مجلة الدراسات العل ا- جامعة الن ل ن )مج 8 ( 29( ع) 2017/4/1 م ISSN: GCNU Journal تاهالث في لفظت )أنفسكن( لترسيخ األخوة في القرآى الكرين اعدا

ملفّات مشابهة
جامعة عين شمس كلية الحاسبات و المعلومات كنترول الفرقة الرابعة بيانات الطالب )رقم الجلوس-الحالة الدراسية-االسم( النمذجة والمحاكاة نتيجة طالب الفرقة الر

جامعة عين شمس كلية التربية النوعية ة امتحان دور : ف نتيجة الفرقة : يناير األولى قسم تكنولوجيا التعليم الفرقة األولى العام الد ارسى : / ( عام

هاروت وماروت كما وردت يف القرآن الكريم )من خالل تفسري ابن جرير الطربي - -ت 310 ه املسمى جامع البيان يف تفسري آي القرآن ) دكتور سناء بنت عبد الرحيم بن

حقيبة إنجاز المعلم والمعلمة إعداد األستاذ/ بندر الحازمي

1

15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة 15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة

easy - translation

اإلحتاد املصري لتنس الطاولت بطىلت اجلمهىريت املفتىحت لفردي مجيع االعمار السنيت للبنني والبناث صالت رقم ( 1 ) استاد القاهرة خالل الفرتة من 04 اىل 12 فر

بسم رلا هللا من قوله : وبعدها أمر بالهجرة إلى المد نة... إلى قوله : حتى تطلع الشمس من مغربها... وبعدها أمر بالهجرة عن بعد ان مكث النب هللاىلص ف مكة عش

جامعة الانبار – قسم ضمان الجودة والاعتماد - السيرة الذاتية لعضو هيئة تدريس

REPUBLIQUE ALGERIENNE DEMOCRATIQUE ET POPULAIRE وزارة التعليم العالي والبحث العلمي Ministère de l enseignement supérieur et de la recherche scientifiq

Microsoft Word - 50-John

اشارات النت جة رقم الجلوس جامعة ع ن شمس كل ة االداب-التعل م المفتوح وحدة تكنولوج ا المعلومات نت جة امتحان التعل م المفتوح نا ر )2015( 1 المستوى الثامن

ن خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 15 من شوال 1439 ه الموافق 2018/6/29 م م ن ال م ن اه ي الل ف ظ ي ة ن ا م ن س ي ئ ات أ ع م ال ن ش ر ور أ ن ف سن ا

Sum Practical Attendence Mid

اسم المفعول

االسم رقم الجلوس ابانوب راضى عط ه بطرس ابانوب سم ر غندور كرلس ابانوب شكرى فهمى حن ن ابانوب عادل ا وب مس حى ابانوب ع د فت

المرشح ن للمقابلة المنوف ة الدفعة الثالثة وم األربعاء 7102/8/9 م م

بسم الله الرحمن الرحيم

وزارة التعليم العالي والبـحث العلمي

اسم المدرس: رقم المكتب: الساعات المكتبية: موعد المحاضرة: جامعة الزرقاء الكمية: الحقوق عدد الساعات: 3 ساعات معتمدة نوع المتطمب: تخصص اختياري عنوان المق

بسم رلاهللا لما ذكر المصنف رحمه ما تقتض ه شهادة اال اله اال هللا عرج بعد ذلك ف ما تقتض ه شهادة ان دمحما رسول هللا فقال وانه خاتم االنب اء وان دمحما عب

اإلحتاد املصرى لتنس الطاولة بطولة اجلمهورية املفتوحة األوىل لفردى الرباعم والربعمات حتت 12 سنة واألشبال والشبالت حتت 15 سنة صالة رقم ( 1 ) - استاد الق

السيرة الذاتية للدكتور محمد شلال العاني

البكريةA5.indd

Microsoft Word - Conversion - Tagheyer - Rougoua

الدرجة والخطة الدراسية الكلية: القسم: الدفعة: الدرجة: التخصص: التخصص الدقيق: التربية العلوم اإلسالمية 2010 بكالوريوس التربية التربية اإلسالمية ملخص ال

ت المديرية ديالى ديالى ديالى ديالى ديالى ديالى ديالى ديالى د

Microsoft Word - 47-Matthew

اإلصدار الثاني محرم 1436 ه الكلية: القسم األكاديمي: البرنامج: المقرر: منسق المقرر: منسق البرنامج: تاريخ اعتماد التوصيف: العلوم والدراسات اإلنسانية رما

الدرجة والخطة الدراسية الكلية: القسم: الدفعة: الدرجة: التخصص: التخصص الدقيق: التربية العلوم اإلسالمية 1122 وما بعد بكالوريوس التربية التربية اإلسالمية

نت جة إختبار قدرات الوافد ن والشهادات المعادلة )عمارة( 2017 م أسم الطالب الرقم القوم الدولة الحاصل منها الطالب عل الشهادة نوع الشهادة ا

AnyFileYY675SLX

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

))اوراق عمل مادة التوح د(( اولى متوسط مالحظة: ال غن عن الكتاب الدراس

الجامعة الأردنية

قررت وزارة التعليم تدري س هذا الكتاب وطبعه على نفقتها الريا ضيات لل صف االأول االبتدائي الف صل الدرا سي الثاين كتاب التمارين قام بالت أاليف والمراجعة

اشارات رقم النتيجة الجلوس نتيجة امتحان التعليم المفتوح يناير )2016 ) 1 المستوى الثامن- شعبة االرشاد ( قديم ) جامعة عين شمس كلية االداب- التعليم المفتو

بسم الله الرحمن الرحيم

اسم الطالب أجان ال اس اوم احمد عباس رش د احمد ممداد ح در عل احمد نذ ر دمحم صالح ارا واروس طاطول أر ن كامران سل مان إسراء سعد هللا جاسم أسماء صل وا ججو

مـــــن: نضال طعمة

الم ب س ط ة الع ر ب ي ة الت ر ج م ة Language: العربية (Arabic) Provided by: Bible League International. Copyright and Permission to Copy Taken from th

الجامعة الاردنية:الصحة النفسية

2 nd Term Final Revision Sheet Students Name: Grade: 4 Subject: Saudi Culture Teacher Signature 1

طور المضغة

)) أستطيع أن أفعلها(( المادة : لغة عربية الصف و الشعبة: السابع االسم : عنوان الدرس: ورقة مراجعة )) العمل الفردي (( األهداف: أن يجيب الطالب على جميع اأ

الشريحة 1

خطبة ( إن ا ل ب رار لفي نعيم( مع العالمات التوضيحية لألساليب الخطابية

د ع اء ك م يل بن ز ياد د ع اء ك م يل بن زياد ( رح ه هللا( م ا لل ه م إن ي أ س أ ل ك ب ر ح م ت ك ال تي و س ع ت ك ل ش ي ء و ب ق و ت ك ال تي ق ه ر ت ب ها

الدِّيكُ الظَّرِيفُ

الرسالة األسبوعية/ الصف السادس 2018 / 9 - األحد 16 أولياء األمور الكرام : إليكم الرسالة األسبوعية وما سيتم إنجازه هذا األسبوع: األسبوع الماضي : تم اال

* *على كل طالبة التأكد من رقم جهازها قبل دخولها المعمل سوف تكون هناك قائمة على الباب بذلك ** **ال سمح ألي طالبة الدخول للمعمل اذا لم تكن ه فترتها المح

م ق د م ة الفهرست ال ف ص ل ال أاو ل : م راج عات ق ب ل ي ة ال م ف عول ب ه ال م ب ت د أا و ال خ ب ر الن ع ت ال ع ط ف ال ع د د و ال م ع دود )11 19( ال ف

قيمة الوقت عند المسلم

الحق التعويضي في التأمين على الحياة والجهة المستفيدة منه

التعصيب و الحجب

Kingdome of Saudi Arabia Ministry of Education Taibah University University Testing Center المملكة العربية السعودية وزارة التعليم جامعة طيبة مركز االخ

م ج ل ة الض اد ل ل غ ة الع ر ب ي ة العدد - 12 ديسمرب 2016 اإل م ام الخ ب ير الم غ ر ور و ح د يث الد ود ة! الش اف ع ي م ن م ح ن ة الو ل ي ة إ ل ى م ن ح


تقویم آموزشی سالتحصیلی مرکز تخصصی عالمه امینی )ره( تبر یز روز هفته شمسي قمري مناسبت هفته درسي مالحظات 1 ذي الحجه شنبه 95/6/13 سالروز ازدواج حض

المقدمة

التدرجات السنوية - ثانوي - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التربية الوطنية المفتشية العامة للبيداغوجيا العام الثانوي التعليم مديرية والت

ل مدرسة المجموعة اإلنجل ز ة السالم ة ورلة عمل للصف الخامس السإال األول 1 صحح ما تحته خط بكتابة الكلمة الصح حة ب ن الموس ن ) 1 اإل مان بال وم اآلخر هو

كلية الدراسات التطبيقية وخدمة المجتمع قسم العلوم اإلدارية واإلنسانية جدول االختبارات النهائية للفصل الدراسي األول 1440/1439 ه اليوم والتاريخ الفترة ال

مشروع قانون المحكمة الدستورية التقرير العليا الرابع والسبعون مشروع قانون مقدم من الحكومة تقرير لجنة الفصل التشريعى األول دور

أاعمال الر سل 507

رقم الجلوس جامعة جنوب الوادى كلية التربية بالغردقة ول شيت الف التعليم األساس امع الرأفة عدد المواد المادة الحاسب اآللى وتطبيقاته التربوية اللغة العربي

الموطأ كتاب المساقاة معالي الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد اهلل اخلضري عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء تاريخ المحاضر

منحهما جائزة "الوسام الذهبي لإلنجاز": - Monitoring Media إتحاد المصارف العربية يكر م عدنان وعادل القص ار في القمة المصرفية العربية الدولية في باريس Ta

مقدمة أ- إن البلاغة الفصل الا ول أساسية البحث من كلمة بلغ المعنى وصل المراد وصول رسالة لها كلام تسليمها واحد إلى آخر. و من الا صطلاح هي بلوغ المتكلم ف

أكاديمية اإلدارة والسياسة لمد ارسات العميا برنامج الد ارسات العميا المشترك مع جامعة األقصى-فمسطين تخصص القانون واإلدارة العامة جامعة األقصى - فمسطين ب

المقابالت الشخصية لدورة عامل حفر ابار لجنة رقم )1( تاريخ 21/8/2016 الساعة 9.30 الى صباحا مكان االمقابالت الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب

قضايا طبية معاصرة في ضوء الإسلام جراحة التجميل

النيابة االدارية ادارة النيابات كشف باسماء المستوفين لشروط المسابقة رقم 1 لسنة 2015 فى وظيفة كاتب رابع و المصرح لهم باداء االختبار التحريرى محافظة / ا

المدرسة المصر ة للغات قسم اللغة العرب ة و الترب ة اإلسالم ة للصف السادس االبتدائ مراجعة عامة أوال التعب ر : التعب ر الوظ ف :- اكتب الفته تحث ف ها زمال

اللغة العربية Items الدروس المطلوبة المتحان الفصل الدراسى األول 2019/2018 Primary 2 القراءة المحفوظات : كل الدروس : االناشيد + اآليات واالحاديث األسال

التدرجات السنوية - ثانوي - الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وزارة التربية الوطنية المفتشية العامة للبيداغوجيا العام الثانوي التعليم مديرية والت

جامعة المجمعة كلية إدارة األعمال - المجمعة وكالة الكلية للشؤون التعليمية وحدة شؤون الطالب التخصص: القانون الفترة التاريخ اليوم 10:00-08:00 34/07/08 ال

List of Students for Course DS342 : Computer Language for Modeling Lab # Student Name Student ID si

البحرين: معلومات إضافية: تأييد حكم بحق مدافع عن حقوق الإنسان بعد استئنافه: نبيل رجب

( ضع إشارة ( ) أمام العبارة الصح حة وإشارة الخاطئة العبارة (أمام ) ) ( 1- اتبع نب نا دمحم هللاىلص الحن ف ة وه ملة أب نا إبراه م عل ه السالم... ( 2- بد

22 رجب 1440 ه 29 مارس 2019 م جمهورية مصر العربية وزارة األوقاف )1( في رحاب ا إلسراء والمعراج احلمد هلل رب العاملني القائل يف كتابه الكريم : }س ب ح ان

بسم هللا الرحمن الرحيم السيرة الذاتية االسم :جهاد محمد فيصل النصيرات الرتبة : أستاذ مشارك مكان وتاريخ الميالد : الزرقاء 1964/7/15 م الجن

جمهورية العراق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة البصرة كلية التربية للعلوم الصرفة شعبة شؤون الطلبة طلبة قسم الرياضيات - المرحلة االولى )الدراس

مطالعة قانونية حول التعديل الدستوري لعام 6102 إبتداء ال بد من اإلشارة إلى أن نظام الحكم في األردن ىو نظام نيابي ممكي و ارثي. وبالرغم من تعدد التعريفات

هدي النبي في رمضان معالي ا شل يخ الدكتور عبد الكريم بن عبد اهلل اخلضري عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء تاريخ المحاضر

untitled

Cambridge University Press Cambridge IGCSE Arabic as a First Language Coursebook Luma Abdul Hameed, Hanadi Al Amleh, Shoua Fakhouri

راتب الحداد للحبيب عبد هللا ابن علوي الحداد احلداد رتا ب احلداد ي علو ابن عبد هللا للسي د معهد مجلس تربية نورالهدى ايندرامايو Page 1 of 8 معهد مجلس تر

كلمة رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه في تكريم معالي األستاذ عدنان القص ار 2018 شباط في بيروت 28 1

كلية الطب البيطري ملتقي التوظيف الثاني كلية الطب البيطري- جامعة الزقازيق األربعاء 7122/2/72 تحت رعاية رئيس الجامعة: أ.د/ أحمد الرفاعي عميد الكلية: أ.د

Baraemalain private school/baniyas مدرسة براعم العين الخاصة بني ياس للعام الدراسي 2019 / 2018 م الفصل الدراسي الثالث الصف : الثالث الشعبة :... ورقة عم

المدة : 5 دقي. النش ط : ال راءة. المست ى : قس التحضير.. 9 عن ان الدرس : أربط بين الص الحرف ( (. رق ال حدة : الك ءا ال عدي : يتعرف ع الص ) ( المسم ع ث

جملة جواب الشرط الغير جازم

Microsoft Word - Q2_2003 .DOC

صندوق استثمارات اجلامعة ومواردها الذاتية ( مركز تنمية أوقاف اجلامعة ) إدارة األصول واملصارف الوقفية إدارة االستثمارات الوقفية إدارة إدارة األحباث وامل

لغة إنجليزية الفرقة الثالثة عام جامعة بنى سويف للعام الجامعى 2017 / 2016 كلية التربية تحريرى أعمال السنة عملى رقم الجلوس االسم م احمد ابراهيم عباس حسن

د. ط در ءة ز ا ت ا دزة (درا ا ا ت) د. ط در را ر ا م م ا ا ا : ا ت ا ا ا م وا ا ي و إ ى ا ت ا ا ا دو إ و دة ا و أ اد ا. و ف ا ا إ وا ا ت ا دزة م ا أ ا

السَّلامَة المروريَّة

النسخ:

تاهالث في لفظت )أنفسكن لترسيخ األخوة في القرآى الكرين اعداد أ م دس ع د وى ج و ع ت ح و اد ي الح لبو س ي 282

المستخمص: إن آيات القرآن الكريم فييا الدروس والعبر وفييا الكنوز والدرر لمن أ ارد أن يتعظ ويتدبر ومن ىذه الفوائد والحكم التي أنخت رحمي عندىا تأمبلت في لفظة )أنفسكم لترسيخ األخوة فقمت بد ارسة اآليات التي تناولت ىذه النكتة المطيفة والتي تجعل األخ المسمم ينظر الى أخيو المسمم كأنو نفسو ويحب لو ما يحب لنفسو ويكره لو ما يكره ليا وىذا ما سمطت عميو الضوء في ىذا البحث والذي تضمن مقدمة وتمييدا وستة مباحث وخاتمة أما التمييد فذكرت فيو تعريف )األخوة و )أنفسكم لغة واصطبلحا وعند أىل الوجوه والنظائر وأما المباحث فيي كاآلتي : المبحث األول : حرمة سفك الدماء واإلخ ارج من الديار بغير حق لبني اس ارئيل المبحث الثاني : أىل الممة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة المبحث الثالث : اقت ارن األموال واألنفس بحرمة االعتداء المبحث ال اربع : األمر بالمعروف والنيي عن المنكر المبحث الخامس : حسن الظن بالمؤمنين واجتناب لمزىم المبحث السادس : آداب الدخول عمى البيوت وختمت البحث بخاتمة تضمنت النتائج التي توصمت الييا 283

Abstract: The verses of the Koran in which the lessons and the treasures of wisdom, those who wanted to learn a lesson and manages Among these benefits and governance Onkht my direction then Reflections on the word yourselves) to consolidate the brotherhood), so I did study the verses that dealt with this joke kind, and that makes a Muslim brother is seen his brother Muslims like himself, and he loves what he loves for himself, and he hates what he hates her, and that's what brought him in light of this research, which included the introduction and preparation and six sections and a conclusion The boot stated the definition yourselves) and brotherhood) Language and idiomatically and when the people of the faces and isotopes, and the detective are as follows: First topic: the sanctity of bloodshed and output from homes without any right to the children of Israel The second topic: the people of one sect is like a single breath Section III: coupling money and lives sanctity of assault Section IV: Promotion of Virtue and Prevention of Vice Section V: think well of believers and to avoid Mzhm Section VI: Etiquette entering homes It concluded research conclusion included the findings 284

المقدمة الحمد هلل الذي ألف بين قموب عباده المؤمنين وجمعيم عمى اليدى والحق المبين وجعميم بنعمتو اخوانا متحابين وبكتابو مستمسكين وبسنة نبيو الكريم ميتدين والصبلة والسبلم عمى سيدنا محمد اليادي األمين وعمى آلو الطيبين الطاىرين وصحابتو الغر الميامين ومن تبعيم الى يوم الدين وبعد : فإن الق آرن كتاب اهلل المجيد اليادي لمتي ىي أقوم فيو من العموم النافعة والب ارىين القاطعة والحكم واألخبلق واألس ارر والدالئل الجمية واألحكام الشرعية وىو حبل اهلل المتين والنور المبين من تمسك بو أفمح وفاز ومن أعرض عنو خاب وخسر وال يخفى عمى كل ذي بصيرة وفيم ما تعانيو األمة اإلسبلمية اليوم من تفرق واختبلف وتباغض وتدابر وما تتعرض لو من أنواع الذل واليوان وتسمط األعداء وال يمكن ليذه األمة أن تتعافى وتتخمص من ىذا الواقع المؤلم وال يمكن أن تستعيد مجدىا وسابق عزىا إال بالرجوع الى كتاب اهلل والتمسك بما أمر وحث عميو من الدعوة الى الوحدة واألخوة اإليمانية الصادقة التي ىي أعظم من أخوة النسب وأقوى من اربطة الدم فقال تعالى : و اع ت ص م وا ب ح ب ل الم و ج م يع ا و ال ت ف ر ق وا و اذ ك ر وا ن ع م ت الم و ع م ي ك م إ ذ ك ن ت م أ ع د اء ف أ ل ف ب ي ن ق م وب ك م ف أ ص ب ح ت م ب ن ع م ت و )1 ) إ خ و ان ا و ك ن ت م ع م ى ش ف ا ح ف ر ة م ن الن ار ف أ ن ق ذ ك م م ن ي ا ك ذ ل ك ي ب ي ن الم و ل ك م آي ات و ل ع م ك م ت ي ت د ون وقال تعالى : إ ن م ا )2 ال م ؤ م ن ون إ خ و ة ف أ ص م ح وا ب ي ن أ خ و ي ك م و ات ق وا الم و ل ع م ك م ت ر ح م ون ) وقال رسول اهلل : )) ال م ؤ م ن ل م م ؤ م ن )3 ك ال ب ن ي ان ي ش د ب ع ض و ب ع ض ا ث م ش ب ك ب ي ن أ ص اب ع و وقال : )) ال م س م م ون ك ر ج ل و اح د إ ن اش ت ك ى ع ي ن و )4 اش ت ك ى ك م و و ا ن اش ت ك ى ر أ س و اش ت ك ى ك م و فيذه النصوص دليل قاطع عمى وجوب وحدة المسممين وتشبيو رسول اهلل المؤمن بالبنيان المرصوص وبالجسد تنبيو عمى تعظيم وحدة األمة وتوثيق األخوة فيما بينيم ومن أساليب القرآن الكريم لترسيخ ىذه األخوة التعبير بمفظة )النفس وا اردة األخ لتعميق اإلحساس بآصرة األخوة بين المسممين والتي تجعل المسممين كنفس واحدة مما يستدعي التأمل بيذه اآليات التي أرشدت الى ىذه المعاني الجميمة والحكم العظيمة فآثرت أن يكون موضوع البحث في ىذه النكتة النفيسة وااللتفاتة البديعة بعنوان : تأمبلت في لفظة )أنفسكم لترسيخ األخوة في القرآن الكريم د ارسة موضوعية ) واقتضت طبيعة البحث تقسيمو عمى مقدمة وتمييد وستة مباحث وخاتمة أما التمييد فبينت فيو تعريف أنفسكم ) و )األخوة في المغة واالصطبلح والوجوه الواردة في الق آرن الكريم ليما 1 سورة آل عمران : اآل ة )103 2 سورة الحجرات: اآل ة )10 3 أخرجه البخاري كتاب األدب - باب تعاون المؤمن ن بعضهم بعضا : 8/ 14 برقم 6026 ومسلم كتاب ال ب ر و الص ل ة و اآل د اب - ب اب ت ر اح م ال م ؤ م ن ن و ت ع اط ف ه م و ت ع اض د ه م : )4/ 1999 برقم )2585 4 أخرجه مسلم كتاب ال ب ر و الص ل ة و اآل د اب - ب اب ت ر اح م ال م ؤ م ن ن و ت ع اط ف ه م و ت ع اض د ه م : )4/ 2000 برقم )2586 285

أما المباحث فكانت عمى النحو اآلتي : المبحث األول : حرمة سفك الدماء واإلخ ارج من الديار بغير حق لبني اس ارئيل المبحث الثاني : أىل الممة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة المبحث الثالث : اقت ارن األموال واألنفس بحرمة االعتداء المبحث ال اربع : األمر بالمعروف والنيي عن المنكر المبحث الخامس : حسن الظن بالمؤمنين واجتناب لمزىم المبحث السادس : آداب الدخول عمى البيوت ثم الخاتمة ونتائج البحث 286

ص) ع) ص) ت) مجلة الدراسات العل ا- جامعة الن ل ن )مج 8 29 أ أوال : مفيوم لفظة : )أنفسكم ) أ- تعريف )أنفسكم ) لغة : النفس والجمع أنفس ونفوس وليا معان التمييد تعريف وبيان : منيا النفس بمعنى الروح الذي بو حياة الجسد والنفس : الجسد والنفس : العين يقال : أ صابت ف بل ن ا ن ف س ونفس الشيء : عينو يؤكد بو والن ف س بالتحريك : التنفس وشيء نفيس : متنافس فيو وي رغب والنفس : الدم والنفاس : والدة الم أرة اذا وضعت فيي نفساء والنفس : الك بر والع ز ة واأل ن ف ة والي م ة والنفس : األخ كما في قولو تعالى : - تعريف )انفسكم اصطالحا : )5 ف إ ذ ا د خ م ت م ب ي وت ا ف س م م وا ع م ى أ ن ف س ك م )6 قال الجرجاني رحمو اهلل- في تعريفو لمنفس : " ىي الجوىر البخاري المطيف الحامل لقوة الحياة والحس والحركة اإل اردية " )7 وىي من النفاسة فيي أنفس ما في اإلنسان )8 وبعض العمماء من يسوي بين النفس والروح وبعضيم فر قوا بينيما فقال : الروح ىو الذي بو الحياة والنفس ىي التي بيا العقل فاذا نام النائم قبض اهلل نفسو ولم يقبض روحو والروح ال تقبض إال عند الموت )9 أ - )أنفسكم ) في الوجوه والنظائر : )10 عمى ثمانية أوجو : األول : آدم ومنو قولو تعالى في سورة النساء : ال ذ ي خ م ق ك م م ن ن ف س و اح د ة أي : : الثاني : األم ومنو قولو تعالى في سورة النور ظ ن ال م ؤ م ن ون و ال م ؤ م ن ات ب أ ن ف س ي م خ ي ر ا بأمياتيم : : الثالث : الجماعة ومنو قولو تعالى في سورة آل عم ارن إ ذ ب ع ث ف يي م ر س وال م ن أ ن ف س ي م 5 سورة النور: من اآل ة )61 6 نظر : الجوهري أبو نصر إسماع ل بن حماد الفاراب )ت: 393 ه الصحاح تاج اللغة وصحاح العرب ة تحق ق: أحمد عبد 1407 ه / 1987 م : 984-982/3 وابن منظور محمد بن الغفور عطار دار العلم للمال ن ب روت الطبعة: الرابعة 1414 ه : 711 ه لسان العرب دار صادر ب روت الطبعة الثالثة مكرم بن على أبو الفضل جمال الد ن األنصاري )ت: )236-233/6 816 ه التعر فات تحق ق: ضبطه وصححه جماعة من العلماء 7 الجرجان عل بن محمد بن عل الز ن الشر ف )ت: :242 بإشراف الناشر دار الكتب العلم ة ب روت لبنان الطبعة: األولى 1403 ه/ 1983 م: 660 ه تفس ر القرآن تحق ق: : م السلم أبو محمد عبد العز ز بن عبد السالم بن أب القاس 8 العز بن عبد السالم الدكتور عبد هللا بن إبراه م الوهب دار ابن حزم ب روت الطبعة: األولى 1416 ه/ 1996 م : )141/1 328 ه الزاهر ف معان كلمات الناس تحق ق: د حاتم 9 نظر : ابن األنباري محمد بن القاسم بن محمد بن بشار )ت: صالح الضامن مؤسسة الرسالة ب روت الطبعة: األولى 1412 ه/ 1992 م : )374/2 597 ه نزهة األع ن النواظر ف علم جمال الد ن أبو الفرج عبد الرحمن بن عل بن محمد )ت: ابن الجوزي 10 نظر : 1404 ه / 1984 م الوجوه والنظائر تحق ق : محمد عبد الكر م كاظم الراض مؤسسة الرسالة - لبنان/ ب روت الطبعة: األولى )597-595 : : 287

ع) ص) مجلة الدراسات العل ا- جامعة الن ل ن )مج 8 29 أي : : ال اربع : األىل ومنو قولو تعالى في سورة البقرة )ف ت وب وا إ ل ى ب ار ئ ك م ف اق ت م وا أ ن ف س ك م أمر األب الذي لم يعبد العجل أن يقتل ابنو العابد واألخ أن يقتل أخاه العابد : : أىل الدين الخامس : ومنو قولو تعالى في سورة الحج ارت )و ال ت م م ز وا أ ن ف س ك م : اإلنسان : السادس : اإلنسان ومنو قولو تعالى في سورة المائدة و ك ت ب ن ا ع م ي ي م ف يي ا أ ن الن ف س ب الن ف س أي باإلنسان السابع : البعض ومنو قولو تعالى في سورة البقرة : الثامن : النفس بعينيا ومنو قولو تعالى في سورة النساء: ث م أ ن ت م ى ؤ ال ء ت ق ت م ون أ ن ف س ك م أي : بقتل بعضكم بعضا و ل و أ ن ا ك ت ب ن ا ع م ي ي م أ ن اق ت م وا أ ن ف س ك م ) ثانيا : مفيوم األخوة ل غ ت ان ف يو أ- تعريف األخوة لغة : )11 األ خ من الن س ب م ع ر وف و قد يكون الص ديق والصاحب واأل خ ا م ق ص ور واألخ و واأل خ لمواحد واالثنان أخوان والجمع إخوان واخوة وبيني وبينو أ خ و ة ويقال : آخ ي ت و والتآخي : ات خاذ اإلخ و ان بينيما إخاء وأخوة وقالوا : إخوان وىم االخوة اذا كانوا ألب وىم االخوان : اذا لم )12 يكونوا ألب وأصل اشتقاق األخ من القصد فأصمو من و خ ى ي خ ي اذا قصد ولذلك سمي األخ أخا ألن قصده قصد أ خ يو وفي الحديث : ))أ ن ر س ول اهلل آخ ى ب ي ن ال م ي اج ر ين و األ ن ص ار أ ي : أل ف ب ي ن ي م ب أ خ و ة اإلسبل م واإليم ان )13 ب- تعريف األخوة اصطالحا : ىي المشاركة في النسب لكل من جمعك واياه صمب أ و بطن والمشابية والمشاركة في شيء ويستعار لكل مشارك لغيره ف ي ال ق ب يم ة أ و في الد ين أ و ف ي الص ن ع ة أ و ف ي م ع امم ة أ و ف ي م و د ة أ و ف ي غير ذ ل ك من المناسبات )14 واإلخوة تطمق في النسب اذا كانوا أخوة ألب واإلخوان في الصداقة وقد جعمت األخوة في الدين كاألخوة في النسب وكأن اإلسبلم أب ليم وقال قائميم : أبي اإلسبلم ال أب لي سواه )15 إذا افتخروا بقيس أو تميم 458 ه المحكم والمح ط األعظم تحق ق: عبد الحم د ابن س ده أبو الحسن عل بن إسماع ل المرس )ت: 11 نظر : هنداوي دار الكتب العلم ة ب روت الطبعة: األولى 1421 ه : )5/ 312 170 ه الع ن تحق ق: د مهدي أبو عبد الرحمن الخل ل بن أحمد بن عمرو بن تم م البصري )ت: 12 نظر : الفراه دي المخزوم د إبراه م السامرائ دار ومكتبة الهالل بدون طبعة بدون تار خ : )4/ 320-319 تهذ ب اللغة تحق ق : محمد عوض مرعب 13 نظر : األزهري محمد بن أحمد الهروي أبو منصور )ت: 370 ه 1/ 2001 م : )254/7 والحد ث أخرجه لطبران ف المعجم الكب ر : دار إح اء التراث العرب ب روت الطبعة األولى )252 برقم )728 1094 ه الكل ات معجم ف المصطلحات والفروق اللغو ة 14 الكفوي أ وب بن موسى الحس ن أبو البقاء الحنف )ت: : 63 تحق ق : عدنان درو ش - محمد المصري مؤسسة الرسالة ب روت بدون طبعة بدون تار خ : 606 ه التفس ر الكب ر دار 15 نظر : الرازي أبو عبد هللا محمد بن عمر بن الحسن الت م الملقب بفخر الد ن الرازي )ت: : )106/28 إح اء التراث العرب ب روت الطبعة الثالثة 1420 ه 288

ع) ص) مجلة الدراسات العل ا- جامعة الن ل ن )مج 8 29 ب -األخوة في الوجوه والنظائر : )16 عمى خمسة أوجو : أحدىما : األخ من األب واألم ومنو قولو تعالى في سورة النساء : ف إ ن ك ان ل و إ خ و ة ف ؤل م و الس د س ) الثاني : اإلخاء من القبيمة ومنو قولو تعالى في سورة االع ارف : )و ا ل ى ع اد أ خ اى م ى ود ا الثالث : اإلخاء في الدين والمتابعة ومنو قولو تعالى في سورة آل عم ارن : ف أ ص ب ح ت م ب ن ع م ت و إ خ و ان ا وفي بني اس ارئيل :) إ ن ال م ب ذ ر ين ك ان وا إ خ و ان الش ي اط ين ) وفي الحج ارت : إ ن م ا ال م ؤ م ن ون إ خ و ة ال اربع : االخاء في المحبة والمودة ومنو قولو تعالى في سورة الحجر : )و ن ز ع ن ا م ا ف ي ص د ور ى م م ن غ ل إ خ و ان ا ) الخامس : الصاحب ومنو قولو تعالى في سورة ص : إ ن ى ذ ا أ خ ي ل و ت س ع و ت س ع ون ن ع ج ة المبحث األول حرمة سفك الدماء واالخ ارج من الديار بغير الحق لبني اس ارئيل قال تعالى : و ا ذ أ خ ذ ن ا م يث اق ك م ال ت س ف ك ون د م اء ك م و ال ت خ ر ج ون أ ن ف س ك م م ن د ي ار ك م ث م أ ق ر ر ت م و أ ن ت م ت ش ي د ون )84 ث م أ ن ت م ى ؤ ال ء ت ق ت م ون أ ن ف س ك م و ت خ ر ج ون ف ر يق ا م ن ك م م ن د ي ار ى م ت ظ اى ر ون ع م ي ي م ب اإل ث م و ال ع د و ان و ا ن ي أ ت وك م أ س ار ى ت ف اد وى م و ى و م ح ر م ع م ي ك م إ خ ر اج ي م أ ف ت ؤ م ن ون ب ب ع ض ال ك ت اب و ت ك ف ر ون ب ب ع ض ف م ا ج ز اء م ن ي ف ع ل ذ ل ك م ن ك م إ ال خ ز ي )17 و ي و م ال ق ي ام ة ي ر د ون إ ل ى أ ش د ال ع ذ اب و م ا الم و ب غ اف ل ع م ا ت ع م م ون ) ف ي ال ح ي اة الد ن ي ا المعنى االجمالي لآليتين الكريمتين : أن اهلل تعالى أنكر عمى الييود الذين كانوا في زمان رسول اهلل بالمدينة وما كانوا يعانونو من القتال مع األوس والخزرج وذلك أن األوس والخزرج وىم األنصار كانوا في الجاىمية عباد أصنام وكانت بينيم حروب كثيرة وكانت ييود المدينة ثبلث قبائل: بنو قينقاع وبنو النضير حمفاء الخزرج وبنو قريظة حمفاء األوس وقد حرم عمييم في التو ارة أال يقتل بعضيم بعضا وأال يخرج بعضيم بعضا من داره وأنيم إذا وجدوا أسي ار منيم في يد غيرىم فإن عمييم أن يبذلوا أمواليم لفدائو من األسر فاذا نشبت الحرب بين األوس والخزرج قاتل كل فريق من الييود مع حمفائو فيقتل الييودي أعداءه وقد يقتل الييودي اآلخر من الفريق اآلخر ويخرجونيم من بيوتيم وذلك ح ارم عمييم بنص التو ارة ثم إذا وضعت الحرب أو ازرىا استفكوا األسارى من الفريق المغموب عمبل بحكم التو ارة وبيذا يكونون قد آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض وفي ىذا كانت تعيرىم العرب بيذه االزدواجية في تعامبلتيم وقد توعدىم اهلل تعالى سبحانو وتعالى بالخزي في الدنيا واالخرة ج ازء نقضيم لعيوده وتفريقيم بين أحكامو )18 16 نظر : ابن الجوزي نزهة األع ن النواظر ف علم الوجوه والنظائر: :132 )17) سورة البقرة : اآل ة )85-84 18 نظر : ابن كث ر أبو الفداء إسماع ل بن عمر بن كث ر القرش البصري ثم الدمشق )ت: 774 ه تفس ر القرآن العظ م تحق ق : سام بن محمد سالمة دار ط بة للنشر والتوز ع الطبعة الثان ة 1420 ه / 1999 م : )320-318/1 وطنطاوي محمد س د طنطاوي التفس ر الوس ط للقرآن الكر م دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوز ع الفجالة القاهرة الطبعة: األولى 1997 م : )191/1 289

واستعرض االمام الطبري رحمو اهلل أقوال المفسرين وذكر أن قتل الرجل رجبل آخر مثل قتل الرجل نفسو وأن اخ ارج الرجل من منزلو كإخ ارجو لنفسو وذلك ألن أىل الممة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة والرجل الواحد كما قال ) : )) ال م ؤ م ن ون ك ر ج ل و اح د إ ن اش ت ك ى ر أ س و ت د اع ى ل و س ائ ر ال ج س د ب ال ح م ى و الس ي ر )19 )) وذكر ابن عاشور بأنو ليس الم ارد بالنيي عن أن يسفك االنسان دم نفسو أو يخرج نفسو من داره ألن مثل ىذا مما يزع المرء عنو وازعو الطبيعي فميس من شأن الشريعة االىتمام بالنيي عنو وانما الم ارد أن ال يسفك أحد دم غيره وال يخرج غيره من داره وىذا كثير في استعمال الق آرن عمى حد قولو تعالى : ف س م م وا ع م ى أ ن ف س ك م ) بن وعمة الذىمي : )20 وقولو : فأ ارد أن سيمو إذا أصاب قومو فقد أضر بنفسو و ال ت أ ك م وا أ م و ال ك م ب ي ن ك م ب ال ب اط ل ) )21 قومي ىم قتموا أميم أخي فإذا رميت يصيبني سيمي فمئن عفوت ألعفون جمبل ولئن سطوت ألوىنن عظمي )22 ف إ ذ ا د خ م ت م ب ي وت ا ومن ىذا القبيل قول الحماسي الحارث وذىب صاحب الكشاف إلى أنو من تشبيو الغير بالنفس لشدة اتصال الغير بالنفس في األصل أو الدين فإذا قتل المتصل بو نسبا أو دينا فكأنما قتل نفسو وقيل : اذا قتل غيره فكأنما قتل نفسو ألنو يقتص منو وفي قولو تعالى : و ال ت خ ر ج ون أ ن ف س ك م ) فيو وجيان : األول : ال تفعموا ما تستحقون بسببو أن تخرجوا من دياركم )23 الثاني : الم ارد النيي عن إخ ارج بعضيم بعضا من ديارىم ألن ذلك مما يعظم فيو المحنة والشدة حتى يقرب من اليبلك )24 وتقدم ذكر أربعة أشياء محرمة وىي : قتل النفس واالخ ارج من الديار والتظاىر والمفاداة واختص االخ ارج بتأكيد التحريم وان كانت كميا محرمة لما في االخ ارج من الديار من معرة الجبلء )25 والنفي الذي ال ينقطع 19 نظر : الطبري محمد بن جر ر بن ز د بن كث ر بن غالب اآلمل )ت: 310 ه جامع الب ان ف تأو ل القرآن تحق ق : أحمد محمد شاكر مؤسسة الرسالة الطبعة األولى 1420 ه/ 2000 م : )201/2 والحد ث أخرجه مسلم كتاب ال ب ر و الص ل ة و اآل د اب - ب اب ت ر اح م ال م ؤ م ن ن و ت ع اط ف ه م و ت ع اض د ه م : )4/ 2000 برقم )2586 20 سورة النور : من اآل ة )61 21 سورة البقرة : من اآل ة )188 22 نظر : ابن عاشور محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر التونس )ت : 1393 ه التحر ر والتنو ر الدار التونس ة للنشر تونس 1984 ه : )585/1 23 نظر : الزمخشري أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد )ت: 538 ه الكشاف عن حقائق غوامض التنز ل دار الكتاب العرب ب روت الطبعة: الثالثة 1407 ه : )187/1 )24) نظر : الرازي التفس ر الكب ر : )591/3 25 معرة الجالء : أي مضرة االخراج من الد ار نظر : األصفهان أبو القاسم الحس ن بن محمد المعروف بالراغب )ت: 502 ه المفردات ف غر ب القرآن تحق ق : صفوان عدنان الداودي دار القلم الدار الشام ة - دمشق ب روت الطبعة األولى 1412 ه: )556/1 290

شر ه إال بالموت وذلك بخبلف القتل ألن القتل وان كان من حيث ىو ىدم البنية أعظم إال أن فيو قطعا لمشر فاإلخ ارج من الديار أصعب األربعة بيذا االعتبار )26 وىذا األمر الذي تحدث عنو القرآن وان بدأ متناقضا إال أنو مستقيم مع طبيعة ىؤالء القوم الذين تتحكم فييم األنانية وحب الذات فاألخوة عندىم ليست أخوة عمى اطبلقيا في الس ارء والض ارء وانما ىي أخوة ما جمبت نفعا وحققت مصمحة أما غير ذلك فيي أخوة ذئاب إذا جرح ذئب فييا لم يحمموه بل أكموه وىذا شأنيم مع وصايا الرسل واألنبياء يتخيرون ما يرضييم ويعرضون عما ال يقع منيم موضع الرضا والقبول عمى المستوى المادي وليذا أنكر اهلل عمييم ىذا الموقف المئيم وتوعدىم عميو بقولو : أ ف ت ؤ م ن ون ب ب ع ض ال ك ت اب و ت ك ف ر ون ب ب ع ض ف م ا )27 ج ز اء م ن ي ف ع ل ذ ل ك م ن ك م إ ال خ ز ي ف ي ال ح ي اة الد ن ي ا و ي و م ال ق ي ام ة ي ر د ون إ ل ى أ ش د ال ع ذ اب و م ا الم و ب غ اف ل ع م ا ت ع م م ون ) وىذا النيي عن سفك بعضيم دم بعض واخ ارج بعضيم بعضا من ديارىم ومكان إيوائيم يؤكد معنى وحدة األمة ويحدث في النفس أث ار عظيما لمعنى األخوة فجعل دم كل فرد من أف ارد األمة كأنو دم اآلخر عينو فإذا سفكو فكأنما قتل نفسو وانتحر بيده وىذا النسق وىذا التعبير المعجز بببلغتو من تدبره عمم أنو ال قوام لؤلمم إال بالتحقق بما تضمنتو ىذه الحكم وشعور كل فرد من أف اردىا بأن نفسو نفس اآلخرين ودمو دميم ال فرق في االحت ارم بين الروح التي تجول في بدنو والدم الذي يجري في عروقو وبين األرواح والدماء التي يحيا بيا إخوانو الذين وحدت بينو وبينيم الشريعة العادلة الغ ارء )28 المبحث الثاني أىل الممة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة ق و م إ ن ك م ظ م م ت م أ ن ف س ك م ب ات خ اذ ك م ال ع ج ل ف ت وب وا إ ل ى ب ار ئ ك م ف اق ت م وا أ ن ف س ك م ل ق و م و ي ا قال تعالى : و ا ذ ق ال م وس ى )29 الر ح يم ) ذ ل ك م خ ي ر ل ك م ع ن د ب ار ئ ك م ف ت اب ع م ي ك م إ ن و ى و الت و اب في ىذه اآلية الكريمة يبين الحق تبارك وتعالى صفة توبتو عمى بني اس ارئيل من عبادة العجل فيذكرىم بنعمتو عمييم في عفوه عنيم لما عبدوا العجل بعد ذىاب موسى لميقات ربو ق و م إ ن ك م ظ م م ت م أ ن ف س ك م ب ات خ اذ ك م ال ع ج ل ) وظمميم إياىا وذلك حين يقول موسى لقومو من بني اس ارئيل : ي ا كان فعميم بيا مالم يكن ليم أن يفعموه مما أوجب عمييم العقوبة من اهلل تعالى وكان الفعل الذي فعموه ارتدادىم باتخاذىم العجل ربا بعد ف ارق موسى إياىم )30 الش خ 775 ه اللباب ف علوم الكتاب تحق ق : أبو حفص سراج الد ن عمر بن عل )ت: 26 نظر : ابن عادل الحنبل 1419 ه عادل أحمد عبد الموجود والش خ عل محمد معوض دار الكتب العلم ة - ب روت لبنان الطبعة األولى / 1998 م: )280/1 التفس ر القرآن للقرآن دار الفكر العرب القاهرة بدون طبعة بدون )ت: بعد 1390 ه 27 نظر : عبد الكر م الخط ب تار خ : )106/1 محمد رش د بن عل رضا بن محمد شمس الد ن بن محمد بهاء الد ن القلمون الحس ن )ت: 28 نظر : محمد رش د رضا 1354 ه تفس ر القرآن الحك م اله ئة المصر ة العامة للكتاب بال طبعة 1990 م : )308/1 )29) سورة البقرة : اآل ة )54 )30) نظر : الطبري جامع الب ان : )72/2 291

ثم أمرىم موسى بالتوبة من ذنبيم واإلنابة الى اهلل من جرميم بقولو : بريئا من التفاوت وفي قولو : ف ت وب وا إ ل ى ب ار ئ ك م ) أي : الذي خمق الخمق ب ار ئ ك م ) تقريع بما كان منيم من ترك عبادة العالم الحكيم الذي ب أرىم بمطف حكمتو إلى عبادة البقرة التي ىي مثل في الغباوة والببلدة حتى عرضوا أنفسيم لسخط اهلل ونزول أمره بأن يفك ما ركبو من خمقيم ولذلك جعل اهلل توبتيم )31 قول ابن عباس, وسعيد بن جبير, ف اق ت م وا أ ن ف س ك م ) وليذا المعنى تأويبلن: أحدىما: معناه: ليقتل بعضكم بعضا, وىذا ومجاىد والثاني: استسمموا لمقتل, وجعل ذلك بمنزلة القتل, وىذا قول أبي إسحاق قال ابن عباس : إح ت ب ى ال ذ ين عكفوا عمى العجل فجمسوا, وقام الذين لم يعك ف وا عميو, وأخذوا الخناجر, وأصابتيم ظممة فجعل بعضيم يقتل بعضا, حتى انجمت الظممة من سبعين ألف قتيل في ساعة من نيار, وكانوا ينادون في تمك الحال: رحم اهلل عبدا صبر حتى يبمغ اهلل رضاه, فحز ن موسى وبنو إس ارئيل لذلك القتل, فأوحى اهلل عز وجل إلى موسى: ال تحزن, أ م ا من ق ت ل منكم فأحياء عندي يرزقون, وأ م ا من بق ي فقد ق ب م ت توبتو )32 وانما امتحن اهلل عز وجل عبدة العجل بيذه المحنة العظيمة لكفرىم بعد الدالالت واآليات العظام وقيل : ألن من كف عن اإلنكار لعبادة العجل انما كف خوفا من القتال والقتل فجعمت توبتيم بالقتل الذي خافوه )33 وقد طعن في ىذه اآلية بعض الممحدة وزعموا أن قتل النفس مستقبح في العقل وىذا ال أري مردود لكون صاحبو جاىبل أن لنفوسنا خالقا بأمره نستبقييا وبأمره نفنييا وأن ليا بعد ىذه الحياة التي ىي لعب وليو معادا الى دار فييا حياة سرمدية كما قال اهلل عز وجل : يوصميا الى حياة خير منيا و ا ن الد ار اآل خ ر ة ل ي ي ال ح ي و ان )34 ) )35 وأن قتميا بأمره وفي ىذا اشارة الى أن أىل الممة الواحدة بمنزلة النفس الواحدة فيم أخوة كالبنيان يشد بعضو بعضا وكالجسد الواحد اذا اشتكى منو عضو تداعى لو سائر الجسد بالسير والحمى كما وصفيم رسول اهلل منيم يتألم بألم أخيو ويسره ما يسر أخاه ويحزنو ما يحزنو فكل واحد )36 )31) نظر : الزمخشري الكشاف : )140/1 32 نظر : الماوردي أبو الحسن عل بن محمد بن محمد بن حب ب البصري البغدادي )ت: 450 ه النكت والع ون دار الكتب العلم ة - ب روت / لبنان بدون طبعة بدون تار خ : )132-122/1 33 نظر : الزجاج معان القرآن وإعرابه إبراه م بن السري بن سهل )ت: 311 ه تحق ق: عبد الجل ل عبده شلب عالم الكتب ب روت الطبعة: األولى 1408 ه/ 1988 م : )137/1 والن سابوري ا جاز الب ان عن معان القرآن : )94/1 34 سورة العنكبوت من اآل ة )64 35 نظر : األصفهان تفس ر الراغب: )194/1 واأللوس شهاب الد ن محمود بن عبد هللا الحس ن )ت: 1270 ه روح المعان ف تفس ر القرآن العظ م والسبع المثان تحق ق: عل عبد الباري عط ة دار الكتب العلم ة ب روت الطبعة: األولى 1415 ه : )261/1 36 نظر : ابن كث ر تفس ر القرآن العظ م : )476/1 292

وفي ذلك من االتعاظ واالعتبار ما في الشريعة المحمدية من يسر وفضل عمى اتباعيا إذ عافاىم اهلل مما ابتمى بو األمم من قبميم من األحكام الشاقة وفيو الترغيب لمتوبة إذ جعميا تعالى في االقبلع عن الذنب والندم عميو والعزم عمى عدم المعاودة اليو فميستقيموا عمى ىذه الشريعة وليتقبموا أحكاميا برضى وحمد )37 المبحث الثالث اقت ارن األموال واألنفس بحرمة االعتداء قال تعالى : ي ا أ ي ي ا ال ذ ين آم ن وا ال ت أ ك م وا أ م و ال ك م ب ي ن ك م ب ال ب اط ل إ ال أ ن ت ك ون ت ج ار ة ع ن ت ر اض م ن ك م و ال ت ق ت م وا أ ن ف س ك م إ ن الم و ك ان ب ك م ر ح يم ا ) )38 ىذه اآلية الكريمة تؤكد حرمة االعتداء عمى األموال واألنفس فجعل تعالى ذكره بذلك آكل مال أخيو بالباطل كاآلكل مال ن فسو بالباطل وجعل القاتل منيم قتيبل بمنزلة قتمو نفسو ألنيم أىل ممة واحدة ودعوة واحدة ودين واحد فجعل تعالى المؤمنين أخوة بعضيم من بعض فقاتل أخيو كقاتل نفسو وكذلك تفعل العرب فتكني عن نفسيا بأخواتيا وعن أخواتيا بنفسيا فتقول : أخي وأخوك أي نا أبطش يعني: أنا وأنت نص طرع فننظر أي نا أشد فيكني المتكمم عن نفسو بأخيو ألن أخا الرجل عندىا كنفسو )39 )40 وأجمع المتأولون أن المعتمد بيذه اآلية النيي أن يقتل بعض الناس بعضيا فإن قتل بعضيم لبعض قتل ألنفسيم والتعبير عنيم باألنفس لممبالغة في الزجر عن قتميم بتصويره بصورة مما ال يكاد يفعمو عاقل ومنيم من يرى أن معناىا النيي عن قتل االنسان لنفسو كما يفعمو بعض الجيمة أو بارتكاب ما يؤدي الى القتل وقيل بإلقائيا في التيمكة وأيد ىذا بما روي عن عمرو بن العاص أنو تأوليا بالتيمم لخوف البرد فمم ينكر عميو النبي ) 37 نظر : ابن ح ان محمد بن وسف بن عل بن وسف بن ح ان أث ر الد ن األندلس )ت: 745 ه البحر المح ط ف التفس ر تحق ق: صدق محمد جم ل دار الفكر ب روت بدون طبعة 1420 ه : )336/1 )38) سورة النساء اآل ة )29 )39) نظر : الطبري جامع الب ان : )548/3 40 نظر : ابن الجوزي جمال الد ن أبو الفرج عبد الرحمن بن عل بن محمد )ت: 597 ه زاد المس ر ف علم التفس ر تحق ق : عبد الرزاق المهدي دار الكتاب العرب ب روت الطبعة: األولى 1422 ه : )395/1 وابو السعود محمد بن محمد بن مصطفى )ت: 982 ه إرشاد العقل السل م إلى مزا ا الكتاب الكر م دار إح اء التراث العرب ب روت بدون طبعة بدون تار خ : )170/2 والحد ث عن عمرو بن العاص قال: احت ل مت ف ل لة باردة ف غ زوة ذات الس الس ل فأشف قت أن اغت س ل ف أهل ك فت م مت ثم ص ل ت بأصحاب الص بح فذكروا ذلك للنب, فقال: )) ا ع مرو ص ل ت بأصحاب ك وأنت ج ن ب فأخب رت ه بالذي م ن ع ن م ن االغت سال وقلت : إن سمعت هللا قول : }و ال ت ق ت ل وا أ ن ف س ك م إ ن الل ة ك ان ب ك م ر ح م ا{ فض ح ك رسول هللا ولم ق ل ش ئا أخرجه أبو داود كتاب الطهارة - باب إذا خاف الجنب البرد أي ت مم : )1/ 249 برقم 334 قال شع ب األرنؤوط : حد ث صح ح 293

ومنيم من يرى أن المعنى ال تيمكوا أنفسكم بتعريضيا لمعقاب باقت ارف ما يفضي اليو من ارتكاب محارم اهلل وتعاطي معاصيو فإنو القتل الحقيقي ليا كما يشعر بو اي ارده عقيب النيي عن أكل الح ارم فيكون مقر ار لمنيي السابق )41 والذي نفيمو من ىذه اآلية الكريمة : أنيا تحتمل كل ىذه التأويبلت فيي تنيى المسمم عن أن يقتل نفسو كما تنياه أن يقتل غيره وكما تنياه عن الوقوع في محرمات اهلل التي تؤدي ليبلكو وقد جمع اهلل سبحانو وتعالى في التوصية بين حفظ األنفس وحفظ األموال لما أن المال شقيق النفس ومحبوبيا من حيث أنو سبب لقواميا وتحصيل كماالتيا واستيفاء فضائميا وقدم النيي عن التعرض لو لكثرة وقوعيم في أكمو بالباطل )42 وانما كان التعبير بقولو أ ن ف س ك م و) أ م و ال ك م ) بإضافة األموال واألنفس الى األمة جميعيا لئلشعار بوحدة األمة وتكافميا وتعاونيا فالذي يتياون بإضاعة مال غيره فكأنما أضاع مال نفسو أو اضاع مال األمة جميعيا والذي يعتدي عمى أخيو المسمم بالقتل فكأنما قتل نفسو أو اعتدى عمى األمة جميعا فالوحدة بين األمة ماال ونفسا ىي التي عناىا القرآن الكريم وسوغت إضافة األموال الى ضمير األولياء وىي لميتامى في قولو تعالى : و ال ت ؤ ت وا الس ف ي اء أ م و ال ك م ال ت ي ج ع ل الم و ل ك م ق ي ام ا )43 ) تنزيبل الختصاصيا بأصحابيا منزلة اختصاصيا باألولياء فكأن أمواليم عين أمواليم لما بينيم وبينيم من االتحاد الجنسي والنسبي مبالغة في حمميم عمى المحافظة عمى األموال )44 فدلت ىذه اآلية عمى حرمة االعتداء عمى األموال واألنفس وقد أكد النبي ىذه الحرمة في خطبتو في حجة الوداع حيث قال : )) ي و م ك م ى ذ ا ف ي ب م د ك م ى ذ ا ف ي ش ي ر ك م أ ال إ ن الم و ح ر م ع م ي ك م د م اء ك م و أ م و ال ك م ك ح ر م ة أ و و ي ح ك م ان ظ ر وا ال ت ر ج ع وا ب ع د ي ك ف ار ا ي ض ر ب ى ذ ا أ ال ى ل ب م غ ت ق ال وا ن ع م ق ال الم ي م اش ي د ث بل ث ا و ي م ك م )45 ب ع ض ك م ر ق اب ب ع ض بل عم منا القرآن أن جناية اإلنسان عمى غيره ت عد جناية عمى البشر كميم ال عمى المتصمين معو ب اربطة األخوة أ و ف س اد ف ي األ ر ض ف ك أ ن م ا ق ت ل الن اس اإليمانية أو الجنسية أو السياسية بقولو تعالى : م ن ق ت ل ن ف س ا ب غ ي ر ن ف س )47 )46 ج م يع ا ) فإذا كان ديننا يرشدنا الى احت ارم نفوس الناس فاحت ارمنا لنفوسنا يجب أن يكون أولى ف اربطة األخوة في الدين متينة وعظيمة يؤكد عمييا القرآن الكريم في كثير من آياتو حتى أن سفيان بن عيينة قال في تفسير قولو تعالى : و م ا ت ن ف ق وا م ن خ ي ر ف ؤل ن ف س ك م ) )48 أن معنى: ف ؤل ن ف س ك م ) أي : فؤلىل دينكم 41 نظر : ابن كث ر تفس ر القرآن العظ م : )235/2 وأبو السعود ارشاد العقل السل م : )170/2 )42) نظر : األلوس روح المعان : )16/5 43 سورة النساء : من اآل ة )5 44 نظر : أبو السعود ارشاد العقل السل م : )144/2 45 أخرجه البخاري كتاب المغازي- باب ح ج ة ال و د اع : 5/ 223 برقم 4403 ومسلم ك ت اب ال ق س ام ة و ال م ح ار ب ن و ال ق ص اص و الد ات - ب اب ت غ ل ظ ت ح ر م الد م اء و األ ع ر اض و األ م و ال : )3/ 1305 برقم )1679 46 سورة المائدة : من اآل ة )32 47 نظر : محمد رش د رضا تفس ر المنار: )37/5 294

)49 كقولو تعالى: و ال ت ق ت م وا أ ن ف س ك م ) وحكي عن بعض أىل العمم أنو كان يصنع كثي ار من المعروف ثم يحمف أنو ما فعل مع أحد خي ار قط فقيل لو في ذلك فقال: إنما فعمت مع نفسي ويتمو ىذه اآلية وروي عن عمي أنو كان يقول: ما أحسنت إلى أحد قط وال أسأت لو ثم يتمو: أل ن ف س ك م و ا ن أ س أ ت م ف م ي ا )50 المبحث ال اربع األمر بالمعروف والنيي عن المنكر إ ن أ ح س ن ت م أ ح س ن ت م قال تعالى : ي ا أ ي ي ا ال ذ ين آم ن وا ع م ي ك م أ ن ف س ك م ال ي ض ر ك م م ن ض ل إ ذ ا اى ت د ي ت م إ ل ى الم و م ر ج ع ك م ج م يع ا ف ي ن ب ئ ك م )51 ب م ا ك ن ت م ت ع م م ون ) يقول تعالى آم ار عباده المؤمنين أن يصمحوا أنفسيم ويفعموا الخير بجيدىم وطاقتيم وقولو : أ ن ف س ك م ) أي : إلزموا أمر أنفسكم فإنما الزمكم اهلل أمرىا وال يضركم من كفر وسمك غير سبيل الحق إذا ع م ي ك م )52 كنتم ميتدين وآمنتم بربكم وأطعتموه فيما امركم بو وفيما نياكم عنو واختمف المفسرون في معنى ىذه اآلية عمى أقوال منيا : اهلل أوال : أن الم ارد ع م ي ك م أ ن ف س ك م ) إذا أمرتم بالمعروف ونييتم عن المنكر فمم ي قبل منكم فعن أ ب ي أ م ي ة ق و ل و ت ع ال ى : ي ا أ ي ي ا الش ع ب ان ي ق ال : أ ت ي ت أ ب ا ث ع م ب ة الخ ش ن ي ف ق م ت ل و : ك ي ف ت ص ن ع ب ي ذ ه اآلي ة ق ال : أ ي ة آي ة ق م ت : ال ذ ين آم ن وا ع م ي ك م أ ن ف س ك م ال ي ض ر ك م م ن ض ل إ ذ ا اى ت د ي ت م ) ق ال : أ م ا و الم و ل ق د س أ ل ت ع ن ي ا خ ب ير ا س أ ل ت ع ن ي ا ر س ول ) ف ق ال : ا ع ن ال م ن ك ر ح ت ى إ ذ ا ر أ ي ت ش ح ا م ط اع ا و ى و ى م ت ب ع ا و د ن ي ا م ؤ ث ر ة ب ل ائ ت م ر وا ب الم ع ر وف و ت ن اى و و ا ع ج اب ك ل ذ ي ر أ ي ب ر أ ي و ف ع م ي ك ب خ اص ة ن ف س ك و د ع الع و ام ف إ ن م ن و ر ائ ك م أ ي ام ا الص ب ر ف يي ن م ث ل الق ب ض ع م ى الج م ر ل م ع ام ل ف يي ن م ث ل أ ج ر خ م س ين ر ج بل ي ع م م ون م ث ل ع م م ك م ثانيا : اعمموا بطاعة اهلل وال يضركم من ضل اذا اىتديتم فأمرتم بالمعروف ونييتم عن المنكر ومنو عن أبي بكر الصديق قال بعد أن حمد اهلل وأثنى عميو: يا أ ي ي ا الن اس إ ن ك م ت ق ر ء ون ى ذ ه اآلي ة وتضعونيا عمى غير مواضعيا: )ع م ي ك م أ ن ف س ك م ال ي ض ر ك م م ن ض ل إ ذ ا اى ت د ي ت م ) و ا ن ي س م ع ت ر س ول اهلل ) ي ق ول : )) أ و ش ك أ ن ي ع م ي م الم و ب ع ق اب الظ ال م ف م م ي أ خ ذ وا ع م ى ي د ي و ا إ ن الن اس إ ذ ا ر أ و )102/2 وابن كث ر 48 سورة البقرة : من اآل ة )272 49 سورة النساء : من اآل ة )29 50 نظر : ابن ح ان تفس ر البحر المح ط : )695/2 )51) سورة المائدة : اآل ة )105 52 نظر : الزجاج معان القرآن وإعرابه : 123/2 والخازن لباب التأو ل ف معان التنز ل : تفس ر القرآن العظ م : )394/5 295

ت) ثالثا : ال يضركم من حاد عن قصد السبيل وكفر باهلل من أىل الكتاب فعن سعيد بن جبير قال : من ضل من أىل الكتاب يعني ال يضركم )53 )54 : اربعا : عميكم أىل ممتكم مروا بالمعروف وانيوا عن المنكر ومنو عن السدي قال عميكم أىل دينكم والذي يظير لي من ىذه الوجوه في توضيح معنى اآلية أنيا ليست متعارضة بل يمكن أن تحمل عمى كل ىذه المعاني يقول االمام ابن عطية رحمو اهلل - : " وجممة ما عميو أىل العمم في ىذا أن األمر بالمعروف متعين متى رجي القبول أو رجي رد المظالم ولو بعنف ما لم يخف المرء ضر ار يمحقو في خاصيتو أو فتنة يدخميا عمى المسممين إما بشق عصا واما بضرر يمحق طائفة من الناس فإذا خيف ىذا فعميكم أنفسكم محكم واجب أن )55 يوقف عنده " ) فيذه اآلية ت عد أشد آية في األمر بالمعروف والنيي عن المنكر كما روي عن أبي بكر الصديق أنو ) ص عد المنبر منبر رسول اهلل فحمد اهلل وأثنى عميو ثم قال: يا أييا الناس إنكم لتتمون آية من كتاب اهلل وتعد ونيا ر خصة واهلل ما أنزل اهلل في كتابو أشد منيا : ي ا أ ي ي ا ال ذ ين آم ن وا ع م ي ك م أ ن ف س ك م ال ي ض ر ك م م ن ض ل إ ذ ا )56 اى ت د ي ت م ) واهلل لتأمرن بالمعروف ولتنيون عن المنكر أو ليعمنكم اهلل منو بعقاب كما ت عد ىذه اآلية بأنيا أوكد آية في وجوب األمر بالمعروف والنيي عن المنكر فعن عبد اهلل بن المبارك أنو قال : ىذه أوكد آية في وجوب األمر بالمعروف والنيي عن المنكر فإن اهلل تعالى يقول :) ع م ي ك م أ ن ف س ك م ) يعني عميكم أىل دينكم وال يضركم من ضل من الكفار وىذا كقولو ف اق ت م وا أ ن ف س ك م ويرغب بعضكم بعضا في الخي ارت وينفره عن القبائح والمنك ارت وقولو : ع م ي ك م أ ن ف س ك م ) بأن يعظ بعضكم بعضا )57 53 نظر : الطبري جامع الب ان : 152-148/11 وابن عط ة أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام األندلس المحارب )ت: 542 ه المحرر الوج ز ف تفس ر الكتاب العز ز تحق ق: عبد السالم عبد الشاف محمد دار الكتب العلم ة ب روت الطبعة: األولى 1422 ه : )293/2 والحد ث األول أخرجه أبو داود كتاب المالحم- باب األمر والنه : )6/ 396 برقم 4341 والترمذي أ ب و اب ت ف س ر ال ق ر آن ع ن ر س ول هللا - ب اب : و م ن س ور ة ال م ائ د ة : 5/ 107 برقم )3058 وقال الترمذي : ه ذ ا ح د ث ح س ن غ ر ب والحد ث الثان أخرجه أبو داود كتاب المالحم- باب األمر والنه : 6/ 393 برقم )4338 والترمذي أ ب و اب الفتن- ب اب م ا ج اء ف ن ز ول الع ذ اب إ ذ ا ل م غ ر ال م ن ك ر : 4/ 37 برقم )2168 وقال شع ب األرنؤوط : إسناده صح ح 54 نظر : ابن أب حاتم أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدر س بن المنذر التم م الرازي ت: 327 ه تفس ر القرآن العظ م تحق ق: أسعد محمد الط ب مكتبة نزار مصطفى الباز - المملكة العرب ة السعود ة الطبعة: الثالثة - 1419 ه : )1226/4 55 ابن عط ة المحرر الوج ز ف تفس ر الكتاب العز ز : )293/2 56 الطبري جامع الب ان : 150/11 والس وط عبد الرحمن بن أب بكر جالل الد ن الس وط )ت: 911 ه الدر المنثور ف التفس ر بالمأثور دار الفكر ب روت بدون طبعة بدون تار خ : )563/5 57 نظر : الرازي التفس ر الكب ر : )449/12 والواحدي أبو الحسن عل بن أحمد بن محمد بن عل الن سابوري الشافع : 468 ه الت ف س ر الب س ط عمادة البحث العلم - جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالم ة الطبعة: األولى 1430 ه : )561/7 296

: ))3 )58 ومما يدل عمى أن تارك األمر بالمعروف غير ميتد أن اهلل تعالى أقسم أنو في خسر في قولو تعالى ا ب الص ب ر ا ب ال ح ق و ت و اص و و ال ع ص ر )1 إ ن اإل ن س ان ل ف ي خ س ر )2 إ ال ال ذ ين آم ن وا و ع م م وا الص ال ح ات و ت و اص و وحذر اهلل سبحانو وتعالى من ترك ىذه الفريضة بقولو : )59 وفي الحديث الذي رواه الشيخان عن أم المؤمنين ز ي ن ب ب ن ت ج ح ش د خ ل ع م ي ي ا ف ز ع ا ي ق ول و ات ق وا ف ت ن ة ال ت ص يب ن ال ذ ين ظ م م وا م ن ك م خ اص ة ) رضي اهلل عنيا أ ن الن ب ي : : ال إ ل و إ ال الم و و ي ل ل م ع ر ب م ن ش ر ق د اق ت ر ب ف ت ح ال ي و م م ن ر د م ي أ ج وج و م أ ج وج م ث ل ى ذ ه و ح م ق ب إ ص ب ع و اإل ب ي ام و ال ت ي ت م يي ا ق ال ت ز ي ن ب اب ن ة ج ح ش ف ق م ت : ي ا ر س ول اهلل أ ن ي م ك و ف ين ا )60 الص ال ح ون ق ال : ن ع م إ ذ ا ك ث ر ال خ ب ث وعن الن ع م ان ب ن ب ش ير ر ض ي الم و ع ن ي م ا ع ن الن ب ي ق ال ق و م اس ت ي م وا ع م ى س ف ين ة ف أ ص اب ب ع ض ي م أ ع بل ى ا و ب ع ض ي م أ س ف م ي ا م ث ل ال ق ائ م ع م ى ح د ود اهلل و ال و اق ع ف يي ا ك م ث ل ل و أ ن ا خ ر ق ن ا ف ي ن ص يب ن ا خ ر ق ا و ل م ن ؤ ذ م ن ف و ق ن ا ا م ن ال م اء م ر وا ع م ى م ن ف و ق ي م ف ق ال وا ف ك ان ال ذ ين ف ي أ س ف م ي ا إ ذ ا اس ت ق و )61 ا ج م يع ا ا و ن ج و ف إ ن ي ت ر ك وى م و م ا أ ر اد وا ى م ك وا ج م يع ا و ا ن أ خ ذ وا ع م ى أ ي د يي م ن ج و فيذه اآلية من أصول األمر بالمعروف والنيي عن المنكر الذي ىو أصل الدين وخبلفة المسممين وفرض عمى جميع الخمق ويقول رسول اهلل : )) ف ب ق م ب و و ذ ل ك أ ض ع ف اإل يم ان م ن ر أ ى م ن ك م م ن ك ر ا ف م ي غ ي ر ه ب ي د ه ف إ ن ل م ي س ت ط ع ف ب م س ان و ف إ ن ل م ي س ت ط ع )62 )) ويقول اإلمام النووي رحمو اهلل - : " المذىب الصحيح عند المحققين في معنى اآلية أنكم إذا فعمتم ما كمفتم بو )63 فبل يضركم تقصير غيركم مثل قولو تعالى و ال ت ز ر و از ر ة و ز ر أ خ ر ى واذا كان كذلك ف م م ا ك م ف بو األمر " )64 بالمعروف والنيي عن المنكر فإذا فعمو ولم يمتثل المخاطب فبل عتب بعد ذلك عمى الفاعل لكونو أدى ما عميو )58) سورة العصر : اآل ة )3-1 59 سورة االنفال : من اآل ة )25 60 نظر : الشنق ط اضواء الب ان : )460/1 والحد ث أخرجه البخاري كتاب أحاد ث األنب اء - باب ق ص ة أ ج وج و م أ ج وج 4/ 2208 : : )4/ 168 برقم )3346 ومسلم كتاب ال ف ت ن و أ ش ر اط الس اع ة - ب اب اق ت ر اب ال ف ت ن و ف ت ح ر د م أ ج وج و م أ ج وج برقم )2880 61 أخرجه البخاري كتاب الشركة - باب هل قرع ف القسمة واالستهام ف ه : )3/ 182 برقم )2493 543 ه أحكام القرآن خرج أحاد ثه وعل ق عل ه: القاض محمد بن عبد هللا االشب ل المالك )ت: 62 نظر : ابن العرب أخرجه 1424 ه / 2003 م : 226/2 والحد ث محمد عبد القادر عطا دار الكتب العلم ة ب روت لبنان الطبعة الثالثة مسلم كتاب اإل مان - ب اب ب ان ك و ن الن ه ع ن ال م ن ك ر م ن اإل م ان و أ ن اإل م ان ز د و ن ق ص و أ ن األ م ر ب ال م ع ر وف و الن ه ع ن ال م ن ك ر و اج ب ان : /1 )69 برقم )49 63 سورة اإلسراء : من اآل ة )15 676 ه المنهاج شرح صح ح مسلم بن الحجاج دار إح اء التراث 64 النووي أ بو زكر ا مح الد ن ح ى بن شرف )ت: العرب ب روت الطبعة الثان ة 1392 ه : )43/2 297

وان خيرية ىذه األمة وأفضميتيا باألمر بالمعروف والنيي عن المنكر وذلك حكم اهلل في قولو تعالى : و ت ن ي و ن ع ن ال م ن ك ر و ت ؤ م ن ون ب الم و خ ي ر أ م ة أ خ ر ج ت ل من اس ت أ م ر ون ب ال م ع ر وف ك ن ت م )65 ) وان ىذه األمة أمة واحدة كما )66 قال تعالى : إ ن ى ذ ه أ م ت ك م أ م ة و اح د ة و أ ن ا ر ب ك م ف اع ب د ون ) وان مجتمعيا جسد واحد فإذا أصاب عضو منيا مكروه فبل بد أن تتأثر بو األمة كميا كما يتأثر الجسد بفساد عضو من أعضائو فتقصير بعض أف ارد األمة قد يؤدي بكل األمة الى اليبلك وىذا ما خاطب بو الق آرن أصحاب النبي العدنان في غزوة أحد عندما خالف بعض الرماة تعاليم رسول اهلل ) فأصابيم ما أصابيم من الويبلت فتعجبوا من ىذا األمر مع أن البعض فقط ىم )67 ) الذين أخطأوا ولكن الخطاب توجو لمجميع بقولو : وكالنفس الواحدة ق ل ى و م ن ع ن د أ ن ف س ك م ألن األمة كالجسد الواحد فيذا ىو ىدي القرآن وىذه ىي الحقيقة التي ينبغي أن يتربى عمييا المسممون بوصفيم أمة واحدة متضامنون متكافمون فيما بينيم بعضيم أولياء بعض وما أحوج المسممين اليوم الى إد ارك ىذه المعاني وىذا الخطاب الرباني العظيم قال تعالى :) المبحث الخامس حسن الظن بالمؤمنين واجتناب لمزىم )68 ال إ ذ س م ع ت م وه ظ ن ال م ؤ م ن ون و ال م ؤ م ن ات ب أ ن ف س ي م خ ي ر ا و ق ال وا ى ذ ا إ ف ك م ب ين ) ل و ويقول عز من قال : ي ا أ ي ي ا ال ذ ين آم ن وا ال ي س خ ر ق و م م ن ق و م ع س ى أ ن ي ك ون وا خ ي ر ا م ن ي م و ال ن س اء م ن ن س اء ع س ى أ ن ي ك ن خ ي ر ا م ن ي ن و ال ت م م ز وا أ ن ف س ك م و ال ت ن اب ز وا ب األ ل ق اب ب ئ س اال س م ال ف س وق ب ع د اإل يم ان و م ن ل م ي ت ب ف أ ول ئ ك ى م الظ ال م ون )69 ) ىذا ىو ىدي الق آرن لمتي أقوم بأن ال اربطة التي يجب أن يعتقد أنيا ىي التي تربط بين أف ارد المجتمع وأن ينادى بيا دون غيرىا انما ىي اربطة األخوة اإلسبلمية التي تربط بين أف ارد المجتمع حتى يصير بقوة تمك ال اربطة كأنو جسد واحد إذا اشتكى منو عضو تداعى لو سائر الجسد بالسير والحمى فربط اإلسبلم األخ بأخيو المسمم كربط يده بمعصمو ورجمو بساقو ولذلك أكثر القرآن الكريم إطبلق النفس وااردة األخ تنبييا عمى اربطة 65 سورة آل عمران : من اآل ة )110 )66) سورة األنب اء : اآل ة )92 67 سورة آل عمران : من اآل ة )165 )68) سورة النور : اآل ة )12 )69) سورة الحجرات : اآل ة )11 298

: )) ال ي ؤ م ن أ ح د ك م ح ت ى ي ح ب اإلسبلم التي تجعل أخا المسمم كنفسو وثبت في الصحيح عن رسول اهلل أل خ يو م ا ي ح ب ل ن ف س و )70 )) ففي ىاتين اآليتين أدب اهلل سبحانو وتعالى عباده المؤمنين بآداب عظيمة وتوجييات كريمة يتحقق بيا مجتمع األخوة وتسود بيا اربطة التآلف والت ارحم والتواد فيكونون جسدا واحدا يفرحون جميعا ويحزنون جميعا يرحم بعضيم بعضا ويذب بعضيم عن بعض واآلية األولى نزلت في شأن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي اهلل عنيا- حين اتيميا أىل اإلفك بما قالوا ) من الكذب والبيتان وممخص الحادثة : إن السيدة عائشة كانت مع رسول اهلل في غزوة بني المصطمق وأنيا رضي اهلل عنيا تباعدت لقضاء الحاجة وانشغمت تمتمس عقدا ليا انقطع فرجعت وقد ارتحل الجيش وحمموا ىودجيا عمى أنيا فيو فأقامت في ذلك المكان فمر بيا ص ف و ان ب ن ال م ع ط ل متأخ ار عن الجيش فأناخ ليا بعيره )71 وحمميا عميو وساقو حتى أتى الجيش بعدما نزلوا فمما أرى أىل اإلفك ىمك من ىمك في شأنيا ففي اآلية عتاب من اهلل تعالى ألىل اإليمان فيما وقع في أنفسيم من إرجاف من أرجف في أمر عائشة بما أرجف بو وقال : ب أ ن ف س ي م ) ألن أىل اإلسبلم كميم بمنزلة نفس واحدة ألنيم أىل ممة واحدة )72 وعدل الحق سبحانو وتعالى عن الخطاب إلى الغيبة وعن الضمير إلى الظاىر فمم يأت النظم : ظننتم بأنفسكم خي ار وقمتم ىذا إفك مبين ليبالغ سبحانو في التوبيخ بطريقة االلتفات وليصرح بمفظ اإليمان داللة عمى أن االشت ارك فيو مقتض أن ال يصد ق مؤمن عمى أخيو وال مؤمنة عمى أختيا قول عائب وال طاعن وفيو تنبيو عمى أن حق المؤمن إذا سمع قالة سوء في أخيو أن يبنى األمر فييا عمى الظن ال عمى الشك وأن يقول بناء عمى ظنو بالمؤمن الخير: ى ذ ا إ ف ك م ب ين ) كما يقول المستيقن المطمع عمى حقيقة الحال وىذا من األدب الحسن الذي قل القائم بو والحافظ لو وليت تجد من يسمع فيسكت وال يشيع ما سمعو بإخوانو )73 وقيل : المعنى أنو كان ينبغي ان يقيس فضبلء المؤمنين والمؤمنات األمر عمى انفسيم واذا كان ذلك يبعد فييم فذلك في عائشة وصفوان أبعد لفضميما وروي ان ىذا الفيم السديد وقع من أبي ايوب األنصاري وام ارتو وذلك انو 70 نظر : الشنق ط أضواء الب ان : 42/3 والحد ث أخرجه البخاري كتاب اإل مان- ب اب م ن اإل م ان أ ن ح ب أل خ ه م ا ح ب ل ن ف س ه : )1/ 10 برقم )13 ومسلم كتاب اإل مان - ب اب الد ل ل ع ل ى أ ن م ن خ ص ال اإل م ان أ ن ح ب أل خ ه ال م س ل م م ا ح ب ل ن ف س ه م ن ال خ ر : )1/ 67 برقم )45 71 نظر : صح ح البخاري كتاب الشهادات- باب تعد ل النساء بعضهن بعض ا : 3/ 227 برقم )2661 ومسلم كتاب التوبة - ب اب ف ح د ث اإل ف ك و ق ب ول ت و ب ة ال ق اذ ف : )4/ 2130 برقم )2770 وأسباب النزول للواحدي : )ص: 319 )72) نظر: الطبري جامع الب ان : )211/17 )73) نظر : الزمخشري الكشاف : )218/3 299

دخل عمييا فقالت لو : يا أبا ايوب أما تسمع ما يقولو الناس في عائشة رضي اهلل عنيا - الكذب اكنت فاعمة ذلك يا أم أيوب قال : ال واهلل ما كنت ألفعمو قال: فعائشة واهلل خير منك قال نعم وذلك )74 وفي رواية أن أبا أيوب قال لزوجتو أم أيوب : أال ترين ما يقال قالت لو: لو كنت بدل صفوان أكنت تظن بحرمة رسول اهلل ) سوءا قال: ال قالت: ولو كنت أنا بدل عائشة رضي اهلل عنيا- ما خنت رسول اهلل فعائشة خير منى وصفوان خير منك وقد عمق صاحب االنتصاف عمى قول أم أيوب- رضي اهلل عنيا- بقولو : ولقد أليمت بنور االيمان إلى ىذا السر الذي انطوى عميو التعبير عن الغير من المؤمنين بالنفس فإنيا نزلت زوجيا منزلة صفوان ونفسيا منزلة عائشة ثم أثبتت لنفسيا ولزوجيا الب ارءة واألمانة حتى أثبتتيا لصفوان وعائشة بطريق األولى رضى اهلل عنيا ) )75 وفي ىذه اآلية حث عمى ستر المؤمن وعدم ىتك عرضو وتحريم ظن السوء وأن ال يحكم بالظن وأن درجة اإليمان التي ح از ى ا االنسان ومنزلة الصبلح التي ح م ي ا محتمل وان شاع إذا كان أصمو فاسدا أو مجيوال )76 ولبسة العفاف التي تستر بيا المسمم ال يزيميا عنو خبر وفي قولو : إ ف ك م ب ين ) كذب ظاىر عمى أم المؤمنين فإن الذي وقع لم يكن فيو ما يريب وذلك أن أم المؤمنين جاءت اركبة جيرة عمى ارحمة صفوان في وقت الظييرة والجيش بكاممو يشاىد ذلك ورسول اهلل بين أظيرىم فإن ذلك ينفي كل شبية وشك ولو كان في األمر ما يرتاب منو لم يكن ىكذا عمى رؤوس األشياد )77 وفي ىذا توبيخ عمى عدم إعماليم النظر في تكذيب قول ينادي حالو ببيتانو وعمى سكوتيم عميو وعدم إنكاره وفيو تشريع لممؤمنين الى أن من أنجع الوسائل لمحاربة اإلشاعات الكاذبة أن يحسن بعضيم الظن ببعض وأن يكتموا ىذه االشاعات حتى تموت في ميدىا وأن ينكروا ما سمعوه من الطعن في المسمم بالقول كما ينكره بالظن فيكون تغيير المنكر بالقمب والمسان )78 وفي قولو تعالى : و ال ت م م ز وا أ ن ف س ك م ) فالممز في المغة : الع ي ب في الو ج و بالع ي ن والر اس والش ف ة وق يل : وىو االغ ت ياب ل م ز ه ي م م ز ه وي م م ز ه وفى الت ن ز يل : ال ذ ين ي م م ز ون ال م ط و ع ين م ن ال م ؤ م ن ين ف ي الص د ق ات ) )79 )80 وكان وا ع اب وا أصحاب ر سول اهلل ) في ص د ق ات أ ت وه بيا : ال يمعن وقال ابن عباس ومجاىد وقتادة وسعيد بن جبير : ال يطعن يعضكم عمى بعض وقال الضحاك )81 بعضكم بعضا 74 نظر: ابن عط ة المحرر الوج ز ف تفس ر الكتاب العز ز : )206/4 75 نظر: الزمخشري الكشاف: )218/3 76 نظر: ابن العرب احكام القرآن: )365-364/3 77 نظر: ابن كث ر تفس ر القرآن العظ م: )27/6 78 نظر: ابن عاشور التحر ر والتنو ر: )175/18 79 سورة التوبة: من اآل ة )79 80 ابن س ده المحكم والمح ط األعظم: )59/9 300

: وفي قولو : أ ن ف س ك م ) تعبير ارئع فالمعنى ال تعيبوا اخوانكم من المسممين ألنيم كأنفسكم فاذا عاب عائب احدا فكأنما عاب نفسو وىذا قمة الرقي في الت اربط والت ارحم والتآلف وقيل : ال يخمو أحد من عيب فإذا عاب غيره فيكون حامبل لذلك عمى عيبو فكأنو ىو العائب لنفسو ونظير ذلك ما ثبت عن النبي : )) إ ن م ن أ ك ب ر ال ك ب ائ ر أ ن ي م ع ن الر ج ل و ال د ي و ق يل ي ا ر س ول الم و و ك ي ف ي م ع ن الر ج ل و ال د ي و ق ال )) ي س ب الر ج ل أ ب ا الر ج ل ف ي س ب أ ب اه و ي س ب أ م و )82 )) فعمى المسمم أن ينشغل بعيوب نفسو وال يبصر القذاة في عين أخيو ويدع الجذع في عينو ومن كان بيتو من : ** زجاج فبل يرم الناس بالحجارة ورحم اإلمام الشافعي إذ يقول أ ة ف بل ي ن ط ق ن م ن ك المسان ب س و ء ات و ل من اس أ ل س ن ف ك م ك س و و ع ي ناك إن أ ب د ت إ لي ك م عائ با ** )83 ف د ع يا و ق ل يا ع ين ل مناس أ عي ن وتتبع عو ارت المسممين بالممز واليمز عبلمة أىل النفاق وليست عبلمة أىل اإليمان يقول رسول اهلل ) : )84 )) ل ي س ال م ؤ م ن ب الط ع ان و ال الم ع ان و ال الف اح ش و ال الب ذ يء ويقول أيضا : )) ال م س م م م ن س م م ال م س م م ون م ن ل س ان و و ي د ه )85 ويقول أيضا : )) ب ح س ب ام ر ئ م ن الش ر أ ن ي ح ق ر أ خ اه ال م س م م ك ل ال م س م م ع م ى ال م س م م ح ر ام د م و و م ال و و ع ر ض و )86 والذي يتمبس بيذه الصفة الذميمة فإنو يستبدل اإليمان بالفسق كما أطمق اهلل عز وجل وصف الفسق أيضا عمى من قذف المحصنة المؤمنة وأوجب حد القذف ثمانين جمدة بقولو : و ال ذ ين ي ر م ون ال م ح ص ن ات ث م ل م )87 ي أ ت وا ب أ ر ب ع ة ش ي د اء ف اج م د وى م ث م ان ين ج م د ة و ال ت ق ب م وا ل ي م ش ي اد ة أ ب د ا و أ ول ئ ك ى م ال ف اس ق ون ) فعمى المسمم أن يترفع عن ىذه الخصمة الذميمة التي ورد الوعيد الشديد لمن قارفيا في موضع آخر من القرآن بقولو : و ي ل ل ك ل 81 القرطب أبو عبد هللا محمد بن أحمد بن أب بكر بن فرح األنصاري )ت: 671 ه الجامع ألحكام القرآن تحق ق : هشام سم ر البخاري دار عالم الكتب الر اض- المملكة العرب ة السعود ة 1423 ه/ 2003 م : )327/16 82 نظر: الخازن لباب التأو ل ف معان التنز ل : 181/4 والخلوت إسماع ل حق بن مصطفى اإلستانبول الحنف, المولى أبو الفداء )ت: 1127 ه روح الب ان دار الفكر ب روت بدون طبعة بدون تار خ : )81/9 والحد ث أخرجه البخاري كتاب األدب- باب ال س ب الر ج ل و ال د ه : )8/ 3 برقم )5973 83 د وان االمام الشافع : )ص: 84 84 أخرجه الترمذي أ ب و اب الب ر و الص ل ة ع ن ر س ول هللا - ب اب م ا ج اء ف الل ع ن ة : 3/ 418 برقم )1977 قال الترمذي : ه ذ ا ح د ث ح س ن غ ر ب 85 أخرجه البخاري كتاب اإل مان- ب اب ال م س ل م م ن س ل م ال م س ل م ون م ن ل س ان ه و د ه : 1/ 9 )10 ومسلم كتاب اإل مان - ب اب ب ان ت ف اض ل اإل س ال م و أ ي أ م ور ه أ ف ض ل : )1/ 65 برقم )41 86 أخرجه مسلم كتاب ال ب ر و الص ل ة و اآل د اب - ب اب ت ح ر م ظ ل م ال م س ل م و خ ذ ل ه و اح ت ق ار ه و د م ه و ع ر ض ه و م ال ه : 4/ 1986 برقم )2564 87 سورة النور: اآل ة )4 301

ت) ى م ز ة ل م ز ة ) )88 فيذه خصمة ال تميق بمن من اهلل عميو بوصف اإليمان أن يعدل عنو الى وصف الفسوق كما قال تعالى : ب ئ س اال س م ال ف س وق ب ع د اإل يم ان ) وىكذا يحاول اإلسبلم أن يبعد أتباعو عن كل ما من شأنو أن ينفر بعضيم عن بعض أو يقطع صبلت بعضيم ببعض ولي نشأ المجتمع المتواد المتحاب المت اربط المتضامن المتكافل المتناسق المجتمع الذي يقول اهلل سبحانو في حقو : إ ن م ا ال م ؤ م ن ون إ خ و ة ) والذي تتبين مبلمحو قول النبي الكريم : )) م ث ل ال م ؤ م ن ين ف ي ت و اد ى م و ت ر اح م ي م و ت ع اط ف ي م م ث ل ال ج س د إ ذ ا اش ت ك ى م ن و ع ض و ت د اع ى ل و س ائ ر ال ج س د ب الس ي ر و ال ح م ى فيو مجتمع عفيف ونظيف المشاعر مكفول الحرمات مصون الغيبة والحضرة ال يؤخذ أحد بظنة وال تتبع فيو )89 العو ارت وال يتعرض أمن الناس وك ارمتيم وحريتيم فيو ألدنى مساس فياتان اآليتان فييما من اآلداب واألحكام التي تدعو الى نشر روح المحبة واإلخاء الصادق بين المؤمنين والحفاظ عمى تماسك المجتمع المسمم بوشائج األخوة اإليمانية التي تجعل الذي يظن السوء بأخيو المسمم انما يظنو بنفسو والذي يعيب أخاه فكأنو يعيب نفسو فميحرص المسممون عمى التمسك بيذه الوصايا واآلداب القرآنية الرفيعة وأن يصمحوا ذات بينيم ويكونوا عباد اهلل اخوانا قال تعالى : المبحث السادس آداب الدخول عمى البيوت ل ي س ع م ى األ ع م ى ح ر ج و ال ع م ى األ ع ر ج ح ر ج و ال ع م ى ال م ر يض ح ر ج و ال ع م ى أ ن ف س ك م أ ن ت أ ك م وا م ن ب ي وت ك م أ و ب ي وت آب ائ ك م أ و ب ي وت أ م ي ات ك م أ و ب ي وت إ خ و ان ك م أ و ب ي وت أ خ و ات ك م أ و ب ي وت أ ع م ام ك م أ و ب ي وت ع م ات ك م أ و أ ش ت ات ا ف إ ذ ا أ و ب ي وت أ خ و ال ك م أ و ب ي وت خ اال ت ك م أ و م ا م م ك ت م م ف ات ح و أ و ص د يق ك م ل ي س ع م ي ك م ج ن اح أ ن ت أ ك م وا ج م يع ا )90 د خ م ت م ب ي وت ا ف س م م وا ع م ى أ ن ف س ك م ت ح ي ة م ن ع ن د الم و م ب ار ك ة ط ي ب ة ك ذ ل ك ي ب ي ن الم و ل ك م اآل ي ات ل ع م ك م ت ع ق م ون ) اختمف المتأولون في أي البيوت أ ارد بقولو تعالى : ف إ ذ ا د خ م ت م ب ي وت ا ف س م م وا ع م ى أ ن ف س ك م عمى ثبلثة األول: أنيا بيوت أنفسكم أي : فسم موا عمى أىميكم وعيالكم قالو جابر بن عبد اهلل وطاوس وقتادة الثاني: أنيا المساجد أي : فسم موا عمى م ن فييا قالو ابن عباس الثالث: بيوت الغير أي : )91 إ ذا دخمتم بيوت غيركم فسم موا عمييم قالو الحسن أقوال : 88 سورة الهمزة: اآل ة )1 89 نظر: س د قطب إبراه م حس ن الشارب : 1385 ه ف ظالل القرآن دار الشروق ب روت- القاهرة الطبعة السابعة عشر 1412 ه: )3336/6 والحد ث أخرجه مسلم كتاب ال ب ر و الص ل ة و اآل د اب - ب اب ت ر اح م ال م ؤ م ن ن و ت ع اط ف ه م و ت ع اض د ه م : 4/ )1999 برقم )2586 90 سورة النور: اآل ة )61 91 نظر: ابن الجوزي زاد المس ر : )309/3 302

ورجح اإلمام الطبري رحمو اهلل بأن الم ارد ىي بيوت المسممين حيث أن اهلل سبحانو وتعالى قال : ف إ ذ ا د خ م ت م ب ي وت ا ) ولم يخصص من ذلك بيتا دون بيت فعنى جميعيا مساجدىا وغير مساجدىا )92 وفي قولو تعالى : ف س م م وا ع م ى أ ن ف س ك م ) أي : يسمم بعضكم عمى بعض إشارة الى أن الم ارد باألنفس من ىم بمنزلتيا لشدة االتصال كقولو تعالى : و ال ت ق ت م وا أ ن ف س ك م ) فصير بعضيم لبعض كأنفسيم ألنيم كشيء واحد يتألم بعضيم بألم بعض ويحزن بعضيم بحزن بعض وي س ر بعضيم بسرور بعض فيم جميع ا كشيء واحد وأنفسيم جميع ا كنفس واحدة لذلك جعل سبلم بعضيم عمى بعض في حق السبلم واحد ا ويحتمل في اآلية وجيا آخر وىو أن المسمم إذا رد ت تحيتو عميو فكأنو سمم عمى نفسو كما أن القاتل الستحقاقو القتل بفعمو فكأنو قاتل نفسو وأم ا احتمال إبقاء المعنى عمى ظاىره بأنو أ ارد بو السبلم عمى أنفسيم حيث ورد عن ابن عباس اذا لم يكن )93 في البيت أحد أن يقول الداخل السبلم عمينا وعمى عباد اهلل الصالحين فيذا بعيد غير مناسب لعموم اآلية وفي التعبير عن أىل تمك البيوت باألنفس لتنزيميم منزلتيا التحاد الجنس دينا وق اربة ولمتنبيو عمى السر الذي )94 اقتضى إباحة األكل من تمك البيوت فيي بالنسبة الى الداخل كبيت نفسو وىذا ما أكدت ونبيت عميو م ار ار في ىذا البحث أن القرآن الكريم يكثر في آياتو من اطبلق لفظة )النفس ويريد بيا األخ لمتنبيو عمى آصرة األخوة في الدين فيو تعبير دقيق يشعر بالوحدة حيث يكون السبلم عمى المسمم سبلم عمى األمة جميعا فما أعظم ىذا الدين وما أروع توجيياتو وارشاداتو والسبلم تحية المؤمنين وشعار الموحدين وقد امتن اهلل عمى المسممين بيا بأن جعميا من عنده سبحانو : ) ت ح ي ة م ن ع ن د الم و ) إذ ىو الذي عمميا رسولو بالوحي فيقول رسول اهلل خ م ق اهلل ع ز و ج ل آد م ع م ى ص ور ت و ط ول و س ت ون ذ ر اع ا ف م م ا خ م ق و ق ال : اذ ى ب ف س م م ع م ى أ ول ئ ك الن ف ر و ى م ن ف ر م ن ال م بل ئ ك ة ج م وس ف اس ت م ع م ا ي ج يب ون ك ف إ ن ي ا ت ح ي ت ك و ت ح ي ة ذ ر ي ت ك ق ال : ف ذ ى ب ف ق ال : الس بل م ع م ي ك م ف ق ال وا: الس بل م ع م ي ك و ر ح م ة اهلل ق ال ف ز اد وه : ) )95 و ر ح م ة اهلل فجعل االسبلم التحية كممة السبلم عميكم وىي كممة من صميم الحنيفية )92) نظر : الطبري جامع الب ان : )227/19 93 نظر : الماتر دي محمد بن محمد بن محمود أبو منصور )ت: 333 ه تأو الت أهل السنة تحق ق: د مجدي باسلوم دار الكتب العلم ة - ب روت لبنان الطبعة: األولى 1426 ه/ 2005 م : )599-598/7 وحاش ة الشهاب على تفس ر الب ضاوي )400/6 : )94) نظر : األلوس روح المعان : )222/10 95 أخرجه مسلم كتاب ال ج ن ة و ص ف ة ن ع م ه ا و أ ه ل ه ا- ب اب د خ ل ال ج ن ة أ ق و ام أ ف ئ د ت ه م م ث ل أ ف ئ د ة الط ر : 4/ 2183 برقم )2841 303

ق ال وا س بل م ا ق ال س بل م ) )96 الداخل بتأمينو إن كان ال يعرفو وبالمطف لو إن كان معروفا )97 وسماىا تحية االسبلم وىي من جوامع الكمم ألن المقصود من التحية تأنيس ووصفيا بالبركة ألنو يرجى بيا الخير والثواب واستجبلب مودة المسمم ووصفيا أيضا بالطيب ألن )98 سامعيا يستطيبيا فيي دعوة مؤمن لمؤمن يرجى بيا من اهلل زيادة الخير وطيب الرزق : والسبلم من السبلمة أي : عميك السبلمة من جميع اآلفات والنكبات وقال بعضيم السبلم ىو اسم من اسماء اهلل فتأويمو : عميك اسم اهلل الذي ال يضرك معو شيء وال يمحقك بو أذى وفي الخبر : )) ي ض ر م ع اس م و ش ي ء ف ي األ ر ض و ال ف ي الس م اء ب س م الم و ال ذ ي ال )99 والسبلم أدب من آداب االسبلم االجتماعية وقد أ مر المسممين بو لتوثيق عرى المحبة واألخوة بينيم والمسمم مطالب بإفشاء السبلم عمى من عرف ومن لم يعرف من المسممين ومكمف بأن يرد التحية بمثميا أو بأحسن )100 منيا قال تعالى : أ و ر د وى ا و ا ذ ا ح ي يت م ب ت ح ي ة ف ح ي وا ب أ ح س ن م ن ي ا ) وقد وردت أحاديث نبوية عديدة في الحث عمى افشاء السبلم وىي كثيرة صحيحة ولو ال اإلطالة ألوردتيا وحسبنا من القبلدة ما احاط بالعنق فيقول رسول اهلل : )) ال ت د خ م ون ال ج ن ة ح ت ى ت ؤ م ن وا و ال ت ؤ م ن وا ح ت ى ت ح اب وا أ و ال أ د ل ك م ع م ى ش ي ء إ ذ ا أ ي اإل س بل م خ ي ر )101 ف ع م ت م وه ت ح اب ب ت م أ ف ش وا الس بل م ب ي ن ك م وع ن ع ب د اهلل ب ن ع م ر و) أ ن ر ج بل س أ ل ر س ول اهلل الس بل م ع م ى م ن ع ر ف ت و م ن ل م ت ع ر ف 304 ق ال : )) ت ط ع م الط ع ام و ت ق ر أ وع ن أ ب ي ى ر ي ر ة أ ن ر س ول اهلل ق ال : )) ح ق ال م س م م ع م ى ال م س م م س ت ق يل : م ا ى ن ي ا ر س ول اهلل )102 )) ق ال : )) إ ذ ا ل ق يت و ف س م م ع م ي و و ا ذ ا د ع اك ف أ ج ب و و ا ذ ا اس ت ن ص ح ك ف ان ص ح ل و و ا ذ ا ع ط س ف ح م د اهلل ف س م ت و و ا ذ ا م ر ض ف ع د ه و ا ذ ا م ات ف ات ب ع و )103 )) 96 سورة هود: من اآل ة )69 97 نظر: ابن عاشور التحر ر والتنو ر: )304/18 98 نظر: الخط ب الشرب ن شمس الد ن محمد بن أحمد الشافع )ت: 977 ه السراج المن ر ف اإلعانة على معرفة بعض معان كالم ربنا الحك م الخب ر مطبعة بوالق )األم ر ة القاهرة بدون طبعة 1285 ه : )643/2 99 الماتر دي تأو الت أهل السنة: )599/7 والحد ث أخرجه أبو داود أبواب النوم - باب ما قول إذا أصبح: )7/ 419 برقم )5088 والترمذي أبواب الدعوات - ب اب م ا ج اء ف الد ع اء إ ذ ا أ ص ب ح و إ ذ ا أ م س ى : 5/ 330 برقم 3388 قال الترمذي : ه ذ ا ح د ث ح س ن ص ح ح غ ر ب 100 سورة النساء : من اآل ة )86 101 أخرجه مسلم كتاب اإل مان - ب اب ب ان أ ن ه ال د خ ل ال ج ن ة إ ال ال م ؤ م ن ون و أ ن م ح ب ة ال م ؤ م ن ن م ن اإل م ان و أ ن إ ف ش اء الس ال م س ب ب ا ل ح ص ول ه ا : /1 )74 برقم )54 102 أخرجه البخاري كتاب اإل مان - باب إ ف ش اء الس ال م م ن اإل س ال م : 1/ 14 برقم )28 ومسلم كتاب اإل مان - ب اب ب ان ت ف اض ل اإل س ال م و أ ي أ م ور ه أ ف ض ل : )1/ 65 برقم )39