Available at: ما بعد والية الفقيه النظرايت السياسي

النسخ

1 Available at: ما بعد والية الفقيه النظرايت السياسية الشيعية املعاصرة Muhammad Kholid Muslih * Universitas Darussalam Gontor, Ponorogo kholidmuslih@unida.gontor.ac.id Abstract The development of political thought of contemporary Syiah 12 Imams is not ended by the discourse of Wilâyat al-faqîh ; but actually the mullahs always try to explore and give ideas on other concepts which are considered more perfect. Using descriptive-analytical method, this research tries to reveal the dynamics of the study of Syiah political thought through the appearance of various new concepts initiated by the mullahs of the contemporary Syiah 12 Imams since Iranian Revolution and Khumaini s lifetime till nowadays. The research has concluded that the political thought of Syiah has not been completed yet since the beginning of its appearance. Hence, the concept of Wilâyat al-faqîh is not just a political theory and the last alternative to build an ideal country during al-ghaibah al-kubra, but it will continue to develop till comes near to the political concept of Ahlusunnah. This indicates that the political concept of Ahlusunnah is a well-set concept and theory of politics because it has been proven well-tested conceptually and in application, and it is also almost similar to the originality of Islamic thought and the prophetic guidance, and it is very appropriate to be applied in the future. The new ideas of the mullahs will have an important role to get Syiah closer to Ahlusunnah in the political concept after being torn apart by enmity as the consequence of the extreme thought of mysticism which infiltrates Syiah thought. Keywords: Wilâyat al-faqîh, Politics, Concept, Syiah 12 Imams, Ahlusunnah. * Program Studi Aqidah dan Filsafat Islam, Pascasarjana Universitas Darussalam Gontor, Kampus Pusat UNIDA Gontor, Jl. Raya Siman Km. 06, Demangan, Siman, Ponorogo, 63471, Jawa Timur. Phone. (+62352) Vol. 13, No. 1, Mei 2017,

2 206 Muhammad Kholid Muslih Abstrak Perkembangan pemikiran politik Syiah 12 Imam kontemporer ternyata tidak berhenti pada konsep Wilâyat al-faqîh, namun para fukaha Syiah kontemporer akan terus berupaya mencari dan melontarkan gagasan konsep-konsep lain yang dipandang lebih sempurna. Dengan menggunakan metodologi deskriptif-analitik, kajian ini berupaya untuk mengungkap dinamika kajian pemikiran politik Syiah melalui munculnya ragam konsep baru yang digagas oleh para fukaha Syiah 12 Imam semenjak awal munculnya revolusi Iran dan saat Khumaini masih hidup hingga kini. Kesimpulan yang dihasilkan dari kajian ini adalah bahwa pemikiran politik Syiah belumlah paten sejak awal kemunculannya, sehingga konsep Wilâyat al-faqîh yang digagas oleh Khumaini dan fukaha lain yang sepaham dengannya yang kemudian diterapkan dalam Undang-undang Dasar Republik Islam Iran bukanlah satu-satunya teori politik dan alternatif terakhir dalam rangka membangun negara ideal pada masa al-ghaibah al-kubra, akan tetapi terus berkembang hingga mendekati konsep dan teori politik Ahlusunnah. Hal ini menandaskan bahwa konsep politik Ahlusunnah merupakan konsep dan teori yang sangat kokoh karena telah teruji, di samping lebih dekat kepada orisinilitas pemikiran Islam dan petunjuk-petunjuk kenabian, sehingga lebih tepat untuk untuk diterapkan di masa yang akan datang. Gagasan baru dan segar para fukaha Syiah kontemporer ini berperan mendekatkan Syiah kembali ke Ahlusunnah dalam konsep politik, setelah dicabik-cabik oleh permusuhan akibat ilfiltrasi pemikiran ekstrem kebatinan ke dalam pemikiran Syiah. Kata kunci: Wilâyat al-faqîh, Politik, Konsep, Syiah 12 Imam, Ahlusunnah. متهيد ال تتوقف مسرية الفكر السياسي الشيعي عند الرأي الذي طرحه آية هللا اخلميىن وما انتهى إليه دستور مجهورية إيران اإلسالمية إذ واصل فقهاء الشيعة سعيهم من أجل تقديم فكر سياسي أفضل وبناء نظام سياسي أكثر حرية وعدال فقد قدم فقهاء الشيعة يف لبنان والعراق وإيران نظرايت خمتلفة عن نظرية اإلمام اخلميين واليت بنيت على أساس النصب والنيابة العامة أو الوالية التعيينية العامة مع قبوهلم أبصل Jurnal TSAQAFAH

3 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh أساسي وهو ضرورة احلكومة اإلسالمية. متثلت هذه النظرايت حىت اآلن حسب حمسن كديغر- على األقل يف أربع نظرايت: النظرية األوىل: نظرية خالفة األمة وإشراف املرجعية واليت طرحت من قبل آية هللا السيد حممد ابقر الصدر )ت 1356 ه( يف جمموعة احملاضرة اإلسالم يقود احلياة يف بداية انتصار الثورة اإلسالمية. النظرية الثانية: الوالية االنتخابية املقيدة للفقيه واليت طرحها آية هللا منتظري يف جمموعة دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية اليت ألقاها من سنة 1363 حىت 1368 ه. يف احلوزة العلمية قي قم. والنظرية الثالثة: هي نظرية وكالة املالكني الشخصيني للمشاع واليت طرحت من قبل آية هللا الدكتور مهدي حائري يف كتاب احلكمة واحلكومة. والنظرية الرابعة: هي نظرية الدولة االنتخابية اإلسالمية واليت طرحت من قبل الشيخ حممد جواد مغنية والشيخ حممد مهدي مشس الدين. وقد مسي هذا األخري أطروحته هذه بنظرية والية األمة على نفسها. ظهرت أغلب هذه النظرايت السياسية يف حياة اإلمام اخلميين ويف بداية انتصار الثورة وأوان استقرار اجلمهورية اإلسالمية. هذه النظرايت كما يرى الشيخ كديغر هلا دور مهم يف تنمية وارتقاء مستوى الفقه الشيعي وتعد يف رأيه- من بركات الثورة اإلسالمية ومن حسنات اجلمهورية اإلسالمية كما تعترب دليال على 2 فعالية الفقه الشيعي فيما يرتبط ابملسائل االبتالئية للمجتمع اإلسالمي. 1 وقد أحصي لنا الشيخ حمسن كديغر هذه النظرايت يف كتابه نظرايت الدولة يف الفقه الشيعي )مع مقارنة نقدية(. هذا الكتاب الذي نشرت ترمجته ألول مرة يف عام 2000 م. يف بريوت كما يروي لنا حممد األرانؤط - أدى بصاحبه إىل االعتقال يف شباط 1999 م بعد صدوره يف الفارسية مث إىل احملاكمة والسجن ملدة عام ونصف بتهمة بث االضطراب يف صفوف الرأي العام. ومل يفرج عنه يف متوز 2000 م إال بعد أن قضى حمكوميته كاملة يف سجن إيفني اإليراين. وقد أاثر الكتاب يف حينه من اهتمام نظرا ألنه تعرض أيضا لوجود آراء أخرى لدى الفقهاء الشيعة حول نظام احلكم خالل غيبة اإلمام أي أن والية الفقيه اليت يقوم عليها النظام احلايل يف إيران ليست هي اخليار الوحيد أمام الشيعة(. حممد األرانؤوط جدور والية الفقيه ما بني لبنان وإيران 2 حمسن كديغر نظرايت الدولة يف الفقه الشيعي )مع مقدمة نقدية( ترمجة الدكتور الشيخ حممد سقري )بريوت: دار اهلادي الطبعة األوىل 2004( Vol. 13, No. 1, Mei 2017

4 208 Muhammad Kholid Muslih بيد أننا نرى أن ظهور هذه النظرايت تثبت صحة القول من أن الفكر السياسي الشيعي مل يكن منذ البداية حمدد املعامل كان مفتوحا على التاريخ فقها واعتقادا وقد تطور عرب التاريخ شيئا فشيئا واقرتب أكثر من نظرية أهل السنة السياسية وهي الشورى. كما أهنا دالة على قوة ومتانة نظرية الشورى وأتثريها على آراء فقهاء اإلمامية املعاصرين. النظرايت السياسية الشيعية ما بعد والية الفقيه وملعرفة مزيد من البيان حول تلك النظرايت نستعرض هذه النظرايت بشئ من اإلجياز مع إلقاء الضوء بشئ من التفصيل على أطروحة الشيخ مهدي مشس الدين حول والية األمة على نفسها ابعتبارها أكثر تلك النظرايت شبها بنظرية الشورى وأقرهبا إن مل تكن هي عني النظرية. النظرية األوىل: خالفة األمة وإشراف املرجعية تعد هذه النظرية حسب ما يرى الشيخ كديغر احللقة األخرية للنظرايت اليت طرحها الشيخ ابقر الصدر 3 حيث اشتهر لدي الباحثني أنه طرح ثالث نظرايت متعلقة ابلفقه السياسي الشيعي. وهي: احلكومة االنتخابية على أساس الشورى ووالية الفقهاء التعيينية العامة مث خالفة األمة وإشراف املرجعية. 4 هذه النظرية تؤسس على العنصرين املهمني ومها: خالفة اإلنسان واإلشراف الديين للمرجع الصاحل وقد بين على ركنني: خالفة األمة ونظارة املرجعية وخالفة األمة يرى الشيخ الصدر أبن هللا تعاىل هو منشأ مجيع السلطات والوالية األصلية هي فقط هلل تعاىل. كما أنه تعاىل قد جعل اإلنسان )جنس البشر( خليفة له يف األرض فإدارة اجملتمع اإلنساين وسياسته وتدبري أموره هي من شؤون 3 هو آية هللا السيد حممد ابقر الصدر ولد عام 1353 وتويف عام 1400 ه. من أعظم مفكري الشيعة املعاصرين ترك خالل عمره القصري آاثر علمية مبتكرة ورؤي مبدعة يف الفقه واألصول والتفسري والفلسفة واملنطق واالقتصاد واألخالق والتاريخ والسياسة. من هذه املؤلفات: اقتصادان وفلسفتنا واألسس املنطقية لالستقراء ودروس يف علم األصول وحبوث يف شرح العروة الوثقي والفتاوي الواضحة واإلسالم يقود احلياة وغريها. 4 حمسن كديغر نظرايت الدولة Jurnal TSAQAFAH

5 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh اخلالفة اإلهلية )أي خالفة اإلنسان هلل تعاىل(. بعبارة أخرى فإن اإلنسان حسب ما يرى الشيخ الصدر قد أضحي حاكما على مصريه بعنوان كونه خليفة هللا تعاىل وقد عرب القرآن الكرمي عن هذه اخلالفة ابألمانة اإلهلية واإلنسان مكلف أن يستخدم هذه األمانة كما يريد هللا تعاىل وليس 6 لديه احلق يف أن يستعملها على أساس األهواء واملنافع الشخصية. ففي التطبيق فإن األمة متارس حقها يف اخلالفة املعطى هلا من هللا تعاىل من خالل الطرق التالية: أوال: انتخاب رئيس السلطة التنفيذية بعد أتييد صالحيته من قبل املرجع ويقوم رئيس السلطة التنفيذية ابختيار أعضاء احلكومة. اثنيا: انتخاب أعضاء جملس أهل احلل والعقد )السلطة التشريعية( أما وظائف هذا اجمللس فهي عبارة األمور اآلتية: األول: منح الثقة ألعضاء احلكومة املرشحني من قبل رئيس السلطة التنفيذية. والثاين: اختيار الفتوى املناسبة يف موارد اختالف فتاوي اجملتهدين على أساس املصلحة العامة. والثالث: وضع القوانني مورد احلاجة يف منطقة الفراغ. والرابع: اإلشراف على إجراء القوانني األساسية والعادية والنظارة على عمل السلطة التنفيذية. ونظارة املرجعية يرى الشيخ الصدر أن األمة عندما حترر نفسها من سلطة الطاغوت تنتقل إليها اخلالفة اإلهلية يف األرض واألمة تبىن خالفتها على أساس قاعدتني قرآنيتني مها: قاعدة الشورى ووالية املؤمنني واملؤمنات بعضهم على بعض بشكل متساو وعليه فإن األمة تبلور خالفتها على أساس الشورى العامة ورأي األكثرية )يف حال اختالف اآلراء(. 7 لكن هذه اخلالفة كما يرى الشيخ الصدر ال بد أن تقوم حتت إشراف املرجعية وذلك من أجل حفظ اخلالفة اإلهلية لألمة من االحنراف وهدايتها إىل أهدافها العالية وهم جزء من سلسلة الشهداء اإلهليني فهم عبارة عن األنبياء واملرسلني والرابنيني )األئمة( واألخبار )علماء الدين( ويتمثلون 5 حممد ابقر الصدر حملة فقهية متهيدية عن مشروع دستور اجلمهورية اإلسالمية يف إيران ضمن جمموعة اإلسالم يقود احلياة )بريوت: دار التعارف الطبعة األوىل 1990( حممد ابقر الصدر خالفة اإلنسان وشهادة األنبياء ضمن جمموعة اإلسالم يقود احلياة )بريوت: دار التعارف الطبعة األوىل 1990( حممد ابقر الصدر حملة فقهية خالفة اإلنسان Vol. 13, No. 1, Mei 2017

6 210 Muhammad Kholid Muslih يف فرتة الغيبة الكربى يف مراجع التقليد الصاحلون. فالوظيفة اخلطرية للشهداء اإلهليني فهي عبارة عن: أوال: إبالغ الرسالة اإلهلية وحفظها. اثنيا: النظارة واإلشراف على كيفية توظيف اخلالفة اإلهلية من قبل اإلنسان ومسؤولية التوجيه ابملقدار املرتبط ابلرسالة وأحكامها ومفاهيمها اثلثا: اختاذ مجيع التدابري الالزمة لسالمة مسري خالفة االنسان يف صورة االحنراف عن املسري اإلهلي. إن الشهداء اإلهليني هم املرجعية الفكرية 8 والتشريعية للمجتمع اإلنساين والضامن لصحة السري الديين لإلنسان. وهذه املرجعية الصاحلة هي مؤسسة وليست فردا يقف على رأس هذه املؤسسة الفقيه العادل اجلامع للشرائط الذي وصل إىل املرجعية الدينية بشكل طبيعي ومتعارف وبعد ذلك قد مت ترشيحه للمرجعية الصاحلة من قبل جملس املرجعية والقي التأييد من قبل علماء البالد وهو بعد أن يتصدى هلذه الوظيفة ال يقوم بوظائفه بشكل شخصي بل من خالل جملس املرجعية. 9 ومن حيث كونه مرجعا يتصدى الوظائف التالية: أوال: الرائسة العليا للدولة اإلسالمية والقائد العام للقوات املسلحة. اثنيا: ترشيح فرد أو أفراد للتصدي لرائسة السلطة التنفيذية أو إمضاء ترشيحهم. اثلثا: تعيني املواقف القانونية الشرعية. رابعا: إمضاء القوانني املوضوعة يف منطقة الفراغ من قبل السلطة التشريعية. خامسا: إقامة الديوان العايل للمحاسبة فيما ترتبط جبميع املخالفات يف األمور السابقة )القضاء يف خمالفات الدولة(. سادسا: إقامة ديوان املظامل 10 يف مجيع البالد )القضاء يف املخالفات اخلاصة(. وكتعبري عن استمرار الشهادة اإلهلية يرى الشيخ الصدر أنه جيب أن تتوفر يف املرجع الصاحل صفات املرجع الديين أي االجتهاد املطلق والعدالة وأن حيرز إميانه ابلدولة اإلسالمية وضرورة محايتها وذلك من خالل مؤلفاته ودروسه وأن تكون مرجعيته الدينية قد حصلت من الطرق املتعارفة العادية وأن ترشح أكثرية أعضاء اجمللس مرجعيته الصاحلة هلذا املقام العايل وأن يؤيد هذا الرتشيخ من قبل عدد كبري 8 حممد ابقر الصدر خالفة اإلنسان حمسن كديغر نظرايت الدولة حممد ابقر الصدر خالفة اإلنسان Jurnal TSAQAFAH

7 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh من أهل اخلربة يف اجملال الديين يف إطار الدستور كأساتذة احلوزة العلمية وطالهبا وأئمة املساجد واخلطباء واملؤلفني واملفكرين اإلسالميني... وعندما يتعدد األشخاص الذين 11 تتوفر فيهم شروط املرجعية فإن املرجع الصاحل يعني من قبل األمة. هذه هي ملخص نظرية خالفة األمة وإشراف املرجعية اليت طرحت من قبل آية هللا حممد ابقر الصدر وقد اتفقت هذه النظرية مع نظرية والية الفقيه اليت تبناها آية هللا اخلميىن ىف كون كل من الويل الفقيه واملرجع الديين مسئول األعلى وميسك كل منهما زمام الرائسة العليا ىف احلكومة اإلسالمية ولكن ختتلف عنها يف األمور التالية: أوال: يقوم املرجع بوظيفة التصدي هلذا املنصب )الرائسة العليا للدولة( ابعتبار كونه مشرفا على جمرايت إدارة الدولة من قبل نواب األمة حىت ال تنحرف عن املسار اإلهلي فتتحدد وظيفته اإلشرافية هبذا املنطلق ىف حدود الرقابة على الدولة. بينما يقوم الويل الفقيه أبداء هذه الوظيفة ابعتبار كونه وليا على الناس حيث يكون له سلطة مطلقة على الشعب. اثنيا: إن األساس النظري الذي بنيت عليه هذه النظرية هو خالفة األمة واليت تعين أن األمة وحدها هي صاحبة احلق يف إدارة شؤون الدين والدنيا لتحقيق هدف العبودية فاألمة وحدها صاحبة احلق ىف اختيار من ينوب عنها لتويل السلطة التنفيذية والتشريعية وعزهلم. لكن األمة حسب ما تري هذه النظرية خالل ممارستها وظيفتها االستخالىف ال بد أن تكون حتت إشراف املرجع الذي وصل إىل هذه الدرجة بطريقة طبيعية وحيصل على قبول األمة وإذا مل حيصل أي مرجع على هذا القبول حيال إىل اختيار األمة ابألغلبية. ومتارس األمة مهامهم يف اإلشراف من خالل جملس املراجع حتت رائسة مرجع صاحل ابعتباره جزءا من األمة. وتكون احلكومة املشكلة بعد ذلك حكومة إسالمية مقيدة ابلقانون ألن الشرع يهيمن على رئيس الدولة والشعب وحىت املرجع بشكل متساو. بينما قامت نظرية آية هللا اخلميين على أساس النصب والنيابة أو الوالية التعيينية العامة فيما يعين أن الناس حبكم كوهنم مويل على الويل الفقيه اجملتهد ليس 11 نفس املرجع Vol. 13, No. 1, Mei 2017

8 212 Muhammad Kholid Muslih هلم مبدئيا- أي دور يف نصب ويل الفقيه وعزله. إن الفقيه العادل اجلامع للشرائط حسب هذه النظرية قد مت نصبه من قبل الشارع املقدس وهو يعزل بنفسه )تلقائيا( إذا ما فقد صفة العدالة أو الفقاهة. 12 إن يد الناس كمجتمع املوىل على الفقهاء العدول -هبذا االعتبار- غري مؤثرة أصال يف نصب الوىل الشرعي وعزله 13 فيما يعين أيضا أن الويل الفقيه املطلق غري مقيد ابلقوانني البشرية ومن مجلتها الدستور 14 كما ال يكون 15 مقيدا ابألحكام الفرعية األولية والثانوية. اثلثا: يقوم الويل الفقيه يف نظرية والية الفقيه اليت طرحها اإلمام اخلميين بوظائفه بشكل شخصي وهذا هو املعمول يف الدستور حاليا بينما ال يقوم املرجع الصاحل املشرف على الدولة بوظائفه بشكل شخصي إمنا يقوم من خالل جملس املرجعية. رابعا: يشرتط يف املرجع الصاحل املشرف على الدولة أن حيصل مرجعيته من الطرق العادية املتعارف عليها ويرشخه أغلبية أعضاء جملس املراجع ويؤيده هذا الرتشيخ عدد كبري من أهل اخلربة يف اجملال الديين يف إطار الدستور كأساتذة احلوزة 12 املبين الرابع: هو املبين الذي بين عليه السييد اإلمام اخلميين وهو أن الفقيه قد أعطي الوالية العامة من قبل املعصوم ووكالة عنه. فواليته على األمة وإن كانت ابلوكالة عن املعصوم وليست وكالة ذاتية له إال أهنا مل حتصل له عن طريق بيعة األمة له وانتخاهبا له بل عن طريق نص املعصوم على ذلك. ووفق هذا املبين فإن أمر الفقهاء انفذ سواء بويعوا أم ال وسواء انتخبوا أم ال وإن كانت هذه الببيعة واالنتخاب مؤكدة لتلك الوالية. آية هللا السيد كاظم احلسيين احلائري املرجعية والقيادة )قم: مكتبة مساحة آية هللا السيد كاظم احلسيين 1409 م( اخلميين كتاب البيع )قم: مؤسسة امساعيليان الطبعة الرابعة 1410 ه( /2 14 إن الويل الفقيه املطلق له احلق يف أن ينقض القانون إذا ما رأي يف ذلك صالحا ورأي مصلحة اإلسالم واملسلمني يف اخليارات غري املنصوصة يف الدستور لكن هذا النقض هو نقض ظاهري ألن القانون الواقعي هو قانون اإلسالم والذي مل ينقضه الويل الفقيه وإن أوامر الويل الفقيه هي يف حكم القانون وهي تقدم على القانون يف صورة التعارض الظاهري معه. اخلميين صحيفة النور )بريوت: مجعية املعارف االسالميه الثقافية 200٤( 170/ أن الوالية املطلقة للفقهاء كما يتبناها اخلميين هي الوالية اليت جعلها هللا تعاىل للنىب األكرم واألئمة وهي من أهم األحكام اإلهلية وتتقدم على مجيع األحكام اإلهلية وإن صالحيات احلكومة ال تنحصر يف حدود األحكام اإلهلية وإن احلكومة هي واحد من األحكام األولية وهي مقدمة على كافة األحكام الفرعية حىت الصالة والصوم واحلج وإن احلكومة تستطيع أن تلغي من طرف واحد اإلتفاقات الشرعية اليت أبرمتها مع الشعب إذا ما كانت تلك االتفاقات خمالفة ملصلحة البلد واإلسالم وتستطيع احلكومة أن متنع أي أمر سواء كان عباداي أم غري عبادي إذا ما كان حصوله خمالفا للمصاحل وما دام كذلك وهذا من صالحيات احلكومة ويوجد أيضا مسائل أهم من ذلك. نفس املرجع /20 Jurnal TSAQAFAH

9 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh العلمية وطالهبا وأئمة املساجد واخلطباء واملؤلفني واملفكرين اإلسالميني وعندما يتعدد األشخاص الذين تتوفر فيهم شروط املرجعية فإن املرجع الصاحل يعني من قبل األمة بينما حيصل الويل الفقيه يف الدستور عن طريق احلصول على ثقة األغلبية الساحقة من الشعب أو عن طريق انتخابه من قبل جملس اخلرباء املنتخب من قبل الشعب. ويبدو للباحث أن دستور مجهورية إيران اإلسالمية ال أيخذ أطروحة اإلمام اخلميين بشكل مطبق إمنا حيتضن هذا الدستور آراء الفقهاء الشيعة املعاصرين املختلفة من ضمنهم بعض آراء الشيخ الصدر على األقل اقتبس هذا الدستور بعض روحها حىت ميثل عصارة ما اعتربوه رحيق املختوم من آراء الفقهاء املعاصرين. النظرية الثانية: الوالية االنتخابية املقيدة للفقيه يرجع الفضل يف البيان العلمي ملباين هذه النظرية على أساس الفقه االستداليل يف رأي الشيخ كديغر إىل آية هللا منتظري يف جمموعة دراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية اليت ألقاها من سنة 1363 حىت 1368 ه. يف احلوزة العلمية يف قم 16 إال أن جذور هذه النظرية يرجع إىل مرتضي مطهري يف كتابه جمموعة جولة يف هنج البالغة 17 وإىل آية هللا الشيخ نعمة هللا صاحلي جنف أابدي يف كتابه والية الفقيه: حكومة الصاحلني. 18 وأركان هذه النظرية كما طرحها الشيخ املنتظري كالتايل: 1. شرط الفقاهة للحاكم اإلسالمي يرى الشيخ املنتظري أنه ليس لإلنسان والية على آخر إال من عني من الويل املطلق )هللا( وأنه قد عني الرسول وليا على األمة كما أنه عني األئمة بواسطة 16 هو آية هلل حسني على منتظري جنف آابدي ولد عام 1301 ه من املقربني لإلمام اخلميين ويعده ليكون خليفة له إال أنه عزله فيما بعد من آاثره العلمية: هداية األصول وتقرير األحباث آلية هللا الربوجردي والبدر الزاهر يف صالة اجلمعة واملسافر وتقرير أحباث آية هللا الربوجردي وكتاب احلدود وكتاب اخلمس واألنفال وكتاب الزكاة ودراسات يف املكاسب احملرمة والتعليقات على العروة الوثقي ودراسات يف والية الفقيه وفقه الدولة اإلسالمية. 17 حمسن كديغر نظرايت الدولة نفس املرجع 170. Vol. 13, No. 1, Mei 2017

10 214 Muhammad Kholid Muslih الرسول. وملا كانت احلكومة ضرورة للحياة االجتماعية يف كل األزمنة إذ أن قسما كبريا من األحكام اإلسالمية ال ميكن إقامته من دوهنا فإن تعطيل احلكومة سوف يؤدي إىل تعطيل قسم مهم من أحكام الشريعة. إن احلاكم هلذه احلكومة حبكم العقل والكتاب والسنة ال بد أن يكون حائزا على هذه الشروط الثمانية : العقل الوايف اإلسالم واإلميان والعدالة والفقاهة والعلم االجتهادي ابألحكام اإلسالمية بل األفقهية )وهو أهم الشروط( والتدبري واإلدارة وأال يكون من أهل البخل واحلرص والطمع وأن يكون رجال وطاهر املولد. وحاكم )رئيس( هذه احلكومة هو الفرد وليس الشورى مبعىن أن رئيس 19 احلكومة اإلسالمية هو فقيه واحد واجد للشروط وليس شورى القيادة. 2. يعني احلاكم بواسطة االنتخاب من قبل الشعب يف حالة عدم وجود تعيني احلاكم من قبل هللا تعاىل )عصر الغيبة( فإن حق تعيني املصري السياسي وانتخاب احلاكم من بني الواجدين للشروط يف رأي الشيخ املنتظري موكول إىل األمة فتحولت طريقة إجياد احلاكم من التعيني إىل 20 االنتخاب. ومن هنا يرى أنه جيب كفائيا على الفقهاء الواجدين للشروط أن يعلنوا استعدادهم للتصدي ألمر احلكومة ويف املقابل جيب على الناس ترشيحهم وانتخاهبم ويكون احلق يف هذا االنتخاب للرجال كما يكون للنساء أيضا حيث أن هلن 21 حق التصويت واملشاركة يف تعيني املصري السياسي كالرجال متاما. وال جيوز للشعب عدم املشاركة يف عملية االنتخاب. لكن إذا مل يشارك أكثرية اجملتمع يكون رأي األقلية انفذا كما أن للفقيه أن يبادر إىل القيام ابملهام يف حال عدم مشاركة الناس يف االنتخاب وذلك من ابب التصدي للحسبة. وعندما يكون الشخص الواجد للشروط واحدا جيب قبول واليته وحاكميته على الناس. ويف حالة تعدد األشخاص الواجدين للشروط فإن احلاكم اإلسالمي ينتخب من 19 املنتظري دراسات يف والية الفقيه )قم: املركز العاملي للدراسات اإلسالمية الطبعة األوىل 1408 ه( /1 و 4/2. 20 نفس املرجع /1 21 نفس املرجع 537/1 Jurnal TSAQAFAH

11 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh قبل الشعب. لكن يبدوا أن رأي الشيخ منتظري مرن غري جامد حيث يرى أنه يف حال عدم القدرة على احلصول على شخص واجد جلميع الشروط جيب رعاية الشروط يف حد االمكان وخصوصا العقل واالسالم والتدبري والعدالة. ويف حالة التزاحم بني الفقاهة والتدبري السياسي ميكن القول ابلتفصيل حيث حيال تشخيص الظروف املختلفة الزمانية واملكانية وإجراء قاعدة األهم فاألهم إىل اخلرباء املنتخبني من 22 قبل الشعب. 3. صالحيات احلاكم اإلسالمي مقيدة ابلدستور ومبا أنه جيوز للشعب أن يقيد احلكومة بقيود من قبيل الدستور يرى الشيخ املنتظري أن احلاكم املنتخب من قبل الشعب سواء بشكل مباشر أو بواسطة )بواسطة جملس اخلرباء( جيب عليه إلتزامه عمليا ابلدستور وال خيالفه. 23 كما جيوز يف رأيه تقييد فرتة حكم الفقيه بزمن حمدد مبعىن أن ينتخب الشعب الفقيه كحاكم إسالمي ملدة حمدودة وعندما انقضي الوقت احملدد له انتفي واليته. بيد أن احلاكم اإلسالمي ال يعزل عن احلكومة إال يف حالتني: عند فقدان واحد من الشروط الثمانية املعتربة وعند خمالفة تعهداته املندرجة يف الدستور كشروط ضمن 24 العقد. تكاد تكون أطروحة الشيخ املنتظري هذه تشبه إىل حد كبري أبطروحة اإلمام اخلميين يف والية الفقيه وخصوصا يف كون احلاكم ال بد أن يكون فقيها جمتهدا ويكون الويل الفقيه هو املسؤول األعلى واحلاكم احلقيقي للحكومة اإلسالمية أما ابقي املسؤولني واملؤسسات هم أعوان الويل الفقيه وأعضاده. وتتحدد وجوه االختالف بينهما يف األمور التالية: أوال: أن نظرية اإلمام اخلميين ال تؤمن أصال ابالنتخاب إمنا تقوم على النصب والتعيني اإلهلي العام ونفي دور األمة يف اختيار احلاكم بينما تقوم نظرية املنتظري )الوالية االنتخابية املقيدة 22 نفس املرجع 548/1 23 مستفاد من دروس آية هللا املنتظري وآرائه الفقهية عام 1372 ه 24 املنتظري دراسات يف والية الفقيه /1. Vol. 13, No. 1, Mei 2017

12 216 Muhammad Kholid Muslih للفقيه( على االنتخاب كوسيلة شرعية الختيار الويل الفقيه. ويبدو أن هذه األطروحة هى املعمولة يف الدستور حاليا حيث يتم اختيار الويل الفقيه عن طريق مباشر من قبل الشعب أو عن طريق غري مباشر من قبل جملس اخلرباء املنتخبني من قبل الشعب. اثنيا: أن احلاكم املنتخب من قبل الشعب ىف نظرية الشيخ املنتظري سواء بشكل مباشر أو بواسطة )بواسطة جملس اخلرباء( جيب عليه اإللتزام عمليا ابلدستور وعدم خمالفته بينما ال يتقيد احلاكم يف نظرية اإلمام اخلميين كما أسلفنا الذكر- ابلدستور وكان املعمول ىف الدستور أن الويل الفقيه يتساوي مع مجيع الشعب أمام القانون وال يشري إىل وجوب تقييده ابلدستور بشكل واضح وهذا ما يدفع اإلمام اخلميين يف عهده إىل القول جبواز جتاور الويل الفقيه الدستور إن رأي ذلك مصلحة. اثلثا: اتصفت نظرية الشيخ املنتظري ابملرونة أكثر وخاصة إذا مل تستطع األمة احلصول على فقيه واحد جلميع الشروط ابإلمجاع فهنا يرى املنتظري أنه جيب رعاية الشروط يف حد اإلمكان خصوصا: شرط العقل واإلسالم والتدبري والعدالة كما قيدت والية احلاكم يف نظرية املنتظري السياسية ابلدستور وال جيوز له اخلروج منه كما جتيز تقييد الزماين للحاكم. بينما ال تتنازل نظرية اإلمام اخلميين عن شرط الفقاهة كما ال يتنازل الدستور )بعد التعديل( إال عن شرط املرجعية وعدم جواز التقيد ابلفرتة الزمنية للحاكم )القائد(. النظرية الثالثة: نظرية وكالة املالكني الشخصيني للمشاع طرحت هذه النظرية من قبل آية هللا د. مهدي حائري 25 يف كتاب احلكمة واحلكومة. هذه النظرية وإن كانت هلا مشرتكات كثرية مع النظرية الرابعة نظرية الدولة االنتخابية اإلسالمية إال أن هناك فروقا هامة تدفع الباحثني اإلماميني إىل 25 هو آية هللا الدكتور الشيخ مهدي احلائري اليزدي املولود سنة 1402 ابن املرحوم آية هللا الشيخ عبد الكرمي احلائري اليزدي مؤسس احلوزة العلمية يف قم له إجازة اجتهاد من املرحوم آية هللا السيد حممد حسني الربوجردي. نشرت آراؤه يف ثالثة حوارات رسالة الثقافة عدد 17 طهران ربيع 1374 جملة مهشهري عدد تري 1374 ص: 16 خردانمه صدرا عدد 2 طهران شهريور وقد طبع الكتاب سنة 1374 يف لندن. املنتظري دراسات يف والية الفقيه 202. Jurnal TSAQAFAH

13 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh حبثها بشكل مستقل. هذه الفروق هي: بناء املشروعية السياسية على قاعدة املالكية الفقهية وبناء االنتخاب على قاعدة الوكالة الفقهية واألهم من ذلك موضع الدين والفقه يف السياسة. 26 إليكم ملخص هذه األركان الثالث: 1. ملكية املواطنني الشخصية للمشاع يرى الشيخ احلائري أن احلكومة واليت هي مبعىن فن إدارة البلد والتدبري والتفكري ىف إدارة وتنظيم األمور الداخلية واخلارجية للبلد أو فن حراسة النظام العام وأمن واستقرار الوطن واملواطنني تعد من فروع احلكمة والعقل العلمي وليست مبعىن القيادة والسلطة واحلاكمية على التابعني وهذا يعىن أن الوالية واحلاكمية يف رأي الشيخ احلائري ال تدل داللة قريبة وال بعيدة على مفهوم احلكومة. وأن املكان الذي خيتاره جمموعة من الناس ليقطنوا فيه أصبح ملكا هلم ابالختصاص مبعىن أن لكل واحد من هؤالء الناس هلم حق االختصاص وامللكية الطبيعية ابلنسبة لذلك املكان ومن مث أصبح كل أفراد الناس الذين اشرتكوا ىف اختيار هذا املكان وعمارته هم مواطنون فيه ومالكون له على حنو االشرتاك واملشاع فعليه ميكن اعتبار وتسمية ملكيتهم هذه مبلكية خاصة أي شخصية طبيعية ومشاعة. جدير ابإلشارة إىل أن امللكية اخلاصة ميكن أن تتحقق بكيفيتني األوىل احنصارية والثانية مشاعية وغري احنصارية. وإذا كان القسم األول يتعلق ابملكان اخلاص يتعلق القسم الثاين ابملكان اخلاص املشرتك بني الناس أما املراد من اإلشاعة فهو سراية امللكيات الشخصية يف بعضها البعض وليست مبعىن امللكية اجلمعية فملك املشاع هو فضاء مفتوح وحر قد اختاره عن ضرورة بعض الناس بصورة املشاع حمليطهم الطبيعي وجعلوه جماال حلفظ استمرارية حياهتم وعائلتهم )املدينة أو الوطن( فبمقتضي القانون اإلنساين واإلسالمي أن الناس مسلطون على أمواهلم. 27 وعلى هذا املنطلق يرى الشيخ احلائري أنه ال ميكن أن تؤسس احلكومة على أساس العقد االجتماعي إمنا تؤسس على أساس امللكية الطبيعية 26 نفس املرجع. 27 مهدي احلائري اليزدي احلكمة واحلكومة )لندن: دون املطبعة 1374 ه ( Vol. 13, No. 1, Mei 2017

14 218 Muhammad Kholid Muslih وليس امللكية الوضعية والقانونية واالعتبارية. 2. وكالة الدولة من قبل املواطنني إن نظام احلكومة على أساس ملكية املواطنني الشخصية للمشاع كما يرى الشيخ احلائري هي نوع وكالة من قبل املواطنني ويقوم الوكيل مكان املوكل وبناء على التفاهم والعقد السابق بني الوكيل واملوكل فإن املوكل جيعل مجيع صالحياته ورغباته وإدارته يف مجيع مسائل الدولة )مورد الوكالة( للوكيل يف تشخيصه وإدراكه املناسب وابلنهاية يف قراره وإرادته اإلجرائية ويقبل الوكيل هذا العرض املقرتح ويقوم بتنفيذ وإجراء رغبات املوكل بناء على إدراكه املناسب وفقا للمصلحة وذلك طبقا لتعهده والتزامه فماهية احلكومة ليست سوي الوكالة والوكالة هي حق ال يؤدي إىل أي إلزام للموكل أو للموكلني أي إنه يف أي زمان أو مكان أو وضع يستطيع املوكل أو املوكلني أن يعزلوا وكيلهم وأن يعلنوا سحبهم للوكالة منه وأن يعينوا مكانه هلذا املقام أي شخص أو أشخاص يريدون أي إن الوكالة عقد جائز وغري الزم الوفاء فالوكيل أو النائب املذكور هو دائما يف اختيار موكله وحتت نظره وهو ينجز فقط املسؤوليات اليت تقع يف دائرة وكالته وليس له احلق يف جتاوز دائرة وكالته ونيابته وجيب أن يكون مجيع أعمال الوكيل من أجل الدفاع وجلب املصاحل ودفع املفاسد عن آحاد موكليه فليس للحكومة من معىن وواقعية سوي النيابة واملمثلية وإذا أظهرت احلكومة من نفسها أدين استقاللية وحاكمية 28 فلن تبقي تلك احلكومة اليت تعكس إرادة الناس. 3. موقع الدين والفقاهة يف السياسة وإدارة البالد يرى الشيخ احلائري أن احلكومة ليست أكثر من كوهنا وكالة الناس ونظارهتم على العالقة بني املواطنني وعلى العالقات اخلارجية مع الدول وهي تقع بشكل كامل يف إطار العقل العملي والعقل العمومي للناس وتعد من مجلة املتغريات واملوضوعات بعيدة جدا عن مدار األحكام اإلهلية الكلية اليت ال تتغري. كما ترتبط بشكل أساسي ابلتجربة والعمل والذكاء يف تشخيص املوضوعات والعالقات املوجودة بني األشياء واألفراد وترتبط مبستوى أقل ابلفكر والدراسات 28 نفس املرجع Jurnal TSAQAFAH

15 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh العالية والتحليلية. وكانت وظيفة السياسي انظالقا من هذا تشخيص املوضوعات والوقوف على اجملرايت الداخلية واخلارجية للبلد ووقائعه السياسية املتغرية. ومن هنا يرى الشيخ احلائري أن الفيلسوف أو الفقيه أو أي متخصص آخر من جهة كونه متخصصا يف العقل النظري أو فقيها ىف أحكام الدين ال يستطيع أن ميارس حرفة السياسة ألن الفلسفة النظرية والفقاهة أو نظرة األخالق هي يف اإلطار اجملرد للثوابت 30 والسياسة هي فقط يف إطار املتغريات. كما أن شأن الفقيه يف رأيه مل يكن تشخيص املوضوعات اجلزئية وتشكيل القضية الصغري والتدخل يف األمور الشخصية للمواطنني والدول واحلكومات املوجودة يف عامله املعاصر. ولكن التشخيص الصحيح للموضوع األضغر واندراجه يف األوسط هو من وظيفة السياسي املاهر والالئق وهو الشرط األول واألساسي النتاج وإمثار واقعة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية لبلد ما وبدون املعرفة الصحيحة والرؤية الواقعية للموضوع من قبل السياسي لن يبقي أساسا حمال لالستعانة ابلكربايت والكليات 31 األخالقية أو الدينية. ومن خالل قوله تعاىل )وأمرهم شورى بينهم( يستنتج الشيخ احلائري أن األمور الدنيوية واحلوادث املعاصرة للناس واليت تعد السياسة وإدارة البلد من مجلتها هي بشكل كامل يف عهدة الناس أنفسهم وبعبارة أخرى فإن أمور الناس جيب أن حتل من 32 خالل املشورة فيما بينهم ال من خالل الوحي والرسالة اإلهلية. هذا ملخص نظرية الشيخ احلائري يف الدولة حيث ختتلف بشكل جذري عن نظرية والية الفقيه الذي طرحها اإلمام اخلميين والشيخ املنتظري وما تبلورت يف الدستور من حيث األساس النظري إذ تقوم هذه النظرية على أساس نظرية امللكية والوكالة ورفضها التام لنظرية النيابة العامة واملطلقة للفقهاء. 29 نفس املرجع نفس املرجع نفس املرجع نفس املرجع Vol. 13, No. 1, Mei 2017

16 220 Muhammad Kholid Muslih كما ترفض هذه النظرية دخول الفقهاء أصال يف األمور السياسية التطبيقية فضال عن تصديهم لرائسة الدولة اإلسالمية وتفوض قيام هذه الوظيفة إىل سياسي حاذق بصري ابلواقع حيث يقوم هبذه الوظيفة وكيال عن املواطنني. وجيب أن حتل أمور الناس من خالل املشورة فيما بينهم انفيا يف ذلك ابلضرورة الدور الفردي وأحادية الرأي واملوقف والقرارات للحاكم. فال بد أن تقر احلكومة إرادة املواطنني الذين هم أصحاب احلق للدولة حبكم كوهنم موكلني. أما نظرية والية الفقيه فتفسح جماال فسيحا للويل ىف أن يتفرد ابلرأي واملواقف والقرارات دون اللجوع إىل املواطن حبكم ما لديه من الوالية املطلقة على البالد والعباد. ولكن يؤخذ على هذه النظرية بسبب رفضها لتدخل الفقهاء مطلقا يف حلبة سياسية حبجة أهنا من اختصاص السياسيني فليس مثة ما مينع سواء من األدلة النقلية أم العقلية من دخوهلم ىف هذا اجملال شريطة استفائهم للشروط الالزمة يف ذلك فإن كون شخص ما فقيها ال مينع أن يكون يف نفس الوقت سياسيا ابرعا وحاذقا وجديرا ألن حيكم البالد. وقد كان اتريخ أمتنا اإلسالمية العظيم وجتربتها عرب التاريخ ما يؤيد صحة ما ذهبنا إليه بل وضع كثري من علمائنا األجالء بلوغ االجتهاد كشرط أساسى للخالفة. والنظرية الرابعة: نظرية الدولة االنتخابية اإلسالمية أصحاب هذه األطروحة هم الشييخ حممد ابقر الصدر يف أحد أطروحاته السياسية والشيخ حممد جواد مغنية والشيخ حممد مهدي مشس الدين. 33 وقد مسي هذا األخري أطروحته هذه بنظرية والية األمة على نفسها حيث يعترب بعض املفكرين أن النظرية متيزت بشئ من الثورية حيث حتررت النظرية إىل حد بعيد من فكرة النصب والتعيني يف عصر الغيبة كما أهنا تدعوا إىل إجياد صيغة جديدة للحكومة 33 هو آية هللا الشيخ حممد مهدي مشس الدين. أحد الفقهاء املعاصرين يف لبنان ورئيس اجمللس اإلسالمي الشيعي األعلى وقد طبع له أكثر من مخسة وعشرين كتااب ومن مجلة آاثره الفقهية: االحتكار يف الشريعة اإلسالمية حبث مقارن ومسائل حرجة يف الفقه املرأة الكتاب األول: السرت والنظر الكتاب الثاين: أهلية املرأة لتويل السلطة يف االجتماع السياسي حماولة أتصيل فقهي واترخيي ونظام احلكم واإلدارة يف اإلسالم صاحب أطروحة جديدة يف الفقه السياسي الشيعي املعاصر مساه نظرية والية األمة على نفسها وغريها من الكتب. Jurnal TSAQAFAH

17 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh اإلسالمية العاملية يعيش حتت ظالهلا مجيع املسلمني من أهل السنة والشيعة. ومن هنا سيكون عرضنا هلذه النظرية الرابعة مقتصرا على سرب هذه األطروحة املتميزة والثورية كالتايل. أو ال إن منطلق أطروحة مشس الدين يف هذه النظرية يقوم على أساس عدم قبوله لنظرية النيابة العامة واملطلقة للفقها حيث يرى أن األدلة اللفظية على والية الفقيه ليست قطعية بل ظنية السند. أما األدلة العقلية فهي أيضا ليب ال إطالق له وال ميكن التمسك هبا إال ابملقدار املتيقن منها. فما هو هذا املقدار املتيقن الذي ميكن االعتماد علىه ليكون أساسا لبناء النظام السياسي يف عصر الغيبة اثنيا توصل مشس الدين إىل أن قضية والية األمة مبنية على التشريع املبدئي العام الذي قضاه هللا به لإلنسان 34 حيث أن الوالية جزء من مقتضيات االستخالف واالستخالف يعين قيام اإلنسان مبهمة إدارة األرض وتنميتها لتحقيق العبودية الكاملة هلل تعاىل وهذا كما قال اإلمام ابقر الصدر يقتضي أن يتحقق فيها حكم الناس بعضهم بعضا. فحكم الناس بعضهم لبعض هو ذاته والية األمة. 35 يقول مشس الدين: إن والية األمة على نفسها وإدارة حياهتا حبسب هذه الوالية هو مما قضاه هللا تعاىل ورسوله يف التشريع املبدئي العام مبقتضي األدلة الشرعية الدالة على والية األمة على نفسها. 36 وإذا كانت ووالية اإلنسان بصفة عامة بعضهم لبعض مما تقتضيه وظيفة االستخالف يف األرض فإن والية املؤمنني واملؤمنات )األمة( بعضهم بعضا أوىل يف حتقيق هذه املهمة وقد استدل مشس الدين على ذلك بقوله تعاىل: و ال م ؤ م ن ون و ال م ؤ م ن ات ب ع ض ه م أ و ل ي اء ب ع ض أي م ر ون اب ل م ع ر وف و ي ن ه و ن ع ن ال م نك ر و ي ق يم ون الص ال ة و ي ؤ ت ون الز ك اة و ي ط يع ون الل و ر س ول ه أ ول ئ ك س ي ر مح ه م الل إ ن الل ع ز يز ح ك يم )سورة التوبة: 71(. قوله تعاىل: و ال ذ ين اس ت ج اب وا ل ر هب م و أ ق ام وا الص ال ة و أ م ر ه م ش ور ى ب ي ن ه م و مم ا ر ز ق ن اه م ي نف ق ون )سورة الشورى: 38(. ومن السنة الشريفة قول الرسول ﷺ : وإن املؤمنني بعضهم موايل بعض دون الناس. 34 حممد مهدي مشس الدين يف االجتماع السياسي حماولة أتصيل فقهي واترخيي )بريوت: املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر الطبعة األوىل 1992( حممد ابقر الصدر اإلسالم يقود احلياة )بريوت: دار التعارف الطبعة األوىل 1990( حممد مهدي مشس الدين حوارات خاصة مع فؤاد إبراهيم )جلنة األرشيف خمطوط الفقيه والدولة.434 )1997 Vol. 13, No. 1, Mei 2017

18 222 Muhammad Kholid Muslih اثلثا األدلة اليت ركز عليها مشس الدين إلثبات والية األمة على نفسها هي قوله تعاىل: و ال م ؤ م ن ون و ال م ؤ م ن ات ب ع ض ه م أ و ل ي اء ب ع ض أي م ر ون اب ل م ع ر وف و ي ن ه و ن ع ن ال م نك ر و ي ق يم ون الص ال ة و ي ؤ ت ون الز ك اة و ي ط يع ون الل و ر س ول ه أ ول ئ ك س ي ر مح ه م الل إ ن الل ع ز يز ح ك يم )سورة التوبة: 71(. وجه االستدالل: 1. هذه اآلية يف رأي مشس الدين ال ختلو من معىن التدبري السياسي حبيث يكون هنالك أمر وهني وطاعة ألن األمة يف مطلق األحوال سواء أكان املعصوم حاضرا أم غائبا مضطرة لتدبري نفسها وحتقيق ذاهتا سياسيا واجتماعيا واقتصاداي وعسكراي. فاألمة هي اليت بقوم إبخراج من يدبر أمرها فيما لو مل يكن هناك نيب أو إمام معصوم يقوم بشئوهنا ويكون له األمر والنهي وحق الطاعة يف نطاق الشرع حيث أنه ال يعقل أن ترتك األمة دون رعاية وتدبري أو أن تتخلى األمة عن األمر اإلهلي القاضي أبن تكون ولية نفسها فيما يعود إىل حتقيق ذاهتا يف مجيع اجملاالت ومحاية نفسها من الفوضي الفساد. 2. إن اخلطاب اإلهلي قد وجه يف رأي مشس الدين اترة إىل النيب واترة إىل األمة حيث اتفق اإلمامية على أنه يف حالة وجود النيب ﷺ ال ميكن لألمة أن متارس واليتها يف مقابل والية النيب ﷺ ابعتبار أن النيب هو أوىل ابملؤمنني من أنفسهم فال ميكن أن تكون هناك والية يف مقابل والية النيب ﷺ. لكن هذا ال يعين انعدام والية األمة مطلقا يف زمن حضور النيب ﷺ حيث أن هناك أمورا كثرية كانت األمة متارس فيها نوع والية على نفسها خصوصا إذا ما تعلقت ابلواجبات الكفائية ومن أجل ذلك وجه ذلك اخلطاب اترة أخرى إىل األمة ال على األفراد 37 واألشخاص بذاهتم. 3. أنه قد ثبت من أدلة التشريع العليا والعامة والية األمة على نفسها حىت يف عصر النبوة واإلمامة املعصومة يف قضااي العالقات والتنظيم وغريها مما هو قريب 37 آية هللا حممد مهدي مشس الدين االجتماع السياسي يقول مشس الدين:»إن األوامر الشرعية يف الكتاب والسنة املتعلقة ابلواجبات الكفائية موجهة إىل املسلمني عامة فأوامر اجلهاد والدعوة والقضاء واحلدود... وإنفاق األموال العامة... مل توجه إىل أشخاص أبعياهنم... وإمنا وجهت إىل األمة اإلسالمية بعنوان الذين آمنوا وخبطاب: اي أيها الذين أمنوا. وهذه األوامر والنواهي واجبة االمتثال والتنفيذ على مجيع املسلمني مدى الزمان إىل يوم القيامة ويف مجيع األحوال يف حدود القدرة واالستطاعة واألمن من الفتنة والفساد.«Jurnal TSAQAFAH

19 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh من األمور االجرائية كتنظيم املدن مثال واملراعي والسوق وحفظ أو استرياد 38 وغريها. رابعا وعلى هذا األساس يرى مشس الدين أن الوالية لألمة يف عصر غيبة املعصوم ال تتنايف مع ثبوت سلطة تشريع االجتهاد للفقيه مبا هو فقيه يف عصر الغيبة ابعتبار أن نصب الفقيه للفتوي والقضاء وما يسمي ابألمور احلسبية اثبت ابلدليل القطعي وال ميكن لألمة أن متارس السلطة والتشريع يف احلقل الذي تشغله أحكام الشريعة والذي حيتاج إىل تشريع فقهي إسالمي ألن هذا األمر هو من شأن جمامع 39 الفقهاء. إن مشس الدين يريد أن يكشف عن أن الوالية مل تنتقل من النيب أو املعصوم إىل األمة ابلوراثة وإمنا جعلت لألمة مبقتضي التشريع املبدئي العام. ومما يؤكد هذا األمر أن اإلمام املعصوم غري موجود وال ميكن أن يكون الفقيه استمرارا له يف حقل التشريع ويف السياسة على حنو احلاكمية حبيث يكون له ما للمعصوم من حيث الوظيفة العملية حيث ال يوجد دليل قطعي من الكتاب والسنة يعطي للفقيه ما للمعصوم من سلطات مطلقة. إن الفقهاء القدامي حسب ما يرى مشس الدين مل ينتبهوا إىل هذه املسألة لكوهنم حمكومني بنظرية العصمة والوالية املعصومة اليت يرون أهنا مستمرة من خالل والية الفقيه حيث ركز يف أذهاهنم أن الناس يف الشريعة اإلسالمية ليس هلم من أمرهم شئ على قاعدة اآلية القرآنية: و م ا ك ان ل م ؤ م ن و ال م ؤ م ن ة إ ذ ا ق ض ى الل و ر س ول ه أ م ر ا أ ن ي ك ون هل م اخل ي ر ة م ن أ م ر ه م و م ن ي ع ص الل و ر س ول ه ف ق د ض ل ض ال ال م ب ين ا )سورة األحزاب: 36(. وهم يرون أن اإلنسان يف اإلسالم مسلوب االختيار فيما يتعلق بصنع 40 وضعه الدنيوي وممارسة خالفته على األرض من خالل تنظيم الدولة. 38 يقول مشس الدين: إن قضااي العالقات والتنظيم وغريها مما هو قريب من األمور االجرائية ثبت من أدلة التشريع العلىا والعامة والية األمة على نفسها فيها حىت يف عصر النبوة واإلمامة املعصومة كتنظيم املدن واملراعي والسوق وحفظ أو استرياد مقدار احلاجة من املؤن وسائر السلع واالمتناع عن تقوية العدو وحفظ الثروات العامة للعامة وغري ذلك. حممد مهدي مشس الدين التجديد يف الفكر اإلسالمي )بريوت: دار املنهل اللبناين الطبعة األوىل 1997( حممد مهدي مشس الدين حوارات خاصة نفس املرجع 433. Vol. 13, No. 1, Mei 2017

20 224 Muhammad Kholid Muslih إن عدم التفات فقهاء اإلمامية إىل مسألة والية األمة ودورها السياسي واالجتماعي يف رأي مشس الدين ساهم إىل درجة كبرية يف اختاذ موقف سليب من مشروع تشكيل الدولة يف عصر الغيبة ومحل العديد من هؤالء الفقهاء على حترميها والقول بعدم مشروعية تشكيل الدولة يف ذلك العصر دومنا متييز بني عصر حضور املعصوم وعصر غيابه وهو بدوره أدي إىل أن تستمر األزمة مع السلطات احلاكمة فضال عن استمرارها فيما بني املسلمني أنفسهم حيث توالدت أزمات احلكم والطاعة يف ضوء ارتكاز كل فريق إىل صيغة منجزة اترخييا وحتديدا إىل صيغيت اإلمامة عند الشيعة و اخلالفة عند السنة اليت أريد هلما أن تبقيا حاكمتني على عقلية وسلوك وتصرفات املسلمني يف عصر غياب املعصوم سواء أكان نبيا أو إماما معصوما. خامسا إن والية األمة على نفسها يف ضوء ما قضاه هللا ورسوله يف التشريع العام يف الكتاب والسنة من شأهنا أن تلغي أزمات احلكم والطاعة ملا بينه مشس الدين من أن الوالية املعصومة عند الشيعة علقت ومل تعد فاعلة يف التاريخ وكذلك األمر ابلنسبة إىل السنة الذين مل يعد هذا االشكال قائما ابلنسبة إليهم منذ وفاة الرسول ﷺ وهم إن أرادوا أن يعيدوا سرية اخلالفة مبا تنطوي عليه من عدم مشروعية فلن يكون احلال أبفضل مما كان علىه يف العهود السالفة من اضطهاد فكري واقتصادي وأمين ملن ال يرى شرعية لنظام اخلالفة 41 فبناء عليه فإنه ميكن أن يلتقي املسلمون 42 على مشروع واحد للدولة يقوم على مبدأ والية األمة على نفسها. من هنا يرى مشس الدين أن نظرية والية األمة على نفسها ميكن أن تكون النظرية املستقبلية اجلامعة ومن خالل مبدأ الشورى الذي هو من أهم املبادئ 41 وقد أوضح مشس الدين موقفه من الدعوة إىل إقامة نظام اخلالفة يف عصر احلاضر إذ يتساءل هل هناك ضرورة فكرية أو تنظيمية جتعل من الالزم ومن احلتمي علينا إذا أردان أن نقيم نظاما إسالميا أن يكون نظام خالفة وال ميكن إقامة نظام إسالمي من دون نظام خالفة كالنظام الذي أقيم يف قرون العصر اإلسالمي األول أجاب مشس الدين: ال أعتقد أن هناك ضرورة فكرية أو تنظيمية أوكالمية أو فقهية تدعو إىل أن تنصيب )أمري املؤمنني( إذ ميكن أن يوجد نظام سياسي يستمد خطوطه من التشريع السياسي اإلسالمي ويتكيف قدر اإلمكان مع ضرورات الوضع العاملي القائم مع احتفاظه هبويته وشخصيته وروحه اإلسالمية دون أن يكون هناك خالفة إسالمية أو إمارة مؤمنني بل صيغة جديدة تتناسب مع النظام اإلسالمي اجملمع إقامته. حممد مهدي مشس الدين مواقف وأتمالت مواقف ودراسات )بريوت: دار مج 1989( 207/1. 42 حممد مهدي مشس الدين حوارات خاصة Jurnal TSAQAFAH

21 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh الدستورية يف اإلسالم وميكن للمسلمني من أهل السنة واإلمامية أن يلتقوا ويؤسسوا مشروعا جامعا جديدا من أجل تشكيل احلكومة اإلسالمية بعيدا عن الصياغات املاضية وإرهاصات التاريخ ألن زمان املسلمني اليوم ال هو زمان اخلالفة وعدم شرعية اإلمامة املعصومة وال هو زمان اإلمامة املعصومة وعدم شرعية اخلالفة. إنه زمان خمتلف متاما وال بد للمسلمني من صيغة حكم وفقا للنظرية اإلسالمية العام يف الكتاب والسنة وعلى أساس مبدأ والية األمة اليت تقتضي أن يشرع كل شعب من 43 األمة اإلسالمية نظامه اإلسالمي اخلاص يف نطاق وحدة األمة. سادسا إن مثة خالف بني مشس الدين وغريه من الفقهاء فيما يتعلق بوالية األمة على نفسها فإن أسبابه تعود إىل أن هؤالء الفقهاء قالوا حباكمية الفقيه يف عصر الغيبة استنادا إىل بعض الرواايت مما يعين أن انتخاب غري الفقيه يكون خمالفا إلرادة هللا واختياره بينما مشس الدين ال يرى يف الرواايت ما يدل على ثبوت الوالية للفقيه ويرى ثبوت الوالية لألمة من قبل هللا تعاىل فذلك يقتضي أن متارس األمة واليتها بشكل مطلق وانتخاب من ترى فيه األهلية والكفاءة سواء كان فقيها أم مل يكن من منطلق أن مالك احلاكمية هو حفظ النظام العام وعدم داللة النصوص على حصر احلاكمية ابلفقيه. كما أن مشس الدين ميز بني اإلمام املعصوم والفقيه فاإلمام املعصوم منصوب من قبل النيب ﷺ أبمر هللا تعاىل حلكم األمة وقيادهتا والفقيه منصوب من قبل اإلمام املعصوم يف أمور الفتيا والقضاء فقط دون احلاكمية والوالية الدنيوية. واإلمام املعصوم حسب ضرورايت الفكر الشيعي اإلمامي إمام األمة ووليها سواء حكم أو مل حيكم قام أو قعد وال تعذر األمة جبهله كما هو مفاد قول اإلمام على: )عليكم بطاعة من ال تعذرون جبهالته(. وقد بني هللا سبحانه تعاىل أنه ليس ملؤمن أو مؤمنة إذا قضى هللا ورسوله أمرا أن يكون هلم اخلرية من أمرهم مبعىن أنه إذا قضي هللا حكما يف شئ أو يف عمل فليس لإلنسان خيار يف ذلك. 43 حممد مهدي مشس الدين نظام احلكم واإلدارة يف اإلسالم )بريوت: املؤسسة الدولية للدراسات والنشر واملؤسسة اجلامعية للدراست والنشر والتوزيع الطبعة الثاينة 1991( 430 الشيخ النائيين تنبيه األمة وتنزيه امللة جملة الغدير عدد : Vol. 13, No. 1, Mei 2017

22 226 Muhammad Kholid Muslih أما يف غياب اإلمام املعصوم فإن األمة هي ولية نفسها ومسؤولة عن اختيار من يتوىل أمور الدولة واحلكومة وال بد أن يضطلع األمة بدورها بشرط أن تكون منسجمة يف خياراهتا املتعددة مع أصول اإلسالم وقواعده ومع خم وهنج أهل 44 البيت. واألمة ليست ملزمة ابختيار الفقيه ملهمة إدارة شؤون البالد ألن الفقيه مبا هو فقيه هو أحد أفراد األمة وهي قد ختتار غريه إذا رأت ذلك من منطلق أهنا ويل نفسها وقد جعلت هذه الوالية هلا من قبل هللا عند غيبة املعصوم. وهذا ىف رأي مشس الدين يعىن أن األمة هي مصدر الشرعية ابلنسبة للسلطة وشرعية القوانني يف دائرة 45 التنظيم والتدبري وخارج احلقل الذي حتكمه أحكام الشريعة. إن األمة هي صاحبة الوالية يف عصر الغيبة وهي اليت تنتج من يتوىل أمرها من خالل الشورى العامة حبيث تنتخب شخصا لرائستها وتقيم حكومة وسلطة وتكون ملزمة إبطاعة وتنفيذ ما تشرتطه على نفسها ما مل يكن يف الطاعة والتنفيذ ما خيل بشروط الفقه ومبادئ التشريع العامة يف الكتاب والسنة. ومبعىن آخر ميكن القول: إن األمة هلا والية أصلية وهي تقوم مبنح هذه الوالية ابلتبعية ملن تشاء سواء إىل الفقيه أو إىل غري الفقيه الذي قد يكون امرأة أو رجال طاملا أن كل شئ يف نطاق الشرع اإلسالمي الذي جعل أمور املسلمني شورى بينهم. وال يعين ذلك أن حق املعصوم مغصواب إمنا حق اإلمام املعصوم يكون مغصواب فيما لو كان اإلمام حاضرا وفاعال يف اجملتمع وموجها للناس يف مجيع شئوهنم الدينية والدنيوية. وكون واليته معلقة فإن عدم الشرعية إمنا يكون من جهة قيام احلكومة مبمارسة الظلم والطغيان وانتهاك قوانني العدالة. ولذلك فإن السلطة إذا كانت عادلة ومعربة عن إرادة األمة واختيارها فإنه جيب اإلقرار بشرعيتها واحرتام قوانينها وجيوز العمل فيها ومعها طاملا أهنا حمكومة لوالية األمة يف عصر الغيبة هذه الوالية اليت تستوجب أن يكون الناس أولياء بعضهم بعضا فيما يعود إىل تدبريهم السياسية واالجتماعية واالقتصادية كما هو مقتضي الوالية مبا هي والية تدبري وسلطة ال مبا 44 حممد مهدي مشس الدين نظام احلكم حممد مهدي مشس الدين حوارات خاصة Jurnal TSAQAFAH

23 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh هي والية نصرة وحمبة ومؤازرة. هذه هي ملخص نظرية والية األمة على نفسها وقد اتفقت مع النظرايت األخرى من حيث التطبيق ىف كون االنتخاب هو الطريق املوصل إىل اختيار احلاكم وختتلف هذه النظرية بشكل جذري عن النظريتني األ و ل ي ني السابقتني من حيث األسس النظرية وبعض تطبيقاهتا إذ ال تعرتف هذه النظرية أصال بنظرية والية الفقيه املطلقة اليت بنيت على أساس نظرية النيابة العامة أي نيابة الفقهاء لإلمام الغائب عن طريق النصب والتعيني ومن مث أحقيتهم )الفقهاء( وحدهم بقيادة احلكومة اإلسالمية ىف عصر الغيبة. إن الوالية ىف تشكيل احلكومة اإلسالمية يف عصر الغيبة يف رأي الشيخ مشس الدين تكون بيد األمة فيما يعين أن األمة هي املسؤولة وصاحبة احلق يف تشكيل احلكومة اإلسالمية وإدارهتا وأهنا حرة يف اختيار قائدها ومن ينوب عنها سواء من الفقهاء أم من غريهم معتمدة يف ذلك طريق االنتخاب والبيعة احلرة. إن ظهور األطروحة الثورية اليت قدمها الشيخ مهدي مشس الدين هذه تشري إىل أن تطور الفكر السياسي الشيعي يقرتب شيئا فشيئا إىل الفكر السياسي السين إن مل ميكن القول أبنه قد تطابق تطابقا اتما معه. فمهما اعترب الشيخ مشس الدين أطروحته جديدة وفريدة عصره حيث مل يسبق إليه يف رأيه أي فقيه قبله إال أننا نرى بوضوح أن هذه الدعوى تنطبق متاما على فقهاء الشيعة لكنها ابملقارنة مع نظرية أهل السنة السياسية فإن مضمون هذه النظرية هي نفس مضمون نظرية الشورى مهما اختلف امسهما. ففى هناية حبثنا حول نظرايت الدولة يف ضوء الفكر السياسي الشيعي املعاصر انتهينا إىل القول أبن نظرية اإلمام اخلميين السياسية وما انتهي إليه فقهاء اإلمامية يف دستور مجهورية إيران اإلسالمية ليست خيارا وحيدا أمام الشيعة ىف تشكيل حكومتهم املثالية يف ظل الغيبة الكربى وهذا يعين أن فقهاء الشيعة ومفكريهم ال يتوقفون عن البحث والدراسة للوصول إىل أحسن النظرايت السياسية خروجا من املأزق السياسي احلاىل. وهذه النظرايت هي مثرات هذا اجلهد املتواصل من االجتهادات واملراجعات Vol. 13, No. 1, Mei 2017

24 228 Muhammad Kholid Muslih واالستشراف للمستقبل. وهو ما يشري إىل أن النظرايت السياسية اليت ظهرت على يد فقهاء الشيعة اإلمامية يف ظل الغيبة الكربى كمخرج للخروج من أسر املهدوية تطورت شيئا فشيئا إىل ما يقرتب إىل نظرية أهل السنة السياسية وهذا ما يؤكد لنا على أن نظرية أهل السنة السياسية هي أقوى النظرايت وأصلحها للتطبيق ىف املستقبل وأكثرها أصالة إىل اهلدي القرآين واهلدي النبوي من النظرايت اليت تولدت يف كنف الفكر السياسي الشيعي.][ مصادر البحث األرانؤوط حممد. جدور والية الفقيه ما بني لبنان وإيران www. /montadaalquran.com/articles احلائري آية هللا السيد كاظم احلسيين م. املرجعية والقيادة. قم: مكتبة مساحة آية هللا السيد كاظم احلسيين. اخلميين ه. كتاب البيع. قم: مؤسسة امساعيليان الطبعة الرابعة.. ٢٠٠٤. صحيفة النور. بريوت: مجعية املعارف االسالميه الثقافية. مشس الدين حممد مهدي مواقف وأتمالت مواقف ودراسات. بريوت: دار مج نظام احلكم واإلدارة يف اإلسالم. بريوت: املؤسسة الدولية للدراسات والنشر واملؤسسة اجلامعية للدراست والنشر والتوزيع الطبعة الثاينة يف االجتماع السياسي حماولة أتصيل فقهي واترخيي. بريوت: املؤسسة اجلامعية للدراسات والنشر الطبعة األوىل التجديد يف الفكر اإلسالمي. بريوت: دار املنهل اللبناين الطبعة األوىل حوارات خاصة مع فؤاد إبراهيم. جلنة األرشيف خمطوط الفقيه والدولة. Jurnal TSAQAFAH

25 Mâ ba da Wilâyat al-faqîh الصدر حممد ابقر اإلسالم يقود احلياة. بريوت: دار التعارف الطبعة األوىل خالفة اإلنسان وشهادة األنبياء ضمن جمموعة اإلسالم يقود احلياة. بريوت: دار التعارف الطبعة األوىل حملة فقهية متهيدية عن مشروع دستور اجلمهورية اإلسالمية يف إيران ضمن جمموعة اإلسالم يقود احلياة. بريوت: دار التعارف الطبعة األوىل. كديغر حمسن نظرايت الدولة يف الفقه الشيعي )مع مقدمة نقدية( ترمجة الدكتور الشيخ حممد سقري. بريوت: دار اهلادي الطبعة األوىل. املنتظري ه. دراسات يف والية الفقيه. قم: املركز العاملي للدراسات اإلسالمية الطبعة األوىل. اليزدي مهدي احلائري ه. احلكمة واحلكومة. لندن: دون املطبعة. Vol. 13, No. 1, Mei 2017