جيل. والملفت لالنتباه أن ه على الرغم من تواجد هذه المخطوطات إال أن الشيء المالحظ هو أن ني لم أعثر في مدينة تلمسان على حرفيين يمارسون مهنة تجليد الكتب بالطريقة التقليدية لكن ني وجدت بعض األشخاص ببعض المحاوالت للتجليد ولكن ها وال أسم يهم حرفيين في أريي أكثرهم يشتغل بالمكتبات والمطبعات يقومون إن ها غير ناجحة وال تمت بأية صلة لفن التجليد األصيل ألن التقنية المستعملة يغلب عليها الطابع التجاري على حساب الطابع الفني هذا إذا علمنا أن الحرفي قديما كتاب واحد فقط حرصا منه على اإلتقان واإلبداع. كان يستغرق في بعض األصناف من الكتب أي اما عديدة لتجليد أم ا عن نوعية الجلد الذي يستخدمه هؤالء األشخاص فهو من النوع المصن ع ألن ه رخيص الثمن الشيء الذي يسمح لهم بالحصول على أرباح كبيرة وقد يعمدون إلى زخرفة هذه الكتب فيستعملون أيضا طريقة سهلة سبقت اإلشارة إليها وغير مكلفة وهي طريقة الطبع بالطالء ولكن هنا من يستخدم طريقة الزخرفة بالتذهيب مستعمال في ذلك األو ارق الذهبية ويتم ذلك بضغطها أو باستخدام أداة محم اة. بو سليم صالح الصناعة التقليدية بمنطقة تيديكلت صناعة الفخار والجلود نموذجا مرجع سابق ص 72. 07

الفصل الثاني الصناعات التقليدية الشباب ص- 2 وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن هذه الصناعة هي في طريق االندثار بالمدينة وأنصح بتعلم هذه الحرفة للمحافظ عليها ألن ه بدون أن تنقل فإن ها لن تصل لألجيال القادمة. ناعة سروج الخيل: كانت األحصنة العربية في الماضي ت جهز بأفضل األدوات وأجمل المعدات في المناسبات الرسمية وغير الرسمية واألعياد الوطنية وحفالت الزواج حيث تظهر الخيل في أبهى حل ة وهي تؤدي العروض الجميلة ويمتطي الرجال ظهورها وهم يرتدون مالبس الفروسية. ومن المعد ات األساسية التي ت جه ز بها األحصنة السروج فهي صناعة اشتهرت بها مدينة تلمسان منذ زمن بعيد فكان الن اس يأتون من المدن المجاورة او البعيدة القتنائها. وت صنع هذه السروج يدويا من قبل حرفيين مهر ة ثم ت طرز بالخيوط الذهبية والفضية التي تزيدها جماال ورونقا فتكون موضعا للتباهي عند الفرسان وحت ى عند الفرسان وحت ى عند الحرفيين السر اجين أنفسهم. وتجدر اإلشارة على ان الس روج ثالثة أنواع: السرج الكبير والسرج المتوسط والسرج الصغير مع اإلشارة إلى أن الس رج المستعمل في تلمسان هو من النوع المتوسط. وأن تركيب سرج الفرس معق د ألن ه يتكون من هيكل خشبي )القربوس( ويسم يها الس ر اجون ثم ثم يغط يه غطاء جلدي تليه زربية جلدية أو قماشية )العظمة( مغط ى بجلد مجف ف غطاء ثالث إلى جانب اللجام والل بان والوضين المنسوج من الصوف والمكسو بجلد الظان فضال عن لوازم الفارس من جزمة ونطاف ومظل وج ارب وجعبة...الخ. محمد تروزين ص 14. صناعة المضفرات والمنسوجات الحلفاوية بالمنطقة السهبية من دائرة سيدو بوالية تلمسان مرجع سابق 00

الفصل الثاني الصناعات التقليدية ولكن بمرور الزمن تناقص استعمال األحصنة ولم تعد لها نفس األهمية التي كانت تحظى بها قديما ولهذا السبب تناقص عدد الحرفيين التقليديين القائمين على صناعة السر وج إذ أن المدينة ت عد س ارجا واحد ا ورث الحرفة عن أبيه وهو صاري فتحي. المطلب الثاني: عوامل ازدهار الصناعة الجلدية عرفت الصناعة الجلدية في تلمسان فترة طويلة من الرقي واالزدهار لتضافر عد ة عوامل كانت سببا في انتشار منتوجاتها على اختالف أنواعها. وقد سبق أن بي نت ذلك من خالل الم ارحل التاريخية التي مر ت بها الصناعات التقليدية في هذه المدينة. اشتهرت تلمسان بالصناعة الجلدية كماد ة او لية أو منتوج نهائي فجلودها على اختالف أنواعها كانت معروفة في إفريقيا وفي بلدان أخرى بسبب القوافل التي كانت تأتي إلى المدينة محم لة بالبضائع فيبيع أصحابها بضاعتهم في أسواق المدينة ويشترون سلع أخرى الجلود من بينها لتسويقها في مدن وبلدان أخرى وهذا ما ي برز أن تلمسان كانت تتمتع باكتفاء ذاتي في كثير من المنتوجات. ومن العوامل ذات األهمية الكبيرة التي أد ت إلى ازدهار الصناعة التقليدية بتلمسان وخاصة الصناعة الجلدية: -1 موقعها الجغرافي المتميز: جهة أخرى جعل منها أد ى الذي بين الشرق في عهود سابقة والغرب من جهة وبين الشمال والجنوب من مركز ا تجاري ا هام ا في إفريقيا األمر الذي إلى تطو ر المبادالت التجارية ومن ثم ازدهرت الصناعات التقليدية. وقد بقيت على تلك الحال لحقب طويلة إلى فترة االستعمار األجنبي في كامل البلدان اإلفريقية والذي كان أو ارغي أحمد االستهالك الثقافي في مدينة تلمسان رسالة ماجستير قسم الثقافة الشعبية 2111 ص 141 141. 04

الفصل الثاني الصناعات التقليدية -2-3 -4-5 يحاول طمس المعالم الحرفية األصيلة ألن ه كان يؤمن بأن ها إحدى الد عائم الرئيسية الستم ارر الثقافة والحفاظ عليها. نمط المعيشة: كان المجتمع التلمساني كباقي المجتمعات األخرى في إفريقيا يعيش حياة بسيطة كانت تستدعي استعمال أدوات ولو ازم تقليدية وت لزم الفرد في بعض األحيان على صنع ما يحتاجه بنفسه فالطبيعة كانت توف ر له كل ما يحتاجه من مواد لتلبية رغباته. الحفاظ على الت ارث: وهو ما أسم يه بالجانب الروحي فالحرفي األصيل كان دائما متعلقا بحرفته وبعمله فهو يؤمن بالرسالة ''التي يجب عليه تبليغها لألجيال وتأدية دوره في المجتمع وصياغة مستقبل يرتبط بالماضي ويحكم العقل لضمان رهانات المستقبل التي ال تنسلخ عن جذور الثقافة ورواسب الحضا ارت المندثرة'' وعلى ذلك يعد اإلنتاج الحرفي حلقة أساسية في ربط الماضي بالمستقبل مرور ا بالحاضر في بناء القيم والمعايير الحضارية. وعلى هذا فإن ازدهار الصناعات التقليدية والجلدية على الخصوص إن ما يرجع أساسا إلى تمس ك الحرفي بحرفته لحقب طويلة على الرغم من كل ما عاناه من مشاكل وعقبات ثم إليمانه بالص لة الروحية التي تربطه مع الثقافة تلك الصلة البعيدة عن المصالح المادية المتمث لة في تحقيق الربح والث ارء. د ور الد باغة: يرجع ازدهار الصناعة الجلدية في تلمسان أيضا إلى انتشار دور الدباغة التقليدية بالمدينة إذ أن ه كان يتواجد بالمدينة أربعة مدابغ حيث كانت تنتج كميات كبيرة من الجلود وتم ون بها كل الحرفيين من بلغاجيين وسر اجين فتوفر مادة الجلد بكثرة من شأنه تشجيع الصناعة نفسها. السياحة: السنوات الماضية ومن العوامل األخرى التي كانت طرفا في ازدهار الصناعة الجلدية في هو انتعاش السياحة. ولعل ما تزخر به تلمسان من آثار وأماكن تاريخية وسياحية كان سببا في توافد السي اح على المدينة بأعداد كبيرة ومن مختلف البلدان كفرنسا وألمانيا وايطاليا وغيرها ومن ثم شهدت الصناعات التقليدية والجلدية على وجه الخصوص تطو ار ملحوظا بشهادة أصحابها. 04

الفصل الثاني الصناعات التقليدية المطلب الثالث: آفاق الصناعات الجلدية إذا أردنا أن نحصر األسباب التي أد ت بالصناعة الجلدية في تلمسان إلى الركود فالبد أن نقرنها بمجموع الصناعات التقليدية ألن ه تمر في أي امنا بأزمة حاد ة نتيجة ت اركم عد ة عوامل لسنين طويلة وقد أجبرت هذه األزمة العديد من الحرفيين على غلق محالتهم بسبب قل ة الطلب وعدم رواج منتوجاتهم في السوق كما تسب بت في هجرة بعض الحرفيين سنة إلى ممارسة أعمال أخرى تضمن لهم االستق ارر وخاصة دخال دائما ومستم ار. وخاصة المتمر سين منهم والجدول الموالي يبين ذلك من خالل عملية تشطيب الحرفيين من مركز السجل التجاري من 1992 النشاط إلى :2111 السنة الصناعات التقليدية 2111 1999 1997 1992 المجموع 817 74 332 122 125 ومن خالل هذا الجدول نالحظ بأن الرقم اإلجمالي للتشطيبات مرتفع جد ا وهذا ما يدعو إلى الحيرة والقلق والى التساؤل عن مستقبل الصناعة التقليدية بتلمسان. ام ا ركود الصناعة الجلدية على وجه الخصوص فهو ارجع أساسا إلى جملة من األسباب من أهم ها: -1 الجانب التكنولوجي: لقد أحدث التقد م التكنولوجي الذي حملته الثورة الصناعية تغيير ا كبير ا في جميع مجاالت الحياة وخاصة الجانب الصناعي. إن ظهور المواد المصن عة كاأللمنيوم والبالستيك وغيرها من المواد التعويضية )Substituts( ووسائل اإلنتاج المتطورة من آالت وأدوات ميكانيكية وطرق علمية حديثة في تسويق المنتوج وشهرته أثرت بالضرورة على عد ة نشاطات من الصناعة التقليدية التي أصبحت تصطدم بواقع الصناعات الحديثة التي يغلب عليها لون المعاصرة وتأثير الغزو الثقافي ومالمح التقليد لمجتمعات وثقافات غربية دخيلة. Monographie de la Wilaya TLEMCEN : wilaya de Tlemcen ; Direction de la Planification et de l Aménaement du Territoire ; juin 2001, P59. 03

الفصل الثاني الصناعات التقليدية -2-3 الجانب االقتصادي: ظل ت الصناعة الجلدية لمد ة طويلة شأنها في ذلك شأن باقي الحرف األخرى نشاطا تقليديا يطغى عليه الطابع الفني الثقافي الشيء الذي أد ى إلى إغفال دورها في المجال االقتصادي فلو أعطيت لها العناية الكافية لكانت إحدى الصناعات التي ي عتمد عليها لجلب األموال والعمالت. ولعل هذا من األخطاء التي وقع فيها المسؤولون والساهرون عليها لفترة طويلة من الزمن أفقدها مركزيتها وأهميتها االقتصادية. وبالمقابل فإن هذه الصناعة تشهد تطو ر ا كبي ار في عدد من البلدان العربية كالمغرب وتونس وعم ان والبحرين وغيرها. الجانب الوظيفي: إ ن قلة االهتمام والعناية بهذه الصناعة لسنين طويلة أد ى حتما إلى تخل ي الحرفيين عن ممارستها ومن ثم إلى تناقص عددهم في السوق المحلي ة حيث أصبحت ديمومة ممارسة إحدى الصناعات التقليدية والصناعة الجلدية على وجه الخصوص من األمور الصعبة تحقيقها. ولم ي الحظ هذا النقص إال في السنوات األخيرة فالجهات الوصية قد فطنت لذلك وهي تحاول تدارك هذا العجز بكل ما لديها من إمكانيات ووسائل. والملفت لالنتباه ان هذا القطاع ي عد عددا قليال من المناصب الدائمة مقارنة بميادين أخرى إذ أن الكثير من الحرفيين مرغمون على م ازولة اعمال أخرى ال عالقة لها بعالم الحرف حت ى يتمكن وا من تلبية حاجاتهم العائلية اليومية كما أن الدخل المتوس ط لهؤالء الحرفيين يتموقع في أسفل سل م المداخيل وقد تأكدت من ذلك التي قمت بها لبعض الحرفيين. كما أن عزوف الشباب عن من خالل الزيا ارت الميدانية ممارسة إحدى الصناعات التقليدية ومن جملتها الصناعة الجلدية ي عد من األسباب التي كانت من و ارء ركود وتقهقر هذه األخيرة فشباب اليوم ي درك بأن تعل مها يتطل ب وقتا طويال وأن فرصة الحصول على منصب عمل دائم في هذا المجال من األمور المستحيلة فه م إذن ي عمدون إلى ممارسة نشاطات حرة )كبيع السجائر في الطرقات مثال( ال تمت بأي ة صلة للموروث الثقافي والحضاري والتاريخي لمدينة تلمسان إن ها أعمال تضمن لهم في كثير من األحيان أرباحا سريعة ولكن ها تبقى تجارة مؤقتة. أريي في 03

الفصل الثاني الصناعات التقليدية -4 الجانب المعرفي: لقد بقيت هذه الصناعة حكر ا لسنوات عديدة على فئة معي نة من المجتمع وهي فئة الشيوخ نساء أو رجاال فذهابهم أحدث اختالال كبير ا في الوسط الحرفي حيث يقر معظم الحرفيون بأن اختفاؤهم كان سببا في ضياع نسبة عالية من تقنيات الصنع القديمة األمر الذي أد ى ومن ثم قل ة الطلب عليه. بمرور الوقت -5 إلى تدن ي نوعية المنتوج من حيث جودته وفي مقابل ذلك نجد بأن استم اررية النزعة المحافظة على أس ارر تقنيات الصنع في أوساط بعض الحرفيين هي من دون أي شك إحدى العوامل التي عملت على ركود الصناعة الجلدية في تلمسان إذ أن القليل منهم من يريد نقل هذه التقنيات إلى غيره وكأن هم يريدون ذلك ضمان بقائهم في السوق من جهة وحت ى ال ينافسهم أحد في الصنعة من جهة أخرى. المنافسة الحادة: أصبح لهذه الظاهرة في الوقت ال ارهن وزن كبير في عالم المبادالت التجارية وقد عانت الصناعة الجلدية منها بسبب اخت ارق المنتوجات الجنبية -6 بكل ما تحمله من صفات العصرنة األسواق المحل ية وحت ى الوطنية بكميات كبيرة وأثمان رخيصة يتقبلها كل الن اس. وهكذا أصبح المنتوج المحل ي في موقع ضعف لعدم وجود د ارسات ميدانية تبحث في مختلف التغي ارت التي ط أرت على المجتمع التلمساني وخاصة في المجال الثقافي فال يخفى على أحد أن ''رواج صناعة دون أخرى يعود أساسا إلى التكوين الثقافي للمجتمع ودور المعايير الثقافية في تركيزه وتدعيمه من خالل اقتنائه وترويجه أو استهالكه أو مقاطعته والنفور منه تعبير ا عن عدم مسايرته للمعايير السارية''. فالضعف هو ال يمكنه منافسة هذه المنتوجات المصنوعة من مواد مصن عة تقل من تكلفة السلع وأسعارها وهذا سبب آخر لتدهور الصناعة الجلدية بمدينة تلمسان. اإلعالم واإلشهار: انعدام قنوات اإلعالم واإلشهار المحلية المكتوبة والسمعية والمرئية التي تروج لمختلف المنتوجات الجلدية ألن هذه الوسائل كما هو معلوم لها دور كبير في تغيير انطباعات وميوالت المستهلك إذ أن ها تؤثر بمرور الوقت على سلوكياته الش ارئية وتعمل على توسيع السوق وتشج ع المبيعات وت حف ز الن اس على الش ارء. أو ارغي أحمد االستهالك الثقافي في مدينة تلمسان مرجع سابق ص 142. 03

الفصل الثاني الصناعات التقليدية وقد تأثرت الصناعة الجلدية من هذا النقص الواضح في الوسائل اإلعالمية واإلشهارية المتخصصة فغيابها أث ر سلبا على رواج منتوجاتها مم ا أد ى إلى ت ارجعها يوما بعد يوم إلى أن وصلت إلى ما هي عليه من خمول وركود. 8- مشاكل ما بعد التكوين المهني: إن أغلبية الشباب وان لم نقل كل هم الذي سبق له وأن تابع تكوينا مهنيا في الصناعة الجلدية على مستوى م اركز التكوين المهني قد واجهته مشاكل وصعوبات عديدة حالت بينهم وبين تحقيق هدفهم المتمثل بالد رجة األولى في فتح ورشة لحسابهم. ولهذا فهم في أم س الحاجة إلى العناية والمتابعة الميدانية والم ارقبة المستمرة وما ينجر عنها من رعاية وتنشيط وتشجيع وتوجيه بعيد ا عن تلك النظرة ال ارسخة في أذهان بعض األشخاص الذين يرون هذه الفئة من الحرفيين الجدد على أن ها فئة ثانوية في المجتمع بسبب فشلها في حياتها الد ارسية. 7- إنشاء التعاونيات الحرفية: يعترف العديد من الحرفيون المتخرجون من م اركز التكوين من نقص إمكانياتهم المالية التي تسمح لهم بإنشاء مشروع حرفي ألن معظمهم وان لم نقل كل هم من الطبقة الفقيرة. ولهذا فالكثير منهم فك ر في إنشاء تعاونية حرفية في إطار برنامج تشغيل الشباب الذي يسمح بتقديم قروض )القرض المصغر مثال( ألصحاب المشاريع ولكن األمر لم يتم بالسهولة التي يرغبون فيها فالمشكل الذي واجههم هم أن هذا الجهاز ال يمو ل المادة األولية )الجلود( وال تدخل ضمن مستلزمات المشروع. ولع ل هذا من األسباب التي أعجزت شبابنا وأد ت به إلى النفور من االستثمار في مجال الصناعة الجلدية أو غيرها من الصناعات التقليدية. 9- عدم التفكير في إحداق معامل و ورشات على مستوى أكبر: إلى جانب تحديث وعصرنة المنتوج الجلدي المحل ي حت ى ي نافس السلع األجنبية التي غزت أسواقنا ولما ال وضع عالمة تجارية ج ازئرية مثل ما هو معمول به في كثير من البلدان األجنبية مثل هارمس Herms وبيار كار دين Pierre Cardin وحت ى في بلدان عربية. كل هذه األسباب مجتمعة تعاني منها الصناعات التقليدية والصناعة الجلدية على وجه الخصوص فهي تعرقل إلى حد كبير السير الحسن لهذا القطاع وان لم تجد الحلول السريعة والتدابير الضرورية فإن الكثير منها سوف يصبه الشلل ومن ثم االندثار. 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية المبحث الثاني: النهوض بالصناعات الجلدية مدخل: لقد احتضنت مدينة تلمسان شطر ا معتبر ا من الحضارة اإلنسانية منذ ميالدها في العصور القديمة ومن كثرة ما تعاقبت الم ارحل الحضارية المختلفة على إقليم الوالية باإلضافة إلى اآلثار والمعالم العديدة الباقية هنا وهناك في ربوعها فإن المجتمع التلمساني الحالي رغم خضوعه لسنة التغي ر وم جا ارته لمتطلبات العصر الحاضر وم عايشته للواقع بواقعيته أكسبته بالو ارثة عن الماضي مها ارت وخب ارت وحرفا بالغة األهمية )من الناحية الت ارثية خصوصا( في شت ى المجاالت. وال ي ازل بعضها موجود ا ومحفوظا بتلقائية في نطاق الحياة االجتماعية واالقتصادية القائمة فيما آل البعض اآلخر إلى االضمحالل والزوال بفعل عوامل عديدة ذكرنا منها المبحث السابق. وبهدف المحافظة على الحي من هذه الحرف أو باألحرى النهوض بها وترقيتها وهذا ما أتوخ اهن ومحاولة بعث وتحريك ما تالشى منها إذا أمكن ذلك سأورد الحقا بعض االقت ارحات التي أ ارها ضرورية إلخ ارج الصناعات التقليدية من دوامة الف ارغ الذي تعيشه. المطلب األول: عصرنة المنتوج الجلدي مم ا الشك فيه أن التطور العلمي والتكنولوجي أحدثا تغيي ار في مختلف ميادين اإلنتاج فالتقدم الذي عرفته الصناعات الكيميائية منذ ظهور بذور الثورة الصناعية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر كان له أثره اإليجابي على الصناعات التحويلية الشيء الذي أد ى إلى إنتاج عدد هائل من المنتوجات االصطناعية والتركيبية كاأللمنيوم والبالستيك وأنواع الورق والجلود المصن عة التي تشبه في كثير من األحيان الجلود الطبيعية. وبمرور السنوات غزت هذه السلع األسواق وأصبحت تستعمل إلنتاج كل كبيرة وصغيرة يحتاجها أف ارد المجتمع فحل ت محل المنتوج الطبيعي الجي د الصن ع وان لم نالحظ ذلك الفارق في بعض األحيان. وقد استغل غيرنا هذه المنتوجات االصطناعية على نطاق واسع وفي ميادين شت ى من بينها الدباغة وصناعة الجلود. ولقد تمكن وا من تطويع هذه المادة فخلقوا منها فروعا إنتاجية قائمة بذاتها وكل فرع منها مستقل عن اآلخر بحيث يختص بإنتاج سلعة معينة. وقد توص لت إلى حصر هذه الفروع في خمسة عشر فرعا: 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية Chaussures Vêtements en cuir Le sac pour dames Articles de poche, le portefeuille Articles de voyage L attaché case, la serviette Les articles scolaires Articles de bureau (sous main) Sellerie, harnachement Sacs de sport Articles pour chiens et chats Articles de pêche et chasse Articles de gainerie Etuis et couvertures Ceintures األحذية النسائية والرجالية األلبسة الجلدية حقائب النساء منتوجات للجيب )محافظ( منتوجات خاصة بالسفر المحافظ اللوازم المدرسية لوازم مكتبية السروج وركائبها اللوازم الرياضية لوازم الحيوانات )كالب وقطط( لوازم الصيد التنجيد أغمدة وغالفات أحزمة والملفت لالنتباه أن بعض الحرفيين في تلمسان استهواهم االقتباس والمحاكاة والتقليد لبعض من هذه الفروع إال أن ه عددهم ال يتعد ى أصابع اليد. فهم يعملون في منازلهم أو في ورشات خاصة يصعب على من ال يعرف المدينة إيجادها. وهنا معمل واحد بالمدينة متواجد بالمنطقة الصناعية E.D.L.E.D( سابقا( تحو ل مؤخ ار إلى إنتاج بعض المصنوعات الجلدية وخاصة المحافظ النسائية ألن ه من المعلوم أن هذا المنتوج كثير االستعمال من طرف هذه الشريحة. 1- صناعة األحذية: إن ارتفاع المستوى الحياتي وتغي ر النمط المعيشي الذي شهده أف ارده المجتمع التلمساني نتيجة تأثرهم بالثقافة الغربية كان له أثره البارز على عاداتهم الش ارئية وسلوكهم في اقتناء حاجياتهم اليومية من مالبس وأحذية وغير ذلك. 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية -2 لقد اكتسبت األحذية في أي امنا سلعا أهمية كبيرة لم تكن تحظى بها في القديم حيث أصبح التفن ن في صناعتها أمر ا حتميا ما دام المستهلك في بحث دائم عن الجديد. وهكذا أصبحت األحذية منتوجا يغلب عليه طابع ''الموضة'' حيث تعد دت األنواع واألصناف وأصبح لكل صنف استعمال محد د. ومن هنا نالحظ فارقا كبير ا في الذوق يفصل بين المستهلك والمنتج هذا األخير الذي أصبح ي فض ل تخطي الطلب بإنتاج الكميات الكبيرة واألصناف المتن وعة ع وض أن ي نتج حسب الطلبيات واذا ما تجو لنا في أسواق المدينة فإن نا نعثر على أنواع مختلفة من األحذية سواء الرجالية أم النسائية وهي في تجد د وتغي ر دائمين تبعا لألذواق وتماشيا مع الفصول األربعة. ولكن يجب أال تنحصر األمور في عملية اإلنتاج فقط فالتسويق يلعب دور ا هام ا في أي صناعة من الصناعات فمن األجدر أن يواكب هذه العملية بحث دائم عن قنوات البيع وتسويق المنتوج والتي بدونها ال يمكن االستم ارر في اإلنتاج فعلى سبيل المثال يعرف تسويق الحذاء الرجالي في تلمسان في السنوات األخيرة نوعا من الركود مقارنة بالحذاء النسائي وهذا ما يلزمهم على بيعا في مدن بعيدة. المحافظ: تنقسم إلى عد ة أنواع فمنها المحافظ الخاصة بالجيب التي تدخل ضمن الصناعة الجلدية الصغيرة maroquinerie( )Petite والمحافظ النسائية ومحافظ السفر باإلضافة إلى أصناف أخرى لها استعماالت متعد دة كالمحافظ اإلدارية والمدرسية والرياضية وغيرها. وهذا أري كل الحرفيين الذي التقيت بهم على اختالف اختصاصاتهم. 47

الفصل الثاني الصناعات التقليدية والى جانب هذه األنواع من المحافظ هناك نوع آخر البد من إعطائه األهمية التي يستحقها في السوق فهو يتص ل أساس ا بصناعة محافظ السفر. 3- المالبس الجلدية: شهدت هذه الصناعة تطو ار كبير ا في السنوات األخيرة في عد ة بلدان أجنبية بسبب التقد م التكنولوجي الذي أحرزته ومك نها من إنتاج من البلدان إحدى األسس التي يرتكز عليها اقتصادها فهي في تطو ر دائم حيث تتماشى والتقد م المعيشي للمجتمع. 40

الفصل الثاني الصناعات التقليدية والملفت لالنتباه أن هذه الصناعة لم ي عطى لها حق ها في الج ازئر وتلمسان خاصة إذ أن ني لم أعثر على معمل واحد بالمدينة يختص بصناعة المالبس الجلدية وهذا أمر مؤسف للغاية. فلماذا ال تفك ر الجهات الوصي ة الرسمية بإنشاء ولو معمال واحد ا إلنتاج بعض أصناف المالبس وال أقول كل ها فتدع م بذلك االقتصاد المحلي ولما االقتصاد الوطني ومن ثم تكون تساهم في خلق مناصب شغل دائمة وتؤدي بالضرورة إلى امتصاص ولو نسبة قليلة من الشباب البط ال. ومن بين المنتوجات األخرى التي تدخل ضمن الصناعات الجلدية والتي ال تقل أهمية عن سابقاتها: القفا ازت فهي لوحدها بإمكانها أن تشك ل فرعا من فروع الصناعة الجلدية. ولألسف الشديد فإن أسواقنا إن ما تكثر بها السلع الجلدية المستوردة بكميات كبيرة وكأن ها ت نتج ببالدنا. وباإلضافة إلى هذه المصنوعات هناك األحزمة الجلدية التي أصبح لها بظهور عصر الموضة مكانة كبيرة ضمن مجموع الملبوسات فهي ت هيكل اللباس على جسم حامله. 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية وتجدر اإلشارة إلى أن ني لم أعثر بالمدينة على أي حرفي م ختص في صناعة األحزمة الجلدية وان و ج د فهو يعمل بعيد ا عن أعين الن اس دون أي ة وثيقة إدارية ترخص له ممارسة هذه الحرفة فيكون ذلك إم ا في منزله أو بمحل متواجد في أزقة يصعب العثور عليه فيها. هذه بعض المصنوعات الجلدية الحديثة وان كانت في األصل قديمة ألن اإلنسان القديم بدون شك قد استعملها ولكن ها كانت بسيطة لعدم تحكم ه في تقنيات الصنع وفي نقص األدوات. واذا استعمالها لم يتغي ر فإن شكلها وحجمها وألوانها قد تغي رت بفعل التحض ر والموضة ففي الوقت الحاضر نشاهد تقد ما كبير ا في المواد وتعد دا واسعا في وسائل اإلنتاج الشيء الذي ساعد على تطوير اإلنتاج وتحسين المنتوج. ولألسف الشديد عرفت كثير من البلدان كيف تستغل هذه المواد والوسائل بحيث وظ فتها في كل الصناعات ومن بينها الصناعة الجلدية فاستطاعت أن تصنع أشياء قديمة بتقنيات حديثة لها مكانة مرموقة في العالم كل ه وأقصد بذلك تلك المنتوجات الجلدية التي ت باع بأثمان باهضة تحت أسماء عالمية مشهورة يعرفها العامة والخاصة مثل: Babybofte, Kickers Labelle, Adidas, SAC, Ted Lapidus, Rieeker, Geg- France, Sylvain-Lefèvre, été. 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية المطلب الثاني: استغالل قطاع الصناعات الجلدية لقد أحدثت الدولة فرصا كثيرة في كل المدن الج ازئرية وفي تلمسان على وجه الخصوص بغرض النهوض بقطاع الحرف والصناعات التقليدية من خالل إصدارها للقوانين والنصوص التشريعية التي تضبطه وتسي ره وخاصة في الفترة الممتدة من 1992 إلى 1992 ومن بين األمور التي أقر تها هذه القوانين: اإلعفاءات والتخفيضات الجبائية. إمكانية الحصول على دعم مالي لش ارء العتاد إذا كان النشاط يخص صناعة تقليدية فني ة. الدعم والمتابعة من طرف غرف الصناعة التقليدية والحرف عند إنشاء مؤسسة مصغ رة أو تعاونية حرفية. تسهيل اإلج ارءات الجمركية وتخفيض الرسوم عند تصدير المنتوجات التقليدية. المشاركة في المعارض الوطنية والدولية لعرض وبيع المنتوج التقليدي. - - - - - وعلى الرغم من هذا كل ه تبقى في أريي هذه اإلج ارءات ح بر ا على ورق وبدون أي ة فاعلية ما دام النشاط الحرفي مسي ر من طرف أشخاص ال عالقة لهم بالصناعة التقليدية. والواقع يبرز ذلك إذ أن الكثير من هذه الحرف ومن بينها الصناعة الجلدية هو في طريق االندثار أو قد اندثر. وتجدر اإلشارة أيضا إلى أن الخطاب الذي استقيته من الجهات الرسمية الساهرة على الصناعة التقليدية في تلمسان يدل على ان القطاع بخير وال يعاني من أي ة مشاكل ولكن في المقابل هناك خطاب جمهور الحرفيين الذين يشتكون يوميا من قل ة االهتمام والعناية وخاصة من عدم استق اررهم المهني. فأين يكمن الخلل إذن وعلى أي ة حال فإن ني أقترح بعض التدابير التي أ ارها ضرورية للنهوض بقطاع الصناعة الجلدية في تلمسان ولما ال استرجاع مكانتها وقيمتها اإلنتاجية ومن بين هذه اإلج ارءات أورد أهم ها: 43

الفصل الثاني الصناعات التقليدية 1- التكوين: من المعلوم أن الصناعات التقليدية كانت في القديم تنتقل من شخص إلى شخص آخر عن طريق التلقين المباشر داخل الورش والدكاكين او بالممارسة تحت رعاية صاحب الصنعة ''المع لم'' الذي كانت له مكانة معتبرة في المجتمع ويكن له الن اس كل االحت ارم والتقدير. ولكن بمرور الوقت ونتيجة للتحو الت والتغي ارت االجتماعية واالقتصادية وخاصة الثقافية التي ط أرت على المجتمع التلمساني بدأ عدد الحرفيين يتناقص فمنهم من انتقل إلى رحمة اهلل تعالى ومنهم من أصبح في سن ال تسمح له بممارسة أي عمل ومنهم من تخل ى عن حرفته طواعية ألسباب عديدة ومتنوعة. وهكذا أصبح العمل اليدوي والحرفي يفقد قيمته شيئ ا فشيئ ا إلى أن أصبح محور حديث العامة والخاصة من حرفيين واداريين وغيرهم. وفي محاولة للحفاظ على هذا اإلرث الحضاري الذي تركه لنا آباؤنا وأجدادنا كان ل ازما على الجهات الوصية أن نجد حال للنهوض بالصناعة التقليدية بعد أن أحس ت بأ ن خطر االندثار والزوال يحوم بها فقامت بإد ارج العديد من النشاطات الحرفية ضمن ب ارمج م اركز ومعاهد التكوين المهني من خالل إعطاء دو ارت تكوينية تختلف مدتها من نشاط إلى آخر على أن يتخر ج التلميذ بشهادة في آخر التكوين تسمح له بالولوج في الحياة العلمية. ولكن ما أ اره منافيا للمنطق هو أن هذه الم اركز تستقطب في جميع األحوال تالميذ ف ش لوا في مشوارهم الد ارسي حيث عند دخولهم إلى المركز ال يكون لهم استعدادات فنية وال ميوالت اتجاه حرفة من الحرف فعادة ما يكون االختيار عن طريف الصدفة ودون أي اقتناع أو باإلك اره من طرف أوليائهم. ولهذا نجد التلميذ يخوض في عالم ال يعرف عنه أي شيء ويبقى نجاحه أم ار نسبي ا. وعلى هذا األساس يجب أن يكون االهتمام بالحرف التقليدية في طور متقد م من الحياة الد ارسية للتلميذ ويكون ذلك ممكنا إذا ما أحدث المعنيون باألمر في بالدنا تعدي ال على المنظومة التربوية من خالل إدماج النشاطات الحرفية ضمن ب ارمج التربية الفنية في المدارس االبتدائية واإلكماليات والثانويات كما هو معمول به في كثير من البلدان 43

الفصل الثاني الصناعات التقليدية -2 واعطائها األهمية نفسها التي تحظى بها المواد األخرى وحت ى ال ت همش من طرف التالميذ ويظن ونها مواد للترفيه والتسلية. فمن المعلوم أن التربية الفنية ''تساعد على تنمية قدرات الطلبة وقابليتهم الفنية وترقية مهاراتهم اليدوية وتجعل نمو هم الفني ومهاراتهم اليدوية تنمو نمو ا متوازن ا في جميع نواحي الفنون التشكيلية والتطبيقية''. ففي حالة إخفاق التلميذ في حياته الد ارسية يكون قد اكتسب خبرة في إحدى النشاطات الحرفية تمكن ه من مواصلة مشواره التعليمي داخل م اركز التكوين المهني دون أي عناء في اختيار تخص صه ألن ه يكون مهي أ لذلك يضمن التسويق: للحرف التقليدية البقاء والدوام. ومن هنا نخلق جيال جديد ا من الحرفيين من األمور التي يعاني منها الحرفيون على اختالف صنائعهم مشكلة تسويق منتوجهم التقليدي الذي ال يتعدى تسويقه أصبح الطلب على المصنوعات التقليدية وفي جميع األحوال في السنوات األخيرة السوق المحلي ة. وبالفعل لقد يعرف تقهقر ا ملحوظ ا حيث تناقص كل ية وبصورة كبيرة ولعل السبب في ذلك يرجع أساسا إلى التغي ر الذ ي ط أر على السلوكات االستهالكية ألف ارد المجتمع والتي تعود الحاصل في نمط معيشتهم بفعل على التغي ر هي األخرى ''الغزو الثقافي وذلك ما جعل الن اس يتعد ون تدريجيا )2( على األصول ال ارسخة في الثقافة ويتنافسون على التقليد األعمى للثقافة الغربية''. ويعرف حرفي و الصناعة الجلدية في تلمسان في الوقت الحاضر مشكل تسويق منتوجهم التقليدي وهو المشكل األكثر انتشار ا في أوساط هذه الفئة من المجتمع. فلقد أصبح هذا العائق على حد تعبير أحدهم منغرسا في حياتهم المهنية ويتعايشون معه إذ ال خيار لهم إال االستم ارر في عملهم ما دام أن هم لم يجدوا البديل. وعلى الرغم من ذلك لقد أوجد الحرفيون حال مؤقتا لهذا المشكل وذلك بات باع طريقة اإلنتاج حسب نظام الطلبيات )Commandes( األمر الذي يجعلهم في غن ى عن إنتاج محمد حسين جودي الرسم واألشغال اليدوية دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة عم ان ط 2 1419 ه / 1999 م ص 115. )2( أو ارغي أحمد االستهالك الثقافي في مدينة تلمسان مرجع سابق ص 155. 43

الفصل الثاني الصناعات التقليدية كميات كبيرة من السلع ألن ذلك يقتضي تخزينها وتكديسها وهذا ما ال يقدر عليه الحرفي البسيط باعتبار إمكانياته المادية ال تسمح بذلك. كما أن الصعوبة التي وجدها الحرفيون في تسويق منتوجه قد أجبرت العديد منهم على التعامل مع وسطاء تجاريين يمتلكون محال ت بوسط المدينة يبيعون لهم منتوجاتهم بأثمان رخيصة على الرغم من جودتها ودق ة إتقانها ولكن الحرفي ارض على هذا التعامل ما دام أن ه وجد طريقة للتخل ص من إنتاجه. ولقد عمد بعض الحرفيين إلى التعاقد مع مسؤولي غرفة الحرف والصناعات التقليدية اقتناعا منهم بأن ها يمكن لها مساعدتهم في تسويق منتوجهم حيث يسمح لهم بوضع سلعهم في قاعة العرض المتواجدة على مستوى المقر من أجل بيعها إال أن ثمنها ي حد ده مسؤولو اإلدارة ألن لها في ذلك قسط من األرباح يكون في بعض األحيان حسب تصريح بعض الحرفيين أكبر مم ا يربحه الحرفي نفسه ولهذا نجد أن البعض اآلخر ال يحب ذ هذه الطريقة. ففي اعتقادي أن ها ال تخدم مصلحة الحرفي وال مستقبل الحرف التقليدية بتلمسان. وبناء على ما تقد م ال يمكن ألي مجهودات أو أنشطة في المجال اإلنتاجي وخاصة في الصناعة الجلدية أن تنجح إال بوجود است ارتيجيات مناسبة وعلى المستوى التسويقي خصوصا ذلك أن التخطيط السليم للتسويق بعناصره المختلفة هو الضمانة األكيدة لدوام هذه الصناعة من جهة وك ارفد اقتصادي من جهة أخرى فالبد من وجود مباد ارت ومشاريع وخطط مدروسة لتطوير المصنوعات الجلدية وعصرنتها لتتماشى ومتطل بات العصر وتسويقها وترويجها في األسواق المحلية والوطنية والعالمية. ومن اإلج ارءات التي أ ارها مناسبة لحل مشكل التسويق والتي يمكن أن تقوم بها الجهات الوصي ة على قطاع الصناعة التقليدية عام ة والصناعة الجلدية على وجه الخصوص: أو ل إج ارء يمكن أن يقوم به الساهرون على تسيير هذا القطاع تجميع الحرفيين في فضاء إنتاجي واحد من خالل تخصيص ورشات صغيرة أو دكاكين تكون من األفضل وسط المدينة أين يكثر ال ارجلون وال ازئرون الشيء الذي يعيد لهم الثقة في النفس والرغبة في االبتكار واإلبداع فتنفتح أمامهم فرص تسويق منتوجهم التقليدي وليس تهميشهم بوضعهم في أماكن بعيدة عن كل الحركة. 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية وما من شك أن االحتكاك المباشر للحرفي بأف ارد المجتمع سيؤدي حتما إلى تغيير نظرتهم إليه وذلك باسترداد قيمته ومكانته التي فقدهما من زمن بعيد. ومن ثم تحسين وضعيته االجتماعية التي لم تتحس ن منذ أن عرفت الصناعات التقليدية ركوض ا في كثير من المجاالت. ولعل من أحسن اإلج ارءات التي يمكن اتخاذها لحل مشكل التسويق: التخصص واالحتراف: وهو أن يتخص ص الحرفي في إنتاج سلعة واحدة أو مجموعة متقاربة من السلع يجد نفسه فيها أكثر تحكما ودق ة ألن ذلك يسمح بانخفاض تكاليف اإلنتاج وارتفاع درجة جودته واتقانه فيسهل على الحرفي تسويق منتوجه وحت ى إن كان بأثمان غالية. وهناك طريقة أخرى أكثر عصرنة عرفت نجاح ا كبير ا في كثير من البلدان المتقدمة كالواليات المت حدة وكندا وحت ى في بلدان عربية كالمغرب األقصى وهي التسويق عن طريق التجارة االلكترونية )internet( ومعلوم أن ذلك ال يتأتى إال بإنشاء مواقع )Sites( شخصية أو جماعية للحرفيين يعرضون فيها مختلف منتوجاتهم حيث تكون تحت تص ر في عدد كبير من المهتمين بالصناعات التقليدية ومن المستهلكين على المستوى الوطن والعالمي خاص ة. ويجب أيضا مساعدة الحرفيين مادي ا عند مشاركتهم في المهرجانات والمعارض الوطنية والدولية ألن الكثير منهم ليست له إمكانيات للتنقل أو إلنتاج كميات كبيرة من السلع ولهذا يجب أن تكون هذه المساعدات في وقت يسمح للحرفي أن يستعد لمثل هذه التظاه ارت الثقافية. وآخر إج ارء أظن ه أمر ا مهم ا في نجاح عملية التسويق وهو أن ي ن ظ م الحرفيون أنفسهم في إطار رسمي يسمح لهم بضبط مشاكلهم وحل ها بكل سهولة ألن العديد منهم ينشط بمنازلهم أو في دروب وأزقة يصعب حتى على ابن المدينة العثور عليهم. ويتأتى ذلك من خالل إنشاء ''جمعية'' ذات أساس متين حيث تكون مشك لة من حرفيين يحظون بسمعة معترف بها وتقدير من طرف الهيئات اإلدارية. وقد تساعد هذه الجمعية على وضع إحصائيات دقيقة تمك ن أصحابها من تقييم قطاع الصناعة التقليدية عام ة والصناعة الجلدية خاصة في أي وقت من األوقات وتمك ن الحرفيين أنفسهم من جمع شتاتهم ولما ال حل جميع مشاكلهم وخاصة مشكل التسويق. 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية -3-4 السياحة: ال ينكر أحد من ا بأن للسياحة دور ا كبير ا في دفع قطاع الصناعة التقليدية إلى األمام فكالهما يعد تكملة لآلخر. ولهذا البد من إيجاد حلول عاجلة للنهوض بالقطاع السياحي في بالدنا وتلمسان على وجه الخصوص ويتأتى ذلك بتوفير اإلمكانيات المادية والبشرية وخاصة السي اح االستق ارر األمني. فكل هذه العوامل من شأنها أن تخلق المناخ المناسب لتوافد على زيارة المدينة ومن ثم يساهمون بصورة غير مباشرة من خالل اقتنائهم لشتى أنواع المنتوجات التقليدية والحديثة في ديمومة الصناعة التقليدية وبقائها. وقد عب ر الميثاق الوطني على هذه الفكرة حيث جاء في إحدى نصوصه: ''لقد أصبح من اآلن بل من الضروري إيجاد صيغ متميزة كفيلة بتطوير السياحة تطوير ا يستجيب أحسن استجابة لالحتياجات المتعد دة والمختلفة المعب ر عنها في هذا المجال. إن توسيع وظائف السياحة بفضل تنشيط سليم التصو ر يشك ل نوعا من أنواع ترقية الثقافة والصناعة التقليدية المحلية والتراث الوطني بشكل عام...''. أم ا فيما يخص التشريعات المسي رة لهذا القطاع فقد تداركت الدولة النقص الذي كانت تعاني منه الصناعة التقليدية وذلك بإصدارها لجملة من الم ارسيم والقوانين من شأنها هيكلة وضبط تسيير هذا القطاع. إنشاء المدابغ: مم ا ال ريب فيه أن ازدهار صناعة الجلود والصناعة الجلدية في وقت من األوقات بتلمسان إن ما يعود بالدرجة األولى إلى وجود عدد كبير من دور الد باغة. ولقد كان لهذه أهمية كبيرة من المدابغ الناحية االجتماعية واالقتصادية للمدينة فهي من جهة كانت تستقطب عدد ا كبير ا من العمال مساعدة بذلك على امتصاص البطالة ومن جهة أخرى كانت تمو ن الحرفيين بالجلود الطبيعية ولعل هذا ما يفس ر العدد الهائل من البلغاجيين والسر اجين الذين كانوا ينشطون بتلمسان. ولكن اختفاء هذه المدابغ أحدث انقالبا على الصناعة الجلدية حيث أصبحت تت ارجع يوما بعد يوم إلى ان وصلت إلى ما هي عليه اليوم من خمول وركود. واذا افترضنا بأن هذه المدابغ هي التي أعطت تلمسان شهرتها في مجال الصناعة الجلدية فلماذا ال يفك ر الميثاق الوطني 11 جانفي 1971 ص 175. 44

الفصل الثاني الصناعات التقليدية المعنيون باألمر في بناء ولو مدبغة واحدة حديثة عوض ان تبقى المدينة دائمة االرتباط بمدينة وه ارن في مجال صناعة الجلود المطلب الثالث: دور الصناعات الجلدية في دفع عجلة التنمية مم ا الش ك فيه أن الصناعة التقليدية والصناعة الجلدية على وجه الخصوص قد شكل ت في الماضي إحدى المصادر الهام ة في االقتصاد المحل ي لتلمسان فقد احتل ت مكانة مرموقة وأهمية بالغة في المبادالت التجارية ألف ارد المجتمع كل ه. ولعل ما ي برز هذه األهمية هو انتشار الحرفيين المستعملين للجلود في عد ة أماكن من المدينة كالس ارجين والبلغاجيين كما أن النمط المعيشي التقليدي الذي كان يطغى على المجتمع التلمساني ساعد على ازدهار هذه الصناعة بحيث كانت تعد أحد الموارد الذي يعتمد عليها الفرد في تلبية حاجياته اليومية. ومن هنا تظهر الوظيفة االجتماعية االقتصادية التي يمكن أن تلعبها الصناعة الجلدية على مستوى هذين المستويين فلو وج هت الوجهة الصحيحة لكانت قادرة على خلق مناصب عمل دائمة ومن ثم امتصاص البطالة التي يعاني منها شباب المدينة كما أن ها قادرة على خلق الثروات وتوفير مداخيل بالعملة الصعبة ولما ال تكون البديل األمثل لقطاع المحروقات في الج ازئر ألن ها قادرة لو استغل ت االستغالل األمثل على أن تساعد بشكل من األشكال في تقوية وتوجيه االقتصاد المحل ي وتطويره. والحقيقة أن ه إذا كان اغلب شبابنا اليوم ال يولي أي اهتمام بالموروث المادي الثقافي للمدينة وخاصة الصناعة التقليدية على اختالف اختصاصاتها فإن السبب يعود بالد رجة األولى إلى فقدان مركزيتها وقيمتها االقتصادية وكذلك تهميشها نتيجة إعطاء األولوية للصناعات الحديثة التي تعتمد على التكنولوجيا ووسائل اإلنتاج المتطو رة وألن المسؤولين لم يتخذوا اإلج ارءات الالزمة إلنعاشها إال في وقت متأخر بعدما أحس وا بخطر زوالها واندثارها. ومن هذا المنطلق البد أن تتساءل الجهات الوصية على قطاع الصناعة التقليدية وخاصة الصناعة الجلدية عن موقعها في جدول المعامالت والمبادالت التجارية والوطنية والعالمية. 47

خاتمة

خاتمة خاتمة مم ا الشك فيه أن استعمال الجلود يعود إلى بداية تاريخ اإلنسانية فقد عرف اإلنسان األو ل كيف يستغل هذه المادة منذ أن أحس بالحاجة الملح ة إلى حماية جسمه من كل المؤث ارت التي تحيط به وخاصة الظروف الطبيعية القاسية التي عاشها ويعيشها أي إنسان كالبرد وغيرهما. و الح ر إن اإلنسان بحكم بدائيته كان يمتهن الصي د لتلبية حاجاته اليومية منها وذلك باستعمال لحومها في غذائه وجلودها وفروتها في حماية نفسه ونظر ا لتطو ر متطل باته كم ا ونوعا نتيجة زيادة عدد أف ارد أسرته اهتدى إلى طريقة أسهل وأكثر تحض ار وهي تربية الحيوانات هذه الطريقة التي أجبرته على عدم االنتقال بل االستق ارر والتمركز فمك نته من تقويم حياته المعيشية وتأمين مسيرته التاريخية. لقد استطاع هذا اإلنسان أن يصنع جلود هذه الحيوانات باستعمال وسائل إنتاج بسيطة عد ة أشياء استخدمها ألغ ارض متنوعة وأكثرها نفعية كاألواني واألدوات المنزلية المختلفة ولعل هذا ما يبرز بأن اإلنسان األو ل كان حرفيا بل كان محت م عليه بأن يكون حرفي ا من أجل إشباع الحاجات الذاتية ألف ارد أسرته. وعلى هذا األساس دخلت الجلود في ع رف الصناعات التقليدية. وبمرور العصور أصبحت تحتل الصناعة الجلدية بكل ما تنتجه من مصنوعات مكانة عالية عند كثير من الشعوب واألمم خاصة من الناحية االقتصادية حيث تعد الجلود في العديد من البلدان التجارية الخارجية. وفي الوقت ال ارهن واحدة من السلع التي تعتمد عليها في صاد ارتها ومبادالتها وتلمسان من هذه الشعوب التي نالت حظ ها من هذه الصناعة فقد عرفت المدينة استعمال هذه المادة في صناعتها التقليدية منذ زمن بعيد وقد بينت ذلك من خالل الم ارحل التاريخية التي مر بها هذا النشاط ابتداء من القرون الوسطى إلى يومنا هذا. لقد مر هذا النشاط كباقي الصناعات األخرى بفترة طويلة من الزمن عرف فيها ازدها ار ور قيا كبيرين جعال من تلمسان ق بلة للقوافل التجارية التي كانت تتوافد على أسواقها القتناء البضائع ومن بينها الجلود التي كانت تنتجها دور الدباغة المنتشرة في حواف المدينة. 56

خاتمة ولكن هذا االنتعاش الذي عرفته الصناعة التقليدية عام ة والصناعة الجلدية على وجه الخصوص بدا يتناقص شيئ ا فشيئ ا وخاصة منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر هذه الفترة التي ظهرت فيها الثورة الصناعية التي حملها معه المستعمر والتي أحدثت عد ة تغيي ارت في المجال االجتماعي والسياسي والثقافي وخاصة االقتصادين دون أن ننسى ما حملته من تطو ر تكنولوجي. وتجدر اإلشارة إلى أن االستعمار منذ دخوله مدينة تلمسان عمد إلى إثبات وجوده من خالل: تغيير التصميم العم ارني للمدينة وذلك بتغيير أماكن بعض األسواق التقليدية وتعويضها بمقاهي وساحات ومتنزهات وغير ذلك ولعل ه كان يهدف من و ارء ذلك تحطيم مقو مات الصناعات التقليدية. محاولة تشتيت المجتمع وتفكيك وحدته لطمس هويته وانتمائه ومن ثم تجريده من كل ما له عالقة بت ارثه الثقافي والحضاري والتاريخي. تحديث وسائل اإلنتاج وخلق طرق وأساليب جديدة في التصنيع كاستعمال اآلالت الميكانيكية والمواد االصطناعية المختلفة كالبالستيك واأللومنيوم والجلود المصن عة. بناء المعامل والمصانع الحديثة التي كانت ت شغ ل الكثير من أبناء المدينة وهذا ما أد ى إلى إبعادهم عن ممارسة إحدى الصناعات التقليدية. - - - - كل هذه العوامل كان لها أثرها البارز في تقهقر الصناعة التقليدية بالمدينة منذ دخول ظهور بوادر الثورة الصناعية على جميع األصعدة. وبمرور السنين ط أر تغي ر كبير على النمط المعيشي لعدد كبير من الحرفيين ومن بينهم حرفي و الصناعة الجلدية األمر الذي جعل الكثير منهم يهجرون صنائعهم إلى ميادين ومهن أخرى ذات دخل سريع ومضمون. ولقد أصبحت هذه الصناعات في أي امنا ضحية للطفرة التنموية التي تمر بها البالد إذ لم يبق منها إال نتف هنا وهناك نتذكرها حينما تأتي مشاركة أصحابها في المهرجانات والمعارض الوطنية أو العالمية أو غيرها. 55

خاتمة وبما أن أهداف البحث تكمن في إيجاد الحلول والسبل الكفيلة للنهوض بالصناعة التقليدية واسترجاع مركزها االجتماعي وقيمتها االقتصادية في المجتمع فقد تمكن ت من حصر بعض اإلجراءات التي أراها مناسبة لدفع حركية هذا القطاع ومن أهم ها: التكوين: ويتأتى ذلك بإد ارج الصناعة التقليدية ضمن ب ارمج المدارس االبتدائية - والمتوسطات والثانويات واعطائها نفس األهمية التي تحظى بها المواد األخرى إلى جانب توفير المكو نين المتخص صين والب ارمج التعليمية المدروسة والوسائل الالزمة وخاصة الكتب. التسويق: - ويكون ذلك بإيجاد طرق حديثة في ترويج المنتوج التقليدي كاستعمال األنترنت مثال فهي طريقة حديثة تستعملها الكثير من البلدان المتقد مة وحتى بلدان عربية كالمغرب األقصى واألردن والسعودية. كما أن تجميع الحرفيين في فضاء إنتاجي موحد داخل المدينة فيكونون على ات صال مباشر بالمستهلك ومن ثم تتحر ك مبيعاتهم. السياحة: - أظن بأن ه لو كانت السياحة بخير ببالدنا لما وصلت إليه الصناعة التقليدية إلى ماهي عليه اليوم فمن المعلوم بأن السياحة تكملة لقطاع الصناعة التقليدية واال كيف نفس ر ازدهارها في بلدان مجاورة للج ازئر. فال يخفى على أحد من ا أن السياحة في المغرب وتونس مثال تجذب سنويا الماليين من السي اح وخاصة األجانب المولعون بالمصنوعات التقليدية والتحف الفنية التي تنتجها أيادي الحرفيين فهم يساهمون بشكل مباشر في تطوير هذا القطاع. وان ني أرى أن ه إذا استطاعت الجهات الرسمية الساهرة على الصناعة التقليدية في بالدنا من التحك م في هذه األمور الثالثة ومتابعتها لسنوات مستمرة لتمك نت من إعطاء دفعة جديدة لهذا القطاع. وفي األخير تجدر اإلشارة إلى أن التمسك بالت ارث والصناعات التقليدية على وجه الخصوص يؤكد إلى حد كبير مفهوم الهوي ة الحضارية والثقافية لدى كل أم ة في عصرنا ال ارهن وهو بهذه الصفة يحمل شرعيته اإلنسانية والفكرية والحسية وآفاق اإلبداع الثقافي في المجتمع كونه إرث ا مرئيا وم عاشا يحيط بكل جوانب حياتنا وذاكرتنا وروحنا. 56

خاتمة ولهذا فمن الواجب علينا اآلن أن ننبأ األجيال الحاضرة والقادمة بمكانة الت ارث الحضاري لبالدنا وما خلفه لنا األجداد من تجارب فنية كان لها األثر الكبير في تطو ر شت ى مجاالت الحياة ومن بينها الصناعة التقليدية والتي تمك ن الجيل الجديد من خاللها أن يتنبأ بأهميتها في المستقبل عن طريق د ارستها والبحث فيها فيتشر ب منها مختلف القيم الفنية. ويمكن اعتبار د ارستها بمثابة اكتساب خب ارت جديدة لألجيال القادمة ت عينهم على ابتكار أساليب جديدة ومواصلة ما قام به آباؤنا وأجدادنا من إبداعات وابتكا ارت. والبد من التأكيد أيضا على أن الحرفي والمجتمع تقوم بينهما صلة إيجابية حينما يكون ك ل منهما على نفس الطريق: المنتج والمتذوق )المستهلك(. وعندما تنمو هذه العالقة وتسير طرديا تساعد على إعطاء الصناعة التقليدية قوتها في االستم ارر والتبلور والتأكيد وهذه قضية تحتاج التركيز على الحرفي وعلى الوسائل التي يتكون بها مثلما تحتاج إلى التركيز على المجتمع ذاته الذي هو المستهلك األول. ومهما بلغ اإلنسان من درجات التطو ر فإن ه يبقى دوما يستمد قوته من ثقافته وتاريخه فيحاول الحفاظ عليه واالطالع على تفاصيله ويحيي ثقافته ويعطيها األهمية الالزمة العتقاده فيها وفي ضرورة وجودها. 56

قائمة المراجع

قائمة الم ارجع قائمة الم ارجع أوال: المراجع بالعربية 1221 ه/ 1 تحقيق: عبد اهلل محمد ديوي 2 المقدمة الجزء 1- ابن خلدون 2002 م. باقة السوسان في التعريف بحضارة تلمسان عاصمة 2- الحاج محمد بن يمضان شاو دولة بني زيان ديوان الم بوعات الجامعية الج ازئي الجزء األول. 3- بو سليم صالح الصناعة التقليدية بمنطقة تيديكلت صناعة الفخار والجلود نموذجا د ايسة ميدانية فنية إثنوغ ايفية. 2- عنايات مهدي فن الزخرفة على الجلد مكتبة ابن سينا القاهية 1991. 1- فوزي سالم عفيفي نشأة الزخرفة وقيمتها ومجاالتها م ايجعة الدكتوي مص فى عبد 1211 ه 1 / 1991. اليحيم داي الكتاب العيبي القاهية مصي تاريخ الج ازئر في القديم والحديث مكتبة النهضة 6 -مبايك بن محمد الهياللي الميلي الج ازئية الجزء 3. 1- محمد تيوزين صناعة المضفرات والمنتوجات الحلفاوية بالمنطقة السهبية من دائرة سبدو بوالية تلمسان المعهد الو ني العالي للثقافة الشعبية تلمسان 1993. 1- محمد حسين جودي الرسم واألشغال اليدوية داي المسيية للنشي والتوزيع وال باعة 1219 2 ه / 1999 م عم ان 9 -محمد حسين جودي ابتكا ارت العرب في الفنون وأثرها في الفن األوروبي في القرون الوسطى داي المسيية 2001. واضح الصمد الصناعات والحرف عند العرب في العصر الجاهلي المؤسسة 10-1202 ه 1-1919 م. الجامعية للد ايسات والنشي والتوزيع لبنان دباغة الجلود وصناعة المواد المتعلقة بها تيجمة واعداد جعفي ه الهاشمي 11-1. داي الصفدي دمشق 1211 ه - 1991 م 07

قائمة الم ارجع ثانيا: مذك ارت التخرج: أو ايغي أحمد االستهالك الثقافي في مدينة تلمسان يسالة ماجستيي قسم الثقافة الشعبية 2000. -1 2 -نقادي سيدي محمد التصميم العم ارني لمدينة تلمسان وداللته االجتماعية يسالة ماجستيي معهد الثقافة الشعبية تلمسان 1991. ثالثا: المنشو ارت المنظمة العيبية للتيبية والثقافة والعلوم في الوطن العربي تونس. الخطة القومية للنهوض بالصناعات التقليدية -1 2 -الصناعات التقليدية الج ازئرية و ازية السياحة والصناعات التقليدية مديية الصناعات التقليدية المؤسسة الو نية لالتصال والنشي واإلشهاي الج ازئي أفيل 1991. الميثاق الو ني 1916. 16 جانفي -3 اربعا: الم ارجع باللغة األجنبية 01- Journée d étude sur l artisanat traditionnel : communication de monsieur le ministre du tourisme et de l artisanat, sidi Fredj, 15/11/1994. 02- TELEMCEN : au passé rapproché 1937 1962 ; Edition Gandini ; Avril 1997 ; p71. 03- TELEMCEN : Georges Marçais ; Librairaie Re mouard ; H.Laureus ; Editeur ; 1950 04- D. JEMMA, Les Tanncurs de MARRAKECH, Mémoires du C.R.A.P.E xix ; imp, ZABAN, Alger. 05- Revne : Terre et Vie, N 42 ; Mars 2000. Sevteur de la Tannerie au Maroc par Mohammed Marzak. 07

قائمة الم ارجع 06- Henri MAYEUX ; La Composition décorative, A. quantin Editeur, 1884. 07- Monographie de la Wilaya TLEMCEN : wilaya de Tlemcen ; Direction de la Planification et de l Aménaement du Territoire ; juin 2001. 07

المالحق

مالحق بعض الصور الخاصة بالصناعات الجلدية: أوال: البلغة 47

مالحق ثانيا: األحذية واألحزمة 47

مالحق ثالثا: المالبس رابعا: السراويل والقفا ازت 47

مالحق خامسا: المحافظ وحقائب السفر 44