أبحاث ودراسات )2( الصراع على المياه في الشرق األوسط د. خليل خير الله المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية مجلس وزراء العدل العرب جامعة الدول العرب

النسخ

1

2

3 أبحاث ودراسات )2( الصراع على المياه في الشرق األوسط د. خليل خير الله المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية مجلس وزراء العدل العرب جامعة الدول العربية الطبعة األولى بيروت - لبنان 2016

4 جدول املحتويات } كلمة النا رش { 8 } املقد مة { 9 } ف صل متهيدي { مفهوم النهر الدويل والقواعد التي 12 حتكم نزاعاته يف قانون املياه الدويل 12 أول : مفهوم النزاع على مياه الأنهار الدولية و أ سبابه ثانيا : تطو ر مفهوم النهر الدويل والقواعد التي حتكم نزاعاته 15 الق سم الأول: واقع أنهار امل رشق العربي } الف صل الأول { ق ضية نهر النيل: اأزمات واتفاقيات 27 أول : نهر النيل: املوقع والأهمية ثانيا : ق ضية مياه النيل: البعد لقت صادي لجتماعي 30 ثالثا : ق ضية مياه النيل: الب عد ال سيا سي و ل سرتاتيجي 33 رابعا : تطو ر الو ضع القانوين لنهر النيل 59 خام سا : م رشوعات ا ستغالل املياه الفاقدة يف حو ض النيل يف جنوبي ال سودان )قناة جونقلي( وذلك منا صفة بني البلدين وباملقابل يتقا سما العائد منا صفة 62 خال صة الف صل الأول } الف صل الثاين { اأزمة مياه الأنهار الدولية يف امل رشق العربي 72 مدخل: اجلغرافية ال سيا سية لأنهار امل رشق العربي أول : أزمة اقت سام مياه دجلة والفرات 74 ثالثا : اتفاقية النهر الكبري اجلنوبي بني اجلمهورية اللبنانية واجلمهورية العربية ال سورية 106 رابعا : ا رسائيل و أزمة املياه بني دول حو ض نهر الأردن 107

5 خال صة الف صل الثاين 121 اخلامتة 123 } ملحق الكتاب { اتفاقية قانون ا ستخدام املجاري املائية الدولية يف الأغرا ض غري املالحية الباب الأول مقدمة 127 املادة )1( نطاق رسيان هذه لتفاقية املادة )2( ا ستخدام امل صطلحات 127 املادة )3( اتفاقات املجرى املائي 127 املادة )4( الأطراف يف اتفاقات املجرى املائي الباب الثاين مقدمة 129 املادة )5( لنتفاع وامل شاركة املن صفان واملعقولن املادة )6( العوامل ذات ال صلة بالنتفاع املن صف واملعقول 129 املادة )7( للتزام بعدم الت سب ب يف رضر ذي صاأن 130 املادة )8( للتزام العام بالتعاون 130 املادة )9( التبادل املنتظم للبيانات واملعلومات 130 املادة )10( العالقة بني أنواع ل ستخدامات املختلفة الباب الثالث التدابري املزمع ات خاذها 132 املادة )11( املعلومات املتعل قة بالتدابري املزمع ات خاذها املادة )12( الإخطار املتعل ق بالتدابري املزمع ات خاذها والتي ميكن أن يكون لها أثر ضار 132 املادة )13( فرتة الرد على الإخطار 132 املادة )14( التزام الدولة التي وجهت الإخطار يف أثناء فرتة الرد 132 املادة )15( الرد على الإخطار 133

6 املادة )16( عدم الرد على الإخطار 133 املادة )17( امل شاورات واملفاو ضات املتعل قة بالتدابري املزمع ات خاذها 133 املادة )18( الإجراءات الواجب إتباعها يف حالة عدم الإخطار 133 املادة )19( التنفيذ العاجل للتدابري املزمع ات خاذها الباب الرابع احلماية وال صون والدارة 135 املادة )20( حماية النظم الإيكولوجية و صونها املادة )21( منع التلو ث وتخفي ضه ومكافحته 135 املادة )22( إدخال أنواع غريبة أو جديدة 135 املادة )23( حماية البيئة البحرية و صونها 136 املادة )24( لدارة 136 املادة )25( ال ضبط 136 املادة )26( الإن شاءات الباب اخلام س الأحوال ال ض ارة وحالت الطوارئ 138 املادة )27( منع حدوث الأحوال ال ض ارة والتخفيف من آثارها املادة )28( حالت الطوارئ الباب ال ساد س أاحكام متنو عة 139 املادة )29( املجاري املائية الدولية و لن شاءات وقت النزاع امل سلح املادة )30( الإجراءات غري املبا رشة 139 املادة )31( البيانات واملعلومات احليوية للدفاع أو الأمن القومي 139 املادة )32( عدم التمييز 139 املادة )33( ت سوية املنازعات 140

7 142 } املرفق { التحكيم 142 املادة )1( املادة )2( 142 املادة )3( 241 املادة )4( 142 املادة )5( 143 املادة )6( 143 املادة )7( 341 املادة )8( 341 املادة )9( 341 املادة )10( 341 املادة )11( 143 املادة )12( 143 املادة )13( 144 املادة )14( 144

8 صفحة رقم 8 } كلمة النا رش { يعترب املركز العربي للبحوث القانونية والق ضائية جهازا متخ ص صا يعمل حتت إ رشاف جمل س وزراء العدل العرب ويكون مقره مدينة بريوت عا صمة اجلمهورية اللبنانية. ي ساهم املركز يف إطار املهام امل سندة إليه مبقت ضى هذه الأحكام يف حتقيق أغرا ض جمل س وزراء العدل العرب و إجراء البحوث والدرا سات وتهيئة النظم وامل رشوعات القانونية والق ضائية التي حتتاج إليها الدول العربية وذلك بهدف الإ ستهداء بها يف جمالت الت رشيع والق ضاء. يهدف املركز اإىل حتقيق ما يلي: توثيق وتنمية التعاون بني الدول العربية الأع ضاء يف املجالت القانونية والق ضائية. دعم و إجراء البحث العلمي املتخ ص ص يف جمال ال رشيعة والقانون والإ سهام يف اخلطوات اخلا صة بتوحيد الت رشيعات العربية. درا سة الأنظمة الق ضائية و إجراء الأبحاث املقارنة ب ص أانها بهدف حتديث النظم الق ضائية العربية وتطويرها وتوحيدها. يف سبيل حتقيق الأهداف امل شار إليها يف املادة الثانية يتوىل املركز املهام التالية: جمع وحتليل ون رش الت رشيعات املطب قة يف الدول العربية وت صنيفها وو ضع الفهار س لها لتكون مرجعا للباحثني ومادة للدرا سة والبحث املقارن و سبيال إىل حتقيق الوحدة الت رشيعية العربية وكذلك العناية بالإح صائيات الق ضائية وحتليلها ون رشها إ سهاما يف تطوير ال سيا سة العدلية العربية. تقدمي املعومة العلمية ملن يطلبها من الدول الأع ضاء وب صفة خا صة يف جمال إعداد الق ضاة وعنا رص املهن القانونية وتدريبهم و إجراء الدرا سات والأبحاث امليدانية املتعل قة ب سري أجهزة العدل والقانون وكذا يف جمال تكوين الإخت صا صيني يف صياغة الت رشيع. الإ سهام يف توحيد امل صطلحات القانونية والق ضائية والعدلية امل ستعملة يف الوطن العربي والإ ستهداء يف هذا املجال مبا ت ضمنته كتب الفقه الإ سالمي من م صطلحات والعمل على إحيائها. تنظيم املوؤمترات والإجتماعات العلمية واحللقات الدرا سية والندوات بغر ض تعميق املعرفة الق ضائية والقانونية. القيام مبهمة حلقة الإت صال بني املراكز واملعاهد الوطنية القائمة يف الدول العربية املعنية ب صوؤون الت رشيع والق ضاء والقانون وذلك فيما يتعل ق مبناهج التكوين وطرق التدريب وتبادل املعلومات والوثائق والزيارات فيما بينها وعقد اللقاءات الدورية بني امل صوؤولني عن هذه ال صوؤون يف تلك الدول. تنمية عالقات التعاون مع مراكز البحوث القانونية العربية والأجنبية. ويف هذا الإطار كانت سل سلة درا سات و أبحاث حماولة من املركز لإغناء املكتبة القانونية العربية مبجموعة من الدرا سات والأبحاث التي ل بد أن ت شكل قيمة م ضافة وت ضع أمام الباحث القانوين العربي ما ميكن أن يو سع مروحة معارفه وي ساهم ب شكل ما يف تطوير وتفعيل العمل العربي امل شرتك ل سيما يف هذا املجال احليوي.

9 صفحة رقم 9 وجعلنا من املاء كل شيء حي )قرآن كريم: سورة األنبياء آية 30( } املقد مة { يعاين العامل العربي من نق ص يف املياه العذبة ويواجه العديد من بلدانه أزمات حقيقية ت نذر بعواقب خطرية وتزيد ال ضغط على ا ستخراج املياه اجلوفية وعلى أنظمة املياه الطبيعية فيها. والعامل العربي هو الأكرث عر ضة للتاأثريات ال سلبية الناجمة عن ظاهرة التغري املناخي حول العامل كونه يقع يف منطقة مناخية جاف ة و شبه جاف ة. وقد شهد منذ منت صف القرن الع رشين تغيريا يف الب نى لقت صادية وتزايدا سكانيا هائال ]]] كما شهد تو س عا عمرانيا ومنوا يف بع ض ال صناعات التي يتطلب معظمها كمي ات كبرية من املياه ]]]. وكانت هذه العوامل يف أ سا س الطلب املتزايد على مياه ال رشب والري الزراعي ولأغرا ض ال صناعة ما أد ى يف غياب الإدارة املتكاملة للموارد املائية إىل نق ص حاد يف املياه النظيفة املتوف رة. يف هذا الإطار اكت سبت الأنهار أهمية خا صة كونها امل صدر الأ سا سي للمياه العذبة املتجد دة لدى الكثري من البلدان وتعد دت ا ستخداماتها لأغرا ض التنمية ال شاملة. مل تطرح الأنهار الوطنية وهي التي تنبع وجتري وت صب ضمن اقليم الدولة الواحدة أية م شكلة قانونية فيما خ ص ا ستثمار مياهها أما الأنهار الدولية وهي التي تف صل بني الدول أو تنبع يف اقليم دولة وجتري أو ت صب يف اقليم دولة أخرى فاإن الدول التي ت شرتك يف اقت سام مياهها وفق نظام قائم رمبا من سنوات طوال أخذت تثري حتت ضغط احلاجة إىل املياه م ص أالة إعادة النظر يف كمي ة ونوعية احل ص ص التي حت صل عليها منها. وبالعودة إىل عاملنا العربي فاإن أنهاره الكربى كالنيل والفرات ودجلة هي أنهار دولية تنبع من أرا ضي دول غري عربية وجتري وت صب يف بلدان عربية وهذا ما جعل لدول املنبع ميزة ا سرتاتيجية وجيوبوليتيكية يف مواجهة بلدان املجرى أو امل صب. ومن املتوق ع أن تتاأج ج النزاعات بني الدول املت شاطئة حول هذه الأنهار من جراء إ رصار دول املنبع على احتكار أكرب قدر من املياه الباقية ضمن حدودها ال سيا سية وحتويلها إىل عن رص أ سا س يف التنمية ال شاملة لأنها متلك لمكانيات والقوة بل ا ستخدامها ك سالح سيا سي لل ضغط على القوى الأخرى املجاورة يف املنطقة لتحقيق أهداف ا سرتاتيجية ]]] الأمر الذي ي سب ب نق صا حاد ا قفزت سورية مثال من 11.5 مليون نسمة عام 1986 إىل 14 مليون نسمة عام 1998 إىل 23 مليون نسمة يف العام 2011 وقفز عدد سكان مرص من نحو خمسني مليون [1] يف العام 1990 إىل أكرث من 92 مليون نسمة عام 2016 كل ليرت من املياه يحتاجه الفرد لحاجاته املنزلية يحتاج بجانبه إىل 12 ليرت ألغراض الزراعة ويحتاج كل ليرت من النفط إىل 12 ليرت من املاء كام يحتاج انتاج الطن الواحد [2] من الحديد إىل عرشين ألف ليرت من املاء [3] J. Isaac and H. Shuval, eds., Water and Peace in the Middle East: Proceeding of the First Israeli-Palestinian International Academic Conference on Water, Zurich, Switzerland December 1992, Studies in Environmental Science; 58 (Amsterdam; New York: Elsevier, 1994 p.p

10 صفحة رقم 10 يف ح ص ص املياه التي حت صل عليها الدول ال رشيكة يف النهر مع ترد ي نوعيتها. وهذا ما يح صل بني تركيا والعراق و سورية إذ ت رص تركيا على اعتبار املياه النابعة ضمن حدودها ثروة طبيعية تركية لها احلق با ستثمارها كما ت شاء. وقد عمدت إىل إقامة عدد كبري من ال سدود وحمطات الطاقة الكهربائية مبا يفوق حاجتها املعقولة ضاربة عر ض احلائط باملواثيق واملبادئ القانونية الدولية التي تنظ م عملية اقت سام مياه الأنهار الدولية. وقد ي شهد نهر النيل واقعا م شابها مع ا ستمرار التفر د يف إقامة م شاريع ل ستفادة من منابع النهر وبتحري ض من ا رسائيل الدولة التي قامت أ سا سا على الهيمنة على نهر الأردن يف منابعه وروافده وجمراه وعلى املياه اجلوفية يف ال ضفة الغربية وغز ة و سيناء م سخ رة لذلك كل قواها الع سكرية والدبلوما سية واملالية وال صداقات الدولية دون أن يخفى تن سيقها ل سرتاتيجي مع تركيا يف ملفات عديدة ومنها م صاألة املياه. وي سوء الأمر كلما ترد ت أو ضاعنا وفقدنا الإدارة وال سيطرة على مقد راتنا و أ صبحت ا سرتاتيجياتنا حمكومة برد ات فعل حمدودة جتاه دول ت شاركنا الأنهار وتتعم د الإ رضار بنا. ول يخفى ما للجفاف ولتكراره من آثار سلبية قد ت سب ب النزاعات الداخلية وهذه بدورها تفاقم امل شاكل الداخلية يف الدول وقد تنتج عدم ل ستقرار ورمبا التق سيم مما يزيد التوت ر والقلق حول اقت سام مياه الأنهار الدولية. وقد أظهرت بع ض الدرا سات ال صلة بني اجلفاف والنزاعات املدنية يف الدول النامية. وهذه النزاعات تظهر تقريبا بعد سنة من انخفا ض هام يف معد ل املت ساقطات الطبيعية ]]]. وما يزيد الأمر سوءا أن منطقتنا العربية متر الآن بفو ضى عظيمة وخما ض ع سري قد ي ف ضي إىل تغيريات اقليمية ل ميكن إدراك مداها أو التحك م مب سارها. وهذا ما فج ر م شاكلنا وتناق ضاتنا ال سيا سية و لجتماعية والأثنية والبيئية أو جعلها قابلة للتفج ر يف كل حني فاإذا باحلروب والنزاعات ت صيب كيان املجتمع ول تقت رص على معارك بني اجليو ش. ويف ظل هذه الأو ضاع امل شوبة بعدم ل ستقرار واملفتوحة على كافة لحتمالت تبدو لنا م صاألة املياه م صاألة ملتهبة ترتبط باأبعاد سيا سية واقليمية ودولية بالإ ضافة إىل كونها ص أان داخلي ذو أبعاد جغرافية وتاريخية واقت صادية واجتماعية و سيا سية وقانونية وثقافية. وقد يتحو ل عدم تنظيم و إدارة واقت سام موارد الأنهار أو املجاري املائية الدولية و لنتفاع منها ب شكل من صف وعادل بني الدول امل شرتكة يف املجرى املائي إىل م صادر خطرية للنزاعات الدولية. ويبدو أننا أمام إ شكالية احلفاظ على أمننا املائي ]]] الأمن مبفهومه ال شامل أمن احل صول على املوارد املائية النظيفة وتر شيد ا ستخدامها واملحافظة عليها ب شكل آمن وم ستقر ودائم ب شكل يزيل القلق والتوت ر كل ذلك يف ظل جفاف املناخ يف منطقتنا وندرة الأمطار واملياه العذبة وازدياد ال سكان بن سب مذهلة وازدياد طلبهم للماء كعن رص أ سا سي يف التنمية امل ستدامة ويف قوة الدولة وازدهارها مع تعر ض حقوقنا التاريخية يف مياه أنهارنا إىل تهديد وهيمنة وا ستنزاف وحتك م [4] Center for International Earth Science Information Network, M. Levy. Columbia University s Earth Institute, http.//www. earth, Columbia.edu/eidirectory /displayuser. Php userid=481 األمن املايئ يعني املحافظة عىل املوارد املائية املتوافرة وترشيد استخدامها بالشكل األفضل يف الرشب والري والصناعة وعدم تلويثها والسعي بكل السبل للبحث عن [5] مصادر مائية جديدة وتطويرها ورفع طاقات استثامرها لتأمني التوازن بني املوارد املتاحة والطلب املتزايد عليها

11 صفحة رقم 11 دول املنابع مما يهد د م صرينا برم ته. وتطرح م صاألة اقت سام مياه الأنهار الدولية يف العامل العربي أبعادا خمتلفة كونها ذات سمات خا صة مقارنة باأنهار دولية أخرى فهي ل ت ستخدم للمالحة إل ب شكل جزئي ومل حتظ باأي نظام سابق على غرار الأنهار املالحية يف العامل. لذلك فاإن أ سئلة عديدة تطرح نف سها حول: ر أي القانون الدويل حول اقت سام مياه الأنهار الدولية والعالقات فيما بني دولها واملخاطر التي تهد د موارد املياه وكيفية إدارة العالقات املائية مع دول منابع الأنهار التي تندفع يف إن شاء م رشوعاتها املائية ال ضخمة و أ سباب الإخفاق يف ت سوية النزاعات النا شئة عن إ ساءة ا ستثمار الأنهار امل شرتكة و لتفاقيات القانونية الثنائية بني دولها ومدى انطباقها على مبادئ القانون الدويل مع غياب لتفاقيات ال شاملة ل سائر أو ضاع دول احلو ض النهري. وحل هذه امل شاكل لن يكون إل ب إاعطائها قدرا كبريا من لهتمام ملعاجلتها ب شكل عقالين وقانوين و إداري يف نطاق من احرتام القواعد لن سانية والقانونية املقبولة عامليا ويف إطار التعاون والتكامل تطبيقا لتفاقية الأمم املتحدة ل ستخدام املجاري الدولية يف الأغرا ض غري املالحية للعام 1997 املو ضوعة مو ضع التنفيذ يف العام 2014 ومن هنا أهمية هذه الدرا سة التي تتم وفق مداخل جغرافية وتاريخية وقانونية باعتماد املدخل التاريخي واجلغرايف واحلقوقي عرب املنهج املقارن وحتليل ال سيا سات. ويف سبيل درا سة هذا املو ضوع ق س منا بحثنا إىل مقدمة وف صل متهيدي حول مفهوم النهر الدويل والقواعد التي حتكم نزاعاته يف قانون املياه الدويل و إىل ف صل أول حول ق ضية نهر النيل أزمات واتفاقيات وف صل ثان حول أزمة أنهار دجلة والفرات والعا صي والنهر الكبري اجلنوبي والأردن وخامتة تو ضح ما تو ص لت إليه الدرا سة.

12 صفحة رقم 12 } ف صل متهيدي { مفهوم النهر الدويل والقواعد التي حتكم نزاعاته يف قانون املياه الدويل إن ندرة املوارد املائية العذبة وازدياد ال سكان وتزايد حاجتهم إليها يف أغرا ض التنمية ال شاملة وانعدام تنظيم ا ستخداماتها ب شكل علمي أ سباب قد تف ضي لن شوب نزاعات خطرية سيما إذا تعل ق الأمر بالأنهار واملياه اجلوفية الدولية ]]] امل شرتكة بني عدة دول. وهنالك أ سباب ا سرتاتيجية و سيا سية حني تعمد الدول امل شاطئة خا صة دول منابع الأنهار إىل اعتبار املياه التي جتري يف أرا ضيها عن رص قوة وازدهار لها فتعطي نف سها حق ا ستثمارها ب شكل يلحق ال رضر بالبلدان امل شاطئة الأخرى مما يول د التوت ر والنزاعات. وهكذا أمكن للبع ض ا ستخدام م صطلحات املياه ك سالح سيا سي أو عبارة حرب املياه لو صف حالت التوت ر ال سائدة. إن حل هذه امل شكلة يكون أول يف احرتام القواعد لن سانية والقواعد املقبولة عامليا واعتماد أ سلوب لتفاقيات على اقت سام املياه امل شرتكة بدل التفر د وتزكية ال رصاعات. ندر س أول مفهوم ال رصاع على مياه الأنهار الدولية ثم ندر س تطو ر مفهوم النهر الدويل والقواعد التي حتكم نزاعاته قبل اتفاقية الأمم املتحدة ل ستخدام املجاري املائية الدولية يف الأغرا ض غري املالحية 1997 )ثانيا (. و أخريا ندر س لتفاقية املذكورة و أهم ما ت ضم نته من مبادئ و أحكام )ثالثا (. اأول : مفهوم النزاع على مياه الأنهار الدولية واأ سبابه 1. يف مفهوم النزاع على الأنهار الدولية عديدة هي الدول التي كانت ول تزال تعاين من م شاكل ال رصاع على م صادر املياه مما يقت ضي معه در س القواعد الدولية الناظمة لنزاعات املياه العذبة سيما يف م صادرها الأكرث جتد دا وهي الأنهار. وقد عر فت حمكمة العدل الدولية النزاع الدويل ب أانه خالف بني دولتني على م صاألة قانونية أو حادث معني أو ب سبب تعار ض وجهات نظرهما القانونية أو م صاحلهما. ول يعني النزاع بال رضورة ا ستخدام العنف إذ ميكن أن يكون نذيرا له مما يدفع بالأطراف إىل إيجاد احللول بطريقة بن اءة عرب اعتماد مفاهيم من مثل احلقوق امل شرتكة يف املياه امل صالح والأهداف امل شرتكة أو التعاون وح سن اجلوار أو لنتفاع املن صف وعدم الإ رضار. وقد حتد ثت املعايري العاملية عن مفهوم الأمان املائي water stress index والذي ي ق صد به متو سط ن صيب الفرد يف بلد ما سنويا من املوارد املائية املتجد دة والعذبة حلاجات ال رشب تتصاعد احتامالت نشوب نزاعات بشأن مستودعات املياه الجوفية العابرة للحدود وذلك كلام اشتد ت أزمة املياه كام هو متوق ع بني مرص وليبيا والسودان والتشاد [6] والنيجر حول مستودع الحجر النويب وبني السعودية واألردن حول خزان الدييس الجويف

13 صفحة رقم 13 و ل ستهالك املنزيل والزراعة وال صناعة فاعتربت أن معد ل 1000 مرت مكعب هو احلد الأدنى الذي ي سد حاجة الفرد مع ترجيح خف ض هذا املعد ل إىل الن صف للمناطق اجلاف ة و شبه اجلاف ة أو القاحلة وهي موا صفات تتناول املنطقة العربية ب شكل عام وكل نزول عن هذا املعد ل يعترب عنوانا لأزمة مائية حاد ة. ويعترب لجتماع الدويل بحقوق لن سان أمرا حديث العهد ومنه إنطلقت فكرة أن املياه العذبة حق من حقوق لن سان حق طبيعي واجتماعي وحاجة أ سا سية ولي ست سلعة اقت صادية تخ ضع لعوامل الت سويق و لحتكار. وهذا ما سبقت إليه ال رشيعة الإ سالمية حني عد ت الب رش رشكاء يف املاء كونه أ صل احلياة {وجعلنا من املاء كل شيء حي أفال ي ؤومنون} ]]] ثم حرمت منع الفائ ض من املياه وثبتت إباحة عامة ملياه تلك الأنهار غري املحازة مع اعتبار رقبتها ملك للدولة التي جتري يف اقليمها. وف صل الفقه الإ سالمي الأحكام ال رشعية للماء وكيفية ل ستفادة من امكانيات النهر يف حدود ح سن الني ة وح سن اجلوار وعدم الإ رضار بالآخرين ومنع تغيري املجرى و إن كانت مل تعرف املفهوم الدويل للنهر. 2. يف اأهم اأ سباب النزاع على الأنهار الدولية أما جلهة أ سباب النزاع على مياه الأنهار فهي كثرية منها ما هو مبا رش ومنها ما هو غري مبا رش. ويتوق ع خرباء املياه احتمال ن شوء نزاعات حاد ة بني الدول التي ت شرتك يف مياه الأنهار خا صة يف الدول التي تطالها املتغري ت املناخية وت رضبها موجات من اجلفاف دون أن تكون مهي اأة لتنظيم صوؤونها املائية كاملناطق اجلاف ة و شبه اجلاف ة. ونورد بع ض أ سباب ال رصاع حول مياه الأنهار يف العامل العربي:. أ أن تعمد دول املنبع إىل ا ستعمال كمي ات هائلة من مياه النهر مما يوؤث ر على جريانه ويحر م ال سكان املقيمني يف جمرى النهر من ح صتهم منه مما ي شك ل اعتداء على حقوقهم. ولنا يف تركيا خري مثال فهي ت رص على احتكار أكرب قدر من املياه النابعة ضمن حدود دولتها معتربة إياها ثروة طبيعية تركية ب رصف النظر عن أية اعتبارات ومواثيق دولية تنظ م عملية اقت سام املياه الدولية. وقد أعطت لنف سها احلق ب إاقامة عدد كبري من ال سدود وحمطات الطاقة الكهربائية مبا يفوق حاجتها ويلحق ال رضر ب سورية والعراق حيث يجري نهرا دجلة والفرات وي صب ان وقد عقدت تركيا حوايل ع رش بروتوكولت واتفاقيات ثنائية وثالثية مع كل منهما حول تنظيم ا ستغالل النهرين ومع ذلك عمدت إىل قطع مياه القويق عن حلب و أعلنت يف 13 كانون الثاين/يناير 1990 قطع من سوب مياه الفرات ملدة شهر بهدف ملء سد أتاتورك يف إطار م رشوع ري جنوب الأنا ضول فانخف ضت مياه النهر إىل ربع من سوبها حم دثة أ رضارا بالغة يف املزروعات. وتتذر ع تركيا بعدم وجود قانون متكامل للمياه الدولية وهي مل تن ضم إىل اتفاقية الأمم املتحدة ل ستخدام املجاري املائية الدولية يف الأغرا ض غري املالحية 1997 وتتذر ع بال ستخدام الأمثل للمياه وب أان نهري دجلة والفرات لي سا نهرين دوليني بل نهرين عابرين للحدود مع إنكار مبد أ احلقوق املكت سبة. وكان موقف سورية والعراق دائما موقف املدافع عن حقه بالنهر الدويل واملطالب باتفاق نهائي يعدل ح صة سورية وهي مبوجب بروتوكول 1987 تعادل 500 مرت مكعب يف الثانية. سورة األنبياء آية [7] 30

14 صفحة رقم 14 ويجدر عدم إغفال عوامل أخرى للتوت ر بني سورية والعراق وتركيا ومنها م صاألة ا ستيالء تركيا على لواء ل سكندرون الغني مبائه وخ صبه وم صاألة الأكراد وم صاألة العالقات الرتكية ل رسائيلية. ويطالب أخريا الرئي س الرتكي أردوغان الفل سطينيني بالتطبيع مع ا رسائيل لبناء صفحة جديدة ]]] دون ذكر أطماعه باملو صل العراقية وحلب ال سورية و إعالنه ذلك مرات عدة يف مرحلة احلرب احلا صلة منذ عدة سنوات يف كل من سورية والعراق. أما التوت ر الذي ي شوبه القلق فهو م ص أالة منابع نهر النيل وم شاريع إثيوبيا يف إقامة م رشوعات عديدة وبينها سد ضخم وتوليد الطاقة الكهربائية. وقد عرب عن ذلك الرئي س امل رصي الراحل أنور ال سادات بعد أيام من توقيعه اتفاقية ال سالم مع ا رسائيل بقوله: املاء هو الق ضية الوحيدة التي ميكن مل رص أن تدخل حربا من أجلها )يق صد مع إثيوبيا(. وعام 1989 رص ح بطر س غايل وزير خارجية م رص آنذاك: أن سالمة الأمن القومي امل رصي مرتبطة مب صاألة املياه. وكلما زاد عدد الدول امل شاركة يف حو ض النيل زادت اخلطورة على الأمن القومي امل رصي وهكذا فان انق سام ال سودان إىل دولتني دولة ال سودان ودولة جنوب ال سودان له م ضاعفاته ال سلبية على الأمن القومي امل رصي..بباإن تعم د الدول املت شاطئة إىل تلويث مياه النهر بعامل ا ستخدامه يف أغرا ض صناعية. و إذا أخذنا مثال لحتاد الأوروبي فاإن امل شاكل بني دولة حول الأنهار مل تكن تتعل ق بكميتها أكرث منه بنوعيتها إذ طال التلو ث املياه كما طال الهواء والرتبة بفعل التطو ر ال صناعي وم ضاعفاته. أما أ سباب تلو ث املياه يف البلدان العربية فهي ا ستخدام الأ سمدة الكيماوية امل ستخدمة يف الزراعة واملبيدات ونفايات املنازل وامل صانع وال رصف ال صحي ومعامل تكرير النفط.. جالتغري املناخي الذي أد ى إىل انح سار القطاع النباتي وتدين كمي ة ونوعية املياه بفعل نق ص معد لت الأمطار كما يح صل بالن سبة لنهري النيل والفرات.. دعدم وجود اتفاقيات دولية أو ثنائية تنظ م اقت سام كامل املجاري املائية يف دول العامل العربي بل جمرد اتفاقات جزئية على احل ص ص.. ه أم الأ سباب ال سيا سية امل سب بة لل رصاعات فهي بالتاأكيد أطماع جتتاح بع ض البلدان وقد ت صل إىل اعتداءات رصيحة لو ضع اليد عل منابع الأنهار وجماريها واحتكار ا ستخدامها كما يح صل مع ا رسائيل عرب ا ستيالئها على مياه نهر الأردن ومنابعه يف الدول املحيطة بها بالقوة وبتدمريها للمن صاآت املائية بق صف الطائرات واعتبارها أن املياه رضورية لوجودها وبقائها كما قال هرتزل ومطالبتها العامل أن يتفه م حاجاتها ل سرتاتيجية علما أن خريطتها ال سيا سية املائية ت شمل حدودا نهرية من الفرات إىل النيل! ويف سبيل حل نزاعات املياه الدولية فاإن و ضع قواعد و أ س س ت سود توزيع املياه وا ستخداماتها بني الدول املت شاطئة على الأنهار الدولية أ صبح يفر ض نف سه فر ضا سواء بوجود أو بغياب اتفاقيات ثنائية أو أكرث من دول النهر سواء لتف سري ما غم ض من ن صو صها أو ما أ سقط من أحكامها ا ستنادا إىل تلك القواعد والأ س س. نبحث خمت رصا مفهوم النهر الدويل والقواعد التي حتكم نزاعاته ونح رص بحثنا يف ا ستخدامات الأنهار الدولية يف الأغرا ض غري املالحية. األخبار )يومية( [8] 23/11/2016

15 صفحة رقم 15 ثانيا : تطو ر مفهوم النهر الدويل والقواعد التي حتكم نزاعاته شهدت نهايات القرن التا سع ع رش وبدايات القرن الع رشين اهتماما قانونيا متزايدا با ستخدامات الأنهار الدولية يف الأغرا ض غري املالحية وهذا ما أد ى إىل ن شوء عرف دويل يف هذا املجال سمح لرابطة القانون الدويل باإقرار ما ع رف بقواعد هل سنكي عام و أبدت اجلمعية العامة لالأمم املتحدة منذ عام 1959 اهتماما خا صا باجلوانب القانونية املتعل قة مب صادر املياه العذبة ومتك نت من إقرار اتفاقية الأمم املتحدة ل ستخدام املجاري املائية الدولية يف الأغرا ض غري املالحية 1997 والتي و ضعت مو ضع التنفيذ يف أغ سط س وجتدر الإ شارة إىل أن م صادر قانون املياه الدويل هي م صادر القانون الدويل التي حد دتها املادة 38 من النظام الأ سا سي ملحكمة العدل الدولية نف سها بو صفها الإدارة وال سلطة الق ضائية الرئي سة لالأمم املتحدة وتتمث ل باملعاهدات العامة واخلا صة والع رف الدويل واملبادئ العامة للقانون الدويل والأحكام الق ضائية والفقه الدويل. ندر س أول تطو ر مفهوم النهر الدويل والقواعد التي حتكم نزاعاته قبل اتفاقية 1997 ثم ندر س ذلك يف ن صو ص لتفاقية. 1. تطو ر مفهوم النهر الدويل والنظريات الفقهية الناظمة ل ستخداماته: أا. مفهوم النهر الدويل: مل تكن فكرة النهر الدويل معروفة قبل ن شوء الدول وظهور مفهوم ال سيادة الذي سمح بولدة وتداول فكرة املياه امل شرتكة. ومع تطو ر هذه الفكرة أ صبح ممكنا التمييز بني النهر الوطني الذي ينبع وي صب يف اقليم الدولة الواحدة وتطب ق عليه الأحكام القانونية الداخلية وبني النهر الدويل. إن ال رشيعة الإ سالمية باعتبارها منهجا ود ستورا لتنظيم أمور الب رش مل تغفل كيفية التعامل مع الأنهار و ل ستفادة من إمكاناتها مع كون رقبتها ملكا للدولة التي جتري يف اقليمها و إن كان الفقه الإ سالمي مل يعرف املفهوم الدويل للنهر حيث كان يق سم البالد إىل دار حرب ودار سالم موحدة غري جمز أة ]]]. يف القرون الو سطى يف أوروبا كان يعترب امللك أو الأمري أو احلاكم أنه ميلك اجلزء من النهر الذي مير ببلده ويح رص حق املالحة فيه برعاياه ا ستنادا إىل امللكية املطلقة يف أجزاء النهر الذي مير يف لقليم أو الإمارة التي ي سيطر عليها. وعندما جاءت الثورة الفرن سية 1789 قر رت أن الأنهار ملك م شرتك بني جميع الأقاليم التي متر فيها وهذا ما شد دت عليه وطب قته معاهدة لهاي تاريخ 16/5/1795 عندما ن ص ت على حري ة املالحة يف نهري املوز Meuse والإي سكو Escaut وكذلك يف معاهدة كامبوفورميو Campoformio عام 1797 واتفاقية باري س 15/8/1804 حول نظام نهر الراين Rhin الذي ينبع من جبال الألب ويخرتق سوي رسا وفرن سا و أملانيا وهولندا لي صب يف بحر ال شمال. ظهرت أول الإ شارات إىل مفهوم النهر الدويل يف معاهدة باري س لل سالم بتاريخ 1814/5/30.د. صبحي أحمد زهري العاديل. النهر الدويل املفهوم والواقع يف بعض أنهار املرشق العريب. مركز دراسات الوحدة العربية بريوت نيسان/أبريل 2007 ص [9] 16

16 صفحة رقم 16 والتي عقدت للحد من ال رصاعات الدولية حول ا ستخدام الأنهار ال صاحلة للمالحة والنقل الدويل وات ساع نطاق التجارة الدولية فعر فت النهر الدويل ا ستنادا للمعيار اجلغرايف ال سيا سي باأنه النهر الذي يف صل أو يخرق أقاليم دولتني أو أكرث. ثم بد أت النظرة الدولية ترتبط باملالحة ارتباطا وثيقا سواء أكانت أنهارا حدودية أو أنهارا تعاقبية يجتاز جمراها دولتني أو أكرث حيث أنها إ ضافة لكونها ت شك ل جزءا من أقاليم الدولة التي حتاذيها أو تعربها تعترب إحدى أدوات احلياة لقت صادية الدولية ]1]]. وجاء موؤمتر فيينا وميثاقه عام 1815 فو سع من مفهوم حرية املالحة النهرية الدولية لالأغرا ض التجارية و أدخل عن رص التعاون بني الدول و أبرمت على إثره جمموعة من لتفاقيات تخت ص بالأنهار الأوروبية واحلقوق املتعل قة بها وباملالحة يف نهري الكونغو والنيجر يف إفريقيا ال سوداء. وبعد احلرب العاملية الأوىل بد أت املالحة تفقد هيمنتها على تعريف النهر ومع م ؤومتر بر شلونة عام 1921 وح رضته أربعون دولة مل تعد املالحة هي الوظيفة لقت صادية الوحيدة للنهر و إن كان قد أك د على كونها هي العن رص الأ سا سي وق ضى بالمتناع عن عرقلتها وبتنظيف جمرى الأنهار وحت سني طرق ا ستغاللها. وهكذا يكون موؤمتر بر شلونة قد جاء مبفهوم الوظيفة لقت صادية الأ سا سية للنهر وبالتايل مل تعد قابلية النهر للمالحة عامال هاما يف دوليته إل إذا شك لت الوظيفة لقت صادية الأ سا سية لهذا النهر ]1]]. وبد أت تت ضاءل أهمية املالحة يف تو صيف النهر وبرزت ل ستخدامات الأخرى لالأنهار الدولية وتطو ر مفهوم النهر الدويل وتعريفه نحو فكرة حو ض ال رصف وقد اعتمدته جمعية القانون الدويل يف موؤمتر دوبروفينك عام 1956 بديال عن م صطلح النهر الدويل أو احلو ض الهيدروغرايف الدويل كما تبن اه معهد القانون الدويل يف جل سته املنعقدة يف سالزبورغ غام 1961 م ساويا بني فكرة املجرى املائي وفكرة احلو ض الهيدروغرايف. وهكذا ف إان تطو ر الفكر لقت صادي مبا يعنيه من أو سع وا ستخدام مل صادر احلو ض النهري كان وراء لنتقال من فكرة قابلية النهر للمالحة بغية تو صيفه نهرا دوليا إىل فكرة امتداد احلو ض النهري على أرا ضي الدول املت شاطئة ثم امتداده الفيزيائي لي شمل البحريات والأقنية وحتى املياه اجلوفية املت صلة. وقد عر فت املادة الثانية من قواعد اتفاقية هل سنكي ل ستخدام مياه الأنهار الدولية لعام 1966 النهر الدويل ) أو حو ض ال رصف( باأنه املنطقة اجلغرافية التي متتد على أرا ضي دولتني أو أكرث حتد دها حدود فا صلة لنظام املياه مبا فيها املياه ال سطحية واجلوفية. وهذا التعريف مت تاأكيده يف املادة 2 /ب من اتفاقية الأمم املتحدة ل ستخدام املجاري املائية الدولية يف الأغرا ض غري املالحية 1997 عندما عر فت املجرى املائي الدويل ب أانه: شبكة املياه ال سطحية واجلوفية التي ت شك ل بحكم عالقاتها الطبيعية بع ضا ببع ض كال واحدا وتتدف ق عادة صوب نقطة و صول م شرتكة. لكن امل شكلة ل تتعل ق بالتعريف بقدر تعل قها باحلقوق والواجبات الناجتة عن اعتبار النهر دوليا ومن خالل كيفية ا ستخدامه بال شكل الأمثل وفق قواعد قانون املياه الدويل. مرجع سابق ص [10] 17 مرجع سابق ص [11] 17

17 صفحة رقم 17 ب. بالنظريات الفقهية الناظمة ل ستخدامات النهر الدويل يف غري ضوؤون املالحة: أقر ت املادة /38 أ من نظام حمكمة العدل الدولية أهمية الفقه الدويل كم صدر من م صادر القانون الدويل و أهميته يف تطوير قواعده. و سنكتفي بالإ شارة إىل النظريات الفكرية الدولية لتنظيم ل ستفادة من مياه الأنهار الدولية يف غري صوؤون املالحة. ظهرت بداية نظرية ال سيادة لقليمية املطلقة )نظرية هارمون( The Theory of Absolute Territorial وموؤد ى هذه النظرية إطالق يد دولة منبع النهر يف الت رص ف مبياه النهر الدويل دون أي اعتداد بحقوق الدول امل شاطئة الأخرى. وهذه النظرية أعد ها هارون عام 1895 وكان نائبا عاما للوليات املتحدة ليعتمد عليها يف مذكرة قانونية ب ص أان نزاع بني الوليات املتحدة واملك سيك حول نهر ريو غراندو. لكن الوليات املتحدة عدلت عنها ونبذها الثقات من فقهاء القانون الدويل. نظرية ال سيادة لقليمية املقي دة أو الوحدة لقليمية املحدودة The Theory of Limited Territorial Integrity وفق هذه النظرية يحق لكل دولة نهرية ا ستخدام مياه النهر التي متر باقليمها ولكن مع مراعاة حقوق الدول الأخرى وب شكل غري ضار ول يوؤث ر بها. وي شري الفقه إىل نظريات م ستمد ة من القانون اخلا ص مثل إ ساءة ا ستعمال احلق وحقوق لرتفاق وامللكية امل شرتكة وغريها لتربير وتف سري القيود التي ترد على حق الدولة النهرية عند ا ستخدامها ملياه النهر املارة باقليمها. ويوؤي د جانب كبري من الفقه هذه النظرية. نظرية وحدة امل صالح أو نظرية لنتفاع امل شرتك The Theory of Community of Interests تقوم هذه النظرية على أ سا س جتاهل احلدود ال سيا سية بني الدول النهرية والنظر إىل النهر من منبعه إىل م صبه على أ سا س أنه ي شك ل حو ضا هيدروغرافيا واحدا ووحدة اقت صادية وجغرافية واحدة. والنهر م شرتك بني جميع دوله بحيث تكون حقوقها مت ساوية ومتكاملة مع ما يرتت ب على ذلك من قيود على حرية الدولة بالت رص ف باجلزء الواقع حتت سيادتها فال تتفر د باإقامة م شاريع لنتفاع مبياه النهر دون موافقة الدول الأخرى. وهي أكرث النظريات الفقهية تطو را وحتظى بتاأييد فقهي وا سع النطاق ووجدت تطبيقا لها يف اتفاقية حو ض بحرية ت شاد املوق عة يف 22 مايو عام 1964 واتفاقية حو ض النيجر يف 25 نوفمرب 1964 واتفاقية حو ض نهر ال سنغال يف 17 دي سمرب وقد أخذت بهذه النظرية املحكمة الدائمة للعدل الدويل يف ق ضية لخت صا ص لقليمي للجنة الدولية لنهر الأودر يف سبتمرب كما أخذت بها حمكمة العدل الدولية يف أحدث أحكامها املتعل قة بالأنهار الدولية يف النزاع بني املجر و سلوفاكيا عام نظرية املنافع املتوازية وترتكز على أ سا سني: التق سيم املن صف واملعقول ملنافع ال شبكة النهرية يف ضوء حاجة كل دولة وظروفها املتعل قة بال شبكة النهرية وحظر ا ستخدام مياه النهر ب شكل ي شك ل خطرا على الدول الأخرى أو مينعها من نوال حق ها با ستخدام منا سب أو وقف أو حتويل تدف ق نهر يجري إىل أرا ضي دولة أخرى. وتعترب هذه النظرية رائدة لأنها تعالج حال كل بلد معاجلة واقعية ت أاخذ بعني لعتبار مطالب ال سكان وبرامج التنمية لقت صادية. لكن تطو ر قواعد القانون الدويل مل يقف عند هذا احلد بل أكملتها املعاهدات الدولية والثنائية والأعراف الدولية واملبادئ العامة للقانون الدويل والقرارات الق ضائية والآراء التحكيمية لت سهم يف تطوير مفهوم النهر الدويل وتدعيم التعاون يف ا ستخدام مياهه.

18 صفحة رقم 18 ندر س هنا باخت صار أهم قواعد القانون املائي الدويل قبل اتفاقية 1997 وعند إقرارها. 2. مبادئ القانون الدويل الناظمة لالنتفاع مبياه الأنهار الدولية قبل اتفاقية الأمم املتحدة للعام 1997: هي من املبادئ الواجبة لحرتام ومنها وجوب احرتام ما سبق للدول النهرية لتفاق عليه ووجوب مراعاة التوزيع العادل ملياه الأنهار ومبد أ احلقوق املكت سبة يف كمية املياه التي كانت حت صل عليها الدول املت شاطئة ومبد أ عدم الإ رضار بالدول النهرية الأخرى والتن سيق معها عند إقامة املن ص آات أو حتويل مياه النهر أو إخطارها امل سبق على الأقل ف ضال عن مبد أ احلفاظ على البيئة النهرية ومبد أ التعاون بني الدول النهرية. وهنالك اجتاه عاملي ل ستعمال مبادئ العدل الدولية كاأ سا س قانوين حلل النزاعات واعتبارها م صدرا من م صادر القانون الدويل ]1]] واملبادئ العامة يف جمال الت رشيع النهري واملياه الدولية امل شرتكة هي جميعها على الرغم من قلتها مبادئ حديثة م ستوحاة من سل سلة الأفكار امل ستقاة من القانون اخلا ص ]1]]. ويف اعرتاف حمكمة العدل الدولية يف املادة )38( فقرة ) أ( من نظامها مب ساهمة الفقه يف إمناء قواعد القانون الدويل سمحت هذه املادة للمحكمة باأن تاأخذ يف لعتبار آراء الفقهاء م صدرا ثانويا لتحديد قواعد القانون الدويل للمياه وهي ت ساهم يف تطوير وتف سري الأحكام املتعل قة باملياه الدولية بالإ ضافة إىل درا سات موؤ س سات القانون الدويل غري احلكومية و أهمها معهد جمعية القانون الدويل و رابطة جماعة القانون الدويل وهما ت ضمان أع ضاء من خمتلف دول العامل ينتمون إىل مذاهب خمتلفة. وقد متخ ضت هذه املوؤ س سات غري احلكومية عن دورات وموؤمترات عديدة أهمها املوؤمتر الثاين واخلم سون لرابطة القانون الدويل International Law Association عام 1966 التي إنبثقت عنه قواعد هل سنكي وتبن تها جمعية القانون الدويل يف ا ستخدامات مياه الأنهار واعتربتها ن صو صا إ ضافية للقانون الدويل تطب ق يف حال غياب لتفاق أو العرف الدويل. ويح سن بنا الإكتفاء بها يف درا ستنا احلا رضة. قواعد هل سنكي 1966: ي عد نظام هل سنكي للعام أول 1966 نظام قانوين كامل للقواعد التي حتكم ا ستعمال الأنهار الدولية يف الأغرا ض غري املالحية. وهو يحكم لنتفاع مبياه الأنهار الدولية ما مل يكن هنالك اتفاق خا ص بني دول حو ض النهر الدويل على تنظيم لنتفاع على نحو معني أو عند وجود عرف اقليمي خا ص بينها يف هذا ال صاأن. واجلدير ذكره أن قواعد هل سنكي كما هو معلوم ل تتمت ع باأي صفة ر سمية. وتت ضمن املواد ال سبع والثالثون لنظام هل سنكي ع رش مبادئ على غاية من الأهمية ميكن اخت صارها بالتايل: 1.1 حق الدولة املت شاطئة حق خا ضع لقواعد القانون الدويل ولي س حقا مطلقا. 2.2 حق الدولة املت شاطئة يف التحك م بالنهر م رشوط بعدم ت أاثريه على حقوق الدول الأخرى. 3.3 الأعمال التو س عية بغية ضبط النهر أو زيادة إيراده هي أعمال متكاملة تخ ص النهر كله. 4.4 مبد أ للتزام بعدم ال رضر عند القيام باأعمال حتدث تغيريا يف النظام القائم للنهر الدويل )قطع في ضان تلو ث...(. السامن الفرات والقانون الدويل. ص [12] 643 صبحي أحمد زهري العاديل. النهر الدويل املفهوم والواقع يف بعض أنهار املرشق العريب. مركز دراسات الوحدة العربية بريوت نيسان/أبريل 2007 ص [13] 20

19 صفحة رقم حق الدولة امل شرتكة يف حو ض مائي دويل واحد يف احل صول على ح صة عادلة )املادة 4 و 5 من الف صل الثاين( وذلك بالتق سيم العادل واملن صف واملتوازن دون حاجة لت ساوي احل ص ص على أن ت راعى املقايي س التالية: م ساحة جغرافية احلو ض يف كل دولة وحجم حو ض ال رصف يف اقليم كل دولة واملناخ املوؤث ر احلاجات ال اقت صادية و لجتماعية لكل دولة عدد ال سكان الذين يعتمدون على مياه النهر يف كل دولة مدى توافر م صادر أخرى للمياه وتكاليفها لنتفاع املا ضي أو الأ سبقية التاريخية واحلالية ل ستغالل وتوزيع ح ص ص املياه درجة تاأمني احتياجات دول احلو ض دون إحلاق رضر ملمو س ببع ضها. 6.6 لعرتاف باحلقوق املكت سبة ول يجوز إنقا ص ح ص ص دولة مت شاطئة إل يف حال ح صول شح يف املنبع. 7.7 جتن ب الفاقد من املياه الذي ل مرب ر له. 8.8 وجوب إبالغ الدول املت شاطئة الأخرى )مادة 29/2( عن أي من ص أاة ويف حال لعرتا ض التفاو ض للو صول إىل حل مقبول و إل يحق للدولة املت رض رة اللجوء إىل جمل س حتكيمي دويل أو حمكمة العدل الدولية يف لهاي. 9.9 حماية امل صالح املحلية والتعوي ض عن الأ رضار الالحقة بال سكان جراء الأعمال يف حو ض النهر كما دفعت م رص عام 1960 مبلغ 15 مليون جنيه تعوي ضا لل سودان عن ال رضر الالحق ب أار ضه نتيجة مللء ال سد العايل باملياه وحدة النظام النهري ما يعني ا ستثمار النهر ب شكل متكامل للو صول إىل ل ستخدام الأمثل ملياهه [[1[. وهكذا تكون قواعد هل سنكي قد بلورت أهم العوامل التي يجب مراعاتها عند حتديد لنتفاع املن صف وذلك على سبيل املثال جتن با لو ضع قواعد ثابتة يف مو ضوع شديد احل سا سية. ولقد تاأث رت كل املحاولت الفقهية الالحقة فردية أو جماعية بدرجة أو باأخرى مبا انتهت إليه قواعد هل سنكي يف هذا ال صدد ولو مل ي ضع ترتيبا ل أالولويات بني العنا رص. مع مالحظة أن الوزن الذي يعطى لأي معيار من املعايري املذكورة آنفا يتحد د عرب مقارنته ب سائر املعايري بغية حتديد امل شاركة العادلة واملن صفة. ومبا يتعل ق مبو ضوع تلو ث مياه الأنهار الدولية فقد ت ضم نت اتفاقية هل سنكي بع ض الإ شارات إىل وجوب مكافحته )مادة 10(. ويف أيلول 1979 اعتمد معهد القانون الدويل قرار أثينا املتعل ق بتلو ث مياه الأنهار والبحريات و سبل مكافحته و أ ساليب التعاون وتبادل البيانات ب صاأنه )مادة 2 و 3 (. ولعل من أهم عوامل تطو ر القانون الدويل للمياه النظر إىل املجرى املائي امل شرتك بني عدة دولة على أنه وحدة طبيعية واحدة أو كل ل يتجز ا وبالتايل فاإن إدارته ينبغي أن تكون تعاونية أو بالتفاهم امل شرتك بني دوله. ويبدو جلي ا أن ثم ة اتفاقا يف الفقه والق ضاء واملمار سة الدولية على أن مبد أ لنتفاع املن صف مبياه الأنهار الدولية هو أحد أهم املبادئ التي ميكن اعتمادها للتغل ب على ما قد ين صاأ عن اقت سام مياه الأنهار الدولية من نزاعات. وهو ما أك دت عليه وف صلت فيه اتفاقية الأمم املتحدة لعام الهندي. القانون الدويل للمياه والتطبيق عىل أنهار الفرات ودجلة والنيل. ص [14]

20 صفحة رقم اتفاقية الأمم املتحدة ل ستخدام املجاري املائية الدولية يف الأغرا ض غري املالحية 1997 أا. اخللفية: نالت م صاألة الأنهار الدولية وا ستخداماتها يف الأغرا ض غري املالحية اهتماما فائقا من جانب هيئة الأمم املتحدة إدراكا منها للعواقب الوخيمة التي قد تنجم عن ال رصاعات بني الدول النهرية حول ل ستخدامات املختلفة ملياه الأنهار نظرا لندرتها الن سبية وبهدف الو صول إىل تنظيم معني ب صاأنها ويف سبيل تعميم القواعد القانونية اخلا صة بهذا املو ضوع. ويف أ صدرت 1959 قرارا أو ضحت فيه أنه من املرغوب ال رشوع يف إجراء درا سات متهدية عن امل شاكل القانونية املتعل قة با ستخدام الأنهار الدولية و لنتفاع بها ]1]]. وقد أو صت اجلمعية العامة ل أالمم املتحدة جلنة القانون الدويل التابعة لها أن ت ضع هذا املو ضوع على جدول أعمالها وذلك مبوجب قرارها رقم 669 تاريخ 8 دي سمرب عام وتعاقب على هذا املو ضوع عدد من املقر رين اخلا صني حتى مت إجناز م رشوع اتفاقية يف هذا ال صاأن بتاريخ 21 مايو 1997 أي بعد جهود م ضنية دامت سبعا وع رشين عاما مت ت خاللها مراجعة كل ما سبق وعاجله القانون الدويل للمياه من مبادئ وحلول ع رفا وفقها واجتهاد حماكم واتفاقيات. وقد ك شفت املناق شات واملداولت اخلالفات يف امل صالح بني دول منابع الأنهار ودول امل صاب من قبل فريق عمل جامع عام 1996 وبعد قراءة أوىل 1991 وثانية 1994 للم رشوع يف م سائل أولية بدء من تعريف املجرى املائي الدويل وكانت وجهة نظر دول املنبع عدم تعريف املجرى املائي الدويل تعريفا قاطعا كي يكون مو ضوع مفاو ضة بني الدول النهرية حول كل نهر على حدة. أما دول احلو ض الأدنى فطالبت بالتو س ع يف مفهوم النهر الدويل بحيث ي شتمل على كامل شبكة املياه ومن ضمنها املياه اجلوفية املت صلة باملجرى الرئي سي وذلك بهدف ضمان ن صيب معقول من موارد النهر. ومن امل سائل الأ سا سية التي أبرزها م رشوع جلنة القانون الدويل كاأحد املبادئ العامة مبد أ لنتفاع وامل شاركة املن صفني واملعقولني يف ا ستخدام املجرى الدويل وتنميته وحمايته بغية احل صول على أمثل انتفاع به مع واجب التعاون على ذلك. وقد ت ضمن م رشوع لتفاقية بع ض املعايري التي حتد د كيفية هذا الإنتفاه والتاأم ل يف هذه املعايري يك شف عن قدر كبري من الت شابه مع القواعد التي سبق أن ت ضم نتها قواعد هل سنكي للعام وهذه القواعد سبق للفقه الدويل أن أ شار إليها م ستندا إىل املمار سات الدولية الوا سعة النطاق وكان ملجمع القانون الدويل ف ضل ال سبق إىل و ضع ال ضوابط التي حتكم مبد أ لقت سام املن صف وذلك يف امل رشوع الذي أقر ه املجمع يف دورته التي عقدها يف سالزبورغ عام ]1]] ومن امل سائل اخلالفية أي ضا كانت م صاألة إحلاق ال رضر بالدول النهرية الأخرى جراء بع ض ل ستخدامات ودافعت دول احلو ض الأعلى للنهر عن قاعدة حرية ا ستخدام النهر الدويل داخل النطاق لقليمي لكل دولة دون أن يحرم دول النهر الأخرى من ن صيبها املن صف وهذا معيار كم ي ل يلحظ سوء ا ستخدام املياه جلهة تلو ثها أو تغيري يف طبيعتها. أما دول النهر الأخرى فقد أبرزت مفهوم النهر الدويل بو صفه نهرا م شرتكا ل سائر دوله وطالبت بتقييد ا ستخدامه عمال قرار األمم املتحدة رقم 1401 )الدورة 14( املت خذ يف 21 ترشين الثاين [15] 1959 صالح الدين عامر. النظام القانوين لألنهار الدولية قانون األنهار الدولية الجديد واملصالح العربية. معهد البحوث والدراسات العربية 2001 ص [16] 22

21 صفحة رقم 21 بقاعدة عدم إحلاق رضر ملمو س بحقوق وم صالح سائر دول النهر أو إبرازا ملبد أ ا ستخدام مالك من حقه حق دون إ رضار بحقوق الآخرين. وكانت الغلبة لهذا املفهوم الأخري الذي يعك س امل ساواة يف ال سيادة بني الدول تطبيقا لقواعد لخت صا ص احل رصي الذي تتمت ع به الدولة داخل اقليمها ويجب أل ميار س على وجه ي سب ب رضرا لدول املجرى املائي الأخرى لأن الت سب ب يف هذا ال رضر يعادل التدخ ل يف اخت صا صها يف م سائل داخل اقليمها ]1]]. وقد ا ستخدمت اللجنة مفهوم ال رضر اجلوهري كمفهوم واقعي مو ضوعي يتطل ب إثباته أدل ة مو ضوعية وي شك ل انتقا صا حقيقيا على ل ستخدام ك أان يكون له أثر على ال صحة العامة أو الزراعة أو ال صناعة أو البيئة. وال رضر اجلوهري لي س بال رضورة رضرا ج سيما كما أنه بالطبع لي س رضرا طفيفا. أما إذا شاءت دولة من دول النهر الدويل أن تتحم ل مقدارا من ال رضر فاإن ذلك يكون عرب ت سويات واتفاقيات حمد دة بني الأطراف املعنية. ومن امل سائل التي ناق شها فريق العمل اجلامع أي ضا م صاألة التعاون تتعاون دول املجرى املائي على أ سا س امل ساواة يف ال سيادة وال سالمة لقليمية والفائدة املتبادلة من أجل احل صول على أمثل انتفاع ل شبكة جمرى مائي دويل و أكف أا حماية له ]1]] وهذا أمر تفر ضه مبادئ ح سن الني ة وح سن اجلوار [[1[. وميكن القول يف النهاية أن النظرة ال شاملة مل رشوع جلنة القانون الدويل تك شف قدرا من لنحياز ل صالح دول أعايل الأنهار ملجرد أن اللجنة قد مت مبد أ لنتفاع املن صف واملعقول على مبد أ عدم الإ رضار فاأخ ضعت هذا الأخري ملبد أ لنتفاع أو لقت سام املن صف واملعقول فنقلته من رتبة للتزام الوا ضح كما ذهب لذلك جانب كبري من الفقه الدويل أو ما كان عليه الو ضع يف ظل العرف الدويل إىل رتبة واجب بذل العناية الكافية لتجنبه. وهذه امل صاألة كانت من أكرث مواد م رشوع لتفاقية إثارة للجدل والنقا ش واخلالف. ولهذا مت بذل جهود كبرية لإقامة نوع من التوازن بني املبد أين كما سوف نرى يف رشح اتفاقية 1997 كما جرت تعديالت كثرية وهامة عل ن ص القراءة الثانية التي قامت بها جلنة القانون الدويل. ب. اتفاقية [[2[ 1997 : شكلت هذه لتفاقية خطوة هامة يف تقنني قانون دويل للمياه. وقد اعتمدتها اجلمعية العامة لالأمم املتحدة يف 21 مايو 1997 باأغلبية 104 دول واعرتا ض ثالث دول )ال صني تركيا وبوروندي( وامتناع 27 دولة عن الت صويت )من بينها م رص وفرن سا و إثيوبيا(. وقد مت اعتماد هذه لتفاقية وفتح باب التوقيع عليها. واملالحظ أن ني ف وع رش سنوات مر ت على اعتمادها ومل حتظ إل ب 16 توقيعا بينما املطلوب 35 توقيعا رشطا لنفاذها وكانت فيتنام الدولة ال 35 التي أودعت صك موافقتها على لتفاقية يف 19 مايو 2014 وهكذا و ضعت مو ضع التنفيذ يف آب/ أغ سط س أي بعد 90 يوما من الرقم املطلوب. وقد حظيت هذه أنظر حولية لجنة القانون الدويل 1988 املجلد الثاين الجزء الثاين ص [17] 80 راجع حولية لجنة القانون الدويل 1988 املجلد الثاين الجزء الثاين ص [18] 86 املرجع السابق ص [19] 89 ملحق النص الكمل التفاقية [20] 1997

22 صفحة رقم 22 لتفاقية باهتمام وا سع النطاق دوليا وعربيا فاجتهدت الأقالم يف رشح م ضامينها وتبيان ت أاثرياتها على املدى البعيد والقريب على قواعد اقت سام مياه الأنهار الدولية وبخا صة الأنهار العربية التي تتقا سم الدول العربية مياهها مع دول غري عربية وب صفة خا صة تركيا وا رسائيل و إثيوبيا. إن أهمية هذه لتفاقية أك دتها حمكمة العدل الدولية عام 1997 بعد أ شهر فقط من إجازتها وذلك يف معر ض ق ضية كانت هي الأوىل يف التاريخ التي يطلب فيها من حمكمة العدل الدولية حل نزاع بني دولتني حول جمرى مائي هو نهر الدانوب ]2]]. ندر س باخت صار أبرز مالمح اتفاقية 1997 اجلديدة جلهة طبيعتها وعالقتها بالتفاقيات ال سابقة أو الالحقة لها ثم ندر س أهم املبادئ التي ن ص ت عليها ثم عالقتها بالع رف الدويل ومعاجلتها للمياه اجلوفية وت سوية النزاعات. هي اتفاقية إطارية أهم :Frame Work Convention ما ميي ز هذه لتفاقية أنها صدرت على شكل إطار شامل أي أنها اتفاقية إطارية ت ضع إطارا شامال وخطوطا عري ضة ول تخو ض يف التفا صيل بل تت ضمن قواعد عامة ميكن تكميلها وتقوميها. وهذه املبادئ والأحكام العامة سبق للمجتمع الدويل أن ناق شها طيلة عقود و أخرجها على شكل تو صيات وقواعد قانونية و أحكام ق ضائية. وعليه فاإنه يلزم بغية تطبيقها على أو ضاع نهر معني أو على جزء منه بغية حتقيق أف ضل انتفاع مبائه أن يتم و ضع اتفاقية خا صة و أكرث نوعية ترعى أو ضاع النهر اجلغرافية والهيدرولوجية واملناخية وال سكانية. لذلك فاإن اتفاقية الإطار ت شك ل قاعدة عامة للتفاو ض خا صة عند وجود صعوبات وغياب الإطار العام. لكن املالحظ أن مرونة القواعد التي ت ضم نتها لتفاقية وال صياغة العمومية ملوادها والأهمية التي أعطتها للتفاو ض بني دول النهر سمحت لدول املنابع التي تتمت ع بقدرة ع سكرية واقت صادية أن ت ستفيد منها يف مفاو ضاتها جتاه دول امل صاب التي ترى م صلحتها يف ن صو ص أكرث حتديدا تعطيها ضمانات أف ضل. إن معنى لتفاقية الإطار كاد أن ي ضيع يف املراحل الأخرية من إعداد لتفاقية لول انتباه عدد من الدول ويف طليعتها فرن سا وم رص وهكذا جرى التاأكيد على تو ضيح طبيعتها الإطارية وعدم قابليتها للتطبيق على جميع أحوا ض الأنهار يف العامل واحلاجة دوما إىل اتفاقيات خا صة ت ربم ب صاأن كل نهر دويل يراد ا ستثماره. عالقة اتفاقية 1997 بالتفاقيات ال سابقة أو الالحقة ب ص أان نهر ما: كانت هذه لتفاقات حمال خلالفات شديدة أثناء مناق شة اتفاقية 1997 وبرزت وجهتا نظر متعار ضتان: الوجهة الأوىل: إن لتفاقات القائمة ل عالقة لها بالتفاقية الإطارية اجلديدة ول تتاأث ر بها وبقواعدها اجلديد. فاخلا ص ل ينبغي له أن يتاأث ر بالعام. الوجهة الثانية: أن لتفاقات القائمة يجب تعديلها كي تت سق مع لتفاقية اجلديدة. وقد جاء ن ص الإتفاقية )مادة 3( مغلبا وجهة النظر الأوىل فغل ب الثبات على النزوع إىل نق ض أحمد املفتي. دراسة حول اتفاقية قانون استخدام املجاري املائية الدولية يف األغراض غري املالحية قانون األنهار الدولية الجديد واملصالح العربية. بريوت 2001 ص [21] 46

23 صفحة رقم 23 لتفاقات مع إعطاء الفر صة للدول املتعاهدة وعلى أ سا س اختياري متاما إمكانية حتقيق ات ساق لتفاقات القائمة مع املبادئ الأ سا سية الواردة يف اتفاقية أو 1997 إقامة اتفاقات جديدة تطب ق أحكام لتفاقية اجلديدة. ج. اأبرز املبادئ القانونية التي ت ضمنتها الإتفاقية: مبد أ لنتفاع وامل شاركة املن صفان واملعقولن: مبد أ لنتفاع وامل شاركة املن صفني واملعقولني هما حجر الزاوية يف قانون املجاري املائية الدولية. كان هذا املبد أ ي شرتط عدم الت سب ب يف ال رضر لدول النهر الأخرى فجاءت اتفاقية 1997 لت ضع مبد أ عدم الت سب ب يف ال رضر يف مرتبة أدنى جاعلة من مبد أ لقت سام العادل واملن صف املبد أ العام بعد أن ا شرتطت أن يكون ال رضر ج سيما كي يوجب التعوي ض. وهذا موقف يفيد بال شك م صالح دول املنابع. وبعد مفاو ضات شاق ة مت و ضع هذه املبادئ على م ستوى واحد فن ص ت املواد اخلام سة وال ساد سة وال سابعة على انتفاع دول املجرى املائي الدويل مبياهه وتنميته ويراعي م صالح دوله ويوف ر احلماية له وواجب التعاون على النحو املن صو ص عليه يف لتفاقية مع أخذ جميع العوامل والظروف ذات ال صلة يف احل سبان على أن ي حد د الثقل املمنوح لكل عامل من العوامل وفقا لأهميته باملقارنة مع العوامل الأخرى ذات ال صلة والنظر يف جميع العوامل ذات ال صلة معا والتو ص ل إىل ا ستنتاج على أ سا سها ب صفة عامة. للتزام بعدم الت سب ب يف رضر ذي صاأن: قلنا أن للتزام بعدم الت سب ب يف رضر جوهري بالدول النهرية الأخرى ي عد قيدا عاما وفقا للقانون الدويل العريف أي أنه قيد كابح ملبد أ لقت سام العادل واملن صف. وقد تطو ر النقا ش حول هذا املبد أ. ا شرتطت اللجنة يف البداية أن ال رضر املوجب للتعوي ض أثناء لقت سام املن صف هو ال رضر امللمو س ثم عدلت عن هذا الو صف إىل تعبري ال رضر اجلوهري مما يعطي دول املنبع حرية الت سبب بال رضر الذي ل يبلغ صفة اجلوهري. و أخريا جاءت صياغة املادة )7( فا ستخدمت تعبري ال رضر ذي ال صاأن وعلى الدولة التي ت سب بت به ات خاذ التدابري املنا سبة بالت شاور مع الدولة املت رض رة لتخفيفه و إزالته ومناق شة م صاألة التعوي ض. إن أهمية ت سوية النزاعات فيما يتعل ق باملجاري املائية الدولية هي التي جعلت جلنة القانون الدويل تدخل ضمن م شاريع املواد مادة تتعل ق بت سوية املنازعات يف املادة )33( ]2]]. وقد أثارت هذه املادة جدل كبريا يف املناق شات الأخرية بني دول املنبع التي تف ضل عدم إلزامية التحكيم ب سبب موقفها التفاو ضي القوي يف معظم احلالت ودول امل صب التي نادت ب إالزامية التحكيم. وا ستقر الأمر أخريا على حل و سط ن ص ت عليه املادة )33( من لتفاقية إذا مل يتمك ن الأطراف املعنيون بعد ستة أ شهر من وقت طلب املفاو ضات من ت سوية نزاعها عن طريق التفاو ض أو أي و سيلة أخرى حد دتها املادة يعر ض النزاع على جلنة حمايدة لتق ص ي احلقائق ما مل تتفق الأطراف على خالف ذلك. اتفاقية األمم املتحدة بشأن قانون استخدام املجاري املائية الدولية يف األغراض غري املالحية آفاق نجاحها واملخاطر الكامنة فيها ستيفن كافري مقال منشور يف دراسة [22] فن ية رقم 414 صادرة عن البنك الدويل الطبعة األوىل مارس 1999 ص 36

24 صفحة رقم 24 وقد صو تت 33 دولة ل صالح هذه املادة و 5 دول ضدها مبا فيها تركيا وامتنعت 25 دولة عن الت صويت. للتزام بالتعاون والإخطار عن الإجراءات املزمع ات خاذها: انطوت الإتفاية على التزام عام على دول املجرى املائي الدويل بالتعاون وتبادل املعلومات على نحو منتظم وبتف صيل وا سع و إجراءات الإخطار الذي ت صدره الدول ومهل الرد عليه وت شك ل هذه إحدى ال ضمانات الأ سا سية ل صالح دول امل صاب واملجرى الأو سط للنهر يف مواجهة دول املنابع. د. عالقة التفاقية اجلديدة بالعرف الدويل: تثري لتفاقية م ص أالة ما ي عترب منها تقنينا وا ضحا و أمينا للعرف الدويل وهو ملزم جلميع الدول ومنها أطراف لتفاقية وما قد يعترب داخال يف إطار التجديد وهو ما ل يكون له قوة قانونية ملزمة إل بالن سبة للدول التي ت صبح أطرافا يف لتفاقية اجلديدة بعد لن ضمام إليها أو عند صريورته يف امل ستقبل عرفا دوليا. وقد اعرت ضت بع ض الدول حول ما اعترب تطويرا مي س بالقواعد العرفية امل ستقر ة فاأ شار املندوب امل رصي أن م رص لن تكون ملتزمة إل بالقواعد العرفية امل ستقر ة والتي ل ميكن لالتفاقية اجلديدة أن تن سخها أو أن توؤث ر على لتفاقات الدولية الثنائية أو املتعد دة الأطراف املتعل قة ب أانهار بذاتها. واعترب أن مبد أ عدم الإ رضار بالدول الأخرى هو مبثابة حجر أ سا س لأي نظام قانوين لنهر من الأنهار الدولية يتم لتفاق عليه بني الأطراف. إن امتناع م رص عن الت صويت عند إقرار لتفاقية أعطاها قدرا كبريا من حرية احلركة يف مواجهتها سواء با ستمرار التجاهل أو بالت صديق عليها لحقا مع التحف ظات.. واملوقف متليه مواقف دول النيل. أما إثيوبيا فقد تطو ر موقفها إىل عدم الت صويت كونها ل حتق ق التوازن بني دول امل صب ودول املنبع. و لتفاقية ت ضع يف جزئها الثالث اخلا ص بالإجراءات عند إقامة امل شاريع ت ضع أعباء ثقيلة على الدولة التي تنوي القيام مب رشوعات على مياهها. ثم حتف ظت على املادة ال سابعة اخلا صة باللتزام بعدم ل رضار اجلوهري. كما رص حت أن املادة الثالثة كان يجب أن تن ص على التزام الدول بتعديل لتفاقية القائمة لتتوافق مع لتفاقية الإطارية. دولتان يف حو ض النيل وافقتا على لتفاقية هم ال سودان وكينيا واعرت ضت بوروندي ومل ت شرتك إيرتريا و أوغندا وزائري يف الت صويت وامتنعت كل من رواندا وتنزانيا عن الت صويت حيث اعرت ضت رواندا على م صاألة الإجراءات يف إقامة امل رشوعات وتنزانيا بحجة أن ل ستخدام العادل )مادة 5( أحدث خلال يف التوازن. وهذا التباين يف مواقف دول النيل ب صاأن لتفاقية جعل غالبيتها تتفق على عدم الت سليم بها بو صفها تقنينا للعرف الدويل مع اختالف منطلقات كل دولة وهذا ما يدفع للت سا ؤول حول مدى تاأثري هذه لتفاقية على النظام القانوين لنهر النيل أو على إمكانية التو ص ل بال ستناد إليها إىل نظام ير ضي سائر الأطراف.

25 صفحة رقم 25 ه. املياه اجلوفية: ذهبت اتفاقية 1997 صاأن قواعد هل سنكي 1966 إىل اعتبار املياه اجلوفية جزء ا من حو ض النهر الدويل عندما اعتربت يف مادتها الثانية إىل أنه يق صد باملجرى املائي شبكة املياه ال سطحية واجلوفية التي ت شك ل بحكم عالقاتها الطبيعية بع ضها ببع ض كال واحدا وتتدف ق صوب نقطة و صول م شرتكة. لكن لتفاقية مي زت بني و ضع الأنهار والأحوا ض اجلوفية حني ترتبط مبجرى مائي دويل بحيث تطب ق ب صاأنها القواعد التي حتكم الأنهار الدولية يف ال ص ؤوون غري املالحية وبني املياه اجلوفية التي ل تتعل ق ب أانهار دولية والتي ميكن أن يجري القيا س على أحكام لتفاقية ب ص أانها حني يتعل ق الأمر بتنظيم ا ستخدام املياه اجلوفية العابرة للحدود. هذه باخت صار أهم القواعد العامة يف قانون املياه الدويل وهي بالأ صل قواعد أوجدتها لتفاقيات الدولية والأعراف التي تول دت من املمار سة الدولية وارتقت بف ضل التطو ر ومطالبة الدول لت صبح واجبات قانونية يتوج ب للتزام بها واحرتامها. وملا كانت املياه وا ستخداماتها هما دائما جلميع دول عاملنا العربي ومدار اهتمام الباحثني والقانونيني فاإننا سندر س م صاألة اقت سام مياه الأنهار الدولية يف عاملنا العربي و أزماتها التي ت سب ب لنا التوت ر والقلق وترفع من حد ة النزاعات. ونختار يف درا ستنا هذه أنهار امل رشق العربي الدولية ونهر النيل مبا تعانيه دولها من م شاكل وحلول وما مت ب ص أانها من اتفاقيات. الق سم الأول: واقع اأنهار امل رشق العربي قد يحتار الباحث عند اعتماد ت سمية امل رشق العربي وامل رشق باللغة الفرن سية ي شمل رشقي املتو سط ول ي شمل شبه اجلزيرة العربية فهما خمتلفان خا صة يف مو ضوع الأنهار يف هذه املنطقة لأن كل شبه اجلزيرة العربية واخلليج ل يجري فيها نهر واحد إمنا ترتك ز شبكة الأنهار يف ما يعرف مبنطقة الهالل اخل صيب باأنهارها الوطنية والدولية وهذه الأخرية سوف تكون مدارا لبحثنا يف واقعها املاأزوم ويف لتفاقيات الدولية التي كر ست حلول قانونية معينة.

26

27 صفحة رقم 27 } الف صل الأول { ق ضية نهر النيل: أازمات واتفاقيات تبلغ امل ساحة اجلغرافية لدول حو ض النيل 6% من م ساحة الياب سة ويقيم فيها 2.6% من سكان العامل كما ت ستحوذ على 4.3% من قوة العمل الدولية إل أن ن صيبها من لقت صاد الدويل ل يتعد ى ن سبة 0.6% فقط. وقد بلغ ن صيبها الن سبي من التجارة ال سلعية الدولية عام 2008 ن صف باملائة. ويعود سبب تدين ن صيبها من لقت صاد الدويل إىل تدين أحوالها لجتماعية وارتفاع ن سب الفقر والبطالة وارتفاع معدلت وفيات الأطفال والإيدز واحلروب الأهلية مما جعلها حت صل على ن سبة 10.7% من م ساعدات التنمية الدولية. ورغم تنو ع مواردها الطبيعية الزراعية واحليوانية واملعدنية فاإنها مل ت ستقطب سوى ن سبة 10% فقط من ل ستثمار الأجنبي املبا رش. إن تقد م اقت صادات دول حو ض النيل سوف يتطل ب ا ستثمار مواردها املائية وا ستخدامها كعن رص قوة ومنو ما يطرح إ شكاليات الأمن املائي لهذه الدول مبا يعنيه من توفري لحتياجات املائية لل سكان ب صورة دائمة وم ستمر ة لكنه يعني أي ضا توظيف املوارد املائية خلدمة أغرا ض التنمية الزراعية وال صناعية وانتاج الطاقة الكهربائية و إقامة ال سدود ال ضخمة ك سد النه ضة الإثيوبي قيد الإن شاء وقبله ال سد العايل امل رصي وا ست صالح الأرا ضي و إقامة املجمعات العمرانية اجلديدة. وم شكالت النيل عديدة ومتعد دة اجلوانب بد أت فن ية وتو س عت إىل الأبعاد لقت صادية و ل سرتاتيجية وال سيا سية والدميغرافية و أخذت ب عدا اقليميا ودوليا بالإ ضافة إىل الب عد الداخلي يف كل دولة وهذا ما يهد د الأمن املائي يف بع ض دوله مثل م رص وال سودان حيث يجدان نف سيهما يف واقع جديد مل ي شهداه حتى الآن. ويقت ضي الإ ضاءة على أبرز هذه الأبعاد وهي بال رضورة أبعاد متداخلة وتبيان احللول املمكنة عرب ما سبق لدول النيل إن و ضعته أو ما حتتاج إليه من اتفاقيات حقوقية تتطلبها رضورة التن سيق والتعاون بدل التفر د والتنازع. اأول : نهر النيل: املوقع والأهمية 1. املوقع: تطلق ت سمية حو ض النيل على امل ساحة اجلغرافية لدول احلو ض والتي تبلغ 3.4 مليون كلم مربع وت شغل ن سبة 6% من م ساحة الياب سة وت ضم ع رش دول إفريقية بالإ ضافة إىل دولة إيرتريا كمراقب ومتتد من املنبع يف بحرية فيكتوريا حتى امل صب يف البحر املتو سط. ودول حو ض النيل هي كينيا و أوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونغو الدميقراطية )زائري( و إثيوبيا وجنوب ال سودان وهي التي يوجد على أرا ضيها منابع نهر النيل و إيرتريا وال سودان وم رص.