مصر وليبيا فيما بني القرن السابع والقرن الرابع ق.م تأليف د. أمحد عبد احلليم دراز 1

ملفّات مشابهة
الا سم :... الشعبة :... ورقة عمل للصف الخامس في مادة الدراسات الاجتماعية والتربية الوطنية درس مجلس التعاون لدول الخليج العربية ) طبيعيا ( السو ال الا

brochure

الوحدة األولى المالمح البشرية للوطن العربي عنوان الدرس : سكان الوطن العربي أوال :أكمل الجدول التالي: 392 مليون نسمة %5.3 %39.9 %60.1 عدد سكان الوطن ال

Microsoft Word - 55

تحصن القرار الاداري - دراسة مقارنة

عناوين حلقة بحث

1 مراجعة ليلة امتحان الصف السابع في الدراسات اإلجتماعية. ********************************************************************************* األول السؤا

. رصد حضور المرأة في وسائل اإلعالم المحلية 2017

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

Microsoft Word - إعلانات توظيف لسنة 2017

Microsoft Word doc

مقدمة عن الاوناش

REPUBLIQUE ALGERIENNE DEMOCRATIQUE ET POPULAIRE وزارة التعليم العالي والبحث العلمي Ministère de l enseignement supérieur et de la recherche scientifiq

طور المضغة

6 الجمهورية الج ازي رية الديمق ارطية الشعبية مديرية التربية لولاية الطارف و ازرة التربية الوطنية امتحان البكالوريا التجريبي في مادتي التاريخ والجغ ارف

Microsoft Word - ?????? ??? ? ??? ??????? ?? ?????? ??????? ??????? ????????

هاروت وماروت كما وردت يف القرآن الكريم )من خالل تفسري ابن جرير الطربي - -ت 310 ه املسمى جامع البيان يف تفسري آي القرآن ) دكتور سناء بنت عبد الرحيم بن

Microsoft Word - dériv sc maths.doc

Microsoft Word - Sample Weights.doc

) NSB-AppStudio برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( ) برمجة تطبيقات األجهزة الذكية باستخدام برنامج ( NSB-AppStudio الدرس األول ) 1 ( الدرس

اجيبي علي الاسئلة التالية بالكامل:

untitled

English C.V. أآرم فتحى مصطفى على الاسم :.مدرس الدرجة العلمية : مدرس بقسم تكنولوجيا التعليم - آلية التربية النوعية بقنا - جامعة الوظيفة الحالية : جنوب

PowerPoint Presentation

الذكاء

المواصفات الاوربية لإدارة الابتكار كخارطة طريق لتعزيز الابتكار في الدول العربية

كلية الطب البيطري ملتقي التوظيف الثاني كلية الطب البيطري- جامعة الزقازيق األربعاء 7122/2/72 تحت رعاية رئيس الجامعة: أ.د/ أحمد الرفاعي عميد الكلية: أ.د

االبداع في صياغة المواقف المضحكة من خصائص الشخص ذو الذكاء: الفكاهي A. الذاتي B. اللغوي C. العاطفي D. االتصال الذي يتخذ فيه الفرد قراراته بناء على المع

Microsoft Word - 593

ondelum

Microsoft Word - intégral 2sc exp.doc

الشريحة 1

لقانون العام للمساواة في المعاملة - 10 أسئلة وأجوبة

)) أستطيع أن أفعلها(( المادة : لغة عربية الصف و الشعبة: السابع االسم : عنوان الدرس: ورقة مراجعة )) العمل الفردي (( األهداف: أن يجيب الطالب على جميع اأ

Microsoft Word - jqs _Dhananjaya.doc

توزيع املساقات الدراسية في برامج ماكاديمية على ماقسام العلمية )1( قسم القانون الدولي العام م املساق القانون الدولي العام التنظيم الد

Microsoft Word - ٖٗخص عربÙ−

دليل ضريبة القيمة المضافة التأجير التمويلي

Microsoft Word - Ja doc

منحهما جائزة "الوسام الذهبي لإلنجاز": - Monitoring Media إتحاد المصارف العربية يكر م عدنان وعادل القص ار في القمة المصرفية العربية الدولية في باريس Ta

وزارة التربية والتعليم مجلس االمارات التعليمي 1 النطاق 3 مدرسة رأس الخيمة للتعليم الثانوي Ministry of Education Emirates Educational Council 1 Cluster

بسم الله الرحمن الرحيم الخطة الدراسية لدرجة الماجستير في قانون الملكية الفكرية ( مسار الشامل ) 022 ش 5 رقم الخطة أوال : أحكام وشروط عامة : ثانيا : ثال

SKRIPS~1.RTF

الحل المفضل لموضوع الر اض ات شعبة تقن ر اض بكالور ا 2015 الحل المفص ل للموضوع األو ل التمر ن األو ل: 1 كتابة و على الشكل األس. إعداد: مصطفاي عبد العز

2 nd Term Final Revision Sheet Students Name: Grade: 4 Subject: Saudi Culture Teacher Signature 1

نموذج )1( الحد الأدنى لمحتوى )الوكالات( الصفحة الرئيسية تحتوي الصفحة الرئيسية العناصر الأكثر أهمية لزائر موقع الوكالة وتوضع فيها الإعلانات والاخبار ال

<4D F736F F D20E3DECFE3C920C7E1D5CDC7DDC920C7E1E3CACED5D5C92E646F63>

الملف الأول على قسم الترجمات: الاتجاه التنقيحي وأثره في الدرس الاستشراقي للقرآن الكريم وعلومه... مدخل تعريفي بالملف

Microsoft PowerPoint - د . ابراهيم بدران ، بوربوينت.ppt [Compatibility Mode]

Natural Resources

درس 02

Microsoft Word - QA-Reliability

الجامعة الأردنية

نظرية الملاحظة

Microsoft Word - Kollo_ ARA.docx

Microsoft Word - Suites_Numériques_1_sm.doc

WATER POLICY REFORM IN SULTANATE OF OMAN

مشروع قانون المحكمة الدستورية التقرير العليا الرابع والسبعون مشروع قانون مقدم من الحكومة تقرير لجنة الفصل التشريعى األول دور

Guidelines for gender-inclusive language in Arabic_Toolbox/ Self-paced activity: Apply the guidelines to a text تطبيق الوثيقة التي تحتوي على أفضل المم

FCA_briefing_on_financial_resources_COP-3_FINAL - AR - - NeoOffice Writer

استثمار ناجح و مستقبل آمن

رسالة كلية التمريض: تلتزم كلية التمريض - جامعة دمنهور بتقديم سلسلة متصلة من البرامج التعليمية الشاملة إلعداد كوادر تمريضية ذوى كفاءة عالية فى مهارات ا

اململكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة اجملمعة عماده خدمه اجملتمع كليه الرتبية بالزلفي دبلوم التوجيه واالرشاد الطالبي ملخص منوذج توصيف مق

Microsoft Word - BacCorr2008SVT_WEB.doc

les ondes mecaniques progressives cours

باسم الشعب

مقدمة أ- إن البلاغة الفصل الا ول أساسية البحث من كلمة بلغ المعنى وصل المراد وصول رسالة لها كلام تسليمها واحد إلى آخر. و من الا صطلاح هي بلوغ المتكلم ف

دفرتالأطفال

بسم رلا هللا من قوله : وبعدها أمر بالهجرة إلى المد نة... إلى قوله : حتى تطلع الشمس من مغربها... وبعدها أمر بالهجرة عن بعد ان مكث النب هللاىلص ف مكة عش

Our Landing Page

Catalogue2.pub

Microsoft Word - tarkiba_kahroub_n1

الرسالة األسبوعية/ الصف السادس 2018 / 9 - األحد 16 أولياء األمور الكرام : إليكم الرسالة األسبوعية وما سيتم إنجازه هذا األسبوع: األسبوع الماضي : تم اال

منح مقد مة من مبادرة ألبرت أينشتاين األكاديمية األلمانية لالجئين إلى النازحين السوريين في لبنان يعرف باسم "دافي (DAFI) العام األكاديمي الجامعي 4102/41

نموذج السيرة الذاتية

10) série d'exercices chute libre d'un corps solide

الشريحة 1

دائرة التسجيل والقبول فتح باب تقديم طلبات االلتحاق للفصل األول 2018/2017 " درجة البكالوريوس" من العام الدراسي جامعة بيرزيت تعلن 2018/2017 يعادلها ابتد

Microsoft PowerPoint - محاضرة 2 - الحفر والردم [Compatibility Mode]

تصحيح مادة الرياضيات شعبة الرياضيات التمرين األول : و أي ان تكون النقط بما أن و و و α β α β α β و منه الشعاعان و غير مرتبطان خطيا إذن النقط من نفس الم

عرض تقديمي في PowerPoint

صفوت مصطفي حميد ضهير مدرسة الدوحة الثانوية ب أي خطأ طباعي أو إثناء التحويل من صيغة آلخري يرجي إبالغي به والخطأ مني ومن الشيطان أما توفيقي فمن هللا عرف

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( استثمارات اجلامعة الذاتية ) مركز مركز استثمارات الطاقة املتجددة االستثمارات مركز اإلمام للمالية واملصرفية ا

PowerPoint Presentation

اسم التجربة:

المدرسة المصر ة للغات قسم اللغة العرب ة و الترب ة اإلسالم ة للصف السادس االبتدائ مراجعة عامة أوال التعب ر : التعب ر الوظ ف :- اكتب الفته تحث ف ها زمال

برنامج المساعدات المادية الذكي خطوات التقديم للمساعدة المادية...2 خطوات رفع المستندات المرفوضة...10 خطوات التاكد من حالة الطلب

Microsoft PowerPoint - Session 7 - LIBYA - MOH.pptx

تقرير المدير العام

BREVET NATIONAL JUIN+SECOURS 2011

التقريرالسنوي لمالكي الوحدات البيت 52 الفترة من يناير 2017 إلى ديسمبر 2017 تقارير الصندوق متاحة عند الطلب وبدون مقابل

بسم الله الرحمن الرحيم

جامعة عين شمس كلية التربية النوعية ة امتحان دور : ف نتيجة الفرقة : يناير األولى قسم تكنولوجيا التعليم الفرقة األولى العام الد ارسى : / ( عام

الصفة المشبَّهة باسم الفاعل

<4D F736F F D20C7E1CACDE1EDE120C7E1E3C7E1ED20E6C7E1DDE4ED>

الدِّيكُ الظَّرِيفُ

Microsoft Word - AR_ _UM TLCD - KBRC01A.doc

النسخ:

مصر وليبيا فيما بني القرن السابع والقرن الرابع ق.م تأليف د. أمحد عبد احلليم دراز 1

مصر وليبيا فيما بني القرن السابع والقرن الرابع ق.م موقع تاوالت الثقافي www.tawalt.com تأليف د. أمحد عبد احلليم دراز

المقدمة: يسرني ان أقدم للقاري الكريم هذا الكتاب عن مصر وليبيا بين القرنيين السابع والرابع قبل الميلاد. وهو في الا صل رسالة عليها حصل هبا صاحبها الدكتور امحد عبد احلليم دراز على درجة الدكتوراه. ومن المعروف ان العلاقات المصرية الليبية علاقات قديمة أشارت ا ليها المصادر الفرعونية عندما كانت تتحدث عن احلملات التأديبية التي كان يقوم هبا الجيش المصري ضد القباي ل الليبية وعودهتا محملة بالا سرى والغناي م ومحاولة القباي ل الليبية النزوح ا لى مصر على مدى التاريخ الفرعوني. وقد بدأ الباحث دراسته بتناول الا وضاع في مصر وليبيا خلال عصر الانتقال الثالث وتعرض للعلاقات بين مصر والا قوام الليبية مثل التنحو و التمحو و الماشواش خصوصا في عهد رمسيس الثاني ورمسيس الثالث حتى بدأ الليبيون يلعبون دورا في التاريخ المصري باشتراكهم في احلرب ضد مرنبتاح ورمسيس الثالث ثم يتسللون بعد ذلك ا لى البلاد بعد اضطراب الا حوال في مصر بعد رمسيس الثالث وما تبعه من ا همال احلدود الغربية وتأسيسهم أسرا حاكمة داخل مصر. وفي الفصل الثاني تناول الباحث الا سباب التي أدت ا لى قيام الا سرة 26 وسياستها الداخلية في عهد بسماتيك وتناول دوافع الاستعمار الا غريقي لليبيا وأثره على العلاقات المصرية الليبية حتى الاحتلال الفارسي لمصر عام 525 قبل الميلاد. 5

أما الفصل الثالث فتناول فيه العلاقات المصرية الليبية في ظل الاحتلال الفارسي لمصر والسيطرة الا غريقية في ليبيا. وفي الفصل الرابع. تعرض للمقاومة المصرية للاستعمار الفارسي ودور الليبيين في هذه المقاومة. وتناول ثورات المصريين بعد موت قمبيز وبعد هزيمة الفرس في ماراثون وتعرض لخمس مراحل ثورية انتهت بتخلص المصريين من الاحتلال الفارسي الا ول في حوالي سنة 404 قبل الميلاد عندما أصبح قاي د الثورة فرعونا لمصر ومو سسا للا سرة الثامنة والعشرين. أما الفصل الخامس فقد تناول فيه الباحث التأثيرات احلضارية المتبادلة بين مصر وليبيا. والكتاب على هذا النحو يسد فراغا في تاريخ علاقات مصر وليبيا قبل الميلاد. وأملي ان يجد فيه القاري المتخصص والمثقف العادي ما ينشده من فاي دة ومتعة. الا هداء ا لى أستاذي الجليل أ.د. جاب االله علي جاب االله أستاذ تاريخ وا ثار مصر والشرق الا دنى القديم وأمين اجمللس الا على للا ثار واالله الموفق ري يس التحرير د. عبد العظيم رمضان 7 6

J.E.A. = Journal of Egyptian Archaeology. J.H.S = Journal of Hellenic Studies. J.N.E.S. = Journal of Near Eastern Studies. L.R. = Gauthier, H., Le Livre des Rois d Egypte, 5 Tomes, 1907-1917. M.D.A.I.K. = Mitteliungen des Deutschen Instituts Fur Agyptische Altertumskunde in Kairo augsbug-berlin, 1930f. M.I.F.A.O. = Memoires Publies Par les Membres de L Institut Française d Archeologie Orientale du Caire. P.M. = Porter, B., and Moss, R., Topographical Bibliography of Ancient Egyptian Hieroglyphic Texts Reliefsand Paintings, 7 vols, Oxford, 1927-1957. Third Intermediate = Kitchen, K.A., the Thisd intermediate Period in Egypt (1100-650 B.c) 2 nd ed., Warminster, 1986. Z.A.S., = Zeitschrift Fur Agyptische Sprache und Altertumskune. قاي مة الاختصارات A.E., = Ancient Egypt, A Social History, Cambridge 1984. A.E.O. = Gardiner, A.H., Ancient Egyptian Onomastiga 2 vols, Oxford, 1927. A.J.S.L. = American Journal of Semitic Languages and Literatures. A.N.E.T = Pritchard J.,) ed.) Ancient Near Eastern Texts Relating To The Old Testament, Princeton 1969. A.R.A.B. = Luckenbill, D.D., Ancient Records of Assyria and Babylonia, 1926-1927. A.E.A.E. = Annales du Service des Antiquites de L Egypte. B.A.R = Breasted, JH, Ancient Records of Egypt, 5 Vols, Chicago, 1906-1907. B.F.A.O.= Bulletin de L Institut Français d archelogie Orientale. C.A.H. = Cambridge Ancient History, (3rd ed.) 2 vols. 1980. C.D.E. = Chronique d Egypt. Histo. Of the Pers. Emp. = Olmstead, A.T., History of the Persian Empire, 5th ed., Chicago, 1966. 9 8

مقدمة كان اختيار موضوع البحث من الا مور المهمة التي تشكل صعوبة كبيرة أمام الدارس في هذه المرحلة وكان الموضوع دراسة الماجستير- والذي تناول العلامة بين مصر وفلسطين فيما بين القرن احلادي عشر و القرن الثامن ق.م اثر كبير في ان يفكر الدرس في السير على نفس الطريق ورأى ان الا مم الواقعة شرقي مصر قد تناولتها دراسات عديدة فكان لابد من الاتجاه غربا (ليبيا) وهنا تردد أستاذي كثيرا في الموافقة على هذا الاتجاه موضحا كم الصعوبات التي يمكن ان تعترض البحث خاصة في الفترة الزمنية من القرن السابع حتى الرابع قبل الميلاد ومن أهم هذه الصعوبات قلة المصادر الا صلية الباقية عن تلك احلقبة من تاريخ مصر مع كثرة الاختلافات بين أراء علماء الا ثار حول غالبية معلوماهتا ومنها أيضا ندرة المصادر الباقية عن تاريخ ليبيا القديم وذلك لقلة الدراسات لا ثرية المنظمة هبا حتى الا ن وان وجدت بعض الدراسات فا هنا تعتمد على المصادر المصرية أولا وأخيرا وتوقفت هذه الدراسات عند هناية الدولة احلديثة من تاريخ مصر حيث تكثر الا شارة ا لى الليبيين في المصادر المصرية ومن 11

أهم هذه الدراسات au Delta du principautes les»,.j,yoyotte,66,.o.a.f.i.m,«libyenne anarchie L de temps 121-181.PP,1961 Gomaa, F., Die Libyschen Fürstentumer des Delta vom tod Osorkons II bis Zur wieerveienikung Agypten durch psametik I, Wiesbaden, 1974. وهناك رسالة ماجستير من معهد الدراسات الا فريقية للدكتورة زينب عبد العال بعنوان «مصر وليبيا منذ أقدم العصور حتى هناية الدولة احلديثة» ونوقشت الرسالة عام 1975. من الواضح ا ذن ان علاقة مصر وليبيا في العصر المتأخر (موضوع البحث) لم تتناولها حسب معلوماتي المتواضعة أية دراسة علمية مفصلة وان كان «رو» قد كتب بحثا بعنوان A.,,Rowe New light on.cyrenaica Ancient of History A» Aegypto Cyrenaean Relations Two Ptolemiaic Statues Found in Tolmeito», A.S.A.E, cah. 12, 1948, PP. 1-35 ورغم هذه الصعاب التي أوضحها لي أستاذي فانه كان لدي ا يمان راسخ بوجود علاقة بين مصر وليبيا من انطلاقا انه ا ذا كانت هناك علاقة بين مصر وأقطار غربي أسيا على مدى التاريخ رغم بعد هذه الا قطار عن مصر بالمقارنة بليبيا فلابد من وجود علاقة (ربما تكون اكبر) بين قطرين متجاورين ومتعاصرين لجميع المراحل التاريخية منها وما قبل التاريخ ا لا ان الفوارق هنا ترجع للظروف التاريخية لا قطار غربي أسيا وتوصل مجتمعاهتا لعصر الكتابة وامتلاك لغة للتدوين (الا مر الذي لم يتوافر للقطر الليبي ا لا حديثا) جعل الباحثين يمتلكون كما هاي لا من تفاصيل هذه العلاقة حيث يتوافر لا ي دارس هنا مصدران يستقي منهما معلوماته مصدر مصري ومصدر أجنبي (وهذا ما لا يتوافر في حالة العلاقات مع القطر الليبي) مما دفع معظم الدراسات التي تناولت علاقة مصر بغيرها من بلاد الشرق الا دنى القديم ا لى جهة الشرق وهذا في الوقت نفسه ما جعلهم لا ينظرون ا لى الغرب (أي ليبيا) وربما يرجع اهتمام الباحثين بالشرق أيضا ا لى تأثير هذه الا قطار المباشر والواضح في تاريخ مصر فمعظم محاولات غزو مصر (ان لم تكن كلها) جاءت من الشرق (الهكسوس الاشورين الفرس) وهنا يرى الدارس ان تأثير ليبيا ربما يكون أكثر من ذلك فا ذا كانت الشعوب الغازية لمصر من جهة الشرق قد أثرت في تاريخ مصر السياسي فان ليبيا ربما كان لها تأثير حضاري واجتماعي. كما وضع الدارس في اعتباره أيضا ان أية دراسة أو ا شارة بسيطة للعلاقات المصرية الليبية كانت تعتمد في المقام الا ول أو الا خير على المصادر المصرية وبالتالي تتبنى وجهة النظر المصرية وعلى سبيل المثال ا شارات الفراعنة ا لى محلاهتم التأديبية ضد القباي ل الليبية والتي كانت داي ما تعود بالغناي م الكثيرة من ماشية وغناي م وأعداد كبيرة من الا سرى وكانت هذه المصادر تشير في نفس الوقت ا لى ان محاولة القباي ل الليبية دخول مصر كان سببه الفقر و الجدب. ونلاحظ هنا تناقضا صارخا بين كثرة الغناي م من الماشية 13 12

والا غنام والا سرى وبين ما يقال عن فقر هذه المناطق وجدهبا حيث ان كثرة الماشية والا غنام والا نسان يدل على اهنا مناطق غنية بمراعيها القادرة على ان تو وى هذه الا عداد الكبيرة من احليوانات والبشر ومعنى غنى هذه المناطق فان محاولة القباي ل الليبية النزوح ا لى مصر على مدى التاريخ الفرعوني لم يكن سببه الجوع بل ربما كانت هناك أسباب أخرى. وعلى ذلك كان لابد من دراسة تتناول علاقة مصر وليبيا اخدة في الاعتبار وجهتي نظر البلدين وانعكاس أوضعهما الداخلية على علاقة كل منهما بالا خر وكان هذا هو الخط الري يسي والا ساس في الرسالة وقد استتبع ذلك ا عادة النظر في بعض النصوص المصرية وا عادة تحليلها وأيضا محاولة الاعتماد على بعض المصادر الليبية على قلتها والقيام بوصف وتحليل هذه المصادر ومقارنتها بالمصادر لاستخلاص بعض النتاي ج والتي ربما تحمل وجهة نظر جديدة. وقد جاءت الدراسة في خمسة فصول مرتبة ترتيبا زمنيا على النحو التالي: الفصل الا ول: مقدمة مصر وليبيا خلال عصر الانتقال الثالث. الفصل الثاني: مصر وليبيا في عصر الا سرة السادسة والعشرين. الفصل الثالث: مصر وليبيا في عصر الاحتلال الفارسي (-252 404 ق.م). الفصل الرابع: الليبيون وتحرير مصر من الاحتلال الفارسي. الفصل الخامس: التأثيرات احلضارية المتبادلة بين مصر وليبيا. تناول الدارس في الفصل الا ول الا وضاع في مصر وليبيا خلال عصر الانتقال الثالث فتعرض لا حوال البلدين الداخلية وانعكاسها على العلاقات الخارجية فتناول حالة مصر الاقتصادية والاجتماعية وما ا لت ا ليه من اهنيار وأسباب ذلك وانعكاسها على حالتها السياسية مما أدى ا لى ضياع سلطة الفرعون وازدياد نفوذ الكهنة وتأثير هذه الا حوال على سياسة مصر الخارجية. أما ليبيا فقد تناول الدارس جغرافيتها السياسية. موضحا أهم القباي ل التي كانت تستوطنها متتبعا تاريخ كل قبيلة ومناطق نفوذها ومحاولة كل منها توسيع مناطق نفوذها على حساب الا خرى ومحاولاهتم المتكررة لدخول مصر. واختتم الفصل بتناول العلاقات بين مصر وليبيا في ظل الهجمة الا وربية المتمثلة في شعوب البحر ونجاح «مرنبتاح» و»رمسيس» الثالث في وقف تقدمهم صوب مصر وان سمح الا خير لبعض قباي لهم بالاستقرار في بقاع من مصر كما نجحت بعض القباي ل الليبية في التسلل السلمي والاستقرار بمصر وساعد انحطاط السلطة المركزية في مصر هو لاء الليبيين على تأسيس اسر حاكمة داخل مصر وقد لعب العنصر الليبي دورا قياديا في مصر منذ هناية عهد رمسيس الثالث حتى قيام الا سرة السادسة والعشرين وهو ما يعرف بعصر الانتقال الثالث. في الفصل الثاني: عالج الدارس ظروف قيام الا سرة السادسة والعشرين والا ساليب والوساي ل التي اتبعها بسماتيك الا ول لجمع السلطة في يديه ثم طرد احلاميات الا شورية وا علان استقلال مصر وأيضا سياسة ملوك الا سرة السادسة والعشرين الداخلية ومشاريعهم المختلفة في الداخل والخارج. 15 14

أما في ليبيا فقد استعرض الدارس دوافع الاستعمار الا غريقي بصفة عامة ثم محاولة معرفة توافر هذه الدوافع في ليبيا وعلى اثر ذلك أسس الا غريق مدينة «قوريني» وقامت مملكة الباطيين في ليبيا الشرقية وكان لقيام مملكة قوريني اثر كبير في علاقة مصر وليبيا في هذه الفترة حيث كان لمحاولة الا غريق احلصول على مزيد من أراضي الليبيين اثر سي في وقوع الصدام بين الفريقين مما دفع القباي ل الليبية ا لى طلب المساعدة المصرية وكان ذلك في عهد الملك «أبريس» الذي أرسل جيشا لنجدة القباي ل الليبية ا لا ان الليبيين وحلفاي هم المصريين هزموا في معركة «ايرازا» وكان لهذه الهزيمة الا ثر الا كبر على أحوال مصر الداخلية حيث قامت ثورة ضد أبريس انتهت باعتلاء «امازيس» العرش والذي وجد في عقد المعاهدات السلمية خير وسيلة للحفاظ على استقلال مصر خاصة مع علمه باستعداد الفرس للانقضاض عليها وظل احلال على ما هو عليه حتى الاحتلال الفارسي لمصر عام 525 ق.م. في الفصل الثالث: يناقش الدارس علاقة مصر وليبيا في ظل السيطرة الا جنبية حيث تناول الاحتلال الفارسي لمصر وألقى الضوء على أحوال مصر الداخلية السيي ة والتي ساعدت الفرس على احتلالها وموقف «قوريني» من هذا الاحتلال ثم تناول الدارس السياسة التي انتهجها ملوك الفرس في مصر ومحاولاهتم التقرب للمصريين لدرء ثوراهتم التي نشبت بمجرد دخول الفرس ا لى مصر. أما ليبيا فقد تناول الدارس أحوالها الداخلية مشيرا ا لى احلالة الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على الاستعمار الا غريقي في قوريناي ية وانعكاس هذه الا وضاع على احلالة السياسية فكانت احلرب الا هلية بين «اركسيلاوس» الثالث وارستقراطية قوريني ودور مصر في هذه احلرب واستنجاد «فرينيمي» والدة «اركسيلاوس» ب»ارياندس» والى مصر الفارسي للانتقام من قتلة ابنها ثم قام الدارس بمناقشة محلة «ارياندس» تاريخها وأسباهبا ونتاي جها مفندا بعض الا راء ومو يدا بعضها الا خر معتمدا على الا دلة الا ثرية. أما الفصل الرابع: فيتناول المقاومة المصرية للاستعمار الفارسي حتى الاستقلال ودور الليبيين في هذه المقاومة ويتحدث هذا الفصل عن الثورة المصريين في مراحل عدة فقد نشطت المرحلة الفعلية الا ولى من ثورة المصريين ضد الاحتلال الفارسي بعد موت «قمبير» ومع تولى «دارا» الا ول سنة 522 ق.م ويذكر «درا» في نصوصه انه قضى عليها أما المرحلة الثورية الثانية فكانت حوالي 486 ق.م. بعد هزيمة الفرس في «ماراثوان» وقد مات «دارا» قبل قمعها فقام ولده وخليفته»اكزركسيس» با طلاق يد أخيه «اخمينس» بن دارا في مصر وكان شديد القسوة عنيفا في ا خماد ثورة المصريين سنة 484 ق.م. وقد أثير جدل كبير حول قاي د هذا الثورة وحول هويته. أما المرحلة الثالثة للثورة فكانت حوالي 460 ق.م في عهد الملك «ارتكزركسيس» وكانت ثورة منظمة يقوها «ايناروس» ويساعده «أمير تايوس» وكانت نتيجة تلك الثورة ايجابية فقد قتل «اخمينس» وهربت احلامية الفارسية ا لى منف وقد دعم العون الخارجي من بلاد الا غريق الثورة المصرية ولم يتمكن «ارتكزركسيس» من استعادة سلطانه في مصر ا لا بعد حوالي عام ونصف العام وبعد جهد استطاع قاي ده «مجبازوس» بجيشه الضخم القضاء على الثورة ومطاردة الا غريق وحصارهم في ا حدى جزر الدلتا واسر قاي د الثورة ايناروس واقتيد ا لى حاضرة الفرس حيث اعدم بأمر الملك. 17 16

وبدأت المرحلة بتسلم «أمون ارديسو» الا ول أمير سايس الراية من زعيمه «ايناروس» واستطاع ان يحافظ على استقلال ا مارته لعدة سنوات وحاول ان يحصل على المعونة العسكرية الا ثينية في مقابل الغلال المصرية ولكن معاهدة «كاليس» سنة 449 ق.م بين الفرس وأثينا قضت على أمله في ذلك لان أثينا تعهدت في تلك الاتفاقية بعدم تقديم أي عون لمصر ضد فارس. وتبدأ المرحلة الخامسة مع هناية عهد «دارا» الثاني واستطاع الشعب المصري تحت قيادة زعيمه «أمون ارديسو» الثاني ان ينتزع حريته وبذلك تخلصت مصر من الاحتلال الفارسي الا ول في حوالي 404 ق.م حيث أصبح قاي د الثورة فرعونا لمصر ومو سسا للا سرة الثامنة والعشرين التي اقتصرت عليه وحده. ويشير الدارس في هناية الفصل ا لى الا صول الليبية لا سرات العصر المتأخر محاولا ا ثبات ذلك عن طريق الا دلة الا ثرية والاستنتاجية. أما الفصل الخامس والا خير فيتناول التأثيرات احلضارية المتبادلة بين مصر وليبيا ويعقد الدارس في هذا الفصل المقارنة تلو الا خرى بين العناصر الفنية في كل من مصر وليبيا مع ذكر أمثلة فنية مازالت باقية حتى الا ن وصولا ا لى مدى التأثير الفني واحلضاري بين ومصر وليبيا. الفصل الا ول مصر وليبيا خلال عصر الانتقال الثالث أولا- مصر: (أ) الا حوال الداخلية: 1- احلالة الاقتصادية والاجتماعية 2- احلالة السياسية. ثانيا- ليبيا: (ب) الا حوال الداخلية 1- جغرافية ليبيا السياسية. التحنو-التمحو-الماشواش- الليبو. 2- احلالة الاقتصادية. ثالثا- مصر وليبيا وشعوب البحر: 18

أولا- مصر: (أ) الا حوال الداخلية: 1- احلالة الاقتصادية والاجتماعية: هتورت أحوال مصر الاقتصادية خلال عصر الانتقال الثالث وسارت من سي ا لى أسوأ وكان وراء ذلك العديد من العوامل الداخلية والخارجية منها احلروب المتكررة التي خاضتها مصر في الشرق والغرب ضد شعوب البحر من ناحية وضد عناصر الماشواش والليبو في مصر من ناحية أخرى وما نتج عن ذلك من ا هناك للاقتصاد المصري واستقرار بعض العناصر الا جنبية في مصر وأمكن لبعضها ان يرتقي عرش مصر كما حدث للا سرة الثانية والعشرين الليبية الا صل. وفضلا عن ذلك فقد كان للهبات التي أغدقها فراعنة هذه الفترة على معابد الا لهة المختلفة بالا ضافة ا لى انعاماهتم على نفر من الا مراء القدامى با قطاعيات كبيرة لضمان ولاي هم كان لهذا كله أسوا الا ثر على الا حوال مصر الاقتصادية فتذكر بردية هاريس ان دخل هذه المعابد وحدها بلغ في عهد رمسيس الثالث ما يعادل 62 كيلو جراما من الذهب 1189 كيلو جراما من الفضة و 2855 كيلو جراما من النحاس وان مراعيه كانت تو ي 42362 رأسا من الماشية الكبيرة والصغيرة أهدى منها رمسيس الثالث 28337 رأسا دفعة واحدة كما بلغ خل معابد مصر حينذاك نحو ماي ة ألف مكيال من الغلال واستأثرت بخيرات 169 مدينة وقوية في مصر وخارجها وامتلكت أكثر من 88 سفينة ونحو 50 ترسانة لصناعة السفن وا صلاحها وتراوحت مساحة مزارعها بين 12 و 15% من 1 أراضي مصر الزراعية. علاوة على كل هذا كانت هذه المعابد لا تو دي ما هو مفروض عليها من الضراي ب وذلك لتولي عاي لات كبار الكهنة 2 للوظاي ف المهمة في الدولة. وقد زاد فراعنة هذه الفترة من حدة الا زمة الاقتصادية التي كانت تعاني منها مصر وذلك عندما أسرفوا في ا قامة المنشأت المعمارية فحفروا مقابر ضخمة على غرار من سبقوهم في العصور 3 الزاهية. 1- عن ترجمة بردية هاريس انظر B.A.R. IV.151 ff ويلسون: احلضارة المصرية ترجمة أمحد فخري القاهرة 1955 ص 429. الا ن جاردنر: مصر الفراعنة ترجمة نجيب ميخاي يل القاهرة 1973 ص. 322. Faulkner R.O, «Egypt From the Inception of the Nneteeth Dyansty the Death of Ramesses III» C.A. H3, 2A. 1980, P. 245. Cerny, J, Egypt From the Death of Ramesses IIII o he End of the Twenty-First Dyansty C.A.H, 2B, P 626 2- من الا مثلة التي نوضح سيطرة عاي لات كبار الكهنة على الوظاي ف المهمة انه في عهد رمسيس الخامس كان رمسيس نخت كبيرا لكهنة أمون في الوقت الذي كان أبوه مرى بارست ري يسا لمأموري الضراي ب بينما تولى اثنان من أبناي ه وظيفتين من أهم الوظاي ف في البلاد فكان ابنه نسي أمون كبيرا لكهنة أمون من بعده وابنه وسر ماعت رع نخت كبيرا لمأموري الضراي ب والمشرف على ارض الملك... Kitchen, K.A., Third Intermediate in Egypt, P. 46 انظر 3- هناك نص من العام الثالث للملك رمسيس الخامس في وادي احلمامات يسجل استحضار حجر ماخر من محجره المشهور وهذا أمر طبيعي ولكن ا ذا علمنا ان عد المكلفين هبذا العمل بلغ ثمانية ا لاف عامل اتضح لنا ضخامة العمل 21 20

ومن العوامل الري يسية التي أثرت على أحوال مصر الاقتصادية اهنا فقدت ا مبراطوريتها في أسيا مما دفع الفراعنة ا لى اغتصاب مباني الا خرين لا قامة منشأهتم المعمارية فا ذا قلنا ان اغتصاب مباني الا خرين عادة مصرية لم يخترعها ملوك هذه الفترة لكان ذلك صحيحا لكن الصحيح أيضا ان الاغتصاب السابق لم يكن هبذا القدر الهاي ل فضلا عن ان أصحابه قد أقاموا عماي ر تعال أضعاف ما اغتصبوه عدة مرات بعكس ملوك هذه الفترة الذين اعتمدوا في المقام الا ول على الاغتصاب وان ما أقاموه لم يكن أكثر من عملية تخريب وتحطيم لا ثار الملوك السابقين فا ذا عجزوا عن هدم بعض المعابد الضخمة اكتفوا بمحو أسماء أصحاهبا من الفراعين ووضع 4 أسماي هم عليها. ترتب على تردي الا وضاع الاقتصادية ان استمر التفاوت بين طبقات اجملتمع في مستويات المعيشة مما أدى ا لى اضطراب أحوال مصر الاجتماعية أضف ا لى ذلك استقرار العناصر الا جنبية في مصر الذي قطعت الا حجار من اجله انظر جاردنر: مصر الفراعنة ص. 325. 4- فعل ذلك «وسركون» الثاني في بوياسطة عندما محا اسم الفرعون «رمسيس» الثاني من كل أجزاء معبده وأهداه ا لى الا لهة «باست» بعد ان قام بتغيير أسماء المعبودات الا صلية التي كرس المعبد لها في الا صل بل ان قبر «وسركون» الثاني نفسه ا نما سرقت أحجاره من ا ثار ترجع ا لى أيام الدولة القديمة والوسطى واحلديثة وقد غالى شاشانق الثالث في ذلك كثيرا حيث قام بوابته الهاي لة التي أقامها في تانيس من عماي ر يرجع تاريخها ا لى الفترة ما بين الدولة القديمة والا سرة احلادية والعشرين والا مر كذلك بالنسبة لمقابرهم. ويلسون: احلضارة المصرية ص. 435. Kithen, Third Intermediate, P. 319. ووصولها ا لى أرقى المناصب في الدولة ويمكن القول أم زيادة عدد الا جانب في القصور الفرعونية كان من العوامل التي أثرت في أحوال مصر الاجتماعية حيث زاد الزواج من أجنبيات وازدادت أعداد الجواري واحتوت القصور ا لى جانب الجواري على أعداد من احلشم 5 عملوا خدما وسقاة ووصفاء حتى تسللوا ا لى مخدع الفرعون ذاته. فا ذا كانت احلالة على نحو ما مر بنا فلا غرابة ا ذا رأينا حالة احلكومة مضطربة ومزعزعة ووجد الموظفون ما يغريهم على العمل حلساهبم الشخصي بدلا من ان يعملوا لمصلحة الدولة فكان أكثرهم طموحا يعرف كيف ينتزع بوضع اليد بعض ممتلكات أمون التي كانت قد اتسعت كما ان فرق الجند المرتزقة كانت داي ما على استعداد لان تشن الغارات وتكون أداة للشغب والتمرد بينما فعلت المو امرات السياسية فعلها في تخريب الخدمات العامة فتهورت المحاصيل الزراعية وكثرة اجملاعات وانساق صغار القوم وراء كبارهم في أعمال السلب والنهب 6 وقد أدت هذه الا حوال الاقتصادية والاجتماعية وما ا لت ا ليه من سوء ا لى اضطراب أحوال مصر السياسية وتفتت وحتها خلال عصر الانتقال الثالث. 5- Kitchen K.A., On the Princedomes of Late Libya C.D.E. 52, 1977, PP.40-48 Trigger, B.G et ot, Ancient Egypt, A Social History, Cambridge, 1984, PP. 309-310 عب العزيز صالح: الشرق الا دنى القديم ج 1 مصر والعراق ط 3 القاهرة 1983 ص 43. 6- بويوت: مصر الفراعنة ترجمة زهران القاهرة 1966 ص. 14. 23 22

2- احلالة السياسية: كما سبق القول فان تدهور احلالة الاقتصادية والاجتماعية أدى ا لى ضياع هيبة الفرعون وازدياد نفوذ الكهنة خاصة كهنة الا له أمون وتفشي الفساد والرشوة داخل الجهاز احلكومي وارتداء رجال الجيش للثياب الكهنوتية للوصول لا هدافهم السياسية ثم انتحال الا لقاب الفرعونية حتى أصبحوا يكونون دولة داخل الدولة فكانت الانقسام والتفتت أمرا طبيعيا ونتيجة حتمية لما مرت به مصر خلال هذا العصر وأصبحت السلطة موزعة بين كبير كهنة أمون في الجنوب وفرعون في الشمال وقد حاول فراعنة مصر في هذه الفترة استعادة وحدة البلاد بوساي ل مختلفة منها تعيين بعض أفراد البيت المالك على رأس الا دارات في كهانة أمون في طيبة منها أيضا الزواج من الا سرة الكهنوتية الطيبية ا لا ان هذه السياسة بلا من ان تعم وحدة البلاد كانت من عوامل تفتها حيث تمخض عنها تياران متعارضان الا ول رغبة الفرعون الجالس على العرش في تسليم المراكز والمناصب العليا في الدولة لرجال ينحدرون من سلالته مباشرة أما الاتجاه الثاني فهو موقف الا حزاب التي سيسلب حقها في وراثة هذه المناصب خاصة منصب كبير كهنة أمون نتيجة تغير الفرعون احلاكم وكان لابد من الصدام بين هذين التيارين وما كان يترتب عليه أحيانا من منازعات داخلية ومنذ ذلك الوقت تركت البلاد في أيدي رو ساء محليين من الذين لا يعيشون ا لا على الدس والتا مر وانتهى الا مر بان استقل معظم هو لاء الا مراء بالمدن الري يسية في مصر الوسطى والعليا (هيراقليوبولس-هرموبولس-طيبة) وأصبحوا يشيرون ا لى أنفسهم وكأهنم ملوك مستقلون وانتحل بعضهم الا لقاب الفرعونية وكتب اسمه داخل خرطوش ولتوضيح ذلك يمكن القول ان هيراقليوبولس أصبحت عاصمة لمملكة يحكمها بف ثاو عوى باست ولعله كان من نسل الا سرة الثالثة والعشرين كابن للملك رود أمون وكان الا قليم العشرون بمصر العليا على وجه التحديد نواة لهذه المملكة وقد امتدت لتشمل الا قليمين احلادي والعشرين شمالا والتاسع عشر جنوبا من أقاليم مصر العليا 7 وقد محل حاكم المملكة اسم العرش نفر 8 كارع كما يتضح من خلال نقوش تمثال ذهبي للا له حرى شف كما تظهر لوحة النصر الكوشية اسمه داخل خرطوش 9 وكانت زوجته تلقب بالملكة تاشرت ان است. 10 أما هرموبولس فقد أصبحت أيضا عاصمة لمملكة متسعة يحكمها ملك هو نمرت الرابع ولعله كان ابنا للملك وسركون الثالث الذي وضعه في حكم هذه المدينة من قبل وقد امتدت هذه 11 المملكة لتشمل الا قليم الثامن عشر من مصر العليا. أما طيبة فقد أصبحت الزوجة الا لهية لا مون شب ان وبت الا ولى هتيمن على مقادير الا مور بعد ان حجبت بمركزها أهمية مركز الكاهن الا ول الذي لم يسمع عنه في هذه الفترة فضلا عن احتفاظها بكافة حقوقها الرسمية التقليدية بوضع اسمها داخل خرطوش ليس 7 - Grimal, N., «La Stéle Triamphale de Pi (ankh). y au Musèe du Carie. J.E., 48862 et 47086-47089 M.I.F.A.O., 105, 1981, P. 215. 8 - Petrie, W.F., A History of Egypt, Vol III London, 1905, PP. 270-271. 9 - Grimal, Op. Cit., pi. VIII, L. 70 10 - Daressy, G., Fragments Haracleoplitains A.S.A.E.; 21; 1921, PP. 138-139. - Grimal, Op. Cit., P. 216; notes 632-634 11 25 24

12 فقط لا هنا ملكة ولكنها كمصدر السلطة باعتبارها زوجة اله. أما في الدلتا فكما يتضح من لوحة النصر الكوشية فان الا حوال بلغت ذروة التفتت السياسي أبان تلك الفترة حوالي ( 730 ق.م) ففي منف ظل حكامها رو ساء ألما وكهنة بتاح العظام يتوارثون حكمها أما شرق ووسط الدلتا فقد أشارت نفس اللوحة ا لى وجود ملكين وسر كون الرابع في تانيس و ايوبوت الثاني في تل المقدام وهو ا خر ملوك الا سرة الثالثة والعشرين ومن المحتمل انه ظهرت لا ول مرة ا مارة لرو ساء ألما جنوب شرق الدلتا في بر-جرر (دار الضفدعة) والتي من المحتمل ان يكون موقعها عن الا طراف الشمالية لخليج السويس كما ظهرت ا مارة أخرى للما 13 في بر-سبد (صفط احلنة). وفي شمال ووسط الدلتا ظلت منديس (تل الرابع وتل تمي الامديد) 14 ا مارة للما حيث اخذ حكمها يتوارثوهنا ابنا عن أب منذ أيام شاشنق الثالث كما ظهرت ا مارة مستقلة في ثب-نتر (سمنود حاليا) وامتدت لتشمل بر_حبيت (هببيت احلجارة) و سما-بحدت 15 (تل البلامون مركز شربين). وأخيرا تكونت في وسط الدلتا ا مارة لرو ساء ألما حكمها شاشانق في بر-أوزير (أبو صيربن) أم غرب الدلتا فق كان تف-نخت حاكم سايس يحمل لقب الري يس العظيم للغرب 12- يويوت: مصر الفرعونية ص 168-166. 13 - Montet, P., Geographie de L Egypte ancienne, I; Paris, 10557, PP. 206-208. 14 - Gardiner, A.E.O., 2, 151* 15- Gardiner, A.E.O. 1, 180*, 195*, 1197* ومدير ا دارات مصر السفلى وملك الا قاليم الغربية ا لى جانب الا لقاب الدينية مثل كاهن نيت و واجت و سيد العامو وغيرها من الا لقاب التي نعكس حكمه في سايس حتى بوتو شمالا وكوم احلصن في الجنوب الغربي وهكذا سيطر تف نخت على النصف 16 الغربي من الدلتا. مما سبق يتضح تفتت خريطة مصر السياسية بين الجنوب والشمال واخل هذين الا قليمين الجغرافيين في عصر الانتقال الثالث. ثانيا- ليبيا: (أ) الا حوال الداخلية: 1- جغرافية ليبيا السياسية: مازالت الا رض الليبية صامتة تماما فيما يختص بتاريخ ليبيا فقبل استعمار الا غريق لبرقة مما جعل البعض يرجح خلو هذه الا رض من الوثاي ق 17 ولذلك فانه ليس أمام أي باحث في التاريخ الليبي 16- Yoyotte, J., Notes et documents pour servri a L Histoire de Tanis, Kemi. 21, 1971, PP. 35-52. وقد تناول الدارس أحوال مصر الداخلية خلال عصر الانتقال الثالث بتفضيل كامل في رسالته للماجستر انظر. امحد دراز: مصر وفلسطين فيما بين القرني احلادي عشر والثامن ق.م. رسالة ماجستر غير منشورة كلية الا داب جامعة الزقازيق 1991. 17- Carter. T.H., In Expedition, The Bulletin of the University Museum of the University of Pennsylvanian., Spring. 1963, Vol. 3, PP. 18.ff. 27 26

ا لا الاعتماد على المصادر والوثاي ق التي قدمها المصريون بتسجيل أخبارهم وأخبار جيراهنم منذ ان بدأوا تسجيل الا خبار في فترة قبيل الا سرات وقد بذلوا الجهد في تصوير الملامح والتقاطيع والا زياء والا خبار احلربية الخاصة وزودنا بأسماء القباي ل التي كانت تعيش هنا وهناك ومن بينها الليبيون ورغم ان هذه المصادر مليي ة بالفجوات والثغرات مما يدعو ا لى التساو ل والاستفهام حيث اهنا لم هتف في المقام الا ول ا لى تسجيل جوانب غيرها من الشعوب اجملاورة وا نما جاء ذلك متضمنا تسجيلها لجوانب احلياة المصرية وفي هذا الصدد يقول باتس ان تاريخ الليبيين الشرقيين قبل هيردوت يجب ا لا يدعى تاريخا بالمعنى المفهوم ا ذ لم تصور لنا الوثاي ق سوى نزاعهم مع شعوب أقوى وأكثر تحضرا كما ان هذه الوثاي ق هي في الواقع تقارير حربية سجلها الجانب الا خر 18 ومع ذلك فليس أمام الدارس للتاريخ الليبي في هذه الفترة ا لا ان يجهد نفسه قدر الطاقة محاولا ان يستخلص من هذه المصادر ما أمكنه وان يعطي صورة عن الليبيين ا نذاك يملا هبا الفراغ الذي خلفه عدم العثور على نحت أو نقش أو تصوير أو صناعات من أي توع يعطي صورة لما وجد في هذه الوثاي ق وكانت النتيجة مناقشات طويلة واستنتاجات ومقارنات وسردا لتعدد الا راء ونتاي ج غير مو كدة ا لا في القليل النادر. احلقيقة ان الشواهد الا ثرية التي ترجع ا لى فترة قبيل الا سرات تعتبر أول المصادر المصرية التي تشير ا لى الليبيين وما يمكن ملاحظته ان هذه المصادر جميعها ما هي ا لا مناظر عامة لا تصحبها نصوص حيث ان الكتابة المصرية لم تكن ق اكتملت بعد أما الملاحظة الثانية فهي ان الاتجاه العالم في هذه المصادر جميعها عبارة عن مناظر حربية تشير ا لى معارك بين فريقين فريق اتخذ هيي ة المصريين وفريق ا خر اتخذ صفات الليبيين الذين صورهم المصريون على ا ثارهم في العصور 19 التاريخية وأول هذه المصادر هو مقبض سكين جبل العركى الذي صور على احد وجهي مقبضها معركة جرت على البر وفي الماء بين فريق اتخذ هيي ة العامة للمصريين أما الفريق الا خر فيظهر وقد انسدلت جديلة من الشعر على جانب الرأس والصدغ لكل فردمن أفراده مما يقرهبم من هيي ة الليبيين ا لا ان الفريقين قد ظهرا بقراب يستر العورة. أما معركة الماء فقد صور الفنان ثلاثة مراكب على الطراز المصري ثم صور مركبين على طراز ا خر مختلف ارتفعت فيه مقدمة المركب ومو خرهتا ارتفاعا كبيرا ويفترض عبد العزيز صالح ان المركبين الغريبين من مراكب السواحل المصرية الشمالية الغربية القريبة من احلدود الليبية خاصة ان احد الفريقين المتقابلين على البر تغلب عليه الهيي ة الليبية أسلفنا بالا ضافة ا لى وجود صورة لمراكب تشبه هذا الوصف على لوحة القربان التي عثر عليها لوت في 20 تاسيلي. 19- وجد هذا الا ثر في منطقة جبل العركي تجاه نجع محادي فسميت اصطلاحا باسمه انظر Petrie, F.W., The Making of Egypt London, 1939., Frankfort, H., Studies in Early pottery of Near East, London, 1024. Childe, V.G., New light on the Most Ancient East, London, 1958 الدريد: احلضارة المصرية من عصور ما قبل التاريخ حتى هناية الدولة القيمة ترجمة مختار السويفي ط 2 القاهرة 1992 ص 69. 20- عبد العزيز صالح: حضارة مصر القيمة وأثرها القاهرة 1980 ص.189-187 هنري لوت: لوحات تاسيلي ترجمة زكي حسن طرابلس 1968 ص 212. 18- Bates, O., The Eastern Libyans, London. 1914. P 210. 29 28

فا ذا انتقلنا ا لى لوحة صيد الا سود 21 فان ما يهمنا منها أشكال الصيادين فهم ملتحون تمام مثل الا عداء المهزومين على لوحة نعرمر المشهورة ويحملون الريش في شعورهم ويرتدون كيس العورة ولهم ذيول تتدلى من قمصاهنم القصيرة هذه الذيول التي أصبحت عنصرا مميزا لملابس الفراعنة أنفسهم فيما بعد وطيلة التاريخ المصري القديم ولا نراه في العصور التاريخية على غير ملوك الفراعنة ا لا متدليا من ملابس الزعماء الليبيين المصورين على جدار يو دي ا لى معبد هرم الملك سا حو رع من ملوك الا سرة الخامسة هو لاء الزعماء الليبيون أنفسهم يلبسون كيس العورة ولهم خصلة شعر تقف منتصبة فوق جباههم الا مر الذي يذكرنا بالصل على جبين 22 الفرعون. وثمة لوحات طقسية أخرى هبا أشارات عابرة لعل خير ما يمثله صلاية الفحل التي يظهر فيها الملك في شكل ثور قوي يهزم العدو ويعلق عليها جاردنر بقوله ان الهدف من تلك اللوحة واضح فهي تمثل انتصار زعيم من مصر العليا على مصريين من الدلتا أو 23 أعداء ليبيين. 21- عثر عليها في هيراكونبوليس الجزء العلوي منها محفوظ بمتحف اللوفر أما الجزء السفلي فمحفوظ بالمتحف البريطاني. الدريد: المرجع السابق ص 94 وانظر أيضا P.M. V, 104, N. 3, Child, Op. Cit, P. 80 f. Kees, H., Ancient Egypt, a cultural Topography, London, 1961, P. 40. عبد العزيز صالح: المرجع السابق ص 191-192. 22- جاردنر: مصر الفراعنة ص 428-427. - 23 جاردنر: المرجع السابق ص 429 وقارن عبد العزيز صالح: المرجع السابق ص 194-193. ثم نأتي بعد ذلك ا لى مصدر مهم من مصادر فترة قبيل الا سرات ونقصد به صلاية احلصون والغناي م أو لوحة الليبيين أو 24 صلاية الجزية الليبية أو لوحة التحنو. وهذه اللوحة ذات دلالة أوضح من المصادر السابق فقد ظهر بوجهها سبعة مستطيلات ذات أكتاف لا شك اهنا تشكل مدنا محصنة كانت جميعها تحارب معا في تحالف استطاع الملك ان ينتصر عليها والعلامات الهيروغليفية اخل المستطيلات قصد هبا أسماء الا ماكن وصور الفنان على الوجه الا خر للصلاية غناي م احلرب التي شنها ملكه فصور صفوفا من الثيران واحلمير والكباش وصور تحتها أشجارا زيتية صمغية وكتب بجانبها علامة تصويرية تعتبر من أقدم العلامات الكتابي وتدل على كلمة تحنو بمعنى ارض ليبيا أو على الا صح الا راضي الشمالية الشرقية من الصحراء الليبية اجملاورة حلدود الدلتا 25 وتأتي أهمية هذه اللوحة من اهنا تحتوي على أقدم ا شارة كتابية ا لى الليبيين أو التحنو أقدم العناصر الليبية التي عرفها المصريون. من المصادر المهمة التي تشير ا لى الليبيين صراحة في فترة بداية الا سرات صلاية نعرمر 26 وما يهمنا من هذه اللوحة ان الفنان -24 عن لوحة التحنو انظر: 6. No. P.M., V, 105, Petrie W.F., Ceremonial Slate Palettes, London, 1953 Murray, M.A., The Splendour That Was Egypt, New ed. London, 1964, P 1. IXVII. جاردنر: مصر الفرعنة 427-326. 25- عبد العزيز صالح: حضارة مصر القديمة ص 221-220. جاردنر: مصر الفراعنة ص. 427-426. Gardiner, A.E.O., I, 119* 26- جريمال: تاريخ مصر القديمة ترجمة ماهر جويجاني القاهرة 1990 ص 31 30

اظهر الملك على وجه اللوحة وهو يرتدي تاج الصعيد يأخذ بناصية زعيم خصومه ويهم بضربه بمقمعته وظهرت أمام الا سير علامتان كتابيتان تعبران عن اسم منطقته ويحتمل ان يكون وع أو وعشي وهو يتألف من صورة خطاف وحوض ماء أو ترعة ماء وظل الخطاف رمزا لا قصى الا قاليم الشمالية الغربية للدلتا على حدود الصحراء 27 الليبية. أما نقوش الملك ساحو رع من الا سرة الخامسة والتي وجت على جدران معبده الجنازي فلعلها أول نقوش تمدنا بمعلومات مفصلة بعض الشيء عن التحنو حيث ألقت الضوء على بينة التحنو الجسدية وملابسهم فكان هو لاء الرجال طوالا لهم ملامح جانبية حادة شفاهم غليظة حلاهم كثة لهم شعر مميز ينمو كثيفا على مو خرة الرقبة تصل خصلة ا لى الا كتاف مع خصلة صغيرة من الشعر فوق الجبهة والى جانب احلزام المثبت به كيس العورة كانوا يرتدون وشاحا عريضا مميزا حول الكتفين يتقاطع طرفاه ا لى الصدر وعق 28 تتدلى منه حلي. بمقارنة الليبيين الذين ظهروا في نقوش الملك ساحو رع مع الفريق الذي مثل على لوحات وصلايات فترة قبيل وبداية الا سرات المصرية لا نستطيع ان نجد فرقا كبيرا بينهم وان كان لتطور الفن ونضج احلضارة في تصوير بعض العناصر الفنية علاوة علة وصول الكتابة في مصر ا لى مراحل متقدمة الا مر الذي لم يتوافر للقطر الليبي لا يجعلنا نقطع هبذا الشبه ورغم ذلك يمكن القول ان الفريق الذي صور على وثاي ق فترة قبيل الا سرات والذي تغلب عليه هيي ة الليبيين هم التحنو الذين جاء ذكرهم في الوثاي ق التاريخية بوصفهم سكان الغرب. لا شك ان بلاد تحنو كانت تقع غربي مصر ولكن أي المناطق العربية احلقيقية انه يمكننا تحديد موقع سكنى التحنو بصورة أدق من هذا الموقع العام. هناك رأي يرى ان هذا الاسم تحنو كان يطلق غالبا على المكان الذي كان يجلب منه النطرون المستعمل في مصر القيمة لتحضير طلاء أشكال الخزف والزجاج 29 ا لا ان هذه البقعة الصحراوية ليس فيها من الخيرات ما يصلح لسكنى ع كبير من الناس كما ان تصوير الا شجار ضمن الغناي م التي ظفر هبا الملك كما أسلفنا في لوحة التحنو يوحى بان أرضهم لا تشمل بلادا صحراوي فحسب بل تشمل كذلك بقاعات خصبة في غرب وادي النيل وعلى ذلك لابد من التفكير في واحة توجد في هذه الجهة قد تكون واحة الفيوم فا ذا علمنا ان الا له سبك (التمساح) منذ القدم كان يقدس في الفيوم وان هذا الا له مثل عدة مرات بوصفه سيد بلاد باش وهي كما تحدثنا نقوش الملك سا حو رع جزء من بلد تحنو علاوة على ان نفس الا له سبك قد وجد في نص يرجع تاريخه ا لى عهد الملك طهرقا 30 يمثل بلاد تحنو. 29- Holscher, W., Libyer und Agypter, Hamurg 1037, P. 21. 30 - Macadam M.F., The Temples of Kawo, II, Oxford, 1949. 51-50 شكل.12-27 عب العزيز صالح: المرجع السابق ص 224 حاشية 168. - 28 جيهان دايزنج: البربر الا صليون تاريخ ا فريقيا العام ج 2 اليونسكو 1985 ص.439-438 33 32

وعلى ذلك يقرر هولشر ان بلد تحنو تقع في ا قليم وادي 31 النطرون والفيوم خاصة وانه هناك ما يناقض ذلك. ا لا ان هناك من يرى ان كلا من وادي النطرون والفيوم كانا معروفين للمصريين جيدا وقد وجدت أسماو ها على أثار الا سرتين الرابعة والخامسة كما ان وادي النطرون ا قليم فقير يستطيع بالكاد ا عالة ما لا يزيد على الا لفين من البشر وفي مستوى معيشي فقير من هنا لا يمكن ان يكون هذا المكان مقرا لهو لاء القوم الذين كانوا مصدر ا زعاج للمصريين أما الفيوم فكان ينظر ا ليها منذ بداية التاريخ المصري بوصفها احد الا قاليم المصرية وكانت تسمى البحيرة أما الا له سبك فلم تكن عبادته مقصورة على الفيوم بل ان قاي مة ادفو وصفته بأنه اله المقاطعة الرابعة من مصر السفلى وكذلك وصف سبك بأنه ابن الا لهة نيت وقد عبد في مقاطعة الصاوية بالا ضافة ا لى ان محلة سنوسرت الا ول ضد بلاد تحنو عادت بماشية كان من المستحيل ان تجد ما يلزمها من طعام ا لا في أراضي تقع على شاطي البحر المتوسط فا ذا عدنا ا لى الوراء قليلا نجد ان مملكة الشمال في الدلتا قد حاربت العناصر الليبية منذ وقت مبكر وكما أسلفنا فان معظم مصادر فترة قبيل الا سرات قد أشارت ا لى ان احلروب التي صورهتا كانت تقع في شمال غرب الدلتا وقد وجد ليبيون من نفس الجنس مستقرين في المنطقة الممتدة من شمال غرب الدلتا حتى الفرع الكانوني وهذا يساعد على تحديد الا قاليم الزراعية التي أسستها هذه الجاليات والتي كانت صاحلة لتربية الماشية والا غنام المذكورة على لوحة التحنو والتي ذكرها أيضا سنوسرت الا ول فا ذا علمنا ان المناطق الخصبة في ليبيا تقع بالقرب من الفرع الكانوني أيضا حيث كانت الا رض صاحلة لنمو المحاصيل الزراعية فكانت يوسبريس (بنغازي) صاحلة لزراعة الغلال و قوريني (برقة) تنتج أكثر من محصول في العام الواحد وعليه يمكن القول ان المناطق الممتدة من شمال غرب الدلتا حتى ا قليم برقة غربا ومن الواحات ووادي النطرون جنوبا حتى البحر المتوسط 32 شمالا هي ا قليم تحنو. أما تفسير نيو بري لوضع اسم تحنو بين عدد من الا شجار على لوحة الجزية سالفة الذكر والتي اعتقد اهنا شجرة الزيتون ويعلل وجهة نظره بان هناك نوعا من الزيت ذكر باسم حانن تحنو (زيت من الدرجة الا ولى) وان كلمة تحنو كتبت بنفس الطريقة التي كتبت هبا بلاد تحنو وان أشجار الزيتون بكثرة في مريوط والواحات وبرقة 33 وقد اتخذ أصحاب الرأي السابق هذا التفسير دليلا على وجهة نظرهم وان كان الدارس يميل ا لى ذلك فهو يرى انه ا ذا افترضنا ان الشجرة المرسومة على لوحة الجزية هي نبات السلفيوم الذي اشتهرت به برقة (قوريني) منذ القدم ولم ينم في أي ا قليم ا خر خاصة ان المصريين سموا هذا الا قليم باسم الشجرة غير المألوفة في مصر والمعروف ان المصريين كانوا يعرفون الزيتون جيدا ولا يعرفون شيي ا عن السلفيوم 34 نقول ا ذا افترضنا 32 - Fakhry, A, Bahria Oasis, 1, 1924, PP. 5-6; Gardiner, A.E.O., 1 H 117* f El-Mosallamy, A.H.S., «Lbiyco-Berber Relattons with Ancieit Egypt, The Tehenu in Egypttan Records» Libya Antique, 2, 1986, P. 52. 33 - Fakhry, Op. Cit., PP. 5-6 ; Gardiner, A.EO 1, 117*- 119*. El-Mosablamy, Libya Antique, 2, 1986, P 52. - 34 كان السلفيوم من الا مور التي لا يمكن الكتابة من برقة وتاريخها ون ان ينال ذكره ما استحقه من أطناب احلديث حتى ان اسم برقة كان يعرف بالسلفيوم والذي لا يذكر اسمه ون ان يضاف ا ليها وكان السلفيوم وحرص قدماء المو لفين على وصفه بل انه ضرب على العملة وكان الغذاء والطب من أهم مجالات 31 - Holscher, Op. Cit., P. 21. 35 34

ذلك كان تأييدا أقوى لوجهة النظر التي ترى ان أرض التحنو تمتد حتى ا قليم برقة. وهكذا نجد ان لفظ تحنو في أقدم العصور كان يدل على اسم مكان خاصة اقرب الجهات ا لى مصر من جهة الغرب ثم تغيرت دلالته بحيث صارت تطلق على جميع سكان المناطق الصحراوية الواقعة في غربي وادي النيل ثم لا تلبث هذه التسمية ان تفقد دلالتها العرفية الخاصة لتصبح مجرد مصطلح جغرافي بحيث نراها تنجر بعد قيام الدولة المصرية القديمة على شعوب المنطقة الغربية أيا كانت سماهتا وخصاي صها العرقية وأيا كان زيهم وبذلك صارت هذه التسمية 35 مساوية لمصطلح ليبي في أوسع معانيه. أما التمحو فلم يكونوا فرعا من التحنو بل كانوا جماعة عرقية جديدة لون بشرهتا فاتح وعيوهنا زرقاء بينهم نسبة كبيرة ذات شعر أشقر 36 واحلقيقة ان شواهد ما قبل التاريخ ممثلة في تلك اللوحات البداي ية المرسومة على صخور الصحراء الليبية تشير ا لى سكنى أصحاب البشرة البيضاء والشعر الا شقر في فزان والمنطقة الوسطى من الصحراء الكبرى وكان ذلك خلال عصر الرعاة الذي 37 حدد له تاريخ الا لفين السادس ومنتصف الا لف الرابع قبل الميلاد استخدام النبات. عن السلفيوم انظر: الهادي أبو لقمة: السلفيوم الثروة المفقودة بنغازي 1985. مراجع عقلية الغناي: السلفيوم مصراته 1994 شامو: المرجع السابق فصل.11-35 سليم حسن: مصر القيمة ج 7 ص 36-35. 36 - Hölscher, Op Cit. ; P. 24. 37- موري: تادرارت اكاكوس-الفن الصخري وثقافات الصحراء قبل التاريخ منشورات مركز الجهاد الليبي طرابلس 1988 ص 18. لوحة 83. والمعروف ان ذكر الوثاي ق المصرية للتمحو يعقب تاريخ الرسوم الصخرية بعدة قرون حيث كان أول ذكر لهو لاء القوم يرجع ا لى عهد الملك ببى الا ول ثالث ملوك الا سرة السادسة ا ذ ذكر قاي د جيشه ونى في نقوش مقبرته في أبيدوس انه قاد جيشا ضد بدو أسيا وان هذا الجيش كان يضم فرقة من التمحو ضمن عشرات الا لاف من شتى أنحاء الجنوب من النوبيين من ايرثت ومجاي ويام وواوات وكاو ومن بلاد التمحو 38 وفي عهد الملك مرنرع و ببى الثاني قام حر خوف بأربع رحلات ا لى جنوب سلك خلالها طريقين طريقا يوازى النهر والدروب القريبة منه وطريقا يصل بين الواحات عبر الصحراء الغربية وفي رحلته الثالثة سلك طريق الواحة من أبيدوس ويحتمل ان يكون هو طريق درب الا ربعين وهنا علم حر خوف ان هناك نزاعا بين يام وقباي ل التمحو فعمل على ا صلاح ما بينهما 39 وقد ثار جدل كبير حول تحديد موقع يام التي تعتبر نقطة النهاية في رحلات حر خوف فيرى اركل اهنا في دارفور 40 بينما يجعلها كيس عند كوبر: من الصيد ا لى الرعي-ما هو العصر احلجري احلديث في الصحراء الكبرى الصحراء الكبرى ترجمة: مكاي يل محرز طرابلس 1979 ص 78. هنري لوت: لوحات تاسيلي قصة كهوف الصحراء ترجمة أنيس ذكى بيروت 1967 ص 68. 38 - B.A.R. 1, 291-294, 306-315, 319-324 - 39 عبد العزيز صالح: حضارة مصر القديمة ص 389. أمري: مصر وبلاد النوبة ترجمة تحفة حندوسة القاهرة 1970 ص 134. Junker, H., «The First Appearance of the Negeroes in History, J.E.A., 7, 1921, P. 212. 40 - Arkell, A.J., A History of the Sudan from Earliest Times to 1821, 2 nd ed, London, 1961, P. 42 ff. Kees Op. Cit., PP. 128 f 37 36

جزيرة ساي شمال الجندل الثالث 41 ويرى عبد العزيز صالح اهنا تقع قريبة من مجرى النيل حول الجندل الثاني 42 ويراها جاردنر جنوبي 43 الجندل الثاني ولكنها لا تصل حتى الجندل الثالث. وتشير هذه الاختلافات جميعها ا لى ا مكانية وقوع بلاد يام جنوب غرب النوبة السفلى وطبقا لنص حر خوف فان بلاد تمحو تقع غرب بلاد يام وجدت ري يس يام قد ذهب ا لى ارض التمح ليضرب التمح في ركن السماء الغربي 44 ويرى عبد العزيز صالح ان قباي ل التمحو انتشرت في طريق الواحات غرب النيل وامتدت حتى واحة سليمة 45 ومن المعروف ان المصريين قد اتخذوا من التمحو جنودا لهم على هيي ة فرق كاملة كما جاء على لسان ونى ومعنى ذلك ان التمحو عرفوا طريقهم ا لى مصر فلابد تبعا لذلك ان ازداد عددهم ومن ثم لا نستبعد ان يكون قادهتم قد أصبح لهم مكانة ونفوذ ا بان تلك الفترة ولعل مكانتهم هذه بالا ضافة ا لى زعزعة الا وضاع خلال عصر الانتقال الا ول كانت من العوامل التي دفعت بموجات جديدة من التمحو للاستقرار في مصر حيث تشير الدلاي ل ا لى انه حدث زحف قام به قوم من الجنوب في فترة تعاصر عصر الانتقال الا ول في مصر وانتشروا بمحاذاة النيل شمالا وقد تخطا في زحفهم الجندل الثاني ثم اكتسبوا في طريقهم سكان بلاد النوبة السفلى ثم تابعوا سيرهم حتى الجندل الا ول 46 كما تدل نتاي ج الا بحاث الا ثرية في هذه الجهات ان هو لاء القوم من جنس واحد وهم ليسوا من الزنوج وكذلك ليسوا مثل سكان بلاد النوبة الاتدمين 47 وليس أمامنا ما يشار ا ليهم على هذا النحو ا لا التمحو الذين لا يستبعد أهنم سلكوا طريقهم من الجنوب الغربي للصحراء الليبية متجهين نحو الشمال لاسيما ان الكشوف الا ثرية تعم مثل هذا الاحتمال فق عثر في بلاد النوبة على مجموعة من المقادير لقوم ليسوا مصريين أطلقت عليهم بعثة» The» Nubia Arehaeologicalاسم Survey of اجملموعة) ج( أو اجملموعة الثالثة ذلك لعم معرفة اسمهم احلقيقي ولكن باكتشاف مقادير هو لاء القوم بين الجندلين الا ول والثاني في زمن يو رخ بالفترة من حوالي هناية حكم الا سرة السادسة وحتى الا سرة الثانية عشرة وحيث ان هذه الفترة تعاصر حلول فترة الجفاف الذي ازداد في هذه الجهات منذ الا لف الثالثة ق.م وكذلك في عدم العثور على فخار سابق لفخارهم في بلاد النوبة وفي ظهور فخارهم فجأة وفي مشاهبة هذا الفخار للفخار الذي عثر عليه في وادي هوى على بعد أربعماي ة كيلو متر من الجنوب الغربي للجندل الثالث بين دارفور والصحراء الليبية كل هذا يشير ا لى ان أصحاب هذه المقابر وصلوا ا لى النوبة قادمين عن طريق جنوبي غربي 48 ويو يد ذلك أيضا ان صناعة وادي هوى اقل دقة واخشن صنعا من صناعة قوم اجملموعة الثالثة مما يدل على اهنا صناعة باي ية ا ذا ما قورنت بالا واني النوبية وهذا يشير ا لى ان البداية كانت في وادي هوى والتطور كان في النوبة وهذا ما 47 - Ibid, P. 6. أمري: وبلاد النوبة ص 138. 48 - Hölsher, Op. Cit., P. 55, Bates, Op. Cit., P. 254c Arkell, Op.. Cit.P. 9 f Bennety Shaw, B., Two Burials From The South Libyan Desert, J.E.A.,32, 1936, P. 7. 41 - Kees Op. Cit., PP. 128 f - 42 عبد العزيز صالح: حضارة مصر القديمة وا ثارها ص 389. - 43 جاردنر: مصر الفراعنة ص. 120-119. - 44 جاردنر: المرجع السابق ص 119. 45- عبد العزيز صالح: المرجع السابق ص 389. 46 - Steindorff, Aniba, 1, Hamburg, 1935, P. 8. 39 38

يقف سندا لاحتمال ان وادي هوى كان في طريق هجرة التمحو ا لى الشمال ويوحي في نفس الوقت بالصلة بين التمحو وأصحاب مقابر اجملموعة الثالثة وسكان وادي هوى ويو يد ذلك ما توصل ا ليه 49 باتس من ان تلك المقابر كانت لتجمعات ليبية عاشت في النوبة وا ذا كنا نميل ا لى رأي باتس في ان قوم اجملموعة الثالثة ينتمون ا لى الليبيين التمحو ا لا أننا لا نرى وجهة نظره في الطريق الذي سلكوه للوصول ا لى هذه المنطقة وبالتالي موطنهم الا ول حيث يرى أهنم قدموا عن طريق شمال سالكين الطريق المتجه جنوبا من واحة الخارجة واستقروا في الوادي هناك 50 وبما أننا توصلنا ا لى ان اجملموعة الثالثة هم التمحو يمكن ان نرجح ما ذهب ا ليه ستايند ورف الذي يرى أهنم أتوا من الجنوب الغربي من كرفان واستوطنوا جهة الشلال الثاني للنيل أولا ويو يد ذلك انتشار صناعة الفخار في كل مكان من 51 النوبة وفي كرفان وصلتها الوثيقة بصناعة اجملموعة الثالثة التمحو بالا ضافة ا لى ذلك يمكن القول ان التمحو لم يرد ذكرهم على لسان حر خوف ا لا في رحلته الثالثة من مناطق تقع ا لى الغرب من يام مما يوحي بأنه أوغل غربا ابعد من يام مما يوحي بان بلاد التمحو تقع بعيدا جدا عن جنوب غرب مصر أضف ا لى ذلك أننا لم تسمع عنهم شيي ا قبل هذا الاستيطان ويجب ا لا نغفل ان هو لاء القوم وصلوا 52 في هجرهتم شمالا ا لى مناطق مقابلة للساحل الليبي للبحر المتوسط 53 ولعل هذا ما دفع البعض ا لى الاعتقاد بأصول التمحو الا وربية وقد اختلف العلماء في نظرهتم للصفات العسكرية التي اتصف هبا التمحو فهناك من يرى ان تمحو (سكان النوبة السفلى) كانوا من جنس غير عدواني محبين ولم يعتبرهم المصريون لاي قين كرجال للجيش وتعليل ذلك عدم وجود أسلحة ضمن الا شياء المتنوع التي عثر عليها في مقابرهم كما ان احلصون المصرية مثل جنود من كرمه بينما لا نجد أثرا للتمحو 54 وطبقا لما توصلنا ا ليه من ان اجملموعة الثالثة هم التمحو يمكن القول ان أمرى قد جانبه الصواب فيما ذهب ا ليه حيث ان عدم وجو أسلحة ليس ذليلا قاطعا على ان هو لاء القوم كانوا مسالمين فربما سرقت الا سلحة من تلك القبور خاصة وأهنا قبور سطحية والمعروف ان اللصوص هنبوا معظم المقابر المصرية قوية البناء كثيرة السراديب 55 بالا ضافة ا لى ذلك فانه من المعروف ان التمحو وفدوا ا لى النوبة قبل احتلال ملوك الدولة الوسطى لها ولذا لم يدخل التمحو تحت احلماية المصرية طواعية بل ان ذلك تطلب معارك طويلة ويدل على ذلك احلملة التي قادها سنوسرت الا ول في عهد والده (أمنمحات الا ول) أول ملوك الا سرة الثانية عشرة حيث جاء في نقش قصير وجد على صخرة قريبة من كروسكو انه في السنة التاسعة والعشرين للملك سحتب أب رع (أمنمحات 56 الا ول ( ليعيش للا بد حضرنا لنخضع واوات (النوبة السفلى) وهي موطن استقرار قوم التمحو وقد أقام ملوك الا سرة الثانية عشرة 53- سليم حسن: مصر القديمة ج 7 ص 4. Moller, Dle gypter und ihr liby schen ; P. 45. - 54 أمري: مصر وبلاد (النوبة) ص 143-142. 55 - Peet, E, The Great Tomb-Robberies of the Twentieth Dynasty, 2 Vol., Oxford, 1930. 56 - B.A.R., 1 473. 49 - Bates, Op. Cit., P. 252. 50 - Bates, Op., Cit., P. 245. 51 - Steindorff, Op. Cit., P. 6. - 52 امحد حسن غزال: ملاحظات حول التأثيرات الليبية في مقابر سهل ميسارا جنوب جزيرة كريت في الا لف الثالث ق.م مجلة كلية الا داب العدد السابع بنغازي 1975 ص 304. 41 40

شبكة من التحصينات وبما ان هذه التحصينات أقيمت بعد استقرار التمحو في النوبة فا هنا بالضرورة كانت للوقاية منهم وليست محاية لهم أما كون جنود هذه القلاع كانوا من كرمه وليس من التمحو فهذا أمر منطقي حيث انه لا يمكن ان يدافع عن القلاع جنود من التمحو ضد التمحو وأخيرا فان القول بان المصريين لم يعتبروهم لاي قين كرجال للجيش فان هذا يتناقض مع ما ذكره (ونى) عن اعتماده على فرقة من التمحو في جيشه أثناء محلته على أسيا وعلى ذلك يمكن القول ان التمحو كانوا محاربين أشداء وكثيرا ما اضطر ملوك الدول الوسطى ا لى مطاردهتم وقد رسمت صورهم أثناء عصر الدولة احلديثة ومن السهل التعرف عليهم بضفاي رهم التي تتدلى أمام الا ذن والمطروحة للخلف على الا كتاف وكانوا عادة يضعون ريشا في شعورهم ويلبسون أحيانا العباءات كان سلاحهم هو القوس وأحيانا السيف أو العصى المعقوفة وهذه الملامح ذكرها هيردوت عن السرتيين الليبيين في القرن الخامس ق.م ومن هنا يمكن ان نستنتج 57 ان التمحو هم أجداد الليبيين الذين عرفهم الا غريق في برقة. أما الماشواش فهم شعب ليبي وحدهم بروجش كما يذكر جاردنر بقوم الماكسويس الذين ذكرهم هيردوت بالقرب من تونس وربما أشير للماشواش ضمن الشعوب الشمالية التي أخضعها تحمس الثالث ا لا انه لم يستعن هبم ومنذ ذلك الوقت ليس هناك ما يخص الماشواش حتى عهد حور محب ا خر ملوك الا سرة الثامنة عشرة وقد وجد اسم الماشواش على تمثال وجد في مدخل معبد رمسيس الثالث بالكرنك وأقدم ا شارة للماشواش كفرقة عسكرية ضمن فرق الجيش المصري ترجع لعهد رمسيس الثاني حيث ذكروا - 57 جيهان ديزانج: البربر الا صليون ص 439. مع الشردن والكهف والنولبيين وربما اخذ هو لاء أسرى في معركة ليبية قبل أو في عهد رمسيس الثاني أما في عهد مر نبتاح فكان الماشواش ضمن محلة منظمة قادها زعيم الليبو ماراى وقد لعب الماشواش دورا ثانويا في احلرب الا ولى لرمسيس الثالث مع الليبيين ا لا أهنم كانوا العدو الا ول في احلرب الثانية ومنذ ذلك الوقت أصبحنا نسمع عن الماشواش أكثر من الليبو 58 واحلقيقة ان هناك صفات كثيرة مشتركة بين الشعبين مما يثبت أهنما كانا من جنس واحد ولكنهما يختلفان في بعض التفصيلات منها ان الليبيين كانوا لا يستعملون جراب العورة وأهنم كانوا لا يختنون وان كان ونرايت يرى غير ذلك لان رمسيس الثالث فعل هبم ما فعل بالليبو ا ذ قطع غلفهم وأيديهم أيضا بالا ضافة ا لى مر نبتاح يقرر في مناسبات عدة ان عضو التذكير الليبي غير مختتن من هنا يرى ونرايت ان الماشواش كانوا غير مختونين أيضا وان اختلاف الملابس بينهم وبين الليبو كان مجرد نوع من الطراز وان هذه الاختلافات كانت نتيجة تأثير شعوب البحر ومنها استعمال السيف الطويل واستعمال ا شارة لا بعاد الشر وهي الا شارة باليد في هيي ة القرن في وجه الا عداء وهذا التشابه بين الماشواش وشعوب البحر يميزهم عن الليبيين الا خرين ومن الواضح ان الماشواش حصلوا على السيوف من أقوام أكثر منهم حضارة لا هنم كانوا مجرد رعاة وربما حصلوا عليها من شعوب البحر لان بعض هذه الشعوب وبخاصة الفلسطينيون والشردن قد محلوها كذلك كما ان ندوة التكوينات المعنية في مواطن الماشواش لا تمكنهم من صنعها أما عن شكل اسم الماشواش فيرى ونرايت انه ينتهي ب شاء ككثير من شعوب البحر مثل ايقواشا وتورشا 58 - Gardiner, A.E.O., 1, 119*-120* 43 42

وشكلش وهبذا يبدو ان الماشواش ينتمون لنفس اجملموعة 59 وهنا يمكن القول انه لا يبدو ان شعوب البحر قد أثرت تأثيرا عظيما في احلضارة الليبية كما يزعم ونرايت وذلك لسبب بسيط هو ان هذه الشعوب لم تستقر بل لم تنزل الا رض الليبية (سيأتي احلديث عن هذه النقطة بالتفصيل فيما بعد) وحتى لو سلمنا بان الماشواش اقتبسوا السيف الطويل من شعوب البحر فان استخدام هذا السلاح لم ينتشر على نطاق واسع على ما يبدو وربما حصلوا عليه من شعوب البحر نتيجة التقاي هم مع شعوب البحر في الا راضي المصرية أثناء حرهبم مع مر نبتاح حيث ان شعوب البحر لم تذكر باعتبار اهنا على اتصال بالليبيين ا لا مرة واحدة خلال حكم مر نبتاح وربما كان ذلك نتيجة لاختلاط عديد من الغارات الليبية بغزو شعوب البحر 60 أما بالنسبة لشكل اسم الماشواش فان باتس يقرر ان اسم مشو هو شكل شاي ع عند البربر ويعني الشريف أو احلر كما ان شا لا يمكن ان تشتق من القباي ل لا هنا كانت مستعملة قبل ان تظهر شعوب البحر في ا فريقيا في عهد مر نبتاح 61 وعلى ذلك نرى ان الماشواش قوم ليبيون وليسوا من شعوب البحر. أما الليبو فهم احد الشعوب الليبية التي ذكرت في نصوص رمسيس الثالث ومن قبله في عه مر نبتاح كان أول ذكر لهم قد جاء على أجزاء من لوحة (أو لوحات) من الجرانيت الا محر عثر عليها 59 - Waniwrlght, G., The Meshwesh, J.E.A., 48, 1962, PP. 89-99. 60- دريتون-فاندييه: مصر ترجمة عباس بيومي القاهرة 1950 ص 477. 61- Bates, Op. Cit., PP. 2-46. Zibellus. K., A fri Kanische orts, und volkeénamen in Hierogiyphischen und eratischen Terxten, wiesbadan, 1972, P. 185. 62 في حصن العلمين وتشير ا لى ان رمسيس الثاني قام بغزو بلا الليبو معنى ذلك ان هذا الملك وصل ا لى برقة أو ابعد من ذلك حيث كان يقيم الليبو يو يد ذلك ان تحرك ماراي بن ديد زعيم الليبو كان يستهدف النزول على ارض التحنو أولا... ان زعيم الليبو ماري بن ديد انقض على ا قليم تحنو برماته 63 وقد سبق ان ذكرنا ان ا قليم تحنو يمتد حتى ا قليم برقة فا ذا نظرنا ا لى الغناي م التي حصل عليها المصريون من الليبو والماشواش نجد اهنا تشمل ماشية وأغناما وثيرانا ومحيرا وهذه احليوانات لا تعيش ا لا في مناطق رعوية غنية ان لم تكن زراعية واحلقيقة ان ا قليم برقة وما يليه من الا رض الليبية يتميز بذلك أما القول بان رمسيس الثاني قام بغزو بلاد الليبو فهذا دليل على ان هذا الفرعون ق سيطر على بلا التحنو اجملاورة لمصر أو أهنم كانوا خاضعين له وخير دليل على ذلك ما قام به الفرعون من بناء سلسلة من احلصون في الصحراء الغربية من راقودة ا لى زاوية أم الرخم 64 وا خر هذه احلصون يحد القسم الشمالي من احلدود الغربية لا قليم تحنو كما تقع هذه احلصون في أراضيهم وهذا أمر ما كان ليحدث لو لم تكن هذه الا رض تحت سلطانه. واحلقيقة ان بناء هذه احلصون خلف موطن التحنو يشير ا لى ان هذه القبيلة لم تع مصدر خطر بالنسبة لمصر وان الخطر 62- Row, A., A Histiry of Ancient cyéenaica, Ciaro, 1948. P. 4. 63- جاردنر: مصر الفراعنة ص 300. 64- Habachi, 1., The Military post of Ramesses II, on The coastal Road and the Western of the Delta B.I.F.A.O. 80, 1980, PP. 13-30. O ocnnor, D., «Egypt 1552-664 B.C «C.A.H» 1, 1982, PP 922-923. 45 44

احلقيقي المتوقع يمكن في قبيلة الليبو خاصة في الوقت الذي بدأت فيه هجرات شعوب البحر تتدفق على أسيا الصغرى وجزر بحر ايجه لذلك أدرك الفرعون خطورة الموقف لو أغار الليبو على مصر في تلك الظروف ولاتقاء هذا الخطر بادر ببناء تلك احلصون. بدأ الليبيون يلعبون دورا مهما في التاريخ المصري بعد ذلك فقد اشتركوا في احلروب ضد مر نبتاح و رمسيس الثالث وكان أميرهم محرضا للحروب التي لعب الماشواش وشعوب البحر دورا مهما فيها ثم استطاعوا بع حروب رمسيس الثالث ان يتسللوا ا لى البلاد وان يحتل بعضهم مراكز مهمة فيها وكان ذلك نتيجة لاضطراب أحوال مصر السياسية والا منية بعد رمسيس الثالث حيث اضمحلت سلطة الفرعون وفقد هيبته الا لهية وبالتالي اختل الا من الداخلي وبدأ الصراع بين طواي ف اجملتمع المختلفة وتعتبر مو امرة احلريم التي تعرض لها رمسيس الثالث من ابرز الا مثلة على اضطراب الا حوال السياسية والا منية في تلك الفترة ومما تجدر الا شارة ا ليه ان احد المهتمين في تلك المو مراة كان من الليبو وكان يعمل حاجبا في القصر الملكي 65 كما نشبت حرب أهلية في عهد رمسيس الخامس أو السادس وفي عهد رمسيس احلادي عشر قامت ثورة ضد امنحتب كبير كهنة أمون وثورة أخرى قام هبا بانجس ناي ب الملك في النوبة 66 وهكذا يبدو ان اضطراب أحوال مصر الداخلية في تلك الفترة أدى ا لى ا همال احلدود الغربية حيث تركت مفتوحة نسبيا بعد رمسيس الثالث حتى أصبحنا بعد ثلاثين عاما من مونه نرى الليبيين يتجولون في مصر في جماعات للسلب ويسرد دفتر يومية العمال في الجبانة الملكية بغرب طيبة عدة أيام كان العمل معطلا بسبب الليبو وحينما كانت تأتي هذه العصابات ا لى 67 العاصمة كانت تسبب الاضطرابات وتقضي على الا من فيها. عندما حل الاستعمار الا غريقي على ليبيا لاحظوا تشابه العادات والا عراف التي كانت ساي دة لدى الليبيين في زماهنم مع التمحو والشعوب الا خرى السابقة عليهم وهذا التشابه يجعلنا نعتقد بان القباي ل الليبية التي عرفها المصريون هم الا سلاف المباشرون للقباي ل الليبية التي وجدها الا غريق فحل الادرماخداي محل التحنو والجلجاماي محل الليبو والنسامونيين محل الماشواش وسكن الاسبت جنوب برقة حتى بنغازي بينما استقر البكاليس في توكرا توخيره 68 وعلى ذلك يمكن توزيع القباي ل الليبية التي وجها الا غريق عند استعمارهم ليبيا وفقا لما ذكره هيردوت على النحو التالي قبيلة الادرماخداي وهي اقرب القباي ل الليبية ا لى مصر حيث يمتد ا قليمها من حدود مصر الغربية حتى ميناء بلونس (سيدي براني ثم قبيلة الجلجاماي التي يمتد ا قليمها من سيدي براني حتى جزيرة افروديدوس (جزيرة كرسة) غربي درنة وهم الذين نزل الا غريق بأرضهم وقادوهم بعد ذلك من ازيرس ا لى الموقع الذي أسست فيه مدينة قوريني ثم قبيلة الاسبوستاي ويليهم من جهة الغرب قبيلة الاوسخيساي الذين كانوا يقطنون مناطق المراعي وكانت تقيم بالقرب منهم قبيلة البكاليس وهي قبيلة صغيرة العدد ويتصل ا قليمها 67 - Ibid; PP. 20-626. 68 - Rowe, Op. Cit., PP. 8-9 65- Cerny, J., Egypt from the Death of Ramesses III to the End of the Twenty-first Dynasty C.A.H3, 1980, PP. 606-620. Edgerton, W.E., and Wilson J., Histirical Records of Ramesses III, Chicago, 1936, PP. 81-82. Gardiner, A.E.O., I, 121*-122* 66 - Cerny, C.A.H3, 2B, 625-626. 47 46