113 * رشيد يلوح نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية: الدالالت والتحديات تقدم هذه الدراسة قراءة ألبعاد نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية األخيرة ودال

النسخ

1 113 * رشيد يلوح نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية: الدالالت والتحديات تقدم هذه الدراسة قراءة ألبعاد نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية األخيرة ودالالتها في ضوء المعطيات العددي ة المعلنة. وتستعين الدراسة في تحليلها بالعوامل الثقافية والسياسية واالقتصادية المؤثرة في الذهنية اإليرانية سواء لدى المعارضين لنظام الحكم أو الموالين له. وتناقش الدراسة التحد يات المطروحة أمام الرئيس الجديد حسن روحاني مستعرضة جانب ا من الصراع السياسي بشأن مفهوم "االعتدال" الذي اختاره روحاني عنوان ا لمرحلة الملخص التنفيذي حكمه. وترى الدراسة في خالصاتها أن نتائج االنتخابات أك دت استمرار احتكام الساحة السياسية اإليراني ة إلى منهجيتها السابقة في إدارة صراعاتها. وتتوقع أن ي حسم الجدل بشأن "االعتدال" عمليا على محك الممارسة السياسية للحكومة الجديدة إذ سيكون لهذا الحسم بالغ األثر في عالقة روحاني بالمرشد علي خامنئي والقوى النافذة في النظام من جهة والتيارات السياسية الموالية والمعارضة من جهة أخرى. وعليه سيبقى الجواب العملي عن سؤال "االعتدال" هو المحد د لمسار تجربة حسن روحاني الرئاسية ونتائجها. * باحث يف املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.

2 العدد أيلول / سبتمبر 2013 مقدمة كشفت نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية 2013 عن فوز املعتدل حسن روحاين الذي اقرتح نفسه زعيام لتوج ه سيايس جديد يريد أن يقف عىل مسافة واحدة بني التيارين املتصارعني: اإلصالحي واألصويل واختار روحاين لهذا التوجه عنوان "االعتدال" وعىل الر غم من تأثريه املحتمل يف إعادة ترتيب البيت الداخيل اإليراين فإن هذا املعطى السيايس الجديد مل يخرج يف اعتقادنا عن املنطق الثابت لقواعد الثقافة السياسية اإليرانية إذ أكدت الفرتة السابقة للعملية االنتخابية وما بعدها أن األحداث تجري وفق منهجية غري معلنة غري أن مختلف األطراف املؤثرة واملتنافسة مت فقة عليها مسبق ا. وستحاول هذه الورقة البحث يف أسس هذه املنهجية وذلك من خالل تقديم قراءة عامة ألرقام العملية االنتخابية ثم استعراض العوامل الكامنة وراء فوز الرئيس املنتخب حسن روحاين وما تعرفه الساحة السياسية من رصاع بعد عبور جرس االنتخابات وأخريا ستتناول الورقة سؤال التحديات املطروحة أمام رئاسة حسن روحاين. قراءة في أرقام العملية االنتخابية فاز حسن روحاين يف الدور األول من االنتخابات الرئاسية عىل منافسيه يف التيار األصويل بعد حصوله عىل أكرث من 18 مليون و 613 ألف صوت وهو ما يعادل نحو يف املئة من أصوات الناخبني املشاركني الذين بلغ عددهم نحو 36 مليون و 704 ألف ناخب وهم ميث لون نسبة مشاركة بلغت نحو يف املئة من بني ما يقارب 50 مليون و 483 ألف مواطن يحق لهم التصويت ))). ومنافسو روحاين يف هذه االنتخابات هم خمسة مرشحني ينتمون جميع ا إىل التيار األصويل. ولبعضهم خلفية عسكرية مثل محمد باقر قاليباف ومحسن رضايئ ولبعضهم اآلخر خلفية دبلوماسية مثل سعيد جلييل وعيل أكرب واليتي. أم ا املرشح محمد غرزي فقد شغل منصب وزير يف حكومة سابقة. 1 التقرير النهايئ لالنتخابات الرئاسية الحادية عشة املوقع الرسمي ملركز االنتخابات 2013 /03 /15 عىل الرابط: a926-1e311d44c6d1 وقد جاءت حصيلة أصوات هؤالء املرشحني بالرتتيب كام ييل: محمد باقر قاليباف ب 6 ماليني و 77 ألف صوت وسعيد جليل ب 4 ماليني و 168 ألف صوت ومحسن رضايئ ب 3 ماليني و 884 ألف صوت وعيل أكرب واليتي مبليونني و 268 ألف صوت ومحمد غرزي ب 446 ألف صوت ))). ومن الواضح أن إجامع اإلصالحيني وطيف هاشمي رفسنجاين عىل حسن روحاين قد ساهم بقوة يف تركيز أصوات املعارضني عموم ا ملصلحته يف حني أد ى استمرار التنافس بني املرشحني األصوليني إىل تشتيت أصوات كتلتهم االنتخابية يف حني ل ف الغموض مصري أصوات أنصار الرئيس السابق أحمدي نجاد وذلك بعد أن التزم الصمت ومل يصدر من مقر بيه ما يفيد دعم أي مرشح يف املنافسة االنتخابية. وتشري األرقام التفصيلية املنشورة عىل موقع وزارة الداخلية اإليرانية إىل تقد م ملحوظ لحسن روحاين يف العاصمة طهران وباقي املدن كام هو الشأن يف القرى ومحافظات األطراف وميث ل هذا األمر تحو ال نوعي ا يف ميل تصويت الناخب اإليراين املستقر يف األطراف وقد كان يف السابق وفي ا للمرشحني األصوليني ))) هذا يعني أن عودة األصوليني قبل نحو مثاين سنوات إىل أجهزة السلطة التنفيذية مل تحق ق آمال ناخبيهم. وقد ساهم يف هذا الرتاجع انشغال عموم التيار األصويل طوال السنوات املاضية برصاعاته الداخلية التي عم قتها مواقف أحمدي نجاد واصطدامه مر ات عديدة مبراكز القو ة التي يهيمن عليها التيار األصويل يف الربملان والحرس الثوري واالستخبارات واملؤس سة الدينية. وإذا اعتربنا فوز حسن روحاين انتصار ا لعموم التيار املعارض لألصوليني املقر بني من املرشد عيل خامنئي فإن خسارة هؤالء ليست كبرية بالنظر إىل حجم األصوات االنتخابية التي حصدوها إذ مل يتفو ق حسن روحاين عىل مجموع أصوات منافسيه األصوليني إال مبا يقارب مليون و 767 ألف صوت وهذا رقم ضئيل مقارنة مبا جرى تسجيله يف انتخابات سنة 2009 حيث وصل الفارق بني األصويل أحمدي نجاد ومنافسه اإلصالحي مري حسني موسوي إىل نحو 11 مليون صوت وهذه األرقام قد طعن يف صح تها عدد من املعارضني ومل يعرتف بها اإلصالحيون. وبغض النظر عن الخالف الحاصل بشأن نتائج انتخابات سنة 2009 يبقى االتفاق بني الجميع قامئ ا بشأن ما حصده التيار املرجع نفسه. 2 نتائج فر ز أصوات الناخبني عىل املستوى الوطني موقع وزارة الداخلية عىل الرابط: 3

3 115 دراسات وأوراق تحليلي ة نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية: الدالالت والتحديات األصويل من أصوات سنة 2013 وقد بلغت يف مجموعها 16 مليون و 613 ألف صوت مقابل 18 مليون و 613 ألف صوت للمعارضة والتي مث لها خطاب حسن روحاين. ونعتقد أنها نسبة عالية بالنظر إىل عد ة اعتبارات أولها وقوعها يف الدور األول الذي ال يفرز عادة صورة حاسمة التجاه األصوات وثانيها أن أصوات التيار كانت مشت تة بني خمسة مرشحني وهذا التشتت يفتح الباب أمام حرية الناخب ومن مثة ترس ب األصوات. وميكننا القول إذن إن نتائج االنتخابات كشفت عن استمرار التيار األصويل يف املحافظة عىل مواقعه داخل املجتمع عىل الر غم من انتصار خصومه اإلصالحيني وحلفائهم بنتيجة تلك االنتخابات. وميكن إجامل أسباب هذا التمكن االجتامعي لألصوليني يف طبيعة موقعهم داخل النظام فهم ميث لون الواجهة األيديولوجية للحكم وعملي ا يشفون عىل كل مؤس سات النظام التي بإمكانها الن فاذ إىل عمق املجتمع وخصوص ا املؤس سات األمنية والدينية واالقتصادية إذ تعمل هذه املؤس سات بعيد ا من مراقبة الحكومة وتت بع يف إدارتها ومتويلها مبارشة إىل مرشد الثورة عيل خامنئي. ومن املالحظ أن لهذه املؤس سات دور ا مؤث را جد ا يف الحشد االنتخايب وأنها تقوم بذلك تحت غطاء دستوري ال مينعها من تقديم الدعم ألي مرشح فاملؤس سة األمنية والعسكرية تدعم األصوليني بأصوات كثرية ميكن تقديرها بنحو ثالثة ماليني صوت واألمر نفسه ينطبق عىل الحوزات الدينية وزعامئها الذين يدينون بالوالء للتيار األصويل ))) أم ا مؤس سات العمل االجتامعي والخريي فهي بحكم طبيعتها تستطيع توجيه أصوات املستفيدين من خدماتها بسهولة. ومتث ل نسبة املشاركة العالية إحدى الخصائص املالزمة لكل االنتخابات اإليرانية منذ قيام الثورة سنة 1979 تقريب ا. وهي نسبة متقدمة بشكل ملحوظ عىل ما يجري تسجيله عادة يف معظم دول العامل وت عد اآللة الدعائية للنظام الحاكم املشاركة يف االنتخابات نوع ا من املقاومة ضد االستكبار العاملي محاولة إقناع املواطن بأن صوته هو "لكمة قوية يف وجه أمريكا وإرسائيل" وعىل هذا األساس يعتقد املرشد عيل خامنئي أن نسبة املشاركة العالية يف أي انتخابات هي تصويت شعبي مبارش عىل نظام الجمهورية اإلسالمية وسياساته وهذا االعتقاد غري صحيح كل ه بدليل املعطيات التي سنتعرض لها الحق ا يف هذه الورقة. 4 يبذل النظام الحاكم جهد ا الحتواء الحوزة الدينية وذلك من خالل اإلجراء القانوين أو األمني إذ تجري محارصة الفقهاء الذين يرفضون هذا التوج ه أو يعلنون معارضتهم املرشد عيل خامنئي ونذكر ويف هذا السياق مثال : آية الله دستغيب وآية الله صانعي وآية الله طاهري أصفهاين )ت ويف منذ أسابيع(. وإذا قارن ا بني نسبة املشاركة يف انتخابات 2009 وانتخابات 2013 تبني لنا بوضوح تراجع عدد املشاركني يف هذه األخرية وقد بلغ نحو 36 مليون و 704 ألف ناخب بنسبة يف املئة يف حني بلغ عدد الناخبني يف انتخابات 2009 نحو 46 مليون و 199 ألف ناخب بنسبة تقارب 85 يف املئة ))) ومن دون احتساب نسبة النمو الدميوغرايف السنوي خالل السنوات األربع املاضية )1.29 يف املئة سنة 2011( ))) ميكن تقدير هذا االنخفاض يف عدد املشاركني بنحو 10 ماليني مواطن عىل األقل وهي نسبة كبرية ترب رها حالة اليأس واالنسداد التي عرفتها البالد منذ أحداث انتخابات 2009 وما تبعها من أحداث شأن محارصة املعارضة وسجن بعض رموزها ومتابعة بعضهم اآلخر إضافة إىل االنهيار الذي عرفته األوضاع االقتصادية. ومن املهم أن نشري يف هذا الس ياق إىل أن األرقام التي تعلنها وزارة الداخلية اإليرانية عن االنتخابات ال تسلم دامئا من نقد املعارضني وتشكيكهم وبخاصة األرقام املتعلقة بانتخابات 2009 التي تعرضت لتشكيك واسع يف ما يتعل ق بصدقها وقد وصل النقاش حولها إىل الربملان إذ كشف النائب عيل أحمد بزركواري يف جلسة علنية التفاوت الكبري بني نسبة املشاركني سنة 2005 ونسبتهم سنة 2009 وقد بلغ نحو 11 مليون مشارك ))). وبالنظر إىل املعطيات السابقة نعتقد أن نسبة 72 يف املئة من املشاركني يف انتخابات الرئاسة سنة 2013 كانت إىل حد ما مخالفة للتوقعات التي انتظرت انعكاس تراكامت السنوات املاضية سلبي ا عىل نفسية الناخب ومن مثة تكون املقاطعة لصناديق االقرتاع هي رد ة فعله الطبيعية. هناك إذا عوامل مؤث رة ساهمت يف ت و ج ه الناخبني إىل صناديق االقرتاع. ويف املحور اآليت سنحاول عر ض هذه العوامل وتحليلها. 5 موقع صحيفة همشهري أونالين 2009/06/02 عىل الرابط: 6 ملخص نتائج إحصاء السكن والسكان لسنة 2011 موقع مركز اإلحصاء القومي عىل الرابط: 7 موقع صحيفة همشهري أونالين / 26/ عىل الرابط:

4 العدد أيلول / سبتمبر 2013 المتغيرات االنتخابية لسباق 2013 الرئاسي مث لت نتائج انتخابات يوم 14 حزيران/ يونيو مفاجأة حقيقية لعموم املراقبني داخل إيران وخارجها وأكدت االعتقاد القائل بصعوبة توق ع اتجاهات السياسة اإليرانية. إال أن النظر إىل الحدث من زاوية بحثية ي بني أن النتائج وما كان قبلها وما جاء بعدها ال يخرج عموم ا عن املسار الذي يحكم الثقافة السياسية اإليرانية التي ال تستند فقط إىل مقتضيات الرصاع االجتامعي والسيايس يف تدبريها وتحوالتها بل إىل الخصائص الثقافية والنفسية التي تساهم بقو ة يف صنع مواقف الشخصية اإليرانية ويف تحديد أهدافها وأولوياتها أيض ا. ومن هذا املنطلق سنحاول استعراض ثالثة عناوين رئيسة نعتقد أنها من أهم العوامل التي كانت وراء حدوث متغري ين أساسيني يف الساحة اإليرانية فاملتغري األول هو ارتفاع نسبة املشاركة االنتخابية وأم ا اآلخر فهو فو ز املعتدل حسن روحاين. ويرتبط املتغريان أحدهام باآلخر فاملشاركة الكبرية للكتلة التصويتية املطالبة بالتغيري هي التي أحدثت الفر ق ملصلحة روحاين كام أن شعارات التغيري التي رفعها روحاين بنربة معارضة أوجدت كذلك نوع ا من الحامسة واألمل عند الناخبني. العامل الثقافي والقومي تشري األرقام الرسمية املتوافرة إىل تقد م املؤرشات التعليمية عند اإليرانيني مقارنة بباقي الدول النامية األخرى ففي نتائج اإلحصاء الوطني سنة 2011 بلغ تعداد الشعب اإليراين نحو 73 مليون و 461 ألف نسمة سبعة يف املئة منهم أم يون يف حني يبلغ عدد طالب التعليم العايل املتخر جون نحو 10 ماليني و 498 ألف شخص ويأيت تخص ص العلوم االجتامعية والقانونية واالقتصادية والهندسة واإلنتاج الصناعي عىل رأس تخص ص هؤالء الطالب واملتخر جني بنسبة يف املئة ))). وهذا املعطي يساعدنا عىل فهم التوجه العام ملجتمع تصل فيه نسبة الشباب القادرين عىل العمل )بني 15 إىل 64 سنة ( إىل 70.9 يف املئة ))) ما يجعل مطالب التغيري االجتامعي والسيايس عىل رأس االنشغاالت التي ال تنفصل عن االهتامم باملصري العام للبالد وبخاصة بعد أن وصلت إيران يف السنوات األخرية إىل مرحلة حرجة 8 مركز اإلحصاء القومي عىل الرابط: 9 املرجع نفسه. جعلتها قريبة من سيناريو االنهيار االقتصادي والذي عرفه االتحاد السوفيايت السابق يف نهاية عقد مثانينيات القرن املايض. وإن أحوال املنطقة وبعض حلفاء النظام الحاكم تجعل هذا السيناريو ممكن التكرار يف البالد وخصوص ا يف ظل تزايد التهديدات الغربية ضد إيران. وقد تحق ق بالفعل الجانب االقتصادي منها إذ أث رت تلك العقوبات تأثري ا بارز ا يف متاسك االقتصاد اإليراين وهد دت استقرار املجتمع عىل الر غم من جهد املقاومة االقتصادية الذي تبذله الحكومة. وبالنسبة إىل املواطن اإليراين فإنه من املرعب جد ا أن يكون مصري بالده مامثال لباقي الدول التي دخلت يف رصاع ضد الغرب. وهذه املقدمة رضورية يف نظرنا لفهم الصورة التي تسيطر عىل ذهن املواطن اإليراين ففي ثقافته القومية ت ع ر ف إيران بأنها مركز العامل وبأن الحضارة البشية مدينة لإليرانيني وحني يعرب بعض اإليرانيني عن حب هم لبالدهم ال يجدون سوى كلمة "العبادة" ليربزوا تلك العالقة التي تربطهم بها حتى أننا نقرأ عن بعض اإليرانيني ونسمع منهم "عبادة إيران" )1)) وقد ساهمت الثقافة األسطورية القدمية يف تأليف الحس القومي اإليراين الذي يجعل "أرض إيران" من املقدسات التي ينبغي أال يقع املساس بها أو التفريط يف أي جزء منها مطلق ا وكان العدو الخارجي عىل مر العصور هو املحرك الرئيس لهذه املشاعر لذلك كانت كل األ رس واأليديولوجيات التي حكمت إيران تستثمر بسهولة هذا املخزون العاطفي القومي لتثبيت سلطتها )1)). ومن املالحظ أن شيوع الثقافة القومية امل غالية يف تقديس األرض ومتجيد العرق قد أد ى إىل إفراز أزمة هوية عند الفرد اإليراين متنعه يف الغالب من التوافق مع رشكائه يف الثقافة أو الدين. لكنه يستطيع دامئا أن يستفيد من هذه الخاصية يف األوقات الصعبة وبخاصة عندما يكون أمنه القومي معر ض ا للخطر وهذا األمر ينسجم والتصورات األيديولوجية القومية عموم ا وهي تبش الشعب باألمن واالستقرار يف أوقات األزمات مقابل دعمهم ووالئهم )1)) وقد بدا هذا التوجه واضح ا يوم 14 حزيران/ يونيو عندما سادت قناعة بني فئات واسعة من اإليرانيني مفادها أن التصويت يف االنتخابات الرئاسية هو تصويت مبارش إليران نفسها وأن مقاطعة االنتخابات لن تكون إال دفع ا للبالد نحو مصري جريانها يف أفغانستان أو العراق أو سورية. 10 الحظنا هذه املعطيات يف الكثري من النصوص األدبية والرتاثية املتداولة يف الثقافة املكتوبة والشفوية اإليرانية واملجال ال يت سع لذكرها هنا. 11 تيريي كوفيل إيران الثورة الخفي ة خليل أحمد خليل )مرتجم( )بريوت: دار الفارايب )2008 ص توماس إريكسون العرقية والقومية: وجهات نظر أنرثوبولوجية الهاي عبد الحسني )مرتجم( )الكويت: املجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب 2012( ص 161.

5 117 دراسات وأوراق تحليلي ة نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية: الدالالت والتحديات وميكن رص د هذا التوجه من خالل عد ة جوانب تبدأ من رأس النظام اإليراين نفسه أي املرشد عيل خامنئي الذي دعا معاريض نظام الجمهورية اإلسالمية إىل املشاركة يف االنتخابات وخت م دعوته بإلحاح ملحوظ قائال : "هم أيض ا يجب عليهم أن يشاركوا يف االنتخابات يجب عليهم جميع ا أن يشاركوا" )1)) وهذه أو ل مر ة يدعو فيها خامنئي معاريض النظام للمشاركة يف االنتخابات وهي دعوة مفهومة متام ا يف ظل رشوط املرحلة التي أرشنا إليها والتي مل ح إليها خامنئي صبيحة يوم االقرتاع عندما خاطب اإليرانيني قائال إن مصري البالد مرتهن مبشاركتهم يف االنتخابات )1)). يبدو واضحا إذن أن خامنئي قد مي ز من خالل دعوة معارضيه بني الوطن والنظام الحاكم وهو متييز غري مسبوق يف خطاباته التي ينعت فيها املعارضني عادة بالقلة املعزولة وامل غ ر ر بها. وقد استجاب لتلك الدعوة عىل ما يبدو قطاع مهم من املعارضني يف توافق ضمني بني الطرفني - عىل الر غم من التاريخ الطويل الذي تراكم بينهام من عداوات سياسية وأيديولوجية - من أجل تجنيب البالد شبح الحرب واالنهيار. ويربز تأثري العامل الثقايف والقومي أيض ا من خالل موقف عيل أكرب رفسنجاين الشخص الثاين يف الثورة اإليرانية ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام فبعد أن جرى استبعاده من السباق االنتخايب بسبب ضغوط مورست عىل أعضاء مجلس صيانة الدستور )1)) احرتز رفسنجاين من إصدار أي رد فعل غاضب انتقام ا من القوى التي تسعى لتحييده سياسي ا واكتفى بانتقادات عامة محذ ر ا من املخاطر املرتب صة بالبالد )1)) ثم حشد دعام كبري ا ملرشحه حسن روحاين ومل يرتد د يف تشجيع الناس عىل املشاركة يف االنتخابات. وبعد إعالن النتائج اعترب رفسنجاين إيران أفضل بلد دميقراطي يف العامل )1)) وهنا يت ضح أن رفسنجاين أعاد ترتيب أولوياته السياسية بنفسه إذ قد م 13 املوقع الرسمي ملرشد الثورة اإليرانية عيل خامنئي 2013/06/12 عىل الرابط: 14 املرجع نفسه / 14/ عىل الرابط: 15 موقع وكالة األنباء إيسنا / 15/ عىل الرابط: 16 موقع عرصدنا / 23/ عىل الرابط: 17 موقع وكالة فارس لألنباء / 15/ عىل الرابط: مصلحة األمن القومي عىل ما بينه وبني القوى النافذة يف النظام الحاكم من حساب. وهذا التمييز ميكن مالحظته أيض ا عند الرئيس السابق محمد خامتي الذي تعرض لضغوط أبعدته عن الرتشح لالنتخابات ثم استهدفه التيار األصويل بحمالت تشويه واسعة فذلك كل ه مل مينعه من عق د تحالف مع رفسنجاين باسم التيار اإلصالحي لدعم حسن روحاين ومل مينعه كذلك من دعوة أنصاره إىل ضب ط النفس والتزام ترصيف إرادتهم السياسية عرب صناديق االقرتاع. وسار الرئيس السابق أحمدي نجاد بدوره يف االتجاه نفسه فعىل الر غم من استبعاد مرشحه إسفنديار مشايئ من الرئاسة وعىل الر غم من فشل محاوالته يف إقناع املرشد خامنئي مبراجعة قرار مجلس صيانة الدستور فقد حافظ هو وأنصاره عىل هدوئهم بل إنهم ساهموا يف دعوة الناخبني إىل تكثيف مشاركتهم يف حني التزموا الصمت تجاه املرشحني املتنافسني. ثم إن الزعيمني اإلصالحي ني املحارصين مهدي كرويب ومري حسني موسوي قد التزما الصمت أيض ا بخصوص هذه االنتخابات ومل يصدر منهام أي موقف عىل الر غم من أن دعوتهام إىل املقاطعة كانت ممكنة وهذا األمر الذي ف هم ملصلحة املشاركة انسجام ا مع التوج ه العام للمعارضة تؤكده أيض ا دعوة املشاركة التي وج هها سجناء التيار اإلصالحي من دخل السجن إىل أنصارهم. وال شك يف أن تأثري العامل الثقايف والقومي قد بدا واضح ا أيض ا يف ما يتعل ق مبواقف جزء مهم من نخبة املثقفني واإلعالميني وفئات من املعارضة السياسية بالخارج من خالل خطاباتهم إذ تقاسم هؤالء مجموعة من التقديرات األساسية للحدث أهمها اعتبار انتخابات 14 من حزيران/ يونيو فرصة تاريخية إلنقاذ إيران من هيمنة التيار األصويل وسياساته التي أوصلت البالد إىل حافة االنهيار ورأى هؤالء يف الذهاب إىل صناديق االقرتاع الوسيلة املالمئة لتحقيق التغيري املنشود ومن مث ة إبراز الطابع املدين والسلمي للمعارضة اإليرانية. وقد يكون الح ف ز القومي يف الرصاعات السياسية داخل بعض البلدان أداة لتحقيق أهداف مرحلية بعينها لكن التاريخ السيايس والثقايف اإليراين ي ثب ت أن هذا الح ف ز هو من مكو نات الثقافة السياسية اإليرانية وأنه انعكاس ملكانة العنرص القومي يف الذهنية اإليرانية لذلك يجد النظام الحاكم يف التهديدات الغربية وما يصحبها من عقوبات اقتصادية ماد ة مالمئة لتثبيت رشعيته الثورية التي ال تنفصل بالنسبة إليه عن رشعيته القومية وهذا ما دأبت أيديولوجيا الثورة

6 العدد أيلول / سبتمبر 2013 اإلسالمية عىل صيانته وتكريسه منذ قيامها )1)) وهو أيض ا ما عرب عنه املرشد عيل خامنئي بعد إعالن نتائج االنتخابات حني فرس مشاركة معارضيه بكونهم يثقون بقدرة نظام الجمهورية اإلسالمية عىل حفظ استقالل البالد )1)). العامل السياسي أد ى العامل السيايس دور ا محوري ا يف متغري املشاركة االنتخابية وفوز روحاين وقد ساهمت كل القوى واألطراف السياسية الفاعلة يف ح ف ز هذا العامل بدء ا من املرشد عيل خامنئي والقوى املرتبطة به إىل طيف أحمدي نجاد يف الحكومة وتيار املعارضة بكل أطيافه أيض ا. وكانت األحداث التي عقبت االنتخابات الرئاسية سنة 2009 هاجس السلطة الحاكمة التي مل ترغب يف تكرار أخطائها عىل الر غم من ميلها نحو هندسة العملية االنتخابية والتحكم يف نتائجها. ونلمس هذا امليل بوضوح يف خطابات املرشد عيل خامنئي الثامنية التي ألقاها خالل األشهر الثالثة التي سبقت يوم االقرتاع وكانت خطوطها العريضة تتفاوت بني تأكيد عدم تكرار أخطاء سنة 2009 وانفتاح املجال أمام كل التوجهات السياسية ثم الخصائص املطلوبة يف رئيس الجمهورية املقبل )2)). وقد سارت اإلجراءات السابقة للعملية االنتخابية ضمن إسرتاتيجية عدم التدخل املبارش وذلك مبنع األطراف املزعجة من الوصول إىل مرحلة املنافسة وتقليل الحضور اإلعالمي الدويل. وباستبعاد هاشمي رفسنجاين وإسفنديار مشايئ من املنافسة ض م ن عيل خامنئي أن العملية االنتخابية وإن مل تكن سائرة بالضورة يف اتجاه ما يريده فإن ذلك يف أسوأ نتائجه لن ميث ل أي تهديد بالنسبة إليه وهذا ما يعنيه فوز حسن روحاين حتى اآلن. وكان واضح ا أن خامنئي قد نجح يف إقناع الحرس الثوري باالبتعاد ما أمكن عن ساحة املنافسة االنتخابية عىل الر غم من دوره يف الدعم غري املبارش ملرشحه محمد باقر قاليباف. وهكذا يكون املرشد قد ساهم يف تحقيق الحد األدىن من رغبات معارضيه دون أن يخرس هو والحرس الثوري اليشء الكثري. وأم ا الطرف الثاين الذي ساهم يف ح ف ز العامل السيايس فهو الرئيس السابق أحمدي نجاد إذ عىل الر غم من وجوده عىل رأس السلطة 18 كوفيل ص ص موقع خرب فاريس اإلخباري / 26/ عىل الرابط: 20 رضا حقيقت نجاد "انتخابات 2013 من وجهة نظر املرشد: نحن نعرف ما نفعله" 2013/06/12 عىل الرابط: التنفيذية مل يصدر منه أي رد فعل غري متوق ع بسبب استبعاد مرشحه إسفنديار مشايئ بل حاول التعبري عن سخطه من خالل امتناعه عن دعم أي منافس كان وعرب عن ذلك أيض ا يف اللحظات األخرية قبل إغالق صندوق االقرتاع. ويف هذا األمر وذاك داللة واضحة عىل رغبته يف الحفاظ عىل العملية االنتخابية ومن مثة يكون قد ترك األمور تسري إىل نتائجها عىل نحو طبيعي. وهذا الوضع املحايد كان مفيد ا جد ا لروحاين ألنه وف ر له عبء مواجهة جبهة الطيف النجادي املوجود يف الحكومة والذي ال يزال يحتفظ بنسبة معينة من دع م الشارع. وإذا كانت األدوار السياسية للمرشد عيل خامنئي والرئيس السابق أحمدي نجاد قد ساهمت بقوة يف متغري فوز حسن روحاين فإن أدورا املعارضة كانت أكرث بروز ا يف إقناع املواطنني بضورة الذهاب إىل صناديق االقرتاع إذ عرفت األسابيع السابقة يوم االقرتاع نقاش ا كبري ا يف مواقع التواصل االجتامعي بني أطياف املعارضة اإليرانية الداعني إىل املشاركة والداعني إىل املقاطعة وقد انتهت نتيجة النقاش إىل مصلحة دعاة املشاركة. وميكن تقسيم تيار املعارضة إىل فئتني رئيستني: فالفئة األوىل هي املعارضة من داخل النظام وهي تتكو ن أساس ا من اإلصالحيني ومن أنصار رفسنجاين واملقربني من الجبهة القومية الدينية. وأم ا الفئة الثانية فهي املعارضة الجذرية للنظام التي يستقر رموزها خارج إيران. وقد أعطت أحداث سنة 2009 دفعة قوية ملجموع أطياف املعارضة وكان ذلك تحت مسم ى "الحركة الخضاء" التي فشلت يف بلورة برنامج سيايس يضمن لها االستمرار والفاعلية. ومام ساهم يف هذا الفشل أيض ا االختالفات األيديولوجية وتباين أطرافها يف األهداف املرحلية. وهذا األمر هو الذي رس خ قناعة القبول بالحد األدىن املتاح حالي ا داخل النظام وهو الخيار الذي توف ره االنتخابات الرئاسية سنة وبرز هذا التوجه بعد الضبة التي تلق تها املعارضة عندما م نع خامتي واست بعد

7 119 دراسات وأوراق تحليلي ة نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية: الدالالت والتحديات رفسنجاين من دخول املنافسة مام دفع الجميع إىل االتفاق عىل دع م حسن روحاين يف األيام األخرية من الحملة االنتخابية وميكن اعتبار هذا األمر تحو ال سياسي ا نوعي ا يف سلوك املعارضة التي خرست مجموعة من معاركها االنتخابية بسبب تشت ت أصواتها بني أكرث من مرش ح وقد جرى هذا الحدث سنة 2005 وتكرر سنة ون ذك ر يف هذا السياق بأن تأثري العامل الثقايف والقومي قد جاء متم ام لتأثري العامل السيايس إذ ساد االقتناع بني أهم أطياف املعارضة اإليرانية بأن معركتها ضد النظام الحاكم والقوى املرتبطة به ينبغي أن تكون معركة مدنية سلمية من خالل كل الوسائل املتاحة وال يضريها بعد ذلك أن يكون الزمن سالح ا يف املعركة ذلك أن معظم التجارب الثورية التي خاضتها إيران خالل املئة سنة األخرية أثبتت لجزء من النخبة أن التحو ل الدميقراطي املنشود ال يأيت دفعة واحدة وأن فاعلية املجتمع وإرصاره عىل التغيري هو الحاسم. وهذا ما أثبتته الحركة اإلصالحية سنة 1997 والحركة الخضاء أيض ا سنة ويعتقد هؤالء أن خيار االستنجاد بالخارج إلسقاط النظام يف هذه املرحلة ليس مضمون النتائج يف ظل التجارب املنظورة يف العراق وليبيا وسورية. ويبدو أن التوجه السيايس للمعارضة قد وجد استجابة عند املواطن اإليراين الذي يبحث عن حلول ملشاكله االقتصادية واالجتامعية بأقل األمثان وهذا ما ترجمه عملي ا التصويت ملرشح االعتدال حسن روحاين واملشاركة امللحوظة يف العملية االنتخابية. العامل االقتصادي جاءت االنتخابات الرئاسية 2013 ضمن سياق اقتصادي إيراين متأز م مهد د باالنهيار الشامل وذلك نتيجة مسلسل حصار اقتصادي غريب طويل ضد إيران بدأ منذ قيام الثورة اإليرانية سنة 1979 وجرى اإلمعان فيه بعد سنة 2005 بناء عىل خلفية املطالب الغربية واإلرسائيلية بخصوص امللف النووي اإليراين ليدخل مسلسل العقوبات مرحلة خط رة خنقت االقتصاد اإليراين بعد سنة 2011 مستهدف ا القطاعات الحيوية اإليرانية مثل النفط والغاز واملعامالت البنكية الدولية وقد أث رت هذه العقوبات تأثري ا مبارش ا يف الصادرات النفطية اإليرانية ففي غياب أرقام رسمية عن نسبة هذه الصادرات تحدثت مصادر إعالمية عن تراجع صادرات النفط الخام اإليراين سنة 2012 إىل 1.1 مليون برميل يومي ا مقارنة بسنة 2011 التي سج لت تصدير 2.2 مليون برميل )2)). وأم ا من ناحية املؤرشات االقتصادية فقد عرفت نسبة النمو االقتصادي اإليراين تراجع ا سلبي ا سنة 2012 بلغ 1.9 مقابل 3.0 يف املئة سنة وي توق ع أن تبلغ هذه النسبة 1.3 يف املئة سنة )2)) 2013 يف حني بلغت نسبة البطالة سنة 2012 نحو 12 يف املئة. وبلغ معد ل التضخ م نسبة 31.5 يف املئة حت ى آذار/ مارس سنة 2013 )نهاية السنة اإليرانية الرسمية 1391( بحسب مركز اإلحصاء اإليراين الرسمي )2)). وعىل الر غم من متر س النظام اإليراين الحاكم بأساليب التعامل مع الحصار االقتصادي الغريب وسياساته فإن قدرته عىل مواجهة عقوبات من نوع جديدة أصبحت تضعف عىل نحو واضح خصوص ا يف أوضاع األزمات االقتصادية الهيكلية املتفاقمة مثل التضخ م والبطالة والنمو الضعيف وهي األزمات التي فشلت حكومة أحمدي نجاد ) ( يف القضاء عليها بل إن عدد ا من السياسيني واالقتصاديني يحم ل هذه الحكومة مسؤولية تدهور األوضاع االقتصادية بنسبة ال تقل عن ستني يف املئة )2)). ومن املهم تأكيد أن معظم املؤرشات االقتصادية اإليرانية عرفت منحنيات تنازلية منذ سنة 1979 إال أنها باتت بارزة ومقلقة يف سنوات حكومة الرئيس السابق أحمدي نجاد وتكفي اإلشارة يف هذا السياق مثال إىل وضعية الع ملة الوطنية التي فقدت نحو 270 يف املئة من قيمتها يف عهده )2)). أم ا معدل التضخ م فقد عرف زيادة بنسبة عشة يف املئة يف الفرتة نفسها فعندما ترك خامتي منصب الرئاسة سنة 2005 كان معدل التضخ م املعلن رسمي ا هو 21.1 يف املئة )2)) يف حني 21 الجزيرة. نت / 24/ عىل الرابط: 22 صندوق النقد الدويل تقرير آفاق االقتصاد العاملي )أبريل 2013( ص 154 عىل الرابط: 23 موقع مركز آمار إيران )مركز إحصاءات إيران( / 30/ عىل الرابط: 24 ترصيح النائب الربملاين محمد باهرن يا لثارات الحسني 2013/04/24 عىل الرابط: 25 يف سنة 2005 كانت قيمة كل دوالر أمرييك تساوي 9004 من الرياالت إيراين ويف سنة 2013 بلغت هذه النسبة نحو رياال بحسب أرقام مركز مبادالت العملة الذي جرى تأسيسه أخريا بهدف الحد من تدهور قيمة العملة الوطنية تاريخ: / 18/ عىل الرابط: 26 خربكزارى فارس )وكالة فارس لألنباء( تاريخ: عىل الرابط:

8 العدد أيلول / سبتمبر 2013 بلغ هذا املعدل حتى آذار/ مارس سنة )2)) 2013 نسبة 31.5 بحسب مركز اإلحصاء اإليراين )2)) واملالحظة نفسها تنطبق عىل معدل البطالة وإن كانت بنسبة أقل إذ بلغت نسبة البطالة يف نهاية رئاسة أحمدي نجاد 12.2 يف املئة يف حني سج لت يف نهاية والية الرئيس السابق سنة 2005 نسبة 11.5 يف املئة ((2(. وكان لهذه اإلخفاقات االقتصادية املرتاكمة تأثري مبارش يف األوضاع االجتامعية إذ وجد اإليرانيون أنفسهم أمام تفاقم مشاكل الغالء والبطالة ونقص كبري يف بعض األدوية األساسية إضافة إىل تض ر مصالح رجال األعامل والتجار من جر اء الصعوبات التي أوجدتها العقوبات البنكية يف تحويل األموال واملعامالت التجارية. ويفهم املواطن اإليراين جي د ا أن الجزء األكرب من أسباب الوضعية املتأزمة يعود إىل االختيارات اإلسرتاتيجية للنظام الحاكم وبخاصة يف امللف النووي أو يف بعض السياسات االقتصادية الداخلية لذلك يعتقد هذا املواطن أن املشاركة االنتخابية هي الوسيلة األكرث تأثري ا لتغيري هذا الواقع ورف ع معاناته اليومية. وهذه القناعة كانت أيض ا قناعة املرشحني للرئاسة أنفسهم إذ تحولت معظم النقاشات بني هؤالء إىل ما يشبه نقاشات خرباء االقتصاد فكل مرش ح يحاول إبراز قدرته عىل إخراج البالد من أزمتها االقتصادية يف غفلة من الجميع أو تغافل منهم عن الجذور السياسية لألزمة االقتصادية. وعىل هذا األساس كان العامل االقتصادي مؤث ر ا يف متغري املشاركة االنتخابية كام كان تأثريه ظاهر ا يف فوز حسن روحاين الذي احتل االقتصاد مساحة كبرية من خطابه االنتخايب والذي اقرتح منهجية االعتدال مدخال إىل إحداث انفراج اقتصادي وإخراج البالد من وضعية االختناق وقد كان واضح ا أن روحاين يسعى إلعطاء االقتصاد الوطني فرصة اللتقاط أنفاسه من خالل سياسة تفاوضية يف امللف النووي تخف ف من وطأة العقوبات االقتصادية الغربية. وقد عرب روحاين عن هذه املعادلة بقوله: "ستدور املول دات النووية لكن ينبغي أيض ا لحياة الناس أن تدور" )3)) ففي اعتقاده ال ميكن الحديث 27 نعني بذلك السنة اإليرانية الرسمية 1384 وتقابلها بحسب التاريخ امليالدي الفرتة املمتدة من 21 مارس 2012 إىل 20 مارس مركز آمار إيران )مركز إحصاءات إيران( )30/ 2013( 03/ عىل الرابط: 29 "مركز آمار إيران" )مركز إحصاءات إيران( )2013/04/13( عىل الرابط: 30 حوار مع حسن روحاين عىل القناة الرابعة مؤسسة اإلعالم الرسمية "Irib" )06/ 06/ 2013( عىل الرابط: عن استقالل وطني وعز ة قومية وأهداف ثورية يف ظل مجتمع يعاين الفقر والحرمان والفرص غري املتكافئة )3)). ولقد فتح هذا الخطاب نافذة أمل عند الناخب اإليراين الذي يريد أن يعيش حياة كرمية وال يريد أن يجعل ح ل مه يف االستقرار قربان ا للنزعة األيديولوجية وطموحات السياسيني. اعتدال روحاني بين التأويل والتنزيل كانت االنتخابات الرئاسية امتحان ا قومي ا استطاع من خالله الشعب اإليراين أن يفرض عىل النظام الحاكم احرتام الحد األدىن من إرادته االنتخابية يف حني كان هذا االمتحان فرصة تاريخية للمرشد عيل خامنئي أك د بها لخصومه يف الداخل والخارج أن رشعية نظام الجمهورية اإلسالمية مازالت قوي ة. لكن مل تكن هذه النتيجة االنتخابية يف ما يبدو سوى مبتدأ لخرب مل يأت بعد. وهذا املبتدأ السيايس هو شعار "االعتدال" الذي رفعه الرئيس حسن روحاين وأراده أن يكون مفتاح ا لكل أقفال البالد املؤصدة إذ حاول أن يشح يف عناوين عريضة ما يقصده باالعتدال كام حاول أن يطلق بعض اإلشارات الدالة أحيان ا واملبهمة أحيان ا أخرى. لكن املعطيات والتطورات املتتالية بدء ا من إعالن فوزه إىل اليوم تجعلنا نتوقع الخرب الذي مل يظهر يف مبتدأ روحاين ونقصد به عىل وجه التحديد معركة تأويل االعتدال وتنزيله سياسي ا وحكومي ا. فكيف ذلك مل يكن حسن روحاين إصالحي ا لكن قربه من رفسنجاين جعله يقرتب من زعيم اإلصالحيني محمد خامتي ويف الوقت نفسه فرضت عليه خربته الدبلوماسية بامللف النووي أن يكون قريب ا من املرشد ومن عموم التيار األصويل أيض ا وهكذا فقد كان مؤهال لالضطالع بتجسري الهو ة بني اإلصالحيني واألصوليني التي عمقتها أحداث االنتخابات الرئاسية سنة ويف أو ل خطاب انتخايب له عر ف حسن روحاين نفسه باملعتدل املستقل عن كل التيارات السياسية وقال إنه يريد أن يضع يده يف يد جميع املعتدلني من داخل كل هذه التيارات بهدف إنقاذ البالد وعىل عكس محمد خامتي بدا روحاين غري معني بقضية الدميقراطية ومفاهيم الدولة الحديثة كام أنه مل يطلق وعود ا سخي ة لناخبيه بل حاول أن يقف موقف ا وسط ا بني نخبوية األول وشعبوية الثاين. 31 املرجع نفسه.

9 121 دراسات وأوراق تحليلي ة نتائج االنتخابات الرئاسية اإليرانية: الدالالت والتحديات وظل روحاين يؤك د يف كل خطاباته املوالية مفهوم االعتدال م رجع ا كل أسباب االنسداد والفشل إىل التطر ف الصادر من كل الجهات. ويبدو واضح ا يف هذا الس ياق أن م ا يقصده روحاين باالعتدال هو املنهج السيايس املعتدل واعتامد مقاربات تنتهج التدبري والوسطية إلصالح املشاكل السياسية داخلي ا وخارجي ا وأم ا من الناحية االقتصادية فيعتقد أن االعتدال يقتيض العدالة والتدبري العقالين مفتاح ا لحل املشاكل املعل قة )3)). واستبطن تقييم حسن روحاين ألوضاع البالد انتقاد ا لسياسات الحكومات التي تعاقبت عىل السلطة التنفيذية من إصالحيني وأصوليني. ومل تخل انتقاداته أيض ا من التلميح إىل الجهات النافذة واملقر بة من املرشد فهو يحم ل الجميع املسؤولية ويف الوقت نفسه يريد أن يتعاون مع جميع املعتدلني وأن يكون حلقة وصل بينهم جميع ا وهذا ما دفعه أحيان ا إىل بعض اإلبهام فهو ال يريد بالنظر إىل رغبته يف استقطاب أصوات اإلصالحيني أن تفسد عالقاته باملرشد والقوى املرتبطة به يف التيار األصويل. وقد برز هذا األمر حني رص ح يف أو ل حوار صحفي له بعد فوزه بأنه سيعمل وفق أسلوب "خ طوة فخ طوة " وأن األمور تحتاج إىل وقت )3)). وقد أك دت هذا األمر مقاالت وترصيحات مقربني منه رد ا عىل الذين يطالبون الرئيس الجديد برفع الحصار عن رمز ي التيار اإلصالحي مري حسني موسوي ومهدي كرويب وإطالق رساح السجناء السياسيني. لقد كان مجيء حسن روحاين إىل قرص الرئاسة بفضل أصوات تحالف اإلصالحيني وطيف رفسنجاين. وهذا التحالف هو الذي يضع املسألة السياسية عىل رأس أولوياته فهؤالء يف حاجة إىل مفتاح روحاين لفتح األبواب التي أغلقت يف وجوههم ط وال السنوات املاضية يف حني تأيت املسألة االقتصادية يف الدرجة الثانية عند أقطاب هذا التحالف. وأم ا روحاين فيجد نفسه مرغام عىل مجابهة األوضاع االقتصادية املتدهورة والشوع عاجال يف تدبري ملف املفاوضات النووية للتخفيف من العقوبات االقتصادية وهذا ما سبق للمرشد أن ذك ره مرار ا يف معرض رشح املهام ت التي ينبغي للرئيس الجديد أن يبارشها ويهتم بها. ويف الوقت الذي ينشغل فيه الرئيس حسن روحاين ببناء حكومة وحدة وطنية مبشاركة كل األطراف تقوم معركة إعالمية بني اإلصالحيني واألصوليني بشأن تأويل "اعتدال روحاين" فعندما أو ل بعض اإلصالحيني اعتدال الرئيس مبا يعتقدون أنه خريطة طريق جديدة مع الحديث عن أسامء إصالحية ميكنها أن تتقلد مسؤوليات 32 حوار انتخايب مع حسن روحاين يوتيوب / 28/ عىل الرابط: 33 مؤمتر صحفي مع حسن روحاين يوتيوب / 17/ عىل الرابط: وزارية يف حكومته اتهمهم خصومهم يف التيار األصويل بالرغبة يف مصادرة انتصار روحاين والتخطيط للعودة إىل الساحة السياسية تحت غطاء االعتدال وقد و ر د جانب من هذه االتهامات يف مقال نش ه الصحايف حسني رشيعتمداري املقر ب من املرشد خامنئي )3)). وأم ا عضو مجلس الخرباء املتشد د أحمد خامتي فقد طلب من الرئيس روحاين تقديم توضيح دقيق ملا يقصده باالعتدال ذلك أن االعتدال الصحيح يف رأي خامتي هو اعتدال املرشد خامنئي وأن أي يشء آخر غريه ال يعدو أن يكون نوع ا من االنحراف )3)). وأعاد هذا التجاذب املصحوب بالشك واالتهامات املتبادلة بني الطرفني حالة االنقسام إىل الحياة السياسية التي اختفت أي ام ا قليلة عندما كان الجميع عند صناديق االقرتاع موح د ا مبشاعر قومية. وهذا السلوك هو الذي طبع الحياة السياسية اإليرانية عىل نحو بارز يف عه د الجمهورية اإلسالمية إذ يكون للخطر القومي دور فع ال يف توحيد القوى والتيارات املتصارعة غري أنها رسعان ما تعود إىل رصاعاتها بعد عبور منطقة الخطر. ويبدو أن جزء ا م هام من فرتة رئاسة حسن روحاين سيشغله الجدل املتعلق مبفهوم االعتدال بني من يطالب باالعتدال داخل االعتدال ومن يحذ ر من التطرف داخل االعتدال. والطرفان الفاعالن يف هذا الجدل هام التيار اإلصالحي والتيار األصويل وهذا األمر يرج ح بقو ة عودة تداعيات كل الرصاعات القدمية إىل الساحة الجديدة فاإلصالحيون مستعد ون السرتداد جزء من املواقع التي فقدوها قبل مجيء أحمدي نجاد أي قبل مثاين سنوات ويعتقدون أن فت ح املجال لعودتهم هو أو ل تج ل ملفهوم االعتدال ذلك أن تحييدهم من الحياة السياسية كان عمال متطر ف ا غري محسوب العواقب ويف رأيهم سيكون فتح باب الحر يات وإيقاف سياسة القمع واملصادرة يف جميع النواحي من أهم العوامل الد الة عىل صدق االعتدال سياسي ا واجتامعي ا. ويف املقابل يتمسك األصوليون وخصوص ا املتشددين منهم بأنه ال مكان لإلصالحيني يف الساحة السياسية بعد أن كشفت أحداث 2009 عن ني اتهم االنقالبية املرتهنة بالخارج فهم يعتقدون أنه ليس من االعتدال عىل اإلطالق التسامح مع أعداء النظام وتقويض مباين الثورة األيديولوجية حتى أن بعضهم قد اشرتط يف مسألة عودة رموز اإلصالحيني إعالن توبتهم مام صدر منهم سنة حسني رشيعتمداري "خانه را جستجو كنيد!" )ابحثوا داخل البيت( موقع صحيفة كيهان 2013/07/25 عىل الرابط: 35 خطبة أحمد خامتي وكالة فارس لألنباء / 05/ عىل الرابط:

10 العدد أيلول / سبتمبر 2013 وإنه ل يصعب التنب ؤ باملنهج العميل للرئيس الجديد حسن روحاين يف وجود هذا االستقطاب الحاد بني الطرفني ومام ال شك فيه أن فه م روحاين ل"االعتدال" يؤس س أو ال عىل تجاوز حالة االستقطاب والتشن ج القامئة منذ سنوات وهذا أقل ما يتطل به بناء حكومة وحدة وطنية ونعتقد أنه سيكون أكرب امتحان لشعار االعتدال. وإذا كانت مواقع اإلصالحيني ال تتجاوز حالي ا بعض املنابر اإلعالمية اإللكرتونية أو الشبكات االجتامعية التي يحافظون عليها فإن خصومهم من التيار األصويل يستمد ون قو تهم من املواقع الحيوية التي يشغلونها يف مؤس سات الدولة األمنية واالقتصادية والدينية إضافة إىل قربهم من املرشد عيل خامنئي. وهذا الوضع غري املتكافئ بني الطرفني سيؤثر حتام يف أداء حكومة حسن روحاين الذي سي ضطر إىل تنزيل اعتداله تنزيال ال يصطدم برغبة الط رف القوي يف املعادلة ونقصد يف هذا الس ياق األصوليني فروحاين سيحتاج إىل دعم هؤالء يف الربملان وسيحتاج إىل تعاونهم للخروج من األزمة االقتصادية وأم ا من الناحية السياسة الخارجية فسيكون مضطر ا إىل التوافق مع املرشد والحرس الثوري يف تدبري امللف النووي والعالقات بالغرب. ومن املرج ح أن روحاين سيكون حريص ا عىل عدم تكرار أخطاء أحمدي نجاد الذي مل ينفعه خروجه من رح م األصوليني يف تنظيم االختالف معهم. وإن اقتناع املرشد خامنئي ومقر بيه من األصوليني بأن نتائج االنتخابات الرئاسية 2013 هي تصويت شعبي مبارش للجمهورية اإلسالمية سيؤد ي - ال محالة - إىل إرصارهم عىل استمرار السياسات القدمية أو عىل األقل سيدفعهم إىل إفشال أي محاولة من الرئيس الجديد ملعالجة األوضاع من منطلق أنها محاوالت متس بتامسك النظام وسالمته. وهذا التفكري املهيمن حالي ا عىل توجه النظام الحاكم سيضب يف العمق إنجاز 14 حزيران/ يونيو وسي دخل "اعتدال" روحاين يف وضعية انتظار يف حني سي عيد املجتمع اإليراين إىل حالة اليأس وسبب ذلك أن أصواته االنتخابية مل ت قرأ مر ة أخرى قراءة صحيحة. خاتمة إن النظر يف مجموع املعطيات التي أحاطت باالنتخابات الرئاسية األخرية يف إيران ي ربز بجالء وجود منهجية اجتامعية سياسية ح كمت سلوك األطراف املؤث رة كل ها يف العملية. ويأيت العامل الثقايف والقومي يف مقدمة عنارص تلك املنهجية يليه عىل الرتتيب العامالن: السيايس واالقتصادي. وقد بدا واضح ا أن الذهنية اإليرانية كانت قبل عملية االقرتاع مرتكزة أساس ا عىل أولوية األمن القومي من دون أن تقل ل من أهمية مطالبها االقتصادية. وبعد إعالن فوز الرئيس الجديد حسن روحاين كان سلوك االنقسام والرصاع بني اإلصالحيني واألصوليني الس مة األساسية ملا سم يناه املنهجية االجتامعية والسياسية املتحك مة يف سلوك الفاعلني يف العملية االنتخابية. وميكننا رص د عمل هذه املنهجية يف مراحل متعد دة من مسار الحياة السياسية اإليرانية فاإلجامع القومي يكون دامئ ا بتأثري التهديد الخارجي وينتهي بسبب انعكاسات الرصاعات الداخلية بني األطراف املتنافسة عىل السلطة مام يكر س يف النهاية السلطة األبوية للحاكم ملك ا كان يف العهد املليك أو مرشد ا يف عه د الجمهورية اإلسالمية. وي عد الجدل املتعل ق بتأويل "اعتدال روحاين" اليوم أهم موضوع يقسم املثقفني والسياسيني يف إيران ومن شأن هذا األمر أن يطرح أسئلة ملح ة بشأن تنزيل هذا االعتدال وأن يضع رئاسة روحاين تحت محك الضغوط من أي جهة كانت من حلفائه املعارضني أو من أصدقائه النافذين يف الح كم. ويبقى التحدي األكرب بالنسبة إىل الرئيس الجديد هو الحفاظ عىل توازنه وعدم التور ط يف رصاعات هامشية وهذا يتطل ب منه عدم الدخول يف صدامات مع القوى املقر بة من املرشد واملتحكمة يف الدولة ومؤس ساتها أيض ا. إن االختالف السيايس يف تأويل اعتدال روحاين هو يف عمقه اختالف بشأن تنزيل هذا االعتدال ذلك أن أي خطاب لالعتدال سيكون مطالب ا بإعادة تعريف مجموعة من املسم يات واملفاهيم أصبحت يف السنوات األخرية من أدوات التيار األصويل التي يستخدمها يف التخل ص من خصومه السياسيني ونعني بذلك مثال : "الفتنة" و"االنحراف" و"الخاصة غري املبرصة". وهكذا سيؤث ر تأويل االعتدال تأثري ا مبارش ا يف عالقة الرئيس حسن روحاين باملرشد عيل خامنئي وسينعكس ذلك عىل كل امللفات والقضايا املتأزمة ابتداء من الوضع السيايس الداخيل إىل الوضع االقتصادي والعالقة بالربملان والحرس الثوري وامللف النووي. وختام ا فقد تراكمت لدى اإليرانيني تجارب متكر رة من اإلخفاقات السياسية واالقتصادية ويف كل مرة كانت األسباب نفس ها تؤد ي إىل النتائج نفس ها فهل تكون رئاسة حسن روحاين هي االستثناء أم هل تظل مثل سابقاتها حبيسة الرصاعات السياسية واملشاكل الهيكلية يف نظام الجمهورية اإلسالمية