- جامعة الج ازئر 2- أبو القاسم سعد الله كلية العلوم االجتماعية قسم علم االجتماع و الدموغ ارفيا مقياس : التخطيط العائلي و الصحة اإلنجابية نوع المقياس: محاضرة سداسية المستوى: السنة الثانية ديموغ ارفيا LMD األستاذة :بن زينب أم السعد 1
محتوى المقياس المحاضرة األولى: مفهوم التخطيط العائلي و الصحة اإلنجابية المحاضرة الثانية : نظرة تاريخية حول التخطيط العائلي المحاضرة الثالثة :تابع - نظرة تاريخية حول التخطيط العائلي- المحاضرة ال اربعة: تاريخ التخطيط العائلي في الج ازئر المحاضرة الخامسة: دوافع التخطيط العائلي المحاضرة السادسة: وسائل التخطيط العائلي المحاضرة السابعة : موقف الدين اإلسالمي من التخطيط العائلي ' تنظيم النسل' المحاضرة الثامنة :القيم الدينية و السلوك اإلنجابي لألسرة في المجتمع الجزئري المحاضرة التاسعة : بعض محددات السلوك اإلنجابي في األسرة الج ازئرية 2
المحاضرة األولى: مفهوم التخطيط العائلي و الصحة اإلنجابية : أوال- مفهوم التخطيط العائلي: و يعني التصميم أو التنظيم العائلي Planing familiale و كلمة التحكم في الوالدات هي األقرب إلى الواقع و قد استعملت عبا ارت أخرى مثل الوقاية من الوالدات و لكن المهم هو الوصول إلى تنظيم النسل كما يعتبر تنظيم األسرة استخدام الزوجين للوسائل المختلفة لمنع الحمل". 1 و يقول عبد الر ازق جبلي أن تنظيم النسل هو م اردف للتخطيط العائلي و لتباعد الوالدات وهو "جعل فترة زمنية بين كل طفل و طفل أخر و ذلك لدوافع اجتماعية صحية و تربوية". 2 أما سميح الخولي فيعرف تنظيم النسل :"إن تنظيم نسل األسرة على عدد يتماشى مع الوضع الصحي و االجتماعي و االقتصادي للعائلة و التنظيم يعني ضبط عدد أف ارد األسرة أو بعبارة أدق تحسين الصحة الجسمية و النفسية لألم و الطفل " 3-1 رزق الله عبد المجيد.تنظيم النسل الشركة القومية تونس ص 7. - 2 عبد الرزاق جبلي. علم اجتماع السكان دار المعارف الجامعية 7897 ص. 809-3 سميح نجيب الخولي. تنظيم النسل بالوسائل الحديثة مطابع أوقيستا بيروت 7871 ص 737. 3
ثانيا- مفهوم الصحة اإلنجابية : في الدورة االستثنائية الحادية و العشرون للجمعية العامة المكرسة إلج ارء استع ارض و تقييم شاملين لتنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان و التنمية التي انعقدت في نيويورك عام 9111 أكدت الحكومات الت ازمها المتجدد و المطرد بمباديء و أهداف و غايات برنامج العمل ومن بينها تلك المتصلة بالحقوق اإلنجابية و الصحة االنجابية. 9111 ولقد عرف برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان و التنمية المنعقد في القاهرة سنة الصحة اإلنجابية بأنها حالة رفاه كامل بدنيا و عقليا و اجتماعيا في جميع األمور المتعلقة بالجهاز التناسلي و وظائفه و عملياته و هكذا و على نقيض النهج السابقة التي تركز على جوانب محددة للصحة اإلنجابية من قبيل األمومة السالمة و صحة األم و الطفل و تنظيم األسرة يعنى نهج الصحة اإلنجابية ليس فقط بالمسائل الصحية المتصلة بالحمل و لكن أيضا بالمسائل الصحية و مسائل حقوق االنسان المتصلة باإلنجاب و الجوانب الجنسية الناشئة في نطاق سن االنجاب أو بعده. كما تعني حسب برنامج عمل المكتب الدولي للسكان و التنمية :"قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضية و مأمونة و قدرتهم على االنجاب و حريتهم في تقرير اإلنجاب و موعده و تواتره.و يشتمل هذا الشرط األخير ضمنيا على حق الرجل و الم أرة في معرفة و استخدام 4
أساليب تنظيم األسرة المأمونة و الفعالة و الميسورة و المقبولة في نظرهما و أساليب تنظيم الخصوبة التي يختا ارنها ال تتعارض مع القانون و على الحق في الحصول على خدمات الرعاية الصحية المناسبة التي تمكن الم أرة من أن تجتاز بأمان فترة الحمل و الوالدة وتهيء للزوجين أفضل الفرص إلنجاب و ليد متمتع بالصحة. *الرعاية الصحية اإلنجابية هي مجموعة من األساليب و الطرق و الخدمات التي تسهم في الصحة االنجابية و الرفاه من خالل منع الحمل و حل مشاكل الصحة االنجابية و هي تشمل كذلك الصحة الجنسية التي ترمي إلى تحسين نوعية الحياة و العالقات الشخصية ال مجرد تقديم المشورة و الرعاية الطبية في ما يتعلق باالنجاب و األم ارض التي تنتقل باالتصال الجنسي 5
المحاضرة الثانية : نظرة تاريخية حول التخطيط العائلي: إن انتشار فكرة التخطيط العائلي حديثة نوعا ما غير أن الرغبة في الوقاية من الحمل قد ظهرت في األزمنة الغابرة فعند ق ارءتنا للوثائق التاريخية و تقارير األبحا الحالية لألنثربولوجيون التي أجروها حول المجتمعات البدائية التي بينت أن الرغبة في تجنب الحمل قد وجدت منذ العصور القديمة و في هذا الصدد يقول نورمان هيمس :" أن معرفة N.Himes و االهتمام بشؤون الحمل يرجع إلى زمن غابر بحي يصعب علينا معرفة أصله بدقة " 4 بهذا فمنذ أن وجد اإلنسان وهو في ص ارع مع بيئته إذ أنه كان دائما يضطر إلى تكييف نفسه بالنسبة لها و ذلك إليجاد توازن بين عدد أف ارد بيئته و موارد األرض المتاحة و للوصول إلى هذا التوازن استخدم طرقا عديدة منها :وأد البنات و قتل األطفال االجهاض...إلخ فإن ومن هنا التطرق إلى كيفية تطور هذه الفكرة عبر العصور و تحولها إلى فكرة اجتماعية يأخذ بها معظم األف ارد ففي المجتمعات البدائية استعمل االجهاض و قتل األطفال و وأد البنات كوسائل إلنقاص عدد األطفال فقد أكد المؤرخون و الباحثون األنثربولوجيون أن القتل عادة قديمة جدا في معظم أنحاء العالم و أن السبب في انتشارها يعود إلى صعوبة إعالة 4 - F.Cahlen et C.Minno. Histoires des popullation et histoires des savoirs démographiques,edition Françaises, INED France,2005,P837. 6
ص 7 6 جميع المواليد الجدد أن بعض اأألمهات "حي في قبائل نيوزلندا من إلى من قتلن 5 أطفالهن ال سيما اإلنا " أما وأد البنات فكانت ظاهرة شائعة عند الكثير من الشعوب مثل ما كان عند العرب في و بالنسبة لالجهاض فكان يتم باستعمال السوائل و األعشاب الضارة شربها و 6 الجاهلية " باعتبارها أكثر نفعا. و مهما كانت اسباب القتل و الوأد فإن الهدف كان هو إنقاص عدد األطفال مثلما كان عند اليونان عندما نادوا بثبات و استق ارر نسلهم حي "أن أفالطون بجمهوريته الخيالية أ ارد أن يحدد عدد السكان بقتل المولودين الجدد و المحافظة على النوعية الجيدة فقط و ذلك بإبادة المعاقين وحدد زواج الرجال بالنساء من نفس الطبقة و خاصة الطبقة الحاكمة و ذلك تحت إش ارف الدولة " 7 تهدف فكرة أفالطون إلى المحافظة على نوع معين و عدد محدد من األوالد لضمان الحياة الفاضلة لهم.. 17-6 - 7 محمد الشيخ بلحاج. تنظيم النسل و تحديدة و قطعه في ضوء اإلسالم معهد الحياة عبد الر ازق جبلي :علم اجتماع السكان دار النهضة العربية للطباعة و النشر بيروت 9191 7
أما أرسطو فيرى بأنه لكي تتحقق الرفاهية االجتماعية يجب أن يتناسب عدد السكان مع مساحة األرض و مدى قدرتها على إنتاج الثروات الطبيعية التي تلبي حاجات األف ارد كما كان أرسطو من المؤيدين لتحديد سن الزواج و تحديد النسل وذلك باالجهاض و القتل إذا ازد النسل و في العصور القديمة سجل المصريون و الرومانيون و اليونانيون تقدما ملحوظا في مجال منع الحمل فتعددت الوصفات لهذا الغرض. و الواقع أن األسرة قبل العصور الحديثة كانت تعتمد على نفسها و تحدد مصيرها و كانت هذه المجتمعات تمارس فعال سيطرة على اإلنجاب عند الضرورة بإد ارك و تعمد و ليس بعملية بيولوجية تلقائية حي "كانت و سائل الحد من الحمل لديهم و ال ت ازل في بعض المجتمعات تمارس من طرف النساء في المجتمعات الغربية لفترة عام أو عامين من أجل التطهر كما كان يتحتم تحريم المخالطة الجنسية في أوقات معينة من الشهر أو المجتمعات كان االجهاض االجباري موضوع ممارسة " 8 السنة و في بعض و بعد تطور المجتمعات و األفكار و انتشار اتجاهات جديدة و ظهور إيديولوجيات و أ ارء مختلفة حول تنظيم النسل "نجد أنه مع بداية القرن السابع عشر ظهرت فكرة تحديد الوالدات عند نساء الطبقة البرجوازية و ذلك حفاظا على جمالهن و رشاقتهن و حفاظا على ثروتهن من - 8 السيد رمضان : إسهامات الخدمة االجتماعية في مجال األسرة و السكان دار المعرفة الجامعية االسكندرية مصر 2002 ص.010 8
Sevigny التقسيم و الضياع و يتبين ذلك من خالل رسائل السيدة سيفيغني تنصح فيها. 9 ابنتها باتخاذ االحتياطات " لتجنب الحمل و في هذا الظرف الزمني نشر مالتوس Maltus مقاله: "ت ازيد السكان و تأثيره على تقدم المجتمع في المستقبل " الذي كان يرمي من و ارئه إلى منع الحمل بالوسائل األخالقية كالرهبنة و تأخير الزواج إال أن الوسائل التي نصح بها لم تكن مقبولة من طرف الناس و لهذا كان ألتباعه الفضل في ابتكار وسائل أخرى للوصول إلى نفس النهاية أال و هي األدوية و التقنيات الطبية و كان هؤالء األتباع ف ارنسيس بالس.F Palace في فرنسا باعتباره مصلح اجتماعي 1833 و الطبيب نولتون Knowlton في أمريكا الذي نشر كتابا سنة تحت عنوان "ثم ارت الفلسفة " شرح فيه الوسائل الطبية و بين منافعها الصحية و االقتصادية المرجوة منها. أما في الربع األخير من القرن التاسع عشر ظهرت حركة جديدة أطلقت على نفسها "حركة مالتوس الجديدة "تدعو إلى تنظيم النسل و تشكلت بعدها جمعيات أخرى لهذا الغرض أهمها 9977 الجمعية التي ت أرسها دريسدل Drysdale في بريطانيا سنة حي بادرت هذه الجمعية بنشر الرسائل تشجيعا لحركة تحديد النسل و بعدها انتشرت هذه الفكرة في العديد من. 10 الدول األوروبية و األمريكية 9 - J.Pages. Le contrôle des naissances en France et à l étranger,bosc Freres, Lyon,1971,P07. - 10 أبو األعلى المودودي. حركة تحديد النسل وحدة الجزائر ورشة زبانة 7899 ص 08. 9
المحاضرة الثالثة:تابع وفي سنة 9979 نشأت مالتوسية جديدة أخرى نادت بتنظيم النسل باعتباره عالجا لكل االم ارض الناتجة عن الزيادة السكانية وقد حاول مسؤولوا هذه الجبهة نشر هذه االفكار خارج االطار المحلي أي انجلت ار فكلل مسعاهم بالنجاح و ظهرت عدة منظمات في أوروبا وقد استمرت هذه الحركة في نشاطها الى أن فرقتها الحرب العالمية االولى إال أن ستوبرسStoppers عملت على إحيائها بافتتاح أول عيادة تهتم بطرق منع الحمل " 11 ROBIN أما في فرنسا فقد قطعت الحركة بها شوطا معتب ار ذلك أن روبان ( ) الذي كان اكبر داعية هناك 9191 فقد افتتح سنة عيادة لتعليم طرق منع الحمل ثم تكونت جبهة "البع اإلنسانية " في السنة الموالية ومنذ ذلك الحين و المحاض ارت تلقى بصفة مستمرة و الدعاية تب بطريقة متواصلة بهدف تنظيم النسل و قد عقدت عدة مؤتم ارت لبح مشكلة ت ازيد 9190 و تضخم السكان أولها في" 9100 باريس سنة و ثانيها في الهاي سنة و الثال في 1954 9121 لندن عام 9122 و نيويورك عام و السويد سنة 1953 ثم روما سنة و القاهرة. 12 عام 1962" السيد عبد العاطي.علم اجتماع السكان دار المعرفة الجامعية االسكندرية 7888 ص 88. السيد رمضان إسهاملت الخدمة االجتماعية في مجال األسرة و السكان مرجع سابق ص 380. - 11-12 10
ولقد أجمعت األر ارء في هذه المؤتم ارت على ضرورة تحديد النسل لتحقيق الرخاء العالمي و السالم بين الدول ولقد كانت هولندا أسبق الدول في األخذ بسياسة تحديد النسل عن طريق جمعية غايتها فتح عيادات لتقديم االرشادات و الوسائل الالزمة لمنع الحمل ثم تلتها " إنجلت ار 90 حي نتج عن ذلك انخفاض نسبة الوالدات 10 من في األلف إلى ما يقارب في األلف ثم حذت في نفس الطريق باقي الدول األوروبية واألمريكية و اإلفريقية " 13 حي أصبح موضوع تحديد حجم األسرة محو ار للنقاشات العامة في كل مكان و هكذا خطا موضوع تحديد النسل خطوات واسعة ألول مرة فأنشئت فروع لل اربطة المالتوسية في كثير من - المدن البريطانية و أخذت تتلقى - من مختلف أنحاء البالد طلبات من نقابات العمال و غيرها من الهيئات تطلب فيها إلقاء المحاض ارت و الحصول على المؤلفات المتعلقة بالموضوع قفزت مبيعات كتاب نولتون في بريطانيا من نسخة في السنة إلى 200 ألف 9000 حي نسخة خالل سنوات. ومما هو جدير بالذكر أن "الكتاب األمريكيين الذين كتبوا حول موضوع تحديد النسل قد " واجهوا عقبات قضائية خاصة سنة 9970 أين صدر القانون الفيد ارلي المسمى بقانون كومستوك )COMESTOQUE( الذي يحظر توزيع المعلومات المتعلقة بمنع الحمل عن - 13 عبد القادر القصير. األسرة المتغيرة في مجتمع المدينة العربية دار النهضة العربية بيروت 7888 ص 99. 11
طريق الخدمات البريدية " 14 و بالرغم من ذلك فن المعلومات المتعلقة بتحديد النسل استمرت في االنتشار بأمريكا و بخطى وطيدة حتى سنة 9192 أين قامت "مارغريت سانجر بف رض شخصيتها على الحركة ذلك أن العمل الذي كانت تقوم به كممرضة في األحياء الفقيرة في ايسدائد منطقة بنيويورك أقنعها بوجوب عمل شيء و إيصال المعلومات المتعلقة بمنع الحمل إلى األمهات المعس ارت فكتبت نشرة أطلقت عليها عنوان "تحديد حجم األسرة " مما سهل عليها فتح عيادة لتحديد النسل عام 9196 بقطاع ب ارونسفيل في بروكلين و لكن الشرطة أغلقت هذه العيادة معتبرة إياها إخالال بالنظام العام لكن حد بعد ذلك أن أصدرت محكمة االستئناف ق اررها في القضية ففتح هذا الق ارر المجال إلنشاء عيادات ذات أطباء و ممرضين و مسؤولين في قطاع الصحة بأن يقوموا بصورة مشروعة منح المشورة لمن يشاء عن موضوع منع العمل " 15 كما بدأت في الهند معالجة موضوع تنظيم النسل عام 9101 و أنشأت لجنة للتخطيط لتنظيم 1000 000 النسل عام 9110 حي قامت بإنشاء عيادة في المدن و عيادة في القرى لتنفيذ برنامج تنظيم النسل كما ازد عدد هذه الوحدات إلى 7000 وحدة و ذلك نابع من إيمان الدولة بتنظيم نسلها أما الصين فلقد بدأت في عالج مشكلة التضخم السكاني الذي كانت تعاني منه - 15 عبد المنعم عبد الحي. علم السكان و األسس النظرية و األبعاد االجتماعية ط 7 المكتب الجامعي الحديث االسكندرية 7898 ص ص.030 033 12-14 السيد رمضان.إسهاملت الخدمة االجتماعية في مجال األسرة و السكان مرجع سابق ص 387.
منذ 9111 و وفرت كل اإلمكانيات الثقافية للتوعية بتنظيم النسل و رصدت األموال الالزمة. إلنشاء العيادات المتخصصة هذا المجال" 16 و هكذا فقد شهد موضوع التخطيط العائلي تغيي ار في دعواه بحي تحول عن األغ ارض االقتصادية فالصحية و السياسية و وضع في إطار نوعي و كيفي و أصبح أكثر إنسانية مبدأه و الم أرة الطفل أي صحة الم أرة و تربية الطفل و قد القى رواجا و قبوال كبيرين في البلدان الغربية ومن هنا بدأ ال أري العام يقتنع بأن األسرة العادية هي التي تتكون من عدد األطفال الذين تستطيع األم تربيتهم و مي ازنية األب تحملهم. المحاضرة ال اربعة: ثانيا- تاريخ التخطيط العائلي في الج ازئر : لم تكن الج ازئر قبل االستقالل تهتم ببرنامج التخطيط العائلي و هذا ارجع إلى الخسائر البشرية الهامة التي شهدتها الج ازئر خالل الحرب التحريرية كما أن هناك عوامل أخرى تدخل في هذا اإلطار و هي أن موضوع تباعد الوالدات لم يكن مطروحا آنذاك ألن حلول هذه القضية لم تكن متوفرة على المستوى العالمي بشكل جيد و واضح كما أن وسائل منع الحمل لم تكن محددة بشكل دقيق. فوزي جاد الله تنظيم األسرة كرعاية صحية أولية مجلة الدراسات السكانية العدد 87 مارس 7887 ص 81, 13-16
و عليه فبعد االستقالل مباشرة كانت أول الد ارسات التي لقيت اهتماما معتب ار من قبل السلطة و الج ازئرية هي تلك الد ارسة التي قامت بها الجمعية الج ازئرية للبحو الديموغ ارفية و االجتماعية في الج ازئر و التي عبرت عن األخطار الكامنة و ارء الزيادة السكانية التي تشهدها البالد و كان دور و ازرة الصحة هو تقديم إعانات في مجال رعاية األمومة و كان هذا االختيار يعبر بالدرجة األولى على ضرورة حماية صحة النساء و األطفال باعتبارهم الفئة األكثر احتياجا لهذه الخدمات. و الد ارسة التي قامت بها الجمعية الج ازئرية للبحو الديموغ ارفية و االجتماعية توصلت إلى % 61 % 11.1 النتائج التالية : 17 في الوسط الحضري وصلت نسبة النساء إلى و الرجال من يعرفون على األقل وسيلة واحدة لتنظيم النسل و يستخدمونها أما في الوسط الريفي فإن هذه النسب تنخفض لتصل إلى من النساء و % 00 بالنسبة للرجال. %91 و قد لوحظ أن الرغبة في تنظيم النسل تظهر بشكل كبير عند تحسين مستوى المعيشة و ارتفاع مستوى التعليم و نظ ار لذلك فقد ظهرت فكرة إنشاء أول مركز للتخطيط العائلي من طرف السلطة في جويلية 9167 في مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالج ازئر العاصمة 18 " 9170 حي كان معدل عدد األطفال بالنسبة للم أرة الج ازئرية قد وصل إلى 9.9 سنة 17 -ONS.La régulation des naissances,etudes des couples Algériens,Alger,1968. 18 -Bulletin mensuel INED.Population et sociétés ;Maghreb,La chute irrésistible de la fécondité,n 359.Paris,Aout, 2000,P03. 14
و في سنة تم فتح م اركز أخرى في كل من وه ارن و قسنطينة علما أن هذه الم اركز 9161 بدأت تتوسع على المستوى القاعدي حي كانت تشكل عنوانا بار از لالهتمام الصحي بالعائلة معتمدة في ذلك على ثال محاور : حي يتم االهتمام باألم خالل مرحلة الحمل حتى الوضع ثم رعاية الرضيع و متابعة نموه حتى سن السادسة و تقديم اإلرشادات الالزمة للزوجين المقتنعين بضرورة التنظيم أي تباعد الوالدات بمدة زمنية كافية لضمان صحة األم و األبناء و كذا االنسجام العائلي و بقي عملها جزئيا و محدودا ولم يمس إال فئة قليلة جدا في المجتمع. "وفي سنة ظهر برنامح يحتوي على م اركز ثم 99 مرك از بمساعدة من المنظمة 1 9171 العالمية للصحة أما في سنة تم 9190 تطبيق هذا البرنامج الذي كان مسي ار من قبل المكتب الجهوي لحماية األم و الطفل من طرف 260 مرك از موزعا على كامل الت ارب الوطني " 19 و قد منح الدور األساسي لهذا البرنامج إلى القابالت و ذلك بعد فترة معينة من التربص ألنها تعتبر المفتاح األساسي لنجاح هذا البرنامج إذا قامت بدورها كما ينبغي و هذا يرجع إلى العالقة الموجودة بينها و بين النساء اللواتي يقبلن على هذه الم اركز و المتمثلة في الثقة التي تضعها النساء في القابالت و التي تمكنها من التحد بسهولة معها فيما يخص موضوع تباعد الوالدات و وسائل منع الحمل. 19 -M.Laadjali.Espacements des naissances sous le tiers monde,l expériences Algérienne, OPU,1983,P118. 15
و في سنة 9190 سطر برنامج عملي من طرف رئيس الحكومة يحتوي على ثال محاور رئيسية و هي 20 9 -تطوير كل المنشآت األساسية و التنظيم المادي و المساعدة على نجاح هذا البرنامج. 2 -التوعية و التربية ليكون تقبل إ اردي من قبل أف ارد المجتمع و العمل على انتشاره في األرياف بهدف التحكم في الخصوبة. 0 -تنظيم د ارسات و أعمال بح خاصة لمحاولة معرفة األسباب التي أدت إلى النمو الديموغ ارفي و العالقة الموجودة بين التطور االجتماعي و االقتصادي. ومن هنا أصبح موضوع التخطيط العائلي من الموضيع الهامة التي البد على الحكومة و الدولة أن تأخذها بعين االعتبار نظ ار ألهميتها للفرد و المجتمع فقد ورد في الالئحة االقتصادية و االجتماعية الصادرة عن المؤتمر ال اربع لحزب جبهة التحرير الوطني سنة 9190 مايلي:"إنه من الضروري و في إطار سياسة صحية شاملة السهر بصفة خاصة على حماية الم أرة و الطفولة بهدف التوصل إلى توازن عائلي يتماشى مع نمو ديموغ ارفي يكون منسجما مع وتيرة نمو اقتصادنا " 21 أما في ما يتعلق بمساهمة و ازرة الصحة في مجال التخطيط العائلي فقد أولت الدولة اهتماما كبي ار بتوفير وسائل منع الحمل بمختلف أنو اعها فقد تم تخصيص مبلغ مالي 20 -Ibid,P119. 21 -Houcine AOURAGH.L économie Algérienne et L épreuve de la démographie,ceped,paris,1996,p119. 16
919000 قدره 600000 دج عام 9179 أي ما يقارب دوالر أمريكي لش ارء وسائل 2100000 9171 منع الحمل ثم بدأ هذا المبلغ في االرتفاع ففي سنة بلغ أي ما دج يعادل 760000 دوالر أمريكي كما أن الجهات الصحية سمحت لهذا المشروع أن يدخل في إطار حماية األسرة و أن يستفيد من المنشآت المادية و العناصر البشرية التي تشرف عليه " 22. وقد حصلت الج ازئر على مساعدات دولية قدرت ب 200 ألف دوالر أمريكي سنويا من طرف صندوق األمم المتحدة لألنشطة السكانية FNUAP و منظمة الصحة العالمية و صندوق األمم المتحدة للطفولة UNICEF و لقد ساهمت هذه المساعدات في تأسيس م اركز حماية األمومة و الطفولة و كذلك توفير موانع الحمل و تكوين الموظفين المختصين بهذه الم اركز عبر كامل الت ارب الوطني " 23 و جاء بعد ذلك الميثاق الوطني سنة 9196 محددا لظاهرة النمو السكاني و هذا من خالل ما جاء فيه "...إن معدل النمو الديموغ ارفي العالي يعرقل إمكانات التحسن الكمي المطلوب إذ يجعل مشكلة التوازن بين الحاجات الحالية و المستقبلية أكثر تعقيدا و يحول دون التحسن النوعي الذي يعد مفتاح التقدم االقتصادي و االجتماعي. 24 22 -Mustafa,K.Démographie et population,opu,benaknoune,alger,1996,pp67,68. 23 -S.N.M.P.M.I.XXIVème Colloque ;Planification Familial et promotion de la santé,27-28 Novembre 1998,Paris,P25. 17-24 الميثاق الوطني الجزائر 7891 ص 778.
2.70 9196 أن معدل و معنى ذلك النمو الطبيعي للسكان سنة بعد أن كان يقدر هو 91.1 سنة ب 0.01 9171 حي كان عدد السكان في نفس السنة يقدر ب مليون نسمة في 9196 حين ارتفع عدد السكان إلى 22.9 مليون نسمة سنة و كان معدل الحياة في نفس 27.2 السنة قد وصل إلى 61.1 سنة أما معدل الزواج بالنسبة للرجل فكان يقدر ب سنة و سنة بالنسبة لإلنا و ذلك دائما في سنة 9196 و هذا حسب ما جاء في الملتقى 20.1 الدولي الخاص باتجاهات الخصوبة و التخطيط العائلي في إفريقيا المنعقد بأبيدجان بكوت ديفوار 91-96 ماي سنة 9111 و أما بخصوص ارتفاع معدل النمو الطبيعي فاعتبره المتخصصون بأنه ما ازل مرتفعا بالنسبة للظروف التي تتوفر عليها الج ازئر و يشكل عدم اإلس ارع في التحكم فيه ظغطا كبي ار و حسب المختصون والديموغ ارفيون الذين شاركوا في الورشة الخاصة بالتخطيط العائلي و السياسة السكانية بالج ازئر تحت إش ارف األستاذ جياللي صاري فإن السير بهذه الوتيرة سيؤدي إلى إلى ارتفاع الكثافة السكانية إلى ما يقارب 12.1. 25 2010 17.1 مليون نسمة بحلول 2021 و مليون نسمة في حدود سنة وهكذا يبدو أن سياسة الج ازئر ال ارهنة في معالجة هذا األمر هي العمل على التحكم في معدل النمو الطبيعي للسكان عن طريق تنظيم النسل بواسطة م اركز حماية األمومة و الطفولة المندرجة ضمن اإلطار التنظيمي للبرنامج الوطني للتحكم في النمو الديموغ ارفي الذي يتضمن 25 - Djilali sari.séminaire international(transition de la fécondité et planification familiale en Afrique ),Atelier 2, Planification familiale et politique de population en Algérie,Abidjan, 16-19Mai 1995,PP5-10. 18
9111 9197 ق ارر اعتماد الجمعية الج ازئرية للتخطيط العائلي في 90 موزعة على نوفمبر. 26 مركز عبر كامل الت ارب الوطني و هذا سنة 9199 97 هذا و قد كرس برنامج الحكومة المصادق عليه من طرف المجلس الشعبي الوطني يوم أوت 9117 على أن "التخطيط العائلي سيظل مقياسا معتب ار لكل حركة تنموية وطنية بما في ذلك مجال الصحة العمومية إذ أن منحنى النمو الديموغ ارفي يعرض التكفل بالتنمية و تلبية الحاجات االجتماعية المت ازيدة لضغط شديد و متواصل " 27. ومن هنا نصل إلى أن برنامج التخطيط العائلي ضرورة فعالة لتمكين الدولة و المجتمع من تنظيم النسل و التحكم في معدل النمو الديموغ ارفي وكذا تحقيق التوازن الداخلي لألسرة حتى تتمكن من أداء وظائفها اتجاه أطفالها. كما أن التخطيط العائلي في الج ازئر يختلف عنه في بعض دول العالم الثال فبينما أخذ برنامج التخطيط العائلي في الج ازئر طابع االختيار و الحرية و الشعور بالمسؤولية لدى الموطنين دون ضغوطات أو عقوبات فبالمقابل نجده في بعض الدول إجباري و ح الموطنين على تحديد النسل وعدم تجاوز عدد معين من األطفال مثلما كان في الصين في 26 -Comité national de la santé reproductive et planification familiale.protocole d itervention en santé reproductive - planification familiale à l usage des personnels prestataires,1997,pp :11-13 27 - Ibid,P13. 19
سنوات السبعينيات طفل واحد فقط لكل زوجين ثم السماح بإنجاب طفلين وكذا إج ارءات التعقيم اإلجباري مثلما هو في الهند. ومما سبق نستنتج أن التخطيط العائلي في الج ازئر يهدف إلى المحافظة على كيان األسرة و تدعيمها من النواحي الصحية و االجتماعية و النفسية و االقتصادية و التربوية حتى تستطيع توفير أفضل الظروف لتنشئة أطفالها تنشئة سليمة و حتى يحظى كل طفل بحقه من الرعاية والحنان. المحاضرة الخامسة دوافع التخطيط العائلي : أ-دوافع صحية : ال جدال في أن تك ارر م ارت الحمل في فت ارت متقاربة يؤدي إلى تدهور صحة األم و إصابتها بأم ارض مختلفة تعيقها عن أداء وظائفها األسرية خاصة في ما يتعلق بتربية األوالد وهناك أدلة علمية تؤكد م ازيا التخطيط العائلي على صحة األمهات و األطفال فالسن التي تنجب فيها الم أرة والدتها األولى له اعتبار هام على سالمتها و صحتها "فالوالدة تحت سن العشرين تعرض 20
األم ألخطار أكثر مما تتعرض له وهي في العشرينيات و تعود هذه األخطار على صحتها بل وحتى على حياتها و يزداد بشكل خطير بعد سن الخامسة و الثالثين" 28 و على ضوء ذلك يمكن القول بأن التخطيط العائلي يسمح لألم بإنجاب أطفال في أكثر الم ارحل العمرية أمانا و كفاءة بيولوجية "و لقد أثبت أيضا أن األطفال الذين تلدهم أمهات أعمارهن في طرفي مرحلة القدرة على اإلنجاب)الصغي ارت جدا و الكبي ارت في السن ) يتعرضن ألخطار أكثر من غيرهن " 29. كما أن المباعدة بين الوالدات لها فائدة حي أسفرت الد ارسات العلمية أن التباعد لثال سنوات بين المواليد هو األنسب سواء من حي الصحة أو احتماالت الوفاة ألنها تضمن للطفل رضاعة طبيعية كاملة و نموا جسميا سليما و في الوقت نفسه تحقق هذه المباعدة ارحة كافية لألم للتخلص من آثار الحمل أو الوالدة السابقة قبل البدء في حمل جديد وهذا الستعادة نشاطها و حيويتها ألن الحمل السريع المتكرر ينتج جيال هزيال من الناحية الجسمية و حتى العقلية في بعض األحيان بعكس الحمل المتباعد الفت ارت و الذي يعطي لألم فرصة لتعويض ما فقدته في كل حمل من عناصر تشترك في تشكيل الجنين فتنتج نسال قويا و سليما. - 28 السيد رمضان.إسهامات الخدمة االجتماعية في مجال األسرة و السكان مرجع سابق ص 331. 29 -أميرة منصور يوسف علي. قضايا السكان و األسرة و الطفولة المكتب الجامعي الحديث اإلسكندرية 7888 ص 37. 21
و أظهرت الكثير من الد ارسات أن أن هناك بين عالقة عدد من الحاالت الصحية للطفل من جهة و حجم األسرة و الرقم الوالدي باإلضافة إلى عمر األم و من جهة أخرى ومن هذه الحاالت التشوه الخلقي اإلعاقة البدنية و سوء التغذية و أم ارض األسنان و المشكالت العاطفية و النفسية و العقلية هذا باإلضافة إلى أن بعض هذه الحاالت مثل سوء التغذية قد يكون له ارتباط مباشر بالضغوط المت ازيدة على موارد و إمكانات األسرة مع كل طفل جديد". 30 و الشك أن صحة األم النفسية لها تأثير قوي في صحة األسرة النفسية فسماتها تنعكس على أف ارد أسرتها ألنها بذلك تصبح قادرة على التحكم في أعصابها و تحمل المسؤوليات ومواجهة المشكالت اليومية بصدر رحب وتمنحهم شعو ار بالثقة يزرع فيهم الطموح و اإلبداع. ومن كل هذا نستنتج ان هناك دالئل و أعر اض تجعل من منع الحمل أو تنظيمه أم ار حتميا لسالمة األم ففي الحاالت العسيرة يكون التخطيط العائلي بمثابة الحصن المنيع لحماية صحة األم و الطفل و األسرة ككل. ب-دوافع اجتماعية : إن تحسن مستويات المعيشة هو السبب األساسي للحد من عدد المواليد بدليل أن الد ارسات السكانية و االجتماعية أثبتت أن هناك عالقة كبيرة بين قلة الدخل الفردي وارتفاع عدد المواليد 22-30 علياء شكري األسرة و الطفولة دار المعرفة الجامعية ط 7 مصر دون سنة النشر ص 787.
رغبة في تكوين عناصر جديدة تساعد على إعالة األسرة و على تحمل أعباء الحياة "كما بينت د ارسات أخرى أن عدد األوالد في األسر يتناسب عكسيا مع درجة ثقافة الوالدين وهناك أيضا د ارسات أثبتت أن "عدد أف ارد األسرة له عالقة كبيرة في الحالة النفسية لكل عضو فيها فاألسرة قليلة العدد يسودها االستق ارر النفسي والعالقات بين أف اردها تكون متزنة و قوية كما يفيد منع الحمل في تفادي إنجاب طفل مصا بأم ارض و ارثية خطيرة ويحقق المنع هنا غايات إنسانية و أخالقية مع العلم أنه يجب أن يكون للفرد الحق في االنجاب إذا أ ارد إال أن مسؤولية الوالدين تحد من ممارسة هذا الحق إذاكان يؤدي إلى إنجاب أطفال يعيشون عبئا اجتماعيا و سيكولوجيا و اقتصاديا على والديهم ثم على المجتمع من بعدهما. فالتخطيط العائلي يقي الطفل من كل هذه المخاطر و يوفر له المناخ الذي ينشأ فيه سليما معافا بدنيا و نفسيا " كما أنه يضمن أن ال يت ازيد السكان المحتاجين للمتطلبات و الخدمات العامة و الضرورية على نحو أسرع من قدرة المجتمع على توفيرها كما أن التخطيط العائلي أصبح مطلبا حضاريا وليس فقط أسلوب لتحقيق التوازن بين السكان و الموارد "و إن الم أرة المقتدرة تحتاج إلى تنظيم إنجابها أو بعبارة أخرى أنه مطلب الم أرة التي تنشد حياة أفضل مهما كان حظها من عطاء الحياة ج- دوافع اقتصادية : 23
من مباديء التخطيط العائلي أنه يشجع كل فرد أن يكون له عدد من األطفال يستطيع رعايتهم باإلمكانيات المادية المتاحة له و لقد واجه هذا المبدأ معارضة من بعض األخصائيين إذ أروا فيه حرمان الفق ارء حقهم من اإلنجاب جاعلين منه أنه غير صحيح و األصح أن "التخطيط العائلي يطالب و يح بأن يعلم الناس أن الب ارمج التي تستهدف تحقيق غاياتها على نحو أسرع و أعمق إذ اقترنت هذه الب ارمج بجهود لتنظيم االنجاب و في أبسط الصور تسمح عملية المباعدة بين الوالدات للزوجة الريفية من مشاركة زوجها مشاركة كاملة في جهود إنتاجه و تحسين ظروف إنتاجه و في الدول النامية حي تمثل التنمية مطلبا أساسيا و عاجال "فإن تنظيم األسرة يجب أن يكون جزءا من مجموع جهود التنمية و يكون لهذا التنظيم مكانا بين إمكانية التعليم و توفير فرص العمل و الخدمات الصحية و التغذية و غيرها و في مثل هذه المجتمعات فإن أهمية التخطيط العائلي كإج ارء اقتصادي يفسر بأن هذا التخطيط يضمن الصحة لألم و الطفل ويهيء لألم فرص المشاركة في النشاط االقتصادي للمجتمع و في المجتمعات األكثر تقدما فإن التخطيط العائلي يعني أن تحديد عدد األطفال والمباعدة بينهم يضمن لألم أسباب تنظيم حياتها و تحقيق دورها اإلنجابي في المجتمع مما يحقق لها المكانة االجتماعية. 24
و إذ سطر للتخطيط العائلي أن يكون له مكان ضمن خطط التنمية االقتصادية بالمجتمع فإنه يجب أن تكون نشاطاته واضحة في ب ارمج الشباب و صغار السن بصفة خاصة ذلك أن نسبة الصغار ترتفع في المجتمعات النامية و لو أنهم قرروا أن ال ينجبوا مستقبال أكثر من طفلين لألسرة فإن الزيادة السكانية ستظل مرتفعة أيضا لقرن إخر و ليس هناك أمل في تغي ارت فعلية ما لم يتفهم الصغار أنفسهم هذه الحقيقة و حتى يستوعبوا ذلك الواقع المرتقب فإن معلومات كافية ينبغي أن تكون في متناولهم سواء في مدارسهم أو في المساجد أو غيرها من المؤسسات االجتماعية أماكن تجمعهم. مما سبق نستنتج أن التخطيط العائلي يرمي إلى المحافظة على كيان األسرة و تدعيمها من النواحي الصحية االقتصادية االجتماعية التربوية و النفسية حتى يمكن إيجاد المجتمع السليم فتنظيم األسرة و التخطيط لإلنجاب يرتبطان باالهتمام باألسرة و الحب العميق لألبناء و الحرص الشديد على توفير أفضل الظروف المالئمة لتربيتهم. المحاضرة السادسة: وسائل التخطيط العائلي:تتمثل هذه الوسائل فيما يلي : 1- األق ارص : 25
هي عبارة عن حبوب ظهرت أول مرة سنة 9116 و هي واسعة االنتشار بسبب سهولة استعمالها و كونها مضمونة الفعالية إذا استعملت وفقا للشروط المطلوبة و تتكون عادة من قرصا تحتوي على مادة اإليستروجين و و البروجاستين تكمن وظيفتها في منع خروح 29 البويضة. 2 -الحقن : وهي عبارة عن مركب هرموني بروفي ار ديبو Depot Provera يحقن في العضد مباشرة بعد انتهاء الدورة الشهرية أو بعد انتهاء الوالدة بستة أسابيع فتمنع الحمل لمدة ثالث أشهر. 3 -اللولب :DIU وهو عبارة عن آلة معقمة و خالية من الج ارثيم يتم وضعها في رحم الم أرة عن طريق طبيبة مختصة و يوضع لمدة معينة للقضاء على البويضة بعد تلقيحها لكي ال تلتصق بجدار الرحم فبعد إبادتها تقذف إلى الخارج و اللولب له عدة أشكال منها المغلق و منها المفتوح. 26
فالمفتوحة ال تستعمل بكثرة لخشية اخت ارقها لجدار الرحم و أفضل نوع ذلك الملحق بخيط من نحاس chering( )Le Cooper tout stérilet au cuivre 200 31 4 -طريقة المنحى الح ارري : يستعمل المنحنى الح ارري بعدتحديد تاريخ التبويض و الهدف منه منع التبويض تؤخذ الح اررة كل 21 ساعة و تكون مستقيمة _ Rectaleفي الصباح عند النهوض من النوم و قبل القيام بأي نشاط بدني و يجب تسجيل درجة الحرارة و تخطيطها لمدة أربع أشهر لتتمكن المرأة من معرفة موعد اإلباضة لديها 5 -الحواجز:. 32 هي عبارة عن سدادات على شكل محاجم مطاطية و تسمى بعقدة القبة يسحب خالل ثمان ساعات بعد االتصال الجنسي فهو يمنع وصول الحيوانات المنوية إلى داخل الرحم 6 -التعقيم :. ويتم قطع 33 هو عملية جراحية تستعمل لكال الزوجين عندما يقرران عدم اإلنجاب مرة أخرى قناتي الرحم و رربطهما من خالل فتحة صغيرة في جدار البطن تتم في المستشفى و تبقى المرأة من أربع إلى ستة أيام في المستشفى أما بالنسبة للرجل فيتم قطع الحبلين المنويين و 31. MOHAMED ZRAOULIA. Contraception et moyens contraceptifs, MBID, Constantine, 1987, P61. 32 -HERVELE BRAS. Planification familiale et promotion de la santé- une esquisse historique, (SNMPMI) ; Paris, 1998, P 25. 33. AMMAR BOUMGHAR. Des besoins sociaux non satisfaits ou l'inefficacité de l'outil de planification,ceped,paris, 1996, P 265 27
02 ربطهما من خالل فتحتين صغيرتين على الجانبين وتستغرق دقيقة دون البقاء في المستشفى. 34 7 -البويضات الذائبة :Les orvules و تستعمل قبل الجماع بمدة 02 دقيقة و هي عبارة عن تحاميل توضع في المهبل فتذوب بفعل حرارة الجسم تحتوي على مواد قاتلة للمني. 8 -الواقي الذكري: هو عبارة عن كيس شفاف يتراوح طوله من 88 سم إلى 02 سم وقطره 0.3 سم مطاطي مرن يستعمله الرجل لمنع وصول المني إلى رحم المرأة أما الواقي المزيت فهو كيس مغطى بمادة هالمية لزجة ضد الحساسية. وسائل أخرى :هناك لقاح ابتكر من طرف الباحث الهندي غروسيران تالوارعام 8990 وهو مدير معهد ظواهر المناعة و خبير دولي في مجال التلقيحات يرى بأن اكتشافه هذا يسمح للنساء تجنب الحمل غير المرغوب فيه من خالل عملية تلقيح بسيطة تجرى مرة كل ستة أشهر و قد أوضح أن قوة اللقاح و فعاليته تكمن في أنه يعبيء الجسم وتكوين مناعة ذاتية لرفض الحمل و يرى الباحث بأن هذا اللقاح يريح المرأةمن كل الموانع األخرى كاألقراص و اللولب التي يمكن أن يحدث فيها الخطأ أما اللقاح الجديد فاألخطاء التحصل. 35 هذا و لقد أكد المختصون المشاركون في الملتقى الدولي لتنظيم األسرة المنعقد في مدينة جنوة بإيطاليا و كان من أهم األبحاث التي نوقشت أبحاث طبيب أرجنتيني فاألول يحث فيه على مشاركة الرجل المرأة في تنظيم النسل من خالل تناول الرجل للحبوب منع الحمل مدة 6 أشهر و 34 -HERVELE BRAS: IBID,P 26 35 - ABDEL AZIZE BOUISRI. La connaissance et la pratique de la contraception,estem, Paris, 2002, P451. 28
36 ". المرأة تتناول 6 أشهر الموالية حتى ال تقع كل اآلثار السلبية لهذه األدوية على المرأة وحدها المحاضرة السابعة : : موقف الدين اإلسالمي من التخطيط العائلي ' تنظيم النسل' إن بقاء النوع اإلنساني من أهم أغ ارض الزواج وبقاء النوع إنما يكون بدوام التناسل وقد حبب اإلسالم كثرة النسل وبارك األوالد ذكو ار واناثا ولكنه رخص للمسلم تنظيم النسل إذا دعت إلى ذلك دواع معقولة وضرو ارت معتبرة وقد كانت الوسيلة الشائعة التي يلجأ إليها الناس لمنع النسل أو تقليله -في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم- هي العزل )وهو قذف النطفة خارج الرحم عند اإلحساس بنزولها( وقد كان الصحابة يفعلون ذلك في عهد النبوة والوحي كما روي في الصحيحين عن جابر: "كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل" وفي صحيح مسلم قال: "كنا نعزل على عهد رسول الله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا" وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن لي جارية وأنا أعزل منها واني أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجل وان اليهود تحدثت: أن العزل الموؤودة الصغرى!! 36 - THAMANY CHEBAB. Politique de population et pratique contraceptive, Le tournant des années 1980,(CNEAP), Alger, 1998, PP:80-83. 29
فقال عليه السالم: "كذبت اليهود ولو أ ارد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه" وم ارد النبي صلى الله عليه وسلم أن الزوج -مع العزل- قد تفلت منه قطرة تكون سببا للحمل وهو ال يدري. وفي مجلس عمر تذاكروا العزل فقال رجل: إنهم يزعمون أنه الموؤودة الصغرى. فقال علي: ال تكون موؤودة حتى تمر عليها األطوار السبعة حتى تكون ساللة من طين ثم تكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم تكسى لحما ثم تكون خلقا آخر. فقال عمر: صدقت أطال الله بقاءك. ومن أول هذه الضرو ارت: الخشية على حياة األم أو على صحتها من الحمل أو الوضع إذا عرف بتجربة أو إخبار طبيب ثقة. قال تعالى: )وال تلقوا بأيديكم إلى التهلكة( سورة البقرة: 911 وقال: )وال تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما( سورة النساء: 21. ومنها الخشية في وقوع حرج دنيوي قد يفضي به إلى حرج في دينه فيقبل الح ارم ويرتكب المحظور من أجل األوالد قال تعالى: )يريد الله بكم اليسر وال يريد بكم العسر( سورة البقرة: 991. )وما يريد الله ليجعل عليكم من حرج( سورة المائدة: 6. ومن ذلك الخشية على األوالد أن تسوء صحتهم أو تضطرب تربيتهم. وفي )صحيح مسلم( عن أسامة بن زيد أن رجال جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أعزل عن ام أرتي. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تفعل ذلك فقال الرجل: أشفق على 30
-أو قال- ولدها على أوالدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان ضا ار لضر فارس والروم. وكأنه عليه السالم أرى أن هذه الحاالت الفردية ال تضر األمة في مجموعها بدليل أنها لم تضر فارس والروم -وهما أقوى دول األرض حينذاك ومن الضرو ارت المعتبرة شرعا الخشية على الرضيع من حمل جديد ووليد جديد وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الوطء في حالة الرضاع وطء الغيلة أو الغيل لما يترتب عليه من حمل يفسد اللبن ويضعف الولد وانما سماه غيال أو غيلة ألنه جناية خفية على الرضيع فهو بالقتل س ار أشبه وكان عليه الصالة والسالم يجتهد ألمته فيأمر بما يصلحها وينهاها عما يضرها وكان من اجتهاده ألمته أن قال: "ال تقتلوا أوالدكم س ار فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره" ولكنه عليه السالم لم يؤكد النهي إلى درجة التحريم.. ذلك ألنه نظر إلى األمم القوية في عصره فوجدها تصنع هذا الصنيع وال يضرهم -فالضرر إذا غير مطرد- هذا مع خشيته العنت على األزواج لو جزم بالنهي عن وطء المرضعات. ومدة الرضاع قد تمتد إلى حولين كاملين لمن أ ارد أن يتم الرضاعة لذلك كله قال: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ثم أريت فارس والروم يفعلونه وال يضر أوالدهم شيئا." 31
قال ابن القيم رحمه الله في بيان الصلة بين هذا الحدي والحدي السابق -التقتلوا أوالدكم س ار-: "أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أحد الجانبين أنه -أي الغيل- يفعل في الوليد مثل ما يفعل من يصرع الفارس عن فرسه كأنه يدعثره ويصرعه وذلك يوجب نوع أذى ولكنه ليس بقتل للولد واهالك له وان كان قد يترتب عليه نوع أذى للطفل فأرشدهم إلى تركه ولكنه لم ينه عنه -أي نهي تحريم- ثم عزم على النهي سدا لذريعة األذى الذي ينال الرضيع ف أرى أن سد هذه الذريعة ال يقاوم المفسدة التي تترتب على اإلمساك عن وطء النساء مدة الرضاع وال سيما من الشباب وأرباب الشهوة التي ال يكسرها إال مواقعة نسائهم ف أرى أن هذه المصلحة أرجح من مفسدة سد الذريعة. فنظر و أرى األمتين -اللتين هما من أكثر األمم وأشدها بأسا- يفعلونه وال يتقونه مع قوتهم وشدتهم فأمسك عن النهي عنه." وقد استحد في عصرنا من الوسائل التي تمنع الحمل ما يحقق المصلحة التي هدف إليها - الرسول صلى الله عليه وسلم -هي حماية الرضيع من الضرر- مع تجنب المفسدة األخرى وهي االمتناع عن النساء مدة الرضاع وما في ذلك من مشقة وعلى ضوء هذا نستطيع أن نقرر أن المدة المثلى في نظر اإلسالم بين كل ولدين هي ثالثون أو ثالثة وثالثون شه ار لمن أ ارد أن يتم الرضاعة. 32
وقرر اإلمام أحمد وغيره أن ذلك يباح إذا أذنت به الزوجة ألن لها حقا في الولد وحقا في االستمتاع. وروي عن عمر أنه نهى عن العزل إال بإذن الزوجة وهي لفتة بارعة من لفتات اإلسالم إلى حق الم أرة في عصر لم يكن يعترف لها بحقوق. المحاضرة الثامنة : القيم الدينية و السلوك اإلنجابي لألسرة في المجتمع الجزئري : تؤدي القيم الدينية دو ار مهما في تنمية المجتمع وتحقيق استق ارره حي تعمل على توجيه سلوك األف ارد اليومية باعتبارها نظام ظبط اجتماعي. وهي توجه سلوك األف ارد في ضوء ما يضعه المجتمع من قواعد ومعايير وعليه يمكن اعتبار القيم الركيزة األساسية في تشكيل كينونة المجتمع وحماية البناء االجتماعي من التدهور واالنهيار غير أن تعرض المجتمع للتغير ينعكس على نسقه القيمي " فالقيم ترتفع وتنخفض, وتتبادل الم ارتب فيما بينها إال أنها تختلف في سرعة التغير, فبعضها يتغير ببطء مثل القيم األخالقية والروحية وبعضها يتغير بسرعة كالقيم االقتصادية". 37-37 فوزية دياب. القيم والعادات االجتماعية.بيروت: مع بح ميداني لبعض العادات االجتماعية- دار النهضة العربية 9190 ط 2 ص 29. 33
وتعرض المجتمع الج ازئري للتغير من خالل التحوالت االجتماعية واالقتصادية وما تمخض عنها من أزمات كان له عميق األثر على النسق القيمي الذي كان سائدا في المجتمع الج ازئري التقليدي والذي كانت القيم األخالقية والدينية فيه تفرض سيطرتها على مختلف سلوكات األف ارد ونظم الجماعات واعتبارها أهم من الجانب المادي والشهوات والرغبات والميول التي تغوي الفرد إضافة إلى الوفاء لتقاليد األجداد. ويقول األستاذ بوتفنوشت في وصفه للنظام القيمي في المجتمع الج ازئري التقليدي "يبدو أن كل شيء ينصب حول الشرف الذي يكتسبه الشخص من تصرفاته االخالقية من تدينه والتسيير النزيه للشؤون االقتصادية للجماعة التي تسودها الق اربة عالقات حياتهم نتيجة القوي والتضامن اإلجتماعية واإلقتصادية رب يت أرسها محكم تنظيم إلى تخضع التي المشتركة العائلة أما بالنسبة للعالقات االجتماعية واالقتصادية في المجتمع الكبير فإن المهم بالنسبة لالط ارف المعنية هو المحافظة على روح البركة فاإلخالص إلى الله حتى ال يرفع بركته وحتى يستحقوا هذه البركة فمن الضروري أن يكون الفرد متصفا باألخالق الحميدة. إال أن النظام القيمي التقليدي فقد الكثير من قوته حي شهدت القيم تغي ارت كثيرة فأصبحت ق ي ما ماد ية ومن أمثلة ذلك ظهور النزعة الفردية والمتمثلة في البح عن االستقاللية بالسكن مما أدى إلى تفكك العائلة الممتدة وظهور األسرة النووية التي أصبحت تواج ه خطر التفأكك بسبب زيادة مؤأش ارت الفردية واالستغ ارق في المظهرية والتطألعات الشخصية حي ازد الحرص 34
على إثبات التمي ز االجتماعي مما ساعد على ظهور الم باهاة االجتماعية والن هم في اقتناء الغالي والثمين كما ساعد على بروز التعالي واألنانية وانت هاز الفرص وتنمية العالقات الشخصية بأصحاب النفوذ إضافة ظهور نوع جديد من الزواج يقوم على االرتباط العاطفي قبل الخطوبة وض عف التمس ك باألخالق إضافة إلى اإلنجاب المتسارع حي لم تعد القيم الدينية هي المحدد األساسي للسلوك اإلنجابي للم أرة بل أصبحت الم أرة تمارس وظيفتها اإلنجابية ليس كسلوك ديني لحفظ النسل البشري وتحقيق التكاثر بل من أجل تحقيق مآرب أخرى كتحقيق استق اررهها الزواجي خاصة مع انتشار االنح ارفات الجنسية خارج إطار الزواج وانتشار الطالق و الخيانات الزوجية إضافة إلى رغبة الم أرة في استغالل الزمن االجتماعي أو تحقيق مكانتها في المجتمع أو تقليد قريناتها. حي يقول المثل الشعبي "لو كان ما العناد ما تجيب النسا لوالد" وهذا ما ساهم في تر أ دي منظومة القيم الدينية باستفحال الشكلية الفارغة من الجوهر و الب ارغماتية النفعية التي تح أ رض االنسان على بلوغ غاياته بغض النظر عن الوسائل المستخد مة لذلك فبعض النساء الالئي يشتركن مع أهل الزوج في المسكن تقمن بإنجاب أطفالهن بشكل متسارع حتى تستغل أهل الزوج من أجل مساعدتها على تربيتهم أو من أجل أن يكون لها سبب في االمتناع عن مشاركتهم في األعمال المنزلية أو من أجل أن يسمح لها باالنفصال 35
عنهم في المسكن وهناك من تستعمل اإلنجاب المتسارع كوسيلة ظغط على زوجها البطال كي يشتغل وهكذا صارت النفعية والمادية هى الدافع الرئيسي للسلوك االنجابي للم أرة في المجتمع الج ازئري حيث يرى "جون لوك" الفيلسوف اإلنجليزى الشهير:"إن صواب أى عمل إنما يحكم عليه بمقدار ما سيسهم به في زيادة السعادة اإلنسانية أو في التقليل من شقاء اإلنسان وال يهم شئ سوى ذلك من قبيل مطابقة الفعل للوحي أو للسلطة أو التقاليد أو للضمير والحس األخالقي " إذ أصبح هناك فجوة بين الم ممارسات والع بادات إذ ال يوجد اتأ ساق بين القول والف عل. فرغم أ ور أن التدي ن ينتش ر بشكل عام إال انه تدي ن شكلي وال يم س جوهر ال أ د ين فهناك من يتص أن التدي ن يعني كثرة األطفال من خالل اإلنجاب المتسارع دون م ارعاة للحالة الصحية لألم والطفل بينما تجده ال يمارس أبسط الطاعات الدينية مثل الصالة و هذا ما يعكس اختالل منظومة القيم في المجتمع الج ازئري-انح ارف قيمي- حيث طغت القيم المادية على حساب القيم الدينية و هو ما يسمى بالص ارع القيمي. ص ارع القيم : يعتبر مفهوم ص ارع القيم من المفاهيم الحديثة نسبيا حي تمت اإلشارة إليه في ثنايا األبحا النفسية واالجتماعية أثناء الحدي عن ظاهرة األنوميAnomie )الالمعيارية( في كتابات كل من إميل دور كايم وتالكوت بارسونز وروبرت ميرتون. وعلى الرغم من اإلشا ارت 36
الضمنية لهذا المفهوم إال أن الد ارسات السوسيولوجية لم تشر بص ارحة إلى مفهوم الص ارع القيمي كمفهوم جدير باالهتمام والد ارسة. فهناك من يعرف الص ارع القيمي على انه يعني" وجود عدم اتساق وانسجام داخل نسق القيم ينتج عن تباينها وتناقضها ويقصد بتباين القيم تغاير واختالف وظيفة كل منها وتعارضها مع وظائف وغايات القيم األخريات ويرتبط هذا التباين في جوهره بالجماعات والطبقات والنظم االجتماعية. أما تضاد القيم فهو وجود اتجاهين متعارضين أو أكثر من اتجاهات القيم وقد يكون هذا التعارض بين وسائل كل منهما أو أهدافه كوجود وسيلة تقليدية تستند إلى العرف في مقابل عقلية أخرى متحررة تميل إلى التجديد والموازنة العقلية 38 المحاضرة التاسعة : بعض محددات السلوك اإلنجابي في األسرة الج ازئرية التنشئة االجتماعية: من المجتمع ثقافة نقل بواسطتها يتم التي العملية تلك بأنها االجتماع علم في التنشئة تعرف الجيل السابق إلى الجيل الالحق المجتمع في عضو ا باعتباره الفرد يكتسبه ما كل هي والثقافة والعادات اللغة تشمل فيما وتشمل والتقاليد واألع ارف بأنواعها والقيم المختلفة والتنشئة االجتماعية بإعداد تقوم حي األسرة وظائف وأهم أبرز من تعتبر أف اردها ليكونوا أعضاء - 38 ماجد الزيود. الشباب والقيم في عالم متغير.األردن: دار الشروق 2006 ط 9 ص 900. 37
صالحين ومتوافقين المجتمع ثقافة معالم وأبرز أهم بتعلم إال ذلك يتم وال المجتمع في وفاعلين الذي يعيشون التضحية مثل الرفيعة القيم الناشئة في تزرع التي هي السليمة والتنشئة فيه واإليثار والصبر واالحتمال والصدق واألمانة...وعملية يحويها التنشئة حدي مضمون " يولد مولود كل وسلم عليه الله صلى الرسول على الفطرة أو ينص ارنه أو يهودانه فأبواه يمجسانه.فاألسرة وبناء الفرد مسار تحديد في األثر أبلغ لها وت ار ونقل قيم شخصيته إليه حي المجتمع قال النبي صلى يهودانه فأبواه الفطرة على يولد مولود وسلم":كل عليه الله وهو صفحة الطفل يولد فإن يمجسانه" أو ينص ارنه أو فيها ويسطر يكتب لما قابلة بيضاء األسرة. أف ارد هم فيها يخط من وأول وم ارهق ا وطفال جنين ا اإلنسان حياة استق ارر في دورها وخطورة األسرة مكانة أهمية على يدل ومما و ارشد ا وشيخ ا ووالد ا األسرة أحكام بتناول الكريم القرآن اهتمام هو وزوجة وزوج ا وبنت ا وابن ا وقيمته واصف ا الزواج إنشاء فبين تفصيال الغليظ بالميثاق إياه وبي نأهمية التكاثرو يكون متى الطالق وكيفياته الزوجين بين العالقة وأوضح بين والعالقة اآلباء واألبناء بين والعالقة القضايا من ذلك غير إلى جميع ا األقرباء لها األسرة مؤسسة أن على تؤكد التي واألحكام اإلسالمي الدين مكانة في ونظامنا غاياتها كانت مهما أخرى مؤسسة أي تدانيها ال االجتماعي وأهدافها وامكانياتها 38
ذلك أن "األسرة جماعة اجتماعية اجتماعي ونظام ودائمة أساسية األسرة وليست رئيس المجتمع وجود أساس هي بل فحسب مصدر األخالق السلوك لضبط األولي والدعامة الحياة دروس أول اإلنسان فيه يتلقى الذي واإلطار االجتماعية مجمل هو كان ذلك وربما اجتماعي ا. نظام ا باعتبارها األسرة إلي االجتماع علم منظور برمجة بمثابة تعد والتنشئة اجتماعية التكوين يميز ما معينة وأبرز أدوار شغل على وتدريب التربوي االجتماعي األسرة داخل للفتاة الج ازئرية هو القيام على تدريبها على الحرص باألشغال المترلية قيمة العفة على التأكيد واتقانها التبعية وأخي ار والشرف والخضوع لجنس البن ت تزويج يصبح أي ضا األثناء هذه وفي الذكر. تفكير األم على يسيطر الذي الهاجس محاسنها ذكر من تفتر فال ء خاصة في بالنسا فيها تجتمع التي األماكن في ومناقبها أو الحمام المناسبات في كاألع ارس القيام تستطيع ابنة بأن لها لنظي ارتها بذلك فتعلن األخرى والوالئم باألشغال المترلية والنهوض باألعباء النصائح بعض إسداء على األم تحرص كما الزوجية. والتوجيهات إلى بيت لها انتقا قبل البنتها عالقات على دائما تحافظ كيف فتعلمها زوجها بزوجها حميدة وكيف تجعله في صالحها أداة الجماعة عن وبعيدا العائلية أمه. وخاصة وعند انتقال ابنتها إلى بيت زوجها تحثها على إنجاب عدد كبير من األوالد خاصة من جنس الذكور حتى تعزز قيمتها و تحفظ مكانتها عند زوجها وأهله وحتى تثقل كاهل زوجها وتجعله منشغال بأسرته فقط حي يقول المثل الشعبي إذا غلبك ال ارجل بالمال إغلبيه-الزوجة- بالذرية 39
وهكذا يصبح األطفال بمثابة سالح يحققون لألم الحماية و األمان خاصة في زمن كثرت فيه الخيانات الزوجية. التربوي التكوين طبيعة إلى وبالنظر وهكذا االجتماعي في األسرة لألنثى أن يتبين الج ازئرية التنشئة االجتماعية نموذج وفق تسير التقليدية اجتماعي محدد يستمد مسبقا مضامينه أساليبه وطرقه العادات من ومشروعيته والتقاليد والمعتقدات والدينية. الشعبية الضمير أو" بالعقل أسماه فيما واإلل ازم القهر خاصية إلى دور شار" وقد كايم " الجمعي "والذي منه "فكرة جعل قاهرة "متحققة المكونين األف ارد إ اردة عن خارجة ذاتها في ناحية من للجماعة القداسة بفكرة ومرتبطة ناحية من واأللوهية هذا" بها يتصف التي الخصائص أهم أخرى.ومن الضمير الجمعي "في نظره: على ضمائر فعلية سيطرة يمارس -أنه الجماعة. أف ارد والنهي اإلل ازم بقدرة يتمتع -أنه األخالقي. بالعموم يتصف -إنه والشمول المطلق فأحكامه إجتماعية طبقة أو فئة تخص ال وضوابطه األخرى. دون سطوته يستمد -أنه وتبجيل. قداسة من به يتمتع بما وسيطرته المحركة القوة -أنه للفاعليات اإلجتماعية والضابطة للتصرفات السلوكية الفردية والجماعية. 40
المجتمعات كل وفي درجات توجد ومستويات في فرد كل يشعر بحي لإلل ازم كثيرة وأشكال الجماعة وأع ارف وتقاليد عادات و ارء كامنة قوى يواجه أنه وموروثات ال كي مخالفتها يخشى المجتمع والج ازءات للنبذ يتعرض المتنوعة.فشعور األشياء طبيعة من يأتي ال واالل ازم بالقهر اإلنسان األف ارد إد ارك من وانما والجماعات مباشرة غير أو مباشرة بطريقة القدرة تملك ما سلطة لوجود تضع ضوابط أن على وفقها يعمل ال من على الج ازءات توقع وأن للسلوك الثقافة الشعبية أساسها ألن واعية غير تلقائية أساسها في المحاولة سد في العشوائية و * واشباع الحاجات الطبيعية الضرورية والتي وجماعية فردية إلىعادات الوقت مع تتحول والتي الظواهر من غيرها عن مستقلة وانها الجمعي العقل نتاج كايم "من "دور إعتبرها اإلجتماعية من ألنها " Organismsبالمخلوقات العضوية " Sumner " صنع األجيال والتي السابقة وتتداعى تهرم ثم وتبلغ تنمو والتي سمنر وتفنى.فهي كما متتابعة أطوار في تظهر شبهها " بها. تأثروا الذين أولئلك إ اردة عن مستقلة كانت لو هناك باإلجمال يكون بل محددة رسمية سلطة حمايتها تتولى ال إذن الشعبية الثقافة عناصر الضبط قواعد أكثر المعنى بهذا وهي لتقبلها عام ميل اإلجتماعي إل ازم ا وأشملها تلقائية منبثقة بكونها من ضمير بالحاجة معه يشعرون ال إمت ازج ا األف ارد بنفوس تمتزج حي الجماعة تحكمها أسباب مناقشة حتى أو عليها الخروج أو تغييرها إلى فيهم.واذا ضعفت عناصر هذه 41
بغير أي نفوسهم إلى بها تسربت التي الكيفية بنفس تضعف فهي األف ارد نفوس في الثقافة 39 " وتلقائية تدريجية بطريقة ولكن ما سلطة أو منظمة قوانين نتيجة العام ظاهرها إال فيها يتغير ولم القدم منذ والتقاليد العادات هذه إلينا إنحدرت هكذا و التطور مظاهر وي ازولها تستقر أن ما لكنها نفسه الوقت في وصلبة مرنة تعتبر هي العام.لذلك الناس معظم للنظام اإلستق ارر تهيء فهي التغيير تقاوم حتى ويألفونها تكون حي اإلجتماعي منتظمة المعالم واضحة وحاسمة. مصالحها, كما وهي يقول " سمنر "تمثل نظام ا ضخم ا جميع ويخدم كلها الحياة يشمل للعادات فهي واعتياد Use واستعمال Tradition تقليد Justification من عناصر ذاتها في تحمل mysticوتحميها sanctions بالتفكير تنمي تبريرها المنطقي تعميماتها الفلسفية روادع روحية Wont بهذا وهي والصواب للحق مبادئ فتصبح ترتقي أن تلب ال والتي والخلقية وتحدد الجديدة األجيال تجبر تحفزها وال تصرفاتها إل 9192 ى لم الذي التفكير ذلك التفكير للتنقيح إستعداد أي تتضمن ال بذلك بعده وهي يتم ولن فيها اإلندماج قبل يتم نتائج بإعتبارها. 40 " قابلة غير نهائية للتغيير وحلوال الحق أنها يفترض هي الشعبية الثقافة عناصر فإن وعليه - 39-40 جالل مدبولي مرجع سابق ص 920. نفس المرجع ص 921. 42
اإلرتياح على داللة ذاتها بحد التفكير لها يتعرض ال حين والتوافق فيها الجميع ويشترك تلقائي ا. إشت ارك ا قائمة الم ارجع: 19 جاد الله فوزي. " تنظيم األسرة كرعاية صحية أولية" مجلة الد ارسات السكانية. )9117(.9197 جبلي عبد الر ازق. علم اجتماع السكان دار المعارف الجامعية الخولي سميح نجيب. تنظيم النسل بالوسائل الحديثة مطابع أوقيستا بيروت 9176. فوزية دياب. القيم والعادات االجتماعية. بيروت: مع بح ميداني لبعض العادات 9190 ط 2. االجتماعية- دار النهضة العربية رمضان السيد. إسهامات الخدمة االجتماعية في مجال األسرة و السكان دار المعرفة.2002 الجامعية االسكندرية مصر رزق الله عبد المجيد. تنظيم النسل الشركة القومية تونس. 2006 ط 9. ماجد. الزيود الشباب والقيم في عالم متغير.األردن: دار الشروق دار المعرفة الجامعية االسكندرية 9111. السيد عبد العاطي. علم اجتماع السكان 43
القصير عبد القادر. األسرة المتغيرة في مجتمع المدينة العربية دار النهضة العربية بيروت 9111. عبد المنعم عبد الحي.علم السكان و األسس النظرية و األبعاد االجتماعية ط 9 المكتب الجامعي الحدي االسكندرية 9191. أبو األعلى المودودي. حركة تحديد النسل وحدة الج ازئر ورشة زبانة 9199. Bulletin mensuel INED.Population et sociétés ;Maghreb, La chute irrésistible de la fécondité 359.Paris,Aout, 2000. Bras Hervele. Planification familiale et promotion de la santé- une esquisse historique, (SNMPMI) ; Paris, 1998. Boumghar Ammar. Des besoins sociaux non satisfaits ou l'inefficacité de l'outil de planification,ceped,paris, 1996 Bouisri Abdel Azize. La connaissance et la pratique de la contraception,estem, Paris, 2002. Chebab Thamany. Politique de population et pratique contraceptive, Le tournant des années 1980,(CNEAP), Alger, 1998 44
Comité national de la santé reproductive et planification Protocole d intervention en santé reproductive -.familiale planification familiale à l usage des personnels prestataires,1997 Houcine AOURAGH.L économie Algérienne et L épreuve de la démographie,ceped,paris,1996. Laadjali M.Espacements des naissances sous le tiers monde,l expériences Algérienne, OPU,1983. Mustafa,K. Démographie et population OPU, Benaknoune,Alger,1996. ONS.La régulation des naissances,etudes des couples Algériens,Alger,1968. Pages. J. Le contrôle des naissances en France et à l étranger,bosc Freres, Lyon,1971. 45
sari Djilali.Séminaire international(transition de la fécondité et planification familiale en Afrique ),Atelier 2, Planification familiale et politique de population en Algérie,Abidjan, 16-19Mai 1995. S.N.M.P.M.I.XXIVème Colloque ;Planification Familial et promotion de la santé,27-28 Novembre,1998,Paris. Zraoulia Mohamed. Contraception et moyens contraceptifs, MBID, Constantine, 1987. 46