العودة إلى الوحي مدخل إلعادة صياغة البحث العلمي بحث تقدم به األستاذ الدكتور محمد بن عبدهللا السحيم جامعة الملك سعود كلية التربية قسم الثقافة اإلسالمية

النسخ

1 العودة إلى الوحي مدخل إلعادة صياغة البحث العلمي بحث تقدم به األستاذ الدكتور محمد بن عبدهللا السحيم جامعة الملك سعود كلية التربية قسم الثقافة اإلسالمية إلى المؤتمر الدولي للبحوث في الدراسات اإلسالمية في الدورة الثانية 5151 /فبرايرشباط/ 2152 م الذي تقيمه أكاديمية الدراسات اإلسالمية جامعة ماليا كوااللمبور ماليزيا

2 بسم اهلل الرحمن الرحيم المقدمة احلمد هلل الذم بعث يف األمي ت رسوال منهم يتلو عليهم آياتو كيزكيهم كيعلمهم الكتاب كاحلكمة كإف كانوا من قبل لفي ضالؿ مب ت كأشهد أف ال إلو إال اهلل كحده ال شريك لو كأشهد أف زلمد عبد اهلل كرسولو كخ تتو من خلقو النيب األمي العريب أعجز اهلل بو أىل الفصاحة كما أعجز بو أىل الكتاب فشهد لو اجلميع بالرسالة فصلى اهلل عليو كسلم تسليماكث تا إذل يو الدين أما بعد: فقد دعت أكادؽلية الدراسات اإلسالمية جامعة ماليا كواالدلبور ماليزيا إذل إقامة مؤسبر بعنواف: ))إعادة صياغة البحث العلمي يف زبصص الدراسات اإلسالمية(( كيندرج ربت ىذا ادلؤسبر زلاكر منها: احملور الثاين: العقيدة كالفكر اإلسالمي. كرغبت يف ادلشاركة يف ىذا ادلؤسبر ببحث بعنواف: "العودة إذل الوحي مدخل إلعادة صياغة البحث العلمي" كقد قسمتو إذل ادلباحث اآلتية: ادلبحث األكؿ: خصائص مكاف الرسالة اخلاسبة. ادلبحث الثاين: عصر الرسالة كاخلالفة الراشدة. ادلبحث الثالث: الصراع خارج البيئة األكذل ب ت الوحي كسللفات القركف السالفة. ادلبحث الرابع: العودة إذل الوحي. كتناكلت يف ىذه ادلباحث خصائص مكاف الرسالة اخلاسبة كخصائص عصر الرسالة كأف اهلل اختار ىذا ادلكاف حلكم عظيمة لعل منها ما أشرت إليو كبينت أف الوحي دلا نقل إذل البيئات األخرل اليت كانت قد توحلت يف الفلسفة كادلنطق كعلم الكال حصل االختالؼ كالشقاؽ كالتفرؽ كبينت أف السبيل إذل ادلعاجلة الراشدة كادلهمة العظمى اليت غلب أف ضلملها عندما نعيد النظر يف مناىجنا أك دراساتنا ك ذلك عندما نضع ادلقررات الشرعية اليت سي تىب عليها أبناؤنا كتؤثر عليهم يف تصوراهتم كأىدافهم كغاياهتم بل كإؽلاهنم كبذذلم ذلذا الدين العظيم ىي العودة إذل الوحي اس تشادا كاعتمادا كاستدالال كمتابعة. كىذا البحث الذم يشرف ت تقدؽلو يف ىذا ادلؤسبر ال يغيب عن الذىن أنو دل يستكمل معاجلة ىذه ادلسألة معاجلة متكاملة نظرا لطبيعة البحوث اليت تقد إذل ادلؤسبرات كيش تط فيها أال تزيد على عشرين صفحة كلكن حسيب أن ت أشرت إليها كدللت عليها كلعل اهلل ييسر من يتناكذلا تناكال يوفيها حقها. كاهلل أسأؿ أف غلعل ذلك من العلم النافع كالعمل اخلالص كاحلمد هلل رب العادل ت كصلى اهلل كسلم كبارؾ على نبينا زلمد كآلو كسلم. أ. د. زلمد بن عبد اهلل السحيم جامعة ادللك سعود الرياض كلية ال تبية قسم الدراسات اإلسالمية

3 الربيد: حرر يف مكة ادلكرمة يف / / ىػ المبحث األول: خصائص مكان الرسالة الخاتمة حلكمة بالغة جعل اهلل جل ثناؤه قبل الرسالة أ بعدىا كىذه ادلميزات كانت دلكة ادلكرمة كللمدينة النبوية شليزات ال تتوافر لغ تعلا كاهلل أعلم سواء يف ذلك من أجل أف يكوف ادلكاف الذم تتنزؿ فيو الرسالة اخلاسبة كادلنطلق الذم تنطلق منو مهيئا الستقباذلا كربم لها كاإلؽلاف ا كالعمل على نشرىا كالتضحية يف سبيلها كىذه الصفات أك ادلميزات كانت أبرز ما تكوف يف عقوذلم كأخالقهم كأفكارىم. كىذا التميز اش تؾ فيو أغلب سكاف ىات ت ادلدينت ت سواء يف ذلك ادلشركوف من قبائل العرب أ من اليهود الذين استوطنوا يف ادلدينة النبوية كشاكلوا العرب أخالقهم ببعض الرسوؿ كدل يكونوا كسابقيهم حينما قالوا دلوسى عليو السال لىن نىد ي خلىى ها أىب ىندا ى ما ى دا ي موا ف ي ى ها فىاذ ىب أىن ى ت ى ك ى رب ىك فىػىقات ىال إ ن ا ىا ي ىنىا قىاع يدكف كلذا قاتلوا قتاال عنيفا يف حرك م ضد كما أخرب اهلل عنهم أهنم قالوا )ادلائدة إ ن ا (. يف ح ت أف البالد ا اكرة جلزيرة العرب غرقت يف جلنة من الفلسفات الوضعية ادلغرقة يف أدؽ التفاصيل اليت ال تستند إذل دليل كال تعتمد على برىاف كال توصل إذل نتيجة مقبولة عقال أك شرعا للفلسفة األفلوطينية ففي اإلسكندرية كانت السيطرة كما كانت الشا كما جاكرىا ترزح ربت كطأة ادل تاث الفلسفي الركمي الثقيل يف ح ت كانت بالد فارس تتبب يف رىبانية حلولية إحلادية شلزكجة بالفلسفة الزرادشتية احلسباف فإف من أبرز الصفات اليت سبيز ا سكاف ىات ت ادلدينت ت ما يلي: أف سكاف ىات ت ادلدينت ت عدا اليهود أمة أمية ال تقرأ كال تكتب يف كإذا أخذ ىذا قاؿ جل شأنو كتقدست أمساؤه سلربا عن حاذلم: ي ى ى و ال ذ م بػ ىى ع ىث يف األيم ي ى ت ى ر ي سونال م نػ ي هم يػ ى تػ ليو ى علىي ه م آىي ى ات و ى كيػ يىزك يه م ى كيػ يى عل ي م ي ه ي م ال ك تىا ى ب ى كاحل ك ى مةى )اجلمعة: ( كصح ع ى ن الن يب أىن و ي قىاىؿ: )إ ن ا أيم ةه أيم ي ةه الى نىك تي ي ب ى كالى ىضل ي س ي ب( فاألمة أمية كالرسوؿ أمي قاؿ عز شأنو: ال ذ ي ى ن يػ ى ت ب ع ي وىف الر ي سوىؿ الن يب األيم ي ال ذ م ىغل يدكنىو ي ى مك تيوب ن ا ع ن ىد ي ىم يف التػ و ى ى راة كاإل صل يل ي ى أ يم ي ر ي ىم ب ال ى مع ي ى ركؼ كيػ ى نػ ى ها ي ىم ى عن ال ي من ىك ر األعراؼ. كالرسالة أمية كما قرر ذلك الشاطيب الدالة على أمية العرب رمحو اهلل كأمية الرسوؿ كبأف الشريعة لو دل يف ادلوافقات كاستدؿ عليو بالنصوص األمية دل تكن مناسبة ذلم مث استدؿ ثالثا بأف الرسالة لو دل تكن ذه الصفة دل تكن على مثل ما ىم عليو من تكن معجزة كيف ذلك يقوؿ الشاطيب رمحو اهلل:)ىذه الشريعة ادلباركة أمية ألف أىلها كذلك فهو أجرم اعتبار ادلصاحل كيدؿ على ذلك أمور: ذلم على ( ) صحيح البخاري 35/3.

4 أحدىا: النصوص ادلتواترة اللفظ كادلع ت كقولو تعاذل: ي ى ى و ال ذ م بػ ىى ع ىث يف األ يم ي ى ت ى ر ي سونال م نػ ي هم )اجلمعة: (. كقولو: فىآم نيوا ى ب الل و ك ى ر ي سول و الن يب األ يم ي ال ذ م يػ ي ؤ م ي ن ب الل و ى كىكل ى مات و )األعراؼ: (. كيف احلديث: "بعثت إذل أمة أمية" كىو الباقي على أصل كالدة األ دل يتعلم كتابا أشبو ىذا من األدلة ادلبثوثة يف الكتاب كالسنة الدالة على أف أىلها كذلك. كالثاين: أف الشريعة اليت بعث ا النيب األمي ألهنم دل يكن ذلم علم بعلو األقدم ت كاألمي منسوب إذل األ كال غ ته فهو على أصل خلقتو اليت كلد عليها... كما الشريعة موضوعة على كصف األمية ألف صلى اهلل عليو كسلم إذل العرب خصوصا كإذل من سواىم عموما إما أف تكوف على نسبة ما ىم عليو من كصف األمية أك ال فإف كاف كذلك فهو مع ت كوهنا أمية أم: منسوبة إذل األمي ت كإف دل تكن كذلك لز أف تكوف على غ ت ما عهدكا فلم تكن لتنزؿ من أنفسهم منزلة ما تعهد كذلك خالؼ ما كضع عليو األمر فيها فال بد أف تكوف على ما يعهدكف كالعرب دل تعهد إال ما كصفها اهلل بو من األمية فالشريعة إذا أمية. كالثالث: أنو لو دل يكن على ما يعهدكف دل يكن عندىم معجزا كلكانوا ؼلرجوف عن مقتضى التعجيز بقوذلم: ىذا على غ ت ما عهدنا إذ ليس لنا عهد دبثل ىذا الكال من حيث إف كالمنا معركؼ مفهو عندنا كىذا ليس دبفهو كال معركؼ فلم تقم احلجة عليهم بو كلذلك قاؿ سبحانو: ى كلىو ى ج ى عل نىاه ي قيػر آنا أىع ى جم ي ا لىىقاليوا لىو ال فيص لىت آي ى اتيو ي أىأىع ى جم ي ى ك ى ع ى ريب )فصلت: ( فجعل احلجة على فرض كوف القرآف أعجميا كدلا قالوا: إ ظل ىا يػ يى عل ي مو ي ب ى ىش ه ر )النحل: ( رد اهلل عليهم بقولو: ل ى سا يف ال ذ م يػ ي ل ح يدكىف إ لىي و أىع ى جم ي ى كىى ذا ل ى سا ه ف ى ع ى ريب ي مب ه ت )النحل: احلجة فدؿ على أف ذلك لعلمهم بو كعهدىم دبثلو مع العجز عن شلاثلتو(. كإذا كانت األمة أمية كالرسوؿ بيئة ( لكنهم أذعنوا لظهور أميان ناسب أف تكوف الرسالة أمية حىت تكوف مناسبة لكل أمة كلكل رلتمع حبيث ال ػلتاج تعل مها كالتفقو فيها إذل مزيد تكلف أك سبحل كلكل أك تعلم علو ال تقتضيها طبيعة الرسالة بل الكل يهتدم ا كيؤمن ا كتصلحو كغلد فيها ىدايتو مهما كاف علمو كمهما كاف عملو الدنيوم بل هنى اهلل عن التكلف كالتنطع كالتعمق ادلذمو فقاؿ عز امسو موضحا منهج نبيو ى علىي و م ن أىج ور ى ك ى ما أىنى ا م ى ن ال ي متى ىكل ف ت ت )سورة ص قيل : ى ما أىس أىلي يكم ى ى. إ ف ي ى ى و إ ال ذ ك ه ر ل ل ى عالىم ( ) الموافقات للشاطبي 901 2/

5 ( ( كحذر النيب من التنطع فقاؿ : الدين ) ( فإظلا أىلك منكاف قبلكم الغلو يف الدين(. )ىلى ىك ال ي متىػنىط ع ي وىف( كقاؿ أيضا : )كإياكم كالغلو يف كالوصف باألمية كإف كاف يف ظاىره أمرا سلبيا يف بداية األمر إال أنو كاف أمرا عجيبا يف اختيار اهلل ألف تكوف الرسالة اخلاسبة يف األمة األمية كدل يكن يف األمة الكتابية ذلك كاهلل أعلم ألف اهلل خلق آد عليو ) ( السال كتناسلت منو ذريتو كاستقاموا على التوحيد الذم أراده اهلل منهم دلدة عشرة قركف كاالضلراؼ كاالختالؼ كالتفرؽ كتوالت الرساالت على البشر كىم يف مث حدث الشرؾ إقباؿ كإدبار إذل أف أذف اهلل ببزكغ فجر الرسالة اخلاسبة كدلا أراد اهلل أف ؼلتم الرساالت اإلذلية بالرسالة اخلاسبة ناسب أف تكوف يف أمة أمية كأهنا على خلقتها األكذل قاؿ تعاذل: ى كالل و ي أىخ ى ر ى ج يكم م ن ب ي طيوف أيم ى هات يكم ال تىػع لى ي موىف ىشي ئنا ليكوف ذلك أقبل للرسالة فال تزامحها علو أك فلسفات أك جدؿ عقيم )النحل: فأراد احلق جل كعال أف تكوف الرسالة اخلاسبة يف أمة خالية من كل تعليم سابق كمن كل فلسفة موبقة كمن كل علو تيط غي أىلها للفرح دبا عندىم من العلم ف تدكا بو الوحي كما قاؿ تعاذل عن من كاف ىذا شأهنم: فىػلىم ا ى جاء ى تػ ي هم ي ر ي سلي ي هم ى ك ى حا ىؽ م ى ما ىكانيوا ب و ي ى س تىػه ز ئيوىف )غافر: (. قاؿ الشيخ ابن ب ال ب ى ػيػ نىات فىر ي حوا دب ىا ع ن ىد ي ىم م ى ن ال ع ل م سعدم رمحو اهلل: كاخلوارؽ العظيمة ادلناقض لدين الرسل. الذم جاءت بو الرسل )مث ذكر جرمهم الكب ت فقاؿ: فىػلىم ا ى جاء ى تػ ي هم ي ر ي سلي ي هم ب ال ب ى ػيػ نىا ت كالعلم النافع ادلب ت للهدل من الضالؿ كاحلق من الباطل من الكتب اإلذلية ي حوا دب ىا ع ن ىد ي ىم م ى ن ال ع ل م فىر كمن ادلعلو أف فرحهم بو يدؿ على شدة رضاىم بو كسبسكهم كمعاداة احلق كجعل باطلهم حنقا كىذا عا جلميع العلو اليت نوقض ا ما جاءت بو الرسل كمن أحقها بالدخوؿ يف ىذا علو الفلسفة كادلنطق اليوناين الذم ي رد ت بو كث ت من آيات القرآف كنقصت قدره يف القلوب كجعلت أدلتو اليقينية القاطعة أدلة لفظية ال تفيد شيئنا من اليق ت كيقد عليها ) ( عقوؿ أىل السفو كالباطل كىذا من أعظم اإلحلاد يف آيات اهلل كادلعارضة ذلا كادلناقضة فاهلل ادلستعاف(. كقاؿ الطاىر ابن عاشور رمحو اهلل: )ادلع ت: أهنم جادلوا الرسل ك ابركا األدلة كأعرضوا عن النظر. كما عندىم من العلم ىو معتقداهتم ادلوركثة عن أىل الضاللة من أسالفهم...كإطالؽ العلم على اعتقادىم هتك ه م كجرم ) ( على حسب معتقدىم كإال فهو جه ه ل ). )9( صحيح مسلم / )2( ادلسند / كقاؿ األلباين حديث صحيح سنن النسائي /. )3( انظر جامع البياف / كتفس ت ابنكث ت / )4( تيس تكال ادلناف. ( ) التحرير كالتنوير. /

6 كلو نظرنا يف العلم الذم كاف يف البشرية يو ذاؾ لوجدنا أنو ينقسم إذل قسم ت: قسم ال عالقة لو بالنبوة كالرسالة كعلو البياف كالبالغة كالطب كالفلك كالتاريخ كالنجو كقسم لو عالقة دبوضوعات الرسالة كىو العلم الذم يتناكؿ الشأف الدي ت كالعبادات كاالعتقادات كعلم الغيب كيدخل فيو صفات اهلل كأمساؤه كأفعالو كيدخل فيو أيضا ما غاب عنا من ادلبلوقات الغيبية كادلالئكة كالشياط ت كاألركاح كأحواؿ احلشر كالنشر كاجلنة كالنار كيتناكؿ أيضا أثارة من علم النبوة. فنجد أف القسم األكؿ كاف للعرب نصيب يس ت منو بو تقو حياهتم كال ينسبوف معو إذل العلم كشلا برزكا بو كما قاؿ الطاىر بن عاشور رمحو اهلل: )التفنن يف علم فنوف البالغة كاخلوض يف كجوه الفصاحة كالتصرؼ يف أساليب الكال كىو أعظم منتحالهتم فجاءىم دبا أعجزىم من القرآف الكر ن قاؿ تعاذل: ى ف بػ ىع يض ي عت األ ن ي س ى كاجل ن ى علىى أىف ي ى أ تيوا دب ث ل ىىذا ال يقر آف ال ي ى أ تيوىف ى دب ث ل و كلىو ىكا هم ل ب ى ػع وض قيل لىئ ن اج تى ى م ى ظىه ن تا )اإلسراء: (. كالقسم الثاين كادلوجود منو ىو خرص كزبم ت قاؿ اهلل عن أىلو: قيت ى ل اخل ىر ا ي صوىف. ال ذ ي ى ن ي ىم يف ىغم ى رةو ى سا ي ىوىف. ي ى س أىليوىف أىي ا ىف يػ ى و ي الد ين )الذاريات: (. ك ي جل و اف تاء على اهلل كقوؿ بال علم حكم عليهم العليم اخلب ت بأهنم ليس ذلم برىاف علمي كال دليل صحيح فيما يقولونو يف ىذه ادلوضوعات كأمثاذلا قاؿ تعاذل سلربا عنهم أهنم يقولوف بال علم: ى ما ىذل ي م ب و م ن ع ل وم إ ال اتػ ب ى ا ى ع الظ ن )النساء: ( قاؿ ذلك عنهم يف خوضهم يف شاف ادلالئكة كيف خوضهم يف شأف حقيقة ادلسيح عليو السال كهنايتو كيف نسبة الولد إذل اهلل تعاذل اهلل عما يقولوف علوا كب تا. كحيث إف ىذا القسم جلو خر ه ص كظن كزبم ت كقوؿ بال علم كانت السالمة من ىذه العلو زلمدةه ألف تعلمها كىي ذه الصورة ػلوؿ ب ت القلب كب ت االنتفاع باإلؽلاف كاالستفادة من الوحي بل يفسد القلب كيصيبو بالغركر كاالزدىاء كالتعارل كىو تعاوؿ مذمو ألنو فبر بباطل كمكابرة جبهل كاستقواء بالظن يف مقابل اليق ت كالعلم اإلذلي كالوحي الذم ال يأتيو الباطل من ب ت يديو كال من خلفو. كإذا كاف ذلك كذلك كانت األمية يف ذلك الزماف زلمدة ك انت البيئة ادلناسبة للوحي اإلذلي األخ ت ىي ع ت ما اختاره اهلل لرسالتو كدينو فاحلمد هلل على اختياره كقضائو كحكمو كصدؽ اهلل حيث يقوؿ: الل و ي أىع ل ى ي م ى حي يث ىغل ى ع ي ل ر ى سالىتى و ي )األنعا: (. الصفاء العقلي كالبقاء على اخلل ىقة األكذل كالسالمة من اللوثات الفلسفية ادلغ رقة كاجلدؿ ادلنطقي فلم يكن للفلسفة أك علو ادلنطق أم كجود يف ىات ت ادلدينت ت بل بقيتا على السالمة األصلية فلم تكن الفلسفة معركفة يف مكة كادلدينة يف تلك الف تة كلذا كاف اجلدؿ العقلي ب ت مشركي مكة كاليهود من جهة كالنيب الكر ن مقتصرا على احلجج العقلية اليت تدركها كربتج ا

7 العقوؿ اخلالية من مقدمات الفلسفة كزبرصاهتا لذا رأينا أف احلجج اليت احتج ا مشركو قريش ال تتجاكز أصابع اليد الواحدة ك لها شبو شلا يرد على العقل الفطرم كىذه الشبو أخرب اهلل عنها يف زلكم تنزيلو كأبطلها غاية اإلبطاؿ كلعل أبرز ىذه الشبو ما يلي: الشبهة األكذل: أخرب اهلل عنهم أهنم استبعدكا البعث كطالبوا أف يػ ي ب عث آباؤىم ليتب ت ذلم صدؽ الرسوؿ قاؿ جل ثناؤه كتقدست أمساؤه: ى كإ ذىا تػيتػ لىى ى علىي ه م آىي ى اتػينىا بػ ى يػ نىا و ت ى ما ىكا ىف ي حج تىػ ي هم إ ال أىف قىاليوا ائػ تيوا ب آىب ى ائ نىا إ ف يكن تيم ى صاد ق ى ت )اجلاثية: (. الشبهة الثانية: كىي ال تبعد كث تا عن الشبهة األكذل بل ىي من مكمالهتا ك ال الشبهت ت تدافعاف حقيقة البعث كالنشور فهم يستعظموف أف يعادكا إذل احلياة بعد أف كانوا رميما كعززكا حجتهم كاستشهدكا ذلا بأف آباءىم قد ي كعدكا ذلك كدلا يبعثوا بعد قاؿ اهلل عز كجل سلربا عن قيلهم: ى كيكن ا تػي ى راب ن ا قىاليوا أىئ ىذا م تػ نىا ى كع ظىا ن ما أىئ ن ا لى ى مبػ ع ي وثيوىف. لىىقد ي كع د نىا ىضل ي ن ى كآىب ى ايؤنىا ىىذا م ن قىػب ي ل إ ف ىىذا إ ال أى ى ساط ت ي ى األ ىك ل ت )ادلؤمنوف: ى جا ى رةن أىك ى حد يندا. أىك ى خل نقا شل ا (. ى كقىاليوا أىئ ىذا يكن ا ع ظىا ن ما ى ك ي رفىاتنا أىئ ن ا لى ى مبػ ع ي وثيوىف ى خل نقا ى جد يندا. قيل يكوني وا ح ي ص يدكر يكم فى ى سي ى ػيقوليوىف ى من ي ع ي يدنىا قيل ال ذ م فىطى ى ريكم أىك ىؿ ى مر ةو فى ى ك ى س ي هم ى كيػ ىيقوليوى ف ى م ى سيػن غ يضوىف إ لىي ى ك ي رء ي ىت ي ى ك ب ي ػ ي ر يف ي ى ى و قيل ى ع ى سى أىف ي ى يكوىف قىر يب ن ا )اإلسراء: (. الشبهة الثالثة: شلا احتج بو ادلشركوف كدافعوا بو إفراد اهلل بالوحدانية أف تكوف العبادة كلها هلل كحده كأف ال يعبد العباد إال ربا كاحدا فقاؿ جل ثناؤه: ى ك ى عج ب ي وا أىف ى جاء ى ي ىم ي من ذ ه ر م نػ ي هم ىكذ ا ه ب. أى ى ج ى ع ى ل اآل ىذل ى ةى إ ىذل ن ا ى كاح ندا إ ف ىىذا لى ىشي ء ه ع ي ى جا ه ب )سورة ص: (. ى كقىاىؿ ال ى كاف ي ركىف ىىذا ى ساح ه ر كىذاف األمراف: التكذيب بالبعث كإنكار الوحدانية علا ادلسألتاف العظيمتاف اللتاف كذب ما ادلأل من كل أمة كعليهما مدار اخلصا كاجلداؿ ب ت الرسل عليهم الصالة كالسال كأقوامهم. كىذه احلجج اليت احتج ا ادلشركوف زلدكدة كقليلة كيكفيهم قوؿ احلق عنهم يف اآلية السابقة: ى ما ىكا ىف ي حج تىػ ي هم إ ال أىف قىاليوا ائػ تيوا ب آىب ى ائ نىا )اجلاثية: (. بل ىي داحضة كباطلة كساقطة كحكم اهلل عليهم بذلك ىضةه ع ن ىد ىر م ي هم ى الل و م ن بػ ى ى ع د ما اس تيج ي ى ب لىو ي ي حج تيػ داح فقاؿ احلق كقولو الصدؽ: ى كال ذ ي ى ن يػل ى اج وىف يف )الشورل: (. كدلا أعيتهم احليلة ككجدكا أف حجتهم داحضة طالبوا يكوف بأف يكوف الرسوؿ ملكا أك أف يكوف معو ملك أك لو جنة يأكل منها أك أف يرقى إذل السماء فينز ؿ عليهم كتابا يقرؤكنو كرموه بالكذب كاجلنوف كالشعر كالسحر كأف القرآف لو أنزؿ على غ ته شلن ىو خ ت منو أك نزؿ ىذا الكتاب على عظيم من

8 عظمائهم التبعوه كسألوه على سبيل التعجيز كاإلفحا عن اجلباؿ كعن كاألىلة كعن ذلك آيات القرآف الكر ن. الساعة كما بينت كدلا أجاب اهلل عن أسئلتهم باجلواب ادلناسب كأبطل مطالبهم كب ت احلق سبحانو أف ىذه ادلطالب ليست ىي اليت سبنح احلق حجة كقبوال باحلجة كينصركهنم على الرسوؿ زلمد عنده علم من الكتاب. جلأ ادلشركوف إذل اليهود ألهنم أىل كتاب فظنوا أهنم سيمدكهنم فأرسلوا كفدا إذل ادلدينة يق تضوف منهم احلجة كرغبوا يف الىفلىج شلن قاؿ العماد ابن كث ت رمحو اهلل: )بعث كفار مكة إذل أىل الكتاب يسألوف منهم ما ؽلتحنوف بو النيب فقالوا: سلوه عن رجل طواؼ يف األرض كعن فتية ال يدرل ما صنعوا كعن الركح فنزلت سورة الكهف(. كيف مقا آخر ألقى شياط ت اليهود مجلة من األسئلة على الرسوؿ الكر ن إال نيب ليمتحنوه كليعلموا صدقو )فعن بن عباس فقالوا: يا أبا القاسم إنا إسرائيل ي أخذ تنا عيناه كال ينا قلبو. على بنيو إذ قالوا: فمن خالؿ ما سبق يتب ت فادلشركوف اقتصرت رضي اهلل عنهما شلا يعلموف أنو ال غليب عنها قاؿ أقبلت يهود إذل رسوؿ اهلل نسألك عن مخسة أشياء فإف أنبأتنا ن عرفنا أنك نيب كاتبعناؾ على ما نقوؿ ك يل اهلل ىاتوا. قاؿ: ) ( قالوا أخربناكيف تؤن ث ادلرأة ك يف تذ كر...(. قالوا: فأخذ عليهم ما أخربنا عن عالمة النيب قاؿ للقارئ أف كال الفريق ت دل تظهر الفلسفة كحججها كترىاهتا يف جداذلم حجتهم على ما تدركو العقوؿ الفطرية السادلة من اللوثات الفلسفية البغيضة كاجلدؿ ادلنطقي العقيم كاليهود اقتصرت حجتهم على ادلعارؼ النبوية السابقة اليت استقوىا من الوحي السابق فهم إذان دل يكن عندىم ما ػلاج وف بو كغلادلوف بو إال بقايا م تاث النبوة فكأهنم من حيث ال يشعركف ينصركف النيب كيسعف اليهو ي د كفا ى ر قريش باحلجة كلكنها من حيث ال يشعر الفريقاف ستكوف حجة للرسوؿ كىذا من مكر اهلل بالفريق ت ألف اليهود قالوا سلوه عن كذا ك ذا كىذا يدلنا من كجو آخر على فإف أجاب فهو نيب. أف اليهود ادلوجودين يف ادلدينة دل يكن لديهم معارؼ فلسفية كال دالئل منطقية كإال لقدموىا ب ت يدم نصرهتم دلشركي العرب دلعرفتهم أف النيب الفلسفة كمكوناهتا. دل يكن لديو معرفة ذه )9( تفس ت ابنكث ت /. )2( احلديث أصلو يف صحيح مسلم / كادلسند / كصحيح ابن خزؽلة /.

9 إذا كل أطياؼ ا تمع ادلكي كادلدين كىو رلتمع الرسالة سادل من النزعة الفلسفية كاللوثة اإلغريقية كاليونانية. كلذ ذبد أف الفريق ت دل غلادلوا يف كصف النيب هلل بالصفات كال يف نسبة األفعاؿ إليو جل ثناؤه كال يف مكانة العقل الفعاؿ أك العقوؿ العشرة كال يف أثر القول اخلفية كادلالئكة أك الشياط ت يف تدب ت الكوف كما دل يناقشوا يف تناسخ األركاح أك احللوؿ كاالرباد ب ت العابد كادلعبود. أف الفريق ت دل غلعلوا العقل معيارا للقبوؿ أك الرفض فيما يقبلوه أك يرفضوه من الوحي إظلا جعلوا ادلعيار أهنم دل يألفوه عند آبائهم كأسالفهم كطفقوا يكذبوف كيكابركف كلذا دل صلد أهنم قالوا ىذا أمر ترفضو العقوؿ كربيلو كتأنف منو الفطر السليمة. كإذا نظر ادلتأمل يف مواقف ادلشرك ت أك اليهود من الرسوؿ ادلوقف األكؿ: العناد كاالستكبار مع ادلعرفة التامة بأنو احلق. أك من الوحي ذبد أنو ال تعدكا ادلواقف التالية: ادلوقف الثاين: ادلعرفة التامة بصدقو مع عد اإلؽلاف بو لكن دكف معاندة أك سلاصمة أك استكباركما يف خػرب احلػرب الػذم سػأؿ الرسػوؿ عػن كضػع احلػق سػبحانو كتعػاذل السػموات علػى أصػبع كاألرضػ ت علػى أصبع إخل كالقصة يف الصحيح ت كيف غ تعلا. ادلوقف الثالث: احلسد مع التصديق بأنو احلق كالعز علػى الكفػر بػو كادلأل يف كل أمة. ادلوقف الرابع: اإلؽلاف بو كاإلذعاف للحق الذم جاء بػو دل يسلم من يهود سول نفر يس ت. كىػذا ديػدف كثػ ت مػن الرؤسػاء ادلتبػوع ت كىػذا أكثػر يف كفػار قػريش كسػائر العػرب بينمػا التضحية من أجل ادلبدأ الذم يؤمنوف بو كىذا كاضح جلي يف س تىم سواء يف جاىليتهم أك يف إسالمهم فكانوا يئدكف البنات خوفا من العار كيف قصة فداء عبد ادلطلب البنو عبد اهلل دبئة من اإلبل ) ( شاىد لذلك حيث عز على ذبح ابنو كفاء بنذره كما كانوا يبارزكف آباءىم كيفاصلوف أمهاهتم من أجل ادلبدأ الذم يؤمنوف بو كما يف خرب سعد بن أيب كقاص مع أمو كأيب عبيدة بن اجلراح مع كالده كغ تىم حىت أنزؿ اهلل فيهم قولو تعاذل: ال ىذب يد قىػو ن ما يػ ي ؤ م نيوىف ى ب الل و كال ي ى ػو اآل ىخ ر يػ يى واد كىف ى من ى حاد الل و ى ى ك ى ر ي سولىو ي ى كلىو ىكانيوا آى ب ى اء ى ي ىم أىك أىبػ نى اء ى ي ىم أىك إ خ ى وانػى ي هم أىك ع ىش ى تتىػ ي ه م )ادلمتحنة: ( قاؿ القاضي عياض )9( صحيح الببارم /. كصحيح مسلم /. )2( الركض األنف /

10 رمحو اهلل: )كىؤالء أصحابو قد قتلوا أحباءىم كقاتلوا آباءىم كأبناءىم يف مرضاتو كقاؿ لو عبداهلل بن عبداهلل بن أيب: لو شئت ألتيتك برأسو يع ت أباه(. الشجاعة كاإلقدا فلم يعرؼ اجلنب ذلم طريقا شاىد على ذلك حينما استشار ك ل مقا قاموه مع رسوؿ اهلل كمن ذلك تسابق ادلهاجرين كاألنصار لبذؿ األنفس كاألمواؿ يف الرسوؿ الكر ن النا ى س فقا كجهاء القو فقالوا كأحسنوا مث يف جهاد فهو خ ت سبيل اهلل يف بدر قا سعد بن عبادة فقاؿ:)لو أمرتنا يا رسوؿ اهلل أف طليضها البحر ألخضناىا كلو أمرتنا أف نضرب أكبادىا إذل برؾ ) ( الغماد لفعلنا( ىذا فضال عن بالئهم كجهادىم يف سائر الغزكات كاحلركب اليت شهدكىا مع الرسوؿ أك بعده بل حىت النساء شاركن يف ىذا ادلضمار العظيم كما خرب أ عمارة عنا ببعيد يف معركة أحد رضي اهلل عنها كأرضاىا عظيمت ت يف كقت كاحد بل إف أعظم شاىد ذلم على شجاعتهم كإقدامهم مواجهة إمرباطوريت ت بل ىزؽلتهما كالقضاء عليهما يف كقت قص ت جدا مع الفارؽ العظيم يف العتاد كالعدة. كدل يكونوا كب ت إسرائيل حينما قالوا دلوسى عليو السال كما أخرب اهلل عنهم: قىاليوا ي ى ا لىن نىد ي خلىى ها أىب ىندا ى ما ى دا ي موا ف ي ى ها فىاذ ىب أىن ى ت ى ك ى رب ىك فىػىقات ىال إ ن ا ىا ي ىنىا قىاع يدكىف )ادلائدة: (. ي مو ى سى إ ن ا القوة يف احلجة كاللدد يف اخلصومة قاؿ تعاذل سلربا عن حاذلم يف سلاصمتهم لنبيو : ى كقىاليوا أىآىذل ى تيػنىا ى جىدالن ب ى ل ي ىم قىػو ه ى خص ي موىف )الزخرؼ: (. قاؿ الشوكاين رمحو ى خيػ هر أى ي ى ى و ى ما ى ض ى رب ي وه ي لى ىك إ ال ) ( اهلل:)شديدك اخلصومة كث تك اللدد عظيمو اجلدؿ(. كحينما ينظر ادلرء يف ادلدة اليت قضاىا الرسوؿ يف مكة ادلكرمة غلد أهنا شللوءة دبواقف اجلدؿ كاخلصا بينو كبينهم ك لما نقض الوحي شبهة جددكا شبهة أخرل حىت قاؿ احلق: )الفرقاف: ى كال ي ى أ تيونى ىك دب ىث ى ول إ ال ج ئػ نىا ىؾ ب احل ى ق ى كأىح ى س ى ن تىػف س ن تا ( أم كال يأتونك بشبهة إال جئناؾ دبا يبطلها كينقضها كىم مع ذلك رزقوا ذكاء مفرطا كدل يرزقوا زكاء ن كرزقوا جدال كدل ا الرسالة أك الرسوؿ إال كقد أثاركىا يف كجو الرسوؿ ىذه الشبو رغم كثرهتا كتنوعها كطوؿ أمدىا دل تكن سفسطة حيث ادلقدمات كال من حيث النتائج. يرزقوا ىدل ذلك أف ما من شبهة ؽلكن أف يرمى ا اإلسال أك ترمى مث تكفل الوحي الكر ن باجلواب عنها ك ل كدل تنطلق من منطلقات الفلسفة ال من كحينما ينظر ادلرء يف أدلة القرآف كبراىينو ادلتعلقة باأللوىية كبالبعث كتنوعها ما ب ت ضرب مثل أك برىاف عقلي أك تفنيد شبهة يدرؾ حجم اخلصا الذمكاف يواجو بوكفا ي ر قريش الرسوىؿ كلعل يف خرب )1( الشفا بالتعريف حبقوؽ ادلصطفى / كانظر س ت أعال النبالء /. )2( س ت أعال النبالء / كالس تة النبوية البنكث ت /. ) ( فتح القدير /.

11 الوليد بن ادلغ تة مع أيب جهل خ ت شاىد على انقطاع حجتهم كعجزىم عن رلا ة الوحي فعن ابن عباس رضي اهلل عنهما أف الوليد بن ادلغ تة جاء إذل رسوؿ اهلل فقرأ عليو القرآف فكأنو رؽ لو فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقاؿ: يا عم إف قومك يريدكف أف غلمعوا لك ماال. قاؿ: دل قاؿ: ليعطوكو فإنك أتيت زلمدا لتعرض ما قبلو! قاؿ: قد علمت قريش أىن من أكثرىا ماال. قاؿ: فقل فيو قوال يبلغ قومك أنك منكر لو. قاؿ: كماذا أقوؿ فو اهلل ما منكم رجل أعرؼ باألشعار م ت كال أعلم برجزه كال بقصيده م ت كال بأشعار اجلن كاهلل ما يشبو الذم يقوؿ شيئا من ىذا ككاهلل إف لقولو الذم يقولو حالكة كإف عليو لطالكة كإنو دلثمر أعاله مغدؽ أسفلو كإنو ليعلو كال يعلى كإنو ليحطم ما ربتو. تقوؿ فيو. قاؿ: قف ع ت حىت أفكر فيو. قاؿ: ال يرضى عنك قومك حىت فلما فكر قاؿ: إف ىذا إال سحر يؤثر يأثره عن غ ته. كدلا أعيتهم احليلة كانقطعت حجتهم جل ؤكا إذل احلصار كحاكلوا قتلو كرد اهلل كيدىم يف ضلورىم كأبطل سعيهم إذ سعي الكافر يف تباب كضالؿ. أف ىات ت ادلدينت ت دل تكن ذلما صالت فكرية أك سياسية أك اقتصادية بارزة بل كانتا تقتاتاف من رحلة الشتاء كالصيف للشا كلليمن كللقبائل اليت تسكن يف أطراؼ اجلزيرة عالقات مع بعض اإلمارات ا اكرة كعلا فق تتاف من حيث ادلوارد فلم تكونا تيقصداف شبو معزكلت ت كىذا يدؿ على أهنما دل تكونا مؤثرت ت يف غ تعلا كغ ت متأثرت ت فهما كال تصدراف دبا يعتلج يف تلك البالد ا اكرة من فكر أك فلسفة أك تنظيم فهي سادلة من أم احتكاؾ أك تفاعل ثقايف أك فكرم أك عقدم فهما يعيشاف شبو عزلة اقتصادية كسياسية كفكرية كعقدية كىذا كاف سببا يف أف توف ر ذلم نوع من احملافظة على البيئة األصلية السادلة من ادلؤثر اخلارجي. كألف ذلذه البيئة من اخلصائص كالسمات ما لغ تىا كألف اهلل أراد أف تبقى على مر الدىر موئال لإلسال كمأرزا للدين لذا جاء يف التوجيهات الربانية كالسنن النبوية باحملافظة على مكة كادلدينة فال يدخلهما كافر كأال يبقى يف جزيرة العرب إال اإلسال كأمر بإخراج اليهود كالنصارل من جزيرة العرب كب ت أهنما مأرز اإلؽلاف كمالذ اإلسال كأف الدجاؿ ال يدخلهما كل ذلك حىت يبقى موطن كمهب الوحي زلافظا على الرسالة قدر ادلستطاع على قدر كاؼ من النقاء كالصفاء الذم يضمن استمرار التطبيق الصحيح للدين بعيدا عن زغل ادلرجف ت كتكلف ادلتشدق ت كفلسفة ادلتهوك ت. )1( الس تة النبوية البنكث ت ص. كانظر الشفا بتعريف حقوؽ ادلصطفى /.

12 المبحث الثاني: عصر الرسالة والخالفة الراشدة امتد عصر الرسالة النبوية على صاحبها أ ب الصالة كأزكى التسلم ثالثا كعشرين سنة كما امتد عصر اخلالفة الراشدة دلدة ثالث ت سنة فكاف رلموع ذلك اثن ت كمخس ت سنة كىذا كاهلل أعلم حلكمة عظيمة قد نقف على شيء منها كقد زبفى على البشر فال يعلموف مراد اهلل منها لكن يظهر كاهلل أعلم أف ىذا التقدير اإلذلي لو فائدة عظمى تعود على الرسالة كعلى الرسوؿ كعلى األمة من بعده بل على البشرية كذلك لألمور التالية: األول: أف مخس ت سنة مدة كافية ألف يظهر فيها جيالف من البشر إذ الفارؽ ب ت اجليل البشرم كاجليل الذم يليو مخسة كعشركف سنة مث ؼلرج من ىذا اجليل جيل آخر كلينظر اإلنساف نفسو كمن حولو غلد أف اإلنساف يولد لو الولد ىو قريب من اخلامسة كالعشرين فإذا بلغ اخلمس ت ى سعد بأحفاده كىلم جرا. كإذا أيخذ ىذا يف احلسباف أدركنا أف ىذه ادلدة كافية ألف ي تىب اجليل الذم عاصر الرسوؿ مث يتناسل منو جيل آخر كي تىب يف بيئة الوحي سواء تريب على يد الرسوؿ أ على أيدم اخللفاء الراشدين رضي اهلل عنهم أمجع ت فيعيش ىذاف اجليالف كي ي ص نعاف على ع ت النيب الكر ن إؽلانا كإسالما كتسليما كتعلما كتعليما كاعتقادا كسلوكا فبهذا يكوف قد حقق اهلل ذلذا الدين أف يتبرج من مدرسة النبوة كاخلالفة الراشدة جيالف بشرياف على أقل تقدير ػلمالف الدين احلق ال يعرفاف إال اإلسال الصحيح كاالعتقاد ادلوافق للحق كال يسلكاف إال طريق اذلدل خالياف منكل دغل كخطل كيف ال كىم أصال يف بيئة دل تعرؼ السفسطة الفلسفية العقيمة. الثاني: أف عصر الرسالة كاخلالفةكافكافيا لتطبيق اإلسال بكل تفاصيلو كشعائره كأخالقو كىديو بل ىذه ادلدة كفيلة بأف تظهر فيها كل احلاالت احملتملة من اضلراؼ أك غلو أك إفراط أك تفري أك خطأ مرده إذل الضعف البشرم سواء كاف ىذا اخلطأ نتيجة شهوة أك شبهة كىذه ادلدة كافية لتقو نكل اعوجاج كرد كل شبهة أك شهوة خفية أك ظاىرة كلذا قلما ذبد شبهة أك اضلرافا ظهر يف األمة فيما بعد إال كذبد أصلو أك قريبا منو ظهر يف عصر الرسالة كاخلالفة كال ؼلفى أف بوادر الغلو يف الدين كاإلرجاء كالتشيع كإنكار القدر ظهرت يف ىذا العصر العظيم فكانت ادلعاجلة أما ربت نظر النيب الكر ن أك ربت نظر اخللفاء الراشدين رضي اهلل عنهم كأرضاىم فكاف ىذا التقو ن كالعالج خ ت قدكة دلن أتى بعد ىذا العصر الزاىر كلذاكانت سنة اخللفاء يف معاجلة االضلراؼ ىي السنة اليت سار عليها من بعدىم. الثالث: أف ىذه ادلدةكافية ألف ت تىب أمة الرسالة تربية إؽلانية راشدة على الوحي كتتسابق يف البذؿ كالعطاء من أجلو كتعاجل يف ىذه ادلدة كل النوازع السيئة يف النفس البشرية حىت إذا انتهت ىذه ادلدة فإذا ىو قد

13 زبرج فيها آالؼ البشر ك أظلا خلقوا خلقا آخر بالوحي كبال تبية على يد الرسوؿ كعلى أيدم خلفائو الكرا رضي اهلل عنهم فإذا البشر الذين كانوا يف مكة كادلدينة يستضعفهم الفرس كالرك كال يركموف ألنفسهم ملكا أك نظاما تزكو أنفسهم كترتقي أخالقهم كتتهذب طبائعهم كيقيموف خالفة راشدة كيسوسوف العباد كالبالد كيقارعوف أعىت الدكؿ عدة كعتادا كدلا انداحت دائرة الفتوح اإلسالمية ر ىؤالء الرجاؿ األمم اليت قصدكىا فأسلمت اجلموع اقتداء ن ذه النماذج اإلؽلانية الرائعة كلذا دلا كضع الفرنسي المارت ت عا كأكملو قاؿ: مقاييسو الثالثة للعظمة اإلنسانية اليت كجدىا توافرت يف الرسوؿ على أ ب كجو )لو أف عظمة الغاية كقلة الوسائل كالنتائج ادلذىلة ىي ادلقاييس الثالثة لعبقرية اإلنساف فمن الذم غلرؤ على مقارنة أم رجل عظيم يف التاريخ احلديث دبحمد إف أشهر الرجاؿ أسسوا اجليوش ككضعوا القوان ت كأسسوا اإلمرباطوريات فق إهنم دل ينشئوا أكثر من سلطة مادية كث تا ما ضعفت أما أعينهم. إف ىذا الرجل زلمدا دل يؤثر فق يف اجليوش كالتشريعات كاإلمرباطوريات كالشعوب كاألسر احلاكمة كلكنو أثر أيضا يف مالي ت الرجاؿ بل أكثر من ذلك فقد أزاح مذابح الكنائس كغ تىا من األنصاب كاآلذلة كاألدياف كاألفكار كادلعتقدات الزائفة كاألنفس الظادلة(. اختص كقد اهلل أىل ىذا العصر خبصائص عظيمة يف التصديق كاالتباع كالبذؿ كالتضحية كاجلهاد كالتسليم كاإلؽلاف بل يكفي ذاؾ الزماف أف تعط ر بأنفاس ادلصطفى كافتبر بأف عاش فيو خيار خلق اهلل بعد األنبياء كىم صحابة رسوؿ اهلل كرضي اهلل عنهم أمجع ت كشلا اختص اهلل بو أكلئك القو أمور ال ػلصيها حصر أك عد لكن نذكر منها ما يتطلبو ىذا ادلوضوع فمن ذلك: األول: أهنم أفضل القركف بشهادة الرسوؿ حيث قاؿ:) ى خيػ ي ر الن اس قىػر ين مث ال ذ ي ى ن يػ ى ليونػى ي هم يمث ال ذ ي ى ن ) ( يػ ى ليونػى ي هم (. قاؿ النوكم رمحو اهلل: )كأف قولو : "خ تكم قرين" على اخلصوص معناه خ ت الناس قرين أم السابقوف األكلوف من ادلهاجرين كاألنصار كمن سلك مسلكهم ) ( باحلديث( كىم ادلرادكف فهؤالء أفضل األمة بل ىذا القرف ىم خ ت الناس كافة منذ خلق اهلل آد إذل أف تقو الساعة ال كاف كال يكوف مثلهم بعد األنبياء قاؿ شيخ اإلسال ابن تيمية رمحو اهلل: ( ى ك ى من نىظى ى ر يف س ى تة ال ىقو ب ع ل وم ى كب ى ص ى تة و ى ك ى ما ى من يف م ثػ ليي هم ى كأىنػ يه ي خ يػ ي ر اخل ىل ق بػ ىع ىد األىن ب ي ى اء الى ىكا ىف ى كال ي ى يكو م اهلل ي ى علىي ه م ب و م ى ن ال ىف ىضائ ل ى عل ى م ي ى ق ينا أىنػ ي هم ) ( ى كأىك ى ر ي م ى ها ى علىى اهلل (. الص ف ى وةي م ن قيػ ي ركف ىذ ه األيم ة ال يت ى ى ي ى خيػ ي ر األي ى مم )1( الرسوؿ األعظم يف مرآة الغرب عبد الراضي زلمد عبد احملسن. )2( صحيح الببارم / كصحيح مسلم /. )3( شرح النوكم على مسلم /. )4( الواسطية ص.

14 الثاني: أهنم عدكؿ ثقات حازكا من اإلؽلاف أفضلو كأكملو كأكفاه حىت أث ت اهلل عليهم يف آيات كث تة تثبت صدؽ إؽلاهنم كبذذلم يف سبيل اهلل كتبشرىم دبغفرة اهلل كرضواهنم عنهم كما يف قولو جل شأنو: ى كال ذ ي ى ن اتػ ب ى ػع ي و ي ىم ب إ ح ى سا وف ى رض ى ي الل و ي ى عنػ ي هم ى ك ى ر ي ضوا ى عن و ي ى كأى ى عد ى ذل ي م ى كالس اب يقوىف األ ىك ليوى ف م ى ن ال ي م ى هاج ر ي ى ن ى كاأل ىن ى صار عظ يم )التوبة: (. كغ تىا كث ت قاؿ ى جن ا و ت ىذب ر م ىرب تىػ ى ها األ ىنػ ى ها ي ر ى خال د ي ى ن ف ي ى ها أىب ىندا ذىل ىك ال ىفو يز ال ى ي عبداهلل ابن مسعود رضي اهلل عنو عن الصحابة: )أكلئك أصحاب زلمد كانوا أفضل ىذه األمة أبرىا قلوبا كأعمقها علما كأقلها تكلفا قو اختارىم اهلل لصحبة نبيو كإقامة دينو فاعرفوا ذلم فضلهم كاتبعوىم يف آثارىم كسبسكوا دبا استطعتم من أخالقهم كدينهم فإهنمكانوا على اذلدل ادلستقيم(. الثالث: أهنم أعظم الناس متابعة كتصديقا لرسوؿ اهلل قلو ى ب أعدائهم كيف خرب اإلسراء أف الرسوؿ حىت كاف تصديقهم مضرب ادلثل ك ر تصدييقهم دلا أخرب كفار قريش خبربه كذبوه كأتوا إذل أيب بكر فقالوا: )يا أبا بكر ىل لك يف صاحبك ؼلرب أنو أتى يف ليلتو ىذه مس تة شهر مث رجع يف ليلتو. فقاؿ أبو بكر ) ( رضي اهلل عنو: إفكاف قالو فقد صدؽ كإنا لنصدقو فيما ىو أبعد من ىذا نصدقو على خرب السماء(. كيف موطن آخر ؼلرب النيب الكر ن بذلك كىم دلا ػلضركا أك يشهدكا ا لس أقبل علينا بوجهو فقاؿ: صحابتو خبرب من أخبار الغيب مث يشهد أف أبا بكر كعمر يؤمنوف أيب ىريرة فعن بينا رجل يسوؽ بقرة إذ ركبها فضر ا قالت: رضي اهلل عنو: صلى بنا رسوؿ اهلل إنا دل طللق ذلذا صالة مث إظلا خلقنا للحراثة فقاؿ الناس: سبحاف اهلل بقرة تتكلم. فقاؿ: فإين أكمن ذا أنا كأبو بكر غدا غدا كعمر كما علا مث... ) ( إخل كخرب زكجة عبداهلل بن ركاحة شلا يستشهد بو يف ىذا ادلوطن ذلك أنو حينما كقع على جاريتو ففزعت من ذلك زكجتو فأنكر ذلك فطلبت منو أف يقرأ القرآف ألف اجلنب ال يقرأ القرآف فأمسعها شيئا ىك ى حىت ب ىىدت ى كىكذ ب ي ت ال ب ى ى ص ى ر. يمث ىغىدا ى علىى ى ر ي سوؿ اهلل فى أىخ ب ى ػ ى ره ي فى ىضح من الشعر فىػىقالى ت: )آ ى من ي ت ب الل و ) ( نػى ى واج ى ذه ي ) كقاؿ ابن عبد الرب كقصتو )أم عبد اهلل بن ركاحة( مع زكجتو ح ت كقع على أمتو ركيناىا من كجوه صحاح. المبحث الثالث: الصراع خارج البيئة األولى بين الوحي ومخلفات القرون السالفة )1( شرح العقيدة الطحاكية البن أيب العز احلنفي الطبعة ادلصرية. )2( تفس ت ابنكث ت /. )3( ادلسند /. قاؿ شعيب األرنؤكط: إسناده صحيح على شرط الشيب ت. )4( ركاه الدار قط ت / االستيعاب /.

15 ذكرت يف ادلبحث ت السابق ت أف اهلل سبحانو كتعاذل اختار مكاف الرسالة كزماهنا كاختار الرسوؿ كاختار صحابتو رضواف اهلل عليهم أمجع ت كاختار اجلنس الذم بعث فيو الرسوؿ ذلك االختيار كاف حلكوم دل نعلم. عظيمة علمنا بعضها كغاب عنا الكث ت منها كاللغة اليت نزؿ ا القرآف كل كآمنا ذه كتلك شلا علمنا منو كشلا كلذلك دلا خرج الصحابة رضي اهلل عنهم كالتابعوف إذل خارج جزيرة العرب كخرج الوحي إذل البالد اليت عششت فيها الفلسفة ك أس نت فيها العقوؿ كزببطت فيها األفها كفسدت فيها الفطر ك انت سوؽ الفلسفة كادلنطق قائمة كبضاعتها نافقة دل تقبل فئا من تلك األقوا شلن فسدت فطرىم كتغ تت عقوذلم كاضطربت مقاييسهم دل تقبل الوحيكما قبلو الصحابة كدل يسل موا لوكتسليمهم كدل يؤمنوا بوكإؽلاهنم كدل ينتفعوا بو كانتفاعهم بل عارضوه كنصبوا لو ادلناىج ادلنحرفة اليت أرغموا الوحي على أف يكوف تابعا ذلا كأف ؼلضعوا أدلتو كبراىينو كحقائقو كغاياتو إذل ما عندىم من العلم ادلرذكؿ كادلنطق ادلبذكؿ فما كافق أدلتهم من الوحي قبلوه كما خالفو ردكه بل عدكا من آمن بو كسل م لو ناقص العقل ضعيف الفهم قليل احلكمة ضعيف اإلدراؾ كتفرقت األمة إذل مدارس كمناىج كفرؽ كأحزاب كل يكفر سلالفو ك ل يزعم أنو على اذلدل ادلستقيم ك ل يرل أف احلق يسنده كىو ينافح عن احلق كصنفت يف ذلك الكتب اليت تؤسس ذلذا الباطل كترد على ادلبالف كتنافح عن ادلنهج ادلبالف بل أصبحت ىناؾ قوان ت معركفة مشهودة يرد ا الوحي كقانوف الغزارل الذم ردده من بعده اجلوي ت كصاغو كطار بو الرازم يف كتابو أساس التقديس كالعقلية حيث يقوؿ كما نقل ذلك عنو شيخ اإلسال ابن تيمية رمحو اهلل: أك السمع كالعقل فإما أف غلمع بينهما كىو زلاؿ زلاؿ ألف العقل أصل النقل أصل الشيء قدح فيو أف ي ي تأكؿ كإما أف يفوض. أك النقل كالعقل )إذا تعارضت األدلة السمعية أك الظواىر النقلية كالقواطع العقلية أك ضلو ذلك من العبارات ألنو مجع ب ت النقيض ت فلو قدمناه عليو كاف ذلك قدحا يف كإما أف يردا مجيعا فكاف تقد ن النقل قدحا يف النقل كالعقل مجيعا كأما إذا تعارضا تعارض الضدين امتنع اجلمع بينهما كدل ؽلتنع ارتفاعهما كإما أف يقد السمع كىو العقل الذم ىو أصل النقل فوجب تقد ن العقل كالقدح يف مث النقل إما كىذا الكال قد جعلو الرازم كأتباعو قانونا كليا فيما يستدؿ بو من كتب اهلل تعاذل ك ال أنبيائو عليهم السال كما ال يستدؿ بو كذلذا ردكا االستدالؿ دبا جاءت بو األنبياء كادلرسلوف يف صفات اهلل تعاذل كغ ت ذلك من األمور اليت أنب ؤكا ا كظن ىؤالء أف العقل يعارضها( فالقارئ يدرؾ يف ىذا القانوف كيف غ ته شيئا من مناىجهم اليت جعلوىا )9( درء تعارض العقل كالنقل /

16 سبال ي ي رد ا الوحي كسأكرد ثالثة أمثلة من الوحي ليتب ت لنا كيف أف اهلل أراد ا أف تكوف حجة كبرىانا كىداية للبلق كلكنها عند ىؤالء احملركم ت أدلة للسلب كالتنق ص للبارم كتعاذل كتقدس عن أفكهم كظنوهنم المثال األول: جل شأنو كتقدست أمساؤه كيتب ت لنا أيضاكيف حرموا االنتفاع ا كإليك ىذه األمثلة: ذكر اهلل يف سورة األنعا مجلة من الرباى ت العقلية النقلية للتدليل على فساد عبادة من سواه كعلى إبطاؿ دعول نسبة الولد إذل اهلل تعاذل اهلل عن ذلك علوا كب تا كىذه الرباى ت كاردة يف اآليات ي م الل و ي ادلبدكءة بقولو تعاذل: إ ف الل و ى فى ال ي ق احل ى ب ى كالنػ ى ول يؼل ر ي ج احل ى ي م ى ن ال ى مي ت ى كيسل ر ي ج ال ى مي ت م ى ن احل ى ي ذىل يك فىأىىن تػيؤ فى يكوف إذل قولو تعاذل: ال تيد ر ي كو ي األىب ى صا ي ر ى ك ي ى ى و ي د ر ي ؾ األىب ى صا ى ر ى ك ي ى ى و الل ط ي ي ف اخل ىب ت ي )األنعا: (. ففي ىذه اآليات براى ت متوالية على ربقيق التوحيد كإبطاؿ الشرؾ كختمت ىذه الرباى ت بأف اهلل ال تدركو األبصار فكيف يزعموف أف لو كلدا أك بنتا كىم دل يركه ألف كل مولود يشبو أباه كىذا الربىاف كىو مشا ة كل شيء ألصلو ىذا الربىاف كجعلوا قولو تعاذل: ال تيد ر ي كو ي األىب ى صا ي ر أعظم نعيم أىل اجلنة فلينظر القارئ كيف يتحوؿ الدليل الشاىد على أشار إليو قولو تعاذل: ي مش تىب ن ها ى كى غيػ ى ر ي متى ىشاب و فنسي ادلتكلموف دليال على نفي رؤية ادلؤمن ت لر م يف القيامة كىو أعظم مشهود عند ىؤالء إذل دليل على السلب كالنقص كنفي النعيم قاؿ الزسلشرم عند تفس ته ذلذه اآلية: كادلبشر بأعظم نعيم )فادلع ت أف األبصار ال تتعلق بو كال تدركو ألنو متعاؿ أف يكوف مبصران يف ذاتو ألف األبصار إظلا تتعلق دبا كاف يف جهة أصال أك تابعا كاألجسا كاذليئات ى ك ي ى ى و ي د ر يؾ األ ىب صا ى ر كىو للط ف إدراكو للمدركات يدرؾ تلك اجلواىر اللطيفة اليت ال يدركها مدرؾ ى ك ي ى ى و الل ط ي ي ف يلط ي ف عن أف تدركو األبصار اخل ىب ت ي بكل لطيف فهو يدرؾ األبصار ال تلطف عن إدراكو كىذا من باب اللطف(. المثال الثاني: يف رللس من رلالسو الشريفة ادلباركة ؼلرب النيب أصحابو عن صفاتو اهلل جل كعال فيقوؿ ط ع ب ى اد ه ى كقيػر ب غ ى ت ه ت: ض ى ح يك الر ب قىاىؿ: نػىى ع م قىاىؿ: قيػل ي ي ى ا ى ر ي سوىؿ اهلل أى ى ك ي ى ىك ى ربػ نىا م ن قيػنيو :) ى ضح ) ( قيػل ي ت: لىن نػىع ىد ى م ن ى رب ي ى ض ى ح يك ى خيػ ن را( فاإلنساف السادل من اجلدؿ ادلنطقي يؤمن ذا اخلرب على ما ىو عليو كيستفيد منو إؽلانا باهلل كرجاء ن خل ته كبره كإحسانو بينما الذم فسد منهجو كاضطرب قياسو ال غلد يف ىذا اخلرب إال رلاال للنفي كثلبا للدين كانتقاصا للحق ألنو يرل الفعل يدؿ على احلدكث كاحلدكث من صفات احملدثات كاحملدثات ال تكوف كاجبة الوجود كما ليس بواجب الوجود فليس إذلا. كاخلالصة اليت يتوصل إليها من النظر يف ىذا اخلرب كأمثالو نفي ىذا اخلرب كعد االستدالؿ بو كعد اإلؽلاف بو كعد تفس ت الكشاؼ /. ادلسند / سنن ابن ماجو / ادلستدرؾ على الصحيح ت /. )9( )2(

17 انتظار الثواب أك اخل ت ادلنوط بو كرده بأم ذريعة سواء بالتفويض أك على أنو خرب آحاد أك بالتأكيل أك على اعتبار أف الظاىر غ ت مراد أك بأم سبحل كتكلف يرد بو الشرع. ى ر ب ن اخل ىط اب أىن و ي قىاىؿ قىد ى ى علىى ى ر ي سوؿ الل و ب ى س ب و فىإ ذى ا ام ى رأىةه م ى ن الس ب تىػب تىغ ى إ ذىا المثال الثالث: ى عن ع ي ى م ى ك ى جىدت ى صب ي ا ف الس ب أى ى خىذت و ي فى أىل ى صىقت و ي ب ب ى ط ن ى ها ى كأىر ى ض ى عت و ي فىػىقاىؿ لىنىا ى ر ي سويؿ الل و : أىتى ػ ى رك ىف ىذ ه ال ى مر أىةى طىار ى حةن ى ر ي سويؿ الل و : لىل و ي أىر ى ح ي م ب ع ب ى كالل و كى ى تىػق د ي ر ى علىى أىالى تىط ى ر ى حو ي. فىػىقاىؿ اد ه م ن ىذ ه ى كلىىدىا ف الن ار. قيػل نىا الى ى ى ب ى ولىد ىا(. ففي ىذا احلديث ؼلرب النيب الكر ن عن عظمة صفة رمحة اهلل كىي يف ىذا احلديث جاءت الصفة مقربة للفهم كاإلؽلاف ا كتقشعر لرك ح ها اجللود كضرب ذلا مثل مرئي ليعظم اإلؽلاف كلتنتظر القلوب ىذه الرمحة الواسعة كتغتب ىذا يف منهج أىل احلق كانظر إذل كال أىل الكال يف تأكيل صفة الرمحة حيث يقوؿ الرازم رمحو اهلل: )اختلفوا يف أف الرمحة عبارة عن إيصاؿ اخل ت كالنعمة أك عن إرادة إيصاؿ اخل ت كالنعمة ) ( الذات(. ادلؤمن ت. األكؿ فعلى التقدير تكوف الرمحة من صفات األفعاؿ كعلى ىذا التقدير الثاين تكوف من صفات إذا ىو يفسر الرمحة بلوازمها أك باإلرادة فأين الرمحة اليت كعد اهلل ا عباده كبشر ا النيب كىنا دل ينقل عن أحد من الصحابة رضواف اهلل عليهم أنو اع تض على ىذه األمثلة الثالثة أك غ تىا شلا جاء بو الوحي فلم صلد منهم من أنكر الرؤية أك أك ؿ الضحك أك سبحل يف نفي صفة الرمحة عن اهلل جل جاللو. المبحث الرابع: العودة إلى الوحي رأينا يف ادلباحث السابقة كيف أف اهلل اختار الرسالة كالرسوؿ كادلكاف كمحلة الرسالة كرأينا كيف إف الوحي دلا خرج من البيئة األكذل حدث الصراع ب ت الوحي اإلذلي احملكم كب ت الفلسفة كادلنطق كرأينا كيف حدث اخلالؼ كالشقاؽ ب ت أفراد األمة بسبب ذلك كإذا أردنا أف نعيد صياغة البحث العلمي يف زبصص الدراسات اإلسالمية بل يف كل مناحي احلياة فعلينا أف نعود إذل الوحي كإذل فهمو كالعمل بو كفق فهم الصحابة رضي اهلل عنهم كمن سار على منهجهم شلن جاء بعدىم كىذا األمر ليس غريبا كال مستعصيا بل ىو السبيل الذم اختاره اهلل لنبيو كلرسالتو كلصحابة نبيو كحىت يتحقق لنا ذلك غلب علينا أف نتبذ السبل التالية: صحيح مسلم /. مفاتيح الغيب /. )9( )2(

18 األولى: العودة للوحي كفق فهم السلف ذلك ألف الرسوؿ أخربنا بأهنا ستكوف فنت كأخربنا دبا ػلدث فيها كبعدىا من االبتداع كأرشدنا إذل ادلبرج من ذلك كما يف حديث العرباض بن سارية قاؿ:)صلى لنا رسوؿ اهلل قالوا: الفجر مث أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت ذلا األع ت ككجلت منها القلوب يا رسوؿ اهلل كأف ىذه عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ فالرسوؿ اهلل موعظة مودع فأكصنا. قاؿ: فإنو من يعش منكم يرل بعدم اختالفا كث تا ذكر السبيل كأنو كإياكم كزلدثات األمو أكصيكم بتقول اهلل كالسمع كالطاعة قلنا أك كإف كاف فعليكم بسنيت كسنة اخللفاء الراشدين ادلهدي ت فافكل زلدثة بدعة كإفكل بدعة ضاللة(. اتباع سنتو كسنة اخللفاء الراشدين رضي اهلل عنهم كأرضاىم كلعل التوكيد على أف ادلبرج يف سنتو كسنة خلفائو ألف كث ت من الناس قد ػلتج بالقرآف أك بالسنة بفهمو ىو دكف أف يعتمد على فهم الصحابة رضي اهلل عنهم كىذا األمر شلا تتابع عليو علماء األمة يقوؿ اإلما الشاطيب رمحو مبينا أعلية التعامل مع الوحي كفق فهم الصحابة رضي اهلل عنهم: )كأهنم شاىدكا من أسباب التكاليف كنقل قرائن األحواؿ على ما ىي عليو كادلعتذر فال بد من القوؿ ي كقرائن أحواذلا ما دل يشاىد من بعدىم بأف فهمهم يف الشريعة أ ب كأحرل بالتقد ن فإذا جاء يف القرآف أك يف السنة من بياهنم ما ىو موضوع موضع التفس ت حبيث لو فرضنا عدمو دل ؽلكن تنزيل النص عليو على كجهو اضلتم احلكم بإعماؿ ذلك البياف دلا ذكر كدلا جاء يف السنة من اتباعهم كاجلرياف على سننهم كما جاء يف قولو عليو الصالة كالسال: "عليكم بسنيت كسنة اخللفاء الراشدين ادلهدي ت من بعدم سبسكوا ا كعضوا عليها بالنواجذ" ) ( كغ ت ذلك من األحاديث فإهنا عاضدة ذلذا(. كقاؿ الشيخ األلباين رمحو اهلل: )ال غلوز أف يقتصر ادلسلموف عامة كالدعاة خاصة يف فهم الكتاب كالسنة على الوسائل ادلعركفة للفهم كمعرفة اللغة العربية كالناسخ كادلنسوخ كغ ت ذلك بل ال بد من أف يرجع قبل ذلككلو إذل ماكاف عليو أصحاب النيب ألهنم كما تب ت من آثارىم كمن س تهتم أهنمكانوا أخلص هلل عز كجل يف العبادة كتأدبوا بآدا ا فال بد لنا كأفقو منا يف الكتاب كالسنة إذل غ ت ذلك من اخلصاؿ احلميدة اليت زبلقوا ا كاحلالة ىذه نفهم عقيدتنا كأف نفهم عبادتنا كأف نفهم أخالقنا كسلوكنا. لفهم كل ىذه القضايا الضركرية للمسلم حىت يتحقق فيو من أف ندندف دائما كأبدا حوؿ ىذا األصل األصيل إذا أردنا أف كال زليد عن العودة إذل منهج سلفنا الصاحل صدقا أنو من الفرقة الناجية. ك )1( ادلسند / قاؿ الشيخ شعيب األرنؤكط يف زبرغلو للمسند: حديث صحيح كرجالو ثقات كانظر ظالؿ اجلنة فقد خرج األلباين ىذا احلديث ىناؾ كمسند الشامي ت ص ك ك (. )2( ادلوافقات /.

19 كمن ىنا ضلت طوائف قدؽلة كحديثة ح ت دل يتنبهوا إذل مدلوؿ اآلية السابقة كإذل مغزل حديث سنة اخللفاء الراشدين كتاب اهلل كسنة رسوؿ كقاؿ رمحو اهلل: )احلديث كسنة بالسنة ك ذا حديث اف تاؽ األمة فكاف أمرا طبيعيا جدا أف ينحرفوا كما اضلرؼ من سبقهم عن كمنهج السلف الصاحل(. أم حديث العرباض من األحاديث اذلامة اليت ربض ادلسلم ت على التمسك اخللفاء الراشدين األربعة كمن سار س تهتم الناس حسنة كما صح عن ابن عمر رضي اهلل عنو. ك األحاديث يف ذلك فقد انصرؼ عنها مجاى ت ادلسلم ت اليو بل إف الكث تين منهم ليعدكف البحث يف ذلك من توافو األمور ) ( الفتنة كيفرؽ الكلمة كينصحوف ب تؾ ذلككلو(. كالنهي عن كل بدعة كأهنا ضاللة كإف رآىا النهي عن ذلك كث تة معركفة كمع ال فرؽ يف ذلك ب ت العامة كاخلاصة اللهم إال القليل منهم كأف اخلوض يف سبييز السنة عن البدعة يث ت كخ ت مثاؿ على ىذا الطرح الذم طرحتو أم العودة إذل الوحي كأنو ىو السبيل إذل النهوض العلمي كالرقي احلضارم تلك الدعوات السلفية اليت ظهرت يف القركف األخ تة كلعل أبرزىا دعوة اإلما ا دد زلمد بن عبدالوىاب رمحو اهلل رمحة كاسعة فقد استطاع حبمد اهلل كتوفيقو أف يقد ادلنهج الشرعي يف ميداف التعليم كالعمل كالتثقيف كنشر كالوعي من خالؿ الرجوع إذل الوحي دكف اخلوض يف مصطلحات الفلسفة كادلنطق كمفرداهتا كمسائلها كإشكاالهتا كعلى منهجو قامت دعوة كاملة كقامت على أثرىا دكلة كاملة استطاعت أف ذبمع ب ت الوحي كمنجزات العصر فلم يضق الوحي ذه ادلنجزات كدل تنفر تلك ادلنجزات من الوحي بل تناغم ىذا كذاؾ يف تكامل ال ينكره إال مكابر. كلعل ىذا اخل ت الذم فازت بو اليمامة كىي يف كس و ض ى ا صلد ىو أثر ذىاب ى كىل النيب حينما رأل رؤياه فقاؿ: ( ى رأىي ي ت يف ال ى منىا أىين ي م ن ى أيىاج ر مك ةى إ ىذل أىر ) ( ىطل ه ل فىىذى ى ب ى كىل ي إ ىذل أىنػ ى ها ال ي ىى ما ى مةي أىك ى ى ج ي ر فىإ ذى ا ى ى ي ال ى مد ينىةي يػ ى ث ر ي ب(. )كرؤيا النيب حق ك فى ذا فضال لليمامة كشرفا ذلا على غ تىا يظهر فظهر ذلك الفضل حبمد اهلل فإف ذىاب كىلو يف رؤياه إليها ال بد أف يكوف لو أثر يف اخل ت يف القرف الثاين عشر فقا الداعي يدعو الناس إذل ما دعت إليو الرسل من إفراد اهلل بالعبادة كترؾ عبادة ما سواه كإقامة الفرائض كالعمل بالواجبات كالنهي عن مواقعة ) ( احملرمات. كظهر فيها اإلسال أعظم من ظهوره يف غ تىا يف ىذه األزماف(. السلسة الصحيحة / لأللباين. )9( فتنة التكف ت لاللباين. )2( ادلسند / كسنن أيب داككد / )3( صحيح الببارم /. )4( الدرر السنية ص.

20 الثانية: التبلي عن إقحا الفلسفة كادلنطق يف ادلسائل الشرعية اليت مستندىا كعمادىا الوحي كلعل ىذا داء األمم السابقة من ر ا قاؿ تعاذل: ( )اجلاثية: ذلك أهنا ال زبتلف كال تقع يف الفتنة إال إذا أعرضت عن اذلدل كالوحي الذم جاءىا ى كآىتىػيػ نىا ي ىم بػ ى يػ نى ا و ت م ى ن األ ىم ر فى ى ما اخ تىػلىيفوا إ ال م ن ب ى ػع د ى ما ى جاء ىي ى ي م ال ع ل ي م بػ ى غ ي ن ا بػ ى يػ نىػ ي ه م قاؿ الشيخ السعدم رمحو اهلل: )فهذه النعم اليت أنعم اهلل ا على ب ت إسرائيل تقتضي احلاؿ أف يقوموا ا على أكمل الوجوه كأف غلتمعوا على احلق الذم بينو اهلل ذلم كلكن انعكس األمر فعاملوىا ال ع ل م ي بعكس ما غلب. كاف تقوا فيما أمركا باالجتماع بو كذلذا قاؿ: فى ى ما اخ تىػلىيفوا إ ال م ن بػ ى ع د ى ما ى جاء ىي ى ي م أم: ادلوجب لعد االختالؼ كإظلا محلهم على االختالؼ البغي من بعضهم على بعض كالظلم( كلذا ينبغي أف نكوف على حذر من كرثة الفلسفة كادلنطق فهم ال يزالوف ػلاكلوف أف تبقى يف األمة مناىج الفلسفة كطرائقها كغ ت خاؼ على ادلتابع أثر بعض ادلنظمات ادلشبوىة يف بعض الدكؿ اإلسالمية كيف رباكؿ أف ذبمع ب ت ادلهتم ت ذا األمر كتقيم ذلم ادلؤسبرات كادلؤسسات كربقق عن السبيل كادلنهج ادلستقيم. ذلم كل ما يعينهم على الصد كعلى ىذا فإذا أردنا أف نعيد مناىجنا كأف نعيد صياغة دراساتنا الشرعية فعلينا أف ننطلق من الوحي فهم السلف الصاحل أك كفق ابتداء ن كانتهاء ن أىدافا كغايات دكف أف يكوف للفلسفة أك ادلنطق دخل يف االستدالؿ الفهم أك التصور أك ال تجيح أك اإلؽلاف أك أثر اإلؽلاف أك لوازمو كمقتضياتو أك التصديق دبا يكوف يو القيامة من نعيم أك عذاب أك لقاء لرب العزة كاجلالؿ. الثالث: إعادة صياغة مناىجنا التعليمية ككسائلها كأىدافها كسائر أدكاهتا بل سائر شؤكننا على ىدم الوحي كأال نظن أف الوحي غلب أف يصار إليو فق يف ادلسائل الدينية كالشرعية كالتعبدية ال بل غلب أف يكوف ىو ادلهيمن كاحلاكم كادلرشد لكل مناحي احلياة أدل يقل ربنا يف زلكم تنزيلو: ل ل و )األنفاؿ: (. الخاتمة احلمد هلل الذم بنعمتو تتم الصاحلات يف ىذا البحث الذم كفق اهلل لكتابتو تب ت لنا ما يلي: أوال: يكل و ي ى كي ى يكوى ف الد ي ي ن أف اهلل جعل الرسالة اخلاسبة يف مكة ادلكرمة كادلدينة النبوية حلكم عظيمة كلعل منها ما سبيز بو أىلهما من شليزات لعل أبرزىا: )9( تيس ت الكر ن ادلناف ص.

21 أف سكاف ىات ت ادلدينت ت عدا اليهود أمة أمية ال تقرأ كال تكتب كالوصف باألمية كإف كاف يف ظاىره أمرا سلبيا يف بداية األمر إال أنو كاف أمرا عجيبا يف اختيار اهلل ألف تكوف الرسالة اخلاسبة يف األمة األمية كدل يكن يف األمة الكتابية ذلك كاهلل أعلم ألف العلو اليت كانت شائعة آنذاؾ كذلا تعلق بالرسالة جلها خر ه ص كظن كزبم ت كقوؿ بال علم ك انت السالمة من ىذه العلو زلمدةه ألف تعلمها كىي ذه الصورة ػلوؿ ب ت القلب كب ت االنتفاع باإلؽلاف كاالستفادة من الوحي بل يفسد القلب كيصيبو بالغركر كاالزدىاء كالتعارل كىو تعاوؿ مذمو ألنو فبر بباطل كمكابرة جبهل كاستقواء بالظن يف مقابل اليق ت كالعلم اإلذلي كالوحي كإذا كاف ذلك كذلك كانت األمية يف ذلك الزماف زلمدة ك انت البيئة ادلناسبة للوحي اإلذلي األخ ت ىي ع ت ما اختاره اهلل لرسالتو كدينو فاحلمد هلل على اختياره كقضائو كحكمو كصدؽ اهلل حيث.) يقوؿ: ي ر ى سالىتى و ي الل و ي أىع ل ى ي م ى حي يث ىغل ع ى ل )األنعا: الصفاء العقلي كالبقاء على اخلل ىقة األكذل كالسالمة من اللوثات الفلسفية ادلغ رقة كاجلدؿ ادلنطقي كلذا كاف اجلدؿ العقلي ب ت مشركي مكة كاليهود من جهة كالنيب الكر ن مقتصرا على احلجج العقلية اليت تدركها كربتج ا العقوؿ اخلالية من مقدمات الفلسفة كزبرصاهتا لذا رأينا أف احلجج اليت احتج ا مشركو قريش ال تتجاكز أصابع اليد الواحدة ك لها شبو شلا ي ى ر ي د على العقل الفطرم كىذه الشبو أخرب اهلل عنها يف زلكم تنزيلو كأبطلها غاية اإلبطاؿ كما رأينا أف اليهود اقتصرت حجتهم على ادلعارؼ النبوية السابقة اليت استقوىا من الوحي السابق فهم إذان دل يكن عندىم ما ػلاج وف بو كغلادلوف بو إال بقايا م تاث النبوة فكأهنم من حيث ال يشعركف ينصركف النيب كيسعف اليهو ي د كفا ى ر قريش باحلجة كلكنها من حيث ال يشعر الفريقاف ستكوف حجة للرسوؿ كىذا من مكر اهلل بالفريق ت ألف اليهود قالوا سلوه عن كذا ك ذا فإف أجاب فهو نيب. كتب ت لنا أف الفريق ت دل غلعلوا العقل معيارا للقبوؿ أك الرفض فيما يقبلونو أك يرفضونو من الوحي. التضحية من أجل ادلبدأ الذم يؤمنوف بو كىذا كاضح جلي يف س تىم سواء يف جاىليتهم أك يف إسالمهم. الشجاعة كاإلقدا فلم ذلك القوة يف احلجة كاللدد يف اخلصومة. يعرؼ اجلنب ذلم طريقا ك ل مقا قاموه مع رسوؿ اهلل يف جهاد فهو خ ت شاىد على أف ىات ت ادلدينت ت دل تكن ذلما صالت فكرية أك سياسية أك اقتصادية بارزة فهما يعيشاف شبو عزلة اقتصادية كسياسية كفكرية كعقدية كىذاكاف سببا يف أف توفػ ى ر ذلما نوع من احملافظة على البيئة األصلية السادلة من ادلؤثر

22 اخلارجي كألف ذلذه البيئة من اخلصائص كالسمات ما لغ تىا كألف اهلل أراد أف تبقى على مر الدىر موئال لإلسال كمأرزا للدين لذا جاء يف التوجيهات الربانية كالسنن النبوية احملافظة على مكة كادلدينة فال يدخلهما كافر كأال يبقى يف جزيرة العرب إال اإلسال ثانيا: تب ت لنا أف عصر الرسالة النبوية كاخلالفة الراشدة استغرؽ اثن ت كمخس ت سنة كىذا كاهلل أعلم حلكمة عظيمة لعل منها: أف مخس ت سنة مدةكافية ألف يظهر فيها جيالف من البشر. أف ىذه ادلدةكافية ألف ي تىب اجليل الذم عاصر الرسوؿ على يد الرسوؿ ع ت النيب الكر ن مث يتناسل منو جيل آخر كي تىب يف بيئة الوحي سواء تريب أ على أيدم اخللفاء الراشدين رضي اهلل عنهم أمجع ت فيعيش ىذاف اجليالف كي ي ص نعاف على إؽلانا كإسالما كتسليما كتعلما كتعليما كاعتقادا كسلوكا فبهذا يكوف قد حقق اهلل ذلذا الدين أف يتبرج من مدرسة النبوة كاخلالفة الراشدة جيالف بشرياف على أقل تقدير ػلمالف الدين احلق ال يعرفاف إال اإلسال الصحيح كاالعتقاد ادلوافق للحق كال يسلكاف إال طريق اذلدل خالياف منكل دغل كخطل كيف ال كىم أصال يف بيئة دل تعرؼ السفسطة الفلسفية العقيمة. أف عصر الرسالة كاخلالفةكافكافيا لتطبيق اإلسال بكل تفاصيلو كشعائره كأخالقو كىديو بل ىذه ادلدةكفيلة بأف تظهر فيهاكل احلاالت احملتملة من اضلراؼ أك غلو أك إفراط أك تفري أك خطأ مرده إذل الضعف البشرم سواء كاف ىذا اخلطأ نتيجة شهوة أك شبهة كىذه ادلدة كافية لتقو ن كل اعوجاج كرد كل شبهة أك شهوة خفية أك ظاىرة. أف ىذه ادلدة كافية ألف ت تىب أمة الرسالة تربية إؽلانية راشدة على الوحي كتتسابق يف البذؿ كالعطاء من أجلو كتعاجل يف ىذه ادلدة كل النوازع السيئة يف النفس البشرية. ثالثا: تب ت لنا أف للصحابة خصائص كث تة اختصهم اهلل ا حلمل الرسالة منها أهنم أفضل القركف بشهادة الرسوؿ كأهنم عدكؿ ثقات حازكا من اإلؽلاف أفضلو كأكملو كأكفاه حىت أث ت اهلل عليهم يف آيات كث تة كمنها أهنم أعظم الناس متابعة كتصديقا لرسوؿ اهلل حىت كاف تصديقهم مضرب ادلثل ك ر تصدييقهم قلو ى ب أعدائهم. رابعا: تب ت لنا أف الصحابة رضي اهلل عنهم دلا نقلوا الوحي إذل خارج جزيرة العرب كإذل البالد اليت عششت فيها الفلسفة كأس نت فيها العقوؿ كزببطت فيها األفها كفسدت فيها الفطر دل تقبل فئا من تلك األقوا شلن فسدت فطرىم كتغ تت عقوذلم كاضطربت مقاييسهم دل تقبل الوحي كما قبلو الصحابة كدل يسل موا لو كتسليمهم كدل يؤمنوا بو كإؽلاهنم كدل ينتفعوا بو كانتفاعهم بل عارضوه كنصبوا لو ادلناىج ادلنحرفة اليت أرغموا الوحي على أف يكوف

23 تابعا ذلا كأف ؼلضعوا أدلتو كبراىينو كحقائقو كغاياتو إذل ما عندىم من العلم ادلرذكؿ كادلنطق ادلبذكؿ كبسبب ذلك تفرقت األمة إذل مدارس كمناىج كفرؽ كأحزاب كل يكفر سلالفو. خامسا: تب ت لنا أف العالج الوحيد كادلنهج احلق ىو أف نعود إذل الوحي كإذل فهمو كالعمل بو كفق فهم الصحابة رضي اهلل عنهم كمن سار على منهجهم شلن جاء بعدىم كىذا األمر ليس غريبا كال مستعصيا بل ىو السبيل الذم اختاره اهلل لنبيو كلرسالتو كلصحابة نبيو كتب ت لنا أف السبل إذل ذلك فيما يلي: العودة للوحي كفق فهم السلف ذلك ألف الرسوؿ أخربنا بأهنا ستكوف فنت كأخربنا دبا ػلدث فيها كبعدىا من االبتداع كأرشدنا إذل ادلبرج كخ ت مثاؿ على ىذا الطرح الذم طرحتو أم العودة إذل الوحي كأنو ىو السبيل إذل النهوض العلمي كالرقي احلضارم تلك الدعوات السلفية اليت ظهرت يف القركف األخ تة كلعل أبرزىا دعوة اإلما ا دد زلمد بن عبد الوىاب رمحو اهلل رمحة كاسعة فقد استطاع حبمد اهلل كتوفيقو أف يقد ادلنهج الشرعي يف ميداف التعليم كالعمل كالتثقيف كنشر كالوعي من خالؿ الرجوع إذل الوحي دكف اخلوض يف مصطلحات الفلسفة كادلنطق كمفرداهتا كمسائلها كإشكاالهتا كقا على دعوتو دكلة متكاملة ذبميع ب ت الوحي كمنجزات العصر. التبلي عن إقحا الفلسفة كادلنطق يف ادلسائل الشرعية اليت مستندىا كعمادىا الوحي. إعادة صياغة مناىجنا التعليمة ككسائلها كأىدافها كسائر أدكاهتا بل سائر شؤكننا على ىدم الوحي كأال نظن أف الوحي غلب أف يصار إليو فق يف ادلسائل الدينية كالشرعية كالتعبدية ال بل غلب أف يكوف ىو ادلهيمن كاحلاكم كادلرشد لكل مناحي احلياة. كيف اخلتا طلتم الكال كما بدأناه باحلمد كالشهادة بالوحدانية كالشهادة لنبيو بالرسالة فلو الفضل كادلن كلو الشكر كافرا تاما كنسألو القبوؿ كاإلخالص. ثبت المراجع القرآف الكر ن التحرير كالتنوير ادلعركؼ بتفس ت ابن عاشور تأليف زلمد الطاىر بن زلمد بن زلمد الطاىر بن عاشور التونسي الناشر : مؤسسة التاريخ العريب ب تكت لبناف الطبعة : األكذل ىػ/. تفس ت القرآف العظيم تأليف أبو الفداء إمساعيل بن عمر بن كث ت القرشي الدمشقي احملقق : سامي بن زلمد سالمة الناشر : دار طيبة للنشر كالتوزيع الطبعة : الثانية ىػ. تيس ت الكر ن الرمحن يف تفس تكال ادلناف تأليف عبد الرمحن بن ناصر بن عبد اهلل السعدم

24 احملقق : عبد الرمحن بن معال اللوػلق الناشر : مؤسسة الرسالة الطبعة : األكذل ىػ. اجلامع الصحيح تأليف الطبعة: األكذل ىػ. جامع البياف يف تأكيل القرآف زلمد بن إمساعيل بن إبراىيم بن ادلغ تة الببارم الناشر : دار الشعب زلمد بن جرير بن يزيد بن كث ت أبو جعفر الطربم الناشر : مؤسسة الرسالة الطبعة: األكذل ىػ. القاىرة ربقيق: أمحد زلمد شاكر الرسوؿ األعظم يف مرآة الغرب عبد الراضي زلمد عبد احملسن نشر الربنامج العادلي بالتعريف بالنيب الرياض. سنن النسائي تأليف أمحد بن شعيب أبو عبد الرمحن النسائي زبريج الشيخ االلباين ادلطبوعات اإلسالمية حلب الطبعة الثانية. س ت أعال النبالء تأ فلي الناشر : مؤسسة الرسالة. الس تة النبوية تأليف اإلما االما مشس الدين زلمد بن أمحد بن عثماف الذىيب بن كث ت إمساعيل أىب الفداء الناشر : دار ادلعرفة للطباعة كالنشر كالتوزيع ػ ب تكت لبناف. شرح العقيدة الطحاكية تأليف ق. الشفا بتعريف حقوؽ ادلصطفى ابن أيب العز احلنفي ربقيق : مصطفى عبد الواحد الناشر : ادلكتب اإلسالمي الناشر : مكتب ربقيق : شعيب االرنؤكط ىػ القاضي أبو الفضل عياض اليحصيب. صحيح ابن خزؽلة تأليف ب تكت مذيال باحلاشية ادلسماة مزيل اخلفاء عن ألفاظ الشفاء تأليف زلمد بن إسحاؽ بن خزؽلة أبو بكر السلمي النيسابورم األعظمي. الناشر : ادلكتب اإلسالمي ب تكت. الطبعة الرابعة العالمة ربقيق: د. زلمد مصطفى صحيح مسلم تأليف أبو احلس ت مسلم بن احلجاج بن مسلم القش تم النيسابورم الناشر: دار اجليل ب تكت كدار اآلفاؽ اجلديدة ػ ب تكت. الكشاؼ عن حقائق غوامض التنزيل كعيوف األقاكيل يف كجوه التأكيل تأليف جار اهلل أبو القاسم زلمود بن عمر الزسلشرل الناشر : دار الكتاب العريب ػ ب تكت سنة الطبع : ىػ. ادلستدرؾ على الصحيح ت تأليف زلمد بن عبد اهلل أبو عبد اهلل احلاكم النيسابورم ربقيق: مصطفى عبد القادر عطا الناشر : دار الكتب العلمية ب تكت الطبعة األكذل. مسند اإلما أمحد بن حنبل تأليف أمحد بن حنبل أبو عبد اهلل الشيباين الناشر : مؤسسة قرطبة القاىرة. مفاتيح الغيب تأليف زلمد بن عمر ادلعركؼ بفبر الدين الرازل دار النشر: دار إحياء ال تاث العرىب ػ ب تكت.