143 علي عبد القادر علي* مالحظات حول تدريس علم االقتصاد من واقع الخبرة األكاديمية قامت هذه الورقة باستعراض مكثف ورسيع ألهم مكونات علم االقتصاد الذي ي د

ملفّات مشابهة
حالة عملية : إعادة هيكلة املوارد البشرية بالشركة املصرية لالتصاالت 3002 خالل الفرتة من 8991 إىل مادة ادارة املوارد البشرية الفرقة الرابعة شعبة نظم امل

اململكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة اجملمعة عماده خدمه اجملتمع كليه الرتبية بالزلفي دبلوم التوجيه واالرشاد الطالبي ملخص منوذج توصيف مق

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( استثمارات اجلامعة الذاتية ) مركز مركز استثمارات الطاقة املتجددة االستثمارات مركز اإلمام للمالية واملصرفية ا

الهيئة الوطنية للتقويم واالعتماد األكاديمي المملكة العربية السعودية نموذج توصيف مقرر دراسي المؤسسة :جامعة المجمعة الكلية/القسم : كلية العلوم والدراسات

بسم هللا الرحمن الرحيم المادة: مقدمة في بحوث العمليات )100 بحث ) الفصل الدراسي األول للعام الدراسي 1439/1438 ه االختبار الفصلي الثاني اسم الطالب: الرق

المواصفات الاوربية لإدارة الابتكار كخارطة طريق لتعزيز الابتكار في الدول العربية

عناوين حلقة بحث

19_MathsPure_GeneralDiploma_1.2_2015.indd

نموذج السيرة الذاتية

حمتويات الدليل رقم الصفحة م املوضوع

الشريحة 1

الخطة الاستراتيجية ( 2015 – 2020 )

هيئة السوق املالية التعليمات املنظمة لتمل ك املستثمرين االسرتاتيجيني األجانب حصصا اسرتاتيجية يف الشركات املدرجة الصادرة عن جملس هيئة السوق املالية مبو

نـمو المتعلم

التقديم الإلكتروني

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

Microsoft PowerPoint - د . ابراهيم بدران ، بوربوينت.ppt [Compatibility Mode]

مؤمتر طلبة الدكتوراه العرب يف الجامعات الغربية آذار/ مارس 2020 ورقة مرجعية

تجربة السقوط الحر

Présentation PowerPoint

مخزون الكلنكر الرجاء قراءة إعالن إخالء المسؤولية على ظهر التقرير المملكة العربية السعودية قطاع المواد األساسية األسمنت فبراير 2017 ٣٠ ٢٥ ٢٠ ١٥ ١٠ ٥ ٠

مخطط المادة الدراسية

رسالة كلية التمريض: تلتزم كلية التمريض - جامعة دمنهور بتقديم سلسلة متصلة من البرامج التعليمية الشاملة إلعداد كوادر تمريضية ذوى كفاءة عالية فى مهارات ا

2

التقريرالسنوي لمالكي الوحدات البيت 52 الفترة من يناير 2017 إلى ديسمبر 2017 تقارير الصندوق متاحة عند الطلب وبدون مقابل

Morgan & Banks Presentation V

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﻣﺎﺭﺱ 2018 الـرقم الــــق

) NSB-AppStudio برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( ) برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( NSB-AppStudio الدرس األول ) 1 ( الدرس

االسم الكامل: معيد. الوظيفة: رمي بنت سليمان بن أمحد امللحم. المعلومات الشخصية الجنسية سعودية. تاريخ الميالد 1407/4/19 ه القسم الدراسات اإلسالمية. البر

الــــــرقم الــــقياسي لتكاليف اإلنــــشاءات مــشاريع األبـــــــراج ﺍﻟـــﺮﺑــﻊ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ 2017 )سنة األساس (2013 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻹﺻﺪﺍﺭ : ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 2017 الـرقم الـــ

البرنامج الهيدرولوجي الدولي الدورة الثانية والعشرون للمجلس الدولي الحكومي

نموذج توصيف مقرر دراسي

تأثير اتفاقيتي الشراكة عبر المحيط الهادئ والشراكة في التجارة والاستثمار عبر الأطلسي على الدول العربية

من نحن يف 2007 / 9 / 2 صدرت جريدة كصحيفة يومية وطنية شاملة تسعى إلى مواكبة التطورات احمللية و االقلميية والعاملية بشكل موضوعي ومبتكر إلى جانب تبني امل

حقيبة الدورة التدريبية التخزين السحابي Google Drive حقيبة المتدربة إعداد املدربة : عزة علي آل كباس Twitter 1438 ه

املعامل املركزية معامل مركز أحباث املؤثرات العقلية قامت جامعة جازان مشكورة بتجهيز معامل املركز املركزية ابألجهزة املتطورة واالدوات الالزمة اليت حيتاجه


Microsoft Word - Study Plan _ Arabic

نشرة توعوية يصدرها معهد الدراسات المصرفية دولة الكويت - ابريل 2015 السلسلة السابعة- العدد 9 كفاءة سوق األوراق املالية Efficiency of the Securities Mar

ماجستيرالعلوم في الرياضيات يحتوي على ثالث مسارات تخصصية : الرياضيات البحتة الرياضيات التطبيقية اإلحصاء الكلية : كلية العلوم بالدمام. احلرم اجلامعي : ا

PowerPoint Presentation

الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( مركز تنمية أوقاف اجلامعة ) إدارة األصول واملصارف الوقفية إدارة االستثمارات الوقفية إدارة إدارة األحباث وامل

. رصد حضور المرأة في وسائل اإلعالم المحلية 2017

الذكاء

Public Sector Institutions Reform & Development (in Arabic)

19_MathsPure_GeneralDiploma_1.2_2016.indd

PowerPoint Presentation

PowerPoint Presentation

التعريفة المتميزة لمشروعات الطاقة المتجددة في مصر

I تفريغ مكثف في وشيعة. 1 التركيب التجريبي: L = 40mH وشيعة معامل تحريضها C = 1μF مكثف سعته E = 6V العدة: مولد قوته الكهرمحركة ومقاومتها الداخلية r = 10

الاتصال الفعال بين المعلم والطالب

المحاضرة الثانية عشر مقاييس التشتت درسنا في المحاضرة السابقة مقاييس النزعة المركزية أو المتوسطات هي مقاييس رقمية تحدد موقع أو مركز التوزيع أو البيانات

السياسات البيئية السياسات البيئية 1

تحصن القرار الاداري - دراسة مقارنة

الفصل األول مفاه م اقتصاد ه اساس ه األسبله المقال ه : -وضح مالمقصود بندرة الموارد وقدم أمثلة توضح الموارد النادرة لكل من الطالب ورب األسرة -لماذا هتم

دائرة التسجيل والقبول فتح باب تقديم طلبات االلتحاق للفصل األول 2018/2017 " درجة البكالوريوس" من العام الدراسي جامعة بيرزيت تعلن 2018/2017 يعادلها ابتد

Guidelines for gender-inclusive language in Arabic_Toolbox/ Self-paced activity: Apply the guidelines to a text تطبيق الوثيقة التي تحتوي على أفضل المم

جامعة الانبار – قسم ضمان الجودة والاعتماد - السيرة الذاتية لعضو هيئة تدريس

كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع قسم العلوم اإلدارية واإلنسانية جدول االختبارات النهائية للفصل الدراسي األول 1440/1439 ه اليوم والتاريخ الفترة ال

نموذج توصيف المقرر الدراسي

الوحدة األولى المالمح البشرية للوطن العربي عنوان الدرس : سكان الوطن العربي أوال :أكمل الجدول التالي: 392 مليون نسمة %5.3 %39.9 %60.1 عدد سكان الوطن ال

استمارة تحويل طالب يتعلم في الصف العادي لجنة التنسيب إلى )التقرير التربوي( استمارة لتركيز المعلومات حول العالج المسبق الذي حصل علية الطالب\ة الذي يتعل

مكثف الثالثة الوحدة البوابات املنطقية 1 هاتف : مدارس األكاد م ة العرب ة الحد ثة إعداد المعلم أحمد الصالح

الدوال في اكسل الدوال: هي صيغ معرفة مسبقا تقوم بإجراء عمليات حسابية بإستخدم قيم محددة ووسائط مسماة في ترتيب بنية معينة بناء الدالة: إغالق. يبدأ بناء ا

أمثلة محلولة على الفصل الثانى السلوك الش ارئي للمستهلك مثال )1(: الجدول التالى يوضح لهذا المستهلك ومثل ذلك بيانيا المنفعة الكلية إلستهالك البرتقال لمس

Joint Annual Meetings of

بسم الله الرحمن الرحيم

الجلسة الأولى: الابتكار والملكية الفكرية

Our Landing Page

AnyFileYY675SLX

نتائج تخصيص طالب وطالبات السنة األولى المشتركة بنهاية الفصل الدراسي الثاني 1438/1437 ه يسر عمادة شؤون القبول والتسجيل بجامعة الملك سعود أن تعلن نتائج

Diapositive 1

المملكة العربية السعودية م ق س ..../1998

مؤتمر: " التأجير التمويلي األول " طريق جديد لالستثمار لدعم وتنمية المشروعات القومية والشركات الصغيرة والمتوسطة تحت رعاية : و ازرة االستثمار و ازرة اال

دبلوم متوسط برمجة تطبيقات الهواتف الذكية

السؤال األول: ضع عالمة صح أمام العبارة الصحيحة وعالمة خطأ أمام العبارة الخاطئة: مؤشر االنتاجية هو النسبة المئوية التي تحصل عليها من خالل قسمة الفرق بي

PowerPoint Presentation

16 أبريل 2019 االطالق الرسمي للجائزة

االبداع في صياغة المواقف المضحكة من خصائص الشخص ذو الذكاء: الفكاهي A. الذاتي B. اللغوي C. العاطفي D. االتصال الذي يتخذ فيه الفرد قراراته بناء على المع

مرص: عقد العمل الوطني من أجل السالمة عىل الطرق مرص

1 مراجعة ليلة امتحان الصف السابع في الدراسات اإلجتماعية. ********************************************************************************* األول السؤا

riyadh-geeks-mobile-first

اسم المفعول

لقانون العام للمساواة في المعاملة - 10 أسئلة وأجوبة

Microsoft Word - Q2_2003 .DOC

مها أحمد حمزة عمير

PowerPoint Presentation

PowerPoint Presentation

نموذج توصيف المقرر الدراسي

PowerPoint Presentation

واقع استخدام أسلوب تحليل التباين في بحوث الباحثين المحترفين المنشورة في المجلات العلمية في بعض الجامعات السعودية

WHAT’S NEW

World Report on Disability

حساب ختام موازنة السلطة المركز ة للسنة المال ة 2013 م قسم) 21 (:وزارة التعل م العال والبحث العلم فرع ( 3 ) :مستشف الكو ت الجامع

جامعة عجلون الوطن ة Ajloun National University كلية إدارة األعمال الخطة الدراسية لنيل درجة في الماجستير تخصص إدارة اإلعمال

PowerPoint Presentation

العدد الثالث عرش يناير أهداف التنمية المستدامة: "تحويل عالمنا" باالبتكار Eng. Maritza VARGAS Independent Environmental and Sustainability Consu

<4D F736F F D20C7E1CACDE1EDE120C7E1E3C7E1ED20E6C7E1DDE4ED>

النسخ:

143 علي عبد القادر علي* مالحظات حول تدريس علم االقتصاد من واقع الخبرة األكاديمية قامت هذه الورقة باستعراض مكثف ورسيع ألهم مكونات علم االقتصاد الذي ي در س بطريقة نمطية يف اجلامعات بمختلف الدول يف العامل بام يف ذلك جامعات الدول العربية. وهدفت الورقة إىل تقديم مقرتحات ملقاربة مالئمة لتدريس هذا العلم عىل مستوى الدراسات العليا يف جامعات الدول العربية وخصوص ا يف مؤسسة متخصصة يف الدراسات العليا متهد الطريق إىل مسامهات إبداعية وأصلية بواسطة جيل جديد من العلامء العرب. واقرتحت الورقة أن تتبنى اجلامعات العربية جمال اقتصاديات التنمية كمدخل لتدريس علم االقتصاد من دون أن يعني ذلك عدم تدريس املكونات التقليدية. والحظت الورقة يف هذا الصدد أن فهم التنمية عىل أهنا عملية لتوسيع احلريات احلقيقية التي يتمتع هبا البرش تفسح املجال واسع ا لتحقيق هدف تكامل مناهج العلوم االجتامعية. مقدمة وخلفية تشك ل»مادة االقتصاد«حمور ا مهام من حماور التداخل والتكامل بني مناهج العلوم االجتامعية. وكام هو معروف عادة ما يتم تعريف علم االقتصاد بطريقة مقتضبة بأنه ذلك العلم الذي ي عنى بدراسة القوانني التي حتكم»ختصيص وتوزيع املوارد النادرة يف استخدامات ال متناهية«وهو تعريف مبترس ولكنه شائع التداول. يف إطار هذا التعريف حتد د السؤال املركزي لكتابة هذه الورقة يف :»ما فائدة علم االقتصاد للمجتمعات العربية ومن بينها اجلامعات يف الدول العربية وللعلوم االجتامعية تدريس ا وبحث ا ومنهج ا «ولعلنا لسنا يف حاجة إىل مالحظة أن اإلجابة عن مثل هذا السؤال تتطلب التعرف أوال عىل حمتوى»علم االقتصاد«الذي ي در س يف * اقتصادي تنمية ومدير األبحاث يف املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.

العدد 2 خريف 2012 144 اجلامعات يف خمتلف الدول عىل مستوى العامل ومن بعد عىل أهم التحفظات امل ثارة بشأن هذا العلم االجتامعي ثم استكشاف املجاالت التي يمكن ارتيادها واملسامهة األصيلة فيها. ون سارع لنالحظ أن»علم االقتصاد«الذي ي درس حالي ا يف اجلامعات قد تطور عىل مدى زمني طويل من أساسياته االجتامعية عندما كان يعرف باالقتصاد السيايس وعندما كان أهم املسامهني يف تطوير مقرتحاته األساسية من الفالسفة واملؤرخني والنشطاء السياسيني عىل مر احلقب ويف خمتلف بقاع األرض. وحسب معظم املراجع املعتمدة يف ختصص»تاريخ علم االقتصاد«أو»تاريخ النظرية االقتصادية«أو»تاريخ األفكار االقتصادية«أ لصقت صفة»العلم«هبذا التخصص حتت وطأة تأثري الثورة النيوتونية يف جمال دراسة طبيعة الكون وكيفية عمله )ختصص الفيزياء(. عىل أساس املالحظات أعاله تتناول بقية أقسام هذه الورقة املواضيع التالية تلبية لبنود اختصاصها: املكونات املحورية لدراسة علم االقتصاد وهي مكونات تشتمل عىل النظرية االقتصادية اجلزئية و النظرية االقتصادية الكلية والطرق الكمية االقتصادية موضوع متهيد الطريق اىل اإلبداع و التأصيل يف علم االقتصاد موضوع اقتصاديات التنمية كمجال رحب لتكامل العلوم االجتامعية. المكونات المحورية لدراسة علم االقتصاد يف معظم اجلامعات يف العامل وخصوص ا نظام التعليم اجلامعي األمريكي الذي أصبح نموذج ا حيتذى تتم دراسة»علم االقتصاد«باالستناد إىل النظرية االقتصادية»النيوكالسيكية«من خالل ثالثة مكونات رئيسة: النظرية االقتصادية اجلزئية والنظرية االقتصادية الكلية والطرق الكمية االقتصادية. النظرية االقتصادية الجزئية عادة ما تشتمل املقررات التي ت در س يف خمتلف اجلامعات حول النظرية االقتصادية اجلزئية عىل موضوعات تأسيسية عن سلوك الوحدات االقتصادية يف املجتمع خصوص ا املنتجني واملستهلكني وجتميع سلوك هذه الوحدات باعتبارها ممثلة لكل الوحدات للوصول إىل وصف ملفهوم السوق بمعنى تفاعل املنتجني واملستهلكني لكل سلعة أو خدمة عىل حدة وجلميع السلع واخلدمات توطئة للتوصل إىل مفهوم التوازن العام لكل األسواق ومن ثم للمجتمع. هذا ويوضح استعراض أي من الكتب املدرسية يف هذا املجال أن املوضوعات التي يتم تناوهلا ويمكن تدريسها خصوص ا عىل مستوى الدراسات العليا تشتمل عىل ما ييل ))) : نظرية املنتج أو املنشأة اإلنتاجية: وتشتمل عىل التحديد النظري خلصائص الفن اإلنتاجي املستخدم بمعنى الرشوط الفنية التي ينبغي توافرها فيام يتعلق بطبيعة الفن اإلنتاجي املستخدم وعالقة ما يتم إنتاجه من سلع وخدمات بام يتم استخدامه من عنارص لإلنتاج )بمعنى دوال نمطية لإلنتاج( وعىل حمفزات سلوك املنتج خصوص ا افرتاض تعظيم املنتج ألرباحه بمعنى الفرق بني ما سيحصل عليه من بيعه للسلع واخلدمات التي ي نتجها وتكلفة إنتاج هذه السلع أو بتقليل تكلفة اإلنتاج حتت ظل قيود الفن اإلنتاجي وما يرتتب عىل مثل هذا الرشط من تبعات حتليلية حتت خمتلف الظروف وحتت الرشوط النمطية لدوال اإلنتاج والتكلفة. 1 انظر عىل سبيل املثال: 1992). Norton,.Hal R. Varian, Microeconomic Analysis, 3 rd ed. (New York:

145 دراسات مالحظات حول تدريس علم االقتصاد من واقع الخبرة األكاديمية هذا ويشتمل التناول املتعمق لدراسة نظرية املنتج أو املنشأة اإلنتاجية التدريب عىل تبادلية مفهومي»تعظيم الربح«و»تقليل التكاليف«كحافز للمنتج واستخالص تبعات مثل هذه التبادلية من خالل»دوال الربح«و»دوال التكلفة«. وكام هو معروف هتدف نظرية املنتج أو املنشأة اإلنتاجية إىل التحديد النظري للعوامل املحددة لعرض السلع واخلدمات وهو أحد جانبي السوق لكل سلعة أو خدمة. نظرية املستهلك: ت عنى بالتحديد النظري لطبيعة تفضيالت الفرد املستهلك فيام يتعلق بالسلع واخلدمات التي يمكنه احلصول عليها والقيود االقتصادية التي تواجهه يف ما يتعلق بتفعيل هذه التفضيالت وعىل حمفزات سلوك املستهلك خصوص ا افرتاض تعظيم تفضيالته )بمعنى حتقيق أقىص مستوى للسعادة الشخصية( حتت القيود االقتصادية التي يواجهها وما يرتتب عىل كل ذلك من تبعات حتليلية حتت خمتلف الرشوط النمطية لدوال التفضيل والقيود االقتصادية. هذا ويشمل التناول املتعمق لدراسة نظرية املستهلك التدريب عىل تبادلية مفهومي»تعظيم التفضيالت«و»تقليل النفقات االستهالكية«كحافز لسلوك املستهلك واستخالص تبعات مثل هذا التناول من خالل دال تي املنفعة غري املبارشة واإلنفاق االستهالكي. وكام هو معروف هتدف نظرية املستهلك إىل التحديد النظري للعوامل املحددة لطلب السلع واخلدمات هو اجلانب املقابل للعرض يف كل سوق. وباإلضافة إىل دراسة خصائص دوال الطلب حتت االفرتاضات النمطية للنظرية يمكن أن تتناول نظرية املستهلك قضايا تتعلق بعملية االختيار التي يقوم هبا املستهلك حتت ظروف عدم اليقني. نظرية األسواق: ت عنى بالوصف النظري والرشوط املحد دة ملختلف هياكل األسواق خصوص ا يف ما يتعلق بتأثري كل من الفاعلني االقتصاديني يف عمل األسواق يف أسعار السلع واخلدمات وعنارص اإلنتاج. وتشتمل األسواق حسب النظرية االقتصادية اجلزئية عىل األسواق التنافسية ))) حيث يفرتض صغر حجم كل املتعاملني يف األسواق بمعنى عدم تأثريهم يف األسعار واألسواق االحتكارية للسلع واخلدمات أو لعنارص اإلنتاج التي متثل الطرف النقيض الفرتاض األسواق التنافسية حيث يؤثر منتج واحد يف أسعار السلعة أو اخلدمة التي ي نتجها وأسواق احتكار القلة وأسواق االحتكار التنافسية. قضايا التوازن والرفاه : استناد ا إىل التفاصيل النظرية أعاله ت عنى النظرية االقتصادية اجلزئية بقضية جتميع ما يرتتب عىل سلوك الوحدات اجلزئية من منتجني ومستهلكني ممثلني للمجتمعات للوصول إىل كيفية وصف حالة االقتصاد العام خصوص ا يف ما يتعلق بإمكانية حتقيقه للتوازن العام بمعنى توازن كل األسواق بطريقة آنية أكان االقتصاد تبادلي ا أم إنتاجي ا وحتليل خصائص االقتصاد الذي يتحقق فيه التوازن العام خصوص ا يف ما يتعلق بالرفاه املجتمعي وما ي ثريه وجود سلع وخدمات عامة وحتقق تفاعل بني املنتجني أو املستهلكني يف مثل هذه اخلصائص. ويرتتب عىل كل هذه التعقيدات قضايا تتعلق بالسياسات التي هتتم بإعادة التوازن العام. 2 عادة ما تقوم الكتب املدرسية برصد افرتاضات»املنافسة الكاملة«كتجانس وحدات السلع وكثرة املشاركني بحيث ال يكون ألحد منهم تأثري يف األسعار وسهولة الدخول إىل واخلروج من السوق باإلضافة إىل ذلك افرتاض كامل املعلومات الذي ينص عىل أن كل املشاركني يف السوق تتوافر لدهيم معلومات كاملة عن األسعار الراهنة واملبادالت اجلارية وتقنيات اإلنتاج وكل أنواع املعلومات التي متكن هم من تعظيم األرباح واملنفعة.

العدد 2 خريف 2012 146 ومن دون الدخول يف تفاصيل فنية يرتتب عىل تناول قضايا التوازن والرفاه تعريف ألمثلية باريتو:»فيام بني جمموعة من احلاالت املجتمعية يمكن تعريف حالة منها بأهنا مثىل من وجهة نظر باريتو إذا مل توجد حالة جمتمعية أخرى«يتمتع فيها فرد واحد من األفراد برفاهية أعىل بينام يتمتع بقية األفراد بنفس مستوى الرفاهية. ويف النظرية االقتصادية احلديثة ينظر إىل حالة أمثلية باريتو عىل أهنا تصف كفاءة االقتصاد. كذلك احلال دون الدخول يف تفاصيل فنية يمكن تعريف االقتصاد التنافيس بأنه ذلك النظام االقتصادي الذي ال يستطيع يف إطاره أن يؤثر فرد واحد من خالل سلوكه الفردي عىل األسعار السائدة يف السوق بمعنى أن كل فرد أو متعامل يف السوق ي عد صغري الوزن ملثل هذا التأثري. وي عرب عن مثل هذا التعريف أن كل متعامل يف مثل هذا االقتصاد يسلك باعتبار أن األسعار السائدة معطاة له. ويف إطار االقتصاد التنافيس فإن قائمة لألسعار سعر واحد لكل سلعة يرتتب عليها تساوي إمجايل الطلب عىل مع إمجايل العرض من كل سلعة متثل حالة لتوازن االقتصاد بمعنى أنه ليس هنالك ما يستدعي تغري األسعار انخفاض ا أو ارتفاع ا. عىل أساس هذا الفهم تم صوغ»النظرية األساسية األوىل يف اقتصاديات الرفاه«عىل النحو التايل:»إذا كان لدينا اقتصاد تنافيس حيث يقوم كل األفراد باالختيار احلر حسب متطلبات مصاحلهم الشخصية الراشدة وحتت بعض الرشوط الفنية فإن حالة التوازن التي سي حق قها االقتصاد ستكون مثىل كام يف تعريف أمثلية باريتو«. النظرية االقتصادية الكلية عادة ما تشتمل املقررات التي ت در س يف خمتلف اجلامعات حول النظرية االقتصادية الكلية عىل موضوعات تأسيسية حول كيفية عمل االقتصاد ككل حيث تستند دراسة هذه املوضوعات إىل ما عرف بأنه متطابقة الدخل يف االقتصاد ))). وكام هو معروف تقول هذه املتطابقة إن قيمة اإلنتاج الذي يتم يف اقتصاد معني يف زمن معني بمعنى إمجايل الدخل يف االقتصاد عادة ما يتم استخدامها ألغراض االستهالك اخلاص واالستثامر اخلاص واإلنفاق احلكومي )استهالك ا واستثامر ا( والتصدير لبقية العامل والتوريد من بقية العامل. عىل أساس هذا التجميع من مستوى األفراد ومنشآت اإلنتاج إىل مستوى االقتصاد ككل تسعى نظرية االقتصاد الكيل للتعرف عىل القوانني االقتصادية التي حتكم عمل االقتصاد يف املديني القصري والطويل. تتمحور املواضيع التي تشتمل عليها النظرية عىل املدى القصري عىل تلك التي ت عنى بتوازن االقتصاد منظور ا إليه من خالل قطاعات جتميعية وذلك بعد حتديد العوامل التي تؤثر يف جانبي العرض والطلب لكل قطاع يتم تناوله وذلك بافرتاض قواعد سلوكية عىل املستوى الكيل لالقتصاد ومتطلبات توازنية مستمدة من متطابقة الدخل. هذا وعادة ما تشتمل األسواق عىل املستوى الكيل لالقتصاد عىل سوق السلع واخلدمات وسوق العمل وسوق النقود. هذا واعتامد ا عىل العوامل املدرجة يف حمد دات جانبي الطلب والعرض لكل سوق عادة ما هيتم حتليل املدى الزمني القصري بأدوات السياسات التي من شأن استخدامها إعادة التوازن إىل االقتصاد متى ما اختل مثل هذا التوازن. واشتهرت يف هذا الصدد ثالث سياسات نمطية هي: السياسة املالية )املستمدة من وجود للقطاع احلكومي عىل مستوى االقتصاد ككل( والسياسات النقدية )املستمدة من وجود سلطة نقدية لتنظيم التعامل بالنقود( وسياسات سعر الرصف )املستمدة من تعامل االقتصاد مع العامل اخلارجي تصدير ا واسترياد ا(. 3 انظر عىل سبيل املثال: 2010). Publishers, N. Gregory Mankiw, Macroeconomics, 7 th ed. (New York, NY: Worth

147 دراسات مالحظات حول تدريس علم االقتصاد من واقع الخبرة األكاديمية وبعد تتمحور املواضيع التي تشتمل عليها نظرية االقتصاد الكيل عىل املدى الزمني الطويل حول تلك التي ت عنى باستكشاف القوانني التي حتكم سلوك االقتصاد ككل حسب تغري الزمن. وتشتمل أهم هذه املواضيع عىل النظرية الفرعية للنمو االقتصادي التي تنطلق من متطابقة الدخل عىل املستوى الكيل وعىل النظرية الفرعية لتوزيع الدخل عىل عنارص اإلنتاج التي است خدمت وجرى تطوير حالة التوزيع مع الزمن. الطرق الكمية االقتصادية عادة ما تشتمل املقررات التي ت در س يف خمتلف اجلامعات يف ختصص االقتصاد خصوص ا عىل مستوى الدراسات الع ليا عىل مقر ر واحد أو أكثر بشأن األدوات الكمية املطلوبة للتمكن من فهم وحتليل الظواهر االقتصادية عىل املستويني اجلزئي والكيل. هذا وعادة ما تنقسم مقر رات الطرق الكمية إىل مقررات فرعية يف الرياضيات ويف طرق االقتصاد القيايس. هتدف املقر رات الفرعية يف الرياضيات إىل توفري أرضية كافية متكن الطالب من فهم ومتابعة النتائج النظرية التي ينطوي عليها حتليل الظواهر االقتصادية عىل املستويني اجلزئي والكيل وذلك بطريقة منضبطة منهجي ا. هذا وعادة ما تشتمل الكتب املدرسية املؤلفة ألغراض مثل هذه املقررات الفرعية عىل خليط مالئم من خمتلف األدوات الرياضية بام يف ذلك أوليات املنطق وحساب املجموعات والتفاضل والتكامل والدوال التفاضلية وأوليات حساب املصفوفات ))). هتدف املقررات الفرعية يف طرق االقتصاد القيايس إىل توفري أرضية كافية متكن الطالب من فهم ومتابعة النتائج التطبيقية التي يتم التوصل إليها عند اختبار صحة خمتلف املقرتحات النظرية جزئية كانت أو كلية حول كيفية عمل االقتصاد من واقع التجارب العملية والواقعية. هذا وعادة ما تشتمل الكتب املدرسية املؤلفة ألغراض مثل هذا املقرر عىل استعراض ألهم املفاهيم اإلحصائية تم من بعد ذلك تركز عىل طرق تقدير العالقات االقتصادية وما تنطوي عليه هذه الطرق من مشكالت مفاهيمية وكيفية حل هذه املشكالت للتوصل إىل نتائج تقدير تتسم باملتانة اإلحصائية. وكام هو معروف تتمحور طرق االقتصاد القيايس حول حتليل االنحدار سواء املبسط أو املتعدد وتتمثل أهم مشكالت التقدير يف عدم توافر االفرتاضات اإلحصائية النظرية حول التوزيع اإلحصائي ملتبقيات دالة التقدير وعالقتها باملتغريات املستخدمة يف التقدير وعالقة املتغريات ببعضها البعض واملشكالت التي ت ثريها طريقة تقدير أنظمة املعادالت اآلنية واملشكالت التي ت ثريها املتغريات ذات القيم غري املتصلة ))). تمهيد الطريق إلى اإلبداع والتأصيل في علم االقتصاد ربام ليس بمستغر ب مالحظة أن النظرية االقتصادية املهيمنة منذ بدايات القرن العرشين قد تعر ضت للنقد التفصييل عرب الزمن وال تزال. يف جمال نظرية االقتصاد اجلزئي والتوازن العام قدم كتاب حديث بعنوان ما وراء نطاق اليد اخلفية: تأسيس 4 انظر عىل سبيل املثال: York: Alpha C. Chiang, Fundamental Methods of Mathematical Economics, 3 rd ed. (New McGraw-Hill, 1984). 5 انظر عىل سبيل املثال: Macmillan, G.S. Maddala, Introduction to Econometrics (New York: Macmillan; London: Collier 1988).

العدد 2 خريف 2012 148 لعلم اقتصاد جديد صدر عام 2011 نقد ا لعلم االقتصاد املهيمن وطرح منظور ا بديال هيتم بالتحليل املوضوعي للمجتمع واالقتصاد حيث احتل ت فكرة النظر لالقتصاد عىل أنه جزء ال يتجز أ من املجتمع وقواه السياسية مكان ا مهام ))). ويتطلب تبن ي مثل هذا املنظور الفكاك من أرس املنهجية املتوارثة يف علم االقتصاد التي ترك ز يف التحليل عىل افرتاض أن الناس يسلكون بأنانية مما يتطلب يف احلد األدنى التعامل مع األعراف املجتمعية واهلويات املختلفة وكيفية تأثريها يف االقتصاد والتأثر به. وهي يئ مثل هذا املنظور إمكانية ارتياد آفاق جديدة لصوغ نظرية تكون أقرب إىل ما ي شاهد عىل أرض الواقع عن كيفية سلوك االقتصادات بمختلف مراحلها التنموية. ينطلق هذا النقد احلديث العهد للنظرية االقتصادية التي تكمن خلف علم االقتصاد عىل مالحظة أن نتائجها املعيارية تعتمد عىل افرتاض وجود أسواق تنافسية كاملة وحرة ومالحظة أن السوق احلر غري موجود وال ي توق ع أن يكون موجود ا يف واقع احلال يف كل العامل. ومن دون الدخول يف تفاصيل فنية ترت ب عىل مثل هذا النقد اعتبار أن اخلطوة األوىل واألساسية يف إعادة صوغ علم االقتصاد ليصبح علام اجتامعي ا تتمثل يف ما ييل : - اإلدراك أن جمموعة خيارات األفعال املتاحة لألفراد واملنشآت اإلنتاجية تتسع ألكثر مما صو ره علم االقتصاد السائد. باإلضافة إىل ذلك هنالك حاجة ملراجعة االفرتاضيات املتعلقة بتفضيالت الناس وكيفية حتديدها والتعبري عنها عن طريق بدهييات ربام جتد القبول العام وافرتاض أن هذه التفضيالت معطاة وأهنا ال تتغري مع تغري الظروف. - مالحظة أن النموذج االقتصادي النمطي يعمل يف إطار استبعاد كل ما يتعلق باألعراف املجتمعية والثقافة واملعتقدات اجلامعية. وعىل الرغم من عدم إنكار وجود مثل هذه العوامل يف الكتابات االقتصادية إال أهنا تعام ل كأن مل يكن هلا تأثري أصيل يف عمل االقتصاد. وحياجج الكتاب املشار إليه بأن األعراف املجتمعية والثقافة يف كثري من األحيان تؤدي أدوار ا أهم من عدد كبري من املتغريات االقتصادية املتعارف عليها يف حتديد كفاءة عمل االقتصادات ويف كيفية حتقيق النمو االقتصادي الرسيع. - مالحظة أن آلية السوق تفشل يف كثري من احلاالت يف حتقيق مواءمة احلوافز الفردية مع املصالح املجتمعية وهو ما يتطلب الصوغ القصدي لكيفية مكافأة األفراد ومعاقبتهم ملختلف أنامط السلوك لضامن مثل هذه املواءمة. هنالك حاجة إىل النظر إىل سلوك األفراد املرتكز عىل احتياجات التفاعل االقتصادي يف املجتمع ومن ثم هنالك حاجة إىل افرتاض أن لألفراد»نزوع ا نحو الصالح العام«خصوص ا فيام يتعلق بصالح اجلامعات االجتامعية وأن مثل هذا التوجه من شأنه أن يقرب نظريات علم االقتصاد إىل الواقع املعيش. - مالحظة أن القانون ي مثل أهم األدوات التي تستخدمها احلكومات يف التأثري يف السياسة االقتصادية أو بمعنى أعم التدخالت احلكومية املستندة إىل القانون. وتعني هذه املالحظة أن الفهم الصحيح لدور القانون يف االقتصاد ي عد حرج ا يف صوغ السياسات املالئمة ويف توجيه االقتصاد ليحقق خمتلف األهداف. كذلك احلال فيام يتعلق بالفهم الصحيح للتفاعل بني القانون والتدخل احلكومي من خالل السياسات. ويف هذا الصدد هنالك حاجة إىل االنتقال من النظر إىل القانون كمعد ل للعوائد االقتصادية التي يتوق عها األفراد من نشاطهم 6 انظر: KaushikBasu, Beyond the Invisible Hand: Groundwork for a New Economics (Princeton, NJ : Princeton University Press, 2011).

149 دراسات مالحظات حول تدريس علم االقتصاد من واقع الخبرة األكاديمية االقتصادي ومن ثم تأثريه يف خياراهتم العملية إىل النظر إىل القانون عىل أنه يؤثر يف سلوك األفراد بإنتاجه بؤر ا جديدة ملثل هذا السلوك من خالل تغيريه للمعتقدات حول ما سيفعله اآلخرون يف املجتمع. - مالحظة أن آلية السوق ال تتصف بالرضورة بخاصية تعويض العاملني حسب إنتاجيتهم )األجر األعىل ألولئك ذوي اإلنتاجية األعىل( وأنه يمكن للسوق احلر تعويض الفرد حسب انتامئه العرقي أو الديني بمعنى التعويض حسب اهلوية من دون اعتبار للعوامل املتعلقة باإلنتاجية. مثل هذا التمييز يف سوق تنافيس حر يتطلب تدخال قصدي ا بواسطة احلكومة أو بفعل مجاعي لتصحيح عدم اإلنصاف املرتتب عىل عمل آلية السوق. - مالحظة أن الشعور باهلوية يمكن أن يؤثر يف احلياة االقتصادية واالجتامعية والسياسية. يمكن تطوير نامذج حتليلية تأخذ يف االعتبار انتامءات األفراد إىل مجاعات اجتامعية مكونة عىل أساس اهلوية حيث يمكن تطوير مثل هذه النامذج عىل أساس افرتاضني تأسيسيني مها: أن غريزة التعاون أو الدافع للصالح العام هي غريزة متأصلة عند بني اإلنسان وأن التعاون أو العمل للصالح العام ينمو ويرتعرع كلام تم تبادله )بمعنى املعاملة باملثل( بني األفراد واملجموعات داخل املجتمع. - مالحظة أن علم االقتصاد املهيمن يقول إن األفراد يف سلوكهم لتعظيم مصاحلهم الشخصية يمكن أن خيلقوا جمتمع ا كفي ا خيدم مصاحلهم اجلامعية حتت رشوط فنية ومفاهيمية. ولكن بفهم طبيعة الرشوط الفنية واملفاهيمية اتضح أنه لكي يتمكن املجتمع من حتقيق الكفاءة والعدالة واإلنصاف ال بد من وجود أنظمة حكم مالئمة )جهاز الدولة( ومؤسسات وأعراف جمتمعية بام يف ذلك القوانني التي من شأهنا تيسري عمل آلية السوق بطريقة فعالة. ويف غياب أنظمة احل كم والقوانني واملؤسسات واألعراف املجتمعية أو أي أشكال أخرى للفعل اجلامعي يمكن آللية السوق أن تقود املجتمع إىل فوىض عارمة تتفشى يف إطارها ظواهر عدم العدالة والفقر ملستويات غري مطاقة. وبعد قدم كتاب حديث آخر بعنوان الغرائز احليوانية: كيف حترك العوامل النفسية االقتصاد وما أمهية ذلك للرأساملية عىل مستوى العامل صدر عام 2009 يف أعقاب األزمة املالية العاملية التي ال تزال آثارها تتفاعل حتى اآلن نقد ا للنظرية املهيمنة يف االقتصاد الكيل ))). يستند هذا النقد عىل مالحظة أن نظرية االقتصاد الكيل املهيمنة تنطلق من افرتاض رشاد األفراد واملؤسسات اإلنتاجية يف سلوكهم االقتصادي وهتتم بتفسري االنحرافات الوقتية واهلامشية من نظام نظرية التوازن العام كام يف مقرتح اليد اخلفية. ويالحظ يف هذا الصدد أن االقتصاد الكيل يعمل يف واقع احلال ليس عىل افرتاض رشاد سلوك الفاعلني االقتصاديني فقط وإنام عىل أساس تفيش مظاهر الغرائز احليوانية التي ي قصد هبا عالقة هؤالء الفاعلني االقتصاديني بحاالت عدم اليقني والغموض وااللتباس التي تكتنف عمل االقتصاد ككل يف الواقع املعيش. يتطلب االعرتاف بأن الغرائز احليوانية تؤثر تأثري ا حقيقي ا يف عمل االقتصاد املشاهد يف واقع احلال أن ي عاد صوغ نظرية االقتصاد الكيل لتأخذ يف االعتبار كيفية تأثري هذه الغرائز يف اختاذ القرارات االقتصادية. هذا وتشتمل الغرائز احليوانية التي تم التعرف عليها حتى اآلن وربام من واقع االقتصاد األمريكي واقتصاديات الدول املتقدمة عىل ما ييل : الثقة ومضاعفاهتا: وي قصد هبا حسب أصلها الالتيني»االعتقاد اجلازم«وهو أمر يتعارض مع االفرتاض 7 انظر: George A. Akerlof and Robert J. Shiller, Animal Spirits: How Human Psychology Drives the Economy, and Why it Matters for Global Capitalism (Princeton: Princeton University Press, 2009).

العدد 2 خريف 2012 150 املحوري للنظرية االقتصادية فيام يتعلق بالسلوك الرشيد الذي يستخدم كل املعلومات املتاحة الختاذ القرارات. وكام لإلنفاق احلكومي يف النظرية االقتصادية الكلية من مضاعفات كذلك للثقة مضاعفات. اإلنصاف : بمعنى املفاهيم التي حيملها الناس عام يعتربونه معاملة منصفة من األطراف األخرى ويتعلق األمر بتحديد مستويات األجور واألسعار. ويالح ظ يف هذا الصدد أن النظرية السائدة يف حتديد األجور عىل مستوى االقتصاد تتجاهل متام ا اعتبارات اإلنصاف بينام توضح املامرسات العملية يف االقتصاد املعيش األمهية الطاغية هلذا األمر. الفساد والسلوك غري االجتامعي: يتأثر سلوك االقتصاد الكيل عرب الزمن بتفيش أنواع السلوك غري االجتامعي من غش واحتيال خصوص ا فيام يتعلق بأسواق رأس املال وهو أمر يتعلق بااللتزام الفردي باتباع مبادئ السلوك القويم يف املجتمع والفرص التي ي تيحها هذا املجتمع للفساد وكل أنواع النهب. الوهم أو اخلداع أو الرساب النقدي: هنالك حاجة إىل إعادة االعتبار إىل الدور الذي يلعبه الوهم النقدي بمعنى السلوك عىل أساس القيم االسمية وليس عىل أساس القيم احلقيقية للعقود بمختلف أنواعها يف االقتصاد الكيل ويف سلوكه عرب الزمن. القصص واحلكايات والروايات: يؤدي صوغ التجارب الفردية وروايتها وتبادهلا يف خمتلف جماالت النشاط االقتصادي دور ا مهام يف هتيئة املزاج العام للفاعلني االقتصاديني الذي له دور مهم يف أداء االقتصاد الكيل من خالل أجهزة اإلعالم املختلفة. يزعم الكتاب أن إعادة صوغ النظرية االقتصادية الكلية لتأخذ يف االعتبار مظاهر الغرائز احليوانية كمحد دات للسلوك يف الواقع االقتصادي املعيش متكن من فهم دورها يف اإلجابة عن ثامنية أسئلة حمورية حول: ملاذا تقع االقتصاديات يف حاالت الكساد ملاذا يتمتع رؤساء البنوك املركزية بقوة تؤثر يف االقتصاد الكيل ملاذا يوجد أفراد ال حيصلون عىل وظائف ملاذا توجد مقايضة بني التضخم والبطالة يف املدى الزمني الطويل ملاذا يتميز االدخار للمستقبل بقدر كبري من االعتباطية ملاذا تتمتع أسعار األصول واستثامرات الرشكات الكربى بالتذبذب ملاذا متر أسواق العقار بدورات للنهوض واالهنيار ملاذا يستمر الفقر يف أوساط األقليات املحرومة ألجيال هذا ونسارع لنالحظ أن املطالبة بإعادة النظر يف نظرية االقتصاد الكيل قد استوحيت من أزمة االقتصاد األمريكي احلديثة العهد إال أهنا ذات داللة بالغة يف ما يتعلق بآفاق املسامهات التأصيلية يف جمال االقتصاد وارتباطاته بالعلوم االجتامعية األخرى واستكشاف خصائص متفردة للمجتمعات العربية تؤثر يف عمل االقتصاد املعيش. اقتصاديات التنمية: المجال الرحب لتكامل العلوم االجتماعية مهام يكن من أمر تطور النظرية االقتصادية املهيمنة يف حضن الدول املتقدمة ومهام يكن من أمر اإلنجاز النظري الرائع يف الربهان عىل صحة مقولة آدم سميث حول اليد اخلفية وآلية السوق حتت رشوط نظرية حاكمة بدأت املعاهد تركز يف دراساهتا الع ليا ويف بحوثها االقتصادية عىل جمال اقتصاديات التنمية وهو جمال أخذ يستعيد مكانته العلمية من جديد يف أهم اجلامعات يف العامل. وعىل هذا األساس يقرتح أن يتبنى معهد الدوحة جمال اقتصاديات التنمية كمدخل هليكل تدريس علم االقتصاد من دون أن يعني ذلك عدم تدريس املكونات هلذا

151 دراسات مالحظات حول تدريس علم االقتصاد من واقع الخبرة األكاديمية العلم وذلك هبدف حتقيق غايته الرامية إىل تعزيز تكاملية العلوم االجتامعية وتأكيد املنهج العابر للتخصصات يف هذه العلوم. وتوطئة لتربير هذا التوج ه يالح ظ أن كروغامن ))) زعم يف مسامهة بعنوان»نحو ثورة مضادة للثورة املضادة القتصاديات التنمية«أن اقتصاديات التنمية كفرع متخصص من فروع علم االقتصاد مل يعد له وجود. ولتفسري هذا الزعم أطلق صفة»النظرية الراقية للتنمية«عىل جمموعة األفكار املحورية القتصاديات التنمية التي تبلورت خالل األربعينيات واخلمسينيات من القرن العرشين. ويعتقد أن»النظرية الراقية للتنمية«قد تم جتاهلها فيام بعد ألن الذين قالوا هبا مل يتمكنوا من تبيان رسائلهم النظرية بقدر كاف من الوضوح التحلييل ومل يتمكنوا من صوغ أفكارهم يف شكل نامذج رياضية حسب التطورات التي حدثت يف منهجية علم االقتصاد النظري. ويرى كروغامن أن مرد هذا الفشل قد كمن يف صعوبة نمذجة االقتصاديات ذات املنافسة غري الكاملة التي ترتتب عىل وجود وفورات خارجية وعوائد متزايدة احلجم وهي الظواهر االقتصادية التي ركزت عليها النظرية الراقية للتنمية كأهم خصائص اقتصاديات الدول النامية. وعىل الرغم من هذا النقد متت اإلشادة بمجموعة األفكار املحورية التي قالت هبا النظرية الراقية للتنمية ومالحظة أن هذه األفكار ال تزال صحيحة من الناحية النظرية وأهنا ستظل ذات قيمة عالية ألغراض التطبيق. هذا وقد دعا كروغامن إىل إعادة احليوية للنظرية الراقية للتنمية وذلك من خالل تطوير نامذج نظرية لالقتصاديات التي تتصف بعوائد متزايدة للحجم وحذر يف الوقت نفسه من االتباع احلريف ملقوالت النظرية النيوكالسيكية خصوص ا يف ما يتعلق بقضايا إحداث التنمية وبدور الدولة يف املجال االقتصادي. ويف تعليق عىل هذا النقد الحظ استيغلتز )1993( ))) أن قراءة كروغامن لتاريخ املسامهات التنظريية يف جمال اقتصاديات التنمية تتسم بقدر ال بأس فيه من املحدودية وأن الدول النامية توفر جمموعة غنية من املشاهدات واحلقائق التي حتتاج إىل تفسري وأن التحدي الذي يواجه النظرية االقتصادية هو تطوير النامذج التي من شأهنا تفسري أكرب عدد من املشاهدات واحلقائق وليس فقط تلك النامذج التي يمكنها تناول الظاهرة التقنية للعوائد املتزايدة للحجم. كذلك الحظ استيغلتز أن النقد املوجه إىل النظرية النيوكالسيكية ال يقترص فقط عىل عدم قدرهتا عىل التعامل مع العوائد املتزايدة للحجم وإنام يشتمل وبطريقة جذرية أيض ا عىل النقد املوجه نحو افرتاضاهتا فيام يتعلق بمحتوى معلومات النموذج التنافيس الذي تعتمد عليه النظرية وهي افرتاضات تتصف بعدم املعقولية وعدم الواقعية. ويالحظ يف هذا الصدد أن عدم توافر املعلومات املطلوبة للنموذج التنافيس أو توافرها بطريقة غري كاملة يتسبب يف أن تفقد النظرية النيوكالسيكية قوهتا خصوص ا فيام يتعلق بالتخصيص األمثل للموارد االقتصادية ومن ثم تفقد قوة مقرتحها اخلاص بتحقيق الكفاءة يف ختصيص هذه املوارد. ويف البلدان النامية أكثر منها يف البلدان املتقدمة يكتسب افرتاض»توافر املعلومات«املطلوبة لعمل النموذج التنافيس أمهية حرجة إذ عادة ما تتفشى يف هذه الدول ظواهر عدم كامل املعلومات وعدم وجود األسواق. ويف االجتاه نفسه ي عترب كتاب أمارتيا سن بعنوان التنمية حرية )1)) الذي صدر عام 1999 وت رجم إىل اللغة 8 Paul Krugman, Towards a Counter-Counter-Revolution in Development Theory, in: Michael Bruno and Boris Pleskovic, eds., Proceedings of the World Bank Annual Conference on Development Economics, 1993: Supplement to the World Bank Economic Review and The World Bank Research Observer (Washington, DC: World Bank, 1994). 9 Joseph E. Stiglitz, «Comment on Towards a Counter-Counterrevolution in DevelopmentTheory,» in: Bruno and Pleskovic, eds., Proceedings of the World Bank Annual Conference. الحظ أن استيغلتز حاز جائزة نوبل يف العلوم االقتصادية لعام. 2001 10 انظر: 1999). Press, AmartyaSen, Development as Freedom (Oxford; New York: Oxford University الحظ أن سن حاز جائزة نوبل يف العلوم االقتصادية لعام 1998.

العدد 2 خريف 2012 152 العربية عام 2004 تلخيص ا مكثف ا ألهم مسامهاته يف نقد نظرية الرفاه التقليدية يف تطبيقها عىل قضايا التنمية. تتلخص الفكرة املحورية ملسامهات سن يف أنه»يمكن النظر إىل التنمية عىل أهنا عملية لتوسيع احلريات احلقيقية التي يتمتع هبا البرش«. ويتعارض مثل هذا املنظور الذي يركز عىل حريات اإلنسان مع املقاربات الضيقة للتنمية كتلك التي تعترب التنمية عىل أهنا نمو الناتج القومي اإلمجايل أو أهنا ازدياد متوسط دخل الفرد أو أهنا التصنيع أو أهنا التقدم التقني أو أهنا التحديث االجتامعي. وعىل الرغم من أن بعض هذه املقاربات متثل وسائل لتوسيع حريات البرش فإن احلريات تعتمد عىل حمددات أخرى كالرتتيبات االجتامعية لتوفري خدمات الصحة والتعليم واحلقوق السياسية واملدنية التي هتيئ الفرص للمشاركة يف اجلدل حول القضايا العامة ومساءلة أويل األمر. فإذا كان توسيع احلريات احلقيقية التي يتمتع هبا الناس هي ما تعنى به عملية التنمية فهنالك ما يربر الرتكيز عىل هذه الغاية النهائية عوض ا عن االهتامم ببعض الوسائل التي ختدمها كمتوسط دخل الفرد أو التصنيع أو التحديث. ويف مثل هذا املنظور تتطلب التنمية القضاء عىل أهم مصادر عدم احلرية كالفقر وانعدام الفرص االقتصادية واحلرمان االجتامعي وإمهال اخلدمات العامة ومظاهر القمع بواسطة أجهزة الدول. تتأتى األمهية املحورية للحرية يف عملية التنمية من مصدرين: األول ي عنى بتقييم أداء السجل التنموي بمعنى أن التقدم الذي يتم إحرازه من خالل العملية التنموية ال بد أن يتم تقييمه بالنظر إىل ما إذا كانت احلريات التي يتمتع هبا الناس قد تم تعضيدها وتوسعيها. واملصدر الثاين ي عنى بكفاءة األداء التنموي بمعنى أن كل تقدم حي رز يف جمال التنمية ال بد أن يكون قد ارتكز عىل التفاعل احلر بواسطة البرش واشرتاكهم يف إحراز التقدم املعني كرشكاء وليس كأطراف مستقبلة لنتائج الربامج التنموية التي تطبق عليهم بواسطة طرف آخر. ويالح ظ يف هذا الصدد أن فائدة الثروة تكمن يف أهنا متكننا من القيام بعدد من األفعال ومن ثم حتقيق عدد من احلريات إال أن هذه العالقة ليست استقصائية بمعنى أن هنالك مؤثرات أخرى يف حياة األفراد كام أهنا ليست منتظمة بمعنى أن وقع الثروة يتباين مع املؤثرات األخرى. ومن ثم فإن اإلطار املفاهيمي املالئم للتنمية البد أن يتعدى عملية تراكم الثروة لينظر إىل أبعاد حياتية أخرى هتم الناس ويثم نها الناس. بالنظر إىل التنمية ك»عملية لتوسيع حريات البرش«ينصبر االهتامم عىل توسيع»استطاعة«أو»مقدرة«الناس ليحيوا حياة يثم نوهنا أو يرغبون يف حتقيقها أو حياة لدهيم من األسباب ما يدعوهم لتثمينها. ويلعب مفهوم»االستطاعة«دور ا حموري ا يف التحليل كبديل من مفهوم الدخل يف تعريف رفاه الناس وما يسعون إىل حتقيقه ويف تقييم األداء التنموي عموم ا. ويالحظ يف خصوص استخدام»االستطاعة«لتقييم األداء التنموي أنه مل يقصد به وجود معيار وحيد وحمدد ملقارنة وترتيب التجارب التنموية املختلفة. ففي ظل تباين مكونات احلرية ويف ظل احلاجة إىل األخذ بعني االعتبار تفاوت احلريات الشخصية لألفراد فإنه ال مناص من وجود اجتاهات متضاربة يف جتارب التنمية حتول دون التوصل إىل ترتيب كامل ملختلف هذه التجارب. وعىل هذا األساس فإن النظر إىل التنمية عىل أهنا عملية لتوسيع حريات البرش يرمي إىل إيالء خمتلف جوانب عملية التنمية االهتامم الذي يليق بكل منها وهو ما ي مثل مدخال مفاهيمي ا للمسامهة يف حتقيق هدف تكامل مناهج العلوم االجتامعية.