العدد الثالث واألربعون : شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م ملحق مجلة التفاهم تصدره وزارة األوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع الشرعية والسيادة في النظام السي

النسخ

1 العدد الثالث واألربعون : شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م ملحق مجلة التفاهم تصدره وزارة األوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع الشرعية والسيادة في النظام السياسي لدى كارل شميت تأمالت في الحرب والسلم عند كانط مدنية الفارابي مالمح عامة لعلم الكالم في التراث اإلباضي المغاربي إسقاطات مفهوم الحرية على اإلسالم اإلسالم كمرجع للتشريع.. بين التطبيق الح رفي وروح القوانين التأثير اإلسالمي في شرق إفريقيا الخطاب الصوفي: استراتيجيات القراءة وآليات التأويل السالم والتسامح في زمن العولمة بين االتزان الديني والسياسي علم أصول الفقه : بوابة التداخل والتواصل بين العلوم د. هالل احلجري أم ا قبل... من الأعمال املهمة التي األ فت يف سن مبك رة ل صاحبها رواية»بالد الكرنفال«للروائي الربازيلي ال شهري جورجي اأمادو حيث تعد باكورة أاعماله وقد كتبها سنة 1931 حني كان عمره ثمانية ع شرا عاما أاي بعد نهايته لدرا سته الثانوية. وجورجي أامادو ) ( غني عن التعريف لأنه كاتب م أال الدنيا واأ صبح أاكرث كتاب أامريكا الالتينية بيعا للرواية اإذ ط بعت من اأعماله ثالثون مليون ن سخة ت رجمت اإىل ت سع و أاربعني لغة وقد وجد كثري من هذه الأعمال طريقه اإىل ال سينما. ونقراأ يف سريته باأن ه يف سن الرابعة ع شرة بداأ الكتابة يف العديد من املجالت و شارك يف احلياة الأدبية ك أاحد موؤ س سي «أاكادميية الثو ار«وهي مدر سة أادبية حداثية. وقد مار س العمل ال سيا سي اأي ضا يف سن مبكرة وانتخب نائبا بالربملان عن مدينة» سان باولو«وتعر ض لالعتقال وال سجن مرارا من قبل الديكتاتوريات الربازيلية يف الثالثينيات والأربعينيات من القرن املا ضي بل ح ر قت كتبه يف ال ساحات العامة يف سلفادور ب أامر من نظام الطاغية فارغا س ومن بينها هذه الرواية التي نتحدث عنها. ومع ذلك فاإن أامادوا اكت سب تقدير العامل لأعماله وقد منح جوائز أادبية رفيعة منها»جائزة لينني لالأدب«سنة كما اأن ه ارتطم بحياة الب سطاء يف الربازيل فاأحبه ال شعب حبا ل يحظى به كثري من الأدباء يف العامل. اأم ا روايته»بالد الكرنفال«فهي عمل تناول فيه اأمادو الأنتلجين سيا الربازيلية خالل الع شرينيات من القرن املا ضي ومل ترتجم إاىل الإجنليزية حتفظا من الروائي نف سه ولكنه سمح برتجمتها اإىل الإيطالية سنة 1984 ثم ترجمت اإىل الفرن سية سنة 1990 ومنها اإىل العربية سنة 1998 حيث ترجمها شحات صادق ون شرتها مكتبة مدبويل. ورغم اأن الرواية هي اأول اأعماله فاإن النقاد ا ستقبلوها ا ستقبال احتفائيا وكما يقول شحات صادق فاإن أامادو و ضع»يده على موطن الداء يف الربازيل البحث عن الهوية لي س يف ال سيا سة فح سب بل يف القت صاد والأدب واأ ساليب احلكم وكل نواحي احلياة.«تدور أاحداث الرواية حول مفكر برازيلي ا سمه باولو ريجر وهو ابن أاحد مزارعي الكاكاو ولكنه در س يف باري س ملدة سبع سنوات متخ ص صا يف القانون وحني عاد من الدرا سة أاراد امل شاركة يف احلياة ال سيا سية والثقافية للبالد. ان ضم اإىل جمموعة من املثقفني يف سلفادور ملناق شة م سائل احلب وال سيا سة والدين والفل سفة وكانوا مهمومني مب سار البالد. يف هذا العمل ينتقد بطل الرواية التمازج الع رقي للربازيل وخا صة اأثناء اإقامة الكرنفالت التي ينحي بالالئمة عليها يف تخلف البالد معتقدا اأن الكرنفال يجعل من النا س كائنات غريبة. لقد صدمته املبالغات الر سمية لهذه الطقو س رغم اأن ات صاله بال شعب اأثناء الحتفالت بال شوارع يجعله ي شعر بربازيليته احلقيقية. ونتيجة لهذه امل شاعر املتناق ضة قرر ريجر العودة اإىل اأوروبا. ومن يقراأ الرواية يعجب من قدرة شاب يف هذه العمر على اكتناه م شكالت بالده املعقدة وحتليلها أادبيا بل وتو صيفه لل غ ز الربازيلي آانذاك وتفكيك ه بذكاء مده ش. hilalalhajri@hotmail.com

2 2 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م ال رشعية وال سيادة يف النظام ال سيا سي لدى كارل شميت قي س اجله ضمي يتحدث الكاتب عبداهلل ال سيد ولد اأباه يف مقالته املن شورة يف جملة التفاهم بعنوان»ال سيادة وال سيا سة: نظرية امل شروعية وال شرعية لدى كارل شميت«عن مفاهيم ال شرعية وعالقتها باملفاهيم الأخ رى كال سيا سة وال سيادة وامل شروعية والقانون عند كارل شميت وكيف طرح وانتقد شميت هذه الأفكار ومتعلقاتها من خالل ا شتغاله يف هذا احلقل م ستفيدا من جتارب اأ ستاذه»ماك س فيرب«يف هذا النطاق اإذ يتفق شميت وفيرب يف اأن ال شرعية هي اإحدى منظومات الهيمنة ويالحظ شميت اأن فيرب نقل مفهوم ال شرعية من املعجم القانوين املدين التي هي مبعنى»معيار الطاعة الإرادية يف سياق تعاقدي حر«اإىل سيو سولوجيا الهيمنة»التحليل املقارن لالأن شطة الجتماعية«وينتقد شميت اأطروحة فيرب التي تقوم على»وهم احلياد املعياري الذي يقت ضيه املنهج الو صفي يف الدرا سات الجتماعية«ليو ضح اأن وهم هذا احلياد يبعد مفهوم ال شرعية عن معناها احلقيقي الذي هو»امل شروعية القيمية يف الفعل ال سيا سي«وتتاأ س س اأطروحة شميت حول ال شرعية على م ستويني اأولهما نقد الت صورات القانونية الإجرائية لل شرعية وبناء ال شرعية على الأمر ال سيادي. يطلق شميت على الدولة الليربالية الربملانية ا سم»الدولة الت شريعية«اأو»الدولة القانونية«وي ضع ت صورا سيا سيا لها وه و أان املعايري القانونية هي التي تعرب عن الإرادة العامة للدولة وت سعى هذه املعايري لتكون هي القانون نف سه بينما ال ربمل ان ه و امل س وؤول ع ن و ض ع ه ذه امل ع اي ري و أاي ض ا تتميز ه ذه ال دول ة بف صلها ب ني ال ق ان ون وتطبيق ال ق ان ون بحيث ت ك ون ال س ي ادة ل ل ق ان ون امل ج رد ول ي س ل ل ق ائ م ني ع ل ى ه ذه الدولة وي صنع شميت مقارنة بني الدولة الت شريعية ودول اأخ رى م ث ل: ال دول ة الق ضائية ال ت ي مي ار س فيها ال سلطة ال ق ا ض ي ك ون ه ص اح ب احل ك م الأع ل ى وال دول ة احلكومية والدولة الإدارية اللتان تكون فيهما الإرادة ال سيادية مرتبطة بال سلطة العليا ويرى شميت اأن الدولة الت شريعية تتماهى مع هذه املعايري»مما يجعل امل شروعية هي الإميان بال شرعية«القائمة على هذه املعايري. وي ق ول الكاتب اأن شميت ي رى اأن ه ي شيع يف الع صر الراهن ا ستخدام كلمة» شرعي«ب صورة م ساوية ملفهوم»امل شروعية«اإذ يوجد ه ذا الأم ر ال شرعية ل ق رارات متعار ضة لأن املعيار هو شكلية القانون لذا ي ستنتج من هذا اأن النظام الت شريعي ي ح وي ع ل ى خ ل ل يف ال ن ط اق ال ع ق الين ك م ا ي ن ت ق د شميت اأي ض ا امل در س ة امل ع ي اري ة م ع ربا عنها ب اأن ه ا»ع اج زة وعمياء أام ام الواقع ب سبب متاهي الدولة مع النظام القانوين«واأن ال شرعية يف الدولة الت شريعية الربملانية يف أاوج انخراطها يف الواقع تتحول إاىل الطابع البريوقراطي املوؤ س سي ويحدث فيها التماهي ب ني احل ق وال دول ة وال ق ان ون ويبقى اجلميع خا ضعني ل سلطة القانون الذي ل يقبل النقا ش واخلطاأ. ويرى شميت اأن الدولة الت شريعية قد وحدت بني اإرادة الدولة واإرادة ال شعب وجعلت من القانون منطا تعبرييا عن العدالة والإرادة ال شعبية لكن امل شكل يربز يف اأن هذا القانون مرتبط بالنتخابات التي حت دد شخ صيات الربملان وه ي قائمة على الأغلبية احل سابية وه ذه الأغلبية اأي ضا يكون انتخابها يف حالة ظ روف معينة وقد يبدو اأن لالأغلبية دلل ة مقنعة يف وج ود الإرادة امل شرتكة يف ال شعب لكن يبقى يف ه ذا النظام احل سابي ممار سة دكتاتورية لالأغلبية على الأقلية ح سب روؤيته. اإن و ضع احلياد كما يرى شميت يف احلالة النتخابية ومتكني الإرادة ال شعبية يف الخ ت ي ار ي ول د ف ك رة أان ح دوث الظلم م ستبعد يف هذا النظام القانوين لكن يبقى يف الدولة»حاجة غ ام ض ة ل ل ت ف وق«س ت ظ ه ر يف م ا ب ع د ع ن ط ري ق إاع ط ائ ه ا»الأول وي ة ال شرعية ال ع ل ي ا«م ن خ الل الن ت خ اب ات ث م من خالل هذه الأولوية ال شرعية العليا سيح صل صاحب ال سلطة على ما ي سمى ب»م سلمة ال شرعية«يف كل قراراته وي صبح اأن كل ال ق رارات خارجة عن نطاق النقا ش وال شك خ صو صا يف حالت ال صراع ويف ن ص»دولة القانون الربجوازية«ل شميت ي ذه ب ب «أان ال رك ي زت ني اللتني ت ق وم عليهما ه ذه ال دول ة: احل ري ة ال ف ردي ة وال ف ص ل ب ي ني ال س ل ط ات ل ع الق ة لهما بال سيا سة واإمنا هي اآليات للتحكم بالدولة ومراقبتها«. ال شرعية وال سيادة: ي رى شميت يف ال سيادة ب»اأن ال سيد ه و م ن يقرر يف احلالة ال س ت ث ن ائ ي ة«واحل ال ة ال ستثنائية ه ي»ف ع ل الأم ر امل ق وم للنظام ال ق ان وين«أاي الفعل الأم ري ال ذي تفر ضه م صالح الدولة ويذهب ب أان ال سيا سة عبارة عن»اجلانب ال صراعي يف الن شاط الب شري امل شرتك«ويف أاعمال شميت الأوىل دافع عن شرعية الدولة املطلقة اإذ راآه ا تعرب عن الوحدة ال سيا سية ورف ض الدولة الت شريعية الربملانية لأنها دولة مقيدة ب سلطة القانون ومعايريه وقد األقى شميت بامل صوؤولية على سلطة التنفيذ باعتبار متاهيها م ع اإرادة ال شعب وليكون ال شعب موؤ س سا لها ل ينوب عنه ممثلون. ل ق د راج ع شميت ت ص وره ب ع د ت ف ك ريه ال ن ق دي ال ن ظ ري يف»ال دول ة ال ك ل ي ة«ويق صد ب ال دول ة الكلية ه ي دول ة»ع صر التقانة«التي قويت سلطتها عن طريق الأجهزة التقنية التي دخلت يف جميع القطاعات احلياتية وتداخلت ب صورة قوية بني دائرتي الدولة واملجتمع ويظهر هذا التداخل عرب تاأثري املجتمع امل دين بهذه الو سائل يف النطاق ال سيا سي وبالتايل ال دول ة حت اول ال ت دخ ل ب ص ورة اأك ب رب يف امل ج ت م ع يف جميع املناحي الجتماعية والقت صادية والثقافية ويالحظ شميت اأن هذه الدولة تتجاوز الأ شكال ال سيا سية التقليدية لكنها بتدخلها ال ك ب ري يف امل ج ت م ع امل دين ت ك و ن م ظ ه را للت سي س ال ش ام ل ل ل وج ود الإن س اين ول ل دول ة ال ك ل ي ة ع ن ا ص ر ق وة وعنا صر ضعف ب سبب انك شافها وخ ضوعها ملطالب ون وازع اجل سم الجتماعي. وي صنف شميت ال دول ة الكلية اإىل صنفني: ال دول ة الكلية باملعنى الكمي والدولة الكلية باملعنى الكيفي فالدولة الكلية ب امل ع ن ى ال ك م ي ت ك ون ف ي ه ا س ل ط ة احل ك م ه ي ال ت ي ت ضبط ال ص راع ات الج ت م اع ي ة وت ك ون هيمنة الأح زاب يف الطابع الربملاين اأعلى من هيمنة الدولة بينما الدولة الكلية باملعنى الكيفي هي التي»تتحدد وفق الفكرة احلقيقية لل سيا سة من حيث هي الكثافة ال صدامية واجلدلية يف الو ضع الإن ساين«. وي ح اول شميت اأن ي ضع نظرية لتحديد الطابع ال سيا سي للدولة باعتبار الدولة مظهرا فقط يف النطاق ال سيا سي ويرى أان ال دول ة هي» صيغة وج ود حالة ب شعب م ا«اأم ا ال سيا سة فقد تتجاوز التعريفات القانونية لت شمل كل جمالت الوجود الإن ساين واأن ما مييز ال سيا سة لدى شميت اأنها تعبري عن حالة ال صراع يف الوجود الب شري لذا فهي قائمة على ثنائية العدو وال صديق وهذه العداوة ل تعني بال ضرورة الكراهية ال شخ صية و إامنا هي تعبري عن مركز ال صدام يف حالة ال صراع لذا كل صدام اأكان دينيا اأو اقت صاديا أاو عرقيا ميكن أان يتحول اإىل صدام سيا سي. وي ستنتج شميت اأن التجمعات ال سيا سية ل توجد إال يف حالة ال صراع اأو احلرب ومبا أان ال سيادة لديه هي» سلطة احل سم يف احلالة ال ستثنائية«فاإن ها بهذا املعنى ميكن اأن تنهار الدولة وتبقى ال سيا سة مع بقاء حالة ال صراع. qabuazan@gmail.com

3 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م 3 تاأمالت يف احلرب وال سلم عند كانط يرى اإميانويل كانط باأن احلرب غري مرتبطة بدوافع واأ س ب اب م ن اأج ل وق وع ه ا ب ل ه ي م ت ج ذرة يف الطبع ال ب ش ري وت ع ت رب ع م ال ن ب ي ال ع ن د امل ج ت م ع ات دون النظر للم صلحة امل رج وة ج راء امل ش ارك ة يف احل رب لذلك علينا أان نتعامل مع مفهوم احلرب على اأنه اأمر متجذر ولي س على اأن ه ح ادث عر ضي وه و ما يدفعنا اإىل إايجاد م شروع سلم دائم ويرى عدد من الفال سفة كتوما س هوب س و سبينوزا ونيت شه ب أان غريزة احلفاظ على البقاء و إارادة احلياة هي من أاهم الدوافع يف الهوية الب شرية فالإن سان يف راأي كانط بطبيعته متوح ش اإىل اأن ترو ضه الرتبية والقيم الأخالقية وال سيا سية واجل م ال ي ة وي ب ربر ك ان ط م ش روع ه رغ م اع ت رتاف ه بوح شية الإن س ان اخل ام وحاجته املا سة للرتبية من خ الل اع ت ق اده ب اأن ك ل جيل ي رب ي اجل ي ل ال ق ادم اإىل اأن ي صل الإن سان إاىل مرتبة الإن سانية الكاملة لذلك جند اأن كانط يخلق نظرة تفاوؤلية للم ستقبل اإذا ما مت الأخ ذ ب الأدوات املمكنة دون الر ضوخ للواقع وهو م ا ي رتج م ه ك ت اب ه»ت اأم الت يف ال رتب ي ة«م ع رتف ا يف الآن ذات ه ب صعوبة الأم ر واأن النتظام ور ضوخ النا س مل ب داأ ال سلم لي س ب الأم ر ال ه ني وذل ك لأن ه يتعار ض مع الطبيعة الب شرية املتوح شة لذلك ولأج ل فر ض هيمنة ال سلم على الإن سانية و ضع عددا من ال شروط م ن اأه م ه ا اأن ي ك ون م ش روع س ل م ع امل ي وه ي فكرة ا ستباقية يقدمها كانط قبل أاكرث من قرنني من قيام ع صبة الأمم وكذلك ضرورة ا ستناد الدول لل شروط التي يحددها الفال سفة كاأ س س لإقامة ال سالم الدائم بني الب شر وهنا ل يدعو اإىل دولة الفال سفة بل يحذر م ن اجل م ع ب ني ال سلطتني لأن وظ ي ف ة الفيل سوف املمار سة النقدية احلرة امل ستقلة والبعيدة عن الرغبات وال ت وج ه ات امل وؤدجل ة يف ح ني دور ال سلطة احلاكمة اله ت م ام ب ال ش اأن ال ع ام وه م ا س ل ط ت ان منف صلتان ت ع م الن ب ش ك ل م ت ك ام ل ح ي ث إان ال ف ق ي ه ال ق ان وين ي سعى اإىل تطبيق القوانني والت أاكد من تفعيلها دون البحث حول مدى صالحية هذه القوانني واجل دوى من تطبيقها والذي هو يف الأ سا س دور الفال سفة لأن ال سيا سي بطبيعة احل ال ي ح اول ا ستغالل القوانني مل ص ال ح م ع ي ن ة ب ي ن م ا ي ك ون دور ال ف ي ل س وف ت ق دمي خدمات ا ست شارية واإر شادية ت ساعد على حتقيق ال سلم وعدم التفرد بال سلطة. يرى الكاتب ب أان كانط حظي بتجربة فل سفية وتاريخية وواقعية مهمة جدا فلقد ا ستطاع ت أاليف كتابي»نقد ال ع ق ل امل ح ض«و»ن ق د ال ع ق ل ال ع ل م ي«م س رت ش دا بتجارب من سبقوه مثل نيوتن وجاليليو وديكارت ويف الآن ذاته عا ش جتربة الثورة الفرن سية لتكون اختبارا حقيقيا ملحاولته الفل سفية نحو ال سلم الدائم حيث اإن الثورة بطبيعة احلال هي نوع من احلرب وتتمثل روؤية كانط يف الثورة باأن ع صيان ال شعب لل سلطة احلاكمة امل ستبدة هو اأمر م شروع لأنه ثورة ضد انتهاك حقوق ال شعب و إا س ق اط للطاغية ولكن يف الآن ذات ه ي شدد كانط على اأن الع صيان أاو ال ث ورة يجب األ حت دث اإل وفق شروط و ضوابط ت ساعد يف حتقيق الن صر وجتنب اخل ذلن لأن اخل ذلن تنجم عنه ك وارث ل تعد ول حت صى ب ل وي زي د م ن حجم ال ستبداد وه و م ا يوؤثر بطبيعة احل ال على ال سلم ويعتقد أاي ضا اأن الرجوع اإىل النظام املدين و سلطة الدولة لي س انتزاع ا للحرية الفردية بل انتزاع لنوع حمدد من احلرية يف الإن سان وهي احلرية املتوح شة واللجوء إاىل احلرية ال سليمة وال ت ي ب ال ت ايل ت رو ض ال ط ب اع الإن س ان ي ة واإن كانت القوانني املدنية ل تكفل احل ق الإن س اين فلي س على الفرد القيام بع صيان مدين وك سر القوانني لأن ه نوع من التهديد لل سلم العام ولكن له احل ق كل احل ق يف النقد وال شكوى م ن الظلم ال ذي يتعر ض ل ه ب سبب ال ق وان ني وي رى ك ان ط أاي ض ا يف إاط ار حتقيق ال سلم الداخلي باأن جميع اأفراد ال شعب هم اأع ضاء منت سبون للدولة يجب عليهم اتباع القوانني وحما سبتهم على اأي ع صيان اإل الرئي س فهو لي س ع ضوا يف الدولة بل هو فوق املحاكمة واملحا سبة وهو من يفر ض القوانني ولي س عليه أان ي ستجيب لأح د واإن قام عليه ع صيان نا صر احلارثي ي سعى الكاتب قي صر اجلليدي اإىل سرد عدد من التاأمالت حول ثنائية احلرب وال سلم من خالل درا سة الطبيعة الإن سانية وذلك يف مقاله املن شور يف جملة التفاهم الذي يتحدث حول»م شروع كانط لل سالم الدائم: الفل سفة والآثار«وهي حماولة لعر ض عدد من الت ساوؤلت يف هذه الق ضية التي شغلت بال عدد كبري من الفال سفة واملفكرين م سرت شدا بتاأمالت واقتبا سات من كتاب كانط»م شروع سلم دائم حماولة فل سفية«ولقد اأ شار الكاتب باأن املحاولة اجلريئة للفيل سوف الأملاين تعك س قلقا وجوديا عند الإن سان جتاه ثنائية احلرب وال سالم و سعيا م ستمرا لإيجاد سلم دائم لذا ل غرابة أان تكون رواية احلرب وال سالم ل أالديب الرو سي ليو تول ستوي يف القرن التا سع ع شر اأحد أاهم الأعمال الروائية يف الأدب العاملي. م دين ومت ت الإط اح ة ب ه فيتحول اإىل م واط ن ع ادي ع ل ي ه اأن ي ق وم ب واج ب ات ه وم س وؤول ي ات ه ول ي س عليه الن ق ل الب ع ل ى احل ك م جم ددا. وه ي ص ورة مثالية ير سمها الفيل سوف ع ن ح ال ة احل ك م يف داخ ل البلد وبعيدا ع ن الواقعية ال ت ي تفر ضها معطيات عديدة ومتباينة واأم ا يف اإط ار ال سلم ب ني ال دول ف اإن كانط يرف ض كل اأن واع الع ت داء قائال:»ل ي سوغ لأي دولة م ستقلة ) ص غ رت اأو ك ب ربت ف ه ذا ل ش اأن ل ه يف ه ذا امل ج ال( اأن ت ستحوذ على دول ة اأخ رى ل ب امل رياث ول باملبادلة ول بال شراء ول بالهبة«كما ا ستنكر كانط التحالفات العائلية يف اأوروبا وذلك حلماية ملكها من النهيار وا ش رتط ا ست شارة املواطنني حتى ل جتي ش ال دول ل صالح دول ة اأخ رى لأن ه ي وؤدي اإىل ا ستعمال املواطنني وكاأنهم اأ شياء ي سوغ ا ستخدامها وا ستثمارها ح سب الأهواء لذلك جند اأن ا ستعرا ض روؤ ساء الدول جليو شهم ومباهاتهم بها هو نوع من املخاطرة والعبث بالب شر واإدخالهم يف حروب ل صاأن لهم بها. اإن اإيجاد حتالف لل سالم بدل معاهدات ال صلح وخلق ميثاق الحت اد ب ني ال ش ع وب م ن اأه م ال و س ائ ل التي اق رتح ه ا ك ان ط لتحقيق س الم دائ م م درك ا يف الآن ذات ه وج ود حت دي ات و ص ع وب ات ل مي ك ن جت اه ل ه ا ت ت ع ل ق ب ال ف رق ب ي ني امل س وؤول ي ة ال ع اق ل ة وامل س وؤول ي ة امل ج ن ون ة وك ذل ك ك ي ل ال دول مب ك ي ال ني ح ي ث اإن ه ا ت سعى اإىل حتقيق ال س الم يف ب ل دان ه ا بينما مت ار س أانواعا من ال ستعمار والحتالل ضد ال شعوب الأخرى م ست شهدا ب الح ت الل الأوروب ي ل شرق اآ س ي ا والهند واإفريقيا وهي اإ شارة مهمة من الكاتب حول صعوبة حتقيق مبداأ ال سالم وذلك لرتباطه بنوازع شخ صية واأخالقية ل ذا نحن بحاجة إاىل نظام يحقق التناغم ال سيا سي الأخ الق ي وهما اأم ران منف صالن يف عدد من املمار سات ال سيا سية لأن املمار سات عادة تتجه اإىل الواقعية بغ ض النظر عن طبيعة الأدوات امل ستخدمة. m056058@gmail.com

4 4 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م مدنية الفارابي اأجمد سعيد يف املقالة البحثية املعنونة ب»امل صطلح املدين عند الفارابي ويف الفل سفة الإ سالمية«لالأ ستاذة منى اأحمد اأبو زيد واملن شورة يف جملة التفاهم مت تعريف املدنية وامل صطلح املدين على أانه ال شكل الأول الذي ميثل مفهوم املدينة والجتماع الإن ساين وقد ورد هذا امل صطلح باأ شكال وتعابري خمتلفة منها:»التدبري املدين«و«العلم املدين«و«ال سيا سة املدنية«وغريها مما حظى التعبري الأخري با ستخدام وا سع يف جمال ال سيا سة ومنوها. اإن من خ صائ ص املدنية التي من املمكن اأن ت شكل ن واة ه ذه الفل سفة الج ت م اع ي ة ه و اأن ه لب د من اتخاذ كافة ال ق رارات بالتعقل وال رتو ي مع ح ضور ك ام ل ل ل م ع رف ة امل و ض وع ي ة وه ذا يقت ضي ال ل ني وال رف ق وه ن ال ك م وا ض ع خم ت ل ف ة مت ام ا ك م ا يف ال سيا سة امل دن ي ة وخ ل ق ال ق وان ني للنا س ع ام ة مع اخ ت الف صفاتهم وم رات ب ه م الج ت م اع ي ة وي اأت ي ال ت دب ري امل دين يف ه ذه ال و ض ع ي ة ك و س ي ل ة خللق س ي ا س ة ل ل ج م ي ع ال ت ي ت ع ال ج امل ش ك الت ال ن اج م ة ع ن التفا ضل بينهم يف الأم ل الك وال ث رثوات ويقوم بعقلنة التناف س ويقلل من التحا سد ويدعم العدل والإن صاف. لقد اجتمع الفال سفة امل سلمون على اأن هذا التدبري املدين هو صورة م صغرة من التدبري الإلهي للكون وع ق دوا م ق ارن ة ب ني امل ج ال ني كما ع ق دوا مقارنة أاخ رى ب ي ني ن ظ ام امل دي ن ة وط ب ق ات ه ا م ع ال ن ف س الإن سانية وقواها واأهوائها وقد تو صلوا اإىل وجود ق ان ون كلي ع ام دائ م وث اب ت يحكم ك ل ال م ن الكون واملدينة والنف س فالنظام ال سيا سي يف املدينة له قانون كلي اإذا التزمته أاي مدينة حتولت اإىل مدينة فا ضلة كاملة وعادلة. فالعلم امل دين وعلم النف س وعلم الكون هي علوم مرتابطة بطريقة ما وبالتايل فالنظر يف أاحدها يعطي صورة للعلمني الآخرين. أام ا بخ صو ص ال ف اراب ي فهو مل يكن العامل الأول ال ذي ت ن اول ال سيا سة يف الفل سفة الإ س الم ي ة بل هناك من سبقه يف هذا املجال. بح سب الكتب املوؤرخة لذلك اأن الكندي هو أاول من قام بهذا العمل واألف اإح دى ع شرة ر سالة يف ال سيا سة والأخ الق وحلقه من بعده تلميذه ال سرخ سي وو ضع كتابا يف احل سبة ال صغرى واحل سبة الكربى و آاخر يف ال سيا سة. أاما يف ع صر الفارابي ومعا صريه فكان هناك اهتمام كبري باملباحث ال سيا سية والأخالقية وعلى سبيل ذكر بع ض من معا صريه جند هناك اأبا زيد اأحمد ب ن سهل البلخي ال ذي سلك يف م صنفاته طريق ال ف ال س ف ة واأل ف ك ت ب ا ع دي دة م ن ه ا:»ال س ي ا س ة ال صغري«و«ال سيا سة الكبري«ول نن سى أابا احل سن ال ع ام ري صاحب ك ت اب»ال س ع ادة والإ س ع اد«ال ذي خل ص فيه حماورة اجلمهورية لأفالطون. وع ل ى ال رغ م م ن ك ث رثة ال ب اح ث ني يف ع ل م التدبري امل دين وال س ي ا س ي ف اإن ال ف اراب ي ي اأت ي يف قمة الفال سفة امل سلمني الباحثني يف ه ذا امل ج ال الذي أاطلق عليه م صطلح العلم املدين اأو ال سيا سة املدنية فهو اأهم فيل سوف مدين يف الفل سفة الإ سالمية. وقد ق ام بتقدمي م وؤل ف ات ع دي دة يف ه ذا امل ج ال جمعت بني ال سيا سة والأخالق وال سعادة ورمبا ل نبالغ اإذا قلنا: إان فل سفة الفارابي يف أاغلبها تدور حول هذه املو ضوعات ال ث الث ة. وم ن اأه م ه ذه امل وؤل ف ات التي دارت حول العلم املدين: ال سيا سة املدنية واآراء اأهل املدينة الفا ضلة وحت صيل ال سعادة واإح صاء العلوم وامللة واأخريا ر سالة يف ال سيا سة. ارت ب ط ت الأخ ل الق ب ال س ي ا س ة ارت ب اط ا ع ض وي ا يف الفل سفة الإ سالمية و صار كالهما ين شد غاية واحدة تتمثل يف اإي ج اد الف ضيلة وال س ع ادة س واء اأك ان ت يف امل ج ال ال ف ردي الأخ الق ي اأم امل ج ال الجتماعي ال س ي ا س ي. ظ ل ت ه ذه ال س م ة غ ال ب ة ع ل ى ال ف ك ر ال سيا سي طوال الع صور الو سطى حيث مل ت ستقل ال سيا سة عن الأخالق وت صبح لها مفاهيمها املحددة وق وان ي ن ه ا امل خ ص و ص ة اإل ع ل ى ي د ت وم ا س هوبز وميكافيللي عندما ا ستقلت ال سيا سة عن الأخالق. فالإن سان من حيث فردانيته فهو كائن عاقل وهو كع ضو يف املجتمع»حيوان مدين«وم شكلة الإن سان ه ي م و ض وع ال ف ل س ف ة امل دن ي ة ال ت ي ت ن ش ط ر اإىل ق سمني ق سم يعالج سلوك الفرد وي سمى الفل سفة الإخالقية وق سم آاخ ر ي سمى الفل سفة ال سيا سية يعنى ب سلوك سكان املدينة. هذا الربط بني الأخالق وال سيا سة يعيدنا إاىل م صدرين اأ سا سيني: امل ص در الأول: ال دي ن ال ذي و ض ع جم م وع ة من الت شريعات املنظمة حلياة الإن سان يف حالته الفريدة والجتماعية بكافة جمالتها من خالل جمموعة م ن ال ق ي م الأخ الق ي ة وال ت ي دل ل عليها ال ر س ول الكرمي بقوله: اإمنا ب عثت لأمتم مكارم الأخالق. امل صدر الثاين: الفل سفة اليونانية التي دارت حول مفهوم ال سعادة وقامت على الف ضيلة وجمعت بني الأخ الق وال سيا سة فكانت الف ضيلة حمور فل سفة سقراط القائل: اإن املعرفة ف ضيلة واجلهل رذيلة مرورا ب أافالطون وحماوراته التي دار معظمها حول فكرة اأخالقية اأو سيا سية و صول اإىل اأر سطو الذي عد كتابه»الأخالق اإىل نيقوماخو س«مقدمة لكتاب ال سيا سة. وقد تاأثر الفال سفة امل سلمون بالجتاه الذي يربط بني الأخالق وال سيا سة متاأثرين يف ذلك بامل صدرين ال س اب ق ني وظ ه ر ه ذا ال رب ط ج ل ي ا ع ن د ال ف اراب ي وغ ريه م ن فال سفة الإ س الم فقد ق سم الفل سفة املدنية اإىل ق سمني: اأحدهما يح صل العلم والثاين ال ع م ل. الأول ي س م ى الأخ ل الق وال ث اين ي سمى الفل سفة ال سيا سية. وق د س ع ى ال ف ال س ف ة امل س ل م ون إاىل ال ت وف ي ق بني الفل سفة والدين ف راأوا اأن الغاية التي ت سعى إاليها ال ف ل س ف ة ل ت خ ت ل ف ع ن ال غ اي ة ال ت ي ي س ع ى إال ي ه ا الدين فكالهما يقدم احلقيقة وكالهما يهدف اإىل سعادة الإن سان واملدينة ولكنهما اختلفا فقط يف طرق الو صول إاىل هذه احلقيقة اأحدهما و صل اإليها عن طريق العقل والآخ ر عن طريق الدين اأحدهما عن طريق الربهان والآخر عن طريق احلكمة والإر شاد والق ص ص واملوعظة. وت صبح املدينة سعيدة عندما حتكمها ط ب ق ة احل ك م اء ال ع ل م اء امل ل م ني ب امل ع رف ة معرفة النظام ال سيا سي وقوانينه ومعرفة العلوم واحلقيقة اإذا كانت هناك حقيقة م شرتكة بالفعل. amjdsaeed01@outlook.com

5 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م 5 مالمح عامة لعلم الكالم يف الرتاث الإبا ضي املغاربي فاطمة نا صر الآتي عر ضه هنا مقال حممد ال شيخ املن شور يف جملة التفاهم )من ماآثر علم الكالم الإبا ضي ب شمال أافريقيا- نظرة إاجمالية( والذي يتناول عر ضا عاما وافيا لهذا العلم وكيفية تناول الإبا ضية املغاربة له. وتتجلى أاهمية هذا املقال يف ندرة املادة املتوفرة حول عالقة الإبا ضية بعلم الكالم وقلة ما يعرفه العامة عن تراث هذا العلم يف املذهب الإبا ضي. وقبل اأن ن شرع يف عر ض املو ضوع سوف أابداأ بتعريف علم الكالم واأتبعه ب أابرز مالمح و سمات هذا العلم يف الرتاث الإبا ضي ب شمال اأفريقيا. اأول : ما هو علم الكالم لعلم الكالم اأ سماء عدة أابرزها: علم التوحيد وعلم اأ صول الدين وعلم الفقه الأكرب وعلم أا صول ال سنة وعلم الإميان وعلم الأ سماء وال صفات. وقد أاورد ال شهر ستاين يف كتابه )امللل والنحل( :»ومن املعلوم أان الدين اإذا كان منق سما اإىل معرفة وطاعة واملعرفة اأ صل والطاعة ف رع فمن تكلم يف املعرفة والتوحيد كان أا صوليا وم ن تكلم يف الطاعة وال شريعة ك ان فروعيا والأ ص ول هو مو ضوع علم الكالم والفروع هو مو ضوع علم الفقه«. تعريف ابن خلدون: «الكالم علم يت ضمن احلجاج عن العقائد الإميانية بالأدلة العقلية والرد على املبتدعة املنحرفني يف العتقادات عن مذاهب ال سلف واأهل ال سنة«. أام ا ال ف اراب ي ف ي ع رف ه يف ك ت اب ه )ح ص ر ال ع ل وم( ب الآت ي :» صناعة الكالم ملكة يقتدر بها الإن سان على ن صرة الآراء والأف ع ال امل ح دودة ال ت ي ص ر ح ب ه ا وا ض ع امل ل ة وت زي ي ف ما خالفها بالأقاويل«. ومبقارنة هذه التعاريف ببع ضها ميكننا القول اإن هذا العلم أاب رز ما مييزه أان ه علم يعتمد على احلجاج العقلي وعر ض الأدلة لن صرة اآراء مذهب معني وهو يتناول الأمور املتعلقة بالأ صول وهي العقائد الإميانية. وهذا احلجاج لبد له من خ صم وخم ال ف يف وج ه ة ال ن ظ ر. ونلم س م ن ت ع ري ف اب ن خ ل دون اأع ل اله طبيعة ه ذا اخل ل الف ف ق ول ه» اإن علم الكالم هدفه الرد على املبتدعة املنحرفني يف العتقادات عن مذاهب ال س ن ة واأه ل ال س ل ف«ي و ض ح اأن ع ل م ال ك الم مي ث ل م ب ارزة كالمية وحربا عقلية بني أان صار املذاهب املختلفة. وهناك الكثري من التعاريف وال شروحات عن هذا العلم وما أاوردت ه هنا لي س سوى من اذج ب سيطة ال ه دف منها تب سيط معناه اأمام القارئ لي سهل عليه فهم احلديث القادم. علم الكالم الإبا ضي واأ سباب ندرة ح ضوره: يعزو الأ ستاذ حممد ال شيخ اأ سباب ن درة ح ضور علم الكالم الإبا ضي اإىل سببني يتحدث عنها كعلمني مزدوجني اأحدهما عام وه و: اأن علم الكالم الإبا ضي طاله ما طال علم الكالم عامة من الإهمال يف حتقيق ن صو صه و إاهمال من در سها ومن تخ ص ص فيها. اأما الآخ ر اخلا ص فيتلخ ص يف ندرة تدوين هذا العلم من قبل الإبا ضيني رغم كرثة تدوينهم يف العلوم الأخ رى وال سبب الآخ ر وهو الأك رث ت أاثريا يف نظري ت شدد بع ض علماء الإبا ضية كما قال الكاتب - صاأنهم صاأن الكثري من علماء ال سنة - يف النهي عن الطالع على كتب امل خالفني من املذاهب املختلفة وهو ال شرط الالزم ملمار سة علم الكالم. واأبرز من قال يف ذلك: ١- ال شيخ أابو الربيع سليمان بن يخلف النفطي القاب سي من علماء القرن اخلام س الذي ت شدد يف النهي عن مطالعة كتب املخالفني خ شية الفتنة والختالف. ٢- ال شيخ عبداهلل بن عي سى الو سياين وله نف س توجه ال شيخ أابي الربيع وكان من املعا صرين له. وي ضيف الكاتب سببا - مل يقنعني شخ صيا - ومفاده صعوبة علم ال ك الم ووع ورة م اأخ ذه ول ع ل ه ذا م ا جعل الكثري من العلماء يتوجهون إاىل علم الفروع وال شريعة كونه الأي سر. و س ب ب ع دم اق ت ن اع ي ب ه ذا ال ق ول اأن ال ع ل م اء الإب ا ض ي ة ل تنق صهم القدرة العقلية يف الرد على خم الفيهم بل اإن تراثهم يعك س ج دارت ه م العقلية وامل ع رف ي ة فعلم ال ك الم صعوبته عامة للعامل الإبا ضي وغري الإبا ضي ول اأراه سببا من اأ سباب ندرة تداول العلم بينهم. وقد اأورد الكاتب كرثة اآثار الإبا ضية يف فروع العلم املختلفة من: فقه و أا صول وحديث وندرة كتبهم يف علم الكالم والت صوف. ويف املجمل كان الإبا ضية مقلني يف الت أاليف مقارنة بغريهم من امل ذاه ب مما دع ا العالمة نور الدين ال ساملي إاىل الرد مبقالة ( يف كرثة كتب الإبا ضية(. ول اأرى اأن ذلك الدع اء ي ستدعي ال رد والدفاع فكتب الإبا ضية ك ث رية باملقارنة ب ع دده م. ف أاع داد الإب ا ض ي ة أاق ل بكثري من أاع داد املنتمني إاىل امل ذاه ب الإ سالمية الأخ رى ولي س من املن صف مطالبتهم باأن يكون اإنتاجهم أاكرث من غريهم. أابرز مالمح علم الكالم الإبا ضي ب شمال إافريقيا: لعل أابرز مالمح هذا العلم لدى الإبا ضية أانه : كالم م ن ف ى وعلم اأق ل ي ة وعلم ك تمان حم صور به على أاهله حمروم منه غريهم. وقد ظهر تارة وخفت ح سب الو ضع ال سيا سي. ومن الغريب أان علم الكالم ازده ر - كما يرجح الكاتب - يف عهد الكمون ولي س يف عهد ظهور الدولة الر ستمية التي دامت ما يقارب قرنا ون صف والتي ت صنف ب أانها الدولة الوحيدة التي جنح يف تاأ سي سها الإبا ضية ب شمال إافريقيا. مرحلة الظهور وعلم الكالم : مل ي ك ن ع ل م ال ك الم م ن ب وذا يف ع ه د ال دول ة الر ستمية ويف ذل ك ي ق ول أاب و زك ري ا ال وارج الين يف كتابه )ك ت اب ال سرية و أاخ ب ار الأئ م ة(:»وك ان ب ي ت ال ر س ت م ي ني ب ي ت ال ع ل م يف جميع فنونه ومن الأ صول والفقه والتفا سري وفنون الرد على املخالفني وع ل م اخ ت الف ال ن ا س وع ل م النحو واللغة والإع راب والف صاحة وع ل م ال ن ج وم( وك ذل ك م ا ذك ره ابن ال صغري - م وؤرخ الدولة الر ستمية- يف كتابه )اأخبار الأئمة الر ستميني( عن رجل يدعى حممود بن بكر كان يدافع عن الإبا ضية «ي ذب عن بي ضتهم وي داف ع عن دينهم وي رد على الفرق يف مقالتهم ويوؤلف الكتب يف ال رد على خمالفهم«. ومن اأبرز علماء هذا العهد: ١ -عي سى بن علقمة امل صري. اأبرز اآرائه الكالمية: اأن اأ سماء اهلل خملوقة واأن صفاته حمدثة. ٢- مهدي النفو سي الويغوي. له كتاب بالرببرية للرد يف الرد على الفرقة النفاثية وزعيمها. ٣- اخلليفة حممد ب ن اأف ل ح. اأب رز م ؤولفاته : ( ر س ال ة اإىل امل سلمني يف الرد على من ل يقول بخلق القراآن( مرحلة الكتمان وعلم الكالم: مت ت از ه ذه امل رح ل ة ب و ض وح ع ل م ال ك الم ور س وخ ه وت داول احل دي ث فيه يف بع ض الأح ي ان ب ني اخلا صة وع ام ة النا س وظ ه ور املجال س واحل ل ق ات ال ت ي ي ت داول فيها. اإل اأن ه من املثري اأن نعلم اأن اأبرز علمائه كاأبي الربيع سليمان بن يخلف النفطي القاب سي ك ان شديدا على من يقراأ كتب املخالفني خمافة الفتنة والف رقة. ويعزو الكاتب اإحياء هذا العلم اإىل اأمرين: ١- ش أان داخ ل ي: الن شقاقات الداخلية حيث انق سموا فيما بينهم إاىل: وهبية ونكارية وغريها. ٢- ص أان خارجي: الختالف املذهبي من حولهم من وا صلية و صفرية و شيعية وعبيدية واحل شوية املالكية. وكان اأئمة الإبا ضية يدعون من قبل ال سالطني للتناظر مع خمالفيهم. اأما اأبرز علماء هذه املرحلة فهما: ١- أابو عمار عبد الكايف. ٢- اأبو يعقوب الوارجالين. f_wahaibi@hotmail.com

6 6 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م اإ سقاطات مفهوم احلرية على الإ سالم حممد ال شحي يف ظل الوعي بانقالب موازين القوى العاملية و صعود مفاهيم القوى العظمى املنت صرة الغربية بالتحديد وا ستمرارها يف التنامي وازدياد رقعة معتنقي اأفكارها املوؤ س سة لهذا التقدم العلمي وال صناعي تطفو على ال سطح اإ شكالت هي من قبيل امل سل م بها عند الأمم املنت صرة ويعد احلديث عنها ضربا من اجرتار املا ضي كمن يتحدث يف جمال علم الفلك مثال يف القرن الواحد والع شرين عن دوران الأر ض حول ال شم س ل العك س. يطالعنا الكاتب الع ماين عبداهلل العليان يف مقاله املعنون ب«الإ سالم وم ص أالة احلرية يف خياراتها املتعددة«-واملن شور يف جملة»التفاهم«- عن اإ شكالية قدمية متجددة فيما يبدو يف الفكر العربي الإ سالمي: اإ شكالية اجلمع بني احلرية الفردية وكونه - أاي الفرد- من ضويا حتت مظلة الإ سالم. ي ق ر ال ع ل ي ان ب اأن ف ك رة احل ري ة م ن اأك ث رث الأف ك ار اهتماما وت أا صيال منذ فجر التاريخ و«قد كافح الإن سان ونا ضل عرب التاريخ ل ستعادة حريته«. وهنا اأقف لأ ستو ضح نقطة ميكننا إاث ارت ه ا خ ا ص ة أان ن ا يف س ي اق احل دي ث ع ن احل ري ة ضمن املنظومة الدينية أاعني نقطة: هل احلرية حق أا صيل اأم هي حق مكت سب ي فا ض عليه ب ه. يبدو يل من خ الل ا ستعمال الكاتب تعبري»ا ستعادة حريته«أان ه مييل إاىل ال راأي الأول ال ذي يقول ب أان احلرية حق أا صيل س لب الإن سان اإي اه وهو ي سعى منذ ذلك احلني اإىل ا ستعادته ممن سلبوه اإياه. لكننا عند اإكمال اجلملة التي تليها يت ضح اأن الكاتب يعني باحلرية تلك احل ال ة املناق ضة للعبودية وال س ت غ الل وال س رتق اق. وبذلك ي ضيق مفهوم كبري لي صبح رهنا لتعريفنا للعبودية وال ستغالل التي قد تختلف باختالف وجهات النظر اإليها وه ذا م ا ات ضح جليا عند ا س ت دلل ه لتعريف احل ري ة بابن تيمية باأنها العبودية اخلال صة هلل. إان ال ن اظ ر يف ح ال الإ س ل الم ق دمي ا وح دي ث ا ل ي ق ف ب اإزاء اإ ش ك ال ي ة ض ارب ة ج ذوره ا يف الأ س ا س ال ذي أاق ي م م ن ذ ب دء ال دع وة الإ س الم ي ة م رورا ب امل ن اه ج ال ت ف س ريي ة املختلفة لن صو ص هذا الدين فيما يعرف باملذاهب العقدية والفقهية وان ت ه اء ب ال ق راءات ال ت أاوي ل ي ة احل دي ث ة ال ت ي ت روم اإ ض ف اء صبغة حداثوية على الإ س الم. اأعني بتلك الإ شكالية امل شار اإليها احلالة الزدواج ي ة التي تتمتع بها الن صو ص الدينية الإ سالمية ما بني داعية إاىل حرية العتقاد والدين ومقي دة لهذه احلرية نافية لها. لعل املنبع الذي ول د هذه الزدواجية و صري ها ظاهرة للعيان ه و الن ب ت ات ال ذي ح صل م ا ب ني تلك الن صو ص وظروفها التاريخية والج ت م اع ي ة ففي حم اول ة تعميم الن صو ص و صبغها ب صبغة امل ث ل واحل ك م ة ضاعت احلقيقة املوؤ س سة. فقد ا ستدل العليان بقولة لعمر بن اخلطاب:»متى ا ستعبدمت النا س وق د ولدتهم أامهاتهم اأح رارا«غافال عن الإ سقاط ال ذي أاح دث ه على مفهوم احلرية من خ الل ا ستدلله بهذا الن ص. فاحلرية التي نعرفها اليوم لي ست احلرية التي عناها عمر بن اخلطاب يف ق صة امل صري ال ذي ض رب من قبل ابن وايل م صر لأنه فاز يف سباق اخليل يف ا ستبداد وا ضح و صارخ وا ستغالل ال سلطة لرتهيب النا س. فجاءت احلرية املنطلقة من فم عمر بن اخلطاب م شرية اإىل نقي ض ال ستعباد وهو املفهوم ذاته الذي عرفه العربي من قبل الإ سالم فيما يعرف باجلاهلية. فالإن سان العربي مل يكن ير ضى بعبودية كهذه ويف ضل اأن يعي ش عي شة ال وح و ش مت صعلكا منقطعا عن الديار مقابل األ يعي ش رهن اأهواء ال سلطة. اأم ا ا ستدلل الكاتب ب اآي ة «أاف اأن ت تكره النا س حتى يكونوا م ؤوم ن ني«فمعنى الإك راه سلب احل ري ة ل ك ن ل ه ا ظ روف ا خمتلفة ل توؤ س س ملبداأ احلرية كما ي روم الكاتب يف املقال خا صة إاذا ما نظرنا يف عموم الآيات القراآنية وقدمنا قراءة تت سق مع جممل ما أاتى يف القر آان بخ صو ص الإميان والكفر وبالتايل اجلنة وال ن ار. فاحلرية املق صودة هنا ه ي احلرية التي تتفق والإرادة العليا الإلهية تلك الإرادة التي اأخذت على نف سها العهد مبلء جهنم من اجل نة والنا س فكيف ستكون احلال لو آامن جميع من يف الأر ض عندئذ لن متتلئ جهنم وعليه ف إان اخلطاب القراآين مل يجئ لتاأ سي س مبداأ احلرية ب ق در م ا ج اء لتثبيت مفهوم الق ضاء وال ق در ال ذي تدعمه الآية التي تليها»وما كان لنف س أان توؤمن إال ب إاذن اهلل«. فهي ح ري ة لي ست حقيقية ب ل م وج ه ة وم سي سة م ن قبل اإرادة عليا قادرة مطلقة القدرة وهي حرية ت أاتي لتكري س مفاهيم أاخرى كاجلنة والنار والنعيم والعذاب. عطف الكاتب على مفهوم احلرية يف الإ س الم بحديثه عن جتليات ه ذا املفهوم من خ الل مقاربة ع دد من التطبيقات التي ت شي ب أا صالة احلرية يف الفكر الإ سالمي وتدع م دعوى وجود هذه القيمة الإن سانية العظيمة. واأول ما طرح الكاتب م ث ال ع ل ى ذل ك م س أال ة ح ري ة امل ع ت ق د وب ن ى ال ع ل ي ان على مفهوم احل ري ة ب اأن ه ا مم ار س ة الإن س ان خل ي ارات ه وم رادات ه دون إاك راه مقر ا ب اأن الإ س الم ال ذي هو دي ن الفطرة يحمي يف الإن س ان حريته واخ ت ي اره. وا س ت دل على ذل ك بالواقعة التاريخية التي عانى فيها امل سلمون يف فرتة مكوثهم يف مكة م ست ضعفني منادين بحرية العتقاد وال دي ن حتى ا ستقر لهم الأم ر يف النهاية واأ ض اف ب اأن امل سلمني اع رتف وا بهذا احلق كامال لأ صحاب العقائد الأخرى. كم يكون سهال اأن تنا شد بحرية املعتقد والدين على امل ستوى التنظريي البحت عندما ت ك ون جم ردا م ن سلطة تعطيك صبغة ال شرعية الواقعية فتبدو كل مقالتك مثالية وخالية من الت شنج والعدائية لالآخر املختلف والذي قد يكون سببا يف الق ضاء على بذرة فكرتك )يف هذه احلالة هي الإ سالم(. على أان الن صو ص القر آانية مل تخل من ازدراء الأدي ان الأخ رى ل سيما الوثنية فمعتنقوها جن س و أاحيانا هم كالأنعام بل اأ ضل سبيال. و إان كان جانب من كالم الكاتب صحيحا فيما يتعلق بالديانتني اليهودية وامل سيحية فاإن مرجع ذلك لكون ثالثتهم ي ستقون من منبع واحد أاو هكذا يدعي امل سلمون ول ي شاركم يف ذلك امل سيحيون ف ضال عن عدم اع رتاف اليهودية بهما كليهما. فهذه الأدي ان -من وجهة نظر الإ سالم- اأدي ان سماوية لها كتب هي مبثابة كلمات ال رب كما اأن اأنبياءها ينت سلون من ن سل واح د. وب ال ت ايل ف إان الإل غ اء الكلي لهاتني الديانتني يجعل الإ سالم يف م أازق وجودي. وعندما نهى القر آان عن سب الذين يدعون من دون اهلل يف دعوة صريحة لحرتام الآخر وتقبل اختالفه ف إانه علل ذلك برباجماتية وا ض ح ة»في سبوا اهلل ع دوا بغري ع ل م«. الأم ر ال ذي يجعلنا ن رتدد قبل قبول فكرة اأن الإ سالم فر ض على اجلماعات الدينية اأن حترتم بع ضها بع ضا. أام ا ظ اه رة ح روب ال ردة وم ا ان ب ن ت ع ل ي ه م ن ح د ال ردة واحلرابة فقد التف الكاتب عند احلديث عنها على احلقائق التاريخية م ستعينا ببع ض املفكرين الذين قدموا ق راءات تاأويلية ح داث وي ة ل الإ س الم. ف ح روب ال ردة إامن ا ك ان ت على اأولئك الذين شك لوا خروجا على قانون الدولة و أاخل وا بالأمن العام لها. لعمري كيف ي سيغ تقب ل هذه الفكرة ونحن نعلم ب اأن أاب ا ب ك ر ح م ل ال سيف ع ل ى ك ل م ن م ن ع ال زك اة وال ذي نفرت ض أان ه حرية سلوكية اختارها م ن اخ ت اره ا وبالتايل ف اإن ح روب ال ردة اإك راه و سلب حلرية الإن سان اعتمادا على التعريف الذي قدمه العليان نف سه يف املقال. اإل اأن الكاتب يقارب تلك امل صاألة مقاربة اأخ رى يقول باأن دول ة الإ س الم يف تلك ال ف رتة كانت تقود ح روب ا ضد ال روم وم ش رك ي ال ع رب وع ل ي ه ي ع د م ان ع ال زك اة خ ائ ن ا للوطن ومتواطئا م ع ال ع دو زم ن احل رب. م ن ال وا ض ح اأن العليان يرى احلرية من منظور مفارق للمنظور احلديث املوؤ س س له اأعني املنظور الذي تبلور فيما بعد الثورة الفرن سية وا ستقام ع وده بعد احل رب الكونية الثانية وه و اأن حرية الفرد حق اأ صيل كامل الأ صالة للفرد ول تتوقف هذه احلرية يف سبيل اجلماعة فالفرد من اأجل الفرد ل من أاجل اجلماعة بل اإن اجلماعة هي من تكون من اأجل الفرد. وبذلك ل ن ستغرب اأن ي رى الكاتب اخليانة العظمى لفرد اأو قبيلة ارت اأت موقفا خمالفا باإرادة تامة. وختاما.. إان احلديث عن مفهوم احلرية باملعنى الذي طرحه الكاتب لهو حديث مدعاة اإىل املفارقة التاريخية والعقلية فالأديان -ل سيما الإبراهيمية- تقوم على ال ست سالم املطلق يف كثري من النواحي. Alshehhim@hotmail.com

7 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م 7 الإ سالم كمرجع للت رشيع.. بني التطبيق احل ريف وروح القوانني اأ سماء القطيبية يطرح ف ضل اهلل حممد اإ سماعيل اأ ستاذ فل سفة ال سيا سة يف مقاله»روح القوانني يف الت شريع الإ سالمي«-واملن شور مبجلة»التفاهم«- جمموعة من الأ سئلة حول مدى مالءمة الت شريع الإ سالمي للتطبيق يف ع صرنا احل ايل وعن مدى إالزامية تطبيق الن صو ص ال واردة بهذا ال صاأن يف القراآن وال سنة كما اأنه يطرح ت ساوؤلته حول إامكانية تطبيق احلدود الواردة يف الن صو ص يف الع صر احلديث. لكننا قبل اأن ن ستفي ض مع الأ ستاذ ف ضل اهلل يف طرح مزيد من الأ سئلة لبد اأن نحدد ما املق صود بالت شريع الإ سالمي الذي يدور الت ساوؤل حوله.. اإن الإ سالم عندما جاء مل يكن فقط كتابا منزل ومل ياأت به نبي م رتهب بل كان منهج حياة عا ش من خالله الر سول و صحابته الكرام سنوات طويلة حتركوا به وطبقوا اأحكامه وقوانينه فازدهرت الأمة وبلغ صيتها الطيب أاقا صي الأر ض ونع م من عا ش حتت ظل الدولة الإ سالمية بالعدل والرفاه. وكان من ضمن ما طبقوه يف منهج حياتهم الت شريعات والأحكام الواردة يف القراآن والتي أامر بها الر سول الكرمي ومن أاكرثها و ضوحا: احلدود مثل: حد الزنا وال سرقة والقتل وتلك الأحكام املتعلقة باحلقوق مثل املرياث وحق اليتيم. فمثل هذه القوانني والأحكام تندرج حتت م سمى»الت شريع الإ سالمي«كونها اأتت مبجيئه وطبقت لأجله. وم ن ذ أال ف و أارب ع م ائ ة س ن ة اإىل الآن ط راأ على املجتمعات التي يدين اأ صحابها بالإ سالم تغيريات كثرية ب داأت من اأنظمة احلكم ومل تنته بطريقة ال ع ي ش ال ت ي ل ت ش ب ه ال ط ري ق ة ال ت ي ع ا ش بها ال ر س ول و ص ح اب ت ه. وه ن ا ظ ه ر ال ع دي د م ن الإ ش ك ال ي ات ح ول تطبيق ال ت ش ري ع ات ال دي ن ي ة فانربى املت شددون يتوعدون النا س عن احلياد عن نهج ال سلف ال صالح يف الت شريع وهو ما اأوقع النا س يف حرج وم شقة كبرية وهناك من دعا إاىل اعتبار الت شريع الإ سالمي ت شريعا قدميا انتهت منفعته بانتهاء الع صر الذهبي لالإ سالم وعلى املجتمعات الآن أان جت د ل ه ا ت ش ري ع ات تتما شى وم ت غ ريات الع صر. وب ني ه ذا وذاك ظهر م ا ي سمى ب»روح الت شريع«وهو ما تناوله الأ ستاذ ف ضل اهلل حممد يف مقاله سالف ال ذك ر مو ضحا إاي اه باأمثلة من القراآن وال سنة وحياة ال صحابة والتابعني حيث اإن املق صود بهذا امل صطلح هو فهم املغزى واحلكمة م ن ك ل ت ش ري ع ث م ال ع م ل مب ا ي ح ق ق مق صده فلي س املهم من الت شريع هو تطبيقه واإمنا الغاية التي تتحقق من وراء تطبيقه. وعطفا على هذا ف اإن املتاأم ل يف القراآن يجد اأن ه اأت ى بقواعد عامة راع ى فيها امل رون ة والرخ صة والتخفيف وحتى تلك الأحكام التي ذكرتها ن صو ص القراآن صراحة فقد بدلت وحولت وحتى األغي تطبيق بع ضها يف زم ن ال صحابة وذل ك دليل على فهمهم العميق للدين ومقا صده وعلى فهمهم لقاعدة»ل ضرر ول ضرار«التي حترك بها النبي طوال حياته بني ظهرانيهم ومن اأبرز الأمثلة على ذلك نهي عمر بن اخلطاب أا صحابه عن قطع يد ال سارق يف عام املجاعة وت أاخ ريه أاخ ذ الزكاة التي بلغت ن صابها من بع ض القبائل حتى تتح سن اأحوالها وامتناع سيدنا عثمان بن عفان عن اأخذ الق صا ص من ابن سيدنا عمر بن اخلطاب الذي قتل ابنة اأبي لوؤلوؤة امل ج و س ي ث أارا ودف ع ه ل ل دي ة م ن م ال ه اخل ا ص. و سار على نهجهم التابعون الأخ ي ار ومنهم عمر بن عبدالعزيز الذي وجد اأنه اأمام م سائل جديدة مل يتعر ض لها الر سول و صحابته مثل: الر سوم اجلمركية للموانئ فقام مبعاجلتها وفقا لفهمه لروح الت شريع ومقا صده التي جتعل من امل صلحة العامة فوق كل اعتبار. ورغم اتفاقي مع الكاتب يف الأمثلة التي ذكرها اإل أانني اأعتقد اأنه وقع يف مقارنة مغلوطة حني قارن ب ني ن ظ ام ال ش ورى يف الإ س ل الم وال دمي ق راط ي ة ح ي ث ذك ر ف ي م ا م ع ن اه أان ال دمي ق راط ي ة واإن كانت ت شجع على حكم ال شعب ف إانها ت ضيق عند التطبيق لأن ه ا ت دف ع ال ن ا س دف ع ا ع رب حمالت اإع الم ي ة إاىل الت صويت لأ ش خ ا ص يتحكمون يف م صريهم وفقا لأهوائهم وم صاحلهم ال شخ صية بينما ذك ر أان ال شورى مت إاق راره ا دينيا لكن مل يتطرق ال دي ن لطريقتها وكيفيتها لأن ه ا تتغري بتغري املكان والزمان. ووجه املغالطة بالن سبة يل اأن الكاتب يقارن بني مبداأ ونظام والدميقراطية كنظام تطبق م ب داأ ال ش ورى وه و اأحقية ال شعب يف اختيار من ميثلهم ولكن ما يحدث -ولب د له من احل دوث يف املجتمعات الب شرية- اأن الختيار يقع على الأ شخا ص غ ري املنا سبني اأو اأن شهوة ال سلطة واملال جتعل من بع ض امل ختارين ينحازون مل صاحلهم ال شخ صية مبا ي ضر م صالح امل صوتني لهم. وعموما فالأنظمة نف سها يف تبدل وحتول بغية الو صول اإىل نظام يحقق العدالة الجتماعية. ي ق ول ع ل ي ش ري ع ت ي: «إان ال دي ن ال ذي ل ينفع للدنيا فهو غ ري ن اف ع ل الآخ رة أاي ض ا«وح ي ث اإن ال ق راآن ه و اآخ ر الكتب ال س م اوي ة فبالطبع هو مرجع امل سلمني منذ وفاة النبي اإىل قيام ال ساعة واإنه ملن املوؤ سف اأن نرى من علماء الدين من عطل عقله -رغم نهي القر آان عن ذلك- واكتفى بتطبيق الن صو ص بظاهرها لق صور فهمه للدين ال ذي جعله اهلل رح م ة للعاملني وه و م ا ول د يف النا س اخلوف من الوقوع يف التجاوزات والذي يت ضح يف صوؤالهم عن اأب سط الأحكام الدينية وتطبيقاتها ك م ا اأخ رج ه ذا ال ف ه م احل ريف ل الأح ك ام الدينية جماعة من املتطرفني الذين يظنون اأنهم يطبقون الدين بينما هم أابعد ما يكون عن روحه. ولو كان الدين هو ما يدعونه لكان ال صحابة الكرام هم اأول من طبقه ولكنه اأعظم من أان يكون ح دا ملزما اأو قانونا شاقا اإمنا هو دين املبادئ ال سامية التي و ض عت لينطلق منها امل سلم مبا يحقق له ولغريه املنفعة. asmaalqutibi@gmail.com

8 8 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م التاأثري الإ سالمي يف رشق اإفريقيا سلطان املكتومي اإن بداية العالقات الإفريقية مع امل سلمني كانت يف القرن ال سابع امليالدي التي من خاللها بداأت الهجرات اإىل شرق اإفريقيا ب سبب عدة عوامل موؤثرة كان اأ سا سها ظهور الإ سالم يف جزيرة العرب وهروب امل سلمني اجلدد من ال ضطهاد الداخلي من قبائل قري ش مبكة املكرمة والجتاه اإىل احلب شة )اإثيوبيا( مما خلق نوعا اآخر من الحتكاك العربي الإ سالمي وعزز مكانة العرب امل سلمني يف تلك املنطقة لذلك يعد الإ سالم بداية ل صفحة جديدة من تاريخ العالقات بني العرب واحلب شة )اإثيوبيا( يف شرق اإفريقيا. كما اأن التوجه بالهجرة اإىل احلب شة مل يكن ع شوائيا و إامنا كان ثمرة للعالقات التجارية ال سابقة بني جتارة قري ش واحلب شة وقد كتب الكاتب مو سى بن خمي س البو سعيدي على صفحات جملة»التفاهم«يف مقالة عن»تاأ سي س املدن الإ سالمية يف شرق اإفريقيا«ليوؤكد الدور البارز للم سلمني يف تاأ سي س املدن وازدهارها يف اإفريقيا وكيف اأن الع مانيني كان لهم دور كبري يف ن شر الإ سالم وتطور املدن الإفريقية على سواعدهم من خالل التجارة ومن بعدها العالقات الجتماعية بينهم. انت شر خرب النبي - صلى اهلل عليه و سلم- اإىل احلب شة عن طريق التجار وقيامه - صلى اهلل عليه و سلم- يف سنة 614 م باإر سال وفد اإىل احلب شة وا ستغرقت رحلة هذا الوفد حوايل اأربعة اأ شهر مكث منها الوفد فرتة كافية باحلب شة ثم عاد اإىل مكة وحت س س النبي صلى اهلل عليه و سلم من خالل ذلك على مقدرة النجا شي على حماية امل سلمني فقال:»لو خرجتم اإىل اأر ض احلب شة فاإن بها ملكا ل يظلم عنده اأحد وهي اأر ض صدق حتى يجعل اهلل لكم فرجا مما اأنتم فيه«. فتمت هجرة امل سلمني عن طريق مركبني يف البحر الأحمر نقالهم اإىل احلب شة يف العام نف سه وكان عددهم 132 نفرا. حدثت اللتحامات الفكرية والعقدية بني امل سلمني وبني من قدموا من مكة من غري امل سلمني وكان هذا اأمام النجا شي بق صد حماولة الوقيعة بينهم وبني النجا شي اإل أان العر ض الذي قام به جعفر بن أابي طالب لق ضية الإ سالم اأقنع النجا شي مبوقف الإ سالم. بعدها تقوت العالقات بني امل سلمني وبني النجا شي بحكم عدة اأحداث منها صلح احلديبية واإر سال النبي - صلى اهلل عليه و سلم- الهدايا للنجا شي. ات سمت العالقات بعدها بني امل سلمني واملجتمع احلب شي بالود والحرتام املتبادل. واأ شار الكاتب اإىل ا ضطراب احلال -ب سبب اخلالفات التي ن صاأت بني الأمويني ثم العبا سيني وخ صومهم ومناف سيهم- ف إان كثريا من العرب امل سلمني لذوا باأنف سهم واأفكارهم متجهني اإىل ال شواطئ العربية والإفريقية حيث كرثت ال ضطهادات ضد املعار ضة للولة الأمويني يف بلدان اجلزيرة العربية وهو اأحد الأ سباب الأولية لبداية الت صال العماين الإ سالمي ب شرق إافريقيا. يف القرنني الأول والثاين الهجريني اتخذت هجرات العرب وخا صة العمانيني اإىل سواحل اإفريقيا شكال جماعيا ومن اأمثلة ذلك هجرة الأخوين سعيد و سليمان ابني عباد بن عبد بن اجللندى ملوك عمان وقتذاك وا ستقروا يف اأرخبيل جزر موفيه ولمور بال ساحل الكيني وكونوا دولة اإ سالمية و صارت تلك املنطقة مركزا هاما بال ساحل ال شرقي الإفريقي. واأكمل الكاتب اأن بع ض املوؤرخني يرون اأن العنا صر العمانية كان لها وجود فعلي يف شرق اإفريقيا منذ القرن الأول امليالدي. وقد ذكر الدكتور نايف ال سهيل هذا الوجود البارز يف شرق إافريقيا حيث قال: كان الوجود العماين أاكرب كثافة و أاكرث عمقا بكل املقايي س لذلك كان ت أاثريهم يف هذه املنطقة من قارة اإفريقيا اأ شد واأقوى عن وجودهم يف جنوب شرق اآ سيا ذلك اأن هجرتهم جلنوب شرق اآ سيا كانت هجرات فردية وغري دائمة. وقال أاي ضا:»وقد كان اأهل املراكب من العمانيني يقطعون )خليج بررة( املمتد بني احلب شة وال صومال اأمام باب املندب اإىل جزيرة )مبنول( وهي جزيرة مدغ شقر حاليا من بحر الزجن... إالخ«. كل هذه العوامل اأدت لنتقال جماعات من العرب اإىل شرق اإفريقيا فاندمج بع ضهم مع سكان الأفارقة واأ س سوا حمطات ومراكز جتارية تطورت و أا صبحت مدنا مزدهرة فيما بعد و صار لها دور مهم يف تلك املنطقة الإفريقية حيث قام العرب ب شق طريقني الأول من جهة ال شمال ال شرقي لإفريقيا والثاين من جهة اجلنوب ال شرقي لفريقيا. الدور العماين كان حا ضرا وبقوة يف تاأ سي س وتطوير املدن الإفريقية وهنا ن ستعر ض لكم هذا التاأثري على املدن نذكر بع ضا منها من ال شمال اإىل اجلنوب وهي: 1- جزر اأرخبيل لمو: باتا/بته و سيوي مافيه ولمو: التي تقع على ال ساحل الكيني واأ صبحت تلك اجلزر أاحد مراكز الهجرات العربية يف صدر الإ سالم منذ القرن الأول الهجري ل سيما بعد هجرة الأخوين اآل اجللندى وملوك عمان وقتذاك وا ستقرارهم بذلك ال ساحل وتطور ذلك بالندماج الجتماعي والثقايف العماين مع الأفارقة ون شوء اللغة ال سواحلية. 2- ممبا سا: وهي أاحد املوانئ امل شهورة على ال ساحل الكيني ب شرق اإفريقيا وتاأ سي سها كان منذ زمن الدولة الأموية يف القرن )الأول الهجري/ال سابع امليالدي(. وقد شهدت ممبا سا هجرات م ستمرة من التجار العرب امل سلمني خا صة من اأهل ع مان واليمن كما كانت مركزا لإنتاج وت صدير احلبوب وكذلك العاج والذهب. 3- جزيرتا بيمبا )اجلزيرة اخل ضراء( وزجنبار: عرث الباحثون على اأقدم كتابة عربية معروفة يف شرق اإفريقيا جنوب زجنبار مبنطقة ت سمى كيزمياكي وهي عبارة عن نق ش على اجلدران يقول:»اإن ال شيخ ال سيد اأبا عمران اأمر ببناء امل سجد يف اليوم الأول من شهر ذي القعدة لعام 500 ه«ويوافقه 27 يوليو 1107 م كما و صفها املوؤرخ الربتغايل بربو سا حينما زارها عام 1506 فيقول:» سكان زجنبار وملوكها م سلمون. ويف اجلزيرة م ساجد كثرية وال سكان متم سكون بالدين«. وقد اأ شارت الروايات إاىل اأن اأ سرة عمانية حاكمة من )قبيلة الأزد( العمانية التي تعمل يف التجارة اختلطت مع ال سكان الزنوج واأقنعتهم بالإ سالم. واأخريا.. كان التواجد الإ سالمي -خ صو صا التواجد الع ماين- حا ضرا يف العالقات الجتماعية ويف تاأ سي س وازدهار املدن الإفريقية هذا ب سبب عدة عوامل ذكرناها يف املقال. التواجد العماين كان الأكرث ت أاثريا بحكم التجارة ومن بعده كان التمازج العرقي وال شواهد كثرية منها ق صور ال سالطني يف زجنار شاهدة إاىل اليوم على عمق العالقات. sultan.almaktomi@hotmail.com

9 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م 9 اخلطاب ال صويف: ا سرتاتيجيات القراءة واآليات التاأويل وليد العربي يف مقاله»اخلطاب ال صويف بني الهوية والختالف: الأنا والآخر«واملن شور مبجلة»التفاهم«ي شري الكاتب اأحمد بوزيان اإىل ق ضية ح سا سة ومهمة مرتبطة ب أاثر اخلطاب ال صويف بني الهوية والختالف م شري ا اإىل أان هذا النوع من اخلطاب ميار س حقه يف الختالف وي ستند اإىل الأ صول التي ي ستمد منها اخلطاب الر سمي وتبقى القراءات التي تختلف باختالف اآليات الفهم والإدراك وجند الآن اأن اخلطاب الر سمي قد حتول من قراءة اإىل معيار ولبد للخطابات الأخرى من عدم خمالفته اأو مغايرته. ما مت معرفته اأن احلركة ال صوفية عا شت نوعا من التهمي ش والإق صاء وهذا ما جعلها خارج نطاق التاريخ الر سمي وجلبت معايري خارجة عن نظام بنيتها املعرفية املتعارف عليها ومن هنا و صفت ب«اآخر«مناق ض لالأطر املعرفية املتعارف عليها ولقد مت عزل احلركة ال صوفية وعزلها عن اجل سم الفكري الجتماعي. اأ صبحت ال صوفية»الآخر«منبوذة اجتماعيا وال سبب وراء ذلك يعود اإىل سبب ت سمية ال صوفيني اأنف سهم باأهل الباطن م قابل الذين ي سمونهم اأهل الظاهر ونتج هذا بنوع من التق صي والتربير وارتبط ارتباطا مبجموعة من الدللت التاريخية واملعرفية أاو ال سلطوية والأيديولوجية ونتج عن ذلك اختالف الروؤى والت صور ومفهوم اللغة واملفهوم الفكري العام. واأ س س املت صوفة نظاما معرفيا خا صا بهم بحيث إانهم -مهم شون- مقابل املوؤ س سة الر سمية التي فر ضت نف سها بحجة القوة ل بقوة احلجة اإذ الثقافة الر سمية يف املركز والآخر يف الهام ش وظلت ثنائية»املركز والهام ش«والثقافة الر سمية تتقيد بالقوانني أاما الثقافة ال صوفية فهي الهام ش يف خروجها عن هذه املعايري والقوانني. والن ص ال صويف يت سم بالغمو ض والعتمة وو صف ب أانه غائم وكل خطاب يفقد وهجه بقدر ما يبوح فتتقل ص شروط بقائه من هنا أاعطى اخلطاب ال صويف احل ضور والمتداد باختالف الأزمنة والثقافة واملتلقني اأن م صطلح الأنا ل وجود لها اإل من الآخر والذي تكون به املغايرة والختالف وتتمايز الهويات من خالل مفارقة الأنا والآخر ولكي تعرف الآخر لبد اأن تراه من حيث هو ولي س اأنت!! اعرتافا بالأنا واعرتافا بالآخر يف الآن ذاته. الفكر املنطقي يربهن على وجوده من خالل جدل الأنا مع الفكر»العقل املنطقي«اإذ اإن الإن سان حني يفكر دل على وجوده وهذا يكمن يف أان الأنا املفكرة هي الأنا املوجودة وهذا ينفي ال صويف اإذ اإنه ل يربهن على وجوده من خالل التفكري فتغريت املعادلة ال صوفية اإىل معادلة اأخرى تتما شى مع الآخر بقول»اأنا الآخر«. يتعذر وجود الأنا دون الآخر فقد يكون الآخر موجودا يف الأنا والآخر قد يكون هو املغاير جن سا وذاتا وعقيدة ووطنا والآخر لي س بال ضرورة كونه بعيدا جغرافيا وميكن للذات أان تنق سم وحتارب بع ضها البع ض الآخر إاذ يوجد اختالف يف منط املعرفة ول يوجد هناك منط للمجتمع الواحد املن سجم فاملختلف لي س بال ضرورة من يغايرنا يف اجلن س والعقيدة اإن مفهوم الهوية مرتبط بامل ؤوتلف الأنا واملختلف الأنا الآخر فاأ صبحت جميع املفاهيم التعبريية شرعية وهذا بدوره مرتبط مبفاهيم البحث العلمي الدقيق. إان ت صادم املعرفتني الر سمية وال صوفية هو تعار ض نظامني وبنيتني خمتلفتني متغايرتني ومتناق ضتني يف الطبيعة وهذا ما جعل علماء الظاهر يعرت ضون على الطبيعة ال صوفية ونظامها املعريف والعرتا ض اأتى من باب خلو املعرفة ال صوفية من ال ضوابط واحلدود واأن دعوى الت صوف حتتاج إاىل برهان باعتبار أان الإلهام دعوة جمردة حتتاج إاىل دليل. ويحاول ابن حزم جاهدا قراءة الت صوف باملنطق والعقل أاي قراءة العرفان بالربهان. واملعرفة ال صوفية ل تقوم اإل على مناق ضة العقل واإلغائه لأنها ل تاأتي اإل يف غيابه وهذا ما ي سمى بالذوق وهو م صاألة ذاتية والتجربة سبيل له. وقد ميز ال صوفية اختالف م ستويات املعرفة والإدراك وقالوا باأن املعرفة: عبارة عن ظاهر يطفو على سطح وباطن يتوارى فيه املعنى اإىل الأغوار. إان املت صوفني مل يكونوا جمافني للعقل جمان ا أاو جزافا إامنا اعرت ضوا على ا ستخدامه فيما ل يجوز له ورف ض العقل من املت صوفة لي س عجزا منهم عن ا ستخدامه أاو عدم التحكم يف اآليته واإمنا هي بنية النظام املعريف ال صويف. والغزايل كان أاكرث انبهارا حيث خرب الفل سفة واملحاججة والرد بالرباهني وينتقد نقد اخلبري فقد كان خبريا عقالنيا من الطراز الرفيع النادر وعزف عن املنهج الربهاين. الق ضية هنا ل تعني أان املت صوفني عاجزون عن ا ستخدام وم سايرة العقل واملعقول و إامنا يرجع الأمر اإىل طبيعة النظام املعريف ال صويف الذي يقوم على املغايرة متام ا عن بنية العقل. ويزيد املت صوفة من تهوين صاأن العقل يف الأمور الذوقية فاملعارف تكون غري ملزمة و إامنا هي حالت يعي شها ال صويف وينازلها ل ذوقا فيولد نوع من التوتر خارج عن اإدراك العقل ولذلك فهي حالة ذوق والذوق خا ص ولي س عاما واملعارف تختلف باختالف احلال واملقام وكبار ال صوفية مل يجعلوا معارفهم ت شريعا ول لزام ا لغريهم ح سب راأيهم ببلوغ الت أاحد ال صويف والذي ت صبح فيه املعرفة الإلهامية نتاجا ولي س غاية. املالحظ من خطاب الت صوف اأنه يوؤمن بالآخر ويوؤمن بالختالف من حيث الأ صل والوحدة لهذا كان ابن عربي ظاهريا يف العبادات باطنيا يف ال سلوك والأذواق ولقد ك شفت لنا»الأنا «عن الت سامح والعرتاف بحق الختالف وتعامل املت صوفة بالباطن فاإنهم مل يلغوا الظاهر وتعاملوا مع الطوائف الأخرى من باب املغايرة والختالف. اإذا كان الختالف يف صوؤون املجتمع واحلياة هو اختالف م صالح و أاعرا ض فاإن الختالف يف صاأن الدين والعقيدة هو اختالف تاأويالت يفر ضها اختالف الر ؤوى والت صورات واختالف اخللفيات واملرجعيات اإن املت صوفة ل ي شغلون اأنف سهم بالرد اأو العرتا ض اأو امل ساجالت واملناظرات. ولقد كانت القراءة الأحادية ل تنتج شيئا اأكرث من إاعادة الن ص نف سه ولذلك فهي تتماهى ول تتغاير تتوحد ول تختلف وبناء على ذلك فهي ترف ض الآخر ولحتاوره. الهوية لي ست متاهي ا واإل لكان املجتمع تكرارا ون سخا واجرتارا ول تنتج اإل الأنا املت شابهة فالهوية كينونة منغلقة ول تقوم على مبداأ التجان س بل تقوم على مبد أا التغاير والختالف واملختلف يكون دوما داخل الوحدة. ويحدث جتديد للعالقة داخل التغاير بتجديد بني الأنا والآخر اإما بالتوا صل اأو النف صال وهذا قد يتيح ت ضخم الأنا اأو العرتاف بالأنا والآخر وقبول التعدد والتنوع والختالف يعطي طبيعة أاكرب للتجديد وفر صة للرتجيح فقد يقبل هذا اأو يرف ض ذاك ولبد من امل ساواة. والهوية لي ست اإنتاج ال شبيه واإمنا اإنتاج املختلف ولي ست الواحد املتماثل واإمنا الكثري املتنوع وهي إابداع دائم. ومع كل هذا جند اأن الختالف هو واقع يفر ضه الوجود الإن ساين وتنوعه والختالف حق لكل حق يقابله من واجب ولبد اأن نعي ش لننتج ولنفكر لنبدع لرن سم شيئا جديدا ول نعي ش من اأجل الختالف واإمنا نعي ش من أاجل التوافق الدائم. اإذا خالفت فاإنني اإىل توافق اأعظم واأكرب ولبد أان نختلف لكي نفهم وندرك ونفكر ول نقد س الختالف لذاته. والختالف لي س هدفا بقدر ما يكون غاية عميقة وم ؤوثرة يف اإقامة ج سر التوا صل والتفاعل والختالف لبد اأن يكون داخل الئتالف وهو ماي شكل مفهوم الهوية. Wali7-alabri@hotmail.com

10 10 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م ال سالم والت سامح يف زمن العوملة هند احل ضرمية عندما انفتح العامل على بع ضه وتفجرت العوملة يف اأرجائه بداأت تتفجر يف الوقت ذاته م شكالت اجتماعية كثرية وكاأن العوملة بوابة نفذت من خاللها اأ شكال من العنف والفو ضى. من هنا كان لبد من البحث عن فر ص لتحقيق ال سالم والت سامح يف ظل عامل ي ضج بالفو ضى. هذا ما حاول اأحمد زايد ت سليط ال ضوء عليه يف مقاله املعنون ب «العوملة وقيم ال سالم والت سامح: الفر ص والتحديات«واملن شور يف جملة التفاهم. يرى البع ض اأن الو صول اإىل ال سالم يف زمن متتد فيه خيوط العوملة أامر م ستحيل بل إان جمرد احلديث عن ذلك يجعل الو ضع يبدو مثاليا ولعل ما يجعل الأمر يبدو كذلك هو تناق ض العوملة الذي يرجع اإىل تركيبها املعقد فرغم اأنها جاءت لتجعل من العامل قرية كونية صغرية اإل اأنها يف الوقت ذاته أافرزت عمليات م ستمرة من ال صراع والتنافر والتباعد ورغم وجود م ساع كثرية نحو تقريب ال شعوب و سد فجوات الت صادم بني احل ضارات اإل أاننا نرى يف املقابل م ساعي لو أاد ذلك التقارب لذا يرى الكثريون األ جدوى من احلوار والتفاقات الدولية مبا اأن العنف مل تخف وط أاته يف ال شعوب امل ست ضعفة وتزايد ال ضغط على اجلماعات ال ضعيفة ذلك ال ضغط الذي يج سد التناق ض الكبري املتمثل يف الالم ساواة! وتراكم امل شكالت الجتماعية أابرزها تزايد معدلت الفقر والبطالة وظهور صور جديدة من الجتار بالب شر حيث حتولت املراأة والطفل اإىل سلعة وجتارة رابحة! اإ ضافة إاىل تزايد معدلت الالجئني بخالف اأعداد الذين يطلبون اللجوء ال سيا سي وامل شردين ب سبب تزايد احلروب وال صراعات العرقية حول العامل وخا صة يف دول العامل الثالث. وبوجود هذه التداعيات كان لبد من إايجاد خطابات تدعو لل سالم والت سامح سعيا نحو ت شكيل عوملة جديدة ذات طابع اإن ساين فال ميكن حتقيق ال سالم ما مل نحقق الت سامح بني الب شر ول ميكن حتقيق الت سامح بدون ال سالم وميكن لهاتني القيمتني أان تلعبا دورا مهما يف مواجهة العوملة من خالل جملة من الأدوار ا ستعر ضها اأحمد زايد يف مقاله وهي كالتايل: ت أاكيد النزعة الإن سانية للعوملة: يرى مي شيل كيلو اأن ال سبيل اإىل تروي ض العوملة هو اإعادة أان سنتها فبدل من اأن ي صاغ العامل وفقا مل صلحة بع ض الدول أاو املراكز القت صادية ي صاغ وفقا للقيم التي متنع الإن سان من أان يطغى على أاخيه الإن سان. من خالل حتقيق الوجود املركزي لالإن سان ول ميكن أان يتم حتقيق ذلك ال باإخ ضاع ر أا س املال من خالل القيم الإن سانية. امل شرتك الثقايف العاملي: هناك عالقة وثيقة بني الثقافة التي يطورها الب شر يف اجتماعهم وبني احلاجات التي مت سهم هذه احلقيقة تقودنا إاىل م ص أالة خلق ثقافات عامة مبنية على احلاجات الإن سانية امل شرتكة ولأن الثقافة عبارة عن منظومة من القيم العاملية التي ي أاتي من ضمنها قيم ال سالم والت سامح ف إاننا سنتو صل اإىل إامكانية تقريب ال شعوب حتت لواء هذه القيم بال شكل الذي يجعل هذه ال شعوب قادرة على حتقيق التعاي ش ال سلمي املت سامح اأو حتقيق ت سامح موؤ س س على ال سالم. تاأكيد التعددية الثقافية: يرى اأحمد زايد اأن قبول الت سامح وال سالم كقيمتني ميكن أان تقربا ال شعوب والقبول باحلد الأدنى من امل شرتك الثقايف سوف ميهد الطريق لتحقيق التعددية الثقافية وهذا التنوع الثقايف سوف يعمل على خلق تفاعل بني خمتلف املعتقدات ولأن الت سامح مع الآخر سيفتح اأفق التعاي ش بني الب شر لذا فاإن إاعادة صياغة العوملة ل يعني خلق جمتمعات متطابقة بقدر ما يعني تعزيز اختالف الآخر والتفاعل مع هذا الختالف. ومع زيادة هيمنة ال سوق وتوح ش الراأ سمالية من جهة و سيطرة الدول على ال شعوب من جهة اأخرى برزت منظمات املجتمع املدين التي تبنت ر سالة ن شر ال سالم يف حماولة للوقوف يف وجه تناق ضات العوملة وال سعي نحو جتديدها رغم اختالف توجه هذه املنظمات فهناك املوؤيدون للعوملة الذين يتفقون مع التو سع الراأ سمايل وي شجعون ال شركات العابرة للقارات وهناك الراف ضون للعوملة الذين يدعون اإىل اإعالء الدولة الوطنية وهناك الإ صالحيون الذين يقبلون بالعوملة كو ضع ل ميكن الفكاك منه ولكنهم يف املقابل ينادون اإىل إا صالحها واإ ضفاء طابع إان ساين عليها. أاما النوع الأخري فهم من يبحثون عن بديل فهم ل يوؤيدون العوملة ول يعار ضونها ولكنهم يتبنون اأ ساليب حياة م ستقلة عن احلكومات واملنظمات الدولية باحثني عن منوذج خمتلف للعامل. ولكن ك صاأن أاي دعوة للتغيري لبد من وجود جملة من التحديات وقد ذكر أاحمد زايد يف مقاله اأبرز التحديات التي تقف يف سبيل أان سنة العوملة وحتقيق ال سالم والت سامح اأحد هذه التحديات هي هيمنة ال سيا سة ومنذجة القيم إاذ ميكننا اعتبار الهيمنة مرادفا وثيقا للعوملة ب شكلها احلايل فالعوملة ذات الطابع الإن ساين ت سمح بالتعددية والتناف س اخلالق اإل اأن العوملة عك س ذلك متاما فهي تفر ض على ال شعوب أامناطا سيا سية وثقافية واجتماعية مركزية فال سيا سات الليربالية التي تفر ضها العوملة والتي توؤكد امل صالح الفردية وت سمح بالعدالة الجتماعية بالقدر الذي ت ضمنه الدول مل ت ساهم اإل يف ت أازمي الأو ضاع الداخلية ويف ازدياد الفقر والبطالة. هذه املركزية التي حتاول العوملة اأن تخلقها مرتبطة مبحاولت منذجة العامل التي تتم كما ذكر الكاتب عرب و سيلتني الأوىل ترتبط بن شر النماذج الراأ سمالية يف خمتلف املجالت كما ترتبط بن شر الأفكار واملفاهيم املتعلقة باحلرية وامل ساواة والقيم وحقوق الإن سان ولعل هذه الو سيلة هي اأكرث ما مييز العوملة احلالية فنمذجة العامل اليوم تتم من خالل ن شر صور ذهنية يف خمتلف املوا ضيع عرب مواقع التوا صل الجتماعي الأمر الذي يخلق قالبا منطيا للقيم. ونتيجة لنمذجة العامل يتولد لدينا حتد اآخر يتعلق بحدود الهوية وحدود ال سالم لأن طريقة العوملة يف منذجة العامل تدفع ال شعوب واجلماعات اإىل اإدراك حدودها والدفاع عن هويتها والتح صن بهذه احلدود ورغم اأن عالقة الإن سان بالآخر يدركها الإن سان بح سه الذي ي شرتك فيه مع غريه اإل أان الت ساوؤلت التي تثريها عملية النمذجة حول الأنا والآخر قد تخلق م شاعر عدائية جتاه كل من يختلف عنا يف الهوية ولذا فاإن اإدراك احلدود يخلق يف الوقت ذاته حدودا لل سالم والت سامح مع الآخر خا صة إاذا صاحب هذا الإدراك م شاعر سلبية مت صلبة جتاه اجلماعات الأخرى. ويتمثل التحدي الثالث يف ت صاعد اأ شكال التطرف والعنف فقد أافرز النظام الراأ سمايل اأ شكال من التطرف لعل اأولها التطرف ال سيا سي الذي صاحب بزوغ النازية والفا شية يف اأوربا والتطرف الأيديولوجي والتطرف العن صري الذي يعتمد على اخلرافات العقدية اأو ال سيا سية والذي ميار س صورا من الحتالل جتاه الآخر واأخريا التطرف الديني الذي يعد شكال من اأ شكال التطرف الذي نراه متف شيا يف عاملنا العربي ب شكل خا ص والعامل ب شكل عام. وحيث يوجد التطرف ل بد اأن جند العنف فاجلماعات املتطرفة تذكي لدى أافرادها م شاعر العداء جتاه الآخر وتقوي لديهم اأ ساليب العنف. ويذكر أاحمد زايد اأن خطر التطرف يتزايد مع اإمكانية تناقله عرب اجلماعات املختلفة حتى تلك التي مل تكن متطرفة وكاأن التطرف بهذا يكون يف عملية توالد م ستمر ي صاحبها توالد للعنف. ويبقى اأمر حتقيق ال سالم يف العامل مثاليا ما مل تكن هناك جهود فعلية لتطبيقه ل على م ستوى اخلطابات وامل ؤومترات واإمنا على اأر ض الواقع فمتى جند عاملنا ينعم يف هدوء الت سامح والتعاي ش مع الآخرين بعيدا جدا عن النعرات الطائفية والتطرف famouswritter@hotmail.com

11 شعبان 1439 ه - ابريل 2018 م 11 بني التزان الديني وال سيا سي عاطفة امل سكرية عندما ي ذكر التاريخ بجوانبه ال سيا سية والقت صادية والجتماعية ي شار إاىل جانبني فيه: اجلانب امل شرق الذي تت شبث به بع ض املجتمعات والأمم اإىل يومنا هذا وهناك أاي ضا اجلانب املظلم منه مثله مثل كافة املجالت. اإن الر سول - صلى اهلل عليه و سلم- لم س اجلوانب الجتماعية وال سيا سية والقت صادية يف التاريخ الإ سالمي حيث يزخر التاريخ بق ص ص ت شري اإىل ال سلوك والهدي النبوي يف خمتلف املواقف احلياتية ويف كافة املجالت. لكن ل بد من الإقرار باأن الأزمنة تختلف والظروف كذلك وهذا ما اأو ضحه عبدالنبي احلري يف مقال له من شور مبجلة»التفاهم«بعنوان»اجلابري وحماولة تر شيد الإ سالم ال سيا سي«. فما كان يعد مقبول بني املجتمعات يف ال سابق -اأي ا كان جماله- قد ل يعد مقبول اليوم. عدا اأنه من املهم التنويه يف هذا ال سياق اأن ذلك ل يقلل من ص أان اأي من املجتمعني بل يعد احرتاما خل صو صية الظروف املحيطة مبجتمع ما يف فرتة زمنية حمددة. هذه الفكرة حتديدا ت شكل م صدر جدل بني العديد من الفقهاء واملجتهدين يف ال شريعة إاىل يومنا هذا حيث يجتهدون ملطابقة الأحكام لتتنا سب مع الظروف الزمكانية احلالية املختلفة. يتفق الكثري اأنه ل ب أا س من الجتهاد اإل اأنه يجب أان ل يكون حكرا على اأحكام معينة جامدة غري قابلة للتغيري فاملرونة مطلب ب سبب الختالف والتغيري الدائمني»فالتغيري هو الثابت الوحيد«وهذا ما تثبته كل الأعراف واملوروثات التي حاولت مقاومة التغيري فكان م صريها من م صري كل املتغريات احلياتية. إان هذا التم سك م صدره غالبا اخلوف من فقدان الهوية التي ت شكلت وفقا للظروف التي وجد الإن سان نف سه فيها منذ أان فتح عينيه. هذه الظروف املحيطة مبا فيها من عنا صر اأ سهمت يف تكوين شخ صية الإن سان وهويته التي متده ب شيء من القوة كونه ي ستطيع عربها فهم نف سه اأول وفهم املجتمع من حوله وبالتايل يخلق حالة من التما سك بني عنا صر املجتمع. اإن اجلهل باملا ضي أاو عدم معرفته ي صنع بداخل الإن سان شيئا من اخلوف نتيجة ال شعور بالتيه اأو ال ضياع ناهيك عن كون هذا الأمر يختلف من اأمة لأخرى فقد عرف عن العرب مثال شدة افتخارهم ب أاجدادهم وتاريخهم مبا فيه من موروثات ومن عادات وتقاليد. بل و صل الأمر بهم اأن يقلل»البع ض«من املجموعات التي قد ل يعرف ما ضيها وتاريخها. إان ال شخ ص القادم من جمتمعات ذات ثقافة خمتلفة قد ي ستنكر املو ضوع ورمبا يخلق فيه هذا الأمر عالمة ا ستفهام كبرية. اإن تف سري مثل هذه الأمور غالبا ما يكون حول كون الإن سان بطبيعته ي ستمد القوة من خالل العنا صر امل شكلة لهويته لذلك جنده مت شبثا بها. وعلى الرغم من ذلك ل ميكن اإقرار ثبات هذه املوروثات املقتب سة كلي ا من التاريخ حيث اإن الظروف العاملية اليوم تختلف عما كان موجودا يف ال سابق ب 180 درجة فاأكرث. العوملة ونتائجها من جانب وتطور احل ضارات حيث حتول القرى اإىل مدن والأنظمة اجلمعية اإىل الأنظمة الفردية كلها عوامل تعاك س ثبات املكت سبات التاريخية املعنوية حتديدا. ومن اجلدير بالذكر يف هذا ال سياق الفئة التي حتارب الفكر التجديدي على اأنه معاد للمكت سبات التاريخية مبا فيها الأنظمة الدينية ال سابقة وهي عادة ل تتقبل فكرة تغيري الظروف الزمكانية موؤمنة باأن الأنظمة تلك وجدت لتتطابق مع املع ضلة اأي كان املكان واأيا كانت الفرتات الزمنية. وهناك فئة اأخرى كذلك ت شري اإىل ف صل الدين عن ال سيا سة مثال ل مهاجمة للدين اإمنا حماية له من النخراط يف وحل ال سيا سة التي ت سري وفقا مل صالح غري ثابتة باملرة. اإل اأننا واإحقاقا للحيادية شهدنا كيف كان التاريخ زاخرا باملواقف املالم سة لديننا يف كافة املجالت التي ذكرت سابقا مبا فيها ال سيا سية. هذا ل يعني أاننا نطبق ون ستنبط كل الأمور دون مراعاة احليثيات حيث اإنه ل يعد تهجما على اأي من العنا صر املوروثة وامل ساهمة يف تكوين هوية الفرد. اإن العقل ملطلب مهم لقيا س الآلية التي سيتم فيها العمل على تكوين احللول للظواهر املجتمعية يف خمتلف املجالت. غري اأن الواقع يثبت سهولة احلديث عن املثاليات بينما ت صعب املهمة كثريا عند التطبيق فتتدخل العواطف يف احلكم على الأمور. يقول الأ ستاذ سرتوثمان»الإ سالم ظاهرة دينية و سيا سية اإذ اإن موؤ س سه كان نبي ا وكان سيا سي ا حكيم ا اأو رجل دولة«. وكرثت الأقاويل امل شابهة يف هذا اجلانب لذلك ل ميكننا اإلقاء اللوم على من ي صر على تطبيق الأحكام يف كافة املجالت م ستنبطا اإياها من املواقف الدينية لكن أان ل تكون هناك مرونة هذا ما ي ستدعي اإعادة النظر حول املو ضوع مرة اأخرى. اإن فهم النظريات الإن سانية لهي م صاألة لي ست ب سهلة بتاتا وحتتاج كما هائال من احلكمة والتوازن املنطقي. فالدين مثال ل يبنى على الختيار بني الأ سود والأبي ض فقط دون خيارات أاخرى. فمن حكمة اهلل سبحانه وتعاىل اأن جعل الأمر كله ي سريا لي سهل تطبيقه متا شيا مع منطق احلياة الب شرية التي متر بظروف خمتلفة يوما بعد يوم. فمن يتوقع غري ذلك وكاأنه يتوقع اإعجازا ب شريا ل يتما شى مع الواقع. ومن جانب اآخر جند ال سيا سة ت ضع الإن سان و سط خيارات حمدودة جدا و أاحيانا ي صبح كل ما تبقى لديه عبارة عن خيارات سيئة ي ضطر أان يختار الأف ضل بينها. هذه امل ساحة بني الدين وال سيا سة اإذا ما جئنا نتحدث عنها تبدو مظللة نوعا ما فالدين منطق وعاطفة. اأما ال سيا سة فهي بني املنطق والالمنطق غالبا فال وجود للعاطفة بينهما. اإن منطق التعاي ش ال سلمي بني الب شر ي شري اإىل اأهمية املرونة يف كل شيء. فاملرونة الفكرية والجتماعية ت ساعد على فهم الطرف الآخر اأو حماولة فهمه على الأقل حيث اإن اخلالفات ما هي اإل نتيجة سوء الفهم احلا صل بني خمتلف الأطراف التي ترى اأنها على صواب وحق والأطراف الأخرى ما هي اإل جمموعات تتبع الباطل على ضاللة. ل سنا يف موقع ي ؤوهلنا للحكم على الأ شخا ص وما إاذا كانوا على حق اأم باطل عدا اأننا ن ستخل ص اأن البقاء يف املنطقة الرمادية يقلل من حدة اخلالفات الناجتة عن الختالفات بني جمموعة تت شبث بكل العنا صر التاريخية على عمى راف ضة و ضعها حتت»الختبار«وبني الفئة الراف ضة لهذه العنا صر ب سبب الختالف الكلي للعنا صر الزمكانية. Attifa.nasser@gmail.com