جامعة المسيمة- الجزائر Université de M sila- Algérie كمية اآلداب والمغات Faculté des lettres et des langues حوليات اآلداب والمغات 05 العدد - Annales des lettres et des langues - N : 05 Issn : 2335-1969 أ. د. الرئيس الشرفي لممجمة: أ. د. محمد الطاهر حليالت رئيس الجامعة مدير المجمة/مسؤول النشر: أ. د. عباس بن يحيى عميد كمية اآلداب والمغات د. رئيس التحرير: عبد الغني بن الشيخ هيئة التحرير: أ. مصطفى البشير قط د. جمال مجناح أ. د. محمد زهار أ. الطيب بوازيد فوزية عمروش اإلش ارف التقني: مركز األنظمة والشبكات والتعميم المتمفز بجامعة المسيمة أحمد حيمر www. univ-msila. dz
حوليات اآلداب والمغات Annales des lettres et des langues الهيئة العممية
أ- أ- (( ا ه ئخ االضتشبر خ )) ------------------------ خب عخ لب خ ا دسائر.د. رش ذ شعالي خب عخ ع بثخ ا دسائر -أ.د. ا شر ف ثىشسذا خب عخ ضط ف 2 ا دسائر -أ.د. عجذ ا ب ه ثى د خب عخ ا ط خ ا دسائر -أ.د.خ بي زضر خب عخ جندوبة تى ص -أ.د. ع بد س ب خب عخ ا ط خ ا دسائر - أ.د ظطف ا جش ر لظ خب عخ خ د ا دسائر -أ.د. س ذ ا ظب ر خرف خب عخ ا ط خ ا دسائر -أ.د. خضر روثس خب عخ ا ط خ ا دسائر -أ.د.فتس ثىخب فخ خب عخ ا ط خ ا دسائر -أ.د عمبة ث خ ر خب عخ عطىر ا دسائر - د.ز ذ ث عجبش خب عخ تجطخ ا دسائر -د.ا شر ف زج خ خب عخ ثرج ثىعر ر ح ا دسائر -د.راثر ث خى خ خب عخ ا سرلبء األرد -د. رزق هللا خىدد خب عخ ا ط خ ا دسائر -د.خ بي د بذ خب عخ ا ط خ ا دسائر -د. س ذ د ى خب عخ ا ط خ ا دسائر -د.إض بع و ىغ خب عخ ا ط خ ا دسائر -د. س ذ ث طب ر خب عخ ا ط خ ا دسائر -د.عجذ ا رز ث طى خب عخ ا ط خ ا دسائر -د.عجذ ا غ ث ا ش خ خب عخ ثبت خ ا دسائر -د. دىي ظىر خب عخ أ ا جىال ا دسائر -د.فبتر ز ج خب عخ ضى ىذح ا دسائر -د.عجذ ا سك ظىر ثى بة خب عخ ا ط خ ا دسائر -د. لى ذر ش ب خب عخ ا ط خ ا دسائر - د.ع بر ث لر ش خب عخ ا ط خ ا دسائر -د.عجذ ا ب ه ض ف خب عخ ا ط خ ا دسائر.فىز خ ع روظ خب عخ ا ط خ ا دسائر -د.و بي ض تب خب عخ ا ط خ ا دسائر - د.ضعذ خ ث ضت ت خب عخ ورل خ ا دسائر -د.هبخر ذل خب عخ ا ط خ.ا دسائر د. ىر ا ذ ض خب عخ ا ط خ.ا دسائر -د. طب ر غ ىش
جامعة المسيمة المراسالت: مدير المجمة العممية- ص.ب: 611 الفاكس: كمية اآلداب 10886- الج ازئر والمغات طريؽ إشبيمية- (213) 35 55 96 30 المسيمة البريد االلكتروني: annaleslettres@gmail.com
شروط )) النشر وقواعد التحكيم )) كالمغات المجمة العممية الكطنية كالدكلية احت ارميا كىي: - حكليات اآلداب كالمغات مجمة عممية محكمة متخصصة كمختمؼ الد ارسات النقدية. أصالة المادة المقدمة أخرل في اآلداب ليا شركط محد دة لمنشر كسائر المجالت العممية كقكاعد يجب عمى كؿ الباحثيف ال ارغبيف في المساىمة في إث ارء لمنشر كأال تككف مستمة مف رسالة جامعية فضائيا بأال تككف منشكرة مف قبؿ أك معركضة لمنشر في جية كأف يقد الباحث إق ار ار خطيا بذلؾ. - يت اركح حج البحث بيف) 10 ( ك )20( صفحة بما في ذلؾ الم ارجع كالمالحؽ. - يكتب البحث ببرنامج )ككرد( ك) 12 ( في اليكامش. بخط Arabic( )Simplified حج )14( - في المتف تقدي نص المقاؿ مطبكعا في نسختيف كمسجال عمى قرص أك عف طريؽ البريد االلكتركني. - إرفاؽ المقاؿ بممخص بالمغة العربية كبممخص آخر بالفرنسية أك االنجميزية. _ اليكامش كالحكاشي تككف في آخر المقاؿ. - التقيد بمنيجية البحث العممي كارفاؽ المقاؿ المقترح بالبيبميكغ ارفيا كقائمة الم ارجع مرتبة ىجائيا. - تقدي المقاؿ إلى الييئة االستشارية )اثناف مختصاف( سريا مع مطبكعة خاصة بالتقرير بغرض النظر كالتحكي. _ المقاالت التي تنشر تيع بر عف آ ارء أصحابيا كال تيع بر بالضركرة عف أرم المجمة. المح كميف. ي - لممجمة حؽ رفض نشر المقاؿ أك طمب تعديمو بنا ن ء عمى تقرير - يقد مشركع كؿ عدد قبؿ نشره إلى ىيئة التحرير لمنظر فيو كاق ارره نيائيا. - ال ترد المقاالت إلى أصحابيا سكاء نشرت أ ل تنشر.
» الت ازما باألىداؼ حكليات اآلداب كالمغات ك الجامعييف في مجاؿ تخصصيا السنكم إلث ارء البحث الجامعي في ميداف العممية المسط رة مف طرؼ الييئة العممية لمجمة كمكاصمة لما دأبت عميو في تشجيع كنشر بحكث يأتي العدد الخامس منيا في مكعده اآلداب كالمغات بما احتكاه متنكعة تمقتيا ىيئة التحرير مف طرؼ باحثيف مف مختمؼ مف مكضكعات الجامعات الج ازئرية ككذلؾ العربية إيمانا منا بأف البحث العممي ال تحد ه حدكد الضكابط المعرفة العممية كتحكالتيا المستمرة الذم يشيد تطك ار كتحميميا سكل ما تمميو شركط البحث كق ارءتيا دكف إغفاؿ شأف كالثقافة كاليكية مف مختمؼ كما مستم ار ىك مصادرىا ذاتياػ تماشيا مع كالتي تيدؼ ما تمميو استقطاب إلى مستجداتيا الشأف بالنسبة لمبحث في مجاؿ الم غات كاآلداب في ذلؾ يسايره في ضكء النظريات األدبية كالمناىج المغات قضايا المختمفة تطكر في ط ارئؽ مقاربة النصكص في عالقة كؿ منيا النقدية الحديثة بالفكر كاألدب التي تنتمي إلييا.كىذا يحيمنا بدكره إلى أىمية البحث في قضايا الت ارث األدبي بمختمؼ فركعو النظرية كاإلبداعية ق ارءة ت ارثنا الثرم العربي في ىذا اإلطار التي خضعت لمتحكي تد ؿ كالعربية في تحكي المقاالت كمتابعة ك بكؿ ما تحممو ىذه الكممة مف داللة. يتضمف العدد الخامس كفؽ منظكر جديد يعيد مجمكعة مف المقاالت مف لدف أساتذة خب ارء مف مختمؼ الجامعات الج ازئرية تقاريرى المشفكعة بمالحظاتي القي مة مدل الت از أصحابيا كفاءتي ك جديتي عمى بالتكجييات المكجية إليي التعديالت المطمكبة مني كىك ما يساى بالتأكيد في الرقي بالبحث العممي في جامعاتنا كيجعؿ مف المجمة مكردا لممعرفة في مجاؿ تخصصيا
مف شأنو إث ارء المكتبة الجامعية بما يفيد الباحثيف بمختمؼ مستكياتي كذلؾ ما نتمناه كنسعى جاىديف إلى تحقيقو. كال يسعنا في ذلؾ إال أف نتقد بالشكر الجزيؿ لكؿ الدكاترة كاألساتذة الخب ارء الذيف ل ي دخركا أ م جيد في التعاكف مع المجمة كىيئة التحرير كما نشكر الباحثيف الذيف ساىمكا بمقاالتي المتنكعة في إث ارء العدد الخامس مؤكديف مف جيتنا: أف أبكاب المجمة مفتكحة لكؿ الباحثيف الجامعييف في مجاؿ تخصصيا كىك ما ن ارىف عميو لمرقي بيا نحك ماىك أحسف كافضؿ عند كؿ إصدار جديد مف أعدادىا.
شعري ة المعنى الص وفي في القصيدة - شعر محمد الغزالي أنموذجا- د. اربح بن خوية جامعة محمد البشير اإلب ارهيمي برج بوعريريج الممخص: يشكؿ النص الشعرم الصكفي خصكصيتو المغكية كالداللية مف خالؿ تعاممو المختمؼ مع المغة الشعرية المألكفة فيك ل يق عمى اإلفادة مما عرؼ في الشعر العربي مف أغ ارض كمكضكعات كأساليب كانما قا قبؿ ذلؾ عمى ارتياده لعكال ثرية كالنفتاحو عمى رؤل خصبة فأحدث عمى مستكل المغة انزياحا أسمكبيا فيك نص يمتمؾ رؤيتو المتفردة كأداتو التعبيرية المتميزة. كالرمز يمثؿ مككنا ميما لتمؾ الخصكصية الرؤيكية كاألسمكبية مما جعمو متفاعال نصيا مييمنا في النص األدبي المعاصر. إف الرمز الصكفي بما ىك كذلؾ يغرم بمقاربتو كصفا كتحميال ال مف حيث بنيتو ككيفية اشتغالو في الشعر العربي كانما مف حيث بنيتو ككيفية اشتغالو في الشعر اإلسالمي المعاصر متجسدا في بعض شعر محمد الغ ازلي. كمف ث تعد ىذه المقاربة مقاربة أسمكبية لمسمات كالخصائص التي لمتجربة الشعرية)الغ ازلية(مف حيث حضكر الرمز الصكفي في متنيا بط ارئؽ متعددة كتجميو في مظاىر متنكعة مشكال حقال دالليا بار از. كممات مفتاحية: النص الصكفي- الرمز- الحقؿ الداللي-االنزياح األسمكبي- السمات األسمكبية- التناص. Résumé : Le texte poétique mystique représente une spécificité linguistique et sémantique à travers une utilisation variée du langage poétique. Le texte poétique mystique ne se base plus sur ce qui est connu comme thèmes traditionnelles ou caractéristiques stylistiques classiques qui distinguent la poésie arabe ancienne, 8
mais au contraire, on a constaté que la poésie mystique a découvert un espace plus fertile et plus producteur, ce qui a donné lieu à une déviation stylistique très distinguée. C est un texte qui possède, à la fois, une vision singulière et un outil d expression très spéciale.les symboles représentent une partie très considérable de cette spécificité linguistique et visionnaire, ce qui a donné lieu à une présence intersexuelle du texte poétique mystique au sein de la poésie arabe moderne. Le symbole poétique mystique, contenu sa nature, nous invite à réaliser une approche analytique et descriptive, non pas au niveau de sa structure et de sa fonctionnalité, mais au sein de la poésie arabe islamique qui se concrétise dans la poésie de Mohamed Elghazali. Cette approche est une approche stylistique qui cherche a cerné l ensemble des caractères spécifiques de l expérience poétique islamique en se basant sur la présence du symbole mystique dans ses contenus avec plusieurs facettes en formant, en même temps un champ sémantique bien déterminé. Les mots-clés: Le texte mystique- déviation stylistique- Les symboles-champsémantique- caractéristiques stylistiquesintertextualité يمتمؾ الن ص الش عرم الص كفي خصكصي ة لغكي ة كداللي ة كأثر لتعاممو المختمؼ العربي مع الم غة كتكظيفو المتمي ز لكحداتيا فيك ل يتأس س عمى اإلفادة مما كر سو الش عر مف تيمات)مكضكعات( كبنى أك مف تقاليد أجناسي ة كان ما تأس س قبؿ ذلؾ عمى انفتاحو عمى عكال ثري ة مف المعنى كعمى آفاؽ خصبة مف الر ؤل فمارس عمى مستكل المغة انزياحاتو األسمكبية/الداللي ة الفارقة.إف النص الش عرم الص كفي أك الن ص الص كفي الشعرم بما لو مف رصيد ت اركمي معرفي/فكرم شعكرم/ذكقي كمف رصيد تجريبي متمث ؿ لػ)المعاناة الخاصة( امتمؾ رؤيتو المتفر دة كأدكاتو الت عبيري ة المتمي زة كاكتسب كعيا فنيا 9 بتمؾ األدكات- ال تي يمث ؿ الر مز مككنا أساسي ا مف مككناتيا البنيكي ة كمنتجا ميم ا لتمؾ الخصكصي ة الر ؤيكي ة كالف اردة األسمكبي ة- إنو الكعي الذم فقو بنية القصيدة/التجربة شكال كمضمكنا ككسائؿ كمقاصد كمنطقا متحك ما في كؿ ذلؾ كصكال إلى المبتغى.
01 كقد أى ؿ ذلؾ الكعي بكؿ مستكياتو الر مز أك الرمز الص كفي عمى كجو التحديد- كىك صنيعة ىذا الكعي- ليككف متفاعال نص ي ا مييمنا في الن ص األدبي المعاصر سرده كشعره. كل يخؿ منو األدب اإلسالمي المعاصر منذ منصؼ القرف الماضي بكصفو ات جاىا مف ات جاىاتو كبخاصة الش عر. إف الر مز الص كفي بما ىك كذلؾ يغرم الباحث بمقاربتو كصفا كتحميال ال مف حيث بنيتيو ككيفيةي اشتغالو في الش عر العربي كان ما مف حيث بنيتو ككيفيةي اشتغالو في نص مف نصكص الش عر اإلسالمي القائ )1( عمى"الت صك ر اإلسالمي بخصائصو كسماتو" )*( العال مة محمد الغ ازلي رحمو اهلل كذلؾ مف خالؿ نصكص شعري ة مف شعر مف ديكانو)الحياة األكلى(. كبنا ن ء عميو تتغي ا المقاربة الر اىنة الس مات كالخصائص ال تي لتجربة الغ ازلي الش عري ة مف حيث حضكر الر مز الص كفي في متنيا بط ارئؽ متعد دة كتجم يو في مظاىر متنك عة كتتناكؿ عالقة الش عر بالت جربة الص كفي ة بصفة عامة كعالقة الشعر اإلسالمي بيذه الت جربة كتنظر في ماىية الر مز كسماتو ككظيفتو في الش عر كمكقؼ الش عر اإلسالمي مف تكظيؼ الر مز كتجميات الر مز الص كفي كتمظي ارتو في ىذا الش عر الممتز كبخاص ة رمكز ليا تعم ؽ بػ)الس كر( كػ)الخمرة( أك ليا تعم ؽ بػ)الغزؿ( كػ)الم أرة( سكاء في الش عر عمكما كفي شعر محمد الغ ازلي خصكصا. إن يا أسئمة ممحاحة ترصد إجاباتيا في ىذه المقاربة. كقد اشترطت تمؾ األسئمة أف نميد لممكضكع األساس بإضاءات حكؿ الشعر كالتجربة الصكفية فالشعر اإلسالمي كالتجربة الصكفية ث الرمز كالتجربة الشعرية لنتطرؽ لممكضكع ابتداء مف الرمز كالشعر اإلسالمي. 1 -الشعر والتجربة الصوفية: مف الكاضح أف تجربة الش عر العربي المعاصر قد التمست في التجربة الص كفية تيمة كأداة رمزية ميم ة لمت عبير عف تمؾ الفكرة ال تي ال تت سع ليا العبارة كعف تمؾ الحالة ال تي ال تتمك ف الم غة في كضعيتيا المألكفة العادية مف محاصرتيا كمف ث تعجز عف نقميا أك اإليحاء إلييا إيحاء مستكفيا بؿ إف ىذه الت جربة أضحت مصد ار لطاقات إبداعي ة كغدا الن سؽ الم غكم المؤطر ليذه التجربة برمزيتيا الشف افة كدالالتيا الر كحية
كعالميا المدىش)العجيب( بديال فن يا"آمنا"يغذ م الن زكع الر كحي ال ذم يعصؼ بقمب الش اعر المعاصر نحك المطمؽ كيترف ع بو عف الكاقع االجتماعي كالسياسي المترد م كيتجاكز كؿ اإلك ارىات المادية. 00 كالكاقع مف كجية نظر أخرل أف ىذه الت جربة الص كفي ة قد ات خذت الش عر شكال لمت عبير كفتحت أفقا رحبا يت مف خاللو نشداف التط ير كالص فاء ك)الحر ية( أيضا لتحقيؽ ما ال يمكف تحقيقو كقكؿ ما ال يمكف أف يقاؿ كقد ارتقت بالشعر مف مجرد الشكؿ أك الكعاء الذم يفرغ فيو معنى التجربة إلى ككنو جزءا مف جكىر التجربة فالت صك ؼ الر كحي كاإلنساني "عنصر مي مف عناصر الت جربة الش عري ة المعاصرة كذلؾ الرتباط الت جربة الش عرية المعاصرة بالت جربة الص كفي ة إذ إف ىنالؾ عالئؽ كشيجة بيف كمتا الت جربتيف اإلبداعيتيف الص كفية كالمعاصرة حيث شك مت الت جربة المعاصرة مجاال مالئما لمكاقؼ الر فض كالت ضحي ة كما فعمت الت جربة الص كفية مف قبؿ كما أف الت جربة الص كفي ة إنساني ة عام ة تيدؼ إلى تجاكز األشياء الخارجي ة لمكصكؿ إلى جكىر األشياء أم )2( إلى الحقيقة كىك اليدؼ ال ذم تسعى إليو الت جربة المعاصرة." غريبا أف كفي ضكء ىذا فميس تطؿ عمينا الص كرة الص كفي ة متكئةن عمى معج لغكم مفيكمي عمى قدر ىائؿ مف الث ارء في مفرداتو كت اركيبو كأعالمو ك"ليس عجيبا أف يغرؼ كبار شع ارء القصيدة العربي ة مف المعيف الص كفي كأف يستعير منو إمكاناتو الال محدكدة كمحمكد حسف إسماعيؿ )3( كمحمد الفيتكرم كنازؾ المالئكة كأدكنيس كصالح عبد الصبكر كغيرى". يالحظ ذلؾ في إق اررى جميعي بما لمت جربة الش عري ة المعاصرة مف عالقة كطيدة بالت صك ؼ فصالح عبد الصبكر يشير إلى ذلؾ حيف يقكؿ إف :"الت جربة الص كفي ة كالت جربة الفن ية تنبعاف مف منبع كاحد كتمتقياف عند نفس الغاية كىي العكدة بالككف إلى صفائو )4( كانسجامو بعد أف يخكض غمار الت جربة." كأعمف حسف األم ارني ذلؾ أثناء تعريفو )5( لمش عر بأنو "تجربة صكفي ة كتكح د مع الككف كالحياة كاإلنساف." كعمى ىذا األساس اإلنساني يككف المفيك العا لمش عر كفي بعد مف أبعاده مت سقا مع المفيك العا لمتصك ؼ فػ"التصك ؼ استبطاف منظ لتجربة ركحي ة كمحاكلة كشؼ عف الحقيقة كالت جاكز )6( عف الكجكد الفعمي لألشياء".
2 -الش عر اإلسالمي والت جربة الصوفي ة: إف 02 الش عر اإلسالمي في صمتو بالت جربة الص كفي ة يمث ؿ كجيا لمعالقة المتفاعمة بيف الت جربتيف الص كفية كالش عرية-التجربة الصكفية المستقيمة منطمقا كمنتيى- تبرز مالمحو في تجربة االت جاه اإلسالمي المعاصر فمو بيذه الت جربة المتميزة أكثر مف صموة كعمى أكثر مف مستكل عمى أساس أف الش عر اإلسالمي ىك"الش عر ال ذم يعب ر عف رؤية اإلسال لإلنساف كالككف كالحياة )7( كيصدر عف شاعر مسم." كالعميؽ لمشعر تتقاطع خيكط التجربتيف في نسيج كاحد كليدؼ كاحد. بيذا المفيك الشامؿ ن ما في إف ار ازت إف ىذا الشعر ناتج عف المعاناة الحقيقي ة كليس معنى المعاناة"تيكي الن فس المنحط ة ككرك ن عا مف حمي الشيكات اآلسف كحمكنال في رماد الماد ي ة اليامد أك شذكنذا عف الس كاء اإلنساني ك انح ارفنا عف الفطرة الر اشدة أك إعالف حروب عمى األخالؽ الفاضمة أك الس خرية مف الن ماذج اإلنساني ة العميا..إف المعاناة أكسع مف ىذا الت صك ر المقيت بكثيور إن يا معايشة اإلنساف ليذا العال بكؿ ما فيو مف تناقضا وت كمف ابتالءات كأخذ ازده الفكرم كالر كحي كالش عكرم مف أنكاع الت ناقض كصكر االبتالء ليتصعد بيا إلى عالو أرحب عال الش مكؿ أف يككف فاعنال بصبر كثبات ككعي كبصيروة في عال الش يادة بما يرضي عال الغيب كالش يادة كاذا قك مت مف عكج عال الش يادة كأقمت مي ازف فن ؾ عمى مكازيف القمب كالعقؿ الم ذيف يغترفاف مف منبع الس ماء ال ذم ال ينضب كيقتبساف مف شمس الحقيقة ال تي ال تغرب فال عميؾ إف أرضيت الغيب ككاف في رضاه سخط عال الش يادة فمف رضا الغيب يأخذ الفف الحقيقي ازده في رحمة )8( الفكز بالحؽ كالخير كالجماؿ.". كيتبي ف مف ذلؾ أف لتجربة الش عر اإلسالمي كشائج ضاربة الجذكر في تاريخ الش عر العربي بالت جربة الص كفي ة دكف أف يقع في م ازلقيا الخطيرة أك ينحرؼ عف الر ؤية اإلسالمي ة الص حيحة المستمد ة مف مرجعيتو العقدية فممش عر اإلسالمي رؤية كاضحة المعال ككظيفتو الرسالية متنك عة الجكانب. إف الت جربة الش عرية اإلسالمي ة تتفرد بخصكصي تيا الر ؤيكي ة ك)الر سالي ة( فيي" )9( ال تنزؿ تحت أم ظر وؼ عف األداء الفن ي الذم بو تتمي ز كمف خاللو تتأل ؽ."
كىي إذ تكظ ؼ األدكات الجمالي ة كالكسائؿ الفن ي ة لمقصيدة الص كفية -كفي مقد متيا الر مز- أك تتناص معيا عبر لغتيا كصكرىا كبناىا كشخصياتيا تمارس تأصيال صحيحا كتجريبا سميما لتغذية تجربتيا كدعميا كتجديدىا كتحديثيا كما يت ضح ذلؾ في كثير مف نماذج ن ا عنصر مف عناصر األداء الش عري ة الرفيعة. ك الر مز ميما يختمؼ نكعو كمصدره أصبح اإلسالمي بما ينتجو مف عالقات الفن ي كمككنا مف مككنات البنية الجمالي ة لمش عر كدالالت كيعكسو مف إيحاءات كظالؿ جعمتو بنية شعري ة ممفتة لمنظر في القصيدة تغتني كترتقي بو. 1-2 -الر مز والتجربة الشعرية: إف الر مز بما كصؼ بو أعاله يدفع إلى الت عر ؼ إلى ماىيتو شعريا بصفة عام ة مف خالؿ سماتو كخصائصو ليتسن ى بعد ذلؾ مقاربة نكع خاص منو بكضكح كىك الر مز الص كفي في الش عر اإلسالمي. 01 فالش عر اإلسالمي كما يتجم ى في متنو كظؼ أنساقا مف الر مكز الش عرية المتنك عة المصادر مف تاريخي ة كديني ة كأدبي ة كأسطكري ة-بدرجة ضئيمة كبحذر شديد-كغيرىا تمؾ الرمكز ال تي أسيمت في تكريس كترسيخ شعري ة كجمالي ة متمي زتيف. كال يعني ىذا التكظيؼ الرمزم أف الش عر اإلسالمي يجرم كيميث ك ارء تكظيؼ الر مكز كاستميا كاستدعاء دالالتيا دكف كعي بحقيقة تمؾ الر مكز كخمفياتيا المرجعي ة. فالحقيقة أف الش عر اإلسالمي في تكظيفو الفن ي لمر مكز ممتز بضكابط كقكاعد تتعم ؽ أكال برؤيتو كتصك ره الخاص كترتبط ثانيا بنظريتو التي ال تغفؿ عف دكر السياؽ في العممية اإلبداعية كمف ث يدقؽ في الس ياقات ال تي ينبغي أف يتنز ؿ فييا الر مز حتى ال ينفمت عف داللتو المقصكدة. كبصفة عام ة فالتعامؿ مع الر مز في الشعر اإلسالمي ككما في كؿ االتجاىات )10( الفنية كاف باعتبار الرمز"شكال مف أشكاؿ الت عبير الجمالي." أك باألحرل ىك شكؿ صكرم بمعنى أف الر مز في الحقيقة"صكرة الش يء محكال إلى شيء آخر بمقتضى )11( الت شاكؿ المجازم بحيث يغدك لكؿ منيما الش رعي ة في أف ى يس تىع م ى ف في فضاء الن ص." أك ىك بصيغة أكثر دق ة كتحديدا "مكضكع يشير إلى مكضكع آخر لكف فيو ما يؤىمو
)12( ألف يتطم ب االنتباه أيضا إليو لذاتو كشيء معركض." كيستنتج مف ذلؾ أف المجاز كاإلشارة كاإلحالة إلى شيء آخر أك مكضكع آخر مف أسس الر مز كخصائصو. باإلضافة إلىإف الر مز كنسؽ جمالي في بنية الش عر يمثؿ"شخصية أك كيانا يحمؿ شحنة عاطفي ة مف نكع مقصكد ي ارد بو أف يثير في نفس المتمق ي الر ائي أك الس امع حالة كجداني ة معي نة صحيح أف الر مز كالمرمكز قد يبدكاف كممتيف لكؿ منيما مدلكلو بيد أن يما يزيداف عمى ذلؾ ألن يما يضيفاف إلى عممي ة الد اللة مكقفا شعكري ا خاص ا إ ازء قي )13( محد دة." مف سمات معنكم- كقد ارعى الشعر اإلسالمي أثناء ممارساتو ما يت س بو الر مز الش عرم كػػ)الحس ي ة( فغالبا ما تككف عناصر الت جربة الفن ي ة حس ي ة كالر مز -كىك ال يمكف إال أف يتبد ل فن يا بشكؿ حس ي"إف ما ال يمكف تظييره حس يا في الفف ال يمكف أف يككف ماد ة لو كال غ اربة في أف يضطر الش عر الص كفي في تمثيمو لما ىك ركحاني إلى االت كاء عمى الر مكز ذات إذ إف الش عر كالفف عام ة إما أف يككف حس يا أك ال يككف." كسمة أخرل-كقد تثير بعض األسئمة- الط بيعة الحس ي ة مف مثؿ الم أرة كالخمرة كالكأس )14(. يتصؼ بيا الر مز ىي)الس ياقي ة(ال تي تعتبر إحدل سماتو الكاضحة فالمالحظ"أف الر مكز األخرل ىي رمكز غير سياقي ة أم أف ليا معنى محد دا بمعزؿ عف الس ياؽ ال ذم ترد فيو كذلؾ بسبب ككنيا مقكالت معرفية ال انفعاالت جمالي ة كلنأخذ الر مز الص كفي مثال عمى ذلؾ فيذا الرمز رمز عقدم- معرفي ينتمي إلى نظرية المعرفة بخالؼ الر مز الف ني الذم ينتمي إلى الت جربة الجمالي ة. كمف ىنا فإف ثمة رمك از صكفي ة يتعامؿ بيا الص كفي شاع ار كاف أ متفمسفا أ سالكا أ كاصال أ عارفا. كذلؾ مف مثؿ رمكز المحبكب كاالرتحاؿ كالخمر كالس كر كالحمامة كالحية...إلخ فرمز الس كر مثال لدل الحالج كابف عربي كابف الفارض كابف الدباغ ىك نفسو مف حيث المضمكف سكاء أكاف ىذا في الش عر أ في الن ثر أ في المجاىدة الص كفي ة كليس األمر عمى ىذا الن حك )15( في الر مز الفن ي ال ذم ال مضمكنا محد دا لو.". إف )الس ياقي ة( بحسب ىذا المفيك تتطم ب أف يككف الر مز فارغا مف أم مضمكف خارج الت جربة كان ما يشحف بمضامينو في سياؽ الت جربة ال تي تحد د لو مضمكنا أك غيره. 01
كال يمكف أف ننفي عف الر مز الص كفي دكره بشكؿ قطعي فالت عامؿ معو رىيف بكظيفتو داخؿ سياقو الش عرم كبعالقاتو بالعناصر الش عرية األخرل مم ا يترؾ آثاره في تمكيف الد اللة كرىيف بما يضيفو الشاعر مف دالالت جديدة ل تكف لو في السياقات السابقة كاف احتفظ بداللة محكرية رئيسة ككذالؾ رىيف بالطاقة الشعكرية التي تغمر كؿ ف ارغاتو كتحيط بسياقاتو. فالرمكز الصكفية تتجدد في سياقاتيا المتنكعة كال مانع أف تتكر ر بعض الرمكز في بعض الت جارب الش عرية بالد الالت ذاتيا. مف الكثافة كبيذا الص دد تنضاؼ إلى الر مز خاصي ة)اإليحائي ة( كتعددي ة الد اللة ال تي تنتج" الش عكرية كالمعنكي ة ال تي يعب ر عنيا الر مز كيقك عمييا أم أف اإليحائي ة إذ تككف سمة لمر مز تككف أيضا سمة لمت جربة الجمالي ة مف حيث الكثافة كالعمؽ كالت نك ع كليذا فإف المج انية أك االعتباطي ة في طرح الر مكز لف تؤد م بحاؿ مف األحكاؿ إلى إيحائية ذات كظيفة جمالية-تعبيري ة فاإليحاء الجمالي إيحاء مكث ؼ ممتمئ بمكضكعو )16( يؤد م كظيفة يعجز عنيا التناكؿ المباشر لمت جربة أك لمظكاىر كاألشياء.". إف )اإليحائية( ال تنأل عف)االنفعالي ة( أم أف يعب ر الر مز ميما كاف نكعو عف انفعاؿ كذلؾ ما يجعمو مختمفا عف الر مز ال ذم يقد المفاىي مجر دة مفرغةن مف الش عكر كتتكل د انفعالية الر مز في خض الت جربة الش عرية ال تي تعد تجربة انفعالي ة تحمؿ مضمكنا كجدانيا فالرمز الشعرم إذف"ال يمخ ص فكرة أك يعب ر عف أرم أك يطرح )17( مكقفا فكريا كان ما يكث ؼ انفعاال كيعب ر عف تجربة.". كىذا ىك األصؿ الذم ينبغي أف نممسو في الر مز كفي سياقو الن صي أم أف يكث ؼ االنفعاؿ كيعب ر عف التجربة في الدرجة األكلى كمع ذلؾ فبعض الرمكز يشير إلى مكقؼ فكرم أك اتجاه معيف كيكضح ذلؾ ط ارئؽ تكظيؼ الرمكز كمصادرىا كالقصد منيا. كمف صفات الر مز)التخييمية( فيك كليد المجاز ال ذم بمكجبو تتحك ؿ "الظكاىر كاألشياء عف صفاتيا المعيكدة لتدخؿ في عالقة جديدة مختمفة عف سياقيا الكاقعي غير أف ىذا الت حك ؿ محكك بطبيعة األثر الجمالي ال ذم تخمقو الظكاىر كاألشياء في الذ ات )18( المبدعة.". 01
تمؾ ىي المقك مات الجمالي ة ال تي ينبغي أف تصاحب الر مز في أم سياؽ شعرم يكظ ؼ فيو ليحقؽ ماىيتو بما أن و رمز فن ي.كالشعر اإلسالمي منطمقا مف نظريتو ال يعترض عم ا لو بالجكانب الفنية/الشعرية البحتة مف عالقة فيي كسائؿ كأدكات تعبير جمالي بينما لو مكقؼ مم ا قد يتعارض مع رؤيتو كىذا ما نكضحو فيما يأتي. 2-2 -الرمز في الشعر اإلسالمي: يثير تكظيؼ الر مز في الش عر اإلسالمي أسئمة منيا ما يتعم ؽ: أكال-بتكظيؼ الر مز األسطكرم أك عد تكظيفو ككيفية ىذا الت كظيؼ. ثانيا- بالكضكح أك الغمكض في الر مز. كلتكضيح الصكرة كاإلجابة عف تمؾ األسئمة تجدر اإلشارة: أكال إلى أف الش عر اإلسالمي-اآلف- ال يصدر عف مذىب رمزم محد د المعال كما ىك الحاؿ في الش عر األكركبي الحديث كالمذىب الر مزم فيو فشع ارء االت جاه اإلسالمي"يصدركف عف حس فكرم يدفعي إلى الت عامؿ مع األعال القديمة كالحديثة بالقدر ال ذم تعبر عف رؤيتي اإلسالمي ة لمككف كالحياة كالعالقات كأنكاع الص ارع القائمة )19( بيف البشر." كثانيا نشير إلى المكقؼ أك الر ؤية ال تي انطمؽ منيا الش اعر اإلسالمي في تناكؿ الر مكز الت اريخية اإلسالمي ة بخاصة الش خصيات المجاىدة مف الص حابة كالقادة كالفاتحيف فقد"القت الر مكز الت اريخية عنتا عمى أيدم أصحاب الحركات الش عري ة الحديثة غير الممتزمة بخط اإلسال فبقدر ما قد س األكربيكف رمكز األساطير اليكنانية في شعرى الحديث كتبعي في تقديسيا الش ع ارء العرب غير اإلسالمييف بقدر ما حارب ىؤالء رمكز اإلسال كالخالفة كاإلمامة كالس نة ككؿ األعال ال ذيف ساركا في ظميا ككانت عمى الش ع ارء الممتزميف ميم ة خطيرة شاق ة ىي إعادة االحت ار كالقدسية ليذه الرمكز في نفكس القر اء كقد كادت تتشك ه حقائقيا بشكؿ أصبح مف الص عب إقناع العامة بالكجو األبيض ليا كقد غط تو أدخنة المغرضيف الس كداء. كل يكف عمى الش ع ارء اإلسالمييف إال أف يستكحكا الت اريخ كالكاقع استيحاء نقي ا غير مشك ه فيضعكا الن قاط عمى حركفيا كاألمكر 01
في مكضعيا فيككف الر مز ابف العقؿ كالمنطؽ قبؿ أف تصيره بكتقة الخياؿ كتحكلو )20( إلى صكرة.". ج- كنشير ثالثا إلىالكعي كاالنتباه الذم التزمو الش اعر في تكظيؼ الر مز األسطكرم ال ذم يقؿ تكاجده في الش عر اإلسالمي كمف ذلؾ الر مز )دكريس()*(الذم كظ فو األم ارني في قصيدتيو)إيكار( ك)رىيف الحزف( ففي القصيدة األكلى يأتي الرمز في سياؽ شعرم/شعكرم محاط بكؿ الظالؿ اإليمانية كاإليحاءات اإلسالمية فالرمز يفرغ )21( مف محتكاه الكثني الخ ارفي يقكؿ الشاعر : كأني أفتح باريس أكؿ مره عمى صيكة مف حصاني الجمكح )ىي الشمس مره( كدكريس في باريس أرل صكت دكريس يسكنني مثؿ طائر برؽ كالنجمة الشارده تمارس غربتيا القدسية في الساعة الكاحده تضيء..تضيء............. أحف إلى نخمة في بالدم كصكت المؤذف يحدك فؤادم كيأتي الرمز ذاتو)دكريس(في القصيدة الثانية كفي سياؽ مختمؼ منضبط برؤية الشاعر الممتزمة المكحدة المؤمنة باهلل الخالؽ رب العرش زكرؽ مف كممات بيف دكريس كذاتي أيف مرساتؾ يا زكرؽ يا سر القصيده أكذا ندفع دكما نحك آفاؽ جديده )22( العظي يقكؿ : أنت- مف صاغؾ رب العرش مف مكج البحار- 01
08 كيت ضح انطالقا مف نصكص المتف الشعرم اإلسالمي أف الش ع ارء اإلسالمييف ال يف ر طيكف كال يبالغكف في استخدا الر مكز األسطكري ة-عمى غ ارر غيرى- بكصفي أكثر الش ع ارء"ارتباطا بالكاقع مف خالؿ تفعيؿ الر مز الت اريخي إذ إف ىذا الر مز ال يتحر ؾ في الز مف الماضي كان ما ىك حاضر في كجداف األم ة متكق د في إحساسيا كليذا في أكثر كاقعي ة مف أكلئؾ الش ع ارء الذيف يد عكف الكاقعي ة كيميثكف ك ارء األساطير اليكناني ة كاألكربي ة )23( كاألشكرية كالفينيقية كالفرعكنية كالكثنية.". كمع ذلؾ ففي نظرية األدب اإلسالمي مساحة لالختالؼ فقد تتبايف المكاقؼ مف ىذا تكظيؼ ىذا الر مز فػ)شمتاغ عبكد( يذىب إلى أف"تكظيؼ األسطكرة ليس تقميدا لمشعر الغربي أك العربي الحديث كلكف تكسيعا لدائرة الر مز في الشعر اإلسالمي كتكسيعا )24( لدائرة التأثير كالتثكير." دكف أف يحد د ليذا التكظيؼ شركطا أك يضع لو قيكدا كحدكدا ال يتعد اىا الش اعر عمى خالؼ)محمد عمي الرباكم(الذم يعرض أريا كجييا أثناء مالحظتو في تقديمو لديكاف)سآتيؾ بالسيؼ كاألقحكاف لحسف األم ارني( بنية)االحت ارؽ( سيطرة المستمدة مف أسطكرة )العنقاء( المتسربة بشكؿ مكث ؼ إلى الش عر العربي المعاصر فيقكؿ متسائال:" لكف لماذا يتكئ شاعر يدعك إلى أدب إسالمي عمى األساطير الكثنية أال يتعارض ىذا مع التصكر اإلسالمي الحؽ أف ثم ة تعارضا إذا نظرنا إلى المسألة نظرة سطحي ة كلكن نا حيف ننظر إلييا داخؿ تجربة األم ارني نكتشؼ أن و أعطاىا حمكلة إيماني ة إسالمي ة مم ا يدؿ عمى أف الش اعر اإلسالمي يحؽ لو أف يكظ ؼ ما يشاء مف الر مكز كيفما كاف فالمي أف تككف الر ؤيا اإلسالمي ة حاضرة عند الت كظيؼ )25( أك االستعارة.". ىكذا يتبيف أن و بمقدكر الش اعر اإلسالمي أف يكظ ؼ أم رمز أسطكرم بشرط اإلسالمي العقدم ال ذم ينطمؽ منو ىذا أف يضعو في سياؽ ال يتعارض مع الت صكر الت صك ر المتفرد ال ذم يت س بالت كحيد كالر بانية كالكاقعي ة كبالت كازف كغيرىا مف الخصائص التي تشك ؿ القاعدة الر اسخة كالت ماسؾ الص مب لمكقفو الفن ي كاألدبي فالت صك ر اإلسالمي كمرجعية ليذا الش عر ال يسمح دكف م ارقبة كاعية يقظة التصك ارت الجاىمي ة التي تتسمؿ دكف كعي كانتباه إلى المتمقي مف ك ارء تكظيؼ رمكز كثنيات الش عكب كأساطيرىا
المنحرفة. إف الرباكم الشاعر كالناقد اإلسالمي يرخص كيجيز لمشع ارء اإلسالمييف تكظيؼ ما شاؤكا مف الرمكز مادامت الرؤيا اإلسالمية حاضرة أثناء التكظيؼ كاالستعارة أم أثناء مخاض التجربة فالحمكلة اإليمانية اإلسالمية-عمى حد قكؿ الرباكم-التي تمنح لمرمز تحكؿ داللة الرمز كتغير مج اره كنقكؿ كذلؾ الحمكلة التي تكتنؼ التجربة بسياقاتيا الكاسعة. إف ال أرم الذم عرضو الرباكم سمي إلى حد بعيد بعدما قيد استعماؿ الرمز األسطكرم بشرط الرؤيا اإلسالمية كىك ما نميؿ إليو فعمى الشاعر اإلسالمي أف يثرم تجربتو بأم رمز مادا لو مكقؼ كاضح منو كرؤيا غير ممتبسة. 09 أما مسألة الكضكح أك الغمكض كىي ال تتعمؽ بالرمز كحده كانما تتعمؽ بمغة الشعر بصفة عامة فنقكؿ مف حيث المبدأ إف تكف ر الر مز عمى قدر مف الكضكح يعد شرطا ضركريا-كعمؽ الفكر فيو- كمع ذلؾ قد تت س لغة بعض القصائد ال تي تزدح بالر مكز كمعادالت لغكية فنية لما ييجس بو الشاعر كيريد الت عبير عنو بالغمكض. كلمناقشة القضية ننتقؿ أكال إلى مستكل الرمز بصفة عامة فالكاقع أف شيئا غير يسير مف الغمكض في الر مز أك في دالالتو يتأتى مف تكظيؼ الر مكز الخاص ة فحيف يشحف الش اعر رمك از قديمة بدالالت جديدة أك يبتكر رمك از خاص ة كال يحسف استخداميا في سياقات مناسبة أك ال تتم كف تمؾ الس ياقات مف تفجير دالالت الر مز أك حيف يسعى الش اعر إلى تغييب المعنى لسبب فن ي أك ظرفي تت س الر مكز بشيء مف الغمكض ال ذم يتطم ب كفاءة تأكيمي ة لفؾ مغاليقو. كىذه مسألة تختص بفف الشعر كلكازمو كشركط إبداعو كانتاجو كتمقيو كق ارءتو كلمشاعر أف يبقي بعض زكايا عممو معتمة ال يتسمؿ إليو الضكء بيسر كال يتمكف منيا القارئ بسيكلة. كننتقؿ ثانيا إلى مستكل الر مز الص كفي الذم يمثؿ مكضكعنا الرئيس فإف الغمكض- أك اإلبيا- المترتب عنو ينشأ مف طبيعة الت جربة الص كفية في حد ذاتيا قبؿ أف يتكل د عف بنيتيا المغكية أك معجميا) مفردات كت اركيب صكر( المصبكبة فيو بمعنى أف أساس الغمكض يرجع إلى التجربة الصكفية قبؿ أف يعكد إلى الت جربة الش عري ة كأدكاتيا المغكية فالغمكض في الت جربة الص كفي ة ينشأ مف الر ؤية ذاتيا ال تي ال تككف عمى قدر مف الكضكح كالش فافية كبالمثؿ ال تككف الم غة المعب رة عف ىذه الت جربة أكثر كضكحا
كشفافي ة مف الت جربة ذاتيا فػ"صحيح أف الص كفي كالش اعر كالىما يتأم ؿ ككالىما يستكشؼ كربما استطاع الص كفي أف يعب ر عف رؤيتو أحيانا كلكف في م ارحميا األكلى كلكن و عندما يكغؿ في))الطريؽ(( يستعصي عميو أف يعب ر عف ىذه الرؤية كالغالب أن و ىك نفسو في ىذه المرحمة المتقد مة ال يرغب في أف يعب ر عف رؤيتو أما الش اعر فإن و يعب ر بمجر د أف يرل أم أف الر ؤية كسيمتو إلى الت عبير ميما أكغؿ في الر ؤية. كفرؽ آخر ىك أف مكضكع الر ؤية يظؿ كاضحا أما الش اعر في كؿ لحظة في حيف أن و يختفي في الت جربة الص كفية. كمع أف بعض الش ع ارء أحيانا يمر كف بتجارب شبو صكفية فإن يا تظؿ متميزة عف الت جربة الص كفي ة الص رؼ في أف مكضكع الر ؤية كالت أمؿ يظؿ قائما )26( ككاضحا كمحد دا كمف ىنا كاف الر مز الش عرم نابعا مف مكضكع بعينو كمرتبطا بو..". كحيف تنصير التجربتاف في بكتقة كاحدة فإف مساحة مف القصيدة تظؿ مغشاة بظالؿ كثيفة تحجب جكانب مف البنية الداللية ليذه القصيدة. 21 كباالحتكا إلى نظرية األدب اإلسالمي فإنو يتضح أف األدب اإلسالمي إذا كاف يحرص عمى الت كاصؿ مع المتمق ي بكصفو أدبا رساليا فإف ذلؾ ال يمز الش اعر بالكضكح في الرمز أك استعماؿ الرمز الكاضح الداللة فيك يحتر الرمز المعبر كقدكتو في ذلؾ القرآف الكري كالسنة النبكية المطيرة فقد كردت في القرآف الكري عبا ارت كجمؿ ترمز إلى المعنى كال تصرح )27( بو ككذلؾ في حديث رسكؿ اهلل صمى اهلل عميو كسم فػ"الر م ازلمكحي مطمكب في الن ص األدبي كاألديب المقتدر ىك ال ذم يحسف استخدا الر مكز كتكظيفيا سكاء أكانت رمك از تاريخية أ معاصرة كسكاء أكانت بشرية أ غير بشرية بؿ إف الش اعر إذا استخد رم از مكحيا كأحسف تكظيفو في الن ص األدبي استطاع أف يؤث ر تأثي ار أعمؽ كأف يحق ؽ لمقارئ متعة أكبر كان ما يأتي الخمؿ عندما يصبح الر مز ىدفا ككسيمة ال يتنازؿ عنيا الشاعر فإن و بيذا يخرج عف إطاره الص حيح كيتجاكز حده )28( المعقكؿ.". كعمى الشاعر اإلسالمي أف يضع في حسابو أف شعره ال يجب أف يككف عبثيا تنتفي فيو الغايات كيتحكؿ إلى مجرد لعب لغكم كتعمية كالغاز عمى حساب الفكرة فالقصيدة ليست ىي الغاية في ذاتيا كبنائيا فيي كسيمة أيضا إلى تحقيؽ غايات أخرل
بمعنى أنيا كسيمة كفيمة بأداء رسالة كنقؿ فكرة دكف أف تتخمى عف شرطيا الشعرم/الفني. كعميو أف يبذؿ جيد في المحافظة عمى التكازف الضركرم بيف الشكؿ)التعبير الفني(كالمحتكل)التصكر اإلسالمي المؤطر لممضمكف(. كال ينبغي لمشاعر اإلسالمي أف يككف تمميذا ذليال كسكال مذعنا المدارس النقدية كالشعرية الغربية دكف كعي كاد ارؾ كمناقشة أخذا كردا يتمقؼ ما تفرزه متناسيا خصكصيتو الثقافية صارفا النظر عف كؿ ت ارثو األدبي كالنقدم فإننا ننص عمى-كما ىك كاضح في نظرية األدب اإلسالمي- أف "الكضكح كالمباشرة ليسا عيبيف في األدب بيذا اإلطالؽ الذم يرد في بعض الد ارسات الن قدي ة فيما ضركرتاف ممح تاف لكؿ أديب يريد أف يكصؿ مشاعره كأفكاره إلى الن اس خاص ة عندما يككف األديب صاحب رسالة عظيمة في األمة كما ىك شأف األديب اإلسالمي كان ما يعاب الكضكح كالمباشرة عندما يطغياف عمى فن ية العمؿ األدبي فتصبح القصيدة كممات كجمال مصفكفة ال يربط بينيا إال الكزف الش عرم كليس فييا ركح األدب كال )29( جماؿ تصكيره كال إيحاء عبا ارتو." كمف المؤك د أف الش عر الر سالي"ال ينزؿ تحت أم ظرؼ عف األداء الفن ي ال ذم بو يتمي ز كمف خاللو )30( يتألؽ." كالحقيقة أف مف طبيعة األداء الفن ي اإليحاء ال الت صريح كالغمكض الش فاؼ في الر مز يمنح المتمقي فرصة التفاعؿ كالمش اركة في إنتاج الدالالت أثناء الق ارءة المتميزة المتفاعمة الكاشفة كالمتأممة لمن ص. كنعكد إلى التأكيد عمى أف الر مز الص كفي بنية صغرل ضمف بنية أكبر ىي بنية الم غة الش عرية الص كفي ة تمؾ البنية الكبرل"ال تي تستكعب كمضات الش د ة لدل الش اعر فتكتسب خصائص ىذه الكمضات كتصبح بالفعؿ لغة تبص ر ككشؼ كاضاءة إذ ال فرؽ في ذلؾ بيف الم غة ال تي تعب ر عف الكجد الص كفي كتمؾ ال تي تعب ر عف الكجد الش عرم )31( لممشابية بيف الت جربتيف." فيي لغة إيحاء في األساس ال تقرير. كككف"صناعة الر مكز تتبع آليات أقؿ كثافة كأكثر شفافية تيت بالت كصيؿ الد اللي كالش عرم كال تعتمد عمى مجر د )32( اإليحاء المبي العميؽ." فذلؾ ال يتناقض مع طبيعة الت جربة الش عري ة اإلسالمي ة ال تي تجمع الفكر كالفف بمي ازف كىي تنيض بكظيفتيا الت كاصمية. 20
22 كما أف الر مز الص كفي ال يت س باإلبيا ال ذم قد يكصؼ بو الر مز األسطكرم البعيد عف المجاؿ الت داكلي لثقافتنا فبالنسبة إلى الر مز الص كفي يممؾ المرسؿ كالمرسؿ إليو أك الش اعر كالمتمقي الش فرة ذاتيا أك الن ظا الت رميزم نفسو فمنظكمة الر مكز الص كفي ة ىي مم ا ىك متداكؿ في إطار ثقافتنا العربي ة كاإلسالمي ة كبيف الشاعر كالمتمقي في ىذا المجاؿ ميثاؽ يؤطر العممية التكاصمية التفاعمية بينيما. لقد مارس شع ارء الت جربة الصكفي ة في الت عامؿ مع الم غة"إعادة الت شفير الم غكم في الش عر قديما عف طريؽ نزع الد الالت األكلى الحس ية كالدنيكي ة لكممات تت صؿ بمجاالت الجنس كالخمر كحاالت الن فس إلد ارجيا في أنساؽ رمزية جديدة مرتبطة بمكاجدى كعالمي لكف الت جربة الكم ي ة لكاقعي المعيش-كما يعرفو الن اس-كانت تمث ؿ )33( خمفية ضابطة تتأسس عمييا تمؾ الش فرة الث انية كمرجعي ة قارة لممرمكز لو." كىذا ما يمكف ات خاذه قاعدة في تأكيؿ الر مز الص كفي في الش عر اإلسالمي كالكقكؼ عمى دالالتو كالكقكؼ عمى الد الالت الر مزي ة لمخمرة كلمم أرة فمثؿ ىذا الت أكيؿ ال يستغني عف سياقات الت جربة الش عري ة ال تي تفؾ الش فرة الر مزية في إطارىا كبشركطيا. إن يا العممية التي احتاط ليا محي الديف بف عرم مف خالؿ تأكيمو كؿ رمكزه بما يتالء كرؤيتو في قصيدة استفتح بيا ديكانو)ترجماف األشكاؽ( كمف ث يق أر شعره بيذه )34( المفاتيح فال يحمؿ ما ال يحتمؿ يقكؿ ابف عربي : كممػػػا أذكػػره مف طمؿ أك ربػػكع أك مػعػاف كممػػا....................................... كممػا أذكػره ممػػا جرل ذكػره أكمثمػو أف تفيػما منو أسػ ارر كأنػكار جمت لفػؤادم أك فػؤاد مػف لو عمػػكية قدسيػػة صػفػػة أك عمت جاء بيا رب السما مثؿ ما ليمف شركط العمما أعممػػت أف لصدقي قدما فاصرؼ الخاطر عف ظاىرىا كاطمػب الباطػف حتى تعمما بال شؾ إن يا إشارة مف ابف عربي إلى أف ما كرد في متف ديكانو)ترجماف األشكاؽ( )35( مف رمكز"ما ىك إال إشا ارت رمزية تؤكؿ إلى حقائؽ إليية كتنز الت رب انية." كبذلؾ
يحدد لقارئو طريقة الت عامؿ مع تجربتو الش عري ة)الصكفية( ذات المنظكمة الر مزية الخاصة أك الجياز االصطالحي كالمفاىيمي الخاص حت ى يككف ىذا القارئ المتمقي في مأمف مف سكء الق ارءة كمف سكء التأكيؿ الذم ال تحمد عكاقبو في كؿ الحاالت إف ما اقترحو ابف عرم في ىذه العتبة النصية يمكف تكصيفو إذ صح التعبير بػ)دفتر شركط ق ارئي( بيف طرفيف بينو)كمنتج/مسكؽ( كبيف قارئو )كمستيمؾ( يمتز بو كيمنع الخركج عنو كلو حؽ تكجيو الق ارءة كاال فمو سمطة إلغاء العقد المبر بينيما. كأرل مف باب التنبيو أف ق ارءة النصكص الشعرية)الصكفية( كالحك ليا أك عمييا مشركطة دائما كمتمس كة كذلؾ بأف العبرة ليست بظاىر المفظ كال يعك ؿ عميو في الفي كينبغي صرؼ النظر كالخاطر عنو كأف العبرة كؿ العبرة بباطف المفظ كباطف النص كاليو ينبغي أف يككف لفت النظر كصرؼ الخاطر إذا أ ارد القارئ العم كالفي. فالمعني الظاىر السطحي القريب ال يككف دائما ىك المقصكد كانما المعنى أك)معنى المعنى( أك المعنى الباطف العميؽ البعيد. 3- الر مز الص وفي وتجم ياته في الش عر اإلسالمي: بعد المقدمات النظرية السابقة التي اضطررنا لمكقكؼ عندىا نصؿ إلى الممارسة الت طبيقية لمن صكص كالكاضح أف الش اعر الصكفي-عمى اختالؼ تجميات ىذا الرمز- اإلسالمي قد استعار كاستعمؿ الر مز مدرجا إي اه في معمار قصيدتو الش عرية العمكدية كالحرة كيتبد ل ذلؾ في متف أغمب شع ارء ىذا االت جاه كمحمد الغ ازلي كمحمكد حسف إسماعيؿ كمحمد عمي الرباكم كحسف األم ارني كمصطفى محمد الغمارم... كغيرى كبفعؿ الممارسة كتك ارر الن ماذج كت ارك الت جارب أصبح الر مز الص كفي سمة أسمكبي ة تضاؼ إلى قائمة السمات األسمكبية كالخصائص الت عبيرية التي تمي ز متف الش عر اإلسالمي كتعب ر عف أبعاده الد اللية كالر ؤيكية. يتجم ى الر مز الص كفي في المتف الش عرم اإلسالمي مف خالؿ مجمكعة مف األنساؽ الجزئي ة كالكم ية منيا ما يتمحكر حكؿ الر مز الخمرم متجس دا في الخمر كما لو عالقة بيا كمنيا ما يدكر في فمؾ الر مز األنثكم ممثال في الم أرة كما لو صمة بيا كمنيا ما ارتبط بالر مكز الم غكية المختمفة ال تي تؤدم دالالت صكفي ة ركحاني ة أك تشحف 21
بمعاف مف ىذا القبيؿ كمنيا ما يرتبط باستدعاء الش خصيات الص كفية كمف ث فإف ىذه التجميات تتكز ع عمى أربعة تمظي ارت أسمكبي ة كتعبيري ة: أ-التمظير األكؿ: يتمث ؿ الت مظير األكؿ لتجم ي الر مز الص كفي في الش عر اإلسالمي في الت عبير بكاسطة)الخمر( كاستعماؿ المعج الخمرم بكؿ مفرداتو كيعتبر ىذا الر مز )الخمر( رم از مكازيا في دالالتو لرمز)الم أرة( كمعا يشكال ف مكضكع المحب ة اإلليي ة شع ار المحب ة اإلليية التي ىي مكضكع اإلسكار كىي البديؿ الخمرم الذم يسب ب النشكة كالفرح الركحييف. كالص كفي في حالة كجده بالمحبة أك في حاؿ تجمي الحؽ )36( عميو بالمحبة يغمره فيض مف الم ذة الر كحية تطغى عمى كؿ كيانو. ب- التمظير الثاني: يتمث ؿ في الت عبير بكاسطة)الم أرة( أك األنثى فالد اللة الر مزية األساسي ة لمم أرة الكامنة في)المحب ة اإلليية( ىي الص مة ال تي تجمع بيف مجمكع الر مكز الص كفي ة كرمز)لخمر( كيعد رمز)الم أرة( رم از محكريا بكصفو المكك ف الر ئيس كالبؤرة ال تي تستقطب كؿ ما سكاىا ألف"عنصرم األنكثة كالجماؿ في الم أرة جعالىا تتبكأ مكانة )37( رمزي ة عالية في الش عر الص كفي بعامة." ج-. التمظير الثالث: يتمثؿ في المفردات الم غكي ة التي تك ظؼ كتحم ؿ بدالالت صكفي ة كتشكؿ رمك از صكفية جديدة ال تنتمي إلى المظيريف الس ابقيف كحقمييما الد اللييف-المعج الخمرم كالغزلي)الم أرة(- باإلضافة إلى الصكر الشعرية عف المجاؿ الصكفي كاشعاعاتو. د- ال مذيف تداكليما كبار الش ع ارء الصكفييف الناتجة عف تمؾ المفردات المغكية كالتي ال تخرج التمظير ال اربع: يتمثؿ في استدعاء الش خصية الص كفية بإحدل آليات االستدعاء بالعم)االس أك المقب أك الكنية( كبالقكؿ كبالدكر أك بذكر شيء مف متعمقات الش خصية. كميما تختمؼ طريقة الت كظيؼ فإف لمر مز الص كفي عبر تجم ياتو كتمظي ارتو المختمفة كظيفة شعري ة في بنية القصيدة كجمالي ة تعبيري ة في الت جربة الش عري ة كلو قيمتو كعنصر داؿ شعريا كبقية العناصر الم غكية كالفكرية كالش عكري ة تمؾ العناصر 21
التي تنصير في بكتقة الذ ات المتطمعة لمت كاصؿ كالكصكؿ كتأخذ عبر المعاناة الر كحية كالكجد الص كفي شكميا الش عرم المالئ. كال يت سع الفضاء ىا ىنا لمقاربة كؿ ىذه الت مظي ارت كليذا نقتصر عمى التمظير األسمكبي األك ؿ مف تمظي ارت الر مز الص كفي كلعؿ الكيفية التي حضر بيا الر مز داخؿ المتف الش عرم كالكثافة التي جس دىا تكاتر أنساقو تسمح بإج ارء إحصاء بسيط لمفرداتو كتكزيعيا في حقكؿ داللي ة تتالء مع التمظي ارت األربعة المحد دة أعاله كتتعالؽ في إطار التج ربة الشعرية/الص كفية الكمية. إف)الحقؿ الد اللي(-بما ىك"مجمكعة مف الكممات ترتبط دالالتيا كتكضع عادة )38( تحت لفظ عا يجمعيا." كبماىك"جمع كؿ الكممات التي تخص حقال معينا كالكشؼ )39( عف صالتيا الكاحد باآلخر كصالتيا بالمصطمح العا." -أداة إج ارئية ناجعة تساعد في تحقيؽ ىدؼ المقاربة. كتتبي ف نجاعة ىذه األداة في الن صكص األدبي ة ال تي تمتقي فييا مجاميع مف األلفاظ مشك مة داللة معي نة. األمر الذم يبرر استعماؿ ىذا اإلج ارء في أكثر مف منيج نقدم. فاألسمكبي ة "تت جو إلى األلفاظ باعتبارىا ممثمة لجكىر المعنى فاختيار المبدع أللفاظو يت في ضكء إد اركو لطبيعة الم فظة كتأثير ذلؾ عمى الفكرة كما يت في ضكء )40( تجاكر ألفاظ بعينيا تستدعييا ىذه المجاكرة أك تستدعييا طبيعة الفكرة." ككما يبدك فالم فظة/الر مز تستدعي ألفاظا أخر تجاكرىا أك تصاحبيا في الس ياقات ذاتيا. كىذا ما سنقؼ عميو في مقاربة التمظير األكؿ مف تمظي ارت تكظيؼ الرمز الص كفي أك ما نصطمح عميو بالتعبير الرمزم بكاسطة الخمرة في شعر محمد الغ ازلي. 4- التعبير الرمزي بواسطة الخمرة: 1-4 -الديوان. يتجم ى التعبير الر مزم بكاسطة الخمرة في متف محمد الغ ازلي) 1917-1996 ( الش عرم كنجتزئ منو أربع قصائد مف ديكانو المكسك بػ)الحياة األكلى(حيث ىذه الظاىرة بشكؿ الفت لمنظر. تبرز فييا 21
طبع ديكاف)الحياة األكلى(أكؿ مرة سنة إخ ارجو في طبعة أكلى سنة 21 1354 ىػ/ 1936 ث أعادت دار الشركؽ 1418 ىػ / 1998 يشير العنكاف كنص مكاز إلى المرحمة العمرية التي نظمت أثناءىا قصائده أك يككف مقتبسا عف عنكاف أكؿ قصيدة في الديكاف كىي قصيدة)الحياة األكلى أك نحك المجد( قصيدة دالية تتناص مع قصيدة دالية ألبي )41( العالء المعرم إيقاعا كلغة كداللة كمطمع قصيدة الغ ازلي ىك : ثماني عشرة مر ت سيادا...أر دت عمى المنا كلف أ اردا كقد يشير إلى الحياة الدنيا كىي الحياة األكلى في مقابؿ الحياة األخرل أك اآلخرة فالشاعر المسم يؤمف بالحياة اآلخرة التي تنتيي إلييا حياتو األكلى. يض سبعا كخمسيف قصيدة عمكدية يختمؼ الن فس الش عرم فييا طكال كقص ار كتتنكع مكضكعاتيا كتتكز ع عركضيا عمى أنساؽ إيقاعية تسعة)الكامؿ الرمؿ الكافر البسيط الطكيؿ الرجز المنسرح الخفيؼ السريع(. يييمف عمييا الن سؽ الت قفكم المكح د كتتقد قصائد الديكاف قصيدة )الحياة األكلى أك نحك المجد( كىي بمثابة الت صدير كتنتيي بتكقيع الش اعر لمداللة عمى أف القصيدة جزء مف السيرة الذاتية لمشاعر كمرآة لشخصيتو تعكس جانبا مف طمكحو كعزيمتو 2-4 -القصائد/متن المقاربة: كااردتو. تتمك القصيدة المذككرة أعاله أربع قصائد ىي بغيتنا معنكنةن بػ)الخمرة اإلليية( كمرقمة مف كاحد إلى أربعة تتخذ مف)الحب اإلليي(المعبر عنو بمغة رمزية مكضكعة رئيسة ليا كيمكف تكصيفيا إيقاعي ا بما ىك مدكف في الجدكؿ تكضيح:)القافية=مكحدة/مطمقة= (: القصيدة 1 -الخمرة اإلليية 2 -الخمرة اإلليية 3 -الخمرة الكزف الطكيؿ الطكيؿ الرمؿ المطمع مصرع مصرع مصرع النمط عمكدم عمكدم عمكدم القافية الركم/مج اره ر د ع عدد األبيات 15 بيتا 15 بيتا 16 بيتا مف
اإلليية 4 -الخمرة مصرع الكافر عمكدم س 14 بيتا اإلليية تتخمؿ لغة القصائد األربعة كقصائد الديكاف-ألفاظ يقؿ استعماليا كيندر تداكليا قد تحكؿ دكف في المعاني كاد ارؾ الدالالت كتربؾ القارئ غير المتمرس بالمغة كتشكش تمقيو. كتتس القصائد األربعة كما ىك مالحظ بكثافة الر مز الص كفي كتعد مف ركائع الش عر اإلسالمي ذم النزكع الصكفي ال ذم يستخد)الر مز الخمرم(-بصيغو كاشتقاقاتو- رم از شعريا صكفي ا لمحب اإلليي. يتكسؿ الغ ازلي بمعج لغكم رمزم)خمرم( في الت عبير عف تجربة صكفية شعرية متميزة تجعؿ مف الغ ازلي كاحدا مف الش ع ارء اإلسالمييف في العصر الحديث الذيف استميمكا الت جربة الص كفي ة ككظفكا رمكزىا بكعي كبقصد كاعتداؿ. كالغ ازلي يختمؼ عف الش ع ارء الص كفيكف كال يسايرى في كؿ تقاليد الكتابة الشعرية فإذا كاف شع ارء الصكفية قد جعمكا مف)الم أرة( ك)الخمر(محكريف رمزييف تقك عمييما تجاربي الش عري ة كيت بكاسطتيما الت عبير عف أحكالي المختمفة كمكاجدى المتجد دة فإف الغ ازلي قد نأل بنفسو عف كتابة الغزؿ كجن ب قممو ات خاذ الغزؿ نيجا صكفي ا كطريؽ )42( حب إليي كشاركي في خمرياتي ال تي مف خالليا حاكلكا الزلفى كالحب اإلليي. فقد ان ازح عف التقميد الشعرم في ىذا الجانب كل يستسغ أف تككف)الم أرة( الكائف األنثكم رم از لممحب ة اإلليية كل ير حرجا في أف تككف)الخمر( الخمر بأبعادىا المعنكية المجازية اإليمانية. إف قصيدة)الخمرة اإلليي ة( رم از حامال لذات الداللة في نماذجيا األربعة تفرز حقنال داللي ا متمي از كمييمنا عمى بنية القصائد الم غكي ة/الد اللي ة يتشك ؿ الحقؿ مف مجمكعة مف الكحدات المغكية أك الرمكز/الدكاؿ يت أرسيا لفظ)الخمر( المرتبطة كالمتعم قة بو دالليا كما يتضح: كتتفرع عنو بقية الكحدات كاأللفاظ كالت اركيب 21
الغكؿ) 2 ( 28 الخمر:)الشرب الصفي الكأس) 5 ( التحس ي الر حيؽ قطي ارت ش اربيا كؤكس) 2 ( الص حك) 2 ( خمكر) 2 ( الشيد الكرد خمر) 3 ( الرم احتساء جرعة األككاب أكؤس المخمكر الطؿ الس مسبيؿ الظمآف الصدم...(. فيذه األلفاظ ترتبط مف الن احية الد اللية بالمعنى الرئيس لمفظ)الخمر( الذم تنصرؼ داللتو إلى)المحبة اإلليية( مم ا يجعؿ تمؾ األلفاظ قائمة مف الكممات ال تي تتردد بنسب مختمفة في نسيج الن ص فػ"كمما ترددت بعض الكممات بنفسيا أك بم اردفيا )43( أك بتركيب يؤد م معناىا كك نت حقال أك حقكال داللي ة.". كالمالحظ أف مفردات ىذا الحقؿ الداللي-ميما كانت صيغيا كاشتقاقاتيا- ال ترتبط بالمعاني الكاقعي ة أك الحسية لمخمر كما يالزميا مف سكر كذىاب لمعقؿ كغيبة لمكعي كغير ذلؾ مف صفات سمبية كان يا تتصؿ في سياقات الت جربة الش عري ة الص كفية بالمعاني الركحاني ة التي ترتفع عف الد الالت الكاقعية الحس ي ة. أرل الغ ازلي في)الخمر( اإليجابية الركحية رم از صكفيا قاد ار عمى أف يستجمع كيستقطب كؿ الدالالت فعبر عنيا بػػ: الش رب الص في كىي ي جيا/بسمات الكأس/بسمة نكر/شيي ات التحس ي/س ارر كجكد الر كح/دفكؽ المعاني المصعدات إلى حمى اهلل/مضكاء كفيض ذركر..كغير ذلؾ كىي مفردات كت اركيب تأتي متتابعة في سياقيا النصي دالة )44( عمى االنش ارح كالنشكة كالفرح يقكؿ الشاعر في القصيدة األكلى)الخمرة اإلليية) 1 (( : ضحك يؾ إلى الش رب الص في كىي ي جيا... ففي بسمات الكأس بسمػةي نكر ي ر كجػكد الر كح ىذك ي ب ى نمػي ر عػػ ذاب شيي ػا ي ت الت حػس ػيكأن مػػا... س ار ي ركر ي مصعدا هت إلى الح مى...حمى اهلل مضػكا ي ء كفيض ىذ فك ي ؽ المعاني كتسي بنية المغة بيذه الصيغ المشتقة في اإليحاء بالمعاني السابقة كبحاؿ الشاعر المنشرحة في خكض غمار تجربة متفردة تتكاشج فييا المغة كالشعكر كيبدك ذلؾ كاضحا في مقطع ثاف مف القصيدة حيث تتجاكر الدكاؿ اآلتية: رحيقيا/ قطي ارت مجدكد )45( /قرير/السعادات/طير/بنت الحكر..يقكؿ الشاعر : ى مجػ ي دكد الحيػاة قرير حياتؾ ض ال ت فخػذ مف رحيقيا...قطيػ ارت فثى الس عػادا ي ت التي لػف تناليا...بأسيػاؿ دنيػا أك ر ى ؤل ل ى حس يػر
كلػك م س المم ي ح صرعى شركر ىا...بغي ا ألض ى حػت ى طيي ػر بنت ال ي حك ر تمثؿ)الخمر(المكصكفة ىا ىنا قمة السركر كمنتيى السعادة التي ال تدانييا )46( سعادة أك سركر في األرض يقكؿ الشاعر : ي ر األرض جد ى حق ير كأف ى الس ركر المجت ىى نى مف ش اربيا... إليو سػرك كىي خمرة تبعث الط مأنينة كالكداعة كاألمف كالرضا كال يخشىى مف غكليا يشير الشاعر إلى كؿ ذلؾ مف خالؿ أساليب إنشائية دالة مف استفيا كنداء خرجا عف )47( غرضيما األساس إلى التعجب مف حقيقة الخمرة كآثارىا المتعمقة بالتقكل كاإليماف : ي يا لمدنى التي... فأم كئػكس غكلػ ي ركع بؤسػاىا كأم خمػكر.. تػ ى ا عج ن با ك مف طمأنينوة بيا... كداعػةي إيمػا وف كأمػ ي ف قىػريػر.. كيػ شرب الشاعر المتصكؼ الغريب مف الكؤكس المحفكفة باألمف كاليدل بعد ما شعر بأف حياتو قطعت شكطا مجفمة عف اهلل بعيدة عف المنيج كيتكس ؿ إلى تمؾ الخمكر المتناىية الص فاء كالكماؿ أف تعيده إلى اهلل كقد طافت بو سحابة ضالؿ حارقة كبأف تغتاؿ الص حك ال ازئؼ كترده إلى عال الحب كالص فاء يقكؿ الش اعر في القصيدة )48( الثانية)الخمرة اإلليية) 2 (( : ى ي يغػ ي زكىا عػف اهلل غريبػا أرل نفسي فأجف يؿ إذ ىكت...حيات بعػ ي دىا ي رب كئكوسحف ػيا األم ي ف كالي يى دل...شرب ي ت ف ى ما أس ى مى ال ذ يرد مج ي دىا ك خمكر تناىى في الكمػاؿ صفا ي ؤىا...نفى الس ك ى ء معناىا إذا اشت ير شي ي دىا )49( إنيا الخمرة التي تنضح كأسيا بفيض الحث كبالجد يقكؿ الغ ازلي : ففي الكأس في ي ض الحؽ كالجد كم ما...طغى مف جحي الن اس يجتاح نك ي دىا كقد تأخذ)خمر( الش اعر بعض صفات الخمر الدنيكي ة حيف يصفيا بأنيا معت قة اآلماد كينغمس بعد ذلؾ في خمرة الص فاء الط اىرة الطي بة الزكية الر حيؽ المباركة بنكر اهلل فيذكر ذلؾ مستخدما صيغ النداء المعب رة أسمكبي ا عف التكت ر الر كحي الممحكظ فالش اعر يتعامؿ مع الر مز "ليس مف أجؿ الرمز ذاتو..كلكف لكي يصؿ بنا إلى أقصى )51( )50( نقطة مف التكت ر الر كحي المرتجى." فيخاطب خمرتو كىك الطريد بالقكؿ : ي ال جا ى د رف ي دىا أعيدم طري ى د القيرب يػا خم ي ر إن ني...ييػػك ي ف لدم المنػع 29
إليو 11 لقد تعامؿ الغ ازلي في تجربتو الش عرية الصكفية مع)الخمر(كمكضكعة)تيمة(أساسية شكمت بؤرة تمحكرت حكليا تجارب الشع ارء الص كفية مف قبؿ فالػ)الخمر(ىي"آخر ما يمجأ الص كفي في تجربتو الص كفية بعد مكضكعة )الغزؿ( كمكضكعة)الط مؿ( كمكضكعة)الرحمة( كمكضكعة)الحنيف( ذلؾ ألف جؿ المكضكعات تعب ر عف م ارحؿ الغياب بينما تكاد تككف مكضكعة الخمر كحدىا ىي ال تي يعب ر بيا المتصكفة عف مرحمة الحضكر كما كاف الص كفي أف يمجأ إلى ىذه المكضكعة في صفتيا المادي ة الممقكتة كالمحر مة شرعا لك ل يجد في الت عبير بيا معادال مكضكعيا لحاؿ مف أحكاؿ الص كفية )52( العالية إف ل نقؿ أكمميا كأعالىا عمى اإلطالؽ.". بعد ذلؾ يتحك ؿ الغ ازلي في القصيدة الثالثة)الخمرة اإلليية) 3 (( إلى حالة مف الكج د الص كفي شبو الكامؿ ممتزما طريقا كسطا ألن و"ظؿ ممسكا بحبؿ الكسطي ة الص كفية ل ي غؿ في معنى كل يتطر ؼ في تعبير كان ما ىك بالقد ر الذم يعب مف خمر نشكة الر كح بقد ر ما تنكشؼ لو أس ارر لمككف كانت خافية عميو منيعة في الكصكؿ )53( إلييا." يقكؿ : )غكليا( كفي الكأ س رم لمصداة إلى اليدل... تثػيػر حيػاة ن لػف يغم ب كأ ي دىا مشاعر مغمكوؿ طكل الكك ى ف حس و... كدنيا شبػاب ليس ينفػؾ قي ي دىا معتقػػةي اآلمػػػاد فيػي قػػديمػةه... مع اهلل ما أزكى كقد طاب خمدىا لو المجػي د جب ػا ار إذا كػاف بؤ ي سيا...لو المجػ ي د رحمانػا إذا كاف سعي دىا سكبت عمى كؿ الحيػػاة مالمحا... تمػكح بنػػكر اهلل إذ كػاف فر ي دىا كم مػػػػػا زد ت احتسػػػا ن ء ازدنػي... طي ي ب ري ػاىػانفاسػا و ت كدي ى عػ و كحبتنػي كشػػػػ ى ؼ أسػػػػػ ارر لدل... خافيا وت الكػكف تمقػاىا من ي ى عػو ي جرعةي اإلليػػػػام كالقػػػػرب كمػا... في جالؿ اهلل مف ي حس ى نى ى بد ي ى عػو كشعاعاليدل فياألككاب مف... خامرت و كمضػةي الم مح ى سر ي ى عػ و اغتػ ى دل نشكا ى ف ال يم كم عمى... ى بي ى جػوةكػاآلؿ كضػا ن حا بق ي ى عػو كيجد الشاعر في)الخمر( منطمقا يكفؿ لو العزكؼ عف الشركر كيجد ك ارء )54( مسعدات مف المعاني كمع ارجا تتحقؽ فيو لذة الركح يقكؿ :
فيػؾ يا خمر انطالقي عػازفا...عف شػركر خف ػت الدنيػا صري ى ع و ي مذي ى عو ي مسع ى دات مف معػانيػيا ال غك يؿ الظ اىر المز ر يفي... أيف ى ا ى نحك... أكطػػػا وف نػػأت عن ػػيا ى سم ي ى عو ى م ع ر اج ي لػذ ة ي الر كح في شػكؽ ي نزك ى عو فيي ال تألك طػالبا نحكىا... أبػدا تي ت ي ؼ فػي ي ر ة الن فس الصد ي ى عو يا جما ىؿ الكػأ سفي رق ارقيا... ىدأتي في قػ 10 ى و كانصػ ار ه ل ػقييػكود أيح ك ى مػت... ذلػةي اليػػكف كدنيػػاه الفظ يعػ لقد ارتفى الش اعر المتصكؼ في تجربتو الركحية إلى مستكل سامؽ مف الرؤيا كاإلبداع كالفف فػ"تحد ل بغير قصد منو شع ارء المتصكفة الخمرييف معنى كمبنى كحس ا كجرسا كفناء ككجدا كتحري ار كتعبي ار اللت ازمو بالكسطية الص كفية كانص ارفو عف العربدة )55( كالغمك." يقكؿ في القصيدة ال اربعة)الخمرة اإلليية) 4 (( )56( : )57( يقكؿ : ىا أن ى سا ى ما أحس ا...فمػف ير ى ضى م ى ف األك فػؤادم ما كعػػػ ى أك ى داه ي...كلػك شئنا ألىد رك ػ ى نػػاه ي لىم ى سا صميػ الحؽ باعدنا مػ ى ي ى ما يبغػي ىشيي ا...جنػاه مف ط ىال الر حمف كأ ى سا ي ر ج ى نى المخمك ي مك إليو طا ى ب ى نف ى سا جػكا ه ر حؼ عمييػا كؿ ىشيء...فمف يس كقد كجد الشاعر في)سمسبيؿ الخمر(ما يطفئ نار ظمئو كما يممؤ كؿ حكاسو تفج ػػر سمسبيػ يؿ ال ى خم ػر ر ي ػا... لظمػآ وف صػد م ى مػا تحػس ى يبدك مف خالؿ سياقات القصائد األربعة أف )الخم ر(ترد بكصفيا عالمة لسانية يؤشر مدلكليا عمى)المحبة اإلليية( أك)كمنتيى الحب اإلليي( ك)منتيى الحضكر( الذم يطمح إليو الش اعر المتصكؼ باعتبار الخم ر "آخر ما ينتيي إليو الحب اإلليي فإذا كانت مثال المككنات األساسي ة لمكضكعة الطمؿ كالتشبيب كالن سيب كالرحمة كالحنيف تتألؼ مف مككنيف أساسيف ىما: )محب/محبكب( فإف مكضكعة الخمر ىي األخرل تتألؼ مف مككنيف أساسييف كلكنيما ىما: )محب /محب ة( كاذا كانت العالقة في تمؾ المكضكعات ىي عالقات غياب كانفصاؿ فإن يا في ىذه المكضكعة األخيرة ىي عالقة )58( حضكر كاتصاؿ كنشكة الحضكر كاالت صاؿ ىي المحبة ذاتيا." كما أف )الخمر(
في سياقات المذككرة سابقا تعد "بديال رمزيا مناسبا بسبب تشابو كؿ مف آثارىا كآثار )59( الس كر الصكفي." كقد كظ فيا الشاعر بكؿ ما يتصؿ بمعجميا الخمرم لمت عبير عف مكاجده الص كفية منطمقا في ذلؾ مف رؤية إسالمية كاضحة صحيحة إنو أسس لالعتداؿ في الت عبير بالر مز الص كفي أك كما نعتيو أحد الباحثيف بالكسطي ة الص كفية. إف الغ ازلي-رحمو اهلل- شاعر صكفي متمي ز كما تصك ره كتقد مو لغة القصائد األربعة المشار إلييا حيث تمك ف مف تكظيؼ المعج الم غكم الص كفي الخمرم خاص ة ن ا كصكر كاصفا أحكالو كمعب ار عف مكاجده كأشكاقو كمعاناتو في أتكف مفردات كت اركيب تجربة شعري ة صكفي ة مذىمة. لقد كاف ىذا المعج بمفرداتو الرئيسة كما يدكر في فمكيا كما نشأ بينيا مف عالقات بنية حاضرة كفاعمة كمييمنة في القصيدة الغ ازلي ة كفي إنتاج دالالتيا الخصبة لكنيا بينة ال تنفرط عف نظا الرؤية الناظمة لكؿ عناصر التجربة الشعرية. 12 يت ضح مف خالؿ تجربة الغ ازلي الص كفية الشعري ة أف الت كحيد الخالص مف كؿ شكائب التصك ؼ قد مث ؿ أس الرؤية اإلسالمي ة التي تكجو الت جربة الشعري ة تمؾ الر ؤية المتحر رة مف الزماف كالمكاف كالتي "تمتمؾ-دائما- قدرتيا عمى تجاكز حكاجز الزمف كالمكاف..عمى االنطالؽ بشفافية نادرة لكي تحضف كؿ قيمة نبيمة..كؿ شيء جميؿ..كؿ كائف تبدعو إ اردة اهلل فيعاله..لكي تككف بحج الطبيعة كالعال كالككف..كما كانت ىناؾ بحج الزمف الذم ال يكؼ عمى الدك ارف..عف تعاقب الميؿ كالنيار.. الزمف الذم تضيع فيو كتتالشى حكاجز الماضي كالحاضر كالمستقبؿ..ألف الذم يبقى في العال ليس الماضي أك الحاضر أك المستقبؿ..ليس ىذا المكاف أك ذاؾ.. كال ىذه البيئة المحدكدة أك تمؾ.. كلكنو اإلنساف المؤمف الس عيد المكصكؿ الكشائج باهلل سبحانو خالؽ الزمف كالمكاف..المسم المتجذر كالش جرة الطيبة في أرضية الككف كالممتدة غصكنو ذات الثمار )60( في الس ماكات تكر عميو الدىكر كىك ىك..." إنيا رؤية تنفي في ىذا المضمار القكؿ بكحدة الكجكد كباالت حاد كالحمكؿ كالفناء إنيا رؤية رب انية تستمد مف الكتاب كالسن ة كالغ ازلي مثالو في ذلؾ مثاؿ مف تصكؼ ك ارقب تصكفو بالسن ة كالفقو فحافظ عمى ىيبة السن ة كحق ؽ نشكة التصك ؼ في الكقت نفسو لقد كانت شخصية المتصكؼ ىي ذاتيا
شخصية الفقيو الذم يزف تصكفو بمكازيف الشرع كيمج المكاجد بالنص كييذ ب األشكاؽ باألحكا لكي ال يشكبيا شائب كلنا أكضح مثاؿ في ذلؾ الحسف البصرم فيك شخصية امتزج في تككينيا خكؼ الفقيو كمحبة الص كفي كتآلؼ فييا كرع العابد كزىد المتصكؼ )61( كتضايؼ عندىا العمؿ بالطاعات كالعبادات كاألخذ بالمجاىدات كالرياضات الر كحية. خاتمة: كيمكف التأكيد مف خالؿ ما سبؽ عمى النتائج اآلتية: 11 - مف األنساؽ إف الر مز الص كفي في المتف الش عرم اإلسالمي قد تجم ى مف خالؿ مجمكعة الجزئية كالكمية منيا ما تمحكر حكؿ الر مز الخمرم ممثال في الخمر كما لو عالقة بيا كمنيا ما دار في فمؾ الرمز األنثكم ممث ال في الم أرة كما لو صمة بيا كمنيا ما ارتبط بالر مكز المغكية المختمفة التي تؤدم دالالت صكفي ة كمنيا ما تركز حكؿ استدعاء الش خصيات الصكفية كمف ث فقد تكزع عمى أربعة تمظ ارت أك مظاىر أسمكبية كتعبيري ة. - - إف شعر الغ ازلي في القصائد المكقكؼ عمييا قد مثؿ التمظير األكؿ لتجمي الر مز الص كفي في الش عر اإلسالمي مف خالؿ الت عبير بكاسطة)الخمر( كاستعماؿ المعج الخمرم بكؿ مفرداتو فرمز)الخمرة( يعد ا رمز مكازيا في دالالتو لرمز )الم أرة( كالرم ازف معا يشكالف مكضكع المحبة اإلليية شع ار فالمحبة اإلليية ىي مكضكع اإلسكار كىي البديؿ الخمرم الذم يسبب النشكة كالفرح الركحييف. إف الت كحيد الخالص مف كؿ ما شاب التصك ؼ مف شطح كتطرؼ كزيغ كضالؿ-تجربة كتعبي ار- - الرؤية المتحررة مف الزماف كالمكاف. قد مثؿ أساس الرؤية اإلسالمي ة التي تكجو الت جربة الشعرية تمؾ إف الشعر اإلسالمي يحرص عمى التكاصؿ مع المتمقي بكصفو أدبا رساليا كليس معنى ذلؾ أف يقصد الشاعر إلى المباشرة كالتقريرية فإف ذلؾ ال يمز الشاعر بالكضكح في الرمز أك استعماؿ الرمز الكاضح فمف طبيعة األداء الفني اإليحاء ال الت صريح فالغمكض الشفاؼ في الرمز يمنح المتمقي فرصة المشاركة في إنتاج الداللة أثناء الق ارءة المتميزة المتفاعمة الكاشفة كالمتأممة لمنص. كاف لمس القارئ بعض الغمكض
في الر مز الصكفي فذلؾ مرجعو الت جربة الص كفية في حد ذاتيا التي ال تتضح بالقدر الكافي كال يمكف الت عبير عنيا بكضكح مماثؿ. - إف الش عر اإلسالمي يتجنب في تناصاتو العبا ارت التي ال تنسج كعقيدتو كما ال يفرط في تكظيؼ الرمز األسطكرم كىكذا يتبيف أنو بمقدكر الشاعر اإلسالمي أف يكظؼ أم رمز أسطكرم بشرط أف يضعو في سياؽ ال يتعارض مع التصك ر اإلسالمي الذم ينطمؽ منو ىذا التصكر المتفرد الذم يتس بالتكحيد كالربانية كالكاقعية كبالتكازف كغيرىا مف الخصائص التي تشكؿ القاعدة ال ارسخة كالتماسؾ الصمب لمكقفو الفني كاألدبي فالتصكر اإلسالمي ال يطمؽ العناف لمتصكر غير اإلسالمي الذم يعمد إلى تكظيؼ رمكز كثنيات الش عكب كأساطيرىا المنحرفة. - لقد تمي ز الرمز الص كفي عبر تجمياتو المختمفة في المتف الغ ازلي بأداء داللتو الش عرية في بنية القصيدة كبالنيكض بجماليتو في التجربة كالتعبير عف قيمتو كعنصر داؿ شعريا إلى جانب العناصر المغكية كالفكرية كالشعكرية تمؾ العناصر التي تنصير في بكتقة الذات كتأخذ عبر المعاناة الركحية كالكجد الصكفي شكميا الشعرم المالئ اربح بف خكية: مقالة في األدب اإلسالمي البدر الساطع لمنشر كالتكزيع الج ازئر ط: 1.2012 -محمد الغ ازل ي السقا) 1917-1996 (: مفكر ككاتب كأديب كداعية إس المي مكلده كنشأتو بمحافظة البحيرة بجميكرية مصر العربية التحؽ بعد تحصمو عمى الكفاءة كالثانكية التحؽ بكمية أصكؿ الديف بجامعة األزىر 1937 تحصؿ عمى درجة التخصص في التدريس سنة 1943 مف كمية المغة العربية قد ما يزيد عمى خمسيف كتا ن با تمثؿ مشرك ن عا فكريا متكامال يكاجو أبر ز التحديات التي تكاجو نيضة األمة منيا: اإلسال كاألكضاع االقتصادية 1948 كاإلسال في كجو الزحؼ األحمر كاإلسال المفترل عميو بيف الشيكعييف كال أرسمالييف كخمؽ المسم كعقيدة المسم كجدد حياتؾ كفقو السيرة كمف معال الحؽ كيؼ نفي اإلسال كالسنة النبكية بيف أىؿ الفقو كأىؿ الحديث كفي مجاؿ األدب أصدر ديكانو الشعرم: الحياة األكلى في طبعتو األكلى 1936 عف المطبعة اإلسالمية باإلسكندرية. كصدر عف دار الشركؽ في سنة 1998 كصدر بالج ازئر عف دار اليدل بعنكاف ديكاف محمد الغ ازلي سنة 1999 11