حم ل تقرير لجنة فينوغراد عن إخفاقات حرب تموز مسؤولية الفشل الذريع في الحرب لكل من رئيس الحكومة االسرائيلية إيھود أولمرت ووزير الدفاع عمير بيريتس ورئيس األركان دان حالوتس. وتطرق التقرير بالتفصيل إلى قرار شن الحرب عبر ثالث نقاط ھي: مضمون القرار وآلية اتخاذه والمسؤوليات الشخصية المترتبة على صانعيه في ضوء نتائجه. ويقع التقرير المرحلي للجنة فينوغراد في 171 صفحة موزعة على ثالثة أبواب رئيسية تتألف بمجملھا من ثمانية فصول إضافة إلى ملحقين اثنين. الباب األول ھو باب عام يضم ثالثة فصول الفصل األول عبارة عن مقدمة تناولت عدة بنود ع نيت بالحديث عن خلفية تشكيل اللجنة تعيينھا وصالحياتھا ونظام تقديم خالصاتھا والمواضيع التي بحثتھا والتقرير الجزئي وعالنية المداوالت ونشر الشھادات والتوجه إلى الجمھور والشھود والمواد المكتوبة إضافة إلى تغيير اسم المعركة ليصبح «حرب لبنان الثانية». والفصل الثاني جاء تحت عنوان «مبادئ مسؤولية: معطيات خالصات توصيات» وفيه محوران اثنان األول عبارة عن افتتاحية فيما ركز الثاني على اللجنة وطبيعة خالصاتھا. أما الفصل الثالث فتطرق حصرا إلى قواعد العدل الطبيعي. الباب الثاني جاء تحت عنوان «ما قبل المعركة» وھو يتضمن فصال واحدا ھو الفصل الرابع تحت عنوان: «أحداث وصيرورات منذ خروج الجيش اإلسرائيلي من لبنان وحتى 11 تموز 2006». الباب الثالث تضمن سائر الفصول وھو تحت عنوان «بداية المعركة 12 تموز حتى 17 اب 2006». أ.مقدمةعامة 1. إن المبادرة إلى عملية عسكرية واسعة النطاق يمكن أن تتطور إلى حرب ھذا قرار يجب اتخاذه بتفكير معم ق وبمسؤولية وبحذر خاص. ويتأكد ذلك في ضوء الظروف التي أحاطت بالقرار موضع البحث: تعقيدات الساحة اللبنانية وحقيقة انتھاج سياسة ضبط النفس واالحتواء لفترة مطولة في مقابل تحرشات قاسية ومتكررة من جانب حزب وحقيقة عدم وجود رد مناسب لحماية الجبھة الداخلية من الصواريخ وحقيقة أن الحكومة في إسرائيل كانت جديدة ولم يكن لرؤسائھا خبرة أو معرفة ودراية واسعة في مجاالت السياسة األمنية وتفعيل الجيش والعالقات الخارجية للدولة. 2.... إنھا المرة األولى في تاريخ إسرائيل التي يخضع فيھا للفحص الرسمي المنفرد قرار اتضح الحقا أنه قرار خروج إلى الحرب. ورغم أھمية فحص األسئلة الكثيرة المتعلقة بإدارة الحرب في لبنان إال أن قرار الخروج إليھا يستأھل فحصا دقيقا ومنفردا. وحتى في الفترة األولى من المھم التمييز بين القرار األولي وبداية تنفيذ العملية في 12 تموز وبين القرارات في األيام التي تلت. إن قرار 12 تموز كان قرارا تأسيسيا ألن إسرائيل كانت قبله أمام جملة احتماالت من بينھا احتمال االمتناع عن رد عسكري واسع وفوري ضمن إطار سياسة االحتواء. في 12 تموز تم التخلي عن ھذا االحتمال وقرارات إسرائيل الحقا اشتقت إلى حد كبير من الضرورات التي أوجدتھا التطورات العسكرية والسياسية التي اتخذت في ذلك اليوم. 3. إن فحص طابع أداء المستويات كافة في ھذه الفترة أفضى إلى وجود إخفاقات وأخطاء خطيرة وبارزة. الكثير من المسؤولين وجھات مختلفة أسھموا على مدى سنوات في تول د اإلخفاقات واألخطاء التي وجدناھا في قرارات الخروج إلى الحرب وفي طريقة اتخاذھا... من المھم التذكير بأنه في الفترة التي نتحدث عنھا ھنا.. حظيت خطوات الحكومة الخاضعة للفحص بدعم واسع جدا وسط معظم شرائح الجمھور اإلسرائيلي. 4.... توصلنا إلى استنتاج أنه ال يمكن تقدير المسارات المتصلة بقرارات الخروج إلى الحرب بشكل كامل من دون التطرق بشكل مفصل للمساھة الشخصية والوزارية أو القيادية ألولئك الذين قادوا ھذه القرارات من جانب الساسة والعسكر والذين كانت مساھمتھم في ھذه القرارات حاسمة. ھؤالء األشخاص ھم: رئيس الحكومة إيھود أولمرت وزير الدفاع عامير بيرتس ورئيس األركان المستقيل دان حالوتس. إننا نقرر أن الثالثة كان لديھم إسھام شخصي حاسم في القرارات المتصلة بالخروج إلى الحرب وبطريقة اتخاذھا ولذلك فإنھم مسؤولون عن اإلخفاقات واألخطاء كما عن اإلنجازات التي انطوت عليھا.
8.... إن الطريقة التي خرجت بھا إسرائيل إلى الحرب ليست مقبولة وال يجوز أن تتكرر ويجب السعي إلى إصالحھا بأسرع فرصة. إن المسؤولية األساسية لذلك ملقاة على عاتق رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس األركان في خالل فترة الحرب. 9.... لم يكن ھذا الفحص ليحصل لوال وجود شعور واسع وسط الجمھور بأن إخفاقات كثيرة ومھمة تكش فت خالل الحرب في لبنان وأن من الضروري تشخيصھا وإصالحھا. تنبغي اإلشارة إلى أن ھذا الشعور تطور وسط معظم الجمھور فقط بعد مرور الفترة الخاضعة للفحص. 11. األخطاء األساسية في القرارات التي أدت إلى اندالع الحرب ھي : في أعقاب عملية الخطف بادرت الحكومة فورا إلى عملية عسكرية واسعة تدھورت نحو حرب. العملية لم ترتكز على خطة معدة مسبقا ولم تتضمن تشخيصا لألھداف الممكن تحقيقھا والسبل المناسبة لذلك وال آليات تحكم بحجم العملية تستند إلى معرفة عميقة بساحة العمليات وبالقوات الفاعلة فيھا. القرار اتخذ من دون إجراء فحص جدي لجھوزية الجيش ومن دون دراسة حذرة للسيناريوھات المحتملة لتطور الحرب. كما لم يتضمن تطرقا لسبل إنھاء العملية العسكرية أو جداول زمنية للعملية ومراحلھا. وقد تم اإلعالن عن أھداف لم تكن قابلة للتحقيق وتول د االنطباع بأن القتال سيستمر حتى تحقيقھا. رغم تبيان أن النتيجة المتوقعة للعملية ستكون إطالق نار كثيفا ومتواصال من جانب حزب باتجاه العمق اإلسرائيلي لم يجر فحص معم ق لما يستوجبه ذلك في ما يتصل بمخطط العملية ومداھا الزمني أو فرص نجاحھا. 12. اإلخفاقات واألخطاء الرئيسة في عملية صناعة القرارات ھي : لم تحصل في المستوى العسكري أو السياسي أو بينھما في أي من مراحل فترة الحرب أي نقاشات معمقة وشاملة في شأن مخطط العملية وأھدافھا وسبل تحقيقھا. نقاشات كھذه تكتسي أھمية خاصة عندما ال يكون لدى القادة السياسيين صانعي القرارات خبرة ومعرفة في تفعيل القوة العسكرية وفي القرارات السياسية واألمنية الحاسمة وفي إدارة الحروب المعقدة والمركبة وفي الساحة الخاصة التي نتحدث عنھا (لبنان). إن انعدام ھذه النقاشات أدى إلى أن تكون القرارات التي اتخذت مفتقرة إلى األسس المطلوبة وأال تتضمن ردا كافيا للحاجات التي تكش فت... 13. إن ھذه المسارات حيوية من أجل التطبيق السليم للعالقات الديناميكية بين المستويين السياسي والعسكري.على الجيش أن يعد الخطط لسيناريوھات التھديدات العامة وعندما تحصل أزمة يعطي المستوى السياسي توجيھاته بشأن وجھة العمل وعلى الجيش ان يعرض الخطط ذات الصلة ويقدم توصياته فيما ينبغي للمستوى السياسي فحص ھذه الخطط من أجل التأكد من مالءمتھا لألھداف التي حددھا والمصادقة عليھا. في المراحل األولى من حرب لبنان الثانية لم تلب العملية العسكرية بشكل واضح ھذه الشروط األساسية. 14. تقع على رئيس الحكومة المسؤولية العليا للحرب وما يقترن بھا وذلك ألن صالحيات شخصية كثيرة تتركز في يده فضال عن معظم الصالحيات المتصلة بإدارة الحكومة وتحديد جدول أعمالھا. لقد قام رئيس الحكومة باتخاذ وإدارة وقيادة القرارات المتصلة بالخروج إلى الحرب والنقاشات المتعلقة بھا وكذلك النشاط الدولي. إننا نجد في رئيس الحكومة مسؤوال على المستوى الشخصي والوزاري عن األخطاء في القرارات التي اتخذت واألخطاء في عملية اتخاذھا. لقد بلور رئيس الحكومة موقفه من دون أن ت قدم إليه خطة مفصلة ومن دون أن يطلب تقديمھا ولذلك لم يكن بإمكانه تشريح تفاصيلھا والمصادقة عليھا. إضافة إلى ذلك ھو لم يطلب بدائل حقيقية لتقديراته ولم يبد التشكيك المناسب في مواقف الجيش. وقد فشل في ھذا. كما أن رئيس الحكومة فشل أيضا لجھة تبني الحكومة التي يرأسھا لھذه القرارات ولجھة أن أسھم في ھذا األمر بشكل مباشر ورئيسي ولجھة أنه لم يتصرف بطريقة تسھم في مالءمة القرارات للظروف ولجھة أنه أعلن بنفسه أھدافا غير قابلة للتحقيق وأن القتال سيستمر حتى تحقيقھا. وعليه لم يتصرف رئيس الحكومة بمستوى الجودة الضروري للمبادرة إلى حرب بدراسة ومسؤولية وانطالقا من رؤية استراتيجية. 15. يؤدي وزير الدفاع دورا خاصا في القيادة السياسية األمنية... إال أن الوزير عامير بيرتس أ لقي داخل الحرب بعد شھرين من وجوده في المنصب ومن دون خبرة سياسية أمنية أو وزارية. وقد أدى انعدام الخبرة والمعرفة لديه إلى فشله في أداء مجمل وظائفه. فوزير الدفاع في الفترة المذكورة لم يطلب ولم يفحص خطط الجيش ولم يتأكد من جھوزيته واستعداداته ولم
يفحص برؤية شاملة التناسبية بين سبل العمل التي اقترحت وأقرت وبين األھداف التي ح ددت. كما أن وزير الدفاع لم يبادر إلى دراسة المسائل الواسعة المتعلقة بالحرب بشكل مستقل. ولم يسع وزير الدفاع بشكل كاف إلى استكمال نقص الخبرة والمعرفة لديه ولم يعمل انطالقا من رؤية استراتيجية للمنظومات التي يشرف عليھا. ولذلك فإن شغله منصب وزير الدفاع خالل الحرب أد ى إلى إضعاف قدرات الحكومة في مواجھة تحديات الحرب. 16. رئيس األركان دان حالوتس كان قائد الجيش وكان مسؤوال من الناحية القيادية عن جھوزيته وأدائه... رئيس األركان ھو الضلع الثالث في القيادة السياسية العسكرية في إسرائيل... ورغم إدراكه الكبير جدا لكون عملية الخطف في الشمال ھي مسألة وقت فإن الجيش تحت إمرته (كما قبله) لم يكن يملك خطة محدثة ومقرة وتتعلق بتصعيد مبادر إليه على الساحة اللبنانية. لقد فشل رئيس األركان بكثير من المعاني التي أدت إلى أخطاء في القرارات وفي طريقة اتخاذھا.... في الخالصة لقد فشل رئيس األركان ألنه لم يكن مستعدا وجاھزا للحدث المتوقع وألنه لم يضع المستوى السياسي في صورة تعقيدات الساحة وألنه لم يقدم إليه المعلومات والتقديرات والخطط التي كانت في مراحل اإلعداد واإلقرار داخل الجيش والتي كانت ستتيح مواجھة أفضل للتحديات. وتزداد مسؤولية رئيس األركان حدة في ضوء علمه أن رئيس الحكومة ووزير الدفاع كانا يفتقران إلى الخبرة والتجربة الكافيتين في المواضيع ذات الصلة وفي ضوء توليده االنطباع لديھما بأن الجيش مستعد وجاھز ولديه خطط لوضع كھذا. ب. تقديرالقرارات المتعلقة بالخروج للحرب 19. لقد مث لت الساحة اللبنانية تحديا خاصا لدولة اسرائيل وفي داخلھا مث ل حزب خالصة التحدي لكونه منظمة أشبه بدولة يتحرك وفقا اليديولوجيا جھادية معادية إلسرائيل بشكل واضح وھو مجھز ومدرب وممول من جانب إيران وسوريا ويرابط على الحدود في نقاط مراقبة قريبة للجيش االسرائيلي. ومع مرور السنوات أوجد حزب ضمن إطار استعداده لمواجھة عسكرية متوقعة مع اسرائيل منظومة ھجومية ودفاعية معقدة ومنظمة مخصصة لمواجھة التفوق العسكري البارز للجيش االسرائيلي وكذلك قيوده. وترتكز ھذه المنظومة على صواريخ أرض أرض ألھداف ردعية وھجومية كان من المفترض أن تغطي الجبھة الداخلية في الشمال وإثقال الوضع المعيشي في أجزاء بارزة منھا الى حد الشلل. منظومة الصواريخ ھذه وخاصة ما كان منھا منشورا في جنوبي الليطاني «اللب العملياتي» كانت محصنة بشكل جيد وبشكل مك ن الحزب من الدفاع الفعال في مواجھة النيران المضادة الى حد أن التقدير السائد في الجيش االسرائيلي كان أنه ليست ھناك طريقة عسكرية إليقاف او تقليص صواريخ الكاتيوشا بشكل نوعي إال عبر السيطرة البرية على مناطق إطالق الصواريخ نفسھا. 20. ھذه المزايا االساسية وغيرھا مثل انتشار حزب على الحدود أوجدت وضعا منح حزب الى حد كبير قدرة على التحكم بتوقيت المبادرة إلى حادثة على شاكلة عملية الخطف التي نفذھا. ومجموع ھذه المزايا وأمور اخرى كانت أساسية لمواصلة سياسة االحتواء واعتماد وسائل سياسية لتجريد حزب من سالحه او على األقل سحبه عن الحدود بھدف تقليل تھديد تنفيذ عملية الخطف أو أي عملية مؤلمة أخرى. 21. كل قرار بالخروج إلى عملية عسكرية شديدة واسعة ضد حزب كان ينبغي وفق ما تقدم أن يأخذ بالحسبان ايضا ما كان معروفا جيدا في الجيش عن جھوزية حزب ونھجه العمالني ومالءمة العملية المقترحة مع ذلك. في الواقع التوقع كان ھو أن أي رد اسرائيلي شديد على عملية الخطف سيؤدي الى اطالق الصواريخ الى الجبھة الداخلية. لذلك كان من المفترض أن يضم التوجه لتنفيذ عملية عسكرية نوعية مواجھة إطالق الصواريخ ونتائجھا سواء على المستوى العسكري أو على المستوى المدني أو السياسي. إعداد خطط عسكرية كھذه واستعداد صحيح للجبھة الداخلية ھما قضيتان يمكن أن تأخذا وقتا طويال وتتطلبا تفكيرا وموازنات وعملية متواصلة ومتعددة الطبقات. كان ينبغي ان يكون لھذه القضايا اعتبار ھام في الجھوزية ولم ت قدم كما ينبغي من اجل اطالع المستوى السياسي عليھا وأن ت عطى وزنا كافيا في القرارات التي اتخذت. 22. كان من المفترض ان يكون من ضمن خطة عمالنية عسكرية كاملة دراية ومعرفة بالساحة اللبنانية بتعقيداتھا الكثيرة وتحديد بدائل العملية العسكرية المترتبة عليھا والمتاحة. وبما ان تھديد الخطف كان واقعيا ودائما وحزب عمل بوضوح للخطف في االشھر األخيرة كان من المالئم ان يعطي الجيش األولوية إلعداد خطة مبلورة لمواجھة وضع كھذا تكون م حدثة ومصادقا عليھا ومنسقة وأ جريت عليھا مناورات. لو كانت ھناك خطة كھذه في 12 تموز لكان على الجيش أن يقدمھا ويقدم بدائلھا وفرضياتھا االساسية ومزاياھا وقيودھا أمام المستوى السياسي وإجراء نقاش معمق على ھذا األساس في شأن االساليب المثلى للعملية االسرائيلية. 23. لم يقدم أمام المستوى السياسي توصية من ھذا النوع التام بھدف النقاش واتخاذ القرارات. ولكنھم في الجيش بلوروا
خططا عمالنية لمواجھة حزب (ح د ثت بعد خروج السوريين من لبنان). غير ان ھذه الخطط لم يصادق عليھا رسميا رئيس االركان ولذلك لم ت ستخدم ايضا كأساس متفق عليه لإلعداد للحرب بما يتالءم. واالھم من ذلك لم يكن عدم وضع الخطط العمالنية في الجيش نتيجة إھمال عملياتي فقط بل كان ھناك على ما يبدو لدى الجيش ولدى المستوى السياسي امتناع عن اصل فكرة شن عملية برية واسعة في لبنان الى جانب اإلقرار بعدم وجود رد ناري مضاد على تھديد الصواريخ القصيرة المدى. لذلك لم ت عتبر الخطط التي تناولت عملية برية واسعة «ذات صلة». بينما كانت الخطط التي ركزت على ضربة نارية (وبشكل اساسي جوية) إشكالية بشكل جلي ألنھا حددت ان اسرائيل تفضل االمتناع عن تنفيذ عملية برية واسعة (حرب) من دون االشارة الى استخدام القوة النارية بشكل نوعي بطريقة تحول دون اطالق صواريخ الكاتيوشا من جانب حزب على الجبھة الداخلية التي لم يكن لدى الجيش رد عسكري فعال عليھا كان أيضا جزئيا باستثناء عملية برية واسعة مع كل مساوئھا وأخطارھا. 28... كانت ھناك قرارات عسكرية لم يجر ضمھا الى خطة عمالنية تشمل وترتكز على معرفة جيدة وخبرة وتحليل وخطة ورؤية استراتيجية شاملة وبعيدة المدى. اضف الى ذلك ان القرارات لم تكن مرتكزة على اطالع مع معرفة ودراية بالساحة اللبنانية. ومث ل كل ذلك فشال خطيرا. 29. جرت نقاشات حول االھداف وسبل تحقيقھا وتشخيص الجھات التي توجه ضدھا العملية العسكرية (حزب او الحكومة اللبنانية) واھداف الھجوم داخل الجيش وضمن اطار مشاورات المستوى السياسي والعسكري.. ولم نجد نقاشا منظما حول التناسب بين تحقيق االھداف وبين االساليب العسكرية او السياسية التي تقررت. وعندما اتضح بعد وقت قصير أنه ال تناسب بين االنجازات المؤملة واالساليب المصادق عليھا للعملية لم يثمر ھذا الفھم قرارا حول اجراء اعادة تقدير او تغيير في االھداف او في اساليب العملية العسكرية. ج.اليات صناعة القرارات على المستوى السياسي 43. لقد قررنا أن ھناك صلة وثيقة بين اإلخفاقات التي شخ صناھا في ماھية القرارات التي اتخذت في فترة الخروج إلى الحرب وبين آليات اتخاذھا. صحيح أن القرارات اتخذتھا الجھة المخولة القيام بذلك إال أنه لم تجر فيھا مراعاة القواعد والمبادئ التي من شأنھا أن تضمن نوعية القرارات والحفاظ على التوازن المناسب للرقابة واإلشراف على صانعيھا الرئيسيين. 48. إن النقاش داخل الحكومة وطريقة اتخاذ القرار... يثيران الخشية من أنه لم ت لب في ھذه الحالة الشروط التي تضمن أن قرارا من ھذا النوع يتخذه وزراء يعون بالكامل مضمون فعلھم. 52. لقد وجدنا أخطاء جدية وعميقة تنضم إلى الفشل الخطير في آليات صناعة القرار داخل المستويين السياسي والعسكري وبينھما. وبرأينا لقد أسھم ھذا الفشل جوھريا في األخطاء التي انطوت عليھا القرارات. 54. إن حقيقة أن العملية (العسكرية) لم ترتكز بتاتا على «خطة مسبقة» كاملة... تتصل بحقيقة أنه لم يكن يجر في أي ھيئة فحصناھا ال السياسية وال العسكرية وال بينھما نقاش منظم فحص خططا متبلورة وشخ ص من بينھا بدائل للرد ودرس إيجابياتھا وسلبياتھا بناء على دراية مسبقة وتوصل إلى توصية أو قرار حول مخطط أو قرار معين بناء على آلية منتظمة من التشاور والنقاش والدراسة والتقرير. وفي ھذا يكمن أيضا فشل خطير أسھم كثيرا في أخطاء الحرب ومس بإنجازاتھا جديا. 58. لم تطرح في الحكومة حقائق مھمة تتعلق بالساحة اللبنانية واستعدادات حزب. يمكن االفتراض أن عددا كبيرا من الوزراء لم يكن مطلعا على ھذه المميزات وعلى خصوصيات ھذه الساحة. معنى ذلك أنه لم ت عرض أمام الحكومة الصعوبات الكامنة في عملية عسكرية على الساحة اللبنانية. 61. يبدو أن الحكومة اتخذت فعليا القرار إال أنھا فعلت ذلك بصفتھا جسما سياسيا يعبر عن دعمه وتأييده لرئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس األركان. النتيجة المذھلة والخطيرة ھي أن القرار الجوھري والوحيد الذي اتخذته الحكومة اإلسرائيلية خالل فترة الخروج إلى الحرب كان دعم قرار الخروج إلى عملية عسكرية كان متوقعا أنھا ستؤدي إلى سقوط الصواريخ على الجبھة الداخلية ولم يكن واضحا كيف ستنتھي ومن دون معرفة حجمھا المخطط له أو أھدافھا وغاياتھا الفعلية وذلك بعد تبادل لآلراء دام ساعتين ونصف الساعة ومن دون نقاش فعلي ومن دون إعطاء إجابات كافية عن أسئلة جوھرية أثارھا وزراء ذوو خبرة سياسية وأمنية كبيرة.
62. إننا نرى في ھذا األمر فشال خطيرا. فقد اتخذت الحكومة مجتمعة وكل واحد من أعضائھا وبتسرع ومن دون أن تعرض أمامھم معطيات وتقديرات توضح معاني وتداعيات قرارھم قرارا بعملية عسكرية شديدة وفورية... إن الحكومة اإلسرائيلية وكل واحد من أعضائھا لم يعملوا انطالقا من التفكر والحذر والمسؤولية كماھومطلوب. على المستوى المھني (العسكري) 81. لم يكن واضحا منذ البداية ھدف العملية العسكرية المقترحة. حتى في نقاشات الجيش برزت ضبابية بين «جباية الثمن» وبين «تغيير المعادلة» اللبنانية... ھذه الضبابية استمرت طوال جزء من فترة الخروج للحرب. حتى أولئك الذين اقترحوا استعدادا لعملية برية أو تجنيدا محددا لالحتياط لم يطورا النقاش ولم يصر وا على رأيھم... لم ت ستق توصيات رئيس األركان من «نظرية منتظمة» قائمة لخطط عملياتية مقرة بل كانت مستعارة من عناصر معروفة من خطة «كاسحة الجليد» وخصوصا المتلعقة منھا بالھجوم الجوي مع تجاھل عناصر مھمة أخرى (مثل تجنيد االحتياط الواسع) أو الحذر في الضربة النارية األولى. 85. الخالصة أن أوجھا كثيرة في عمل المستوى العسكري كانت مصابة بالخلل. منھا عدم وجود خطط مقرة ونافذة تم التدرب عليھا في حال حصول تصعيد على الساحة اللبنانية وحقيقة عدم وجود الصورة المركبة للساحة اللبنانية داخل الجيش وعدم تقديمھا للمستوى السياسي وعدم حصول مداوالت منتظمة لدرس البدائل على خلفية المعرفة الموجودة وعدم تقديم بدائل كھذه للمستوى السياسي. ھذا الخلل الذي يصل حد الفشل قي د قدرة المستوى السياسي على اتخاذ قرارات صائبة. على مستوى العالقات بين الساسة والعسكر 95. يمكن التلخيص والقول إن الجيش كجھاز أركاني عمل في سياق العالقة مع المستوى السياسي انطالقا من درجة منخفضة من المبادرة فيما كان أساس الصلة مع ھذا المستوى محصورا... برئيس األركان نفسه. من جھة أخرى اعتمد المستوى السياسي إلى درجة كبيرة على تقديرات الجيش وتوصياته التي عرضھا رئيس األركان وكانت تعكس رأيه الشخصي رغم وجود خالفات داخل الجيش بشأنھا. 96. ھذا الوضع ليس مرغوبا فيه وقد أسھم جوھريا في اإلخفاقات واألخطاء بشأن الخروج إلى الحرب. وقد ارتكز ذلك على تصور خاطئ من جانب المستوى السياسي عموما ورئيس الحكومة خصوصا وعلى نزعة لدى ھذا المستوى إلى االعتماد أكثر من الالزم على المستوى العسكري وعلى رئيس األركان خصوصا... يبدو أنه كان لدى رئيس األركان... شعور بالتفوق والثقة بقوة الجيش وقدرته وخصوصا سالح الجو. د- مسؤولية صناع القرارات رئيس الحكومة 99....لقد وضع رئيس الحكومة نفسه على رأس الذين قرروا الخروج إلى الحرب والذين قادوا اإلجراءات العسكرية وقرروا كيفية إدارتھا عمليا وكان ھو من أدار عملية صناعة القرار. 103.... نحن نعتقد أن رئيس الحكومة فشل في عدم إيالء الوزن الكافي عندما توجه التخاذ قرارات ذات تاثيرات بعيدة المدى لقلة خبرته ولمحدودية قدرته على مواجھة تقديرات الجيش وانتقادھا بطريقة مدروسة ولقلة معرفته العميقة بالصلة بين تشغيل القوة العسكرية وبين تحقيق غايات سياسية ولمغزى غياب الطاقم الشخصي لتقديم المشورة له في ھذه القضايا. 104. رئيس الحكومة شخ ص وجود فرصة لوضع فيه تأييد دولي لخطوات عسكرية تمس بحزب وسارع إلى العمل كي يستنفدھا... 106.... الزعيم الذي ي خرج جيشه في عملية عسكرية واسعة تكون عليه واجبات تجاه الدولة ومقاتلي الجيش اإلسرائيلي الذين ي عر ضون أرواحھم للخطر ومواطني إسرائيل ولبنان على حد سواء. ھذه الواجبات تتضمن دراسة معمقة لمدى ضرورة الخطوة العسكرية تحديدا وتوقيتھا وجوھرھا ولفرص نجاحھا وفق معطيات الحلبة. رأينا أن القرارات السريعة بالخروج للحرب التي اتخذتھا الحكومة برئاسة أولمرت لم تستوف ھذه الشروط. وبذلك فشل رئيس الحكومة بصفته زعيما يتعين عليه قيادة بالده لعملية عسكرية مبادر بھا انطالقا من الحكمة والمسؤولية. 109. بالنسبة لرئيس الحكومة يبدو أنه في 12 تموز لم يعرف أن م جمل الخطوات العسكرية التي تقررت ال يمكن أن تؤدي إلى إضعاف حزب بشكل كاف وأنه لم ي قدر صحيحا مغزى قدرات اطالق النار المدفعي على الداخل. 110.... السؤال الذي يحيط بالقرارات التي اتخذھا رئيس الحكومة ھو: كيف سيسعى لتحقيق ھذه األھداف وخاصة: كيف سيوفق رئيس الحكومة بين الرغبة في الرد بعنف وبين حقيقة أن حزب كان مستعدا جيدا لمثل ھذه العملية وكان مبنيا بحيث إن المس بقدراته العسكرية يكون محدودا وكان يستطيع الرد عليھا بإطالق مكثف ومتواصل للنار على مستوطنات
الشمال والتي كان الجواب العملي لھا الجزئي على األقل يكمن فقط في خطوة برية واسعة ومتواصلة والتي لم يكن رئيس الحكومة معنيا بھا 113.... كان يجب على رئيس الحكومة التأكد من أن الرد العسكري الذي كان لدى إسرائيل يتناسب مع األھداف التي أراد تحقيقھا ضمن القيود التي أراد العمل وفقھا. إن اعتماده على قوة الجيش اإلسرائيلي من دون االستناد إلى معطيات كاملة والى خطة عمل واسعة بعد فحصھا ودراستھا جيدا مث ل خلال يتعلق بطريقة تفكير رئيس الحكومة. 122. طريقة اتخاذ القرارات لرئيس الحكومة مثلما ظھرت أمامنا في ھذه الحالة تشير إلى فشل ملموس. قيل لنا وليس لدينا اي اساس للتشكيك بذلك أن كل رؤساء الحكومات اآلخرين تصرفوا على ھذا النحو لكن ليس في ھذا ما يبرر الفشل. 135. على اساس كل ما ورد نجد أن رئيس الحكومة مسؤول عن حقيقة أن قرار شن الحرب في 12 تموز والقرارات األخيرة في عملية بلورتھا ات خذت بتسرع ومن دون فحص عميق لحلبة المعركة وألسباب سياسة االحتواء. فھو المسؤول عن اتخاذ قرار شن العملية من دون خطة موضوعة جيدا ومن دون مسار استراتيجي واضح. ھو المسؤول عن أن أھداف معركة لم تتحدد بوضوح وحذر وأنه لم يفحص بصورة منتظمة العالقة بين أھداف المعركة وبين السبل التي ات بعت لتحقيقھا. ھو أيضا المسؤول عن أن الخروج إلى المعركة المعقدة جدا تم من دون التأكد من مستوى االستعداد العسكري ومن دون تنفيذ االستعدادات المطلوبة في الجبھة الداخلية ومن دون تنفيذ تنسيق وثيق مع وزارة الخارجية. كل ھذه األمور تنضم معا للفشل الخطير المتعلق باستخدام حسن التفكير والمسؤولية والحذر. وزير الدفاع 139. عشية الحرب لم يكن لدى وزير الدفاع سوى اطالع عام وأولي جدا على نطاق اختصاص وزارته وعلى معنى موازنة االعتبارات العسكرية والسياسية في حرب عسكرية كبرى. ونحن نرى أن النقص البارز في المعرفة واالطالع لديه قل ص الى حد كبير قدرته على العمل بشكل افضل بصفته موجھا ومراقبا على الجيش وعضوا رفيعا في المستوى السياسي وفي المشاورات التي سبقت قراراته. 140.... لم يكن لدى وزير الدفاع معرفة واسعة وكافية من اجل بلورة موقف مستقل في مواضيع مركزية جدا ومراقبة االجھزة التي يترأسھا عمليا وكان ينبغي له أن يتبنى اساليب ادارة ت حس ن من قدرته على مواجھة الوضع وأن يحرص حرصا زائدا على اجراء مشاورات معمقة ومتوالية مع االشخاص الذين يملكون خبرة كبيرة حتى من خارج المؤسسة االمنية... ولم نر لديه استعدادا كھذا عموما وفي الفترة التي نفحصھا خصوصا. 143.... لم يتوقف وزير الدفاع عند االخطاء الخطيرة الموجودة في الصورة التي قدمت فيھا المواضيع خالل المشاورات ولم نجد في تصريحاته االعتبارات المتصلة بتعقيدات الساحة اللبنانية او باالبعاد السياسية الواسعة للعملية العسكرية... ويبدو أن وزير الدفاع تصور ووفق شھادته امامنا أن العملية العسكرية ستكون قصيرة المدى ألن القوى الدولية ستوقفنا بعد يومين او ثالثة ولذلك كان االنھماك بخطط لعملية عسكرية متواصلة في تلك المرحلة امرا غير ذي صلة. 145.... كان وزير الدفاع مشاركا بشكل اساسي في القرارات الموضعية غير أنه في الفترة االولى لم يكن له اي وزن فعلي في القرارات االستراتيجية بشأن المخطط العسكري او السياسي االمني للحرب ولم يطلب نقاشا استراتيجيا فعليا في المشاورات مع الجيش او مع المستوى السياسي... 146.... غالبية تدخالت وزير الدفاع كانت على مستوى تكتيكي وموضعي ال على مستوى استراتيجي وأمني سياسي... 149. استنتاجنا ھو أنه لم يكن لدى وزير الدفاع في مرحلة الخروج للحرب نظرية استراتيجية متسقة وتامة وواضحة إزاء الوضع على الساحة اللبنانية وإدراك لحقيقة أن ھناك امكانا ألن تكون العملية العسكرية طويلة االمد ألنه لم يكن ضمن مخططھا وجود آلية لخروج مفھوم ومعقول منھا... المشكلة ھنا ال تتعلق فقط بعدم االطالع الجيد على الساحة اللبنانية بل ايضا بعدم االطالع على المبادئ األساسية الستخدام القوة العسكرية أداة لتحقيق اھداف سياسية وبناء على كل ذلك فقد فشل. رئيس األركان السابق دان حالوتس. 168. تقديرات رئيس االركان وتوصياته كانت مركزية وحاسمة الى حد كبير ايضا في بلورة مواقف رئيس الحكومة ووزير الدفاع والمستوى السياسي عامة. وأدار رئيس االركان تقريبا حصريا كل نشاطات الجيش... ومن ھنا تنبع االھمية الحاسمة لرئيس االركان في نجاحات المرحلة االولى للحرب وفشلھا ومسؤوليته االساسية عن ذلك. الى جانب المسؤولية العليا لرئيس الحكومة والمسؤولية الخاصة لوزير الدفاع. 170. المسؤولية الرسمية والعملية لرئيس االركان عن قرار الخروج للحرب كانت فرعية نسبة لرئيس الحكومة ألن المسؤولية عن قرار من ھذا النوع ھي على عاتق رئيس الحكومة وألن رئيس الحكومة عمل وفق ذلك. اضافة الى أنه طوال الطريق كان الموقف المتواصل لرئيس االركان ھو أن دور الجيش العمل بما يتالءم مع توجيھات المستوى السياسي. ي ضاف
الى ذلك أن رئيس االركان أدى شخصيا دورا مركزيا جدا وتقريبا بشكل حصري في قيادة المبادرة للبدء بالمسار العسكري وبإقناع رئيس الحكومة وغالبية وزرائھا بقدرات الجيش على تنفيذ المھمات التي ت لقى على عاتقه وتحقيق إنجازات مثيرة في الحرب حتى لو اقتصر االمر على الھجوم الجوي على حزب... 171. لم يسمح رئيس االركان ولم يطلب اجراء نقاش داخلي شامل في الجيش يكون معمقا ومفتوحا حول المخطط االستراتيجي للعملية العسكرية بما فيھا نقاط الخروج منھا. وطلب «الوقت والدعم» من دون أن يعي أن الجيش ينبغي له تأمين رد لتحقيق تقليص نوعي إلطالق الصواريخ على الجبھة الداخلية وبأنه ليس ھناك طريقة لتأمين رد كھذا اال عبر عملية برية واسعة وليس فقط عبر توغالت وعملية برية محدودة.