تطور فكرة تقسيم املشرق العربي في مراكز الفكر الغربية )1022-1002 ) د. بشير زين العابدين تناولت العديد من املصنفات الحديثة ظاهرة تأثير األزمات الداخلية في بلدان العالم العربي على األمن الدولي حيث مثلت هشاشة البنى التحتية للجمهوريات العربية الحديثة منذ تأسيسها نموذجا لحالة انعدام االستقرار الذي يمكن أن يؤثر على منظومات األمن اإلقليمي. وتأتي هشاشة البنى التحتية لهذه الجمهوريات كنتيجة حتمية النعدام التوازن بين مفهومي "الدولة" )state( و"األمة" )nation( خاصة وأن معظم الجمهوريات العربية قد نشأت على أساس صفقات بين قوى استعمارية في مطلع القرن العشرين دون مراعاة ملفهوم "الدولة القومية" state( )nation مما أدى إلى خضوع هذه الدول لألنظمة العسكرية الشمولية بعد خروج املستعمر واندالع النزاعات الحدودية وتدهور العالقة بين الدولة 1 وبين مختلف فئات املجتمع إثر ارتكاز السلطة على قواعد ضيقة من الفئات املستفيدة. و نظرا لضعف مؤسسات اإلدارة وأجهزة الحكم في هذه الدول فإن املهددات التي تواجهها غالبا ما تأتي من عوامل داخلية وذلك نتيجة عجزها عن تشكيل عالقة متوازنة بين السلطة واملجتمع ثم تأتي عوامل: الضعف االقتصادي وسوء توزيع الثروة والتوتر بين مختلف املجموعات اإلثنية واملذهبية داخل املجتمع كعوامل تنخر في جسد هذه الدول وتمنعها من تشكيل نظام أمني متوازن. وبناء على هذه املعطيات فقد ذهب بعض املنظرين الغربيين إلى أن الخالفات الحدودية وتدهور العالقة بين املذاهب واإلثنيات داخل الدولة يمكن أن تهدد منظومات األمن الدولية برمتها مما يستدعي التدخل الخارجي ملعالجة بؤر التوتر املحلية لبعض الدول الشرقية بهدف درء هذه املخاطر خاصة وأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 1001 قد دفعت باملجتمع الدولي لالعتراف بتنامي خطر الجماعات املتطرفة العابرة للحدود وإمكانية تعرض طرق اإلمداد ومصادر الطاقة للتهديد من قبل جماعات راديكالية تتخذ من بعض الدول الهشة 1 قواعد ارتكاز لها. وساعد بروز القوى الفاعلة خارج إطار الدول actors( )non state على ترسيخ االرتباط بين األمن اإلقليمي واألمن الدولي حيث مثلت حادثة تفجير برجي التجارة العامليين نقطة تحول في تبني واشنطن إستراتيجية أمنية 1 Mohammed Ayoob, Regional Security in the Third World (Colorado: Westview Press, 1986), 6. 2 Benjamin Miller, States, Nations, and the Great Powers (Cambridge Studies in International Relations, 2007), 12-15. 1
جديدة ملواجهة الفكر املتطرف الذي انتشر في بعض دول الشرق األوسط وذلك من خالل العمل على توظيف القوى املجتمعية داخل هذه الدول لفرض تغييرات في بنية مؤسسات اإلدارة والحكم. ويمكن تلمس تلك التوجهات من خالل رصد الدراسات التي نشرها باحثون مقربون من دوائر اتخاذ القرار السياس ي في الغرب وعلى الرغم من عدم تبني الحكومات الغربية أيا من هذه الدراسات إال أن املشاريع التي تقدمت بها معاهد الفكر إلعادة رسم خريطة الشرق األوسط قد عرضت على كبار املسؤولين في الحكومات الغربية املتعاقبة منذ عام 1001 وحظيت باهتمامهم كما أنها نوقشت على مستوى مؤسسات التخطيط اإلستراتيجي وصنع القرار ويمكن تفصيل تطور فكرة التقسيم املنطقة العربية فيما يأتي: أوال : تطور فكرة التقسيم والتسويق ملشاريع الحكم الفيدرالي عبر دعم القوى املجتمعية )1002-1002( ارتكزت األطروحات املتعلقة بضرورة إعادة رسم خريطة املشرق العربي على نقد مخرجات معاهدة: "سايكس بيكو" )( والتي نصت على منح فرنسا كال من: املوصل وسوريا ولبنان ومنح بريطانيا جنوب بالد الشام وصوال إلى بغداد والبصرة وجاءت بعد ذلك معاهدة "سيفر" )10( إلقرار الحدود التي تم ترسيمها من قبل ومن ثم معاهدة "سان ريمون" في العام نفسه والتي نصت على وضع سوريا والعراق تحت االنتداب الفرنس ي والبريطاني تباعا. وعلى إثر انعتاق الجمهوريات العربية من االنتداب األوروبي انتشرت ظاهرة االنقالبات العسكرية والحكم الشمولي فيما اندلعت الصراعات الحدودية بين هذه الدول نظرا لعدم رضاها بالتركة التي توافقت عليها الدول الغربية القتسام مناطق النفوذ فيما بينها وواجهت هذه الدول مشاكل كبيرة في ترسيخ مفهوم املواطنة ضمن إطار الدولة وذلك في مقابل انتشار األطروحات األممية واإلثنية وأخذت العديد من القوى املجتمعية تعزز وجودها السياس ي واإلعالمي خارج إطار الدولة إثر انحسار املد القومي وتنامي تيارات التطرف الديني وخاصة في العراق وسوريا ودول الخليج العربي. وكان أول من طرح فكرة تغيير البنية الجيو-سياسية للشرق األوسط في مطلع األلفية الثالثة الضابط املتقاعد رالف بيترز الذي نشر دراسة ذكر فيها أن الحرب على اإلرهاب ستبقى ناقصة ما لم تتم معالجة: "قضايا اإلرهاب األصولي والتخريب والكراهية الصادرة من الدول املحافظة التي لعبت دورا في تقويض األنظمة العلمانية ونشر 3 التطرف في العالم اإلسالمي وإعادة حقوق اإلنسان إلى الوراء". وفي هذه األثناء بدأت الصحافة ومراكز البحث الغربية املقربة تتقدم بأطروحات إلعادة رسم خريطة املنطقة العربية كحل ملواجهة التشدد الديني وإمكانية استخدام القوة العسكرية لتحقيق ذلك ففي ورقة مقدمة إلى 3 Ralph Peters, The Saudi Threat, Wall Street Journal, (4 th January 2002). 2
وزارة الدفاع األمريكية في شهر يونيو 1001 دعا الخبير اإلستراتيجي بمؤسسة "راند" لوران موريس اإلدارة 4 األمريكية إلى تبني حلول عسكرية متشددة إذا فشلت جهود اإلصالح في املنطقة العربية. وفي الفترة ذاتها شارك القيادي في أوساط املحافظين الجدد وليام كريستول في مؤتمر بإيطاليا )يونيو 1001( وتحدث في مداخلته عن وجود أجندة أمريكية ستبدأ بالحرب على العراق وتنتهي: "بإسقاط األنظمة امللكية في الخليج العربي" وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" األمريكية أن املستمعين من النخبة األوروبية قد صعقوا 5 من صراحة كريستول وأسلوبه املباشر في الطرح. وتزامنت تلك األطروحات املتطرفة مع نشر تقرير تقدم به مؤسس معهد "هدسون" للدراسات اإلستراتيجية ماكس سنجر لوزارة الدفاع األمريكية )أغسطس 1001( يتلخص في الدعوة إلى إسقاط األنظمة امللكية ودعم املعارضة في الخارج إلنشاء جمهورية مستقلة في شرقي شبه الجزيرة العربية وذكر املتحدث باسم البنتاغون اللفتنانت مايكل هوم أن سنجر قد اجتمع بأندرو مارشال وهو أحد املقربين من وزير الدفاع األمريكي األسبق 1 ودار الحديث بينهما حول إمكانية إنشاء كيان جديد على أسس طائفية في الخليج العربي. وفي الفترة التي ظهرت فيها التقارير الداعية إلى إعادة رسم الخارطة العربية عام 1001 كانت اإلدارة األمريكية منهمكة في إعداد خططها لغزو العراق الذي تأسس فيه منذ عام 1003 نظام سياس ي يقوم على محاصصة إثنية-طائفية شبه رسمية وأصبح االنقسام العرقي والطائفي في املحافظات العراقية أمرا ال يمكن تجاهله على أرض الواقع. ومنذ ذلك الحين بدأت تتضحححححححححححح مالمح اإلسححححححححححححتراتيجية األمريكية الجديدة للشححححححححححححرق األوسححححححححححححط والتي ارتكزت على دعامتي: "دعم الديمقراطية" و"تمكين األقليات" ابتداء من العراق وانتهاء بدول الخليج العربية ففي شححححححححححححهر مارس 1003 نشححححححححر الرئيس الفخري ملجلس العالقات الخارجية األمريكي ليسححححححححلي غليب مقاال بعنوان: "العراق حل الدول الثالث" دعا فيه إلى تقسحححححححيم العراق إلى ثالث دول على أسحححححححاس عرقي وطائفي وقد تبنت لجنة بيكر هذا املقترح الذي أيده أبرز أعضحححاء املجلس ودعا غليب في مقاله إلى إنشححاء دولة جديدة على أسحححس مذهبية في 7 الخليج العربي بعد إنجاز مشروع تقسيم العراق. 4 A briefing at the Pentagon to the Defense Policy Board by Rand Corporation, prepared by Laurent Murawice, on 10 th July 2002. 5 Richard Cohen, Kristol Unwelcome Message, The Washington Post, th June 2002. 6 USA Today and the Financial Times, 21 st August 2002. 7 L. Glib, President of the Foreign Affairs Committee (2004) Iraq: Three States Solution, New York Times, 10 th March 2004. 3
وفي شححححححححححححهر أبريل 1001 نشححححححححححححر معهد "غلوبال ريسححححححححححححيرتت" الكندي مقاال لغاري هلبرت تحدث فيه عن وجود مخططات أمريكية لتقسحححححححححيم منطقة الشحححححححححرق األوسحححححححححط على أسحححححححححس إثنية وطائفية وأكدت الدراسحححححححححة أن نائب الرئيس األسبق ديك تشيني ونائب وزير الدفاع األسبق بول ولفويتز كانا من أبرز املؤيدين لفكرة التقسيم كما نشحححححححححححر املعهد تقريرا خر في شحححححححححححهر نوفمبر من العام نفسحححححححححححه تحدث الكاتب فيه عن إمكانية أن تشحححححححححححهد املرحلة 8 املقبلة بذل جهود استخباراتية لتشجيع األقليات في املنطقة للمطالبة بكيانات سياسية مستقلة. وتزامن صححدور هذا املقال املثير للجدل مع قيام مركز "سححتراتفور" للدراسححات الجيوسححياسححية بنشححر تقرير يشححير إلى اعتزام اإلدارة األمريكية تقسححححححيم العراق إلى ثالث دول بحيث يكون القسححححححم األول وسححححححط العراق وعاصححححححمته بغححداد والقسححححححححححححم الثحاني في إقليم "كردسححححححححححححتحان العراق" الححذي يمكن أن يتحول إلى دولححة تتمتع بحكم ذاتي أمححا القسححححححححححم الثالث فيقع جنوب العراق وعاصححححححححححمته البصححححححححححرة ويقوم على أسححححححححححس مذهبية بحتة وورد الحديث عن إمكانية أن يضححححم القسححححم الثالث أجزاء من الخليج العربي وأكد التقرير أن هذه املقترحات قد طرحت للنقاش 1 في لندن مع بعض الساسة العراقيين في شهر يوليو 1005. وفي شحححححححححهر يوليو 1001 نشحححححححححرت مجلة القوات املسحححححححححلحة األمريكية دراسحححححححححة للنائب األسحححححححححبق لرئيس هيئة األركان األمريكي رالف بيترز دعا فيه إلى إعادة رسحم خارطة الشحرق األوسحط وعلى الرغم من أن هذه الخطة لم تعتمد من قبل اإلدارة األمريكية إال أنها عرضحححححت للنقاش في كلية حلف شحححححمال األطلسححححح ي وتم تداولها في دوائر رسحححححمية عدة بالواليات املتحدة األمريكية وأكد أحد الباحثين بمعهد الدراسحححححححححححححات الدولية وجود خرائط أخرى ال تقل أهمية عن خارطة بيترز إال أنها لم تتسححححححححححرب إلى الصحححححححححححافة وقد أدى نشححححححححححر هذه الخارطة ومناقشححححححححححتها في أروقة النحححاتو إلى احتجحححاج رئيس هيئحححة األركحححان التركي لحححدى نظيره األمريكي من التجحححاوز الخطير املتمثحححل في الحححدعوة إلى 10 إنشاء دولة كردية على حساب تركيا. ثانيا : الدعوة إلى دعم مطالب املعارضة الراديكالية باالنفصال السياس ي والحكم الذاتي )1020-1002( بحلول عام 1007 بدأت تظهر مالمح تفاعل القوى املجتمعية األكثر تشددا في املشرق العربي مع دعوات التقسيم الغربية وبدا ذلك جليا في تعالي أصوات الجماعات املتطرفة للمطالبة باالنفصال السياس ي حيث نشرت مجلة "ميدل إيست بوليس ي" في عددها الصادر بتاريخ يونيو 1007 تقريرا يؤكد أن األنظمة العربية باتت تشعر بالقلق من تنامي نشاط التنظيمات املتطرفة املرتبطة بإيران مما دفع بعدد من القادة والزعماء 8 Mahdi Darius Nazemroaya, Plans for Redrawing the Middle East, (Global Research, 18 th November 2006). 9 Stratfor Center for Geopolitical Studies, April 2006. 10 Ralph Peters, Blood Borders: How a Better Middle East Look, Armed Forces Journal, (July 2006). 4
العرب لتحذير الدول الغربية من مخاطر دعم هذه الجماعات التي تهدد حالة السلم االجتماعي وتتسبب بشرخ خطير في العالقات اإلقليمية. وفي مطلع عام 1008 صع دت طهران موقفها ضد اململكة العربية السعودية ودولة اإلمارات العربية املتحدة وكررت ادعاءاتها بتبعية البحرين لها وذلك بالتزامن مع مطالبة زعماء الحركات الراديكالية في املنطقة بتقسيم الدول العربية على أسس مذهبية ونقلت وكالة رويترز عن أحد زعماء هذه الجماعات املتطرفة قوله: "عندما يستقر الوضع في العراق وتسود ديمقراطية حقيقية سيسود كيان شيعي خر في املنطقة إضافة إلى إيران" وأكد املحلل األملاني ماكسميالن تيرهال أن أنظار هذه الجماعات في شرقي شبه الجزيرة العربية ترنو إلى تحقيق الحكم الذاتي. في هذه األثناء واجهت مؤسسات دعم الديمقراطية تهما رسمية بدعم الجماعات الراديكالية من خالل: إقامة ندوات حوارية وعقد اجتماعات تنسيقية مع زعماء هذه الجماعات 13 وتنظيم برامج تدريبية لهم في دول عربية وغربية كبرنامج "قادة الديمقراطية" الذي رعته وزارة الخارجية األمريكية عام 1008 وشارك فيه عدد من قادة 14 الجماعات املتطرفة التي ال تؤمن بالديمقراطية من حيث املبدأ. وتعتبر مؤسسة: "الوقف القومي للديمقراطية" )NED( أحد أبرز املؤسسات التي اتهمت بدعم جماعات املعارضة املتطرفة وتمويلها فيما يخالف قانون الدول التي تنشط فيها هذه الجماعات وقد واجهت هذه املؤسسة التي تعمل في أكثر من 100 دولة حول العالم- تهما بخرق قوانين البالد التي تعمل فيها وخاصة فيما 15 يتعلق بتمويل هذه الجماعات. Maximilian Terhalle, "Are the Shia Rising?" Middle East Policy, (June 22 nd 2007). 12 Ibid, p. 71. 13 يمكن الحديث عن خمس مؤسسات أمريكية تعمل في مجال دعم الديمقراطية في الشرق األوسط هي: الوقف القومي للديمقراطية :)NED( وهي مؤسسة شبه رسمية تأسست عام 83 تهدف إلى تمويل املؤسسات الديمقراطية حول العالم دون الحاجة إلى الدعم الحكومي املباشر واملعهد القومي الديمقراطي للشؤون الخارجية :)NDI( وهي مؤسسة غير ربحية يتم تمويل أنشطتها من قبل )NED( وهدفها دعم الديمقراطية وترسيخ مؤسساتها في مختلف دول العالم واملعهد الجمهوري الدولي :)IRI( الذي يهدف إلى ترسيخ مفاهيم الحرية ودعم جهود الحكم الذاتي وتعزيز دور القانون في مختلف دول العالم ويحصل على تمويله من قبل الوقف القومي للديمقراطية ومبادرة الشراكة الشرق أوسطية :)MEPI( التي تعمل من خالل برامج تديرها وزارة الخارجية األمريكية وتهدف إلى دعم التطور السياس ي واالقتصادي والتربوي في الشرق األوسط والوكالة األمريكية للتطوير الدولي :)USAID( وتهدف إلى دعم التطور السياس ي واالقتصادي في مختلف دول العالم. 14 Congressional Research Service, Bahrain: Political Structure, Reform and Human Rights, Kenneth Katzman, (28 th February 20). 15 بلغت ميزانية Democracy( )National Endowment for السنوية: 5 مليون دوالر عام 1001 و 8 مليون دوالر عام 1010 و 105 ماليين دوالر عام 10 وبلغ مجموع ما أنفقته )NED( في الشرق األوسط عام 1001 على برامج دعم الديمقراطية: 17888000 دوالر في حين أنفقت 1584108000 دوالر على هذه البرامج عام 1010. 5
وعلى هامت برامج "دعم الديمقراطية" و"تمكين األقليات" شهدت الفترة املمتدة ما بين عامي 1008 و 1010 لقاءات مكثفة بين مسؤولين غربيين وزعماء جماعات راديكالية تناولت سبل دعم هذه الجماعات في ممارسة دور أكثر فاعلية في شؤون املنطقة ومناقشة إمكانية تأسيس كيان جديد في شرقي الجزيرة العربية على أسس مذهبية وقد أكد هذه الحقيقة أحد املعارضين في الخارج بقوله: "حين أثير موضوع تقسيم اململكة ركز املواطنون الشيعة على موضوع اإلصالح السياس ي والبقاء ضمن البوتقة الوطنية رغم اإلغراءات الكثيرة التي حاولت بعض الجهات األمريكية الدخول من خاللها لتفتيت الوضع املحلي". وشحححححححهد عام 1001 بصحححححححفة خاصحححححححة محاوالت حثيثة من قبل هذه املجموعات لتأزيم املوقف السحححححححياسححححححح ي في دول الخليج العربية واملطالبة بتشححححححححححححكيل كيانات مسححححححححححححتقلة ونظمت هذه الجماعات حمالت احتجاجية اتسححححححححححححمت بالعنف وتتوجت بدعوة أحد رجال الدين املتشددين إلى االنفصال السياس ي وحض أتباعه على حمل السالح 17 ضد الدولة قائال: "كرامتنا أغلى من وحدة هذه البالد... لن تنالوا عدال إال بالجهاد". وقد دأب العديد من املحللين الغربيين على دراسة مظاهر الدعم األمريكي لهذه الجماعات املتطرفة وإبداء التفهم ملطالهها باالنفصال السياس ي أو الحكم الذاتي ومن أبرز هذه الدراسات كتابات الباحث األمريكي من أصل إيراني ولي نصر الذي أكد أن الواليات املتحدة األمريكية قد تبنت مبدأ "تمكين األقليات" في العالم العربي منذ عام 1003 وقد فرض ذلك عليها وضع سياسة جديدة للتعامل مع األقليات في املنطقة املمتدة ما بين لبنان 18 وباكستان. ورأى نصر أن مصال الواليات املتحدة قد ارتبطت منذ ذلك الحين بجماعات إثنية وطائفية متحمسة ملشاريع دعم الديمقراطية األمريكية مؤكدا أن مفتاح التغيير في الشرق األوسط ينبع من العراق التي تم تغيير موازين القوى فيها بصححححححححححححورة "أكثر واقعية" حيث يضححححححححححححمحل دور الحركات العلمانية فيها وتندرس معالم اإليديولوجيا والفكر في حين تفرز العمليات االنتخابية ممثلين عن األعراق والطوائف بدال من منسححححوبي األحزاب والحركات 16 حمزة الحسن "عالقة شيعة السعودية الخارجية مذهبيا وسياسيا ". موقع الجزيرة نت ) يناير 1008(. 17 Sarah Leah Whitson, Denied Dignity: Systematic Discrimination and Hostility toward Saudi Shia Citizens, Human Rights Watch, (3 rd September 2009). 18 ولي نصر: باحث أمريكي من أصل إيراني يحمل درجة األستاذية في السياسة الدولية وهو عضو بمجلس العالقات الدولية األمريكي ومجلس الشؤون األمريكية اإليرانية كما يتمتع بصلة وثيقة مع أقطاب اإلدارة األمريكية وعدد من أعضاء الكونغرس وقد اهتم مركز الدراسات اإلستراتيجية والدولية األمريكي بنشر أبحاثه. 6
السحححياسحححية مشحححيرا إلى أن هذه القوى املجتمعية هي التي سحححتهيمن على السحححاحة السحححياسحححية في الشحححرق األوسحححط وستستحوذ على املوارد والثروات في مرحلة ما بعد اإلطاحة بالدكتاتوريات. وفي دراسحححححححححححححة حول ارتباط املصحححححححححححححال األمريكية باألقليات توقع الباحث األمريكي جيمس لي زيادة تأثير األقليات على الشححؤون السححياسححية واالقتصححادية في منطقة الخليج العربي خاصححة وأن إيران هي الدولة األكبر في املنطقة ورأى لي أنحه بححات من املتعين على الححدول وتمححارس نفوذا على عححدد من الجمححاعححات املرتبطححة بهححا فكريححا وعقححائححديححا الغربية أن تبدي اهتماما أكبر بالعوامل الجيوسححححححححححياسححححححححححية في الخليج العربي بدال من االقتصححححححححححار على سححححححححححياسححححححححححة 10 الضغط االقتصادي والسياس ي على إيران. وفي عام 10 نشححححححححححححرت مجلة "فورين بوليسحححححححححححح ي" األمريكية دراسححححححححححححة للباحث أ. بينات انتقد فيها نزوع األنظمة امللكية إلى املحافظة على الوضححححححححححححع القائم مما ينذر بعواقب وخيمة على األوضحححححححححححححاع األمنية في املنطقة وأشحححححححححححححار الباحث إلى إمكانية أن تتعاون اإلدارة األمريكية مع إيران لدعم جماعات املعارضححححححححححححة بهدف تعزيز الديمقراطية 12 في هذه الدول. وقد مثلت مرحلة الربيع العربي فرصحححححححححححححة سحححححححححححححانحة ألن يتقدم مجموعة من الباحثين الغربيين بأطروحات أكثر جرأة فيما يتعلق بإعادة رسححححم خريطة املنطقة العربية على أسححححس إثنية ومذهبية ففي الوقت الذي ركزت فيه الحركات الشعبية في الجمهوريات العربية على تعزيز الحريات العامة وإصالح أنظمة اإلدارة والحكم انخرطت بعض مراكز الفكر الغربية في دعم توجهات جماعات اللوبي اإليراني واإلسحححححححرائيلي ملناقشحححححححة املشحححححححاريع التفتيتية وترجيح كفة مطالب الجماعات املتشددة بالحكم الذاتي واالنفصال السياس ي. ويمكن القول بحححأن املرحلحححة 1013-10 قحححد مثلحححت تحوال كبيرا في الفكر الغربي نحو ترجيح مشحححححححححححححححاريع إعحححادة تشححححححححححححكيل املنطقة على أسححححححححححححس فيدرالية وذلك في ظل اضححححححححححححمحالل دور الدولة وانحسححححححححححححار اإليديولوجيا وعجز املجتمعات العربية عن إفراز نخب سياسية ناضجة لتحل محل األحزاب الشمولية البائدة. ثالثا : مرحلة الثورات الشعبية وظهور مفهوم "التجزئة داخل الحدود" )1022-1022( في أتون حالة الفوض ى التي انتابت الجمهوريات العربية ابتداء من عام 10 تنامت ظاهرة الولع الغربي بخريطة املنطقة العربية إذ بدأت تظهر رسومات جديدة وخرائط مستحدثة إلعادة تقسيم املنطقة وفق 19 Vali Nasr, Regional Implications of the Shia Revival in Iraq, The Washington Quarterly, Summer (2004): 7-24. 20 James Leigh, Shia Islam and Oil Geopolitics, Energy Bulletin, (23 rd Dec. 2008). 21 A. Bayyenat, U.S. Policy Towards Bahrain and the Iran Factor, Foreign Policy Journal, (8 th June 20). 7
مصال القوى الدولية املتنافسة ومثل املشهد اإلنساني املروع لألزمة السورية فرصة لتناول الثورات العربية من منظور جديد ففي محاضرة بمدرسة: "جيرالد فورد للسياسة العامة" طرح عراب السياسة الخارجية األمريكية هنري كيسنجر فكرة تقسيم سوريا على أسس إثنية وطائفية قائال : "هنالك ثالث نتائج ممكنة: انتصار األسد أو انتصار السن ة أو نتيجة تن طوي على قبول مختلف القوميات بالتعايت معا ولكن في مناطق مستقلة ذاتيا على نحو أو خر بحيث ال تقمع بعضها البعض وهذه هي النتيجة التي أفض ل رؤيتها تتحقق". والحقيقة هي أن رؤية كيسنجر لحل األزمة السورية عبر تقسيم الكيان الجمهوري على أسس إثنية ومذهبية ال تنبع من محض هواجس ذاتية لدى وزير الخارجية األمريكي األسبق بل تأتي ضمن مراجعات تجريها مراكز الفكر الغربية وبعض الجهات الرسمية التي بدأت تدعو في مرحلة الثورات العربية إلى إعادة فرز القوى السياسية وفق معادلة تفتيتية تقوم على املحاصصة داخل إطار الدولة. فقد رأى الباحث في جامعة هارفرد "روجر أوين" أن التسوية الغربية للمنطقة العربية عقب الحرب العاملية األولى قد أنتجت دوال مصطنعة ال يزال تحقيق االستقرار متعذرا دون حكم عسكري استبدادي مما يدفع باملجتمع الدولي اليوم للبحث عن ترتيبات جديدة تهدف إلى تحقيق االستقرار بصورة أكثر واقعية وذلك من خالل إعادة تقسيم املنطقة وفق حدود جديدة تحظى باعتراف عالمي كما وقع في السودان أو من خالل تطبيق مفهوم: "التجزئة ضمن الحدود" كما هو الحال في العراق ورأى أوين أن السيناريو األخير هو األفضل بالنسبة 13 للحالة السورية إذ إن البديل قد يتمثل في نشوء دولة فاشلة يمكن أن تؤثر سلبا على جيرانها. وفي دراسة موازية أشار الكاتب بصحيفة "نيويورك بوست" أرنولد ألرت إلى ظهور عوامل التحلل على خريطة املنطقة العربية بعد مرور نحو قرن ساد فيه الحكم االستعماري ثم العسكري الشمولي ورأى ألرت أن الصورة األنسب لضمان استقرار الكيان الجمهوري في سوريا تكمن في تأسيس نظام "ترويكا" تتوزع السلطة فيه بين السنة واألكراد والعلويين مشددا على ضرورة وضع املصال األمريكية على قمة الحسابات في ترتيبات املرحلة 14 القادمة للبالد. وعلى نهج سابقيه نشر الباحث بجامعة "جورج تاون" غبريال شينمان بحثا أشار فيه إلى أن الشرق األوسط يدفع ثمن أخطاء الدول الغربية عندما رسمت خارطة املنطقة في مطلع ال قرن العشرين مؤكدا أن مفتاح حل 22 Henry Kissinger characterizes Syrian war as "ethnic and sectarian conflict," discusses other foreign policy issues at Gerald Ford centennial event, http://www.fordschool.umich.edu/news/?news_id= (Monday, July 1, 2013). 23 روجر أوين "املشرق العربي: من ترسيم الحدود إلى التجزئة ضمن الحدود " صحيفة الحياة 31 مايو 1013. 24 Arnold Ahlert, Obama s Iraq Surrender, Frontpage Mag, http://frontpagemag.com/2013/arnold-ahlert/obamas-iraq-surrender-brings-mideast-meltdown/ (May 31 2013). 8
األزمات السياسية في مرحلة الربيع العربي يكمن في إعادة رسم خريطة املنطقة فيما يتناسب مع طموحات األقليات اإلثنية واملذهبية مستشهدا بمبادئ ولسون األربعة عشر التي أقرت حق الشعوب في تقرير مصيرها 15 خالل مفاوضات السالم التي أعقبت الحرب العاملية األولى. جدير بالذكر أن املؤسسات اإلعالمية ومراكز البحث اإلسرائيلية قد بادرت من جهتها إلى تبني مفهوم إعادة رسم خريطة املشرق العربي وفق مفهوم "التجزئة ضمن الحدود" باعتبارها حلقة في سلسلة الترتيبات النهائية لعملية السالم فقد نشر رئيس تحرير صحيفة "هآرتز" العبرية ألوف بن مقاال أكد فيه على ضرورة أن تسفر تطورات املنطقة عن صياغة خريطة سياسية جديدة تحترم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وذلك عبر تأسيس كيانات سياسية جديدة وهو األمر الذي سيكسر عزلة إسرائيل ويتيح لها مجال املناورة ويعزز فرص تواصلها مع شعوب املنطقة واختتم بن مقالته بالقول: "ال نستطيع تجاهل أن إسرائيل هي العب أساس ي في السعي نحو إقامة الدولة الفلسطينية املستقلة وترسيم حدودها وفي سياق متصل لن تكون إسرائيل بمنأى عن تأثيرات تفكك الدول املجاورة لها ال سيما األردن وسوريا واململكة العربية السعودية حيث يمكن إلسرائيل أن تتبنى سياسة ذكية تمكنها من تحديد الفرص الكامنة النبثاق دول جديدة وتساعدها على استغالل هذه الفرص وتجعلها قادرة على احتواء عملية التحول الحتمي بهدف تعزيز قوتها ونفوذها في املنطقة". يعتبر الباحث في مؤسسة "أمريكا الجديدة" باراج خانا 17 ومنذ ظهور مؤلفه "كيف تدير العالم" عام 10 أحد أبرز املنادين بإعادة رسم خريطة الشرق األوسط حيث توقع أن يصل عدد الدول املستقلة في العالم خالل الفترة القادمة إلى 300 دولة بدال من 100 دولة اليوم وبناء على ذلك فقد دعا خانا في مقال نشر بصحيفة "نيويورك تايمز" إلى التعامل مع األزمات السياسية باملنطقة من خالل حلول جذرية تتلخص في تأسيس دول طائفية وإثنية )علوية وكردية( في املشرق العربي وأخرى قومية في سيا الوسطى تحت مسمى: 18 "أذربيجان الكبرى". وفي مقال خر نشرته مجلة "فورين بوليس ي" بعنوان: "االنفصال قد يكون مفيدا " رأى خانا أن والدة دولة جنوب السودان تمثل بداية الترتيبات لوالدة دول جديدة في الشرق األوسط على أسس إثنية ومذهبية واقترح الباحث حزمة من اآلليات االقتصادية والسياسية واالجتماعية لضمان استمرار هذه الدول واستقرارها منهها إلى 25 Gabriel Scheinmann, The Map that Ruined the Middle East, The Tower, http://www.thetower.org/article/the-map-that-ruined-the-middle-east/ (July 2013). 26 Aluf Benn, Caution: Middle East under Construction, Haaretz, 25 th March 20. 27 Parag Khanna, How to Run the World: Charting the Course to the Next Renaissance, Random House (20). 28 Parag Khanna and Frank Jacobs, The New World, The New York Times, September. 22, 2012. 9
ضرورة املزج بين املرونة والقسوة في تحقيق طموحات شعوب املنطقة إذ إن البديل الوحيد لحالة "الصراع الدائم" داخل هذه الدول يكمن في منح الشعوب حق تقرير املصير مهما كانت التكلفة ودعا الغربية إلى تقديم الدعم للهيئات اإلقليمية والجماعات االنفصالية لتأهيلها حتى تكون قادرة على إنجاز عملية إعادة التقسيم. ويمكن القول أن األزمة السورية الراهنة قد مثلت نموذجا لدى العديد من مراكز الفكر الغربية لتطبيق مفهوم "التجزئة ضمن الحدود" وفق النسق العراقي حيث نشرت في األشهر الثالثة املاضية مجموعة من الدراسات التي تقترح حل األزمة السورية على أساس إعادة الفرز الجيو-سياس ي ضمن إطار الحدود القائمة ولعل أبرزها الخريطة التي نشرها "معهد دراسات الحرب" والتي توقعت تقسيم الكيان الجمهوري إلى ثالثة أقسام: رقعة شمالية شرقية يسيطر عليها األكراد وأخرى وسط وشمال غربي البالد تسيطر عليها املعارضة في حلب وذلك 30 مقابل االعتراف الدولي بسيطرة النظام على دمشق وحمص والالذقية وطرطوس. رابعا : مشاريع التقسيم وتحديات الهوية السياسية في املشرق العربي اسحححححححتعرضحححححححت هذه الدراسحححححححة تطور وجهات نظر بعض مراكز البحث الغربية في املسحححححححتقبل السحححححححياسححححححح ي للمنطقة العربية خالل الفترة: 1013-1001 من خالل اإلستراتيجيات الثالث التالية: 1- طرحت مؤسححححححححححححسحححححححححححححات أمريكية مقربة من دوائر اتخاذ القرار في وزارتي الخارجية والدفاع األمريكيتين فكرة إعححادة رسححححححححححححم الخريطححة العربيححة عبر اسححححححححححححتنسححححححححححححححاخ التجربححة العراقيححة وإعححادة تطبيقهححا في الخليج العربي وقححد اسححححححححححححتقطبت هذه املخططات اهتمام عدد من املسححححححححححححؤولين األمريكيين في الفترة: 1007-1003 إال أنه ال تتوفر دالئل واقعية تثبت اقتناع املوقف الرسحححححححمي بأي من هذه املشحححححححاريع وال شحححححححك أن تدهور األوضحححححححاع األمنية عقب االنسحاب األمريكي من العراق قد دفع بمراكز البحث لتبني خيارات أخرى إلعادة الفرز السياس ي في املنطقة. 1- في مقابل مشحححححححححححححاريع التقسححححححححححححيم التي طرحتها مراكز الفكر تبنت الحكومات الغربية مفاهيم تعزيز اإلصححححححححححححالح السياس ي في البالد العربية كخيار إستراتيجي وترتكز هذه السياسة على إعادة صياغة األنظمة السياسية من خالل إضححححححححعاف مؤسححححححححسححححححححات الحكم املركزي ودعم املجموعات اإلثنية واملذهبية التي تطالب بدور أكبر في إدارة شححححححححححححؤونهحححا ضححححححححححححمن إطحححار الحححدولحححة وفي الفترة املمتحححدة محححا بين 1007 و 1010 ظهرت مالمح التعحححاون بين اإلدارة األمريكيححححة وبعض املنظمححححات التي تمتلححححك أجنححححدات مححححذهبيححححة ممححححا أدى إلى تنححححامي مشححححححححححححححححاعر القلق لححححدى بعض الحك ومات العربية خاصححححححححححة وأن هذه الجماعات قد تغلغلت في مؤسححححححححححسححححححححححات صححححححححححنع القرار الغربي وتمكنت من توصيل منظومة من األفكار املتعلقة برفع وتيرة تمثيلها السياس ي في املنطقة. 29 Parag Khanna Breaking Up is Good to Do, Foreign Policy, (13 January 20). 30 Will Fulton, Joseph Holliday and Sam Wyer, Iranian Strategy in Syria, joint report by AEI s Critical Threats Project and the Institute for the Study of War, (May 2013). 10
3- في مرحلة الثورات الشححححححححححححعبية التي اجتاحت املنطقة في الفترة 1013-10 بدأت تظهر مفاهيم جديدة في تطبيقححات التقسححححححححححححيم والتي يمكن تسححححححححححححميتهححا: "التجزئححة داخححل الحححدود" والتي تنطلق من القنححاعححة بعححدم جححدوى مشاريع التقسيم في ظل املعادلة اإلقليمية املعقدة. لكن املعضلة األكبر تكمن في عجز النخب العربية املثقفة عن التقدم بأطروحات ناضجة للتعامل مع املشاكل املجتمعية وتحديات اإلصالح السياس ي وذلك في ظل تنامي الفكر املتطرف واضمحالل دور الدولة ومؤسسات الحكم املركزي. وفي ظل غياب الدراسححححححححححات العربية الجادة ملعالجة مشححححححححححاكل الهوية السححححححححححياسححححححححححية في املنطقة العربية ومسححححححححححتقبل الكيانات الجمهورية تنتج مراكز البحث الغربية دراسححححات تنطلق من منظور قاصححححر عن اسححححتيعاب املجتمعات العربية وبنيتها التعددية حيث يعمد الباحثون الغربيون إلى عقد مقارنات خاطئة بين تشححححححححححححكل الدول العربية وتشححححححححححكل الدول القومية في البلقان إثر انهيار اإلمبراطوريتين: العثمانية والنمسححححححححححاوية-الهنغارية ويظهر الخلط لدى الباحثين الغربيين بين مفهوم "الدولة القومية" من جهة والدولة "اإلثنية" و"املذهبية" من جهة أخرى. وسححححححححححواء كان ذلك الخلط متعمدا أو ناتجا عن ضحححححححححححالة في الرؤية لدى الباحثين الغربيين املحدثين فإنه يجدر التنبيححه إلى أن تشححححححححححححكححل الححدول الحححديثححة شححححححححححححرقي أوروبححا قححد تزامن مع وقوع حربين عححامليتين كلفتححا أوروبححا ماليين األرواح وجحححاءت حروب التطهير الحححديني والعرقي في يوغوسححححححححححححالفيحححا خالل الفترة: - لتحححذكر املجتمع الدولي بأن دول أوروبا الشرقية ال تزال بعيدة عن تحقيق االستقرار السياس ي واالزدهار االقتصادي. أما في املنطقة العربية فإنه ال يمكن تصححححححححححور قيام دول مسححححححححححتقلة على أسححححححححححاس مذه ي أو إثني إذ إن املجتمعات العربية تتسحححم بالتعددية في حين يغلب على املدن العربية ظاهرة االختالط بين مختلف املجموعات مما يجعل مفاهيم الفرز السحححياسححح ي على أسحححس إثنية ومذهبية أمرا م تعذرا وقد حاولت فرنسحححا إنشحححاء منظومة من الدول 31 الطائفية في سوريا خالل الفترة: 31-10 إال أن جميع محاوالتها باءت بالفشل. 31 تمثل املشروع الفرنس ي في إعالن: دولة لبنان الكبير في غرة سبتمبر سنة 10 ودولة حلب في 8 سبتمبر سنة 10 ودولة العلويين في 13 سبتمبر 10 ودولة جبل الدروز في 10 إبريل سنة ودولة دمشق: التي اتخذت من العاصمة اسما لها لكن هذه الدويالت الطائفية لم يكتب لها النجاح فقد أثبتت التجربة أن عملية إنشاء خمسة أجهزة إدارية متكاملة من مسؤولين وموظفين وعسكريين وتأسيس بنية تحتية وخدمات بلدية وصحية وبريدية في كل دولة من هذه الدويالت كانت عملية باهظة التكاليف فانضمت دولتي حلب ودمشق في 14 و اتخذ قرار ضم مناطق الدروز والعلويين للدولة السورية في 31.
وفي مقحابحل هحذه األطروححات التفتيتيحة التي تتبنحاهحا معحاهحد الغرب يمكن القول بحأن الوقحت قحد ححان لتقصحححححححححححح ي النماذج الناجحة في مجال التكامل اإلقليمي وتحفيز النخب العربية مللء الفراغ والخروج بأطروحات علمية جادة ملعالجة الهوية السياسية للكيانات العربية في هذه املرحلة الحرجة من التحول البنيوي. 12