بسم اهلل الرحمن الرحيم م قد مة هذا كتاب يتناول بالدراسة والتحليل تاريخ األدب العربي في العصر العباسي في املشرق واألدب العربي في األندلس إذ انفتحت احلض

ملفّات مشابهة
الدِّيكُ الظَّرِيفُ

)) أستطيع أن أفعلها(( المادة : لغة عربية الصف و الشعبة: السابع االسم : عنوان الدرس: ورقة مراجعة )) العمل الفردي (( األهداف: أن يجيب الطالب على جميع اأ

د ع اء ك م يل بن ز ياد د ع اء ك م يل بن زياد ( رح ه هللا( م ا لل ه م إن ي أ س أ ل ك ب ر ح م ت ك ال تي و س ع ت ك ل ش ي ء و ب ق و ت ك ال تي ق ه ر ت ب ها

2 nd Term Final Revision Sheet Students Name: Grade: 4 Subject: Saudi Culture Teacher Signature 1

1

الرسالة األسبوعية/ الصف السادس 2018 / 9 - األحد 16 أولياء األمور الكرام : إليكم الرسالة األسبوعية وما سيتم إنجازه هذا األسبوع: األسبوع الماضي : تم اال

easy - translation

مقدمة أ- إن البلاغة الفصل الا ول أساسية البحث من كلمة بلغ المعنى وصل المراد وصول رسالة لها كلام تسليمها واحد إلى آخر. و من الا صطلاح هي بلوغ المتكلم ف

وزارة الترب ة بنك األسئلة لمادة علم النفس و الح اة التوج ه الفن العام لالجتماع ات الصف الحادي عشر أدب 0211 / 0212 األولى الدراس ة الفترة *************

قررت وزارة التعليم تدري س هذا الكتاب وطبعه على نفقتها الريا ضيات لل صف االأول االبتدائي الف صل الدرا سي الثاين كتاب التمارين قام بالت أاليف والمراجعة

Microsoft Word - 47-Matthew

اسم المفعول

بسم الله الرحمن الرحيم

))اوراق عمل مادة التوح د(( اولى متوسط مالحظة: ال غن عن الكتاب الدراس

REPUBLIQUE ALGERIENNE DEMOCRATIQUE ET POPULAIRE وزارة التعليم العالي والبحث العلمي Ministère de l enseignement supérieur et de la recherche scientifiq

كانَتْ نَمْلَةٌ تَسْعى طيلَةَ فَصْلِ الصَّيْفِ بِنَشاطٍ لِتَجْمَعَ طَعامَها لِفَصْلِ الشِّتاءِ. وَكانَ بِجِوارِها جُدْجُدٌ قَدْ قَضى وَقْتَهُ في اللّه

الصفة المشبَّهة باسم الفاعل

اشارات رقم النتيجة الجلوس نتيجة امتحان التعليم المفتوح يناير )2016 ) 1 المستوى الثامن- شعبة االرشاد ( قديم ) جامعة عين شمس كلية االداب- التعليم المفتو

بسم رلا هللا من قوله : وبعدها أمر بالهجرة إلى المد نة... إلى قوله : حتى تطلع الشمس من مغربها... وبعدها أمر بالهجرة عن بعد ان مكث النب هللاىلص ف مكة عش

ن خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 15 من شوال 1439 ه الموافق 2018/6/29 م م ن ال م ن اه ي الل ف ظ ي ة ن ا م ن س ي ئ ات أ ع م ال ن ش ر ور أ ن ف سن ا

جامعة عين شمس كلية التربية النوعية ة امتحان دور : ف نتيجة الفرقة : يناير األولى قسم تكنولوجيا التعليم الفرقة األولى العام الد ارسى : / ( عام

الوحدة األولى المالمح البشرية للوطن العربي عنوان الدرس : سكان الوطن العربي أوال :أكمل الجدول التالي: 392 مليون نسمة %5.3 %39.9 %60.1 عدد سكان الوطن ال

طور المضغة

Microsoft Word - ٖٗخص عربÙ−

نت جة إختبار قدرات الوافد ن والشهادات المعادلة )عمارة( 2017 م أسم الطالب الرقم القوم الدولة الحاصل منها الطالب عل الشهادة نوع الشهادة ا

جامعة عين شمس كلية الحاسبات و المعلومات كنترول الفرقة الرابعة بيانات الطالب )رقم الجلوس-الحالة الدراسية-االسم( النمذجة والمحاكاة نتيجة طالب الفرقة الر

الجامعة الأردنية

Microsoft Word - Kollo_ ARA.docx

الم ب س ط ة الع ر ب ي ة الت ر ج م ة Language: العربية (Arabic) Provided by: Bible League International. Copyright and Permission to Copy Taken from th

الدرس : 1 مبادئ ف المنطق مكونات المقرر الرسم عناصر التوج هات التربو ة العبارات العمل ات على العبارات المكممات االستدالالت الر اض ة: االستدالل بالخلف ا

ش ط TRANQUILITY ش ط Tranquility دومي ي ه منتج سك رائ ص ي ئ ب ت ست ى إق م م ا ر ا و. ا ط ط ا ع ة التصم د م ا ن س ا عم ري وأس ب ء ه ا ا م ا ي سي أجن سكن

الشريحة 1

منطقة العاصمة التعليمية عدد الصفحات / مخس صفحات التوجيه الفني للغة العربية الزمن / ساعة واحدة اختبار الفرتة الثالثة يف مادة اللغة العربية للصف العاشر

Layout 2

Cambridge University Press Cambridge IGCSE Arabic as a First Language Coursebook Luma Abdul Hameed, Hanadi Al Amleh, Shoua Fakhouri

م ق د م ة الفهرست ال ف ص ل ال أاو ل : م راج عات ق ب ل ي ة ال م ف عول ب ه ال م ب ت د أا و ال خ ب ر الن ع ت ال ع ط ف ال ع د د و ال م ع دود )11 19( ال ف

المجال : األدب دليل التواصل الروحي الموضوع : ع ت اب ابن الر ومي ص 87 أحمد الفقي المجال : األدب دليل التواصل الروحي الموضوع : ع ت اب الشاعر :

الذكاء

نـمو المتعلم

منحهما جائزة "الوسام الذهبي لإلنجاز": - Monitoring Media إتحاد المصارف العربية يكر م عدنان وعادل القص ار في القمة المصرفية العربية الدولية في باريس Ta

م ج ل ة الض اد ل ل غ ة الع ر ب ي ة العدد - 12 ديسمرب 2016 اإل م ام الخ ب ير الم غ ر ور و ح د يث الد ود ة! الش اف ع ي م ن م ح ن ة الو ل ي ة إ ل ى م ن ح

لغة الضاد عنواني

SKRIPS~1.RTF

الشريحة 1

اإلحتاد املصري لتنس الطاولت بطىلت اجلمهىريت املفتىحت لفردي مجيع االعمار السنيت للبنني والبناث صالت رقم ( 1 ) استاد القاهرة خالل الفرتة من 04 اىل 12 فر

Microsoft Word - 50-John

أاعمال الر سل 507

اسم الطالب: ألمدرسة األحمدية الخميس 24 آذار ربيع الثاني 2442 إمتحان فهم مقروء فصلي للصف الخامس إق أر النص التالي ثم أجب عن األسئلة التي تليه:

وزارة التربية والتعليم مجلس االمارات التعليمي 1 النطاق 3 مدرسة رأس الخيمة للتعليم الثانوي Ministry of Education Emirates Educational Council 1 Cluster

إنَّ وأخواتهـا

خطبة ( إن ا ل ب رار لفي نعيم( مع العالمات التوضيحية لألساليب الخطابية

اململكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة اجملمعة عماده خدمه اجملتمع كليه الرتبية بالزلفي دبلوم التوجيه واالرشاد الطالبي ملخص منوذج توصيف مق

E-EH/ 3'EJ 'D('1H/J >> (BH) P 'D9DEP *BHI 4HC) O 'D#EEP

االبداع في صياغة المواقف المضحكة من خصائص الشخص ذو الذكاء: الفكاهي A. الذاتي B. اللغوي C. العاطفي D. االتصال الذي يتخذ فيه الفرد قراراته بناء على المع

المدرسة المصر ة للغات قسم اللغة العرب ة و الترب ة اإلسالم ة للصف السادس االبتدائ مراجعة عامة أوال التعب ر : التعب ر الوظ ف :- اكتب الفته تحث ف ها زمال

دفرتالأطفال

Kingdome of Saudi Arabia Ministry of Education Taibah University University Testing Center المملكة العربية السعودية وزارة التعليم جامعة طيبة مركز االخ

نسخة تحت التعديل م ن ظ و م ة غ س ا ل ا ب ر ي ط ف ي ا ل ع ط ا س د ا ل ر ح ن م س ن ب س ع م ر ب ع م م ا ع ل إ ا م ظ ق ب ا نظم خادم السلف ش م ل ع ل ي ا ه

هاروت وماروت كما وردت يف القرآن الكريم )من خالل تفسري ابن جرير الطربي - -ت 310 ه املسمى جامع البيان يف تفسري آي القرآن ) دكتور سناء بنت عبد الرحيم بن

. رصد حضور المرأة في وسائل اإلعالم المحلية 2017

Microsoft Word - Aliyat Ikhtilaf_ 13 Juillet.doc

15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة 15 فائدة يف شهر ذي الق ع دة

اشارات النت جة رقم الجلوس جامعة ع ن شمس كل ة االداب-التعل م المفتوح وحدة تكنولوج ا المعلومات نت جة امتحان التعل م المفتوح نا ر )2015( 1 المستوى الثامن

جامعة حضرموت

بسم رلاهللا لما ذكر المصنف رحمه ما تقتض ه شهادة اال اله اال هللا عرج بعد ذلك ف ما تقتض ه شهادة ان دمحما رسول هللا فقال وانه خاتم االنب اء وان دمحما عب

الاتصال الفعال بين المعلم والطالب

* *على كل طالبة التأكد من رقم جهازها قبل دخولها المعمل سوف تكون هناك قائمة على الباب بذلك ** **ال سمح ألي طالبة الدخول للمعمل اذا لم تكن ه فترتها المح

حمتويات الدليل رقم الصفحة م املوضوع

صفوت مصطفي حميد ضهير مدرسة الدوحة الثانوية ب أي خطأ طباعي أو إثناء التحويل من صيغة آلخري يرجي إبالغي به والخطأ مني ومن الشيطان أما توفيقي فمن هللا عرف

توزيع املساقات الدراسية في برامج ماكاديمية على ماقسام العلمية )1( قسم القانون الدولي العام م املساق القانون الدولي العام التنظيم الد

تحصن القرار الاداري - دراسة مقارنة

اإلحتاد املصرى لتنس الطاولة بطولة اجلمهورية املفتوحة األوىل لفردى الرباعم والربعمات حتت 12 سنة واألشبال والشبالت حتت 15 سنة صالة رقم ( 1 ) - استاد الق

آذار 2017 B الص ف الث اني م ساب ق ة ال لغاز الد و لي ة في الر ياض ي ات االسم ال شخصي: اسم العا ئل ة: الص ف : اسم المدرسة: بلد ة اسم المدرسة: عنوان مكا

كلية الطب البيطري ملتقي التوظيف الثاني كلية الطب البيطري- جامعة الزقازيق األربعاء 7122/2/72 تحت رعاية رئيس الجامعة: أ.د/ أحمد الرفاعي عميد الكلية: أ.د

Sum Practical Attendence Mid

٢٣ فائدة في أيام التشريق ٢٣ فائدة في أيام التشريق

8 مادة إثرائية وفقا للمنهاج الجديد األساسي الثامن للصف الفصل الدراسي األول إعداد املعلم/ة: أ. مريم مطر أ. جواد أبو سلمية حقوق الطبع حمفوظة لدى املكتبة

الخطة الاستراتيجية ( 2015 – 2020 )

جملة جواب الشرط الغير جازم

وزارة التعليم العالي والبحثالعلمي الجامعة المستنصرية كلية اآلداب قسم الفلسفة الوجود اإلهلي يف فلسفة كانط النقدية رسالة تقدمت بها الطالبة: زينب وايل شو

INFCIRC/641 - Agreement between the Government of the Republic of Cameroon and the International Atomic Energy Agency for the Application of Safeguard

الشريحة 1

وزارة التعليم العالي والبـحث العلمي

جامعة الانبار – قسم ضمان الجودة والاعتماد - السيرة الذاتية لعضو هيئة تدريس

الموطأ كتاب المساقاة معالي الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد اهلل اخلضري عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء تاريخ المحاضر

BREVET NATIONAL JUIN+SECOURS 2011

من نحن يف 2007 / 9 / 2 صدرت جريدة كصحيفة يومية وطنية شاملة تسعى إلى مواكبة التطورات احمللية و االقلميية والعاملية بشكل موضوعي ومبتكر إلى جانب تبني امل

Morgan & Banks Presentation V

Guidelines for gender-inclusive language in Arabic_Toolbox/ Self-paced activity: Apply the guidelines to a text تطبيق الوثيقة التي تحتوي على أفضل المم

60 ) ( ) ( ) منطمة العاصمة التعل م ة اختبار تجر ب للصف السادس مدرسة عبد العز ز حس ن الفصل الدراس الثان للعام 8 االسم أوال كفا ة المراءة والمشاهدة / 9

بسم الله الرحمن الرحيم

التعصيب و الحجب

البكريةA5.indd

الحروف المتشابهة شكلا - لعبة إنشاء خطوط المحتوى: 12 غطاء قنينة لوحة بوليجال 12 بطاقة صفراء دائرية الشكل )لكتابة الحروف المتشابهة شكال

10) série d'exercices chute libre d'un corps solide

نظرية الملاحظة

مشروع قانون المحكمة الدستورية التقرير العليا الرابع والسبعون مشروع قانون مقدم من الحكومة تقرير لجنة الفصل التشريعى األول دور

الرقابة الداخلية والرقابة الخارجية

( ضع إشارة ( ) أمام العبارة الصح حة وإشارة الخاطئة العبارة (أمام ) ) ( 1- اتبع نب نا دمحم هللاىلص الحن ف ة وه ملة أب نا إبراه م عل ه السالم... ( 2- بد

النسخ:

بسم اهلل الرحمن الرحيم م قد مة هذا كتاب يتناول بالدراسة والتحليل تاريخ األدب العربي في العصر العباسي في املشرق واألدب العربي في األندلس إذ انفتحت احلضارة العربية اإلسالمية على حضارات األمم التي سبقتها الهندية و الفارسية واليونانية والرومانية فتأثرت بها وأكملت مسيرتها وواصلتها مضيفة إليها وكانت النتيجة أن أثرت احلضارة اإلنسانية وأسهمت في تقد مها وتأثر تبعا لذلك أدبنا العربي شعره ونثره فازدهرت فنونه وأفكاره وتطورت أساليبه وستلمس ذلك جليا في النتاج األدبي لشعراء العصر وكتابه بعد أن عر فناهم تعريفا غير مخل وعرضنا لنماذج من شعرهم ونثرهم كما تناولنا بالدراسة تاريخ األدب العربي في األندلس ملا له من خصوصية ميزته من أدب املشرق وملا فيه من عبقرية وخصوصية وإبداع غذتها تلك البقاع وأثرت في تكوينها. وفقنا اهلل إلى سبيل الرشاد وهدانا خلدمة أوطاننا وأبنائنا وتراثنا اخلالد إنه ولي التوفيق. املؤلفون

مقدمة عن العصر العباسي ي عد العصر العباسي من أطول وأ غزر العصور األدبية التي رافقت منو األدب العربي وتطوره وتعنى دراسة هذا العصرالت ع ر ف على أحوال األدب في أكثر من خمسة قرون من حكم األسرة العربية العباسية تبدأ سنة ( 132 ه( وهو تاريخ سقوط الدولة األموية وانتقال احلكم إلى العباسيني وتنتهي سنة) 656 ه( تاريخ انتهاء احلكم العباسي واحتالل املغول بغداد. لقد عالج مؤرخو األدب دراسة هذا العصر في ظل العصور السياسية وتقسيماتها على وفق ما اتفق عليه أكثر املؤرخين وإن أ غلب الدراسات تناولته في عصرين هما: العصر العباسي األول من سنة )132 ه( إلى سنة )334 ه( في بداية حكم البويهيني والعصر العباسي الثاني من سنة )334 ه ) إلى سنة )656 ه ) وهي سنة الغزو املغولي بغداد ومع أهمية التقسيم الزمني في دراسة األدب الب د أ ن نشير إلى ضرورة تأكيد تطور الفنون األدبية في العصر كل ه ألنه اجلانب األهم واألجدى واألنفع. وميثل العصر العباسي بجملت ه أوج االزدهار احلضاري الذي أنتج حركة فكرية رائعة امتازت بتدوين العلوم العربية اإلسالمية وبالعناية بعلوم مترابطة ت كو ن هيكال فكريا عربي ا إسالمي ا في أصول ه ورجال ه. وقد انتشرت املدارس في هذه املرحلة الز منية وظهرت دور الكتب وأسواق الوراقني كدار احلكمة واملكتبات الشخصية والعامة وقد هي أ القرن الثالث الهجري لوالدة مسيرة االزدهار احلضاري في القرن الذي تاله.

اخلصائص الفنية للنثر والشعر في هذا العصر 1- اخلصائص الفنية للنثر : تنويع العبارة وسهولتها وتقطيع الفقرة إلى جمل كثيرة مسجوعة أو مرسلة واإلطناب في األلفاظ واجلمل واالستطراد ومزج اجل د بالهزل وحتليل املعنى واستقصاؤه وحتكيم العقل واملنطق واالعتراض باجلمل الدعائية واإلكثار من املجاز والتشبيه والكناية واحملسنات البديعية كاجل ناس والطباق والتورية واالستشهاد بالنظم في غضون النثر واالقتباس من آي القرآن الكرمي وتضمني احلديث النبوي الشريف. 2- اخلصائص الفنية للشعر : أما الشعر فقد بقي أغلب شعراء العصر- على الرغم من العوامل اجلديدة املؤثرة في مجرى حياتهم وتفكيرهم وشعرهم- يلتفتون إلى الشعر القدمي ويتأثرون به م ستمدين منه األسس التي يقيمون عليها بناء قصيدهم فهم لم يشاؤوا أ ن يتحرروا من قيود الوزن والقافية وعمود الشعر كما لم يتهيأ لهم أ ن يتحللوا من كثير من األغراض واملعاني التي طرقها األقدمون فكانوا يلتزمون وزنا واحدا وقافية واحدة في القصيدة الواحدة ويفتتحون القصائد بالنسيب أو ذكر األطالل كما كانوا يعاجلون )يعرضون( في أثنائها أغراضا شعرية شتى وهم في كل هذا يحذون حذو القدماء من الشعراء.

ولكن مع كل هذا االقتداء بالقدماء فإن هناك شعراء لم يبقوا جامدين عند احلدود التي رسمها لهم األقدمون بل حاولوا تطوير الفنون التي ورثوها كما جهدوا في إبتداع فنون أخرى لم يكن لها أصل قبل هذا العصر. لقد طرأت على الشعر أ مور كثيرة تناولت جوانب مختلفة منه ميكن إجمالها فيما يأتي: ما حدث في فنونه وأغراضه: - 1 استهالل بعض قصائدهم بوصف القصور أو السفن أو الربيع أو الشراب بدال من النسيب أو ذكر األطالل فكان هذا التغير في استهالل املوضوعات نتيجة البيئة اجلديدة التي عاشوا فيها. 2- ازدياد وصف الرياض والقصور وأ حوال املعيشة ومصايد الوحوش والط ير والس مك وغير ذلك. 3- ازدياد الدعوة للوعظ وال زهد في الد نيا واحلكمة وضرب املثل وتأديب النفس ونظم القصص واحلكايات شعرا. 4- ظ هور نوع من ال رثاء يهتم برثاء املدن والبلدان وما ي هم االنسان من طير وحيوان... وغيرها. 5- ظهو ر الشعر الهزلي والتهكمي )الس خرية(. 6 -اإلكثار من وصف املعارك التي كانت تقع بني املسلمني وغيرهم من الروم والصليبيني. 7- اإلكثار من التراسل بالشعر والت هاني وهو ما يسمى )األخوانيات( وبخاصة في مواسم األعياد أو الزواج أو الوالدة أو غيرها. 10

8- ضبط القواعد والعلوم بنظمها شعرا وهو ما يسمى الشعر التعليمي حلفظ قواعد العلوم اللغوية والفقهية واحلكمة والقصص واألمثال لتسهيل حفظها فقد نظموا قصص ك ليلة ود منة وغيرها. ما طرأ على لفظه وأسلوبه: 1- ه ج ر األلفاظ الغريبة وقل ت ها في النصوص األدب ية. 2- التملح بالكلمات غير العربية تظر فا. 3- ر قة األسلوب وعذوبة اللفظ مع بقاء اجلزالة )القوة( ووضوح املعنى. 4- اإلكثار من استخدام فنون علوم البالغة والسيما فنون البديع. ما حدث في معانيه وأخيلته: 1- ترتيب األفكار ترتيبا متماسكا مما استدعىاالهتمام بوحدة القصيدة أكثر من االهتمام بوحدة البيت بحيث قل االقتضاب واالنتقال من معنى إلى معنى مباين له وهو ما ي ع ر ف ( بوحدة القصيدة(. 2- املبالغة والغلو في األغراض الشعرية كاملديح والهجاء والفخر والر ثاء. 3- إبداع األخيلة اجلميلة للتصوير في التشبيه واالستعارة واألوصاف وحسن التعليل أو ما ي سمى بالصور ة الفني ة. 4- استعمال طرق احلكمة الفلسفة وعلم الكالم واملنطق ونحو ذلك في توسيع أساليب اإلقناع. ما طرأ على أوزانه وقوافيه: 1- اإلكثار من النظم في البحور القصيرة واملجزوءة. 2- استحداث أوزان جديدة ك تب ألكثرها الزوال. 3- أم ا في مجال القافية فقد ابتدع الشعراء امل سم ط واملزد و ج واملوشح. 11

وكان أبو نواس معاصرا لإلمام علي بن موسى الرضا )عليه السالم( وقد ع وت ب على عدم مدحه فقال: في فنون من الكالم النبيه قيل لي أنت أشعر الناس ط ر ا في املعاني وفي الكالم البديه لك م ن جوهر الكالم بديع واخلصال التي جتمعن فيه فعالم تركت مدح ابن موسى كان جبريل خادما ألبيه قلت ال أهتدي ملدح إمام وحني عال سنه وغزاه الشيب أفاق أبو نواس وكتب أجمل قصائد ال زهد والدعوة إلى ترك الشهوات ووجدت عند موته حتت وسادته رقعة مكتوب فيها: يارب إن عظمت ذنوبي كثرة إن كان اليرجوك إال محسن أدعوك رب كما أمرت ت ض ر عا مالي إليك وسيلة إال الر جا قال ابو نواس : فلقد علمت بأن ع فوك أعظم فبمن يلوذ ويستجير املجر م فإذا رددت يدي فم ن ذايرحم وجميل عفو ك ث م إني م سل م )للحفظ( لب س ت له ك برا أب ر على الك بر 1- ومستعبد إخوان ه بثرائ ه رأى جانبي وعرا يزيد على الوعر 2- إذا ضم ني يوما وإي اه مجلس على املنطق املنزور والنظر الشزر 3- أ خالق ه في شكله وأ جر ه أراني أغناهم وإن كنت ذا فقر 4- لقد زادني تيها على الناس أن ني إلى أحد حتى أ غي ب في القبر 5- فو اهلل الي ب دي لساني جل اجة 13

6- فال ت طمع ن في ذاك من ي س وقة وال مل ك الدنيا المحج ب في القصر 7- فلو لم أر ث فخرا لكانت ص يانتي ف م ي عن سؤال الن اس ح س بي من الف خ ر التعليق النقدي كان احلسن بن هانيء املكنى بأبي نواس واحدا من كبار الشعراء املجددين في عصره وقد أرسى هو وبشار بن برد ومسلم بن الوليد وأبو متام وابن املعتز قواعد مدرسة الشعر العربي احملدث في العصر العباسي األول وقد نظم في أغراض الشعر العربي املعروفة كلها وأجاد فيها والسي ما الوصف والغزل وشعر الطرد ووصفه للطبيعة بديع وغزله مادي ح س ي اليظهر فيه حترجا. ولكنه أجود شعره وأرق ه. ولقد آثرنا أن نختار هذه املقطوعة وهي في باب العتاب كما صنفت في ديوانه ملضمونها اإلنساني وغرضها األخالقي. وقد أعجب بها القدماء فقد ذكر ابن املعتز في كتابه ( طبقات الشعراء( أن أبا العتاهية وهو من شعراء العراق املعاصرين ألبي نواس متنى أن تكون له هذه األبيات فيستعلي بها على شعراء أهل األرض. تتحدث القصيدة عن االغنياء املتكبرين الذين ي رون أن ثراءهم ي س و غ لهم ال تكب ر على إخوانهم واالستعالء عليهم. ويبدو أن أبا نواس كان قد ابتلي بصحبة واحد من هؤالء فوصفه بأنه يستعبد إخوانه بثرائه. إال أن أبا نواس وهو األديب امل ر هف احلس امل ع تد بنفسه امل ع تز بثقافته يأب ى 14

دعبل اخلزاعي هو دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد اهلل بن بديل بن ورقاء اخلزاعي. ودعبل لقب ع ر ف به ويكنى أبا علي ولد في الكوفة سنة ( 148 ه(من اسرة عرف رجالها باألدب والعلم فقد كان والده شاعرا كذلك كان ابناه علي واحلسني وأخوه رزين بن علي وابن أخيه علي بن رزين بن علي وعمه عبد اهلل بن رزين وابن عمه أبو جعفر محمد بن عبد اهلل بن رزين وكان اخوه علي بن علي أديبا وقد صنف كتابا كبيرا عن اإلمام الرضا )ع(... واختلف في سنة وفاته فقيل انه توفي سنة )246 ه ) وقيل سنة )245 ه ) واألرجح انه توفي سنة )246 ه ) وله من العمر ثمان وتسعون سنة. و ي ج مع مؤرخو األدب على أن لدعبل منزلة رفيعة في العلم واألدب والشعر فقد كان كاتبا ومؤرخا ومحد ثا وعاملا باألدب واللغة وأيام العرب. حت ى أن ابن شرف القيرواني وصفه في رسائل االنتقاد بأنه )كان شاعر علماء وعالم شعراء وقد اشتغل برواية احلديث وكان من شيوخه الذين أخذ عنهم اإلمام مالك بن أنس) 179 ه( وسفيان الثوري )161 ه (. من آثاره ديوان شعر وكتابان مفقودان هما : كتاب الواحة في مثالب العرب ومناقبها وكتاب طبقات الشعراء. وقدحقق ديوانه ثالث مرات واول من حققه الدكتور محمد جنم. وقد اشتهر دعبل اخلزاعي بقصيدته التائية في رثاء آل البيت الكرام )عليهم الس الم ) التي مطلعها:- 17

جتاوبن باإلرنان والزفرات )1( نوائح ع جم اللفظ والنطقات يخبرن باألنفاس عن سر أنفس أسارى هوى ماض وآخر آت ومنها: مدارس آيات خلت من تالوة ومنزل وحي م قفر الع ر ص ات ك ت ب دع بل اخلزاعي في كل األغراض الشعرية كاملدح والرثاء والفخر والهجاء ( للدرس( والوصف... ومن شعره في الشيب والشباب :- أين الشباب وأية سلكا التعجبي يا س لم من رجل قد كان يضحك في شبيبته ال أين ي طلب ض ل ب ل هلكا ض ح ك املشيب برأسه فبكى وأتى املشيب فقل ما ض ح كا )2( يا س ل م ما بالشيب منقصة ال س وقة ي بقي وال م لكا )3( قصر الغواية عن هوى قمر وج د السبيل إليه مشتركا )4( و غدا بأخرى عز مطلب ها صب ا يطا من دونها احلسكا ياليت شعري كيف نو مك ما ال تأخذ ا بظالمتي أحدا ياصاحبي اذا دمي س ف كا قلبي وطرفي في دمي اشتركا 18

اللغة: 1- اإلرنان : صوت البكاء. ع جم اللفظ : غير فصيحة. 2- السوقة : عامة الناس. 3- الغواية: الضالل. 4- عز : امتنع. صب ا : عاشقا متيما. يطا: يطأ: يدوس. احلسك: نبات له شوك. التعليق النقدي يتساءل الشاعر عن الشباب الذي ول ى دون رجعة بعد أ ن غ ط ى الش يب رأ س ه وكان لقاء املقارنة بني الشباب واملشيب. برقة أسلوب وسالسة عبارة واستخدام للمحسنات البديعية كالط باق واجل ناس. والقصيدة ت ك شف عن م بدع يتفنن في رسم الصورة والغوص في إعماق النفس اإلنسانية... باستخدام لغة شفافة مباشرة قريبة إلى ذهنية املتلقي مع واقعي ة ت ك ش ف عن قدرة في رصد الواقع بجزئيات ه... فالش يب اليستثني أحدا وال ي عد منقصة لقد استعان الشاعر باأللفاظ املباشرة لتمثيل أفكاره وعواطفه )استخدام الداللة احلقيقية لأللفاظ( وبالصورة التي اختارها ألوصافه التي حر ك ت اجلمادات )ضحك املشيب برأسه فبكى(فالشاعر يضفي على النص وحدةمتماسكة هي وحدة الشعور واإلحساس بانسجام األفكار والعواطف والصور وائتالف اللفظ 19 والتركيب مع املعنى العام.

وقد أقبل على معارف العصر - وهي كثيرة ومتنوعة ي ن ه ل منها ما يشاء فكان أكثر الشعراء حفظا للشعر العربي وتأثرا به ولعل ما أثر له من مؤلفات في الشعر والشعراء دليل على هذا كما كان من أكثر شعراء عصره تعمقا في الفلسفة وتأثرا بها وديوان شعره برهان بني على مصداق هذا القول. لقد توز ع شعر ه على فنون املعرفة وكان املديح على رأس هذه الفنون كما كان الرثاء من الفنون التي اشتهر بها وتفوق وخاصة مراثيه للقادة العرب التي صور فيها مآثرهم وجهادهم وحماستهم وهم يتسابقون إلى الشهادة في سوح القتال دفاعا عن حياض الوطن وحفاظا على الكرامة واحلق. وكان الوصف أحد الفنون التي برع فيها الشاعر وأكث ر منها وكانت أوصافه للمعارك احلربية- وهي كثيرة في عصره- سجال حافال وتاريخا صادقا ص ور فيها تصويرا دقيقا رائعا للكثير منها وهو من أجل هذا ي عد أكثر الش عراء وصفا في هذا املجال كما ي عد - في هذا الفن- املمهد لغيره من الشعراء. نحا أبو متام بالشعر مناحي جديدة ظهرت في دقة املعاني والغوص في األفكار متأثرا مبا رفد به عقله من علوم العصر وخاصة الفلسفة- كما تقدم- حت ى أت ه م بالغموض كما ولع بالبديع وش غف به حتى كاد يعم شعره وتفنن فيه تفنن ا عجيبا حتى كاد ينسب ابتداعه إليه وأ ك ث ر من االستعارات اجلديدة وأ ك ث ر من ضرب األمثال وإ شاعة احل ك م مما ميكن أن يكون متهيدا ملن أ عقبه من الشعراء ومن أجل ذلك كله فقد اختلف في شعره النقدة واألدباء اختالفا النظير له قبله ووض ع ت فيه الرسائل والكتب 22 وكثرت فيه اآلراء واألقوال.

5- ونفس ت عاف العار حتى كأن ه هو الكفر يوم الر وع أو دونه الكفر 6- فأ ثبت في م ستنقع املوت ر جل ه وقال لها: من حتت أ خ مص ك احلشر 7- غدا غدوة واحلمد نسج ردائه فلم ينصرف إال وأكفان ه األجر 8- ت رد ى ثياب املوت ح مرا فما دجا لها الليل إال وهي من سند س خ ضر 9- لئن أ لب س ت فيه املص يبة طي يء ملا عر يت منها مت يم وال بكر 10 -س قى الغ يث غيثا وارت األرض ش خ ص ه وإن لم يكن فيه سحاب وال قطر 11 -مضى طاهر األثواب لم ت ب ق روضة غ داة ثوى إال اشتهت أنها قبر 12 -ثوى في الث رى من كان يحيا به الث رى وي غمر صرف الدهر نائل ه الغمر 13 -عليك سالم اهلل و ق عا ف إن ني رأيت الكريم احل ر ليس له ع م ر 24

ر س م الشاعر صورة صادقة مؤثرة للشهيد وعد استشهاده نصرا. فالشهيد حي عند ربه لقد قاتل بشرف وشجاعة حتى حتطم مضرب سيفه فهو إذن ي عذر وكان قادرا على التخلص من املوت غير أن أخالقه ترفض العار بل تعد ه كفرا فثبت في ساح املعركة مخاطبا نفسه الطريق إال النصر أو الشهادة فنال بذلك اخللود واألجر العظيم. د خ ل القائد املعركة بثيابها فاصطبغت بالدماء وما إن ح ل الل يل حت ى صارت إست برقا وحريرا كناية عن دخوله اجلنة. إن خسارة القائد لم تنحصر في طيي - قبيلته- بل عم ت كل القبائل ويدعو الشاعر باملطر لهذا البطل اجلواد في قبره الذي كان الث رى يثرى به وكل بقعة متنت أ ن تكون له قبرا. وخير ما ختم به الشاعر مرثيته إرساله سالم اهلل إليه وهذه احلكمة: احلر الكرمي قصير العمر في الد نيا يريد أن يقول إن الكرمي يأبى الهرب والتراجع والفرار فيقدم نفسه فداء ملبادئه وسمعته والذكر احلسن من بعده. إن التأبني غرض يفرض على الشاعر سهولة اللفظ وي س ر املعاني وقوة التعابير وفخامة التراكيب وقد وف ق أبو متام في بيان فداحة اخلسارة- خاصة املطلع- ومبكانة الفقيد بطال. كما وف ق في تصوير املقاتل بتسلسل حدثي رائع. وتدفق للمعاني فال تعقيد وال صناعة- على الرغم مما عرف عنه من ولوع في البديع وفنونه- وبجمل قوية معبرة تكشف عن صدق اإلحساس حت ى إذا بلغ الذروة في بيان بطولة ومكانة املرثي مال إلى الهدوء في األسلوب ألنه حديث عن صفات أ خر للميت ودعاء له وحكمة. 26

البحتري هو أبو عبادة الوليد بن عبيد الطائي ولد مبدينة )منبج( بني حلب والفرات سنة )206 ه( في أسرة ليست بذات ي سار ونشأ نشأة عربية فصفا ذهن ه وفصح لسان ه وتلقف ماتي سر له من العلوم العربية اإلسالمية والعلوم احلديثة وظهرت عليه مخايل الن جابة منذ ريعان صباه فاستهواه الشعر ومال إليه وعاجله وهو فتى وتهيأ له أن يلتقي بأبي متام الذي رأى فيه ما ي نبئ بشاعرية فذة فتعهده ووضع له منهجا دقيقا في طريقة معاجلة الشعر واإلجادة فيه وذلك في وصيته املعروفة فأخذ عنه وتأثر بطريقته وخاصة اإلكثار من البديع. نشأ البحتري في احلقبة التي شهدت انعطاف أبي متام بالشعر إلى املنطق والغوص في املعاني والولوع بالبديع واالستعارات اجلديدة فترس م خطاه في البديع ووش ح به شعره ولكنه ف ض ل ما كان منه سهال واضحا وج ن ح إلى اخليال والطبيعة فاستمد منهما معانيه وع ني عناية فائقة باأللفاظ وجرسها حتى ع ر ف بذلك وامتاز به من الشعراء لقد ت صر ف البحتري في فنون الشعر واشتهر باملديح واالجادة فيه والقدرة على تصوير أخالق املمدوح كما امتاز بالغزل الر قيق الذي كان يتقدم قصائ ده عامة وبرع في وصف الطبيعة براعة لم يسبقه أو يلحقه شاعر آخر فيه كما أبدع في وصف مظاهر العمران من قصور فخمة وب رك عظيمة وفي الوصف الرائع لكثير من املعارك احلربية التي خاضتها اجليوش العباس ية وهي تتعقب األعداء واملناوئني لها في الب ر والبحر. توفي سنة )284 ه(و له ديوان شعر ضخم و كتاب احلماسة وهما 28 مطبوعان.

قال البحتري في و صف ذئب : )للدرس فقط( 1- سال م عليكم الو فاء وال ع هد أما لك م م ن ه جر احباب ك م ب د 2 -ول يل كأن الص بح في أ خريات ه ح شاش ة ن صل ض م افرن ده غ م د 3- ت سر ب ل ت ه والذئب وس ن ان هاجع بعني ابن ل ي ل مال ه بالك رى ع ه د 4- أثير الق طا الك در ي ع ن جث مات ه وتأل ف ني فيه الث عالب والر ب د 5 -وأطل س م لء العني يح مل ز و ر ه وأضالع ه م ن جانبيه ش و ى ن ه د 6- له ذ نب م ثل الر شاء ي جر ه وم ت ن ك م تن الق وس أ ع وج م ن أد 7- ط واه الط وى حت ى اس ت مر مرير ه فما فيه إال الع ظ م والر و ح واجل لد 8- ي قضق ض ع صال في أس ر ت ها الردى كق ض ق ضة املقرور أر ع ده الب ر د 9 -س ما لي وبي م ن شد ة اجل وع ما ب ه ب ب ي داء لم حت س س بها ع ي ش ة ر غ د 29

10 -كالنا بها ذئب ي حد ث ن ف س ه 11- ع و ى ث م أقعى وار جت ز ت ف هجت ه 12- فأوجرت ه خر قا ء حت س ب ريشها 13- فما ازد اد إال ج رأة وصرامة 14- فأتبع ت ها أخرى فأضلل ت ن ص له ا 15- ف خر وقد أوردته منه ل الر دى 16- وق م ت فجمع ت احل صى واشتو يت ه 17- ون ل ت خ س يسا م ن ه ث م ترك ت ه بصاحبه واجلد ي تع س ه اجل د فأقبل م ث ل الب رق ي ت بع ه الر ع د على ك وك ب ينقض واللي ل م س ود وأيقنت أن األمر م ن ه هو اجل د بحيث يكون الل ب والر ع ب واحل ق د على ظ مأ لو أن ه ع ذ ب الو ر د عليه وللر مضاء م ن حتته و ق د وأق لع ت عن ه وهو م ن ع ف ر فر د 30

اللغ ة: 2- حشاشة ن صل: أي بقيته. إفرنده غمد : جوهره ووشيه. 4- الكدري: ضرب من القطا غ ب ر األلوان رقش الظهور صفر احللوق. 5- األطلس: أي الذئب في لونه غ ب رة إلى السواد وكل م ن كان على لونه فهو طلس. 6- الرشاء: احلبل. 7- الط وى: اجلوع. 8- ي قضقض: يخرج صوتا من أنيابه. ع صال : اي أنيابا عصال )واالع صل : األعوج في صالبة(. 11- أقعى: جلس مفترشا رجليه وناصبا يديه. 12- فأوجرته: أصبت مقتله. التعليق النقدي إن ظاهرة وصف الذئب و حضوره في الشعر العربي قدمية. بدأت عند أمرىء القيس ومصاحبته له: وحتى البحتري الذي أكله. وهذا يعني انها دورة متثل دورة تغيراحلياة من مجتمع صحراء )العصر اجلاهلي( إلى مجتمع املدينة في )العصر العباسي(... وتغير العالقات االجتماعية والوعي. ولعل أول شاعر فتح الباب ألدب الذئب في الشعر العربي قدميه امرؤ القيس فهو يقول: 31

و واد كجوف العير قفر ق ط عته به الذئب يعوي كاخلليع املعيل ف قلت له ملا عوى: إن شأننا قليل الغنى إن كنت ملا تمو ل كالنا إذا ما نال شيئا أفاته ومن يحترث حرثي وحرث ك يهزل ت ب ع ه املرقش األكبرالذي يلتقي ذئبا في ليلة موحشة وأرض مقفرة ومعه بعض أصحابه... فيشعل النار طلبا للدفء والشواء فينجذب نح وها ذئبه... واذا بالشاعر يلقي له بقطعة من الشواء ويجعل منه أحد جالسه حينها ي ه ز الذئب راسه شاكرا. وملا أض أنا النار عند شوائ نا نبذت إليه قطعة م ن شوائن ا عرانا عليها أطلس اللون بائس حياء وما ف ح شي على من أ جالس )1( )2( فآب بها جذالن ينفض رأسه كما آب بالنهب الك م ي املخالس )1( وتروى : فلذة. )2( وتروى : فآض. 32

أما الفرزدق فهو يقسم الز اد بينه و بني الذئب دون أن يغفل عن اإلمساك بقائم سيفه... وفي هذه املرحلة تتغير العالقة فتأخذ طريق احلذر... فإذا ضحك الذئب بعد أن أكل وشبع ضحك الفرزدق واطمأن له وتعاهدا على عدم اخليانة. وأط ل س عس ال... وما كان صاحبا دعوت لناري- موهنا - فأتاني فلما دنا...قلت : أد ن دونك أنني وإياك - في زادي- ملشتركان فب ت اقد الزاد بيني وبينه على ضوء نار م رة ودخان وقلت له : ملا تكش ر ضاحكا وقائم سيفي من يدي مبكان تعش... فإن عاهدتني التخونني تكن مثل م ن ياذئب يصطحبان ويظل أدب الذئب تتردد أصداؤه في شعرنا القدمي داال على أحد مالمح مجتمع الفروسية حت ى يستقر املجتمع املدني وتذوي الفروسية ويفقد العربي صداقته مع وحش الصحراء فيصبح له قاتال متربصا بعد أن كان صديقا... فالشاعر البحتري الذي تبدأ قصيدته مبقدمة. ثم تتحدث عن الذئب واحلديث عن الذئب وفير في تراثنا القدمي ومن أمثالهم الكثيرة في هذا املجال قولهم:»أ ظ ل م من ذئب«. 33

تبدأ القصيدة مبقدمة ال تنفصل عن املوضوع وهو مقابلة الذئب واالنتصار عليه أو بعبارة أخرى مقابلة املعوقات الكبيرة والتغلب عليها بحسم وقدم! يقضي الب حتري ليله وحيدا في البيداء حيث يوشك ذلك الل يل على االنتهاء ليطل الص بح وكأنه في إطاللته البيضاء بقي ة سيف متأللئة لم تغمد إن ه الس ح ر وقتا أو )الزمن الرمادي( حني يلتقي بذئب وسنان في بحثه عن الط عام وهاجع بعني من شدة حذره فال يعرف للنوم طعما ينفعل البحتري أمام هذا الذئب فيتحر ك حركة فيها قوة وبأس وفتوة حيث يسير مثيرا القطا الرمادي عن مراقده وهو الفتى الشجاع الذي تعرفه وحوش تلك البيداء فيقترب منه ذئب أطلس اللون وقد استند صد ره وأضالع ه على أطراف دقيقة بارزة يجر ذ ن با كاحلبل في اتساقه وله ظهر كظهر القوس في دق ة انحنائه إنه ذئب ي عاني آالم اجلوع الذي ص ي ره نحيفا ليس فيه )إال العظم والروح واجللد( فثورة اجلوع قد ارتسمت على أسنانه وهي تصط ك بصوت يشبه صوت أسنان مقرور أ فزعه البر د فقد ظه ر هذا الذئب اجلائع بكل مالمحه وسماته البائسة الشديدة ليقابل البحتري اجلائع هو اآلخر في فالة قاسية ج رداء فكان اللقاء الغريب بني ذئبني جائعني إنساني وحيواني لقاء فيه عنصر التحدي والصراع سيتحول هذا اللقاء الغريب الصامت إلى صراع دام متحرك ومتوثب فيعوي الذئب ويجلس على مؤخرته )أقعى( استعدادا لالنقضاض على فريسته م ع لنا عن بدء الصراع والتحدي فيقابله البحتري بصوت ذئبي بحرارة وقوة قاصدا ابعاد ه ب ي د أ ن الذئب الي بالي ب ر د الفعل العنيف هذا ف ي قب ل عليه بقوة وتدفق مثل )البرق يتبعه الرعد( بحركة مزمجرة وصوت مدو حيث يدرك البحتري ادراكا الشائبة فيه أن الذئب قاتله ال محالة فيطعن ه بسهم سريع خاطف ولكن الطعنة تلك 34

أسئلة للمناقشة 1- من أين تبدأ دورة أدب الذئب وماذا تعني 2- في أي األبيات تلمح إبداع البحتري في جتسيد صوره حسيا 3- هل يوحي ذكر الذئب اشارة إلى فكرة معينة أوض ح ذلك. 4- يرتبط مفهوم الصورة الشعرية بالتطور احلضاري والفكري للبيئة العربية في عصر الشاعر علل ذلك. 36

املتنبي هو أبو الطيب أحمد بن احلسني من ساللة عربية صميمة ولد بالكوفة سنة )303 ه( في محلة كندة من أبوين فقيرين ونشأ بها وتعلم في كتاتيبها ثم شدا ما تيس ر له من العلوم العربية املختلفة وارتأى اخلروج الى البادية واتصل ببعض القبائل العربية فصح جسم ه وصفا ذهنه وأخذ عنها اللغة واكتسب الفصاحة وعشق احلرية ف ف ص ح لسان ه وتأثر بالعلوم احلديثة وخاصة الفلسفة التي كان لها في حياته مجال فسيح. وكان الشعر يتردد على لسانه وينساب قويا هادرا فأ ع ج ب به كثير من أبناء القبائل ويبدو أ ن ه ت س رب إلى أسماع بعض احلكام في بالد الشام أن الشاعر كان يتعاظم في شعره ويدعو إلى أمور قد ال يحتملون سماعها وال يتلمسون له فيها عذرا فأوجسوا منه خيفة وزاد األمر ح رجا اتهام الشاعر بادعاء الن بوة فرمي به في السجن وسيئت معاملته وطال مكثه فيه ثم أ طلق سراحه بعد أ ن وهنت قوته وك ذ ب ما أ لصق به من تهمة وتنص ل الشاعر مما ل ف ق ضده فأخذ ينتقل بني املدن قاصدا من يراه جديرا به من الرجال حتى تسنى له أن يلتقي بأمير عربي شجاع كرمي هو سيف الدولة احلمداني فأ ع ج ب كل منهما بصاحبه وكان الشاعر يالزمه في حل ه وترحاله وي ن ظ م فيه أروع ما جادت به عبقريت ه الشاعرة ويخوض معه غمار )1( املعارك الطاحنة التي كانت ضد الر وم فيسجلها أروع تسجيل ويصور ها أبدع تصوير وكانت عطايا سيف الدولة ت ن ث ال على الشاعر انثياال حت ى أغناه ولكن هذه العالقة املتينة لم تستمر إلى النهاية فقد ك د ر ها وشاب صفوها إقذاء الوشاة واحلساد الذين جدوا في إيغار )1( الغمار جمع غمرة: الشدة والزحمة وغمرات املوت شدائده ومكارهه. 37

صدر )1 ) سيف الدولة على خدينه وشاعره وما زالوا دائبني في سعيهم حت ى جنحوا في إيقاع اخل لف بينهما فغادر املتنبي على مضض بالط األمير العربي ضاربا في األرض حتى ألقى عصا ترحاله في مصر قاصدا حاكمها كافورا اإلخشيدي الذي أوحى اليه أن ي قل ده إمارة مدينة أو والية إذا ما أم ه )2( غير أنه ل م ي ب ر بوعده فعزم الشاعر على مبارحة مصر على الرغم من العيون الكثيرة التي بثها كافور لرصد حركات الشاعر وسكناته. وقد جنح الشاعر في الوصول إلى بغداد ومنها إلى عضد الدولة ووزيره ابن العميد في الشرق وعند قفوله اعترضه بعض مناوئيه ممن هجا بعضا منهم محاولني النيل منه فقاتلهم وسقط صريعا سنة )354 ه(. كان املتنبي منذ نشأته كبير النفس عالي الهمة عفيفا ع ز وفا عن اللذات مشغوال بطموح ه إلى املجد محبا قومه كم ا كان حاد الذكاء قوي احلافظة متضلعا من اللغة وله في كل هذه حكايات معروف ة تدل عليها. وهو أكثر الشعراء حفاوة باألمثال واحل ك م حت ى تكاد تطغى على أكثر ما أثر له من شعر وق د ر له أ ن ي عرض هذه األمثال واحل ك م عرضا أدبيا رائعا بحيث دارت على ألسنة الناس في كل وقت وكل مناسبة وذلك أل ن ه استطاع تطويعها للتعبير عن )طبائع النفس ومشاغل الناس وأ هواء القلوب وحقائق الوجود وأغراض احلياة(. وفي شعره إحساس عميق باحلماسة والفروسية قل أن جند له نظيرا في شعر سواه وهو ي ظ هر واضحا في أكثر فنونه الشعرية السيما املدح والفخر والوصف والرثاء والغزل. )2( أمه: قصده. 38 ) 1 (إيغار صدر: أوقده الغيظ.

وشع ره صدى لروحه الوث ابة وصدق عزميته وطموحه الطاغي وهو مظهر من مظاهر الفتوة العربية بكل أبعادها وصفاتها وخصائصها. وفي شعره شيء من التعقيد اللفظي ولعل مرد ذلك إلى ثقافته اللغوية الواسع ة التي اغترفها من حياة البادية التي عاش فيها مطلع حياته وإلى ثقته ومقدرته علىاإلحاطة والشمول بالعلوم العربية املختلفة. برع املتنبي في كل الفنون الشعرية التي طرقها وأجاد كثيرا في الوصف وخاصة وصف املعارك احلربية التي كان يخوضها سيف الدولة فقد صو رها تصويرا ح ي ا رائعا وع ر ف بقدرته الفائقة في هذا اللون من الشعر كما أجاد في اغراض شعرية أخرى:كاملديح...والفخر والرثاء والهجاء والشكوى واحلكمة. له ديوان مطبوع وقد تزاحم عليه الكثير من الشارحني : قال أبو الطيب املتنبي في وصف احل مى : )للحفظ عشرة أبيات( فليس تزور إال في الظالم 1- وزائرتي كأن بها حياء فعاف ت ها وبات ت في عظامي 2- بذلت لها املطارف واحلشايا فتوس ع ه بأنواع السقام 3- يضيق اجللد عن ن ف سي وعنها م دام ع ها بأربعة س جام 4- كأن الصبح يطرد ها فت جري مراقبة امل ش وق امل س ت هام 5- أراقب وقت ها من غير شوق إذا القاك في الك ر ب العظام 6- وي ص د ق وعد ها والصدق شر 39

فكيف وصلت أنت من الزحام أب ن ت الدهر عندي كل ب ن ت 7- مكان للسيوف وال السهام جرحت م ج ر حا لم يبق فيه 8- ت ص ر ف في ع نان أو ز مام أال يا ليت ش ع ر يدي أمت سي 9- وداؤك في شرابك والطعام 10- يقول لي الط بيب أكلت شيئا أض ر بجسمه طول اجل مام 11- وما في طب ه أني جواد ويدخ ل من ق تام في ق تام 12- تعو د أن ي غب ر في السرايا وال هو في الع ليق وال اللجام 13- فأ مس ك الي طال له في رعى وإن أ ح م م فما ح م اعتزامي 14- فإن أمرض فما مر ض اصطباري اللغة: 2- املطارف: جمع م طرف رداء من خز )ثوب من حرير(. احلشايا: جمع حش ي ة. ماحشي من الفراش مما يجلس عليه. 3- السقام: املرض. 4- سجام: منسكبة سجم الدمع سال وانسكب. 5- املستهام: الشديد الشوق. 6- الك رب: جمع كربة وهي الشدة واملصيبة. 7- أبنت الدهر : بنات الدهر شدائده. 11 -اجلمام : الراحة. )ان يترك الفرس فال يركب(. 12 -ي غ ب ر: يثير الغبار في املعارك. 40

السرايا: جمع سرية. وهي القطعة من اجليش. القتام: غبار املعارك. 13 -ال يطال له: اي اليطال له حبله ليتمكن من الرعي. والهو في السفر فيعلف من املخالة املعلقة في رأسه الطعامه. التعليق النقدي هذه األبيات - أعزاءنا الطلبة - اقتطعناها لكم من قصيدة ع د ته ا اثنان واربعون بيتا قالها املتنبي سنة ثمان وأربعني وثالثمائة للهجرة مبصر وكان طريح الفراش بسبب حمى أصابته وهو ي ه م بالر حيل عن مصر بعد أ ن ساء ت عالق ته بحاكم مصر آنذاك كافور اإلخشيدي. فالبيت األول في قطعتنا املختارة س ب ق ه عشرون بيتا في ديوان املتنبي يتحدث الشاعر فيها عن فروسيته وأنسه بالصحراء ومعرفته بحقيقة الناس وز يف مشاعرهم وفخره بفضائله وح سبه البنسبه ويأ س ف ملا صار عليه الناس من لؤم وحسد اليناسب أحيانا أصولهم الكرمية ثم يشكو مما اعتراه من ضعف و و هن مع ق ل ة الص ديق وكثرة احلاسدوصعوبة املرام والطلب. وهو بهذا الوصف حلالته النفسية املألى باإلحباط املفعمة باملرارة واخليبة مي ه د للمقطع التالي )وصف احلم ى(. وهذا التمهيد حافل بأبيات احلكمة املشحونة بالعاطفة القوية ونحن ندعوك إلى مراجعتها في ديوانه. )املقطع املختار(: وصف احلم ى 41

يتحدث املتنبي عن زائرة تزوره سرا وقد أ دمنت زيارته حت ى صارت كأنها مختصة به لذلك أضافها إلى نفسه فقال وزائرتي وهي ت س تحي من زيارته فتأتيه في جنح الظالم وتتسلل إليه وملا كان الشاع ر كرميا يحسن رفادة الض يف فقد بذل لها أجمل ثيابه وأوثر فراشه فأبت ذلك وعافته مختارة أن تبيت في عظامه )واحلم ى تظهر آثارها في اجللد أوال بارتفاع احلرارة فيه فإذا اشتد أثرها صارت إلى العظام(. إن ج ل د الشاعر يضيق بنفسه وبها لفرط األذى الذي أحدثته له ولكنها تقابل ضج ره منها مبزيد من اآلالم واألسقام حت ى إذا جاء الصباح ت س للت من مخبئها- كما يتسلل اللص املختبئ خوف الفضيحة وكأن الصبح طارد لها وهي إذ تكره مفارقة صاحبها تبكي أللم الفراق مبدامع صاحبها األربعة )حلظيه وموقيه واألصل في البكاء أن يكون من موقي العني فإذا كثر صار من اللحظني أيضا ( وهو يريد بهذا كثرة العرق املتصب ب بسبب احلمى. ويتكر ر هذا اللقاء وهذا الفراق كل يوم وليلة. وهو ي ر قب ها مراقبة املشوق املستهام بها لكن من غير شوق والرغبة باللقاء وتلك مفارقة وهي ال ت خ لف و ع د ها وال ت ك ذب صاحب ها وليتها اخلفت وكذبت ألن هذا الص دق شر أي ش ر حني يلقيك في الشدائد واحملن. ثم يلتفت الشاعر إليها مخاطبا فيكشف لنا عن اسمها أو كنيتها. فيقول لها )أبنت الدهر( مستعمال همزة النداء التي تختص بنداء القريب مكانا أو مكانة. ويسأل ها كيف وصلت إلى قلبه املزدحم باملصائب واخلطوب وهي 42

واحد منها مستعمال التوكيد اللفظي بالضمير )انت( إلبراز خصوصيتها. ثم ي س خ ر منها: التظني أنك انتصرت علي. والتقولي إنك صر ع ت رجال عركت ه األسفار واألخطار. ال لقد جئت رجال كثير اجلراح لم تترك الس يوف والس هام فيه موضعا لغيرها. ويعود الشاعر إلى نفسه واحلديث عنها وعن أمنياتها. فيقول ليت شعري هل مت س ك يدي عنان الفرس في احلرب أوزمام الناقة في الس فر مرة أخرى ثم يخبرنا بأسلوب متهكم متوجع معا : يقول لي الطبيب أكلت شيئا وداؤك في شرابك والطعام وهذا الطبيب قد أخطأ في تشخيص املرض ومعرفة الد اء فهل يحسن وصف الدواء. إنه جواد أضر ت به الراحة وم نعه من االضطراب واحلركة وهو املتعو د على أن يثير غبار املعارك ويخرج من غبرة إلى غبرة ثم هاهو طريح فراشه- فال هو مسموح له باحلركة ليتحرك وال هو قد أحسن إليه فيقر في مكانه. وهو بهذا يصور حال ته مع كافور الذي اختار بعد ذلك بوقت يسير أ ن يفر منه ويكتب قصيدته املشهورة: عيد بأية حال عدت ياعيد مبا مضى أم ألمر فيك جتديد ثم يقول بعد ذلك- مؤكدا قوة عزمه وجميل صبره على البلوى. فإن أمرض فما مرض اصطباري وإن أحمم فما ح م اعتزامي. هذه القصيدة من مختارات شعر املتنبي -وشعره كل ه جيد مختار اخترناها لك 43

فهو يعجب ممن يجد القدرة في نفسه واليسعى إلى الكمال. إن إسلوب املتنبي في هذه القصيدة وسواها يعتمد على املفارقة الغريبة واالستعارات غير املألوفة واللغة اجلزلة الفصيحة املتدفقة املفعمة بالعواطف احلارة واحلكمة املستقاة من جتاربه األليمة وخبرته بالناس واألشياء وحسن اختياره ملطالعه وقوافيه وأوزانه : املالئمة ملعانيه وأغراضه. فال ش ك إن ك تالحظ ماحلرف امليم املكسورة من قدرة على االيحاء بالص وت املنكسر املوحي بالضعف وهو ما يناسب حالة الشاعر في ضعفه ومرضه. ي دل على ذلك أنه اختار في مطلعه : [ ملومكما يجل عن املالم ووقع فعاله فوق الكالم ] لفظة )ملومكما ) والشائع عند الشعراء استعمال لفظة )العذل بدل اللوم( إال أنه أراد اإليحاء الصوتي املناسب حلالة احلزن واالنكسار. 45

أسئلة للمناقشة 1 -ما مكانة هذه القصيدة عند النقاد العرب 2 -ماسبب اختيارها لتكون أمنوذجا لشعر املتنبي 3 -هل ملوضوع القصيدة خصوصية بني موضوعات الشعر 4 -كيف وجدت أسلوب املتنبي 5 -اختر من األبيات بيتا أعجبك وبني سبب إعجابك به. 6 -ما املناسبة التي أوحت للشاعر هذه القصيدة 46

هو محمد بن احلسني املوسوي املعروف بالشريف الرضي ولد ببغداد سنة ) 359 ه( ونشأ في رعاية والده الذي تعه د بتربيته وتعليمه العلوم العربية اإلسالمية من أدب ونحو ولغة وشعر وفقه وفرائض فبرع في كثير من هذه العلوم وصنف فيها كتبا. عاش الشريف الرضي م كرما ومحترما في عصره وكان نقيبا للطالبيني وظل في هذا املنصب حتى وفاته سنة ) 406 ه(. كان أ بي النفس رفيع املكانة بني الناس عفيفا ذا ورع وزهد وقد انعكست أكثر هذه الصفات في شعره الذي كان صورة صادقة لشعوره وعواطفه واختالجات نفسه وجتاربه في احلياة. كان الشريف الرضي مثاال للتسامح الديني يرتبط بعالقة طيبة باالديب أبي اسحاق الصابي وبينهما مودة صادقة ومراسالت أدبية تعكس صورة تلك العالقة نقرأها في كتاب )رسائل الصابي والشريف الرضي ( وهي من املراسالت اإلخوانية األدبيةالرفيعة. الش ريف الر ضي وحني توفي أبو اسحاق الصابي رثاه الشريف الرضي بقصيدة عامرة عدها الثعالبي من أشهر مراثي العرب وكان لها دوي عظيم في عصرها.منها قول الرضي : أعلمت م ن حملوا على األعواد إن لم تكن م ن أسرتي وعشيرتي الفضل ناس ب بيننا إن لم يكن أعلمت كيف خبا ضياء النادي فألنت أعلق هم يدا بودادي شرفي مناسب ه وال ميالدي 47

وقد الم املتعصبون الشريف الرضي على رثائه الصابي فقال إمنا رثيت فضله الدينه نحا في شعره -الذي قاله وهو في سن مبكرة من عمره فأجاده حتى أصبح من الشعراء املرموقني -منحى أسالفه من شعراء العرب في العناية باملعنى واحلفاوة به وفي احملافظة على قوة األسلوب وجمال اللفظ وشعره يتناول أغلب الفنون املعروفة في عصره ولكن أكثره في الفخر واحلماسة واملدح والشكوى والرثاء. من آثاره املطبوعة : 1 -حقائق التأويل في متشابه التنزيل. 2 -تلخيص البيان عن مجازات القرآن. 3 -مجازات اآلثار النبوية. 4 -نهج البالغة )جمع( فيه خطب اإلمام علي عليه الس الم. 5- ديوانه. و من حجازيات الشريف الرضي قصيدته الكافية ومنها قوله: )للحفظ ثمانية أبيات ) يا ظبية البان ترعى في خمائله املاء عند ك مبذول لشاربه ه ب ت لنا م ن رياح الغور رائحة ث م انثنينا إذا ما هزنا ط رب ل ي هنك اليوم أن القلب م رعاك وليس يرويك إال مدمعي الباكي بعد الر قاد عرفناها بر ي اك على الر حال ت ع ل لنا ب ذكراك 48

سهم أصاب وراميه بذي سل م وعد لعينيك عندي ماوفيت به ح كت حلاظ ك يوم اجل ز ع ي خبر نا أنت النعيم لقلبي والعذاب له عندي رسائل شوق لست أذكرها م ن بالعراق لقد أبعدت مرماك ياقرب ما كذ ب ت عيني عيناك مبا طوى عنك م ن أسماء قتالك فما أم ر ك في قلبي وأحالك لوال الرقيب لقد بل غتها فاك اللغة: 1- البان:شجر طري األغصان. اخلمائل: جمع خميلة وهي الشجر امللتف األغصان. 2- مبذول : ميسور متيسر. 3- الغور: الوادي األرض املنخفضة. ري اك: عطرك ورائحتك الطيبة. 4- انثنينا: ع دنا ورجعنا. تعلل: تلمس العلة والعذر.وتلهى وتطب ب واملعنيان األخيران أليق مبعنى البيت. 5- ذي سلم: مكان باحلجاز مكان للنزهة. 7- اجلز ع: واد باحلجاز تتنزه فيه احلسان. 49

فإذا حاول ذلك أعيى وعجز وهذا الذي نسميه )السهل املمتنع ( كما تبدو فيها فنون البالغة وقد جاءت دون تكلف أو إعمال فكر وتعقيد فالشريف الرضي يشبه حلاظها بالسهام واملجاز في القصيدة يرد سهال ال تكلف فيه فطرفها يخبر والتشبيهات بسيطة يظن من يسمعها انه قادر على اإلتيان بها فهي نعيم لقلبه وهي عذاب وهي مرة وهي حلوة فهو يجسد الصورة مبراعاته األضداد وهو ما نسميه الطباق أو املقابلة واخيرا يكني عن أشواقه بأنها رسائل مشتاق يبلغها لها لوال الرقيب. إن ه غزل عفيف رائع ال يخدش سمعا والحياء وال أدبا وال حسا كما رأينا في شعر ابن أبي ربيعة. 51

أسئلة للمناقشة 1 -من أية مجموعة من شعر الشريف الرضي هذه القصيدة 2 -كيف كانت صور الشريف الرضي وألفاظه في هذه األبيات 3 -ل م سميت هذه القصائد ب )احلجازيات( وما ميزتها 4 -من عارضها من الشعراء وماذا قال 5 -تغزل شعراء احلجاز في العصر األموي باحلاجات فكيف كان غزلهم 52

أبو العالء املعري هو أحمد بن عبد اهلل بن سليمان عربي النسب من قبيلة تنوخ ولد مبعرة النعمان في بالد الشام ) 363 ه( في أسرة معروفة باألدب والقضاء أ صيب باجلدري في الرابعة من عمره ففقد بصره وح دد مصيره في هذه احلياة تلقى تعليمه األولي على يد والده الذي زوده بالعلوم العربية اإلسالمية كما أخذ عن بعض علماء العصر توفي أبوه وهو مازال في أول صباه فأثر ذلك كثيرا في حياته ورحل إلى بعض املدن الشامية لتلقي علوم اللغة واألدب والتزود بالعلوم العصرية كما اعتنى بدراسة املذاهب وامللل والن حل وتعم ق بدراسة الفلسفة وخاصة اليونانية والهندية وما كاد يصل إلى العشرين من عمره حتى استقل بنفسه وأصبح أهال للتدريس والتعليم. ارحتل إلى بغداد وخالط علماءها وأ دباءها فأ عجب بهم كما أ عجبوا به ولكنه غادرها بسبب إخباره بوفاة والدته فعج ل في الرح يل عنها فرجع الى مسقط رأسه وآلى على نفسه أن اليغادر منزله وال يختلط بالناس وسم ى نفسه)رهني احمل ب سني( م حبس العمى وم حبس املنزل كما كان نباتيا لم يأكل حلوم احليوان. وكان إلعتكاف ه في منزله أثره الكبير فيما أنتجه من شعر وما صنفه من تصانيف. كان أبو العالء ناحل اجلسم مجدورا كفيفا غير وسيم ولكنه كان فطنا ذكيا قوي احلافظة كرميا وفيا عفيفا قنوعا عزيزالن فس لم ي ت كسب بالشعر ولم يقبل عطايا اآلخرين كما كان حذرا من الناس متشائما. 53

شغف أبو العالء بالشعر وقاله في سن مب كرة وخلف ثالثة دواوين شعرية هي: )سقط الزند ومعه الد رعيات( و )اللزومي ات( وقد أودع األول أكثر ما نظمه في فنون الشعر املعروفة وأوصافه للدروع وضم ن الثاني آراءه الفلسفية ونظراته في احلياة. ويبدو في )سقط الزند ) - وأكثره من شعر الشباب - أثر التقليد والسير على سنن األقدمني وكثرة الغريب واجلنوح إلى املبالغة والولع بالبديع وشيوع اصطالحات العلوم. أما في )اللزومي ات( - وهو شعر الكهولة - في ظهر التخفف من املبالغة ونضج األفكار والتشدد في ركوب القوافي الصعبة لزوم ما اليلزم )أي بناء الروي على حرفني أو أكثر ( واإلغراق في البديع والغموض في التراكيب قال في أكثر أغراض الشعر املعروفة وأجاد في الرثاء واحلكمة والوصف. وكان أبو العالء عاملا واسع األفق ومصنفا بارع التصنيف. توفي املعري سنة ) 449 ه(. من آثاره املطبوعة : 1- سقط الزند ومعه الد رعيات. -2 اللزومي ات. 3- رسالة الغفران. 4- عبث الوليد. 5- الفصول والغايات. 54

قال أبو العالء يرثي صديقا له : )للحفظ: 8 أبيات( 1- غير م ج د في م ل تي واعتقادي ن و ح باك وال ت رنم ش اد 2- و ش بيه ص و ت الن ع ي إذا قي س ب ص وت البشير في ك ل ناد 3- أبك ت ت لك م احل مامة أم غ ن ت على فر ع غ صن ها المياد 4- ص اح هذ ي قبور نا ت مأل الر ح ب فأي ن القب ور من ع ه د عاد 5- خ ف ف الو طء ما أظن أديم ال أرض إال م ن هذه األجساد 6- وقبيح ب نا وإن ق د م الع ه د هوان اآلباء واألجداد 7- س ر إن اس طعت في الهواء ر و يد ا ال اختياال على ر فات العباد - 8 ر ب ل حد ق د صار ل ح دا مرارا ضاح ك من ت ز اح م األضداد 9- و د ف ين على ب ق ايا د ف ين في ط ويل األزمان واآلباد 55

10- فاس أل الف رق دي ن ع م ن أحس ا م ن ق بيل وآنسا من ب الد 11- ك م أقام ا على ز وال نهار وأنارا ل م د ل ج في سواد 12- خ ل ق الن اس للبقاء ف ض ل ت 13- إن ما ي نقلون م ن دار أعما أ مة ي ح سب ون هم ل لن فاد ل إلى دار شق وة أو رشاد اللغة: -1 م جد : نافع. املل ة: الشريعة أو الدين. نوح : بكاء شديد. الترمن : الغناء. الشادي : املغني املطرب. 2- النعي : إذاعة خبر موت امليت. ق يس : ق د ر. البشير : الذي ينقل ويبش ر بالفرح والسرور. 56 النادي : املجلس.

3- الفرع : أعلى الغصن. املياد : املنعطف املتمايل. 4- صاح : أي صاحبي. الر حب : األتساع يريد األرض الواسعة. ع اد : قبيلة قدمية من العرب البائدة. 5- الوطء : الد وس. أدمي األرض : ظاهرها. 6- الهوان : الذ ل 7- رويدا : ترفقا وترسال. االختيال : التمايل والتكبر والتبختر. الرفات :مابلى من العظام. العباد : الناس. -8 اللحد : القبر. 9- اآلباد :الدهور. 10- الفرقدان : جنمان قريبان من القطب الشمالي ثابتا املوقع. أحس ا : علما. القبيل : اجلماعة. آنسا : أبصرا. 11- زوال النهار : ارتفاعه ذهابه )فهو من األضداد (. املدلج : الذي يسير الل يل كل ه. 13- الش قوة : الشقاء والهالك. 57

التعليق النقدي هذه أبيات من قصيدة رثى فيها أبو العالء صديقا له فقيها اخترمته املنون وهو في عنفوان شبابه حتد ث فيها عن موضوعات أقرب ماتكون إلى جوهر الفلسفة. فهو يرى أن ليس ثمة فائدة ت رجى أو تعود على امليت أو باكيه إذا مان دب أو س ح ت عليه الد موع بل ليس هناك فرق واضح بني الغ ناء أو النحيب فهما س ي ان مت شابهان بحيث يصعب على السامع التمييز بينهما وال أدل على ذلك من الغموض الذي يكتنف )صوت احلمام ) إذ الدليل على أن هذا الذي تطلقه هو أغاريد فرح أو آهات ترح. إن هذه األرض التي نعيش عليها ونسير فوقها ماهي في احلقيقة إال ما انحل م ن أجساد أبنائها وب ل ى من عظامهم ومن أجل هذا ينبغي النظر إليها بكل اجالل واحترام والسير عليها بتؤدة ويسر أو الطيران في الهواء إن كان ميسورا ألنها رفات اآلباء وبقايا األجداد ولعل ما يؤيد هذا اعتوار أصناف املوتى اجل د ث الواحد وحلول جديدهم فوق بقايا قدميهم. إن كل ش يء في هذه احلياة مصيره إلى الزوال واالندثار ولو ق د ر لبعض الكواكب الثابتة باإلجابة عن بعض من تسأل عنه من أحوال البشر واألرضني التي شهدتها ثم اندرست وفنيت ألجابت عن علم مشهود بذلك. ومن العجب أنه على الرغم مم ا في هذه احلياة من الن ص ب واجلهد والضنى فأن هناك من يبغي الزيادة منها والبقاء فيها ولو أمعن اإلنسان النظر فيما هو فيه أو في هذه احلياة لوجد أن كل فرح مآله إلى ترح. 58

بل إن ما ي حس به من اآلالم والتباريح في حالة االحتضار أضعاف مضاعفة ملا يشعر به في حالة امليالد من سرور ولكن هل خ ل ق الناس ليعيشوا ث م يفنوا وينتهي كل شيء كما يرى بعض الض الل ال. إن اهلل تعالى خ لق الناس للبقاء وليس للفناء فهناك داران : دار الفناء وهي الدنيا ودار اخللود وهي اآلخرة وفيها ينال ك ل جزاءه فأما النعيم اخلالد وأما الشقاء األبدي. إن أهم ما يلحظ في هذه األبيات -التي تكاد تكون خطرات فلسفية - الوضوح والسهولة في كل ما تنطوي عليه من عناصر التعبير فليس هناك غموض في أي بيت من أبياتها أو عبارة من عباراتها وهو ما لم يكن مألوفا في املوضوعات الفلسفية. كما يالحظ فيها الهدوء النفسي الذي غلب عليها جميعا ولعل طبيعة الفن الذي جاءت فيه من أسباب ذلك فهي في تأبني شاب عالم صديق حميم للشاعر لم متهله احلياة أو متد في عمره وهي واضحة الداللة أيضا على ألم الشاعر وحزنه العميق مما جعله يحمل على هذه احلياة الدنيا ومايظهر فيها من أمارات خادعة ملف عة بالغموض والتناقض وهي في حقيقتها التنطوي إال على شيء واحد هو احلزن واألسى. ويالحظ أن الشاعر ع م د أكثر من م رة إلى الشرح والتقرير رغبة منه في التأكيد وإبراز الفكرة فتحد ث في األبيات الثالثة األولى عن الفرق بني الصوت اجلميل واحلزين وبني الغناء والنواح وأحسن غاية اإلحسان في استعمال االستفهام عما كان يسمعه من صوت احلمام وحتدث في خمسة أبيات عن تكوين األرض وعن وجوب احترامها ومراعاتها وفعل مثل ذلك في البيتني األخرين عند حديثه عن ثبوت بعض الكواكب واندثار سواها. 59

وقد استعان املعري في توضيح معانيه وجتسيدها ببعض الفنون البديعية التي كانت شائعة في عصره وكان هو أحد املكثرين منها غير أنه - لقدرته الشعرية ومتكن ه من اللغة - لم يظهر شيئا من الثقل أو الك لفة عليها كاملقابلة كما في عجز البيت األول والطباق بني النعي والبشير في البيت الثاني والبكاء والغناء في البيت الثالث إذ كانت مبنية على فكرة التضاد. والبيتان األخيران خير دليل على متسك املعري بع رى اإلميان ألنهما منبثقان من العقيدة اإلسالمية في اإلميان باآلخرة. أسئلة للمناقشة 1( في القصيدة عدد من األضداد مثل : )ضاحك : باك ). استخرج مثل هذه األضداد الواردة في القصيدة. 2( ملاذا ينبغي النظر إلى األرض بكل احترام والسير عليها بتؤدة وهدوء حسب رأي الشاعر 3( أوض ح ما يأتي : ( تلحظ في قصيدة املعري وضوح الداللة والسهولة والهدوء النفسي ) 4( يقول عمر اخليام كل ذرات األرض كانت أوجها كالشموس ذات بهاء من أي أبيات النص استوحى اخليام هذا املعنى 60

ابن الفارض هو عمر بن علي عربي النسب من عائلة أصلها من )حماة( ونزحت إلى القاهرة وفيها ولد شاعرنا سنة) 576 ه( في بيت معروف بالتدي ن وكان والده أحد القضاة نشأ ابن الفارض في رعاية والده الذي تول ى تربيته تربية دينية قومية وتلقى العلوم العربية اإلسالمية علىيد علماء عصره كما كان يحضر مجالس أبيه القضائية والعلمية وكان منذ صباه يحب العزلة والتفر د وانتقل بعد وفاة والده إلى احلجاز وبقي فيه مد ة طويلة كان يطوف في أوديته وشعابه حتى كان يأنس باحليوان والوحش وكان ملقامه الطويل في احلجاز أثر كبير في حياته وشعره واجتاهه. ثم رجع إلى مصر وحظي فيها بقية حياته بالتبجيل واالحترام وكانت وفاته في سنة ) 632 ه(. وكان منذ مطلع حياته -كما تقدم - مياال إلى التعبد والتفر د مما رشحه هذا إلى أن ينهج في حياته وشعره منهج التصوف الذي كان شائعا في عصره والذي يتمي ز بالرياضة العنيفة للنفس واجلسم على السواء واملجاهدة في مقاومة امللذات بكل وسيلة من أجل التقر ب إلىاهلل ويبدو أن الكثيرين من هؤالء املتصوفة وخاصة الشعراء لم يشاركوا مشاركة فعالة فيما كان ينتاب عصرهم من أحوال سياسية واجتماعية وثقافية فهذا ابن الفارض الذي نشأ في العصر األيوبي عصر احلروب والكفاح ضد الصليبيني لم ي رو له أمنوذج شعري واحد في هذا الشأن. كان ابن الفارض يحب الشعر ومييل إليه وساع د في هذا رق ة طبعه ورهافة إحساسه 61

وموهبته الشعرية اجليدة ومشاهداته الكثيرة في مصر واحلجاز وهو ذو الن فس الطويل في الشعر ولكنه لم يكن مكثرا فهو على الرغم من نظمه الشعر مدة طويلة وانقطاعه إليه لم يترك سوى ديوان صغير خص أكثره بتصوير منحاه الص وفي الر وحي كما اتخذ من الغزل واخلمر مدارا لكل ما أراد في هذا الصدد حتى ليصعب على القارئ في كثير من األحيان التمييز بني غزله وخمرياته هذه التي يراد بها اإلشارة إلى الرمز الصوفي وبني سواها من الغزل واخلمريات التقليدية. ميتاز أغلب شعره بالر قة والسالسة والوضوح إذا أ خذ بظاهره كما يحفل بالصور اجلميلة واألخيلة اللطيفة ويشتمل على كثير من الفنون البديعية: من جناس وطباق حتى يكاد يثقل أحيانا بهما وخاصة اجلناس الذي كان الشاعر يترصده ويتعمده ما وجد إلى ذلك سبيال ومن مميزات شعره اإلكثار من ظاهرة التصغير الذي من أغراضه الت حبب والتمليح غير أن بعض شعره اليخلو من غموض أو تعقيد بسبب بعد اإلشارات أولعلها الشطحات أو تعسف الصناعة. من آثاره املطبوعة: ديوانه الذي شرح أكثر من مر ة. 62

قال ابن الفارض من قصيدة طويلة : )للدرس فقط( 1- ق لبي ي ح د ثني بأ ن ك م ت ل ف ي 2- لم أقض ح ق ه واك إن ك نت الذي 3- ما لي س وى ر وحي و باذ ل نفسه 4- ف ل ئ ن ر ضيت ب ها ف قد أس ع ف تني 5- يامان عي ط يب المن ام ومان حي 6- ع طفا على رم قي وما أب ق يت لي 7- فالو جد باق والو صال مم اطلي 8- لم أخ ل م ن ح س د عليك فال ت ض ع ر وحي ف داك ع ر ف ت أم لم ت عر ف وم ثلي م ن ي في لم أقض فيه أسى في ح ب م ن ي هواه ل يس مب سر ف ي ا خ يب ة امل س عى إذا لم ت سع ف ثوب الس قام به ووجد ي امل تل ف م ن جسمي امل ضنى وق لبي امل دنف و الص بر فان واللق اء م س و في س هر ي بت شنيع اخل يال امل رجف 63

اللغة: 9- واس أل جن وم الل يل ه ل ز ار الكرى ج فني وك ي ف ي زور م ن لم ي عرف 10- الغ ر و إن ش ح ت ب غمض ج فون ها عيني وسح ت بالد موع الذ ر ف 11- ومب ا ج ر ى في موقف الت وديع م ن ألم النوى شاهد ت ه و ل امل وقف 12- إن لم يك ن وصل لديك ف ع د به أملي وماط ل إن وعدت و ال تفي 13- فاملطل م نك ل دي إن عز الوفا يحل و ك وصل من حبيب م سع ف 14- أهف و ألنفاس الن سيم ت ع ل ة ول وج ه م ن ن ق لت ش ذاه ت ش و في 15- فل عل نار جوان حي ب ه بوب ها أن ت ن طفي وأ و د أن ال تنطفي 64 1- م ت لفي : مهلكي ومعطبي. 2- أقضي حق هواك : أفي به. أقضي فيه : أموت. األسى : احلزن.

3- املسرف : املجاوز للحد املفرط. 4- أسعف تني : قضيت حاجتي. -5 الوجد : احلب. 6- الر مق : بقية الر وح. امل ض نى : املثقل باملرض. املدنف : املريض املشرف على املوت.ويقصد غالبا بها املريض باحل ب. 7- املماطل : الذي يؤجل موعد الوفاء مر ة بعد أخرى. 8- تشنيع :تقبيح. املرجف : الكذاب. 10- ال غرو : العجب. شح ت :بخلت. س ح ت : سالت. الذ رف : السائلة الهاطلة من كثرة جريان الدمع. -11 الن وى : الب عد. ه و ل املوقف : يوم القيامة. -13 عز : قل. -14 أهف و : أميل. تعل ة :التعلل والتمتع. شذاه :رائحته الزكية. تشوفي : تطل عي. 15- جوانحي : أضالعي وهنا املقصود مشاعره وعواطفه القلبية بني اجلوانح. 65

التعليق النقدي يتحد ث الشاعر في هذه األبيات عم ا ي قاسيه من تباريح الهوى ومن صدود حبيبه عنه فقلبه يخبره أن هذا احلبيب -الذي يفديه بروحه وقلبه - سيكون سببا في إهالكه وإفنائه وهو مع هذا يرى أنه م قصر في حق ه إن لم يبذل في سبيله روحه وكيانه وأنه حقيق بالوفاء معروف به. وهو ال ميلك من أموره سوى روحه التي يرى بذلها في مذبح احلب ليس إفراطا في ذلك أو جتاوزا للحدود فإن رضي هذا احملبوب فسيبعث في قلبه االطمئنان وفي نفسه الر ضا وإال فما أقسى األمر وأمر احلال. إن ح ب ه قد س لب النوم من عينه والعافية من جسمه وليس له من عون في إبقاء ما بقى من ذمائه )1( غيره وال مسعف في إسباغ الص حة عليه سواه مع بقاء احلب وزوال الوصال ونفاد الصبر وغياب اللقاء وأنه ليطمع - بعد أن تعذ ر اللقاء حقيقة- أن يزوره خياله وي لم به طيفه فيرتاح إليه ويبثه أحزانه وأشجانه وليته لم يخي ب أمله فيه ولم يفسد مايرجوه أو يتوقعه منه. وهذا السهر -الذي هو وليد هذا احلب الطاغي - مالزم أجفان عيونه اليريد مبارحتها أو التخلي عنها وشهيد هذه النجوم املستقرة في مواضعها فلت سأل عنه وتخبر وال ع ج ب في أن ت رف ض اجلفون النوم وترف ض )2( الدموع الغزار فهذا هو سلطان احلب وهذا هو ديدنه غير أن أفظع ما شهده وأشد ما أفزعه وحل به ما حدث )1( الذماء : بقية الروح في املذبوح وغيره. 66 )2( ترفض : تسيل.

في موقف الوداع وهو املوقف الذي كثيرا ما ي لقي في رو ع )3( احملبني الر وع )4( واخلوف واليأس إنه في هوله وشدته أشبه مبوقف القيامة. ويقف الشاعر بعد هذا احلديث الذي شرح فيه ما يكابده من آالم حبه ويتلطف محبوبه املتمنع راجيا منه - بعد أن يئس من لقائه - أن يؤمله بوعد ولو كان ممطوال ألنه سيعيش في ظل هذا الوعد الذي اليتحقق مخادعا نفسه بأنه وصال حقا من حبيب م ب ر به. ويذهب احلبيب ويبقى م حب ه وحيدا يعاني الوج د به والشوق إليه والتطلع إلى أخباره وليس له من ينبئه بذلك سوى هب ات النسيم احململة بعبقه الدال عليه التي يأمل أن تكون سببا في إخماد أجيج النار امل ستعرة بني جوانحه وإن كان يحب ويأمل أن اليكون مبقدورها فعل ذلك. ت ص ور األبيات الغزلية هذه -التي صرف الشاعر اخلطاب فيها إلى املذكر تصويرا واضحا ودقيقا - حال احملب الذي يجفوه حبيبه وميطل وعده ويضن عليه بالوصال. لقد ذكر الشاعر كل ماينتاب احملبني من اآلالم واألحزان والسهر والقلق والنحول واألمل والتعطف والتلطف وكل مايبدر م ن احلبيب من متن ع ووعود وتسويف وقسوة وقل ة مباالة وهي العناصر التي يقوم عليها مثل هذا الغرض والتي جندها لدى غيره من شعراء الغزل الذين سبقوه أو أعقبوه لقد أحسن ابن الفارض شرح ذلك كل ه بعبارات سهلة واضحة مؤثرة مختارا لها كل لفظ رقيق مناسب ملثل هذا الفن. )3( الروع : القلب. والذهن والعقل. )4( الروع : الفزع. 67

وقد نحا في أبياته منحى شعراء الغزل العفيف وارتفع فيها عن الغزل املادي الذي كاد أن يطبع أكثر ما أثر للشعراءمن غزل وفي األبيات من اإلخبات )1( واخلشوع كأن الشاعر يتهيب ويتحفظ حيال مناجاة حبيب ليس له مثيل ألنه متهيب من حبه للذات اإللهية واليجسر تأدبا من ذكرها فالشاعر يرمز إلى حب ه ألنه صوفي النزعة. واستعان الشاعر في إقامة عباراته وبث عواطفه وتوضيح مراميه بفنون بديعية شتى ولكنه تهيأ له -بفضل قدرته الشعرية ومرونته البيانية وثقافته اللغوية - أن يضفي عليها من اللطف واخلفة حت ى لتكاد ت خ ف ى على القارئ. فمن تلك الفنون الطباق كما في: )عرفت أم لم تعرف( و )لم أقض ويفي( و)أسعفتني ولم تسعف( )مانعي ومانحي( و )باق وفان( و )شح ت وسح ت( و)املطل والوفاء( و)تنطفي وأن التنطفي (. ومنها اجلناس كما في : )لم اق ض ولم أقض (و )مانعي ومانحي( و) شحت وسحت( و)موقف التوديع وهول املوقف(. كما اعتنى بالتنغيم الص وتي كالتقسيم الذي جاء في عبارات بعض األبيات فقد وازن بني عبارتي )يامانعي طيب املنام( و)مانحي ثوب السقام( في البيت اخلامس كما وازن بني )فالوجد باق ( وبني )الصبر فان ) و )الو صال مماطل( )واللقاء م سوفي ) في البيت السابع. 68 )1( اإلخبات: اخلشوع والتواضع.

الك ت اب / ابن املقفع هو عبد اهلل بن املبارك ينحدر من أصل غير عربي فهو مولى بني األهتم التميميني بالبصرة ولد مبدينة )ج ور( وكان والده عامال على اخلراج في العصر األموي فاختلس بعض األموال فض رب ضربا شديا حتى تقفعت يده فلزمه هذا اللقب وع رف به ابنه فيما بعد. يبدو أنه تلقى أوائل تعليمه في مسقط رأسه وأن أباه تعهد تثقيفه مبا هيأ له من مؤدبني ومعلمني وحني انتقل إلى البصرة استمد من تلك املدينة ثقافته العربية اإلسالمية وهي يومئذ من أهم املراكز العلمية واألدبية وذلك مبا أخذه من العلماء واألدباء ومما استظهره من نصوص النثر والشعر. وبعد تضلعه من هذه العلوم واملعارف رأى أ ن يسلك الطريق التي سلكها أبوه فعمل كاتبا لعدد من الوالة في العهدين األموي والعباسي. ن ع ت ابن املقفع برهافة احلس ورجاحة العقل وصدق الوفاء وكرم النفس وقد ر ويت في ذلك أخبار اليخلو بعضها من املبالغة أو التكلف.اشتهر ابن املق فع بالترجمة عن الفارسية وكانت أكثر آثاره منها وفي مقدمة تلك اآلثار التي وصلت إلينا كتاب )كليلة ودمنة ) الهندي األصل وهو كتاب تدور قصصه على ألسنة الطير والبهائم ظاهره لهو للعامة وباطنه سياسة للخاصة كان الكاتب يجمع في أسلوبه بني السهولة واجلزالة )القوة( ويؤثر اإليجاز والتركيز في العبارة ويحفل بترتيب األفكار وتنسيقها ويكثر من األمثال واحلكم ويزهد في الزخرفة اللفظية من سجع وغيره 70 توفي عام ) 142 ه(.

من آثاره املطبوعة : 1 -األدب الصغير. 2- األدب الكبير. 3- كليلة ودمنة. جاء في كتاب : )كليلة ودمنة(: )للدرس فقط( )) قال ك ليل ة : زعم وا أن ق ردا ر أى جن ارا ي ش ق خ ش ب ة على وتدين راك با عليها كاألسوار على الف رس وك ل ما ش ق منها ذ راعا أد خ ل فيه و تدا : وأن الن ج ار قام لب عض شأنه فانطلق الق رد ي ت كل ف م ن ذلك م ا ليس من صن اعت ه فركب اخلشبة و و ج ه ه ق ب ل ذلك الو تد وتدلى ذ ن ب ه في الش ق فلما ن ز ع الو ت د انضمت اخل شبة على ذ ن به ف خر مغشيا عليه.وجاء الن جار فكان ما لقي منه م ن الض رب أشد مم ا م ر أضعافا ك ث يرة ((. 71

اللغة: زعموا : الزعم القول من غير التحقق من صحته. الوتد : ما أ ثبت في األرض أو احلائط من خشب. األسوار :الثابت على ظهر الف ر س. الشأن : احلال واألمر واحلاجة. ق بل :جهة أو ناحية. نزع : قلع وجذ ب. انضمت : اجتمعت انضم الشيء : اجتمع بعضه إلى بعض. التعليق النقدي : يحكي الن ص أن أحد القرود رأى جنارا ميارس عمله اخلاص به وهو شق خشبة وقد امتطاها وهيمن عليها وكان يستعني لتذليل عمله وإجنازه بوتدين فكان يضع واحدا منها بعد أن ينتهي من شق جزء منها وحدث أن ذهب النجار لقضاء حاجة عرضت له فانتهز القرد هذه الفرصة السانحة وراح يقل د عمل النجار ووجهه نحو الوتد فتدلى ذنبه في شق اخلشبة فلما قلع الوتد -ولم يفطن إلى ماسيحدث انضمت اخلشبة على ذنبه فسقط مغميا عليه فاقدا و ع ي ه. إن القصة حتث االنسان على أال يتدخل في ما ال يعلم وأن يعرف مايعمله وهي تهتم باملعنى أكثر من اهتمامها بالصياغة لذا جاءت ألفاظها سهلة يسيرة وكانت قليلة الفنون البالغية والبديعية كالتشبيه واالستعارة. 72

اجلاحظ هو عمرو بن بحر بن محبوب امللقب باجلاحظ جلحوظ عينيه أي نتوؤهما كناني النسب معتزلي املذهب وهو رأس طائفة منهم عرفت ب )اجلاحظية (. ولد بالبصرة في عائلة فقيرة ونشأ بها وكان فطنا محبا للدراسة والتعليم فكان )1( يختلف إلى الك ت اب واملساجد فيأخذ عن العلماء واألدباء يتردد إلى املربد فيشافه األعراب ويأخذ عنهم اللغة والفصاحة كما كان شغوفا بالكتب وما تضم ه من علوم ومعارف حت ى قيل إنه لم يقع بيده كتاب إال استوفي قراءته أيا كان موضوعه فكان يكتري دكاكني الوراقني ويبيت فيها للنظر والدراسة ومن أجل هذا كانت ثقافته عامة شاملة تأخذ من كل شيء بطرف. ورأى -بعد أن أحس بقدرته العلمية- مبارحة مسقط رأسه والتيمم صوب احلاضرة العباسية بغداد حيث املال واجلاه والشهرة وتهيأ له أن يتصل بعدد من اخللفاء والوزراء والك ت اب والقضاة الذين أعجبوا به وبأدبه فأحاطوه برعايتهم وأغدقوا عليه من الهبات ما جعله يحيا حياة هانئة وكان هو أيضا يغتنم الفرص السانحة ليهدي من يتصل به بعض مؤلفاته أو رسائله. وتيسر له أن يزور بعض األقاليم واملدن توفي بالبصرة سنة ) 255 ه( وقد أثار مو ت ه حزنا في قلوب محبيه ومريديه ورثاه بعض الش عراء. كان اجلاحظ قصير القامة دميم الوجه ناتىء العينني ولكنه إلى جانب هذه الصفات كان يتحلى بكثير من حميد اخلالل وجليل الشمائل كالذكاء احلاد وسرعة اخلاطر واحلفظ والطرافة ولطف املعشر وحضور النادرة وخفة الروح. )1( سوق في البصرة كان الشعراء يجتمعون فيه وينشدون شعرهم. 73

وكان لثقافة اجلاحظ الواسعة أثرها فيما أنتجه من آثار عديدة تناولت شتى صنوف العلم واملعرفة التي كانت شائعة في عصره حتى ميكن ع ده موسوعة علمية فمنها ماكان في التاريخ واجلغرافية والطبيعيات والرياضيات ومنها ماكان في العصبية وأثر البيئة أو في موضوعات شتى. وي ع د اجلاحظ صاحب مدرسة في النثر العربي في غ ضون القرن الثالث الهجري له أسلوبه اخلاص الذي ع رف به )وهو أسلوب اجلاحظ( الذي يتميز بعدد من اخل صائص واملميزات التي تظهر لكل من يأخذ نفسه بدراسة آثاره : كأفتتاح الرسائل والكتب بالبسمالت واحلمدالت والتعويذات واألخذ باختيار األلفاظ ومالءمتها للمعاني واجتناب األلفاظ العامية الساقطة والغريبة والوحشية واألقتصاد جدا في استخدام الزخارف اللفظية واملعنوية والتقليل من التنقيح والتهذيب في الكتابة وامليل إلى األستطراد واإلسهاب واالقتباس من آي التنزيل العظيم واحلديث النبوي الشريف واألمثال والشعر واقتناص الط رف والنوادر لبعث النشاط واألستمرار في النفوس والتصوير البارع والوصف احلاذق إلى غير ذلك. من آثاره املطبوعة : 1- كتاب احليوان. 2- كتاب البيان والتبيني. 3 -البخالء. 4 -رسالة التربيع والتدوير. 5- رسائل اجلاحظ. 74

قال اجلاحظ في كتاب احليوان على لسان صاحب ديك يذم الكلب. 75 )للدرس فقط( قال صاحب الديك : إن أطعم ه اللص بالنهار ك سرة خبز خال ه ودار حول ه ليال فهو في هذا الوجه م ر ت ش وآكل س ح ت و ه و مع ذلك أسم ج اخللق صوتا وأحمق اخللق يقظة و نوما ينام النهار كل ه على نفس اجلاد ة وعلى طريق احلوافر وفي كل سوق وملتقى طريق... وقد س ه ر الليل كل ه بالص ياح والص خ ب والن ص ب والت ع ب والغ يظ والغض ب وباملجيء و الذ هاب فيركب ه م ن حب النوم على حسب حاجته إليه فإن و ط ئ ت ه داب ة فأسوأ اخللق جزعا وأأل م ه ل ؤما واكثره ن باحا وع واء فإن س ل م و ل م تطأه دابة وال وط ئ ه إنسان فليست تتم له السالمة ألن ه في حال م ت وق ع للبلية وم ت و ق ع البلية في بلية فإن سلم فليس على ظهرها مبتلى أسوأ حاال منه ألن ه أسوؤهم جزعا. وأقلهم صبرا ألن ه اجلاني ذلك على نفس ه. اللغة: 1- الس حت : الكسب احلرام. 2- سمج : قبيح غير مهذب. -3 اجلاد ة : الطريق. 4 -الن ص ب : التعب. 5- و ط ئ : داس بقدمه. 6- اجلزع : قلة الصبر وانعدام ه.

التعليق النقدي يعد كتاب احليوان للجاحظ من أقدم كتب احليوان بالعربية قدمه الى الوزير محمد بن عبد امللك الزيات فكافأه عليه خمسة آالف دينار وهو يختلف عن كتب احليوان املعروفة بأنه يشتمل على وصف طبائع احليوانات من حيث عالقتها بالناس ويتخلل ذلك فوائد أدبية واجتماعية وتاريخية. والنص الذي أوردناه يتضمن مناظرة وضعها اجلاحظ على لسان شخصني األول صاحب ديك واآلخر صاحب كلب يفاضل كل شخص منهما صاحبه بفضائل ماعنده من احليوان ويذكر فوائده ونافع خصاله وجميل طباعه ويذكر معائب ماعند صاحبه ومساوئه بعبارة بينة فصيحة ليس فيها التواء وال تكلف والصنعة لفظية أو بالغية إال ما جاءت عفوا دون اجهاد فكر وال ت صن ع فمما ورد من السجع قوله: )بالصياح والصخب والنصب والتعب والغيظ والغضب( وهذه ميزة خاصة بكتابات اجلاحظ فهو اليحفل باحملسنات اللفظية والبديعية واليكلف نفسه عناء التنقيب عنها ألن غايته الفكرة ال اللفظ. واجلاحظ في أثناء كالمه يستعني بآي القران الكرمي واحلديث النبوي الشريف ومأثور العرب من شعر ونثر كما يستعني مبعارف األمم كاليونان والرومان والفرس والهنود مع الرجوع إلى التجربة واملالحظة وينتقل في أثناء حديثه من موضوع آلخر ثم يعود إلى موضوعه األول ترويحا للقارىء ودفعا للضجر والسأم وامللل وهو ما يسمى )باألستطراد(. 76

أسئلة للمناقشة 1- مااملوضوع الذي دارت عليه مقالة اجلاحظ 2- ملن رفع اجلاحظ كتابه )احليوان ) ومب كوفئ عليه 3- ملاذا لم يزين مقالته باحملسنات اللفظية والبديعية 4- يتسم أسلوب اجلاحظ باالستطراد فما االستطراد 5- الرشوة من الصفات الذميمة التي نعت بها صاحب الديك الكلب فما الصفات االخرى 77

أبو حيان التوحيدي هو علي بن محمد بن العباس املعروف بالتوحيدي عربي األصل ال ت ع ر ف سنة والدته وال مكانها نشأ في بغداد وتلقى تعليمه فيها على كبار علماء العصر وفالسفته حتى اصبح متفننا في علوم كثيرة من نحو ولغة وأدب وفقه وكالم وتصوف ومؤلفات ه شاهد على تضلعه من هذه العلوم وتفننه فيها. عاش التوحيدي حياة قلقة مضطربة ي سود ها الفقر والفاقة فامتهن الوراقة أي نسخ الكتب ثم اتصل بعدد من الوزراء ولكنه لم ي فلح في ص الته مع أكثرهم إذ لم يكن بارعا في املداراة وال حاذقا ألساليب املنادمة ف ج ف ي واط رح وبقي أكثر أيام عمره - الذي شارف املئة أو أربى عليها - يشكو ويتألم ويتحسر وقد إشتدت أزمته النفسية وشعوره الطاغي باحلرمان فأقدم على حرق كتبه التي بذل في تأليفها كل طاقاته العلمية والعقلية واجلسمية ثم إرتأى أن ينتظم في سلك الص وفية ويقيم في أحد الر بط )1( حتى توفي في مطلع القرن اخلامس الهجري كان التوحيدي صوفي الس م ت )2( والهيئة غير معنت بهندامه أو مظهره فيه تهي ب وحذر كثير الشكوى قلق متشائم شغوف بثلب الناس والنيل منهم وكان أحد األفذاذ في الذكاء والفطنة والفصاحة واملكنة وكثرة التحصيل للعلوم وسعة اإلحاطة والرواية أعجب باجلاحظ اعجابا كثيرا فنهج نهجه في ثقافته الشاملة العميقة وحذا حذوه في أسلوبه وطريقة تأليفه مع أن ه عاش في عصر امتازت الكتابة فيه بخصائص تختلف عما كانت عليه طريقة اجلاحظ. )1( الر بط : جمع رباط / ملجأ الفقراء من الصوفية. 78 )2( السمت : الطريق.

امتاز التوحيدي بقدرته على التأليف في كل فن وبراعته في الهيمنة على اللغة التي كانت مطواعة له في كل حني وموضع كما متي ز بالبراعة الفائقة في احملاججة واملناظرة واخلوض في كثير من املسائل اللغوية واألدبية والكالمية والفلسفية فكان ألسلوبه املرن الفضل الكبير في عرض كل ذلك عرضا أدبيا م شرقا فكان - بحق - كما نعته بعضهم ( فيلسوف األدباء وأديب الفالسفة ). أما خصائص أسلوبه فهي خصائص أسلوب اجلاحظ التي حتد ثنا عنها في ترجمته التي ميكن االستئناس بها في موضعها هناك. من آثاره املطبوعة : 1- البصائر والذخائر. 2- اإلمتاع واملؤانسة. 3- الصداقة والصديق. 4- املقابسات. 79

كتب أبو حيان في كتابه )املقابسات(: )حفظ خمسة اسطر( ))خرج أبو سليمان يوما إلى الصحراء في بعض زمان الربيع قصدا للتفرج واملؤانسة وص ح بت ه فكان معنا أيضا صبي دون البلوغ ج هم الوجه بغيض احملي ا شتيم املنظر ولكنه كان م ع هذه الصورة يترمن ترمنا يفر ج عن ج رم ترف وصوت ش ج ونغمة رخيمة وإطراق حلو وكان معنا جماعة من أطراف احمللة وفتيان السكة ليس فيهم إال من يتأدب تأدبا يليق به ويغلب عليه. فلما تنفس الوقت أخذ الصبي في فنه وبلغ أقصى ماعنده فترن ح أصحابنا وتهاد وا وطربوا فقلت لصاحب لي ذكي : أما ترى ما يعمل بنا شجا هذا الصوت وندى هذا احللق وطيب هذا اللحن ونفث هذا النغم فقال لي لو كان لهذا من يخرجه ويعنى به ويأخذه بالطرائق املؤلفة واألحلان املختلفة لكان يظهر آية ويصير فتنة فإن ه عجيب الطبع بديع الفن غالب الدنف والترف فقال أبو سليمان فلتة : حدثوني على ما كنتم فيه عن الطبيعة ل م احتاجت إلى الصناعة وقد علمنا أن الصناعة حتكي الطبيعة وتروم اللحاق بها والقريب منهاعلى سقوطها دونها. وهذا رأي صحيح وقول مشروح وامنا حكتها وتبعت رسمها وقص ت أثرها آلنحطاط رتبتها. وقد زعمت أن هذا احلدث لم تكفه الطبيعة ولم تغنه وانها قد احتاجت الى الصناعة حتى يكون الكمال مستفادا بها ومأخوذا من جهتها فقلنا له: الندري فإن ها ملسألة. قال فكروا. فعدنا له وقلنا : إن ا قد بلحنا فلو مننت بالبيان ونشطت لنشر الفائدة كان ذلك محسوبا في بعض اياديك وغرر 80

فضائلك فقال : إن الطبيعة إمنا احتاجت إلى الصناعة في هذا املكان ألن الصناعة ها هنا تستملي من النفس والعقل ومتلي على الطبيعة وقد صح أن الطبيعة مرتبتها دون مرتبة النفس وأن ها تعشق النفس وتتقبل آثارها ومتتثل أمرها وتكمل ]بإكمالها[ وتعمل على استعمالها وتكتب بإمالئها وترسم بإلقائها. واملوسيقى حاصل للنفس وموجود فيها على نوع لطيف وصنف شريف واملوسيقار إذا صادف طبيعة قابلة ومادة مستجيبة وقريحة مؤاتية وآلة منقادة أفرغ عليها تأييد العقل والنفس لبوسا مونقا... وأعطاها صورة معشوقة... فمن ها هنا احتاجت الطبيعة إلى الصناعة ألنها وصلت إلى كمالها من ناحية النفس الناطقة بوساطة الصناعة احلاذقة... فقال له البخاري وكان من تالميذه ما أشكر نا لك على هذه الصالت السنية وما أحمد نا هلل تعالىعلى مايهب لنا بك من هذه الفوائد الدائمة. فقال : هذا بكم اقتبست وب حج ر كم ق د حت وإلى ضوء ناركم عشوت وإذا صفا ضمير الصديق للصديق أضاء احلق بينهما واشتمل اخلير عليهما...(( من كتاب املقابسات/املقابسة التاسعة( )صفحة -112 )114 حتقيق / محمد توفيق حسني ط. بغداد 1970 81

اللغة: )1( أبو سليمان: هو أبو سليمان املنطقي واسمه محمد بن طاهر السجستاني توفي سنة ) 375 ه/ 985 م (من أساطني املفكرين في القرن الرابع الهجري عالم باحلكمة والفلسفة واملنطق وهو شيخ أبي حيان التوحيدي وأستاذ اجلماعة التي ذكرها أبو حيان. )2( اجل رم :بكسر اجليم اجلسم اجلسد. )3( اإلطراق : السكوت والنظر الى األرض. )4( الس كة : الزقاق. )5( تنف س الوقت: مضى وامتد ومنه قوله تعالى: ))والصبح إذا تنف س (( أي إذا تبل ج. )6( شجا : حزن. )7( النفث: إخراج النف س أقل من النفخ ومنه قوله تعالى: ))النفاثات في العقد((. )8( فلتة : بغتة. )9( ب ل ح : أعيا اي عج ز. )10( القريحة: الطبيعة وأصل املادة وأصل املادة اللغوية انه أول ماء يستنبط من البئر ومنه قولهم لفالن قريحة جيدة اي طبيعة جيدة وأكثر ما يستعمل هذا في الكالم على الشعراء. )11( البخاري : أبو العباس البخاري من نوابغ القرن الرابع الهجري وفضالئهم. 82

التعليق النقدي تتحدث هذه القطعة النثرية اجلميلة بأسلوب حكائي عن نزهة ربيعية في الب رية ومجلس أ ن س ضم جماعة من أبناء احمللة منهم الكاتب وجماعة من ))فتيان السكة(( كان لهم نصيب وافر من األدب والثقافة وكان من بينهم فتى د ميم اخللقة إال أنه كان يحسن الغناء فقد حباه اهلل صوتا جميال وموهبة عجيبة. وكانت موهبة الصبي حتببه إلى قلوب جلسائه على الرغم من دمامته وسوء منظره. والحظ أحدهم وهو صديق أبي حي ان أن هذه املوهبة حتتاج إلى الد ربة والتعليم على يد أستاذ له علم باملوسيقى واألحلان لتكتمل وتبلغ مداها وهي مالحظة صحيحة. إال أن شيخ اجلماعة أبا سليمان انتهزها فرصة ليطرح عليهم سؤاال فلسفيا عن سر حاجة الطبيعة )املوهبة( إلى الصناعة أي التعليم. وما احلاجة إلى الصناعة إذا كانت الطبيعة - كما قرر الفالسفة - أرقى وأعلى منزلة من الصناعة.أليست الصناعات كلها تقليدا لصور الطبيعة. أليست الطائرات تقليدا )محاكاة( للطيور... فلماذا نحتاج الصناعة األدنى رتبة لنكمل الطبيعة األسمى رتبة. حتي ر اجلمع وعجزوا عن الرد ورجوا أستاذهم البارع أن يحل لهم هذا األشكال. فكان جوابه واضحا حاسما : إن الصناعة تستقي من العقل والنفس وهما أعلى رتبة من الطبيعة فتكون الصناعة مكملة للطبيعة مبا اكتسبته من النفس والعقل ال بكمالها الذاتي وهنا ينبري أحد تالمذته بأدب جم يشكر أستاذه ويشكر اهلل على 83

هذه اجلوائز الثمينة األلطاف الكثيرة التي يحصلون عليها بفضل اهلل وفضل أستاذهم فيرد األستاذ بتواضع جم : إن ما توصل إليه من علم كان بفضل مايقتبسه من عقولهم ومايقدحه من أفكارهم. وما يستضيء به من نورهم وبفضل هذه املودة اخلالصة والصفاء في النية التي تكون بني األستاذ وطلبته. فإن الضمائر إذا صف ت بني الصديق والصديق أضاء احلق بينهما وعم اخلير عليهما. مالحظات نقدية : 1- تكشف هذه املقابسة التي يوحي اسمها مبضمونها. فاالقتباس هو أن تأخذ من النار ماتستضيء به كما في قصة موسى )) لعلي آتيكم منها بقبس )1( ((. وهكذا يكون تالقح األفكار أقول تكشف هذه املقابسة عن املستوى الفكري للمجتمع العراقي في القرن الرابع الهجري. حيث تطرح األسئلة الفلسفية واإلشكاالت الفكرية حتى في مواسم النزهات ومحافل األنس والسمر البر يء. 2- الكاتب يقدم لنا أعقد املسائل الفكرية في أسلوب أدبي ناصع متدفق يقوم على الترادف في العبارات لزيادة املعنى وضوحا وهو يسير على خطا اجلاحظ فيؤسس ملدرسة متميزة في النثر العربي اصطلح عليها بعض الباحثني الفضالء املدرسة العراقية في النثر بعيدا عن الصناعة والتعقيد والزخرفة. 84 )1( طه / 10.

والتوحيدي بهذا يقترب من املقالة احلديثة بخصائصها املعروفة من أجل ذلك استحق تسمية الثعالبي له - وهو من كبار أ دباء العصر العباسي - ( فيلسوف األدباء وأديب الفالسفة ) وأن ه )فرد عصره ). 3- وهذه القطعة اجلميلة التخلو من فوائد تربوية واخالقية لعلك عزيزنا الطالب تتبي نها من اول وهلة منها ما متنحه املوهبة لصاحبها من مكانة اجتماعية تغطي على النقائص األخرى. ومنها أدب الطالب في خطاب معلمه وتواضع األستاذ لطالبه وما يقتضيه العلم من إكبار املعلم وحب املعلم لطالبه ومنها الفرح بالعلم وعد ه خيرا يطلب لذاته وصلة س ني ة وفائدة دائمة. فما أحوجنا إلى هذه الروح العلمية التي بها بلغ أسالفنا قمة املجد في عصورهم الزاهرة ما أحوجنا إليها لكي تستعيد بغداد مكانتها العلمية وريادتها األدبية. 85

أسئلة للمناقشة 1- مالذي توحيه لك تسمية )املقابسات ) 2- ما احلكم املستفادة من هذه املقابسة 3- كيف وجدت أسلوب الكاتب 4- ملاذا يستعمل الكاتب أسلوب الترادف في العبارات 5- هل قرأت للكاتب شيئا غير هذه القطعة 6- جتلت موهبة الفتى املغني بصفات ذكرها الكاتب ماهي 86

ابن العميد هو أبو الفضل محمد بن احلسني والعميد لقب والده الذي كان كاتبا للسامانيني الذين كانت عادتهم تلقيب من يتولى ديوان الرسائل. التحق ابن العميد بدواوين البويهيني فخدم ركن الدولة احلسن بن بويه ولم يزل يترقى عنده حتى أصبح وزيره حت ى وفاته.كان ابن العميد عارفا بعلوم مختلفة كالفلسفة والنجوم وقيادة اجليوش فضال علىنظم الشعر والترس ل والكتابة حتى سموه )األستاذ( وكان يلقب ب )اجلاحظ الثاني( لبراعته في الكتابة. أم ا أسلوبه في النثر فكان يضرب به املثل في البالغة والفصاحة وحسن الترس ل وإليه املنتهى في الكتابة بالغة وفصاحة مع جزالة األلفاظ وسالستها وبراعة املعاني وحسن السبك. قال عنه ابن األثير )إنه من محاسن الدنيا اجتمع فيه مالم يجتمع في غيره من حسن التدبير وسياسة امللك والكتابة التي أتى فيها بكل بديع مع حسن خ ل ق ول ني ع شرة وشجاعة تامة ومعرفة بأمور احلرب واحملاضرات(. وقال فيه الثعالبي :) ب د ئ ت الكتابة بعبد احلميد وخ تم ت بابن العميد ). ومدحه عدد من شعراء عصره كاملتنبي وابن ن باته والصاحب بن عباد قال فيه املتنبي يذكر مايجيد من معارف : 87

م ن م بلغ األعراب أن ي بعد هم وسمعت بطليموس دارس كتب ه ولقيت كل الفاضلين كأمن ا شاهدت ارسطاليس واإلسكندرا متمل كا متبد يا متحض را رد االله نفوس هم واألعص را فاملتنبي يقول إنه حني لقيه شاهد فيه ع لم اولئك العلماء املشاهير. توفي ابن العميد في همذان سنة )360 ه(. )1( ومن كتاب البن العميد عن ركن الدولة إلى أحد اخلارجني عليه يقول فيه: )للحفظ من : كتابي وأنا- ي ر عى لك ) )) ك تابي وأنا م تأرجح بني طمع فيك ويأس منك وإقبال عليك وإعراض عنك فإنك ت د ل بسابق ح ر م ة و مت ت بسالف خدمة أيسر ها يوجب رعاية ويقتضي محافظة وعن اية ث م تشفعه ما بحادث غل ول وخيانة وتتبع هما بآن ف خالف ومعصية وأدنى ذلك ي ح ب ط أعمال ك وميحق كل ما ي ر عى لك. ال جرم اني وقفت بني ميل اليك وميل عليك أ ق د م رجال لصدك وأ ؤ خ ر أخرى عن قصد ك وأبسط يدا الصطالم ك واجتياحك و أثني ثانية الستبقائك واستصالح ك و أتوقف عن في الص نيعة لديك امتثال بعض املأمور فيك ض ن ا بالنعمة عند ك ومنافسة وتأميال لف ي ئتك وانصراف ك ورجاء ملراجعت ك وانعطافك فقد ي غر ب العقل ثم 88

ي ؤوب ويعز ب اللب ثم يثوب ويذهب احلزم ثم ي عود ويفسد العزم ثم يص ل ح وي ضاع الرأي ث م ي ستدرك ويسكر املر ء ثم يصحو وي كدر املاء ث م ي صفو وكل ضيقة فإلى رخاء وكل غ مرة فإلى اجنالء وكما أن ك أتيت م ن إساءت ك مبا ل م حتتسب ه أولياؤك فال بدع أن تأتي م ن إحسان ك مبا ال ترتقب ه أعداؤك. وكما استمرت ب ك الغ فل ة حتى ر ك ب ت ما ركبت و اخت ر مت ما اخ ت رمت فال عجب أن تنتبه انتباه ة ت ب ص ر فيها ق ب ح ما صنعت وسوء ما أث ر ت و س أ قيم على رسمي في اإلبقاء و املماطلة ماص ل ح وعلى االستيناء واملطاولة ما أمكن طمعا في إنابتك وحتكيما حل س ن الظن بك((. اللغة: إعراض : صد وابتعاد. ت د ل : تتفضل ومنه الدالل. السالف : السابق. شفع : ث ن ى وأتبع. آنف. جديد. مستأنف يحبط : ي فشل. اصطالم : قطع وبتر. ضن ا : بخال. 89

الصنيعة : اليد والفضل. الفيء : الرجوع والعود. االنعطاف : املي ل. يغرب : يبتعد. يعزب : يسهو ويبتعد. يثوب :يعود. الغمرة : اجللبة. اإلستيناء : التمهل والتباطؤ. االنابة : العودة. التعليق النقدي هذه رسالة كتبها ابن العميد على لسان ركن الدولة البويهي إلى أحد اخلارجني على الدولة يلني بها قلبه ويدعوه إلى الطاعة فهوفيه بني أمرين طمع ورجاء وياس وبعد في عودته إلى صف الدولة... وهو الذي له حرمة خلدمته السابقة وتلك توجب حقا له ورعاية وعناية به ويأسف ألنه شفع ذلك كله بعصيان وخيانة وأيسر هذه األشياء يحبط عمله ويسقط مايحفظ له من رعاية. وهو في ح يرة بني مد اليد إليه لرعايته وامليل عليه فتراه يتردد بني استبقائه واستصالحه وبني قطعه وبتره تأميال لع وده لعل ه ينتبه ويتبصر فيما أقدم عليه ضنا وحسن ظ ن 90

به وقد اعتنى ابن العميد في هذه الرسالة عناية بالغة بانتقاء ألفاظه وح سن صياغتها ورصف معانيها وجودة تركيبها دون أن تطغى تلك الصنعة اللفظية على معانيها فمن احملسنات البديعية التزامه السجع وهو التزام حرف واحد في نهاية كل جملتني. كحروف الروي في الشعر وراعى في ذلك اجلناس في فواصل السجع كما في قوله اصطالمك واستصالحك و: يثوب ويؤوب... وغيرها مع إكثار من الطباق واملقابلة فهو حني يذكره بخدمته السالفة يشفعه بذكر موقفه احلاضر ليبرز من خالله سوء عمله ويقرنه مبقابلته مباضيه فيقول: أ قد م رجال وأؤخر أخرى ويقول : أبسط يدا ال صطالمك تقابلها عبارة: أ ثني ثانية الستبقائك واستصالحك ومثل ذلك كثير وهو لم يكتف بالسجع وحده بل زينه باجلناس واالستعارة واحملسنات البديعية بألوانها حت ى ب د ت الرسالة لوحة من محسنات بديعية من دون تكل ف وال ثقل وال إمالل وتلك صنعة أجاد فيها ابن العميد حتى أصبح فيها قدوة ومنهجا. 91

أسئلة للمناقشة 1- ما ميزات أسلوب ابن العميد في الكتابة 2- أجاد ابن العميد في علوم ومعارف عديدة فهل أثرت تلك املعارف في نثره وكيف 3- في رسالة ابن العميد مقابالت كثيرة استخرج اثنتني منها. 4- في الرسالة جناس استخرجه وبني نوعه. 92

بديع الزمان الهمذاني هو أحمد بن احلسني امللقب ببديع الزمان. عربي األصل م ضري النسب ولد بهمذان سنة ) 358 ه( ونشأ فيها وتتلمذ لبعض علماء العصر وحفظ القرآن و أ لم بتفسيره كما درس الفارسية وأتقنها وبعد أن أمضى فترة في مسقط رأسه وجد في نفسه حاجة إلى مبارحتها فقصد عد ة مدن منها ( نيسابور ) حيث التقى باخلوارزمي األديب املعروف وجرت بينهما مناظرات مشهورة في فنون شتى من حفظ ونظم ونثر وبديهة تهيأ للبديع الفوز فيها والفلح )1( وكان لظفره هذا أثر كبير في ذيع صيته واشتهار أمره ثم رأى أن يبارح نيسابور إلى غيرها ومازال يتنقل حتى انتهى به املطاف إلى مدينة )هراة( التي اتخذها دار قراره حتى دهمه املوت في سنة ) 398 ه( كان البديع وسيما خفيف الروح حسن العشرة ظريفا ذا خلق رضي ونفس أبية كما كان ذكي القريحة سريع اخلاطر غزير احلفظ وله في كل هذا أخبار عجيبة وحكايات بديعة غريبة.كان البديع أحد من جمع بني فني األدب شعره ونثره وإن غلب عليه الثاني منهما فقد كان يتخذ من فنه الكتابي مجاال لتضمني شعره وبثه في تضاعيفه وهو شعر اليقل جودة في لغته ومعانيه وأخيلته من شعر سواه من الش عراء والك تاب أمثاله. وفنه الكتابي -متثله رسائله ومقاماته-يقرب كثيرا في خصائصه من الشعر املنثور لقصر اجلمل والتزام السجع وشيوع التشبيهات واملجازات واالستعارات وفنون البديع وخاصة اجلناس. وتيسر للهمداني - ملا ر ز ق ه من موهبة فذة وثقافة عميقة وملكة مقتدرة ومحبة لإلبداع والتفنن-أن يبتدع فنا جديدا في األدب العربي وهو فن املقامات وألهمية هذا الفن يحسن بنا أن نتحدث عنه قليال قبل أن نسوق أمنوذجا منه. )1( الفلح :الظفر. 93

املقامة عبارة عن حكاية أشبه بالقصة القصيرة تدور حول الكدية والتسول. إبتدعها الهمذاني ووصل إلينا منها إحدى وخمسون مقامة والغرض األساس من ابتداعها تعليم الناشئة وشداة األدب ضروبا من التعبيرات البليغة واأللفاظ الرشيقة وهي وإن كانت تدور في أغلبها على الكدية فإنها عاجلت كثيرا من أحوال املجتمع في ذلك العصر فصورت جوانب اخلير والشر فيه كما تناولت وصف األطعمة واألكسية واللهو في محيط ذلك املجتمع وصورت كذلك جوانب علمية وأدبية ونقدية لعدد من الشعراء واالدباء وأرباب الكالم. وملقامات الهمذاني راو هو )عيسى بن هشام( وبطل هو )أبو الفتح االسكندري( وهما شخصيتان من ابتداع الهمذاني الحقيقة لهما في دنيا الواقع. يظهر األول غالبا بزي غني يجوب البلدان وال يستقر مبكان أما الثاني فيظهر بأزياء مختلفة وأشكال متعددة وفي األماكن التي يرتادها الراوي في أغلب االحيان.وهو في أكثر أحواله سائل شحاذ يقنع بالنزر القليل من العطاء. ويغلب على هذه املقامات روح الفكاهة التي كانت إحدى صفات الهمداني املميزة وإستهوت املقامة األدباء فعارضوها ونسجوا على منوالها في مختلف العصور ولعل أشهر معارضيها الذي بلغ الغاية في املهارة واإلبداع هو احلريري. وتطور فن املقامات بعد ذلك فلم يعد مقتصرا على الكدية فكتبت مقامات في موضوعات أخرى كالزهد واملواعظ والوصف كمقامات الزمخشري ومقامات ابن اجلوزي ومقامات السيوطي وغيرها. وانتقل هذا الفن إلى األندلس وسيرد احلديث عنه في محله ومن آثار بديع الزمان املطبوعة 1 -املقامات. 2 -رسائل بديع الزمان. 3 -ديوان بديع الزمان. 94

املقامة البغدادية )للحفظ: 6 أسطر( حدثنا عيس بن هشام قال:»اشتهيت األزاذ وأنا ببغداذ وليس معي ع ق د على ن ق د فخرج ت أنتهز م حال ه حتى أحل ني الكرخ فإذا أنا ب سواد ي ي س وق باجلهد ح ماره و ي ط ر ف بالعقد إزاره فقلت : ظ ف ر نا واهلل بصيد وحياك اهلل أبا زيد من أين أقبل ت وأين نزل ت ومتى وافيت وه ل م إلى البيت فقال الس وادي : لست بأبي زيد ولكني أبو ع ب ي د فقلت: نعم لعن اهلل الشيطان وأبعد النسيان أنسانيك ط ول العهد واتصال الب عد فكيف حال أبيك أشاب ك عهدي أم شاب ب ع دي فقال: قد نبت الربيع على د م نته وأرجو أن ي صيره اهلل إلى ج نت ه فقلت: إن ا هلل وإنا إليه راجعون وال ح و ل والق وة إال باهلل العلي العظيم. وم د د ت يد الب دار إلى الصدار أ ريد متزيقه فقبض الس وادي على خصري بجمعه وقال: ن ش دت ك اهلل ال مز قته فقلت : ه ل م إلى البيت ن ص ب غداء أو إلى الس وق نشتر شواء والسوق أقرب وط عامه أطيب فاستفزته ح م ة الق ر م وعطفته عاطفة اللق م وط م ع ولم يعلم أنه وقع. ثم أتينا ش و اء يتقاطر شواؤه عرقا وتتسايل ج وذاباته م ر قا فقلت : أفر ز ألبي زيد من هذا الش واء ث م زن له من تلك احل ل واء واختر له من تلك األطباق وانضد عليها أوراق الر قاق ور ش عليه شيئا من الس م اق ليأك له أبو زيد هنيا فانحنى الش و اء بساطوره على ز بدة تن وره فجعلها كالك حل سحقا وكالط حن دقا ثم جلس وجلست وال يئس واليئست حتى استوفينا وقلت لصاحب احل ل وى: زن ألبي زيد من الل وز ي نج رطلني فهو أجرى في احل لوق وأمضى في الع روق ول يكن ليلي العمر يومي النشر رقيق القشر كثيف احلشو لؤلؤي الدهن كوكبي اللون. قال: فوزنه ثم قعد وقعدت وجر د وجر دت حتى استوفيناه ث م قلت : يا أبا زيد ما أحوجنا إلى ماء ي شعشع بالثلج ليق مع هذه الص ار ة ويفثأ هذه الل قم احلار ة. 95

اجلس يا أبا زيد حتى آتيك ب سق اء يأتيك بشربة ماء ثم خرجت وجلست بحيث أراه وال يراني أنظر ما يصنع فلما أبطأت عليه قام الس وادي إلى حماره فاعتلق الشو اء بإزاره وقال: أين ث م ن ما أكلت فقال أبو زيد: أكلته ضيفا ف ل كمه لكمة وث ن ى عليه بل طمة ثم قال الشو اء: هاك ومتى دعوناك ز ن... عشرين ف ج ع ل الس وادي يبكي وي ح ل عقده بأسنانه ويقول : كم قلت ل ذاك الق ريد أنا أبو ع ب يد وهو يقول أنت أبو زيد فأنشدت : إع مل ل رزقك ك ل آله وانهض ب ك ل عظيمة ال تق ع د ن ب كل حاله فاملرء ي ع جز ال محالة اللغة: األزاذ : نوع من التمر اجليد. بغداذ: لغة في بغداد. العقد: الوعاء او الكيس. انتهز: التمس. احملال : جمع م ح ل املوضع أو املكان. السوادي: القروي من اهل السواد وسط العراق. 96

اإلزار: ثوب يحيط بالنصف األسفل من البدن. يطر ف اإلزار: يرد أحد طرفيه على اآلخر. الصيد: املراد به هنا القروي. هلم : تعال. الدمنة: آثار الدار بعد ذهاب أهلها وخرابها. الب دار: املسارعة. الصدار: ثوب يغطي به الصدر. جمع الكف: قبضته. ن ص ب غداء : تتناول منه. الشواء : املشوي من اللحم. استفزته: استخفته. احلمة: الشدة. القرم: اشتداد الشهوة إلى أكل اللحم. اللقم: األكل السريع. اجلوذابات جمع جوذابة: خبز التنور. املرق: املاء اغلي فيه اللحم. انضد: ض م وص ف. الرقاق: اخلبز الرقيق. 97

الس ماق: حب احمر صغير حامض يتخذ تابال. الساطور: آلة للجزار يقطع بها اللحم. اللوزينج: احللوى يشبه القطائف يسقى بدهن اللوز. الرطل: معيار يوزن به أو يكال.مقداره نصف من أجرى: أمضى سيرا. أمضى: أش د س ر يانا. ليلي العمر: أي صنع بالليل. يومي النشر: أي نشر من مصنعه بالنهار. ج ر د : أخرج يده من ثياب ه. يشعشع: ميزج. الص ارة: العطش. يقمع: يقهر ويدفع. يفثأ: يسكن. هاك: خذ. زن عشرين: أعط زنة عشرين درهما. عقده: ماله املعقود أي كيس نقوده. الق ريد: تصغير قرد. 98

التعليق النقدي تتحدث هذه املقامة عن التحايل الذي يعمد إليه بعضهم وهو هنا الر اوي عيسى بن هشام وليس بطل املقامة املعروف باإلسكندري - حيث ينتهز الفرصة السانحة والشخص املناسب الذي تغلب عليه سالمة النية وبساطة التفكير. ووجد الر اوي ماكان ينشده في شخصية القروي الذي رآه في أحد محال بغداد متجوال فتظاهر بقدمي معرفته له وألبيه وأظهر من الترحاب به واالشتياق إلى والده- الذي زعم أنه تربطه به وشيجة صداقة قدمية -ماالمزيد عليها وحني علم أن والد هذا القروي قد مات -منذ زمن بعيد تظاهر باحلزن العميق عليه واألسف الشديد لوفاته فعمد إلى ثيابه يريد متزيقها لوال منع القروي وحيلولته دون ذلك. وحني أطمأن الراوي إلى أن ما فعله وتظاهر به قد جعل ذلك القروي ي ص د ق أن هذا الرجل يعرفه حق املعرفة وأن ال سبيل إلى الشك فيه استغل الفرصة السانحة فدعاه إلى إضافته في بيته ولكنه سرعان ما عدل عن ذلك م ف ض ال أن يكون موضع ق راه )1( السوق بحجة قربه وطيب طعامه. وبعد أن تناوال طعاما شهيا دسما وحلوى ذات نكهة وطعم لذيذ اقترح الر اوي أن ي طفئا ما يحسان به من حرارة وما يشعران به من ظمأ مباء ق راح )2( خ ص ر )3( فقام ليأتي بذلك. )1( الق راه: ما يقدم إلى الضيف. )2( القراح من كل شيء: اخلالص ويقال ماء قراح. )3( خ ص ر: بارد. 99

لكنه انتحى زاوية وأخذ يراقب ما سيحصل لهذا القروي على أيدي ذوي الطعام واحللوى وحني طال إياب الر اوي وقطع األمل من رجوعه نهض القروي يريد مغادرة املكان فإذا به يطالب بثمن ما أكله وحني أدعى أن ه كان ضيفا انهالت عليه الضربات واللكمات من ك ل جهة وهو يصيح ويستغيث العنا ذلك اخل ب )4( املخادع وناعتا إياه بالق ريد ولم ي خل سبيله إال بعد أن نق د أصحاب الط عام ثمن ما أكله وتناوله. وتنتهي املقامة ببيتني من الشعر للراوي يدعو إلى وجوب االستعانة بكل وسيلة ممكنة للحصول على الرزق والقوت. واضح أن الغاية من إنشاء هذه املقامة واملقامات األخرى -كما تقدم -تعليم الناشئة أمثلة مجتباة من التعبيرات البليغة واأللفاظ املنتقاة الرشيقة. وعباراته سهلة كل ها بينة ال التواء فيها وال تعقيد وال تقدمي وال تأخير وهي كلها بليغة اعتنى في اصطفائها وجهد أن يصوغها أجمل صياغة. وهذه العبارات على وضوحها كانت تؤدى بجمل قصيرة تنتهي بكلمات مسجوعة حتى لتبدو- في أكثر االحيان -وكأنها شعر أو قريب منه كقوله: )كالكحل سحقا وكالطحن دقا ( و )ثم جلس وجلست وال يئس وال يئست( و )فهو أجرى في احللوق وأمضى في العروق( و )ليكن ليلي العمر يومي النشر رقيق القشر كثيف احلشو لؤلؤي الدهن كوكبي اللون(. )4( اخلب: اخلداع الغشاش. 100

وهي محب رة بأفانني أخرى من البديع خاصة اجلناس الذي كان البديع مولعا به في عامة نثره ومن أمثلته: )صيد وزيد( و)العهد والبعد( و)شاب وشاب ( و)البدار والصدار(... وهو جناس خفيف اليكاد يلمح إال بصعوبة وترو.والر وح القصصي في هذه املقامة على الرغم من أنه لم يكن مقصودا لذاته واضح كذلك فقد استطاع البديع أن يبعث في نفس القارئ ما يزجيه إلى مواصلة القراءة ويشده إلى محاولة الوقوف على خامتتها. وال تخلو املقامة من الر وح الفكاهي الذي يسري بني أعطافها. وهي تعكس لنا حالة اجتماعية رمبا كانت سارية في محيط ذلك املجتمع كما تبني لنا لونا من ألوان الطعام الذي كان شائعا في ذلك العصر وهو الشواء وكذلك بعض أنواع احللوى كان يتخذ بعد وجبات الطعام الدسمة كاللوزينج وهما ما زاال معروفني في العراق حتى اآلن.كما تظهر شيوع استعمال املاء اخلصر املثلج لدى أفراد املجتمع أيضا. 101

األدب والغزو الصليبي تعرض الوطن العربي إلى غزو آثم قامت به جموع من الصليبيني متعطشة إلى التدمير والقتل مدفوعة بدوافع مختلفة ومتذرعة بوسائل الصحة لها وكان أهم أسبابها احلقيقية : الرغبة في السيطرة على الشرق واالستحواذ على ثرواته ولسد ماكان في بالدها من عوز وقحط. لقد حتالفت دول كثيرة من أولئك الصليبيني متخذة من الدين ذريعة للعدوان وذريعة لالنقضاض على البالد اإلسالمية ومدعية أن معتنقي دينها قد تعرضوا إلى املضايقة والتنكيل واحلق أن شيئا من هذا لم يحدث في أي بلد من البلدان العربية لقد بدأ الغزو منذ مطلع القرن اخلامس الهجري حني زحفت جموع الصليبيني قاصدة بالد الشام وتهيأ لها بجموعها الكثيفة من جهة واضطراب األحوال السياسية في البالد اإلسالمية وانقسامها إلى دويالت متصارعة فيما بينها من جهة أخرى أن ت ثب ت أقدامها في بعض مدن الشام بعد معارك طاحنة وما لبثت أن مد ت سيطرتها على أجزاء من بالد الشام كما استطاعت أن حتتل بعض املدن في مصر وقد اتسم احتاللها بالقسوة والفظاعة وبث الرعب واملوت في كل شيء. غير أن املسلمني لم يرضخوا لهذا األمر الفادح واخلطب اجللل الذي حل بهم وبوطنهم ف ن هد لهذا العدو الغاشم أبطال نذروا نفوسهم ملثل هذا اليوم فنازلوه وقاوموه وأذاقوه مرارة الهزمية وكالوا له الصاع صاعني. لقد استمر هذا العدوان الصليبي على األراضي اإلسالمية زهاء قرنني خاضت فيهما اجليوش اإلسالمية معارك كثيرة ضارية كان من أبرزها معارك: طبرية وحطني ودمياط وعكا والقدس وانتهت بتحطيم العدو وتدميره والقضاء على شراذمه في نهاية القرن السابع الهجري. 103

أثر احلروب الصليبية في األدب لقد كان لهذه احلروب أثرها الواضح في األدب فقد كثر األدباء الذين واكبوا هذه احلروب كما كثر نتاجهم وغزر خالل هذه احلقبة العصيبة التي تعرضت لها البالد. وعلى الرغم من أن فنون الشعر كانت مألوفة ومعروفة.إذ جرى فيها الشعراء على سنن من تقدمهم :في املديح والفخر والرثاء والهجاء والتصوف واأللغاز والنظم التعليمي فإن الفن احلربي كان قد اتسع وكثر بسبب كثرة احلروب وتوالي املعارك وكان هذا الفن امليدان الفسيح الذي انطلق فيه الشعراء مسجلني األحداث اخلطيرة ومصورين املالحم الطاحنة ومشيدين باالنتصارات الباهرة التي أحرزها األبطال في ميادين القتال داعني إلى وجوب االستبسال ومقاومة العدو ومكبرين روح البطولة والشهادة ملا كان له أكبر األثر في احلماسة واالندفاع واإلنتصار. إن اخلصائص الفنية لشعر هذا العصر قد أحملنا إليها فيما تقدم عند حديثنا عن مميزات الشعر العباسي عامة فقد تراوح أسلوبه بني القوة والسهولة على وفق نوع الغرض الذي قيل فيه وقد يفرط أحيانا في السهولة الى درجة التدني إلى العامية ويكثر فيه شيوع احملسنات اللفظية أو الزينات البديعية وهي سمة ظاهرة وطاغية في ذلك العصر مما يجعل بعضه اليخلو من الكلفة والثقل وتسري في أعطاف فنونه والسيما مديح األبطال ورثاؤهم ووصف املعارك حرارة العاطفة املشبوبة التي تبعث فيه احليوية والقوة. 104

والنثر الذي هو صنو الشعر في مواكبة أحداث هذا العصر قد كثر ك ت ابه وتنوعت فنونه وتعددت ألوانه فكان منه نثر ديواني ورسائل إخوانية وأدب سياسي وأدب تأريخي وأدب قصصي وأدب شعبي وأدب تأليفي. وهو في أكثره امتداد ملا كان عليه النثر في غضون العصور السابقة لهذا العصر. امتاز هذا النثر بخصائص ميزته من سواه من نثر العصور السابقة له منها: كثرة العناية باحملسنات اللفظية والبديعية من جناس وطباق وتورية ومراعاة نظير وامليل إلى اإلقتباس وتضمني آي القرآن الكرمي واحلديث الشريف والشعر. وكان االحتفال بالتجنيس الذي ي عد - في ذلك العصر- رأس البالغة يستحوذ على عناية الك ت اب أكثر من سواه حتى بلغ ببعضهم أن يلتزمه في مؤلفاته. لقد نهض النثر كصنوه الشعر بتسجيل األحداث اخلطيرة تسجيال دقيقا فكان أثره كبيرا في بث روح احلماسة واإلقدام وفي احلث على مواصلة القتال واالستنفار في سبيل درء اخلطر عن البالد واحلض على اجلهاد والتحرير. 105

هو أسامة بن منقذ بن علي شاعر وفارس ولد مبدينة )شيزر( الواقعة في الشمال الغربي حلماة سنة) 488 ه( في أسرة ذات شأن معروف في العلم واألدب والشجاعة وتوارث اإلمارة نشأ في رعاية والده الذي غرس في نفسه الشجاعة وامليل إلى الشدة والصرامة في مجابهة احلياة كما زوده بعلوم العصر ومعارفه عن طريق العلماء واألدباء الذين كانوا يختلفون إلى إمارة العائلة فكان لكل ذلك أثره الكبير في مجرى حياة أ سامة العلمية فقد عرف ببسالته ومشاركته في الكثير من أحداث العصر العسكرية كما ساهم كثيرا في مجالي األدب شعره ونثره مبا نظمه وما ألفه وصنفه. إن هناك أكثر من سبب جعل أسامة ال يستقر مبكان واحد فقد كان كثير التنقل والتردد بني املدن واالمصار: كاملوصل ودمشق ومصر وقد أ عجب به كثير من القادة الذين اشتهروا في ذلك العصر ممن كان لهم شرف املساهمة في حترير الوطن من نير االستعمار فقد صحبهم وشاركهم خوض املعارك امللحمية التي خاضتها اجليوش اإلسالمية دفاعا عن احلمى وذودا عن احلرمات واملقدسات التي أبلى فيها أسامة بالء حسنا كما سجل كثيرا منها في شعره احلربي. إن حياة الكفاح والنضال ضد العدو لم تثن أ سامة عن مجال العلم األدب فقد تهيأ في غضون حياته اجلهادية الطويلة هذه أن يقتطع جزءا من الوقت ي خ ل د فيه إلى التأليف في مجاالت األدب املختلفة. الشعر أ سامة بن منقذ 106

وكان في سفر وعاد فوجد زلزاال قد أصاب مدينته )شيزر( وأهلك جل أهله ودمرت ديارهم فكتب في ذلك كتابه )املنازل والديار( ضم نه ما قاله ومارواه لغيره في رثاء الديار وبكاء أهلها. وانتهت حياته املفعمة بضروب البسالة والشجاعة واحلافلة بفنون األدب بوفاته في دمشق سنة ) 584 ه(. كان أ سامة ممن يجمع بني فني األدب: الشعر والنثر واإلجادة فيهما جميعا فقد أكثر من النظم في فنون الشعر املعروفة من غزل ووصف ومدح ورثاء وفخر وشكوى وقد احتفل بالشعر كثيرا ورد إليه روحه األصيلة املتمثلة بالبعد عن الزخرفة والصنعة وسما به نحو القوة واجلالل والوقار وعني باستلهام اخلواطر وتسلسلها ي ساعده في ك ل ذلك موهبة جيدة وحفظ غزير لألمثلة العالية من الشعر العربي ولعل محفوظه الكثير هذا كان من أسباب ولعه بتضمني شعره شعر اآلخرين كما كان مغرما بتهذيب شعره وتنقيحه على غرار ماكان عليه بعض القدامى ومن أجل هذا ق ل ت فيه اله نات أو العيوب التي ميكن أن ي ؤاخذ عليها. ولعل أهم ما مييز شعره الصور احلية الكثيرة لألحداث التي عايشها الشاعر في حياته الطويلة. وال ت ق ل جودة ما أ ث ر له من نثر عن شعره ولعله ي ع د في طليعة من ساهموا في نشأة الترجمة الشخصية في األدب العربي يتضح هذا في كتابه )االعتبار( الذي صور فيه بأمانة ودقة احلياة السياسية واالجتماعية التي عاصرها وشارك فيها. 107

من آثاره املطبوعة : 1 -كتاب االعتبار. 2 -لباب اآلداب. 3 -املنازل والديار. 4 -البديع في نقد الشعر. 5 -ديوانه. قال أ سامة من قصيدة طويلة يذكر فيها انتصارات املسلمني ويعدد أسماء قادة الفرنج الذين وقعوا في األسر وأسماء املدن واحلصون التي استردها املسلمون من الصليبيني: 1- أبى اهلل إال أن يكون لنا األمر 2- وت خ د من ا األيام فيما ن روم ه 3- د ماء الع دا أشه ى من الر اح ع ندنا 4- نواص لهم و ص ل احلبيب وه م ع دا 5- وفي س ج ننا إبن الف ن ش خ ير ملوك هم ل ت حيا ب ن ا الد نيا وي ف تخر الف خ ر وينقاد طو عا في أزمت ن ا الد هر و و قع امل واض ي ف يه م الن اي والو ت ر زيارت هم ي نحط عنا ب ها الو زر وإن لم يك ن خ ي ر لديهم وال بر 6- أسرن اه من ح ص ن الع ريمة راغما 7- و س ل ع نه م الو اد ي بأقليس إن ه وقد ق ت ل ت فرسان ه ف هم ج ز ر إلى اليوم فيه من د مائ هم غ د ر )للدرس فقط( 108

اللغة: 8- ه م انتشروا فيه ل رد ر ع يل نا فم ن تربه يوم المعاد لهم ن ش ر 9- ون ح ن أسرنا اجلو س لي ن ولم ي ك ن ل يخش ى من األيام ن ائ بة ت ع رو 10- وكان ي ظن الغ ر أنا ن ب يع ه بمال وك م ظ ن به ي هل ك الغ ر 11- وجيش إذا الق ى الع د و ظننت هم أ س ود الش رى عنت ل ها األ دم والع ف ر 12- ت رى ك ل شهم في الو غ ى م ث ل س ه مه نف وذا فما ي ثنيه خ وف والك ث ر 13- ه م االسد من بيض الص وارم والق ن ا ل ه م في الو غ ى الن اب احلديد ة والظفر 14- ي ر و ن ل هم في الق تل خ لدا فكيف بال لقاء ل ق وم ق تل هم ع ند ه م ع م ر 2- نروم ه : نطلبه. أز م ة : جمع زمام وهو خيط يشد في حلقة ثم يشد إلى طرف املقود. 3- الر اح: اخلمر. وقع املواضي: صوت السيوف الباترة. 4- ينحط: يسقط. الوز ر : الذنب. 109

5- إبن الف ن ش: أحد قادة الفرجن. ب ر : صالح. 6- ح ص ن العرمية : اسم موضع. راغما :ذليال مكرها. جزر: مخفف ج ز ر بضمتني وهوجمع جزور : وهي الناقة املجزورة املذبوحة. 7- إقليس: اسم موضع. غ در : جمع غدير وهو القطعة من املاء يغادرها السيل. 8- الر عيل: اجلماعة املتقدمة من اخليل. املعاد: احلياة األخرى املرجع واملصير. النشر البعث واإلحياء. 9- اجلوسلني: أحد ملوك الفرجن. يخشى :يخاف. نائبة: كارثة. تعرو: تلم وتصيب. 10 -الغ ر : اجلاهل املغفل. 11 -الش رى : موضع كثير األسود يقال هم أ سد الشرى. عنت: ظهرت واعترضت. األ د م: من الظباء :املشربة بياضا. العفر: االعفر من الظباء مايعلو بياضه حمرة. 12 -الشهم:الصبور على القيام مبا حمل السيد السديد الرأي. الوغى: احلرب. نفوذ: اختراق ومضاء. 13 -الصوارم: السيوف القاطعة. القنا : الرماح. 14 -اخل ل د: الدوام والبقاء. 110

التعليق النقدي يبدأ النص باحلديث عن امتالك ناصية األمر وحيازة النصر مبينا أن هذا من إرادة اهلل تعالى لتدوم احلياة وتستمر ويفخر الزمن ويتباهى لتكون األيام طيعة والدهر منقادا مذعنا ثم يتحدث عن أسباب هذا الظفر العظيم والنصر املبني فإذا بها ترجع إلى النفور إلى العدو واجلهاد في سبيل اهلل والوطن والعزوف عن املالهي واملالذ إلى اشتياق لقاء األعداء في سوح الوغى وااللتذاذ بصليل السيوف القاطعة للرقاب عوضا من أنغام آالت الطرب والغناء. ويتحدث بعد ذلك عن نتائج هذا اللقاء بني املدافعني عن وطنهم والذائدين عن حرماتهم وبني الغزاة الطامعني املستعمرين فإذا باألعداء يندحرون وتتناثر جثث قتالهم في كل صقع ومتأل دماؤهم كل منخفض وإذا بهم يفجؤون مبا لم يكن في حسبانهم وال في تقديرهم وإذا قادتهم وملوكهم بني قتيل وأسير وحصونهم وقالعهم تتهاوى وتتساقط. ثم يتحدث عن اجليش الذي كان له شرف الدفاع والنصر واإلنقاذ فيصفه بالشجاعة واإلقدام والبسالة واملضي في مالقاة العدو وقد تسلح ابناؤه باإلميان والص بر والت صميم على الظ فر فنذروا أرواحهم الطاهرة ونفوسهم األبية لهذا اليوم احلاسم وكان رائدهم الذي ي زجيهم إلى خوض هذه املعامع اميانهم بأن احلياة اخلالدة والبقاء السرمدي في حسن الذكر املتأتي من الفداء والبذل واجلود بالروح والنفس. لقد ركز الشاعر تركيزا جميال في البيتني األولني املعنى العام الذي ميكن أن يسعى إليه النص كله وهو االنتصار والظفر كما أفلح في إسناد هذا الى اهلل تعالى الذي هو أعلم بكل شيء ولم ينس أن يعلل اإلسناد ويبرزه وأجاد في تصوير حالة املدافعني عن الوطن واحلرمات: م ن تسلح باإلميان وانشغال باجلهاد وشغف بلقاء العدو ومنازلته في ميادين القتال وابتعاد عن كل ما من شأنه بعث الض ع ف في النفوس واخلور في العزائم. وال شك في أن نعته لقاء املجاهدين لألعداء بلقاء األحبة ينطوي على لفتة فنية بديعة الشتمالها على تصوير عميق ملا يضطرم في نفوس املجاهدين من حرارة اللقاء الذي ال مياثله سوى لقاء األحبة بعد طول اجلفاء والغياب. كما أحسن في وصف حال العدو بعد 111

املنازلة وبعد انخذاله في سوح املعارك وركز احلديث عنه واقتضبه ولكنه تركيز واضح واقتضاب غير مخل يتضح في وصفه جليش العدو الكثيف الذي جاء في مخيلته الفوز والظفر وانتهى باخلذالن واالنحدار والتمز ق والتفت الشاعر إلى الوادي الذي جرت فيه املعركة طالبا مساءلته عن مصير العدو وعما آلت إليه دماؤه وجثث قتاله وواضح أن حديث الشاعر عن العدو وني ات ه واهدافه ومصيره ال يخلو من السخرية والهزء والتنادر ووصفه اجليش الذي قام بدحر العدو وصفا ش د د فيه على الشجاعة واإلقدام وسرعة احلركة وشبهه في كل ذلك باأل سود املعروفة بقوتها وبسالتها وجرأتها وهو تشبيه دأب عليه الشعراء قبل أ سامة في أوصافهم ومدائحهم.وال شك في استحضاره تشبيه سرعة اجليش وانطالقه خلف العدو بسرعة األسود وشدة عدوها وراء ما ظهر أمامها من ظباء وغزالن لفتة فنية جميلة ال تخلو من البراعة واجلدة. على أن الشاعر قد أبدع كثيرا في خامتة هذه األبيات فقد أودع قوله معنى جميال جدا يكاد ينفرد به بل نراه جديرا بأن يكون رائد كل مدافع عن وطنه ومحام عن حرماته فالشهادة في سبيل الوطن ومقارعة العدو الغاشم هي اخللود السرمدي في جنات النعيم وهي حسن الثناء والذكر في الد نيا بل هي العمر كله. أسئلة للمناقشة 1- ما اخلصائص التي جاءت في شعر أسامة بن منقذ 2- وضح تصوير الشاعر حالة الدفاع عن الوطن واحلرمات. 3- علل: أ- إجاد الشاعر نثرا وشعرا. ب- عدم استقرار أسامة بن منقذ في مكان واحد. ج- قلة العيوب في شعر أسامة بن منقذ. 112

األبيوردي هو محمد بن أحمد بن محمد ولد ب )كوفن( إحدى املدن القريبة من أبيورد الواقعة في خراسان في أ سرة ذات جاه ونعيم ونشأ في رعاية أ سرته وتثقف ثقافة واسعة وأخذ عن كثير من العلماء في عصره حتى غزر علمه وتوسعت معرفته وشهد له بالتضلع من أكثر علوم العصر بل جعلته ثقافته الشاملة العميقة إماما في كل علم وفن متقنا اللغة والنحو والنسب واالخبار وامدته بيد باسطة في البالغة واإلنشاء كما كان أحد قراء أبيورد ولم يقتصر األبيوردي على تلقي العلوم واإلبداع فيها بل شارك في التأليف أيضا فخلف آثارا ذكرت اسماؤها في بعض مصنفات م ن ترجموا له. قضى األبيوردي ردحا من الزمن في مسقط رأسه ثم انتقل الى بغداد ومكث فيها م قربا من اخللفاء والوزراء عشرين سنة وتولى في غضون هذه احلقبة خزانة الكتب النظامية ثم غادر بغداد متنقال في خراسان حت ى استقر به املقام في أصبهان حيث ع ه د إليه بوالية عمل كبير بقي فيه إلى أن توفي مسموما في سنة ) 507 ه(. قال الشعر منذ صباه إلى أواخر أيامه ولم يتخذه وسيلة للتكسب أو النيل من االخرين وإمن ا اجته به الى اخللفاء والوزراء حني تعرضت موارده للسلب والنهب. إن ما وصل إلينا من شعره ي عد من أجود الشعر وأحسنه وهو دليل بني على أصالة شاعرية صاحبه ملا امتاز به من سالمة التراكيب وانتقاء اللفظ وبالغة التعبير وقلة االحتفال بالبديع أو تكلفه علما بأن عصره كان عصرالعناية الفائقة بالبديع وفي شعره روح حماسية عربية فياضة فقد تعالت هتافاته احلماسية هذه في أغلب ما وصل إلينا من شعره وهو ينطلق فيها معتمدا على أ سس رصينة من أرومته )1(. )1( األرومة : األصل واحلسب. 113

العربية وأ س ر ت ه الكرمية وخلقه الر فيع ومن أجل هذا كان الفخر واحلماسة من أكثر ما نظمه وأحسن ما قاله وله مع ذلك غزل كثير رقيق جاء بعضه في مطالع بعض قصائده كما جاء بعضه منفردا مستقال. من آثاره املطبوعة: ديوانه قال األبيوردي ملا استولى الفرجن على بيت املقدس في سنة ) 492 ه( )للدرس واحلفظ :8 أبيات ) 1- م زجنا دماء بالدموع الس واجم ف ل م يبق منا عرض ة للمراجم 2- وشر س الح الم ر ء د مع ي فيض ه إذا احل ر ب ش ب ت نار ها بالص وارم 3- ف إيها بني اإلسالم إن وراء ك م وق ائع ي لح ق ن الذ رى باملناسم 4- أتهويمة في ظل أم ن وغ بط ة وع ي ش كن و ار الخ ميلة ناعم 5- وكيف ت نام الع ين م لء ج فون ها على ه بوات أيقظ ت ك ل نائم 6- وإخوان كم بالش ام ي ضح ي مقيل ه م ظهور املذاكي أو بطون القشاعم 7- ت س وم ه م الروم الهوان وانتم جت رون ذ ي ل اخلفض ف ع ل امل سالم 8- وك م من د ماء قد أ بيحت ومن د مى تواري ح ياء ح سن ها باملعاصم 9- ب ح يث الس يوف البيض م ح مرة الظ با وس م ر الع والي داميات الل هازم 114

10- وبني اختالس الطعن والضرب وقفة ت ظ ل لها الو لدان ش يب الق وادم 11- وتلك ح روب من ي غ ب عن غ مار ها ل ي سلم ي ق ر ع ب ع د ها س ن نادم 12- س ل ل ن بأيدي امل شركين قواضبا س ت غ م د م ن ه م في الط لى واجلماج م 13- يكاد ل ه ن الم ست ج ن بطيبة ي نادي بأعلى الص وت : يا آل هاشم 14- أرى أ مت ي ال ي شر عون إلى الع دا ر ماح هم والد ين واه ي الدعائم 15- ويجتنبون النار خوفا من الر دى وال ي ح سبون العار ضربة الزم 16- دعوناكم والحرب ترن و م ل ح ة إلينا بأ لحاظ الن سور الق ش اعم 17- ت راقب فينا غارة عربية ت طيل عليها الر وم ع ض األباهم اللغة: 1- الس واجم: الغزيرة السائلة. عرضة للمراجم مجال للضنون. املراجم: جمع مرجمة ويراد بها هنا الذم. 3- إي ها : اسم فعل أمر لالستزادة من حديث أو عمل ما. الوقائع : األحوال واأل حداث مفرده وقعة. الذ رى: جمع ذروة وذروة كل شيء : أعاله. 115

املناسم: جمع منسم وهو طرف خف البعير. 4- التهومية: النوم اخلفيف أو الشعور باحلاجة إلى النوم. الغبطة: حسن احلال واملسرة. الن وار: الزهر واحدته ن و ارة. اخلميلة: الشجر املجتمع أو كل موضع كثر فيه النبات. 5- اله بوات: جمع هبوة : غبرة املعارك. 6- املقيل : القيلولة: أي النوم وسط النهار وموضع القيلولة. املذاكي: اخليول. القشاعم: جمع قشعم الن س ر الذكر العظيم. 7- تسومهم: يوليه إياه ويزيده عليه. اخلفض: الد عة وسعة العيش. 8- أ بيح : أحل وأطلق. دمى: جمع دمية: الصورة املتمثلة من العاج وغيره يضرب بها املثل في احلسن واملراد هنا )النساء(. املعاصم:جمع معصم وهو موضع السوار من اليد. 9- الظبا: جمع ظبة وهو حد السيف أو السنان. سمر العوالي: الر ماح. اللهازم: جمع لهزم وهو كل شيء قاطع مع سنان أو سيف. 10 -اختالس: انتهاز ومخاتلة. وقفة: سكون وترقب. القوادم: املراد بها هنا الشعر. 11 -الغمار:الشدائد واملكاره جمع غمرة. يقرع بعدها س ن :يصكه ندما. 116

12- القواضب :السيوف اللطيفة الرقيقة جمع قاضب. ست غ مد: ست دخ ل. الط لى: األعناق أو أصولها جمع ط الة. 13- املستجن: املستتر ويريد الرسول )صلى اهلل عليه وآله وسلم(. طيبة : مدينة الرسول )صلى اهلل عليه وآله وسلم(. 14- يشرعون رماحهم: ي سددونها. واه : ضعيف م س ت رخ. الدعائم: جمع دعامة وهو عمود البيت الذي يقوم عليه. 15- ضربة الزم: مالزم ثابت. 16- ترنو: تدمي النظر في سكون ط ر ف. ملحة: مواظبة ملحفة. التعليق النقدي في هذه األبيات يستحث الشاعر-الذي دهمه األمر وأفظعه اخلطب-العرب واملسلمني على رد العدوان والقصاص من العدو الغازي الذي د ن س بوضر )1( احتالله حرمات البلد اآلمن املقدس فصور هذه املأساة احلزينة التي ح ل ت بالعرب واملسلمني ونالت منهم فانبجست الد موع غزيرة يخالطها الدم لهول ما وقع وعظيم ما حدث غير أن الدموع وحدها اليسعها حل مشكل أو إقامة م ع و ج بل إن اضعف السالح واكثره خطرا على أهله هو االكتفاء بسح الد موع إذا ما استعر أوار )2( احلرب واشتد قرع السيوف وانتم أيها املسلمون تنتظركم إذا ما تقاعستم وتخاذلتم أهوال )1( الوضر: اخلبث. )2( األ وار: حر الشمس النار واللهب. 117

عظيمة وأحداث جسيمة تقلب كل شيء رأسا على عقب وهل يجوز في حكم الشرع واحلق والوطنية واحلرمات االستكانة إلى التراخي واإلخالد إلى الدعة واالطمئنان والعيش الر خي الرغيد في مثل هذه االحوال العصيبة الضاغطة وإنه ألمر عجاب أن يستطاع نوم في جنب هذه االهوال املجلجلة التي أفزعت كل آمن ون ب ه ت كل راقد. إن العدو الغادر قد فعل االفاعيل بأخوان لكم أصبحوا بني حالني إما أن ميتطوا صهوات جيادهم للذود عن احلياض وإما أن يصبحوا طعاما سائغا للعقبان والنسور وقد ذاقوا على أيدي هؤالء الع تاة كل ألوان اخلسف وصنوف الهوان وفي حني انكم أ يها املسلمون ترفلون بسوابغ النعم وتنعمون بلذائذ احلياة وكأنكم في أمن ودعة وسالم. إن دماء زكية كثيرة قد أ ريقت وأ بيحت وإن احل ر مات قد ه تك ت وهؤالء فتياتكم احلسان ليس لهن ما يسترن به جمالهن البارع سوى أك ف ه ن ومعاص م ه ن وهن مأخوذات بسيوف العدو املصطبغة بدماء أوليائ ه ن والذائدين عنهن. إن هذه حلرب أو املأساة مخيفة جدا حتى لقد شاب لهولها وضراوتها صغار الفتيان وإنها تهدف إلى االحتالل واإلذالل فال مجال للتخاذل وال مفر من ركوب أهوالها مهما ك ل ف األمر وك ب رت التضحيات إنها حرب مصيرية والع ذ ر ملن يقعد متفرجا عليها ألنها قد أطمعت العدو فيكم وفي أرضكم وهذه سيوفه املشرعة ستتخذ من رقابكم وجماجمكم أغمادا لها. ووقف الشاعر بعد هذا مستصرخا العرب واملسلمني للوقوف والصمود بوجه هذا الطغيان العاتي ومستحثهم على املنازلة واملقاومة ومستنفرهم بصوت الرسول )صلى اهلل عليه وآله وسلم(لعترته من آل هاشم. إن هذه احلرب الضروس تنظر إلينا نظرات حادة قوية وتنتظر منا صولة عربية ماحقة ترعب العدو وترهبه ومتزق أوصاله وتبددها وجتعله يندم على فعلته النكراء ويتجرع غصص اخليبة واخلذالن أمدا طويال. 118

وهذه األبيات صرخة مدوية من أعماق نفس مكلومة شعرت باألسى وأحست بالفادحة وقد صورت تصويرا حيا كل ما أريد منها. لقد بدت في هذه األبيات ألوان من الفنون البالغية من دون مبالغة بصنعة وبديع ومجاز وكناية كقوله : احلرب شبت نارها وعيش كن وار اخلميلة وتنام العني ملء جفونها كناية عن األمان وعض األباهم فهي كناية عن الندم واملستجن بطيبة كناية عن الرسول األعظم )صلى اهلل عليه وآله وسلم ( وغير ذلك كثير. كما أن التجسيم والتهويل في أكثر ما جاء كان مقصودا ومتعمدا ليكون التأثير في النفوس أعمق واحلث على اجلهاد واالستنفار أعظم وهو ما ينبغي أن يكون في مثل هذا الفن أو املعنى. إن هذه القصيدة مثال عال في الصناعة ونفثة صادقة ملتهبة من نفثات شاعرعربي ملتزم في وقت عز فيه وجود أمثاله ومن أجل هذا كله يحق لنا أن ننعتها )القصيدة اجلهادية(. 119

أسئلة للمناقشة 1- ما خصائص شعر األبيوردي 2- كان األبيوردي صادقا في مشاعره العربية أيد هذه الفكرة بنص من القصيدة. 3- علل: أ- ميل الشاعر إلى التجسيم والتهويل في قصيدته. ب- تطلع الشاعر في أحد أبيات القصيدة إلى غارة عربية موحدة. ج- في األبيات إشارات إلى األلوان استخرجها وبني داللتها. د- تستحق هذه القصيده تسميتها )القصيده اجلهادية(. 120

النثر القاضي الفاضل هو عبد الرحيم بن علي املعروف بالقاضي الفاضل عربي األصل من خلم ولد مبدينة عسقالن )1( عام )529 ه (. وتلقى على والده قاضي عسقالن طرفا من علوم اللغة واألدب ثم قصد مصر وهو في أول صباه للتزود بالعلوم واملعرفة وتعلم فن الكتابة فنزل باإلسكندرية واتصل بالقاضي ابن حديد الذي أعجب به ودرب ه تدريبا جيدا على التمكن من الفن الكتابي وكانت الكتب تصل إلى القاهرة بإنشاء القاضي الفاضل فأ عجب به أولياء األمور وطلبوا إليه االنتقال إلى القاهرة وملا أصبحت مصر حتت أمرة صالح الدين قربه واتخذه كاتبا ووزيرا وأصبح موقعه عنده عظيما جدا وقد أبدى القاضي مقدرة كبيرة في مجالي اإلدارة والكتابة طوال عهد صالح الدين وكان يكتب على لسان صالح الدين إلى اخللفاء وامللوك واألمراء ويسجل أحداث الدولة اخلارجية والداخلية ثم الزم أوالد صالح الدين بعد وفاته فكان موضع تقدير وحفاوة وإكرام حتى توفي في القاهرة سنة ) 596 ه(. كان القاضي الفاضل م رض ي السيرة حسن اخل لق خي را متدينا وفيا وكان ذا ح ن ك ة سياسية ومقدرة ادارية مما جعل صالح الدين يعتمد عليه اعتمادا كبيرا في إدارة شؤون دولته في ظروف حربية متصلة بينه وبني الفرجن ولتحليه بالصفات الكرمية فقد امتدحه الشعراء وأشادوا به كثيرا. كان الفاضل يجمع بني فني األدب: الشعر والنثر وترك آثارا كثيرة فيهما فله ديوان شعر وله رسائل كثيرة في فنون متعددة من ديوانية وإخوانية وأدبية وقد اشتهر كاتبا أكثر من شهرته شاعرا وكان ذا قدرة عجيبة في صناعة االنشاء وبراعة فائقة في حترير الرسائل في كل وقت وكل فن. )1( عسقالن: بلدة كانت على ساحل فلسطني وموقعها اآلن خرب. 121

وتهيأ للقاضي أن يبتكر طريقة خاصة في األسلوب الكتابي مؤسسة في بعض أصولها على الطريقة التي كان يتبعها كبار الكتاب في القرن الرابع الهجري والتي كانت حتفل بالصناعة اللفظية واملعنوية فجعل طريقته التي عرفت به قائمة على أساس الصناعة اللفظية واكثر من السجع والتورية واجلناس واالستعارة في كل ما أنشأه من رسائل حتى أغرت هذه الطريقة الك ت اب في عصره فاقتدوا بها وصرفوا هممهم وطاقاتهم الفنية واألدبية إليها فأصبحت دليال على بالغة الكاتب ومقياسا لقدرته الفنية واألدبية. ء وخير ما يصور علو منزلته في الفن الكتابي قول صالح الدين في مال من الن اس )التظنوا ملك ت البالد بسيوفكم بل بقلم الفاضل (. من آثاره املطبوعة : -1 ديوانه. 2- مجموعة من رسائله مبثوثة في )صبح األعشى (وغيره. قال القاضي الفاضل في رسالة طويلة كتبها عن صالح الدين األيوبي إلى اخلليفة العباسي الناصر لدين اهلل ببغداد ي بشره بفتح القدس واسترجاعها من أيدي الفرجن )1( : )للحفظ : 6 أسطر ) )ق د أ ظ ف ر اهلل بالعدو الذي ت ش ظ ت ق ن ات ه ش ق ق ا وطارت ف ر ق ه ف ر قا وف ل س يف ه فصار ع صا وص دع ت ح صاته وكان األكث ر عددا وحصى فكل ت ح م الته وكانت ق در ة اهلل ت صرف فيه الع نان بالعيان عق وبة من اهلل ليس لصاح ب ي د بها يدان وعثرت ق د م ه وكانت األرض لها حليفة وغ ض ت عين ه وكانت ع ي ون الس يوف دون ها كسيفة ونام ج ف ن س ي فه وكانت يق ظته ت ريق ن ط ف الكرى من اجلف ون وج د ع ت أنوف رماح ه وطاملا كانت شامخة باملن ى أو راع فة باملن ون. )1( صبح األعشى : 493/6 وفيات األعيان 181/7. 122

ف بي وت الشرك مهدومة وني وب الك فر مهت ومة وطوائفه احمل امية مجتمعة على تسليم البالد احلامية وش جعان ه ا ملتوافية م ذعنة ببذل املطامع الوافية الي رون في ماء احلديد لهم ع صرة وال في فناء األفنية ل ه م ن صرة وقد ض رب ت عليهم الذ لة واملسكنة وبد ل اهلل مكان السيئة احلسنة ونقل بيت ع بادته من أيدي أصحاب املشأمة إلى أيدي أصحاب امليمنة (. اللغة: تشظت : تطايرت قطعا. القنا: الرماح أوكل عصا مستوية أومعوجة. شققا : شظايا. فرقه: طوائفه. ف ر قا : جزعا وخوفا. ص د عت: ش ق ت وكسرت. احلصاة: العقل والرزانة. احلصى: جمع حصاة يريد العدد الكثير. كلت: ضعفت وتعبت. تصرف: تدبر وتوجه. الع نان: سير اللجام الذي متسك به الدابة )املقود(. العيان: الرؤية واملشاهدة. غ ض ت : ك ف ت وخ فضت. كسيفة: م نكسة مخفوضة. دون: نقيض فوق وهو تقصير عن الغاية. 123

جفن سيفه: غمده. ت ريق: تصب. نطف: جمع نطفة القطرة واملاء الصافي. الكرى: النعاس والنوم. جدعت : قطعت. شامخة: متكبرة متعظمة. راعفة: سائلة بالدماء. املنون: املوت. مهتومة: مكسورة. احملامية: املدافعة. احلامية: آخر من يدافع عنهم في حالة الهزمية. املتوافية: املتتامة. مذعنة: منقادة مقرة. املطامع: جمع مطمع :ما يستدعي الطمع وهو االمل والرجاء. الوافية: التامة. الع صرة: امللجأ والنجاة. الف ناء: الساحة في الدار او بجانبها. ض ر ب ت : أ لزمت وأ حيطت. املسكنة: الفقر والضعف. املشأمة: الشؤم الشر. امليمنة: البركة. 124

التعليق النقدي يتحدث النص عن خذالن العدو واندحاره عما أصاب جموعه الهائلة من تشتت وجبروته من تضعضع وغطرسته من وهن وعم ا د ب في طوائفه من خور وفي فرقة من فزع وذعر بل سرى ذلك كل ه إلى أسلحته وأدوات قتاله ملا نالها من الضربات القاصمة على أيدي أبناء البالد الشجعان. إن العدو الذي كان باألمس يصول ويجول ويشمخ بأنفه متجبرا طاغيا أصبح - بعد أن لقنه األبطال احملررون دروسا قاسية في الشجاعة والتضحية والفداء -ذليال مهانا يجر ذيول اخلزي والعار طالبا النجاة مقرا بالهزمية الئذا بالفرار مستعدا لتسليم البالد إلى أهلها. وهكذا عادت القدس التي دن سها العدو إلى أصحابها األصليني الذين لم يبخلوا - إلعادتها مكرمة معززة -بكل غال ونفيس. أحسن الكاتب في جتسيد كل ما أراد تصويره من حاالت الوهن والضعف واخلذالن التي د ب ت في فصائل هذا العدو وضعضعت معنوياته. انتقى الكاتب لغرضه األلفاظ املالئمة للصنعة التي أرادها كالتشظي والفرق والغل والصدع والكالل والهدم والهتم واإلذعان والتسليم والذل واملسكنة. كما أحسن اختيار العبارات املناسبة ذوات الدالالت القوية واآلثار العميقة في النفوس واملشاعر حت ى ليصعب املفاضلة بني عبارة وأخرى وهذا واضح في الوصف الدقيق حلالة الهلع التي رانت على العدو املتغطرس وفقدانه السيطرة على نفسه وضيق األرض على رحابتها والصراع النفسي الذي انتاب فلوله وقادته فكانوا بني: منهزم ومستسلم وخانع كقوله : )فبيوت الشرك مهدومة ونيوب الكفر مهتومة وطوائفه احملامية مجتمعة على تسليم البالد احلامية وشجعانه املتوافية مذعنة ببذل املطامع الوافية. اليرون في ماء احلديد لهم ع صرة. 125

أسئلة للمناقشة 1- أين تلمح تأثر الكاتب بالقرآن الكرمي في النص 2- ي عد القاضي الفاضل صاحب مدرسة في الكتابة ما أهم مميزاتها وهل تتبني في هذا النص بعض مالمحها ع ني ذلك. 3- ا ذكر أمثلة من الرسالة حتتوي على فنون بديعية واذكر نوع هذه الفنون. 4- عالم يدور هذا اجلزء من النص 5- املشأمة وامليمنة: مصدران ميمي ان ورد ذكرهما في القرآن الكرمي ا ذكر اآلية التى وردا فيها. 127

القسم الثاني األدب العربي في األندلس مقدمة تأريخية كانت األندلس آخر اجلناح الغربي من الوطن العربي حيث تشكل األرض املمتدة في اجلنوب الغربي من أوربا ويفصل بينها وبني املغرب العربي من جهة البحر مضيق جبل طارق.وتشمل أراضي األندلس في العصر احلديث كال من اسبانيا والبرتغال كان فتح املغرب مقدمة لفتح بالد األندلس فهو املجاز الطبيعي إليها. ففي سنة ) 92 ه( عبر اجليش العربي املضيق املؤدي إلى اجلزيرة اخلضراء في الشاطئ اإلسباني بقيادة طارق بن زياد وبتوجيه من القائد العربي موسى بن نصير في عهد اخلليفة الوليد بن عبد امللك ونزلوا اجلبل املسم ى )جبل طارق( ثم ألقى خطبته املشهورة التي منها: ))أيه ا الناس أين املفر البحر من ورائكم والعدو أمامكم وليس لكم واهلل إال الصدق والصبر واعلموا أنكم في هذه اجلزيرة أضيع من االيتام في مأدبة اللئام((. وقد وصفت هذه اخلطبة بأنها أول ريح هبت على تلك البالد معطرة ببالغة العرب وأول كالم بليغ عبر عبيره هناك ولم تكن بالغتها في األسلوب وحده بل في الشجاعة التي هي من طبع العربي. وبعد هذه اخلطبة احلماسية البليغة استجاب إليه آمرو اجليش العربي وقالوا له: قد قطعنا اآلمال مما يخالف ما عزمت عليه وما حضرت إليه فإن ا معك وبني يديك. ومت النصر للجيش اإلسالمي املكون من العرب والبربر وتقدم طارق بن زياد فدانت جميع األندلس لقيادة املسلمني وأصبحت تابعة للدولة األموية في املشرق وكان املجتمع األندلسي يتكون من العرب والبربر واملولدين واليهود. 128

وملا استقرت قدمهم هناك هاجر إليها كثير من العرب واختلطوا بسكان البالد األصليني باملصاهرة واملصادقة وامتد عهد اخلالفة إلى سنة) 422 ه( وقد كان عهدا ذهبيا للحكم في األندلس وبعد ذلك أ لغيت اخلالفة وصارت املدن الكبيرة عواصم لدويالت صغيرة كالزيرية في غرناطة واحلمودية في قرطبة والعبادية في إشبيلية وهكذا. وكان ملوك تلك الدويالت يتنافسون في العلم واألدب ويتسابقون على املجد كل منهم يعمل على أن تكون دولته قبلة اآلمال ووطن الرجاء فاستقدموا كبار علماء املشرق العربي ليفيدوا منهم وليعقدوا لهم مجالس املناظرة مع علماء وأدباء األندلس غير أن تفتت الدولة الواحدة إلى دويالت صغيرة واشتعال روح التنافس بني تلك الدويالت أضعف كل االطراف املتنافسة وبذر بينها بذور الفرقة واخلالف فاستغل االفرجن ضعف دويالت )الطوائف( وهو االسم الذي أ طلق على ذلك العصر فهاجموها النهاء الوجود العربي في األندلس واستطاعوا القضاء على معظم تلك الدويالت وحني وصلوا إلى اشبيلية استنجد حاكمها العربي املعتمد بن عباد بأمير املرابطني في املغرب فأجنده وقاد جيشا عبر به إلى األندلس ومتكن من قهر جيش اإلسبان في موقعة )الزالقة(. ودام حكم )املرابطني( ستني سنة وعندما انتهى حكمهم في املغرب وبدأ عهد )املوحدين( توجهت وفود من األندلس طالبة جندتهم بعد تهديد العدو لهم مستغلني انتهاء عهد املرابطني.فدخلوا إلى األندلس لنجدة إخوانهم العرب املسلمني وبدأ عهدهم في األندلس وملا انتهى حكمهم في املغرب سنة ) 667 ه( بدأت مدن االندلس الكبرى تتهاوى أمام األعداء الواحدة بعد األخرى. فظهر بنو األحمر وهم قبيلة عربية يرجع نسبها إلى سعد بن عبادة اخلزرجي واستطاع محمد بن يوسف بن األحمر أن يحتفظ مبا تبقى من األندلس ويعلن مملكة عربية عاصمتها غرناطة وصمدت تلك اململكة الفتية على الرغم من الصعوبات ما 129

يزيد على قرنني ونصف وقد ع د بقاء تلك اململكة كل هذه املدة مع صغرها وقلة عدد سكانها وقوة أعدائها احملدقني بها معجزة كبرى. وإن اإلرادة القوية والتصميم على التضحية للحفاظ على الوجود العربي واإلسالمي في األندلس ساعد على بقاء الدولة الصغيرة هذه املدة الطويلة. ولكن في أواخر أيامها تولى أمرها حاكم مستبد مغامر كان سببا في انقسامات داخلية وفنت محلية مستمرة فاستغل االوربيون ذلك وزحفوا على غرناطة وقضوا على احلكم فيها. وهكذا تهاوى آخر معقل عربي في بالد األندلس بعد أن حكمها املسلمون ما يقارب ثمانية قرون) 898-92 ه(.وصنعوا خاللها لألندلس مجدا أثيال وحضارة وارفة وعلوما غزيرة. مقدمة في اجتاهاته وفنونه كان الشعر أسبق الفنون األدبية ظهورا في بيئة األندلس اجلميلة ألنه مظهر الثقافة العربية ومرآة حياة العربي العقلية واالجتماعية.وهو جزء أصيل من كيانه يشدو به أن ى حل وأينما ارحتل فال غرابة أن يقبل األندلسيون العرب على نظمه فتزدهر فنونه وتنتشر بني الناس كل ألوانه منذ أن حل العرب في األندلس إلى أن غابت شمسهم عنها. ويقسم املؤرخون عصور األدب األندلسي على حسب العصور السياسية: عصر الوالة فاإلمارة فاخلالفة فملوك الطوائف فاملرابطني فاملوحدين وأخيرا عصر بني األحمر.لكن عصر ملوك الطوائف كان أزهى عصور الشعر فيها إذ ظهر فيه كثير من فحول الشعراء مثل ابن زيدون وابن خفاجة وابن عمار واملعتمد بن عباد. ومما ساعد على نهضة الشعر وازدهاره في األندلس استقرار السلطة في أيدي العرب املعروفين بموهبة الشعر املتأصلة في نفوسهم وحرصهم الشديد على اللغة العربية 130

وآدابها وجمال طبيعة بالد األندلس وفتنتها فتعلقت بها قلوب الشعراء وملكت معاني جمالها نفوسهم ومشاعرهم حتى قال شاعرهم : يا أهل أندلس هلل درك م ما ج ن ة اخلل د إال في ديار كم ماء وظل وأنهار وأشجار ولو ت خي رت هذا كن ت أختار مع حياة الد عة واالسترخاء والنعومة والثراء وما عرف عن ملوكهم وأ مرائهم من رغبة في الشعر وقرضه وتقريبهم للشعراء وعقد املجالس لهم. ومما ساهم في ازدهار الشعر تعاطي احلكام واألمراء والوزراء له نظما وتذوقا فقد كان مؤسس الدولة األموية في األندلس عبد الرحمن الداخل شاعرا وأديبا ومثله كثير من األمراء واخللفاء وامللوك كاخلليفة عبد الرحمن الناصر وملك إشبيلية املعتمد بن عباد. ومعظم الوزراء كانوا شعراء أيضا مثل ابن زيدون وابن عمار وابن شهيد وابن حزم ولسان الدين بن اخلطيب. وكانت روح املنافسة للمشرق مع الر حلة الدائمة بني املشرق واملغرب من عوامل ازدهار الشعر ومنوه أيضا. متيز الشعر األندلسي مبيزات واضحة منها أنه سهل األلفاظ سلس التركيب واضح املعاني بعيد عن تعمق الفالسفة وتدقيق احلكماء وقد ألم ببعض املعاني الطريفة املبتكرة مما سلك قسما من شعرائه في عداد الشعراء املجددين وجلمال طبيعة األندلس جال خيال شعرائها ورق وصفهم فكثرت لديهم التشبيهات البديعة والتوليدات العجيبة الغريبة.ومما يلفت النظر كثرة الشواعر في األندلس فعددهن كبير بالقياس إلى ما في املشرق العربي ورمبا يرجع ذلك إلى ما كانت تتمتع به املرأة من العلم واملعرفة ورمبا احلرية بنصيب أوفر من نصيب أ ختها في املشرق. 131

ومن شواعر األندلس الشهيرات حسانة التميمية وعائشة القرطبية وحفصة احلجازية ووالدة بنت املستكفي وحمدونة بنت زياد. أما أغراض الشعر األندلسي فقد طرق الشعراء األغراض التي طرقها شعراء املشرق وحرصوا على احملافظة عليها وعدم اخلروج عن نهج اآلباء واألجداد فنظموا في املدح والهجاء والرثاء والفخر واحلماسة والغزل إال أنهم قصروا في نظم الزهد واحلكمة والفلسفة لعدم مالءمتها طبيعة حياتهم. لكنهم فاقوا أهل املشرق في بعض األغراض نتيجة طبيعة بالدهم ونظام حياتهم كالوصف السيما وصف الطبيعة ومايتفرع عنها وطو روا أغراضا جديدة كرثاء املمالك الزائلة * وشعر االستغاثة واالستعطاف واالستنجاد والشعر التعليمي الذي ينظم العلوم والفنون مثل )ألفية ابن مالك (في النحوو)الشاطبية(في علوم القراءات. أسئلة للمناقشة 1- ملاذا كان الشعر أسبق الفنون األدبية ظهورا في األندلس 2- عدد العصور األدبية في األندلس. 3- ما العوامل التي ساعدت على نهضة الشعر األندلسي 4- من الظواهر األدبية بروز شواعر في األندلس سم ثالثا منهن. 5- ما أهم األغراض الشعرية التي عاجلها األندلسيون 6- مب امتاز شعر األندلس * هذا ليس غرضا مستحدثا وإمنا كان موجودا في املشرق فهناك رثاء الدولة األموية وهناك رثاء بغداد في فتنة األمني واملأمون وهناك رثاء مدينة البصرة في أواسط القرن الثالث ومرثية ابن الرومي لها من القصائد الرائعة في بابها وهناك رثاء بغداد بعد سقوطها سنة) 656 ه(. 132

ابن خفاجة أبو اسحق ابراهيم بن أبي الفتح بن خفاجة ولد في شرقي األندلس سنة ) 450 ه(لم يلج معترك السياسة فعاش حياة هادئة بعيدة عن الشهرة واألضواء حت ى جتاوز الثمانني عاما. كان مفتونا بالطبيعة يتملى مباهجها فتمتلئ نفسه حبورا ويبدع في تصوير محاسنها. وقد أدخل وصف الطبيعة في كل األغراض الشعرية التي طرقها فالصفات التي ميدح بها مصبوغة بألوان الطبيعة ومحاسن احلبيب في الغزل مستمدة من محاسن الطبيعة وهي حزينة باكية في الرثاء فضال على مقدماته الطويلة في وصف الطبيعة حتى تكاد تكون غرضا قائما بذاتها. وقد استهوته كل عناصر الطبيعة الصامتة كالرياض واملياه واجلبال والطبيعة احلية كاخليول والذئاب والطيور حتى اشتهر في األدب بلقب ج ن ان األندلس لكثرة وصفه الرياض وإبداعه فيه كما س م ي بالشاعر البستاني. وأطلق عليه مؤرخ األندلس )املقر ي( لقب )صنوبري األندلس( تشبيها له بالشاعر املشرقي الصنوبري الذي اشت ه ر بشعره في وصف الطبيعة. والبن خفاجة ديوان كبير سار فيه على س ن ة شعراء املشرق ففيه املديح والرثاء والغزل والوصف وهو من الشعراء العرب القالئل الذين كتبوا مقدمات لدواوينهم.وفي أواخر أيامه تنسك واعتزل الناس إلى أن وافته مني ته سنة ) 533 ه( في املدينة التي ول د فيها واسمها )شقر(. قال ابن خفاجة يصف اجلبل : )للدرس واحلفظ :8 أبيات( 1- وأرع ن ط م اح الذ ؤابة باذخ ي طاول أعنان الس ماء بغارب 2- ي سد مه ب الريح من كل وجهة وي ز ح م ليال ش هب ه باملناكب 133

3- وقور على ظهر الفالة كأنه 4- ي ل وث عليه الغيم سود عمائم 5- أص خ ت إليه وهو أخرس صامت 6- وقال : إلى كم كن ت ملجأ قاتل 7- و ك م م ر بي من م دلج وم ؤوب 8- والط م من ن ك ب الرياح م عاط في 9- ف ما كان إال أن طوت ه م يد الر دى طوال الليالي مطرق في العواقب لها من وميض البرق ح مر ذوائب ف ح د ثني ليل الس رى بالعجائب وم وط ن أو اه تبت ل تائب وقال ب ظل ي من م طي وراكب وز اح م من خ ض ر البحار غواربي وطار ت ب هم ريح الن وى والن وائب 10- ف ما خ ف ق أيكي غير رجفة أض ل ع والنوح ورقي غير صر خة نادب 11- وما غي ض الس لوان دمعي وإنما ن ز ف ت د موعي في فراق الصواحب 12- فحتى متى أبقى وي ظعن صاحب أ ودع منه راحال غير آيب 13- وحتى متى أرعى الكواكب س اهرا )1( ف من طالع أ خرى الليالي وغارب ( 1( وفي رواية: م فك ر. 134

اللغة: 14- ف ر حماك ياموالي دعوة ضار ع يم د إلى ن عماك راحة راغ ب 15- فأسمعني من وعظه كل عبرة 1- أرعن:جبل شامخ شديد النتوء. طم اح:عال. ي ترجم ها عنه لس ان الت ج ارب الذؤابة:ضفيرة شعر املرأة وذؤابة كل شيء أعاله. باذخ:مرتفع. أعنان الس ماء: صفائحها وما اعترض من أقطارها واحدها عنن. غارب:ظهر وكاهل وهو مابني الكتفني. 2- ش ه ب:واحدها شهاب وهو الكوكب. املناكب:واحدها املنكب وهو مجموع عظم العضد والكتف. 3- وقور:حليم متزن. الفالة:الصحراء. 135 4- يلوث:يل ف. وميض البرق:ملعانه. 5- أصخ ت :أصغيت. السرى: السير ليال. 6- أو اه:التائب يتأوه من ذنوبه أي يتوجع ويقول )آه(. تبت ل: تنس ك وانقطع للعبادة. 7- مدلج:الذي يسير الليل كل ه.

مؤوب: راجع. وقال بظلي: استراح ونام وقت القيلولة أي الظهيرة. 8- ن كب الرياح:الرياح الشديدة واحدها نكباء. معاطف وغوارب: جوانب. 9- الردى:املوت. الن وى:الفراق :والب عد. النوائب:واحدها النائبة وهي املصيبة. 10 -األيك:واحدها األيكة وهو الشجر الكثيف امللتف. الورق:واحدها الورقاء وهي احلمامة البيضاء املطوقة بلون أسود. 11 -غيض:غيض الدمع نقصه وحبسه. السلوان:النسيان. 12 -يظعن:يسير ويرحتل. 13 -أرعى :أراقب. 14 -ر حماك:دعاء بالرحمة. ضارع:خاضع ذليل. راحة:باطن الكف. التعليق النقدي هذه األبيات جزء من قصيدة تعد من غرر قصائد ابن خفاجة يصف فيها جبال مر به فاستنطقه وأنزله منزلة العاقل الذي يصو ر ما مي ر به في احلياة مستنبطا العبرة ومستخلصا الع ظ ة.واحلديث إلى اجلبل في الشعر العربي قدمي تطرق إليه الشعراء العرب في املشرق قبل الشعراء األندلسيني فقد خاطب الشاعر األموي مجنون ليلى جبل )التوباذ(في ديار بني عامر بنجد ورمبا اط لع ابن خفاجة على ذلك احلديث وتأثر به وسلك سبيله ولكنه حو ل حديثه إلى بلده األندلس واستنبط في صوره وأخيلته 136

وتشبيهاته وتفرع في معانيه والبن خفاجة مقطوعة رائية أ خرى سلك فيها هذه الطريقة أيضا. ويحس قارئ هذا النص بأن الشاعر قد بلغ في وصفه اجلبل مبلغ االمتزاج الكلي فقد شخص اجلبل تشخيصا تاما فصورهيأته الضخمة الوقورة ثم فصل احلديث عمن ميرون به في الغدو والرواح ثم كيف بث شكواه من فراق األصحاب حيث يروحون ويظل هو مشدودا إلى مكانه اليستطيع أن ي ب ر ح ه واليقدر على مغادرته. أسئلة للمناقشة 1- استعمل الشاعر أسلوب االستفهام في بيتني فما هما وما الغرض الذي أفاده كل منهما 2 -عني صور البديع التي جاءت في القصيدة وهل وفق الشاعر في استخدامها 3 -برع ابن خفاجة في رسم صوره الشعرية اذكر صورة منها مبينا سبب إعجابك بها 4 -ما احلكمة التي تستقيها من حوار الشاعر مع اجلبل 137

ابن زيدون الشاعر الكاتب الوزير أبو الوليد أحمد بن عبد اهلل بن زيدون يرجع في نسبه إلى بني مخزوم من قريش وقد وفد أجداده إلى األندلس أيام الفتح العربي. وي ع د من أشهر شعراء قرطبة عاش في أواخر عصر اخلالفة وأدرك عصر الطوائف إذ توفي في إشبيلية سنة ) 463 ه(.مت ي ز بالظرافة ورقة احلديث وسرعة البديهة. وأصدق ما وصف به هو )شاعر احلب واجلمال( وله ديوان مطبوع أكثره في الغزل بوالدة بنت املستكفي وكانت ذات شهرة عظيمة في قرطبة جلمالها وعلمها وأدبها وقصائده فيها مشهورة. وكما برع بالشعر فقد برع بالنثر أيضا فقد كان ذا ثقافة واسعة كثير امليل لعلوم العرب وفنون اللغة ونال مكانة مرموقة في مجالس قرطبة األدبية والسياسية. ومن مؤلفاته : 1- رسائل ابن زيدون. 2- ديوان شعر مطبوع ومشهور. 138

قال في والدة بنت املستكفي )للحفظ : 8 أبيات( واأل فق طلق ومرأى األرض قد راقا 1- إ ن ي ذ كرت ك بالز هراء م شتاقا كأن ه رق لي فأع ت ل إ شفاقا 2- وللن سيم إعتالل في أصائله كما ح ل ل ت عن الل ب ات أطواقا 3- والر وض عن مائ ه الفض ي مبتسم بتنا لها حني نام الد هر س راقا 4- يوم كأي ام لذ ات لنا انص ر م ت جال الن دى فيه حت ى مال أعناقا 5- ن ل هو مبا يستميل العني من ز ه ر ب ك ت مل ا ب ي ف جال الد مع رق راقا 6- ك أن أعين ه إذ عاينت أرقي 7 -ورد تألق في ض احي م نابته فازداد منه الض حى في العني إشراقا 8- ك ل يهيج لنا ذ كرى ت شو قنا إليك لم ي عد عنها الص در أن ضاقا 9- ال س ك ن اهلل قلبا عن ذكر ك م ف ل م ي طر بجناح الش وق خ ف اقا 10 -لوشاء ح م لي نسيم الص بح حني سرى 11 -لو كان و ف ى امل نى في ج م ع نا ب كم 12 -كان الت جار ي بمحض الو د م ذ زمن 13 -فاآلن أحمد ما ك ن ا لعهد ك م وافاك م بفتى أضناه ما القى لكان من أك رم األيام أخالقا ميدان أ نس ج رينا فيه اطالقا س ل و مت و ب قينا نحن ع ش اقا )1( تروى: ووجه االرض. 139

اللغة: 1- الزهرا ء: مدينة بناها عبد الرحمن الناصر بضواحي قرطبة. طلق : مشرق كأنه باسم. راق : أعجب. 2- اعتالل : مرض. أصائله : جمع أصيل وهو وقت العشي. 3- الل ب ات : جمع ال لب ة وهي أعلى الص در وموضع القالدة منه. األطواق : جمع طوق وهو ما يحيط بالعنق من الثوب واحللي. 4- انصرمت : انقطعت وانقضت. 5- جال : طاف. الن دى : املطر والبلل. 6- رقراق : صفة للدمع ألنه يدور في العني ويقال : ترقرق أي جاء وذهب. 7- تألق : ملع. ضاحي املنابت : األرض املرتفعة التي غمرتها شمس الض حى. 8- يعدو : يتجاوز. 9- عن : عرض. 10 -سرى : سار ليال. أضناه : أمرضه. 12 -الت جاري : التسابق. محض الود : خالص احلب. أطالق : جمع طلق وهو الشوط في السباق. 13 -س ل و مت : نسيتم. 140

أسئلة للمناقشة 1- مزج الشاعر بني الغزل والطبيعة في قصيدته أوضح ذلك. 2- وردت كلمة )س ر اقا (في أحد األبيات فهل وفق الشاعر في استخدامها وملاذا 3- كيف توج ه املعاني التي جاءت في الفقرات اآلتية أ- والر وض عن مائه الف ض ي مبتسم. ب- جال الن دى فيه حتى مال أ عناقا. ج- لم يط ر بجناح الش وق خف اقا. 142

التعليق النقدي الطبيعة مبا حتويه كانت موضوعا لشعر شعراء األندلس فكيف ال وهم يصفون ماترى األعني في رحاب هذه الطبيعة عاشت حمدونة وهي مترح على ضفاف نهر واديها فتستهويها مياهه الصافية فهي ابنة الوادي وال تلبث أن تغني للوادي الوارف وللطبيعة الفتانة وللنهر اجلاري السلسال ولنفسها الصافية وجلمال األنوثة والصب ترسم الشاعرة صورا وتعقد تشبيهات وتعتمد مقارنات بني بياض الوجه وسواد الذوائب إن التشبيه في البيت األخير بارع كل البراعة متقن كل اإلتقان غير أننا نقف أمامه قليال في مدلوله وارتباطه بأهل األندلس لقد ع رف عن األندلس أنهم يلبسون البياض أيام احلداد وتشبيه حمدونة هنا يفيد أن احلداد يلبس السواد فالصبح األبيض هو الوجه ن ك ب في شقيق له ف ت س رب ل باحلداد وهو الذوائب السود. وفي هذا داللة علىتأثرها بشعر املشارقة ومعانيهم. 144

أسئلة للمناقشة 1- مالذي مييز أدب األندلس عموما وأدب الشاعرة هذه خاصة أوضح مع الشاهد. 2- قد نلمح في أبيات وصفها شيئا من احلزن هل تراه متناقضا مع الغرض كيف 3- مب لقبت الشاعرة 4- هل و فقت الشاعرة في بيتها األخير مع التعليل. 5- في األبيات إشارة لأللوان استخرجها وبني داللتها. 6- ما الدليل على تأثر الشاعرة بأدب املشارقة 145

ابن ش كيل األندلسي هو أبو العباس بن أحمد ش كيل األندلسي )بفتح الشني( شاعر فذ من شعراء الدولة املوحدية أديب فقيه وشاعر فحل اشتهر بنزاهته ومروءته السابغة الذيول كما وصفه ابن األب ار. ولد سنة )578( ه وتوفي سنة )605( ه. وعلى الرغم من أن يد املنون أطفأت شمعة شبابه ومل ا يبلغ الثالثني من عمره غير أن الناظر في شعره يجده شاعرا كبيرا استطاع في سني عمره القليلة أن يقد م شعرا جزل األلفاظ رائق املعاني جميل الصور. فقد صقل موهبته الشعرية بحفظ عيون الشعر العربي وتتلمذ على نخبة من مشايخ عصره أغلبهم من القضاة الذين عل موه العربية مشفوعة بصحة الضبط والتوثيق وسالمة التوجيه واإلرشاد كما أخذ عنهم علوم القرآن الكرمي واحلديث الشريف. وكان لنشأته في مدينة شريش املعروفة بجمالها وسحر طبيعتها وضخامة أسواقها وظرف أهلها وتخل قهم باألدب األثر الكبير في خصب خياله وكثرة آدابه. كما أث رت فيه معيشته في ظل الدولة املوح دية التي دعت إلى ثورة ثقافية شعارها ترك التقليد والعودة إلى األصول مما أدى إلى قراءة جديدة للنصوص الدينية واالهتمام بالتصوف. وهذا ما انعكس في شعره بنحو جلي. أما أغراض شعره فمتعددة أثر فيها أمران: أحدهما : صحبته ألبي حفص عمر السلمي أستاذه وأبيه الروحي الذي فج ر في نفسه الشخصية األندلسية املتميزة باإلحساس املرهف والعواطف اجلياشة وحب احلياة 146

12- الروائم : جمع رائم وهي الظبية الوالدة. نيب : النيب :املسنة من االبل والظباء 14- الثكالن: احلزين لفقد ولده الصب: العاشق احملب الشجي: احلزين املتألم 15- أحم : من احلمحمة وهو إظهار الصوت. 16- شنيب : بارد التعليق النقدي إن نبرة احلزن مسموعة من بني أبيات القصيدة مشفوعة بعاطفة صادقة تنبئ عن قلب محترق عند انشائها ملو ع بفقد األحبة وال سيما في البيت الثاني الذي أخبرنا مبوت أحبة الشاعر حتى لم يبق له من األحياء أحد.لقد عمد الشاعر إلى البحر الطويل ليستوعب عمق عاطفته وجمال صوره وصدق رثائه مستعمال ألفاظا ذات جرس هادئ منساب انسياب أحزانه املتوالية التي أعد لها إميانا صادقا يقينا قويا ورضى بقضاء اهلل تعالى وقدره بي نه في أول أبياته متوشحا بالصبر اجلميل. مستعينا بفنون من البالغة متكنه من التعبير عم ا يخاجله أفضل تعبير.فقد استعان بالتصوير الفني لبيان حالته النفسية فبدا وصفها متحركا في البيت اخلامس عندما رسم صورة يأسه فأصبح خالنه لهم جيئة من حوله وذهوب. أو صورة لعينه التي أصبحت غيمة هاطلة تسقي قبر أخيه مستعمال التشبيه البليغ. وقد يعمد إلى التشبيه التمثيلي عند رسمه لصورة األرق الذي عاشه فكأن عينه رقيبة على النجوم املرحتلة أو أنها أصبحت 149

مكانا الطالع الشهب ومغيبها. كما في البيتني العاشر واحلادي عشر. وأسمعنا صوت أنفاسه املتقطعة التي لها حنني كحنني الظباء الوالدات على أبنائها والعرب تضرب بها مثال في العطف والشفقة. كما استعان بألوان من التضاد متثل في»الطباق«بني )وارى التراب( و )فوق التراب( و )جيئة وذهوب( و )شمال وجنوب(. واستخدم ألوانا من التراكيب التي أثرت الداللة بإيحاءات فاجلمل احلالية وأسلوب القصر واالستفهام املجازي زيادة على العطف في البيت الرابع عشر فكانت قصيدته لوحة فنية نفيسة. 150

أسئلة للمناقشة 1- كيف جتد نبرة احلزن عند الشاعر 2- لقد عمد الشاعر إلى البحر الطويل في نظم قصيدته ملاذا وما األلفاظ التي استعملها 3- استعان الشاعر بالتصوير الفني لبيان حالته النفسية حدد ذلك شعرا 4- ما األساليب التي استعملها الشاعر في قصيدته التي شكلت لوحة فنية 151

املوشحات املوشحات في األدب فن شعري نشأ في أوساط الشعب األندلسي خالل القرن الثالث الهجري إلرضاء حاجة الشعب ويتميز بتعدد القوافي وبخروجه على بحور الشعر املعروفة في بعض األحيان وتنويعها في املوشح الواحد وبتقسيمه إلى أجزاء ال جندها في ألوان النظم األخرى مع استعماله اللهجة العامية أو األعجمية في آخر أجزائه. وي عد املوشح من فضائل العرب في األندلس سبقوا فيه أهل املشرق واقتدى املشارقة بهم في نظمه. وهو ليس ظاهرة مستقلة عن الشعر العربي ألن ناظ ميه هم شعراء عرب كانوا ي قر ض ون الشعر وينظمون املوشحات في آن واحد. وقد اختلف املؤرخون في تسمية أول وش اح أندلسي فقال بعضهم إن ه محمد بن حمود القبري وقال آخرون : إن ه ابن عبد رب ه األندلسي. أما أجزاء املوشح فهي أجزاء يكون مجموعها املوشح الكامل وهي : املطلع. القفل. الدور. السمط. الغصن. البيت. اخلرجة. املطلع : هو القفل األول من املوشح. القفل : هو اجلزء املتكرر في املوشح واملتفق مع املطلع في القافية والوزن وعدد األجزاء. الدور : هو ما يأتي بعد املطلع في املوشح ولم يتكرر متفقا في الوزن وعدد األجزاء في كل األدوار. السمط : هو كل شطر من اشطر الدور. الغصن : هو الشطر الواحد من أشطر املطلع أو القفل البيت : ويتكون من الدور والقفل الذي يليه مجتمعني. اخلرجة : القفل األخير من املوشح. 152

واخلرجة : هي اجلزء الوحيد في املوشح التي ال تلتزم باللغة الفصيحة وال باإلعراب. وت عد أوزان املوشحات أكبر حركة للتجديد في أوزان الشعر العربي وثورة ضد القوافي الر تيبة التي كانت األ شعار العربية تلتزم بها دائما.أما أغراض املوشحات فهي متنوعة كتنوع أغراض الشعر العربي فقد نظمها الوشاحون في الغزل واملدح والرثاء والهجاء والزهد وإن كان الغزل أبرز أغراض املوشحات لصلتها الوثيقة بفن الغناء الذي عم األندلس وتلحينها في مجالس اللهو والطرب فتغنى بها املغنون في مجالسهم وارتفعت بها أصوات اجلواري.ومن أبرز الوشاحني في األندلس ابن سهل اإلشبيلي ويحيى بن بقي وابن قزمان ولسان الدين بن اخلطيب )1(. أسئلة للمناقشة 1- لم يكن املوشح ظاهرة منفصلة عن تطور الشعر العربي وضح هذا القول. 2- من أو ل من نظم املوشح 3- ما اخل رجة ومباذا تختلف عن سائر اجزاء املوشحة. 4- تعد املوشحات أكبر حركة جتديد في أوزان الشعر العربي ناقش هذا القول. 5 الغزل ووصف الطبيعة أبرز أغراض الشعر األندلسي السيما املوشحات وضح ذلك. 6- س م ثالثة من الوشاحني االندلسيني. )1( يستعان مبوشحة ابن اخلطيب لتوضيح أجزاء املوشح عمليا. 153

ن ن ق ل اخل ط و على ما ت رس م 3- إذ ي قود الد هر أ شت ات امل نى م ثلما ي دع و احلجيج املوسم - 4 زمرا بين ف رادى وث نا ف ثغ ور الز هر فيه ت ب س م 5- واحل يا قد ج ل ل الر وض سنا *** كيف ي رو ي مال ك عن أنس 6- ور و ى الن عمان عن ماء الس ما ي زدهي منه بأب هى ملبس 7- فكساه احل س ن ثوبا م ع ل ما *** بالد جى لوال ش موس الغ رر 8- في ليال ك ت م ت س ر الهوى مستقيم الس ير سعد األ ثر 9- مال نجم الكأس فيها وه وى أن ه م ر ك لمح الب ص ر 10- وط ر ما فيه م ن عيب سوى *** ه ج م الص ب ح ه جوم احلرس 11- ح ين لذ النوم شيئا أو كما أث ر ت فينا عيون الن رج س 12- غارت الش هب بنا أو رب م ا *** فيكون الر وض قد م ك ن فيه - 13 أي شيء المرئ ق د خ لص ا أم ن ت من م كر ه ما ت ت قيه 14- تنهب األزهار فيه الف ر صا وخال كل خليل بأخيه 15- فإذا الماء تناجى واحل صى *** ي كتسي من غيظ ه ما ي كتسي 16- ت بصر الورد غيورا ب ر ما ي سر ق الس مع بأذني ف رس 17- وترى اآلس لبيبا ف ه ما *** وبقلبي مسكن أنتم به 18- يا أ هيل احلي من وادي الغ ض ا ال أ بالي ش رق ه من غرب ه 19- ضاق عن وجد ي بكم رح ب الفضا 155

20- فأعيد وا عهد أ نس قد م ض ى ت عتقوا عانيك م من ك ربه *** 21- واتقوا اهلل وأحيوا مغرما يت الشى ن ف سا في ن ف س 22- ح ب س القلب عليك م ك ر ما أف ت رض ون ع فاء احل ب س *** اللغة: 1- الغيث: املطر. ه م ى : سال. 2- الكرى : النعاس أو النوم. اخللسة : الفرصة من اخللس وهو السلب. 3- أشتات : أنواع. 4- ز مر : جمع زمرة وهي اجلماعة. ث نا : اثنني اثنني. 5- احليا : الندى أو املطر. سنا : حسن وجمال. 6- النعمان : األزهار املعروفة بشقائق النعمان. ماء السماء : املطر. مالك : اإلمام احملدث مالك بن أنس. ومعنى البيت ان رواية مالك عن أبيه رواية صحيحة كروايةالنعمان بن املنذر عن جده ماء السماء وفيها تورية بشقائق النعمان واملطر ماء السماء. 156

7- م ع ل ما : مصبوغا ومرسوما. 8- الد جى : الظالم. الغ ر ر: جمع الغرة وغرة الشمس ما بدأ من ضوئها أو الصبح.والغر ة بياض في جبهة الضرس والعرب تتتبرك به.وأراد بشموس الضرر الوجوه البيض 9- هوى : سقط. 10- وطر : حاجة. 12- غارت : اختفت. الشهب : واحدها الشهاب وهو الكوكب الساطع. 14- م ك ر ه : احتياله وخديعته. تتقيه : حتذره. 15- خليل : صديق. 16- برم : ضجر. 17- لبيب : عاقل. 18- أهيل : تصغير أهل. 19- وجدي : حبي. 20- تعت قوا : حترروا. كربه : غم ه وحزنه. 21- مغرم : مولع ومحب. 22- عفاء : هالك. احل ب س : حبيس وهو السجني 157

التعليق النقدي يعارض ابن اخلطيب في هذا املوشح موشحا البن سهل األشبيلي : هل درى ظ بي احل مى أن ق د ح مى قلب صب حل ه عن م ك نس واملعارضة في املوشحات : أن ينظم الوش اح موشحا على غرار موشح سابق متفقا معه بالغرض والوزن والقافية وملا كان موشح اإلشبيلي في املدح والغزل ووصف الطبيعة جاء موشح ابن اخلطيب ملتزما بذلك أيضا. ويتميز هذا املوشح برقة األلفاظ وسهولة املعاني ووضوحها وهو مملوء بالتشبيهات اجلميلة والصور الزاهية. أجزاء املوشح : والقفل األول في هذا املوشح هو البيتان األول والثاني: جادك الغيث. لم يكن وصلك. ويسمى هذا القفل املطلع. وقد كرر ابن اخلطيب قافيته ووزنه في القفل الثاني والثالث... الخ. أما الدور فيه فهو. إذ يقود... زمرا... 158 واحليا...

أسئلة للمناقشة 1- تتميز موشحة لسان الدين بالدقة والسهولة والربط بني الطبيعة والغزل.أوضح ذلك. 2- وض ح ما يأتي: أ- املوشح وأجزاء ه. ب- أغراض املوشحات. ج - املعارضة في املوشحات. 3- قال لسان الدين: وروى الن عمان عن ماء الس ما كيف يروي مالك عن أنس ا ذكر نبذة موجزة عن كل ع ل م جاء في البيت. 4- اختر مقطعا أعجبك وانثره في مقالة أدبية. 160

النثر مقدمة: النثر صنو الشعر يتقدم ويتطور معه. كان الشعر األندلسي مكمال لنهضة الشعر في املشرق وكذلك النثر األندلسي كان امتدادا للنثر العربي في املشرق. وبدأ تأثير الك ت اب األندلسيني واضحا بأسلوب عبد احلميد الكاتب األموي وبأسلوب اجلاحظ في العصر العباسي وبأسلوب آخرين في العصور املتأخرة وامتد تأثرهم إلى ما ي سمى بالنثرالفنيأيضا فجارواابناملعتزوابنسالمفيالطبقاتوالصوليفيكتاباألوراق. وميكنأننقسمالنثراألندلسيعلىأربعةألوانهياخلطابةوالرسائلواملناظراتواملقامة. اخلطابة: لم يصل إلينا من خطب األندلسيني إال القليل على الرغم من دواعيها التي كانت تقتضيها حياتهم وميكن أن ن ق س م اخلطابة األندلسية على قسمني فهي في عصورها األولى تتميز بالسهولة والوضوح واإليجاز مع الب عد عن التكلف والزخرفة اللفظية وخير من ميثلها منذر بن سعيد البلوطي الذي برز اسمه في عهد اخلليفة عبد الرحمن الناصر فنال إعجابه بعد أن استجاب له البيان وأعانه املنطق والتوفيق. أما في عصورها املتأخرة فالغالب عليها التكلف واإلطالة واإلطناب والتزام الزخرفة اللفظية ورمبا كان اخلطباء يحذون في ذلك حذو املشارقة حيث سيطر اجتاه القاضي الفاضل. 161

الرسائل : أكثر ما يتمثل النثر األندلسي في الرسائل الفنية التي دب جها الك تاب ومعظمهم كانوا من الشعراء أيضا فمنحوا النثر مواهبهم الشعرية وارتقوا به إلى أساليب فنية جديدة حت ى كادوا أن يجعلوه شعرا منثورا ال ينقصه إال الوزن والقافية ليكون شعرا وقد ولج به الك ت اب كل املوضوعات ف ع رف ت الرسائل الديوانية التي تسم ى السلطانيات أيضا. والرسائل اإلخوانية التي تدور بني اإلخوان واألصدقاء عرف بها ابن برد والشاعر ابن زيدون الذي كتب رسالته اجلدية في عتاب احلاكم ابن جهور واستعطافه ورسالته الهزلية التي كتبها على لسان والدة يسخر فيها من منافسه ابن عبدوس وهي شبيهة برسالة اجلاحظ)التربيع والتدوير( في السخرية من مهجوه أحمد بن عبد الوهاب. ولعل من أبرز ك ت اب الرسائل في األندلس عامة هو ابن ش هي د الذي كتب رسائل كثيرة في موضوعات وفنون متنوعة. املناظرات: املناظرات فن نثري يحاول فيه الكاتب إظهار قدرته البيانية وبراعته اإلسلوبية في املوضوع الذي يكتب فيه معتمدا أسلوب احلوار بني األشخاص أو بني غيرالعقالء من املخلوقات وتسمى املناظرات اخليالية كاحلوار بني السيف والقلم أو بني املدن األندلسية وقد أبدع األندلسيون في املناظرات التي كان ي جريها الك ت اب بني الزهور والرياحني والورود وبقية النباتات وإلظهار حبهم لألندلس وتعلقهم بأوطانهم كتبوا مناظرات لبيان فضائل األندلس وأهلها من ذلك مناظرة ابن حزم في فضائل علماء 162 األندلس.

املقامات: وهي لون من احلكايات الفنية القصيرة وضع تقاليدها أدباء املشرق مثل بديع الزمان واحلريري ونسج على طريقتها األندلسيون جتسيدا لوحدة الفكر والفن العربي فكتب أبو طاهر السرقسطي الذي وافاه األجل سنة ) 598 ه( )املقامات السرقسطية(. وكتب لسان الدين ابن اخلطيب مقامات عديدة منها )مقامة السياسة( كما كتب ابن شرف القيرواني مقامات عديدة عارض فيها مقامات بديع الزمان. ابن شهيد االندلسي أبو عامر أحمد بن عبدامللك بن شهيد األندلسي شاعر استوطن قرطبة كبرى مدن األندلس وظ ل فيها إلى مطلع القرن اخلامس الهجري حيث وافاه األجل سنة ) 426 ه(. وهو من عائلة عريقة في قول الشعر حتدر الشعر في أربعة أجيال متتالية منها حتى وصل إليه.لم تشغله السياسة على تقلبها في عصره وقربه من ذوي السلطان بقدر ما شغلته ملذات قرطبة ومالهيها وعاش أكثر حياته في صحبة الوزراء ومساجلة األدباء ونال منزلة عالية وشهرة واسعة بشعره ونثره فقد كان شاعرا مبدعا محسنا أنشأ العديد من الرسائل األدبية وكانت رسالة )التوابع والزوابع( أشهر رسائله األدبية التي منها : 163

توابع الشعراء شيطان امرئ القيس )للدرس فقط( )1( تذاكر ت يوما مع ز هير بن من ير أخبار اخل طباء والشعراء وماكان يألفهم من التوابع والز وابع وق لت : هل حيلة في لقاء من اتفق منهم قال : حت ى أستأذن شيخ نا وطار عني ثم انصرف كلمح بالبصر وقد أذ ن له فقال : ح ل على منت )4( )3( )2( اجلواد فص رنا عليه وسار بنا كالطائر ي جتاب اجلو فاجلو ويقطع الد و فالد و )5( حتى التمحت أ رضا ال كأرضنا وشارفت ج وا ال ك ج و نا متفرع الش ج ر ع ط ر الز هر. فقال لي: حللت أرض اجلن أبا عامر فبمن تريد أن تبدأ ق لت : اخلطباء أولى بالتقدمي لك ن ي إلى الشعراء أشوق قال : فمن ت ريد منهم ق لت : صاحب امرئ )7( )6( القيس. فأمال الع نان إلى واد من األودية ذي دوح تتكسر أشجار ه وتترمن أطيار ه )9( )8( فصاح : يا ع ت ي بة ابن ن وفل بسقط اللوى فحومل ويوم دارة ج لج ل إال ما عرض ت علينا وجهك وأنشدتنا من ش ع ر ك وسمعت من اإلنس ي وعرفتنا كيف إجازت ك له. فظهر لنافارس علىفرس ش ق راء كأنها ت لت هب فقال : حي اكاهلل يازهير وحي اصاحب ك أهذا فتاهم ق لت : هو هذا وأي ج مرة يا ع ت ي بة فقال لي: أنش د فقلت : السيد )11( )10( أولى باإلنشاد فتطامح طرف ه واهتز ع طفه وقبض ع نان الش قراء وضرب ها بالس وط فس مت حت ض ر طوال عنا. وكر فاستقبل نا بالص عدة هازا لها ثم رك ز ها وجعل ي نشد. 164

)13( )12( )سما لك شوق بعد ما كان أقصرا( حتى أكمل ها ثم قال لي: أنش د فهم م ت باحل ي صة ثم اشت دت ق وى نفسي وأنشدت : )16( )15( )14( ش جته مغان من س ليمى وأد ؤر حتى انتهيت فيها إلى قولي: 1- ومن ق بة ال يدرك الطرف رأس ها ت ز ل بها ريح الص با فتحد ر 2- تكلفتها والليل قد جاش ب حره وقد ج ع لت أمواجه تتكسر )19( )18( )17( 3- ومن حتت ح ضني أبيض ذو س فائف وفي الكف من ع س الة اخلط أسمر )21( )20( - 4 هما صاح باي من ل د ن ك نت يافعا م قيالن من ج د الفتى حني يعثر فلما انتهيت تأمل ني ع ت ي بة ثم قال : اذهب ف ق د أجزت ك وغاب عنا. اللغة: 1- زهير بن منير : اسم اجلني الذي يصحبه ابن شهيد. 2- منت اجلواد : ظهر احلصان. 3- يجتاب : يقطع. 4- الد و : الفالة. 5- شارفت : أشرفت عليه. 6- العنان : مقود احلصان. 7- دوح : واحدها دوحة وهي الشجرة العظيمة 165

8- بسقط اللوى : الباء للقسم وسقط : وما تساقط من الرمل. واللوى : منقطع الرمل حني يرق. 9- ح وم ل : اسم مكان وهذه الثالثة ذكرها امرؤ القيس في مطلع معلقته. 10 -تطامح طرفه : ارتفع بصره. 11 -عط ف ه : جانبه. 12 -س مالك : مطلع قصيدة مشهورة المرئ القيس. 13 -احليصة : االنهزام والهرب. 14 -ش ج ت ه : أحزنته. 15 -مغان : منازل. 16 -أدو ر : جمع دار. 17 -واألبيض : السيف. 18 -سفائف : واحدها سف يفة حاشية السيف ووشية. 19 -عسالة اخلط : الرمح وكذا أسمر. 20 -م قيالن : من الفعل أقال عثرته أي أزال عنه ما يسبب عثرته. 21 -جد : حظ. 166

أسئلة للمناقشة 1- أين ميكن أن ندرج هذه الرسالة 2- ما العالقة بني هذه الرسالة و )رسالة الغفران( 3- ما األصل الذي ميكن أن ن رجع إليه فكرة هذه الرسالة 4- ماذا احتوت الرسالة 5- ماذا تعد هذه الرسالة وأمثالها في األدب العربي عامة وأدب األندلس خاصة 168

تنخر جسم الدولة وانحياز اجلند إلى طائفة من الشعب دون أخرى. يضاف إلى ذلك إهمال شؤون الري وخراب مشاريعه وتوالي الفيضانات وسنوات اجلدب والقحط وغزوات اجلراد في سني الدولة العباسية األخيرة كل ذلك يجري واخلليفة املستعصم سادر في لهوه وعبثه كأنه ال يدري مبا يدور حوله. حتى قال ابن الط ق ط قى في كتابه الفخري :»وكان املستعصم آخر اخللفاء شديد الكلف باللهو واللعب وسماع األغاني اليكاد مجلسه يخلو من ذلك ساعة... وكان ندماؤه وحاشيته منهمكني معه في النعم واللذات«. وحذر الغيارى من الناس اخلليفة من زحف املغول ومن العواقب الوخيمة التي تنتظر رعاياه والبالد إن لم يعد جيشا قويا ويضرب املفسدين ويصلح األوضاع الداخلية. لقد أدرك اخلالفة العباسية الهرم ولم يبق لها ما يساعدها على الوقوف في وجه الغزو املغولي العنيف الضاري حتى إذا تقدم جيش املغول نحو بغداد اجتاحهابسهولة ويسر زحف هوالكو نحو العراق بنحو مائتي ألف محارب فدخل بغداد سنة) 656 ه( وقتل اخلليفة وكثيرا من رجال حاشيته وخلقا كثيرا وشو ه معالم احلضارة واملدنية املعمورة منذ قرون عديدة. كان سقوط اخلالفة العباسية ودمار بغداد حدثا كبيرا وخطبا فادحا أذهل الناس وأثار عواطفهم فأنشأ الشعراء القصائد الباكية املؤثرة في بكائها ورثاء مجدها وعزها وناسها ومعاملها.وملا استقر التتر في بغداد خضعت لهم مدن العراق كافة خوفا ورهبة وقاسى الناس في ظل حكمهم الويالت واملصائب. وهلك هوالكو وتولى ابنه )أباقا( فطمأن الناس على أنفسهم وأموالهم بعض األطمئنان ومات فاعقبة)تكودار خان( الذي أسلم وتسم ى بآسم )أحمد( ويستمر احلكم فيهم حتى م ل ك )غازان( الذي أسلم وأسلم معه مائة ألف من جنده هذا في العراق. 170

ثم أن جيش هوالكو دهم مدينة )حلب( وخربها وقتل أهلها وهدم قلعتها في سنة ) 657 ه( وف ر حاكم دمشق فاستسلمت املدينة.أما في مصر فقد وهن حكم األيوبيني في أواخر أيامهم وتولت احلكم فيها )شجرة الدر( عقب وفاة زوجها امللك الصالح األيوبي وقت لها ابنه )توران شاه( ثم أنها تزوجت مملوكها )عز الدين ايبك( وتنازلت له عن احلكم في سنة ) 648 ه(فكان أول حاكم في سلسة املماليك وتولى احلكم بعده ابنه )املنصور نور الدين( وفي سنة ) 655 ه( وفي عهده هاجم التتر بغداد وأسقطوا اخلالفة العباسية وهموا بالزحف على الشام ومصر فأحس املماليك باخلطر فخلعوا املنصور نور الدين وملكوا عليهم أتابكه )مربيه(قطز سنة ) 657 ه(. راسل هوالكو قطز أمير مصر يطلب إليه التسليم والطاعة فقتل قطز رسل هوالكو وكان مستعدا للقتال وخرج للقاء التتر فالتقاهم في موضعني بفلسطني في )عني جالوت( وفي )بيسان( فدحرهم وشتت جيوشهم. وبعد عودته من القتال دبر عليه األمير )بيبرس( قائده مؤامرة قتله فيها سنة ) 658 ه( وتسلم احلكم بعده.واستمر حكم املماليك في مصر حتى سنة ) 923 ه( سنة استيالء العثمانيني على مصر. 171

الشعر والنثر حني تكون حياة الناس رخية سعيدة يكون شعر وأ ناس يقد رون الكلمة اجلميلة فلم ينضب الشعر بعد سقوط الدولة العباسية على الرغم من تولي حكام أعاجم حكم البالد اإلسالمية لكنه لم يعد متدفقا قويا كما كان من قبل فاحلكام في العراق وبالد الشام ومصر أجانب من أصول غير عربية بل أن جلهم ال يفقهون العربية فتقوضت مجالس األدب كما كان أكثر الناس غارقني في اجلهل همهم تيسير قوتهم وسبل معيشتهم. ورعى عدد من حكام الشام وماردين ومماليك مصر من املستعربني الشعر والشعراء وأصبح الشعر شائعا بني مختلف طبقات املجتمع يتخذونه وسيلة للتسلية والتفكه وتزجية الوقت في املجالس حينا وللجد والعبرة في حني آخر.وقد نظم الشعراء في مختلف األغراض كاملدح والفخر واحلماسة والغزل والوصف والزهد والتصوف والهجاء واملجون واخلمريات. فمدح الشعراء أمراء عصرهم واصدقاء هم وفضالء الناس وهجوا من هجوا وانتشر املديح النبوي وشاع في عصر هدد فيه الصليبيون ديار املسلمني ومقدساتهم في بالد الشام ومصر يستغيثون به ويطلبون عونه ويحثون الناس على االقتداء به وبسيرته لرد املعتدين حتى الفت في مدائحه دواوين كثيرة واشتهر في هذا العصر البوصيري صاحب البردة القصيدة املشهورة التي مطلعها: أم ن ت ذكر جيران بذي س ل م مزجت دمعا جرى م ن مقلة بدم التي عارضها كثير من الشعراء وترسموا خطاها كابن معتوق املوسوي كما سنرى وأحمد شوقي وغيرهم.ورثى الشعراء أصدقاءهم وأحباءهم ومشاهير الناس والعلماء وشاع في هذه الفترة رثاء املدن التي دمرت في 172

احلروب والفنت كرثاء بغداد وحلب. وظلت الفنون الشعرية األخرى على حالها. واهتم الشعراء باإلكثار من احملسنات البديعية واللفظية حتى غدت هم الشعراء ووكدهم يطلبونها ويثقلون بها نظمهم واقتبسوا من القرآن الكرمي واحلديث النبوي الشريف وضمنوا شعرهم منه لفظا ومعنى وضمنوا شعرهم أبياتا من قصائد مشهورة لسابقيهم من الشعراء وعارضوا قصائد مشهورة وشط روا وخم سوا قصائد أخرى وأغرقوا في الصنعة اللفظية وقصدوا إليها قصدا على حساب الفكرة والشاعرية. وشاعت الفنون الشعرية املعربة : كالدوبيت واملوشح والزجل واملواليا والكان وكان والقوما والبند وكان أكثرها معروفا من قبل. واهتم بهذه الفنون شعراء مجيدون مثل صفي الدين احللي الذي أل ف فيها كتابا أس ماه )العاطل احلالي واملرخص الغالي( كما نظم ابن سناء امللك موشحات كثيرة ضم ن كتابه )دار الطراز( كثيرا منها. أما النثر فقد ن حا منحى الشعر في اإلغراق باحملسنات اللفظية والبديعية التي تثقل النص على حساب الفكرة واملضمون فأصبحت الرسائل نسيجا ثقيال من السجع وفنون البالغة املتكلفة وذلك لتبلد األذواق ونبو االسماع. هذه حملة مختصرة تلقي شيئا من ضوء على ماطرأ على األدب وفنونه بعد العصر العباسي نأمل أن تكون قد بينت بعضا من مالمح تلك الفنون األدبية. 173

آثاره: خل ف صفي الدين احللي بعده آثارا أدبية كثيرة منها: 1- ديوانه. 2- الكافية البديعية وهي قصيدة تقع في ) 145 بيتا ( ضمنها ) 151 نوعا ( من فنون البديع. 3- نتائج األملعية في شرح الكافية البديعية. 4- الدر النفيس في أجناس التجنيس. 5- العاطل احلالي واملرخص الغالي. 6- املثالث واملثاني في املعالي واملعاني. 7- لوعة الشاكي ودمعة الباكي. 8- الرسالة التوأمية. 9- رسالة الدار في محاورات الفار. 10- اخلدمة اجللية رسالة في وصف الصيد بالبندق وغيرها. 175

التعليق النقدي هذه القصيدة واحدة من روائع شعر احلماسة وغرره على مدى العصور األدبية املختلفة يخاطب بها صفي الدين احللي على عادة الشعراء العرب امرأة يتوهمها في فكره ويدعوها ألن تسأل الرماح العالية وهي أدرى يوم املعركة بشجاعتهم وتطلب شهادة السيوف وهي أعلم في يوم اللقاء تسألها هل خيبوا األمل أو تخاذلوا واالستفهام هنا يراد به النفي يريد أنهم لم يخيبوا الرجاء فيهم فقد سعوا بعزائم لم تهن عن حتقيق أهدافها ولم تضعف في أخذ الثأر من أعدائهم وواتريهم. ويذكر وقعة الزوراء حني ثار وصحبه ثأرا ملقتل خاله فردوا عليهم ضربتهم يوم تقدموا بجياد ضامرة أصيلة وقابلوا غزوة أعدائهم مبثلها قاد املعركة وأسهم فيها فتية يستجيبون للنداء ال يترددون وال يسألون عن الهدف وال عن السبب متاما كما فعل فرسان اجلاهلية من قبل فهم : ال يسألون أخاهم حني يطلبهم في النائبات على ماكان برهانا فهم قوم يقيمون العدل كامليزان ال خيانة فيه وهم جبابرة فراعنة عتاة إن خوصموا تستجيب لندائهم الدنيا فتصدقهم في ما يقولون ويدعون. 178

أسئلة للمناقشة 1- ما مناسبة القصيدة وفيم قيلت 2- ماذا تعني كلمة )الزوراء( 3- استخرج بيتني من القصيدة تراها في الفخر. 4- مب استحقت هذه القصيدة البقاء 5- ما صلة األلوان ورموزها بالعلم العراقي 180

محبوهم مبودتهم. أراد الشاعر في هذه القصيدة معارضة البردة للبوصيري ومحاكاتها في مدح رسول اهلل )صلى اهلل عليه وآله وسلم(وأن ى له ذلك فما بلغ شأوه وال قرب من مضماره فالصنعة واضحة بي نة وحت ى األفكار فهي تكاد تكون مأخوذة من قصيدة البوصيري. وتلك سمة لشعر هذا العصر فال جديد فيه بل هو اجترار ألفكار السابقني من الشعراء. أسئلة للمناقشة 1- ما موضوع هذه القصيدة 2- كيف كانت لغة الشاعر وأفكاره 3- هناك قصيدة لشاعر آخر سبقه على وزنها وقافيتها وقلدها شعراء كثر من ذلك الشاعر وما اسم قصيدته 4- ع رف املعارضة واذكر مثاال لها مر بك من قبل. 184

احملتويات -1 املقدمة 3... 2- مقدمة عن العصر العباسي...4 3- القسم األول - العصر العباسي... 8 4- اخلصائص الفنية للنثر والشعر في هذا العصر... 9 5- أبو نواس...12-6 دعبل اخلزاعي... 17-7 أبو متام... 21-8 البحتري...... 28-9 املتنبي... 37-10 الشريف الرضي... 47 11- أبو العالء املعري... 53 12- ابن الفارض...61-13 الكتابة / ابن املقفع... 70-14 اجلاحظ... 73 15- أبو حيان التوحيدي... 78-16 ابن العميد... 87 17- بديع الزمان الهمداني... 93-18 املقامة... 94-19 املقامة البغدادية... 95 20- األدب والغزو الصليبي... 103 21- أثر احلروب الصليبية في األدب... 104 22- الشعر / أسامة بن منقذ... 106-23 األبيوردي... 113-24 النثر / القاضي الفاضل... 121 25- القسم الثاني - األدب العربي في األندلس... 128 26- مقدمة في اجتاهاته وفنونه... 130 27- ابن خفاجة... 133-28 ابن زيدون... 138 29- حمدونة بنت زياد... 143 30- ابن ش كيل األندلسي... 146-31 املوشحات... 152 185