ثقافة أرشيفية الميتاداتا وتوصيف المصادر اإللكتروني ة معيار دبلن كور نموذج ا فاطمة بزال
»ما من عبقري وصل إال وقف عىل أكتاف غريه لريى أبعد«. هي مقولة فلسفي ة تبي ارتهان اإلبداع العلمي والفني للمكاسب الفكري ة السابقة وتظهر أهمية الخربات والتجارب املرتاكمة يف سبيل بناء معرفة جديدة والوصول إىل املبتكر الجديد بعد عدة تجارب شخصية. يقرتن الوصول إىل املعرفة باالعتامد عىل معارف السابقي ويرتبط بالقيام بتجارب شخصية مع وجود املعلومات يف سياق محدد فاملايض حارض دامئ ا يف اإلبداع ال ليعيقه بل ليحف زه عىل التجديد. إن اقرتان تحقيق املعرفة باالعتامد عىل معارف الس ابقي يعز ز أهمية تنظيمها وإدارتها وهو دور تواصل املكتبات ومراكز املعلومات القيام به. عملت املكتبات عىل تنظيم املعرفة منذ نشأتها وارتبطت هذه املهم ة بدورها يف تحقيق وصول املستفيدين إىل املعارف التي تختزنها. أصبحت املساعدة الظرفية التي تقدمها املكتبات ومراكز املعلومات للمستفيدين مهم تها الرئيسية مع إنشاء ميلفيل ديوي مكتب ا للخدمة املرجعية يف العام 1950 يف جامعة كولومبيا يف الواليات املتحدة األمريكي ة. استخدمت املكتبات ومراكز املعلومات عدة أساليب تنظيمية واعتمدت عىل معايري عاملية لوصف مصادرها. ذكرت عدة بيانات وصفية عن كل مصدر يف بطاقات ورقية ونظ مت أساليب مختلفة لضامن الوصول إليها. عملت املعايري الوصفية عىل متابعة التطورات الحاصلة يف بيئة إنتاج املعلومات وبثها وإتاحتها فط و ر معيار مارك 21 كطريقة لتحويل الفهرس من الورقي إىل اإللكرتوين ولضامن تبادل التسجيالت الببليوغرافية بي مؤسسات املعلومات إال أن التطورات يف بيئة املعلومات تحدث بوترية متسارعة جد ا كذلك نجد أن كمية املعارف املنتجة واملتاحة عرب شبكة اإلنرتنت تجعل من الصعب عىل مؤسسات املعلومات وحدها القيام مبهام التنظيم والحفظ واإلتاحة. لذلك تم تطوير معايري أرشيفية توافق طبيعية املصادر الجديدة وخصوص ا املصادر اإللكرتونية وتلك املتاحة عرب الشبكة. تهدف هذه املعايري إىل ضامن توصيف املصادر بأسهل الطرق املمكنة لضامن الهدف األساس للمعرفة أي الوصول إليها واستخدامها يف سياق آخر مختلف لتحقيق معرفة شخصية جديدة. نقد م يف هذه املقالة تعريف ا بقواعد تنظيم املعلومات املتاحة عرب شبكة اإلنرتنت ونتطرق إىل
ثقافة أرشيفية تعريف امليتاداتا أو ما وراء البيانات. ال ميكننا التقديم ألية معايري وصفية أو تصميامت امليتاداتا من دون تعريف امليتاداتا وذكر طبيعتها وأهميتها وخصوص ا بالنسبة إىل بيئة تكنولوجيا املعلومات وطبيعة إنتاج املعلومات وبثها وإتاحتها يف القرن الحادي والعرشين. ونستعرض تالي ا أحد أهم تصميامت امليتاداتا وأوسعها انتشار ا وتطبيق ا ضمن مؤس سات املعلومات وهو معيار دبلن كور.Dublin Core Metadata ماهية الميتاداتا ت عرف امليتاداتا أو ما وراء البيانات بأنها معلومات مهيكلة أو منظ مة تصف الوثيقة أو مصدر املعلومات وترشحها وتحددها ما يجعلها قابلة لالسرتجاع واالستخدام الحق ا عند الحاجة إليها. ي عرب عن امليتاداتا غالب ا بأنها بيانات عن البيانات أو معلومات عن املعلومات. يختلف استخدام امليتاداتا باختالف سياقاتها العملية أو التطبيقية إذ يستخدمها البعض للتعريف إىل املعلومات املقروءة آلي ا بينام يربطها آخرون بوصف املصادر اإللكرتونية املتاحة يف شبكة اإلنرتنت. يف مجتمع املكتبات واملعلومات ت عطى امليتاداتا تعريف ا مرتبط ا بكل النظم والقواعد واملعايري املرتبطة بفهرسة أنواع الوثائق ومصادر املعلومات كاف ة فقواعد الفهرسة املقروءة آلي ا )مارك 21( وقواعد الفهرسة اإلنكلو-أمريكية وحالي ا قواعد وصف املصادر وإتاحتها»وام«Resource( RDA, )description and access تشك ل معايري تطبيقية لوصف أنواع املصادر كافة بهيكلية محددة. تسمح هذه القواعد بتوحيد عمل املفهرسي من خالل ضامن توحيد أساليب وصف مصادر املعلومات والتعريف بها. أنواع الميتاداتا ميكننا الحديث عن ثالثة أنواع أساسية من امليتاداتا: امليتاداتا الوصفية :Descriptive metadata تصف الوثيقة أو املصدر لغاية مرتبطة بالوصول واإلتاحة والتحديد الالحق وهي تتضمن عنارص رئيسية أبرزها العنوان واملؤلف ومجموعة من الكلامت املفتاحية إضافة إىل مستخلص موضوعي عن املصدر قيد الوصف. امليتاداتا البنيوية :Structural metadata تبي كيفية تنظيم املصدر بحد ذاته وكيفية ترتيب الصفحات وتنظيم الفصول فهي ترتبط بالتنظيم الداخيل ملصدر املعلومات. امليتاداتا اإلدارية :Administrative metadata تتضم ن بيانات مهمة إلدارة املصدر
كتاريخ اإلنشاء والطريقة التي تم بها ذلك ونوع امللف ومعلومات تقنية أخرى إضافة إىل كيفية اإلتاحة وطريقة الوصول إىل املصدر. يربز هنا نوعان رئيسيان من امليتاداتا - يصب ان أيض ا تحت مظلة امليتاداتا اإلدارية - وهام: امليتاداتا املرتبطة بإدارة الحقوق وامللكية الفكرية وامليتاداتا املرتبطة بطريقة الحفظ. وت سجل يف األخرية كامل البيانات املرتبطة بطريقة حفظ املصدر ومد تها. قابلي ة التبادل والعمل المشترك بين نظم المعلومات Interoperability إن توصيف املصدر من خالل إضافة امليتاداتا إليه يسمح بفهم املصدر من قبل اآللة واإلنسان مع ا مبا يضمن قابلي ة العمل املشرتك.interoperability وت عر ف بأنها قابلية ن ظ م متعد دة ذات معد ات وتطبيقات مختلفة عىل تبادل املعلومات بأقل نسبة خسائر يف املضمون والوظيفة. التحديد الرقمي Digital identification تتضم ن معظم مخط طات امليتاداتا عنارص تعريفية منها األرقام القياسي ة املستخدمة من أجل التعريف املوح د للعمل أو اليشء الذي تشري إليه امليتاداتا. ميكن تعريف موقع املصدر الرقمي من خالل الرابط املحدد السم امللف URL, Uniform Resource Locator أو تعريفات أخرى أكرث استمراري ة مثل )PURL) Persistent URL أو محدد املصدر الرقمي.DOI, Digital Object Identifier ت عر ف امليتاداتا املصادر املوصوفة باختالف مستوى الوصف سواء كانت تصف املجموعة أو التجميعة aggregation أو تصف املصدر بعينه resource itself أو تصف جزء ا من املصدر كتوصيف صورة يف مقال مثال. كذلك تغط ي امليتاداتا طبيعة املصدر املوصوف وتسج ل كل بياناته التعريفية بالتفصيل فتتعز ز أهمي تها لكونها: تتيح الوصول إىل مصدر املعلومات من خالل تقديم إمكانية البحث عن عنوان املصدر أو مؤل فه أو موضوعه. إن إضافة هذه البيانات إىل املصدر تساهم يف تعريفها وتحديدها وتسه ل الوصول إليها فيام بعد. تساهم يف تنظيم املصادر اإللكرتونية ففي ظل زيادة أعداد املصادر اإللكرتونية وخصوص ا زيادة الصفحات عرب شبكة اإلنرتنت أصبحت إضافة امليتاداتا إليها ذات أهمية كبرية ألنها تسمح بجمع الصفحات املتشابهة من حيث املوضوع واملضمون أو الجمهور املستهدف ومتغريات أخرى. الميتاداتا وتوصيف المصادر اإللكتروني ة معيار دبلن كور نموذج ا
ثقافة أرشيفية ت ستخدم ألرشفة املصادر وحفظها فتعترب املصادر اإللكرتونية رسيعة العطب إذ تختلف دورة حياتها متام ا عن املصادر الورقية فالتغريات التكنولوجية املتسارعة يف بيئة تكنولوجيا املعلومات بقدر ما تقدم الكثري من الفرص تنطوي عىل العديد من التحديات واملخاطر. يربز التحدي األكرب يف ضامن قابلية التشغيل لكل املصادر التي خ لقت يف هذه البيئة إذ إن ها قد تفقد آلة أو وسيلة تشغيلها وبالتايل تفقد إمكانية الوصول إىل املعلومات التي تتضم نها. تعمل مؤس سات املعلومات عىل نقل هذه البيانات من شكل مادي قابل للموت إىل شكل آخر أكرث حداثة لضامن الحفاظ عىل املعلومات املوجودة. تكمن وظيفة امليتاداتا هنا يف تسجيل جميع البيانات املرتبطة بطريقة الحفظ ووسائله املفرتضة وتسمح بتتب ع مامرسات الحفظ املختلفة ألنواع املصادر كاف ة. تصميمات الميتاداتا ومجموعات عناصرها: معيار دبلن كور نموذج ا ت بنى تصميامت مختلفة للميتاداتا تبع ا الختالف البيئة التي تطب ق فيها واختالف مستخدميها. لعل من أبرزها معيار دبلن كور املطب ق عىل املصادر اإللكرتوني ة. ط رح هذا املعيار إثر نقاشات مت ت يف ورشة العمل التي نظ متها OCLC) Online Computer National Center( واملركز الوطني لتطبيقات الحوسبة الفائقة )Library Center )For Supercomputing Applications, NCSA وأخذ اسمه من الوالية التي أقيمت فيها ورشة العمل وهي دبلن )أوهايو( يف الواليات املت حدة األمريكي ة. تتوىل مبادرة دبلن كور DCMI( )Dublin Core Metadata Initiative, العمل عىل تحديث املعيار وتطويره بشكل دوري ومستمر مبا يتناسب مع طبيعة مصادر املعلومات والتحديثات التكنولوجية التي تطالها. يكمن الهدف األساس من هذا املعيار يف تحديد مجموعة من العنارص يك تستخدم عند توصيف مصادر املعلومات اإللكرتوني ة وصفحات الويب. تضم ن املعيار يف صيغته األولية ثالثة عرش عنرص ا وصفي ا ثم أضيف إليه عنرصان آخران ليصبح مؤلف ا من خمسة عرش عنرص ا هي التالية: العنوان Title املؤل ف Creator املوضوع Subject الوصف املادي Description املؤل ف املشارك Contributor التاريخ Date النوع Type الش كل املادي Format املعر ف أو املحد د Identifier املصدر Source اللغة Language العالقة Relation التغطية Coverage والحقوق.Rights إن تركيبة معيار دبلن كور تبي البساطة والوضوح وبالتايل تضم ن سهولة تطبيقه
عىل املصادر املوصوفة سواء من قبل اختصاصيي املعلومات أو غريهم. وعند مراجعة املامرسات التطبيقية لهذا املعيار يف مؤس سات مختلفة يربز لدينا اتجاهان مختلفان يف التطبيق يعر ف األول بأن ه تطبيق»دبلن كور البسيط«أو غري املعر ف Unqualified Dublin Core بينام يرتبط الثاين بتعريف الحقول املوصوفة ويعرف عنه ب»دبلن كور املعر ف«.Qualified Dublin Core إن اتباع االتجاه األول أي تطبيق دبلن كور البسيط يتم من خالل إضافة بيانات بسيطة بطبيعتها إىل العنارص الخمسة عرشة املؤلفة له من دون إضافة أية محددات أو ربطها بعالقات مع عنارص أخرى بينام يستوجب اعتامد االتجاه الثاين جهد ا ووقت ا ودقة أكرب بحيث يتم تعريف كل عنرص من العنارص من خالل ربطه بعالقات بواسطة املحددات أو إعطاء قيم تفصيلي ة له فاسم املؤلف ينتقل من كونه قيمة جامدة إىل قيمة متحركة وفاعلة عندما يشري إىل وسيلة لالتصال به فيحيلنا إىل عنوان بريده اإللكرتوين مثال. تاريخ العمل مثال جي د عىل حالتنا هذه فالتاريخ ميكن أن يقسم إىل تاريخ اإلنشاء وتاريخ التعديل وغريهام فيت خذ عندها قيام متغرية بتغري طبيعة مجموعات عمل ملناقشة أهمي ة إنشاء ملفات استنادي ة خاصة لبعض الحقول والعنارص التي يتضم نها معيار دبلن كور. إن سهولة تطبيق معيار دبلن كور وبساطته وسالسته وس عت من دائرة املؤس سات التي تطب قه عىل مصادرها فنجده مطبق ا من قبل الباحثي وهواة جمع الوثائق وهواة جمع املوسيقى وأمناء املتاحف وغريهم الكثري ممن يبغون تنظيم أرشيفهم ومصادر معلوماتهم. نجد مئات املشاريع التي تسعى إىل تنظيم الرتاث الثقايف وحفظه باستخدام هذا املعيار لفهرسة املصادر لديها. ميكن الوصول إىل جميع هذه املشاريع من خالل روابط إلكرتونية متاحة يف موقع معيار دبلن كور يف شبكة اإلنرتنت.DCMI Website وإثر تطبيق املعيار عاملي ا عملت مبادرة ميتاداتا دبلن كور Dublin Core Metadata Initiative عىل تحديث العنارص بشكل مستمر وت عر ف نفسها بأن ها ت عنى بتوسيع دائرة تطبيق معايري امليتاداتا وتطوير مصطلحاتها املتخص صة. الميتاداتا وتوصيف المصادر اإللكتروني ة معيار دبلن كور نموذج ا فاطمة البزال: اختصاصي ة يف جمال املعلومات واملكتبات ومفهرسة يف مشروع النهوض باملكتبة الوطنية اللبناني ة. حائزة على ماجستري يف إدارة املعلومات وهي مدربة يف جمال الفهرسة والتكشيف املوضوعي. للتواصل عرب اإلمييل: fatimaalbazzal@gmail.com