مطالعة قانونية حول التعديل الدستوري لعام 6102 إبتداء ال بد من اإلشارة إلى أن نظام الحكم في األردن ىو نظام نيابي ممكي و ارثي. وبالرغم من تعدد التعريفات الفقيية لمنظام البرلماني إال أن ىناك اتفاق عمى ضرورة توفر عنصرين رئيسيين أوليما: النظام ليذا الفصل المرن والمتوازن بين السمطتين التشريعية والتنفيذية. يتمثل وثانييما في ثنائية السمطة التنفيذية أي أن السمطة التنفيذية تتكون من جيازين ىما رئيس الدولة والو ازرة واالخيرة يقع عمييا عبء ممارسة السمطة الفعمية وتحمل المسؤولية تبعا لذلك. )03( وقد حدد الدستور األردني موقع الممك في النظام في المادة ىذا والتي نصت عمى أن: "الممك أرس الدولة وىو مصون من كل تبعة ومسؤولية". ىو أرس السمطات إذا فالممك الدستورية الثالث ومصون من كل تبعة ومسؤولية وحيث أن القاعدة الشمولية تنص عمى مبدأ تالزم السمطة والمسؤولية فإن الممك يمارس الصالحيات الممنوحة لو دستوريا من خالل وجود و ازرة مسؤولة أمام مجمس النواب. ويمارس الممك ىذه الصالحيات بموجب إ اردة ممكية سامية وىذه اال اردة يجب أن تكون موقعة من رئيس الحكومة والوزير او الوز ارء المعنين وموافقة الممك تكون برسم توقيعو فوق تواقيعيم كما نصت عمى ذلك المادة )03( من الدستور. ويترتب عمى مبدأ صون الممك من كل تبعة ومسؤولية عدم جواز مساءلتو جنائيا وعدم مسؤولية الممك سياسيا. مع االخذ بعين االعتبار أن ىناك بعض االختصاصات يمارسيا الممك بإ اردة ممكية موقعة من قبمو فقط مثل صالحية تعيين رئيس الوز ارء. 1 1.تتمثل االختصاصات الت مارسها الملك حسب الدستور االردن ف االت : ق ادة القوات المسلحة تع ن مجلس الوزراء والوزراء واقالتهم تع ن اعضاء مجلس االع ان وصالح ات الملك بخصوص السلطة التشر ع ة منح واسترداد الرتب العسكر ة
نأ" وقد أكد الق ارر التفسيري الصادر عن المجمس العالي لتفسير الدستور رقم )1( لسنة 1591 )0/00( عمى ىذا االمر والذي جاء فيو : المادة وان كانت قد اناطت حق حل مجمس النواب بجاللة الممك إال أن المادة 03 قد رسمت الطريق الذي يمارس الممك بواسطتيا ىذا الحق وأيا من الحقوق االخرى المتصمة بالشؤون العامة فنصت عمى أن يمارس الممك صالحياتو بإ اردة ممكية موقعة من رئيس الوز ارء والوزير او الوز ارء المختصين. وأن ىذه القاعدة مستمدة من المبدأ االساسي الذي يرفع المسؤولية عن الممك ويقصرىا عمى الوز ارء فما دام أن الو ازرة في قياميا بالسمطة التنفيذية ىي المسؤولة عن السياسة العامة فيجب ان تشترك في التوقيع عمى اإل اردات التي يمارس فييا الممك صالحياتو حتى تتحمل المسؤولية وفقا لقواعد المسؤولية الو ازرية المنصوص عمييا في الدستور...أما حق الممك في تعيين رئيس الوز ارء بإ اردة ممكية موقعو من جاللتو فحسب أمر إستثنائي الستحالة اشت ارك أي من الوز ارء معو بسبب عدم وجود أي و ازرة قائمة..." 2. أنذاك بناء عمى ما سبق وفي ظل األسس التي يقوم عمييا النظام البرلماني األردني والتي تعد أصوال عامة وكمية ال يجوز تجاوزىا أورد المالحظات الكمية والتفصيمية اآلتية التعديالت حول :6311 الدستورية المقترحة التي تم إق اررىا من قبل مجمس الوز ارء لعام 6310 أوال: إن المشرع الدستوري إلى ما قبل التعديالت الدستورية لعام كان يحرص عمى مكانة الممك الدستورية في ظل النظام البرلماني األردني كما كان يحرص عمى احت ارم مبدأ تالزم السمطة والمسؤولية باعتبارىا ركنا أساسيا في النظام األردني حيث تناط شؤون الدولة الداخمية والخارجية بالحكومة التي تتحمل مسؤولية تمك األعمال أمام مجمس النواب والذي يمثل بالنتيجة إ اردة الشعب وصوتو. يصنف الدستور ثانيا: األردني عمى انو دستور جامد او كما ي اره البعض شبو جامد إذ أن إج ارءات تعديمو أكثر تعقيدا من اج ارءات تعديل الدساتير المرنة والغاية من ذلك ىي ضمان والمدن ة تع ن رجال الحاش ة والقصر اعالن الحرب وعقد الصلح والمعاهدات حقوق الملك كرئ س لالسرة المالكة التصد ق على القوان ن.مع االخذ بع ن االعتبار اختالف هذه االختصاصات عن بعضها البعض والمجال هنا ال سمح بهذه التفاص ل. 2.قرار تفس ري رقم )1( لسنة 1556 )قرار باالجماع( بتار خ 1556/1/4 المنشور على الصفحة 1145 من عدد الجر دة الرسم ة رقم 1255 بتار خ 1556/1/5.
استق ارره وثباتو. و ويالحظ أن الدستور وخالل فترة تقارب من الخمسة أعوام تم تعديمو أكثر من مرة وىذا يتنافى مع ضرورة ثبات القاعدة الدستورية باعتبارىا القواعد األسمى في الدولة. عالوة عمى ذلك فإن التعديالت المقترحة لعام 6311 لم تأت بتوافق ومطمب شعبي وانما تم اق اررىا عمى وجو السرعة دون وجود حاجة ممحة لذلك. ولم تعرض لمنقاش العام لتنال شرعية شعبية عمى أقل تقدير في حين أن قوانين عادية ال ترق لمستوى الدستور من طريقة. تطرح لمنقاش بأكثر جاللة منح إن ثالثا : الممك صالحيات تنفيذية منفردة 3 بتعيين قائد الجيش ومدير المخاب ارت ومدير الدرك دون ان تتضمن إ اردتو توقيع الوز ارء المعنيين بوظائفيم يشكل مخالفة لنص المادة 61 من الدستور والتي تنص عمى أن تناط السمطة التنفيذية بالممك ويتوالىا بواسطة وز ارئو وفق أحكام الدستور. وكما ىو معموم فإن كال من المذكورين أعاله يتبعون في عمميم لمسمطة التنفيذية مما يعني أن عممية تعيين أيا منيم تقتضي ان تتم من خالل أرس ىذه السمطة)التنفيذية( والذي سيتحمل بالنتيجة التبعية والمسؤولية وذلك تطبيقا لمقاعدة الشمولية األساسية المنصوص عمييا في المادة )03( والتي تقضي بان الممك ر أس الدولة وىو مصون من كل تبعة ومسؤولية. وانصياعا لنص المادة )05( من الدستور ذاتو والتي أكدت عمى أن أوامر الممك الشفوية أو الخطية ال تخمي الوز ارء من مسؤوليتيم. وان القول بخالف ذلك ومنح جاللة الممك صالحيات تنفيذية منفردة سيثير اشكاليات حول من سيتحمل مسؤولية وتبعة ىذه ذلك أو سيؤدي الق ار ارت. الى تحصين الق ار ارت من الرقابة الشعبية المتمثمة في مجمس النواب بالنظر الى صدورىا من جية محصنة دستوريا أبتداء من كل تبعة ومسؤولية. اربعا : فيما يتعمق بالتعديل المتعمق بمنح جاللة الممك صالحية منفردة لتعيين رئيس المجمس القضائي ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية فإن السمطة القضائية وفقا لنص المادة )62( مستقمة وتتوالىا المحاكم عمى اختالف درجاتيا. كماتنص المادة )52( بأن القضاة مستقمون وال سمطان عمييم في قضائيم لغير القانون. 3.ان تع ن مد ر المخابرات وقائد الج ش جاء بناء على التعد الت الدستور ة عام 2114.
وعميو فإن منح الممك صالحية تعيين رئيس السمطة القضائية ورئيس المحكمة الدستورية وأعضائيا ال ينسجم والنصوص سالفة الذكر وفي الوقت ذاتو فإن تعيين ىؤالء بتنسيب من مجمس الوز ارء يبقي السمطة التنفيذية متوغمة عمى السمطة القضائية ويتعارض ومبدأ الفصل بين السمطات. وعميو فإن األولى بالمشرع الدستوري وضع آلية لتعيين رئيس المجمس القضائي ورئيس المحكمة الدستورية واعضائيا تحقق االستقاللية ليذين الجيازين عمى أن يتكمل أي ق ارر الممكية باإل اردة السامية. وفيما يتعمق بالمجمس القضائي فإن األولى واالجدى بأن يكون التنسيب برئيس السمطة القضائية من قبل المجمس ذاتو ضمن آليات وشروط ومعايير يحددىا الدستور والقانون. فيما يتعمق خامسا : بالتعديل المقترح بتعيين رئيس واعضاء مجمس االعيان بصورة منفردة من الممك فإن ىذا جاللة قبل الصالحية باإلضافة الى أنيا تتعارض مع مبدأ تالزم السمطة مع المسؤولية المذكور أعاله فإن من شأنيا بمبدأ المساس أيضا أن األمة مصدر السمطات ذلك أن رئيس الوز ارء والوز ارء ال يمارسون صالحياتيم إال بموافقة اغمبية النواب والذين يمثمون الشعب من خالل منح الثقة بالحكومة والحكومة بدورىا تقوم بالتنسيب لمممك رئيس بتعيين وأعضاء مجمس االعيان وبالتالي فإن المسؤولية تقع في عممية االختيار عمى الحكومة وتتحمل نتائجو وتحاسب بناء عمييا )قاعدة تالزم المسؤولية والسمطة(. مع التأكيد عمى ضرورة اعادة النظر اساسا بآلية تعيين رئيس واعضاء مجمس االعيان بما يحقق االستقاللية التامة ليم ويعكس رغبات وتطمعات الشعب. سادسا : فيما يتعمق بالتعديل الذي سمح لمزدوجي الجنسية بتولي منصب الو ازرة وما في حكميا وكذلك السماح ليم بعضوية مجمسي النواب واالعيان 4 فال بد من االشارة الى ان ىذا التعديل تم ادخالو في التعديالت الدستورية عام 6311 والتي تم اق اررىا بعد سمسمة مشاو ارت واسعة كانت احدى مخرجاتيا التوصل الى ان ازدواج الجنسية قد يؤدي الى تضارب المصالح وكما ىو معموم فإن فكرة تضارب المصالح فكرة قانونية قائمة في العديد من القوانين العادية. أما القول بأن بعض الكفاءات حرمت من تولي مناصب عامة بسبب ىذا الشرط فال بد من 4. ال بد من االشارة ف هذا الس اق الى ان مسألة ازدواج الجنس ة ه مسألة غ ر متفق عل ها فقه ا فبعض الفقه المصري مثال رى أنه توجب المساواة ب ن االفراد ف حق الترشح لمن حمل جنس ة الدولة بغض النظر عن حمله أ ة جنس ة أخرى. ف ح ن أن البعض االخر ستند الى فكرة تضارب المصالح.
التأكيد عمى ان القانون يأتي ليضع قواعد عامة مجردة وال يضع قواعد تتناسب والحاالت الفردية. ومن جانب آخر فإن المشرع الدستوري لم يتبع نسقا واحدا في عممية التعديل وانما انتيج منيجا انتقائيا إذ أنو أبقى شرط عدم جواز ازدواج الجنسية في من يشغل منصب رئيس المحكمة 9 الدستورية أو أحد أعضائيا. سابعا : فيما يتعمق بالتعديل المتمثل في استم ارر الو ازرة بعد وفاة رئيس الوز ارء فإن ىذه المسألة فييا ال ضير وذلك لغايات خمق نوع من االستق ارر واالستم اررية في إدارة شؤون الحكم. وفي ضوء ما تقدم فإن أعاله التعديالت المقترحة ال تنسجم مع األسباب الموجبة لمتعديل الدستوري والتي أوردتيا الحكومة والمتمثمة في تعزيز مبدأ الفصل بين السمطات وتعزيز استقالل المحكمة الدستورية والسمطة القضائية ولتطبيق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين االردنيين في تولي الوظائف العامة ولتعزيز حياد واستقاللية قوات الدرك وعدم تأثرىا او تأثيرىا في السياسة. إذ يجب أن تكون أية تعديالت مقترحة متوافقة ابتداء مع المبادئ التي يقوم عمييا الدستور األردني ومخالفة ومنسجمة مع النظام البرلماني الذي تقوم عميو الدولة. د. نهال المومني مديرة إدارة التشريعات المركز الوطني لحقوق االنسان 5.أنظر المادة )61( من الدستور االردن.