172 * خالد وليد محمود مراجعة كتاب أستراليا والعرب املؤل ف : عيل القزق. الطبعة : األوىل شباط / فرباير 2012. النارش : املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات الدوحة. عدد الصفحات: 336 صفحة من القطع املتوسط. * باحث يف املركز العريب لألبحاث ودراسة السياسات.
173 مناقشات ومراجعات عرض كتاب: أستراليا والعرب يرصد كتاب أسرتاليا والعرب ملؤلر فه عيل القزق الس ياسة الخارجي ة األسرتالي ة يف جانبها املتعلق بالعامل العريب خصوص ا ما له صلة بقيام دولة إرسائيل عىل األرض الفلسطيني ة. ويكشف املؤلر ف عن حقائق تبدو غائبة عن ذهن القارئ والباحث العريب يف ما يتعل ق بالد ور األسايس واملركزي الذي لعبته أسرتاليا يف الرشق األوسط طيلة مراحله التاريخي ة املصريي ة كل ها منذ أوائل قيام أسرتاليا الحديثة. إذ كان لها دور فاعل يف جميع الحروب االستعامرية التي شن ت عىل العاملني العريب واإلسالمي ودور أسايس يف إنشاء دولة إرسائيل يف قلب العامل العريب واالنحياز لها عالوة عىل العالقات التجاري ة الواسعة معها. أس س مؤلر ف الكتاب الدكتور عيل القزق بعثة فلسطني لدى أسرتاليا وشغل يف الفرتة املمتدة من 1980 إىل 2006 منصب مفو ض عام دولة فلسطني لدى أسرتاليا ونيوزلندا ولذلك يحظى الكتاب بأهمي ة نابعة من الخربة التي اكتسبها املؤلر ف طوال سنوات حياته يف أسرتاليا ودرايته الواسعة بالتعامل مع الواقع األسرتايل والذهني ة التي يفكر ر بها األسرتاليون فضلا عن سياستهم الخارجي ة. فاملؤلر ف اعتمد عىل معلوماته وخربته الذاتية وذلك خالل نشاطه الس يايس ألكر من أربعني عام ا هناك. يعرتف القزق أن ما دعاه إىل تأليف هذا الكتاب هو فقر املكتبة العربي ة يف ما يتعلق بتاريخ تور ط أسرتاليا يف العامل العريب وعالقاتها بالعرب وإرسائيل ورضورة إطالع الر أي العام العريب عىل سياسة الحكومات األسرتالي ة املتعاقبة وترصيحات مسؤوليها ومواقفها ودورها الد ويل تجاه دول الرشق األوسط. إضافة إىل أن الكثري من الباحثني ال يلقون بالا لسياسة أسرتاليا معتقدين أنها قارة نائية وبعيدة وال تشكر ل ثقلا يف الس ياسات الد ولي ة. أما الحافز األهم يف رأي املؤلر ف لهذا الكتاب فهو شوع الحكومات األسرتالي ة يف اآلونة األخرية وأكادميي ني أسرتاليني موالني لها يف محاوالت متعم دة لطمس تاريخ تور ط أسرتاليا الس لبي يف العامل العريب وتزييف الحقائق بشأن مواقفها املعادية ومحاولة إعطاء انطباع موج ه للعرب بأن ها دولة صديقة لهم وبأن سياساتها الرشق أوسطي ة هي سياسة متوازنة وغري منحازة. يتأل ف الكتاب من أربعة فصول يتحد ث الفصل األو ل منها عن تاريخ اكتشاف أسرتاليا وعن مواردها البرشي ة والعلمي ة وعن سياستها الخارجي ة وعالقاتها االقتصادي ة الد ولي ة. ثم يسهب الكتاب يف الفصل الث اين يف عرض للعالقات األسرتالي ة-العربي ة واألسرتالي ة-اإلرسائيلي ة وانحياز اسرتاليا الد ائم إلرسائيل وتعاونها األمني معها مع حفاظها عىل عالقات تجاري ة بالعامل العريب. ي فر د املؤلر ف الفصل الث الث للحديث عن الجالية اليهودي ة والل ويب اإلرسائييل يف أسرتاليا ودور رجال األعامل اليهود يف هذه البالد والفصل األخري للحديث عن الجاليات العربي ة واإلسالمي ة وعن العنرصي ة ضد العرب ويسهب يف الحديث عن الن شاط الدبلومايس الفلسطيني يف هذه القار ة وعن بداية الهجرة الفلسطيني ة إليها. يعطي املؤلر ف يف الفصل األو ل القارئ ملحة عام ة عن أسرتاليا التي يعني اسمها "األرض الجنوبي ة املجهولة" وأ طل ق عليها اسم "أسرتاليا" يف أوائل القرن الثامن ميالدي وهي تتكو ن من أرض القارة الرئيسة إىل جانب "تازمانيا" وعدد من الجزر الصغرية يف املحيط الهادئ واملحيط الهندي. كام ال تزال تتبع التاج الربيطاين وتتكو ن من ست واليات وثالث مقاطعات وت عدر أصغر قارة يف العامل وهي الد ولة الوحيدة التي تسيطر عىل قارة بأكملها وسادس أكرب بالد يف العامل من حيث املساحة. ويتأل ف املجتمع األسرتايل متعدر د الث قافات من السكان األصليني واملهاجرين من نحو 200 دولة من مختلف بقاع العامل فهناك واحد من كل أربعة أسرتاليني ولد خارج البلد واللغة الرسمي ة هي اإلنجليزي ة. ويرجع نجاح أسرتاليا االقتصادي يف القرن املايض إىل الزر راعة تليها الر وة املعدني ة والوقود وعىل الر غم من األهمي ة الد امئة لهذه الروات فإن أسرتاليا أصبحت أيض ا وبصورة متزايدة قاعدة لالقتصاد العلمي. عالقات أستراليا الد ولي ة والشرق أوسطي ة يشخ ص املؤلر ف طموح أسرتاليا يف العامل ويرى أن ه يتمحور حول رغبتها يف أن تكون شيك ا يف الشؤون الد ولي ة وذلك نظر ا إىل كونها واحدة من خمسني دولة من الد ول املؤس سة لهيئة األمم املت حدة يف عام 1945 كام لتاريخ أسرتاليا وجغرافيتها وثقافتها أهمي ة يف بلورة مكانتها يف العامل. ويستند تحالف أسرتاليا مع الواليات املت حدة وإنجلرتا إىل تاريخ من الت عاون العسكري والروابط االقتصادي ة الواسعة وغريها من املصالح املشرتكة. كام ي عدر ارتباط أسرتاليا الوثيق بآسيا من األمور الحتمي ة نظر ا إىل مصالحها اإلسرتاتيجي ة والس ياسي ة واالقتصادي ة الجوهري ة يف املنطقة وهذا ال يقل عن أهمي ة اهتاممها القوي باالستقرار يف منطقة جنوب املحيط الهادئ لكونها أكرب مقدر م للمعونات االقتصادي ة لدول املنطقة. ويف وقت تحافظ فيه أسرتاليا عىل عالقاتها التقليدي ة واإلقليمي ة فإن ها تعطي أهمي ة كربى لروابطها االقتصادي ة املتنامية مع دول الرشق األوسط وأمريكا الجنوبي ة ومع بعض الدول األفريقي ة. ويسلر ط املؤلر ف هنا الض وء عىل منطقة الرش ق األوسط وأهمي تها الكبرية بالنسبة إىل أسرتاليا باعتبارها سوق ا تجارية للمنتوجات واملصنوعات األسرتالي ة الغذائي ة والصناعي ة الرئيسة ومجال عمل شكات املعادن والن فط والغاز األسرتالي ة إضافة إىل ما يشكر له الرش ق األوسط من أهمي ة جيوسرتاتيجية مهم ة كصلة وصل ألسرتاليا بأوروبا. كام تنبع
العدد ( 1 ) 174 آذار / مارس 2013 أهمي ة الرش ق األوسط بالنسبة إىل أسرتاليا من كونه ي عدر مورد ا مهام للطاقة النفطي ة ونسبة كبرية من األسرتاليني من ذوي األصول العربي ة واإلسالمي ة ينحدرون منه إىل جانب العاملة األسرتالي ة التي تعيش يف بعض الد ول العربي ة. وي فر د املؤلر ف فصلا كاملا وهو الفصل الث اين عن العالقات األسرتالي ة العربي ة مقسر ام مسرية سياسة أسرتاليا مع العامل العريب إىل عدد من املراحل ابتداء من الفرتة التي كانت فيها مستعمرة بريطانية مرور ا بحصولها عىل الحكم الذايت وتشكيل الفيدرالي ة األسرتالي ة يف أوائل عام 1901 ومن ثم مرحلة ما بعد الحرب الباردة التي بلورت فيها سياسة شبه مستقلة ومتحالفة بشد ة مع الواليات املت حدة وبريطانيا. ومنذ ذلك الوقت بنت أسرتاليا سياساتها بشكل يتوافق ويتامهى مع حلف الدول األنكلوسكسونية بقيادة الواليات املت حدة وبريطانيا وبقيت هذه العالقة متأثرة بسياسات أمريكا وبريطانيا من جهة وبالل ويب اإلرسائييل من جهة أخرى. العالقات األسترالي ة - العربي ة يف الفصلني الث اين والث الث ي سهب املؤلر ف يف الحديث عام ال يعرفه الكثريون وهو الد ور الذي قامت به أسرتاليا يف خلق الكيان االستعامري يف فلسطني منذ أربعينيات القرن املايض إذ تحر كت بقو ة ونشاط يف هيئة األمم املت حدة لضامن تصويت الجمعي ة العام ة باملوافقة عىل قرار تقسيم فلسطني وأي دت قرار الت قسيم ضد مطالب الش عب الفلسطيني وأمانيه وطموحاته. وكانت أسرتاليا أو ل بلد يصور ت ب"نعم" عىل قرار تقسيم فلسطني رقم 181 وأد ت دور ا فعالا من أجل قبول عضوي ة إرسائيل يف هيئة األمم املت حدة التي ترأ س جمعي تها العام ة وقتها وزير خارجي ة أسرتاليا. كام كانت أو ل دولة يف العامل تعرتف بإرسائيل بشكل "كامل وشعي " )de-jure( وذلك بعد ساعات من قيامها يف حني مل تكن حت ى الواليات املت حدة قد اعرتفت بها سوى اعرتاف ا "واقعي ا".)de-facto( كام تجدر اإلشارة إىل أن إرسائيل كانت أو ل دولة يف الرش ق األوسط تقيم معها أسرتاليا عالقات دبلوماسي ة. ي شار إىل أن أو ل سفارة أسرتالية يف العامل العريب افتتحت يف القاهرة يف عام 1950 ثم يف بريوت يف عام 1967 والحق ا - بعد حرب عام 1973 واستعامل العرب لسالح الن فط - وجدت أسرتاليا أن من مصلحتها تعزيز وجودها يف العامل العريب فافتتحت سفارة لها يف الرياض يف عام 1975. وآخر سفارة افتتحتها أسرتاليا يف العامل العريب لغاية كتابة هذه الس طور كانت يف تونس يف عام 2010. العالقات االقتصادي ة بالد ول العربي ة ي شري املؤلر ف إىل وجود منافع اقتصادي ة وتجاري ة كبرية تجنيها أسرتاليا من الد ول العربي ة. وت عدر األسواق العربي ة خاصة دول مجلس الت عاون الخليجي مهم ة بالنسبة إىل أسرتاليا وهي أهمية يف تزايد مستمر فقد أصبحت الت جارة األسرتالي ة مع الد ول العربي ة اليوم أكرب من تجارتها مع بريطانيا أو سنغافورة. بينام تبدو العالقات التجاري ة بني إرسائيل وأسرتاليا ومنافعها أضعاف تلك التي تجنيها األخرية من عالقاتها مع الد ول العربي ة. فالحكومة األسرتالي ة تقوم عىل نحو متواصل وعلني بتشجيع االستثامر األسرتايل يف إرسائيل ونقل الت قانة إليها وتوقيع اتفاقيات ومشاريع مشرتكة. يف املقابل ال يوجد ألسرتاليا أي اتفاقيات مع أي من الد ول العربي ة من حيث االستثامر واملشاريع ونقل الت قانة. وضع الجالية العربي ة في أستراليا يخصر ص الكاتب الفصل الر ابع واألخري للحديث عن الجاليات العربي ة يف أسرتاليا والتي ت عدر حديثة العهد إذ بدأت هجرة العرب أولا مع اللبناني ني يف نحو عام 1870 وظل عدد العرب قلي لا حتى أواخر خمسيني ات القرن املايض عندما بدأ عدد أكرب من املهاجرين يتدف ق إىل أسرتاليا مع األزمات والحروب املتالحقة التي شهدتها الد ول العربي ة مثل الحرب األهلي ة يف لبنان يف عام 1975 واالجتياح اإلرسائييل للبنان يف عام 1982 واجتياح الرئيس العراقي الس ابق صد ام حسني للكويت يف عام 1990 والحربني اللتني قادتهام أمريكا ضد العراق يف عامي 1991 و 2003 إذ تبع كل أزمة من هذه األزمات موجة جديدة من الهجرة من تلك الد ول إىل أسرتاليا. والجدير بالذكر أن معظم املهاجرين العرب كانوا حتى أوائل الخمسيني ات من الطائفة املسيحي ة. وتشري اإلحصاءات العام ة التي جرت يف عام 2006 إىل أن عدد األسرتالي ني املولودين يف الد ول العربي ة هو 243658 أي أكر من 1.1 يف املئة من مجموع عدد السك ان. ويشكر ك الكاتب يف هذه املعلومة إذ يقد ر عدد األسرتالي ني من أصول عربي ة بنحو 500.000 إىل 600.000 أي نحو 2.5 يف املئة من عدد السك ان. قدم معظم األسرتالي ني العرب من لبنان ثم عىل التوايل من مرص والعراق وسورية وفلسطني. وتوجد أكرب كثافة للجالية العربي ة يف والية نيو ساوث ويلز ثم يف والية فكتوريا وغرب أسرتاليا وجنوبها. وت عدر ال لغة العربي ة خامس لغة من حيث التداول يف أسرتاليا بعد اإلنجليزي ة واإليطالي ة واليوناني ة والكانتوني ة )الصيني ة(. وعىل الر غم من أن عدد العرب يف أسرتاليا هو أكر من خمسة أضعاف األسرتالي ني اليهود فإن الجالية العربي ة فشلت إىل اآلن يف تنظيم صفوفها ضمن مؤس سة تستطيع متثيلها وتجمع يف ما بينها عىل
175 مناقشات ومراجعات عرض كتاب: أستراليا والعرب مستوى روابطها وأصولها القومي ة العربي ة كام أن نفوذها الس يايس مقارنة بنفوذ الل ويب اليهودي شبه معدوم لغاية اآلن. أستراليا وقضايا الص راع العربي - اإلسرائيلي يرشح املؤلر ف بالتفصيل املراحل التي مرت بها أسرتاليا يف تعاملها مع القضايا العربي ة خاصة يف املراحل التي خاض فيها العرب الحروب. فقد كانت أسرتاليا ضمن الد ول القليلة التي أي دت العدوان الث اليث عىل مرص يف عام 1956. وشاركت أسرتاليا يف عام 1979 ب 300 عنرص من قو اتها مدعومة بقوة جوي ة يف مراقبة صحراء سيناء بطلب من الواليات املت حدة وتحت إشافها. كام رح بت أسرتاليا باتفاقي ة أوسلو يف عام 1993. وبعد اجتياح الر ئيس العراقي صد ام حسني للكويت أي دت أسرتاليا قرار هيئة األمم املت حدة فرض املقاطعة ضد العراق وأرسلت يف عام 1990 وحدات من أسطولها البحري إىل املياه اإلقليمي ة العراقي ة لتكون جزء ا من القو ات األمريكي ة والربيطاني ة لفرض الحصار عىل العراق. واشرتكت أسرتاليا يف حرب الخليج ضد العراق يف عام 1991 وشاركت بحامسة يف حرب الخليج الث انية يف عام 2003 ضد العراق وكانت القو ات األسرتالي ة ثالث قو ة بعد الواليات املت حدة وبريطانيا من حيث الحجم. مل تتعامل أسرتاليا مع القضي ة الفلسطيني ة كقضي ة سياسي ة وإمنا بوصفها قضي ة إنساني ة تتعل ق بتحسني أوضاع ال الجئني الفلسطيني ني من دون اإلشارة إىل حق هم يف العودة. وحت ى أواسط سبعيني ات القرن املايض مل يطرأ أي تغيري عىل سياسة أسرتاليا التي تبن ت موقف ا "محايد ا" يف حرب 1973 بينام تبن ت الحكومة األسرتالي ة موقف ا متصلر ب ا من منظ مة الت حرير الفلسطيني ة. وكانت سياسة أسرتاليا قبل اتفاقي ة أوسلو يف عام 1993 ومنذ عام 1983 تعرتف بحق الش عب الفلسطيني يف تقرير املصري ويف إقامة دولته املستقل ة "إن أراد ذلك" لكن ها تراجعت بعد اتفاقي ة أوسلو وأصبحت بعد وصول حزب األحرار إىل الحكم تقول: "إن الش كل الن هايئ للكيان الفلسطيني مبا يف ذلك احتامل الد ولة املستقل ة يعتمد عىل املحادثات النهائي ة بني األطراف املعني ة مباشة " وهذا يتالءم مع الر ؤية والط رح اإلرسائيلي ني ال لذين يضعان حق تقرير املصري للشعب الفلسطيني وقيادة دولته املستقلة يف يد إرسائيل ويجعالن ذلك مجر د احتامل قابل للتفاوض. لقيت هذه الس ياسة ترحيب وتقديرها الحكومات اإلرسائيلي ة املتعاقبة. ون قل عن رئيس الوزراء اإلرسائييل الس ابق أرئيل شارون قوله خالل اجتامعه بوزير الخارجي ة األسرتايل داونر يف : 2004/1/27 "إن أسرتاليا هي من أكر الدول صداقة مع إرسائيل". أم ا زعيم املعارضة األسرتالية مالكومل تورنبول فقال: "إن إحدى العالمات املمير زة لحكومة رئيس الوزراء األسرتايل الس ابق جون هاوارد خالل أحد عرش عام ا ونصف خلت هو تأييدها الث ابت كالص خر إلرسائيل وهو ما قامت بإثباته من خالل األفعال وليس األقوال". وبناء عىل هذه املعطيات فإن ه ال يوجد سبب مقنع الت خاذ أسرتاليا مثل هذه املواقف املنحازة إىل جانب إرسائيل. ويبدو أن مثة عاملني يقفان وراء التحي ز يف الس ياسة األسرتالي ة األو ل داخيل يتمث ل يف نشاط الل ويب الذي خلقته إرسائيل فهي تقوم مع رجال األعامل اليهود بدعم هذا الل ويب بسخاء مادي ا ومعنوي ا مبا يجعله ميارس ضغط ا داخلي ا من أجل أن تتبن ى أسرتاليا سياسة منحازة لتل أبيب. والعامل الث اين يكمن يف ما توليه إرسائيل من اهتامم لسياسة أسرتاليا ومواقفها تجاه الرش ق األوسط وقضاياه. وتبدو يف املقابل حالة من اللا ملباالة العربي ة تجاه املواقف الس ياسي ة األسرتالي ة إضافة إىل عدم مامرسة أي ضغط عليها والت قاعس عن دعم قيام لويب عريب. يختم املؤلر ف كتابه بدعوته الحكومات العربي ة إىل مامرسة الض غط عىل أسرتاليا للحصول عىل سياسة متوازنة تجاه الرص اع العريب - اإلرسائييل. فثمة دول عربية تربطها عالقات اقتصادي ة قوي ة بأسرتاليا تستطيع أن متارس عليها ضغط ا وتعطيها رسالة واضحة بأن الس ياسات واملواقف األسرتالي ة املنحازة إلرسائيل ضد القضايا العربي ة لن تساعد عىل تطو ر العالقات االقتصادي ة ومنو ها. إن الكتاب بحسب رأيي يعطي تحليلا سياسي ا نقدي ا للسياسة التي ات بعتها أسرتاليا تجاه القضايا العربي ة ويقدر م اقرتاحات وتوصيات لكيفي ة التعامل مع الس ياسات األسرتالي ة ويدعو الدبلوماسي ة العربي ة ألخذ دورها يف التأثري عىل تلك الس ياسة بسبب ما ميثر له العرب من ثقل اقتصادي وسكاين يف أسرتاليا. وهذه املقرتحات من دون شك تضفي عىل هذا الكتاب قيمة لكلر من لديه اهتامم خاص بالعالقات الد ولي ة وبالرص اع العريب اإلرسائييل. لكن أهم ميزة لهذا الكتاب هي أن املؤلر ف مينح القارئ فرصة نادرة للتعر ف عىل سياسة أسرتاليا الخارجي ة يف قضايا الرش ق األوسط وبخاصة تجاه القضي ة الفلسطيني ة. ورمب ا يكون تحليل عيل القزق ورسده لهذا التاريخ فريد ا من نوعه وقد يكون مختلف ا عن بقي ة ما ك تب يف املوضوع ذاته ذلك ألن املؤلر ف عايش الس ياسة األسرتالي ة عن قرب وسخ ر خربته لتقديم محتوى الكتاب ودع مه بشكل جي د باألدلة وحسن التناول. وسواء ات فق القارئ مع وجهة النظر التي عرض بها املؤلر ف كتابه أم ال فإن الكتاب يتمت ع بقدر كبري من التشويق إضافة إىل ثرائه باملعلومات.
صدر حديث ا فريق باحثين مسألة أكراد سورية: الواقع - التاريخ - األسطرة يتحدث هذا الكتاب عن تاريخ األكراد في سورية وعن نشوء مجتمع محلي كردي في منطقة الجزيرة السورية منذ عام 1925 فصاعدا ثم يعرض أحوال األكراد في سورية اليوم وال سي ما الحركات السياسية التي نشأت في أوساطهم ومدى مشاركة هذه الحركات في الثورة السورية ومقدار التحفظ عن المشاركة في الوقت نفسه. وتخلص هذه الدراسة إلى االستنتاج أن من غير الدقة الكالم على مجتمع كردي متواصل جغرافيا وبشريا أو ما يطلق عليه بعض األكراد "كردستان الغربية" على غرار "كردستان العراق". وهذا األمر ال يسمح بأي حل للمسألة الكردية في سورية خارج اإلطار الوطني السوري خالفا لبعض األطروحات مثل "كردستان الكبرى" أو حق الشعب الكردي الذي يعيش على أرضه التاريخية في تقرير مصيره. ويرى الكتاب أن سورية التي تمر بمرحلة تحو ل تاريخية ربما تمنح األكراد فرصة حقيقية إلنتاج حل ديمقراطي للمسألة الكردية على قاعدة وحدة الدولة وهويتها العربية والمواطنة المتساوية لجميع مواطنيها ألن سورية التي يشك ل العرب فيها أكثر من تسعين في المئة ال تتعارض هويتها العربية مع حق غير العرب في التمتع بحقوق المواطنة كاملة.