العدد الثاني والخمسون : جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م ملحق مجلة التفاهم تصدره وزارة األوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع األشباه والنظائر في التأويل القرآني التوحيد الكاثوليكي المسيحي بين الشهود والوجود الصرامة العلمية المهدورة الفكر االستشراقي الروسي المسيحية في الجدل اإلسالمي في العصور الوسطى علم التفسير: نشأته ودواعي تأسيس قواعد التفسير في صدام الحضارات وحوارها مالحظات هابرماس حول مشروع السالم الدائم لكانط فقه شورى جديد مفهوم الحسبة في اإلسالم مصحف فلوغل ومصحف القاهرة أم ا قبل... د. هالل احلجري م ن املبدعني العامليني الذين ظهرت م واهب هم يف طفولتهم: ال شاعرة الأمريكية هيلدا كونكلينج )1910- Hilda Conkling 1986(. ويذكر ك ت اب س ريتها اأنها عا شت يف اأ سرة م ب ة لالأدب واملو سيقى بل اإن اأمها -جري س هازارد كونكلينج- كانت شاعرة اأي ضا واأ ستاذة للغة الإجنليزية بكلية سميث يف نورثهامبتون. كانت هيلدا شاعرة نادرة يف زمانها اإذ نظ مت اأعمالها ال شعرية كاملة يف س ن ترتاوح بني الرابعة والأربعة ع شرة من ع مرها. وكانت ترجتل ال شعر وتقوم والدتها بت سجيله وتدوينه وتقدميه للن شر وقد ص د ر اأول عمل لها عندما كان عمرها ست سنوات! تذك ر ال شاعرة الأمريكية اإميي لويل -التي كتبت مقدمة ضافية لالإ صدار ال شعري الأول لهيلدا كونكلينج وكان بعنوان»ق صائد فتاة صغرية«- اأن والد هيلدا ت ويف عندما كانت يف الرابعة من عمرها وقد عا شت واأختها اإل سا التي تكربها بعامني مع اأمهما يف نورثهامبتون وهي مدينة حتيط بها الغابات والتالل فكان جلمال الريف تاأثري عميق على هيلدا وهو مو ضوع متكرر يف ش عرها. كانت عالقة جري س عميقة جدا مع ابنتيها وداأبت على تن شئتهما تن شئة أادبية راقية فكانت تقراأ لهما عيون الأدب الإجنليزي وتعزف لهما روائع املو سيقى على البيانو يف سن مبكرة. لهذا كما توؤك د اإميي لويل ت سربت روح الإبداع إاىل نف س هيلدا منذ الطفولة وقد ساعدت البيئة الطبيعية اجلميلة املحيطة بها على شحذ موهبتها ال شعرية. ي ستحوذ مو ضوع الطبيعة على ش عرها كما تقول اإميي لويل ويكون ذلك بو صف ب سيط وعفوي اأحيانا وبا ستعارات بالغة يف اخليال أاحيانا اأخرى. كما تتداخ ل الطبيعة مع موا ضيع اأخرى مثل: ح ب اأمها وق ص ص واأحالم اليقظة وال صور اأو الكتب التي اأعجبتها. صدرت ل ها خالل حياتها ثالثة أاعمال شعرية:»ق صائد فتاة صغرية«)1920( مبقدمة إاميي لويل و«اأحذية الريح«)1922( و«سيلفرهورن«)1924( كما ض م نت خمتارات من ش عرها يف اأنطلوجيات شعرية خمتلفة. ن رتج م لها هنا هذه الق صيدة بعنوان»عن اأحالمي«: الآن.. كل الزهور غاف ية والظالم ي س ري وي ول د امل ساء... حان وقت ال سكون عندما اأكون نائمة اأجد و سادتي مليئة بالأحالم كل ها اأحالم جديدة: مل ي خربين بها اأحد قبل اأن اأع رب ال س ح اب تتذك ر ال سماء.. اأحالمي ال صغرية اإنها م ن ح ة.. سريعة ح لوة ساعدين يا اإلهي كي اأح كي اأحالمي لالأطفال الآخرين حتى يذوقوا خ ب ز ا اأكرث بي ا ض ا وي شربوا حليب ا يجعلهم ي فك رون يف امل روج البعيدة يف سماء النجوم ساعدين يف تقدمي اخلبز لالأطفال الآخرين كي تعود اأحالم هم: حتى يتذكروا ما عرفوه قبل اأن ي ع ربوا ال س ح اب ا سمح يل اأن اأ م س ك اأيدي هم ال صغرية يف الظالم الأطفال الوحيدين الأطفال الذين فقدوا اأمهات هم اإلهي يا ق ر ة ع يني...ا سمح يل اأن اأرفع كاأ سي الف ض ي لي شربوا منه واأحكي لهم عن حالوة اأحالمي... hilalalhajri@hotmail.com
2 جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م األشباه والنظائر في التأويل القرآني سامل البو سعيدي اإن القر آان الكرمي حظي بعناية فائقة من علماء امل سلمني وبذلت جهود كبرية يف سبيل سرب اأغ واره والو صول اإىل درر معانيه. وقد كانت عظمة الن ص القر آاين و سعة اللغة العربية تربة خ صبة ا ستنبت فيها علماء القراآن فروع ا من العلوم والفنون املتعلقة بتف سريه اأو صلها بع ضهم اإىل خم سة ع شر علما وكان من اأهمها علم الوجوه اأو -االأ شباه- والنظائر وهو من املقاربات اللغوية والل سانية املعينة على فهم معاين الن ص القر آاين وفقه مقا صده. بل هو كما ذكر ال سيوطي وجه من اأوجه اإعجاز القراآن الكرمي. و سنناق ش هنا مقالة لرئي س مركز الدرا سات القر آانية بالرابطة املحمدية للعلماء )حممد املنتار( واملن شورة يف جملة التفاهم بعنوان»علم الوجوه والنظائر وق ضايا التاأويل«. ا ستهل الباحث مقالته ببيان اأهمية هذا املبحث ونفا سة قدره وكونه اأداة مهمة لك شف معاين القراآن املكنونة يف األفاظه بل وا ستنباط معاين متعددة ومتجددة من هذا الكتاب الذي ال تفنى عجائبه. فاإن ه»كلما ازداد املف سر لكتاب اهلل - تعاىل- علم ا يف الوجوه والنظائر نبغ يف تاأ صيل االأ صول ورد الفروع اإليها وحماكمة املخالفني فيها إاىل احلق املجرد عن الهوى«. ث م ع رج ع ل ى ال ت ع اري ف ال ل غ وي ة واال ص ط لاح ي ة وه ي رغ م تعددها اإال اأن ه ا ت صب يف قالب واح د فالوجوه اأو االأ شباه تتعلق باالألفاظ املتحدة يف النطق واملختلفة يف املعنى كلفظ»الهدى«مثا فاإن ه ي أاتي على وجوه عديدة اأو صلها ال سيوطي يف االتقان اإىل سبعة ع شر وجها منها: الدين والثبات والقراآن والتوبة واحلجة. اأم ا النظائر فهي متعلقة باالألفاظ املتحدة لفظا ومعنى لكن هذا املعنى ي صلح أالفراد كرث. وقد ذكر ابن اجل وزي اأن النظائر يف اللفظ وال وج وه يف امل ع ن ى وتعقبه الزرك شي ومن بعده ال سيوطي ف ضع فا ذل ك. واملاحظ هنا أان الكاتب اقت صر على نقل التعاريف دون حتليل نقدي لها بل اكتفى بخا صة عامة جتنبا لا ستطراد رمبا واإال فاإن تعقب الزرك شي وال سيوطي البن اجلوزي ناق شه )حاجي خليفه( يف كتابه )ك شف الظنون( واأي د ما قاله ابن اجلوزي. وقد تطرق ال ب اح ث ل ذك ر ق ضية امل ش ترك اللفظي يف ال ق راآن ال ك رمي -عر ضا- ومل يلمح للخاف امل شهور حولها والنقا ش الدائر بني مثبتيه ونافيه سواء بني أاهل اللغة اأو أاهل التف سري. ويف امل ح ور ال ث اين ع ر ج ع ل ى ال ت ط ور ال ت اري خ ي ل ه ذا الفن وت سل سل ال ت أال ي ف ف ي ه وق د أاورد ع ددا م ن ال ع ن اوي ن التي صنفت يف هذا الباب من لدن ما ذكر عن ابن عبا س وعكرمة م واله اإىل ر سائل ال دك ت وراه واملاج ستري للمتاأخرين. ومن نافلة القول أاذك ر هنا إا سهاما عمانيا معا صرا يف ه ذا الفن متثل يف برنامج»بل سان ع رب ي«ال سل سلة الرم ضانية التي يقدمها الدكتور حممد احلارثي على شا شة تلفزيون سلطنة ع م ان وال ت ي ت ه دف إاىل تب سيط مباحث و أام ث ال ه ذا العلم لعموم املتلقني. ع رج الكاتب بعد ذل ك سريعا على منهجية هذه امل صنفات القائمة على املراوحة يف اال ستدالل بني الن ص ال ق راآين وا أالث ر وامل ص ادر اللغوية واالأدب ي ة ل ذل ك ال يرى الكاتب صحة اإدراجها يف غريب القراآن. ومل ي شر الكاتب هنا اإىل ملحة ع ن ن ساأة ه ذا العلم وب داي ة تاأ س سه فهو لي س من العلوم املحدثة بل قد روي مرفوعا»ال يكون الرجل فقيها ك ل الفقه حتى ي رى ل ل ق ر آان وج وه ا ك ث رية«وروي موقوفا عن أابي ال درداء بلفظ م شابه. كما مل يناق ش تطور حمتوى ه ذه الت صانيف وجت دد ط رق ه ا وم ب اح ث ه ا ح سب الع صور املختلفة. واملتاأمل يجد أان ظاهرتي االأ شباه والنظائر ن سيج فائق اجلمال بديع التفا صيل نتج عن متازج حمكم بني اللغة العربية والن ص القراآين وال سر يف ذلك يتعدى جمرد ثراء املعجم العربي بل هو ملمح من اإعجاز ه ذا الكتاب املقد س وي شكل صورة من صور التطور الداليل التي أا سهم بها. وحيث اإن االألفاظ حتمل الكثري من وجوه املعاين التي تدور ح ول ه ا ك ان ال ب د ل ه ا أان ت دور ح ول حم ور ال س ي اق ليتبني م ق دار ق رب ه ا وب ع ده ا م ن م راد ال ن ص ال ق راآين. فال سياق ميزان دقيق يف الوجوه والنظائر -كما يف غريها من العلوم ال شرعية واللغوية- به ين ضبط التناغم بني الن ص وداللته اخل ارج ي ة وتتحقق املو ضوعية يف الفهم وتبعد االإ ش ك االت وال شبه. فاملعنى املجرد ال ميكن أان يفي بتف سري مراد القراآن اإذ ال بد من مراعاة املخاط ب واملخاط ب واحلال وقت اخلطاب كما ال ميكن اإغفال التحول ال داليل الذي أاحدثه القر آان يف األفاظ اللغة. وقد بني الكاتب اأث ر علم الوجوه والنظائر يف تف سري دالالت القر آان ح سب مقت ضياتها ال سياقية وهي متثل جانبا من اهتمام العلماء بامل صطلح القراآين. واأخذ على بع ض كتب ال وج وه والنظائر ان شغالها بتتبع ال سياقات اجلزئية ع ل ى ح س اب ال دالل ة ال ع ام ة ال ت ي تبقى م لازم ة ل األ ف اظ مهما اختلفت موا ضع ا ستعمالها ومثل على ذلك بتف سري ابن اجل وزي للفظ ا إالن سان وحمله على خم سة وع شرين وجها ك اآدم و أاب ي بكر وال ول ي د ب ن امل غ رية وغ ريه م وه ذه الوجوه كلها تدور حول التمثيل لهذا اللفظ املبهم»ا إالن سان«باالأفراد املعنيني م ستنبطة من أا سباب النزول ودالالت ال سياق. وخل ص الكاتب اإىل اأن القدماء بالغوا يف اعتدادهم بال سياق وجعلوه م ول دا للمعاين دون ال رج وع الأ ص ل املعنى ورب ط ه باملعاين ا أالخرى يف ال سياق وهذا ما قد يفقد الن ص قيمته ا أال سلوبية. لقد ساهمت خ صوبة املفاهيم القراآنية وخ صو صية دالل ة الن ص االإلهي يف تكوين نظام القر آان الفريد املعجز مبفرداته و سياقاته و شكل هذا التمازج بني ثراء املفاهيم وامل صطلحات اللغوية من جهة وبني داللة النظم القراآين وبيانه من جهة اأخ رى ن سقا فنيا وات ساقا شموليا. والتاأمل الواعي ملفردات القراآن ينتج ده شة باغية و سحرا بيانيا وال يتاأتى ذلك اإال باالنتقال من ظاهر ا أاللفاظ إاىل حقيقة املعاين وال ريب اأن علم الوجوه والنظائر حم وري يف ت أاويل القر آان وفهمه حق الفهم فدرا سة األفاظ القراآن هي لبنة بناء التف سري وتعمري الت أامل ال واع ي. وبجانب ال ر ؤوي ة التحليلية أالل ف اظ الكتاب الكرمي ظهرت حم اوالت شمولية تعنى بالربط بني خمتلف الوجوه والنظائر يف سياقاتها الداللية املتعددة مرتكزة على االأ صل اللغوي امل سرك لتكوين صورة تكاملية لبنية الن ص القراآين. مثل الكاتب لذلك بكتاب»حت صيل نظائر القراآن«للحكيم ال ترم ذي وال ذي ح اول ف ي ه ال رب ط ب ني النظائر امل ن ت رثة ورده ا جميعها اإىل أا ص ل م سرك ومعنى اإج م ايل ت ت ف رع م ن ه أاو م ا مي ك ن ت سميته ك ل م ات مفتاحية لتحليل الن ص ح سب امل صطلح احل دي ث و سلك احلكيم ال ترم ذي م ن ه ج ال ت ح ل ي ل ال ل غ وي م س ت ش ه دا ب ا آالي ات يف س ي اق ات ه ا املتعددة راف ضا بذلك فكرة ال ترادف وخمالفا ملا اأورده اأهل ال وج وه والنظائر من تعدد املعاين وا ش تراك اللفظ ومثل ل ذل ك ب واح د وث م ان ني ك ل م ة ح ل ل ه ا وف ق ن ظ ري ت ه. ون ه ج احل ك ي م ال ت رم ذي ه ذا م ت ف رد مل ي سبق إال ي ه ف رغ م تعدد املعاين املنبثقة من اللفظ اإال اأن ه ا ستطاع شدها اإىل املعنى اللغوي الذي و ضعت له اأ سا سا واأوجد انعكا سا وجتليا للمعنى اللغوي الو ضعي يف كل ال دالالت واملعاين التي تبدو متباينة اأول االأمر. اإن التعامل مع الن ص القراآين مر مبراحل تطورية متعددة وق د ظ ه رت يف ال ث ق اف ة امل ع ا ص رة حم اوالت تطبيق املناهج التاأويلية احلديثة ومبادئ الل سانيات على الن ص القر آاين وي رى ال ك ات ب اأن ه ذه امل ح اوالت وق ع ت يف م زال ق نظرية ومنهجية ت ستدعي مراجعتها وت ع ري ض اأ س سها النظرية و أاطرها املرجعية لقراءة نقدية فاح صة دقيقة فاإن تعري ض الن ص لقراءة غري ماألوفة خلطابه يهدر مقا صده ويخرجه من سياقه ويغيب خ صو صياته وذل ك اأق سى ما يتعر ض له أاي ن ص ل ذل ك ك ان ه ذا ال ع ل م ضابطا مهما للممار سات التاأويلية. salim.sas11@hotmail.com
جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م 3 التوحيد الكاثوليكي المسيحي بين الشهود والوجود: نحو آيديولوجيا مختلفة وليد العربي يف عام 1988 م عندما رفع امل سلمون الربيطانيون عري ضة حلكومتهم طالبني منع كتاب سلمان ر شدي»االآيات ال شيطانية«اكت شفوا اأن قانون التكفري القائم ال مينع توجيه االإهانات للنبي حممد صلى اهلل عليه و سلم فهو ي طبق فقط على امل سيحية ومن ثم رف ضت احلكومة تلك العري ضة ومن ثم كتب وزير الداخلية املتخ ص ص بالعاقات العرقية -جون باتن- وثيقة يخاطب فيها امل سلمني وال راأي العام حول «أان تكون بريطاني ا «وحتدثت الكاتبة مها قمر الدين يف مقالها املن شور مبجلة التفاهم بعنوان»الدولة االأخاقية: الدين وا أالمة وا إالمرباطورية يف بريطانيا الفيكتورية والهند«وذلك ترجمة لبير فان ديرفري إاذ قامت بعمل حتليات مثرية للإعجاب للتداعيات ال سيا سية امل عرب عنها يف ذلك الن ص. كان اأحد االأهداف االأ سا سية تر سيم ثقافة قومية م سركة. وفقا لباتن فان ديرفري ميكن إايجاد هذا ا أالم ر امل سرك من خال البحث يف نقطتني مل ت ذكرا يف نقا ش باتن املتعلق ب ساأن اأن يكون ال شخ ص»بريطاني ا «: امل سيحية واالإمرباطورية. بالطبع ما مي كن تفهمه متام ا اأن يذكر أاي سيا سي امل سيحية كمكو ن اأ سا سي يف الثقافة الربيطانية يف ذروة ق ضية ر شدي. ومع ذلك ت ضمنت القوانني التي اأ شار اإليها باتن التفكري الذي يحمي امل شاعر امل سيحية فقط ع لاوة على ذل ك ال اأح د ي شك باأن امل سيحية هي عن صر اأ سا سي يف التاريخ الذي كو ن بريطانيا. ب ط ري ق ة م ش اب ه ة ه ن اك اف ت را ض غ ي ري م ع ل ن يف أاط روح ة ب ات ن ي ش ري اإىل اأن ه ال ع ل اق ة ب ك ون اأي ش خ ص ب ري ط ان ي ا باالإمرباطورية. بكام اآخر كانت م شكلة القيم املت ضاربة -كما ب رزت يف ق ضية ر شدي- م شكلة جديدة حدثت يف بريطانيا مع قدوم املهاجرين من االإمرباطورية ال سابقة. مما ي شكل مثاال اآخر على مقولة»االإمربطورية ترد«ومع ذلك ميكن ال ق ول: اإن حجج ب ات ن ال ت ي ت ن ادي بتقبل ثقافة قومية م سركة باالإ ضافة اإىل حجج القيادات االإ سامية التي تنادي بعدم اإ ضفاء اأي صبغة دينية على الدولة كما يظهر يف احلماية ال سيا سية ملعتقدات ك ل املجتمعات الدينية متجذرة يف تاريخ االإم رباط وري ة ذات ه ولكن يتم اختبارها على اجلهات العملية اال ستعمارية املتقابلة. ويقال اأحيانا اإن الربيطانيني ال يعرفون تاريخهم أالنه حدث يف مكان آاخ ر وم ن خ لال بع ض ال ق راءات اخلا صة يف التاريخ الربيطاين اإىل اأنه ن ادرا ما يتم التفكري بالعاقة ا إالمربيالية م ن ق ب ل امل وؤرخ ي ني ال ب ربي ط ان ي ي ني إاذا مل ن ق ل ال س ي ا س ي ني الربيطانيني بطريقة واعية. فاملوؤرخون الهنود يدركون اأك رث العاقة ا إالمربيالية ولكنهم مييلون لتجاهل التطورات يف عا صمة االإمرباطورية خ شية جعل تاريخ امل ستعمرة هام شي ا بالن سبة لتاريخ أاوروب ا و سوف نحاول يف هذا املقال اإبراز بع ض اأوجه ال شبه واالختافات البنيوية بني تطور الدين والقومية يف بريطانيا والهند. يعود ال سبب لتمكن باتن من التمل ص من ع دم ذك ر امل سيحية ك م ك ون ل ث ق اف ة ب ري ط ان ي ا ال ق وم ي ة اإىل ح ق ي ق ة أان امل سيحية امل ن ظ م ة اأ ص ب ح ت م ه م ش ة يف امل ج ت م ع ال ب ربي ط اين بطريقة ت دري ج ي ة خ ل ال ال ق رن ال ع ش ري ن وحت ول ت بريطانيا اإىل ما يعرف باملجتمع العلماين و صارت امل سيحية كما يفر ض م ساألة شخ صية ل اأف راد دون اأي أاهمية سيا سية يف احل ق ل ال ع ام. يف النقا ش ا أالوروب ي حول العلمانية تراجع احل ضور يف الكنائ س ويف عددها اأي ض ا وهما موؤ شران للتغيري وابتداء من العقدين ا أالخريين يف القرن الع شرين يبدو اأن هناك مثل هذا الراجع يف اإجنلرا على الرغم من اأن هناك نقا شا كبريا حول فرات و أا سباب ذلك الراجع على سبيل املثال ا ستمرار الكاثوليكية يف النمو ب شكل كبري حتى احلرب العاملية الثانية. وميكن اال ستنتاج اأن ال صورة التاريخية خمتلفة ن وع ا م ا بني جمتمع غ رب ي واآخ ر م ن أاج ل ذل ك ال مي ك ن تطبيق نظرية علمانية شاملة على اجلميع. ال ي صح ذلك فقط بالن سبة للوقائع وا أالرق ام املتعلقة باحل ضور إاىل الكني سة والع ضوية فيها واإمنا اأي ض ا التف سريات ال سببية لل صنائعية والتربير العقاين الذي تقدمه نظرية العلمانية. يف ال سنوات االأخرية برز العديد من ال شكوك حول العلمانية يف الهند والن صر النهائي للعلمانية وقد راأى عامل ا أالنرثوبولوجيا مادن أان العلمانية كروؤية عاملية شاملة م سركة ف شلت يف شق طريها اإىل الهند. فلأن الهنود هم هندو س وبوذيون وم سلمون و سيخ فهم لي سوا م سيحيني بروت ستانت لذا ال ي ستطيعون وال ميكنهم خ صخ صة الدين. ي شري م ادن اإىل اأن هناك يف النظرية االجتماعية خ صو صا يف نظرية ماك س فيرب رابطا أا سا سيا بني الربوت ستانتية والفردية والعلمانية ووفق ا لذلك يرى أان العلمانية هدي من امل سيحية إاىل العامل واأنها جزء من تاريخ أاوروبا الفريد ويبدو اأن مادن يعرب عما يبدو اأنه إاجماع عام بني علماء االجتماع وعامة ال شعب على حد سواء على اأن الغرب احلديث علماين بطريقة فريدة واأن ال شرق متدين بطريقة فريدة. ح صل يف القرن التا سع ع شر تطوران دينيان أا سا سيان يربطان ال دي ن ب ال ق وم ي ة أاول ه م ا: ال ن م و ال ك ب ري وال ت اأث ري ال ذي ك ان ل إلجنيلية على الثقافة الدينية برمتها يف بريطانيا. ثانيهما: ت ضمني الكاثوليك يف االأمة واإعطا ؤوهم حق االقراح. دعونا نبداأ با إالجنيلية تبداأ اإعادة اإحياء ا إالجنيلية تقليدا مع جون وي سلي يف الن صف ا أالول م ن ال ق رن ال ث ام ن ع شر ول ك ن ه ن اك ثانية مهمة يف ت سعينيات القرن الثامن ع شر وا ستمرت خال القرن التا سع ع شر. اإن منو االإجنيلية كان مثريا ل إلعجاب اإمنا ا أالمر االأكرث اأهمية من زي ادة ا أالع داد هو التاأثري الكبري الذي كان للإجنيلية على امل ج م وع ات الدينية وا أالف راد م ن ك ل ا أالن واع. تطابق التو سع االإجنيلي ب شكل كبري مع الثورة ال صناعية التي اأدت اإىل جميع اأنواع التف سريات ال سببية االقت صادية التي تراوح من تلك التي قدمها اإيلي هاليفي وتومب سو. وميكن القول اإن االإجنيلية سعت اإىل التحول الداخلي باالإ ضافة اإىل الن شاط اخلارجي من أاج ل حتويل االآخ ري ن ولكن اإعطاء االأقلية الكاثوليكية حقوقها ال سيا سية يف اجلزر الربيطانية مل ي ساعد كثري ا يف احليلولة دون وجود الرابط القوي بني مذهب الكاثوليك والقومية االأيرلندية. برز هذا الرابط ب شكل وا ضح يف اال ستياء الذي ح صل عام 1843 م حيث عمل رجال الدين الكاثوليك والقوميون االإيرلنديون يد ا بيد ملواجهة االحت اد الت شريعي بني بريطانيا واإي رل ن دا واأزال جت ري د ال ك اث ول ي ك أاي وه م ك ان ل دى االأ ش خ ا ص ومل متنع امل شاعر املعادية للكاثوليكية من اأن ي صبحوا رعايا اأكرب كني سة يف اإجنلرا يف القرن الع شرين. من الوا ضح اأن الفرق ا أال سا سي بني الدولة احلديثة يف عا صمة االإمرباطورية وبني امل ستعمرات هو أانه يف ا أالوىل تكون ال شرعية ال سيا سية بالن سبة للأمة واملواطنة والهوية القومية بينما يف الثانية ي ستثنى ال رع اي ة م ن امل واط ن ة بينما ترف ض هويتهم القومية اأو ت شوه سمعتها. إان االخ ت لاف ات ال دي ن ي ة وال ع رق ي ة ه ي ت ش ري ع ل لاخ ت لاف ات يف ال سلطة ل ه ذا ال سبب لي ست القومية امل ع ادي ة لا ستعمار جمرد صراعات من اأجل ال سلطة يف ال ساحة ال سيا سية ولكنها حت اول اأي ض ا مواجهة الهيمنة الثقافية للنظرية اال ستعمارية لاختاف غالبا ما تقوم يف ذلك -كما يف احلاالت املناق شة هنا- بتقدمي تف سري بديل أال سباب الهيمنة اإما الدين اأو العرق. تبنى دياناندا نظرية العرق االآري من اال ست شراق ولكن بدال من قبول النظرية التي تقول ب أانه كان على امل سيحية اإ ساح احلالة املردية للح ضارة الهندو سية اقرح العودة إاىل الديانة الفيدية التي سبقت امل سيحية والتي كانت اأ سا س كل االأخاقيات. Wali7-alabri@hotmail.com
4 جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م الصرامة العلمية المهدورة ممد ال شحي اإن الن ص القر آاين نال املركزية يف الثقافة العربية منذ نزل على النبي حممد كما يقرر ذلك املفكر العربي الراحل حم مد عابد اجلابري يف م شروعه الفكري يف درا سة بنية العقل العربي وهذه املركزية جعلت منه مدار البحوث والدرا سات والكتابات االإ سامية املبكرة ومل يتوقف ا أالمر على العلوم ذات ال صلة امل با شرة بالن ص القراآين بل تعداها إاىل املباحث اللغوية التي ع د ت قنطرة لفهم الن ص القر آاين فهما صحيحا واأ طلق على مثل تلك العلوم صفة علوم االآلة مقابل علوم الغاية ولي س ببعيد اأن ي سل ط ال ضوء على الن ص القر آاين من خمتلف الزوايا البحثية املتاحة يف ذلك الع صر والتو س ل إاليه بعدد من الو سائط من تلك الو سائط اللغة. واإن مل تكن اللغة يوم ا مبعزل عن الن ص نف سه بل هي مبكانة القالب ال ذي تت شكل فيه االأف ك ار امل ج ردة قبل اأن تتلب س ل بو س ا أاللفاظ ولي س اأدل على ذلك من امل قاربات اللغوية البحتة للن ص القر آاين منذ كتاب جماز القراآن الأبي عبيدة معمر بن املثنى ولي س انتهاء بقراءة الباحثة امل صرية عائ شة عبدالرحمن املعروفة با سم»بنت ال شاطئ«. ففي امل ق ال املن شور يف جملة التفاهم العمانية للباحث احل سان شهيد وال ذي حمل ع ن وان»التف سري البياين عند عائ شة بنت ال شاطئ: م قاربة منهجية«تناول الباحث املنهج والروؤية القارئة للن ص القراآين من وجهة نظر بيانية ص رفة كما يف اإنتاجات عائ شة عبدالرحمن»بنت ال شاطئ«وبدورنا سنعر ج على اأهم االأفكار التي طرحها احل سان شهيد يف هذا املقال. يف م ع ر ض تربير اختياره لبنت ال شاطئ مو ضوع ا ملقاربته البحثية هذه يقول احل سان شهيد باأن بنت ال شاطئ هي املراأة االأوىل التي ف سرت ال ق راآن ال ك رمي يف دالالت ه البيانية. وه ن ا نت ساءل حول جد ة هذا التربير وجدواه فهل كان الباحث ي سعى لتاأ سي س مادة اأنطولوجية للبحاثني من بعده ليتمكنوا من االإفادة من مقاربته الوا صفة ه ذه ليقد موا مقاربات مقارنة بني ما اأنتجه الرجال على مر الع صور يف املجال نف سه وب ني ما اأنتجته الن ساء وهنا نتحدث بالتحديد عن بنت ال شاطئ ليت ضح من ذلك الفارق يف امل قاربات الذكورية والن سوية يف م ستوى البحث اللغوي وما قد يتداعى عن ذلك من حماوالت تف سريية ل سلوك التفكري الذكوري والن سوي. اأم اأن احل سان شهيد اأراد املقاربة البحثية املجردة عن نوع جن س بنت ال شاطئ كامراأة وعند ذلك ال يكون لتربيره كون بنت ال شاطئ اأول ام ر أاة كتبت يف التف سري البياين- ال يكون له معنى منهجي متني اإذ العر ف العلمي يقت ضي تاأ سي س التربير ع ل ى دواع وم س و غ ات علمية ت ضمن ا س ت دام ة ال ب ح ث العلمي وا ستمراره. ويف معر ض حديثه عن البيان وال ق راآن قرر احل سان شهيد باأن»ربط داللة البيان باالإن سان حتيل اإىل العامات الفارقة بينه وبني باقي املخلوقات احل سية«وا ستدل لذلك با آالية»خلق االإن سان عل مه البيان«. وهنا يحق لنا أان نت ساءل: هل يعني احل سان شهيد ب أان البيان ح سب التعريفات التقليدية التي ساقها من املعاجم واال ستعماالت املتعددة لها والتي نفهم منها اأن ه متظهر لغوي خا ص باجلن س الب شري وحده واأنه عامة فارقة بينه وبني سائر املخلوقات. يف احلقيقة ي ذك رن ا ق ول ال ب اح ث ه ذا مبجموعة م ن القوالب اللغوية التي اعتاد الباحثون العرب ا ست سهالها واإطاقها دون تركيز نظر واإعمال فكر حقيقيني فيها وهي م شكلة يف نظري من سوؤها باغي ص رف اإذ اإن للباغة سمعة ذات دالالت اإيجابية يف الثقافة العربية فيلجاأ م ستعملو اللغة اإليها رغ ب ة يف اإث ارة ده شة املتلقي مبا ي لقونه على اأ سماعه من قوالب لغوية م ده شة. ول ك ي ن ك ون اأك رث دق ة يف التو صيف ف اإن ن ا نعني باملده شة تلك التعابري التي حتقق االنزياح يف املعنى اأو ال صورة يف ذهن املتلقي ح امل ا ي ستمع ل ترك ي ب ل غ وي م ع ني وه ذا ح سب اع ت م اد املناهج النقدية االأ سلوبية. ف ل ذل ك ي ش دد جم ت م ع ال ب ح ث ال ع ل م ي ع ل ى ض رورة ا ستعمال التعابري ذات ال دالل ة امل ب ا ش رة وال دق ي ق ة وال صحيحة ولي ست القوالب التي تت سم بدرجة عالية من الباغة الباغة مبعناها التقليدي. وعليه فاإننا نقول للباحث كيف عرفت اأن البيان خا ص باالإن سان دون سائر الكائنات معتمد ا على ما قاله الطربي يف اجل ام ع الأح ك ام ال ق راآن. واإذا سل منا ج دال ب صحة م ا ذه ب اإليه الباحث فماذا يقول الباحث عن اجلن الذين هم ال ينفكون عن اخلطاب ال ق راآين باعتبارهم خماط بني به كذلك اأال يندرجون حتت سقف واحد مع الب شر يف تلقيهم للن ص القراآين»اللغوي«ا ستعر ض الباحث كذلك ال ب واع ث التي دع ت بنت ال شاطئ أالن تتجه صوب التف سري البياين للقراآن الكرمي ونقل من كامها ما خا صت ه اأن الوقوف على اأ سرار البيان القراآين أاعجز العرب عن االإتيان مبثله. وهنا يحق ملجتمع البحث العلمي اأن ي سائل بنت ال شاطئ والباحث احل سان شهيد حول صحة هذا االدعاء من اأن العرب مل ت اأت مبثل القر آان خا صة واأن الذين نقلوا لنا الراث العربي بحموالته التاريخية وم واق ف امل سلمني وغ ري امل سلمني من الن ص القراآين هم امل سلمون اأنف سهم. وهنا تظهر على ال سطح م ساألة املو ضوعية يف نقل حقيقة ما ح دث وباخل صو ص اإذا ما عرفنا اأن تدوين ال سرية النبوية مثا والتي حتوي اأخبار النبي حممد مع العرب ت أاخر قرن ا على االأقل مما يجعل احلوادث متر ع رب ث لاث ة اأج ي ال قبل اأن ت دو ن وب ذل ك ال ميكننا اع ت ب ار تلك ال سرية وثيقة تاريخية ي عتمد عليها يف تتبع اأخ ب ار احل وادث يف ع صر النبي حممد. جمدد ا ت طل ق اأحكام جزافا دون الوقوف على م ستند علمي صحيح وموثوق بهذا اخل صو ص. كما أاورد الباحث سبب ا آاخ ر دع ا بنت ال شاطئ للتف سري البياين ل ل ق راآن أاال وه و اأن الباحثني يف امل ج ال اللغوي ش غ لوا باملناهج الل سانية يف بحوثهم فاأرادت اأن ت عيد للتف سري القراآين جماليته وب ري ق ه فجاء منهجها قائم ا على خم سة أا س س ه ي: االأ سا س اال صطاحي واملو ضوعي واالأ سلوبي وال سياقي واملعنوي وعند تدقيق النظر يف هذه االأ س س جند اأنها تعوزها الدقة يف تو صيفها. ف أام ا ا أال س ا س اال صطاحي ع ني ب ه البحث يف دالالت األ ف اظ يف سياقاتها املتعددة وهذا ال يطلق عليه ا سم االأ سا س اال صطاحي ف ا ص ط لاح م ا ا ص ط ل ح ع ل ى دالل ت ه ع ن د جم م وع ة م ن ال ن ا س ال سيما املتخ ص صني بحقل بعينه. فبنت ال شاطئ تتتبع دالل ة اجل ذر وت ش ك ل ت ل ك ال دالل ة ب دء ا م ن امل ادي ة ح ت ى امل ع ن وي ة فال سياقية وهذه مقاربة داللية سياقية. واأما االأ سا س ال سياقي فلي س ببعيد عن االأ سا س االأول اإذ هو املقاربة املعجمية نف سها ل أللفاظ يف سياقاتها املتعددة. واأما االأ سا س املو ضوعي فقائم على تتبع األفاظ املو ضوع الواحد يف كل اآيات القر آان ليكتمل املعنى وتتم الداللة وهو منهج جديد كما تقول بنت ال شاطئ م غاير لع ر ف املقاربات التقليدية. اإال اأن الباحث احل سان شهيد مل يدلل على منهج بنت ال شاطئ يف هذا االأ سا س فجاءت ال صورة ممو هة غري وا ضحة متام ا. و أام ا ا أال س ا س ا أال س ل وب ي فتعني ب ه م ق ارب ة ع دد م ن ال ظ واه ر اللغوية كحذف الفاعل وا ستعمال همزة اال ستفهام يف اخلطاب. وهاتان ظاهرتان اأ سلوبيتان نحوي تان تركيبيتان ق صر احل سان شهيد عن التدليل لهما مما طب قت بنت ال شاطئ. واأما االأ سا س املعنوي فهو ذاته االأ سا س اال صطاحي اإذ به تف سر بنت ال شاطئ املعاين احل سية املتبادرة اإىل الذهن مبعان جمازية اأخرى م رادة واملثال الذي اأورده احل سان شهيد يدلل على ذلك. ختام ا اأقول اإن بع ض الدرا سات ت عرب عن روؤية اأ صحابها اإال اأنها يف نواح كثرية منها تعوزها ال صرامة العلمية املن شودة لكي نخرج مبجموعة م ن ال ب ح وث ذات االأث ر العلمي وال ص دى امل ق ب ول يف جمتمع البحث العلمي ولذلك فاإين اأرى ما قدمه احل سان شهيد بحث ا متوا ضعا يق ص ر عن اأ سا سيات املقاربات العلمية ال صارمة يف عدد من املوا ضع فيه. Alshehhim@hotmail.com
جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م 5 الفكر االستشراقي الروسي سيف الوهيبي يذكر ا أال ستاذ لورين دومو يف بحث له ن شر يف جملة التفاهم بعنوان»تاريخ اال ست شراق الرو سي يف القرن التا سع ع شر«ب أان الرحاالت التي قام بها الرو س ا أالوائل من جتار ورجال دين وحجاج إاىل بيت املقد س حتى الرجال الذين شاركوا يف احلمات الع سكرية شكلت بدايات ت أا سي س الفكر اال ست شراقي الرو سي. وكان للرو س طرق عديدة لات صال بال شرق أاما البدايات الفعلية ملدر سة اال ست شراق الرو سي ح سب ما ت شري أاغلب الدرا سات التاريخية فقد ت شكلت يف عهد بطر س االأول والتي كان لها االأثر الكبري بعدها على م ستقبل رو سيا وحاجاتها املتزايدة للتعرف اإىل جريانها مواكبة للنمو امل ضطرد لرو سيا سواء كان ذلك على امل ستوى ال سيا سي اأو االقت صادي وقد اأ صدر بطر س االأول مرا سيمه باإعداد دار سني ملختلف اللغات ال شرقية وتهيئة رجلني اأو ثاثة من الرهبان ال شباب الذين با ستطاعتهم اأن يتعلموا اللغة ال صينية واملغولية قراءة وكتابة واللغة اليابانية واأ صدر اأمرا بتوجيه بعثة من ال شباب الرو سي اإىل اإيران لتعلم اللغة الفار سية وقد توا صل هذا االهتمام وال سيما خال الربع ا أالخري من القرن التا سع ع شر ففي عهد القي صرة كاتريينا الثانية مت التو سع يف تعليم لغات ال شعوب االإ سامية يف ا أالقاليم االإ سامية كما مت التو سع يف الطباعة العربية ولقد كان ملطابع سان بير سربج وقازان شهرة عاملية يف هذا املجال حيث ط بعت العديد من املوؤلفات والكتب االإ سامية وي أاتي على راأ س تلك املطبوعات طباعة امل صحف ال شريف سنة 1778 م. وحقيقة ا أالمر اأن رو سيا كانت تراودها فكرة تو سيع نفوذها ال سيا سي على البحر ا أال سود مرورا لبحر اليابان. بداية اال ست شراق الرو سي م ع ان ت ش ار رق ع ة ا أالم ة ال رو س ي ة ان ف ت ح ن ق ا ش ح ول الهوية الرو سية ودور رو سيا يف العامل وهل با ستطاعة رو سيا درا س ة ال شرق اأم اأن االأم ر اأ صبح ل زام ا عليها وق د كانت احلكايات الع سكرية والنتاجات االأدب ي ة حول ال شرق تنت شر من قبل شرائح خمتلفة يف اأو ساط املجتمع ال رو س ي م ن ق ب ل امل ت رج م ي ني أاو ال ع س ك ري ني ح ت ى امل ست شرقني وا أالك ادمي ي ني وق د الم ست اأه م ي ة ال شرق ال ذائ ق ة ال روم ان س ي ة ل دى احل ض ارات ال ب ع ي دة ال ت ي ا ست سلم ل سحرها ال شعراء الر سامون ال رو س. يف حني كثفت احلكومة الرو سية مببادرة من غورت شاكوف وزير ال سوؤون اخلارجية من ع ام 1856 إاىل ع ام 1881 ن شاطها يف ال شرق يف حماولة الإعادة ال سام يف القوقاز مع غزو عدة أاقاليم من آا سيا الو سطى وقبل ذلك بنحو عامني مت افتتاح أاول كلية للغات ال شرقية يف رو سيا مبدينة سان بير سربغ وقامت احلكومة باإر سال الطاب للمدار س ا أالورب ي ة املختلفة ال ت ي تهتم بتدري س ال ش رق ولغاته ه ذا وق د ت وج ه ت احل ك وم ة م ن ذ ب داي ات ال ق رن التا سع ع شر باإن شاء ا أالق س ام والكرا سي اجلامعية يف أارب ع ة من أاهم اجلامعات الرو سية مثل: جامعة خاركوف وجامعة قازان وجامعة مو سكو وجامعة سان بير سبورج. رو سيا )ال شرقية الغربية( غ ذى امل س ت ش رق ون ال رو س ف ك رة ال ه وي ة ال رو س ي ة وع لاق ت ه ا ب ال ش رق وال ن ق ا ش ال دائ ر ح ول االأ ص ول ال ش رق ي ة ال رو س ي ة ث م مت إان ش اء امل دار س املتخ ص صة يف تكوين الع سكريني العاملني يف ال شرق ب دء ا م ن عام 1899 وكانت املناهج تدر س التجارة واالقت صاد والتنظيم ال سيا سي لليابان وك وري ا ومنغوليا ومن شوريا وا صلت احل ك وم ة ال رو س ي ة ن شاطها امل ه ت م ب ال ش رق م ن خ لال اإر سال البعثات الربوية والتحررية اإىل جانب البعثات الدينية. يف الربع الثاين من القرن التا سع ع شر عرفت رو سيا يف ذروة قوتها االأورب ي ة ن شاطا غري م سبوق على حدودها ال شرقية ووطدت حروبها املتاحقة ضد تركيا واإي ران اأو ض اع ه ا يف ال ق وق از وت ضاعف ع دد اإ ص دارات التاريخ املعا صر حول ال شرق وعاقته برو سيا وقد قام الكونت سرجي أاوف اروف ب دور كبري يف تنمية الدرا سات ال شرقية يف رو سيا و شدد على ضرورة العمل على تطوير درا س ة ال ل غ ات ال ش رق ي ة ي ق ول: «االأه م ي ة ال سيا سية وا ضحة للغاية إايجابية للغاية الأنه يكفي املرء اأن يلقي نظرة على اخلارطة لكي يقتنع بها«. كونت سرجي اأوفاروف وامل ست شر ق ان فريهن و شارموا ق ام امل ست شرقون ال رو س باختاف مكاناتهم واأطيافهم بجهد كبري يف ك شف أاجزاء معتمة من اأقاليم االإمرباطورية اجل دي دة م ن خ ل ال ال درا س ات االن ث رثوب ول وج ي ة والتاريخية واجلغرافية واالأدب ي ة واملخطوطات وعلم امل سكوكات... إالخ ويعد الكونت سرجي أاوفاروف من اأهم الرواد يف جمال تنمية الدرا سات ال شرقية يف رو سيا حيث آامن بوجود عاقات وطيدة تربط ال شرق برو سيا وراأى اأن لرو سيا ر سالة يف عاقتها بال شرق وقد ا ستقبل يف عام 1818 الفرن سيني فريهن و شارموا اللذين كان لهما الدور البارز الحقا يف قيادة التاريخ اال ست شراقي الرو سي فقد كان فريهن متخ ص صا يف اللغتني العربية والركية وقد ت وىل من صب مدير املكتب ال شرقي وعينه أاوف ارف بعد ذلك مدر سا للغة العربية يف جامعة قازان قبل اأن يعود إاىل موطنه رو ستوك وينكب على تعلم الفل سفة ال شرقية وعلم امل سكوكات وقد ت أاثر العديد من ال شباب الرو سي بفريهن منهم: جريجورييف و سافليليف ال ل ذان ق دم ا درا س ات متعددة يف تاريخ القبائل الركية واملغولية و سنكوف سكي الذي اأ س س كلية م ستقلة للغات واالآداب ال شرقية يف حني قدم امل ست شرق الفرن سي سلف سر دو سا سي زميله شارموا للكونت أاوفاروف لكي ي در س الفار سية والركية يف ق سم اللغات ال شرقية بكلية التاريخ والفل سفة ب سان بير سربغ وقد فر ض شارموا الحقا نف سه على الو سط اجلامعي. تعدى ت أاثري فريهن و شارموا جمعية امل ست شرقني حيث انت شرت اإ سهاماتهما املن شورة يف املجات غري املتخ ص صة ال ص ادرة يف س ان ب ي تر س ربغ وم و س ك و دائ رة ق رائ ه م ا ومت ن شر اأعمالهما م ن قبل ورثتهما املثقفني و ساهم ال ف رن س ي ان يف اإي ج اد م ص ادر ج دي دة وم ت ن وع ة لتاريخ رو س ي ا ح ي ث ق ام ا ب اإع داد م دون ة ط وي ل ة ع ن امل وؤرخ ني املوؤث رين لدرا سة التاريخ الرو سي منهم: الكتاب واالأدباء ال ع رب وامل س ل م ون ال ذي ن اه ت م وا ب إان ث ول وج ي ا ال رو س ال ق دام ى: ال س لاف وال ب ل غ ار واخل رز و س ط روا تاريخ اأوزون ح س ن االأم ي ري ال ترك م اين ال شهري ق ره قوينلو وال ص ف وي ني وامل ل وك االأف غ ان ل ف ار س وق ب ائ ل ال زن د والقاجار. ويذكر امل ؤورخون حتديدا مراجع بالغة االأهمية مثل م روج الذهب للم سعودي واأ ش ار امل ست شرقون اإىل الك تاب الذين كتبوا تاريخ خمتلف االأ س ر املغولية على وجه اخل صو ص أا سرة اأولو س بدجوت شي واأ سرة اخلانات بقازان و أا سرة اآ سراخان وموؤرخو عائلة جرياي بالقرم وموؤرخو احلوليات العثمانيون منذ عهد ال سلطان بايزيد. اأ س ه م امل س ت ش رق ون يف ال ت ح ض ي ري ل ك ت اب ة ت اري خ االإم رباط وري ة الرو سية ب إادراج تاريخ ال شعوب املجاورة ق ب ل ال س ي ط رة ع ل ي ه ا وا س ت م رت م در س ة اال س ت ش راق ال رو س ي ن ح و ا س ت ق لال ي ت ه ا ع ن ط ري ق ت وف ر امل واد اال ست شراقية واملخطوطات والقوامي س ال شرقية وظهرت الرجمات ب صورة وا ضحة يف جميع أانحاء رو سيا. saif.alwahaibi15@gmail.com
6 جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م المسيحية في الجدل اإلسالمي خالل العصور الوسطى ميا عبداهلل سبق ظهور االإ سام يف املنطقة ثقافات واأديان وقوميات لها خ صائ صها املتفقة واملختلفة عنه فكان البد لها أان تقرر نوع العاقة التي ستتخذها مع هذا الدين اجلديد كما كان على هذا االإ سام و أاتباعه أان يحددوا منها موقف ا. يتتبع املقال املن شور يف جملة التفاهم بعنوان»التفكر االإ سامي يف امل سيحية: اجلدال واحلوار والفهم املختلف يف الع صور الو سطى لكاتبه ر ضوان ال سيد املوقف الذي اتخذه اجلدل االإ سامي من امل سيحية يف الع صور الو سطى ويف سبيل ذلك يبد أا بعدة منطلقات اأطلق عليها «افرا ضات«والتي يبغي من خالها ك شف هذه العاقة االفرا ض االأول: اأن امل سلمني الذين جتادلوا مع امل سيحية فيما بني القرنني الثالث الهجري/ التا سع امليادي والثامن الهجري/ اخلام س ع شر امليادي كانوا يعرفون امل سيحية العربية معرفة جيدة ن سبيا فيعرفون كتبها وفرقها. االفرا ض الثاين: أان امل سيحية التي جتادل معها امل سلمون ما كانت امل سيحية يف صورتها القراآنية ولكن ال شك اأن الباحث ال يق صد بذلك نفي تاأثري ال صورة امل سيحية يف القراآن واحلديث على ت صور امل سلمني للم سيحية وموقفهم منها. االف ت را ض ال ث ال ث: اأن م ق ارب ات امل سلمني للم سيحية اآن ذاك اختلفت باختاف اخت صا صاتهم واهتماماتهم ومقا صدهم واخ ت ار ال ك ات ب اأن ي ك ون م ع ن ي ا يف ب ح ث ه ب ال ك ت اب ات املعقلنة ال ت ي ت ستفيد م ن ث ق اف ة املتفل سفة وم صطلحاتهم ومناهج املتكلمني وطرائقهم. االفرا ض الرابع: أان تلك اجلداليات ما كانت عاقتها بالواقع الثقايف والتاريخي شديدة الو ضوح اأو الب ساطة وذلك ب سبب الطبيعة العقائدية للجدال ومتغريات الواقع والزمان التي حتيل اإىل مرجعية ذلك الواقع بينما تبقى الكتابات العقدية ذات ثبات ن سبي تقنع اأكرث مما تك شف. بعد تلك املنطلقات التي حددها الباحث ملقالته اأخذ بتتبع تاريخ اجل دال ي ات االإ س لام ي ة املكتوبة يف م واج ه ة امل سيحية ف أاق دم ه ذه اجل دال ي ات ه ي الر سالة املن سوبة مل ن ي سمى )ع ب داهلل بن اإ سماعيل( الها شمي اإىل صديقه امل سيحي الن سطوري امل سمى )عبد امل سيح بن اإ سحاق( الكندي يدعوه فيها اإىل ا إال سام ويرى بع ض الباحثني أان كاتب هذه الر سالة والرد عليها واحد ويرجح الباحث أانه ن سطوري يف القرن الرابع الهجري/ العا شر امليادي ولكن على الرغم من ذلك ميكن اأن ن ستنتج من الر سالة والرد ما كان يعده امل سيحيون بعامة مواطن القوة وال ضعف واملجادلة يف ك لا ال دي ن ني كما تك شف ال ع لاق ة ب ني البيئات ا إال سامية وامل سيحية ونوع العاقة وطرائق التعامل ال سلوكي بينهما. حت ددت امل ع امل ال ك ربى للجداليات االإ س لام ي ة ضد امل سيحية من خال اأعمال رجلني اثنني االأول م سيحي ن سطوري اعتنق االإ س لام وه و علي بن رب ن الطربي )ت: 240 ه / 855 م( واأل ف كتابي: ال رد على الن صارى وال دي ن وال دول ة. وال ث اين متكلم مت شكك فيما ي ب دو يف االأدي ان كلها وه و أاب و عي سى ال وراق )العا شر امليادي( واأل ف يف املقاالت و أاوائ ل ا الفرق امل سيحية الثاث. أالدل ة وال رد على ومن اأو ساط القرن العا شر امليادي و صلتنا ر سالة احل سن بن اأيوب التي يدعو فيها اأخاه علي بن اأيوب للإ سام بعد اأن أا سلم هو وكذلك كان للجاحظ ر سالة صغرية يف الرد على الن صارى وكذلك للقا سم بن اإبراهيم الر سي وكذلك شارك الفيل سوف الكندي بر سالة يف نقد التثليث و صارت كتب املتكلمني بعد ذلك تخ ص ص ف سا اأو ف صوال للحديث عن امل سيحية وال رد عليها كما تفعل م ع اأدي ان وم ذاه ب أاخ رى ك ال زراد ش ت ي ة وامل ان وي ة واليهودية وقد ظهرت امل ؤولفات اجلدالية الكربى مع الغزوتني ال صليبية وامل غ ول ي ة ف ق د ات خ ذ امل س ل م ون م ن ر س ال ة بول س ا أالنطاكي ) 1140 1180 م( مطران صيدا التي أار سلها الأ صدقائه امل سلمني ذري ع ة ل ب دء ح رك ة ج دي دة ل ل ج دال بلغت ذروت ه ا يف ثاثة ردود على م دى ن صف ق رن وه ي: رد أاح م د ب ن إادري س القرايف )ت 684 ه/ 1285 م( بعنوان: الدرر الفاخرة يف الرد على ا أال سئلة الفاجرة ورد حممد بن أابي طالب ا أالن صاري ) 727 ه/ 1327 م( ب ع ن وان: ج واب ر س ال ة أاه ل م دي ن ة ق رب ص ورد اب ن تيمية ) 728 ه / 1327 م( التف صيلي بعنوان: اجلواب ال صحيح ملن بدل دين امل سيح وتختتم املرحلة الكا سيكية للجدال امل شرقي بر سالة اب ن القيم اجلوزية بعنوان: ه داة احليارى من اليهود والن صارى. و أام ا اخل ط ا أالن دل س ي ف ق د ك ان م س ت ق لا ب ع ض ال ش يء يف االأ سلوب وامل صطلح وا أاله داف عن اجلداليات امل شرقية وهذا يعود بالطبع اإىل اخل صو صية الثقافية واجلغرافية للأندل س وجن د يف سياقه بداية اب ن ح زم ) 456 ه / 1064 م( ال ذي كتب يف امللل واالأه واء والنحل يف نقد العقائد والن صو ص املقد سة عند امل س ي ح ي ني ث م اخل رج ي )ت 582 ه / 1187 م( ص اح ب مقامع ال صلبان واجلعفري )ت 637 ه / 1239 م( صاحب: تخجيل من حرف ا إالجنيل والقرطبي )ت 827 ه / 1424 م( صاحب: االإعام مبا يف دين الن صارى من الف ساد واالأوهام واإثبات نبوة نبينا عليه ال ص لاة وال س لام واأخ ي ريا امل ؤول ف امل سمى ب ع ب داهلل الرجمان )ت: 827 ه / 1424 م( ص اح ب: حتفة ا أالري ب يف ال رد على اأه ل ال صليب. اأما املو ضوعات التي يحاكم فيها املجادلون امل سلمون يف حماكمتهم للم سيحية فتندرج حتت خم سة عناوين تختلف ب ع ض ال ش يء م ن م وؤل ف الآخ ر ت ن درج حت ت ه ذه ال ع ن اوي ن: التثليث والتج سد وال صلب والفداء والكتب املقد سة والتاريخ وال شعائر وا أالحكام والعبادات مع اختاف املناهج يف معاجلتها لكن ميكن ال ق ول: إان منهجني أاو طريقتني سادتا يف ا أالغ ل ب ا أالع م ا أالوىل: ال ط ري ق ة ال ن ص ي ة وت ع ن ى مب ق ارب ة ن صو ص العهدين القدمي واجلديد ومتابعتهما بدقة ال ستخراج النقد ووج وه التناق ض فيها مع اال ستئنا س بالقر آان وال سنة أاحيانا وغلبت ه ذه الطريقة ل دى املوؤلفني االأندل سيني فيما ع دا ابن ح زم وبع ض امل شارقة مثل اب ن القيم اجل وزي ة. واأم ا الطريقة الثانية فهي الطريقة الفل سفية اأو الكامية وه ي تنظر اإىل امل سيحية ب اع ت ب اره ا بنية اله وت ي ة وعقلية واح دة فتقاربها ع ل ى أا س ا س فل سفي وك لام ي وحت اك م ه ا حم اك م ة ت ستند اإىل املنطق العقلي امل ستفيد من الراث الفل سفي الهيلليني و سلك ه ذا املنهج الفيل سوف الكندي واأب و عي سى ال وراق واجلاحظ والقرايف بينما حاول ابن تيمية اجلمع بني الطريقتني. تركت نقا شات امل سلمني يف م س أالة التثليث على اأم ري ن وهما البدء وفيه يظهر تاريخ امل سيحية التي انحرفت من التوحيد اإىل التثليث واجلوهر وهو عند امل سلمني»ما شغل حيزا وقبل عر ضا«وعند امل سيحيني»القائم بنف سه«وال ذي»لي س هو يف مو ضوع«. و أام ا عقيدة التج سد ف سعى امل سلمون لدح ضها كما يذكر عبد املجيد ال شريف بثاث طرق: االعتماد على الن صو ص القراآنية النافية أاللوهية امل سيح وت أاويل الن صو ص االإجنيلية مب ا ي لائ م امل س ي ول وج ي ا ا إال س لام ي ة وم ن اق ش ة ت ل ك العقائد ب ا أالدل ة العقلية وال رباه ني املنطقية. واأم ا يف ال صلب والفداء ف ريك ز امل ف ك رون امل س ل م ون ع ل ى ت ن ايف ال ص ل ب م ع االأل وه ي ة املفر ضة للم سيح وك ذل ك ع دم ال ت وات ر ف ي ه. واأم ا يف الكتب املقد سة ف ريك زون على التحريف ال ذي ج رى فيها اإم ا ن صا اأو ت اأوي لا. ويف التاريخ وال ع ب ادات وال شعائر واالأح ك ام واالأخ ل اق فريكزون على االنحراف عن الدعوة امل سيحية االأ صلية والتي ك ان فيها امل سيح م صدقا ملا بني يديه من ال ت وراة و أان التحول ال ذي صار يف أاحكامها و شرائعها اإمن ا كان ب سبب بول س املت أاثر بوثنية الروم وكذلك ب سبب رجال الدين. ي ؤوك د ال ب اح ث اأن ال ص ورة امل س ت خ ل ص ة م ن اآراء اجل دال ي ني امل سلمني يف امل سيحية وال ت ي تعدها ان ح راف ا ع ن ال دي ن احلق لي ست هي الوحيدة يف املجال ا إال سامي الو سط فهناك صورة اإيجابية متثلت اآيات قراآنية تثني على امل سيحيني واأي ض ا يف فئات اإ سامية مثل ال صوفية وكذلك صورتها يف كتب اأه ل الذمة إان ك ان ت غ ري حمببة اإال أان ه ا أاف ض ل م ن ت ل ك ال ت ي يعر ضها اجلداليون وكذلك ال صورة التي تعر ضها كتب االأدب واالأ شعار وال سمر تختلف عن ال صورة التي ير سمها اجلداليون. mayyyya1234@icloud.com
جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م 7 علم التفسير: نشأته ودواعي تأسيس قواعد التفسير اإبراهيم الكندي يف مقاله املن شور مبجلة التفاهم بعنوان )قواعد التف سري: الن س أاة والتطور وال صلة بالعلوم ا أالخرى( يرى عبدالرحمن احلللي االأ ستاذ امل شارك يف التف سري وعلوم القراآن بكلية ال شريعة بجامعة حلب اإن لعلم احلديث دور ا كبري ا يف ن س أاة علم التف سري أالن مرويات تف سري ا آاليات وبيان أا سباب نزولها جزء اأ سا سي من مرويات احلديث ومن يرجع اإىل كتب التف سري املتقدمة يجد اأن حجم ا كبري ا من مادتها عبارة عن أا سانيد ومرويات وليت احلللي مث ل باقتبا س ن ص من أاحد كتب التف سري يعتمد على مرويات االأحاديث. ويجعل احلللي العربية مفتاح ا للعرب وامل سلمني يف فهم ال ق راآن وي رى اأن ال صحابة مل يكونوا حمتاجني اإال إاىل فهم ما هو جديد عليهم ونرى اأن القارئ الأ صول الفقه يفهم اأن ما نراه معنى سطحي ا يحمل دالالت دقيقة جعلت االأ صوليني يق س مونها اإىل ن ص وجممل وظاهر وم وؤول ويخو ضون يف معاين ا أالمر والنهي والتخيري ويج هدون يف معرفة امل سكوت عنه. بعد ذلك يعرج احلللي اإىل ن ساأة»علم التف سري اللغوي«اإذ غ د ت العربية وقواعدها امل صدر ا أالهم يف تف سري القراآن الكرمي ون ضيف اإىل كامه اأن هذا الع ل م ي ذك رنا باالجتاه البنيوي يف النقد ذلك االجتاه املعتمد على االنطاق من البناء اللغوي ملعرفة ما يحمله الن ص من معنى وما ي شري اإليه من مو ضوع يف اخلارج. وي ق ول احل ل ل ي اإن ت ط ور امل ج ت م ع ا إال س ل ام ي ا س ت ل زم احلاجة اإىل ضبط قواعد االجتهاد ال ستنباط ا أالحكام من الن صو ص ا ستنباط ا يحل م شكلة للنوازل اجلديدة ولكن ال سلطة ال سيا سية كانت تتدخل اأحيان ا يف اإبداء الراأي يف امل ستجدات ومن اأمثلة هذا حماولتها إالزام النا س بكتاب امل وط أا ث م ف ر ض م ذه ب االع ت زال. وق د رف ض الفقهاء هذا اال ستحواذ ال سيا سي على ال س أان الديني وكانت رد ة فعل ا إالم ام ال شافعي اأن األ ف»ال ر س ال ة«ل ضبط قواعد اال ستنباط بعيد ا ع ن اأي ة اأه واء وي رى احلللي اأن هذه ال ض واب ط جعلت ال دالل ة اإم ا وا ض ح ة )و س م اه ا ن ص ا( اأو حمتملة )و سم اها ت اأوي لا ( وقد بي ن ا اأن الداللة اأكرث تعقيد ا من اأن حت صر بني هذين الق سمني. ويذكر احلللي اأن كتب التف سري مل ت خ ل من مناهج ذ ك ر بع ض ها يف مقدمات املف سرين منهم عبدالرزاق بن همام ال صنعاين وحممد بن جرير الطربي ويرى اأن الطربي اهتم بال ضوابط اللغوية يف التف سري وتطرق احلللي إاىل املو ضوعات التي تواتر ذكرها يف مقدمات التف سري نحو: حكم التف سري بالراأي والتمييز بني ما ي ح م د وما ي ذ م. اإن ق ض ي ة ت ن زي ه ال ذات ا إالل ه ي ة ع ن ش وائ ب التمثيل والت شبيه شغلت املتكلمني فاهتموا ب ضبط العاقة بني العقل والنقل واأب ك ر املعتزلة يف تاأويل املت شابه فقد ن س ب اإىل ب ش ر بن املعتمر كتاب»تاأويل القر آان«ومن املتكلمني الذين ع ن وا بالتاأويل أابو احل سن االأ شعري يف»ا إالبانة عن اأ ص ول ال دي ان ة«ث م ف ص ل ال غ زايل )ت 505 ه ( ال ت اأوي ل تف صيل كبري ا يف كتابه»في صل التفرقة«واهتم بالتاأويل بعده تلميذه القا ضي أابوبكر بن العربي االإ شبيلي فاأل ف»قانون التاأويل«ثم ابن ر شد )ت 595 ه( وغريه. ويف املقابل يذكر احلللي مذهب ال سلف يف التفوي ض يف ال صفات وع دم تاأويلها وق د صن ف فيه اأب و يعلى الفراء احل ن ب ل ي ك ت اب»اإب ط ال ال ت اأوي ل«و ص ن ف اب ن ق دام ة املقد سي»ذم ال ت اأوي ل«و ص ر ح اأن ه مذهب ال سلف ولكن االإ ش ك ال يف ال سلفيني ع زوف ه م ع ن ق راءة ال راأي االآخ ر وانكفاوؤهم على اأنف سهم. واهتم بع ض العلماء املتقدمني ب إافراد م صنفات تنظريية ت ك ون م دخ لا اإىل ع ل م ال ت ف س ري وم ن اأوائ ل ال ك ت ب يف ه ذا»امل دخ ل لعلم تف سري كتاب اهلل ت ع اىل«الأب ي الن صر احل دادي )تويف مطلع القرن اخلام س الهجري( حماوال ض ب ط ال ت ف س ري ب ق واع د ال ن ح و وك ذل ك اب ن اجل وزي )املتويف: 597 ه( يف»فنون االأفنان يف عجائب علوم القر آان«و»املجتبى يف علوم تتعلق بالقراآن«ذاك ر ا أادوات التف سري التي يحتاجها املف س ر. ومن العلوم التي احتيج إاليها للتعامل مع القراآن: ر سم امل ص ح ف وت اري خ امل ص اح ف وع ل م ال ق راءات وم ع اين ال ق راآن واأ سباب ال ن زول. وق د ق ال اب ن عطية ا أالندل سي )ت 542 ه( يف مقدمة تف سريه: «إان كتاب اهلل ال يتف سر اإال بت صريف جميع العلوم فيه«وذك ر اأب و حيان ا أالندل سي )ت 745 ه ( سبعة علوم ينبغي اأن يحيط ب أاغلبها املف سر وه ي: اللغة والنحو وال ب لاغ ة واحل دي ث واأ ص ول الفقه وعلم الكام والقراءات. ون ضيف اإىل كام احلللي اأن أازمة الفتوى اليوم اإمن ا ح صلت ب سبب اأن من خا ضوا يف تاأويل القر آان مل يت سلحوا بهذه العلوم. اإن م صطلح»علوم القراآن«ظهر مبعناه اخلا ص يف القرن ال ث ام ن ال ه ج ري وه و اأن ه ال ع ل م ال ذي ي ج م ع امل ع ارف وال ض واب ط ال ت ي يحتاج اإليها املف سر واأول م ن األ ف يف علوم القر آان مبعناها اال صطاحي الزرك شي )ت 794 ه ( ص اح ب»ال ربه ان يف ع ل وم ال ق راآن«واأل ف ب ع ده ج لال ال دي ن البلقيني )ت 824 ه ( وغ ريه م ا ك ث ري. وم ن بني علوم القراآن يذكر احلللي فرعني اعتنى بهما املحدثون وهما»مناهج املف سرين«لبيان مدار سهم واجتاهاتهم و»اأ صول التف سري«ل ضبط التاأويل وبيان أادواته. اإن م صطلح»اأ صول التف سري«ظهر متاأخر ا يف الهند مع اأح م د الدهلوي الهندي )ت : 1179 ه ( يف كتابه )الفوز الكبري يف اأ صول التف سري( وقد األفه بالفار سية وتزامن ك ت اب ه م ع ظ ه ور م صنفات أاخ رى حت م ل م ف ه وم أا ص ول التف سري لكن مب صطلحات اأخرى مثل قواعد التف سري اأو مقدمات اإىل علم التف سري. وي خ ت م احل ل ل ي م ق ال ت ه ب ال دع وة اإىل إاح ي اء «أا ص ول التف سري«باعتبارها نظرة معيارية متما سكة ق ادرة على مواجهة نظريات الت أاويل احلديثة وامل ق ارب ات التاأويلية التي اقتحم بها احلداثيون الن ص القراآين با سم القراءة املعا صرة. ون ق ول يف خ ت ام تعليقنا على مقالة احلللي اإن م ن أاه م ك ت ب»ع ل وم ال ق راآن«ك ت اب حم م د ب ن حم م د أاب و شهبة ب ع ن وان»امل دخ ل ل درا س ة ال ق ر آان ال ك رمي«ف ق د تعر ض فيه لل ش ب ه التي اأثريت يف ق ضية الوحي ورد ها بالقواعد العلمية املو ضوعية ال بالعاطفة والع صبية ثم اإن ه زاد يف كتابه ه ذا يف الطبعة الثانية ب ح وث ا ح ول ث ب وت الن ص ال ق راآين بالتواتر املفيد للقطع وال ي ق ني و س لام ة هذا الن ص م ن التحريف وال ت ب دي ل وه ي خ صي صة للقراآن الكرمي مل حت صل الأي كتاب سماوي اآخ ر و أا ض اف بحث ا يف نزول القر آان الكرمي على سبعة أاحرف والرد على ش ب ه امل ست شرقني يف هذا املو ضوع. وه ن اك ك ت اب اآخ ر ي ن ب غ ي اال س ت ف ادة م ن ه ف ي م ا يتعلق مب و ض وع ن ش اأة التف سري ودواع ي التف سري وه و»ر ؤوي ة معا صرة يف علم القراآن الكرمي«أالحمد يا سوف فقد اأفرد املوؤلف ف صل خا ص ا ملناهج التف سري تعر ض فيه ملفاهيم وم و ض وع ات م ه م ة م ث ل ال ت ف س ري وال ت أاوي ل ودواع ي ال ت ف س ري وم ص ادره و أان واع ه. وذك ر ج ه ود ال ق دم اء واملحدثني يف علوم ال ق ر آان الكرمي من ل دن املعلم االأول النبي حممد صلى اهلل عليه و سلم. ibmakindi@hotmail.com
8 جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م في صدام الحضارات وحوارها نوف ال سعيدي بالرغم من اأن الب شرية حتوز يوما بعد يوم إامكانيات جديدة للتقارب اإال اأن احلا صل هو ارتفاع اأ صوات العداء والكراهية مقابل احلوار والت سامح. يبحث حممد بوهال يف مقاله»مقولة حوار احل ضارات وجدالها يف التجربة التاريخية االإ سامية«يف مدى إامكانية احلوار وهل هو اأمر قابل للتحقق اأم أانها جمرد اأ سطورة ال ميكن أان يكون لها مكان يف عامل حمموم بال صراعات ولطاملا كان حمموما بها مذ وجد. بداية دعونا نتفق على أان طريف احلوار «أاو ال صراع» الذي نتحدث عنه يف ه ذا املقال هو ال شرق )االأو س ط حتديدا( مقابل الغرب. صراع احل ضارات وحوار احل ضارات: ح ت ى ن ص ل إاىل احل دي ث ع ن ح وار احل ض ارات الب د من التعريج على امل س ار ال ت اري خ ي للمفهوم و س ي اق ظهوره وت ط وره. ل ق د تعلمت ال ب ش ري ة خ ل ال احل روب العاملية - ب ال ط ري ق ة ال ص ع ب ة - م ا ت ع ن ي ه ال ص دام ات ال ق وم ي ة وا إالق ل ي م ي ة امل سلحة ل ذا سعت بكل ال ط رق اأال تكررها. واأخ ي ري ا وبنهاية احل رب ال ب اردة ك ان هناك نظام سيا سي اأثبت - إاىل حد ما - فاعليته وبدا اأن ه ا أالقدر على ا ستيعاب ال شعوب املمتزجة. ادعى فران سي س فوكوياما يف اأطروحته»ن ه اي ة ال ت اري خ وا إالن س ان االأخ ي ري«اأن ال دمي ق راط ي ة ال ل ي ربال ي ة س ت ك ون ال ن ظ ام ال س ائ د ح ول ال ع امل. بينما ا ستطاع صامويل هنتنجتون يف» صدام احل ضارات واإعادة ت شكيل النظام العاملي«أان يلم س مناطق الق صور يف طرح زميله. وراأى أاننا بعيدون عن هذه املرحلة بل و أان العامل مقبل ع ل ى ص راع ح ض اري ص راع اج ت م اع ي ث ق ايف بني احل ضارات الكربى وعلى راأ سها امل سيحية )بتعداد يفوق البليوين اإن سان( واالإ سامية )بتعداد يتجاوز البليون(. وجد إادوارد سعيد يف حما ضرته»خرافة صدام احل ضارات«اآراء هنتنجتون عدوانية و ساعية للتدخل يف احل ضارات ا أالخرى ودفعها أالن تكون»غربية«. فهنتنجتون يوؤكد على وجود ال صدامات بدال من دفع ا أالفكار التي قد ت ساعدنا على فهم امل شهد العاملي احلايل اأو االأفكار التي من ساأنها أان حتاول التوفيق بني الثقافات واحل ضارات املختلفة. ت لا ذل ك ظ ه ور م ف ه وم ج دي د ك رد ف ع ل»م ت ف ائ ل«على صدام احل ضارات حيث ظهر م صطلح»حوار احل ضارات«على يدي الرئي س االإي راين حممد خامتي م ستلهما من الفيل سوف هانز كو شلر كدعوة ملحاولة اإر ساء حوار بناء. احلوار يف االإ سام: ي رى ال ك ات ب اأن احل ض ارة ا إال س لام ي ة بنيت على اأ سا س الت سامح وتقبل ا آالخر أالنها ر سالة كونية. ويدلل على ذلك بحجج منها: احلوار يف الن ص املقد س: توجد الكثري من ا آاليات القراآنية الداعية للت سامح تقبل االآخ ر احل وار. حتى اأن االإ سام يعرف للم سيحية واليهودية باالأ صل االإلهي ملعتقداتهم. التعاي ش مع ا أالديان ا أالخرى: عدم إاجبار ال شعوب الواقعة حتت سلطة الدولة االإ سامية على الدخول يف االإ سام. وال سعي لتوفري اجلو املائم لهم ملمار سة شعائرهم. ا ستيعاب معارف وعلوم احل ضارات ا أالخرى والبناء عليها. وباملقابل اإتاحة نتاج احل ضارة االإ سامية للجميع من اأجل اال ستفادة منها وموا صلة البناء. لكن ه اأي ض ا ال ينفي ال ص راع ات ال ت ي دارت ب ني امل سلمني اأنف سهم منذ فجر ال دول ة االإ سامية )مل تكن قد أامتت بعد ن صف ق رن عند وق وع الفتنة ال ك ربى(. وق د انعك س ذلك على نتاجهم حيث حل االعرا ض والنق ض والتكفري وال شتم حمل االنفتاح والتقبل واحل وار. حيث يدعي كل ط رف امتاكه للحقيقة الكاملة مق صي ا مت ام ا الطرف االآخ ر واأي ف ر ص ة ح وار م ع ه. ف اإن ك ان ه ذا ه و الو ضع الداخلي بني امل سلمني اأنف سهم فاإن احتمال تقبلهم ل آلخر الذي ال ي شاركهم الدين نف سه - بعيد كل البعد. وباملقابل مل يكن الغرب يف تلك الفرة باأف ضل حاال من حيث قبول االآخر وتهيئة الظروف االأ سا سية لتاقح احل ضارات. صحيح اأن املنتمني للديانات ا أالخرى عا شوا يف ظل الدولة االإ سامية لكنهم عا شوا كاأهل ذمة وفق شروط خا صة اأ ش ب ه ب اأن ي ك ون وا م واط ن ني م ن ال درج ة ال ث اين بح سب التعبري امل ع ا ص ر. ول ك ن اأي ض ا وح ت ى ال نبخ سهم حقهم فقد يكون هذا التعاي ش امل شروط تقدميا وفق ظروف ذلك الوقت. واإن كان من شيء ميكن تعلمه من امل سيحية فهو تطورها امل ستمر ونقدها ال دائ م لنف سها. فقد شهدت امل سيحية نقا شات جريئة وتغيريات عميقة ت صل اإىل جوهر الدين. فمن حتليل حل م اخل ن زي ر م رور ا بالت سامح م ع م س أالة زواج رج ال ال دي ن وق ب ول امل ث ل ي ة و ص وال اإىل اإع ادة النظر يف معنى»جهنم«واعتبار االإمي ان بها لي س اأ سا سا للمعتقد امل سيحي. وبالرغم من اأن ه ا اأمثلة بعيدة قليا عن مو ضوعنا اإىل اأنها تدلل على مدى االنفتاح والقبول مبراجعة أار سخ الق ضايا واأك رثه ا جوهرية للو صول اإىل صيغة للدين متا شي متطلبات الع صر. اإن ه ذه الدرجة من االنفتاح هي ا أال سا سية من اأجل حوار بناء. هل احلوار ممكن اأم اأن ه جمرد اأ سطورة يجد امل راق ب لل ساأن العاملي اأن هناك عاقة مرتبكة بني الغرب وبني بقية العامل. من جهة يبدو للمجتمع الغربي اأن املجتمع ال دويل ي سعى ل صنع ع امل يت سم ب ال ع دال ة بينما ي رى»ا آالخ ر«اأن امل ؤو س سات الدولية ال تعدو كونها اأداة توظف الإ ض ف اء ال شرعية على ال ق رارات التي تخدم م صالح ا أالق وي اء. وب غ ض ال ن ظ ر ع ن اأي االدع اءي ن هو ال سليم فالنتيجة واح دة: جو م شحون بعدم الثقة مما يبقي القليل من الفراغ للحوار. ولكن مبا اأن ه ال خمرج لنا سوى التعاي ش معا فعلينا جميعا القبول باحلوار. ن ع م ن ح ن ج م ي ع ا «ش ئ ن ا اأم اأب ي ن ا» ن ع ي ش حت ت ظ ل العوملة لكن ذل ك ال يعني أان ن ا مطالبون اأن نكون ن سخا مت شابهة ح ت ى يت سنى ال ت ف اه م. ي رى ال ك ات ب اأن»ح وار احل ضارات لي س ق ضية بروتوكولية بل هو برنامج وا سع ي شمل البحث وال درا س ات كما ي شمل امللتقيات امل سركة واجلمعيات واملعار ض والتبادل الثقايف واحل ضاري وت سهيل العاقات ال سيا سية واالقت صادية املتكافئة.«لكني اأت ساءل شخ صيا إان كانت مثل هذه االأن شطة التي ت ستهدف النخب حت م ل اأي ح ل. اإذ اأن الق ضية حت ت اج اإىل اأم ري ن تغيري يف ا أالن ظ م ة ال سيا سية مب ا يجعلها تتما شى م ع احل ي اة املعا صرة واأي ض ا اإعادة قراءة الراث االإ سامي اإذ ال يكفي التباهي بالن صو ص التي حت ض على الت سامح واحلوار بل اأي ضا تقوي ض املوا ضع التي تعار ضها واإ ص لاح اخلطاب ا إال سامي اإىل خطاب يحرم االآخر فعليا عو ض اأن نكون يف ع لاق ة ي رى ال شرقيون فيها اأن ال غ رب اأع داء ال دي ن ويرى الغرب فيها ال شرق على أانه ب ؤورة االإرهاب. nouf.alsaidi@gmail.com
جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م 9 مالحظات هابرماس حول مشروع السالم الدائم لكانط فاطمة نا صر هذا املقال يعر ض ما قاله الفلي سوف االأملاين هابرما س عن م شروع ال سام الدائم الذي طرحه كانط وتاأتي أاهمية ما قاله هابرما س من كونه صادرا عن شخ ص عميق املعرفة بكانط واأطروحاته الفل سفية بل يعده البع ض امتدادا لفل سفة كانط وهو ملخ ص ملقال حمكم ن شر مبجلة التفاهم ل أل ستاذ ال سيد ولد اأباه وهو باحث واأكادميي من موريتانيا. نقاط التوافق واالختاف بني هابرما س وكانط ال ي خ ف ى ع ل ى املتخ ص ص وال ق ارئ امل ط ل ع ع ل ى ك ت اب ات ه اذي ن ال ف ي ل س وف ني اأن ي درك م دى ارت ب اط ه اب رم ا س ب ك ان ط. ففي اأوىل خ ط وات ه ال ف ل س ف ي ة اق ت ب س ه اب رم ا س م ب د أا ال ع م وم ي ة publicite م ن ك ان ط ووظ ف ه يف ن ص ه ال ذي ي ت ح دث عن ال ت ن وي ر. وع ل ى ال رغ م م ن ت اأث ر ه اب رم ا س ب ك ان ط و إاع ج اب ه بتوجهاته لتجاوز امليتافيزيقيا اإال اأنه يختلف معه لت شكيل حمكمة حتاكم العقل لتمكني»اال ستخدام ال شرعي للعقل«وهو مييل اإىل نقد اال ستخدام التاريخي واالجتماعي للعقل اأما اخلندق الكبري الذي يجتمع فيه كانط وهايربما س فهو ذلك الذي يواجه عدوين يتمثان يف االآتي: ١- نظريا: مواجهة التقليد امليتافيزيقي ٢- عمليا : مواجهة اأ شكال التع صب ب صنفيه الديني وال سيا سي. فالتنوير ه و امل ش روع ال ذي ي وؤم ن ان ب ه وف ي ه ي ري ان ك ل احللول واالأدوات ال صاحلة ملواجهة النزعات التفكيكية وما بعد احلداثية ال غ ارق ة يف ال رادي ك ال ي ة ال راف ض ة مل س اح ات ال ربه ن ة وال ن ق ا ش العمومي. ملخ ص عن م شروع كانط حول ال سام الدائم تعد ر سالة كانط ح ول ال سام ال دائ م م ن اآخ ر كتاباته فقد مت ن شرها عام ١٧٩٥ وهو كتابه الوحيد أاعيد ن شره ١٢ مرة يف حياته وم و ض وع ه ا ح ول م ا مي ك ن وم ا ي ج ب ع ل ى ا إالن س ان ممار سته يف ممار سته العملية للحرية. وفيها ي ح دد ك ان ط ث لاث ة أا سئلة يتناولها وي شرحها با ستفا ضة يف حماولة للإجابة عنها لنفهم ال سوؤال اجلوهري )ما هو ا إالن سان ( وهي: ١- ماذا ميكنني كاإن سان اأن اأعرف ٢- ماذا يجب علي اأن اأفعل ٣- ماهو امل سموح يل باأن أارجوه هناك القانون ال ذي يحيط بهذا االإن سان ويقنن ت صرفاته. غري اأن كانط يرى القانون ب صفته»الفعل العادل الذي ي سمح بتعاي ش حرية كل فرد مع حرية الفرد االآخر ح سب قانون كلي حيث ت سمح قاعدته املعيارية بهذا التعاي ش«وهو ال يرى بجدوى القوانني املحلية ولكن يرى يف»القانون الكو سموبولتي«حا واأما إاليجاد ال سلم الدائم بني كافة ال شعوب. تفاعل هابرما س مع ال سام الدائم لكانط ح اول ه اب رم ا س االإج اب ة ع ن االأ س ئ ل ة ال ت ي طرحها ك ان ط عرب تب سيطها اإىل ثاثة حماور هي: ١- غاية الفكرة: ال سام الدائم ٢- و ص ف امل شكلة القائمة: ال صيغة القانونية الفيدرالية بني ال شعوب ٣- احلل التاريخي والفل سفي: حتقيق فكرة الدولة الكو سمبولوتية احلرب متثل التهديد ا أالبرز يف حتقيق فكرة ال سام الدائم إاال اأن هذه احلرب تغريت منذ كتابة كانط لكتابه حيث مل تكن احلرب حينها جمرمة لذاتها ولكن التجرمي كان للممار سات التي تقع فيها. أاما الزمن املعا صر الذي ينتمي إاليه هابرما س فهو يحرم احلرب العدوانية. كما ال نن سى أان اآثار احلروب املعا صرة اأكرث فتكا من سابقاتها ب سبب تطور التقنيات القتالية. و إان كانت احلروب تغريت فكذلك هي ال شعوب و سلوكيات الدول تغريت اأي ضا و أاثرت على سري ا أالح داث: ف زاد ح شد ال ن زع ات الوطنية ال ت ي ت سبب أافظع ال صراعات واالأنظمة الدميوقراطية باتت ت ستخدم القوة لتفر ض أايديولوجياتها وزادت الهيمنة الر أا سمالية وال صراعات االجتماعية امل صاحبة ل ه ا وع ومل ة ال ت ج ارة ال ت ي سلبت ال دول ة قدرتها على التحكم بالعنف و س ادت و سائل االت صال والعوامل االفرا ضية و أاثرت على النقا ش العمومي الذي وقف عاجزا عن ال سيطرة على العنف واالإق صاء. إان هابرما س ي ؤومن بنجاعة فكرة كانط ح ول الكو سمبولوتية ولكن مع وج وب مراجعة صياغتها ب سبب تغري ال ظ روف العاملية وق د ك ان للحرب العاملية ا أالوىل والثانية دور كبري يف إاعادة نظرية كانط لل ساحة الدولية وظهور التنظيمات الدولية كرابطة االأمم وهيئة االأمم املتحدة. إاعادة صياغة هابرما س لنظرية ال سلم الدائم ا شتغل هابرما س يف إاعادة صياغتها على ثاثة اأ صعدة: اأوال : ال سيادة اخلارجية للدول التي ال يرى هابرما س اأنها ت ستقيم كما ت صور كانط عن طريق التحالفات الدولية ووج ود ال سيادة اخلا صة بكل دول ة. هابرما س يعتقد اأن االأج دى هو اجلمع بني الروابط اخلارجية التعاقدية بني الدول وبني ال سيادة الداخلية التي ت ستوجب وجود ضوابط د ستورية م سركة بني كافة الدول. وبالتايل حترم كافة الدول القانون ال سيادي الذي ت سرك فيه. ث ان ي ا: ال س ي ادة ال داخ ل ي ة. يف ح ي ني ي ق ول ك ان ط اإن االحت اد الكو سمبولوتي بني الدول يكون على شكل حتالف فيدرايل فاإن هابرما س يعتقد أان هذا التحالف غري كاف وليكون فاعا فاإنه يجب أان يكون حتالفا كو سموبولتيا. وه و بذلك يتفق مع كارل شميت يف ض رورة وج ود ق ان ون كو سموبوليتي فهو ال ذي يحقق ت راب ط ال ب ش ري ة ب شكل ح ر وم ت س او. ث ال ث ا : الهيكلة اجل دي دة للمجتمع العاملي. تخيل كانط ائتاف ال دول على شكل حتالف بني ال دول امل ساملة. وم ا حتقق اليوم هو وج ود نظام دويل يجمع كل بلدان العامل على اختاف توجهاتها ال سيا سية. وق د ت سبب ذلك يف وجود جمتمع عاملي تتجذر فيه الفوارق التنموية وت سود فيه اأنظمة ال سوق العاملي ولكن هناك توحد يف جمابهة املخاطر امل سركة مثل: االإره اب وجت ارة ال ساح وامل خ درات. وهي بذلك ت ؤو س س ما ميكن اعتباره»املجموعة غري االإرادي ة«املتوحدة ضد املخاطر واملهددات اجلماعية. الدفاع عن فكرة الكو سموبوليتية ي ن ه ي ه اب رم ا س ق راءت ه مب واج ه ة م ن ي ن ت ق دون ف ك رة الكو سموبوليتية وج دواه ا يف حت ق ي ق ال س لام ال ع امل ي. و اأب رز املعار ضني لهذه الفكرة الفيل سوف االأملاين كارل شميث الذي يرى اأن نظرية ال سلم الدائم الكانطية لي ست سوى خديعة الت صورات ال سلمية التي ستف ضي يف النهاية اإىل شن حروب عادلة حتت راية القانون الكو سموبوليتي. وهو بذلك سوف ي شعل احلروب و سيتم ال ت دخ ل فيها حت ت ذرائ ع اأخ لاق ي ة و س ي ح ول اخل ص م اإىل ع دو متجرد من االإن سانية. بينما يوؤكد هابرما س اأن حقوق ا إالن سان تنتمي للحقل ال ق ان وين وه ذا م ا مينحها ال صفة االإل زام ي ة. و اأن احل روب ستنح سر ح ني يتم ت ضمني ح ق وق االإن س ان بداخل النظام القانوين لكل دولة بحيث تكون جزءا ال يتجزاأ من كيانها القانوين. يف حني يظن شميث أان جترمي احلرب ب شكل كلي دون التفريق بني احل رب العدوانية والدفاعية هو ال سبيل للحد من احلروب. نرى يف املقابل أان هابرما س ي صر على أان بقاء القانون الكا سيكي وعدم تغيريه وعدم ت ضمني القانون الكو سموبوليتي فيه سوف ميكن ال دول من ا ستخدام العنف متى ما ارت اأت ذلك واحل ل هو تعوي ض ذل ك بخيار العقوبة والتدخل ال ذي تفر ضه املنظمات الدولية. خامتة اإن نظرية كانط يف متكني ال سلم الدائم بوا سطة القانون الكوين الكو سموبوليتي و ض رورة تطويرها واإع ادة صياغتها كما يرى ه اب رم ا س يحمل الكثري م ن االأم ل وال وع ود ال رباق ة وال ت ي اإن متكنا من حتقيقها فهي با شك سوف حتقق ال سام الدائم. غري اأن الواقع مبا ضيه وحا ضره ين سف اإمكانية حتققه. فهل ستتخلى الدول العظمى عن اإجابة رغبات ال سوق وج شعه وجوعه الدائم ف ه ي ح ت ى ال ي وم واإن ك ان ت ت رع ى ح ق وق االإن س ان يف قوانينها وحتالفاتها اإال اأنها تطلق على العامل فك ال سوق املتوح ش الذي يكون يف الغالب سببا يف احل روب وا ستخدمت الذرائع االإن سانية ل شنها. ك م ا ح دث يف ال ع راق م ث لا ف ح ني اجن ل ت احل رب مل نر حقوق ا إالن سان بل راأينا شركات تت صارع على اآبار النفط. f_wahaibi@hotmail.com
10 جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م فقه شورى جديد زهرة ال سعيدي يبداأ إابراهيم البيومي غ امن بحثه»فقه ال شورى بني االأخ لاق وال وئ ام االجتماعي«-واملن شور يف جملة»التفاهم«- من حيث انتهى بحث العامة ال شاوي يف كتابه»فقه ال شورى والت شاور«. يحاول اأوال اإيجاد العاقة بني ال شورى واملجال العام ثم يناق ش ضرورة و صول املجتمع امل سلم م ستوى الوالية على نف سه م تخ ذا جمتمع املدينة بعد اأن هاجر اإليها النبي حممد م ثاال ويختم بحثه م قرحا ت شكيل منظومة اأخاقية م ؤو س سية تبد أا بتحرير ا إالن سان و إاقرار كرامته ثم تفر ض ال شورى كمنهج اجتماعي م لز م وتفع ل ا إالجماع بعد اأن تنفجر عنه الدائرة ال ضيقة التي حت صره يف املعنى االأ صويل وحتكره على العلماء املجتهدين فقط لي صبح اأكرث شمولية وفاعلية يف: االجتماع وال سيا سة والقانون. ك ان ت ف ك رة ال ش ورى وم و ض وع ات ه ا ع ال ق ة م ن ذ زم ن يف سوؤال: هل ال شورى واجبة اأم غري واجبة ومن قال باأنها واجبة عل ق مرة أاخ رى يف سوؤال اآخر أاقل ذك اء وهو: هل ه ي ملزمة اأم معلمة اأي: ه ل احل اك م م ل زم ب أاخ ذ راأي االأغلبية بعد م شاورتهم اأم عليه اأن يفعل ذل ك تطييبا للنفو س فقط. ويقول الكاتب اإن ما اأ سبغ امل شروعية على ه ذا ال سوؤال ه و: ثقل اإرث اال ستبداد املمتد من االأزمنة ال سابقة اإىل اليوم حيث اع ترب النا س من يومها رعاعا مذمومني ال قيمة الآرائ ه م. واحلقيقة اأن ه ذا التعطيل ال ط وي ل ل ل ذك اء اجلمعي واالأف ك ار ال ت ع ددي ة ه و م ا اأد ى لف شل الدميقراطية يف ال شرق االأو سط يف أاول اختبار لها. عاقة ال شورى باملجال العام اأ س ه ب ال ك ات ب يف حم اول ة اإي ج اد ال ع لاق ة ب ني ال شورى وامل ج ال ال ع ام حم اك اة ل ل درا س ات ال غ رب ي ة ال ت ي تربط ب ني ال دمي ق راط ي ة وامل ج ال ال ع ام لكن م ا ي ف ر ق هنا اأن ال دمي ق راط ي ة وامل ج ال ال ع ام ي رت ب ط ان ارت ب اط ا وث ي ق ا باعتبار اأن معظم االأفكار العامة مبني ة على الدميقراطية وب اع ت ب ار اأن ال ن ا س وم شاغلهم اجل م اع ي ة ه ي عنا صر وم و ض وع ات ال ع م ل ال دمي ق راط ي يف ح ي ني اأن رب ط ال شورى باملجال العام لي س اأمرا ماألوف ا الأنهما اآتيان من م صدري ن خمتلفني فاالأوىل:»اأمر قراآين ومفهوم شرعي اأ صيل«وا أالخري:»مفهوم اجتماعي سيا سي تبلور يف سياق احلداثة وعمليات التحديث يف املجتمعات الغربية«لكن هذا ال مينع املحاولة النظرية للربط بينهما الأن ال شورى -باعتبارها قيمة اأخ لاق ي ة- ال ب د اأن ت ت واج د يف املجال العام إاذا حتقق. ونقطة البداية النموذجية لهذا الربط هي م ناق شة دورة ال ر أاي العام التي تبداأ بوقوع املع ضلة العامة وتداولها ثم ت شك ل وجهات النظر املختلفة حولها واأخ ي ريا ب ع د اأن ت غ ل ب وج ه ات ال ن ظ ر املنطقية باحلجج ال ع ق ل ي ة ت ب داأ رد ات ال ف ع ل ب ال ظ ه ور ح ول ه ا ب ني م وؤي د وحم اي د وم ع ار ض وه ن ا ال ب د اأن ي أات ي دور ال ش ورى واالإجماع على راأي االأغلبية ثم القبول به. وتكون حم صلة هذه االأحداث الطويلة اإما قانونا عاما اأو عرفا اأ صيا اأو ممار سة عامة. ما اإن يتحق ق املجال العام يف املجتمع وت صل دورة الراأي العام ذروتها حتى ي صل هذا املجتمع مبا شرة إاىل»م ستوى الوالية على نف سه«وهي اللحظة ذاتها التي تن ض ج فيها ال شورى ويتحقق ب سببها الوئام العام. وي ضرب الكاتب جمتمع املدينة يف بدايات التاريخ ا إال سامي بعد اأن هاجر اإل ي ه ا النبي حممد م ث اال على إام ك ان ي ة و ص ول املجتمع ا إال س لام ي إاىل م س ت وى ال والي ة ع ل ى ن ف س ه ف ق د و س ع االإ سام احلريات منذ طليعته وكان النبي يتخذ امل شاورات عمادا للقرارات التي مت س املجتمع واأفراده فتو س ع بذلك املجال العام يف عهده غري أانه بداأ ي ضيق بعد وفاته يوما بعد يوم اإىل اأن ساد اال ستبداد وطغت قوته على املجتمعات ا إال سامية. ال شورى واحلرية واالإجماع ي ق ترح ال ك ات ب ت ش ك ي ل م ن ظ وم ة أاخ لاق ي ة وم ؤو س س ي ة ع م اد ه ا احل ري ة وال ش ورى واالإج م اع حيث اإن ال شورى وحدها ال مي كن اأن تتحقق مبعزل عن مبد أا احلرية فاإذا كان املجال العام هو م ساحة ال شورى والت شاور فاحلرية ه ي ال رك ي زة التي تقوم عليها ه ذه امل ساحة. وي دع و اإىل ض رورة ان ت زاع ا إالج م اع م ن دائ رت ه االأ ص ول ي ة ال ضيقة التي حت ص ره يف املو ضوعات الفقهية وحتكره على علماء امل سلمني ومن ثم و ضعه يف دائرة أاو سع ت شمل املو ضوعات االج ت م اع ي ة وال س ي ا س ي ة ل ي ك ون ب ذل ك ن ت اج احل ري ة والت شاور. وبالرغم من وج ود ت ي ارات تعار ض الت ضييق ع ل ى االإج م اع اإال أان ه ا ق ل ي ل ة ح ي ث ال ي زال حم ك وم ا ب ال ق ي ود وال ب د م ن زل زل ت ه ل ت ح ري ر ن ظ ري ة االإج م اع وتوظيف ال شورى جم د دا. وهذا ما حاول العامة ال شاوي اأن ي ق ول ه يف ك ت اب ه»ف ق ه ال ش ورى واال س ت ش ارة«عندما دعا اإىل فقه شورى جديد يقوم على أا سا س احل وار احلر وامل شاورات اجلادة و إاقرار كرامة ا إالن سان لكن ني شخ صي ا اأرى أان هذه الكرامة م غي بة يف املجتمعات ال شرق اأو سطية وم غي ب معها حق االإن سان االأ صيل يف صنع القرارات التي مت سه. وع لاوة على ذلك ف اإن الوعي ب أاحقية امل شاركة يف صنع القرار م غي ب كذلك ب سبب الربية املجتمعية التي تقتل التفكري الناقد يف املهد وهذه االأخرية بدورها ما هي اإال نتاج ل ألنظمة القمعية املتاأ صلة. اأخريا.. يرجع الكاتب اأ سباب تدهور املجال العام يف الدول االإ س لام ي ة اإىل تعطيل ال ش ورى واالإج م اع ال ذي خل ف»ف راغ ا نظريا وموؤ س سيا«و سمح بذلك لقوة ال سلطان باال ستبداد اإال اأين ال اأت ف ق معه مت ام ا فالتاريخ مليء بال شواهد على قدرة ا أالوتوقراطية على شق طريقها بني اأك رث االأنظمة دميقراطية فاأملانيا مثا كانت جمهورية ق ب ل ه ت ل ر واجل م ه وري ة ال روم ان ي ة ك ان ت دمي ق راط ي ة كذلك قبل اأن يعيث يوليو س قي صر فيها ف سادا. ن أاخذ على البيومي غامن هذا االإ سهاب والتكرار يف تقريظ ال شورى واالإ شادة بقدرتها على نزع املجتمعات اال سامية م ن واقعها امل ر دون اأن ي ق دم اأي ح ل ول ج ذري ة لتفعيل هذه القيمة املجتمعية فجميع ما كتب يبدو على الورق ح امل ا وجم دي ا اإال اأن ال ش ورى ط ب ق ت ف ع لا يف العديد م ن ال دول ذات احل ك م امل ل ك ي ول ك ن س رع ان م ا متاهت مع الدولة واأثبتت عدم ج دوى البع ض منها وال بد من ال ق ول هنا اإن جتربة ال ش ورى كانت جتربة غ ري موقفة يف بع ض جوانبها وال تقوم على اأ س س وا ضحة لذلك ال بد من البحث عن جتارب اأخرى اأكرث جدية واأو سع زمنيا ومكانيا كالدميقراطية التي اأثبتت جناحها يف اندوني سيا البلد الذي ي ضم أاكرب تعداد للم سلمني واأحزابا سيا سية حمافظة عديدة بل ي ضم جماعات متطرفة. Zahra.alsaidi09@gmail.com
جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م 11 مفهوم الحسبة في اإلسالم وانعكاساته على الواقع اإلسالمي المعاصر في صل احل ضرمي يف مقاله»املعروف واملنكر: االأ صول والتطورات وامل شكات املعا صرة«-واملن شور مبجلة»التفاهم«- يبحث املفكر ر ضوان ال سيد اأ ستاذ الدرا سات االإ سامية باجلامعة اللبنانية ن ساأة مبداأ ا أالمر باملعروف والنهي عن املنكر واحل سبة وتطورها عرب احلقب املتوالية و صوال اإىل ا أالزمنة احلديثة ثم يدر س بعدها الق ضايا ال سيا سية املت صلة به يف الواقعني العربي وا إال سامي. ي ستهل الكاتب مقاله با ستعرا ض االأ صول االأوىل للمفهوم موردا ال صيغ الثاث التي وردت بها مفردتا»املعروف«و«املنكر«يف القراآن الكرمي ففي ال صيغة الرئي سة:»االق ت ران«ي رد ذك ر املفردتني س وي ا يف اآي ات م ث ل:»ي اأم رون ب امل ع روف وي ن ه ون ع ن امل ن ك ر«)التوبة: 71 ( و«كنتم خري اأمة اأخرجت للنا س تاأمرون باملعروف وتنهون عن املنكر«)اآل عمران: 110 (. ويف ال صيغة الثانية يرد ذكر مفردة»املعروف«دون ذكر مفردة»املنكر«من قبيل:»فاأم سكوهن مب ع روف اأو س رح وه ن مب ع روف«)ال ب ق رة: 231 ( اأم ا ال صيغة ال ث ال ث ة ففيها يقت صر ال ذك ر ع ل ى م ف ردة»امل ن ك ر«دون م ف ردة»املعروف«مثل:»كانوا ال يتناهون عن منكر فعلوه«)املائدة: 79 (. وت ت س م ص ي غ ة االق ت ران وال ت ي ه ي م و ض وع م ق ال ة ال ك ات ب ب شموليتها وعموميتها اإذ يذكر الكاتب اأنها ت صبح االإ سام نف سه اأحيانا اأو تكون الدعوة التي جاء بها االأنبياء جميعهم وهي دائما مقرونة باأل التعريف اأو بكلمة»العهد«ال شتهارها بني النا س كما لو كانت اأم را فطري ا ال خاف حوله اأو عرفا عام ا م تفقا عليه كما يرد يف»مفردات القر آان«للراغب االأ صفهاين. لكن بينما كان االت ف اق م نعقدا ح ول اأهمية االأم ر باملعروف والنهي عن املنكر ف اإن تعريف اللفظتني ظ ل مو ضع خ لاف يف اأو س اط املف سرين وعلماء الكام والفقهاء. فم نهم من قال باأن املعروف هو ما وافق ال شريعة واأن املنكر هو ما خالفها. وارتاأى الفقهاء يف م صطلحي املعروف واملنكر تعبريا عن امل صالح واملفا سد. اأم ا املتكلمون فقد ذهبوا اإىل اأن املعروف هو ما ح سن ه ال شرع واأن املنكر هو ما قب حه ال شرع بينما اأوك ل املعتزلة اأم ر التح سني والتقبيح للعقل دون ال شرع. وي رى ال ك ات ب اأن االأم ر ب امل ع روف وال ن ه ي ع ن املنكر يف ال ق راآن وال سنة جاءا يف الغالب موجهني اإىل االأمة اأو جماعة امل سلمني ال االأف راد اإال اأن امل سلمني عموما اعتربوه واجبا فردي ا اأي ضا. وملا كانت اخلافة منذ القرن االأول للهجرة قد اأ صبحت ممثلة االأمة واجلماعة فقد راح ت حتد من تدخل االأف راد يف م ساألتي االأم ر والنهي وق د جنحت يف احل د من اجلهاد ال ف ردي املتمثل بجهاد ال ط ل ب ال ذي ه و شكل م ن اأ ش ك ال االأم ر ب امل ع روف وال ن ه ي عن املنكر. لكنها مل ت ستطع منع االأفراد من احل سبة بالداخل والتي تطورت عن عملية مراقبة االأ سواق ل ضبط سلوك التجار واأ صحاب احلرف مما دفعها لالتفاف حول االأمر عرب حتويل احل سبة اإىل م ؤو س سة رقابية تخ ضع الإدارة ال سلطات العامة موظفة خلدمة غر ضها هذا حديث املنازل الثاث امل شهور:»من راأى منكم منكرا فليغريه بيده فاإن مل ي ستطع فبل سانه فاإن مل ي ستطع فبقلبه وذلك اأ ضعف ا إالميان«والذي يوفق بني حق النهي عن املنكر وحق اخل صو صية وبني احلق وهيبة ال سلطات كما يوؤكد على وجوب تق صد اأخف ال ضررين. لكن اأ شكال االأمر باملعروف والنهي عن املنكر مل تقت صر على جهاد الطلب ومراقبة االأ سواق واإمنا تعدتها لت صبح ذريعة للمعار ضة ال سيا سية واخلروج والثورة على ال سلطة القائمة. اإذ يورد الكاتب مثالني على ذل ك هما االحتجاجات التي واجهها اأم ري املوؤمنني عثمان بن عفان من قبل وف ود م صر والكوفة والب صرة وكذلك م ا وق ع ب ني اأم ري امل وؤم ن ني علي ب ن اأب ي ط ال ب واملحكمة الذين خرجوا عليه رافعني شعار»االأم ر ش ورى والبيعة هلل عز وجل واالأمر باملعروف والنهي عن املنكر«والذي سي صبح اأ سا عقديا عند الزيدية واملعتزلة فيما بعد. مل تعترب ال سلطات هذه املعار ضة ال سيا سية اأمرا باملعروف ونهيا عن املنكر بل عدتها»فتنة«وان شقاقا يف الدين واالأمة اللذين تعد وحدتاهما مق صدين احت سابيني تقوم عليهما شرعية االجتماع االإ س لام ي. ومل ي سر الفقهاء يف ه ذا االجت اه يف ب ادئ ا أالم ر اإذ اإن هم مل يعتربوا املعار ضة ال سيا سية فتنة اأو شقا لوحدتي االأمة والدين بل اعتربوها مطلبا شرعيا يف االأ صل واإن مل تكن اأمرا ب امل ع روف ون ه ي ا ع ن امل ن ك ر ل وج ود شبهة امل صلحة ال شخ صية. ول ك ن ه م س ي واف ق ون ع ل ى رب ط ه ا ب ال ف ت ن ة ب ع د ذل ك ب س ب ب من خوفهم على وح دت ي ال دي ن واالأم ة خ صو صا بعد اأن جن م عن املعار ضة مقتل عثمان وعلي وما تبع مقتلهما من ظهور الفرق واالن شقاقات يف الدين. وي رى الكاتب اأن النقا شات الكربى حول عاقة االإمي ان بالعمل وعاقة الدين بالدولة قد تراجعت بعد القرن الرابع الهجري/ احل ادي ع شر امل ي لادي بفعل س واد فكرة تق سيم العمل وظهور ن ظ ام امل دار س ال ق ائ م ع ل ى االأوق اف ك م ا بفعل ق وة موؤ س ستي الق ضاء واحل سبة. و سيظل الو ضع على ه ذه احل ال إاىل مطلع ال ق رن ال ت ا س ع ع ش ر امل ي ل ادي/ال ث ال ث ع ش ر ال ه ج ري حيث ستظهر يف الهند االإ سامية فتاوى الهجرة التي حت ض النا س على ترك ديارهم بذريعة اأنها مل تعد ديار اإ سام ب سبب ا ستعمار ا إالجنليز لها. ومل متثل هذه الفتاوى ظاهرة جديدة اإذ اإن لها سوابق عديدة يف التاريخ االإ سامي فقد ظهرت يف صقلية اإبان ا ستعادتها من قبل النورمانديني يف القرن الثاين ع شر امليادي ويف ا أالن دل س فيما ب ع د. ومل تقت صر ه ذه ال ف ت اوى على الهند وحدها بل شملت اأي ضا اجلزائر وال سودان وليبيا ودوال اإ سامية اأخرى كانت حينها واقعة حتت اال ستعمار. ظلت فتاوى الهجرة شائعة حتى نهاية العقد الثاين من القرن الفائت حيث سي شكل سقوط اخلافة العثمانية منعطفا حا سما يف م سار االأمر باملعروف والنهي عن املنكر إاذ يذهب الكاتب اإىل اأن سقوط اخلافة كان بالن سبة ل ذوي الذهنية الدينية مرادفا ل سقوط دار االإ سام وانتفاء ال شرعية عن كل مكان وهو ما دفع بال صحويني االإ ساميني اإىل حماولة شغل ال ف راغ امل زع وم عرب تاأ سي س تنظيمات ا أالم ر باملعروف والنهي ع ن املنكر كما فعلت جماعة االإخوان امل سلمني يف م صر سنة 1928 واجلماعة االإ سامية يف الهند سنة 1941. وقد دعا التنظيمان يف كتاباتهما االأوىل اإىل ال سعي الإقامة الدولة االإ سامية التي ت ستعيد ال شرعية واخلافة الزائلة كما لو كان اال ستعمار قد األغى الدين ذاته. وبح سب الكاتب ف اإن االأ صوليات االحت سابية مل تتقدم اإىل قلب امل شهد اإال بعد أان فقدت ال دول ة الوطنية بفعل الف شل الذريع للع سكريات العربية ال شعبية اجلارفة التي كانت قد حققتها زمن الكفاح ضد اال ستعمار واإر ساء اأ س س الدولة احلديثة يف فرة ما بني احلربني. ويلفت الكاتب النظر إاىل ثاث حتوالت خطرية مل يكن لها وجود من قبل وهي: خوف النا س من الدين بعد اأن كان خوفا عليه من قبل ال صحويني واخل وف على ال دول ة الوطنية»الفا شلة والقمعية«بعد اأن كان خوفا منها واأخريا خوف العامل من االإ سام وخوف امل سلمني من عدوانية العامل. ل ك ن ال ك ات ب ر ض وان ال سيد يبقى متفائا بخ صو ص اإمكانية التغيري ال ذي ي راه منقذا للدين وللمجتمعات امل سلمة على حد سواء فنجده يقرح ضرورة النهو ض باإ ساح ديني عميق ينت شل الدين من وهم اال ستياء على ال سلطة با سمه وهو اقراح يت سم بالعمومية واالإبهام فيما يخ ص الكيفية التي سيمكن بوا سطتها حتقيقه. كما يدعو الكاتب النخب الدينية اإىل الت صدي لعمليات»حت وي ل امل ف اه ي م«ال ت ي حت رف ب ه ا ال ص ح وي ات واالأ ص ول ي ات مفاهيم اجل ه اد وال ه ج رة واجل م اع ة وال ش رع ي ة. واأخ ي ريا فاإنه يدعو إاىل قراءة نقدية للموروثات الدينية واخلطابات املعا صرة حولها. faisalsalim@hotmail.com
12 جمادى األولى ١٤٤٠ ه - يناير 2019 م مصحف فلوغل ومصحف القاهرة: بين التاريخ والمقد س نا صر الكندي ر مب ا يتفاج أا الكثريون اأن امل صحف املطبوع املتد او ل بني أايديهم يع ود اأ سا س ه فقط اإىل الربع ا أالول من القرن املا ضي وبالتحديد عام 1924 م واملعروف مب صحف امللك فوؤاد الذي مت اإ صدار ه يف القاهرة اإذ مل ت ك ن هناك م صاحف م عتمدة على هذا النحو على الرغم من بع ض املحاوالت يف نهاية القرن الع شرين مبا ي عرف مب صحف املخل اتي عام 1890 م. ولكن قد ينده ش البع ض أاي ض ا اأن هذا امل صحف القاهري مل يكن سبب ظهوره احلاجة اإىل اإيجاد م صحف مطبوع اأو موح د بل كان ت صحيح ا لطباعة عربية سابقة للقراآن أاجنزها املخل اتي وقبله طباعة قام بها امل ست شرق االأملاين»فلوغل«عام 1834 م يف مدينة اليبتزج ا أالملانية والتي ذاعت يف أاوروبا لعقود وفقا ملا تو ص ل اإليه الباحث»اإ سام دية«يف مقاله -مبجلة»التفاهم«-»طباعة امل صحف بني فيلولوجيا اال ست شراق وفيلولوجيا علم القراءات: موازنة بني م صحف فلوغل 1834 وم صحف االأزهر 1924«. يقد م الباحث اإ سام اأدي ة العامل يف جامعة برلني احل رة درا سة م قارنة بني م صحف فلوغل املن شور عام 1834 م وم صحف القاهرة املن شور عام 1924 م مثريا عدة اأ سئلة عن: اأ سبابه وال سياق الثقايف للطباعة واأث ر هذه ال سياقات يف إاخ راج الطبعة النهائية للن ص وكيف ح صلت طبعة القاهرة على االع تراف والقبول بني علماء امل سلمني وغريهم من الدار سني يف الغرب. وي شري الباحث يف البداية اإىل اأن فلوغل يعرف ب سبق امل ست شرق االأمل اين ه ن ك ل م ان ب ط ب اع ة اأول م ص ح ف يف اأوروب ا ع ام 1694 م ب ه ام ب ورج واع ت م د فلوغل على ه ذه الطبعة وك ذل ك م ن خال ال ع ودة اإىل خم ط وط ات ق راآن ي ة ورج وع ه اإىل م ف س ري ن مثل: ال زخم ش ري والبي ضاوي واأب ي ال سعود. وق د ت ع اون فلوغل مع تاوخنر اإذ ي عد االأخري اأحد املبتكرين البارزين يف جمال الطباعة بذلك الوقت واعتمد االثنان على اخلطوط العربية للطباعة التي ابتكرها اأن ت ون ف ون ه م ر وقبله امل ست شرق االأمل اين ج وزي ف فون هم ر. اإال اأن ه ذه الطبعة مل تنل قبول العديد من امل ست شرقني واأبرزهم: كارل لورك يف كتابه»املرجع يف تاريخ الطباعة«إاذ يدرج انتقادات املب ش رين االأمريكان على طبعة فلوغل وع دم اعتمادها ع ل ى احل رف ال ع رب ي االأم ري ك ي Arabic( American )Font ال ذي ابتكره امل ست شرقون العاملون يف سوريا ناهيك عن رداءة الطبعة. ويعزو الباحث اأ سباب عدم تعديل طبعة فلوغل على الرغم من شيوعها بني الدار سني يف اأوروبا اإىل وفاة تاوخنر وانتهاء العقد واإنهاء ال شراكة لغياب فلوغل يف مركز اجلامعي يف اليبتزج. اأم ا ب ش اأن م صحف ال ق اه رة ف ق د ك ان ت رد ة ف ع ل ع ل ى م صحف املخل اتي الذي طبع عام 1890 م الذي ات سم مبحافظته على الر سم العثماين واتباعه لقواعد القراءات اإال اأن رداءة الطبعة احلجرية ووج ود ع دة اأخ ط اء مطبعية ك ان ت حم ف زة اإىل ت شكيل جل ن ة يف جامعة االأزهر عام 1923 م ضم ت عامل القراءات عبدالفتاح القا ضي وحممد علي احلداد وحفني نا صف وحممد اال سكندري. وقد ر وع ي يف اإنتاج الن ص االلتزام بالر سم العثماين بقراءة حف ص عن عا صم وع د االآي ات وال ت ن ق ي ط وف ق ك ت اب»ال ط راز ع ل ى ضبط اخل راز«للت سني. وب سبب بع ض الق صور يف ه ذا العمل مت ت شكيل جلنة اأخ رى ع ام 1924 م لت صحيح عمل اللجنة ا أالوىل وكانت النتيجة طبعة حجرية ثانية اأ صبحت املرجع ا أال سا سي لكل الطبعات خارج م صر ومن اأهمها: طبعة جممع امللك فهد عام 1985 م. وجت د ر االإ ش ارة اإىل اأن الطبعة امل صرية مل ت ستند يف عملها اإىل خمطوطات سابقة للقر آان للمقارنة مثلما فعل سلفهم فلوغل وغريه من العاملني يف طباعة القراآن بل على علم القراءات الذي يجمع بني العناية بحفظ الن ص يف ال صدور وحفظه يف ال سطور. ويف م ع ر ض مناق شة ال ب اح ث ع ن م دى ت اأث ري ال ط ب اع ة يف علم ال ق راءات ويف ال ط ري ق ة ال ت ي ت لا ب ه ا امل س ل م ون امل ص ح ف بعد الطباعة ينو ه الباحث اإىل اأن التاأثري ك ان ضئيا ب سبب شيوع االأم ي ة ب ني امل سلمني يف ذل ك ال وق ت و صلتهم ب ال ق راآن ه ي صلة سمعية ورمب ا ك ان ال ت اأث ري اأك ب رب يف ال سبعينيات والثمانينيات حني ب داأت بع ض ال دول كال سعودية واملغرب وتركيا بن شره ب شكل كبري. كما اأن شيوع امل صحف كان له اأثر عك سي من ناحية قراءته دون االل ت زام ب ق واع ده ور سمه وجت وي ده مم ا جعل الت سجيات ال سمعية تنت شر كمحاولة لتغطية هذا النق ص من خال ما ي سم ى ب»امل صحف املرتل«الذي اأ شرف عليه االأزهر. ويبدو اأن أاول ات صال عربي مع طبعة فلوغل كان من خال زيارة امل ست شرق االأملاين برج شت سر للقاهرة عام 1930-1929 م وم صادرة طبعة فلوغل يف نقاط التفتي ش واإعادتها له من قبل شيخ املقارئ احلد اد بعد اأن مت تذييلها بالعديد من املاحظات والت صحيحات اأه م ه ا: ع دم م واف ق ت ه للر سم ال ع ث م اين واح ت واوؤه ع ل ى اأخ ط اء اإمائية و أاخطاء يف عد االآيات كما صن ف املخطوطات اإىل م صح حة وتف سريية واأو لية ب سبب احلوا شي التي ذ ي لت من قبل فلوغل على امل صحف ل غ اي ات تعليمية. واأ ش ار ال ب اح ث اإىل ا ستقبال العلماء امل س ل م ني ال ط ي ب ل ط ب ع ة ف ل وغ ل دون رف ض ه ا م ن خ ل ال م ق ال برج سر سر «قراءة القراآن يف القاهرة«واملن شور يف العام 1932 م. وال ميكن إانكار جهد فلوغل بعمله الكبري»جنوم الفرقان يف اأطراف ال ق راآن«امل ن ش ور ع ام 1842 م وال ذي ي ع د مب ث اب ة ف ه ر س الآي ات ومفردات القر آان. ولقد ا ستقبل هذا العمل برحيب شديد من قبل العلماء امل سلمني مما دفع حممد فوؤاد عبدالباقي اإىل حماكاته يف كتابه»املعجم املفهر س الألفاظ القران الكرمي«واملن شور يف العام 1939 م. وق د ق ام عبدالباقي بتعديل منهج فلوغل يف ع د االآي ات وك ذل ك ان ت ق اده ل ه ب خ ل ط ه ب ني ج ذور ب ع ض امل ف ردات. وي ذك ر عبدالرحمن ب دوي يف»مو سوعة امل ست شرقني«ه ذا العمل م ثنيا على فلوغل اإجنازه ومنتقدا عمل عبدالباقي. كما اأود اإ ضافة اأن هناك عما آاخ ر لفلوغل غ ري طباعة ال ق راآن وفهر سته أاال وهو حتقيقه وطباعته للعديد من الن صو ص العربية م ث ل ك ت اب»ك ش ف ال ظ ن ون ع ن أا س ام ي ال ك ت ب وال ف ن ون«مل وؤل ف ه احلاجي خليفة وهو من علماء القرن ال سابع ع شر امليادي فقد ق ام فلوغل بتحقيقه وترجمته لاتينية اأ سفل الكتاب وطباعته ون شره يف سبع جم ل دات. وق د ت ن اول ه ذا الكتاب أا س م اء خلم سة ع شر األف م صنف عربي ويعل ق بدوي على هذا العمل يف»مو سوعة امل ست شرقني«ب أانه يدح ض الفكرة ال سائدة باأن الكتب العربية قد مت تدمريها يف مكتبة بغداد أايام غزو هوالكو. ومن خال هذه القراءة ه ناك مقارنة ضمنية مل يذكرها الباحث اأال وهي مقارنة تاأثري طباعة امل صحف على امل سلمني بطباعة اإجنيل لوثر املرجم إاىل ا أالملانية ون شره يف القرن ال ساد س ع شر إاذ كان االأخري سببا لن شر التعليم وحمو ا أالمية واإلغاء الو ساطة البابوية. بينما مل يكن هذا هو التاأثري املبا شر لطباعة امل صحف القر آاين على اأتباعه من امل سلمني وذلك لغياب امل ؤو س سة الدينية على الطريقة الكاثوليكية والتي اأك د على ع دم وجودها الباحث املتخ ص ص يف امليثولوجيا فرا س ال سواح يف كتابة»اهلل والكون واالإن س ان«حني ينفي صفة املوؤ س سة الدينية عن االأزه ر وه ذا قد ال يرجح راأي الباحث باأن تاأخ ر طباعة امل صحف سي هد د العاقة التقليدية لل شيخ بالطالب. اإ ضافة اإىل ذلك تت سم عاقة امل صحف بامل سلمني بكونها عاقة ن صي ة ولي ست فقط شفاهية كما يقول الباحث فالر سم العثماين للحرف العربي يف امل صحف له سلطة ونفوذ على املخي لة الدينية ا إال س لام ي ة والفنية ( أاراب ي س ك( ب اع ت ب اره صاحب سر ولي س فقط اأداة لغوية. ورمب ا يف س ر ه ذا حتف ظ لبع ض العلماء امل سلمني لطباعة فلوغل كونها طباعة ب أاحرف م ستقلة متحركة )غ وت ن ربغ ي ة( ب اأخ ط ائ ه ا االإم لائ ي ة ت ن ال م ن ال ش ك ل امل ق د س املخطوط. nskindi83@yahoo.com الن صو ص املن شورة تعرب عن وجهات نظر كتابها وال تعك س بال ضرورة راأي جملة التفاهم اأو اجلهة التي ت صدر عنها. جملة التفاهم هاتف : 24644031-24644032 +968 فاك س : 24605799 +968 الربيد االإلكروين : www.altafahom.net tasamoh@gmail.com - al.tafahoom@gmail.com -