1 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. الصحيح من سيرة اإلمام علي (المرتضى من سيرة المرتضى)

النسخ

1 1 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. الصحيح من سيرة اإلمام علي (المرتضى من سيرة المرتضى)

2 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 2

3 3 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. الصحيح من سيرة اإلمام علي (المرتضى من سيرة المرتضى) السيد جعفر مرتضى العاملي وا ألربعون ب ا سا عل الجزء المركز اإلسالمي للدراسات

4 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 4 حقوق الطبع محفوظة للمؤلف الطبعة األولى 1430 ھ م. المركز اإلسالمي للدراسات

5 5 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. بسم الرحمن الرحيم

7 7 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. الفصل الرابع: الرابع: الفصل القتال في النھروان.. القتال في النھروان..

9 9 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. ال تبدأوھم بالقتال: 1 قالوا: لما أشرف علي «عليه السالم» على الخوارج قال: الله أكبر صدق الله ورسول الله «صلى الله عليه وآله» (1). 2 خرج منھم رجل بعد أن قال علي «عليه السالم»: ارجعوا وادفعوا إلينا قاتل عبد الله بن خباب. فقالوا: كلنا قتله وشرك في دمه! ثم حمل منھم رجل على صف علي وقد قال علي: ال تبدؤوھم بقتال فقتل من أصحاب علي ثالثة وھو يقول: أقتلھم وال أرى عليا ولو بدا أوجرته الخطيا فخرج إليه علي «صلوات الله عليه» فقتله فلما خالطه السيف قال: حبذا الروحة إلى الجنة! مروج الذھب ج 2 ص 416 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 (1) ص 373 عنه.

10 10 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 فقال عبد الله بن وھب: ما أدري أإلى الجنة أم إلى النار! فقال رجل من بني سعد: إنما حضرت اغترارا بھذا وأراه قد شك!! فانخزل بجماعة من أصحابه ومال ألف إلى ناحية أبي أيوب األنصاري (1). 3 وفي نص آخر: «دعاھم إلى الرجوع والتوبة فأبوا ورموا أصحابه فقيل له: قد رمونا. فقال: كفوا. فكرروا القول عليه ثالثا وھو يأمرھم بالكف حتى أتي برجل قتيل متشحط بدمه. فقال علي: الله أكبر اآلن حل قتالھم. احملوا عليھم» (2). 4 حمل رجل من الخوارج (اسمه شريح بن أوفى كما سيأتي) على أصحاب علي فجرح فيھم وجعل يغشى كل ناحية ويقول: أضربھم ولو أرى عليا ألبسته أبيض مشرفيا فخرج إليه علي «رضي الله عنه» وھو يقول: الكامل للمبرد ج 3 ص 1105 وشرح نھج البالغة للمعتزلي ج 2 ص 272 وراجع: شرح األخبار ج 2 ص / ونھج السعادة ج 2 ص 396 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 375. مروج الذھب ج 2 ص 416 ونھج السعادة ج 2 ص 388 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 374. (1) (2)

11 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 11 يا أيھذا المبتغي عليا إن ي أراك ج اھال ش قيا قد كنت عن كفاحه غنيا وحمل عليه علي فقتله. ھلم فابرز ھا ھنا إليار ثم خرج منھم آخر فحمل على الناس ففتك فيھم وجعل يكر عليھم وھو يقول: أضربھم ولو أرى أبا حسن غ بن فخرج إليه علي وھو يقول: يا أي ھ ذا المبتغي أبا حسن وحمل عليه علي ألبس ته بص ارمي ث وب إليك فانظر أينا يلقى الغبن وشكه بالرمح وترك الرمح فيه فانصرف علي وھو يقول: لقد رأيت أبا حسن فرأيت ما تكره (1). األخسرون أعماال لماذا!: 5 قال ابن أعثم: فصاح ذو الثدية حرقوص بقتالنا إياك إال وجه الله والدار اآلخرة. قال: فقال علي وقال: والله يا بن أبي طالب «رضي الله عنه»: ھل أنبئكم باألخسرين ما نريد أعماال بحار األنوار (1) مروج الذھب ج 2 ص 416 وراجع: ج 34 ص 450 وراجع: تاريخ الطبري (ط دار األضواء) األعلمي سنة 1394 ھ) ص 373. ج 4 ص 65 وأنساب األشراف (ط

12 12 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 ال ذ ين ض ل س ع ي ھ م ف ي ال ح ي اة ال دن ي ا و ھ م ي ح س ب ون أ ن ھ م ي ح س ن ون ص ن ع ا (1). منھم أھل النھروان ورب الكعبة! (2). الشھداء التسعة: 6 قال: ثم دعا علي برجل من أصحابه يقال له: رويبة بن وبر البجلي فدفع إليه اللواء وأمره بالتقدم إلى القوم قال: فتقدم إلى القوم وھو يقول: لقد عقد اإلمام لنا لواء وقدم نا أم ام المؤمن ينا بأيدينا مثقفة طوال وبيض المرھفات إذا حلينا نكر على األعادي كل يوم ونشھد ح ربھم متواريي نا ونضرب في العجاج رؤوس قوم تراھم جاحدين وعابدينا قال: فحمل فجعل يقاتل حتى استشھد. وتقدم من بعده عبد الله بن حماد الحميري فقاتل فاستشھد. وتقدم من بعده رفاعة بن وائل األرحبي فقاتل واستشھد. ثم تقدم من بعده كيسوم بن سلمة الجھني فقاتل فقتل. وتقدم من بعده عبد بن عبيد الخوالني فقاتل فقتل. قال: فلم يزل يخرج رجل بعد رجل من أشد فرسان علي حتى وموسوعة اإلمام علي (1) اآلية 104 من سورة الكھف. (2) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 271 بن أبي طالب ج 11 ص 250.

13 13 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. قتل منھم جماعة وھم ثمانية (1). ھربوا من الكفر فوقعوا فيه: 7 وأقبل التاسع واسمه حبيب بن عاصم األزدي فقال: يا أمير المؤمنين! ھؤالء الذين نقاتلھم أكفا ر ھم! فقال علي: من الكفر ھربوا وفيه وقعوا. قال: أفمنافقون! فقال علي: إن المنافقين ال يذكرون الله إال قليال. قال: فما ھم يا أمير المؤمنين حتى أقاتلھم على بصيرة ويقين! فقال علي: ھم قوم مرقوا من دين اإلسالم كما مرق السھم من الرمية يقرأون القرآن فال يتجاوز تراقيھم فطوبى لمن قتلھم أو قتلوه (2). قال: فعندھا تقدم حبيب بن عاصم ھذا نحو الشراة وھو التاسع من أصحاب علي فقاتل وقتل واشتبك الحرب من الفريقين فاقتتلوا قتاال شديدا ولم يقتل من أصحاب علي إال أولئك التسعة (3). (1) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 271 و 272. (2) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 272 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 302. (3) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 272.

14 ج من حديث القتال أيضا : الصحيح من سيرة اإلمام علي 8 روى أبو مخنف عن أبي جناب قال: وشد عبد الله بن زحر الخوالني على عبد الله بن شجرة السلمي فقتله ووقع شريح بن أوفى إلى جانب جدار فقاتل على ث لمة فيه طويال من نھار وكان قتل ثالثة من ھمدان فأخذ يرتجز ويقول: قد علمت جارية عبسيه ناعمة في أھلھا مكفيه أني سأحمي ثلمتي العشيه فشد عليه قيس بن معاوية ال دھني فقطع رجله فجعل يقاتلھم ويقول: القرم يحمي شوله معقوال ثم شد عليه قيس بن معاوية فقتله فقال الناس: اقتتلت ھمدان يوما ورجل اقتتل وا م ن غ دوة حت ى األصل ففتح الله لھمدان الرجل وقال شريح: أضربھم ولو أرى أبا حسن ضربت ه بالس يف حت ى يطمئن وقال:

15 15 مشرفيا (1) الفصل الرابع: القتال في النھروان.. أضرب ھ م ولو أرى عليا ألبسته أبي ض ثالث حمالت لخوارج النھروان: وقد روى الخطيب البغدادي: «أن الخوارج حملت على الناس حتى بلغوا منھم شدة». ثم حملوا عليھم فبلغوا من الناس أشد من األولى. ثم حملوا الثالثة حتى ظن الناس أنھا الھزيمة. فقال علي«عليه السالم»: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ال يقتلون منكم عشرة وال يبقى منھم عشرة. فلما سمع الناس ذلك حملوا عليھم فقتلوا (2). وأمرھم أن ال يتبعوا موليا أيضا ( 3 ). تاريخ األمم والملوك ج 5 ص 87 و 88 و (ط األعلمي) ج 4 ص 65 والكامل في التاريخ ج 3 ص 347 و 348. تاريخ بغداد ج 14 ص 365 (ط دار الكتب العلمية سنة 1417 ھ) ج 14 ص 368 ونھج السعادة ج 2 ص 395 وقاموس الرجال للتستري ج 11 ص 356 وراجع: ميزان الحكمة ج 1 ص 735 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج 11 ص 322. تاريخ بغداد ج 1 ص 160 و (ط دار الكتب العلمية سنة 1417 ھ) ج 171 وراجع: الكنى واأللقاب ج 2 ص 247. (1) (2) (3)

16 ج عدي يضمن العيزار: الصحيح من سيرة اإلمام علي 9 قال أبو مخنف عن مجاھد عن المحل بن خليفة: أن رجال منھم من بني سدوس يقال له: العيزار بن األخنس كان يرى رأي الخوارج. خرج إليھم فاستقبل وراء المدائن عدي بن حاتم ومعه األسود بن قيس واألسود بن يزيد المراديان فقال له العيزار حين استقبله: أسالم غانم أم ظالم آثم! فقال عدي: ال بل سالم غانم. فقال له المراديان: ما قلت ھذا إال لشر في نفسك وإنك لنعرفك يا عيزار برأي القوم فال تفارقنا حتى نذھب بك إلى أمير المؤمنين فنخبره خبرك. فلم يكن بأوشك أن جاء علي فأخبراه خبره المؤمنين إنه يرى رأي القوم قد عرفناه بذلك. فقال: ما يحل لنا دمه ولكنا نحبسه. أمير يا وقاال: فقال عدي بن حاتم: يا أمير المؤمنين ادفعه إلي وأنا أضمن أال يأتيك من قبله مكروه. فدفعه إليه (1). ج 4 ص 66 (1) تاريخ األمم والملوك ج 5 ص 89 و (ط األعلمي) وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 4 ص 283.

17 17 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. قتل العيزار في النھروان: 10 قال: وتقدم رجل من الشراة يقال له: األخنس العيزار الطائي حتى وقف بين الجمعين وكان من أشد فرسان الخوارج وكان ممن شھد يوم صفين وقاتل فيه فلما كان ذلك اليوم تقدم حتى وقف بين الجمعين وأنشأ يقول: أال ليتني في يوم صفين لم أؤب وغ ودرت ف ي القتل ى بص فين ثاوي ا وقطعت إربا أو (1) ألقيت جثة وأصبحت ميتا ال أجي ب المنادي ا ولم أر قتلى سنبس ولقتلھم أشاب غداة البين مني النواص يا ثمانون من حي جديلة قتلوا عل ى النھ ر ك انوا يخض بون العوالي ا ينادون ال ال حكم إال لربنا حنانيك فاغفر حوبنا والمس اويا ھم فارقوا من جار حكمه وك ل عن الرحمن أص بح راض يا فال وإله الناس ما ھان معشر عل ى النھ ر ف ي الله الحت وف القواض يا ش ھ دت لھم عند اإلله بفلحھم إذا ص الح األق وام خ افوا المخازي ا وإيلوا إلى التقوى ولم يتبعوا الھوى ف ال ي بعدن الله م ن ك ان شاريا (1) لعل الصحيح: فأ ل ق يت.

18 18 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 قال: ثم حمل على أصحاب علي «كرم الله وجھه» حملة فشق الصفوف وقصده علي فالتقيا بضربتين فضربه علي فألحقه بأصحابه (1). قتل الراسبي: 11 وتقدم عبد الله بن وھب الراسبي حتى وقف بين الجمعين ثم نادى بأعلى صوته: يا بن أبي طالب! حتى متى يكون ھذه المطاولة بيننا وبينك! والله ال نبرح ھذه العرصة أبدا أو تأبى على نفسك فابرز إلي حتى أبرز إليك وذر الناس جانبا. فتبسم علي «رضي الله عنه» ثم قال: قاتله الله من رجل ما أقل حياءه! أما إنه ليعلم أني حليف السيف وجديل الرمح ولكنه أيس من الحياة أو لعله يطمع طمعا كاذبا. قال: وجعل عبد الله يجول بين الصفين وھو يرتجز ويقول: أنا ابن وھب الراسبي ا شل اري أض رب ف ي الق وم ألخ ذ الث ار حتى تزول دولة األشرار ويرجع الحق إلى األخيار ثم حمل فضربه علي ضربة ألحقه بأصحابه (2). (1) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 273 وراجع: مناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج 2 ص 371 وبحار األنوار ج 33 ص 390. (2) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 274 وكشف اليقين ص 205 و

19 19 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. قتل ذي الثدية: 12 وحمل ذو الثدية على علي ليضربه بسيفه وسبقه علي فضربه على بيضته فھتكھا وحمل به فرسه وھو كما (لما) به من الضربة حتى رمى به في آخر (ال) معركة على شط النھروان في جرف دالية خربة (1). ولكن أبا جناب يقول: «شد جيش [حبيش] بن ربيعة أبو المعتمر الكناني على حرقوص بن زھير فقتله» (2). قتل ابن الوضاح: 13 قال: وخرج من بعده ابن عم له يقال له: مالك بن الوضاح حتى وقف بين الجمعين وھو يقول: 206 وكشف الغمة ج 1 ص 267 كالھما نحوه وراجع: مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 190 و (ط المكتبة الحيدرية) ج 2 ص 371 وبحار األنوار ج 33 ص 391 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 376. (1) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 273 وكشف اليقين ص 205 و (ط سنة 1411 ھ) ص 165 وكشف الغمة ج 1 ص 266 و (ط دار األضواء سنة 1405 ھ) ج 1 ص 270 ومناقب آل أبي طالب ج 3 ص 190 و (ط المكتبة الحيدرية) ج 4 ص 273 ومطالب السؤول ص 231 وبحار األنوار ج 33 ص 397. (2) تاريخ األمم والملوك ج 5 ص 87 و (ط األعلمي) ج 4 ص 65 والكامل في التاريخ ج 3 ص 346.

20 20 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 إني لبائع ما يفنى بباقية وال أري د ل ذي الھيج اء تربيص ا أخشى فجاءة قوم أن يعاجلني فأسأل الله بيع النفس محتسبا ول م أرد بط وال العم ر تنقيص ا حت ى أراف ق ف ي الف ردوس حرقوص ا والزبرقان ومرداسا وإخوته مخاميصا قال: ثم حمل على علي وحمل علي بأصحابه (1). الذين أفلتوا من الخوارج: إذ ف ارقوا زھ رة ال دنيا فضربه ضربة ألحقه 14 قال: واختلط القوم فلم تكن إال ساعة حتى قتلوا بأجمعھم. وقد كانوا أربعة آالف فما فلت منھم إال تسعة نفر. فھرب منھم رجالن إلى نسلھما إلى الساعة. خراسان إلى أرض سجستان وصار رجالن إلى بالد اليمن وفيھا نسلھما إلى الساعة. التوريخ. ورجالن صارا إلى بالد الجزيرة وإلى شاطئ الفرات فھناك نسلھما إلى الساعة. إلى موضع يقال له: وفيھا سوق الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 273 و 274 وراجع: وبحار األنوار ج 33 ص 391 وشرح نھج البالغة للمعتزلي ج 5 ص 99. (1)

21 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 21 وصار رجل إلى تل يسمى تل موزن [مورون في اليمن فالخوارج في ھذه البالد من أتباع ھؤالء]. قال: وغنم أصحاب علي في ذلك اليوم غنائم كثيرة (1). ونقول: علينا أن نشير إلى األمور التالية: تسعة أو سبعة: قال في ھذا النص: إن الذين أفلتوا كانوا تسعة.. ولكنه حين ذكر المواضع التي ھربوا إليھا عد منھم سبعة. فإما أن يكون قد سقط بعض النص أو تكون كلمة تسعة ھي تصحيف سبعة وما أكثر ما يقع (1) الفتوح البن أعثم ج 4 ص 132 و (ط دار األضواء) ج 4 ص 274 و 275 وراجع: مروج الذھب ج 2 ص 417 وراجع: الملل والنحل ج 1 ص 117 والفرق بين الفرق ص 80 و 81 وبحار األنوار (ط قديم) ج 8 ص 565 عن كشف الغمة ص 572 و (ط جديد) ج 41 ص 307 عن المناقب وبحار األنوار ج 33 ص 398 و 433 و 41 ص 307 وسفينة البحار ج 1 ص 384 ومطالب السؤول ص 231 وكشف الغمة ج 1 ص 267 و (ط دار األضواء سنة 1405 ھ) ص 270 وكشف اليقين ص 205 و 206 و (ط سنة 1411 ھ) ص 166 والفصول المھمة البن الصباغ ص 93 وإثبات الوصية ص 148 وذكر أن الخارجة يوم القيامة من نسل أولئك األربعة ومناقب آل أبي طالب (ط الحيدرية النجف األشرف) ج 2 ص 99 ونور األبصار ص 102.

22 22 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 التصحيف واإلشتباه بين ھاتين الكلمتين لتقارب رسم الخط ولعدم اإلھتمام بتنقيط األلفاظ. صدق ورسوله: تقدم: أنه «عليه السالم» حين أشرف على الخوارج في النھروان قال: «صدق الله وصدق رسوله». وھذا تذكير منه «عليه السالم» للناس: بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» الذي يخبر عن الله ھو الذي أخبره بخروج الناكثين القاسطين والمارقين عليه وعھد إليه بقتالھم.. وبكثير من األمور التي كان «عليه السالم» يقولھا للناس بالتدريج قبل حصولھا. وھا ھو «عليه السالم» بھذه المواجھة مع المارقين يكون قد وفى بالعھد ورأى صدق الوعد.. بل لقد وجد «عليه السالم» ھذا الصدق ماثال أمامه في أدق التفاصيل بدءا من قوله «صلى الله عليه وآله» عنھم: إنھم يقرأون القرآن وال يجاوز تراقيھم إلى آخر صفة من صفاتھم وسمة من سماتھم وكثير من حاالتھم وھو يجدھا فيھم على أتم وجه.. وفائدة ھذا التذكير المتواصل منه «عليه السالم» للناس: ھو الربط على قلوب أصحابه لكي ال يستوحشوا من قتل أناس يرون أنھم من القراء والعباد.. ولتعرف األجيال الالحقة صدق ما أخبر به الرسول وتتحقق من معنى النبوة في مختلف األحوال وفي األقوال واألفعال.

23 23 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. من أعظم إنجازات علي : ومع غض النظر عن اإلنجازات واإلنتصارات الكبرى التي حققھا علي «عليه السالم» في حروبه وشھد له بھا الله ورسوله «صلى الله عليه وآله» وشاھدھا عيانا العدو والصديق والمھاجر والطليق.. فإنه «عليه السالم» قد حقق في حروبه إنجازات عظيمة وھائلة في مجال آخر. ربما لم يحصل ألحد غيره «عليه السالم» ال قبله وال بعده. وھذه اإلنجازات قد استقطبت الحاالت األساسية واألصول والمفاصل التي تنتھي إليھا جميع الحروب التي يشنھا أھل الباطل على أھل الحق. وتنتھي إلى ثالثة أصول رئيسية ھي كما يلي: 1 الحالة األساسية األولى: تقوم على استغالل الصلة العادية بالمقدس األسمى بھدف اإلطاحة بالحق وتكريس الباطل. فمثال : إذا كان شخص له صلة نسبية بنبي أو وصي أو صلة مكانية بأن كان من بلده أو صلة بالصدفة بأن كان قد رآه أو عالقة إقتصادية أو ما إلى ذلك فقد يستفيد من ھذه الصلة لتكريس بعض المبطلين في مواقع ليست لھم وتكون ھذه القداسة للمقدس الحقيقي والقداسة ھي المطية التي تحمل ذلك المبطل إلى تلك المواقع. ولو على جثث وأشالء األبرار والصفوة األخيار ولو كان بعضھم من األوصياء أو األنبياء.. وھذا ما فعلته صفيراء زوجة موسى «عليه السالم» حين قامت في وجه يوشع وصي موسى وحاربته وأعانھا على ذلك اثنان من

24 24 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 أشقياء ذلك الزمان.. فقتال في تلك الحرب ولم تستطع صفيراء أن تصل إلى ما تريد.. والحرب التي قادتھا عائشة وطلحة والزبير على أمير المؤمنين «عليه السالم» تشبه ما جرى لصفيراء ويوشع بالرغم من أن طلحة والزبير كانا أول من بايعه «عليه السالم» ثم كانا أول من نكث بيعته وحاربه فقتال في حرب الجمل.. وفشلت عائشة بنت أبي بكر فشال ذريعا في تحقيق ما أرادت تحقيقه في تلك الحرب.. وكانت حربا صعبة على أمير المؤمنين «عليه السالم» ألنھا كانت بزعامة أم المؤمنين وزوجة الرسول «صلى الله عليه وآله» وبنت أبي بكر ومدللة عمر بن الخطاب وھي المرأة القوية والجريئة التي قتل حول جملھا الذي كان يحملھا في وسط تلك المعركة عشرات األلوف من المسلمين.. فكان ھذا النصر له «عليه السالم» إنجازا عظيما قد سقطت فيه األقنعة وسجل التاريخ: أن ما فعله «عليه السالم» قد أعطى درسا : بأن التلطي خلف القداسات ال يمنع من قبول التحدي والتصدي لمن يفعل ذلك وكسر شوكته وإسقاط دعوته وبوار سعيه.. 2 الحالة الثانية: تقوم على محاولة فئة من الناس تمرير مشروعھا الجھنمي في ضرب الحق وإسقاطه وتكريس الباطل تحت ستار كثيف من الشبھات واألباطيل والترھات واألضاليل واإلنحرافات واإلفتراءات حتى على مثل أمير المؤمنين «عليه

25 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 25 السالم» وتزيين الباطل للناس وتشويه الحق من أجل الوصول إلى الدنيا والحصول على خيراتھا حتى لو كلفھم ذلك إبادة األبرار وقتل األحرار واألخيار تحت كل حجر ومدر. وكانت ھذه ھي سمة القاسطين الذين حاربھم أمير المؤمنين «عليه السالم» في صفين.. وسدد لھم ضربة ھائلة عرف الناس من خاللھا: أن التلطي خلف الشبھات ال يجدي في ل ي ذراع الحق وأھل الحق وال يفيد في المنع من التصدي ومن قبول التحدي.. ألن الشبھة تسقط بالحجة ويتخذ من أثار الشبھة صفة الباغي والمعتدي الذي ال بد أن ينال جزاء بغيه وعدوانه. ولوال ھذا التشريع الصريح لتمكن كل طامع من مصادرة دولة الحق وإسقاطھا ثم عبث بالحق نفسه وتم كن تضييع معالمه وطمسه وتشييع الحكم والحاكم إلى رمسه.. 3 الحالة الثالثة: تقوم على خداع الناس بالتظاھر بالعبادة والزھادة وتالوة القرآن وقد أسقطھا «عليه السالم» حين تصدى للخوارج المارقين وھم قراء األمة المتظاھرون بالزھد والعبادة والصالح وأفھم البشرية جمعاء أنه ال يمكن ألحد أن يسقط الحق وأھل الحق وأن يعبث بحكومة اإلسالم بالتخفي وراء دعوى الصالح والعبادة والزھادة وقراءة القرآن. وال يمكن أن يتخذ ھذا الصالح الظاھر ومن كثرة قراءة القرآن ذريعة لخداع الناس ومنعھم من القيام بواجب حماية الحق وأھله من

26 26 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 بغي األغبياء الظالمين. وا دعاء أن الخوارج ال تجوز محاربتھم ألنھم عباد صالحون قد دخلت عليھم الشبھة وتيقنوا بأمر أخطأوا فيه فيقينھم ھذا وصالحھم الظاھر يمنع من التصدي لھم ومن قتلھم فإن القاطع يعذر وال يقتل. ھذا اإل دعاء باطل فإن القاطع ال يعذر بعد إقامة الحجة عليه وبيان الحق له وال يجوز أن يترك وشأنه ليعبث بالدين ويفسد في األرض ويھلك الحرث والنسل. فالقطع واليقين والجھل المركب لو سلم ال يبيح لھم ھتك الحرمات وارتكاب الجرائم والموبقات بل من يعمل سوءا يجز به. وأوضح مثال على ھذا األمر: إبليس فإنه عبد الله فيما يقال ستة آالف سنة ال يدرى أمن سني الدنيا أم من سني اآلخرة. فلما استكبر على الله سبحانه في سجدة واحدة طرده من رحمته وحل عليه غضبه ولم يعذره بأنه أخطأ في القياس حين قال: أ ن ا خ ي ر م ن ه خ ل ق ت ن ي م ن ن ار و خ ل ق ت ه م ن ط ين (1). ولم تنفعه عبادته كلھا في دفع العقوبة عنه (2). (1) اآلية 76 من سورة ص. (2) راجع: نھج البالغة (بشرح عبده) ج 2 ص 137 الخطبة القاصعة رقم 192 وبحار األنوار ج 14 ص 465 وج 60 ص 214 وشرح نھج البالغة للمعتزلي ج 13 ص 131 وشرح أصول الكافي ج 9 ص 322 وميزان الحكمة ج 2 ص 1450 ومستدرك سفينة البحار ج 1 ص 407 وموسوعة

27 27 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. اآلن حل قتالھم: وھنا سؤال يقول: أوال : ال ريب في أن الخوارج قد قتلوا ابن خباب وزوجته وابنته وقتلوا نساء أخريات وأخافوا السبيل واستعرضوا الناس وحملوا السالح وخرجوا لحرب إمامھم ومنعوه من اإلقتصاص من القتلة وذلك كله كان كافيا ألن يحل قتالھم! وحتى قبل أن يھاجموا جيش علي «عليه السالم» ويقتلوا ذلك الرجل فلماذا قال «عليه السالم»: إن قتالھم قد يح ل بعد أن قتلوا بعض أصحابه وجاؤوه به وھو يتشحط بدمه. ثانيا : تقدم: أنھم حين أقروا بأنھم كلھم قد قتل ابن خباب أو شارك في قتله أعلن «عليه السالم»: أنه لو أقر جميع أھل األرض بقتل ابن خباب لقتلھم به.. وأن إقرارھم ھذا قد أحل له قتالھم. ثم حمل «عليه السالم» وأمر أصحابه بالحملة عليھم كما تقدم في رواية ابن المغازلي. فإن كان قد حل قتالھم حين إقرارھم ھذا فال معنى لقوله «عليه السالم» بعد أن قتلوا بعض أصحابه: «اآلن حل قتالھم» ألن القتال أحاديث أھل البيت للنجفي ج 3 ص 43 وج 7 ص 77 وج 9 ص 279 وراجع: تفسير العياشي ج 2 ص 241 والبرھان ج 2 ص 328 وتفسير نور الثقلين ج 4 ص 471 وج 3 ص 14.

28 28 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 كان قد حل قبل ذلك باإلقرار. ونجيب: أوال : إن قتالھم قد حل بإقرارھم ألن ھذا اإلقرار قد جعلھم مطلوبين بالقصاص بعد أن تمت عناصر إثبات الجرم عليھم بھذا اإلقرار بالذات ولم يعد ھناك مانع من إنزال العقوبة بھم. ولكن ھذه العقوبة إنما يتولى إجراءھا اإلمام «عليه السالم» دون سواه وال يحل لغيره مقاتلتھم. وألجل ذلك: منع «عليه السالم» أصحابه من بدئھم بالقتال (1) ألنھم يبدأون بأمر محرم عليھم. فكان ال بد من الصبر إلى أن ينضم إلى ھذا السبب سبب آخر يكون ھو اآلخر علة لتجويز مقاتلتھم من (1) أنساب األشراف (بتحقيق المحمودي) ج 2 ص 102 ص 376 والملوك ومجمع الزوائد ج 6 ص 242 واإللمام ج 1 ص 36 (ط األعلمي) ج 4 ص و ص 371 والمبسوط ج 7 ص و 54 و ونور األبصار والمعجم األوسط ج 7 وتاريخ األمم والكامل في التاريخ ج 3 ص 335 والبداية والنھاية ج 7 ص 289 و 282 و 285 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج 7 ص 312 للمعتزلي ج 2 ص 271 و 320 و 315 و واإلمامة والسياسة 272 وشرح نھج البالغة (تحقيق الزيني) ج 1 ص 128 و (تحقيق الشيري) ج 1 ص 169 والفصول المھمة البن الصباغ ج 1 ص 530 وميزان الحكمة ج 1 ص 280 ومناقب اإلمام أمير المؤمنين للكوفي ج 2 ص 341 وشرح األخبار ج 2 ص 9 وغير ذلك من مصادر.

29 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 29 قبل سائر الناس وھو السبب المتمثل بالبغي على اإلمام والخروج عليه وإشھار السالح في وجھه والسعي في قتله وتقويض سلطانه ونكث بيعته. وإنما تحقق ھذا السبب بعد أن منع الناس من بدأھم بالقتال حتى يبدأوھم فلما بدأوھم ثالث مرات وارتكبوا جريمة أو عدة جرائم قتل أخرى بداعي الحرب على اإلمام صار قتالھم حالال لكل أحد. ثانيا : إن ھذا الذي ذكرناه يعطي: أن رواية ابن المغازلي المتقدمة التي ذكرت أنه «عليه السالم» بعد أن قررھم فأقروا بقتل ابن خباب فقال: «اآلن حل قتالھم» ال بد من حملھا على أن المراد: أن قتالھم قد حل له. دون سواه وأنه إنما أمر الناس بالجملة معه لكي يعينوه على تنفيذ القصاص اإللھي فيھم.. أو يقال: إن ھذه الرواية قد اختصرت الوقائع وال بد من تتميمھا بالرواية األخرى التي تدل على أنه «عليه السالم» قد منع من بدئھم بالقتال لكي يحل لسائر الناس قتالھم أيضا دفاعا منھم عن إمامھم وانتصارا منھم لدينھم. شك الراسبي أنقذھم: وتقدم: أن الراسبي لما سمع قول ذلك الرجل من أصحابه لما ضربه علي «عليه السالم» بسيفه: حبذا الروحة إلى الجنة!

30 30 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 قال يعني الراسبي : ما أدري أإلى الجنة أم إلى النار! (1). أو قال: ولعلھا إلى النار.. فلما سمعه أصحابه وعرفوا أنه شاك قالوا: ترانا نقاتل مع رجل شاك! (2). ثم انحاز منھم ألف رجل إلى راية األمان التي كانت مع أبي أيوب. ونود أن نلفت القارئ إلى ما يلي: ألف: إن ھذه الحادثة تشھد بصحة ما قاله أمير المؤمنين «عليه السالم» عن الخوارج من أنھم كانوا شكاكا ولم يكونوا على يقين من أمرھم. بل إن أمير المؤمنين «عليه السالم» لم يزل يأتي بالشاھد تلو الشاھد ويعطف الدليل على الدليل على تصديقه لما أخبر به الله تعالى ورسوله «صلى الله عليه وآله» من أمر الخوارج. وأنھم (1) راجع: شرح نھج البالغة للمعتزلي ج 2 ص 272 و 273 والعقود الفضية ص 64 وأنساب األشراف ج 2 ص 271 (بتحقيق المحمودي) وشرح عقيدة التوحيد ص 84 والكامل في األدب ج 3 ص 187 ونھج السعادة ج 2 ص 397 وبحار األنوار ج 33 ص 348 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 274 و 275. (2) معجم األدباء ج 5 ص 264 و (ط أخرى) ج 13 ص 44 وراجع: التنبيه واإلشراف ص 257 وشرح عقيدة التوحيد ص 84 وبھج الصباغة (ط أولى) ج 7 ص 168 عن الخطيب وراجع الكامل في األدب ج 3 ص 187.

31 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 31 مارقون من الدين وأنھم يقرأون القرآن ال يجاوز تراقيھم. وقد حاول بعض الخوارج اإلعتذار عن الراسبي فقال: أنه «إنما قال ذلك ألن الرجل أزرقي يحل الدم والمال بالذنب وألنه بدأ القتال» إلى أن قال: «كان أصحابنا واألزارقة جندا واحدا. ولما ظھر القول بإباحة الدم والمال فارقھم أصحابنا كابن وھب» (1). ونقول له: من أين علم أن ذلك الرجل كان أزرقيا! ومن أين علم أن ذلك الرجل قد بدأ القتال! ولكن الحقيقة ھي ما قاله ابن الطقطقا: «أما الخوارج فذھبت طائفة منھم قبل ان تنشب الحرب وقالوا: والله ما ندري على أي شيء نقاتل علي بن أبي طالب سنأخذ ناحية حتى ننظر إلى ماذا يؤول األمر» (2). ويدل على شكھم في صوابية موقفھم من علي «عليه السالم» قولھم عن حرب معاوية: «قد جاء اآلن ما ال شك فيه» (3). (1) شرح عقيدة التوحيد ص 84. (2) الفخري في اآلداب السلطانية ص 95. (3) الكامل للمبرد ج 3 ص 276 وتاريخ األمم والملوك (ط األعلمي) ص 126 والكامل في التاريخ ج 3 ص 409. ج 4

32 32 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 كما أن أحدھم وھو صخر بن عروة يقول: «إني كرھت قتال علي بن أبي طالب «رضي الله عنه» لسابقته وقرابته فأما اآلن فال يسعني إال الخروج» (1). كما أن الذين اعتزلوا إخوانھم في النھروان قد اعتذروا: بأنه ليس لھم في قتل علي «عليه السالم» حجة (2). وقد قال رجل لإلمام الصادق «عليه السالم»: «الخوارج شكاك! فقال: نعم. قال: فقال بعض أصحابه: كيف وھم يدعون إلى البراز! قال: ذلك مما يجدون في أنفسھم» (3). ب: إن اعتزال ألف رجل من أصحاب الراسبي ولجوئھم إلى ناحية أبي أيوب يدل على أن معظم الخوارج كانوا يقلدون رؤساءھم في مواقفھم. (1) الكامل للمبرد ج 3 ص 276. (2) األخبار الطوال ص 210 والكامل البن األثير ج 3 ص 346. (3) تھذيب األحكام للطوسي ج 6 ص 145 وبھج الصباغة (الطبعة األولى) ج 7 ص 168 عنه ووسائل الشيعة (آل البيت) ج 15 ص 81 و (اإلسالمية) ج 11 ص 60 وجواھر الكالم ج 21 ص 333 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 274.

33 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 33 مع أنھم كانوا يعيبون على أصحاب أمير المؤمنين «عليه السالم» مثل صعصعة ونظرائه أنھم يقلدون عليا «عليه السالم» دينھم!! ج: إن الرجل الذي قال: «حبذا الروحة إلى الجنة» لم يكن على يقين من الرواح إليھا بل ھو بكلمته ھذه يظھر حسرته على عدم الذھاب إلى الجنة حيث قال ھذا لما خالطه سيف أمير المؤمنين «عليه السالم» وعاين مصيره وعرف أنه إلى النار. إقرار أھل األرض: ولسنا بحاجة إلى التذكير: بأن حكم علي «عليه السالم» على أھل األرض بالقتل لو أقروا بقتل ابن خباب مع أن أھل األرض ال يمكن أن يقتلوه.. ليس فيه مبالغة وال يتضمن بغيا وال مجانبة للحق ألن ھذا اإلقرار إنما ھو على سبيل البغي والمضادة للحق وإمعان في المبارزة تعالى ولرسوله «صلى الله عليه وآله» ولدينه وألھل دينه كما تقدم بيانه. وال شك في أن من يضع نفسه في ھذا الموقع يستحق القتل لشدة طغيانه على الله تعالى.. وحماسته إلماتة الحق وإنعاش الباطل. أضربھم وال أرى عليا : 1 قد تكرر في أرجاز خوارج النھروان قولھم: أضربھم وال أرى أبا حسن أو عليا «عليه السالم» أو نحو ذلك وھو كالم أناس

34 34 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 مدلسين مخادعين يقولون ھذا القول على سبيل المباھاة بأنفسھم.. وإال فإن عليا «عليه السالم» كان أمام أعينھم ولم يكن غائبا عنھم وكان بإمكانھم أن يقصدوه من أول لحظة.. ولكن عليا «عليه السالم» كان يسمع أقوالھم ھذه ويغض الطرف ويتغاضى عنھا إلى أن يرتكبوا جريمة القتل في أصحابه فيبرز إليھم حينئذ.. ويجعلھم عبرة لمن اعتبر.. 2 يالحظ ھنا أيضا : أنه «عليه السالم» قد شك الرمح في أحد ھؤالء وترك الرمح فيه ألنه يريد للناس أن يروا مصيره وأن يعتبروا به ويعرفوا عاقبة البغي واإلجرام فيه.. األخسرون أعماال : وتقدم جواب أمير المؤمنين «عليه السالم» لحرقوص باآلية الكريمة: ق ل ھ ل ن ن ب ئ ك م ب األ خ س ر ين أ ع م اال ال ذ ين ض ل س ع ي ھ م ف ي ال ح ي اة ال دن ي ا و ھ م ي ح س ب ون أ ن ھ م ي ح س ن ون ص ن ع ا (1). ونحن ال يمكن أن نتصور خذالنا أعظم من أن تأتي أفعال اإلنسان على النقيض مما يحسب ويظن.. فھو يحسب أنه يعبد الله وإنما يعبد أھواءه أو يعبد أسياده. ويحسب أنه ينصر الله وھو ينصر الشيطان وأعوان الشيطان.. (1) اآليتان 103 و 104 من سورة الكھف.

35 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 35 ويحسب أنه يقوي الحق وھو يقوضه ويھدمه.. وأنه يحارب الباطل وھو يحارب له.. وھذا ھو حال الخوارج كما دل عليه أمير المؤمنين «عليه السالم» بتالوته ھذه اآلية المباركة.. وتقدم قول رويبة البجلي: ونضرب في العجاج رؤوس قوم تراھم جاحدين وعابدينا من الكفر فروا: وتقدم قول أمير المؤمنين «عليه السالم عن الخوارج: من الكفر ھربوا وفيه وقعوا إلخ.. ونقول: قد تالعبت األھواء بھذا النص وعبثت به المذاھب والمشارب في موردين: األول: ذكروا: أنه «عليه السالم» سئل عن الخوارج: مشركون ھم! فقال: من الشرك فروا (1). (1) البداية والنھاية ج 7 ص 290 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج 7 ص 321 عن ابن جرير وغيره والسنن الكبرى للبيھقي ج 8 ص 174 والمصنف البن أبي شيبة ج 8 ص 743 والعقود الفضية للحارثي األباضي ص 63 واألشعثيات ص 234 واألباضية ص 83 وموسوعة اإلمام علي بن أبي

36 36 الصحيح من سيرة اإلمام علي مع أن الحديث: أوال : ج 47 لم يكن عن شرك الخوارج وإنما كان عن خروجھم ومروقھم من الدين وھذا مساوق للكفر وليس فيه شرك وإثبات خالق غير الله سبحانه.. والسؤال: إنما طرح على أمير المؤمنين «عليه السالم» لكي يعلم السائل إن كان حديث: «يمرقون من الدين مروق السھم من الرمية» منطبقا عليھم أو أن مصداقه لم يتحقق بعد. ويكون المارقة قوما آخرين.. قال: والشاھد على ذلك: «ھم قوم مرقوا من دين اإلسالم تفسير المروق له في جوابه األخير حيث ويقرأون القرآن ال يجاوز تراقيھم. فطوبى لمن قتلھم». إن الخوارج ثانيا : كما مرق السھم من الرمية لم يھربوا من الشرك بل زعموا أن التحكيم كفر إذ ال يجوز أن يكون ھناك حاكم وأمير إال الله سبحانه.. وزعموا أن قوله تعالى: الظ ال م ون (2) أو..و م ن ل م ي ح ك م ب م ا أ ن ز ل الله ف أ ول ئ ك ھ م ال ك اف ر و ن (1) أو ال ف اس ق و ن (3). يدل على أن التحكيم يوجب الكفر والفسق والظلم والشرك.. وألجل ذلك ورد في بعض النصوص: أنھم طالب ج 6 ص 302. (1) اآلية 44 من سورة المائدة. (2) اآلية 45 من سورة المائدة. (3) اآلية 47 من سورة المائدة.

37 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 37 من الكفر فروا (1). ثالثا : إن ھذا الراوي اكتفى بقوله: «من الشرك فروا» وحذف قوله: «وفيه وقعوا» وھو مثبت في رواية ابن أعثم. المورد الثاني: إنھم تصرفوا في الجواب على السؤال األخير فبدلوا حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن مروقھم من دين اإلسالم وعن أنھم يقرأون القرآن ال يجاوز تراقيھم بدلوه بقولھم: «إخواننا بغوا علينا فقاتلناھم ببغيھم علينا..». فتحاشوا بذلك اإلشارة إلى حديث الرسول «صلى الله عليه وآله» حول مروقھم من الدين ومنحوھم وسام ذكر الله كثيرا مع أن المنافقين قد يذكرون الله ليال ونھارا لكي يخدعوا الناس بذلك. ومع أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد صرح بأنھم يقرأون القرآن ال يجاوز تراقيھم.. وكيف يقول علي «عليه السالم»: «إخواننا بغوا علينا» وھو يروي للناس كلھم حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن مروقھم من دين (1) شرح نھج البالغة للمعتزلي ج 2 ص 310 عن ابن ديزيل في صفينه وكنز العمال والمصنف ص 501 المعرفة) (ط مؤسسة األعلمي) للصنعاني والتمھيد ج 3 ص 89 ج 11 ص 299 ج 10 ص 150 البن عبد البر وفيض القدير واإلستذكار ج 23 ص 335 والنھاية في غريب الحديث العرب ج 13 ص 170 ومجمع البحرين ج 1 ص 633. ج 3 ص 679 البن عبد البر والسيرة الحلبية ج 2 ص 149 ج 2 (ط دار ولسان

38 38 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 اإلسالم! وأما النص المروي عن الحسن (1) : أنه «عليه السالم» أجاب بقوله: «قوم أصابتھم فتنة فعموا فيھا وصموا» (2). فيبدو لنا: أن الراوي قد خلط في كالم الحسن بين ما جرى في صفين وما جرى في النھروان (3). الرواية األقرب واألصوب: ويمكن أن يقال: إن الرواية األقرب إلى القبول ھي تلك التي تقول: إنه لما رجع ابن عباس إلى علي «عليه السالم» بعد أن احتج على الخوارج سأله علي «عليه السالم»: «ما رأيت! فقال ابن عباس: والله ما أدري ما ھم. فقال علي «عليه السالم»: أرأيتھم منافقين! (1) المراد: الحسن البصري. (2) المصنف للصنعاني ج 10 ص 150 وكنز العمال ج 11 ص 286 و 276 و (ط مؤسسة الرسالة) ج 11 ص 299 عنه وراجع: المغني البن قدامة ج 10 ص 51 والشرح الكبير البن قدامة ج 10 ص 52 والتمھيد البن عبد البر ج 23 ص 335 وفيض القدير ج 3 ص 679 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج 3 ص 89 والنھاية في غريب الحديث ج 2 ص 149 ولسان العرب ج 13 ص 170 ومجمع البحرين ج 1 ص 633. (3) العقد الفريد ج 4 ص 330.

39 الفصل الرابع: القتال في النھروان.. 39 قال: والله ما سيماھم بسيما المنافقين إن بين أعينھم ألثر السجود وھم يتأولون القرآن. فقال «عليه السالم»: دعوھم ما لم يسفكوا دما أو يغصبوا ماال. وأرسل إليھم ما ھذا الذي أحدثتم الخ..» (1). فعلى ھذا يكون الشاك في أمرھم ھو ابن عباس وليس علي بن أبي طالب. (1) شرح نھج البالغة البن أبي الحديد ج 2 ص 310 وبحار األنوار ج 33 ص ونھج السعادة ج 2 ص 315 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 329.

40 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج الفصل الخامس: الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب أوزارھا.. بعد أن وضعت الحرب اوزارھا..

41 41 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا..

42 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج ال يقتل تسعة وال ينجو تسعة: 1 قيل: إن الذين قتلوا من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السالم» في حرب النھروان كانوا سبعة (1). ونظن: أن «سبعة» تصحيف لكلمة «تسعة» وليس العكس بقرينة النص اآلخر الذي يقول: ال يقتل منا عشرة (2) وال ينجو منھم عشرة حيث يكثر التصحيف والخلط بين ھاتين الكلمتين لعدم وجود النقط أو لقلة اإلھتمام به في العصور السابقة.. (1) الفخري في اآلداب السلطانية ص 95 وتاريخ األمم والملوك ج 5 ص 89 و (ط األعلمي) ج 4 ص 67 والكامل في التاريخ ج 3 ص 348 و البداية والنھاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج 7 ص 320. (2) خصائص اإلمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السالم» للنسائي ص 143 والسنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 163 وتاريخ اإلسالم للذھبي ج 3 ص 588 وتاريخ خليفة بن خياط ص 149 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج 32 ص 592.

43 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا في بعض المصادر: أن الذين قتلوا من أصحاب أمير المؤمنين «عليه السالم» في النھروان كانوا اثني عشر أو ثالثة عشر رجال ( 1 ). وھو كالم غير منطقي: أوال : ألنه قد استفاض النقل عن أمير المؤمنين «عليه السالم» أنه أخبر أصحابه: أنه ال يفلت من أھل النھروان عشرة وال يقتل من أصحابه عشرة فكان كما قال (2). (1) خصائص اإلمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السالم» للنسائي ص 143 والسنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 163 وتاريخ اإلسالم للذھبي ج 3 ص 588 وتاريخ خليفة بن خياط ص 149 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج 32 ص 592. (2) راجع: الفرق بين الفرق ص 80 والفتوح البن أعثم ج 4 ص 120 ومجمع الزوائد ج 6 ص 241 و 42 والمحاسن والمساوئ ج 2 ص 98 والمناقب للخوارزمي ص 185 و (ط جماعة المدرسين سنة 1414 ھ) ص 263 والكامل في األدب ج 3 ص 187 ومناقب اإلمام علي «عليه السالم» البن المغازلي ص 406 و 415 وبھج الصباغة ج 7 ص 187 عن تاريخ بغداد ترجمة أبي سليمان المرعشي ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية سنة 1376 ھ) ج 2 ص 99 و (ط الحيدرية النجف) ج 3 ص 190 و 311 عن يعقوب بن شيبة في كتاب: مسير علي وعن مسدد وعن خشيش في اإلستقامة عن أبي مجلز وابن النجار عن يزيد بن رويم وكنز العمال ج 11 ص 272 و 276 و (ط مؤسسة الرسالة) ج 11 ص 287 عن مسدد

44 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج بل قيل: لم يقتل من أصحابه سوى رجلين (1). وخشيش والبيھقي وابن النجار والطيالسي ويعقوب بن شيبة وبحار األنوار (ط حجرية) ج 8 ص 563 و 565 و 554 وج 4 ص 307 و (ط جديد) بحار األنوار ج 33 ص 349 وج 41 ص 307 و 339 ومستدرك سفينة البحار ج 8 ص 49 وشرح نھج البالغة للمعتزلي ج 2 ص 273 والمصنف البن أبي شيبة ج 8 ص 732 والخرايج والجرايح (ط حجري) ص 209 والفخري في اآلداب السلطانية ص 95 وسفينة البحار ج 1 ص 384 والكامل في التاريخ ج 3 ص 345 و 348 ومروج الذھب ج 2 ص 405 و 406 والفصول المھمة البن الصباغ ص 93 و 94 وأنساب األشراف (بتحقيق المحمودي) ج 2 ص 373 وسنن الدارقطني (كتاب الحدود) ص 343 و (ط دار الكتب العلمية سنة 1417 ھ) ج 3 ص 99 وكشف الغمة ج 1 ص 267 وتاريخ بغداد ج 14 ص 365 وكمال الدين ص 120 والسنن الكبرى للبيھقي ج 8 ص 185 والعدد القوية ص 56 ومشارق أنوار اليقين للبرسي ص 120. (1) راجع: صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج 3 ص 115 والبداية والنھاية ج 7 ص 291 و (ط دار إحياء التراث) ج 7 ص 322 والسنن الكبرى للبيھقي ج 8 ص 170 و 171 كالھما عن مسلم وسنن أبي داود ج 4 ص 245 و (ط دار الفكر) ج 2 ص 429 وخصائص أمير المؤمنين «عليه السالم» للنسائي ص 145 والرياض النضرة ج 3 ص 225 والمصنف للصنعاني ج 10 ص 148 والسنن الكبرى للنسائي ج 5 ص 164 ومطالب السؤول ص 144 و 145 وفرائد السمطين ج 1 ص 276 ونظم درر السمطين ص 117 وكفاية الطالب ص 177 وكنز العمال ج 11 ص 281 و (ط

45 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 45 والخبر عن أمير المؤمنين «عليه السالم» لم يأت على سبيل الكھانة منه «عليه السالم» وحاشاه أن يفعل ذلك. وال ھو من التوقعات المبنية على معطيات واقعية فإن ھذه المعطيات ال يمكن توفرھا على سبيل اليقين في حروب من ھذا القبيل لكي يصدر حكمه «عليه السالم» بصورة جازمة. وإنما جاء ھذا الخبر منه «عليه السالم» على سبيل اإلخبار بالغيب وھو العلم الذي اختصه الله تعالى ورسوله به ليكون إحدى الدالئل والحجج على اختصاصه بمقام اإلمامة. ثانيا : لقد سمى لنا بعض المؤرخين الذين قتلوا من أصحابه «عليه السالم» وھم تسعة أشخاص حسب نص ابن أعثم وابن شھرآشوب: 1 كيسوم بن سلمة الجھني. 2 رويبة أو (رؤبة) بن وبر البجلي. 3 حبيب بن عاصم األزدي (أو خب بن عاصم األسدي). 4 رفاعة بن وائل األرحبي. مؤسسة الرسالة) ج 11 ص 294 عن مسلم وعبد الرزاق وأبي عوانة والبيھقي وخشيش وفي ھامش الكنز عن مسلم ج 1 ص 343 ونيل األوطار ج 7 ص 338 والعمدة البن البطريق ص 464 ونھج السعادة ج 8 ص 90 و. 91

46 ج الصحيح من سيرة اإلمام علي 5 عبيد أو ) عبد الله) بن عبيد الخوالني. 6 عبد الله بن حماد الحميري أو (األرحبي) (1). وذكر ابن شھرآشوب أيضا : 7 سعد بن خالد السبيعي. 8 الفياض بن خليل األزدي. 9 جميع بن جشم الكندي (2). عدد من أفلت: تقدم: أن الذين أفلتوا من الخوارج. وبالرغم من ھذه اإلحصائية التي حددت أسماءھم وذكرت األماكن التي ھربوا إليھا فإن ھناك أقواال مختلفة في عددھم. فقيل: أفلت أربعة (3). وقيل: خمسة (4). (1) راجع: الفتوح البن أعثم ج 4 ص ومناقب آل أبي طالب (المطبعة العلمية بقم) ج 3 ص 190 و(ط الحيدرية في النجف سنة 1376 ھ.) ج 2 ص 99 وبحار األنوار ج 41 ص 307. (2) مناقب آل أبي طالب (ط المطبعة العلمية بقم) ج 3 ص 190 و (ط الحيدرية في النجف سنة 1376 ھ) ج 2 ص 99 وبحار األنوار ج 41 ص 307. (3) إثبات الوصية ص 147. (4) الكامل في األدب للمبرد ج 3 ص 237.

47 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 47 وقيل: ثمانية (1). وقيل: تسعة (2). وقيل: كانوا عشرة (3). وقيل غير ذلك. ونقول: أوال : إن الرقم األخير ال يمكن قبوله.. ألنه يتضمن تكذيبا للخبر الوارد عن أمير المؤمنين «عليه السالم» على سبيل اإلخبار بالغيب من أن الذين ينجون منھم أقل من عشرة. كما تقدم.. وھو «عليه السالم» ال يخبر بذلك من عند نفسه بل عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» الذي ال ينطق عن الھوى بل عن الله سبحانه لكي تكون ھذه األخبار الغيبية من دالئل إمامته «عليه السالم» ألنھا تشير إلى أنه وحده الذي اختصه الله ورسوله بالعلم (1) بحار األنوار ج 33 ص 349 وج 41 ص 339 ومستدرك سفينة البحار ج 8 ص 49 وميزان الحكمة ج 1 ص 735 ونھج السعادة ج 2 ص 397 وشرح نھج البالغة للمعتزلي ج 2 ص 273 والعدد القوية ص 56 وموسوعة اإلمام علي بن أبي طالب ج 6 ص 359 عن الكامل للمبرد ج 3 ص (2) بحار األنوار ج 41 ص 307 ومدينة المعاجز ج 2 ص 153 مناقب آل أبي طالب (ط المطبعة العلمية بقم) ج 3 ص 190 و (ط الحيدرية في النجف سنة 1376 ھ) ج 2 ص 99. (3) مروج الذھب ج 2 ص 406.

48 48 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 الخاص وھو علم اإلمامة.. ثانيا : إن اإلختالف في عدد من أفلت أمر طبيعي ألن الذين أفلتوا قد تفرقوا في البالد وھم مستخفون وخائفون.. وإنما يخبر كل راو عما بلغه عنھم. وقد يحتمل أن يكون مراده «عليه السالم» بإفالت أقل من عشرة ھو السالمة من القتل والجرح معا فلعل من أخبر عن األربعة أو الخمسة أراد أن ھؤالء ھم الذين أفلتوا من القتل والجرح.. والحال أن من أفلت من القتل فقط ھم تسعة. ويؤيد ھذا المعنى: ما سيأتي بعد قليل من أنه «عليه السالم» وجد أربع مئة من خوارج النھروان جرحى فدفعھم إلى عشائرھم ولم يجھز عليھم.. فإن ھذا يشير إلى أن المراد بعدم اإلفالت: أن ال يفلت من القتل أو الجرح على أقل تقدير. ثالثا : زعم بعضھم: أن حديث: ال يقتل من أصحاب علي «عليه السالم» عشرة وال يفلت من الخوارج عشرة ال يصح ألن الخوارج كانوا كثيرين بعد النھروان وقد خرجوا على أمير المؤمنين «عليه السالم» خمس خرجات (1). بل سيأتي إضافة خرجتين أخريين ليصير المجموع سبع خرجات. (1) مقاالت اإلسالميين ج 1 ص 195 و 196.

49 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 49 ونقول: أوال : إنه «عليه السالم» إنما يتكلم عن خصوص من يشارك في حرب النھروان.. أما من لم يشارك منھم فيھا أو كان مترددا في الخروج على أمير المؤمنين «عليه السالم» ثم عزم على الخروج أو تراجع عن الحرب بسبب احتجاجات علي «عليه السالم» وأصحابه عليھم ثم عاد إليھا بعد النھروان فلم يكن «عليه السالم» يتحدث عنھم.. ثانيا : إن النص يصرح: بأن الذين تفرقوا في البالد سوف يكونون بمثابة بذرات أخرى لتكوين الخوارج في تلك البالد.. وال ينافي ذلك وجود آالف من الخوارج اآلخرين في مناطق الكوفة والبصرة كانوا مترددين في الخروج آنئذ ثم زال ترددھم بعد النھروان.. دفن قتلى الخوارج: قالوا: طاف عدي بن حاتم في القتلى حتى وجد جثة ابنه فدفنه ثم قال: الحمد الذي ابتالني بيومك على حاجتي إليك. ودفن رجال من المسلمين قتالھم. فقال علي «عليه السالم»: أتقتلونھم ثم تدفنونھم! ارتحلوا فارتحل الناس (1). تاريخ األمم والملوك ج 5 ص و و (ط داألعلمي) ج 4 ص 66 (1)

50 50 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 وصرحت بعض المصادر: بأن عدي بن حاتم قد استأذن عليا «عليه السالم» في دفن ابنه فأذن له (1). ونقول: لقد كان «عليه السالم» يريد أن يكون الذي يتولى دفن الخوارج ھم أولئك الذين يرون رأيھم وقد كانوا كثيرين في تلك البالد وقد خرجوا عليه بعد النھروان خمس مرات كما تقدمت اإلشارة إليه في كالم األشعري المتقدم.. بل سبع مرات كما سيأتي إن شاء الله تعالى. ولم يكن يرغب في أن يتولى دفنھم أصحابه «عليه السالم» ألن ذلك ربما يحزنھم ويحرك مشاعرھم وربما يصل األمر ببعض الناس إلى أن يشعروا بالذنب والحسرة تجاھھم وربما تعرض لھم الشكوك في صوابية قتلھم ويقعد ذلك بھم عن التصدي لغيرھم من الذين سيخرجون عليه منھم. قطع الرؤوس وكشف العورات ممنوع: قال عبد الله بن قتادة: كنت في الخيل يوم النھروان مع علي «عليه السالم» فلما أن فرغ منھم وقتلھم لم يقطع رأسا ولم يكشف والكامل في التاريخ ج 3 ص 348 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ص 181 وتذكرة الخواص ص 105. ق 2 ج 2 (1) تذكرة الخواص ص 105 و (ط أخرى) ج 1 ص 443 و 444.

51 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 51 عورة (1). وھذا يدل على عدم صحة ما ينسب إليه «عليه السالم» من أنه قد أمرھم بقطع اليد المخدجة من ذي الثدية ويكذب أيضا كل ما ينسب إليه من أنه فعله في قتاله من قطع رؤوس وأعضاء وغير ذلك فإنه كله من المثلة التي ال يستحلھا علي «عليه السالم».. إال إذا كان يبارز األعداء في ميدان القتال فإنه قد يحتاج إلى قتل خصمه بطريقة قطع رأسه أو شقه نصفين طوال أو عرضا.. وھذا ال ربط له بالتمثيل بالقتيل بعد قتله فإنه محرم وال يفعله علي «عليه السالم». ولكن من المحتمل وإن لم نجد له شاھدا : أن يكون بعض الناس قد قطع يد المخدج من دون علم علي «عليه السالم» فنسب أصحاب األھواء ذلك إلى علي «عليه السالم». وقد يشھد لذلك ولو بصورة ضعيفة قول المسعودي: إن عليا «عليه السالم» قال حين جيء برأس عبد الله بن وھب الراسبي: «قد كان أخو راسب حافظا لكتاب الله تاركا لحدود الله» (2). أي أن الذي جاء برأسه ھو الذي ارتأى أن يقطع رأسه أو أن عليا «عليه السالم» نفسه حين قتله قد ضربه بسيفه على (1) كنز العمال ج 11 ص 312. (2) مروج الذھب ج 3 ص 47.

52 52 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 رقبته فقطع رأسه: وفي جميع األحوال نقول: إن عليا «عليه السالم» ال يأمر وال يرضى بقطع رأس أحد بعد موته. بدليل قولھم: إنه «عليه السالم» حين قتل الخوارج لم يقطع رأسا ولم يكشف عورة.. كما تقدم. الغنائم.. والجرحى في النھروان: النصوص وقد ذكرنا في كتابنا علي «عليه السالم» والخوارج (1) التالية: وقد غنم أصحاب علي في ذلك اليوم غنائم كثيرة (2). وعن عرفجة عن أبيه قال: جيء علي بما في عسكر أھل النھروان فقال: من عرف شيئا فليأخذه فأخذوه (3). وعن عرفجة عن أبيه قال: شھدت عليا حين ظھر على أھل النھروان فأمر بورثتھم فأخرجت إلى الرحبة ثم قال للناس: من عرف شيئا فليأخذه. فجعل الناس يأخذون ما عرفوا حتى كان آخر ذلك قدر من نحاس فمكثنا ثالثة أيام ال يعرفھا أحد ثم فقدتھا فال أدري من (1) علي والخوارج ص 205 و 206. (2) الفتوح البن أعثم ج 4 ص 133. (3) كنز العمال ج 11 ص 309.

53 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 53 ممن به رمق «عليه السالم» «وجد علي أخذھا (1). ويقولون أيضا : أربعمائة. فدفعھم إلى عشائرھم [وقال: احملوھم معكم فداووھم فإذا برئوا فوافوا بھم الكوفة] ولم يجھز عليھم. ورد الرقيق (والمتاع) على أھله حينما قدم الكوفة وقسم الكراع والسالح وما قوتل به بين أصحابه» (2). فدفع إلى «وأمر بما سوى ذلك قوله: زاد الدينوري وراثھم» (3). «أن عليا لم يخمس ما أصاب من وعن النزال بن سبرة: الخوارج يوم النھروان. ولكن رده إلى أھله كله حتى كان آخر ذلك (1) تاريخ بغداد ج 11 ص 3. (2) أنساب األشراف بتحقيق المحمودي ج 2 ص 374 و 375 وتاريخ األمم والملوك (ط اإلستقامة) ج 4 ص 66 و (ط أخرى) ج 5 ص 88 واإلمامة والسياسة ج 1 ص 169 واألخبار الطوال ص 211 وتذكرة الخواص ص 105 عن الواقدي والبداية والنھاية ج 7 ص 289 والكامل في التاريخ ج 3 ص 348 ولم يذكر من بھم رمق وفي تاريخ األمم والملوك وعن مروج الذھب ج 2 ص 418 : أنه «قسم السالح والدواب بين المسلمين ورد المتاع والعبيد واإلماء إلى أھلھم». (3) األخبار الطوال ص 211.

54 54 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 رحل أتي به فرده» (1). وكذلك فعل «عليه الصالة والسالم» بجرحاھم األربعين الذين سقطوا في سواد الكوفة فإنه أدخلھم الكوفة أيضا وأمر بمداواتھم ثم قال لھم: الحقوا بأي البالد شئتم. وعن شقيق بن سلمة قال: لم يسب علي يوم الجمل وال يوم النھروان (2). ويالحظ ھنا: 1 أنه «عليه السالم» لم يالحق الجرحى ولم يعاقبھم ال قبل مداواتھم وال بعدھا. ولعلھم أظھروا التوبة فعاملھم بالرفق ألجل ذلك. 2 وإنه «عليه السالم» لم يخمس أھل النھروان مع أن له أن يخمس ما أجلبوا به عليه ثم يقسم الباقي بين المقاتلين ولكنه آثر المقاتلين بالخمس تعففا ورفقا منه بھم ولكي ال يفتح باب التشنيع عليه بأنه قد طمع بھذا اليسير من المال.. كما أنه ال يريد أن يعطي لذويھم وعشائرھم وأھليھم ذريعة للحنق عليه بسبب ذلك.. إال أن يكون مراد النزال بن سبرة: أنه «عليه السالم» لم يخمس (1) البداية والنھاية ج 7 ص 290. (2) كنز العمال ج 7 ص 321.

55 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 55 األموال التي لم يجلبوا بھا عليه بل ردھا إلى أصحابھا.. فإن كان ھذا ھو ما قصده فإنه يقال له: إن األموال التي لم يجلبوا بھا عليه ليست من الغنائم بل ھي ملك للورثة كما دلت عليه النصوص اآلنفة الذكر وكما أوضحناه في حرب الجمل. وفي صفين فراجع. ذو الثدية جريح أم مقتول!: يفھم من النص المتقدم عن الفتوح وغيره: أن ذا الثدية قد جرح جرحا بليغا من ضربة علي «عليه السالم» فحمله فرسه حتى رمى به آخر المعركة على شاطئ النھر في جرف دالية خربة (1). وفي نص آخر: «كان المخدج ذو الثدية قد دخل تحت القنطرة والتاط سقفھا.. إلى أن قال: فأخرج وقتل» (2). لكن نصوصا أخرى تصرح: بأنھم التمسوه فلم يجدوه فقام علي «عليه السالم» بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضھم على بعض فأخرجوھم فوجدوه مما يلي األرض فكبر «عليه السالم» وقال: (1) الفتوح البن أعثم (ط دار األضواء) ج 4 ص 273 وكشف اليقين ص 205 وكشف الغمة ج 1 ص 266 ومناقب آل أبي طالب ج 3 ص 190 و (ط أخرى) ج 4 ص 273. (2) البدء والتاريخ ج 5 ص 136 و 137.

56 56 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 صدق الله وبلغ رسوله. فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين با الذي ال إله إال ھو سمعت ھذا الحديث عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»! فقال: إي والله الذي ال إله إال ھو.. حتى استحلفه ثالثا وھو يحلف له (1). وفي نص آخر: أنھم لما لم يجدوا المخدج قال «عليه السالم»: ائتوني بالبغلة فإنھا ھادية مھدية. فأتوه بھا فركبھا.. ثم تذكر الرواية عثورھم على المخدج ألن البغلة حمحمت حين وصلت إليه وكانت ھذه البغلة ھي بغلة رسول الله «صلى الله عليه وآله» (2). فإن صح أنه كان قد التاط بسقف القنطرة فال بد أن يكون قد قاومھم حين عثروا عليه فدعاھم ذلك إلى قتله.. (1) نزل األبرار ص 60 و 61 وفي ھامشه عن صحيح مسلم ج 2 ص 748 و.749 (2) راجع: كنز العمال ج 11 ص 275 ومجمع الزوائد ج 6 ص 41 عن الطيالسي والمحاسن والمساوئ ج 2 ص 99 وخصائص اإلمام علي «عليه السالم» للنسائي ص 144 وفي ھامشه عن تاريخ بغداد ج 7 ص 237 وج 1 ص 160.

57 57 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. علي قتل الراسبي وذا الثدية: تقدم: أن عليا أمير المؤمنين «عليه السالم» ھو الذي قتل عبد الله بن وھب الراسبي وقتل ذا الثدية أيضا ولكن الطبري يقول: «عن أبي جناب قال: جاء ھانئ بن خطاب األرحبي وزياد بن خصفة يحتجان في قتل عبد الله بن وھب الراسبي فقال لھما: كيف صنعتما! فقاال: يا أمير المؤمنين لما رأيناه عرفناه وابتدرناه فطعناه برمحينا. فقال علي «عليه السالم»: ال تختلفا كالكما قاتل» (1). ويقول أيضا كما تقدم: إن قاتل حرقوص (ذي الثدية كما يدعون) ھو حبيش بن ربيعة أبو المعتمر (2). فكيف نفسر ھذا التناقض! ونجيب بما يلي: إن أمير المؤمنين «عليه السالم» ھو الذي قتل الراسبي وما زعمه أبو جناب ليس له قيمة علمية لما يلي: أوال : لماذا يختلف ھانئ بن خطاب وزياد بن خصفة في ھذا األمر وھما يعترفان ويصرحان بأنھما قد طعناه معا! ألم يكن لديھما (1) تاريخ األمم والملوك ج 5 ص 87. (2) المصدر السابق.

58 58 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 من العقل ما يدلھما على ما قاله لھما أمير المؤمنين «عليه السالم» من أن كالھما قاتل أو فقل: ھما شريكان في قتله! ثانيا : ھل يصح أن يقال: إن اختالف زياد بن النضر مع الشخص اآلخر في قاتل الراسبي كان طمعا منھما في سلبه! أال يعد ذلك نوعا من أنواع الخسة والدناءة التي ال تناسب مقام قائد وزعيم كبير كزياد بن خصفة على أقل تقدير! ثالثا : إننا نتھم الراوي أبا جناب: بأنه يريد أن يحفظ للراسبي بعض ماء الوجه بادعاء أن قاتله شخص آخر غير قسيم الجنة والنار والذي ما ضرب أحدا بسيفه إال دخل النار.. ألن قتل اآلخرين للراسبي يبعده ولو يسيرا عن دائرة اليقين والقطع بكونه جھنميا.. وإنما نتھم أبا جناب ألن روايته األخرى في قتل زيد بن حصين الخارجي قد أظھرت انه يحاول تسجيل مؤاخذة ولو يسيرة على أمير المؤمنين «عليه السالم» وإظھاره بصورة المدان والنادم على ما فعله بالخوارج. أو بصورة غير القاطع بأمره معھم.. فالحظ النص التالي: ھل تتواتر األسطورة!: وقد لفت نظرنا قول بعض الناس: إن حديث ذي الثدية منتحل.

59 59 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. وھو أسطورة ال حقيقة لھا رغم اعترافه بتواتره (1). وليت شعري إذا جاز لنا أن نعتبر الحديث المتواتر منتحال من دون أن نقدم أي شاھد أو دليل على دعوانا ھذه فأي حديث بعد ھذا يمكن اإلستدالل به في أي نقاش! وھذا يفتح الباب أمام إنكار بعض الناس لوجود األنبياء واألوصياء ووجود اإلسكندر وبخت نصر وننكر حدوث الحرب العالمية األولى والثانية وغير ذلك من المتواترات! ألننا جوزنا إنكار الحقائق بصورة غوغائية وعشواية ومن دون أي شاھد أو دليل سوى الھوى والتعصب وغير ذلك. فسكت علي عليھا: قال أبو مخنف: فحدثني عبد الملك بن مسلم بن سالم بن ثمامة الحنفي عن حكيم بن سعد قال: ما ھو إال أن لقينا أھل البصرة فما لبثناھم فكأنما قيل لھم: موتوا فماتوا قبل أن تشتد شوكتھم وتعظم نكايتھم. قال أبو مخنف: فحدثني أبو جناب: أن أبا أيوب أتى عليا «عليه السالم» فقال: يا أمير المؤمنين! قتلت زيد بن حصين! (1) قضايا في التاريخ اإلسالمي للدكتور محمود إسماعيل ھامش ص 67 و.68

60 60 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 قال: فما قلت له وما قال لك! قال: طعنته بالرمح في صدره حتى نجم من ظھره. قال: وقلت له: أبشر يا عدو الله بالنار. قال: ستعلم أي نا أولى بھا صلي ا. فسكت علي عليھا. قال أبو مخنف: عن أبي جناب: أن عليا «عليه السالم» قال له: ھو أولى لھا صليا. قال: وجاء عائذ بن حملة التميمي فقال: يا أمير المؤمنين! قتلت كالبا. قال: أحسنت أنت محق قتلت مبطال ( 1 ). حيث يبدو لنا: أن قوله: «فسكت علي عليھا» ال يخلو من خباثة وشيطنة.. ويبدو: أن أھل العقل والبصيرة والدراية لم يسكتوا له عليھا فاضطر إلى الجھر بالحقيقة. فقد قال في روايته األخرى: «إن عليا «عليه السالم» قال له: ھو أولى بھا صليا» وإال فلماذا صرح بالحقيقة ھنا وصرح بما يجافيھا وينقضھا ھناك! كما أنه لم يستطع التالعب فيما نقله عن عائذ بن حملة التميمي. (1) تاريخ األمم والملوك ج 5 ص 87.

61 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 61 فاضطر إلى التصريح بأن عليا «عليه السالم» قال له: أحسنت أنت محق قتلت مبطال.. حرقوص ليس ذا الثدية: وقد زعمت بعض الروايات: أن حرقوص بن زھير ھو ذو الثدية ونرى: أنه ليس ھو به وإن ادعى ذلك بعضھم بدليل: أوال : إن حرقوص بن زھير كان زعيما معروفا بين الناس.. أما ذو الثدية فلم يكن كذلك ولذا احتاج «عليه السالم» إلى توصيفه للناس بصورة دقيقة وتفصيلية. ولو كان ھو حرقوص لكان يكفيه أن يقول للناس: ابحثوا عن جثة حرقوص بن زھير.. ثانيا : إذا كان نافع ھو حرقوص وھو من قواد الخوارج فكيف كان ينام في المسجد وقد كساه أبو مريم برنسا كما سيأتي في رواية أبي مريم اآلتية وكيف يتلعب به الصبيان وينزعون سالحه. ثالثا : قالوا: إن حديث عائشة ل ما عرفت أن عليا «عليه السالم» قتل ذا الثدية قالت: لعن الله عمرو بن العاص كتب إلي أنه ھو قتله باإلسكندرية. ثم ذكرت قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يقتله خير أمتي بعدي (1). أسد الغابة ج 2 ص 139 وتذكرة الخواص (ط النجف) ص 105 والقاموس المحيط في مادة ثدي وخصر والكامل للمبرد ج 2 ص 211 عن األخفش وبحار األنوار ج 38 ص 5 عن مسند أحمد وشرح نھج البالغة للمعتزلي (1)

62 62 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 فإن ھذا يدل على أن حرقوصا ليس ذا الثدية ألن حرقوصا كان رجال معروفا ولم يكن عمرو بن العاص قادرا على ادعاء قتله حين كان واليا على مصر وكيف تمر ھذه السنوات كلھا وال يبلغ عائشة أنه ال يزال حيا! ونظن: أن عمرو بن العاص ھو الذي قصده النبي أمتي».. فإذا كان عمرو بن العاص وآله» فعلى اإلسالم ا دعى ذلك لعائشة لكي يدعي أنه «صلى الله عليه وآله» خير أمة محمد بن العاص وھو يفضل نفسه على أبي بكر «يقتله خير بقوله: «صلى الله عليه السالم.. وال ندري ماذا يقول أھل السنة لعمرو وعمر! وكيف سكتت له عائشة على ھذه الدعوى التي تسقط أباھا وفاروقه عن درجة الفضل. رابعا : سيأتي ألف: الثدية وأن عليا في حديث عبد الله بن شداد «عليه السالم» سأل الناس عنه لعائشة: أنه رأى ذا إن كانوا يعرفونه فيأتي أشخاص يقولون: رأيناه يصلي في مكان كذا أو في مسجد كذا. قال ابن شداد: «ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إال ذلك». ب: روي: أن عليا يعرف ھذا! «عليه السالم» قال حين وجد المخدج: من ج 2 ص 268 و 269.

63 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 63 فلم يعرفه أحد فقال رجل: أنا رأيت ھذا بالحيرة فقلت: إلى أين تريد! فقال: إلى ھذه وأشار إلى الكوفة وما لي بھا معرفة. فقال علي «عليه السالم»: صدق ھو من الجان (1). ج: وقال أبو الوضيء: ال يأتينكم أحد يخبركم من أبوه! قال: فجعل الناس يقولون: ھذا ملك ھذا ملك ھذا ملك. ويقول علي: ابن من! (2). د: وفي حديث آخر: من قال من الناس: إنه رآه قبل مصرعه فإنه كاذب (3). وعن أبي الوضيء: أنه قال: قال علي «عليه السالم»: أما إن خليلي أخبرني بثالثة إخوة من الجن ھذا أكبرھم والثاني له جمع كثير والثالث فيه ضعف (4). (1) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 372 وبحار األنوار ج 33 ص 392 عن أبي داود وابن بطة.. (2) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 372 وبحار األنوار ج 33 ص 392 عن أحمد. (3) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 372 وبحار األنوار ج 33 ص 392 عن مسند الموصلي. (4) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 372 وبحار األنوار ج 33 ص 392 عن مسند أحمد.

64 64 الصحيح من سيرة اإلمام علي ج 47 ھ: وعن سعد بن أبي وقاص: أن المقتول بالنھروان ھو شيطان الردھة. وزاد أبو يعلى في المسند: شيطان الردھة رجل من بجيلة يقال له: األشھب أو ابن األشھب عالمة في قوم ظلمة (1). خامسا : لو سلمنا: أن ھذا أعني عدم معرفة عائشة بأن حرقوصا كان ال يزال حيا قد يحصل.. ولكن صاحب الصحاح يقول: إن ذا الثدية ليس حرقوصا بل ھو رجل اسمه ثرملة (2). وروى الطبري عن أبي مريم أيضا : أن اسم المخدج ھو نافع فراجع (3). وستأتي الرواية عن قريب.. والمخدج ھو الناقص وسمي المخدج ألنه ناقص اليد. تاريخ حرب النھروان: 38 تقدم: أن الطبري أص ر على أن حرب النھروان كانت سنة (1) مناقب آل أبي طالب ج 2 ص 372 وبحار األنوار ج 33 ص 392 و 393 عن اإلبانة البن بطة وعن مسند أبي يعلى. (2) الصحاح للجوھري ج 6 ص 2291 وقاموس الرجال ج 12 ص 107 عنه وراجع: المعارف البن قتيبة ص 421 ولسان العرب ج 14 ص 109 ومجمع البحرين ج 1 ص 308 وتاج العروس ج 19 ص 244. (3) تاريخ األمم والملوك ج 5 ص 91.

65 الفصل الخامس: بعد أن وضعت الحرب اوزارھا.. 65 ھ. (1). واستدل على ذلك بقول أبي مريم: «فرجعت حتى إذا كان الحول أو نحوه خرج أھل النھر» ألن حرب النھروان كانت بعد سنة من إنكار أھل حروراء للتحكيم وقد بدأ إنكارھم للتحكيم بعد رفع المصاحف وفور رجوعھم من صفين إلى الكوفة حيث اعتزلوا في حروراء.. فلما جرى ما جرى في دومة الجندل ساروا إلى النھروان وكانت الحرب. وھو يدل على أنھا كانت سنة 38 ھ. وقد حدد الحموي تاريخ حرب النھروان بقوله: «بين خروجه إلى الخوارج وقتل ابن ملجم «لعنه الله تعالى» له سنة وخمسة أشھر وخمسة أيام» (2). وروى أحمد بن فھد في المھذب وغيره بأسانيد عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله «عليه السالم» قال: يوم النيروز ھو اليوم الذي ظفر فيه أمير المؤمنين «عليه السالم» بأھل النھروان وقتل ذا الثدية (3). (1) تاريخ األمم والملوك ج 5 ص 91 و 92. (2) معجم األدباء ج 5 ص 264. (3) بحار األنوار ج 33 ص 404 عن ابن فھد في المھذب وغيره في غيره.

إظهار المزيد