نعمة الر ضا 20 شعبان 1437 ه / 27 مايو 2016 م أوال: العناصر: 1. الرضا نعمة من أهم نعم اهلل تعاىل على اإلنسان. 2. فضل الرضا وأثره على املسلم. 3. أنواع الرضا. 4. أمور تعني العبد على الرضا. 5. األخذ باألسباب ال يتنافى مع الرضا. 6. مناذج للرضا يف حياة األنبياء والصاحلني. 7. مثرات الرضا. ثانيا: األدلة: من القرآن الكريم: 1. قال تعاىل:}ف ل ا و ر ب ك ل ا ي ؤ م ن ون ح ت ى ي ح ك م وك ف يم ا ش ج ر ب ي ن ه م ث م ل ا ي ج د وا ف ي أ ن ف س ه م ح ر ج ا م م ا ق ض ي ت و ي س ل م وا ت س ل يم ا{]النساء: 65[. 2. وقال تعاىل: }و م ن الن اس م ن ي ش ر ي ن ف س ه اب ت غاء م ر ضات الل ه و الل ه ر ؤ ف ب ال ع باد {]البقرة: 207[. 3. وقال تعاىل: }ق ال الل ه ه ذ ا ي و م ي ن ف ع الص اد ق ني ص د ق ه م ل ه م ج ن ات ت ج ر ي م ن ت ح ت ه ا ال أ ن ه ار خ ال د ين ف يه ا أ ب د ا ر ض ي الل ه ع ن ه م و ر ض وا ع ن ه ذ ل ك ال ف و ز ال ع ظ يم {]املائدة: 119 [. 4. وقال تعاىل: }ق ل ل ن ي ص يب ن ا إ ل ا م ا ك ت الل ه ل ن ا ه و م و ل ان ا و ع ل ى الل ه ف ل ي ت و ك ل ال م ؤ م ن ون { ]التوبة: 51[. 5. وقال تعاىل:}و الس اب ق ون ال أ و ل ون م ن ال م ه اج ر ين و ال أ ن ص ار و ال ذ ين ات ب ع وه م ب إ ح س ان ر ض ي الل ه ع ن ه م و ر ض وا ع ن ه و أ ع د ل ه م ج ن ات ت ج ر ي ت ح ت ه ا ال أ ن ه ار خ ال د ين ف يه ا أ ب د ا ذ ل ك ال ف و ز ال ع ظ يم { ]التوبة: 100 [. 6. وقال تعاىل: }و ع ج ل ت إ ل ي ك ر ب ل ت ر ض ى{]طه: 84 [. 7. وقال تعاىل: }فاصرب على م ا ي ق ول ون و س ب ح ب ح م د ر ب ك ق ب ل ط ل وع الشم و ق ب ل و ر وب ه ا و م ن آن آء الليل ف س ب ح و أ ط ر اف النهار ل ع ل ك ترضى{ ]طه: 130 [. من السنة النبوية : 1. ع ن ال ع ب اس ب ن ع ب د ال م ط ل )رضي اهلل عنه( أ ن ه س م ع ر س ول الل ه )صلى اهلل عليه وسلم( ي ق ول : )ذ اق ط ع م اإل مي ان م ن ر ض ي ب الل ه ر ب ا و ب اإل س ال م د ين ا و ب م ح م د ر س وال ( )رواه مسلم(.
-2-2. وع ن أ ب ى س ع يد ال خ د ر ى )رضي اهلل عنه( أ ن ر س ول الل ه )صلى اهلل عليه وسلم( ق ال : ( ي ا أ ب ا س ع يد م ن ر ض ى ب الل ه ر ب ا و ب اإل س ال م د ين ا و ب م ح م د ن ب ي ا و ج ب ت ل ه ال ج ن ة ( )رواه مسلم(. 3. وع ن أ ب ي س ع يد ال خ د ر ي )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى الل ه ع ل ي ه و س ل م ( : )إ ن الل ه ت ب ار ك و ت ع ال ى ي ق ول : ي ا أ ه ل ال ج ن ة ف ي ق ول ون : ل ب ي ك ر ب ن ا و س ع د ي ك و ال خ ي ر ف ي ي د ي ك ف ي ق ول : ه ل ر ض يت م ف ي ق ول ون : م ا ل ن ا ل ا ن ر ض ى و ق د أ ع ط ي ت ن ا م ا ل م ت ع ط أ ح د ا م ن خ ل ق ك ف ي ق ول : أ ل ا أ ع ط يك م أ ف ض ل م ن ذ ل ك ف ي ق ول ون : ي ا ر ب و أ ي ش ي ء أ ف ض ل م ن ذ ل ك ف ي ق ول : أ ح ل ع ل ي ك م ر ض و ان ي ف ل ا أ س خ ط ب ع د ه أبد ا( )رواه ابن حبان(. 4. وعن أ ب ي ه ر ي ر ة )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م (: )م ن ي أ خ ذ م ن ي خ م خ ص ال ف ي ع م ل ب ه ن أ و ي ع ل م ه ن م ن ي ع م ل ب ه ن ( ق ال : ق ل ت أ ن ا ي ا ر س ول الل ه. ق ال : ف أ خ ذ ب ي د ي ف ع د ه ن ف يه ا ث م ق ال : )ات ق ال م ح ار م ت ك ن أ ع ب د الن اس و ار ض ب م ا ق س م الل ه ل ك ت ك ن أ و ن ى الن اس و أ ح س ن إ ل ى ج ار ك ت ك ن م ؤ م ن ا و أ ح ل لن اس م ا ت ح ل ن ف س ك ت ك ن م س ل م ا و ل ا ت ك ث ر الض ح ك ف إ ن ك ث ر ة الض ح ك ت م يت ال ق ل ( )رواه أمحد(. 5. وع ن س ع د بن أبي وقاص )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ل ت : ي ا ر س ول اهلل أ ي الن اس أ ش د ب الء ق ال : )ال أ ن ب ي اء ث م الص ال ح ون ث م ال أ م ث ل ف ال أ م ث ل م ن الن اس ي ب ت ل ى الر ج ل ع ل ى ح س د ين ه ف إ ن ك ان ف ي د ين ه ص الب ة ز يد ف ي ب الئ ه و إ ن ك ان ف ي د ين ه ر ق ة خ ف ف ع ن ه و م ا ي ز ال ال ب الء ب ال ع ب د ح ت ى ي م ش ي ع ل ى ظ ه ر ال أ ر ض ل ي ع ل ي ه خ ط يئ ة ( )مسند أمحد(. 6. وع ن أ ب ي ه ر ي ر ة )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى الل ه ع ل ي ه و س ل م (: )ان ظ ر وا إ ل ى م ن ه و أ س ف ل م ن ك م و ل ا ت ن ظ ر وا إ ل ى م ن ه و ف و ق ك م ف إ ن ه أ ج د ر أ ن ل ا ت ز د ر وا ن ع م ة الل ه( )رواه ابن ماجه(. 7. وع ن أ ن ب ن م ال ك )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى الل ه ع ل ي ه و س ل م (: )ع ظ م ال ج ز اء م ع ع ظ م ال ب ل اء و إ ن الل ه إ ذ ا أ ح ق و م ا اب ت ل اه م ف م ن ر ض ي ف ل ه الر ض ا و م ن س خ ط ف ل ه الس خ ط ( )رواه ابن ماجه(. ثالثا: املوضوع: لقد اقتضت إرادة اهلل سبحانه وتعاىل أال تكون حياة الناس ودنياهم يسر ا خالص ا أو عسر ا حمض ا بل خري وشر ونى وفقر صحة ومرض فما من أحد من اخللق إال وهو مبتلى إما مبرض أو فقر أو فقد ولد أو وري ذلك من مشاكل الدنيا ومصائبها.. لكن ذلك كله يهون على املسلم مبا رزقه اهلل تعاىل من صرب ورضا فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط فإذا ما رضي العبد بقضاء اهلل )عز وجل( وصرب على احملن واالبتالءات ارتقت درجته عند ربه فإنه
-3- سبحانه وتعاىل إذا أح عبد ا ابتاله فإذا صرب اجتباه فع ن س ع د بن أبي وقاص )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ل ت : ي ا ر س ول اهلل أ ي الن اس أ ش د ب الء ق ال : )ال أ ن ب ي اء ث م الص ال ح ون ث م ال أ م ث ل ف ال أ م ث ل م ن الن اس ي ب ت ل ى الر ج ل ع ل ى ح س د ين ه ف إ ن ك ان ف ي د ين ه ص الب ة ز يد ف ي ب الئ ه و إ ن ك ان ف ي د ين ه ر ق ة خ ف ف ع ن ه و م ا ي ز ال ال ب الء ب ال ع ب د ح ت ى ي م ش ي ع ل ى ظ ه ر ال أ ر ض ل ي ع ل ي ه خ ط يئ ة ( )مسند أمحد(. لذلك كانت أعظم من الرضا نعمة نعم اهلل )عز وجل( على اإلنسان فهي ربانية منة عظيمة ومنحة إهلية جليلة وعبادة قلبي ة رفيعة الش أن ودرجة إمياني ة عالية ال يناهلا إال من ع م ر قلبه باإلميان وعرف ربه حق املعرفة والتزم باألوامر واجتن النواهي وعزفت نفسه عن الدنيا مبلذاتها حتى استوى عنده حجرها مبدرها. فالر ضا أساس من أس اإلسالم وكمال اإلميان فال يكتمل إسالم العبد وال يتذوق طعم اإلميان حتى يرضى باهلل رب ا وباإلسالم دين ا ومبحمد )صلى اهلل عليه وسلم( نبي ا ورسوال فعن ال ع ب اس ب ن ع ب د ال م ط ل )رضي اهلل عنه( أ ن ه س م ع ر س ول الل ه )صلى اهلل عليه وسلم( ي ق ول : )ذ اق ط ع م اإل مي ان م ن ر ض ي ب الل ه ر ب ا و ب اإل س ال م د ين ا و ب م ح م د ر س وال ( )رواه مسلم(. فنعمة الرضا جتعل صاحبها يتذوق حالوة اإلميان بل قد أقسم اهلل )عز وجل( بأن الوصول لدرجة كمال اإلميان مرهون بالرضا والتسليم واإلذعان املطلق لكتاب اهلل تعاىل وسنة نبيه )صلى اهلل عليه وسلم( وخاصة عند النوازل وهذه هي حقيقة الر ضا عن اهلل )عز وجل(. قال تعاىل:}ف ل ا و ر ب ك ل ا ي ؤ م ن ون ح ت ى ي ح ك م وك ف يم ا ش ج ر ب ي ن ه م ث م ل ا ي ج د وا ف ي أ ن ف س ه م ح ر ج ا م م ا ق ض ي ت و ي س ل م وا ت س ل يم ا{]النساء: 65 [. كما أن نعمة الرضا تقرب العبد من ربه وتبعده عن سخطه سبحانه وتعاىل قال لقمان احلكيم موصي ا ابنه: ( أوصيك خبصال تقر بك من اهلل وتباعدك من سخطه : أن تعبد اهلل ال تشرك به شيئا وأن ترضى بقدر اهلل فيما أحببت وكرهت( )مدارج السالكني البن القيم(. وذلك ألن احلق سبحانه وتعاىل ال خيتار لعبده إال األفضل واألصلح له فاألرزاق بيد اهلل ومقادير ها عند اهلل وأن الفقر قد يكون أفضل لإلنسان من الغنى. فمن العباد من ال يصلحه إال الفقر ولو أوناه اهلل تعاىل لفسدت حياته ومنهم من ال يصلحه إال الغنى ولو أفقره اهلل تعاىل لفسد حاله ومنهم من ال يصلحه إال الصحة ولو مرض لفسد حاله ومنهم من ال يصلحه إال املرض ولو أعطاه اهلل الصحة والقوة لفسدت حياته ومن ثم فيج أن يقنع اإلنسان ويرضى مبا قدره اهلل تعاىل له سواء أعطاه أم منعه فكل ما يصيبه خري له ألنه بقدر اهلل تعاىل وحكمه أبي حييى صهي فعن بن سنان )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال رسول اهلل )صلى اهلل عليه وسلم( : )ع ج ب ا
-4- ل أ م ر ال م ؤ م ن إ ن أ م ر ه ك ل ه خ ي ر و ل ي ذ اك ل أ ح د إ ل ا ل ل م ؤ م ن إ ن أ ص اب ت ه س ر اء ش ك ر ف ك ان خ ي ر ا ل ه و إ ن أ ص اب ت ه ض ر اء ص ب ر ف ك ان خ ي ر ا ل ه ( )رواه مسلم( فاخلري كل اخلري يف الرضا عن اهلل )عز وجل( والشر كل الشر يف السخط واجلزع وعدم الرضا فإذا رضي العبد مبا قدر اهلل له ارتفع إىل أعلى درجات اإلميان فع ن أ ب ي الد ر د اء )رضي اهلل عنه( ق ال : )ذ ر و ة ال إ مي ان أ ر ب ع : الص ب ر ل ل حك م و الر ض ا ب ال ق د ر و ال إ خ ل اص ل لت و ك ل و ال اس ت س ل ام ل لر ب ع ز و ج ل ( )رواه البيهقي يف شع اإلميان(. وهذا نبينا )صلى اهلل عليه وسلم( عاش ألوان ا من الفاقة واحلاجة فواجهها بالرضا والقناعة فع ن أ ب ي أ م ام ة ال ب اه ل ي )رضي اهلل عنه( أ ن ر س ول اهلل )ص ل ى الل ه ع ل ي ه و س ل م ( ق ال : " ع ر ض ع ل ي ر ب ي ع ز و ج ل أ ن ي ج ع ل ل ي ب ط ح اء م ك ة ذ ه ب ا ف ق ل ت : ل ا ي ا ر ب و ل ك ن أ ج وع ي و م ا و أ ش ب ع ي و م ا ف إ ذ ا ش ب ع ت ح مد ت ك و ش ك ر ت ك و إ ذ ا ج ع ت ت ض ر ع ت إ ل ي ك و د ع و ت ك ( )رواه البيهقي يف شع اإلميان(. كما أن الرضا بقضاء اهلل )عز وجل( دليل على حمبة اهلل )تعاىل( لعبده ورضاه عنه وهذه هي الغاية اليت يرجوها ويتمناها ويسعى إليها كل مؤمن إذ لو نال حمبة اهلل )عز وجل( ورضاه يسر اهلل أمره وفرج كربه وسعد يف الدنيا واآلخرة وقد رت احلق سبحانه رضاه عن اخللق برضاهم عنه فقال تعاىل: }ق ال الل ه ه ذ ا ي و م ي ن ف ع الص اد ق ني ص د ق ه م ل ه م ج ن ات ت ج ر ي م ن ت ح ت ه ا ال أ ن ه ار خ ال د ين ف يه ا أ ب د ا ر ض ي الل ه ع ن ه م و ر ض وا ع ن ه ذ ل ك ال ف و ز ال ع ظ يم {]املائدة: 119 [ وقال سبحانه:}و الس اب ق ون ال أ و ل ون م ن ال م ه اج ر ين و ال أ ن ص ار و ال ذ ين ات ب ع وه م ب إ ح س ان ر ض ي الل ه ع ن ه م و ر ض وا ع ن ه و أ ع د ل ه م ج ن ات ت ج ر ي ت ح ت ه ا ال أ ن ه ار خ ال د ين ف يه ا أ ب د ا ذ ل ك ال ف و ز ال ع ظ يم { ]التوبة: 100 [ ووري ذلك من اآليات. وع ن أ ب ي س ع يد ال خ د ر ي )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى الل ه ع ل ي ه و س ل م ( : )إ ن الل ه )عز وجل( ي ق ول أل ه ل اجل ن ة : ي ا أ ه ل ال ج ن ة ف ي ق ول ون : ل ب يك ر ب ن ا و س ع د ي ك و اخل ي ر يف ي دي ك ف يق ول : ه ل ر ض يت م ف يق ول ون : و م ا ل ن ا ال ن ر ض ى ي ا ر ب ن ا و ق د أ ع ط ي ت ن ا م ا ل م ت ع ط أحد ا م ن خ ل ق ك ف يق ول : أال أ ع ط يك م أف ض ل م ن ذل ك ف يق ول ون : و أي ش يء أف ض ل م ن ذل ك ف يق ول : أ ح ل ع ل يك م ر ض و ان ي ف ال أس خ ط ع ل ي ك م ب ع د ه أب د ا( )متفق عليه(. والرضا باهلل من مثاره يستلزم لصاحبه الفوز باجلنة والنجاة من عذاب النار فعن أ ب ى س ع يد ال خ د ر ي )رضي اهلل عنه( أ ن ر س ول الل ه )صلى اهلل عليه وسلم( ق ال : )ي ا أ ب ا س ع يد م ن ر ض ى ب الل ه ر ب ا و ب اإل س ال م د ين ا و ب م ح م د ن ب ي ا و ج ب ت ل ه ال ج ن ة ( ف ع ج ل ه ا أ ب و س ع يد ف ق ال أ ع د ه ا ع ل ى ي ا ر س ول الل ه ف ف ع ل...( )رواه مسلم(.
-5- والرضا عن اهلل عز وجل نوعان: األول: الرضا بفعل املأمور به واجتناب ما ورد النهي عنه وهذا هو حال املؤمن التقي النقي فلسان حاله هو قول اهلل تعاىل: }و ق ال وا س م ع ن ا و أ ط ع ن ا و ف ر ان ك ر ب ن ا و إ ل ي ك ال م ص ري {]البقرة: 285[ وقوله تعاىل: }الل ه و ر س ول ه أ ح ق أ ن ي ر ض وه إ ن ك ان وا م ؤ م ن ني {]التوبة: 62 [ وهذا النوع من أنواع الرضا واج على كل مسلم أن يبذل يف حتصيله النف والنفي قال تعاىل:}و م ن الن اس م ن ي ش ر ي ن ف س ه اب ت غاء م ر ضات الل ه و الل ه ر ؤ ف ب ال ع باد { ]البقرة: 207[ وقال سبحانه: }و ل و أ ن ه م ر ض و ا م ا آت اه م الل ه و ر س ول ه و ق ال وا ح س ب ن ا الل ه س ي ؤ ت ين ا الل ه م ن ف ض ل ه و ر س ول ه إ ن ا إ ل ى الل ه ر او ب ون {]التوبة:.]59 والنوع الثاني: الرضا بالقضاء فاإلنسان بني حالني حال السل وحال العطاء فعند العطاء عليه الشكر وعند السل واملنع عليه الرضا والصرب ويصل العبد إىل نعمة الرضا بقو ة إميانه وح سن ات صال ه باهلل عز وجل وبالصرب والذكر وحسن الطاعة واحملافظة على العبادة وهذا هو الطريق الذي رمسه اهلل تعاىل حلصول الرضا قال تعاىل: }فاصرب على م ا ي ق ول ون و س ب ح ب ح م د ر ب ك ق ب ل ط ل وع الشم و ق ب ل و ر وب ه ا و م ن آن آء الليل ف س ب ح و أ ط ر اف النهار ل ع ل ك ترضى{ ]طه: 130 [ وع ن أ ن ب ن م ال ك )رضي اهلل عنه( ع ن ر س ول الل ه )ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م ( أ ن ه ق ال : )ع ظ م ال ج ز اء م ع ع ظ م ال ب ل اء و إ ن الل ه إ ذ ا أ ح ق و م ا اب ت ل اه م ف م ن ر ض ي ف ل ه الر ض ا و م ن س خ ط ف ل ه الس خ ط ( )رواه ابن ماجه يف سننه(. وهناك أمور تعني العبد على الوصول إىل مقام الرضا منها : القناعة مبا قسمه اهلل عز وجل والتيقن أنه ال مفر أمامنا وري الرضا مبا قدره اهلل تعاىل والعلم بأن جزعنا وسخطنا وعدم تسليمنا لن يغري من قضاء اهلل شيئ ا فع ن أ ب ي ه ر ي ر ة )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م ( : )م ن ي أ خ ذ م ن ي خ م خ ص ال ف ي ع م ل ب ه ن أ و ي ع ل م ه ن م ن ي ع م ل ب ه ن ( ق ال : ق ل ت أ ن ا ي ا ر س ول الل ه. ق ال : ف أ خ ذ ب ي د ي ف ع د ه ن ف يه ا ث م ق ال : )ات ق ال م ح ار م ت ك ن أ ع ب د الن اس و ار ض ب م ا ق س م الل ه ل ك ت ك ن أ و ن ى الن اس...احلديث()رواه أمحد(. جماهدة النفس بتعويدها وجماهدتها على الطاعة والعبادة فإن جماهدة النف وتعويدها على الطاعة طريق لتحقيق االستقامة ومن ثم يتحقق الرضا قال تعاىل: و ال ذ ين ج اه د وا ف ين ا ل ن ه د ي ن ه م س ب ل ن ا و إ ن الل ه ل مع ال م حس ن ني { ]العنكبوت: 96 [ والنف كالطفل إن تهمله ش على * * * ح الرضاع وإن تفطم ه ينفطم فجاهد النف والشيطان واعصهما * * * وإن هما حم ضاك النصح فاتهم
-6- النظر إىل من هو أسفل منا يف العطاء خاصة املهمومني واملكروبني وأصحاب املصائ املختلفة وذلك أدعى للرضا فع ن أ ب ي ه ر ي ر ة )رضي اهلل عنه( ق ال : ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى الل ه ع ل ي ه و س ل م (: )ان ظ ر وا إ ل ى م ن ه و أ س ف ل م ن ك م و ل ا ت ن ظ ر وا إ ل ى م ن ه و ف و ق ك م ف إ ن ه أ ج د ر أ ن ل ا ت ز د ر وا ن ع م ة الل ه ( )رواه ابن ماجه( فمن تفكر يف أحوال من هم أسفل منه هان عليه كل ما حيول بينه وبني الرضا. ومن أهم األمور اليت تعني على الرضا : الدعاء والتضرع إىل اهلل عز وجل أن يرزقنا الرضا فقد كان من دعاء النيب )صلى اهلل عليه وسلم(: )الل ه م إ ن ي أ س أ ل ك خ ش ي ت ك ف ي ال غ ي و الش ه اد ة و ك ل م ة ال ع د ل و ال ح ق ف ي ال غ ض و الر ض ا و أ س أ ل ك ال ق ص د ف ي ال ف ق ر و ال غ ن ى و أ س أ ل ك ن ع يم ا ل ا ي ب يد و ق ر ة ع ي ن ل ا ت ن ق ط ع و أ س أ ل ك الر ض ا ب ع د ال ق ض اء و أ س أ ل ك ب ر د ال ع ي ش ب ع د ال م و ت و أ س أ ل ك ل ذ ة الن ظ ر إ ل ى و ج ه ك و أ س أ ل ك الش و ق إ ل ى ل ق ائ ك ف ي و ي ر ض ر اء م ض ر ة و ل ا ف ت ن ة م ض ل ة الل ه م ز ي ن ا ب ز ين ة ال إ مي ان و اج ع ل ن ا ه د اة م ه ت د ين ( )رواه ابن حبان(. إن اإلنسان بدون الرضا يقع فريسة لليأس واإلحباط فتحيط به اهلموم والغموم من كل مكان ولنعلم مجيع ا أن الرضا ال يعين االستسالم أو اليأس وتبلد املشاعر ووري ذلك من مظاهر السلبية فهذا خداع للنف ومفهوم خاطئ عن الرضا فاإلسالم احلنيف حيض على العمل ويشجع عليه ويكره الكسل والكساىل والعالة على وريهم فالرضا دافع للعمل واإلنتاج وهو من أعلى مقامات اليقني وأشرف أحوال املقربني وهو مفتاح كل خري ومينع صاحبه عن ارتكاب أي شر. على أن األخذ باألسباب ال ينايف الرضا بل إنه من متامه فاهلل عز وجل اقتضت حكمته وقدرته أنه جل جالله أراد بنا أشياء وأراد منا أشياء فما أراده بنا أخفاه عنا وما أراده منا أظهره وأمرنا بالقيام به واحملافظة عليه فعلينا أن نرضى مبا أراده لنا ونعمل فيما أراده منا. ويف حياة الرسل واألنبياء )عليهم السالم( والصاحلني صور مشرقة يف حتقيقهم لكمال الرضا عن اهلل عز وجل فكان الرضا واية سيدنا موسى الكليم )عليه السالم( قال تعاىل حاكي ا عنه: }و ع ج ل ت إ ل ي ك ر ب ل ت ر ض ى{]طه: 84[ أي: عجلت إليك شوق ا إىل رضاك وحمبتك وقال لنبيه ومصطفاه )صلى اهلل عليه وسلم(: }و ل س و ف ي ع ط يك ر ب ك ف ت ر ض ى{ ]سورة الضحى: 5 [. ولقد ضرب لنا الرسول )صلى اهلل عليه وسلم( املثل األعلى يف الرضا عن اهلل عز وجل وحياته )صلى اهلل عليه وسلم( تعرب عن كمال الرضا ومتامه وحتقيقه يف أكمل صورة وأبهى مشهد فبالروم من كونه حبي اهلل وسيد ولد آدم وال فخر إال أنه )صلى اهلل عليه وسلم( مل يطل الدنيا أو نعيمها ورضي مبا قسمه اهلل له من معاش الدنيا فع ن ع ب د الل ه بن مسعود )رضي اهلل عنه( ق ال :
-7- اض ط ج ع ر س ول الل ه )ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م (ع ل ى ح ص ري ف أ ث ر ف ي ج ن ب ه ف ل م ا اس ت ي ق ظ ج ع ل ت أ م س ح ج ن ب ه ف ق ل ت : ي ا ر س ول الل ه أ ل ا آذ ن ت ن ا ح ت ى ن ب س ط ل ك ع ل ى ال ح ص ري ش ي ئ ا ف ق ال ر س ول الل ه )ص ل ى اهلل ع ل ي ه و س ل م (: )م ا ل ي و ل لد ن ي ا م ا أ ن ا و الد ن ي ا إ ن م ا م ث ل ي و م ث ل الد ن ي ا ك ر اك ر اح و ت ر ك ه ا ) )رواه أمحد(. السائ ابن ظ ل ت ح ت ش ج ر ة ث م ومن أمجل ما روي يف الرضا عن اهلل )عز وجل( من قصص الصحابة والتابعني ما جاء عن سيدنا سعد بن أبي وقاص )رضي اهلل عنه( حني قدم إىل مكة وقد كان كف بصره جاءه الناس يهرعون إليه كل واحد يسأله أن يدعو له فيدعو هلذا وهلذا وكان جماب الدعوة قال عبد اهلل : فأتيته وأنا والم فتعرفت إليه فعرفين وقال: أنت قارئ أهل مكة قلت: نعم.. فقلت له: يا عم أنت تدعو للناس فلو دعوت لنفسك فرد اهلل عليك بصرك. فتبسم وقال: يا ب ين قضاء اهلل سبحانه عندي أحسن من بصري. وما جاء عن عروة بن الزبري )رضي اهلل عنه( فع ن ه ش ام ب ن ع ر و ة ع ن أ ب يه أ ن ه خ ر ج إ ل ى ال و ل يد ب ن ع ب د ال م ل ك ح ت ى إ ذ ا ك ان ب و اد ي ال ق ر ى و ج د ف ي ر ج ل ه ش ي ئ ا ف ظ ه ر ت ب ه ق ر ح ة و ك ان وا ع ل ى ر و اح ل ف أ ر اد وه ع ل ى أ ن ي ر ك م ح م ل ا ف أ ب ى ع ل ي ه م ث م و ل ب وه ف ر ح ل وا ن اق ة ل ه ب م ح م ل ف ر ك ب ه ا و ل م ي ر ك ]فاطر: ل ه ا{ م ح م ل ا ق ب ل ذ ل ك ف ل م ا أ ص ب ح ت ل ا ه ذ ه ال آي ة : }م ا ي ف ت ح الل ه ل لن اس م ن ر ح م ة ف ل ا م م س ك 2[ ح ت ى ف ر غ م ن ه ا ف ق ال : ل ق د أ ن ع م الل ه ع ل ى ه ذ ه ال أ م ة ف ي ه ذ ه ال م ح ام ل ب ن ع م ة ل ا ي ؤ د ون ش ك ر ه ا و ت ر ق ى ف ي ر ج ل ه ال و ج ع ح ت ى ق د م ع ل ى ال و ل يد ف ل م ا ر آه ال و ل يد ق ال : ي ا أ ب ا ع ب د الل ه اق ط ع ه ا ف إ ن ي أ خ اف أ ن ي ب ال غ ف و ق ذ ل ك ق ال : ف د ون ك ق ال : ف د ع ا ل ه الط ب ي )املخدر( ق ال ل ا أ ش ر ب م ر ق د ا أ ب د ا ق ال : ف ع ذ ر ه ا الط ب ي ف ق ال ل ه : اش ر ب ال م ر ق د و اح ت اط ب ش ي ء م ن الل ح م ال ح ي م خ اف ة أ ن ي ب ق ى م ن ه ا ش ي ء ض ر ف ي ر ق ى ف أ خ ذ م ن ش ار ا ف أ م س ه ب الن ار و ات ك أ ل ه ع ر و ة ف ق ط ع ه ا م ن ن ص ف الس اق ف م ا ز اد ع ل ى أ ن ي ق ول : ح ح ف ق ال ال و ل يد : م ا ر أ ي ت ش ي خ ا ق ط أ ص ب ر م ن ه ذ ا و أ ص ي ع ر و ة ب اب ن ل ه ي ق ال ل ه م ح م د ف ي ذ ل ك الس ف ر و د خ ل اص ط ب ل د و اب م ن الل ي ل ل ي ب ول ف ر ك ض ت ه ب غ ل ة ف ق ت ل ت ه و ك ان م ن أ ح و ل د ه إ ل ي ه و ل م ي س م ع م ن ع ر و ة ف ي ذ ل ك ك ل م ة ح ت ى ر ج ع ف ل م ا ك ان ب و اد ي ال ق ر ى ق ال : }ل ق ين ا م ن س ف ر ن ا ه ذ ا ن ص ب ا{]الكهف: 62 [ الل ه م ك ان ل ي ب ن ون س ب ع ة ف أ خ ذ ت م ن ه م و اح د ا وأ ب ق ي ت س ت ة و ك ان ت ل ي أ ط ر اف أ ر ب ع ة ف أ خ ذ ت م ن ي ط ر ف ا و أ ب ق ي ت ل ي ث ل اث ا و اي م ك ل ئ ن اب ت ل ي ت ل ق د ع اف ي ت و ل ئ ن أ خ ذ ت ل ق د أ ب ق ي ت ( )املرض والكفارات البن أبي الدنيا(. وأما عن مثرات الرضا فكثرية منها : رضا اخلالق سبحانه وتعاىل فإذا رضي العبد عن ربه فيما أمره به وفيما قسمه وقدره له رضي عنه رب ه عز وجل ومنها: حمبة اهلل سبحانه وتعاىل للراضني بقضائه كذلك من مثرات الرضا الراحة النفسية والروحية لإلنسان وجتن األزمات النفسية من
-8- مبوعود اهلل عز وي نزل عليه السكينة فيثق القل القلق والتوتر فالرضا يثمر طمأنينة يف القل وجل ولسان حال ه : }ه ذ ا م ا و ع د ن ا الل ه و ر س ول ه و ص د ق الل ه و ر س ول ه و م ا ز اد ه م إ ل ا إ مي انا و ت س ل يما { ]األحزاب: 22[ وفوق كل ذلك الفوز باجلنة. فليحافظ كل إنسان على الرضا فمن وط ن نفسه عليه أفلح يف الدارين ومن وضعه نص إىل جنة عرضها السموات واألرض والسخط واجلزع لن يغري الواقع والقدر ولكنه عينيه وصل الرب. ويغض يزيد الذن