مجلة الدراسات اللغوية والأدبية

النسخ

1 دراسات لغوي ة: ع ت ب ات يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي : د ر اس ة الن ص ت د اول ية Paratexts in Riwāyah al-thalāthah by Muḥammad al-bashīr al-ibrāhīmiy: A Pragmatic Study Separa teks dalam Riwāyah al-thalāthah : oleh Muḥammad al-bashīr al- Ibrāhīmiy: Satu Kajian Pragmatik إبراهيم بن عبد الرمحن برامهي ملخص البحث: حتاول هذه الدراسة -انطالقا من املقاربة التداولية يف حتليل النصوص- أن تربز نظام العتبات بوصفه خطابا تداوليا متهيديا وتعريفيا للنص أو املنت ويتواءم مع نسق النص املوازي له ويستدل عليه إذ ميكن عده موقعا تداوليا ينعقد فيها للقاء بني الكاتب والقارئ ويتم فيه البحث عن بعض اخلصائص والتحليالت اليت حيملها هذا اخلطاب. يف "ر و اية الث الث ة " مهد املؤلف لنصه بعتبتني خطابيتني مارستا دور اإلفهام والتعريف والتسهيل على املتلقي للولوج إىل نصه األساسي فالعنوان إضاءة لغوية تع ر رب عن النص املنت قبل الولوج إليه وليس من شك يف أن الكاتب تعمد هذا النهج فهي تعبري قصدي حيمل نية التعبري الدقيق عن مضمون األرجوزة فالعنوان مل يأت بصورة اعتباطية بل يتشاكل مع النص يف مضمونه ومعناه وهو ذو ارتباط شديد بالسلوك اللغوي العام وبالنسبة إىل املقدمة اضطلعت مبهمة تواصلية أسهمت يف فتح بعض نوافذ النص للقارئ من أجل العروج إليه وأتاحت هلذا القارئ إمكانية واسعة يف فهم النص ومن ذلك: التعريف بالعمل األديب وبيان اجملال املعريف للمنت وجنسه اإلبداعي وأسباب تأليف هلذا النص واملوضوع يف طبيعته وأبعاده وحدوده ووصف دينامية النص وقصديته )الدافع إىل الكتابة( وغرضه إىل جانب بعض اجلوانب تشخيصية للنص املنت. الكلمات المفتاحية : العتبات- العنوان- املقدمة- التداولية- رواية الثالثة. أستاذ قسم اللغة العربية وآداهبا جامعة 8. ماي 5491 قاملة.

2 جملة الدراسات اللغوية واألدبية Abstract: This study is an attempt- through the pragmatic approach in text analysis- to point out the system of paratexts as an introductory and pragmatic discourse to the text which aligns, appropriate and signifies the text. It can be regarded as a pragmatic location which connect between the writer and the text. It is also a ground for finding certain features and analysis that text contains. In the work Riwāyah althalāthah, the writer prepared for his text two discourse thresholds that contribute to prepare and guide the readers into the real text. Hence, the title expresses the content before the real entry into the content of the text and, certainly the selection of title is a deliberate action of the writer. A title is not the result of an arbitrary action as it is related to the general linguistic behaviour. The introduction is imbued with a communicative function that intends to open up certain windows of the text to the reader in order for him / her to ascend to its world thus increasing his understanding and appreciation. Keywords: Paratexts title introduction pragmatic Riwāyah al-thalāthah. Abstrak: Kajian ini cuba menjelaskan sistem separa teks, melalui pendekatan pragmatik dalam menganalisis teks, sebagai pengenalan dan ucapan pragmatik bagi teks yang sejajar dengan kandungan teks tersebut, di mana ia boleh dianggap sebagai lokasi pragmatik yang menghubungkan antara penulis dan pembaca. Sistem separa teks juga merupakan asas dalam mendapatkan sebahagian ciri-ciri dan analisis yang dibawa oleh teks. Dalam karya Riwāyah al-thalāthah, penulis mengemukakan teksnya dengan menggunakan dua ucapan separa teks yang dapat membantunya membimbing pembaca dalam menghayati teks sebenar, manakala tajuk yang digunakan dapat memberikan gambaran tentang kandungan sesuatu teks sebelum menelaah isi kandungan teks tersebut dengan lebih lanjut. Oleh yang demikian, ternyata penulis amat bergantung kepada hal ini ketika memilih tajuk kerana tajuk melambangkan isi kandungan teks yang ingin disampaikan. Tajuk juga tidak hadir secara sembarangan, bahkan ia wujud sejajar dengan kandungan dan maksud teks dan mempunyai kaitan rapat dengan tabiat linguistik secara umum. Bahagian pengenalan sesuatu teks pula berfungsi untuk memberikan maklumat awal berkaitan teks kepada golongan pembaca supaya mereka dapat menghayati isi kandungan teks, seterusnya menambahkan kefahaman dan penghayatan terhadap yang ditelaah. Antara pengenalan yang digunakan ialah definisi tentang kerja sastera, penjelasan tentang skop bidang dan jenis penulisan, asbab penulisan, konteks dan batas tajuk-tajuk berkaitan, penerangan tentang kedinamikan penulisan, pendorong dan tujuan penulisan serta lain-lain pengenalan yang berkaitan dengan kandungan teks. Kata kunci: Separa Teks- Tajuk- Pengenalan- Pragmatik- Riwāyah al-thalāthah. مقدمة: شهدت الدراسات اللسانية املعاصرة يف السنوات األخرية اهتماما واسعا بنظام عتبات النصوص يتضح لنا ذلك * عرب تنوع األحباث وتعددها وهذا احلشد من املصطلحات الذي ينم عن معاجلات متباينة لسانية سيميائية العدد األول 03

3 ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية وسردية نقدية ملوضوع العتبات ولقد جاء يف تعريفها عند "دومينيك مونقانو" بأهنا: )النص املصاحب للمنت باصطالحه: بكوهنا امللفوظات اليت حتيط بالنص: العنوان العنوان الفرعي التقدمي الضميمة (potface) فهرس 5 املوضوعات...اخل(. وهذا التعريف الذي ال خيتلف فيه بعيد عن التحديدات املعجمية األخرى ومن ذلك ما ورد 2 ويرصد عند "جون ديبوا" الذي يسحبه على جمموع ما يصحب النص األساسي من عناصر نصية موازية متعددة وظيفته عرب أن النص املصاحب جعل إلجالء حضور النص وضمان حضوره يف العامل وتلقيه واستهالكه ويربز أن العناية هبذه الظاهرة مرتبط بتطور اآلفاق التداولية يف حتليل اخلطاب إذ ال ميكن فصل النص عن اإلطار التبليغي حيث يوطن حضوره عرب ارتباطه هبذا اإلطار الذي يتغري يف الزمان واملكان. ومييز الدارسون بني النص املصاحب املؤلفي )نسبة للمؤلف( (auctorial) والنص املصاحب املتعلق بالناشر أو غريه. وما يعنينا يف هذا السياق هو األول الذي هو من صنع املؤلف )اسم املؤلف والتصدير والتمهيد واإلهداء واهلوامش املثبتة يف أسفل الصفحات...( ويقسم جريار جينيت النص املصاحب إىل: 5- النص احلاف :(péritexte) هو النص احمليط الذي هو جزء النص املصاحب غري املنفصل عن النص )العنوان فهرس املوضوعات...(. 3- النص الشارد :(épitexte) على العكس مما تقدم يتحرك خارج النص وقد يكون من صنع الناشر 0 )إشهار قائمة املنشورات...(. وبالنسبة إىل عتبات النص من منظور عريب فمنذ أن عرفت صناعة التأليف تطورا حىت بدأ القدامى يتدبرون شكلياهتا اليت ال تنفصل عن عمق مضامينها ومنافعها )فعرفوا الكتاب وميزوه عن السجل والسفر وتكلموا يف أنواع الكتابة ورتبة اخلط ومما عنوا به العنوان واخلتم أو اخلامت ولعل أهم مظاهر العتبات عند العلماء قدميا ما تعلق باملقدمة واخلامتة ملا هلما من خصوصيات مميزة والرتباطهما بأصول دينية تطورت فيما بعد لتأخذ أبعادا فنية وبالغية مشلت إىل جانب النص القرآينكل أصناف اخلطابات. فقد تقرر أن كل عمل جيب أن يفتتح بالبسملة وخيتتم باحلمد اهلل والصالة والسالم على رسول اهلل واشرتطوا يف اخلامتة أن تكون حسنة جيدة بليغة 19 هادفة ألهنا آخر ما يعلق باألمساع ورمبا حفظت من دون غريها لقرب العهد هبا(. إن العتبات تتحدد جوهريا بكونه خطابا واصفا متميزا يقوم بوظيفة البعد التداويل للعمل األديب من جهة ووظيفة التأثري على املتلقي من جهة ثانية حبيث يثري فيه أسئلة تتناول الشكل واحلد واملوقع والزمان واملرسل واملستقبل وإشكالية أمناط هو وظائفه وغاياته ومكوناته اجلمالية والتخيلية. ومن هنا كان ميرتان مالكا مجيع خصوصيات اخلطاب التثقيفي والرتبوي اليت تأيت على النحو اآليت: اخلطاب املقدمايت عند أ.اإلخبار مباهية األدب وبكيفية خاصة عن النوع األديب الذي كتب هلا خلطاب املقدمايت مث إضاءة موقعه وتسييج نظامه البالغي. يونيو 3350 م 05

4 جملة الدراسات اللغوية واألدبية ب.تنظيم عرض الرباهني واحلجج إلبراز مكامن الشعرية يف العمل الشعري الذي يتناوله اخلطاب املقدمايت. ج.من مسات اخلطاب املقدمايت تغييب السؤال واقرتاح أجوبة ملشاكل يعتقد أو يتوهم أهنا وجدت طريقها إىل احلل يف العمل الذي يتحدث عنه. د. حتابك فن اإلقناع يف اخلطاب املقدمايت واستعمال العناصر الم صيغ ة واإلجنازية لتشكيل اسرتاتيجية تعليمية. ه.انطالقه من عقيدة مسبقة وسعيه إىل اإلقتناع هبا. و.حتوله غالبا إىل خطاب سجايل. ز. امتالكه مسة ثالثية هي: التعليمية والسجالية والرتبوية وبذلك يتالقى مع البيان عليه صفة االختزال واملساعدة حسب جاك دريدا 6 يف القول" و"استباق خطايب" و"متهيد للكتاب". (Le Manefiste) (Jaques Derrida) وهتيمن الذي ينعته ب"خطاب مساعدة" و"رغبة والعتبات يف منظور هذا الدراسة اسرتاتيجية خطابية ميارسها الكاتب بقصد حتقيق أغراض خطابية معينة لعل أبسطها وأقرهبا إىل األفهام هو التعريف والتسهيل على املتلقي الولوج إىل نصه األساسي. وعلى هذا قد يبدو لبعض النقاد النظر إليها من جانب أهنا شكل من أشكال التعاون والتفاعل بني الكاتب مع املتلقي وهبذه الصورة ميكن جعلها اسرتاتيجية تضامنية تتوخى التواصل وبناء عالقة بني املخاطب واملتلقي وقد يبدو للبعض اآلخر أهنا ما دامت متارس اإلفصاح وتبني حدود ووجهة اخلطاب ومتارس دورا توجيهيا للمتلقي للتفاعل والتجاوب فيمكن أن جنعل منها اسرتاتيجية توجيهية وهذا أيضا أمر معقول له داللته وحجيته وأمهيته. ويف سياق معاجلة هذه املدونة "ر و اي ة الث الث ة " أمام الدارس منطان من نظام العتبات اخلطابية يبدو من الضروري الوقوف عندمها أال ومها: "العنوان"و"املقدمة" اللذان مهد هبما الكاتب لنصه األساسي. - العنوان: يعد العنوان من أهم عناصر اخلطاب املقدمايت لكونه مدخال أساسيا يف قراءة اإلبداع األديب ومن اجللي عن البيان أنه العتبة األوىل اليت تواجه املتلقي يف سريه إىل عامل النص األساسي فهو ي عد أول إشارة وعالمة لغوية يتلقاها يف التواصل والتفاعل معه إهنا التخوم اجملاورة للنص اليت يشرف عربها املتلقي وتكون إطاللته هبا عليه. وبالوقوف عند ما ورد يف معاجم اللغة العربية وتقصيا للدالالت املعجمية لكلمة العنوان ميكن إعادهتا إىل ماديت 7 "عنن" و"عنا" وتقسم إىل دالالت لغوية حتوي الكلمات: )"القصد واإلرادة" "الظهور واالعرتاض" و"الوسم واألثر" ودالالت اصطالحية وردت على شكل مجل كما يف قول ابن سيدة الكتاب". إن قول ابن سيدة يشري إىل اختصاص العنوان باللغة الكتابية ال الشفاهية "العنوان مسة )ت 6611 م(: فهو يسم العمل ويعوضه عن غياب السياق املنطوق يف الكالم الشفهي فالعنوان للكتاب كاالسم للشيء به يعرف وبفضله يتداول يشار به إليه ويدل به عليه حيمل وسم كتابه ويف الوقت نفسه يسمى العنوان عالمة من الكتاب جعلت له لكي 8 تدل عليه(. العدد األول 03

5 ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية وبالنسبة إىل الدالالت اللغوية فإن حممد فكري اجلزار يعتربها حافة ذات عالقة بالدالالت االصطالحية ونراه يدأب على توضيح مثل هذه العالقة )فإن "القصد واإلرادة" يرتبطان عنده بكون املرسل ينطلق من مقاصده يف إرساله العنوان للمتلقي وهذا العنوان حيمل "املرسلة" يف دالليته وهذا احلمل هو قصد املرسل وإرادته إبالغ املتلقي بتلقي املرسلة على مستوى اجلنس واملوضوع. أما "الظهور واالعرتاض" فيختصان باملستقبل ألن العنوان هو ما يظهر له ويعرتضه من العمل إذ إنه أو ملا يتلقاه من هذا العمل مفع ر ال يف ذلك معارفه اخللفية وما يقوم به العنوان شديد االختصار على الصعيد اللغوي هو حتديد هذه املعارف اخللفية. ويؤكد "الوسم واألثر" على استقالل الوسم أنطولوجيا عما يسمه واألثر عن حامله أي استقالل العنوان عن نصه رغم نسبته 4 إىل عمله أو نسبة عمله إليه(. ويف املعرفة اللسانية والنقدية احلديثة برز االهتمام بالعنوان إجراء لغويا منهجيا منذ عقود وغدا من 53 املألوف حبث قضايا "علم العنوان".(Titroligie) ولقد لقي االهتمام بالعنوان رواجا وحيزا ضمن الدراسات التداولية والسيميائية والسردية املعاصرة. من هنا فإن مقاربة العنوان تأيت يف سياق املعاجلة التداولية ألهنا هتت ر م بتحليل خمتلف إجراءات التلفظ والتواصل اللغوي من زاوية التلقي ودور القارئ. ولدراسة عنوان هذه املدونة "ر و اي ة الث الث ة " فإن املدخل املناسب للنفاذ إىل بنياهتا الصلبة ونواها الداللية العميقة يكون بطرح العديد من األسئلة من قبيل: ملاذا هذا العنوان بالذات هل مت اختياره عن قصد ونية أم جاء بصورة اعتباطية هل يتشاكل مع النص يف مضمونه ومعناه ما الصالت اليت تربط العنوان بالسلوك اللغوي العام من املهم أن نضع يف احلسبان أن اختيار هذا العنوان من قبل الكاتب ال ينفك أن يأيت يف سياق التكوين املعريف والثقايف له والذي نلمسه يف ثقافة املرسل وتكوينها إلبداعي وتصوره له الذي حيكمه التشبع باملوروث العريب اإلسالمي وامليل إىل القدمي- وعلى هذا األساس فال جيب أن حي ر مل أكثر مما يطيق مما تزخر به املعرفة اإلبداعية واللغوية املعاصرة اليت يشرتك فيها املرسل واملتلقي على السواء وليس ذلك انتقاصا من قيمته وأمهيته بل ر يل العنوان. توخيا لفعل قرائي صادق ال يسعى إىل ممارسة والستجالء حقيقة هذا العنوان حري البدء بوصفه لغويا برصد املعاين املعجمية والسياقية اليت حتملها املفردتان ونتوقف بداية عند داللة لفظة "رواية" يف االستعمال اللغوي العريب وأشكال حضورها يف الثقافة العربية واإلسالمية فقبل أن تكتسب اللفظة داللتها التصنيفية العصرية وتصبح بظالهلا املألوفة حاملة عنوان جنس أديب طاغ يف الواقع األديب العاملي. فمن املعلوم أن اللفظة هلا حيز وجود فاعل يف اجملتمع العريب اإلسالمي يف صورة تناقل املوروث احلضاري شعرا ونثرا مشافهة وحكيا وقصا ويف تداوله وشيوعه بني املتخاطبني دون احلاجة إىل التدوين أو الكتابة إذ مل يكن العريب ليعبأ كثريا بالقراءة والكتابة إىل وقت متقدم بعد جميء اإلسالم وترغيبه يف فعل القراءة فقد ظلت من العادة أن تروى األخبار وحتكى مشافهة وختتزن الذاكرة الشعبية أروع احلكايا هبذا النهج واألسلوب وتضفي عليه من طابع التشويق واإلثارة يف السرد ما جيعل املخاطب يتلهف إىل مساع هذه يونيو 3350 م 00

6 جملة الدراسات اللغوية واألدبية الرواية فالرواية فعل خطايب حيمل من عناصر قوة اجلذب والفعالية ما يدفع املتلقي إىل التشوف والتطلع إليه. وهذا جانب متمم ومكمل ملا حتمله الكلمة من معان إذا عدنا إىل جذرها اللغوي الذي يتأسس حضورها يف املعاجم من مادة "روي" واليت تشري إىل تناقل الكالم واستظهاره وذكره تواترا وحكاية قد يكون قصد اإلبراهيمي يعين به جوهر النص الشعري الذي يطغى عليه الطابع السردي احلكائي وليس هذا الفعل التحليلي للفظة إال حبثا عن املعىن الشعري الكامن املضمر فينفس الشاعر الذي مع ما حيمل من تسطيح تعيده إىل الدرجة الصفر أي املعىن املعجمي - الذي يسعى الشاعر إىل االنفصال عنه وعدم التقييد به دائما يف العملية اإلبداعية. فهل كان قصد البشري وهو ينجز فعال تواصليا مع املتلقي أن يرسم يف ذهنه هذه الصورة وحيقق هذا البعد اخلطايب التداويل وهو يريد أن يدع القارئ ويدفعه إىل الولوج إىل نص خطابه ليس يعين أي شيء تقدمي اجلواب ومل تكتمل بعد صورة التحليل للعنوان وال حىت للمفردة اليت تبدو يف بنيتها مصدرا على وزن فعالة والذي يدل على ممارسة حرفة أو صناعة وهو املعىن الذي تبني وما سبق من أن الرواية فعل لغوي سلوكي كرمي يف اجملتمع العريب ميارسه من أويت قدرا من التبجيل واالحرتام االجتماعي يتحمل صاحبه املشاق كي يروي ويذكر أروع الكالم رواة اللغة والشعر واحلديث مثال فينال به الدراية واملكانة فيقبل عليه القوم مساعا وإمتاعا. إذا هناك تقاطع بني األدبية واالجتماعية يف هذا االختيار اللغوي األسلويب للمفردة من قبل الكاتب وليس اعتباطا أن هذه اللفظة يف هذا العنوان وهبذه الصورة ويبقى أمامنا أمر آخر هو أن لفظة "رواية" جاءت يف تركيب إضايف احتلت فيه موقع املضاف فهي غري مكتملة ومستقلة تركيبيا فاحتاجت إىل ما يوضحها ويتمم معناها. وباالنتقال إىل املفردة الثانية "الثالثة" جند أن فعل الرواية قد أسند إىل هذا العدد العدد ال حيمل أي بعد رمزي يف ذاته بالنظر إىل بعده التداويل بني املتخاطبني ومن املالحظ أن هذا فلو افرتضنا الرقم "2" أو "1" أو" 7 " أو "61" ألمكننا التنقيب والبحث والقول بالدالالت االجتماعية التداولية هلذه األعداد يف الثقافة العربية عموما أو اجلزائرية خصوصا ملا تكتسبه من إحياءات قدسية طقسية رمزية. ومع هذا فإن هذا العدد مل يوضع بارقة للكالم اعتباطا إمنا هو مرتبط بالنص األساسي ارتباطا وثيقا ومستوحا من النص املنت كما سيتبني الحقا معربا عن الشخصيات الثالث اليت تتبادل األدوار وهم حمور هذا العمل اإلبداعي الشعري واعتمادا على هذا التحديد تنهض عالقة املفردة أو العنوان بالنص املنت على أساس التضمن املتبادل ويف مدار هذه العالقة فإن املفردة تعبري كنائي عن جزء من كل ويسمح التحدث به باستحضار هذا الكل. )وهبذا املعىن يفرتض يف العنوان ككل االشتمال على عناصر اخلطاب املكىن عنه يتبدى النص األساسي جوابا... عن األسئلة الطافحة يف مفردات 55 مجلة العنوان. وتشغيلها مبا يضمن عدم إرباك العالئق الوظيفية بني املكىن واملكىن عنه(. رأينايف ضوء ما ذكر آنفا أن داللة العنوان تؤشر على جانبني اثنني ومها: العدد األول 09

7 ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية البعد األول التواصلي ويكون عرب الكاتب فالسعي إىل التفاعل املفردة األوىل اليت تكتنز خلفها معطى تداوليا كبري ا يف ثقافة وتكوين املرسل أو اإلجيايب والتأثري هو الذي دعاه إىل هذا االختيار األسلويب دون سواه يف أحد مستويات اللغوية للعنوان يعين حضور خاصية الطابع احلجاجي له والتأثري يف املتلقي القارئ. مادامت وهذا النظر هناك قصدية االستمالة والبعد الثاني هلذا العنوان داللة خاصة ألنه ميثل جمموع النص املنت وحياول أن جيمل كل عالئقه ويعرب عن كل مكوناته ويلخص جممل موضوعاته صريح وإضاءة لغوية تعرب عن النص املنت قبل الولوج إليه. حيث ندرك هذا مع املفردة الثانية يف الرتكيب الظاهر املتحقق فالعنوان جتلي وليس من شك يف أن الكاتب تعمد هذا النهج يونيو 3350 م 01 وأنه من زاوية أخرى قد أفرغ جهد طاقته اإلبداعية يف صياغة هذه العتبة اليت تبدو بالنسبة إليه األفضل يف الوصول إىل نفس املتلقي وعقله. حنويا وتركيبيا يبدو العنوان يف صورة عدم االكتمال وال يلقى املتلقي أي عنت وصعوبة يف إدراك معناه مكتمال فمن قواعد استعمال اللغة لدى أبناء اجلماعة اللغوية الواحدة أو املتعددة قيامه على االقتصاد اللغوي إذ ليس من حاجة مثال إىل التصريح وحتقيق العناصر اإلشارية سواءكانت: مكانية أو زمانية شخصية أو مجاعية. يف بنائه وتركيبه اللغوي مما يعين أن هناك افرتاضا مسبقا بني املرسل واملتلقي هو الذي يؤسس للعناصر املضمرة يف سياق التخاطب ويتم التأسيس للعناصر الغائبة غري املتحققة باالعتماد على الكفائتني اللغوية والتداولية اليت ميتلكها املتلقي واملرسل على سواء وبدرجات متفاوتة على هذا ميكننا أن نتساءل: ما الذي ينشأ من تعالق العناصر الظاهرة املتحققة مث ما وجه احلذف واإلضمار يف العنوان وبشكل أدق ما العناصر اليت أضمرت دالالت ذلك يف االستعمال اللغوي مث بعد ذلك كله ما القوة اإلجنازية األدائية اليت ميكن أن حيملها العنوان يبدو العنوان يف ظاهره أي يف بنيته السطحية متكون من: مركب اسمي = اسم )مضاف( + اسم )مضاف إليه( وما - خيلو من املكونات الفعلية األدائية املنجزة اليت ال تطفو إىل السطح ولكن تبدو يف قصدية املرسل/الكاتب وتستلزم حوار ا بينه وبني املتلقي دون احلاجة إىل التصريح واملكونات اإلشارية املشخصة واحملددة للخطاب وحتيينه زمانيا ومكانيا وهي عناصر تلخص يف )األنا اهلنا اآلن( وعليه فإن -العنوان- امللفوظ: رواية الثالثة اليت تعد بنية سطحية تتضمن الضمائر املوجود فيما يسمى بالبنية الضمنية أو العميقة: أنا أقول لك )لكم( أنت )أنتم( هذه رواية الثالثة اآلن هنا مع مالحظة متأنية هلذا امللفوظ جند أن هناك فعال إجنازيا غري مباشر تضمنه العنوان وهو الذي يقصده الكاتب ويتم إدراك هذا الفعل غري املباشر باالعتماد على ما يسميه سريل ب: "اسرتاتيجية االستنتاج (inference

8 جملة الدراسات اللغوية واألدبية 53."strategy) ولعل قوة العنوان وقيمته إمنا تستمد من هذا املعطى اللساين وبالنظر إىل اإلشاريات فاملالحظ أن كفاية املتكلم حتتفظ هبا ألهنا ال تسمح بالتكرار كما ال تسمح إال بإجناز ما هو ضروري لقيام عملية التواصل فهنا كإشاريات صرحية هي اليت نظهرها يف امللفوظ فتطفو على السطح وإشاريات ضمنية حنتفظ هبا مضمرة يف الكفاية اإلبالغية بني املتخاطبني. وانطالقا من التقسيمات املنهجية للعنوان فإن حتديد منط هذا العنوان وخصائصه يكون بالنظر إىل سياقه الداخلي واخلارجي وعليه ميكن تأطريه بأن "العنوان الرئيس" ووفق هذا التصور جيمع بني ثالثة مكونات رئيسة: كالسيكي تراثي واقعي فاملكون األول وصف يتأسس انطالقا من السياق اإلبداعي الذي أنتج فيه امللفوظ أو مما عرفت به املرحلة األدبية للكاتب- أما املعطى الوصفي الثاين فاستنتاجه كان بناء على طبيعة امللفوظ وسياقه الداخلي الذي ال يفارق فيه النمط الرتاثي الذي تشبع هبا لكاتب أما التصنيف الثالث فكان بناء على أن الكاتب مل يلجأ إىل التعبري االستعاري الرمزي للغة بل يقوم على الوصف واملطابقة الداللية مع الواقع أما بالنسبة إىل اخلصائص اليت اتسم هبا هذا العنوان فهي كثرية ومن ذلك: االختصار والوضوح ارتباط العنوان بالنص مباشرة االشتمال على مكونات العمل ودالالته ومقاصده تكثيف املعىن يف كلمات معدودة الطابع احلجاجي )اإلقناع واإلثارة وجلب انتباه القارئ( التلخيص االستباقي أما الوظائف اليت ميكن أن يؤديها هذا العنوان ونقرأها فيه فهي ثالث وظائف تتفاوت يف درجة حضورها فيما بينها قوة وضعفا وهي على التوايل: اإلحياء والوصف والتعيني. إمجاال فإن هذا العنوان يعد جزءا من املبىن االسرتاتيجي للنص الذي استطاع الكاتب أن ميارس به سلطته اخلطابية عرب حدث االرتباط التفاعلي بني هو النص املنت إذ إنه يشكل عالمة تداولية مركزية وحجر زاوية له. ومن نافلة القول يف هناية حتليل هذه العتبة أن العنوان "رواية الثالثة" تعبري قصدي حيمل نية التعبري الدقيق عن مضمون األرجوزة فهو مل يأت بصورة اعتباطية بل يتشاكل مع النص يف مضمونه ومعناه وهو ذو ارتباط شديد بالسلوك اللغوي العام أي الواقع الثقايف واالجتماعي للمؤلف الذي ميجد فعل الرواية واحلكي. - المقدمة :(Preface) ** ترد كلمة مقدمة يف املعاجم العربية ضمن مادة "ق د م " مبعىن أول الشيء وصدره وهي إىل ذلك متداخلة مع مصطلحات أخرى كالتمهيد وال جند فروقا حامسة بينها واملدخل والتصدير والفاحتة واالستهالل فيما عدا بعض االستعماالت اليت تبدو كأهنا خمتصة حبقل معريف ما واخلطبة ومن ذلك "الفاحتة" الذي يكاد خيتص بالدراسات القرآنية إذ نسمعهم يقولون: "فواتح السور" ويعنون هبا أوائل السور وأم العدد األول 06

9 ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية 50 الكتاب يقال هلا فاحتة القرآن. وحني تعرضها لتعريف املقدمة تفرق املعاجم االصطالحية العربية بني مستويني يف املقدمة: مقدمة ميكن تسميتها مبقدمة علم وأخرى نسميها مقدمة التأليف )علما أن إمكانية حتول املقدمة الثانية إىل املستوى األول واردة باستمرار( فاألوىل ميكن أن منثل هلا بكتاب ابن خلدون "املقدمة" الذي هو يف األصل جهاز نظري قد يكون سابقا أو الحقا لكتاب العرب كتاب العرب وديوان املبتدأ واخلرب يف أيام العرب والعجم والرببر ومن عاصرهم من ذوي السلطان األكرب-. ومنثل هلا كذلك باملقدمات الفلسفية اليت تعرفها املوسوعة الفلسفية باآليت: )مقدمة قصرية لبعض العلوم موضوعها تعرف مبدئي على مضامني هذا العلم ومشكالته ومنهج حبثه وتعد "مقدمة" إىل كل ميتافيزيقيا تريد أن تصبح علما "اليت كتبها كانط مقدمة لكتابه "نقد العقل اخلالص "وهي يف احلقيقة تلخيص قصري هلذا املؤلف أما مقدمة التأليف فهي كل نص سابق عن متنه أو الحق له قصد تقدميه للقارئ ومده مبنهج صاحبه وخطته يف التأليف وقصده منه وكثريا ما تدخل يف عالقة مع املنت املقدم 59 له(. ويف املعرفة املعاصرة بدا أن املقدمة هي جزء من نظام معريف عام تعرفنا إليه يف البدء ب: "عتبات النص."(paratexte) وقد رأى بعض الدارسني نفي خطاب املقدمات Prefaciel) (Discours خطابا متميزا يف نوعية كتابته وتشكله ووظائفه فجريار جينيت يعترب أن "املقدمة" (PREFACE) كل نص متهيدي يسبق النص املركزي وقد يأيت بعده ينتسب للمؤلف (POSTFACE) (PREFACE AUCTORIAL).(Preface Allographe) إن واالستعادية يف اآلن نفسه هي استباقية أو لغريه هذا اخلطاب املنتج بصدد النص يتميز بطبيعته الزمنية املزدوجة تتسم باالستباقية ألهنا تسبق كتابة النص املزمع قراءته واستعادية ألهنا تعيد قراءة النص املكتوب وال تعود هذه املراوحة بني الكتابة والقراءة يف نص املقدمة إال إىل املهام الكربى اليت يسندها إليها الكتاب وتعوض حضورمها لعيين أمام القراء. يسميه جريار جنيت ب: ثانيا "القراءة اجليدة للنص وتتلخص هذه املهام الكربى أو الوظائف اليت تضطلع هبا املقدمات يف ما "كقاعدة أساس يعرتف إزاءها بتعقدها وتشعبها على الرغم من بساطتها الظاهرة إذ ميكن تقسيمها إىل قسمني مها: ضمان قراءة النص أولا وتأمني أن تكون هذه القراءة جيدة وال يقف التقسيم عند هذا احلد إذ ميكن تشطري هاتني الوظيفتني إىل وظائف "صغرى" تضطلع باملهام اآلتية: محاية النص من سوء الفهم قيادة املتلقي حنو القراءة املؤدية إىل الفهم السليم إقصاء التأويالت البعيدة 51 وغري املالئمة. فاملقدمة إذا من الوحدات الدالة تواصليا املشكلة لتداولية اخلطاب وإذا أخذنا ب: "مبدأ اإلبراز التداويل" pragmatics) (Principle of الذي يأخذ الصياغة اآلتية: )تتموقع املكونات احلاملة لوظائف تداولية خاصة )حمور بؤرة( يف مواقع خاصة تشمل على األقل املوقع الصدر ويقتضي املبدأ أن حتتل املكونات مواقع أخرى غري 56 مواقعها العادية ألسباب تداولية.( وبالطبع فإن هذا املكون قد تكون حدوده اجلملة وقد يكون على صعيد اخلطاب وهو املراد هنا. فاملقدمة مبوقعها يف املنظور التداويل حاملة لوظائف تداولية وتعد نوعا من التعاقد يونيو 3350 م 07

10 جملة الدراسات اللغوية واألدبية الضمين والصريح بني املؤلف والقارئ الذي ينشأ بينهما من منطلق حرص الكاتب على فهم قصدية خطابه وممارسة احملاججة واإلقناعيه وتطلع املتلقي أو القارئ إىل التفاعل والتجاوب معه بصورة جيدة من هنا تنبع أمهية مقاربتها تداوليا يف معاجلة وحتليل النصوص فإذا كان العنوان مثال موجها إىل عموم مجهور املتلقني وكافة القراء فإن املقدمة تقصد املتلقي الراغب يف االقرتاب أكثر من النص املركزي أو األصلي ذلك أهنا ملا جيب أن يطالعه القارئ قبل الولوج إىل عامل النص. وإذا كان بعض القراء يقصدون النص املركزي مباشرة على أساس أنه األهم واألجدى فإن هذا التجاوز غري املربر جيعل القارئ ال يتعرف منذ البداية على ما يريد الكاتب تعريفه به قبل الشروع يف عملية القراءة فاملقدمة صرح ومبىن حيتل موقعا اسرتاتيجيا لتشييد عالقة متينة من التواصل والتفاعل مع اخلطاب ألجل ذلك كان اهتمام العلماء العرب باملقدمات وحسن تدبيجها فال خيلو مؤلف من "خطبة 57 الكتاب" اليت جيد فيها القارئ هباء ودقة التعبري وحسن ومجال الصياغة. والتقدمي للنصوص حيتمل ثالث فرضيات فإما أن تكون املقدمة تقريظية جتارية إشهارية ال تضيف إىل العمل شيئا وإما أن تكون نقدية تقيم حوارا مع العمل لتحقيق فائدة خاصة وإما أن تكون نصا موازيا للنص وتكون مستقلة عنه متاما. وعموما فاملقدمة حتمل سلطة توجيه لقراءة العمل كما أهنا تطرح تصورات املؤلف وغاياته من التأليف وتكشف عن مقصده. ومن هنا فهي تعترب نوعا منا لتقييد للنص وللمتلقي يف آن واحد أما إن جاءت املقدمة تطرح تساؤالت واستفسارات وحتيل إىل قضايا مث ترتك اإلجابة عنها مفتوحة فتحيلها إىل النص ليجيب عليها. هنا تعترب املقدمة إسهاما يف حركية العمل فيأيت النص مشروعا أو توضيحا أو اقرتاحا أو أطروحة أو 58 إحالة مما حيقق ثراءها وعمقها. والبشري اإلبراهيمي من الكتاب الذين أولوا عنايتهم البالغة توطئة مدوناهتم اخلطابية باملقدمة سعيا إىل تقدمي اجلواب عما قد يكتنف أعماله من غموض أو عدم فهم. فاالحرتاز من هاجس عدم الفهم واإلساءة إىل عمله هو الذي يفسر هذا االهتمام هبا وكم من كاتب وأديب ظلم وذهب ضحية سوء فهم كتاباته! ومديد املساعدة للمتلقي يف فك شفرات النص الغامضة. والذي يستنتج أن الشيخ يعد املتلقي القطب األساس يف العملية التواصلية اإلبداعية ومن أجله جيب التفكري يف كل مكوناهتا وسبل إيضاحها. ومن هذا املنطلق وحرصا على تواصل إجيايب فعال مع خماطبه أو قارئه ارتأى املؤلف أن يقدم لنصه اإلبداعي "ر و اي ة الث الث ة " خبطبة تتصدر هل متتد يف فضاء مكاين على ستة صفحات. وعلى هذا األساس ميكن اعتبار هذه املقدمة اليت كتبها مدخال أساسيا ال ميكن االستغناء عنها للولوج للنص املركزي ونوعا من التوضيح والتدقيق لوجهات النظر اليت ينطلق منها يف إبداعه وتوضيحا لرؤاه الفكرية والفنية اإلنسانية اليت يلح على أال يساء فهمها أو يتم حتريف عن مسارها احلقيقي. وألن املقدمة يف العمل اإلبداعي موجهة ألولئك املخاطبني الذين يبحثون عن ذائقة فنية ومجالية أو هم متشبعون هبا فإهنا تعينهم على حتقيق رغبتهم يف ذلك. العدد األول 08

11 ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية يتبادر لقد برع اإلبراهيمي يف رسم خط أفق تواصل بينه وبني القارئ بأن ضمن مقدمته ما قد خيطر على باله من استفسارات وتساؤالت ولعل الوصف الذي نستهل به النظر يف هذه املقدمة هو أهنا تقريظية أي يف جانب كبري منها هي إبراز للمحاسن اليت يتصف هبا النص املنت- حتاول إبداء موقف يف جمال حتليل النص أو املنت وإضاءته مستلهمة أساليب القدامى يف الصياغة والتعبري. وينضاف إىل ذلك أن استخدام هذه اللغة األدائية املثقلة بالتعابري االستعارية املضيئة بنور احملسنات اللفظية واملعنوية نرى فيها نوعا من التماهي والتماثل والسياق اللغوي اإلبداعي الذي رسخ يف الذاكرة اإلبداعية العربية اليت حتاول قرحية الشيخ أن تسلكها استنساخا واستلهاما حتت طائل حتقيق التفاعل والتأثري واإلقناع احلسن جلمهور املتلقني. ورمبا اكتسى ذلك طابعا دالليا فعكس ما هو سائد يف واقعها ألديب احملتفي هبذا النمط من الكتابة وقد ظل األديب العريب إىل وقت متأخر من القرن املاضي شديد الكلف مفتونا بأساليب القدامى وهنجهم يف التأليف. فالسياق اخلارجي للنص هو الذي رسم شكل اخلطاب وهذا ما مينح هذا اخلطاب حجيته يف االستشهاد به مع التعويل على االقرتاب من النص املنت. والسؤال الذي إىل الذهن تعد يف هذا السياق: كيف جاءت هذه املقدمة هنضت عليها هذه املقدمة وما الوظائف اليت ميكن أن تؤديها يف بيان صورة املنت هذه املقدمة اسرتاتيجية متثيل ومتثل للنص املنت املاثلة بينهما هي عالقة إمجال وتكامل وبصيغة أخرى ما احملاور والدعائم الكربى اليت حيث وذلك ما تنبؤ عنه مضامينها إهنا عامل مصغر ممثل للنص املنت والعالقة فقد انطلقت يف طياهتا من هدف خطايب هو تقدمي ووضع أجوبة مرجعية للمتلقي قبل أن يدلف إىل النص أما البعد الوظائفي الذي يدفع املرسل إىل االشتغال باللغة واستعماهلا بصورة ما فإنه يبدو عند الشيخ يف هذا النص منطلقا من الوظيفة التواصلية التفاعلية اليت أملت عليه هذا التقدمي حتديدا وتصورا واسرتاتيجية وتربز هذه الوظيفة عرب رغبة الشيخ/املرسل يف حتقيق أمور عدة من مقدمته جنمل منها ما يأيت: - التعريف بعنوان العمل األديب والذي ورد أيضا يف أعلى الصفحة األوىل وخبط مميز ومل يكن هناك ذكر 54 للمقدمة عنوانا - وقد جاء يف أو لعبارة التقدمي )هذه أ ك ر م ك اهلل - ر و اية الثالثة...( ولعل يف استهالله ملقدمته هبذه العبارة اليت تشري من جانب إىل النص املنت بالضمري اإلشاري "هذه" املزيل لبإهبام احملدد لوجهة اخلطاب فيما سيأيت من كالم وكاف اخلطاب اليت جتعل من املرسل يف تناظر وتقابل تام مع املخاطب. ومن جانب آخر تشري العبارة السابقة إىل املتلقي بصيغة حتمل معىن التقدير والتبجيل واالحرتام ولنا أن نتأمل ما ترتكه مثل هذه العبارات من آثار نفسية إجيابية يف عملية التفاعل والتواصل بني املرسل واملتلقي إذ ميكننا هبا أن خنلع على شخص املرسل مسة اهليبة الوقار إذ ال تصدر مثل هذه العبارات إال منكبري حكيم يف نفسه ومع غريه وهو اإلحساس املضمر الذي تعمل العبارة على تسويقه عنه فضال عما متارسه من كسر حواجز الرهبة واخلوف بينهما أو عدم الفهم فيما يذهب إليه. فاألفعال التعبريية املتوخية اإلجنازية يف معناها ومرماها يف منظور يونيو 3350 م 04

12 جملة الدراسات اللغوية واألدبية االستعمال اللغوي تتوخى مثل هذه املقاصد اليت تؤشر على مبدأ اإلخالص- واملضمرة يف نفس املرسل يؤكد من جانب آخر حضور املتلقي يف نفسه وحرصه على فهم خطابه على ما تقدم. وهو مما - - ورود ذكر اسم املؤلف يف آخر التقدمي وهو أمر يتباين فيه الكتاب إىل يومنا هذا إذ هناك من يفضل أن يرد امسه يف ميني الصفحة األوىل أدىن عنوان املقدمة مباشرة وال غرو أن ذلك حيمل بعدا خطابيا تداوليا وهو تثبيت بصمة تعريفية تأثريية يف نفس املتلقي أو القارئ خاصة إذا كان الكاتب من املشهورين املعدودين املعلومني لدى العامة واخلاصة من الناس. غري أن الشيخ يف هذا النهج مل يفارق سبيل الكتاب واألدباء العرب القدامى فضال عن هذا التفسري فإنه يربز أيضا على ما نعلم من شخصية املرسل املتواضعة. - بيان تعريفي باجملال املعريف للمنت وجنسه اإلبداعي وهو األمر الذي استهالل مرسل بتوضيحه يف أو لفقرة من 33 تقدميه )... وهي أ رج وزة أكثرها "لزوم ما ال يلزم"( ومل يهتم بالتوسع أكثر من ذلك يف حتديده بل يعود الحقا ويف موضع آخر من نفس الصفحة ليصفها يقوله: )هذه األرجوزة الطويلة( إلظهاركينونتها وحقيقتها. أسباب تأليف نص رواية الثالثة: وهو ما أوضحه الكاتب على امتداد الصفحتني األوىل والثانية. إذ حكي أمر هؤالء الثالثة وشأهنم مع شيخهم ومما جاء فيها: )...متثل حالة ثالثة من األساتذة ال يدفعون عن فضل وال أدب وال ذكاء وما فيهم إال بعيد األثر يف احلركة اإلصالحية واسعا خلطى يف ميدان تعليم الناشئة وتربيتها... وكان هلم شيخ يقارضونه برا برب وتكرمة بتكرمة وكان هلم كالوالد يأبوهم...( مث يستمر يف إبراز العالقة اليت كانت تربط هؤالء األساتذة الثالثة بشيخهم وما حيكمها من روابط متينة وما يتفضل به عليهم من املعارف وغرر احلكم... إىل قوله )مث طرق الدهر حبادث حال بينهم وبينه وبني الناس...( حيث يظهر ما حل بشيخهم من مصاب وما كان ينتظره منهم من وفاء وإخالص تظهره على األقل رسائل تصله منهم ختفف عنه أمل الوحدة والفرقة عنهم لكنه مبدل ذلك نسوه يصف ذلك بقول بليغ يف نفس الصفحة )ولكنهم بدال من ذلك نسوه وكأهنم الرتاب 35 دسوه وقطعوا حبل االتصال الكتايب به البتة( وهو ما دعاه إىل أن يؤلف هذه األرجوزة واصفا حاهلم وأمرهم يف عدم مراسلة شيخهم. - املوضوع طبيعته وأبعاد هو حدوده: بيان سر عدم مراسلة الشيخ إن اهلدف من الفكرة اليت بنيت عليها الرواية أنه ال سبب النقطاع الذي حيمل الرسالة إليه معاجلته للنص املركزي وبيان مدى أمهيته بالنسبة وهو يوضح حيثياته وبشكل جممل يف الصفحتني الثانية والثالثة الثالثة وجفائهم للشيخ إال الفرنك وهو ال يطمع منهم يف أكثر من هذه الصلة ومما ورد: إليه العدد األول 93 هو )كانت أعين قيمة طابع الربيد وهو يف حمنته اليت هو هبا أحوج إىل املقويات الروحية منه إىل املقويات املادية وكان يبلغه عنهم ما يعتقده فيهم وهو أهنم يكثرون يف جمالسهم وهم 33 حبكم وظيفتهم جمتمعون دائما - احلديث عنه والشوق إليه ويضيقون ذرعا بالرسالة منه تأيت لغريهم( وكان أول من تفطن إىل ذلك مديرهم ومع شعوره باخلزي والعار الذي حلق هبم قرر أن يلتقي وجيتمع باألستاذين ألجل

13 ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية غسله مشرتكني يكتب املدير إىل رفيقيه استدعاء للحضور والتشاور يف هذا األمر اهلام ويعقدون جلسات ثالث تنتهي بالفصل فيه. - وصف دينامية النص: ويقصد هبذا وصف حركية وسريورة النص من البداية وحىت املنتهى حيث رسم للمتلقي صورة سري األحداث يف تطورها وتناميها وهو ما تضمنتها الصفحتان الثالثة والرابعة حيث يتتبع سري األحداث من إرسال املدير االستدعاء إىل األستاذين وتوجسهم من ذلك وردة فعلهم وانعقاد اجللسات الثالث وما دار فيها من تفاوض ومرافعة بينهم حول األمر الذي مجعهم من أجله ومن يفصل فيما احتكموا إليه. - القصدية )الدافع إىل الكتابة(: يفصح املؤل ف يف آخر مقدمته عن دافعه من تأليف هذا العمل إذ أراد هباكما قال: )داعبنا هبذه الرواية ثالثة أساتذة هم لنا أبناء وهم فيما بينهم إخوة كلهم أدباء فعسى أن تكون حافزة 30 هلم هلممهم يف التدريب على هذا النوع الراقي من األدب اهلزيل...( فالقصدية البارزة هي إبداعية فنية حمضة وهو حثهم على االشتغال مبثل هذا النمط الشعري أخرى غري خفية أعود إليها فيغري هذا املوضع. والناظر يف السياق اخلارجي للنص ميكنه أن يضيف جوانب - الغرض: لعل الغرض األساسي الذي دعا الكاتب إىل بناء هذا النص وتوجيه هذا اخلطاب أن حياكي به صنيع القدامى وبعض احملدثني بإجنازه هلذا العمل ولرمبا مل يفارق خياله وهو ينسج خيوطه بعض النماذج اخلطابية األدبية وهو يصرح بذلك يف بعض قوله: )...فحول البيان مثل رقم احللل البن اخلطيب ودول اإلسالم لشوقي 39 وما رأيت قوما طاع هلم الرجز وانقادكعلماء شنقيط مع السهولة عليهم يف النظم ومتانة يف السبك...(. ولعل أهم ب عد كشفه الكاتب ون ومل خيرتعهم أو ينسجهم من حمض خياله وباح به يف هذه املقدمة هو الطابع الواقعي خلطابه فشخوص عمله واقعي وإن بدا أنه قد ختيل سري أحداث عمله ختيال الشخصيات هم ممن عرفهم وصحبهم وخربهم يف جمال اشتغاله بالتعليم وتربية الناشئة فإن وقد ذكرهم باالسم والوظيفة تعريفا : )والثالثة هم: الشيخ السعيد بن حافظ مدير مدرسة الرتبية والتعليم احلرة بقسنطينة واألستاذان: 25 عبد احلفيظ اجلنان وحممد بن العابد )اجلاليل( املعلمان هبا وشيخهم هو مؤلف الرواية(. ونراه بعد ذلك يهتم برسم مالمح كل منهم بإبراز مظاهر كل واحد منهم يف عنوان فرعي وهو: "مظاهر األبطال الثالثة يف الرواية" استهله بقوله: )لكل واحد من الثالثة مظهر ظهر به يف مجيع مواقف الرواية حتقيقا لشخصيته فيها ويستطيع 36 احمللل للرواية أن يستخرج مناحي...(. - جوانب تشخيصية للنص املنت من قبل الكاتب قصد عربها التربير للنهج الكتايب الذي سلكه واألسلوب الذي اعتمده فيها والذي يصفه قائال : )أما أسلوهبا فهو سهل منسجم متالحم النسج متني الرتكيب فصيح املفردات ليس فيه تكلف وال ركوب الضرورات اليت ألف الراجزون ركوهبا بريء من التكلف واحلشو الذي ألفوا يونيو 3350 م 95

14 جملة الدراسات اللغوية واألدبية أن خيتموا به األبيات ضعفا منهم وضيق عطن يف العربية وقصر باع يف مفرداهتا وتراكيبها...( 27 ويضيف يف موضع آخر: )...وفيهاكثري من أنواع التجنيس وكلها من النوع العايل املتمكن لفظه ومعناه الربيء من التكلف وإمنا هو من اسرتسال الطبع وقوة األسر وروح امللكة يف العربية وفيها أبيات مستقلة مبعانيها جتري جمرى األمثال وفيها طائفة من األلفاظ الغريبة اليت مل يألف الكتاب والشعراء استخدامها وحبذا لو استعملوها وأكثروا 38 منها فإهنا زيادة يف ثراء اللغة وتوسيع هلا...(. والذين خلص إليه حول خطاب املقدمة عند الشيخ البشري اإلبراهيمي أنه يتأسس انطالقا من 34 مصطلحني مركزيني هلما منظورمها اللساين التداويل ومها: مبدأ املالئمة: إذ بدت املقدمة يف بنائها وأبعادها التواصلية جهازا لغويا إجرائيا فاعال يف حضوره يتواءم ويتالءم مع النص املنت غري منفصل عنه. التكامل املعريف: الذي مكننا من حتديد عناصر مكونة ومنظمة تضطلع بدور اهلادي ملستعمل هذا اخلطاب والواقف على جوانبه املختلفة قراءة عابرة أو دراسة وحتليال فليس عجبا إذا أن حتتل املقدمة هذا احليز وهذا الفضاء املكاين التداويل يف اخلطاب. الخاتمة: ميكن أن خنلص يف اخلتام إىل أن نظام العتبات أو اخلطاب املقدمايت هو خطاب تداويل استباقي ابتدائي متهيدي تعريفي إضائي للنص أو املنت قد يتواءم مع نسق النص املوازي له ويستدل عليه وميكن اعتباره موقعا تداوليا ينعقد فيها للقاء بني الكاتب والقارئ ويتم فيه البحث عن بعض اخلصائص والتحليالت اليت حيملها هذا اخلطاب. 5- يف "ر و اية الث الث ة " مهد املؤلف لنصه بعتبتني خطابيتني مارستا دور اإلفهام والتعريف والتسهيل على املتلقي الولوج إىل نصه األساسي. 3- فالعنوان إضاءة لغوية تعرب عن النص املنت قبل الولوج إليه وليس من شك يف أن الكاتب تعمد هذا النهج فهي تعبري قصدي حيمل نية التعبري الدقيق عن مضمون األرجوزة فالعنوان مل يأ ت بصورة اعتباطية بل يتشاكل مع النص يف مضمونه ومعناه وهو ذو ارتباط شديد بالسلوك اللغوي العام. 0- اضطلعت املقدمة مبهمة تواصلية أسهمت يف فتح بعض نوافذ النص للقارئ من أجل العروج إليه فكانت جواز مرور حنو عامل النص أتاحت هلذا القارئ إمكانية واسعة يف القبض على خيوط النص ومن ذلك: التعريف بالعمل األديب وبيان اجملال املعريف للمنت وجنسه اإلبداعي وأسباب تأليف النص وطبيعة املوضوع وأبعاده وحدوده ووصف دينامية النص وقصديته )الدافع إىل الكتابة( وغرضه. العدد األول 93

15 ع ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية هوامش البحث: * - نص"ر و اي ة الث الث ة " أرجوزة يف 272 بيتا )جاءت يف 56 صفحة من ص 55 إىل ص 665 من اجمللد الثاين لآلثار( هي يف بنيتها عبارة عن حمادثة مطولة بني ثالثة أطراف متحاورة هم املدير الشيخ السعيد بن حافظ واملعلمان اجلاليل واجلنان يدور املوضوع الرئيسي للحوار حول تقصري الثالثة يف وصل شيخهم برسالة بعد أن فرق بينهم الدهر وقد مهد املؤلف هلذه األرجوزة مبقدمة يف 1 صفحات حتاول رسم صورة عن األرجوزة وأبعادها املوضوعية والفنية وهذه الدراسة هي قراءة من منظور تداويل وظيفي لعتبيت: العنوان "رواية الثالثة" وهلذه املقدمة. - حممد البشري اإلبراهيمي أديب ومصلح جزائري من مواليد 61 يونيو 6225 م بقرية "رأس الوادي" بربج بوعريرج تعلم مبسقط رأسه وجامع الزيتونة حىت أمل جبانب من العلوم العربية مث رحل إىل أرض احلجاز وتعلم وعلم هبا كما درس باملدرسة السلطانية بالشام كان واحدا من مؤسسي مجعية العلماء املسلمني اجلزائريني يف 5 ماي 6596 م وترأسها بعد وفاة اإلمام عبد احلميد بن باديس عام 6516 م ناضل يف سبيل إرساء التعليم العريب اإلسالمي وحترير بالده إبان احلقبة االستعمارية الفرنسية فتعرض للسجن والنفي تويف بعد االستقالل يف 26 ماي 6511 م وعن نشاطه العلمي فقد شغل عضوية جمامع اللغة العربية وكان مراسال هلا وممثال عن اجلزائر. من آثاره مقاالت البصائر يف جملدين و"األعمال الكاملة حملمد البشري اإلبراهيمي" اليت نشرت يف 5 جملدات بإشراف جنله د.أمحد طالب اإلبراهيمي. ينظر: اإلبراهيمي حممد البشري اآلثار مجع وتقدمي: أمحد طالب اإلبراهيمي ط 6 )بريوت: دار الغرب اإلسالمي 6557 م( ج 2 من ص 55 إىل ص 665. ** العتبات- Seuils - )جريار جينيت )G.Genette أو هوامش النص )عند هنري ميرتان كريفل )H. Mitterand )Ch. Grivel أو النص املوازي عند )جون ديبوا )DUBIOS أو العنوان بصفة عامة )عند شارل ورمبا هنا كمن أضاف مصطلح "اخلطاب املقدمات" أو "النص املصاحب" وقد جاء توظيف هذا احلشد املصطلحي يف سياق االضطراب املصطلحي الذي تشهده الساحة العربية عموما والذي ينبع من االعتماد على الرتمجة القاموسية احلرفية أو اعتماد املعىن وروح السياق الذي وظف فيه يف اللغة األصلية أو غريها من األسباب ينظر: األزدي عبد اجلليل "مقدمات نظرية عن اخلطاب املقدمايت" مجلة فضاءات مستقبلية الدار البيضاء املغرب ماي 6557 م العدد 1 ص 5 مونقانو دومينيك المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب ترمجة: حممد حيياتن ط 6.61 )اجلزائر: منشورات االختالف 2665 م( 21. ص 2 paratexte: On appelle paratexte l'ensemble des textes généralement brefs qui accompagnent le texte principal. Dans le cas d'un livre le paratexte pourra être constitué par la page de titre un avant-propos une préface des annexes diverses une quatrième de couverture ; dans le cas d'un article le résumé ( dans la même langue ou en langue étrangère ) les notes la bibliographie etc. Dans une pièce de théâtre la liste des personnages les indications scéniques la description des décors sont le paratexte. Dictionnaire de linguistique jean DUOIS et autres Larousse 2002 paris France P مونقانو دومينيك المصطلحات المفاتيح لتحليل الخطاب ص بالل عبد الرزاق مدخل إلى عتبات النص دراسة في مقدمات النقد العربي القديم ط 6 )الدارالبيضاء: إفريقيا الشرق 2666 م( ص 96. انظر: األزدي عبد اجلليل "مقدمات نظرية عن اخلطاب املقدمايت" مجلة فضاءات مستقبلية مقال سابق ص ن: مما جاء يف لسان العرب يف مادة ع ر عن الشيء عننا وعنوان: ظهر أمامك ويعن عنوانا : اعرتض وعرض ومنه قول امرئ القيس )من الطويل(: فعنر لنا سرب كأ رن نعاجه***عذارى ذوار يف مالء مذيل ينظر: ابن منظور لسان العرب )القاهرة: دار املعارف د.ت( مج 61 ص اجلزار حممد فكري العنوان وسميوطيقا التصال األدبي ط 6 )القاهرة: اهليئة املصرية العامة للكتاب 6552 م( ص 2 السابق نفسه ص يعد "ليو هوك" Hoek) Leo )من خاللكتابه titre) (la marque de أحد مؤسسي هذا العلم لكن يبدو أن شدة اهتمام "جريار جينيت "Genette) قد أكسبه الفضل وإحراز السبق دون سواه يف معاجلة نظام العتبات وذلك من خالل مؤلفاته الكثرية ومن أبرزها "العتبات (G. "(Seuils) (Palimpsestes) ينظر: محداوي مجيل "السيميوطيقيا والعنونة" مجلة عالم الفكر اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب بالكويت أ ط ر اس يناير مارس 6557 م مج 25 9 ص محداوي مجيل "السيميوطيقيا والعنونة" مجلة عالم الفكر مقال سابق ص 661. انظر: حنلة أمحد آفاق جديدة في البحث اللغوي المعاصر د.ط )اإلسكندرية: دار املعرفة اجلامعية 2662 م( ص.56 يونيو 3350 م 90

16 جملة الدراسات اللغوية واألدبية *** مما جاء يف الصحاح: املقدم ضد املؤخر يقال: ضرب مقدم وجهه. ومقدمة اجليش بكسر الدال أوله...ينظر: مادة "قدم" يف: اجلوهري إمساعيل بن محاد معجم الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية حتقيق: أمحد عبد الغفور عطار ط 39 )بريوت: دار العلم للماليني 6556 م( لبنان مج 61 ص بالل عبد الرزاق مدخل إلى عتبات النص دراسة في مقدمات النقد العربي القديم ص انظر: السابق نفسه ص 97. األزدي عبد اجلليل "مقدمات نظرية عن اخلطاب املقدمايت" مجلة فضاءات مستقبلية مقال سابق ص 67. املتوكل أمحد األمان 6551 م( ص قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي- د.ط )الرباط دار انظر: األزدي عبد اجلليل "مقدمات نظرية عن اخلطاب املقدمايت" مجلة فضاءات مستقبلية مقال سابق ص انظر: السابق نفسه ص اإلبراهيمي حممد البشري اآلثار مجع وتقدمي: جنله أمحد طالب اإلبراهيمي ط 6 )بريوت: دار الغرب اإلسالمي 6557 م( ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص السابق نفسه ج 2 ص انظر: املتوكل أمحد قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية: بنية المكونات أو التمثيل الصرفي التركيبي ص 212. References المراجع: Al-Azdiyy, ʿAbd al-jalīl, "Muqaddimāt Naẓariyyah ʿan al-khiṭāb al-muqaddimātiyy", Majallah Faḍāʾāt Mustaqbaliyyah, al-dār al-bayḍāʾ, Morocco, May. 5447, No 9. Al-Ibrāhīmiy, Muḥammad al-bashīr, al-āthār, ed. Aḥmad Ṭālib al-ibrāhīmiy, 5 st edition, (Beirut: Dār al-gharb al-islāmiyy, 5447). Al-Jawhariy Ismāʿīl Bin Ḥamād, Muʿjam al-ṣiḥḥāḥ: Tāj al-lughah wa Ṣiḥāḥ al- ʿarabiyyah, ed. Aḥmad ʿAbd al-ghafūr ʿAṭṭār, 9 th edition, (Beirut: Dār al-ʿilm li al-malāyīn, 5443), Lubnān, Vol 39. Al-Jazzār, Muḥammad Fikriy, al-ʿunwān wa Simiyūṭīqā al-ittiṣāl al-adabiyy, 5 st edition, (Cairo: al-hayʾah al-miṣriyyah al-ʿāmmah li al-kitāb, 5448). Al-Mutawakkil, Aḥmad, Qaḍāyā al-lughah al-ʿarabiyyah fī al-lisāniyyāt al- Waẓīfiyyah Binyah al-mukawwināt aw al-tamthīl al-ṣarfiyy al-tarkībiyy-, no date (Rabat, Dār al-amān, 5446). العدد األول 99

17 ع ت ب ات الن ص يف"ر و اية الث الث ة " حملمد البشري اإلبراهيمي: د ر اس ة ت د اول ية Bilāl, ʿAbd al-razzāq, Madkhal ilā ʿatabāt al-naṣ: Dirāsah fī Muqaddimāt al-naqd al- ʿarabiyy al-qadīm, 5 st edition, (Casablanca: Ifrīqiyā al-sharq, 3333). Dictionnaire de linguistique, jean DUOIS et autres, Larousse, 2662, paris, France. Ḥamdāwiyy, Jamīl, "al-sīmiyūṭīqiyā wa al-ʿunwanah", Majallah ʿālam al-fikr, al-majlis al-waṭaniyy li al-thaqāfah wa al-funūn wa al-ādāb bi Kuwait, Jan., Mar., 5447, Vol 31, No 0. Ibn Manẓūr, Lisān al-ʿarab, (Cairo: Dār al-maʿārif, no date), Vol 39. Monkano, Dominic, al-muṣṭalaḥāt al-mafātīḥ litaḥlīl al-khiṭāb, translator: Muḥammad Yaḥyātin, 5 st edition, (Algeria: Manshūrāt al-ikhtilāf, 3331). Niḥlah, Aḥmad, Āfāq Jadīdah fī al-baḥth al-lughawiyy al-muʿāṣir, no date, (Alexandria: Dār al-maʿrifah al-jāmiʿiyyah, 3333). يونيو 3350 م 91